ملفات خاصة

 
 
 

"وأطلقت شعرها للريح".. عن بطلات الأفلام السعودية في مهرجان البحر الأحمر

جدة-رامي عبد الرازق*

البحر الأحمر السينمائي الدولي

الدورة الثالثة

   
 
 
 
 
 
 

في مشهد الذروة بفيلم "هجان" إخراج أبو بكر شوقي، يتوقف "مطر" الهجان الصغير عن بلوغ خط النهاية، تاركاً هجان آخر يتجاوزه إلى الفوز، لنكتشف أن الهجان الأخير ليس سوى فتاة تركب الجمل الطائر حين تنزع غترتها وعقالها، وتطلق شعرها للرياح التي تطيره وكأنه راية النصر التي حازته.

يمكن اعتبار هذا المشهد تحديداً، مفتاحاً لقراءة عدد من الأفلام السعودية التي شاركت هذا العام ضمن برامج الدورة الثالثة لمهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي (30 نوفمبر - 9 ديسمبر)، ووصل عددها إلى 7 أفلام طويلة (هجان، وناقة، وأمس بعد بكرة، وأحلام العصر، ضمن برنامج روائع عربية، ومندوب الليل، ونورة، ضمن المسابقة الرسمية، بالإضافة إلى فيلم الافتتاح حوجن)، وهي المشاركة الأكبر من حيث الكم والأكثر تميزاً من ناحية المحتوى والنوع (تراث - إثارة اجتماعية - أكشن - كوميديا - فانتازيا)، في دورات المهرجان منذ تأسيسه عام 2021، بما يعكس تطوراً مستمراً في صناعة الفيلم السعودي التي تنمو بصورة لافتة عاماً بعد آخر.

"بنت الصحراء"

يسهل على أي متابع أن يتلمس تلك القماشة الحريرية التي تمتد بين 3 أفلام من أصل التجارب الـ6، وهي: "ناقة" إخراج مشعل الجاسر، و"هجان" لأبو بكر شوقي، و"نورة" لتوفيق الزايدي، وهي القماشة الملونة بحضور نسوي مُعلن وغير عابر، فحتى على مستوى العناوين، باستثناء "هجان"، يحمل الفيلمين الآخرين هذا العطر النسائي الممتلئ بالتأثير السحري لتجليات تاء التأنيث.

أول الخيط في تلك القماشة هو خيط الصحراء، فبطلات الأفلام الثلاث يشتبكن مع الصحراء على المستويين المادي والمجازي في تركيبة انفعالية تصل إلى تخوم التهديد والخطر والموت.

في "هجان"، ورغم أن البطولة للشاب "مطر"، الهجان الصغير، الذي يرغب في الانتقام من راعي الإبل الذي تسبب في مقتل أخيه في أثناء أحد السباقات نتيجة لأسلوبه المتطرف في الغش ولولا لاهتراء الضمير، إلا أن "مطر" حين يستقر في مزرعة أبو جاسم، يكتشف أحد أهم الأسرار التي يخفيها هذا الحقود، الذي يعاني أحماضاً نفسية تمزق داخله، فواحد من هجاني أبو جاسم هو في الأصل فتاة، جميلة، صلبة كأنها ثمرة نضجت للتو على غصن الوقت، هي ابنة أخي جاسم وربيبة أمها التي تزوجها أبو جاسم من أجل الحفاظ على حلال أخيه، ويحقق الفوز الذي طالما انتظره أياً كانت الوسيلة، ليكتب اسمه في لوحة شرف السباق الأهم بالمملكة.

ومن هذه اللحظة تشارك الفتاة، "مطر" ليس فقط السر، ولكن التواطؤ ضد أبو جاسم وحلمه النجس بالفوز على حساب كل القيم والأخلاق، بل وأرواح البشر، فتساعده على التحرر من سجن أبو جاسم والهرب بالناقة حفيرة التي حقق بها كل انتصاراته، ثم عقب استعادة أبو جاسم للناقة لأنها حلاله، تتشكل خيوط المؤامرة ضده من قبل مطر والفتاة، وهي المؤامرة التي تتجلى ذروتها في المشهد الذي تفك فيه الفتاة عقالها مطلقة شعرها للريح، لينذهل الجميع ويدركون أن أبو جاسم يستخدم فتاة كهجان في السباقات -وهو أمر ممنوع- وتشهد هي ضده على كل ما كان يجبرها وآخرين على فعله بالهجانة الآخرين وقت التسابق لكي يفوز.

أما في فيلم "ناقة"، فتصبح الصحراء هي العالم السفلي الذي تهبط إليه المراهقة "سارة"، التي كان جل ما تريده هو قضاء بعض الوقت مع حبيبها، والذي وعدها برحلة سريعة إلى الصحراء في مخيم قريب يملكه شاعر كبير، وذلك قبل موعد عودتها المقدس، حيث ينتظرها أبوها في يده سكين -مجازي- يمكن أن ينحرها به لو تأخرت.

هنا نرى وجهاً آخر للصحراء، يذكرنا بالوجه الذي يعرضه توفيق الزايدي في "نورة"، وهي بطلة الفيلم الثالث والتي تعيش في قرية منسية في ذروة اشتعال زمن الصحوة بكل ما هو ذكوري ومقبض وقاهر.

الصحراء في فيلمي "ناقة" و"نورة"، هي أرض الاختبار الصلب، ومسرح انهيار الأحلام والرؤى، في الصحراء تكتشف "سارة" وجهاً آخر للمجتمع الذي لا يزال يعاني ازدواجية كامنة، فالحبيب القادم بها إلى لحظات من الحلم الرومانسي تكتشف أنه يخونها في المعسكر بمجرد أن تختفي عنه، والشاعر الكبير الذي ينتظر الكل قصيدته في مدح المنتخب الوطني في ليلة مباراة كأس العالم، ليس سوى مدع يدف في السر لشاعر مغمور كي يدبج له قصيدة الفوز من الباطن، في حين يتحول معسكره إلى حفرة عشوائية تختلط فيها المخدرات بالدم، والجنس بالموت.

وحين تحاول "سارة" الهرب، تطاردها ناقة فقدت خلوجها بفم مرعب، يرغب في تمزيقها انتقاماً بعد أن رأتها الناقة تركب السيارة التي دهست الخلوج في محاولة للهرب والعودة إلى المدينة، حيث ينتظرها زيف آخر وكبت مريع.

أما "نورة"، فلم تختر أن تأتي إلى الصحراء، بل أجبرت على ذلك حين توفي والدها وهي صغيرة، وبقيت هي وأخوها الصغير في حضانة عمتها وزوجها، الذي يبدو مثل سجان يحول دون أن يشع نور جمالها خارج حدود الرمل والظلام.

وحين يأتي المدرس/ الرسام "نادر"، كي يلتحق بمدرسة القرية، وتمسك "نورة" بالرسمة التي كافأ بها أخاها الصغير، تدرك أخيراً أن حلمها بالتحرر يمكن أن يتحقق لو أن الرسام تمكن من حفظ ملامحها بألوانه، قبل أن يمسخها الحزن أو تدهسها زيجة بالإكراه من بدوي جلف بلا خيال أو ذوق.

عضة الناقة 

في فيلم "هجان"، تشكل الناقة جسراً مجازياً بين عالمين، عالم تسيطر عليه المادة في أحط صورها متمثلة في نفوذ أبو جاسم وقدرته على شراء النفوس والذمم ودهس المصائر، وعالم مطر الروحاني الذي تحكمه لغة الشعر/ الحداء، والذي يمكن فيه لخلوج صغير أن تدب فيها الحياة، حين تسمع صوت هجانها الغض، أو تعود إلى الحياة عقب طعنها، حين تسمع الحداء نفسه من صاحبها، الذي صار الآن شاباً منتصراً ومحرراً من وطأة الرغبة في الانتقام وفقدان البراءة، بل أن الناقة والفتاة مطلقة الشعر تكادان تكونان وجهين لعملة واحدة، فلا فرق بين ما تفعله الفتاة مع مطر، وما تقدمه له الناقة، فكلتاهما تساعده وتحرره بصورة أو بأخرى.

 ولا ننسى أن أبو جاسم يلقى حتفه تحت أقدام حفيرة بعد أن حاول طعنها، وهو الموت المادي بعد موته المعنوي على يد ابنة أخيه التي كشفت سره، والتي انتظرنا أن يكتب اسمها في لوحة الشرف، بدلاً منه في انتصار نسوي مبين.

ولا تكاد تبعد ناقة "سارة"، عن ناقة حفيرة كثيراً، ربما باستثناء أنها الوجه الآخر الأكثر غضباً، حيث تملك ناقة سارة تلك الفورة التي تجعلها لا تنسى موت خلوجها، خاصة وهي حامل بآخر، وتحاول أن تنتقم ممن فعل هذا، السائس على وجه الخصوص الذي ينحر الخلوج قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة، بعد أن صدمه حبيب سارة بسيارته، ويوازي الفيلم ما بين ما تحمله سارة في داخلها من غضب نتيجة شعورها بالقهر والكبت، ومداهمتها غير المنتظرة لوكر الزيف والفساد، وبين الناقة التي لا تنسى ثأرها ولا تهدأ، إلا إذا نالته في النهاية.

