ملفات خاصة

 
 
 

السعودية حاضرة في "كان السينمائي" أفلاما ودبلوماسية ناعمة

6 إنتاجات دعمها مهرجان البحر الأحمر بلا شروط تشارك وتتنافس

هوفيك حبشيان

كان السينمائي الدولي

السادس والسبعون

   
 
 
 
 
 
 

سجّلت السعودية هذا العام حضوراً بارزاً، فنياً وإعلامياً، في مهرجان "كان" السينمائي (16 - 27 مايو/ أيار). جناحها الضخم الكائن خلف القصر في البقعة التي تُعرف بالقرية الدولية، أضحى مقصداً للعاملين والعاملات في السينما طوال الفترة التي افتتح فيها أبوابه، ولم يزره فقط الجمهورالعربي، بل جهات من مختلف البلدان، فثمة كثر يقودهم الفضول ويريدون أن يطلعوا على تفاصيل هذا الاهتمام بالسينما الذي بدأ منذ فترة في المملكة، بقرار سياسي ودعم من الأوساط الفنية، وباتت نتائجه ملموسة في فترة قياسية، علماً أن الصالات السعودية تشهد إقبالاً متزايداً ونمواً قياسياً. تمثّلت المشاركة السعودية في "كان"، بوفد كبير، ضمّ كل المهن السينمائية والاستثمارية. 

الخيمة السعودية التي يرفرف عليها العلم السعودي، باتت ملتقى للسينمائيين، وشهدت نقاشات وندوات، في ظل تشجيع وإشادة من ادارة "كان" التي ألقت تحية على الدعم السعودي للسينما. 

فيلم الافتتاح، "جانّ دو باري" للمخرجة الفرنسية مايوان، تلّقت دعماً من مهرجان البحر الأحمر السينمائي. هذا وحده إنجاز يُحسب للقائمين على المشروع السينمائي السعودي. الفيلم من بطولة جوني ديب، وقد بلغت تكلفته 20 مليون دولار. في مؤتمرها الصحافي، سُئلت مايوان عمّا إذا اشترط السعوديون مسائل معينة لدعم الفيلم، فكان ردها: "لا، لم يضع السعوديون عليّ أي شرط. إني فخورة جداً أن أتلقى دعماً سعودياً. العقليات تتطور، وسأكون مسرورة جداً أن أذهب إلى السعودية لتقديم الفيلم. الأشياء تتحرك عندهم، وهذا ليس أول فيلم فرنسي يدعمه السعوديون. أنظروا إلى مهرجان البحر الأحمر، هناك الكثير من الأفلام التي باتت معروفة في جميع أنحاء العالم".

محمد التركي، الرئيس التنفيذي لمؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي، كشف في الحديث عن دعم فيلم مايوان، عن نيته مستقبلاَ دعم الأفلام التي تُروى من منظور المرأة، "اعترافاً منّا بمكانتهن وموهبتهن". وبهذا تحاول السعودية مجاراة التيار الحالي الذي يحاول إعطاء المرأة الحضور الذي افتقدت له طويلاً في مجال الفنون. 

دعم 170 فيلماً

منذ عام 2019، دأبت مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي على دعم أكثر من 170 فيلماً سينمائياً، في كل المراحل التي يحتاج فيها الفيلم إلى دعم: التصوير والإنتاج وما بعد الإنتاج (مونتاج وميكساج). الأفلام المدعومة مصدرها العالم العربي وأفريقيا في خطة للنهوض بسينما البلدان التي تفتقر إلى بنى تحتية محلية وصندوق دعم محلي يساعدان السينمائيين الشباب. ولكن، لم يسبق لهذه المؤسسة ان دعمت فيلماً يأتي من بلد مثل فرنسا، يُعتبر "قوة" سينمائية كبيرة. فرنسا التي تنتج معظم أفلام ما يُعرف بالعالم الثالث. لذلك، يُعد تمويل "جانّ دو باري"، سابقة، بيد انها لن تكون المبادرة اليتيمة، فهناك نية لـ"دعم صناعة السينما المبتكرة والمواهب النسائية المميزة، أمام الكاميرا وخلفها، في جميع أنحاء العالم"، كما جاء في بيان صحافي.

