ملفات خاصة

 
 
 

باز لورمان يروي ذكرياته الشائكة في مهرجان البحر الأحمر

جينا ديفيس أخذت بيدي و"كان" اكتشفني وأفلامي أصنعها للمستقبل

هوفيك حبشيان

البحر الأحمر السينمائي الدولي

الدورة الثالثة

   
 
 
 
 
 
 

قدم المخرج الأسترالي القدير باز لورمان الذي يترأس لجنة تحكيم مسابقة مهرجان البحر الأحمر السينمائي (جدة) هذا العام حواراً مفتوحاً مع جمهور هذه التظاهرة. طوال أكثر من ساعة تناول صاحب أعمال ميوزيكالية شهيرة مثل "روميو + جولييت" (1996) و"مولان روج" (2001) سيرته السينمائية التي انطلقت قبل 30 عاماً، متطرقاً إليها بكثير من التفاصيل. روى لورمان للإعلامية ريا أبي راشد التي أدارت الحوار أنه نشأ في قرية أسترالية صغيرة جداً، فيها خمسة بيوت فقط، اثنان منها مهجوران. شدد غير مرة على أنها كانت "أصغر قرية في العالم". أما والداه فكانا يتوليان إدارة صالة سينما، ومن هنا بدأ شغفه بالفن السابع ينمو ويتبلور، فما غادره البتة. يتذكر "كنا نمتلك محطة وقود ومزرعة، لكن والدي أدار لفترة صالة سينما بسبب ظرف معين، وكان مهووساً باستضافة فنانين ليعيشوا معنا. أي فنان كان يمكنه أن يأتي ويعلم ويبقى معنا. حارب في فيتنام وهناك تعلم التصوير الفوتوغرافي، وبسبب التصوير تعرف إلى أمي. كان هاجسه أن يعلمني كيف أستخدم الكاميرا وذلك منذ عمر مبكر جداً. استخدمت الـ(بوليكس) الخاصة به وصورت الأفلام. أمضيت طفولتي كلها وأنا أسرد القصص وأصور الأفلام، وكانت لي أيضاً إذاعة في محطة الوقود. في السينما في تلك الأيام كنا نشاهد فيلمين واحداً تلو الآخر، وذات يوم اكتشفت (لورنس العرب)، شاهدته وأعتقد أنك لن تتغلب أبداً على سحر الضوء الخافت والصورة. لن نتغلب عليه أبداً".

يبدو أن السبب الذي جعله يجمع أفلامه الثلاثة الأولى تحت مسمى "ثلاثية الستارة الحمراء" هو أن السينمات في بلاده أستراليا التي هي جزء من دول الكومنولث، فيها ستارة حمراء تفتح قبيل عرض الفيلم، وكان هناك دائماً شريط دعائي عن ملكة إنجلترا ويجب على الجميع الوقوف وغناء "حفظ الله الملكة" وفقط بعدها تنطلق العروض. عن رغبته في الخروج من واقعه الضيق واكتشاف العالم الواسع، قال لورمان إن هناك أشخاصاً يولدون وفي داخلهم بالفطرة ذلك الحس الذي يجعلهم يرغبون في معرفة أماكن أخرى وبعيدة. الأمر أشبه بأن تسمع أصواتاً ولكن لا تعرف مصدرها. في المقابل هناك أشخاص لا يرغبون أبداً في مغادرة المكان الذي ولدوا فيه. 

تغيير الإسم

عاش لورمان في طفولته وقائع أرغمته على تغيير اسمه. استطرد في الحديث عن هذا الحدث تأكيداً لأهميته، فهو الذي كان يدعى في الأصل مارك غير اسمه إلى باز، نتيجة تعرضه للتنمر من رفاقه في إحدى المدارس الكاثوليكية المحافظة التي ارتادها، وذلك بسبب شعره القصير في زمن (الستينيات والسبعينيات) الذي كان دارجاً فيه الشعر الطويل. "رفاقي كانوا يسخرون مني لهذا السبب. سموني على اسم إحدى الشخصيات التلفزيونية التي تدعى بازيل براش، وهي عبارة عن دمية يد على شكل ثعلب. انتقاماً، لجأت وأنا في الـ19 إلى السلطات المتخصصة لتغيير اسمي إلى باز. فأصبح علامتي التجارية، كي لا أدع أحداً يسرقه مني". 

في تلك الفترة، أسس لورمان فرقته المسرحية. ويروي أن توجهه إلى مجال الفن جعل أمه يخيب ظنها به. كانت تعتقد بأنه يرتاد المدرسة. "لن أروي كيف قبضت عليَّ ذات مرة لأن هذه قصة مرعبة، لكني كنت محظوظاً. خلال دراستي تعرفت إلى مدرسة التمثيل. أجريت اختبار دخول وكان الدور دور قواد، ولكن بعد فترة وصلتني رسالة رفض، مع أنني كنت أخبرت أمي بأنني أريد أن أمثل وأروي القصص، هذا قضى على كل خططي. ثم فجأة، لا أعرف كيف، رن الهاتف، وكان الأمر أشبه بمعجزة، أخبرني المتحدث أنه نتيجة للاختبار الذي كنت أجريته تم اختياري كي ألعب إلى جانب جينا دايفيس في فيلم سينمائي. قبضت 2000 دولار مقابل كل أسبوع عمل. استخدمت هذا المال لتأسيس فرقتي المسرحية". 

سألته أبي راشد إذا كان هذا كله في النهاية ترك انطباعاً جيداً على أمه، فكان رده "تعرفون الأمهات. هن معقدات، أليس كذلك؟ لا يفعلن سوى الانتقاد. أمي امرأة مثيرة للاهتمام. بعد تمثيلي في الفيلم تركت منزل الأهل. سكنت لفترة مع جينا دايفيس، وكانت لطيفة جداً معي. أسدت لي نصائح في غاية الأهمية وقالت ألا أكتفي بالعمل المسرحي، بل عليَّ أن أجد عملاً حقيقياً كي أفهم ماذا يعني ذلك. سمعت كلامها وعملت في مكتبة وصرت أبيع أيضاً بنطلونات الجينز، إلا أنني كنت فاشلاً في هذا المجال. كان الزبون يسألني: كيف تجد الجينز على جسمي؟ فأقول له الحقيقة بلا تردد. طردت من العمل بعد فترة قصيرة".  

أنجز لورمان ستة أفلام روائية طويلة في 30 عاماً، لكن ماذا عن بداياته وماذا عن النجاح الساحق الذي حققه فيلمه الثاني "روميو + جولييت" وهل كان يتوقع أن يتحول إلى ظاهرة كونية بعد عرضه في مهرجان "كان" ونيله جوائز وتحقيقه إيرادات عالية في شباك التذاكر؟ وهل كان مستعداً لكل هذا؟ يتذكر قائلاً "فيلمي الأول (صالة حفلات فقط) كان مفاجأة لأنه اختير لعرضه في مهرجان (كان). مهرجان (كان) هو الذي اكتشفني. أنجزت (صالة حفلات فقط) قبل 35 عاماً ويومها صالة واحدة فقط وافقت على عرضه. واحدة لا أكثر. حتى صاحب تلك الصالة عندما شاهد الفيلم خرج منه وقال إن هذا أسوأ فيلم شاهده في حياته، وادعى أنني دمرت مسيرة الممثلين الذين شاركوا فيه. اعتقدت أن حياتي السينمائية قد انتهت ولن تكون لي قيامة بعد ذلك وسأعمل في المسرح لبقية حياتي. فجأة تلقيت اتصالاً من بيار ريسيان من قسم (أسبوعا المخرجين) واقترح عليَّ عرضاً للفيلم في الـ12 ظهراً. وهكذا كان. أما (روميو + جولييت) فتلك حكاية مختلفة. بعد فيلمي الأول أبرمت عقداً مع شركة (فوكس). كانت الشركة تريد (صالة حفلات فقط) في جزء ثان، انطلاقاً من مبدأ (هل يمكنك إنجاز فيلم آخر عن الرقص؟). رفضت قائلاً إنني أريد فيلماً شكسبيرياً. أجريت كثيراً من الأبحاث عن شكسبير وأدركت أن كل الأفلام المقتبسة من أعماله لم تحقق الأرباح، ثم أقمت ورشة عمل كبيرة كي أقنعهم. وبدأت أفكر بممثل يلعب دو روميو. رأيت صورة هذا الشاب في إحدى المجلات واعتقدت أنه عارض أزياء بسبب مظهره الرومنطيقي. علمت أن اسمه ليوناردو دي كابريو. لم يكن قد أنجز (تايتانيك) بعد. سافرت فوراً إلى لوس أنجليس والتقيت والديه واقترحت عليهما أن يأتي ليوناردو إلى أستراليا للمشاركة في ورشة عمل خاصة بالفيلم، وإذا نال إعجابه سنمضي بالمشروع. أما إذا كنت أتوقع هذا النجاح، منذ ثاني فيلم لي، فأنا بصراحة لا أفكر بهذه الطريقة. أصنع الأفلام للمستقبل، هناك فيلم وثائقي عن تأثير (روميو + جولييت) في الثقافة الشعبية. لا يزال الفيلم مهماً إلى اليوم، بعد مرور 30 عاماً. باختصار، تربع الفيلم على عرش شباك التذاكر، وأتذكر أن خلال عرض تمهيدي، عندما خرج ليو من السيارة، كانت المراهقات يصرخن عند رؤيتهن له، وكأنه أحد أعضاء فرقة البيتلز".

