ملفات خاصة

 
 
 

ختام الدورة الثالثة لمهرجان البحر الأحمر السينمائي..

الجوائز الأهم للآسيوية والحضور العالمي يكرسه مهرجاناً كبيراً

قيس قاسم

البحر الأحمر السينمائي الدولي

الدورة الثالثة

   
 
 
 
 
 
 

انتهت الدورة الثالثة لمهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي، وبات كل ما فيها قابلاً للمراجعة والتقييم، ومثل كل المهرجانات يحظى إعلان نتائج لجان تحكيم مسابقاته الرسمية بالاهتمام، بالرغم من الاتفاق العام على أنها لا تؤشر على تقييم حاسم لمستوى الأفلام الفائزة فيها، وتبقى في النهاية بحدود خيارات لجان مكونة من بضعة أشخاص،

لهم رؤيتهم وذائقتهم النقدية الخاصة، لكن ما يهم هنا هو السؤال عن أقسام المسابقات نفسها والأفلام المُختارة لها. تؤشر أفلام المسابقة الروائية الطويلة إلى غلبة العربية والآسيوية فيها، وبقدر ما يشي هذا برغبة في التميُّز عن بقية مهرجانات تضع الأفلام الغربية على وجه التحديد، ضمن أولويات خياراتها لما فيها من قوة وحضور لافتين في مهرجانات سينمائية دولية. فوز الهندي" عزيزتي جاسي" لتارسم سينج داندوار بجائزة اليُسر الفضي والباكستاني "في ألسنة اللّهب" لزارّار كان بالذهبي، يؤكدان هذا التوجه، ومعه يأتي سؤال الأفلام العربية التي لا يريد المهرجان تكريس مسابقة خاصة لها، وبالتالي وعند جدولتها ضمن المسابقة الدولية فأن احتمال حرمانها من الجوائز يكون أكبر. هذا حاصل وبشكل خاص مع الأفلام السعودية فبالرغم من برمجة بعضها ضمن مسابقة الأفلام الطويلة إلا أنها لم تحصل على أي من جوائزها. وكمحاولة لتشجيعها يخصص المهرجان جوائز لها مثل؛ جائزة أفضل فيلم سعودي الذي حصل عليها "نورة" لتوفيق الزايدي، وأخرى مقاربة مثل جائزة الشرق لأفضل فيلم وثائقي التي مُنحت هذا العام ل"بنات أُلفة" للمخرجة التونسية "كوثر بن هنية".

ثمة وجه نظر أخرى ترى في ضم الأفلام العربية إلى المسابقات الدولية تبريزاً لها وتحفيزاً لصناعها للتوافق مع اشتراطاتها والارتقاء بمستوى اشتغالاتهم السينمائية إلى المستوى الذي يؤهلهم للتنافس على جوائزها. هذا يبدو مقبولاً بخاصة حين تشارك أفلام بمستوى الجزائري "ما فوق الضريح" لكريم بن صالح الحاصل على جائزة السيناريو، لكن القياس عليه قد لا يناسب بقية أفلام عربية لا تقل عنه قوة في جوانب أخرى، وبالتالي فأن تخصيص "مسابقة عربية" سيوفر لها فرصة أكبر للتنافس على نيل جوائزها، ولا يحرم الكثير منها، كما حُرم فيلم "مندوب الليل" لعلي كلثمي، من تكريم مستحق. التخصص الإقليمي لا يلغي أبداً من قوة وأهمية الأفلام المتسابقة فيها. يحصل هذا في مهرجانات عالمية تكرس عادة مسابقات لأفلام منطقتها الجغرافية دون سواها.

في الأحوال كافة ثمة تباين حاد في مستوى أفلام المسابقة، ما يقلل من قوتها ويعاكس طموحات المهرجان في أن يكون من بين أهم مهرجانات المنطقة، وفيلم "إخفاء صدام حسين" للعراقي الكردي هالكوت مصطفى واحدة من الأمثلة عليها. يُخبر الجمهور الحاضر لمشاهدته أنه قضى ما يقرب ١٢ عاماً لإنجازه، جُل الوقت قضاه في البحث على من يدله على علاء نامق الشخص الذي أخفى صدام حسين في بيته خلال مطاردة الأمريكان وبحثهم عنه. المُشاهدة لا تشي بهذا الادعاء فالمنجز السينمائي المقدم لا يتعدى مقابلات مع "بطله" الذي يحكي خلالها تفاصيل تجربته الشخصية في إخفاء صدام حسين، مصحوبة بمَشاهد مُمثلة تعيد تجسيد ما يسرده شفاهاً باشتغال سينمائي رديء، يقارب رداءة الفكرة التي يريد بها "قراءة" شخصية صدام حسين تاريخياً، رغم ما يدعيه من أن هاجسه السينمائي الأول هو رسم بورتريه سينمائي ل"نامق" الذي غامر بحياته من أجل حماية رئيسه فترة من الزمن قبل أن يوشي به رجل مقرب منه ويسلمه للأمريكيين. فيلم هلكوت دعائي، ينشد تحسين صورة ديكتاتور، وتبرير كل جرائمه الشنيعة التي ارتكبها ضد العراقيين وغيرهم ومن بين أكثرها إيلاماً مجازر حلبجة والأنفال ضد الأكراد، التي يحاول النص السينمائي تجاوزها رغبة منه في التقارب مع مزاج شعبي عام يميل إلى تمجيد الطاغية من دون معرفة حقيقته، وهذا ما فعله فيلمه حين أراد أن يُلغي تاريخاً طويلاً من التوحش، بحجة النظر إلى التجربة الشخصية بوصفها مادة درامية جديرة بالتجسيد السينمائي بأسلوب "ديكودرامي". تلقين "البطل" وتحفظيه للنص المُراد نقله للمُشاهد أفسد عفوية السرد كما أفسد تمثيل المشاهد الملازمة للتوثيق المنجز كله، ومع كل هذه الرداءة السينمائية يأتي السؤال الملحاح: لماذا تضم المسابقة الرسمية فيلماً بهذا السوء على المستويين الفكري والفني؟

