ملفات خاصة

 
 
 

ناقة”.. ثمن المخاطرة السينمائية

أحمد شوقي

البحر الأحمر السينمائي الدولي

الدورة الثالثة

   
 
 
 
 
 
 

لا يحاول المخرج مشعل الجاسر أن يختبر ذكاء المشاهدين طويلًا في بداية فيلمه الأولناقة، بل يختصر الأمر انطلاقًا من البوستر الرسمي للعمل، والذي يُظهر بطلة الحكاية سارة وقد رُسمت بجسدٍ بشري وساقيّ ناقة. المخرج يخبرنا من البداية أن سارة والناقة وجهان لعملة واحدة، أو تَجَسُدان لنفس الفكرة، فما هي تلك العُملة أو الفكرة؟

تقولها إحدى الصديقات لسارة خلال الفصل الأول: أنت مثل الناقة، حقودة لا تنسين حقك أو تغفرين لمن ظلمك، فهي الشابة العربية -السعودية في حالتنا – ابنة الثقافة الذكورية المحافظة، التي يضغط كل من وما حولها عليها فتُحرم من العيش بحرية، لكنها تختزن الإساءة داخلها ولا تنساها.

تبدو السطور السابقة استنتاجات سريعة وقاطعة، يجب أن توضع في نهاية المقال لا في بدايته. لكنني اخترت البدء بها تقديرًا لفيلم الجاسر وتأثرًا به. أحاول استنساخ ما فعله في “ناقة”: الانتهاء من الأفكار والتأويلات سريعًا ووضعها أمام من يفتش عنها ليشعر بالارتواء، كي يتفرغ الفيلم لأمور سينمائية أهم. تمامًا كما كان ألفريد هيتشكوك في أفلامه الأخيرة يضع ظهوره الشرفي في بداية الفيلم، بعدما اكتشف أن بعض الجمهور يذهب إلى السينما وهو يترقب لحظة ظهور المخرج داخل الفيلم فينصرف جزء من تركيزه حتى يجده

المخرج الشاب لا يختبر ذكاء المشاهدين، لكنه يختبر صبرهم، وقدرتهم على مشاهدة عمل سينمائي مغاير، حداثي، اختار دخول تحدٍ يُفضل أغلب صناع السينما عدم التورط فيه: ألا يتوقف الفيلم طويلًا عند سؤال “ماذا يقول الفيلم؟”، بل يتجاوزه للسؤال الأكثر إثارة “كيف يقول الفيلم؟”.

استقطاب منطقي

يُمكن هنا أن نتفهم منطق الكثير من التعليقات السلبية التي صاحبت طرح الفيلم على منصة “نتفليكس”، وحالة الاستقطاب العامة التي أحاطت بـ “ناقة” فور انتهاء عرضه في مهرجان البحر الأحمر السينمائي، بين من وقع في غرام الفيلم ووجده تجربة سينمائية متفردة، ومن لم يجد فيه ما يستحق المتابعة، أو انزعج من اختيارات المخرج البصرية والسردية التي جعلت عمله يُعرض مسبوقًا بتحذير من أن بعض مشاهده قد تتسبب في متاعب لبعض المشاهدين.

لماذا إذن يُقدم مخرج على اختيارات تحد تلقائيًا من عدد محبي فيلمه؟ 

السبب الأول هو حريته الإبداعية، من حق كل فنان أن يختار أسلوبه الشخصي، ومن حق كل مشاهد أن يُعجب بذلك الأسلوب أو يرفضه. السبب الثاني والأهم هو أن اختيار مشعل الجاسر يرتكن بالأساس لقاعدة ذهبية كثيرًا ما نتناساها: أن شكل العمل الفني هو مضمونه، وأن الأفلام التي يمكننا فيها أن نفصل الأمرين، فيُعجبنا الموضوع لكن نتحفظ على الشكل أو العكس، هي في الأغلب أعمال منقوصة، تفتقر لهذا الارتباط العضوي بين وجهي العملة الذي يمنح “ناقة” خصوصيته.

لكن كي نصل لهذا الاستنتاج علينا أولًا أن نحلل أسلوب الفيلم. الكل تحدث عن الإخراج الصاخب، القفز بين اللقطات بإيقاع أسرع من المعتاد، لا يمنح اللقطة الواحدة الزمن الكافي لتُحدث عند المُشاهد حالة التشبّع التي تخلق الأُلفة، التصوير من زوايا ووجهات نظر غريبة، والانغماس طويلًا في كل حدث على حدة، فكل حدث يأخذ مساحة زمنية أطول مما يتوقعه الجمهور قياسًا على مشاهداته السابقة. لاحظ هنا المفارقة: المشهد يأخذ أطول من توقعاتنا، لكنه مُفتت إلى لقطات كل منها أقصر وأغرب من نفس التوقعات.

أضف إلى ذلك بناء الفيلم بشكل عام، والمعتمد على حالة انقباضية systolic، تأخذ البطلة في رحلة مشحونة بالمواجهات والمصاعب المتتالية طوال الليلة، بلا لحظات توقف أو هدوء بين كل حدث وما يليه. هذه اللحظات تلعب عادةً دور نقاط الارتكاز التي يتمكن المُشاهد فيها من التقاط أنفاسه، والتفكير فيما رآه ومحاولة تفسيره، فالدراما في صورتها القياسية أشبه بدقات القلب التي تنتقل باستمرار بين الانقباض والانبساط. مشعل الجاسر يحذف عمدًا عنصر الانبساط، ليضيف المزيد من كروت المخاطرة ومُسببات خسارة المزيد من المشاهدين.

 الشكل هو المضمون

هذه الأوصاف لشكل الفيلم تبدو لوهلة اختيارات مراهقة، تتعمد كسر القواعد الشائعة بحثًا عن الاختلاف. لكن المزيد من التفكير في موضوع الفيلم، وفي بطلته وحكايتها، قد يبيّن لماذا نقول إن شكل “ناقة” هو مضمونه.

سارة نفسها مراهقة، متمردة، تمتلك نزق عمرها المعتاد، مضافٌ إليه أسباب إضافية للتمرد: تربيتها المحافظة، والدها الصارم، أمها التي تُميّز بين أبناءها لحساب الذكر، والعالم المحيط الذي يبدو بيئةً عدائيةً تحكم على الفتاة بمجرد خروجها إلى الشارع، فما بالك إن كانت هذه الفتاة تُدخن؟ أو تشتم؟ أو تكذب على أهلها حول خروجها للتسوق مع صديقة بينما تنوي أن تقضي اليوم بصحبة حبيبها؟

تكمن هنا المفارقة التي لا ينتبه لها من يهاجمون الفيلم على منصات التواصل الاجتماعي

سارة في الحقيقة لا تفعل شيئًا استثنائيًا في الشطط، وكل المراهقين في كل مكان في العالم يشتمون ، أو يدخنون، أو يلتقون بالحبيب أو الحبيبة، دون أن يعني هذا أي شيء بخلاف كونهم يعيشون مرحلة عمرية متخبطة يكتشفون خلالها ذواتهم. المسافة بين كون سارة مجرد مراهقة تخوض ليلة عصيبة وبين كونها وفقًا للبعض “صورة مسيئة للفتاة السعودية”، هي بالضبط المشكلة التي تواجهها بطلتنا: عليها في كل لحظة أن تحافظ على تصورات الآخرين عنها لأسباب أكبر من رغبتها البسيطة في أن تعيش عمرها.

فتاة تتعرض لمطاردة سيارة، وحادث تصادم، وهجوم ناقة غاضبة، محاولة تحرش، ومحاولة احتجاز، ومجموعة أخرى من المواجهات المخيفة، لكننا نعلم أن ما يفوق خوفها من كل ذلك هو رعبها من التأخر ولو لدقائق على موعد والدها في نهاية اليوم!

أداء استثنائي

إذا فهمنا ذلك المدخل يمكننا أن ندرك كون الشعور الضاغط، المتوتر، المثير للأعصاب، بل وللدوار أحيانًا، جزءًا لا يتجزأ من الرحلة التي رسمها مشعل الجاسر لسارة. رحلة لن تُغيّر الكثير في علاقتها بالعالم، لكنها ستجعلها -وتجعلنا- أكثرًا وعيًا بأبعاد تلك العلاقة المعقدة والمليئة بالمخاطر.

