ملفات خاصة

 
 
 

"مهرجان فينيسيا الـ80":

دورة تحدّيات ومواجهات وتجديدات

فينيسيا/ محمد هاشم عبد السلام

مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي الثمانون

   
 
 
 
 
 
 

قبل أسابيع قليلة على بدء دورته الـ80 (30 أغسطس/آب ـ 9 سبتمبر/أيلول 2023)، اضطرّت الإدارة الفنية لـ"مهرجان فينيسيا السينمائي"، للمرّة الأولى في تاريخه، إلى استبدال فيلم الافتتاح الأميركي "المُتَحدّون (Challengers)"، للإيطالي لوكا غوادانينو، بفيلم "القائد (Comandante)"، للإيطالي إدواردو دي أنجِليس، بسبب إضراب الممثلين والكتّاب الأميركيين في هوليوود. ذلك أنّ الشركة الموزّعة سحبت الفيلم من العرض، فتأجّل إطلاقه إلى الصيف المقبل. هذا الإضراب يمنع الممثلين، وبينهم ممثلو الفيلم، من المشاركة في أي نوع من الترويج لأعمالهم، إلى حين الاتفاق مع شركات الإنتاج في هوليوود. لذا، وجد الموزّعون أنّ عرض "المُتَحدّون" من دون حضور نجومه لن يساعد في الترويج له.

حنكة ألبرتو باربيرا

المهرجان ـ الذي تأسَّس عام 1936، وتوقّف أكثر من مرة، إمّا لاندلاع الحرب العالمية الثانية (1939 ـ 1945)، وإمّا لأسباب سياسية ومالية ـ لم يُعلن، إلى الآن، عن احتفالٍ أو نشاط خاص بمناسبة بلوغه الدورة الـ80. لكنّ البرمجة ثرية للغاية، ومُتنوّعة جداً في مُختلف الأقسام والبرامج المُوازية، ما يجعله متفوّقاً على غيره من المهرجانات الكبيرة المُنافِسة، كالـ"برليناله" و"كانّ" تحديداً. نظرة على أسماء المُخرجين والعناوين المُختارة، وقسم الكلاسيكيات المُرمَّمة، تؤكّد هذا، نظرياً على الأقلّ، لأنّ المُشاهدة تكشف أحجام المستويات المُتَوَقّعة، ومدى سخونة المُنافسات في المُسابقات والأقسام والبرامج المُختلفة.

النجاح في ضمّ الأسماء والعناوين المُعلَنة يُعزى إلى أسباب عدّة، يرجع أغلبها إلى إدارة المهرجان، ومُديره الفني ألبرتو باربيرا، القادم من النقد السينمائي: صاحب رؤية فنية مُتميّزة، وتفكير مُغاير، وجهود ملحوظة في السنوات الأخيرة، وحنكة وصمود في مواجهة الهجوم النقدي بسبب تغييره الهوية الأوروبية الطليعية والفنية للمهرجان تارة، وميل أكبر إلى السينما الأميركية وإنتاجاتها المُتفاوتة، ما يجعلها طاغية أكثر، تارة أخرى. مع ذلك، أثبتت الأيام أنّ نظرته ثاقبة إلى حدّ كبير، إذ باتت الإنتاجات الأميركية تنتظر، بل تُفَضِّل، المهرجان الإيطالي على غيره، وبات المنتجون والمخرجون يتفاءلون بعرض آخر إبداعاتهم فيه، لعلّها تُرشَّح/تفوز بـ"أوسكار" أو "غولدن غلوب" أو غيرهما، كما حدث سابقاً. فمن "مهرجان فينيسيا"، انطلقت أفلام كثيرة لافتة للانتباه، حقّقت نجاحات كبيرة، ونالت جوائز عدّة، كـ"بيردمان" (2014) لأليخاندرو غونزاليس إينارّيتو، و"لا لا لاند" (2016) لداميان شازيل، و"شكل الماء" (2017) لغييرمو دل تورو، و"روما" (2018) لألفونسو كوارون، و"نومادلاند" (2020) لكلوي تشاو، و"الحوت" (2022) لدارن أرونوفسكي.

بفضل باربيرا أيضاً، انفتح المهرجان على شركات وشبكات الإنتاج كافة، خاصة الأميركية، وتحديداً "نتفليكس" و"أمازون"، على عكس مهرجان "كانّ" مثلاً. تعاون "مهرجان فينيسيا" مع "نتفليكس" في السنوات الماضية أفاده كثيراً، ومنحه فرصة الحصول على أفلامٍ حقّقت نجاحات كبيرة بعد إطلاقها في المهرجان: "روما" لكوارون، و"يد الله" (2021) لباولو سورينتينو، و"قوة الكلب" (2021) لجين كامبيون، و"شقراء" (2022) لأندرو دومينيك، و"ضوضاء بيضاء" (2022) لنواه بومباخ. هذا العام، تحضر "نتفليكس" في المسابقة بـ3 أفلام: "القاتل" لديفيد فينشر (تمثيل مايكل فاسبندر)؛ و"مايسترو" لبرادلي كوبر، مخرجاً وممثلاً؛ و"الكونت" للتشيلي بابلو لارين، عن الجنرال الفاشي أوغوستو بينوشيه (تمثيل ألفريديو كاسترو).

لا يعني هذا أنّ المهرجان يضع السينما الأميركية والمنصّات "نُصب عينيه"، أو أنّه يُجافي السينمات الفنية والطليعية والتجريبية، وغيرها. السينما الأوروبية حاضرة دائماً، كما الآسيوية، المتواجدة دائماً بفاعلية كبيرة، والحاصدة جوائز، بعضها أساسي، خاصةً في الأعوام الماضية. كذلك، تحضر دائماً سينما أميركا اللاتينية والشرق الأوسط، ومنها دول عربية، بقدر مُتفاوت سنوياً، في المسابقات والبرامج، ولجان التحكيم، وبعضها ينال جوائز. مع ذلك، يصعب إنكار أهمية المهرجان للأفلام الأميركية كمنصّة تسبق موسم الـ"أوسكار"، وأهمية الأفلام الأميركية ونجومها بالنسبة إليه. بالتالي، فإنّ علاقة المهرجان بهوليوود جوهرية جداً، لكنّها ليست مصيرية، ولا أبدية، ولا مُبالَغ بها.