كانت ملاحقة برامج العروض والتوافق معها من المشاكل التي يواجهها الصحفيون والنقاد وغيرهم من الجمهور الراغب بمشاهدة أكبر عدد من الأفلام. فالمسافة البعيدة الفاصلة بين عروض قاعات السينما في "ريد سي مول" ومقر المهرجان في فندق "ريترز" الذي يخصص قاعات له لعروض أخرى تتعارض أوقاتها غالبا مع أوقات الأفلام المعروضة في المكان البعيد وبالتالي يخسر النقاد والصحفيون أمكانية التوافق مع برمجة العروض التي المُتسمة بتقاطع أوقاتها، بسبب حصر عرض الأفلام في أوقات ما بعد الظهيرة، وفي هذه الحالة يمكن حل التداخل الزمني بتخصيص أوقات الصباح لعروض الصحفيين والنقاد دون غيرهم، كما يجري في الكثير من المهرجانات السينمائية العالمية. وعلى مستوى آخر يستغل المهرجان بشكل جيد بقية الأوقات الصباحية والظهيرة بنشاطات مهمة مثل "السوق" وندوات الضيوف من ممثلين كبار وأسماء سينمائية مهمة تمنح الدورة والمهرجان عموماً تميزاً، لطابعها الاحتفالي أولا ولأهمية الأسماء الحاضرة فيها تالياً، والتي لا تكتمل مبررات تواجدها إلا بحضور جماهيري ينشده المهرجان، ولتقويته عليه العمل أكثر على تقريب جمهور مدينة جدة من مهرجانهم العالمي.

………………………

داخل إطار

الجوائز

جائزة الشرق لأفضل وثائقي:

تُمنح لأفضل فيلم وثائقي في المنافسة – جائزة بقيمة $10,000

الفائز: كوثر بن هنية، عن فيلم "بنات ألفة".

جائزة النجم الصاعد من شوبارد:

الفائز: نور الخضراء.

جوائز مقدمة من فيلم العُلا:

أفضل فيلم من اختيار الجمهور:

جائزة بقيمة $50,000

الفائز: فيلم "فاقد الأمل"، من كوريا الجنوبية.

أفضل فيلم سعودي:

جائزة بقيمة $50,000

الفائز: فيلم "نورة"، من المملكة العربية السعودية.

مسابقة البحر الأحمر للفيلم القصير

اليُسر الفضي: فيلم "حقيبة سفر" من إخراج "سامان حسین بور" و"آكو زاندكاريمي"

جائزة بقيمة $12,500

اليُسر الذهبي: فيلم "بتتذكري" من إخراج "داليا نملش".

جائزة بقيمة $25,000

مسابقة البحر الأحمر للفيلم الطويل

أفضل إنجاز سينمائي:

الفائز: فيلم "نذير شؤم" من إخراج "بالوجي"

أفضل ممثل:

الفائز: صالح بكري، من فيلم "الأستاذ".

أفضل ممثلة:

الفائز: منى حوا، من فيلم "إن شاء الله ولد".

أفضل سيناريو:

جائزة بقيمة $10,000

الفائز: فيلم "ما فوق الضريح"، من إخراج "كريم بن صالح".

أفضل إخراج:

جائزة بقيمة $10,000

الفائز: شوكير خوليكوف، عن فيلم "الأحد".

جائزة لجنة التحكيم:

جائزة بقيمة $10,000

الفائز: فرح النابلسي، عن فيلم "الأستاذ".

جائزة اليُسر الفضي لأفضل فيلم طويل:

جائزة بقيمة $30,000

الفائز: فيلم "عزيزتي جاسي"، من إخراج "تارسم سينج داندوار"

جائزة اليُسر الذهبي لأفضل فيلم طويل:

جائزة بقيمة $100,000

الفائز: فيلم "في ألسنة اللهب "من إخراج "زارّار كان".

 

المدى العراقية في

13.12.2023

 
 
 
 
 

ضمن جلسات مهرجان البحر الأحمر السينمائي

جلسة حوارية خاصة عن أسرار وخبايا النجم نيكولاس كيج في جدة

البلاد/ طارق البحار

خلال جلسة محادثة في مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي بجدة، استحوذ الممثل الحائز على جائزة الأوسكار نيكولاس كيج على إعجاب الجمهور في مناقشة استمرت ساعة حول أدائه البارز في الأفلام الهوليوودية التي عشقها جمهوره حول العالم.