ولم يكن رفع سارة للفيديو الذي يفضح سرقة الشاعر الكبير لقصيدة مدح المنتخب سوى عضة الناقة/ سارة، انتقاماً وتفريغاً لغضب الليلة الرهيبة التي قضتها في مقلاة من المشاعر الجهنمية، والتي كادت أن تفقدها حياتها سواء في الصحراء، أو على يد الأب الذي لن يتورع عن تمزيقها إذا تأخرت.

الريح في شعرها

 بينما تطلق الفتاة شعرها للريح في نهاية فيلم "هجان" كعلامة انتصار وتحرر، ينتهي فيلم "نورة" على صورتها التي احتفظ بها المدرس "نادر" في ذاكرته، رغم أنه لم ير وجهها كاملاً ولا مرة، ولم تطل عليه سوى من وراء حجاب القهر، أو بعينين ترجوانه أن يحررهما من غبار الصحراء، ويأخذهما معه إلى المدينة، حيث تعيش مع جدها، وتشتري المجلات التي تحبها علانية، وتترك وجهها لكل ريشة وعدسة تقع في محبة جماله.

في المشهد الأخير من "نورة" نشاهد صورتها معلقة فيما يشبه المعرض الفني –أو المتحف كما أرادت- بوجه قمري كامل، وشعر طويل منسدل ونظيف، لا أثر لحرارة الصحراء ولا ظلام القرية على خصلاته، شعر فائر بالحرية وفائز بها، شعر يبدو مثل نبوءة لما سوف يتحقق لاحقاً -أحداث الفيلم تدور عام 1996- وتصبح صورة نورة بشعرها الحر هي مصيرها الحقيقي، وليس رقدتها في فراش ملوث بعرق السجن في منزل زوج عمتها، تنتظر زيجة ملعونة أو موت جبان يلوث شبابها بالتراب.

 هكذا يمكن أن نجزم أخيراً، أنه على الرغم من تفاوت المستوى بين الأفلام الثلاث فيما يخص بعض التصدع في قوة السرد أو قليل من الخلخلة في دقة البناء أو غياب ملامح النضج في الوسائل التعبيرية –ناقة ونورة هما الأعمال الطويلة الأولى لمخرجيهم، بينما هجان هو الفيلم الثاني لأبو بكر شوقي القادم من مصر- إلا أن الأفلام الثلاثة تحمل بلا شك كما أشرنا إلى عناصر مشتركة (الصحراء والناقة والشَعر) وتعكس وجود خصوصية نسبية، وهموم متقاطعة، وتفاعلات ذهنية ونفسية متشابهة العناصر والأصول، تجعلنا نجزم بأننا نعايش مرحلة تأسيسية هامة في طور النمو الذي تمر به صناعة السينما في السعودية، وهو ما يستحق الرصد والتمهل في تقييمه، دون محاباة مُفسدة، أو تعنت مُغرض، لأن البدايات مبشرة، وعلى ما يبدو، فإن القادم لن يخلُ من إشراقات أكثر في الأسلوب، واتساع أمتن في الرؤى والأفكار

*ناقد فني

 

الشرق نيوز السعودية في

09.12.2023

 
 
 
 
 

أرض الطيور” من مراكش إلي مهرجان الجونة السينمائي

محمد قناوي  –  القاهرة

يشارك الفيلم المغربي “أرض الطيور”، في مهرجان الجونة السينمائي، الذي يقام في الفترة من 14 إلى 21 ديسمبر الجاري بمصر ممثلا للسينما المغربية  وذكر بيان للمنتجين، أن فيلم “أرض الطيور”، سيتنافس خلال هذه التظاهرة البارزة التي ستجمع العديد من الأسماء المرموقة في السينما العالمية، مع أفلام شهيرة مثل “تشريح السقوط” الفائز بجائزة السعفة الذهبية بمهرجان كان للمخرجة جوستين ثريت، وفليم “دوكمان” للمخرح لوك بيسون الذي تم تقديمه في مهرجان البندقية السينمائي “فينيسيا 2023″، وأحدث أعمال تود هاينز “ماي دجنبر” الذي تم تقديمه في المسابقة الرسمية في مهرجان كان السينمائي 2023.

وأوضح البيان أن هؤلاء المخرجين البارزين سيقدمون تنوعا في الأساليب والرؤى لمهرجان الجونة، بما يعد بمنافسة شيقة خلال هذه الدورة التي تتضمن قسما جديدا مخصصا للسينما الفلسطينية، بالتعاون مع “مؤسسة الفيلم الفلسطيني”.

ويحكي فيلم “أرض الطيور” قصة لينا ووالدها وشغفها بمراقبة الطيور في تلال طنجة، وسط الغابة، قبل أن تدفع الجدة عائلتها لقبول عرض عقاري يجعلهم جميعا مليارديرات.

وبحسب المنتجين، فإن هذا الفيلم، الذي تبلغ مدته 127 دقيقة، يحكي قصة مثيرة تستكشف مواضيع الملكية والإرث والأزمة الإيكولوجية في حبكة حميمية، كما تتعمق في تعقيدات العلاقات العائلية. “والبطلة لينا هي شهرزاد 2.0: شابة مؤثرة، راوية شرقية معاصرة للغاية، تنشر 1001 قصة خلال انتشار شبكات التواصل الاجتماعي”.

جدير بالذكر، أنه سيتم، بشراكة مع الائتلاف المغربي من أجل العدالة المناخية، إطلاق الفيلم في سياق المناقشات ومبادرة مهمة تتجسد في جلسات عامة تتداول قضايا المناخ، وبالتالي توسيع التجربة السينمائية إلى ما هو أبعد من الشاشة.

ويعد فيلم “أرض الطيور” (Indivision)، الذي تم عرضه خلال الدورة العشرين للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش، ثاني فيلم طويل للمخرجة المغربية ليلى كيلاني. وحصل الفيلم على عدة جوائز منها “جائزة الابتكار” في مهرجان مونتريال السينمائي العالمي، و”جائزة الجمهور الناشئ” في مهرجان آبت بفرنسا.

 

####

 

قصص وتجارب إنسانية فلسطينية في مهرجان الجونة السينمائي

قسم خاص بعنوان "نافذة على فلسطين" ضمن برنامج عروض دورته السادسة

محمد قناوي – القاهرة

كشف مهرجان الجونة السينمائي عن القسم الخاص “نافذة على فلسطين” والذي يعرض مجموعة من أهم الأفلام التى تتعمق في قلب القصص الفلسطينية، هذا القسم تم اختيار أفلامه بعناية بهدف تسليط الضوء على التحديات التي تواجه هؤلاء البشر الصامدين كمحاولة لدعوة الجمهور نحو فهم أعمق للتجارب الإنسانية في فلسطين. وكما أعلن مسبقا من المقرر أن تنعقد الدورة السادسة لمهرجان الجونة السينمائي في الفترة من 14 إلى 21 ديسمبر .

عنوان” نافذة على فلسطين”يلخص بشكل مثالي جوهر هذه الرحلة السينمائية حيث يدعو المشاهدين لإلقاء النظر على الحياة غير المرئية والقصص التي لم تروى.   ومن خلال هذا القسم والذي تم تنسيق معظم أفلامه بالتعاون مع  مؤسسة الفيلم الفلسطيني، يهدف مهرجان الجونة التركيز على القصص التلقائية التي تستحق أن تسمع، مانحا فرصة لتلك الأصوات التي تم تجاهلها منذ زمن طويل.  كما يؤكد هذا القسم الخاص التزام المهرجان بدعم القضية العادلة للشعب الفلسطيني.

تشمل الأفلام المعروضة في القسم مجموعة من القصص المدهشة. يقدم فيلم “الإسعاف” للمخرج محمد الجبالي في صيغة الراوي وصفا  للحرب في غزة في عام 2014، وتكشف القصص وراء أعمال العنف المتكررة. في فيلم “وداعا طبريا”، تلتقط المخرجة لينا سويلم الرحلات الشخصية لأربعة أجيال من النساء الفلسطينيات الجريئات، كل واحدة منهن تؤثر في العالم على الرغم من هويتها المرتبكة.

في فيلم “الواقي الرصاصي” يتناول المخرجين عرب وناصر طرزان بشكل كوميدي حرب غزة، حيث يعرضان التحديات التي يواجهها زوجان فلسطينيان يحاولان ممارسة العلاقة الحميمة وسط القصف الإسرائيلي المدمر.  فيلم التحريك المؤثر “الرسم من أجل أحلام أفضل” للمخرجة مى عودة  يسلط الضوء على نضالات الأطفال الفلسطينيين في الأراضي المحتلة وكيف يتعاملون مع الحياة من خلال رسوماتهم بقلم التلوين، ويؤكد على أهمية السماح للشباب بالحلم والأمل.