المثير للتأمل هنا فردانية سارة، فهي وإنا كانت مراهقة عربية تُشكّل حياتها ظروف عامة تسري على الجميع، فإن الفيلم لا يحاول أبدًا أن يضرب بها مثلًا أو يجعلها رمزًا مطلقًا للفتاة السعودية بشكل عام، بل على العكس يركز “ناقة” منذ دقائقه الأولى على كونه يروي حكاية سارة تحديدًا، بتمردها الذي يلامس العنف، بمشاعرها الساخرة المستهينة بمن وما حولها، بلسانها اللاذع وتهورها الذي يدفعها لبدء المغامرة ويحركها سعيًا للنجاة. ولو افترضنا أن شخصية أخرى غيرها خاضت نفس الرحلة، ففي الأغلب كانت الاحداث لتتحرك في مسار مختلف تمامًا، بل ربما لم تكن لتقبل الذهاب مع حبيبها إلى الصحراء، ولم تكن المغامرة لتبدأ من الأساس.

لذا تبرز قيمة أداء أضواء بدر لدور سارة، حيث تجسد الممثلة الشابة الشخصية بقدر مدهش من الجمع بين مهمتين عسيرتين، فمن جهة تنغمس أضواء كليًا في تحدٍ بدنيّ مُفرط، تتعرض فيه لكافة أنواع المصاعب الجسدية التي قد تدفع ممثلة أخرى للإحجام عن لعب الدور برمته، ومن جهة أخرى تُمسك داخل ذلك التحدي بتفاصيل الشخصية وتكوينها، فعندما تهاجمها الناقة أو تركض هاربة لا نرى فتاة تحاول النجاة، وإنما نشاهد سارة تحديدًا تهرب وتركض، وتُصاب بالرعب على طريقتها، دون صراخ أو عويل يمكن توقعه من ممثلات كثيرات إذا ما طُلب منهن أداء المشاهد نفسها.

يُقدم لنا “ناقة” ممثلة ولدت كبيرة، تنجح ببراعة في اختبار ليس باليسير، كما يُقدم لنا مخرجًا شابًا موهوبًا يمتلك صوته الخاص، والأهم هو امتلاكه الثقة الكافية للإقدام على اختيارات سردية وبصرية غير معتادة، ملائمة لموضوع فيلمه، حتى لو كان ثمن تلك الاختيارات هو سخط بعض المشاهدين، فلكل مغامرة ثمنها، سواء كانت مغامرة سارة في الصحراء، أو مشعل في “ناقة”.

 

####

 

بين أشواك الفن والسياسة”… هذا ما فاتنا من سيرة “خالد الشيخ

فاطمة القويعي

خالد الشيخ، علامة فارقة في الأغنية الخليجية والعربية، موسيقاه التي تخطت حاجز الزمان والمكان تضعه في خانة الصديق، فهو أقرب إلى محبيه من فنان، هو صديق الروح المؤتمن على المشاعر، هذا الصديق الذي – أخيرًا- حظيَ بالتفاتة إعلامية علامة يستحقها، وهو المادة الخام للسيرة السينمائية التي يقدمها لنا المخرج جمال كتبي في شريطه “خالد الشيخ: بين أشواك الفن والسياسة”، الذي يعرض ضمن فعاليات الدورة الثالثة لمهرجان البحر الأحمر السينمائي

 يقدم الفيلم سيرة موجزة وسريعة لمسيرة الفنان البحريني المحبوب، ويتتبع الفيلم الذي أنتجته شركة ثمانية للنشر والتوزيع حياة الفنان البارز، ربما لكون حياته مليئة بالكثير من الأحداث والمواقف والموضوعات التي لا يمكن طرحها على مهل في فيلم قصير.

في الأحداث التي أخرجها جمال كتبي، ثمة غموض في بعض الجوانب، وكأنها مجتزأة من سياقها خاصة حديثه في السياسة وموقفه من الغناء في الكويت، وهي الآراء التي كانت تحتاج مزيدًا من الإيضاح وما إذا كان قد مُنع من الغناء بها أم لا، وهو أمر ربما كان توضيحه يتجاوز المحاذير التي وضعت لخروج العمل للنور.

في مسيرة خالد الشيخ الذي يمكن اعتباره من القوميين العرب – بحسب حديثه السابق في برنامج “خليك في البيت” مع زاهي وهبي- محاذير ربما تجنب الفنان التطرق إليها، لاسيما فيما يتعلق بالجانب السياسي.

وصف خالد الشيخ نفسه بـ”التلفان، مش صالح للغناء” في فترة الغزو العراقي للكويت، وربما كانت تلك بمثابة جملة مشفرة تحمل دلالات عدة، تفسيرها الأقرب – في ظني- تأثره سلبًا بمآلات الغزو التي أحبطت القوميين العرب وقتها، ما تلقته الأفكار التي تبناها ودافع عنها من ضربة قوية. فهو لم يقف مع الغزو، لكنه لم يستطع الغناء في تلك الظروف الصعبة أو حتى بعدها.

 من الأمور التي تُؤخذ على الفيلم؛ الإيجاز الذي لا يُغتفر للجانب الفني في حياة خالد الشيخ الذي تبنى ما يمكن تسميته “نظرية الفوضى” والتي غفل عنها الفيلم، وهي النظرية التي ترتبط بمفهوم مثاله “أثر الفراشة”، بمعنى تنامي الأثر بالتكرار فيحدث إعصار؛ أي “غموض التأثير والنتيجة المتجددة، المرتبطان بدهشة البدء” حسب تعبير الباحث أحمد الواصل في كتابه “الأغنية السياسية في الخليج في تجربة خالد الشيخ”. 

فوضى خالد الشيخ تمثلت في الثقافة الرفيعة بقصائد علوي الهاشمي، ومحمود درويش، ونزار قباني، وسميح القاسم؛ وهي الأشعار الرومانسية التي غالبًا ما تحمل بُعدًا سياسيًّا، ‏أو استعارته للمأثورات والفنون الشعبية في أغنيات الأزجال والحميني والمويلي والمسوبع (الزهيري)، ‏أو في الثقافة الشعبية في قصائد علي الشرقاوي وعلي عبد الله خليفة وإبراهيم بو هندي

‏هذه الفوضى الخلاّقة التي كنت آمل أن يتم التطرق لها ولو قليلًا، عبّر عنها الشيخ واصفًا إياها بأنها: “عشوائية، خربطة، لخبطة، وعدم وضوح في الرؤية، كان ذلك عبء. الذي يغفر لنا كل هذا العبث هو أننا جئنا من فراغ”.

يحمل الفيلم الطابع الشاعري في استحضار ذكريات الشيخ منذ مراهقته وحتى الوقت الحالي، مما يجعل السيرة محفوفة بالحنين ، ماضي وحاضر، العامل الذي يجذب المشاهد أكثر نحو عناصر الفيلم، وقد وظفه فريق عمل الفيلم بذكاء فريد يستحق الإشادة.

 إجمالاً يمكن القول أن الفيلم  قد تناول مواضيع براقة ولكنه لم يكن على مستوى التوقعات والشكل المأمول من فيلم يتناول قامة كبيرة مثل الفنان خالد الشيخ.

 

موقع "فاصلة" السعودي في

09.12.2023

 
 
 
 
 

شاهدتُها لكم في ختام البحر الأحمر السينمائي الدولي

”إخفاء صدام حسين" والرجل الذي أخفى دكتاتور العراق وعقل “فيراري“

البلاد/ طارق البحار:

عرض المخرج الكردي هالكوت مصطفى على الشاشة الكبيرة في مهرجان البحر الأحمر السينمائي قصة الرجل الذي أخفى دكتاتور العراق السابق، والتي تُروى للمرة الأولى بعد 18 عاماً من العثور على الدكتاتور صدام حسين مختبئاً في حفرة بمحافظة صلاح الدين.

يحكي هذا الفيلم قصة شخص "علاء نامق“ كان يمثل كل شيء بالنسبة لصدام، يتحدث عن حياته الخاصة معه، ويعتبر سائق صدام وحارسه وحلاقه وطبيبه وصديقه، حيث قام بإخفاء حسين لمدة 235 يوماً في مخبأ حفره في حديقته في بلدة الدور قبل أن يعثر عليه الأميركيون هناك في العام 2003.

كان صنع الفيلم مليئًا بالتحديات واستغرق 10 سنوات بحيث كلام المخرج الذي اضطر إلى الحفاظ على سرية عمله، حتى أن مشغلي الكاميرا والأشخاص الذين يعيشون في المكان الذي كان يصور فيه لم يعرفوا موضوع الفيلم الوثائقي، وكانت السرية لحماية سلامة وخصوصية الشخصية الرئيسية التي تبحث عنها وسائل الإعلام العراقية والعالمية.