قبل تكريمه في ختام المهرجان، تحدث نيكولاس كيج في الجلسة التي استضافته فيها ريا أبي راشد أنه كان ينهي مسيرته السينمائية بعد 45 عامًا وأكثر من 100 فيلم: "أريد أن أعمل في التلفزيون... ربما برودواي ”!

وشهد الحدث بداية كيج بمشاركة قصة تغيير اسمه من نيكولا كوبولا إلى نيكولاس كيج في بداية حياته المهنية، وروى حالات من التنمر أثناء تصوير فيلم Fast Times at Ridgemont High، حيث تم التشكيك في موهبته بسبب علاقته بالمخرج الشهير فرانسيس فورد كوبولا.

وكشف كيج: (كانوا يقتبسون سطورًا من "Apocalypse Now" ويغيرونها إلى "أنا أحب رائحة نيكولاس في الصباح" بدلاً من "النابالم في الصباح")، واعترف بأن المخرجين وصانعي الأفلام قد لا يريدون أن يرتبط اسم كوبولا بعملهم، مما دفعه إلى تغيير اسمه، وأوضح كيج: "لم أكن أعتقد أن أي مخرج سينمائي يريد أن يكون اسم كوبولا فوق عنوان فيلمه لذلك، قمت بتغيير اسمي في الغالب لأسباب تجارية".

بالتأمل في دوره في الفيلم الكوميدي "Moonstruck" بالعام 1987 إلى جانب شير، شارك كيج محادثة مسلية سأل فيها المغنية عن سبب رغبتها في ظهوره في الفيلم، وتذكر كيج ردها: "لقد رأيتك في فيلم (Peggy Sue Got Married) واعتقدت أنه كان بمثابة حادث سيارة لمدة ساعتين، وكان عليَّ أن أحظى بالفرصة للعمل معك“.

وتحدث عن العقود الأربعة الماضية من حياته المهنية، ومع ذكر كل فيلم، كان الحضور يستقبله بالتصفيق والهتافات. وطبعاً ذكر "Face/Off" معلقاً أنه "قد يكون تحفة فنية...“ وعن "Ghost Rider" - "قال إنه كما لو أن شركة ديزني صنعت فيلمًا عن Faust.

قام كيج بتقييم أعماله السابقة بحماس، حيث أطلق على النصوص الخمسة اسم "Vampire's Kiss"، و"Leaving Las Vegas"، و"Raising Arizona"، و"Adaptation"، والإنتاج A24 المرتقب "Dream Scenario" باعتبارها النصوص الخمسة التي يعتبرها ذروة الأعمال.

رحلته التي استمرت 45 عامًا في الصناعة. وفي إطار تقديم لمحة عن مساعيه المستقبلية، كشف كيج عن تفاصيل حول فيلمه القادم “Dream Scenario”، حيث سيؤدي دور رجل عادي يبدأ بشكل غامض في الظهور في أحلام الآخرين، كما أعرب كيج عن اهتمامه باستكشاف التلفزيون وقال: "أنا أفكر في التلفزيون. لقد نصحني ابني إلى مسلسل Breaking Bad، ورأيت برايان كرانستون يحدق في حقيبة لمدة ساعة واحدة، وشخصياً لا أحصل على الوقت للتحديق في الحقيبة لمدة ساعة في أعمالي السينمائية، فقلت: ”دعونا نشاهد بعض البرامج التليفزيونية إذاً، وكشف عن نيته الانتقال إلى التلفزيون مع الحفاظ على نهج انتقائي في مشاريع الأفلام، مشيراً إلى رغبته في قضاء المزيد من الوقت مع ابنته البالغة من العمر 15 شهراً كعامل محفز“!

تحدث النجم المحبوب عن أفلام خسرها ومنها دور جورج كلوني في فيلم "A Perfect Storm“، كما قال إنه نادم على خسارة فيلم سوبرمان في التسعينات، واعتبره أكثر مشروع ندم عليه في حياته المهنية.

كما كشف أنه تواصل مع ديفيد باوي ليصنع الأغنية الرئيسية للفيلم، ويعتقد أن تخوف المديرين التنفيذيين من الميزانية والتكلفة العالية كان سبب إنهاء فكرة الموضوع.

شارك كيج الحضور ليلة الختام سعادته بتكريمه في حفل ختام مهرجان البحر الأحمر وقال وقت تكريمه: "السلام عليكم يا جدة... شكرًا يا محمد وشكرًا يا جويل، إنك ممثل عظيم وعميق وصديق جيد ومضحك وأتمنى العمل معك مجددًا“، وتابع : "لطالما أردت زيارة البحر الأحمر وخاصة منذ أن قرأت شيكسبير في صغري، فشكرًا لكم على هذا التكريم وعلى دعوتي لهذه الأرض الساحرة".

 

####

 

خلال مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي

فيلم “أحلام العصر” يحقق نجاحًا لافتًا في عرضه الأول

البلاد/ مسافات

بتمويل من الصندوق الثقافي، أضاء فيلم “أحلام العصر” شاشة السينما خلال العرض الأول له ضمن فعاليات مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي في دورته الثالثة 2023، ولاقى الفيلم إشادة واسعة من الجمهور والنقاد بعد عرضه.