يروى فيلم يسرى نصر الله “باب الشمس” ملحمة فلسطينية ممتدة على مدار 50 عاما تاريخ من المعاناة والأمل والحب.  و فيلم “ليست فقط صورتك” إخراج آن باك ودرور ديان يتناول رحلة مأساوية لأشقاء ألمان-الفلسطينيين يسعون لتحقيق العدالة لعائلاتهم بعد غارة جوية إسرائيلية على غزة.

يقدم فيلم “بلا سقف” إخراج سينا سليمي نظرة ثاقبة  حول الواقع المتناقض في غزة مانحاً المشاهدين فرصة للتأمل في فكرة البقاء وسط التهديدات المستمرة. وفي فيلم “الشجاعية” للمخرج محمد المغني، تعيش عائلة تقليدية في غزة حالة من الفوضى بعد أن دمرت التفجيرات منزلها.

فيلم “الأستاذ” إخراج فرح نابلسي يتناول بعمق الإحباطات اليومية وحالة الغضب الذي يعيشه الفلسطينيون ويوضح تأثير الحياة في بيئة يسيطر فيها أفراد يحملون أسلحة نارية ويملون على الأفراد ما يفعلونه وما لا يفعلونه  أوكيف يمكنهم أن يعيشوا حياتهم

فيلم “إلى أبي” إخراج عبد السلام شحادة يستكشف التاريخ العربي والفلسطيني موضحا قدرة التغيير التي تحدثها الصور الفوتوغرافية.

يؤكد انتشال التميمي مدير مهرجان الجونة السينمائي على أهمية  قسم “نافذة فلسطين” قائلا: “من خلال تلك الأفلام المدهشة نهدف إلى فتح نافذة على نسيج الحياة الفلسطينية المركب والغني. ونأمل أن تجد هذه القصص صدى لدى الجمهور مما يعزز التعاطف والتفاهم. ومن خلال توفير منصة لهذه الأصوات، فإننا نساهم في إجراء نقاش أوسع حول التجارب الإنسانية المشتركة التي تربطنا جميعًا.”

ومن خلال حلقة نقاشية مصاحبة لعرض هذا القسم السينمائي، بعنوان “الكاميرا في أزمة: عدسة على فلسطين” سنعرض المشهد المعقد لصناعة الأفلام في فلسطين. وستضم الحلقة صناع الأفلام المرموقين رشيد مشهراوي، ونجوى نجار، وخليل المزيان، أحمد المنيراوي، وهو ممثل من غزة، حيث يشرحون تجاربهم المباشرة، و يسلطون الضوء على التحديات الفريدة التي يواجهونها أثناء عملية التصوير. وسيدير حلقة النقاش محمد المغني، وسيعرض صورة عميقة حول صمود وإصرار صناع الأفلام الذين يتغلبون على الشدائد ليقدموا رواياتهم القوية إلى الشاشة.

وفي حديثها عن عروض الأفلام والحلقة النقاشية،  قالت ماريان خوري المدير الفني للمهرجان: “إن إدراج برنامج “نافذة على فلسطين” في هذه الدورة من مهرجان الجونة السينمائي هو بمثابة دليل قوي على التزام المهرجان بإظهار أصوات الفلسطينيين من خلال عدسة السينما. حيث يقدم هذا البرنامج لجمهوره فرصة فريدة لاكتشاف أو إعادة اكتشاف الروايات الفلسطينية التي عرضت على الشاشة والانخراط في مناقشات هادفة، مع صناع الأفلام الذين سيتمكنون من الحضور إلى الجونة.

 

####

 

الصندوق الثقافي راعيًا رسميًا لمهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي بنسخته الثالثة

محمد قناوي –  جدة

قبل إنطلاق دورته الثالثة عُقدت شراكة استراتيجية مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي مع الصندوق الثقافي ليكون راعيًا رسميًا له في دورته الثالثة لعام 2023. وتأتي هذه الشراكة امتداداً لالتزام مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي بدعم أصحاب المواهب في قطاع السينما، وتعزيز الإبداع، ودفع صناعة السينما السعودية للمشهد السينمائي العالمي؛ وتأكيداً على أهداف الصندوق الثقافي الرامية لتعزيز مساهمات المنظمات غير الربحية في نمو وتطور قطاع الأفلام السعودي عبر تنويع حوافز القطاع ويسعى الطرفين لإشعال ثورة ثقافية تحمل على عاتقها مهمة المملكة العربية السعودية في تحقيقها لرؤيتها وتمكينها لتصبح مركزًا إقليميًا لقطاع السينما.

شارك الصندوق الثقافي بنسخة هذا العام في مختلف أنشطة المهرجان، بدءًا من المشاركة  في جناح خاص به في سوق مهرجان البحر الأحمر السينمائي  الدولي ليتواصل من خلاله مع صناع الأفلام المحليين والإقليميين والدوليين، وتنظيم غداء خاص استضاف به نخبة صناع الأفلام والشركات المحلية والعالمية وصولًا للمشاركة في جلسات التواصل ضمن برنامج البحر الأحمر 360 ،حيث تبادل الصندوق الثقافي المعرفة والخبرة حول احتياجات قطاع السينما السعودي وأدوات التمويل التي يوفرها للقطاع وآلية تعاونه مع الجهات الحكومية وغير الحكومية الأخرى لتلبية هذه الاحتياجات.

يشار إلى أنه؛ تأسس صندوق التنمية الثقافي بهدف تفعيل القطاعات الثقافية الستة عشر التي تم تحديدها ضمن الاستراتيجية الوطنية للثقافة، بما في ذلك الأفلام. ومن خلال هذه الرعاية يؤكد الصندوق دعمه الراسخ لصناعة الأفلام السعودية ويعكس التزامه بتمكين القطاع بأكمله وتعزيز جودة الحياة في المملكة العربية السعودية.

أتاحت هذه الشراكة الاستراتيجية المنصة المثالية للصندوق ليتواصل مع ممارسي الصناعة وخبرائها، ليعرفهم بالحزم التمويلية الشاملة التي يُقدمها لهم، وقد أطلق الصندوق في وقت سابق من هذا العام أحد أكبر البرامج التمويلية المخصصة لقطاع الأفلام. ويستمر المهرجان في جمع باقة من أفضل الأعمال التي أنتجتها السينما العربية والعالمية، ليوفر بذلك منصة لكلٍ من صُنّاع الأفلام والممثلين ليستعرضوا أعمالهم ومواهبهم من خلالها.

 

####

 

فنانات سعوديات يتألقن في أفلام مهرجان البحر الأحمر السينمائي

محمد قناوي

تألق عدد من الممثلات السعوديات خلال الدورة المنقضية  لمهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي ، والذي اختتم أعمال دورته الثالثة مساء الخميس الماضي بحفل إعلان الجوائز وذلك من خلال مشاركتهم في العديد من السعوديات في قصة كل فيلم

نورالخضراء .. حوجن

شهد فيلم الافتتاح للدورة الثالثة “حوجن” بطولة نسائية كان لها بصمة في مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي،   حيث تصدر بطولة الفيلم الفنانة نور الخضراء التي  فازت بجائزة النجم الصاعد من شوبارد عن دورها في الفيلم وشاركه البطولة  العنود سعود وشيماء الطيب وتقوم فكرة الفيلم علي رواية هامة تحمل نفس اسم الفيلم، للكاتب السعودي إبراهيم عباس. ولكن ما يميز هذه الرواية، هو الانتشار الواسع الذي حظيت به داخل المملكة العربية السعودية؛ مما ساهم في دخولها لقائمة أكثر الأعمال الأدبية مبيعاً تدور أحداث فيلم “حوجن” في عالم من الفانتازيا، حول جني لطيف يعيش في مدينة جدة، وفي أحد الأيام يكتشف حقيقة نسبه الملكي؛ لتبدأ رحلة الجن حوجن، والذي يجسّد شخصيته الفنان براء عالم؛ لاستعادة حقه الشرعي، كما يحارب أيضاً قوى الشر في سبيل الحفاظ على التوازن بين عالمه وعالم البشر، وتستمر أحداث الفيلم بمغامرات الجني حوجن، والذي يتعرّف على طالبة بكلية الطب تُدعى سوسن، والتي تجسّد شخصيتها الفنانة نور الخضراء؛ لتنشأ بينهما علاقة رومانسية بشكل غير متوقَّع.