وقال المخرج إن قصة المخبأ كانت تثير اهتمامه دائمًا، وكان من غير المعقول أن يتم إخفاء رجل بهذه الطريقة لمدة 8 أشهر في حفرة، وقد عثر على نامق في أوائل العام 2010 من خلال سياسي، وتحدثوا لأول مرة عبر الهاتف في العام 2010 والتقيا شخصيًّا في العام 2013 واستغرق الأمر عامًا حتى يتمكن مصطفى من إقناع نامق بالموافقة على التحدث، وثلاثة أعوام أخرى حتى يتمكن من الخوض في تفاصيل حياته عندما كان يخفي حسين. ورفض المخرج الكشف عن المواقع التي تم تصوير الفيلم فيها، لكنه أشار إلى أن معظم الأماكن حقيقية، باستثناء بعض المشاهد التي تم تصويرها في مواقع مصممة لتبدو وكأنها الموقع الحقيقي.

وقال: “لقد استمتعت بصناعة هذا الفيلم، والأسئلة التي كانت تدور في ذهني، وجدت الإجابات من خلال هذا الفيلم الوثائقي“، وهو يعتقد أن الناس سوف يستمتعون برؤية قصة لم تُروَ بالرغم من الكثير من ”الأكاذيب“ التي كانت في قصة الفيلم الوثائقي من تزوير وتقديم صدام حسين كملاك!

آدم درايفر هو ”فيراري“

لا يوجد الكثير من السيارات في ختام مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي مع عرض فيلم السيرة الذاتية "فيراري" للمخرج مايكل مان، بمشاركة كل من آدم درايفر، والنجمة بينيلوبي كروز، وشايلين وودلي، والنجم باتريك ديمبسي، بسبب أن الأحداث تحدث بشكل حصري تقريباً في العام 1957 قبل سنوات من ولادة السيارات الرياضية الإيطالية المشهورة من الشركة.

يسعى المخرج جاهداً للوصول إلى عقل وروح الأسطورة إنزو فيراري والذي لم يهتم كثيراً بالسيارات التي باعها، بل كما شاهدنا في الفيلم تسابقت شركات أخرى للمساعدة في بيع سياراتها، بينما باع السيارات فقط لمساعدته على الاستمرار في السباق!

تم تقديم فيلم السيارات المذهل بصورة دقيقة، وغالباً ما يكون مبهجاً للمشاهدة وكان بالفعل مسك ختام البحر الأحمر السينمائي.

كانت نقطة انطلاق المخرج هي كتاب إنزو فيراري: الرجل والآلة، السيرة الذاتية للعام 1991 التي كتبها كاتب ومحرر السيارات والسائق منذ فترة طويلة بروك ييتس، الكتاب مليء بتحليل ذكي للشخصية - ينتقد موقف فيراري القاسي تجاه النساء والجنس، وينتقد سمعته كمبتكر ومصمم، لكنه ينسب إليه الفضل كقوة للطبيعة وباني الأحلام - وكانت قوة محركات فيراري وطبيعته التنافسية التي لا هوادة فيها حضوراً لا يمكن إنكاره في جميع أنحاء عالم السباقات والسيارات لعقود، لكن ييتس يقول أيضاً إن الصحافيين الأميركيين الذين تم إغراؤهم بسهولة ساعدوا في خلق شخصية فيراري التي "فتنت وسحرت وخدعت الأميركيين حتى يومنا هذا"!

فيراري فيلم مرن وأنيق، وهو نوع الفيلم الذي تتوقعه من حرفي قوي مثل مان، الذي لم يصنع فيلماً منذ فيلم الجريمة الإلكترونية "Black Hat". وعندما يتعلق الأمر بالمشاعر الإنسانية الحقيقية، فإنه ليس رائعاً في التعمق، ومع ذلك فإنه يقدم شيئاً جميل المظهر وبمجرد أن تتصالح مع اتفاقية وجود ممثلين أميركيين أو إسبان يلعبون شخصيات إيطالية من خلال التحدث باللغة الإنجليزية بلكنة إيطالية خاصة، فإن الفيلم جذاب بشكل معقول.

في التفاصيل يروي قصة بطل السباقات السابق "إينزو فيراري" في صيف 1957 حينما واجه تحديات مالية أثرت على المصنع الذي بناه مع زوجته "لورا" التي تجسدها بينلوب كروز قبل عشر سنوات، ومن ثم انتهاء زواجهما بعد فقدانهما لابنهما "دينو"، ليجد فيراري نفسه غير قادر على تكبد خسائر أخرى مع شريكته الجديدة لينا لاردي. وتتطور الأحداث حين يقرر سائقوه المشاركة والفوز في سباق الألف ميل في"ميل ميليا" في إيطاليا.

فيلم "فيراري" يبني على مأساة تاريخية لا مفر منها، وهي أنه بالقرب من نهاية السباق، اصطدمت السيارة التي يقودها دي بورتاغو وملاحه إدموند نيلسون (إريك هوغن) بعقبة في الطريق جعلت السيارة تطير في الهواء، وقتلت 9 متفرجين على جانب الطريق يهتفون للسباق. ولكن حتى قبل هذا المشهد المفصل بشكل مروع - والذي يستخدم على الأرجح الاستخدام الأكثر وضوحاً وتأثيراً لتأثيرات CGI بعد الإنتاج في فيلم عملي في المقام الأول - يتميز فيلم مان بعدد قليل من تسلسلات السباقات المكثفة المشوقة.

مان والمحرر بيترو سكاليا يشددان على بريق المعادن، وأزمة الآلات وحتى الميكانيكا المبتذلة لتغيير التروس، حيث تندفع سيارات السباق بسرعة 120 ميلاً في الساعة وتتأرجح وتنسج حول بعضها البعض.

في النهاية، بينما يركز "فيراري" بالفعل على الرجل الذي يحمل لقبها، فإن هذا اللقب يمتد أيضاً إلى السلالة التي تحمل الاسم نفسه والتي جعلت إمبراطورية إنزو ممكنة، والأشخاص الذين لمسهم، والنساء اللواتي تركهن متناثرات بسبب حملة وفاته. أداء السائق جيد، محاطاً دائماً بحواجز الحماية العاطفية حتى في اللحظات المجهدة مثل عندما ينظر إنزو إلى ساعة الإيقاف الخاصة به لأحدث أوقات السرعة في سباق فيراري. لكن كروز تختطف عجلة القيادة من شريكها في البطولة في حالة ذهول حزينة، ولكنها دائماً في حالة تأهب وحزن، ووجهها كأنه جدار حجري يحكي عن ألم شديد بعد فقد الولد.

قد يصنع إنزو فيراري السيارات الرياضية التي ساعدت في تغذية الثورة الاقتصادية والاجتماعية في إيطاليا، لكنه هو نفسه محاصر في عالم من العصور الوسطى تقريباً من الحزن والركود.  

 

####

 

فيلم بنات ألفة يفوز بجائزة الشرق لأفضل وثائقي في مهرجان البحر الأحمر السينمائي

البلاد/ مسافات

حصل فيلم بنات ألفة المشارك في مسابقة روائع عربية بجائزة الشرق لأفضل وثائقي في مهرجان البحر الأحمر السينمائي بدورته الثالثة التي تم اقامتها في الفترة  من  30 نوفمبر حتى 9 ديسمبر ، الفيلم من توزيع شركة فيلم كلينك المستقلة للتوزيع.

وقد حقق الفيلم التونسي بنات ألفة مؤخراً إنجازا عالميا جديدا يواصل به سلسلة نجاحاته العالمية حيث استطاع الفوز بجائزة أفضل فيلم وثائقي في حفل جوائز جوثام وهي واحدة من أكبر الجوائز العالمية التي تكرم السينما المستقلة.

فيلم بنات ألفة للمخرجة كوثر بن هنية، هو ترشيح تونس الرسمي لجوائز الأوسكار وقد لقى عرضه العالمي الأول في مهرجان كان السينمائي ضمن المسابقة الرسمية استقبالا حافلا.

بنات ألفة مستوحى من قصة حقيقية لسيدة تونسية اسمها ألفة لديها ٤ بنات، تعاني من الفقر وتشهد وقوع بناتها في مستنقع الإرهاب والتطرف فتحاول مساعدتهن بعدما انتهى بهن المطاف في السجن بسبب هروبهن إلى ليبيا وانضمامهن إلى تنظيم داعش الإرهابي. شارك في بطولته الفنانة هند صبري والتي قدمت دور ألفة، بمشاركة نور فروي وإشراق مطر ومجد مستورة، كما شاركت كوثر بن هنية في كتابة السيناريو وتولت عملية المونتاج بنفسها والفيلم من إنتاج تونسي فرنسي ألماني سعودي مشترك ومن توزيع فيلم كلينك المستقلة للتوزيع في العالم العربي .