فضلاً عن "جانّ دو باري"، أربعة أفلام عربية وواحد من السنغال، تلقّت دعماً من البحر الأحمر عُرضت في كان: الاول هو "وداعاً جوليا" للسوداني محمد كردفاني المشارك في قسم "نظرة ما"، وهو أول فيلم سوداني يشارك في المهرجان. يحكي الفيلم عن سيدة يقتل زوجها رجلاً من جنوب السودان دفاعاً عنها، قبل أن تشعر الزوجة بالذنب، فتقرر توظيف زوجة المغدور خادمة عندها. الفيلم يناقش موضوع التعايش بين السودانيين بعد الانفصال، وفاز بآراء إيجابية خلال عرضه في "كان".

الفيلم الثاني "بنات ألفة" للتونسية كوثر بن هنية، المعروض في المسابقة، فيلم عن التطرف الإسلامي، يمزج بين الروائي والوثائقي، ليسرد قصة سيدة تونسية اختفت اثنتان من بناتها قبل ان يتبين أنهما انضمتا إلى داعش. الفيلم الثالث هو "العصابات" للمغربي كمال لزرق، المشارك في "نظرة ما"، فيلم يحملنا إلى الأحياء الصعبة في الدار البيضاء، برفقة حسن وعصام اللذين يحاولان مقاومة ظروف الحياة الصعبة، إلى أن يموت رجل، كانا يحاولان خطفه، فتبدأ رحلة إخفاء الجثة.

أما الفيلم الرابع فهو "كذب أبيض" للمغربية أسماء المدير، المعروض في "نظرة ما"، ويطرح السؤال الآتي: كيف يمكن أن نعرف الماضي أو نحاول إعادة تشكيله واستعادته مع غياب الصور؟ على غرا "بنات ألفة"، ليس من الممكن تصنيف الفيلم في خانة النوع الروائي الوثائق.

ولعل أفضل تصنيف له هو أنه فيلم "تشكيلي"، إذ يستخدم اللوحات والصور والنماذج الخشبية والحجرية الصغيرة والدمى والعرائس في بناء جدلي. الفيلم الخامس "بانيل وأداما" للسنغالية راماتا تولاي الذي يحكي عن قصة حب بين شاب وفتاة تجري فصولها في شمال السنغال، لكنّ الحب غير المشروط الذي يجمعهما يصطدم بالأعراف الاجتماعية، فلا مكان للشغف والحب في البيئة التي يعيشان فيها. 

لا يخفي الرئيس التنفيذي لهيئة الأفلام، عبد الله آل عياف، طموحات السعودية في مجال السينما، فهو يعترف أن هناك سعياً جدياً إلى أن تصبح المملكة مركزاً عالمياً لإنتاج الأفلام والمواهب. ولا يساهم نمو إيرادات المملكة من شباك التذاكر (الأسرع نمواً في الشرق الأوسط حالياً)، الا بتعزيز قناعاته بصوابية هذا الخيار. يعتبر آل عياف أن ثمة اهتماماً متزايداً بالحكايات المحلية التي تُروى من خلال عيون مجموعة جديدة من صانعي الأفلام المتحمسين، وهذا ما يجعله يسعى للتعاون مع شركاء دوليين لإقامة شراكات عالمية، وتقديم العروض للتصوير داخل المملكة. 

نشاطات كثيرة مرتبطة بالنهضة السينمائية السعودية، شهدتها الدورة الحالية من مهرجان "كان" التي تنتهي غداً، منها إعلان صندوق التنمية الثقافية السعودية عن إنشاء صندوقين منفصلين لقطاع الأفلام تبلغ قيمتهما الإجمالية 180 مليون دولار، بهدف تعزيز صناعة السينما المحلية وجذب نجوم السينما العالمية إلى المملكة. 

هل يمكن الحديث عن إضافة ونقلة نوعية هذا العام بالنسبة إلى المشروع السينمائي السعودي من خلال الحضور في "كان"؟ وهل انتقلت الأشياء من كونها مشاريع إلى كونها أعمالاً ملموسة تصل إلى الجمهور وتحقق ما يجب أن يحققه أي منتوج ثقافي وفني؟

الوقت لا يزال مبكراً للحسم ووحده المستقبل القريب هو الذي يوفر الجواب. لكن النية موجودة والمسؤولون على الطريق الصح للإنتقال إلى واقع جديد يشكّل قطيعة مع الماضي، حين كان الفن السابع  ضمن أحلام محصورة في بعض الشغوفين بالسينما.