إيدا القصي.. إلي ابني

فيلم «إلى ابني» من تأليف وإخراج وبطولة ظافر العابدين، حيث  تألقت في الفيلم إلي جانب ظافر الممثلاث” سمر شيشة، إيدا القصي، خيرية نظمي، سارة اليافعي” تدور أحداث الفيلم حول شخصية فيصل -الذي يلعب دوره العابدين-، وهو مواطن بريطاني من أصل سعودي يعيش في لندن مع ابنه آدم   البالغ من العمر سبع سنوات. وبعد عدة أعوام من وفاة زوجته أنجيلا، يقرر فيصل فجأة ترك وظيفته وحياته في المملكة المتحدة، والعودة بصحبة ابنه إلى المملكة العربية السعودية التي غادرها قبل نحو 12 عامًا حين ترك مدينته أبها، وشقيقتيه نورا وشهد، وشقيقه الأصغر فارس، ووالده ابراهيم..رغم سعادة الجميع برؤيته يعود مجدداً، إلا أن والده ابراهيم لا يستطيع أن يغفر له ترك أسرته متحدياً رغبته، وساعياً لتحقيق أحلامه الخاصة في إنشاء حياة له في العالم الغربي، لذا يشكّك ابراهيم في دوافع فيصل للعودة معتقداً بأن فيصل يخفي جانباً من القصة التي لم تُروَ كاملة. فهل ستغير عودة فيصل الأسرة إلى الأبد؟

سمر شيشة ..أمس بعد بكرة

وفي فيلم “أمس بعد بكرة” في عرضه العالمي الأول ومن بين الفنانات اللاتي يتصدرن بطولة هذا العمل  ايضا الفنانة سمر ششة، في دَور سناء الماضي ويضم الفيلم كوكبة من النجوم بجانب سمر ششّة، منهم: إسماعيل الحسن، نايف الظفيري، أحمد الصدام، عبد العزيز برناوي، لنا قمصاني وتدور أحداث الفيلم حول شقيقين يجدان باباً قديماً يعيدهما بالزمن إلى الماضي، لوقت كان والدهما المتوفّى على قيد الحياة، لكن في محاولاتهما للتواصل معه يعلقان في الماضي.

ماريا بحراوي .. نورة

من بين النجمات الصاعدات والتي تقدم دور البطولة في فيلم “نورة” هي الفنانة الشابة ماريا بحراوي، فيلم “نورة” والذي فاز بجائزة أفضل فيلم سعودي في المهرجان  وهو من الأفلام التي سوف تأخذنا إلى حقبة التسعينيات في الممكلة العربية السعودية وهو أول عمل روائي محلي يصور في محافظة “العلا”، حيث تدور أحداثه حول رسم فنان سعودي يدعى “نادر”، لشابة تدعى “نورة” وهي الفنانة ماريا بحراوي التي تخوض تجربتها التمثيلة الأولى، وخلال هذه الفترة حظرت جميع أشكال الفن والرسم، لتجد نورة في الفن وسيلةً للتواصل وتبادل الخبرات والإلهام ويشارك فيه نخبة من نجوم السعودية منهم عبد الله السدحان، يعقوب الفرحان وآخرون ومن إخراج توفيق الزايدي.

فاطمة البنوي.. احلام العصر

فاطمة البنوي هي فنانة سعودية شابة تتصدر بطولة فيلم “أحلام العصر” للأخوين قدس، وعرض ضمن قسم روائع عربية، أما الفيلم فتدور قصته في إطار كوميدي حول لاعب كرة قدم اعتزل ويحمل سمعة سيئة، يرغب في العودة إلى الشهرة من خلال السوشيال ميديا وذلك بالتعاون مع ابنته التي تكرهه، ليتعرض الثنائي لمفارقات متعددة وتشارك في بطولة الفيلم مع حكيم جمعة، صهيب قدس، نجم واسماعيل الحسن، من إخراج فارس قدس، وتأليف مشترك بين الأخوين قدس وعمر البحري.

أضواء بدر .. ناقة

بصمة نسائية أخرى سوف نراها من خلال الفنانة” أضواء بدر”التي لعبت دور” سارة” الشخصية الرئيسية في العمل التي تواجه ظروف صعبة خلال أحداث فيلم “ناقة” الذي شارك ضمن فعاليات مهرجان البحر الأحمر السينمائي، حيث تأخذ مشاهدي الفيلم إلى مغامرة مليئة بالصعاب تخوضها بالصحراء، وذلك عندما تفشل في العودة إلى منزلها قبل فترة حظر التجول، في وقت ينتظرها عقاب قاسي من والدها الصارم، الفيلم من إخراج مشعل الجاسر.

سارة طيبة وهاجرالشمري .. مندوب الليل  

سارة طيبة وهاجر الشمري نجمتان سعوديتان أخريين تتواجدان في فيلم آخر وهو “مندوب الليل” والذي يشارك في فعاليات مسابقة أفلام البحر الأحمر وتدور أحداث فيلم “مندوب الليل” الذي يأتي من تأليف وإخراج علي الكلثمي، الفيلم من خلال مزيج من الدراما والتشويق حول شخصية الشاب “فهد القضعاني” في الثلاثينيات من عمره والأعزب المضطرب والذي يتوه كل ليلة وحيداً مهموماً بشوارع الرياض، وبين فقدان العاطفة والخوف من ضياع وظيفته وتوصيل الطلبات تأتي كل تلك الأسباب لتدفعه للتخلي عن مبادئه في عالم لا يفقه فيه أي شيء.

تشارك الفنانة السعودية الشيماء طيب في بطولة فيلم “هجّان” كما تشارك كذلك الفنانة الشابة تولين عصام في بطولة الفيلم كأول تجربة سينمائية لها، كما أنها تعمل مقدمة برنامج جوائز الاطفال على إحدى القنوات السعودية، وتدور قصة الفيلم المنتظر عرضه في قسم روائع عربية، حول صبي متأثر بشكل كبير بعلاقته بجمل، حيث يعيش الأول حالة من الاهتمام وفكرة دخول مسابقات الهجن، ليعيش بعد ذلك مجموعة من المفارقات، الفيلم يشارك فيه كوكبة من نجوم المملكة العربية السعودية، يتقدمهم عبدالمحسن النمر، وإبراهيم الحساوي.

 

شمس اليوم المصرية في

09.12.2023

 
 
 
 
 

أحمد شوقي يحكي:

أصوات السينما السعودية بعيدًا عن شوشرات التواصل الاجتماعي

لو قيل لي قبل خمس سنوات إنني سأزور المملكة العربية السعودية خلال عام واحد أربع مرات، لأسباب وأحداث مختلفة كلها تتعلق بالسينما، لاعتبرت الأمر محض خيال جامح أو تفكير بالتمني. لكن الأيام دارت وإذ بالخيال يغدو حقيقة تستحق التأمل.

وبينما ينشغل رواد مواقع التواصل الاجتماعي من البلدين في جدالات لا تنتهي تتعلق بكل شيء إلا بالسينما نفسها، وتظل معلومات السواد الأعظم من المتابعين عمّا يجري في المملكة تقتصر على ما يسمعونه عن مسرحيات موسم الرياض الترفيهية، التي ورثت صناعة مسرح القطاع الخاص المصري بكل ما فيها من تسطيح وميل للتسلية الخفيفة المتطايرة، تنمو على الأرض نفسها صناعة وثقافة سينمائية مثيرة للاهتمام.

في العاصمة الرياض بين 8 و14 نوفمبر عُقد المؤتمر الأول للنقد السينمائي، جامعًا نقادًا وأكاديميين وصناع أفلام من مختلف دول العالم، في تجربة لا تُسعف الذاكرة باسترجاع ما يشبهها. نذكر بالطبع مؤتمرات أكاديمية تحتضنها جامعات، وحلقات بحثية ونقاشية تقام على هامش مهرجانات السينما، لكن أن يُقام مؤتمر سنوي كبير موضوعه الوحيد هو النقد، ونجومه هم النقاد، وأنشطته هي سلسلة من المحاضرات والنقاشات وورش العمل المرتبطة بمهنة تعاني من تناقص في الاهتمام حتى من قبل أعرق وأكبر مؤسسات ومهرجانات العالم، فالأمر بالتأكيد يستحق التحية، لاسيما وإنه قد تم دون أي قدر من البهرجة الإعلامية أو الاهتمام بأي شيء بخلاف الموضوع الرئيس.

بعد أسبوعين تقريبًا استضافت مدينة جدة بين 30 نوفمبر و9 ديسمبر الدورة الثالثة من مهرجان البحر الأحمر السينمائي، ليُعرض خلالها عدد كبير من الأفلام العالمية والعربية والسعودية، والأخيرة هي بالتأكيد العنصر الذي يستحق أن نتوقف عنده، فإذا كان الهدف الأهم لأي نشاط سينمائي، مهرجان، أو مؤتمر، أو هيئة، أو صندوق تمويل، هو دعم السينما المحلية ومنح فرص أكثر للأصوات الجديدة، فإن عام 2023 قد شهد طفرة واضحة في مستوى الأفلام الآتية من المملكة.

