ملفات خاصة

 
 
 

قراءة مختلفة لفيلم سكورسيزي الأخير

دي نيرو وديكابريو... من فاز على الآخر في الأداء؟

كانمحمد رُضا

كان السينمائي الدولي

السادس والسبعون

   
 
 
 
 
 
 

إذا كنت ستنتظر إلى أن تعرض منصّة «آبل» «قتلة فلاور مون» (Killers of the Flower Moon) على الأثير فإنك لن تتمتّع بكل ما في فيلم مارتن سكورسيزي الجديد من مساحات فضاء وأعماق شخصيات ورحلات في الأزمنة والأماكن.

فيلم مارتن سكورسيزي الواحد والأربعون مصنوع على طريقة معظم أفلامه الروائية: حكاية متسعة لشخصيات كثيرة وأفعال أكثر وإجادة في تلوين الأحداث بالمواقف ذات الرؤيا. إلى ذلك هو نوع من الوسترن الذي يحتفي بالمكان على شاشة عريضة وفي أحداث تعود إلى تاريخ معين (1922) مما يشكّل ثروة بصرية للمُشاهد إذا ما اختار متابعة الفيلم على الشاشة العريضة. والشركتان المنتجتان باراماونت و«آبل» ستعرضان الفيلم انطلاقاً من السادس من أكتوبر (تشرين الأول) على نحو محدود في الولايات المتحدة ثم في العشرين من الشهر ذاته على نطاق واسع قبل أن يتوجه إلى عروض النت في الشهر التالي على الأرجح.

بداية شبيهة بأخرى

المشكلة في العروض السينمائية هي أن الفيلم يقارب الأربع ساعات. هي تمضي بالنسبة للمشاهدين كما لو كانت في ساعتين ونصف نظراً للأحداث المتابعة وذات الإيقاع المتناسق، لكن الأزمة هي أن سكورسيزي بالفعل لم يكن بحاجة إلى كل هذا الوقت لعرض فيلمه. هناك وقت طويل يمضي في الاستفاضة حول مفارقات درامية كان تم تداولها من قبل. من بين ذلك، الفترة الزمنية التفصيلية المنصرفة على العلاقة بين ليوناردو ديكابريو وليلي غلاستون. هو الزوج الذي يحب المال أكثر من حبّه لامرأته، وهي الزوجة التي تعتقد أنه يحبها أكثر مما يحب المال.

الحكاية واقعية منسوجة من كتاب لديفيد غران كُتب كتقارير وصفية وليس كرواية سنة 2017. غران صحافي من فريق مجلة «ذا نيويوركر» الأميركية وهو وضع كتاباً كاشفاً عن سلسلة من الجرائم التي وقعت في ولاية أوكلاهوما في مطلع العشرية الثانية من القرن الماضي وسُجلت على أساس أنها جرائم انتحار. في الواقع يبدأ سكورسيزي فيلمه بنماذج منها. أشخاص غامضون يقتلون رجالاً من قبيلة أوساج الهندية. هذه البداية شبيهة ببداية فيلمه الشهير Goodfellas الذي عمد فيه إلى تصوير سقوط ضحايا عمليات مافياوية في نيويورك. الفارق أن الأحداث التي يتناولها في «قتلة فلاور مون» وقعت بالفعل ولو أنها سُجلت كحوادث انتحار عبر «شريف» البلدة المرتشي. أسبابها، كما يكشف الكتاب والفيلم، أن القبيلة، التي تم ترحيلها من موطنها السابق في ولاية كنساس وإسكانها ولاية أوكلاهوما، اكتشف النفط تحت أقدامها في موطنها الجديد.

عرف أفرادها الثراء المفاجئ، وهذا ما تسبب في حسد أبناء البلدة وما دفع الحكومة للتواطؤ مع بعض النافذين لإصدار قرار غريب من نوعه يعتبر أن الأوساج ليسوا مؤهلين لاستثمار أموالهم وأنهم بحاجة لمرشدين لذلك.

ويليام هايل (Hale)، كما يؤديه روبرت دي نيرو، أحد الذين اعتبروا أن هذا الثراء يجب ألا يكون من نصيب «ذلك العنصر» (That race) كما يقول في أحد المشاهد وعبر أذرعه النافذة يرسل من يقتل أثرياء القبيلة بينما يتظاهر بحبه لهم ومودّته وكل ما من شأنه استمرار خداعهم.