 

الـ The Independent  في

26.05.2023

 
 
 
 
 

كانّ 76 - نانّي موريتّي يغازل الشيوعية في “شمس المستقبل”

كانّ - هوفيك حبشيان

يحملنا المخرج الإيطالي #نانّي موريتّي إلى الماضي، في جديده، "#شمس المستقبل"، المعروض داخل مسابقة الدورة السادسة والسبعين ل#مهرجان كانّ ال#سينمائي (16 - 27 أيار)، لكن من خلال تقنية "فيلم داخل فيلم"، وبنرجسية عالية، وخطاب يدير ظهره إلى الواقع، حيث يلعب دور مخرج يحاول تصوير فيلم عن الحزب الشيوعي الإيطالي لحظة انشقاقه عن الاتحاد السوفياتي بعد الانتفاضة المجرية في العام 1956. يغازل موريتّي الشيوعية، واقفاً في وجه الستالينية، في نوع من جواب على سيطرة اليمين المتطرف في بلاده إيطاليا. لكن الفيلم كله بدا قديماً ومفتعلاً، يعيد تدوير كلّ ما صنع أهمية موريتّي منذ بداياته. حتى الملصق هو استحداث (سكوتر كهربائي بدلاً من الدراجة النارية) لـ"مفكرتي العزيزة" الذي صنع شهرته الدولية. هذا كله كان سبب خيبة أمل جديدة من موريتي الذي لم تحلّق #أفلامه الأخيرة عالياً في فضاء السينما.

الحكاية بسيطة: جيوفانّي (موريتّي) مخرج على قدر من الشهرة، يحاول تصوير فيلم من إنتاج زوجته (مارغريت بوي) التي يعيش ويعمل معها منذ أربعين عاماً. الفيلم يدور على شيوعيين على علاقة غرامية أحدهما بالآخر، يستضيفان سيركاً في روما خلال انتفاضة المجر، وعليهما أخد موقف أخلاقي وسياسي سريع ممّا يحدث هناك. لكن على جيوفانّي ان يحلّ العديد من المشاكل أيضاً، بعضها شخصي الطابع، كعلاقته بزوجته التي أشرفت على نهايتها، وعلاقة ابنته برجل يكبرها سناً. أما المنتج الفرنسي (ماتيو أمالريك) لفيلمه، فهو مفلس، ما يهدد مصير المشروع ككل. ورغم كلّ هذه المشاكل، يجد جيوفانّي بعض الوقت ليزور موقع تصوير مخرج آخر تنتج زوجته أول أفلامه، ولا يتوانى عن اعطائه بعض الملاحظات، منظّراً حتى في مسألة العنف السينمائي، في واحد من المشاهد التي لم يُوفَّق موريتّي فيها، اذا نظرنا اليها من زاوية الصدقية، مثلما لم يكن موفقاً أيضاً في مشهد اجتماعه بمسؤولين في "نتفليكس" التي "تبث في 190 دولة”.

مع "شمس المستقبل"، أنجز موريتي فيلماً لا يمكن النظر اليه الا كرد فعل صريح ومبالغ فيه على كلّ ما يعيشه من حوله في السياسة والسينما، ويأتي هذا نتيجة رغبته في تسجيل بعض المواقف الضرورية وتذكيرنا بالبديهيات، التي قد لا نختلف معها كثيراً، لكن السينما لا تحب البيانات والخطابات الرنانة، خصوصاً اذا كان الهدف منها إثارة ضحكة صفراء تهكمية، وفي النهاية لا تسرق منّا الا بعض الابتسامات على عجل، على سبيل التهذيب واحترام جهد سينمائي قدير. موريتّي كان أظرف عندما لم يكن يتوقع شيئاً، ولم يكن بهذه المباشرة المزعجة، وبهذا النضال ضد كلّ ما يخالفه. وكان أكثر تماسكاً عندما كان يشك في احتمالات التغيير. اليقين قاتل. اليوم، بات يبث الأمل عبر الاستعانة بفصول من التاريخ. يعطي موريتّي الانطباع بأنه يفتقد الماضي، حيث الحياة كانت أفضل ويجب العودة اليها. خطاب لا يليق بسخريته ويضفي على الفيلم الكثير من الخفّة.

 

النهار اللبنانية في

26.05.2023

 
 
 
 
 

خاص "هي"- رسالة مهرجان كان..