فيلم كلينك المستقلة للتوزيع تأسست عام ٢٠١٧ كشركة شقيقة وذراع التوزيع لشركة فيلم كلينك ، بهدف تقديم الدعم وتوزيع أعمال صانعي الأفلام العرب الأكثر إثارة وإقبالاً. في عام ٢٠٢٠ تضمن سجل أفلام فيلم كلينك المستقلة للتوزيع ترشيحات الأوسكار من خمس دول عربية لذلك العام.

 

####

 

وداعًا جوليا يكتسح دور العرض الخليجية

البلاد/ مسافات

يواصل الفيلم السوداني وداعًا جوليا للمخرج محمد كردفاني تحقيق النجاحات في شباك التذاكر العربي، فمع اليوم الأول لانطلاقه في دور العرض الخليجية يوم الأربعاء 7 ديسمبر/كانون الأول، رفع الفيلم لافتة "كامل العدد" في أكثر من سينما بدول مختلفة، ففي السعودية بسينمات رد سي مول في جدة، وصحراء مول ورياض فرونت في الرياض، وتاون سكوير في جدة، جاءت عروض الفيلم كاملة العدد، وهو ما تكرر في سينما فوكس دوحة فيستيفال سيتي في قطر وفوكس البحرين.

وكان الفيلم قد انطلق في دور العرض في 5 دول خليجية هم السعودية والكويت وقطر وعمان والبحرين عبر 57 دار عرض، بينما يُعرض في الإمارات العربية المتحدة ابتداءً من 14 ديسمبر وسيتم الإعلان عن دور العرض لاحقًا.

ويُعرض الفيلم في 34 دار عرض في السعودية و 8 سينمات في عمان، و5 سينمات في البحرين، و6 سينمات في قطر، و4 سينمات في الكويت.  وقد تخطت إيرادات الفيلم في مصر 3 ملايين جنيه، ويواصل عروضه في السينمات للأسبوع السابع على التوالي، وقد سجل منذ أسبوعه الثاني أعلى إيرادات لفيلم عربي في تاريخ شباك التذاكر المصري. 

وفي فرنسا، ارتفع عدد السينمات التي تعرض الفيلم  إلى 67 شاشة بعد أن نجح الفيلم في بيع أكثر من 20 ألف تذكرة منذ انطلاقه في 21 مدينة في مطلع شهر نوفمبر. وقد عُرض أيضًا لأول مرة في آسيا ضمن مهرجان سنغافورة السينمائي الدولي. ومؤخرًا فاز وداعًا جوليا بجائزة الجمهور وجائزة لجنة تحكيم سينيكلب من مهرجان تيراغونا السينمائي الدولي في إسبانيا إلى جانب تنويه خاص من لجنة تحكيم الشباب، ليصبح في رصيده 17 جائزة دولية.

وسابقاً أعلنت النجمة لوبيتا نياونجوه الحائزة على جائزة الأوسكار عن دورها في فيلم 12 Years a Slave (والمعروفة بأدوارها في فيلم Us وسلسلة Black Panther)، عن انضمامها لفريق عمل الفيلم كمنتجة منفذة، وهو ما يعد دعمًا مباشرًا منها للفيلم الذي يمثل السودان في النسخة الـ96 من جوائز الأوسكار ضمن فئة أفضل فيلم روائي دولي 2024. كما تم اختيار الفيلم للمرحلة الأولى في التصويت لجائزة غولدن غلوب 2024 لأفضل فيلم غير ناطق باللغة الإنجليزية، والتي ستُعلن قائمتها القصيرة في شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل.

سجل جوائز الفيلم يضم أيضًا: جائزة التفوق وجائزة أفضل تمثيل لبطلته إيمان يوسف من مهرجان الفيلم المسلم الدولي في تورنتو، جائزة الجمهور في مهرجان موسترا السينما العربية والمتوسطية في كتالونيا، جائزة أفضل فيلم من مهرجان بلفاست السينمائي،وجائزتين من مهرجان الحرب على الشاشة في فرنسا (جائزة الصحافة، جائزة الجمهور)، و3 جوائز في مهرجان Paysages de Cinéastes(جائزة لجنة تحكيم الصاعدين، وجائزة لجنة تحكيم المرأة، جائزة الجمهور)، وجائزة أفضل فيلم إفريقي في حفل توزيع جوائز سبتيموس الدولية، وبدأ هذا المشوار من مهرجان كان السينمائي الذي استضاف عرضه العالمي الأول ضمن قسم نظرة ما، حيث فاز بجائزة الحرية.

وكان وداعًا جوليا قد حصل على عرضه الأول في المملكة المتحدة في مهرجان لندن السينمائي، وقبلها شارك في مهرجان كارلوفي فاري السينمائي الدولي، ومهرجان ملبورن السينمائي الدولي.

يقول إيدي أقويت الكاتب والناقد من جنوب السودان "أؤمن بأن وداعًا جوليا استحق جائزة الحرية عن جدارة، فالعمل لا يعاند السرديات السائدة فقط، بل يفتح طريقاً لإعادة الحوار حول ماضي الجنوبيين والشماليين بشكل جاد، والتفكر في مستقبل السودان في هذه اللحظات العصبية في تاريخه والتمسك بمسار الثورة السودانية نحو حكومة مدنية وديمقراطية تحفظ ما تبقى من البلاد من الانقسام والتشرذم". ووصفه الكاتب سندويس كودي بأنه "زهرة وسط أكوام خراب مهما بدت صغيرةً فهي تبعث أملاً كثيراً".

تدور أحداث وداعًا جوليا في الخرطوم قبيل انفصال الجنوب، حيث تتسبب منى، المرأة الشمالية التي تعيش مع زوجها أكرم، بمقتل رجل جنوبي، ثم تقوم بتعيين زوجته جوليا التي تبحث عنه كخادمة في منزلها ومساعدتها سعياً للتطهر من الإحساس بالذنب.

الفيلم من إخراج وتأليف محمد كردفاني الحائز على العديد من الجوائز،وبطولة الممثلة المسرحية والمغنية إيمان يوسف وعارضة الأزياء الشهيرة وملكة جمال جنوب السودان السابقة سيران رياك ويشارك في بطولة الفيلم والممثل المخضرم نزار جمعة وقير دويني الذي اختارته المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين سفيرًا للنوايا الحسنة عن منطقة شرق إفريقيا والقرن الإفريقي، وتصوير بيير دي فيليرز ومونتاج هبة عثمان، ومهندسة الصوت رنا عيد وتصميم أزياء محمد المر.

وداعًا جوليا من إنتاج المخرج السوداني الشهير أمجد أبو العلاء الذي مثل السودان في ترشيحات الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي عام 2020 لأول مرة في التاريخ بفيلم ستموت في العشرين، كما يشاركه في الإنتاج محمد العمدة من خلال شركة الإنتاج السودانية ستيشن فيلمز، وتتولى شركة MAD Solutions المبيعات الدولية للفيلم.

كما يشارك في الإنتاج باهو بخش وصفي الدين محمود (RED STAR/ مصر) ومايكل هينريكس Die Gesellschaft DGS)/ ألمانيا)، وخالد عوض ومحمد كردفاني (Klozium Studios/ السودان)، ومارك إرمر(Dolce Vita Films/ فرنسا)، وفيصل بالطيور (Cinewaves/ السعودية) وعلي العربي (Ambient Light/ مصر) وأدهم الشريف (CULT/ مصر) وإسراء الكوقلي هاغستروم (Riverflower/ السويد).

محمد كردفاني صانع أفلام سوداني، حاز فيلمه القصير نيركوك على جائزة الفيل الأسود لأفضل فيلم سوداني عام ٢٠١٧ وجائزة شبكة ناس لأفضل فيلم عربي في أيام قرطاج السينمائية، وجائزة لجنة التحكيم في مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي وجائزة أرنون بيلافيت بيليجريني في مهرجان الفيلم الإفريقي الأسيوي اللاتيني السينمائي الدولي في ميلان. عُرض فيلمه القصير سجن الكجر خلال أحداث الثورة السودانية في ساحة الاعتصام التي ضمت آلاف المتظاهرين، وكان فيلمه الوثائقي جولة في جمهورية الحب هو أول فيلم مؤيد للثورة يبثه تلفزيون الدولة. في العام ٢٠٢١ أسس ستديوهات كلزيوم للإنتاج بالخرطوم.