بعد 17 عاماً عاد لورمان وتعاون مع ليوناردو دي كابريو في فيلم "غاتسبي العظيم". ماذا يقول عن تلك التجربة وعن تجربة العمل مع نجم مثله؟ "إني مقرب جداً من ليوناردو وعائلته. هناك علاقة أخوة تجمعني به وأهله. بعض الذين تعمل معهم تبقى علاقتك بهم مهنية وبعضهم الآخر تقترب منهم أكثر بكثير. لذا عندما اجتمعنا مجدداً كان كبر وكبرت أنا أيضاً. الفرق مع الماضي أن مساهمته باتت أكبر في صناعة الفيلم، لكونه شارك في تطوير الفكرة. وعلى رغم الصداقة فإنه قادر على وضعك في وضع حرج. وما أعنيه بذلك هو أنه لا يتغاضى عن أي تفصيل، بل يتحدى المفاهيم ليفهم كيفية مقاربتنا المشروع. مذ عرفته عندما كان في الـ19، بدا مهووساً بأمرين: التمثيل وقضية البيئة. بعضهم يعتقد أن التزامه قضية البيئة حديث، وهذا ليس صحيحاً".    

تسأله ريا أبي راشد إذا كانت مجرد مصادفة أن الفيلمين مع دي كابريو اقتباسان، فالأول أفلمة لمسرحية شكسبير والثاني نقلة سينمائية لرواية فيتزجيرالد، فيرد معلقاً "سؤال جيد. عندما كنت في المدرسة اكتشفت ذات يوم عبر الراهبة التي تدرسنا مسرحية (تاجر البندقية)، وعبر ما قالته: (هذا تأليف أهم كتابنا وليم شكسبير). تصفحتها ولم أفقه منها شيئاً"… ثم راح لورمان يروي بالتفاصيل المملة كيف أنه شاهد مسرحية شكسبير "كما تشاء" وكانت تحوي رقصاً، على رغم أنها لشكسبير، فاستوحى منها "روميو + جولييت" لاحقاً عندما أراد إنجازه. يقول "عندما اكتشفت شكسبير مع (كما تشاء) فهمت يومها كل كلمة قيلت على الخشبة. إذاً هذه هي رحلتي مع شكسبير. أما بالنسبة إلى (غاتسبي العظيم) فأنا لم أفهم شيئاً من الكتاب عندما طالعته في المدرسة، لكني أحببت الفيلم الذي اقتبسه المخرج جاك كلايتون من الكتاب. كيف خطرت لي الفكرة؟ بعد (مولان روج) أجريت رحلة بالقطار من بيجينغ إلى موسكو. سألت نفسي ذات مرة خلال الرحلة (يا إلهي ماذا أفعل هنا؟). كان في حوزتي كتاب صوتي لـ(غاتسبي)، فاستمعت إليه طوال الليل. ثم قلت لنفسي إنه مادة عظيمة لفيلم. إذاً الأمر ليس مصادفة، بل هما في الأصل قصتان عظيمتان وددت نقلهما إلى الشاشة".

خلال الحوار كان لا بد من الحديث عن أشهر أفلامه "مولان روج" الذي كرسه سينمائياً بارعاً. حبه للميوزيكال نما عنده في الطفولة. يتذكر "عندما كان الجميع يشاهد أفلام الموجة الفرنسية الجديدة كنا نشاهد في البيت الميوزيكالات على تلفازنا الرديء بالأسود والأبيض. عندما انطلقت في الإخراج آمنت أنني أستطيع إنجاز ميوزيكال لهذا الزمان وهذا المكان. اقتصرت مهمتي على أن أجد أي نوع ميوزيكال يليق بالزمن الذي نحن فيه، لأن كل زمن له ميوزيكاله. في السبعينيات كانوا واقعيين جداً في التعامل معه، على غرار (حمى ليلة السبت)، ثم إنني بعد (روميو + جولييت) صرت أحظى بحرية إبداعية لدرجة كان بإمكاني أن أفعل ما أريد وبالنحو الذي أريده. لن أكشف اسمه، لكن صاحب استوديو كبير قال لي إن الميوزيكال لن يعود إلى شعبيته السابقة، مشيراً إلى أنني أضيع وقتي. وفي الحقيقة، كثر راهنوا على فشل (مولان روج) في حين لم يكن لديَّ أي شك في أنه سينجح، لكنني كنت أعلم أنه يحتاج إلى كثير من الجهد، وكان واحداً من أصعب أفلامي. تصوير (روميو + جولييت) جاء مبهجاً، التقطنا المشاهد في المكسيك. عشنا حكايات رومانسية مجنونة. أما (مولان روج) فجرى التصوير داخل مسرح في سيدني، ولم نر النور لأيام. تمرنَّا لأشهر وتقنياً كان تحدياً كبيراً".   

عن الموسيقى بوصفها سردية سينمائية، وبكونها ليست فقط موسيقى تصويرية بل هي نمط في نقل الحكاية، قال لورمان "أعشق الموسيقى، وأتولى تأليف كثير منها. أرى الموسيقى عندما أكتب السيناريو، أبلور السيناريو البصري بالتوازي مع اللغة الموسيقية، ثم أجمع كليهما في سيناريو واحد لأني أعتبر الموسيقى ذات شرعية بدرجة شرعية المواد السردية والكلام المنطوق. للسينما قدرة على ذلك، إذ تستخدم كل الأشكال الفنية لقول حكاية".

تحدث لورمان أيضاً عن "أستراليا"، فيلمه ما قبل الأخير الذي اعتبرته ريا أبي راشد مظلوماً، فقال "كان شيئاً عظيماً أن أنجز هذا الفيلم، لكن في الولايات المتحدة لم يستقبل بحفاوة، خلافاً لأوروبا (فرنسا وإسبانيا) حيث حقق أعلى الإيرادات من بين كل أفلامي. عندما تفشى الوباء توقفت الحياة كلها، وكنت بدأت أصور (إلفيس) الذي توقف بدوره، فتساءلت ماذا سأفعل الآن؟ ثم تذكرت أنه كان لي عدد ساعات كثيرة من المواد المصورة خلال التقاط مشاهد (أستراليا)، فكثيراً ما طمحت إلى أن أصنع ملحمة، لكني اضطررت وقتها إلى أن أختصر الفيلم تحت الضغط، لكن منصات العرض التدفقي غيرت هذا كله، وهي باتت تتيح عرض مثل هذا العمل في ست حلقات، وما أنجزته انطلاقاً من المواد هو ما كنت أطمح إليه منذ البداية، هذا الفيلم وددته على نسق الميلودرامات القديمة، قصة رومانسية على خلفية مساحات شاسعة، تروى من وجهة نظر طفل من السكان الأصليين وقضيتهم التي كانت جرحاً كبيراً في تاريخ أمتنا".

ختاماً، تطرق لورمان إلى فيلمه الأحدث "إلفيس" عن حياة المغني الشهير الملقب بـ"ملك الروك"، مشروع استغرق تطويره فقط خمس سنوات، "السبب الذي جعل إنجاز الفيلم يستغرق كل هذا الوقت هو الأبحاث، لكن الفيلم ليس عن إلفيس. أفلام السيرة أراها على هذا النحو: أنت تأخذ سيرة أحدهم وتتكلم من خلاله عن فكرة أشمل. والفكرة هنا أن إلفيس كان سابقة في تاريخ أميركا. لم يكن هناك مفهوم المراهقة من قبله. اخترعه إلفيس ومدير أعماله الكولونيل توم باركر. والمقصود بالمراهقين شريحة من الناس الذين أصبح لديهم فجأة مال لشراء أسطوانات. فجأة أصبحوا مادة لـ(بزنس). فجأة، بعد الخمسينيات أصبح لدى هؤلاء إذاعات وكان في وسعهم شراء الموسيقى، وباتوا يمثلون شيئاً ما في نظر المجتمع. والكولونيل أدرك ذلك. ما صورته هو حكاية ترينا كيفية اقترابنا من الشمس ثم السقوط المدوي. الفيلم عن النجاح والمهادنة. عندما نحول بشراً إلى مثل عليا لملايين الناس، هذا يقضي عليهم، لأننا نريدهم دائماً أكثر من مجرد بشر، نريدهم أبديين، نريدهم نموذجيين، لكنهم بشر مثلنا وهذا يقضي عليهم".   

 

الـ The Independent  في

10.12.2023

 
 
 
 
 

غوينيث بالترو وحديث خاص عن السينما بالبحر الاحمر

البلاد/ طارق البحار

حضرت النجمة الجميلة غوينيث بالترو فعاليات لمهرجان البحر الأحمر السينمائي في المملكة العربية السعودية مؤخرا، وأبهرت الممثلة الحائزة على جائزة الأوسكار والبالغة من العمر 51 عاما الحضور في حفل الختام وهي تقف إلى جانب الرئيس التنفيذي لمؤسسة البحر الأحمر السينمائي محمد التركي في فستان أصفر مميز.

وقبل ذلك جلست النجمة المحبوبة الى جانب رئيسة مجلس أمناء مؤسسة البحر الأحمر السينمائي جمانا الراشد وهي تقوم بدور مديرة للجلسة الجماهيرية، حيث أمسك العديد من المعجبين بملصقات مارفل وارتدوا قمصان مارفل، لكن الجميع كانوا سعداء بالترحيب بممثلة امتدت مسيرته المهنية إلى أفلام متنوعة مثل "Se7en" و "The Royal Tenenbaums" و "Shakespeare in Love"، وجاء أكبر تصفيق عندما قالت إن هذه هي المرة الأولى لها في المملكة العربية السعودية.