وتأتي قصة فيلم “أحلام العصر” كتجربة إنسانية سينمائية فريدة من نوعها، تستكشف أعماق العواطف والتحديات التي يواجهها الإنسان في حياته اليومية، وتدور أحداث قصة الفيلم حول نجم كرة معتزل سيء السمعة ومظلوم إعلاميًا، يتعاون مع ابنته في فرصة للانتقام من جميع من ظلمه في بوابة الشهرة في قنوات التواصل الاجتماعي، حيث يجدان فرصة سانحة للعمل مع أشهر وكلاء أعمال للمشاهير في المنطقة، ويعملون معًا على تسويق أضخم المشاريع العقارية التي تزيد من أطماعهم وتورطهم.

وقال المخرج فارس قدس: “نحن سُعداء بالدعم الذي حظينا به من الصندوق الثقافي لنقل قصتنا إلى عمل فني يليق بقطاع الأفلام السعودي، وفخورون بالاستقبال الحار الذي حظينا به في مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي، ويشرفنا أن يكون عملنا قد أثر في قلوب المشاهدين، ونتطلع إلى مشاركة هذه القصة مع المزيد من الجماهير في مختلف أنحاء العالم”.

يشار إلى أن فيلم “أحلام العصر” حاصل على تمويل من الصندوق الثقافي عبر برنامج تحفيز المشاريع الثقافية، الذي أطلقه الصندوق الثقافي بالشراكة مع برنامج جودة الحياة منذ عامين بميزانية بلغت 181 مليون ريال سعودي؛ بهدف توفير حوافز مالية غير مستردة لمشاريع القطاعات الثقافية، بما فيها قطاع الأفلام، مما يسهم في تنمية القطاع الثقافي وتلبية احتياجاته.

ويأتي فيلم “أحلام العصر” من إنتاج مؤسسة شريط للإنتاج الإعلامي والمرئي، وبإنتاج مشترك مع صندوق البحر الأحمر، وبطولة صهيب قدس ونجم وإخراج فارس قدس، ويشارك في بطولته فاطمة البنوي وحكيم جمعة إلى جانب عددٍ من المواهب السينمائية.

ومن المتوقع أن يستمر الفيلم في جولته في مهرجانات سينمائية دولية أخرى، وعرضه في دور السينما المحلية في وقت لاحق من العام القادم، حيث يأمل الأخوين قدس من بيع حقوق توزيع الفيلم دوليًا وتحقيق نجاحات إضافية تسهم في ترسيخ مكانة الفيلم السعودي في الساحة العالمية.

 

البلاد البحرينية في

12.12.2023

 
 
 
 
 

مايكل مان يحقّق حلمه: «فيراري» في سباق الألف ميل

شفيق طبارة

«فيراري» لا تشارك في السباقات لبيع السيارات، بل تبيع السيارات لتمويل سباقاتها الخاصّة. تلك هي الفكرة الرومانسية التي كانت تقلق راحة مؤسس الشركة إنزو فيراري. فيلم «فيراري» (2023) أيضاً هو فكرة أو حلم رومانسي راود المخرج الأسطوري مايكل مان (1943)، حلم دام حوالي 30 عاماً، مشروع شهد تسارعاً وتباطؤاً، حتى ممثليه الرئيسيين تبدلوا أكثر من مرة.  

يعدّ عرض الفيلم في «مهرجان البندقية» (فينيسيا) الأخير ثم «مهرجان البحر الأحمر» فوزاً للمخرج الثمانيني، وانتصاراً لنا أيضاً كمشاهدين انتظروا ثمان سنوات لرؤية عمل جديد له. برصانة عنوانه، يحكي «فيراري» عن مؤسس شركة فيراري، وسباق السيارات، والسائقين، ومدينة مودينا، وبالطبع عن السباق الأسطوري، سباق الألف ميل الذي حُظِّر في عام 1957 بعد 30 عاماً. استند مان إلى كتاب بروك ييتس «إنزو فيراري: الرجل والآلة» (1991)، كما اختار التركيز فقط على لحظة محددة في حياة السائق ورجل الأعمال الشهير. لذلك، كل شيء يبدو هامشياً في فيلم يرسم المخطط النفسي لرجل كان الموت رفيقه الدائم. على عكس أفلام السيرة التقليدية، ليست العظمة وحيوية الشخصيات الحقيقية الفكرة الرئيسية في «فيراري»، بل الموت والرحيل.