 

البلاد البحرينية في

09.12.2023

 
 
 
 
 

«مندوب الليل» يقتحم الخط الأحمر

طارق الشناوي

ما الهدف من إقامة مهرجان سينمائى؟ قطعًا هو النجاح فى تحقيق الجذب الجماهيرى فى الداخل وأن يتحول إلى رقم مهم على الخريطة الدولية، إلا أن هناك هدفًا استراتيجيًّا أبعد من كل ذلك، أن يؤكد المهرجان من خلال فعالياته، على توفر صناعة سينمائية فى البلد صاحب الأرض.

نجح (البحر الأحمر) فى الرهان على الهدفين، صارت له مكانته الدولية، أصبح يشكل منصة رئيسية للسينما العربية، تواجدت فى فعالياته، أهم الأفلام التى مثلتنا كعرب فى المهرجانات العالمية، بدأنا نرى سينما سعودية، تتحدث بلغة عصرية، وتتواجد أيضًا بالمهرجانات، رغم أن كلمة سينما كانت قبل سبع سنوات لا يمكن استخدامها فى أى حوار، إلا بالكثير من التحفظات.

حتى يتواجد الفيلم، لا يكفى إقامة بنية تحتية من استديوهات تصنع الشريط ودور عرض تسمح بتداوله، يجب أن يواكب ذلك إرادة تمنح السينمائى الأمان والقدرة على المشاغبة والدخول فى الممنوع، فبقدر ما تملك السينما السعودية من قدرة على الاقتراب من (المسكوت عنه)، بقدر ما تتمكن من الحياة والتنفس والتواجد فى المهرجانات وأيضا حصد الجوائز، وقبل ذلك الوصول للإنسان البسيط، عندما يرى نفسه على الشاشة، وهو ما استطاع فيلم (مندوب الليل) تحقيقه، أول فيلم روائى طويل للمخرج على الكلثمى، الذى شارك أيضًا فى كتابة السيناريو مع محمد القرعاوى.

مثل الفيلم السينما السعودية بالمسابقة الرسمية للمهرجان مع 16 فيلمًا آخر، ليس من بينها السينما المصرية، التى تراجعت كثيرًا، مصريًّا وعربيًّا ودوليًّا وتلك حكاية أخرى.

المخرج يحاول من البداية كسر المسافة بينه وبين الجمهور، شارحًا كلمة مندوب بالمعنى المباشر وأيضًا ظلال الكلمة، المندوب هو المكلف بالمهمة، وهو أيضًا صفة تطلق على المتوفى، كما أنها تحمل معنى المصاب بالندوب، وتلك الإشارة المكتوبة على الشاشة، ليست مجانية، ولهذا كتبها المخرج فى بداية الفيلم ونهايته، البداية لكى يقدم المعنى المباشر، بينما فى النهاية حتى تضيف أنت أيضا المعنيين المستبعدين، هل البطل مجرد مندوب مكلف بأداء مهمة أم أنه متوفى أم لعله مصاب بالندوب؟.

الفيلم يقدم معاناة الإنسان البسيط، الطبقة المهمشة، الليل ترى فيه الطبقة الثرية والمتوسطة، ثم هؤلاء المهمشين، الليل وظلامه على عكس ما يبدو ظاهريًّا أنه ساتر للعيوب، بينما الحقيقة أنه كاشف لها.

السينمائى السعودى صار لديه هامش للمشاغبة الاجتماعية، وأيضا لكسر النمط الذى كثيرًا ما يقدم شخصية السعودى، أو الخليجى (الفلكلورية)، بها فقط ملامح الثراء، وهى صورة رسختها بعض الأفلام المصرية وانتقلت للسينما العربية، بينما من يعايش الحياة واقعيًّا، سيتأكد أنه بعيد تمامًا عن هذا التنميط.

هناك ملمح آخر يجب أن نتوقف عنده، الدولة ممثلة فى الأجهزة الإنتاجية وأيضًا الرقابية، فتحت الباب للمبدعين لتقديم أحلامهم بدعم مادى كبير، إلا أنها قبل وأهم من ذلك منحت السينمائى ضوءًا أخضر لاقتحام ما دأبنا على أن نغلفه بأوراق السوليفان. الشاب مثقل بالعديد من المشاكل الوجودية كما أنه صار مسؤولًا عن عائلته الأب العجوز المريض وأخته المطلقة، بينما بسبب سوء سلوكه واندفاعه، طرد من إحدى شركات المحمول ليصبح مندوب مبيعات يعمل فى وردية الليل.

الليل يحمل بسواده غموضًا ووفى نفس الوقت ينبئ ببصيص من نور، يمنحك إحساسًا كاذبًا أنك تمتلك كل شىء، عندما يغيب البشر عن الشارع تشعر بأنك تمتلك الشارع، وهكذا يقرر أن يسرق من سارق، وهناك من يصنع خمورًا، فيقرر أن يسرقه.

ويأتى للذروة، مشهد الحافلة وهى تنقل البطل، بينما الكاميرا تستعرض كل تلك الوجوه ومن مختلف الجنسيات، التى تفيض ملامحها بالكثير من الحكايات.

بطل الفيلم محمد الدوخى نجح فى تقديم الشخصية بتكثيف مبهر، وشاركه المخضرم محمد الطويان وسارة طيبة. فيلم سعودى مختلف عن السياق يستحق أن يتقدم السباق!.

 

####

 

«البحر الأحمر السينمائى» يُسدل الستار على دورته الثالثة (ملف خاص)

كتب: سعيد خالد

أسدل الستار على الدورة الثالثة لمهرجان البحر الأحمر السينمائى الدولى، بإقامة حفل الختام أمس الأول، فى حين تستمر الفعاليات وعروض الأفلام حتى اليوم لجمهور وراود المهرجان وعشاق السينما ليتمكنوا من متابعة الأفلام فى البرامج المختلفة للمهرجان، منها الأفلام الفائزة فى المهرجان بجوائزه المختلفة.

كما يختتم المهرجان عروضه العالمية بالعرض الأول فى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لفيلم «فيرارى»، وهو فيلم السيرة الذاتية المرشح لجائزة الأوسكار، للمخرج مايكل مان، ومن بطولة كلّ من آدم درايفر، وبينيلوبى كروز، إلى جانب عرض خاص لفيلم «الصبى ومالك الحزين» لهاياو ميازاكى.

«أنف وثلاث عيون».. رواية إحسان عبدالقدوس برؤية 2023

شهدت فعاليات الدورة الثالثة من مهرجان البحر الأحمر السينمائى الدولى عرض الفيلم المصرى «أنف وثلاث عيون» ضمن مسابقة «روائع عربية»، بحضور صناعه، المخرج أمير رمسيس، المؤلف وائل حمدى، وهو العمل المأخوذ عن رواية «أنف وثلاث عيون» للكاتب إحسان عبدالقدوس، بطولة ظافر العابدين، صبا مبارك، سلمى أبوضيف، أمينة خليل، إنتاج شاهيناز العقاد، وسبق تقديمه فى فيلم حمل الاسم نفسه قبل 51 عامًا للمخرج حسين كمال.

ولعب بطولته ماجدة، نجلاء فتحى، محمود ياسين، ميرفت أمين، صلاح منصور، حمدى أحمد، فالفيلم مقتبس من رواية تحمل الاسم نفسه للعملاق الأدبى المصرى الرّاحل «إحسان عبدالقدّوس»، حول حياة رجل محاصر بين 3 نساء، «هاشم» جرّاح تجميل بارز فى أواخر الأربعينات من عمره يجسده ظافر العابدين، يستشير «علياء» الطّبيبة النّفسيّة لمساعدته فى شرح ارتباطه بامرأة تصغره بكثير، تدعى «روبى»، والّتى تدير حسابه على وسائل التّواصل الاجتماعى.

تتساءل «علياء» إن كانت «روبى» تشبه والدة «هاشم»، وتطلب منه أن يبدأ فى كتابة مذكّرات عن علاقاته السّابقة، يشكّك «هاشم» بطلب «علياء»، ولكن عندما يصادف شغفًا سابقًا عند خروجه من عيادتها، تبدأ الأمور فى الاتّضاح.

«المصرى اليوم» حاورت صناع الفيلم للكشف عن تفاصيله قبل عرضه تجاريًا فى دور العرض بمصر والوطن العربى.