وبدأت المحاضرة بدراسة استقصائية عن مهنة بالترو في التمثيل ومصدر إلهامها الأول وقالت: "والدتي ممثلة، وبدأت في الغالب من المسرح، وهكذا نشأت كفتاة صغيرة أشاهدها تتدرب على المسرحيات وتركض حول المسرح ".

وردا على سؤال حول التنقل في صناعة السينما كامرأة، أجابت بالترو بأن "الفنانات كان يسمح لهن دائما بحرية أكبر قليلا من المهن الأخرى"، مستشهدة بسارة برنهاردت وغريس كيلي وإليزابيث تايلور، "ولكن في الوقت نفسه كان هناك جانب من هوليوود كان أكثر قتامة وأكثر استغلالا للشابات، لحسن الحظ تمكنت من تجنب معظم ذلك". 

هذا على الرغم من مضايقاتها على يد هارفي وينشتاين، كما هو مفصل في كتاب جودي كانتور وميغان توهي "قالت"، وهو كتاب كانت بالترو أساسية فيه كمصدر وداعم للنساء الأخريات اللائي يدلين بشهادتهن بحسب فارياتي.

وروت في الجلسة بالترو درسا مبكرا جاء من أحد أفلامها الأقل شأنا "لقد قمت بعمل فيلم فظيع حقا مع جيسيكا لانج فيلم "Hush" لعام 1998، لكنني تعلمت الكثير من مشاهدتها، وكان لديها أسلوب وتقنية مثيرة للاهتمام طورتها على مدار كل هذه السنوات، وأفكر في هؤلاء الأشخاص الرائعين الذين عملت معهم ورأيت جميع الطرق المختلفة ثم صنعت تقنياتي الخاصة نوعا ما ".

وقالت جوينيث خلال حوارها مع جمانا الراشد، عن انتقالها من التمثيل إلى امتلاك جوب: "ريادة الأعمال والتمثيل متشابهان للغاية فكلاهما يتطلب نفس النوع من الطاقة انتهزت الفرصة، وكان الناس متفاجئين حقًا.. وأود أن أكشف لكم أحد أهم أسراري وهو أني لم أشاهد آخر فيلم لي ضمن سلسلة مارفل والذي يحمل اسم Avengers: Endgame، لشعوري بالاكتفاء من عالم التمثيل".

وتطرقت جوينيث بالترو، خلال الجلسة الحوارية، إلى مسيرتها الفنية الطويلة، الممتدة منذ التسعينيات تقريباً، مشيرةً إلى أن دورها في فيلم The Royal Tenenbaums الذي عُرض عام 2001، ما زال عالقاً في ذاكرة الجمهور، "أصدقاء ابنتي يشاهدونه ويحبونه بعد كل هذه السنوات".

وقدمت النجمة الامريكية تجارب سينمائية عدة، منها The Talented Mr. Ripley للمخرج أنثوني ميجيلا، و Seven للمخرج ديفيد فينشر، و Great Expectations للمخرج ألفونسو كوارون،و Sliding Doors.

 

####

 

”الى ابني“ تجربة جديدة لظافر العابدين في أبها

البلاد/ طارق البحار

في خطوة مهمة في مسيرته السينمائية عرض فيلم "إلى ابني" النجم التونسي ظافر العابدين لأول مرة في مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي في 3 ديسمبر، تدور أحداث هذا الفيلم المؤثر في مدينة أبها الجبلية الخصبة، وهناك يستكشف الرحلة العاطفية للأب الذي يسعى لإعادة التواصل مع ابنه.

قصة إعادة التواصل والإنسانية المشتركة محور فيلم "إلى ابني" لحياة رجل سعودي يعيش في لندن، ولا يزال حزينًا على وفاة زوجته، ويقرر العودة إلى وطنه مع ابنه بعد غياب دام 12 عامًا.

يعرض الفيلم النضالات والتجارب المشتركة التي تحدد هويتنا كبشر، بغض النظر عن أصولنا أو ظروفنا، كما يسلط الضوء على مدينة أبها، وهو موقع لم تستكشفه السينما العالمية إلى حد كبير، مما يضيف طبقة فريدة إلى السرد.

وفي التفاصيل يظهر النجم ظافر العابدين في فيلم ”إلى ابني“ بشخصية فيصل وهو مواطن بريطاني من أصل سعودي يعيش في لندن مع ابنه آدم البالغ من العمر 7 سنوات، وبعد 12 سنة تتعرض زوجته للقتل، ويقرر العودة لبيت العائلة وترك وظيفته وحياته في المملكة المتحدة واصطحاب ابنه إلى المملكة العربية السعودية، لتستقبله شقيقتاه نورا وشهد وأخوه الأصغر فارس بمنتهى الحب، لكنه يصطدم بوالده النجم ”إبراهيم الحساوي“ الذي لم يستطع مسامحته لتركه العائلة، ويشك والده في دوافع عودة فيصل إليهم ويطرده ليفاجىء أن ابنه مصاب بمرض مميت.

ظافر العابدين المشهور بأدائه الدقيق، يضيف عمقًا من العاطفة إلى دوره في فيلم "إلى ابني“، وتضيف مشاركته طبقة من الأصالة للفيلم، مما يعزز صداه لدى الجماهير بالرغم من الاراء السلبية هنا وهناك عن الفكرة، ويساهم بشكل أكبر في النسيج الغني لروايات الشرق الأوسط.

يعد مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي بمثابة منصة مهمة لصانعي الأفلام من المنطقة لعرض أعمالهم، ويؤكد إدراج فيلم “إلى ابني” في قائمة المهرجان على الحيوية المستمرة للسينما العربية على الساحة

فيلم ”إلى ابني“ من تأليف وإخراج وبطولة ظافر العابدين، ويشاركه البطولة الفنانين السعوديين إبراهيم الحساوي، سمر شيشة، إيدا القصي، خيرية نظمي، سارة اليافعي، بالإضافة إلى الممثل الأردني آدم أبوسخا، والممثلة البريطانية إميليا فوكس، واللبناني السعودي المولد آدم زهر.

ظافر تحدث إلى الحاضرين قبيل عرض فيلمه "إلى بني" حيث قال :"إحنا سعيدين جداً بوجودكم وإنكم معانا اليوم في العرض الاول العالمي لفيلم إلى إبني، فخورين جداً لحضورنا في جدة لأول عرض فيلم سعودي في السعودية ومتشوقين جداً لردة فعلكم، الفيلم سعودي والحكاية سعودية وبصراحة الفكرة كانت عندي من 4 سنوات".

وبحسب موقع المهرجان، في عام 2021 أخرج ظافر العابدين فيلمه الطويل الأول "غدوة" الذي شارك في كتابته وقام ببطولته وإنتاجه من خلال شركته Double A Productions، وتم عرضه لأول مرة في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي وفاز بجائزة FIPRESCI لأفضل فيلم، وإلى ابني هو فيلمه الطويل الثاني الذي شارك أيضًا في كتابته وإخراجه وإنتاجه وتمثيله كممثل.

تمتع ظافر بمسيرة مهنية ناجحة في الغرب والشرق الأوسط، فقد بدأ حياته المهنية في التمثيل في المملكة المتحدة وظهر في العديد من الإنتاجات السينمائية مثل Children of Men وSex and the City 2 وCenturion، ويمكن رؤيته على الشاشة الصغيرة في مسلسل Netflix الناطق بالفرنسية The Eddy، من إنتاج وإخراج المخرج الحائز على جائزة الأوسكار داميان شازيل.

وفي الوطن العربي، حصل ظافر على جائزة "أفضل ممثل" عن دوره في المسلسلين المصريين ليالي أوجيني وحلاوة الدنيا. أدى دوره الأخير في مسلسل عروس بيروت الذي حقق نجاحًا كبيرًا على قناة MBC، إلى حصوله على المزيد من الإشادة النقدية والعامة في جميع أنحاء العالم العربي عالم.

 

####

 

تفاصيل الجائزة الأولى لفيلم ما فوق الضريح في البحر الأحمر السينمائي

البلاد/ مسافات

حصل الفيلم الروائي ما فوق الضريح للمخرج كريم بن صالح على جائزة أفضل سيناريو في النسخة الثالثة من مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي، وتسلم كريم بن صالح الجائزة التي تحمل اسمه هو وجمال بلماحي الذي شاركه التأليف، من عضوتي لجنة التحكيم فريدا بينتو وأمينة خليل في حضور عدد كبير من النجوم العالميين من بينهم المخرج الشهير باز لورمان والممثلين جيسون ستاثام ونيكولاس كيدج وأدريان برودي وأندرو غارفيلد.

نال الفيلم إشادة نقدية كبيرة إذ كتب عنه رازميغ بيدريان في The National News "فيلم يغمره الدفء والرقة" كما وصفه بأنه "قصة مبهرة عن التوترات الثقافية في دار جنازة إسلامية فرنسية."

وكان الفيلم قد حصل على عرضه العالمي الأول في مهرجان سينيميد مونبلييه للفيلم المتوسطي، وتدور أحداثه حول سفيان، ابن لدبلوماسي جزائري سابق، يعيش حياته حتى تلك اللحظة خارج الأراضي الجزائرية، ويدرس في مدينة ليون الفرنسية. يقع ضحية لقرار إداري ويصبح مهددًا بالفصل. وعلى أمل أن يضيف شرعية قانونية إلى وضعه، يقرر سفيان العمل مؤقتًا تحت إمرة حانوتي مسلم. وبينما يتخبط بين هويته وشعوره بالذنب، يقوده حمل الموتى على أكتافه نحو طريق أكثر إشراقًا.