نحن في عام 1957، وأمور شركة «فيراري» لا تسير على ما يرام. كذلك الأمر بالنسبة إلى مؤسسها إنزو فيراري (آدم درايفر). لقد هزّت وفاة ابنه دينو عن 24 عاماً، كيانَه، فيما سيهتز زواجه من لورا فيراري (بينيلوبي كروز) بسبب هذه الوفاة وعلاقته بلينا (شايلينوودلي)، التي أنجب منها بييرو. بحثاً عن مخرج، يقرّر إنزو أن يراهن بكل شيء في سباق الالف ميل الأسطوري، مع الثقة بأنّ نتيجة كبيرة في السباق ستزيد عدد سيارات فيراري المباعة سنوياً من 89 إلى 400 وبالتالي إنقاذ الشركة، وربما إنقاذ حياته أيضاً. ولكن 1957 هو عام مأساة لفيراري، إذ لقي سائق سيارات فيراري ألفونسو دي بورتوغا حتفه مع مساعده وتسعة متفرجين، من بينهم خمسة أطفال وتم توجيه أصابع الاتهام إلى فيراري. في ذلك العام،انفجرت في وجهه كل التناقضات الداخلية والأزمات الخارجية والنفسية التي كبتها طويلاً، وظهرتفي الفيلم بطريقة ميلودرامية تشبه الاوبرا تقريباً، وتهيّئه لنقطة تحوّل. ومع ذلك، يواصل إنزو حياته، وعندما يخرج من مأزق يتطلع إلى المستقبل، وهذا جزء من طبيعته، فهو ذلك الرجل الذي إذا سألوه عن أفضل سياراته، يجيب دائماً «السيارة التالية».شخص لا يستطيع القيام بعمله بدون السيطرة على كل شيء، ولعل هذا هو السبب وراء افتنان مايكل مان به. فالمخرج أيضاً يحبّ السيطرة والمنهجية في أفلامه، و«فيراري» ليس استثناء. يتعامل مان مع فيلم السيرة هذا بشكل مختلف تماماً عما فعلهمعفيلمه «علي» (2001) الذي تناول سيرة محمد علي كلاي. في «فيراري» تظل السياسة والسياق التاريخي في الخلفية، ويركز المخرج أكثر على الدراما الإنسانية والوجودية لأنزو. كما أنّه وحّد الروابط المشتركة بين أنزو فيراري والشخصيات القريبة من المافيا أو الجريمة في أفلامه السينمائية مثل شخصية نيل ماكولاي الذي جسّده روبرت دينيرو في تحفة مايكل مان «هيت» (1995). فكلاهما رجلان عصاميان، مهووسان بعملهما وبوضعهما الاجتماعي وعدم خسارة المال والشؤون المعقدة، عدا عن الموت المخيّم على حياتهما. يعرف مان تماماً أنه ليس عليك أن تغطّي الحياة الكاملةلشخص ما كي ترسم صورةً حقيقية عنه. حشر في فيلمه أحداث بضعة أشهر في 130 دقيقة، وبما أن الكثير من الأشياء بلغت ذروتها في هذه الفترة من حياة الرجل، فإننا لا نشعر بأي إحساس بالنقصان على الاطلاق.

يحوم الموت باستمرار فوق رأس إنزو، وتم تكييف الفيلم مع الطبيعة الحزينة للموت. على الورق، يعد «فيراري» فيلماً عن رياضة السيارات، ولكن عدد مشاهد السباق المليئة بالإثارة والسرعة تكاد لا تُذكر في الفيلم، عدا مشهد السباق الأخير الذي أبهرنا به مان. في أغلب الأحيان، نرى أشخاصاً يتحدثون ويتجادلون ويتأملون ويختبرون المشاعر. بدلاً من هدير المحرك وصرير الإطارات، كان الضجيج في الخلفية هو الصمت والحزن.

قدم مان فيلمه بصرامة شكلية وحوارات دقيقة جداً وسريعة. ربط الخيوط كلها ببطء شديد، في سرد يجري بسرعة لكن كل مشهد وحوار يظهر في وقته المناسب، وصولاً إلى الجزء الأخير، الذي يعزف فيه مان بطريقة أكثر كثافة ودراماتيكية،فيملأ شاشته بمشاهد لا تُنسى…نتلقّاها بفم مفتوح. يوجّه مايكل مان فيلمه ليس نحو ذروة واحدة، بل اثنتين، إحداهما تحدث بشكل طبيعي في مضمار السباق، والأخرى تنحصربالحوار والمحادثة الحميمية بين إنزو وزوجته، حيث تلعب الشخصيات أخيراً بأوراق مفتوحة. «فيراري» لمايكل مان، عمل مدهش وغامض. يعرف مان كيف يكتب قصة ويسرد حبكة ويقدم مشاهد سباق بأسلوب مرعب، فنحن أمام صانع أفلام استثنائي، بارع في كتابة التراجيديا، جريء، ميلانكولي وخام وشاعري بشكل مثالي.

 

موقع "فاصلة" السعودي في

12.12.2023

 
 
 
 
 

المرأة السعودية أمام وخلف الكاميرا السينمائية

منار خالد

دائمًا ما يطرح السؤال حول وجود المرأة في السينما بصفة عامة، وفي السينما السعودية بصفة خاصة في ضوء ما مرت به السينما السعودية من اضطراب بداية من ثلاثينيات القرن العشرين وحتى سنوات ليست ببعيدة، من تعنت رقابي، ثم مرحلة التشدد الديني التي تسببت في غلق صالات العرض بسبب “غمزة” قامت بها إحدى الممثلات في فيلمها.