إلى هذا المكان يصل أرنست (ليوناردو ديكابريو) باحثاً عن عمل عند عمّه ويليام. العلاقة مع عمّه بدأت، عائلياً، طبيعية من حيث إنه لم يكن يدري ما يخبّؤه عمّه له. يلاحظ العم أن ابن أخيه يرمق امرأة هندية ثرية اسمها مولي (ليلي غلادستون) بإعجاب. يدفعه للزواج منها ليس لأنه يكترث للتوفيق بين عاشقين، بل لأنه إذا ما قتل والدتها ثم قتل شقيقتها ثم قتلها فإن الثروة ستقع بين يدي أرنست وبالتالي بين يديه هو.

* قتل مباح

لا داعي لتفاصيل كثيرة لولا أن تحليل هذا العمل لا يمكن أن يتم إلا بإيضاح، لكن التركيبة الدرامية المذكورة تأتي كاملة في نصف الساعة الأولى من الفيلم ولدى المشاهد نحو ثلاث ساعات أخرى من التفاصيل. ذلك الزواج يمشي حسب المقرر له وعندما يُطلب من أرنست أن يتسبب في موت بطيء لزوجته يقبل الأمر، ومع انحدار صحتها وإشرافها على الموت، يزداد الوضع البائس الذي يواجهه أرنست بالانصياع أكثر وأكثر لعمّه. يستمر هذا لما بعد وصول رجال الأف بي آي (يقودهم الجيد جسي بليمونز) للتحقيق ووضع حد للقتل المباح.

أرنست لا يتوقف عن الكذب على زوجته. الغنيمة تعميه وعمّه لا يمكن عصيانه لكن تورّطه في خطتّه كما في توجيه أزلام لتنفيذ عمليات قتل تنكشف للمحققين.

بعد المشهد الأخير من الدراما يفتح سكورسيزي على مشهد لمسرح إذاعي يتم فيه تقديم ما آلت إليه شخصيات الفيلم الأساسية. هذا الاستخدام بديل لما اعتادت السينما تقديمه عبر كلمات تشرح مآلات الشخصيات مطبوعة على شاشة سوداء. الطريقة الجديدة تستخدم أيام الراديو عن طريق ممثلين يروون على خلفية مؤثرات سمعية (بوق سيارة، حوافر حصان، جرس باب... إلخ). ثم ها هو سكورسيزي نفسه يضع الكلمة الأخيرة على كل شيء وتسدل الستارة عليه.

إنها خاتمة جديدة بالفعل لكنها تترك مذافاً كوميدياً على المأساة التي أمضى المخرج تلك الساعات لتعميقها. في الأساس لا يتجنّب المخرج الدفاع عن مصير تلك القبيلة وما شهدته من ظلم وخداع. الأشرار هم كل البيض في الفيلم (باستثناء المحققين). ما دام هذا مقتبس من وقائع لا بأس، خصوصاً وأن المواطنين الأصليين لأميركا عوملوا منذ وصول كولمبوس لسواحل القارة الشرقية كما لو أنهم مجموعات متوحشة تستحق السطو على أراضيهم وقتلهم ونقلهم من مكان إلى آخر لتوسيع مساحات الاستيطان خصوصاً إذا ما كانت القبائل تعيش فوق ركام من الذهب والفضّة.

موسيقى روبي روبرتسون تكاد تنطق حواراً من شدّة امتزاجها بواقعية الفترة والمكان. سبق لروبرتسون أن وظّف موسيقاه في فيلمين لسكورسيزي هما The Wolf of Wall Street سنة 2013 وThe Isrishman في 2019. بالإضافة إلى ذلك، استعان الفيلم بأغاني بلوز من الفترة من أمثال فرد ماكدووَل وصن هاوس وبلايند ليمون جفرسون.

أزمة ديكابريو

فيلم سكورسيزي يواصل ما بدأه من قبل في أفلامه عموماً: يروي الحكايات من وجهة نظر الجلادين أو القتلة وليس من وجهة نظر الضحايا. وحدها غلادستون، في دور الزوجة، تعبّر هنا عن تراجيديا الجشع والعنصرية، لكن الواجهة الأساسية لا تزال ملكاً للشريرين روبرت دي نيرو وليوناردو ديكابريو، المقارنة بينهما على صعيد الأداء تشي بأن كلاً منهما لجأ إلى ما ينص عليه الدور: دي نيرو يمتلك الدراية لتبوؤ الشخصية المهيمنة والتسلّط ولجعل نفسه مكروهاً. ديكابريو يؤدي شخصية المغلوب على أمره والتائه ما بين ضمير يموت وجشع يرتفع لكنه لا يملك كيفية جعل نفسه مكروهاً. يتوقع المرء هنا أن يصحو من أفعاله، لكن تكرار وقفاته المتسائلة عن أخلاقية ما يقوم به تفرّغ مشكلته من داخله ليبقى التمثيل. قد يكسب تعاطفاً، لكن هذا التعاطف يذبل تدريجياً من دون أن يبلور الممثل وضعه حيال ما يؤديه على نحو كامل.