ما فوق الضريح من إخراج كريم بن صالح، ويشاركه التأليف جميل بلماهي، وإنتاج وليد بهاء (شركة Tact Production)، وتشارك في الإنتاج يوجيني ميشيل (شركة Les Films du Bilboquet)، وبطولة النجم الصاعد حمزة مزياني، عبد القادر عفاق، سعاد أرسان، مصطفى دياديام، تصوير بيير هوبرت مارتن، ومونتير بينيديكت كازاوران، وتتولى شركة The Party Film Sales مهام توزيع الفيلم في جميع أنحاء العالم، بينما توزعه شركة MAD Solutions في العالم العربي.

كريم بن صالح وُلد في الجزائر لأب جزائري وأم برازيلية. قضى وقتًا من حياته في هايتي والسنغال، ثم انتقل لباريس عندما أصبح في الثامنة عشر لدراسة الأدب والفلسفة والعلوم الاجتماعية، وبعد ذلك التحق بمدرسة لندن للسينما حيث أخرج فيلم Constant Flow. اختير فيلمه القصير Le Secret De Fatima للمشاركة في العديد من المهرجانات منها كليرمون فيران، وحصل على عدة جوائز وعرض على قناة Arte.
أخرج بن صالح (
Racine(s وهو فصل من الفيلم الروائي Paris La Métisse، انضم بعد ذلك إلى Collectif Tribudom وهي منظمة تعمل مع المراهقين في ضواحي باريس التي تعيش فيها الطبقة العاملة، وتعاون كريم مع هذه المنظمة في صناعة الكثير من الأفلام القصيرة، كان أحدثها (Chantier(s.
وعمل بعد ذلك على الفيلم القصير
Les Heures Blanches
الذي تعاون فيه مع السيناريست الكندي سيباستيان باريل. ويعكف كريم الآن على تطوير فيلمين روائيين، اختير أحدهما في مختبر صندانس للكتاب والمخرجين. وإلى جانب كونه سيناريست ومستشار في عدة مشاريع أخرى، يسعى إلى المضي في مسيرته في التمثيل، ويمتلك أيضًا خبرة تمتد لأكثر من عشر سنوات في تدريس السينما في فرنسا والبرازيل.

 

####

 

رؤية طموحة ومساهمة فعّالة في تطوير صناعة الأفلام

مشاركة الصندوق الثقافي في البحر الأحمر السينمائي

البلاد/ مسافات

اختتم الصندوق الثقافي مشاركته كراعٍ رسمي للدورة الثالثة من مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي في جدة , من الفترة 30 نوفمبر وحتى 9 ديسمبر،مؤكداً التزامه بدعم تطوير صناعة الأفلام في المملكة سعياً في جعلها مركزًا رئيسيًا لصناعة الأفلام في المنطقة، وتعد هذه المشاركة جزءًا من استراتيجية الصندوق لبناء شراكات مع المؤسسات غير الربحية تعزز التنمية المستدامة لقطاع الأفلام السعودي.

 وشهد جناح الصندوق في المهرجان اقبالاً لافتاً من الزوار والمهتمين والفنانين وصناع الأفلام المحليين والدوليين، إذ أظهروا اهتمامهم بالمبادرات التي يقدمها الصندوق للقطاع، إذ أضفت تلك اللقاءات أجواء من التواصل الثقافي الثريّ، مما يعكس التأثير الإيجابي للصندوق في تمكين القطاع، والمساهمة في تنميته.

 وعلى هامش مهرجان البحر الأحمر أقام الصندوق الثقافي في "معرض وصل للفنون" في الثالث من ديسمبر الجاري "غداء تمويل الأفلام"، حيث جسّد الغداء رؤية الصندوق في تمكين العاملين في قطاع الأفلام، من خلال فتح قنوات التواصل المباشر معهم في بيئة صممها الصندوق خصيصًا لهم، جمعت الشركات المحلية والعالمية لعقد جلسات استشارية تساهم في تذليل العقبات وتحفيز الاستفادة من برنامج تمويل قطاع الأفلام.

 وفي إطار مشاركة الصندوق المميزة في مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي، شارك الرئيس التنفيذي للاستثمار والائتمان في الصندوق الثقافي عبد الله الخالدي، ضمن جلسة حوارية بعنوان "فرص الإنتاج المشترك مع العالم العربي" أكد خلالها على الدور المهم الذي تقوم به الحكومات في تيسير الطريق للاستثمار في القطاع، وتطرق إلى الجهود التي يقوم بها الصندوق في تقديم حلول تمويلية تكاملية لدعم جميع أنشطة سلسة القيمة في القطاع، مع التركيز على تقليل مخاطر الاستثمار وتحفيز دخول الشركات المحلية والأجنبية في القطاع.

 وختم الصندوق مشاركته في المهرجان من خلال الاحتفاء بنجاح أول عرض دولي لفيلم "أحلام العصر" من إنتاج الأخوين قدس "صهيب قدس وفارس قدس"، وحقق عرض الفيلم نجاحًا لافتًا حيث تم بيع جميع تذاكر عرض الفيلم خلال خمسة أيام من المهرجان، ولاقى الفيلم إشادة واسعة من الجمهور والنقاد بعد عرضه.

 ويعد فيلم "أحلام العصر" أحد الأفلام الحاصلة على تمويل من الصندوق الثقافي عبر برنامج تحفيز المشاريع الثقافية، الذي أطلقه الصندوق الثقافي بالشراكة مع برنامج جودة الحياة منذ عامين بميزانية بلغت 181 مليون ريال بهدف توفير حوافز مالية غير مستردة لمشاريع القطاعات الثقافية، بما فيها قطاع الأفلام، مما يسهم في تنمية القطاع الثقافي وتلبية احتياجاته.

 

البلاد البحرينية في

10.12.2023

 
 
 
 
 

فيلم «ناقة» رب ضارة نافعة

رشا كمال

منذ صدور الفيلم السعودي «ناقة» منذ يومين على منصة نتفليكس وتضاربت حوله الآراء؛ لذا قررت مشاهدة الفيلم دون قراءة أي منها، وفي جعبتي أنه من إنتاج شركة تلفاز 11 التي تميزت بتنوع إنتاجها الفني لأنماط فيلمية مختلفة، وأن الفيلم هو التجربة الروائية الطويلة الأولى للمخرج مشعل الجاسر.

تدور حكاية الفيلم حول سارة «أضواء بدر»، فتاة شابة تخرج خلسة برفقة صديقها لحفل في مخيم صديقه أبي فهد في الصحراء، وفي الطريق تنقلب الأمور رأسًا على عقب، وتتأزم رحلة عودتها خوفًا من أن يكتشف والدها الأمر.

افتتاحية الفيلم من نوعية Hard Opening التي تعلو فيها وتيرة الترقب والتشويق، من استخدام حركات كاميرا ملفتة، وموسيقى تشويقية، ارتفعت حدتها بذروة عنيفة، ويظل هذا المشهد محل تساؤل عن موقعه في الحدث حتى تقريباً منتصف الأحداث.

بالنسبة إلى القصة التي كتبها المخرج مشعل الجاسر قد أغفلت تأسيس الأحداث، مثل تأسيس العلاقة بين البنت وأبيها وجذور الخوف، وكذلك المفاضلة بين الابن والابنة في العائلة، واعتمد على ما هو مسلم به في العلاقات الأسرية داخل المجتمعات الأبوية. فضلًا عن ظهور شخصيات جديدة تدخل الحدث، وتخرج منه، وتعلق على وجود شخصيات أخرى بلا تأسيس طوال الأحداث.

كانت رحلة سارة كابوسية، ساهم في تعقيدها تناولها للمخدر في بدايتها مثل شخصية بيل هارفورد في فيلم ستانلي كوبريك، عيون متسعة على انغلاقها، تصطبغ الرحلة الكابوسية بصبغة الذاتية نصل معها إلى لحظات مشوشة، لسنا واثقين من هل ما تمر به الشخصية واقع أم تخيلات، وعزز هذا الارتباك أسلوب السرد الذي بدأ بحادثة الافتتاحية في حقبة السبعينيات، تأسيسًا للفكر الرجعي في المجتمع الأبوي، ثم انتقل للحاضر لاستعراض الخوف المتجذر في نفس الأنثى، ليستعرض نقطة سندرك فيما بعد أنها كانت لقطة استباقية للأحداث flash forward، ليبدأ من بعدها رحلة سارة النفسية والجسدية في تجربتها لهذه الليلة.

والفيلم – كما ذكرنا – هو التجربة الروائية الطويلة الأولى لمخرجه الذي لم يبخل علينا بإغراقه في الأسلوبية. فإذا جاز لنا التعبير بأن العمل السينمائي له كفتان، الأسلوب مقابل المضمون Form vs content، فلا شك أن القرارات الإبداعية المتكلفة للمخرج قد رجحت كفة الأسلوب. من استخدام حركات كاميرا كثيرة، وزوايا تصوير ملفتة، فضلًا عن الموسيقى الصارخة التي كانت تصدح عالية طوال الأحداث، وغابت عنها هوية البلد الذي خرج من رحمه الفيلم.

لكن كل ما سبق لا يعني أن نكيل الانتقادات للمخرج، التكلف في القرارات الإبداعية أمر وارد حدوثه في العمل الأول رغبة في استعراض القدرات الإبداعية، وانطلاقة لأعمال لاحقة.