أما اليوم فالسنيما السعودية تشهد انفتاحا كبيرا وتسعى جاهدة لتقليل الفوارق بين الرجل والمرأة في تلك الصناعة، ليكون هناك وجود قوي للسيدات بل ورائدات في ذلك المجال، مع التأكيد على أن ذلك الوجود لم يكن أمرا هيناً، بل اقتضى الكثير من الجهد من قِبل المخرجات الشابات، حتى تظهر أعمالهن للنور، فنجد اليوم أنه ليست هناك سيدة أو اثنتين فقط يعملن في السينما السعودية، بل أصبح للمرأة وجود واضح المعالم، وقائمة أعمال راسخة.

نماذج المخرجات

تأتي في مقدمة القائمة “هيفاء المنصور” كأشهر مخرجة سعودية، وهي التي درست الأدب المقارن في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، وحصلت على شهادة الماجستير في دراسات الأفلام من جامعة سيدني، وبعد تخرجها قدمت ثلاثة أفلام قصيرة هي “من؟، المخرج الوحيد، الرحلة المريرة”، ثم فيلمًا وثائقيًا آخر بعنوان “نساء بلا ظلال”، قبل أنتصنع فيلمها الروائي الطويل الأهم “وجدة” عام 2012.

ويعتبر “وجدة” محطة فارقة في تقديم قضايا المرأة، حيث تدور أحداثه الفيلم حول فتاة صغيرة تُدعى “وجدة” تنتمي لعائلة من الطبقة البسيطة، تحلم بامتلاك دراجة خضراء معروضة في أحد متاجر الألعاب القريبة من منزلها، ولكنها تلقى مقاومة لتحقق حلمها من جانب المجتمع. أما والدتها الموظفة بإحدى المستشفيات فهي تعاني يوميًا في عملها، وتشعر بالقلق من احتمال زواج زوجها من امرأة أخرى تحت إلحاح كمن والدته التي تريده أن يختار له امرأة أخرى.

هناك أيضا “شهد أمين” وهي مخرجة وكاتبة سعودية، حصلت على بكالوريوس الدراسات السينمائية من جامعة لندن، وتخصصت في كتابة السيناريو بنيويورك، ثم عادت إلى السعودية وعملت كمساعدة إخراج، وقدمت بعض الأفلام القصيرة التي تتعلق بشخصيات نسائية منها “نافذة ليلى، حورية وعين”، ثم فيلمها الروائي الطويل الأول “سيدة البحر” الذي عرض لأول مرة بمهرجان فينيسيا، كما عرض في مهرجان قرطاج الدولي، وتم اختياره من قِبل المركز السعودي للأفلام ليمثل المملكة السعودية في مسابقة جائزة الأوسكار عام 2012.

وتأتي بعد ذلك “ريم البيات” مخرجة سعودية، درست التصوير بمعهد الفنون ببريطانيا وحصلت على بكالوريوس في الإخراج السينمائي، قدمت بعض الأفلام الوثائقية منها “دمية، أيقظني” وحصلت على العديد من الجوائز أيضًا.

أما المخرجة “عهد كامل” فقد درست التمثيل، وتخصصت في علوم الدراسات المتحركة والاتصالات، وقدمت مجموعة من الأفلام القصيرة منها “الكندرجي” وفيلم “حُرمة” الذي حصل على جائزة أفضل فيلم شرق أوسطي في مهرجان بيروت السينمائي الدولي، كما قدمت أدوارًا تمثيلية من بينها دورها بفيلم “وجدة” إخراج هيفاء المنصور.

حصلت المخرجة الشابة “سارة مسفر”، على بكالوريوس في الفنون السينمائية من جامعة عفت بالسعودية، قدمت أول أفلامها “بلكونة” عام 2018، وشاركت في كتابة الفيلم السعودي “قوارير عام 2019، ويعد هذا الفيلم صناعة نسوية بامتياز، حيث اشتركت في إخراجه خمس مخرجات سعوديات هن رغد النهدي، نورا المولد، ربي خفاجي، فاطمة الحازمي، ونور الأمير، وقدم أيضًا خمس قصص مختلفة عن حياة المرأة السعودية، كما ساهمت مسفر في أحد أهم أفلام قائمة القائمة القصيرة السعودية وهو فيلم “بلوغ”.

جوائز ومناصب

من ذلك الاستعراض لبعض أسماء المخرجات السعوديات، يلاحظ أن عددهن ليس صغيرا مقارنة بعمر السينما السعودية، ففي عام ٢٠١٥  وفي مهرجان الأفلام السعودية، شاركت 9 مخرجات من أصل 66 مخرجا بأفلامهن، وفازت حينها 3 مخرجات، مقابل 6 مخرجين بجوائز المسابقة، من بين هذه الأفلام فيلم “شكوى” للمخرجة “هناء العمير” الذي فاز بجائزة النخلة الذهبية، وفيلم “حورية وعين” للمخرجة “شهد أمين” الذي حصل على الجائزة الثانية،  وفيلم “دورة عنف” للمخرجة “نورا الفريج” ، كما شاركت الممثلة المخرجة “عهد كامل” في لجنة تحكيم كتابة السيناريو في الدورة نفسها، وكذلك الدورة التالية عام 2016.