أفلامٌ فنية ومواجهة الإضراب

صحيحٌ أنّ الأميركية جوليان مور ترأّست لجنة تحكيم المسابقة الرئيسية العام الماضي، بينما يترأسها هذا العام الأميركي داميان شازيل، إلاّ أنّ باربيرا أكّد مراراً، في السنوات الأخيرة، أنّ المهرجان ليس حيّزاً لعرض أفلام هوليوودية والاحتفاء بنجومها، وأفلام أوروبية بارزة فقط، بل إنّه مهرجان أفلام فنية واكتشافات جديدة من العالم. دليله أنّه، في الدورة الماضية، لم يكن هناك، من 73 فيلماً روائياً من 56 دولة في الاختيار الرسمي، أكثر من 10 أفلام أميركية، هوليوودية وسينما مستقلّة. كما نجح المهرجان، باحترافية، في النجاة من معضلة كورونا، ولم تُجبَر إدارته على الإلغاء، ولو مرة واحدة. هذا العام، يحاول مواجهة تحدّي الإضراب المؤثّر، من دون شكّ، على بريقه الإعلامي، لغياب نجوم أميركيين كبار، كان يُفترض بهم المجيء للترويج لأفلامهم.

مع استمرار الإضراب، وتجاوزه مائة يوم، يأمل القائمون على "فينيسيا" أنْ تحظى أفلام مشاركة على إعفاء أو استثناء، بدعم الشركات المستقلّة. لكنْ، وإنْ وافقت الجهات المعنية على المشاركة، فربما يرفض الممثلون والمخرجون الحضور، تضامناً مع زملائهم المُضربين. من ناحية أخرى، يُمكن أنْ يحضروا فعلاً، فقط لدعم زملائهم ومساندتهم، بلفت الانتباه إلى الإضراب، وهم على البساط الأحمر لأحد أهمّ المحافل السينمائية الدولية وأعرقها. إجمالاً، يُتوقّع هذا العام أنْ يكون عدد النجوم أقل، في ظلّ وجود أميركي أصغر من المُعتاد في الـ"ليدو"؛ والمرتبطون بعقودٍ مع شركات الإنتاج الأميركية سيحضرون، لكنْ ربما لن يمرّوا على ذاك البساط. أمّا المُمثلون المُستقلّون، وهم كُثُرٌ في أفلام هذه الدورة، فسيحضرون، علماً أنّ كيفية مشاركتهم ستتوضّح في أيامها الأولى.

المُثير للانتباه كامنٌ في الإعلان، أخيراً، عن أنّ مايكل مان، مخرج "فيراري" (المسابقة)، توصّل إلى تسوية مع النقابة تسمح له بالترويج لجديده؛ وتمكّن آدم درايفر (مؤدّي الشخصية الرئيسية) وبقية فريق الفيلم، من الحضور. هل يمضي الآخرون على نهج مان، فيتجاوز "فينيسيا" أزمته؟ الإجابة تظهر في الأيام المقبلة.

رغم هذا الارتباك والضبابية، بسبب إضراب هوليوود، يضمّ برنامج الدورة الـ80 أفلاماً مهمّة ومتنوّعة لمخرجين أميركيين، منهم مان نفسه، وديفيد فينشر وبرادلي كوبر ووِس أندرسن وصوفيا كوبولا وآفا دوفيرناي، 5 أفلام منها في المسابقة الرئيسية؛ إلى مخرجين ونجوم أوروبيين وأميركيين لاتينيين وآسيويين. هذه إشارة دالّة على أنّ الاضطراب الناجم عن الإضراب سيكون أقلّ من توقّعات البعض، والبساط الأحمر لن يخلو كلّياً من النجوم والنجمات.

إلى مسائل الإضراب وحضور النجوم والنجمات والبساط الأحمر وغيرها، لم يسلم المدير الفني من انتقادات علنية لبرمجته 3 أفلام لمخرجين، موضوعةٌ أسماؤهم في "القائمة السوداء"، لاتّهامهم باعتداءاتٍ جنسية: البولندي رومان بولانسكي، وجديده "القصر"؛ والأميركي وودي آلن، وفيلمه "ضربة حظ" (الفيلمان خارج المسابقة)؛ والفرنسي لوك بيسون، و"مُربّي الكلاب" (المُسابقة). كما انتُقِدَ على اختياره 5 أفلامٍ فقط لمخرجات، من 23 فيلماً في المسابقة. هذا يعني أنّ المهرجان لم يمنح فرصاً متكافئة بين الجنسين، أسوةً بالـ"برليناله" و"كانّ". لكنّ باربيرا أكّد مُجدّداً أنّ المهرجان لا يتعمّد هذا، وأنّ 32 بالمائة من الأفلام المُقدّمة هذا العام لمُخرجات، و66 بالمائة لمُخرجين. أما الباقي، أي 60 فيلماً، لم يُعلن عن جنس صنّاعه.

الأفلام الـ5 لصوفيا كوبولا (بريسيلا)، وآغنياسكا هولاند (الحدود الخضراء) ومالغورزاتا شومفْسْكا وميخال أنْغلرت (امرأة مع...) وفْيان تروش (مُقدّس) وإيفا دوفرْناي (أصل)، التي تدخل التاريخ كأول أفروأميركية تُشارك في المسابقة. وكانت الممثلة والمخرجة ريجينا كينغ أول أفروأميركية تُشارك في "فينيسيا"، لكنْ خارج مسابقة الدورة الـ77 (2 ـ 12 سبتمبر/أيلول 2020)، بـ"ليلة في ميامي" (سيرة)؛ وأليس ديوب أول فرنسية سوداء تنافس في المُسابقة بـ"سانت أومير"، في الدورة الـ79 (31 أغسطس/آب ـ 10 سبتمبر/أيلول 2022).