فيلم "كذب أبيض": عن بيت قابل للكسر

أندرو محسن

مشاركة قوية للمغرب في الدورة ٧٦ لمهرجان كان السينمائي، بين فيلم "الثلث الخالي" إخراج فوزي بن سعيدي المعروض في قسم "Quinzanne" ومشاركة مريم توزاني في لجنة تحكيم المسابقة الرسمية، ومؤخرًا عرض فيلم "كذب أبيض" إخراج أسماء المدير وهو من الأعمال التي يدعمها صندوق مهرجان البحر الأحمر السينمائي، ويشارك الفيلم في مسابقة "نظرة خاصة".

الفيلم هو الوثائقي الطويل الثاني لأسماء المدير بعد "في زاوية أمي"، ومرة أخرى تقترب المخرج من موضوعات شديدة الشخصية، لكنها هنا تحكي بشكل مزدوج عن ماضي أسرتها الصغيرة، والذي بدوره يعكس مرحلة شديدة الحساسية من التاريخ المغربي، وهي "سنوات الرصاص".

دُمى على قيد الحياة

سنوات الرصاص ليست أمرًا جديدًا على السينما المغربية، إذ قُدمت في عدة أفلام من قبل، فما الجديد الذي يمكن أن تقدمه أسماء المدير في فيلمها؟ الأمر الأول هو كيفية تقديم حكايتها، وهو أهم رهانات هذا الفيلم. نشاهد في بداية الفيلم زقاقًا صغيرًا مصنوعًا من الورق المقوى، بالإضافة لدمى من الطين على شكل شخصيات مختلفة.

هذا الزقاق هو الذي ضم بيت أسماء وأسرتها، والدمى تمثل أفراد الأسرة المختلفين. هذه الأسرة تبدو في البداية تقليدية تمامًا، جدة أسماء لأبيها، شخصية قوية ومتحكمة في الأسرة بشكل واضح، الأب هو الذي يصنع الدمى، وكان يحلم بأن يصبح أهم حارس مرمى في العالم، لكننا نرى أنه لم يحقق حلمه على الإطلاق. هنا نتساءل، إذا كان أفراد الأسرة على قيد الحياة فما الفائدة في إعادة تمثيلهم باستخدام الدمى؟

تستغل أسماء هذه الدمى استعادة الفترة الزمنية التي تريد تناولها، إحدى ليالي رمضان، ليلة القَدر كما تعتقد المخرجة في تعليقها، ومن خلال استعادة التفاصيل الشكلية لهذه الليلة، فإنها تدفع أفراد أسرتها على استعادة ذكرياتهم وما حدث حينها. المفارقة الممتعة في الفيلم هي أن البيت والدمى بألونها وتفاصيلها تدفعنا للشعور بحالة من الألفة والود في البداية، وكأننا سنشاهد قصة رومانسية، لكن بمرور دقائق قليلة داخل أحداث الفيلم نكتشف أن هذه القشرة الخارجية الجميلة إنما تشبه الأسرة نفسها، إذ تبدو من الخارج جميلة بينما في داخلها الكثير من الأسرار الشائكة.

الحوائط تخفي أسرارًا

تختار أسماء لحظات دقيقة جدًا للتوقف عندها، وتفعل هذا بذكاء حتى تداعب ذكريات أسرتها وتدفع أفرادها للإفراج عما في صدورهم. اللحظة التي تود التوقف عندها هي مصرع شابة في منطقتهم أثناء إطلاق النار في تلك الفترة، ورغم فداحة الواقعة فإن أسرتها -وربما سكان المنطقة عمومًا- يحاولون تجاهل الأمر، وكأنه لم يقع.

من هنا تعتمد المخرجة على فكرة الكذب لتنطلق في فيلمها، إذ للجميع أسرار يخفونها، تبدأ ببعض التفاصيل الصغيرة الخاصة جدًا بذكرياتها الشخصية عن هذا اليوم، ماذا كانت تلبس، وكيف التقطت صورتها، إلى آخره من هذه الأمور، ومن ثم تنطلق إلى أمور أكبر، تنفجر تدريجيًا داخل الأحداث. بعضها شديد القسوة، مثل ما يذكره قريبها الذي تعرض للاعتقال، وأخرى أقل قسوة وإن كانت أكثر شاعرية وتحمل حزنًا أكبر في طياتها مثل ما رواه أباها. يذكر الأب الذي كان عاشقًا لكرة القدم، أن المكان الذي اعتادوا على اللعب فيه أزيل بالكامل أثناء تلك المرحلة، وتحول لاحقًا إلى مقابر.