في هذه الدورة، شارك 24 فيلمًا لـ22 مخرجة، وكانت المخرجة “شهد أمين” حينها عضوا في لجنة تحكيم الأفلام الروائية القصيرة، وشاركت المخرجة “مزنة المسافر” عضوا في لجنة تحكيم الأفلام الوثائقية القصيرة، وانتهت الدورة بنتائج في صالح المخرجات- النساء، حيث فازت كل من “هند الفهاد” بفيلمها “بسطة” بجائزة النخلة الفضية عن فئة الأفلام الروائية القصيرة، وفازت المخرجة “ريهام التيماني” عن فيلمها “AH-18″ بالجائزة نفسها عن فئة أفلام الطلبة، كما حصلت كل من: “بشرى الانداجي” بفيلمها “تيتا- بي”، والمخرجة “نورا المولد” وفيلمها “ترددات”، والمخرجة “هبة الفاسي” بفيلمها “السحور الأخير” على جوائز تقديرية وتنويهات وإشادات بقيمة أعمالهن بالدورة، وكذلك هو الحال في كافة الدورات التالية وحضور المرأة الواضح والمؤثر على حاصد الجوائز. وتقلد المناصب.

المرأة السعودية على الشاشة

يدور فيلم “بسطة” لــ”هند الفهاد”، حول بائعة في سوق النساء، تسعى إلى تأمين العيش لأبنائها. وهي في صراع دائم مع الظروف التي تجعلها تختبر مبادئها، وتحقق الأمان لأولادها دون أن تقدم تنازلات.

ويدور فيلم “سيدة البحر” للمخرجة شهد أمين، حول فتاة استعادها والدها خلال طقوس التضحية ببنات القرية لسيدة البحر، لكي تسمح للرجال بالصيد في سلام، وهو طقس ابتكره رجال القرية الذين اعتقدوا أن أسهل طريق للحصول على طعام هو تقديم الفتيات كقربان، لا المواليد الذكور الذين لا يعرضون لمثل هذه الطقوس الذين يتم إعدادهم لكي يصبحوا صيادين ماهرين فيما بعد. ويعكس الفيلم الهيمنة الذكورية، وتحديد أنماط أدوار النساء وغيرها من المفاهيم النسوية الهامة.

أما فيلم “ريم”، للمخرجة “سميرة عزيز” فهو يصور قصة امرأة سعودية تسافر إلى الهند بحثًا عن والدتها، فتواجه العديد من الصعاب في رحلتها. من حيث الفوارق الثقافية بين المجتمعين.

وهناك أفلام أكثر جرأة واشتباكًا مع موضوعات حساسة مثل فيلم “مريم” للمخرجة “فايزة أمبا”، الذي تدور حبكته عن الحجاب والفتيات السعوديات في فرنسا من وجهة نظر سيدة سعودية اعتادت أن تغطي وجهها في الأماكن العامة، على عكس بعض الثقافات العربية خصوصاً من شمال أفريقيا.

كذلك هناك أفلام هدر الطاقة، أمل، هدف، والسحور الأخير، وكلها من إخراج “هناء الفاسي” وهي أكثر مخرجة سعودية أنتجت وأخرجت أفلامًا خلال عام 2016. ويطرح فيلمها “هدف” قضية نسائية شائكة، هي ممارسة الفتاة السعودية لرياضة كرة القدم.

ويروي فيلم “أنا” من إخراج “ريهام التيماني”، قصة فتاة سعودية تعاني تمزقا بين صعوبة مواجهة الثقافة المحافطة السعودية، وبين ثقافة المجتمع اللبناني، ومدى الصراع الذي تستشعره بسبب اختلاف الثقافتين.

وهناك أيضا “روان نمنقاني” وفيلمها “بين السماء والأرض”، وأروى الساعاتي وفيلمها “هيومانويد”، وغيرها من الأسماء النسائية اللامعة من عالم السينما السعودية.

المصادر:

١. حيزية مكي، خيرة حمر العين، التجربة السينمائية النسوية في السعودية.. سينما شابة ثرية بالتجارب الإنسانية، “مجلة آفاق السينمائية، 3 ديسمبر، 2022”.

٢. عبد المحسن المطيري، عالم المرأة في السينما السعودية، “رصيف 22، 1 يونيو 2017”.

 

موقع "عين على السينما" في

13.12.2023

 
 
 
 
 

أمنية عادل تحكي: “شماريخ”.. حكاية فيلم بطولة مدير تصوير ومونتير

أمنية عادل

أعادت لي مشاهدة فيلم “شماريخ” للمخرج عمرو سلامة ذكريات عن عوالم مضت ربما أصبحت طي النسيان بفعل المتغيرات التي يعيشها المشهد المصري، ولكن ما هي الشماريخ؟ الشماريخ يعرفها جمهور الكرة جيدا فهي التي يشعلونها في احتفالاتهم بالملاعب وخارجها، ولكنها بحسب اللغة العربية فإن شماريخ هي جمع شمروخ، ويعنى الخرط أو التمزيق في حالة كونه فعل، أما إن جاء اسماً فهو يعني عنقودا من العنب أو غصنا.

في كل الأحوال ومع تباين تلك المعاني لكلمة شماريخ في اللغة العربية استعان بها المخرج عمرو سلامة في فيلمه الجديد حتى تكون بطل الفيلم وأحد أهم دلالاته خلال الأحداث.