الطريف أنّ الدورة الـ80 هذه تضمّ مخرجين مخضرمين، في رصيد كلّ واحد منهم أكثر من نصف قرن في صناعة الأفلام. لعلّ الأمر صدفة بحتة، أو ربما تكريم وتقدير لمسيرتهم: فريدريك وايزمان، 93 عاماً؛ وليليانا كافاني، 90 عاماً؛ ورومان بولانسكي، 90 عاماً، ووودي آلن، 87 عاماً؛ ويريفان جيانيكيان، 81 عاماً؛ هؤلاء جميعاً أكبر من عمر المهرجان نفسه، الذي أُقيمت دورته الأولى بين 6 و21 أغسطس/آب 1932. هناك أيضاً مايكل مان، 80 عاماً؛ وويليام فريدكين، 88 عاماً، الراحل قبل أيام، الذي نعاه المهرجان رسمياً، والحاصل على "الأسد الذهبي" التكريمي لإنجاز العمر قبل عقد واحد بالضبط. في إطار تكريمه/تأبينه، يُعرض له، في قسم "كلاسيكيات"، نُسخة مُرَمَّمة لتحفته الشهيرة "طارد الأروح الشريرة"، الذي أخرجه قبل خمسين سنة.

جديد "فينيسيا"

قبل الذهاب إلى "مهرجان فينيسيا"، يُطرح سؤال عن الجديد فيه، فنياً ولوجستياً. فهناك دائماً جديد ومُتطور يظهران في أروقة المهرجان وساحاته وقاعاته، رغم صغر مساحة جزيرة الـ"ليدو"، ومحدودية الطرقات والأماكن. ورغم مشقّة مُتابعة الأفلام، خاصة المسابقة الرئيسية، التي ازداد عدد الأفلام المختارة لها في الدورات الأخيرة (بين 20 و21، قبل أنْ تبلغ 23 هذا العام)، فالجميل أنْ لا تضارب في مواعيد العروض، ما يعني غياب الضغط العصبي، وإهدار الوقت والجهد، والانتظار طويلاً في الصفوف، وتأخّر بدء العروض، وبالتالي إرباك الجدول اليومي.

أشياء بسيطة ومهمّة كهذه تُؤكّد أنّ المهرجان لا يزال يحترم النقّاد والصحافيين، ويُقدِّر وقتهم، ويضعهم في أولوياته، ويلتزم التقاليد المهنية الراسخة. مثلاً، منذ سنوات، ورغم كلّ شيء، كان يُعرض فيلم الافتتاح للصحافة 8،30 صباح اليوم الأول، أي قبل عرضه الرسمي مساء اليوم نفسه، بحضور الضيوف والفنانين والسينمائيين في "قصر المهرجان"، كالـ"برليناله"، وبخلاف "كانّ".

كما تعرض أفلام المسابقة (3 يومياً)، 8،30 و10،30 صباحاً، و7 مساء، والأخير تسبقه أو تليه عروض خارج المسابقة، أو مسابقة "آفاق"، أو "كلاسيكيات"، أو غيرها (3 ـ 4 أفلام)، إضافة إلى عروض "أيام المؤلّفين" و"أسبوع النُقّاد". هذا يتيح، لمن يكتفي بأفلام المسابقة، فرصة للراحة والأكل والكتابة. ثم معاودة المشاهدة مساءً. وإذا بقي وقتٌ، بعد المشاهدة المسائية، هناك سهرٌ أو كتابة أو نوم باكر، قبل انتصاف الليل. في هذا تحديداً، يشبه "فينيسيا"، كثيراً، الـ"برليناله"، باحترامهما النقّاد والصحافيين، وجهودهم، فيتعاملان معهم كبشر يحتاجون إلى الراحة والتقاط الأنفاس والكتابة، وطبعاً تأمّل الأفلام المُشَاهدة خلال اليوم.

إذاً، لا صفوف على مدى كيلومترات، ولا عدم تمكن من الدخول لامتلاء القاعات، ولا تأخّر لمواعيد العروض إلى حدّ غير مقبول، كما بات يحدث أخيراً في "كانّ"، حتى مع فرض نظام حجز التذاكر إلكترونياً.

ربما يُجادل البعض بأنّ أعداد المُتردِّدين على المهرجانين لا تُقارَن بأعداد المُتردِّدين على "كانّ". في هذا بعض الصواب. لكنّ المُؤكّد أنّه، بعد كبوة كورونا، ازدادت أعداد المُتردِّدين على المهرجانين، من صحافيين ونُقّاد. ومن جمهور عادي يحرص على حضور الـ"برليناله" و"فينيسيا"، بعكس "كانّ" غير المفتوح للجمهور. إذاً، الأمر أساساً مردّه توفّر الصالات والمقاعد، وإنْ كثُرت الأفلام وتعدّدت الأقسام. هذا تجاوزه "فينيسيا"، رغم كثرة الأفلام وتوسّع البرامج، ورغم صغر حجم الـ"ليدو". فالتوسّع في بناء صالات إضافية يحصل كل عامين تقريباً، إلى تجديد القديم وتطويره وتوسعته. مثلاً، بعد إقامة "سينما الحديقة (غاريديني)"، قبل 5 سنوات، القابلة للفكّ والتركيب، أُنشئت قبل عامين سينما أخرى من النوع نفسه. "كورينتو" (340 مقعداً) ليست بعيدة، وأقيمت فوق حمّام سباحة بعد تغطيته. والمُلاحظ أنّ تظاهرتي "أسبوع النقّاد" و"أيام المؤلف"، على عكس "كانّ"، ليستا مُنفصلتين عن البرنامج الرئيسي للمهرجان، ولا تُعرض أفلامهما في قاعات مُختلفة أو مُستقلّة أو بعيدة.

يُلاحظ أيضاً أنّ بلدية فينيسيا، بالتعاون مع مجلس إدارة الـ"بينالي"، تُنفِق بسخاء على دعم المهرجان لوجستياً، سنوياً تقريباً. مثلاً، العام الماضي، جرى تمهيد المنطقة المُحيطة بقصر المهرجان والمقر الصحافي وتزيينها، وفقاً للذوق الرفيع المتميّز لمُصمّمي الديكور الإيطاليين، وافتُتح مقهى ومطعمٌ يليقان بالمهرجان، يقتصران فقط على الصحافيين، في المبنى التاريخي المُسمّى، إلى الآن، "الكازينو". رغم أنّه توقّف عن أنّ يكون مكاناً للقمار منذ سنوات بعيدة، وتحوّل إلى مقرّ عملي للصحافيين، وقاعة للمؤتمرات، تحتضن أغلب عروض "أسبوع النقّاد" و"أيام المؤلف". إضافة إلى ترميم "صالة غراندى" العريقة، وتطويرها وتوسعتها، قبل سنوات، الواقعة في "قصر السينما" التاريخي. كذلك، قاعتي "دارسينا" و"بالا بينالي".