طفرة في الكم والكيف

تمكنت من رصد 12 فيلمًا روائيًا طويلًا عُرضت خلال العام، وهو مبدئيًا رقم كبير قياسًا على عمر صناعة السينما السعودية الذي لا يتجاوز عدة أعوام، سبقتها بالطبع محاولات متناثرة للرواد الذين صنعوا الأفلام وقت كانت ممنوعة.

غير أن العدد لا يعني وحده شيئًا باستثناء توافر الموارد والفرص، لكن الملفت هو جودة تلك الأفلام، وتنوعها الشديد في الشكل والمضمون. بالطبع هناك أعمال متواضعة وأخرى تعاني من عيوب البدايات، لكننا لا نبالغ إذا قلنا إن قائمة أحسن عشرين فيلمًا عربيًا عُرضت خلال العام تضم ثلاثة أفلام سعودية على الأقل.

مندوب الليل” ممثلًا لسينما المؤلف

من بين أفضل أفلام العام العربية بالتأكيد يظهر “مندوب الليل” للمخرج علي الكلثمي، الذي يقدم في فيلمه الطويل الأول نقدًا اجتماعيًا وإنسانيًا للحياة في الرياض المعاصرة التي يعيش فيها بطل الفيلم، الشاب الفقير الذي يعمل نهارًا في إحدى الشركات وليلًا مندوبًا لحساب أحد تطبيقات توصيل الطلبات، حياة عسيرة خصمه الأساسي فيها هو المدينة الموحشة، والمنقسمة بين كل التناقضات، بين ثراء هائل وفقر ضاغط، حداثة وعتاقة، محافظة وانفتاح.

بطل الفيلم يكتشف بالصدفة عالمًا سريًا في ليل المدينة، يعمل فيه مندوبون مثله، لكنهم يتقاضون آلاف الريالات في كل طلبية يقومون فيها بتوصيل الخمور الممنوعة لمن يريدها ويرغب في دفع الثمن، ليجد نفسه مدفوعًا للتسلل إلى ذلك العالم الخطير.

تجدر الإشارة هنا أن “مندوب الليل” ليس فيلمًا تشويقيًا عن عالم الجريمة السري في الرياض، وإن احتوت أحداثه على بعض التشويق، وإنما هو بالأساس عمل يحاول التأمل في اللحظة الراهنة من تطور المجتمع السعودي، وانقسامه إلى عدة عوالم متوازية تجمعها نفس المدينة الضخمة، المزدحمة لدرجة الاختناق صباحًا، والهادئة لدرجة الخواء ليلًا، والتي يقدمها الفيلم كشخصية فاعلة تضغط على أعصاب البطل حتى تصل به إلى درجة الغليان، مع توظيف بصري مدهش للشوارع والأماكن والمساحات في تقديم دراما تُشكل الصورة مكوّنًا محوريًا فيما تُحدثه من أثر.

ناقة”.. وقيمة التمرد

على النقيض من الحس التأملي المسيطر على “مندوب الليل” يأتي “ناقة”، أول أفلام مشعل الجاسر، صاخبًا مندفعًا، يأخذ مشاهديه في رحلة تبدأ عندما توافق البطلة المراهقة على الخروج في رحلة إلى الصحراء مع حبيبها على وعد بالعودة قبل موعدها مع أبيها الصارم، لتدخل مغامرة محمومة تتعرض فيها لسلسلة لا تنتهي من المواقف الصعبة والمواجهات القاسية.

ينشغل الجاسر أكثر بالتجربة السمعية والبصرية للفيلم، كاسرًا القواعد المألوفة بهدف دفع المشاهدين للتماهي مع التجربة التي تخوضها بطلة الحكاية سارة، والتي يمتزج فيها الخوف بالسخرية. طبيعة الاختيارات الإخراجية تجعل من الصعوبة بمكان أن تقف على الحياد من الفيلم، مما جعل الآراء تنقسم بوضوح حول “ناقة”، بين معجب أسره اندفاع الفيلم وإيقاعه اللاهث فوجد نفسه يخوض الرحلة مع سارة، وبين ساخط لم يجد في الفيلم ما يستحق الاحتفاء.

هذا الانقسام في حد ذاته يعد توكيدًا على قيمة التجربة التي أقدم عليها المخرج الشاب، بالانحياز للشكل الذي أراده لفيلمه، ومد خطوط الأسلوب على استقامتها ليخلق فيلمًا له مذاق خاص، وهي سمة صارت شحيحة في السينما العربية مؤخرًا.

هجّان” والانتصار للكلاسيكية

أما ثالث الأفلام التي أحدثت أثرًا واضحًا في مهرجان البحر الأحمر فهو “هجّان”، الذي يختلف قليلًا عن الفيلمين السابقين، فإذا كان “مندوب الليل” و”ناقة” صورتين متباينتين لسينما المؤلف، فيمكن اعتبار “هجّان” نموذجًا للصناعة الجماعية: مخرج مصري هو أبو بكر شوقي، فريق كتابة متعدد الجنسيات، تمويل مؤسسة كبيرة هي مركز الملك عبد العزيز الثقافي (إثراء)، وفريق منتجين من عدة دول عملوا على إنجاز المشروع ضخم.

فيلم “هجان

في كواليس سباقات الهجن يحاول هجّان صغير تربطه علاقة خاصة بناقته أن يجد مكانه، سعيًا للانتقام لشقيقه الذي مات بسبب غش داخل أحد السباقات، ورغبةً في تحقيق ذاته كهجّان موهوب. قصة تبدو مثالية لفيلم رياضي تشويقي على الطريقة الأمريكية، لكن الفيلم يحمل ما يفوق هذا التبسيط المخل.

صحيح أن “هجّان” هو الأكثر التزامًا بالمعايير القياسية لبناء الدراما ورحلة البطل، يحاول مخرجه صنع فيلم قادر على التواصل مع الجميع، متفاديًا أي قرارات إخراجية راديكالية كالتي نراها في “ناقة”، لكن الفيلم يتجاوز حكايته البسيطة ليطرح أسئلة بالغة الأهمية عن صاحب التقدير الحقيقي: هل هو مالك الهجن أم قائدها؟ سؤال لو ترجمناه للغة السينما سيكون: هل صاحب الفن هو صانعه أم مموله؟ وهو سؤال شائك داخل هذا السياق لمن يقرأ ما بين السطور.

لكن الأهم من الأسئلة الشائكة هي تلك القدرة على الاحتفاظ باهتمام الجمهور العريض، فعرض “هجّان” في جدّة شهد لحظات سحرية لتفاعل الجمهور مع العمل، تفاعل صادق يعلو فيه صوت الشهقات وتنزل فيه الدموع من العيون، في تجسد لأثر السينما الكلاسيكية التي كدنا ننساها وسط هوسنا بسينما المؤلف والأعمال الخاصة.

فيلم “نوره” السعودي

قد تتسع القائمة لتتضمن أفلاما سعودية أقل أثرًا عُرضت في البحر الأحمر مثل “نوره” لتوفيق الزايدي و”أحلام العصر” لفارس قدس، وقد تتسع أكثر إذا ما أضفنا الأعمال التي عُرضت خلال العام في القاعات مثل “سطّار” لعبد الله العراك و”الهامور ح.ع” لعبد الإله القرشي، أو التي طرحت مباشرة على المنصات الإلكترونية كـ “راس براس” لمالك نجر.

هذا الاتساع والتنوع يخبرنا بوضوح أن ثمّة حراك سينمائي حقيقي يحدث في جزيرة العرب. مواهب وأصوات كانت تنتظر الفرصة لتُنتج أفلامًا متنوعة مختلفة في كل شيء، لا يمكن تجاهلها لمن يهتم بهذا الفن وهذا الجزء من العالم. لم أزر موسم الرياض ولا تحركني أي رغبة في مشاهدة مسرحياته، لكنني سأتحمس بالتأكيد في كل مرة تتاح فيها فرصة لمشاهدة فيلم جديد لمخرج من الرياض، أو جدّة، أو الدمام، أو أي مكان آخر ظلت قصصه طويلًا تنتظر من يحكها على الشاشة.

 

موقع "شهرزاد" المصري في

09.12.2023

 
 
 
 
 

رئيس قسم السينما في "إثراء": هناك قصص سعودية تستحق أن تُروى

تجاوز إنتاج المركز 23 فيلما

عبير يونس

يؤكد ماجد زهير سمان رئيس قسم السينما في مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي، "إثراء"، أن الهدف من المركز هو الارتقاء بمستوى المواهب المحلية وصولا إلى العالمية، عبر تمكين صنّاع الأفلام وتحقيق طموحاتهم. وهو ما أدّى إلى حضور الأفلام التي تنتجها في الكثير من المهرجانات والفعاليات السينمائية، حيث نافست وحصل بعضها على الجوائز.