مفارقة محببة للجمهور

فيلم “شماريخ” من تأليف وإخراج عمرو سلامة، وإنتاج شركة سي سينما، ويحقق حتى الآن نجاحا ملحوظا في دور العرض، وهو من بطولة آسر ياسين، أمينة خليل، خالد الصاوي، آدم الشرقاوي، مصطفى درويش وهدى المفتي. تعتمد قصته على المفارقة التي يرسمها رؤوف (آسر ياسين) أو كما يعرفه المحيطون به باسم “بارود”، يعمل بارود ضمن رجال سليم العاهل (خالد الصاوي)، يعيش رؤوف حياة ممزقة بين أمله في أن يعترف به والده سليم العاهل وبين رغبته في الابتعاد عن أعماله المشبوهة، في الوقت نفسه تظهر أمينة (أمينة خليل) ابنة المحامي علي الهلباوي (سامي مغاوري)، وتشهد قتل والدها الذي تكتشف علاقته بعالم سليم العاهل الإجرامي، تنشأ علاقة تجمع بين رؤوف وأمينة التي لا تعرف حقيقته ولكن كل منهما يساعد الآخر لغاية في نفسه.

في تأثر واضح بالحبكات الأمريكية التي لم تكن بعيدة عن مكونات الصورة السينمائية، قدم المخرج والمؤلف عمرو سلامة فيلمه الجديد، داخل عالم الجريمة وديستوبيا المدينة البعيدة عن العدل في الكثير من الأوقات يخلق سلامة عالما خاصا بفيلمه معتمدا على “الشماريخ” التي ترتبط بالداخل المحلي المصري لتكون بطلا محركا ومستهلا لاشتباكات تحرك الأحداث خطوة للأمام، الشماريخ التي صنعها أحمد عصام ببراعة خلقت عالما ذا خصوصية مصرية رغم الصورة الهوليودية.

بطولة بصرية

قوة فيلم “شماريخ” تعود إلى ثلاث عناصر غاية في الأهمية، الأول صناعة الشماريخ بأشكالها والثاني مدير التصوير كيم ميكيل، والعنصر الثالث هو المونتير أحمد حافظ، حيث شكل ميكيل وحافظ نقطة القوة في فيلم “شماريخ” والتفوق الملحوظ للصورة السينمائية الرشيقة والغنية بالحركة ونقل حالة الفيلم على مدار أحداثه.

في حين رغم نجاح المخرج عمرو سلامة في استياق عنصر محلي وهو الشماريخ لتكون بطلا في فيلمه، لكن افتقر الفيلم إلى تشكيل حالة إنسانية يستطيع المشاهد من خلالها الشخوص بأبطاله أو التفاعل معهم سواء كان باورد أو أمينة. وزخر الفيلم بالعديد من المشاهد الثنائية التي احتوت على حوارات تكشف العوالم النفسية والدواخل التي يعيشها البطلان دون أن تحقق تأثيرا يذكر ويعود ذلك إلى تكرار الحوار بتيمات مختلفة دون تقديم جديد، كما أن الحوار بصورة عامة على مدار الفيلم يعد من نقاط الضعف التي كانت سطحية في كثير من الأحيان.

برع المؤلف والمخرج عمرو سلامة في تقديم سيناريو متقن لكنه فارغ وسطحي من داخله كما هو الحال مع الأداءات التمثيلية في الفيلم من قبل كل من آسر ياسين وأمينة خليل، حيث لم يقدم أي منهما أي ملامح للشخصيات التي يقدموها وكأنهما يقدمان أنفسهما، في حين قدمت هدى المفتى أداء دراماتيكيا رغم قلة مشاهدها وكونها ضيفة شرف، وكذلك ظهور الممثل السودانى محمود السراج، وربما يعود ذلك إلى عناية المخرج عمرو سلامة في فيلم “شماريخ” بالصورة السينمائية أكثر من توجيه الممثلين لاسيما أن أغلب المشاهد كانت تحتوي على حركة وإطلاق شماريخ تحتاج الكثير في حالة إعادة التصوير للحصول على أداء تمثيلي آخر.

طفولة على الشاشة

عمرو سلامة مخرج قادر على إدارة الأطفال في أفلامه وهو أمر واضح ظهر مع أحمد داش في فيلم “لا مؤاخذة” 2014 أو فيلم “برة المنهج” والطفل عمر شريف عام 2021، وصولا إلى فيلم “شماريخ” الذي قدم به الطفلة لافينيا نادر التي ظهرت من قبل في عدة أعمال، وقدمت أداء لافتا في فيلم “شماريخ”.

فيلم “شماريخ” فيلم ممتع على الصعيد البصري وبه عناصر عديد تحقق الجودة البصرية لكنه يفتقر إلى التأثير أو استعادة العوالم الداخلية لشخصيّاته رغم تركيزه الشديد على خلق علاقة عميقة بين المشاهد والشخصية الدرامية التي اكتفت في كثير من الأحيان بترديد الحوار دون نقل ما تحويه الكلمات.

 

موقع "سوليوود" في

13.12.2023

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004