هذا المشهد تحديدًا يلخص الكثير من عناصر الفيلم، إذ نشاهد تجسيدًا بصريًا باستخدام الدمى والمجسمات للملعب ثم للمقابر، كما نستمع إلى الأب الذي يخرج أخيرًا ما يكنه في صدره، ربما لا يمكن أن نعد هذه الذكرى سرًا في حد ذاتها، لكن هذا التحول لساحة اللعب إلى ساحة للموتى يختزل ما حملته هذه الفترة البشعة، ويمنحنا أيضًا نظرة قريبة عن التحول الذي أصاب الذي لم تنتهِ حياتهم آنذاك، إذ لا تعني نجاتهم من الرصاص أنهم عاشوا حياة سعيدة!

فيلم كذب أبيض هو تجربة مميزة في كيفية تقديم فيلم وثائقي بتناول مختلف، وإن كان هناك بعض الإطالة في فصله الثاني، الذي استهلك وقتًا طويلًا لحين الوصول للكشوفات الأخيرة، فإن هذا لم ينتقص كثيرًا من تميز هذ العمل.

 

مجلة هي السعودية في

26.05.2023

 
 
 
 
 

مراجعة «أيام مثالية» | دراما يابانية إنسانية للألماني فيم فيندرز

كان (فرنسا) ـ خاص «سينماتوغراف»

مع (Perfect Days ـ أيام مثالية) لـ فيم فيندرز الذي عُرض أمس ضمن المسابقة الرئيسية لمهرجان كان السينمائي الـ 76، يعود المخرج الألماني البالغ من العمر 77 عامًا إلى ما أتقنه في بداية حياته المهنية، الدراما الهادئة والتفاعلية والإنسانية للغاية.

لقد تخلى منذ فترة طويلة عن مثل هذه النوعية من الأفلام، لصالح الأعمال الوثائقية والمزيد من أفلام الخيال السائدة، حيث قدم «كل شيء سيكون على ما يرام» (2015) و «الغطاس» (2017) وهي أفلام تقليدية إلى حد ما، ربما ساعد هجوم النقاد لها في إقناع المخرج بالعودة إلى جذوره.

فيلم فيم فيندرز الجديد، الذي شارك في كتابته مع الكاتب والمخرج الياباني تاكوما تاكاساكي، عبارة عن دراسة شخصية ملتوية ومرحة تدور أحداثها في طوكيو والتي لا تنبض بالحياة إلا في اللقطة النهائية الممتدة لوجه البطل، وهو ينجرف ذهابًا وإيابًا بين السعادة والحزن.

بالكاد تختلف الأيام بالنسبة لهيراياما (كوجي ياكوشو) البالغ من العمر 50 عامًا، يستيقظ في شقته الصغيرة الفقيرة في مكان ما في إحدى ضواحي طوكيو، ويقفز في شاحنته، ويدخل كاسيت، ويستمع إلى الموسيقى الغربية وهو في طريقه إلى العمل، وظيفته هي تنظيف المراحيض العامة (حك حافة الأوعية والمباول، ومسح المرايا، وتلميع الحنفيات، ومسح الأرضية)، يقوم بواجباته بلا هوادة، دون خجل ولا أثر للتردد، وبدون أنين، وفي الواقع هو رجل غير متزوج، ليس لديه أطفال ولا صديق، ونادراً ما يتحدث.

هذا ليس فيلمًا عن شخص غريب الأطوار أو مثير للاشمئزاز يستحق الشفقة، «هيراياما» لا يعيش حياة مختلة. إنه انطوائي ودائماً ما يكتفي بابتسامة خجولة وصادقة، ومنزله على الرغم من كونه متواضعًا - نظيف جدًا، ينام في داخله بشكل مريح محاطًا بأكوام من الكاسيتات الصوتية التي يعتز بها كثيرًا، فلقد عادت الأشرطة القديمة الآن إلى الموضة وتستحق ثروة، كما أخبره تلميذه الصغير تاكيشي. لكن ليس لديه مصلحة في بيعها، لأنه ليس حريصًا على المال، ولا يريد تغيير أي شيء في عالمه الصغير البسيط واللطيف.