في نواحٍ أخرى من هذا العمل، ولجانب إخفاق مشهد النهاية في إيداع رسالة الفيلم في الإطار الصحيح، هناك إخفاق في دفع الأحداث إلى تشويق فعّال. طبعاً لا ننسى أن الفيلم وسترن، إلى حد (لكنه ليس فيلم أكشن عن الهنود الحمر والجنود الزرق ولا هو فيلم رعاة بقر) وسكورسيزي لا يعالجه على هذا الوضع، وهذا اختيار لا غُبار عليه. لكن هذا لا يعفي الفيلم من طريقته في دفع الأحداث صوب مستوى من التشويق، خصوصاً مع وجود تلك المناطق التي يبدو فيها الفيلم وهو يكرر مفاداته. ربما حقيقة أن الفيلم مقتبس عن كتاب غير روائي يلعب دوراً في ذلك، لكن حتى هذا يبرر غياب أي تشويق فعّال أو أي غموض كان يمكن استخدامه لمنح الدراما بعض المفاجآت.

تساءل هذا الناقد عما سيكون الفيلم عليه لو أن فرنسيس فورد كوبولا أو برايان دي بالما أو كلينت إيستوود أو مايكل مان هو من أخرج الفيلم. وفي كل الأحوال يجب ألا ننسى أن الراحل حديثاً مايكل أبتد أنجز فيلمين مثاليين في تعاملهما مع أوضاع مشابهة هما «ثندرهارت» (thunderhart) و«حادثة في أوغالا» ((ncident at Olgala وكلاهما في سنة 1992.

الأول خيالي حول فل كيلمر يحقق في جريمة قتل المتهم فيها هندي، والثاني تسجيلي حول أحداث وقعت سنة 1975 عندما تسبب تصدي الـ«إف بي آي» ومضايقتهم لهنود ولاية داكوتا الجنوبية في مقتل إثنين من المحققين. كلا هذان الفيلمان حملا معاً الواقعية من ناحية والحدة من ناحية أخرى وتم بناؤهما للكشف عن مأساة المواطنين الأصليين لأميركا على نحو جيد وواضح.

 

####

 

سنوات السينما: «أغنية ناراياما»...

الفيلم الذي ربح «سعفة كان» قبل 40 سنة

كانمحمد رُضا

هو في الواقع فيلمان يشتركان في عنوان واحد. هناك نسخة كايسوكي كينوشيتا التي حققها سنة 1958 ونسخة شوهاي إيمامورا، التي أنجزها هذا المخرج سنة 1983 وخطفت سعفة مهرجان «كان» في العام ذاته.

كلتا النسختان مستوحاة من أعمال الكاتب شيشيرو فوكازاوا، الذي نال عليها الجائزة الأدبية الأولى في اليابان مطلع الخمسينات. لكن فيلم إيمامورا هو الذي أصبح معروفاً لا بفضل جائزة «كان» فقط، بل أساساً لثرائه البصري وواقعيّته المذهلة وحكايته التي تغوص في أعماق الحياة القروية في قرن أو أكثر مضى.

تقع الأحداث في قرية جبلية، اسمها ناراياما على بعد شاسع من أي مدينة. قرية مقطوعة الوصال مع العالم الآخر وتتعرّض لعوامل الطقس البارد كما للمجاعة، وتحيا على نحو بدائي همجي مليء بالعواطف النيئة والاعتقادات الخرافية والصراعات المختلفة.

الفيلم مدهم حتى اليوم. بمشاهد إلقاء الأطفال الذكور في حفر عميقة للتخلص منهم بسبب قلّة المحاصيل والطعام، تمر على الشاشة بكل قسوتها. الأطفال الإناث لديهم حظ أفضل للحياة بغية بيعهن لمن يشتري حين يكبرون. الغابة التي تحيط بالقرية لا تقل قسوة. جمالها الأخضر قاسٍ. الحشرات والأفاعي منتشرة فيها ويستخدمها إيمامورا كرموز يقطع إليها كثيراً لإظهار لا الخطر والقسوة فقط، بل لتماثل حب الحياة لديها مع تلك التي لدى الإنسان.