هناك 9 قاعات لـ"فينيسيا". في أصغرها، 48 مقعداً، وفي أكبرها 1770. هذا يؤكّد تفوّق "فينيسيا" على "كانّ"، الذي لا يزال يُعاني عدم القدرة على التوسّع والتخلّص من القاعات القديمة، أو تطويرها وتوسعتها. للأسف، لم يساعد إنشاء بلدية مدينة "كانّ" للمُجمّع الضخم لسينمات "سينيوم" في إفادة المهرجان كثيراً، لبُعده عن الـ"كروازيت". كما يُعاني "مهرجان برلين" هذا العام المشكلة نفسها، وستزداد معاناته مستقبلاً، كما يبدو، خاصة مع افتقاده قاعاته المعهودة منذ عقود، إمّا لتقسيمها، أو إغلاقها للترميم والتجديد، أو للمغالاة في أسعار تأجيرها، بما يفوق طاقة المهرجان. وما زاد الأمر فداحة، الإعلان قبل أيام عن أنّ مُجمَّع السينمات في "مركز سوني" يُحوّل الآن إلى فندق، ما يُؤكّد، بشدّة، صعوبة تمركز نشاطات المهرجان في بقعة واحدة في برلين: "ساحة مارلين ديتريتش"، كما المهرجانين المنافسين له، "كروازيت ـ كانّ"، و"ساحة ماركوني ـ ليدو".

 

العربي الجديد اللندنية في

21.08.2023

 
 
 
 
 

345 ألف يورو منحاً لـ 13 مشروعاً يدعمها «صندوق مهرجان برلين للسينما العالمية»

برلين ـ «سينماتوغراف»

أعلنت لجنة تحكيم الدورة الـ 38 لصندوق مهرجان برلين للسينما العالمية (WCF)، توصياتها لتمويل 13 مشروعاً كدعم للسينما المستقلة بدول البرازيل وإندونيسيا وإسرائيل ومدغشقر ونيبال وفلسطين والصومال والسودان وتركيا وأوروجواي وفنزويلا، وهو التمويل الذي يتألف من عشرة منح إنتاجية وثلاث منح توزيع باجمالى 345 ألف يورو. وكشفت اللجنة أنها قامت باختيارها من بين 140 مشروعًا مقدمًا من إجمالي 50 دولة.

وجاءت الأعمال التى فازت بـ تمويل الإنتاج كالتالى:

الفيلم الروائي "مستقبل مشرق"، إخراج لوسيا جاريبالدي (أوروجواي)، و"مخرج رياضي: سميح غولن ومصطفى أمين بويوكوشكون" (تركيا)؟، ولا شيء في مكانه" إخراج بوراك شفيق (تركيا). إنتاج: فول فيلم (تركيا)، بوراك شفيق ؟، و"القرية بجانب الجنة "إخراج مو الهراوي (الصومال) وشارك المخرج في مهرجان برلين للمواهب عام 2022.

و"فيلة في الضباب" إخراج أبيناش بيكرام شاه (نيبال)، شارك المخرج في مهرجان برلين للمواهب عام 2010. و"سيم كوراساو بلا قلب" إخراج نارا نورماندي وتياو (البرازيل). و"أنا الأغنية " إخراج ديشن رودر (بوتان). وفيلم Muchachos bañándose en el lago إخراج مايكل لاباركا (فنزويلا).

وفيلم "ديسكو أفريكا " إخراج لاك رزاناجونا (مدغشقر)، والفيلم الوثائقى "الخرطوم بايتس" اخراج محمد صباحي وأريج عز الدين زروق (السودان)، و"حمى البحر الأبيض المتوسط " إخراج مها الحاج (فلسطين)، و"فاليريا تتزوج " إخراج ميشال فينيك (إسرائيل).و"قبل، بين الحين والآخر " إخراج كاميلا أنديني (إندونيسيا).

ضمت لجنة التحكيم منتجة الأفلام الوثائقية مارتا أندرو (إسبانيا)، والمخرجة والكاتبة سيناريو عائشة بولات (ألمانيا)، وباحثة الأفلام فيولا شفيق (ألمانيا / مصر) والمنتج ومدير مهرجان فيبسباكو للسينما الافريقية وفينسينزو بوجنو (إيطاليا / ألمانيا)، والمخرج أليكس موسى سوادوجو (بوركينا فاسو) والمخرج دوروثي وينر (ألمانيا).

وقال رئيس صندوق مهرجان للسينما العالمية، فينتشنزو بوجنو" منذ عام 2004، قام صندوق برلينال للسينما العالمية بدعم إنتاج الأفلام في المناطق التي تحتاج مساعدة البنية التحتية للأفلام بشكل متزايد ويسعدنا دائما تنوع المشاريع المقدمة، من الناحية الفنية ومن حيث المحتوى ومن المهم التأكيد على أهمية التعاون الدولي، وهو أساس نشاط الصندوق. إنه يتعلق بالتعاون كإثراء ثقافي بعيدا عن أي أيديولوجيات أخرى.

 

موقع "سينماتوغراف" في

21.08.2023

 
 
 
 
 

تورنتو وڤينيسيا بلا نجوم أو مقابلات صحافية

مطالب محقّة تجسّد مخاوف الممثلين والكتاب

هوليوودمحمد رُضا

انتهت، مساء يوم الثلاثاء من هذا الأسبوع، جولة أخرى من المفاوضات بين «نقابة الكتّاب الأميركية» ومجموعة من كبار رؤساء الاستوديوهات في هوليوود. هذه المفاوضات دعت إليه اللجنة التي تمثّل تلك الاستوديوهات والشركات الكبرى ووافقت عليها النقابة لكن هذه الأخيرة غادرتها معلنة فشلها كون اللجنة «لم ترد حل الخلافات بل اقتراح حلول من شأنها «حشرنا»، كما قالت النقابة.