يتمتع «أيام مثالية» بنوع من السحر، ويؤسس ياكوشو الفيلم بحكمته وحضوره اللطيفين، ولا يكشف فيندرز مبكرًا جدًا عن بطله ولا يحاول ربط كل شيء بدقة شديدة، ولكنه يهتم بمتع الحياة البسيطة والتموجات التي تسببها الإيماءات الصغيرة، ومنها الموسيقى التي تعد جزء لا يتجزأ من الفيلم، والتي تحقق لـ هيراياما أقصى درجات الاستمتاع، فسماعه لأغاني الروك والجاز تملأ حياته بالإيقاع والبهجة الرقيقة.

ثم تبدأ دراما فيندرز الصغيرة واللطيفة بشكل رائع في إضافة لقاءات عشوائية، لا تهز عالم هيراياما من محوره، ولكنها تتعارض مع أسلوب الزهد في حياته، إحداها هي صديقة زميلته الشابة، التي أصبحت مهووسة بمجموعة الكاسيت التي لديه، وفي وقت لاحق، تأتي ابنة أخته للبقاء، وتقدم له الصحبة في جولاته، وأخيراً يواجه وجهًا مألوفًا في الحانة، ليصبح أكثر ثرثرة، ويشاركه نكتة وحتى يغازل النادل.

كلها مقتطفات لا تقدر بثمن من الفرح، يعود سبب نجاحها إلى (كوجي ياكوشو) اللطيف، الذي يتحكم في الشاشة بأداء صامت وهدوء معدي، ويكمل بشكل مثالي اتجاه فيندرز البسيط ويضيف عمقًا غير متوقع إلى رسالة الفيلم التي مفادها : «العالم مصنوع من عوالم عديدة، بعضها متصل والبعض الآخر ليس كذلك».

هذا فيلم التفاصيل واللحظات الصغيرة، ليس به تقلبات مفاجئة أو اكتشافات مروعة، ولكنه يمتلأ بالعاطفة الإنسانية، ويترك المتفرج يضع بنفسه قطعة اللغز الأخيرة مع مشهد النهاية.

 

####

 

تعرف على | تفاصيل جلسة كوينتين تارانتينو في «كان السينمائي»

كان (فرنسا) ـ «سينماتوغراف»

قبل تقديم أحد أفلامه المفضلة في مهرجان كان السينمائي يوم أمس الخميس، ناشد كوينتين تارانتينو المشاهدين أن يكونوا "غير فرنسيين" قدر الإمكان في ردود أفعالهم عند مشاهدة الأفلام، وقال. "دعونا نحضر القليل من المطاحن الأمريكية هنا في مدينة كان".

هذه هي الطريقة التي أسس بها عمله عام 1977 "رولينج ثاندر" - وهو فيلم تأسيسي جدًا لتارانتينو، ويشاع أنه سيعيده بطريقة ما لفيلمه الأخير القادم، "ناقد الفيلم ـ The Movie Critic".

خلال جلسة المحادثة على هامش تظاهرة «نصف شهر المخرجين» التي استمرت ساعة بعد العرض، ناقش تارانتينو، 60 عامًا، العناوين المذكورة في كتابه الأخير "تكهنات السينما". (كان في المهرجان لإلقاء محاضرة لكنه أراد تقديم فيلم أيضًا).

بدأ الجلسة الممتدة بفيلم "Rolling Thunder" ، الذي يلعب دور البطولة فيه ويليام ديفان كمحارب قديم في فيتنام يلاحق المجرمين الذين قتلوا عائلته، وأشار تارانتينو إلى أنه على الرغم من إعجابه بالفيلم، شعر أنه انحرف كثيرًا عن نصه الأصلي.

وقال تارانتينو "إنه لا يتعرف على الفيلم أكثر من التعرف على نسخة أوليفر ستون من" Natural Born Killers "، مستشهداً بأحد الأفلام القليلة التي كتبها لكنه لم يخرجها. وتنصل تارانتينو من موقف ستون بشأن فيلمه، لكنه قال إن جوني كاش أخبره ذات مرة أنه معجب كبير بفيلم 1994، الذي قام ببطولته وودي هارلسون وجولييت لويس.

قال تارانتينو "لم أخبره أنه كان مخطئا".

وعن أفلام مثل Rolling Thunder، قال تارانتينو: "أنا أحب الأفلام العنيفة، بعض الناس يحبون المسرحيات الموسيقية، والبعض الآخر يحبون الكوميديا التهريجية، وأنا أحب الأفلام العنيفة. أعتقد أنه عمل سينمائي للغاية ".