وأكد المخرج أمير رمسيس أن فكرة تحويل الرواية وإعادة معالجتها، كانت للمنتجة شاهيناز العقاد، ولم يكن منذ فترة بعيدة، والفيلم تم تنفيذه بسرعة شديدة، الكل كان متحمسا للتجربة، أحب إحسان عبدالقدوس على المستوى الشخصى واعتبره أفضل الروائيين المصريين فى رصد العلاقات العاطفية، ويسردها بذكاء بتشابك محبوك، كنت متخوفا جدًا من إعادة معالجة الرواية.

رغم أننى أحبها جدًا، رؤيتى أنه صعب جدًا أن تتحول إلى فيلم سينمائى، لأنها عبارة عن 3 قصص وعلاقتهم مع رجل، وبعد قراءتى لسيناريو وائل حمدى، تحمست، لأننى بصدد معالجة ذكية جدًا، خان الرواية الأصلية ليقدمها بشكل سينمائى، ولكنها خيانة إيجابية، تحمست للمشروع بعدها بقدر خوفى منه ومن هنا جاءت الفكرة.

وعن حقيقة إضافته للسيناريو أو التعديل به أوضح رمسيس: «أنف وثلاث عيون» كانت أقل تجربة تدخلت فيها بالتعديل على السيناريو، وملاحظاتى كانت على الشكل الإخراجى.

وتابع: لم نقصد التقليل من مساحات الأدوار النسائية، وكل كاركتر نسائى تم تقديمه بالشكل المطلوب، مع التفسير المختلف وإعادة القراءة للرواية، الفيلم يتم تقديمه فى 2023 بعض الأمور التى كانت مقبولة مجتمعيًا وقت كتابة الرواية ومثلا عمر الشخصيات كان أغلبهم فى سن 19 سنة، تم تطويرها وفقًا للعصر الحالى وفق التحليل الجديد لشخصية د. هاشم، وأعتقد أن الجمهور سيتشبع من كل الشخصيات النسائية فى الفيلم ومنها أمينة ورحاب ونجوى، مساحة كل منهن كانت وافية، تعاملت معه كمخرج فقط.

وردًا على حقيقة التخوف من تقديم مشاهد حميمية أو قبلات فى الفيلم بسبب الرقابة قال أمير: لا أخشى مقص الرقيب، ولم يأت ذلك عن عمد، أو بسبب تخوف من الرقابة، نتعامل مع شخصية تعانى من أزمة فى العلاقة الحميمية والجسدية مع الشخصية التى يحبها، وشكل السرد فى الفيلم ثقل أن يكون المشاهد ينتظر الحميمية ولا تحدث هو أهم من تجسيدها، لست ضد مشاهد الحب فى أفلامى.

لكن نوع الفيلم والحدوتة هو من فرض ذلك، الرواية كتبت فى زمن الشكل الاجتماعى فيه مختلف، فى وقت الانفتاح بمصر فى الستينيات والسبعينيات، يسمح بشكل معين من العلاقات، ولكن القيود المجتمعية الآن غيرت من شكل المجتمع المصرى، قدمنا معالجة وفية للغة العصر وللقيود المجتمعية أيضًا المفروضة على العلاقات.

وأضاف: كنت حريصا على مراجعة الطب النفسى طوال فترة تصوير الفيلم، بدءًا من مرحلة الكتابة والتصوير، وأى أمور متعلقة بالطب كنا نعود لمتخصصين، وكان معنا طبيب تجميل لاستشارته بأمور تتعلق بكون د. هاشم بطل الرواية هو طبيب تجميل، وكان يقرأ المشاهد قبل تنفيذها، وقدمنا الطبيب النفسى بعيدًا عن النمطية وكانت هى الأخرى تعالج نفسيًا وكان خطا قريبا من النار وأحتاج مراجهة مع الطب النفسى وهو ما قمنا به بالفعل.

وتابع: ردود الفعل على الفيلم والتعليق على شكل ظهور الممثلين سواء ظافر العابدين أو سلمى أبوضيف كانت جيدة مع العرض العالمى الأول للفيلم بمهرجان البحر الأحمر السينمائى، كلاهما بذل مجهودا كبيرا وقدمت سلمى أداء متميزا وخطوة جديدة فى مسارها وسعيد بالتعاون معها.

وتابع أمير رمسيس: كنا منشغلين بالشكل النمطى للشخصيات التى يحبها د. هاشم وإعادة قراءته برؤية عصرية فى 2023، وحينما تتعامل السينما مع الأدب فيه جزء من المجازفة لكن هذه هى السينما.

سلمى أبوضيف: «روبا» أكثر شخصية أحببتها فى أدوارى

تحدثت الفنانة سلمى أبوضيف عن فيلم «أنف وثلاث عيون» واعتبرته تجربة مختلفة ومميزة، وقالت: تواصل معى المخرج أمير رمسيس، وتحمست له لعدة أسباب، بمجرد قراءتى الأولى للعمل وجدت أنه مختلف فى المعالجة عن كل الأعمال التى تناولت الرواية من قبل سواء فى السينما والإذاعة، وعندما أوضح لى كاست الفيلم كان العامل الثانى الذى دفعنى لقبوله.

إضافة للإنتاج لشاهيناز العقاد، والسيناريو كذلك، حينما تحدثت مع وائل حمدى على تفاصيل شخصية رحاب أو روبا، أعتبرها أكثر شخصية أحببتها فى كل الأدوار التى جسدتها، سهلة وخفيفة لم تكن صعبة، كان من الممكن أن تكون معقدة لكنى تعرفت عليها بسهولة.

وأضافت: لم أقرأ الرواية الأصلية، وتعرفت عليها للمرة الأولى من خلال السيناريو لوائل حمدى، ولم أرجع لفيلم «أنف وثلاث عيون» للمخرج حسين كمال، تعاملت وفقًا لوجهة نظر الكاتب والمخرج.

وأكدت سلمى: أشعر أن كل دور أجسده يترك لى رسالة ويذهب، وشعرت بعد انتهاء تصوير «أنف وثلاث عيون» أنه قد تتعامل مع شخصيات فى حياتك وتحبه دون أن تكمل هذه العلاقة، حتى يمر الوقت وتجد الشخص المناسب لتحبه.

وأكدت: فى «أنف وثلاث عيون» لم يتم التركيز على فكرة سبب حب روبا لشخص أكبر منها فى العمر بسنوات، ولكن التركيز كان على المشاكل التى دفعت د. هاشم للدخول فى تلك العلاقة وبمجرد قيامه بحل مشاكله منذ طفولته عاد إلى حبيبته وتزوجها.

شاهيناز العقاد: تقديم الدراما الرومانسية غائب عن السينما

أكدت المنتجة شاهيناز العقاد أنها من تحمست لتقديم الرواية فى فيلم سينمائى، رغم معالجتها فى أكثر من عمل من قبل، ولكن هى المرة الأولى مقارنة بكل التجارب السابقة أن يتم تغطية كل جوانب الرواية، بحسب وصفها.

وتابعت: بمجرد قراءتى لمعالجة وائل حمدى، تحمست، وتفاجأت، لأنه يعكس أسباب تدمير د. هاشم لحياته، ويبحث دائمًا عن شخصية مثالية، ومهما كان هناك شخص سيئ وتصرفاته غير مقبولة للبعض، إلا أنه فى شخصيته أمور تسببت له فى ذلك، وهو ما تم العمل والتركيز عليه.

وأضاف: الإنتاج السينمائى فيه مخاطرة، لكنى أعشق تلك المغامرة، أحرص على تذليل كافة العقبات أمام المخرج، وكل العاملين فى أى فيلم، وجمال السينما يكمن فى التنوع الخاص بموضوعاتها واختلاف الأذواق، تقديم الدراما الرومانسية منذ فترة غائب عن السينما، لكن رأيى أن شباك التذاكر يحتاج لها فى الوقت الحالى.

ظافر العابدين: المقارنة مع محمود ياسين صعبة

كشف الفنان ظافر العابدين تفاصيل شخصيته فى فيلم «أنف وثلاث عيون»، وقال لـ«المصرى اليوم»: أبحث دائمًا عن الأدوار المركبة والصعبة، مشاركاتى فى السينما لم تكن متعددة، لأننى أبحث فيها عن الاختلاف بعيدًا عن أدوارى فى الدراما التلفزيونية، دور د. هاشم فيه تحد، لأنه بعيد عن كل أدوارى فى مصر، وكل مشاهده وأحاسيسه فى العمق، ليس سطحيًا، يراجع نفسه وذاته كل يوم، لم يكن سهلًا فى تنفيذه، مطلوب نقل ما يعيشه من مشاعر واضطرابات وتخوفات.