بذلك يستمر الإضراب الذي تحاول الاستوديوهات تجاوزه من دون جدوى، فكل كاتب سيناريو وكل كاتب «توك شو» أو حلقات تلفزيونية توقف عن العمل. الإضراب شامل من هوليوود إلى نيويورك ومع تأييد من كتّاب بريطانيا كذلك.

السيناريوهات المنجزة قبل ذلك الإضراب الذي بدأ قبل 110 أيام لا غُبار عليها، لكن تلك التي كانت قيد الكتابة توقفت بدورها. زاد من الطين بلّة (أو بلّات) قيام الممثلين بالإضراب، مما شل الحركة تماماً.

النتيجة ذات مساحة كبيرة. المشاريع تعثّرت. الأفلام المنتهية لم تعد تضمن النجاح لأن إضراب الممثلين والممثلات يعني كذلك عدم قيامهم بالاشتراك بالحملات الإعلامية التي كانت الشركات تديرها ترويجاً لأفلامها.

حملات ممنوعة

تأثير ذلك مثل الدومينو وأحد أحجاره هو المناسبات والمهرجانات السنوية. السؤال المطروح هو مدى تأثير هذا الإضراب الشاسع على تلك المهرجانات والمناسبات.

في صميم هذا الإضراب المزدوج (للممثلين والكتّاب) عدم قيام الممثلين بأي نشاط يخدم أي شركة إنتاج. بالتالي، لا مقابلات صحافية، لا الوقوف أمام عدسات المصوّرين ولا استخدام السوشيال ميديا لأي غرض دعائي. بالتالي، لن تكون هناك تجمّعات للصحافيين والمصوّرين عند مداخل العروض السينمائية لمهرجانات السينما حتى انتهاء الإضراب. لا سجادة حمراء ولا زرقاء. صالات مهرجان فينيسيا، بعد أيام قليلة، ومهرجان تورونتو في الثامن من الشهر المقبل، ستكون مفتوحة غالباً للجمهور والنقاد وصانعي الأفلام غير الأميركية. هذا قد يعوّض بعض النقص لكن لا يلغيه.

هناك استثناءات قليلة، أحدها فيلم المخرج مايكل مات Ferrari («فيراري») كونه فيلماً مستقلاً تقدم منتجوه برجاء لنقابة الممثلين باستثنائه والسماح لبطليه بينيلوبي كروز وأدم درايفر بالاشتراك في عروض مهرجان فينيسيا. لكن «فيراري» لن يكون الفيلم الأميركي الوحيد في فينيسيا فحرية الاشتراك للأفلام موجودة. ما هو ممنوع الترويج لها. أحد الأفلام الأخرى هو «مايسترو» الذي قام الممثل برادلي كوبر بإخراجه لحساب «نتفليكس». يقود كوبر بطولة هذه الدراما العاطفية لجانب كاري موليغن التي ستلتزم بعدم الحضور.

هو ممثل ومخرج. ممنوع من النشاط من النقابة الأولى وليس ممنوعاً من النقابة الثانية. لكن في وقفة تضامن آثر كوبر عدم القيام بأي نشاط إعلامي، والغالب أنه لن يحضر المهرجان كما قيل سابقاً إنه سيفعل.

استبدال مواقع

لكن الاستوديوهات ليست غبية لدرجة إبداء ذعرها من خسارتها فعل الترويج الإعلامي الذي كانت تخصص له شمالي 100 مليون دولار لكل فيلم كبير. هي تدرك - كما تُشير مجلة «سكرين» البريطانية في تقرير لها - الخسارة التي تتعرّض لها، لكنها تعلم أن بعض التعويض سيأتي عن طريق النقاد والصحافيين الذين سيشاهدون الأفلام ويكتبون عنها.

في واقعه هذا موقف يحمل ازدواجية خطيرة. فالسائد، قبل هذه الأيام، خشية الاستوديوهات من قيام النقاد بهدم الأفلام التي لا تعجبهم ما يؤدي إلى إقناع فئة كبيرة من المشاهدين بتوفير أوقاتهم وأموالهم والبحث عن فيلم آخر حظي بالقبول. لكن هذه المرّة فإن الحاجة تدفع الاستوديوهات لتقدير مختلف.

لكن النقاد والصحافيين لا يشكلون التأثير الإعلامي الذي يمكن الاستفادة منه لوحده بمنأى عن اللقاءات الصحافية وانتشارها فوق مئات المواقع والصفحات الورقية. دليل ذلك سحب مترو - غولدوين - ماير لفيلمها «متحدّون» (Challengers) من افتتاح مهرجان فينيسيا، الأمر الذي جعل المهرجان يستعين بفيلم إيطالي بدلاً منه هو Comandate للمخرج إدواردو دي أنغليز (كما ورد هنا في تقرير سابق). وبما أن هوليوود تتكل على الممثلة الأولى في «متحدون»، زندايا، للمساهمة في خلق الاهتمام بالفيلم، فإنها رأت تأجيل عروضه إلى عام 2024 عوض خسارته.

هذا ما ينقلنا مباشرة إلى العام المقبل. فالأشهر الثلاثة الأولى هي الأشهر التي تحفل بحفلات توزيع الجوائز السنوية والإضراب، إذا ما استمر إلى ذلك الحين، سيعني أن المقاعد ستبقى خاوية حتى ولو أقيمت تلك الاحتفالات في مواعيدها.

مطالب محددة

هناك خلطة أوراق كبيرة في هذه الآونة. النيّة في هوليوود هي انتظار ما سيؤول عليه وضع المهرجانات المهمّة هذا العام. هناك فينيسيا وهناك تورونتو ثم تليورايد. هذا الأخير عادة ما يستقطب النجوم مشتركاً في حملة الترويج للأفلام الكبيرة. حال انتهاء هذه المهرجانات وإذا ما استمر إضراب الممثلين وإضراب الكتّاب، فإن شركات هوليوود ستعرف كيف ستتصرّف حيال الأفلام التي برمجتها للأشهر الثلاثة الأخيرة من السنة. لن يكون لديها حلول سحرية، لكن عليها تصريف الأفلام ربما بأي ثمن.