لذا، من الجدير أن نقف عند القرارات الإبداعية التي تبشر بما يملكه المخرج، مثل اختيار التقيد بمدة زمنية تتصارع معها البطلة وتزيد من حدة صراعها كلما أوشك الموعد مع أبيها على الاقتراب، وأداء الممثلة السعودية أضواء بدر التي كان أداؤها يحبس الأنفاس وهي تلهث خائفة، ولحظات غضبها وصراخها نفخت الحياة في شخصية سارة وأصبحت لحمًا ودمًا. وتصميم الإنتاج في مشهد خيمة أبي فهد بحوائط من المخمل الأحمر القاني يذكرنا بالغرفة الحمراء الكابوسية في مسلسل “توين بيكس” للمخرج ديفيد لينش.

أما المونتاج، فكان يلهث بقطعاته السريعة في مشاهد المطاردات، وكذلك قطعاته المفاجئة، والمؤثرات الخاصة التي عكست الحالة الذهنية التي تمر بها البطلة. والفيلم به مشهد حصار الناقة ومطاردتها للبطلة كان من أتقن المشاهد على مستوى الكتابة والتمثيل والتصوير وإيقاع الانتقالات المونتاجية. وضعنا فيه المخرج في نفس مأزق البطلة بوضع الكاميرا في نفس مستواها في الإطار، مع الحركة السريعة عند محاولاتها للفرار، وتوج المشهد بأداء أضواء بدر بأطياف من المشاعر والانفعالات المتضاربة من الخوف، واليأس، ثم الرغبة في النجاة، والحزن؛ كل هذا إلى جانب المجهود الجسدي المصاحب للمشهد. فكان المشهد ذروة رحلة الخوف التي تخوضها سارة لتولد من جديد.

بالنهاية جملة «رب ضارة نافعة» التي كانت بمثابة الحكمة من وراء الليلة الكابوسية التي تكبدتها البطلة في مواجهة ليل الخوف، هي أيضًا ربما مناسبة لموقف مخرجه، ولوصف الفيلم كونه عملًا أول انقسمت حوله الآراء، ويحوي نقاطًا إبداعية جيدة وأخرى حادت عن المسار.

 

موقع "سوليوود" السعودي في

10.12.2023

 
 
 
 
 

مخرج "هجان" لـ"الشرق":

تطور السينما السعودية ينعكس على المنطقة العربية كلها

جدة-محمد عبد الجليل

أشاد المخرج أبو بكر شوقي، بالتطور الهائل الذي يشهده قطاع السينما، بالمملكة العربية السعودية، في السنوات الأخيرة، قائلاً إنّ: "هناك تطور ملموس وسريعاً، في ظل وجود كفاءات هناك، لديها القدرة على تقديم أفلام متميزة ومتنوعة".

ورأى شوقي أن "التطور الذي يشهده القطاع هناك، سيعود بالأثر الإيجابي على المنطقة كلها، وسوف يُسهم في تقديم المزيد من صُنّاع الأفلام للجمهور بالوطن العربي".

وجاء ذلك، بعد مشاركته في الدورة الثالثة من مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي، بمدينة جدة السعودية، من خلال فيلم "هجان"، في عرضه الأول على مستوى الشرق الأوسط.

وقال شوقي، لـ"الشرق"، إنّ: "رد فعل حضور المهرجان للفيلم، فاق التوقعات، وفوجئنا بحفاوة استقبال كبيرة، وكان هناك تفاعل جماهيري مع الفيلم أثناء عرض بعض المشاهد، التي قاطعها الحضور بالتصفيق".

"البحث عن مخرج"

وتحدث أبو بكر شوقي، عن كواليس التحضير لفيلم "هجان"، موضحاً أنه تلقى عرضاً لتولي إخراج المشروع، من قبل المنتج محمد حفظي، ومركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي "إثراء"، إذ كان لديهما مشروع سينمائي يتناول "سباق الهجن" ويبحثان عن مخرج، ليستقر عليه الفيلم في النهاية.

وقال إنه تحمس لتنفيذ فيلم "هجان" بسبب طبيعة موضوعه، الذي يُعد جديداً على السينما إلى حدٍّ ما، وهناك قطاع كبير من الجمهور، لا يعلم شيئاً عنه، متابعاً "انجذبت للعمل، وحرصت على استغلال الفرصة، وأن ننفذ فيلماً عن سباق الهجن في حياة صحراوية بدوية كبيرة". 

ولفت إلى اطلاعه على عالم الهجن، خلال فترة التحضير للفيلم، ورغب في تقديم نسخة مختلفة لهذا العالم، بعيداً عن الشكل المعاصر، ويكون أقرب إلى الحالة التراثية القديمة.

صعوبات

وأشار إلى أن فترة التحضير لـ"هجان" استغرقت نحو شهرين، وكان هناك فريق عمل على قدر عالٍ من الكفاءة والخبرة، من مصر، والسعودية والأردن، موضحاً أن التصوير كان في أكثر من موقع، مثل نيوم وتبوك بالمملكة، وقرية وادي رم في الأردن.

واستعرض حجم الصعوبات الذي واجهها خلال تصوير الفيلم، لعل أبرزها التصوير في الصحراء لساعات طويلة، وفي ظروف جوية صعبة، كما يرى أن "تصوير سباق الهجن بشكلٍ عام ليس سهلاً إطلاقاً".

وأكد أنه تجاوز كل هذه الصعوبات والتحديات، بفضل جهود ورؤى فريق العمل، متابعاً "كان معنا أفراد قوية تعمل في ذلك المجال".

وحول اختيار الممثلين وتسكين الأدوار، قال إن ذلك جاء بالتعاون مع إحدى الوكالات الأردنية، التي لها باع في سوق السينما بالسعودية والممثلين هناك، متابعاً "قدموا ترشيحات كثيرة للممثلين، سواء كانوا محترفين أو مبتدئين أو حتى وجوه صاعدة، وعملية الاختيار لم تكن صعبة إطلاقاً".

وأكد أنه لم يواجه أزمات فيما يتعلق باللهجة داخل العمل، خاصة في ظل وجود مصحح لهجات داخل البلاتوه، فضلاً عن جهود الكاتب السعودي مفرج المجفل، ودوره في تعديل السيناريو الذي كتبه السيناريست المصري عمر شامة، للغة السعودية.

وتطرق إلى مشهد الفتاة على الجبل، ورؤية بعض من الجمهور بأنه يحمل الكثير من المعاني والرسائل التي تتسق مع رؤية المملكة وخطوات تمكين المرأة، قائلاً: "نحن نعيش في زمن جديد، متغير بسرعة جداً، وأعتقد أنه يجب علينا إبراز حجم التغير الذي حدث من خلال أفلامنا".

"هجان" تدور أحداثه في إطار درامي حول رحلة عبر الصحراء، بين صبي والجمل خاصته، وعُرض لأول مرة بفعاليات مهرجان تورنتو السينمائي الدولي.

ويشارك في بطولة الفيلم، كلّ من عبد المحسن النمر، وإبراهيم الحساوي، والشيماء طيب، وعزام النمر، سيناريو الكاتب السعودي مفرج المجفل، وشاركه الكتابة السيناريست المصري عمر شامة، إلى جانب المخرج أبو بكر شوقي.

 

الشرق نيوز السعودية في

10.12.2023

 
 
 
 
 

أفلام سعودية في مهرجان البحر الأحمر السينمائي

شخصيات هامشية وأمكنة منسية وجرأة في الأساليب

 سينما / جدة "الفيصل"

حضرت السينما السعودية في النسخة الثالثة لمهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي بكثافة لم تشهدها الدورتان السابقتان. أكثر من 20 فِلمًا سعوديًّا روائيًّا طويلًا وقصيرًا، أتيحت في قاعات العرض. كما التقى الممثلون فيها الجمهور وزوار المهرجان، ونشأ نقاش حول هذه الأفلام وما يتوقعه الممثلون من ردود أفعال. في هذه الأفلام، بتنوعها، يتأكد أن لدى السعوديين قصصهم التي يحرصون على تقديمها للجمهور السعودي وللعالم. وكان من الطبيعي أن يعثر زوار المهرجان على قصصهم الخاصة في المهرجان، الذي حمل شعار «قصتك في مهرجانك». في المهرجان ظهر الجمهور السعودي داعمًا قويًّا لصناع السينما السعوديين، فمعظم الأفلام السعودية التي عرضت بيعت تذاكرها كاملة مبكرًا، وكانت قاعات العرض، سواء في الريتز كارلتون أو في فوكس سينما في الريد سي مول، ممتلئة بالكامل. وبدا واضحًا تفاعل الجمهور مع ما يشاهده من أفلام، وكان يحيي طاقم الفِلم، قبل العرض وبعده، بحرارة شديدة، وبهتاف منقطع النظير. هذا الهتاف الذي يجسد محبة الجمهور لنجومه المفضلين، الذين طالما تابعهم، منذ أن كانوا صناع أفلام قصيرة تعرض في اليوتيوب.

مخرجون سعوديون شباب، كتبوا وأنجزوا أفلامًا روائية طويلة، هي الأولى لمعظمهم. غالبية هذه الأفلام، مكنت المتفرج من بلورة فكرة، مفادها أنه إزاء تنوع في الأساليب والأنماط السينمائية، قد لا تكون هذه الأساليب واضحة، لكنها تعطي الانطباع عن تعدد في زوايا التعاطي السينمائي مع الواقع الاجتماعي. أفلام سعودية كانت لها حصص متفاوتة، من النضج والمستويات الفنية العميقة. أفلام عالجت موضوعاتها بكثير من الجرأة، وبغير قليل من الاحترافية. فالكاميرا التي تبدو جامحة ومضطربة في فِلم «ناقة»، مثلًا، ما هي إلا انعكاس للحالات الشعورية لدى أبطال الفِلم، الذين ليسوا سوى شباب مغامر لا يحسب حسابًا للعواقب، خصوصًا مع تعاطي المخدر. هذه الكاميرا في «ناقة»، غيرها الكاميرا التي أفردت مساحة كبيرة لليل مدينة الرياض، في فِلم «مندوب الليل» كاميرا مستقرة، مهيبة، لكنها تذهب في كشف التناقضات والمفارقات التي تحفل بها هذه المدينة المترامية. «ناقة» و«مندوب الليل» قدما مدينة الرياض من زوايا مختلفة، وبأبعاد فنية متعددة، وأظهرا مجتمع المدينة في حال من التنوع والتناقض والطبقية. قدما المدينة من الداخل ومن الخارج أيضًا، هدوئها وصخبها، المواطن فيها والمقيم العربي، الشباب وكبار السن، النساء والرجال على حد السواء.