الجميع مشترك في صراع حياة وموت وبطلة الفيلم (أو محوره تحديداً) هي المرأة العجوز ذات التاسعة والستين من العمر. تؤديها الممثلة سوميكو ساكاموتو بكل ما أوتيت من رغبة في تجسيد حي لعمرها ووضعها العائلي. هي الأم التي تقطف النباتات وتطبخ وتغسل وتنظّف وترشد الأبناء (رجال راشدون) إلى ما يجب القيام به. لكن كل شيء في تلك القرية محكوم بالرغبة في البقاء على قيد الحياة. وهذا التقليد يعني التخلص كذلك من الكبار سنّاً بنقلهم إلى أماكن جبلية وعرة، وتركهم هناك ليموتوا وحيدين ومنعزلين. هذه الأم لن تكون بمعزل عن هذا التقليد على الرغم من حب ابنها الأكبر لها. يحملها، في ربع الساعة الأخيرة من الفيلم، فوق كتفيه ويصعد بها جبالاً ويجتاز صخوراً وودياناً وصولاً إلى حيث سيتركها لكي تموت.

«أغنية ناراياما» فيه مواقف آسرة التنفيذ والتصوير يتقاسم حضورها الإنسان والطبيعة. هي آسرة بجمالها وبحسن إخراجها ومخيفة لوحشيّتها وعنفها الإنساني.

صوّر إيمامورا المشاهد الداخلية في الاستوديو مع ما يحيط بالمنازل الخشبية من نباتات وحيوانات. لكنه صوّر كذلك الطبيعة في بعض المضارب اليابانية الجميلة والموحشة معاً. الفصل الأخير يترك تأثيراً بالغاً في الذات ويختم دراما على قدر كبير من عنف الدلالات.

 

####

 

شاشة الناقد: «أسترويد سيتي»... الصراع على الأرض والمجرّات

كانمحمد رُضا

تنقسم أفلام المخرج و.س أندرسن قسمين: نوع تحبه ونوع تكرهه، لكن كلا النوعين يرتدي شكلاً واحداً. الفارق أن بعض أفلامه يثير الإعجاب والبعض الآخر يُثير الامتعاض.

«أسترويد سيتي»، هو من النوع الثاني: حكاية «إذا صح التعبير» تدور في رحى صحراء أميركية في منتصف الخمسينات، عدد سكانها 87 نفراً. تكمن البلدة فوق أرض ذات تربة حمراء في الجنوب الغربي للولايات المتحدة. يحتوي المكان على مبانٍ سكنية قليلة ومحطة بنزين وهاتف عمومي واحد وجراج وعدد من الشخصيات التي تلتقي هناك. تصل إحداها مع عائلتها في سيارة لم تعد تصلح للسفر.

على مقربة هناك محطة تجارب نووية اعتاد سكان البلدة عليها. لا أحد يسأل عن الإشعاعات أو المخاطر، فالبال منصرف لمتابعة مسائل تعني لهم شيئاً ولا تعني للمشاهد أي شيء.

هناك زائر من الفضاء يهبط ويرحل سريعاً؛ ما يحوّل البلدة حَجْراً صحياً بعدما طوّقها الجيش، مما يجعل مغادرتها أو دخولها ضمن الممنوعات.

يبني المخرج فيلمه على أساسين متماثلين: يأتي بفكرة غريبة أولاً ثم يجعلها أكثر غرابة حين تنفيذها واختيار ما يتحدث فيه خلالها. أحياناً ما ينجح كثيراً كما الحال في فيلمه الجيد «ذا غراند بودابست هوتل» (2014) و «مونرايز كينغدوم» (2017). هذا الفيلم من تلك، التي لا تنجح؛ نظراً لأنها تبدو محدودة المعالم. لا شيء مثيراً في بناء وحدة سكنية فوق صحراء منبسطة وشخصيات تتحدّث كثيراً ولا شيء كثيراً يحدث.

فيلم أندرسن يحتوي على سمات محببة إليه. على سبيل المثال لا يحبّذ بطولة منفردة ويجمع هنا عدداً كبيراً من الممثلين الذين هم طاقم مخلص له يستعين به في كل فيلم له تقريباً. هنات تيلدا سوينتن وإدوارد نورتن وأدريان برودي وتوم هانكس، بالإضافة إلى سكارلت جوهانسن وجاسون شوارتزمان. في جانب آخر، وفي هذا الفيلم أكثر من سواه، يتعامل مع التأطير المحدد وبفورمات تقنية متعددة. هناك الأبيض والأسود والألوان والصورة المنقسمة إلى نصفين كما الانتقال من الفيلم إلى المسرح لا عبر الأحداث فقط، بل عبر المعالجة الكلية بحيث يبدو الفيلم كما لو كان نتاجاً مسرحي النَفَس والمصدر، إنما مع حرية الشغل على تكوينات المشهد المنفتح على المكان الشاسع وحجم اللقطات.