وبدا أن وورنر (التي حقق لها «أوبنهايمر» و«باربي قرابة ملياري دولار حتى الآن) قد تفكر بنقل عروض فيلمها الكبير المقبل Dune 2 إلى مطلع عام 2024 بعدما كانت قررت افتتاحه في الشهر المقبل. مصير فيلم ريدلي سكوت الجديد Gladiator 2 (إنتاج دريمووركس بيكتشرز) غير مؤكد ولو أن لا أحد يتحدّث في هوليوود عن تأجيل عرضه إلى العام المقبل بدوره.

كل ما سبق يتمحور إذن حول من سيقول «آخ» أولاً. بالنسبة لنقابة الكتّاب فإن المعركة هي لحفظ الحقوق المهددة بالزوال في حال امتنعت هوليوود عن ضمان عدم استغلالها التقنيات الحديثة للاستغناء عن الكتّاب البشر. هذه واحدة من المعضلات التي يمكن إدراجها هنا:

* تطالب نقابة الكتّاب برفع أجور كتّاب السيناريو بنسبة 6 في المائة في العام الأول ثم 5 في المائة في العام الثاني و5 في المائة في العام اللاحق. لكن اللجنة المشكّلة من رؤساء الإنتاج في هوليوود تعرض 4 في المائة الآن و3 في المائة عن كل سنة في العامين المقبلين.

* تطالب النقابة بحصة من العروض الإلكترونية على مبادئ واضحة. ترفض اللجنة بحث هذا الموضوع.

* تعترض النقابة على استخدام الذكاء الاصطناعي (بأي شكل منه) لإعادة صياغة سيناريو من تأليف بشر، كما الامتناع عن قيام الشركات باستخدام نصوص كاملة من تلك الإلكترونيات. جواب اللجنة على ذلك وجوب عقد اجتماعات سنوية لمراجعة هذا الموضوع. من ناحيتها تطالب نقابة الممثلين بعدد من الإجراءات من بينها:

> زيادة 11 في المائة كأجور عاملين. تعرض اللجنة زيادة 5 في المائة فقط.

> تطالب نقابة الممثلين بنسبة من إيرادات الأفلام المعروضة على المنصّات المختلفة. هذا الطلب مرفوض.

> تطالب النقابة بدفع تعويضات لكل ممثل يتم استنساخه شكلاً أو صوتاً. رد اللجنة أنها لا تمانع هذا الموضوع لكن ما زال الأمر تحت البحث.

هذه النقطة الأخيرة تشكل معضلة إضافية لأنه إذا ما وافقت هوليوود عليها فإنها قد تقوم بدفع أجر استنساخ واحد، لكنها قد تعمد إلى استخدامه عدة مرّات.

 

الشرق الأوسط في

24.08.2023

 
 
 
 
 

فينيسيا الـ80: جواهر في مُسابقة “كلاسيكيات فينيسيا

فينيسيا – محمد هاشم عبد السلام

من الفعاليات المُهمة للغاية في مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي (30 أغسطس/آب ـ 9 سبتمبر/أيلول 2023) والتي يحرص المهرجان على إقامتها منذ عقد تقريبًا، إذ انطلقت عام 2012، فعالية أو مُسابقة كلاسيكيات فينيسيا. وهي للأسف من الفعاليت المنسية أو التي لا يُلتفت إليها كثيرًا، رغم فرادتها اللافتة، ورسوخها مع كل دورة. تعرض التظاهرة الكلاسيكيات القديمة لعدد من الأفلام المشهودة في تاريخ السينما من ناحية. ومجموعة من الأفلام الجديدة أو الحديثة التي أنتجت عن فن وصناعة السينما، أو عن أعمال كبار المخرجين من ناحية أخرى.

يُقدم القسم العروض العالمية الأولى لمجموعة مُختارة من أفضل الأفلام الكلاسيكية التي تم ترميمها أو استعادتها أو تصحيحها أو نقلها وتحويلها إلى وسائط أخرى، 4 كيه مثلا. وذلك بالتعاون مع أهم وأكبر مؤسسات الأرشفة والترميم في أوروبا والعالم. وعلى رأسها “سينماتيك بولونيا” الشهير عالميًا في مجل الترميم والأرشفة ومهرجان الأفلام المُستعادة، ودار “المحفوظات السينمائية” الإيطالية، و”مدينة السينما” في روما، وغيرها من المؤسسات الثقافية، وشركات الإنتاج في مختلف أنحاء العالم.

وقد اختار المدير الفني لمهرجان فينيسيا ألبرتو باربيرا، الناقد الإيطالي فيديريكو جيروني للإشراف على القسم هذا العام في دورته الثمانين، وتقديم مجموعة مُختارة من الأفلام الوثائقية الجديدة حول السينما أو صُناعها. وكذلك الإشراف على عقد فعالية مُسابقة “كلاسيكيات فينيسيا”.

تأسست مُسابقة كلاسيكيات فينيسيا قبل عشر سنوات على وجه التحديد. سيترأس لجنة تحكيم مسابقة هذا العام المخرج وكاتب السيناريو الإيطالي أندريا بالورو. وتتكون لجنة التحكيم من 24 طالبًا من طلاب السينما الإيطاليين المُوصى بهم من قبل أساتذة الدراسات السينمائية في مُختلف الجامعات الإيطالية. تمنح اللجنة جوائزها السنوية إلى الكلاسيكات المعروضة داخل المسابقة. إحداها جائزة “أفضل فيلم مُستعاد”، والأخرى جائزة “أفضل وثائقي عن السينما”، وذلك من بين 19 فيلمًا روائيًا طويلا مُرممًا هذا العام. و9 أفلام وثائقية عن السينما أو عن عظماء السينما، مثل ألفريد هيتشكوك، وميشال جوندري، وداريو أرجينتو، وفرانك كابرا، وجوزيبي دي سانتس، وأندي كاوفمان.