في الأفلام الروائية الطويلة زاحمت الممثلة السعودية الممثل السعودي، وانتزعت منه البطولة في بعضها. لم تكن مشاركة الممثلة السعودية باهتة وهامشية، إنما كانت عنصرًا أساسيًّا وحيويًّا في الفِلم، وعاملًا مهمًّا جدًّا في نجاحه.

الحضور للممثلة السعودية، جاء ليعكس بدوره اهتمام السينما السعودية بالمرأة، خصوصًا الفتيات، وقضاياها. في الأفلام الروائية الطويلة، واجه المتفرج المرأة التي تسعى إلى التمرد على مواضعات المجتمع وقيوده. واجه أيضًا المرأة التي تنشد تحقيق ذاتها، والاستغناء من خلال إمكاناتها وحدها. كما كانت هناك الفتاة المغامرة، التي تخوض تجارب جديدة وخطرة. والمرأة الصلبة والصامدة أمام طغيان الرجل وصلافته.

أضواء بدر، ماريا بحراوي، شيماء الطيب، عائشة كاي، سارة طيبة، هاجر الشمري، تولين بربود وغيرهن، ممثلات واعدات أَدَّيْنَ أدوارهن بشغف، وكشفن عن طموح لا يعرف الحدود.

«ناقة»: مخرج بمخيلة جامحة

كشف فِلم «ناقة»، كتابة وإخراج مشعل الجاسر وبطولة أضواء بدر ويزيد المجيول وجبران الجبران وأمل الحربي، عن مخرج بمخيلة جامحة، يزاوج بين المعطى الواقعي وذلك الذي لا يحتكم إلى منطق. طبعًا لفِلم «ناقة» منطقه الخاص، وواقعه الذي يتحول إلى رعب فانتازي، جاعلًا المتفرج يعيش في جو من الإثارة حتى آخر لحظة. يبدأ الفِلم بمشهد عنيف، مليء بالدماء، ترافقه موسيقا صاخبة جدًّا وكاميرا لا تستقر، تصور موضوعها من أعلى. مشهد يقتحم فيه الأب عيادة للولادة ويقتل الطبيب والزوجة، التي سمحت لرجل بالكشف عليها. غير أن هذه ليست البداية في الفِلم، إنه مشهد تتم استعادته من الماضي. البداية الفعلية تنطلق من ترك الأب لابنته سارة (أضواء بدر) في السوق لشراء بعض اللوازم، ويحدد لها وقتًا لا يزيد دقيقة ولا ينقص دقيقة يعود فيه لاصطحابها. لكنها وفور أن تغادر سيارة الأب وتبدأ في الشراء، حتى تلتحق بصديقها سعد (يزيد المجيول) وتنطلق معه في رحلة مجنونة، خارج المدينة حيث نرى الطريق الأسفلتي المتعرج، تحفه الصحراء من الجانبين. في منتصف الطريق، وفي مكان تميزه جبال وتكوينات صخرية، يتوقفان لتعاطي المخدر. ثم يكشف الفِلم عن جملة من الأحداث المربكة، تتوالى في إيقاع مثير ومتوتر، جرى تصويرها بطريقة أقرب إلى الهلوسة والجنون. وفي الخضم من هذه الأحداث تحضر الناقة، مثيرة من الرعب ما يوازي الرعب الذي أشاعته ديناصورات سبيلبرغ في «الحديقة الجوراسية».

في الفِلم نتعرف إلى حياة أخرى، بعيدة من مألوف الحياة العادية، تدور في مخيم كبير، يضج بشباب وشابات. حياة مليئة بشتى الممارسات، تبدأ من رقص حماسي وعنيف ينتهي بإصابة بعض الراقصين بالإغماء، في مشهد تهيمن عليه عوالم الجن، إلى تعاطي الكحول والمخدرات. شباب وشابات يمارسون في الصحراء، ما لا يستطيعون فعله داخل جدران المدينة. وتحت ضغط الوقت الذي حدده والدها الصارم، تحاول الفتاة الاتصال بصديقتها، إلا أنها تكتشف أن هاتفها يحتاج إلى شحن، لتبدأ رحلة لا تخلو من الفانتازيا بحثًا عن شاحن سامسونج. وفيما هي تنتظر شحن هاتفها في خيمة ضخمة جدًّا، مجهزة بكل ما يلزم من أثاث فاخر وتحف، تنصت لحوار يدور بين شخصين، تتعرف من خلاله، إلى شاعر للتو فاز بجائزة مرموقة (يؤدي دوره جبران الجبران) والشخص الآخر يلقنه قصيدة جديدة، وهو ما يعني أن هناك من يكتب القصائد لهذا الشاعر المشهور. يكتشف الشاعر وجودها، ويحاول النيل منها، لكن مداهمة الشرطة للمخيم تدفعه إلى مغادرة الخيمة سريعًا. قبل هذا المشهد، يحدث أن تدخل الفتاة مكانًا مظلمًا، لا يرى المشاهد ما يحدث، ويسمع صوت صديقها وهو يدافع عن نفسه، لكنها تخرج منفعلة ومصدومة، وهي تتوعده. تنشر الشرطة الفوضى في المكان، وينجح صديقها في جعلها تركب معه، وفي الطريق يصطدمان بالشرطة، التي تقبض على صديقها، وتهرب هي وحيدة في السيارة، لكنها تتوه في الصحراء، وتقع ضحية للرعب، جراء الناقة الحانقة لمقتل ابنها، الذي تسبب به صديقها في أثناء رحلة الذهاب. في النهاية تعثر الفتاة على أكثر من وسيلة شاقة، تمكنها من الوصول إلى السوق، لتكتشف أن حريقًا هائلًا شب في أحد المحال الكبيرة، وهو الأمر الذي خلف ضحايا. وستلمح والدها في حالة من الذهول وهو يفتش عنها، ربما ظنًّا منه أنها كانت إحدى ضحايا الحريق.

الموسيقا الصاخبة والتصوير بكاميرا مضطربة في معظم الفِلم، تعكس مستوى الفوضى والارتباك والتشويش لدى الشخصيات، إما جراء تعاطي المخدر أو تسارع الأحداث وفق وتيرة غرائبية. كل ذلك بدا محسوبًا ومخططًا له، ولا يخرج عن رؤية الفِلم لموضوعه. كان لافتًا الجهد الذي بذلته بطلة الفِلم، الممثلة الشابة أضواء بدر. جاء أداؤها حيويًّا ومقنعًا وبعيدًا من الافتعال. الحال نفسها مع الممثل يزيد المجيول، بلهجته البسيطة وطريقته الأقرب إلى العفوية في التمثيل. يرسم مشعل الجاسر، في أول أفلامه الروائية، ملامح اتجاه سينمائي، يقوم على الإثارة والتوتر وانقطاع الأنفاس. بجرأته الأسلوبية والموضوعية، سيعطي هذا الاتجاه الذي يتبناه الجاسر تنوعًا للسينما السعودية، ويفتحها على أجواء جديدة، مليئة بالرعب والإثارة.

«مندوب الليل» عالم ليلي متعدد الطبقات

لئن كان فِلم «ناقة» سيحوز على إقبال شريحة واسعة من الشباب، نظرًا إلى طبيعته الجامحة التي لا تعترف بمنطق سوى منطقها الخاص، فإن فِلم «مندوب الليل»، كتابة وإخراج علي الكلثمي وبطولة محمد الدوخي ومحمد الطويان ومحمد القرعاوي وسارة طيبة وهاجر الشمري وفهد بن سالم، فيما يبدو أنه يخاطب أكثر من شريحة. الكاميرا التي تتجول برصانة في ليل الرياض، تقتنص بهدوء مشاهدها ولقطاتها من زوايا مختلفة. تعد من أول وهلة بعوالم وطبقات وفئات بعضها مترف، وبعضها الآخر هامشي ومطحون. يبدأ الفِلم موضوعه من لحظة طرد فهد (محمد الدوخي) من الشركة التي يعمل فيها، لسبب لا يبدو وجيهًا للغاية، إلا أن هذا السبب كان ذريعة الفِلم، لدفع فهد إلى حياة الليل وتناقضاته، من خلال العمل في توصيل الطلبات.

شخصية فهد بدت أنها الرهان الأساسي للمخرج الكلثمي، لكشف تناقضات المجتمع في مدينة مثل الرياض. يعيش فهد في أسرة مكونة من أخته المطلقة (هاجر الشمري) وطفلتها، الأخت التي تحاول الاعتماد على نفسها، بوصفها من الأسر المنتجة التي تُعِدّ نوعًا من المأكولات، ومن طريقه تتحصل على الدعم لتدشين مشروعها الصغير، والأب المريض (محمد الطويان) الذي يلجأ إلى أحد الشخصيات الثرية للمساعدة في علاجه. أسرة بسيطة ليست معدمة لكنها فقيرة، وفقرها هذا لا يبدو ضاغطًا عليها، ولا يدخل الفِلم في جو كئيب وسوداوي، بل إننا نرى فهدًا يضفي شيئًا من المرح والفكاهة، في الأوقات التي يكون فيها مع والده، أو حين يلتقي ابن عمه (فهد بن سالم)، وأيضًا في أثناء المكالمات التي جمعته بزميلته السابقة (سارة طيبة).