"إثراء" التي تأسست عام 2017 تشارك في الدورة الثالثة من مهرجان البحر الأحمر، بعدد من الأفلام كما تدعم الصناعة السينمائية في المملكة العربية السعودية، يقول سمان: "تقدم إثراء جائزة قدرها 50 ألف دولار في حفل توزيع جوائز سوق البحر الأحمر لأفضل فيلم سعودي، وهو ما يأتي ضمن دعم المركز الدائم لصناع الأفلام".

ما دور قسم السينما في مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي "إثراء" منذ تأسيسه الى الآن؟

بداية نفخر في "إثراء" بكوننا من أكبر الداعمين لصناعة الأفلام في السعودية، حيث تجاوز إنتاج المركز 23 فيلما سعوديا، حازت جوائز محلية وعالمية. فدورنا الرئيس دعم صنّاع الأفلام السعوديين لإنتاج مشاريعهم، وتقديم مبادرات نوعية للارتقاء بالمحتوى السينمائي، وعرض أفلام عالمية ذات قيمة إبداعية.

يشارك "إثراء" في "البحر الأحمر السينمائي"، بثلاثة أفلام، هي "هجان"، "حادي العيس" والفيلم الوثائقي "خالد الشيخ: بين أشواك الفن والسياسة"

مبادرات رائدة

ما أهمية مشاركتكم في مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي في دورته الثالثة من خلال فيلم "هجان"؟

يعرض "إثراء" في الدورة الثالثة من المهرجان أحدث إنتاجاته السينمائية، ويلقي الضوء على مبادراته الرائدة في رعاية صنّاع الأفلام المحليين، ودعم صناعة السينما المتنامية في المملكة. ووجودنا في المهرجان له أهمية عالية، إذ بدأنا المشاركة في الدورة الثانية حين اختير فيلم "طريق الوادي" ليكون فيلم ختام المهرجان. أما في هذه الدورة الثالثة فقد اختار المهرجان 3 أفلام من إنتاجنا. حيث يقام العرض الإقليمي الأول للفيلم الروائي الطويل، "هجان"، ضمن قسم "روائع عربية"، من إنتاج "إثراء" بالتعاون مع "فيلم كلينك"، وكان العرض العالمي الأول للفيلم في مهرجان الأفلام الدولي في تورونتو في سبتمبر/أيلول الماضي، ضمن قسم "الاكتشافات" وحاز حينها إشادة نقدية واسعة.

فيلم حادي العيس

كما يقدم "إثراء" الفيلم القصير، "حادي العيس"، ضمن قسم "سينما السعودية الجديدة"، وكان قد عُرض في مهرجان الشارقة السينمائي الدولي في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وحاز شهادة تقدير خاص من لجنة التحكيم. كذلك يُعرض في المهرجان الفيلم الوثائقي "خالد الشيخ: بين أشواك الفن والسياسة" وهو من إنتاج شركة "ثمانية"، وبدعم من "إثراء"، كأحد منتجات برنامج إثراء. المحتوى العربي.

تعاونتم مع "فيلم كلينك" لإنتاج فيلم "هجان". هل هو التعاون الأول بينكما، وهل تعاونتم مع شركات إنتاج أخرى؟ 

عندما فكرنا في "إثراء" في إنتاج عمل سينمائي عالمي قبل 3سنوات، أردنا أن ننجز هذ العمل مع متخصصين عرب، متمكنين ويفهمون الحالة السينمائية العربية والسعودية. حيث تناقشنا في هذا المشروع مع المنتج محمد حفظي، واتفقنا على فريق العمل والممثلين والقصة. وهذا هو أول تعاون مع شركة عربية لإنتاج أفلامنا، كما نعمل على خطة مستقبلية لإنتاج أفلام مع شركات أخرى.

أهداف متنوعة

أنتج المركز الى الآن 23 فيلما، فما الذي حققته هذه الأفلام عند عرضها على المستوى الدولي؟

الهدف الأول والأخير هو أن نقول للعالم إن هناك أفلاما وقصصا سعودية تستحق أن تروى، وإن صناعة الأفلام السعودية في تزايد ونمو كبيرين. حتى الآن، فازت الأفلام التي أنتجها "إثراء" بأكثر من 24جائزة عالمية، كما شاركنا في أكثر من 72 مهرجانا سينمائيا منذ 2016 حتى الآن.

ما الأهداف التي وضعتموها منذ التأسيس، وماذا تحقق حتى الآن؟

الهدف الأساسي هو تمكين الشباب السعودي من صناعة أفلام عالمية ذات قيمة وجودة عاليتين تضاهي الأفلام العالمية.

اليوم تعرض سينما "إثراء" العديد من الأفلام المحلية والعربية والعالمية التي تلبّي اهتمامات الجمهور المتنوعة، حيث توفر صالة عرض السينما 300 مقعد، مزوّدة أحدث التقنيات المطلوبة لعرض الأفلام، وتعرض أفلاما محلية، بالإضافة إلى الأفلام العالمية القيمة.كما تستضيف سينما "إثراء" ورش عمل ومحاضرات ونقاشات مباشرة مع العديد من المشاهير والخبراء المعروفين، وتعتبر سينما "إثراء" منصة دائمة مصمّمة للمساعدة في إيصال الإنتاج الإبداعي والثقافي والوثائقي للمملكة إلى منصات عالمية.

هل هناك خطة لإنتاج عدد معين من الأفلام في كل سنة؟

في الوقت الراهن، نحن نعمل على إنتاج فيلم واحد طويل كل سنة، ودعم 5أفلام طويلة وقصيرة خلال العام الواحد.

أشير هنا إلى "برنامج إثراء الأفلام" وهو برنامج يهدف إلى إثراء صناعة السينما السعودية عبر دعم صنّاع الأفلام المحليين، ومساعدتهم ليرووا قصصا سعودية أصيلة من خلال إنتاج الأفلام والحصول على فرص التمويل المشترك، بالإضافة إلى اكتشاف جيل جديد من رواة القصص المبدعين.

الهدف الأول والأخير هو أن نقول للعالم إن هناك أفلاما وقصصا سعودية تستحق أن تروى، وإن صناعة الأفلام السعودية في تزايد ونمو كبيرين

هموم إنسانية

ما نوعية الأفلام التي تعملون على دعمها أو إنتاجها؟

في البداية أنتج "إثراء" أفلاما قصيرة درامية تحاكي مواضيع اجتماعية محلية. والآن أصبحنا نتكلم على مواضيع إنسانية ذات نطاق واسع مثل "التوحد" كما في فيلم "طريق الوادي"، أو صراع الخير والشر كما الحال في "هجان". ونحرص على سرد قصص سينمائية تنطلق من عمق ثقافتنا السعودية العريقة المليئة بالحكايات.

ما التحديات التي تواجه قطاع السينما في السعودية وكيف يمكن التغلب عليها؟

ربما أكبر التحديات تلك المتعلقة بموازنات صناعة الأفلام، فهي عالية حاليا، وتحتاج إلى وقت كي تصل إلى مستويات معتدلة، وهناك بالتأكيد تحديات أخرى نحاول في "إثراء" تذليلها، انطلاقا من سعينا الدائم إلى دعم صنّاع الأفلام السعوديين وتطوير مواهبهم.

إلى أي مدى أثرت النهضة الحاصلة في السعودية على صناعة السينما؟

القطاع السينمائي في المملكة واعد وينتظره الكثير، وكما نعلم فإن السينما هي من أهم عناصر القوة الناعمة. ولطالما حرص "إثراء" على دعم صنّاع الأفلام السعوديين والاحتفاء بمنتجهم السينمائي، فقدم مجموعة من المبادرات استهدفت توفير منصات للمنتجين السينمائيين، ورفع معايير التميّز في صناعة الأفلام، وتمكين المواهب الجديدة، تزامنا مع النمو الواعد لقطاع السينما في السعودية.

ما خططكم خلال الفترة المقبلة؟

نحن في حركة دائمة للعمل على مشاريعنا السينمائية المرتقبة، التي تتطلب قدرا عاليا من الوقت والجهد لتخرج بصورة مميزة، وتحظى باهتمام كبير في المنصات الإقليمية والعالمية.

 

مجلة المجلة السعودية في

09.12.2023

 
 
 
 
 

مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي: الإيمان بقوة الأفلام في التغيير

- جدة "الفيصل"

دورة تلو أخرى يتحول مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي بجدة إلى «مكان للقاء الأفكار والأعمال وتَشارك الإلهام»، بتعبير رئيسة مؤسسة المهرجان جمانا الراشد. وبعيدًا من مظاهر البذخ التي يوحي بها مكان إقامة الفعاليات (الريتز كارلتون)، فإن المهرجان وفر فرصة فريدة لجميع صناع السينما، ليس فقط من السعوديين إنما من العالم كله؛ لأن يلتقوا بعضهم بعضًا ويتحاوروا ويناقشوا مشروعات سينمائية مكتملة أو قيد الإنجاز أو غير ذلك من مشروعات.