وعندما سئل عما إذا كان قد شاهد فيلمًا لم يكن العنف فيه مبررًا، بدا تارانتينو في البداية مذهولًا لدرجة أن الجمهور ضحك. في النهاية، استشهد بـ "ألعاب باتريوت"، فيلم هاريسون فورد عام 1992. وجد فيه تارانتينو أن دوافع الشرير لم تكن مترابطة للغاية.

وعندما يتعلق الأمر بتصوير العنف، قال تارانتينو إن هناك سطرًا واحدًا فقط لم يكن مستعدًا لتجاوزه. وأضاف وسط تصفيق الحاضرين: "لدي هذا الشيء الكبير في قتل الحيوانات في الأفلام". "لكن أعني الحشرات أيضًا! ما لم أدفع لمشاهدة بعض الأفلام الوثائقية الغريبة، لن أدفع لأرى موتًا حقيقيًا. جزء من الطريقة التي يعمل بها كل هذا هو أنه تخيلي - لهذا السبب يمكنني الوقوف بجانب المشاهد العنيفة".

وقال تارانتينو إن فيلمه العاشر القادم سيكون آخر أفلامه (نظرًا لاعتقاده أن المخرجين لديهم عدد محدود من الأفلام الجيدة) ، وأنه يأمل أن يكون هناك المزيد من الكتب له مثل "تكهنات السينما".

وقال في نهاية محادثته: " فكرة أن أستقيل بعد عملي القادم، هي قصة طويلة، ولا أستطيع أن أخبركم بتفاصيلها حتى تشاهدوا فيلمي الأخير".

 

####

 

بعد «ريش» الفائز في مسابقة أسبوع نقاد كان 2021:

عمر الزهيري يعود للسينما بفيلم «الثدييات»

لوس أنجلوس ـ «سينماتوغراف»

بعد فوزه بالجائزة الكبرى في مسابقة أسبوع النقاد بمهرجان كان السينمائي عام 2021، بفيلم “ريش”، يعود المخرج عمر الزهيري للسينما بمشروع جديد يحمل اسم "Mammals" أو “الثدييات”. سيتم التركيز فيه على الرأسمالية الغربية والروابط الأسرية.

ووفق موقع “فارايتي”، يشارك في كتابة الفيلم المؤلف محمد أديب، وقصة "الثدييات" مستوحاة جزئيًا من سيرة والد عمر الزهيري، الذي توفي عام 2016 في الولايات المتحدة، حيث كان مهاجرًا يعيش في ظل ظروف صعبة.

في الفيلم، يقوم شاب بزيارة والده في أحد أفخم المنتجعات في العالم. عندما يصل إلى هناك يكتشف، دون علمه، أن والده قد حبسه في صفقة تجارية لا يمكنه رفضها. يتمرد الشاب، لكنه يبدأ أيضًا في الإعجاب بحياته الجديدة ويفقد عقله في النهاية.

قال الزهيري، إنه على المستوى الجزئي، فإن قلب وعمود قصة "الثدييات" هما ديناميكيات الأب والابن، ولكن الأمر يتعلق أيضًا بعلاقته بالرأسمالية.

وأضاف : "أنا أكره الفقر وأكره أن أكون ثريًا أيضًا، أعاني من الرأسمالية لكني لا أستطيع مقاومتها، لا يمكنني مقاومة فكرة امتلاك منزل فسيح لطيف أو شاليه جميل على شاطئ البحر".

وأشار إلى أنه "في هذا الفيلم يحاول مواجهة مخاوفه في رحلة مرحة وسينمائية وشاعرية".

 

####

 

هل ستتوافق نتائج الغد مع ترشيحات النقاد؟

توقعات «سينماتوغراف» لـ جوائز مسابقة «كان السينمائي الـ 76»

كان (فرنسا) ـ خاص «سينماتوغراف»

مع عرض فيلم «البلوط القديم ـThe Old Oak » للمخرج البريطاني كين لوتش، انتهت مشاهدات كل أفلام المسابقة الرسمية لمهرجان كان السينمائي في دروته الـ 76، وينتظر الجميع غداً يوم السبت 27 مايو الجاري في مسرح «جراند بلاس»، ما ستقرره لجنة التحكيم التي يرأسها روبن أوستلوند، الحائز على السعفة الذهبية مرتين، وقد تكون هناك مفاجآت مدويه، لا تتوافق مع ترشيحات النقاد.