وردًا على فكرة مشاهدته للتجارب السابقة حتى يتفادى تكرار غيره من النجوم قال: تعاملت مع الفيلم وكأنه ينقل عن الرواية للمرة الأولى، معتمدًا على السيناريو، وفقًا لوجهة نظر المخرج، ورؤيتى أيضًا، لم أفكر فى المقارنة مع الأستاذ محمود ياسين، صاحب التاريخ الكبير والأدوار العظيمة فى السينما المصرية، المقارنة معه بالتأكيد صعبة، والمهم بالنسبة لى كان التركيز على السيناريو ووجهة نظره الشخصية.

وتابع ظافر: شاركت فى السينما المصرية والتونسية وفى فرنسا ولبنان، والسعودية، والسينما صاحبة مكانة خاصة ويجب أن تكون مشاركتى فى أى عمل إضافة لرصيدى، قدمت أعمالا كثيرة فى التليفزيون ولكن قد ينسى جماهيريًا بمجرد عرضه الأول، لكن بالنسبة للسينما الوضع مختلف، نتحدث عن فيلم أنف وثلاث عيون تم تقديمه منذ عمر وحتى الآن نتحدث عنه، أى اختيار فى السينما أبحث أن يعيش، وقلة أدوارى فيها بسبب العروض ونوعية الأدوار، لا أتسرع فى اختياراتى، والمفروض هو الذى يفرض نفسه، لا يهمنى الحضور لمجرد الحضور.

وعن عدم تنفيذ مشهد القبلة فى الفيلم، أوضح ظافر: أحيانًا تقديم مشاهد حميمية لا يضيف للأفلام إذا تم توصيل القصة والمشاعر بدونها، ورأيى أنها ليست ضرورية.

وتابع: أنف وثلاث عيون من الأفلام المهمة من حيث النوع، عمل نفسى طبيعته حول طريقة فهم الإنسان لنفسه، ويعكس طريقة تفكير د. هاشم وتفسير لتصرفاته مع النساء، هل هناك شىء فى حياته، أم أن اختياراته بعقله هى السبب، وهو مهم جدًا.

وائل حمدى: سعيد بردود الفعل على العرض العالمى الأول للفيلم

تحدث السيناريست وائل حمدى: كان هناك أكثر من عنصر للتغيير فى الفيلم عن كل التجارب السابقة، الأفلام التى رصدت الرواية كانت تقدم الحكاية من وجهة نظر السيدات الثلاث اللاتى كن على علاقة مع د. هاشم - ظافر العابدين- وفكرت بأن هناك فصلا رابعا لم يكتب من الرواية، ينقل وجهة نظر د. هاشم نفسه، حتى يتعرف المشاهد لماذا يرتبط؟ وينفصل بعدها.

وأضاف حمدى: لم أخن الرواية ولم أشعر بذلك، لا يوجد حدث واحد فى الفيلم عكس ما كتب فى الرواية، لكنى حاولت أرى الأحداث من منظور د. هاشم فقط، وأدواتى كانت ذهابه لطبيبة نفسية - صبا مبارك- يحكى لها ما يعيشه من ظروف، وسعيد بردود الفعل على العرض العالمى الأول للفيلم.

وعن استخدام الـ «v.o» فى الفيلم وحكى د. هاشم لحكايته خلال الأحداث قال: هذا لم يؤثر على الرؤية البصرية للفيلم، الحوار مثل أى عنصر سينمائى، مع الوقت خاصة بعد تجربة فيلم «هيبتا» التى اعتمدت على الحوار بشكل أكبر كان الحماس لتكرارها فى تجارب قادمة أكثر سهولة، واستقبلته الناس بشكل جيد، وهو ما اقتنعنا به وقدمناه أيضًا فى «أنف وثلاث عيون»، وأمير رمسيس أيضًا أضاف الكثير وخرج به فى أفضل صورة.

وتابع «حمدى»: إحسان عبدالقدوس كان من أقدر الروائيين القادرين على طرح العلاقات الإنسانية العاطفية فى الأدب المصرى، وهذا النوع من العلاقات ليس له سقف، قد يكون به تفاصيل تختلف من زمن لآخر، لكن نوع المشاعر لا يختلف، وبالتالى ما كان يسرى فى السيتينيات يتشابه مع السبعينيات وفى الألفية، اختلاف الأدوات والظروف العامة هو من يتغير، تم تحديث تفاصيل الحياة بما يتناسب مع الوقت الحالى.

وأضاف: المعالجة الجديدة التى كتبتها للرواية تميل أكثر إلى الجانب الذهنى والنفسى لعلاقات د. هاشم، ونقول بأن هناك علاقة حميمية حصلت فى المشهد دون تصويرها، المعالجة سمحت لنا بهذا النوع من التحفظ.

وتابع: استشرت طبيبتى النفسية فى قصة الفيلم وشخصت معها شخصية د. هاشم، وحددنا نوعية العقدة التى قد يكون عانى منها فى الصغر، وأوجه لها التحية كانت معى فى كتابة جمل كاملة خاصة بعلم النفس.

المخرجة كوثر بن هنية لـ«المصرى اليوم»: صورت «بنات ألفة» كأنه فيلم وثائقى.. ولم أرض عنه فغيرته تمامًا

ردود فعل قوية صاحبت عرض الفيلم التونسى الوثائقى «بنات ألفة»، بعد عرضه ضمن فعاليات الدورة الثالثة لمهرجان البحر الأحمر السينمائى الدولى، بقسم «روائع عربية»، العمل الذى ناقش قضية مغادرة اثنتين من المراهقات منزل الأمّ «أولفة حومانى» فى تونس، للقتال مع داعش فى ليبيا، وتلقى فيه «أولفة» أحيانًا اللّوم على الحكومة لسماحها للدّعاة الجهاديّين بطرح آرائهم، وأحيانًا أخرى تلقى الّلوم على حبّها الخانق والقاسى لبناتها.

الفيلم بطولة هند صبرى، إخراج التونسية كوثر بن هنية بطولة، مجد مستورة، نور قروى، إشراق مطر، بمشاركة ألفة همرونى، ايا شيخاوى، تيسير شيخاوى وهن شخصيات حقيقية.

وفى تصريحات خاصة لـ«المصرى اليوم» كشفت كوثر بن هنية سبب المزج بين الدراما والتوثيق فى فيلم «بنات ألفة» وقالت: «فى البداية صورت الفيلم كأنه وثائقى فى 2016، واكتشفت سريعًا أنها ليست الطريقة المناسبة لتناول حكاية ألفة وبناتها سينمائيًا، معقدة ومتشعبة، تمزج الماضى بالحاضر، والحميمى بالسياسة والتاريخ، وما صورته وقتها كان بلا معنى، ودون مستوى القصة، وبدأت التفكير فى أفضل طريقة لحكى الحكاية.

أرفض تقديم فيلم ضعيف، وبعدها قررت تصوير فيلم «الرجل الذى باع ظهره»، وهو عمل روائى بعيد تمامًا، بعدما انتهيت منه عدت لمشروع فيلم «بنات ألفة» تحمست له لرغبتى فى معرفة سبب إقدام اثنتين من فتياتها للهروب من الدار لتلتحق بداعش، والإجابات كانت سطحية بسبب الغباء والجهل والفقر وحتى أجيب على السؤال قررت التصدى للفيلم، بالتأكيد أفضل من يجيب عنه هن من عشن التجربة، ورجعت لماضى العائلة، وقمت بإعادة تصويره، واستعملت الكلاشيه لمصلحتى بالاستعانة بممثلين يسألون الشخصيات الحقيقية وتخلق تراجيديا تبرز الأحداث.

وعن اختيار هند صبرى لتحاور «ألفة» ضمن أحداث الفيلم قالت كوثر: أحب هند صبرى، حينما التقيت ألفة فى 2016 كان يعرض فيلم «زهرة حلب» لهند صبرى، وألفة شاهدت الفيلم ومعجبة بهند جدًا، وهى الأفضل لتجسيد مرآة الأم لأن شخصياتهن مختلفة تمامًا، بهدف فهم شخصية الأم بزوايا متعددة، هند صبرى كانت بالنسبة لى وسيلة لفهم والتعرف على شخصية «ألفة».