عشرة أيام، مدة المهرجان، الذي انطلق في الثلاثين من نوفمبر الماضي، حفلت بندوات وحوارات وعروض سينمائية من مختلف أنحاء العالم، من داخل المسابقة الرسمية وخارجها. عرض المهرجان، الذي كان شعاره لهذه الدورة «قصتك في مهرجانك»، بعض أفضل إنتاجات السينما العربية والعالمية. وجاء البرنامج السينمائي مقسمًا على فئات وأقسام متنوعة من الأفلام من جميع أنحاء العالم، تبدأ من الكنوز السينمائية الدفينة المرمّمة بأحدث تقنيات العرض، وتنتهي بأفلام المواهب الواعدة. كما استضاف المهرجان نخبة من المواهب الفنية وصناع الأفلام ومحترفي الصناعة من العالم العربي وبقية أرجاء العالم، جنبًا إلى العديد من مسابقات الأفلام في الفئات الطويلة والقصيرة، مع احتضان الحفلات الموسيقية، واستضافة العديد من الندوات وورش العمل التي تهدف إلى دعم وتنمية وتشجيع المواهب الصاعدة.

وفر سوق البحر الأحمر، الذي أغلق أبوابه في اليوم الخامس، فرصة للاطلاع على المشهد السينمائي السعودي المتنوع، إذ يمكن الزائر من اكتشاف المواهب والمشروعات وأفضل الإنتاجات التي يحتضنها السوق، وتشكل المشهد السينمائي في المملكة والعالم العربي، كما يستقطب السوق الموزعين ووكلاء البيع والمنتجين الذين يسعون إلى تكوين علاقات مهنية داعمة في المنطقة. واللافت للانتباه وجود صناع سينما أفراد حضروا على حسابهم الشخصي من دول عدة؛ وذلك لأن المهرجان يتيح لهم اللقاء بعدد كبير من الشركات والمؤسسات المنخرطة في صناعة السينما، وهي فرصة قد لا يتيحها أي مهرجان آخر. في هذه اللقاءات حضر من لديه مشروع فِلم ويفتش عن تمويل، كما حضر من لديه تمويل ويبحث عن مشروعات سينمائية محددة يرغب في تمويلها. ويهتم السوق بمراحل الفِلْم كافة من النص إلى الشاشة.

فِلْم الافتتاح كان «حوجن» للمخرج ياسر الياسري، في عرضه العالمي الأول، بحضور طاقم العمل: نور الخضراء، براء عالم، نايف الظفيري، العنود سعود، محسن منصور، وشيماء الطيب. إلى جانب حضور رئيس لجنة تحكيم المهرجان باز لورمان، وأعضاء اللجنة جويل كينمان وفريدا بينتو وأمينة خليل وباز فيغا وهناء العمير وفاتح أكين. وتدور أحداث فِلم «حوجن» حول قصة جني فضولي يعيش في مدينة جدة، وفي أحد الأيام يكتشف حقيقة نسبه الملكي، فتبدأ رحلة حوجن (براء عالم) لاستعادة حقه الشرعي، بينما يحارب قوى الشر في سبيل الحفاظ على التوازن بين عالمه وعالم البشر. وخلال مغامرته، يتعرف إلى طالبة الطب الشابة سوسن (نور الخضراء)، فتنشأ بينهما علاقة رومانسية غير متوقعة. وغلب على الفِلم الإبهار البصري، وطغيان التقنية، فِلم كان أقرب إلى فِلم هوليودي، من ناحية استعمال التقنية لمزيد من التشويق.

في كلمة الافتتاح رحبت رئيسة مؤسسة البحر الأحمر السينمائي جمانا الراشد، والرئيس التنفيذي لمؤسسة البحر الأحمر السينمائي محمد التركي بالضيوف. وشهد حفل الافتتاح تقديم ثلاث جوائز فخرية، لكل من الممثل السعودي عبدالله السدحان، والألمانية ديان كروجر والهندي رانفير سينغ. وعرض المهرجان 126 فِلمًا من 77 دولة وأكثر من 47 لغة، لمخرجين وممثلين ومنتجين وصُنّاع أفلام موهوبين من جميع أنحاء العالم. في كلمتها قالت جمانا الراشد: «إننا نؤمن في مؤسسة البحر الأحمر السينمائي بقوة الأفلام في صُنع التغيير»، مضيفة أن المهرجان «يُمثل التزامنا بتمكين صُنّاع الأفلام، عبر توفير منصة لسرد القصص التي من شأنها أن تُحدثَ تغييرًا في العالم». وشهد المهرجان ورش عمل وحوارات أدارها خبراء في صناعة السينما. ومن النجوم العالميين الذين حضروا في دورة هذا العام: جوني ديب، ومايوين، وزوي سالدانيا، وويل سميث، وميشيل ويليامز، وكاثرين مارتن، ولوكاس برافو، وأليساندرا أمبروسيو، وإد ويستويك، وإيمي جاكسون، وريتا أورا، وبوراك أوزجيفيت، وهاندا أرتشيل، والممثل الكوري سيونغ هو، وغيرهم.

إضافة إلى ذلك، احتفل المهرجان بنجاح دورة هذا العام، كأضخم دورة له حتى الآن من حيث عدد الحضور أكثر من 6,000 ضيف، وحقق شباك التذاكر أكثر من 40,000 تذكرة في جميع العروض والجلسات الحوارية.

ندوات وجلسات حوارية حول صناعة السينما

من رحلة الكاتب والتحديات التي تواجه النساء في صناعة السينما إلى إعادة تعريف دور السينما في عصر ما بعد البث الرقمي، مرورًا بتكييف الملكية الفكرية الدولية وتعزيز فرص التعاون المشترك مع العالم العربي، موضوعات ناقشها سوق المهرجان في ندوات وجلسات حوارية، شهدت حضورًا من المهتمين كافة بصناعة السينما. ندوات قدمت رؤى متعمقة حول المشروعات التعاونية ونماذج الإنتاج السينمائي وفرص الإنتاج المشترك في العالم العربي. ومن هذه الندوات، ندوة «المشاريع التعاونية: تكييف الملكية الفكرية الدولية، الاستثمار في الإنتاج المحلي، ربط القصص المحلية بالجماهير العالمية». وندوة «تقاطعات نماذج الإنتاج السينمائي: استكشاف الأثر العالمي، بوليوود، نوليوود، والسينما الفرنسية» التي سلطت الضوء على أنجح أربع تجارب على مستوى العالم، وحلَّلَت ما يميزهم ويقربهم للجمهور، إلى جانب البحث عن أسباب نجاحهم على الصعيدين المحلي والدولي.

وتناولت ندوة أخرى تحليلًا للمشهد السينمائي الإبداعي في المنطقة العربية، وجاءت تحت عنوان: «تعزيز فرص الإنتاج المشترك مع العالم العربي، استكشاف منظومة هيئات الأفلام وصناديق التمويل والمعامل ومواقع التصوير»، وناقشت الندوة الدور الحيوي الذي تلعبه لجان الأفلام وهيئات التمويل والمختبرات في رعاية المواهب وتعزيزها، وتمكين الإنتاج المشترك والتبادل الثقافي مع إفريقيا وآسيا وأوربا. وتطرقت أيضًا إلى عوامل نجاح مواقع التصوير، ودورها في تعزيز نمو المنطقة لتصبح مركزًا حيويًّا لصناعة الأفلام. كما شهد سوق المهرجان جلسة بعنوان: الأدوار الريادية والمحورية، وسلطت الضوء على أهمية تعزيز المسارات المهنية، من خلال بناء الروابط مع شخصيات ريادية ومحورية من الساحة الإقليمية والدولية، التي غالبًا ما تعمل في الظل. وشارك في الجلسة نخبة من مديري المواهب ووكلاء الممثلين ومستشاري السيناريو والإنتاج والتوزيع.

وقدمت بعض الندوات رؤى حول واقع التلفزيون وأهمية تقنية البلوك شين في صناعة السينما، وتضمنت هذه الندوات عناوين مشوقة، مثل «في خاتمة عصر التلفزيون: عدد المسلسلات قليل أم وفير؟». و«هل لا تزال تكنولوجيا البلوك شين فرصة لصناعة السينما؟» وهي ندوة سلطت الضوء على رفع مستوى الإدراك حول تقنية البلوك شين وفهم أفضل مميزاتها وعيوبها، وكيف يمكن لها أن تعزز حماية حقوق التأليف والتوزيع ومكافحة قرصنة الأفلام غير المصرح بها. كما شهد «السوق» جلسة بعنوان: نخبة المهنيين الدوليين، التي سلطت الضوء على أهمية حَفْز التعاون بين صناع الأفلام في المنطقة والفاعلين في الصناعة على الصعيد الدولي، كما أتاحت الجلسة الفرصة للمشاركين في ربطهم مع صنّاع القرار الدوليين القيّمين على حركة الإنتاج والتعرف بشكل وثيق إلى أشكال الإنتاج المشترك مع الدول المختلفة، والحوافز التي تقدمها، وأنظمة التمويل المتعلقة بكل منها.