هذه الدورة التي أطلق عليها (دورة المخضرمين)، فيها من الأسماء المشهورة الكثير، مثل (تود هاينز، ونوري بيلج جيلان، وهيروكازو كوري إيدا، وناني موريتي)، بالإضافة إلى كين لوتش الذي شارك عدة مرات في التشكيلة الرئيسية على مر السنين وحقق العديد من الانتصارات، حيث فاز بجائزتين من السعفة الذهبية وثلاث جوائز من لجنة التحكيم، وهناك كذلك ماركو بيلوتشيو والذي يخوض المنافسة الثامنة على جائزة السعفة هذا العام، وهو يبلغ من العمر 83 عامًا، ولم يفز بعد.

بالتأكيد مع (21 فيلماً) في المسابقة الرسمية لدورة هذا العام، وقوة الكثير منها شكلاً ومضموناً، تبدأ التساؤلات تزداد خلال الساعات الأخيرة، من سيفوز؟، وهل ستتوافق النتائج مع ترشيحات النقاد؟، وما هي الأيدولوجيات التي يمكنها أن ترجح كفة فيلم عن آخر، هذا ما سنعرفه غداً مع إعلان قائمة الفائزين.

وفيما يلي توقعات «موقع سينماتوغراف»، لجوائز المسابقة الرسمية لمهرجان كان السينمائي 2023، والتي قد تتوافق أو تختلف مع توجهات لجنة التحكيم أو رغبات البعض من النقاد والجمهور، لكنها تعتمد بالتأكيد على مشاهدات ومتابعات ورؤية نقدية وتحليلية لما تم عرضه...

** السعفة الذهبية، فيلم منطقة الاهتمام (جوناثان غليزر)

بديل : تشريح السقوط (جوستين تريت)

** الجائزة الكبرى: فيلم وحش (هيروكازو كوري إيدا)

بديل : أيام مثالية (فيم فيندرز)

** جائزة لجنة التحكيم: فيلم أوراق متساقطة (آكي كوريسماكي)

بديل : لا شيمير للمخرجة الايطالية أليس روهرواشر

** أفضل مخرج : ماركو بيلوتشيو عن فيلم (اختطاف)

بديل : تران آنه هونغ، عن فيلم (لا باشن دو دودين بوفانت)

أفضل ممثل: تشارلز ميلتون - ماي ديسمبر

بديل : جوش أوكونور - لا شيمير

** أفضل ممثلة: ساندرا هولر - تشريح السقوط

بديل : ناتالي بورتمان - ماي ديسمبر

** أفضل سيناريو: أربع بنات (بن هنية)

بديل : نادي الصفر (جيسيكا هاوسنر)

 

####

 

3 أفلام عربية تحصد أهم جوائز مسابقة «نظرة ما»

كلاب الصيد (لجنة التحكيم) ووداعاً جوليا (الحرية) وكذب أبيض (الإخراج)

كان (فرنسا) ـ «سينماتوغراف»

أعلن مساء اليوم عن جوائز مسابقة «نظرة ما»، التي أقيمت ضمن الدورة الـ 76 لمهرجان كان السينمائي، ومن بين 20 فيلمًا عرضت في هذا الاختيار وسيتنافس 8 أفلام أولى منها أيضًا على الكاميرا الذهبية.، تم منح 6 أفلام من قبل هيئة التحكيم برئاسة الممثل الأمريكي جون سي. رايلي، بعضها حصل صناعها للمرة الأولى على جائزة، وفيما يلي نتائج الفائزين ...

** جائزة نظرة ما ..

فيلم (كيف تمارس الجنس)

من إخراج مولي مانينغ ووكر

الفيلم الأول

** جائزة لجنة التحكيم

الفيلم المغربي كلاب الصيد

أخراج كمال لزرق

الفيلم الأول

** جائزة الحرية

الفيلم السوداني (وداعاً جوليا)

إخراج محمد كردفاني

الفيلم الأول

** جائزة الاخراج

الفيلم المغربي (كذب أبيض)

إخراج أسماء المدير

** جائزة الصوت الجديد

فيلم (يبشر)

من إخراج بالوجي

الفيلم الأول

** جائزة إنسيبل

فيلم كروري (زهرة بوريتي)

من إخراج جواو سالافيزا ورينيه نادر مسورة.

 

موقع "سينماتوغراف" في

26.05.2023

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004