وتابعت: اخترت أن يجسد كل الشخصيات الذكورية بالفيلم ممثل واحد لعدة أسباب، أولها أننى كنت معجبة بهذا الأمر، والسبب العمل لتعدد الشخصيات النسائية فى الفيلم قرابة 10 شخصيات، وإذا استعنا بممثل لكل شخصية كان سيصبح أكثر تعقيدًا.

وأضافت «كوثر»: ما جذبنى لـ«ألفة» وبناتها أنهن لديهن قدرة رائعة على الحكى، باستعمال اللغة الشعبية البسيطة، لديهن طرافة مضحكين، ولم يكن هناك سيناريو مكتوب للحكاية، اعتمدت على ردود الفعل الطبيعية أمام الكاميرا، وكان مستواهن جيدا جدًا بشكل سينمائى، لم يحتاجوا لتدريب، فهموا التقنيات سريعًا دون تعقيد.

بطل الفيلم السعودى «نورة».. يعقوب الفرحان: أحمد زكى المرجع والمدرسة

شهدت فعاليات الدورة الثالثة من مهرجان البحر الأحمر السينمائى الدولى، التى تختتم فعالياتها وعروض أفلامها- اليوم السبت- عرض الفيلم السعودى «نورة» الذى نافس على جوائز المسابقة الدولية للمهرجان ضمن قسم الأفلام الروائية الطويلة، وهو من إخراج توفيق الزايدى، بطولة يعقوب الفرحان، ماريا بهراوى، عائشة كاى، عبدالله السدحان.

وتدور قصة الفيلم حول امرأة شابّة أمّيّة تجسدها مريم البهراوى، ويأتى مدرّس جديد إلى قريتها ويعرّفها إلى الرّسم، فيفتح حياتها المقيّدة على عالم من الاحتمالات الخياليّة والتّعبيريّة، فى دعوة للتحرر، وهو العمل الذى تم تصويره كاملًا فى صحراء العلا.

وقال بطل الفيلم يعقوب الفرحان فى تصريحات لـ«المصرى اليوم»: «فخور بإشادة كبار المخرجين بشريط الفيلم ومنهم المخرجان يسرى نصرالله، وكريم الشناوى، وأعضاء لجنة التحكيم، وكل ملاحظاتهم أستفيد منها، مشاعر كانت مختلفة ومتعددة، تجمعنى بتوفيق الزايدى مخرج وكاتب الفيلم صداقة وطيدة منذ 15 عامًا، وبدأنا معًا، داخله عالم مغاير، نفهم بعضنا البعض، نتفق فى طريقة تفكيرنا، نؤمن بنفس الأشياء، عرض علىّ المعالجة الأولى فى 2016، قصة رائعة تحمست لها جدًا، تم تطويرها أكثر من مرة».

وأضاف: «شخصية نادر تشبهنى وتشبه توفيق، قام بتوظيف القصة والشخصيات بحسابات مدروسة، واختيار العلا مكانًا لتصوير الفيلم أمر ساحر يعطى فرصة للتأمل والهدوء والطبيعة وهو جزء من شخصية نادر».

وتابع: «الوقوف أمام الأستاذ الكبير عبدالله السدحان شرف كبير، وتكريمه هذا العام مهم جدًا، هو صاحب تأثير وجدانى على جيل كامل، عمل فى زمن صعب، 36 عامًا ممثلًا، ولا يزال متجددًا فى أدواره، هو رمز للعطاء، موهوب، متواضع بسيط وقريب من الجميع».

وعن الممثل الأقرب والأهم بالنسبة له فى السينما المصرية قال: «هو أحمد زكى بدون شك بالنسبة لى الأستاذ والمدرسة والمرجع». وحول تعدد التجارب والأفلام السعودية فى المهرجان هذا العام قال: «السعودية تضم صنّاع أفلام وقصص متعددة، وفى 2023 هناك أكثر من عمل مهم عُرضت فى الدورة الثالثة من المهرجان، وأتخيل مع استمرار الدعم والتطوير فى ظل وجود دافع حقيقى للأفكار وصناع الأفلام ستكون هناك نتيجة ملموسة.

وستظل التجربة المصرية هى الأم والمرجع، هى جزء من وجداننا، نعتبرها التاريخ، فى وجداننا ونعود إليها فى كل وقت فيما يتعلق بالشخصيات والقصص، السينما المصرية الأعظم، قريبة، نفهمها، مدرسة بحد ذاتها». وأكد: «أتمنى التعاون مع المخرج المصرى محمد دياب، كريم الشناوى، أبوبكر شوقى، الأجيال الجديدة من المخرجين نلتقى معًا».

وأوضح: «شاهدنا أفلام (هجان) السعودى للمخرج المصرى أبوبكر شوقى، وفيلم إلى (ابنى) وهو سعودى إخراج ظافر العابدين من تونس، ورأيى أن الفيلم لا يُجنس والحدوتة الجيدة تفرض نفسها دون مجاملات، وهو أمر موجود فى كل مكان فى العالم، يهمنى وجود سعوديين كصناع، هناك فيلم جيد وفيلم سيئ بعيدًا عن جنسية صناعه».

مخرجة «الأستاذ» الفلسطينى: الفيلم دراما إنسانية بخلفية سياسية وواجهنا صعوبة لتصويره فى القدس

عُرض الفيلم الفلسطينى «الأستاذ»، للمخرجة فرح النابلسى، وهو روائى طويل فى مسابقة البحر الأحمر، فى أول عرض عالمى له. وقالت المخرجة الفلسطينية إن فيلم «الأستاذ» ليس سياسيًّا بقدر ما يحاول أن يسلط الضوء على كيفية التعامل مع الألم والذنب اللذين شعر بهما البطل، وطريقة بحثه عن الغفران الذاتى. وأضافت أن الفيلم أيضًا عبارة عن حكاية حب، ملىء بالمشاعر الإنسانية، ولكن لأن كل قصة فلسطينية لابد أن يظهر بها جانب سياسى بشكل أو بآخر لذلك يمكن أن نقول إن الفيلم دراما إنسانية خلفيته سياسية.

وتابعت فرح: «دائمًا ما أتعمد أن أحكى قصصًا من قلبى لكى تصل إلى قلوب الجماهير، وبالطبع لابد أن تكون هذه القصة تهمنى وتخبر قصتى ليس فقط كمخرجة فلسطينية ولكن كإنسانة ترغب فى التعبير عن مشاعرها».

وأشارت إلى أن هناك علاقة وطيدة تجمعها بهذا الفيلم كأم وكإنسانة وكمخرجة أيضًا، خاصة أنها لم تعش فى فلسطين ولكنها قضت الكثير من الوقت مع هؤلاء الأشخاص ممن عاشوا هذه التجارب والتقت بكثير من الأمهات اللاتى سُجن أطفالهن، ومن خلال هذه اللقاءات والتجارب سمح لها أن تتفادى تقديم صور نمطية داخل الفيلم، وقدمت قصة حقيقية.

وعن أماكن التصوير قالت فرح: من الصعب تصوير فيلم فى فلسطين بسبب التراخيص، وهذا الأمر كان التحدى الأكبر، وأثناء تصوير مشاهد قرية بورين- وهى القرية الفلسطينية التى تجرى فيها أحداث الفيلم- شاهدنا مستوطنين يحرقون أشجارًا ورأيت عائلة بالكامل تقف أمام منزلها المدمر. وتدور أحداث فيلم «الأستاذ» حول شخصية «باسم»، الذى يجسده الفنان صالح بكرى، أستاذ فلسطينى يكافح للتعامل مع تجربة شخصية مؤلمة بعد حادث اعتقال ابنه فى سجون الاحتلال.

مما يجعله يبدأ بعدها طريقًا مختلفًا للمقاومة فتأخذ حياته منعطفًا غير متوقع، حيث يقوم بخطف جندى إسرائيلى وتسعى السلطات لاستعادته، ويشكّل ارتباطًا عميقًا مع «آدم»، أحد طلّابه، فى حين ينمّى أيضًا رابطة غير متوقّعة مع العاملة الاجتماعيّة البريطانيّة «ليزا»- إيموجين بوتس- فى الوقت نفسه، يسعى محامٍ أمريكى رفيع المستوى وزوجته إلى عودة ابنهما.

وهو جندى إسرائيلى محتجز لدى مجموعة مقاومة فلسطينيّة، ويثير مطلب المجموعة لتبادل الأسرى توتّرات مع السّلطات، ممّا يزيد من حدّة البحث عن الجندى، ويوقع حى «باسم» و«آدم» فى حالة من الاضطراب، فى إطار تشويقى.

 

المصري اليوم في

09.12.2023

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004