ومن الندوات، ندوة بعنوان «رحلة الكاتب: التنقل بين نصوص الأفلام والتلفزيون ومستقبل رواية القصص». وندوة «إعادة تعريف تجربة دور السينما في عصر ما بعد البث الرقمي» التي سلطت الضوء على مستقبل ومآلات دور السينما في المنطقة وحول العالم، وكيف ساهمت التقنيات السينمائية الحديثة من ديمومتها. وفي ندوة أخرى تحدثت نخبة من النساء اللاتي وضعن بصمتهن على مسار الصناعة السينمائية عبر طرح روايات غير تقليدية. وناقشت الندوة الفرص والتحديات التي تواجه النساء خلف الكواليس.

البحر الأحمر وفانيتي فير يكرمان المرأة في السينما

استضاف مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي الاحتفال السنوي الخامس لتكريم المرأة في السينما، بالشراكة مع مجلة فانيتي فير أوربا. ويأتي هذا الحدث للاحتفال بالأصوات النسائية في صناعة السينما وتسليط الضوء على إنجازاتهن، أمام الكاميرا وخلفها، واستعراض مجهوداتهن المبذولة في تشكيل صناعة السينما وإلهام الجيل الجديد من المواهب في السعودية وإفريقيا والهند. وفي دورة هذا العام، اختار مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي ومجلة فانيتي فير أوربا تكريم الفنانة المصرية القديرة «نبيلة عبيد». وتألقت الفنانة نبيلة عبيد على الشاشة في مصر لتُصبح أول أيقونة نسائية. ولطالما عزز حضورها من قوة المشهد السينمائي في المنطقة العربية، لتُصبح من خلال أدائها المتميز إحدى القامات السينمائية العربية في القرن العشرين. ومنذ ظهورها لأول مرة في سن السادسة عشرة، وطوال مسيرتها المهنية التي دامت لعقود تُكللها النجاحات، عَمِلت نبيلة مع العديد من المخرجين البارزين في مصر، وتمكنت من أن تكسب قلوب الجماهير في الوطن العربي. كما قدمت نبيلة العديد من الأدوار خلال رحلتها في السينما حيثُ لم تقتصر على دور واحد، وإنما تنوعت اختياراتها لتشمل أدوارًا دينية وتاريخية، وكانت نَصِيرةً لقضايا المرأة وما تعيشه اجتماعيًّا وسياسيًّا. ومن الأعمال الناجحة التي كللت مسيرتها الفنية فِلم «ولا يزال التحقيق مستمرًّا» الذي أدت فيه دور البطولة وفازت عنه بجائزة أفضل ممثلة في مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط، وكان سببًا في حصدها أول نجاح وتقدير على الصعيد العالمي، إلى جانب أدوار أخرى مُخلدة في الذاكرة، مثل فِلمي «رابعة العدوية» و«الراقصة والسياسي».

وبهذه المناسبة، قالت رئيسة مؤسسة المهرجان جمانا الراشد: «أقمنا هذه الاحتفالية لنتذكر معًا التنوع والمواهب النسائية في هذه الصناعة، ابتداءً من الشخصيات التي كرّمناها اليوم ووصولًا إلى كوكبة من ألمع المواهب النسائية الذين انضموا إلى ضيافتنا في جدة للاحتفاء بالمساهمات النسائية البارزة التي شكلت وتُشكل عالمنا اليوم». وتابعت الراشد قائلة: «لقد كانت مؤسسة البحر الأحمر السينمائي داعمة ومناصرة دومًا للنساء اللاتي يرتقين بهذه الصناعة لآفاق أوسع – ومنذ بدايتنا، كنا ندعم باستمرار صانعات الأفلام من مايوين إلى كوثر بن هنية». ومن جانبه، قال الرئيس التنفيذي لمؤسسة المهرجان محمد التركي: «نفخر بوجود 38 مخرجة في قائمة أفلام هذا العام من مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي ومؤسسته، إننا نحتضن جميع المواهب النسائية الواعدة والكبيرة في السينما، مما يؤكد التزامنا بدعم ومساندة هذه المواهب واستمرار تأثيرها في صناعة السينما السعودية وخارجها». وحضر التكريم نخبة من نجوم العالم مثل: كاترين دينوف، وناعومي كامبل، وصوفيا فيرغارا، وشارون ستون، وزوي سالدانيا، وباز لورمان، وجويل كينمان، ومايوين، وأنانيا بانداي، وديان كروجر، ونادين نجيم، ونبيلة عبيد، وإيمي جاكسون، وإد ويستويك، وميشيل رودريغز، ولوكاس برافو، وميشيل ويليامز، وفريدا بينتو، وباز فيغا، وكاثرين مارتن، وأوديسا راي، وليلى علوي، ولبلبة، وفاتح أكين، وهناء العمير وغيرهم.

مهرجان البحر الأحمر السينمائي يتوج الفائزين بجوائز اليسر

توج مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي، في حفلة الختام، الفائزين بجوائز اليسر. ومُنح نجم هوليود الحائز على جائزة الأوسكار نيكولاس كيج جائزة اليسر الفخرية الذهبية، تقديرًا لمواهبه الاستثنائية ومساهمته في صناعة السينما. كما تسلم المكرمون الثلاثة جوائزهم، وهم كل من الفنان الكبير عبدالله السدحان، والممثلة ديان كروجر، وممثل بوليوود رانفير سينغ. وتعد جوائز اليسر من أكبر الجوائز في المنطقة التي تُمنح للأصوات الصاعدة والراسخة في فروع الأفلام الروائية والوثائقية وأفلام التحريك. وتُقدم لأصحاب المواهب من السعودية والعالم العربي وآسيا وإفريقيا، على مرأى من مجتمع السينما الدولي الذي يضم أفضل المواهب العالمية في مجال الأفلام، مما يضعهم على خريطة السينما العالمية.

ومن منطلق احتفاء مهرجان البحر الأحمر بالمبدعين في صناعة السينما، يقدم جائزة اليسر الفخرية التي تُكرّم شخصيات وأيقونات سينمائية بارزة ساهمت في تشكيل تاريخ السينما وتخليدها في قلوب الجماهير. وتُجسد هذه الجائزة مقدار الاحترام والتقدير الذي يحمله المهرجان لكل شخص ساهم في إثراء صناعة السينما من جميع أنحاء العالم. وتقدم هذه الجوائز من لجنة تحكيم دولية مكونة من صناع الأفلام المشهورين ورواد مخضرمين في مختلف مجالات صناعة السينما، مثل كتابة السيناريو والتمثيل والإخراج. وبعد مداولات لجنة تحكيم مسابقة البحر الأحمر للأفلام الطويلة التي يرأسها باز لورمان، بجانب لجنة تحكيم مسابقة البحر الأحمر للأفلام القصيرة التي ترأسها هناء العمير، جرى تحديد 14 فئة للفائزين؛ إذ تضمنت المنافسة 17 فِلمًا طويلًا، و23 فِلمًا قصيرًا، تنافست فيما بينها على جوائز اليسر.

الفائزون بالجوائز

جائزة الشرق لأفضل وثائقي، كوثر بن هنية، عن فِلم «بنات ألفة». جائزة النجم الصاعد من شوبارد: نور الخضراء. جوائز مقدمة من فِلم العُلا: أفضل فِلم من اختيار الجمهور: الفِلم الفائز: «فاقد الأمل»، من كوريا الجنوبية. أفضل فِلم سعودي: الفِلم الفائز: «نورة»، من المملكة العربية السعودية.

مسابقة البحر الأحمر للفِلم القصير

اليسر الفضي: فِلم «حقيبة سفر» من إخراج «سامان حسین بور» و«آكو زاندكاريمي».

اليسر الذهبي: فِلم «بتتذكري» من إخراج «داليا نملش».

مسابقة البحر الأحمر للفِلم الطويل

أفضل إنجاز سينمائي: الفائز: فِلم «نذير شؤم» من إخراج «بالوجي».

أفضل ممثل: الفائز: صالح بكري، من فِلم «الأستاذ».

أفضل ممثلة: الفائز: منى حوا، من فِلم «إن شاء الله ولد».

أفضل سيناريو: الفائز: فِلم «ما فوق الضريح»، من إخراج «كريم بن صالح» و«جمال بلماهي».

أفضل إخراج: الفائز: شوكير خوليكوف، عن فِلم «الأحد».

جائزة لجنة التحكيم: الفائز: فرح النابلسي، عن فِلم «الأستاذ».

جائزة اليُسر الفضي لأفضل فِلم طويل: الفائز: فِلم «عزيزتي جاسي»، من إخراج «تارسم سينج داندوار».

جائزة اليُسر الذهبي لأفضل فِلم طويل: الفائز: فِلم «في ألسنة اللهب» من إخراج «زارار كان».

 

مجلة الفيصل السعودية في

09.12.2023

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004