حتى حين يصطدم فهد، في أثناء مزاولته عمله الليلي، بالفارق الشاسع، عندما يوصل طلبًا لأحد العملاء؛ إذ يتفاجأ بمستوى من البذخ والفارق الطبقي يجعله في حال من الانشداه، إلا أنه بدلًا من التذمر من واقعه، فإنه يلتمس صورة مع أحد المشاهير، ممن كانوا ضمن ضيوف صاحب الشقة. بدت شخصية فهد غير قابلة للكسر، متصالحة مع نفسها بطريقة غريبة. في الواقع، لا ندري ما إن كان فهد متصالحًا مع نفسه، أو أنه ينتمي إلى تلك الفئة التي استسلمت للواقع، يأسًا أو قناعة، فلا تعود تتطلع إلى بعيد. يكشف الكلثمي، من خلال هذه الشخصية، عورات المجتمع، لكن بلا أيديولوجيا تقوم على الصراخ أو التقريرية.

في لحظة من الفِلم، يتصادف أن يعرف فهد، نوعًا آخر من المناديب، يوصل طلبات في مقابل أجر كبير، بالنظر إلى ما يأخذه هو. ليست هذه الطلبات سوى الخمور. ومع أن شخصيته تبدو أبعد من أن تورط نفسها في مهام من هذا النوع، إلا أن فهدًا يرضخ تحت ضغط الحاجة إلى المال، لوجود من يطالبه بأموال مدين بها له. يتعقب فهد المندوب المتخصص في توصيل طلبات الكحول، ويعرف من أين يجلب لزبائنه ما يرغبون فيه من خمور. يحدث ذلك مرتين وثلاثًا حتى يقرر فجأة اقتحام مصنع الخمور، ونهب عدد من الصناديق والهرب بها بسيارته. وفي أثناء هروبه يصدم شخصًا، فيتمكن حارس المصنع من تصويره. وبطريقة ما ستكشف العصابة، التي تدير المصنع، هويته، وتبدأ بملاحقته. بين اكتشاف هويته للعصابة، وبين قرارهم اختطافه بعيدًا، سيمر وقت ليس قليلًا، ما يدفع المشاهد إلى التساؤل عن كل هذا التأخير. فالعصابة تقرر اختطافه قبل نهاية الفِلم بوقت قصير. وخلال عملية الاختطاف ورفضه الخضوع لهم، يحدث أن يتعرضوا لحادث مروع، تتدحرج معه السيارة إلى أسفل الطريق. لكنّ فهدًا ينجو بأعجوبة. وينتهي الفِلم به وهو داخل حافلة، تقل عددًا من المناديب، لقطة طويلة ومؤثرة لأشخاص عاثري الحظ، يبدون منهكين بعد ساعات طويلة من العمل الليلي الشاق.

نقع في بعض مشاهد الفِلم، على الغربة التي يشعر بها فهد، مثلًا، حين أصر على دعوة زميلته السابقة للعشاء، ممنيًا نفسه بلقاء رومانسي، إلا أنه تفاجأه بمجيئها برفقة بعض زملاء العمل، الذين سرعان ما سينخرطون في أحاديث ليست في متناوله، أحاديث تطغى عليها اللغة الإنجليزية. لم يشعر المشاهد بأن فهدًا، بإمكاناته البسيطة، في مأزق حقيقي، من أين سيدفع فاتورة عشاء مكلف في مطعم يبدو عليه أنه فاخر جدًّا. كل ما هنالك أن فهدًا محبط من زميلته التي لم تأتِه وحيدة، كما كان يرغب. ليست شخصية فهد ناقمة، ولا حانقة على الواقع. في المقابل لا يبدو أنها شخصية سلبية، غير قادرة على تغيير واقعها. لكن يمكن القول: إن الكلثمي أحرز نجاحًا كبيرًا بالتقاطه هذه الشخصية، التي تعبر عن فردية مميزة، على طريقتها، فردية تستطيع بتلقائية دفع المتفرج لتحديد الموقف منها، وكيف يراها.

ينحاز الكلثمي إلى شخصية هامشية في المجتمع. شخصية رافقها في ليل الرياض، فأخذته إلى أنماط من البشر وطبقات لا تحسب كثيرًا للمال، طبقة منفتحة على الاختلاط، ذكور وإناث بعضهم مع بعض. نرى الرياض، من خلال شوارعها الفسيحة وأنوارها الساطعة، وأحيائها الفاخرة، وشققها ذات الطابقين. ثم نراها أيضًا في الحارات البعيدة بأزقتها الضيقة، المكتظة بالسيارات، وبأضوائها الشاحبة. «مندوب الليل» فِلم هادئ، مرح نوعًا ما، يعالج موضوعه بمستوى عالٍ من النضج الفني.

أنجز على الكلثمي فِلمًا متماسكًا وجريئًا، من حيث ذهابه إلى منطقة متوارية وغير معلنة، من حياة الليل في الرياض. بهذا الفِلم، وأفلام أخرى، تمضي السينما في السعودية إلى المستقبل، بخطوات طموحة وشغف كبير.

«نورة»: ضرورة الفن في قرية منسية

«نورة»، الفِلم الروائي الأول لتوفيق الزايدي، وهو أول فِلم يصور في العلا، ويفوز أيضًا بجائزة أفضل فِلم سعودي في مهرجان البحر الأحمر، الجائزة المقدمة من فِلم العلا، يصور هذا الفِلم قرية منسية، في منتصف التسعينيات الميلادية، قرية تتدبر شؤونها ببدائية شديدة؛ إذ تفتقد لكل الوسائل الحديثة، وأهلها لا يفكرون سوى في المطر وتكاثر الماشية. في هذا الفضاء المحدود والفقير تصدى الفِلم لمعالجة موضوعه، أو أحد وجوهه، وهو ضرورة الفن للمجتمع، وأهمية التعليم والمستقبل. نورة (ماريا بحراوي) فتاة تحلم بالتغيير عبر الانتقال إلى المدينة. وحدها من تقرأ المجلات الفنية وتحب الأغاني. إلى جانب نورة، يأتي المعلم (يعقوب الفرحان) الوافد الجديد على القرية، الذي إضافة إلى كونه معلمًا، فهو فنان لكنه تخلى عن الفن بسبب المتطرفين، ومحاربتهم لكل ما له صلة بالفنون. لا يعالج الفِلم موضوع التطرف في صورة مباشرة، إنما يكتفي بالإشارة إليه، أو إلى أحد ضحاياه، وهو المعلم، الفنان.

نورة يتيمة الأبوين تعيش هي وأخوها في منزل عائلة والدها، رافضة الزواج من أحد شباب القرية؛ بسبب أميته وبعده من الصورة التي ترسمها لزوج المستقبل. ومع مجيء معلم جديد في مدرسة القرية تشهد حياتها تغيرًا ملحوظًا، من خلال الحوارات القصيرة التي تديرها معه، حول المدينة وما تعج به من أشياء لا وجود لها في القرية. وتصرُّ نورة على أن يرسمها المعلم، بعد أن عرفت أنه يجيد الرسم، حتى تكون لها صورة مثل الفنانات اللاتي تطالع صورهن في المجلات. يتمنع المعلم عن تلبية طلبها، ثم ما لبث أن أذعن. وفي الدكان الوحيد في القرية، المكان الذي يبدو بعيدًا من الشبهات، حين تلتقي فتاة شابًّا، يرسم لها صورة تظهر عينيها فقط. في حواراته معها أو في أثناء الدروس التي يقدمها للتلاميذ، سيتطرق المعلم إلى أهمية القراءة والكتابة وإلى ضرورة الفنون، مع إشارات طفيفة إلى ما يحدث في تلك الحقبة الزمنية من تشدد في الموقف من الفنون ومن مشاهدة الأفلام. وبسبب هذه اللقاءات، وإثر شكوى من خطيب نورة الرافضة له، يرغم شيخ القرية (عبدالله السدحان) المعلم على الرحيل. إلا أن نورة تصرّ على مرافقته إلى المدينة. وفي منتصف الطريق يعترض خطيبها سيارة المعلم، ويهدده بالقتل إذا لم يُخْلِ سبيلها.

يسرد الفِلم موضوعه بإيقاع متسارع نوعًا ما، ليزج بالمتفرج في أحداث متلاحقة، كلها لا تستطيع تغيير رتابة الحياة في القرية. بدت قصة الفِلم بسيطة، خالية من التعقيد وبلا ذُرى درامية، تجعل من الفِلم مشوقًا ومثيرًا، باستثناء الجزء الأخير منه. يبدأ الفِلم بمحاولة اثنين من شباب القرية اصطياد ضب، وينتهي الأمر وهما يطهوان طعامهما في البرية. وبين اللقطتين تمضي الحياة بصورة رتيبة. فلا المعلم ينجح في تعميق الموقف من التعليم، وأهميته بالنسبة لمستقبل التلاميذ، الذين يضطر بعضهم لترك الدروس، لمساعدة ذويهم في أشغال الزراعة. ومن ناحية، تخفق مساعي نورة في التغيير والخروج من القرية. بيد أن المتفرج سيراها عند نهاية الفِلم، وقد تخلصت من غطاء الوجه تمامًا، ومن جو القرية، وبدت جميلة وناضجة وهي تشاهد لوحة كبيرة بها صورة رائعة لوجهها كاملًا، ضمن رسومات أخرى يضمها معرض فني. الفِلم لا يوضح كيف استطاعت نورة الانتقال إلى المدينة، ولا كيف تحولت إلى فتاة مدينية. لعل المخرج شاء أن يوحي لنا بأن التغيير حتمي، وألا شيء يمكن أن يعوق تقدمه، على الرغم من أن الفِلم ينتهي أيضًا بلقطات صامتة، تعمق من الحياة البسيطة والمملة في القرية.