على مدى السنوات السابقة عرضت الفعالية الكثير جدًا من الأفلام من مختلف الأنواع والتيارات. واكتَشَفَت روائع منسية فعلا أو عُرِضَت أخرى بشكلها الكامل، لأول مرة، وفقًا لرؤية مخرجها، أو قبل أعمال الحذف أو الرقابة إلخ. كما احتفت التظاهرة بالكثير من صُناع السينما المعروفين أو المجهولين فعلا. ومن بين الروائع التي ستُعرض ضمن كلاسيكيات هذا العام فيلم “المخلوقات” لأنييس فاردا (مُسابقة مهرجان فينيسيا عام 1966)، وفيلم “أيام السماء” لتيرينس ماليك، وفيلم “ملك وبلد” لجوزيف لوزي، و”ظلال الأسلاف المنسيين” لسيرجي بارادجانوف.

ومن بين التُحف التي ستُعرض بعد استعادتها النسخة التي أشرف عليها بنفسه فرنسيس كوبولا لفيلم “واحد من القلب” (1982). وفيلم “أندريه روبليف” (1966) تحفة أندريه تاركوفسكي التي منعت وقت ظهورها، وسيعرض المهرجان النسخة الكاملة.

مخلوقات – أنييس فاردا

وبمناسبة مرور الذكرى المئوية هذا العام، 2023، لكل من وارنر بروذرز وديزني، يعرض المهرجان فيلم الرعب الشهير “طارد الأروح الشريرة” لوليام فريدكن، الراحل مُؤخرًا. وذلك بعد خمسين عامًا من إنتاجه، في نسخة مُرممة حديثًاوضمن كلاسيكيات المُسابقة هناك أيضًا فيلم الإيراني أمير ناديري “هارمونيكا”، وهو من أفلامه الأولى.

في فبراير الماضي، فقدت السينما العالمية أحد أعظم المُخرجين الإسبانيين، كارلوس ساورا. سيعرض المهرجان النسخة المُستعادة من أحد أفلامه الأولى، “الصيد”، الحاصل على جائزة “مهرجان برلين السينمائي” عام 1965. وهناك احتفاء آخر بأحد أعلام السينما الإيطالية، المخرج روجيرو ديوداتو، الذي وافته المنية في ديسمبر العام الماضي، مع استعادة أحد أجمل أفلامه. كما سيحتفل المهرجان بذكرى النجمة الايطالية آنا مانياني، التي غادرت عالمنا قبل خمسين عامًا. بهذه المناسبة، سيعرض المهرجان نسخة مُرممة مُستعادة ومُحولة إلى 4k  من الفيلم الشهير “رائعة الجمال” (1953) للوكينو فيسكونتي. وبمناسبة الذكرى السنوية الـ120 لميلاد الياباني الكبير ياسوجيرو أوزو، سيعرض كلاسيكيات فينيسيا فيلمًا نادرًا له، في نسخة كاملة غير محذوفة، “كان هناك أب” (1942).

وطبقًا للتقليد البديع الذي يتفرد به مهرجان فينينسيا عن غيره، منذ سنوات بعيدة، سيعرض قبل يوم على الافتتاح الرسمي للمهرجان، إحدى التُحف المنسية بعنوان “الزوجة الضالة”. العام الماضي عرض المهرجان الأميركي الكلاسيكي الصامت “ستيلا دالاس” (1925) لهنري كينج. ويعود الفضل في ترميم وطباعة وعرض هذه النسخة إلى “متحف الفن الحديث” في نيويورك، بالتعاون مع “مُؤسسة الفيلم” التي يشرف عليها مارتن سكورسيزي.

فيلم “الزوجة الضالة” بطولة جينا لولوبريجيدا، للايطالي ماريو سولداتي. ومأخوذ عن رواية لألبرتو مورافيا، عن فتاة صغيرة تدعى “جيما” (جينا لولو بريجيدا) تتزوج على نحو مُتهور بأستاذ علوم مرموق، وسرعان ما يصيبها الملل. يسبق عرض الفيلم، عرض آخر قصير بعنوان “بورتريه لجينا” (1958) لأورسون ويلز، 27 دقيقة. كان ويلز قد أجرى مقابلة مُصَوَّرة مع لولوبريجيدا في فيلتها في روما، في سياق التحضير لمسلسل تلفزيوني لحساب شبكة ABC الأمريكية، بعنوان “حول العالم مع أورسون ويلز”، إلا أن الشبكة رفضت إكمال المشروع.

وبعد وفاة أورسون ويلز عرض مهرجان فينيسيا الفيلم لأول مرة. والمُثير للاهتمام أنه عندما عرض الفيلم عام 1986 لم يُعجب جينا، بل وحاولت حظره. الفيلم، بحسب أورسون ويلز، “مقالة شخصية عن لولوبريجيدا”. تم ترميم الفيلم من قبل “متحف ميونيخ السينمائي” و”مدينة السينما” في روما، و”أرشيف الفيلم الايطالي” في روما، الذي يقيم أيضًا معرضًا تكريميًا لصور جينا النادرة بعنوان “عوالم جينا” بالاشتراك مع وزارة الثقافة الإيطالية.

يُذكر أن الفيلمين يُعرضان في إطار احتفاء مهرجان فينيسيا السينمائي بذكرى الأيقونة الإيطالية جينا لولوبريجيدا، التي رحلت في يناير الماضي عن 95 عامًا.

 

####

 

تكريمات واحتفاءات في دورة مهرجان فينيسيا الـ80

فينيسيا – محمد هاشم عبد السلام

جريًا على التقاليد المُتبعة في المهرجانات السينمائية، وضمن فعاليات الدورة الـ80 (30 أغسطس/آب ـ 9 سبتمبر/أيلول 2023) لمهرجان فينيسيا السينمائي الدولي (موسترا)، قررت الإدارة الفنية للمهرجان منح المخرجة الإيطالية ليليانا كاڤاني (90 عامًا)، والممثل الصيني توني ليونج، جائزة الأسد الذهبي الفخرية، تقديرًا للحياة الفنّية في مجال السينما.

كان المدير الفني ألبيرتو باربيرا قد أكد على أنّ ليليانا كاڤاني “من أبرز الشخصيات في السينما الإيطالية الجديدة منذ الستينيات، وامتدت أعمالها لأكثر من ستين عامًا”. وأشاد بتنوّع إنجازها ما بين السينما والتلفزيون والمسرح والأوبرا، بنفس الروح المتجدّدة والهم الفكري اللذان منحا أعمالها شهرة عالمية”. وقال باربيرا إنّ “أحداث غالبيّة أفلام كاڤاني تدور في سياقات تاريخية تتميّز بالرغبة الوجودية نحو التغيير، والبحث عن إجابات لتساؤلات هامّة ومعقدة، وإشكاليات تعكس الصراع المركب والمعقد بين الفرد والمجتمع. ونظرتها المُناهضة  للعقائد المُنغلقة، حياديّة وشجاعة في الطريقة التي تواجه بها حتى أكثر التابوهات تحديًا”.

شاركت ليليانا كاڤاني في مهرجان فينيسيا لأكثر من مرة، وفاز فيلم “فيليب باتين: مُحاكمة فيشي” بجائزة “أسد سان ماركو الذهبي” لأفضل وثائقي عام 1965. كما أنجزت ليليانا وثائقيّات عديدة على قدر من الأهمية، مثل “قصة الرايخ الثالث” (1962)، و “عصر ستالين” (1963)، “البيت في إيطاليا” (1964). وضمن هذا الإطار سيعرض المهرجان جديدها، الروائي الطويل “النظام الزمني”. الفيلم مقتبس من كتاب بذات الاسم للفيزيائي الإيطالي كارلو روفيلي. بطولة آليساندرو جاسمان، وكلاوديا جيريني. وتدور الأحداث في فيلا على البحر، يجتمع سنويًا مجموعة من الأصدقاء للاحتفال بعيد ميلاد أحدهم. فور اجتماعهم، يكتشفون أن نهاية العالم باتت وشيكة، وأنه لم يتبق لهم سوى ساعات قليلة، وستتغير مصائرهم إلى الأبد.

كما سيمنح المهرجان جائزة الأسد الذهبي الفخري تكريمًا تكريمًا لمسيرة الممثل الصيني توني ليونج (61 عامًا). الجائزة هي الرابعة التي يحصل عليها توني ليونج من مهرجان فينيسيا. إذ سبق وفاز بجائزة “أحسن ممثل” 3 مرات. وذلك عن بطولته للأفلام التالية: “مدينة الحزن” (1989)، إخراج هو هسياو هسين. و”سايكلو” (1995) إخراج تران آنه هونج. و”شهورة واهتمام ”  (2007) إخراج آنج لي.

وصف المدير الفني توني ليونج، الفائز بجائزة السعفة الذهبية لـ”أحسن ممثل” في مهرجان “كان” عام 2000 عن فيلمه الأشهر “في مزاج للحب” للمخرج وونج كار–واي، بأنه “أحد الممثلين الأكثر جاذبية في السينما المعاصرة. ومن بين قلة تطوّر مسارهم المهني الاستثنائي بالتوازي مع تطور السينما العالمية، العابرة للحدود. وأنه أحد أهم الممثلين وأكثرهم تنوعًا في جيله. وأكثرهم قدرة على تجسيد شخصيات لا تُنسى في أكثر الأنواع تنوعًا”.

كما يُكرم المهرجان المخرج الأمريكي ويس أندرسون، وذلك بمنحه جائزة “كارتييه جلوري” الخاصة، التي تُقدم سنويًا لشخصية ساهمت بشكل خاص في صناعة السينما المعاصرة. وذلك قبل عرض آخر أفلام ويس أندرسون، “قصة رائعة لهنري شوجر”، في الأول من سبتمبر القادم. الفيلم بطولة رالف فينيس، بنديكت كومبرباتش، ديف باتيل، بن كينجسلي، وريتشارد أيواد، والمعروض في قسم “خارج المسابقة”. ويتناول رجلاً ثريًا يكتشف مُعلمًا لديه القدرة على الرؤية دون استخدام عينيه، وفيوم باستخدام وتوظيف الأمر من أجل الغش في صالات القمار. وعن هذا التكريم قال ألبرتو باربيرا، “إن ويس أندرسون أحد القلائل الذين يمكننا التعرف على أسلوبهم الإخراجي الفريد. إذ يهتم جدًا بتصميم وتنفيذ كل التفاصيل، وتكوين اللقطات كافة بعناية فائقة”.

وضمن البرنامج الاحتفائي بأبرز أهل الصناعة على مستوى العالم، سيحتفي المهرجان بذكرى الأيقونة الإيطالية جينا لولو بريجيدا التي توفيت في يناير الماضي. وهذا الإطار سيعرض المهرجان في اليوم السابق على الافتتاح الرسمي، أي في يوم 29 أغسطس، فيلم “الزوجة الضالة” بطولة جينا لولو بريجيدا، وإخراج ماريو سولداتي. على أن يسبقه عرض الفيلم الوثائقي الذي صوره عنها أورسون ويلز بعنوان “بورتريه لجينا” (1958).

وهناك أيضًا احتفاء بأحد أعلام السينما الإيطالية، المخرج روجيرو دي داتو، الذي وافته المنية في ديسمبر من العام الماضي، وسيُعرض أحد أهم أفلامه بعنوان “آخر عوالم أكلة لحوم البشر”. كما سيحتفل المهرجان أيضًا بذكرى مرور نصف قرن على رحيل النجمة الايطالية آنا مانياني، وسيعرض الفيلم الشهير “رائعة الجمال” (1953) إخرج لوكينو فيسكونتي.

في فبراير الماضي، فقدت السينما العالمية أحد عظماء الإخراج السينمائي، الإسباني كارلوس ساورا، وسيعرض له فيلمه، “الصيد”، الحاصل على جائزة “مهرجان برلين السينمائي” عام 1965. وبمناسبة الذكرى السنوية الـ120 لميلاد المخرج الياباني الكبير ياسوجيرو أوزو، سيعرض المهرجان نسخة جديدة، غير مشوهة ولا مُقتطعة أو مُجتزأة رقابيًا من فيلمه، “كان هناك أب” (1942).

 

موقع "سين آرتس24" في

26.08.2023

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004