لم يَخْلُ الفِلم من هفوات فنية، ومنها اللقطة التي يظهر فيها المعلم، قبل أن نعرف أنه كذلك، وهو يتفحص خريطة فوق سيارة أميركية، تقف بجوار طريق صحراوي. لم يعتد المتفرج منظر مثل هذا، سوى في الأفلام الأجنبية. ولعل المخرج قصد من هذا المشهد، الإيحاء بأن القرية نائية ومنسية، إلى حد يتعذر الاستدلال عليها إلا بواسطة خريطة.

لقطة أخرى، تظهر المعلم وهو يحمل سبورة، داخلًا بها المدرسة، علمًا بأن المدرسة كان بها مقاعد وطاولات، وكان لها معلم سابق، فكيف ستخلو من لوح للكتابة؟ كما لم يكن مفهومًا عدم السماح لجد الفتاة، نورة، بأن يرى حفيدته. في نهاية الفِلم يقول المعلم لنورة، إنه جاء للقرية بطلب من جدها، الذي لم يحدث أن أبصرها، كي يرسم لها صورة. ولا ندري لماذا سرد الفِلم، في الجزء الأخير ودفعة واحدة، على لسان العمة (عائشة كاي)، كيف تزوج والدا نورة وكيف كانت نهايتهما في حادثة مأساوية. مثل هذه الأمور جعلت من قصة الفِلم، في جزء كبير منها، غير مقنعة نوعًا ما. كانت تحتاج إلى مزيد من الاشتغال، من المخرج الذي تولى أيضًا مهمة الكتابة. بالصورة التي ظهر عليها الفِلم، بدت القصة كأنما أخضعت للتغيير والتطوير على مراحل متباعدة.

غير أن المخرج نجح في اقتناص تعبيرات فريدة على وجوه التلاميذ، في مواجهتهم اليومية مع الدروس الجديدة، خصوصًا حين الكلام عن الفن والقراءة، كما كشف عن مناطق غنية في الحوارات القصيرة بين نورة والمعلم، وبين المعلم والبقال الهندي. أضفى كل ذلك طابعًا من الحيوية والفكاهة والعمق للفِلم، الذي يكشف الزايدي من خلاله عن وعود كبيرة، كيف لا؟ وهو الفائز الوحيد من بين أبرز المخرجين السينمائيين الشباب.

«هجان»: علاقة الإنسان بالحيوان

لئن كان فِلم «مندوب الليل» ذهب إلى شخصيات هامشية، ليضيء عوالم الليل في مدينة الرياض ويفضح تناقضات المجتمع، فإن فِلم «هجان» (كتابة مفرج المجفل وعمر شامة، وإخراج أبو بكر شوقي، وإنتاج مركز «إثراء») قام، بصورة أو أخرى، على شخصيات ليست هامشية فقط، إنما أيضًا منسية. شخصيات «هجان» هم أولئك الذين يعتلون ظهور الإبل في السباقات الحاسمة وغير الحاسمة، من هجانة صغار السن، لكنهم يجلبون «الناموس» لطبقة الملاك، الذين لا يكترثون سوى لتخليد أسمائهم في لوحة الشرف. تغذت قصة الفِلم، على ما تعج به السباقات المصيرية من تنافس شريف وغير شريف، ومن بحث عن المجد. وإضافة إلى ذلك، على تلك العلاقة الحميمة والدافئة التي تجمع الهجان بناقته أو بعيره، وهي علاقة قوامها معايشة طويلة لمزاج الحيوان وطبيعته. في جزء من الفِلم، يأخذ أحد المستخدمين على جاسر (عبدالمحسن النمر، أحد كبار الملاك) أن إبله لا تميز صوته، عادًّا هذه نقيصة في حقه. كل تلك عناصر ضمنت للفِلم درجة عالية من التماسك، وصعدت من وتيرة التشويق.

 مضى الفِلم في صورة سباقات متتالية، محمومة ومليئة بالإثارة والتصعيد الدرامي. فهناك أكثر من خط درامي، من مالك إبل يتحين سباق الصفوة منذ زمن ليفوز بالخلود، إلى مطر (اجتهد في أداء دوره عمر العطوي، الممثل الموهوب الذي سبق أن اختاره المخرج البريطاني روبرت وايت ليكون أحد أبطال فِلم «محارب الصحراء») وهو هجان يستعيد سيرة جده، في مفاصل مهمة من الفِلم، جده الذي كان هجانًا ووصل إلى خط النهاية في حين أن الجيش لا يزال في بدايات الطريق، كما تقول تلك الأهزوجة المؤثرة التي تأتي في مفتتح الفِلم وبها ينتهي. ستتغير موازين السباق عند مطر، حين يعرف أن أخاه غنام مات مقتولًا في السباق. فجاسر لا يتوانى عن اقتراف الأفعال الشنيعة في سبيل الفوز.

يراهن الهجان مطرًا على السباق مع «حفيرة»، الناقة التي يبدأ الفِلم بولادتها من أم ميتة، ويتولى رعايتها هو منذ تلك اللحظة، التي بدت فيها ميتة، إلا أنها نهضت من موتها، حين راح يترنم بتلك الأهزوجة لجده، ولن نعرف أنها لم تمت سوى في خاتمة الفِلم. وهي الناقة نفسها التي ستقتل جاسرًا عندما حاول الانتقام منها، وقد خسر كل شيء وآل إلى عدم، ثم يحاول مطر إعادتها إلى الحياة بالأهزوجة نفسها، التي لها فعل السحر. يلتمس الفِلم عناصر غير واقعية، لكنها تتحول إلى واقعية، أكثر من الواقع نفسه، في سياق يتأثث من تقاليد العيش والعلاقة الطويلة مع الإبل. كي ينقذ «حفيرة» من ذبحها وأكل لحمها، يضطر مطر للعمل هجانًا لمصلحة جاسر، متحملًا شره وقسوته.

وإذا كانت وظيفة الفِلم الاحتفال بأحد ملامح الثقافة في السعودية، أو في منطقة منها، فإن المخرج (أبو بكر شوقي) حقق نجاحًا لافتًا، حين أخذ قصة الفِلم إلى مستويات عميقة من الفعل الدرامي واحتدام المشاعر، وسط طبيعة نجح أيضًا، من زوايا فنية متفردة، في تقديمها للمتفرج في صور خلابة ومهيبة لجبال شاهقة أو صحراء مترامية.

قدم الممثل عبدالمحسن النمر، واحدًا من أداءاته المميزة، وعلى الرغم من كمية الشر في شخصية جاسر، المكروه حتى من إبله، الذي يطمح إلى أن يسجله التاريخ في أبهى صفحاته، ومن أجل ذلك فهو لا يتوانى عن ارتكاب كل ما شأنه أن يوصله إلى هدفه، من أفعال لا أخلاقية. بسمرة وجهه وقسوته وإكسسواراته واستفزازه لجميع من حوله، حول الفِلم بدقائقه المئة والعشرين إلى فرجة لا تمل. طبعًا، دون أن ننسى أبدًا أداء عمر العطوي الذي يبدو عفويًّا، لكن يمور بكثير من القلق، معبرًا عن واحدة من أهم شخصيات الفِلم الأساسية. مرات عديدة صفق له الجمهور إعجابًا وتفاعلًا مع دوره.

ولئن بدا إبراهيم الحساوي في دور ثانوي، إلا أنه في كل مرة يظهر فيها كان يملأ الكادر بامتياز، ويشحن الفِلم بأحد أكثر معانيه نبلًا وجاذبية. شيماء الطيب، نجحت في تقمص دور المرأة البدوية، وكانت ندًّا، بدرجة أو أكثر، لشخصية جاسر، وكشفت عن إمكانات جديدة لممثلة تعد بالكثير. كذلك تولين بربود التي قامت بدور مجد، التي كانت تفوز في كل السباقات، واختارت أن تفصح عن هويتها الأنثوية؛ إذ لم يكن أحد يعرف أنها أنثى، حين رفعت الغطاء عن شعرها، في سباق الصفوة، في تصفية حساب موجعة مع جاسر، عمها وزوج أمها بعد وفاة والدها، فحرمته من «الناموس» وبالتالي الخلود.

 ويبقى عزام النمري، الذي ظهر في بداية الفِلم في شخصية غانم، الأخ الأكبر لمطر، فهذا الممثل أدى دوره ببراعة لافتة. كان دوره قصيرًا، لكنه من الأدوار القصيرة التي ستبقى تقاوم النسيان، فهو طبع الفِلم بملامح جادة ومثيرة، منذ أول وهلة أطل فيها. ولم يكن عبثًا استعادته في لحظات الفِلم الأخيرة.

الإدارة المتقنة من المخرج لكل عنصر في الفِلم، من الممثلين والإبل حتى توظيف الطبيعة، والأداء الخلاق لفريق التمثيل، وقوة النص وجاذبيته؛ يمكن القول: إنها عوامل أسهمت بالتساوي في نجاح «هجان».

 

مجلة الفيصل السعودية في

10.12.2023

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004