كذلك مشهود له تعامله مع مكان صحراوي تتساءل فيه إذا ما كانت الجبال البعيدة موجودة فعلاً أو نتيجة تأسيس الاستوديو لها. فالفيلم، من هذه الناحية يبدو بمجمله كما لو أنه صوّر فوق أرض الاستوديو. واللعبة هنا هي التغلّب على لون الطبيعة الصحراوية بابتكار لون زهري يشبه اللون الذي تعكسه الصحراء الفعلية عند الغروب. في مشاهد أخرى هو لون باهت.

«أسترويد سيتي» هو، بالنتيجة ورغم جهد التأطير والديكورات وبث الألوان ينتهي بدوره إلى نتيجة باهتة أقل شأناً مما هدف المخرج إليه.

 

####

 

تألق صنّاع الموضة والنجوم

مهرجان «كان» السينمائي في دورته الـ76 يشهد «غزوة عربية»

لندن: الشرق الأوسط

لا يزال مهرجان كان في دورته الـ76 مستمراً، والصور التي تطالعنا على شاشات التلفزيون أو تنشرها الوكالات تُثلج الصدور. من إطلالة العارضة السعودية أميرة الزهير في حفل الافتتاح بفستان من المصمم رامي قاضي، إلى النجمة والعارضة السعودية ميلا الزهراني في مجوهرات من دار بوشرون والممثلة الكويتية ليلى عبد الله في مجوهرات «ميسيكا» وهلم جرا من الوجوه التي لم تعكس أناقة متناهية فحسب، بل كانت وجوهاً تُبشِر بأن التغيير الإيجابي أصبح واقعاً ملموساً ومعترفاً به على الصعيد العالمي.

أمر تشهد عليه أيضاً مشاركة سبعة مخرجين من أصول عربية و9 أفلام، إلى جانب الصور، التي تظهر فيها النجمات، بمن فيهن نجمات «السوشيال ميديا»، وهن يتخايلن على السجاد الأحمر بكامل أناقتهن في أزياء حرصن على أن تكون متوازنة بين المصممين العرب والأجانب. من هند صبري ومنى زكي وأمينة خليل إلى فاطمة البنوي وتارا عماد وأسيل عمران وغيرهن.

الصورة العامة تجعل المتابع يشعر أيضاً أن المهرجان تخلَص من التشويش الذي أثاره مشاهير السوشيال ميديا في العام الماضي حين زاحموا النجوم لالتقاط صورهم على السجاد الأحمر. كان أملهم إقناع متابعيهم بأنهم في مصاف النجوم، أحياناً على حساب العلامات التي استضافتهم.

فالعديد من هؤلاء كانوا ضيوف ماركات مجوهرات عالمية، انتبهت أن الثقافة العامة تغيرت وبالتالي كان عليها أن تغيّر من استراتيجياتها لترقى بصورتها. «ميسيكا باريس» أكدت أنها انتقت نجمات السوشيال ميديا بعناية أكبر، كما ركزت على نجمات سينمائيات مثل ليلى عبد الله وأمينة خليل ومايا دياب. نجمات لهن وزن وجمهور.

كذلك «بوشرون» و«شوبار» و«ديور» اختارت وجوهاً لها تأثير إيجابي إما على الموضة أو السينما. فهذا العام كان عن السينما أولاً وأخيراً، حسبما أكدته الإعلامية ريا أبي راشد التي كانت ولا تزال وجهاً مألوفاً في المهرجان بحكم عملها وشغفها بالفن السابع على حد سواء.

الإعلامية ريا أبي راشد من الوجوه المألوفة في المهرجان منذ سنوات بحكم عملها وشغفها بالسينما (غيتي)

يأتي صوتها عبر الهاتف سعيداً وكأنها تُغني: «أنا في غاية السعادة أننا عُدنا هذا العام للاحتفال بالفن وحب السينما. الأضواء الآن مركزة على المؤثرين في عملية الإبداع، مثل جوني ديب وكايت بلانشيت وغيرهما من النجوم، بغض النظر عما إذا كنا من المعجبين بهم أم لا، المهم أننا نُقدر أعمالهم ونستمتع بها». ولا تخفي ريا أن الأجواء مختلفة هذا العام: «الجميل في المهرجان هذا العام أيضاً اهتمامه بتمكين وفتح المجال أمام الشباب من الفنانين الصاعدين، وهنا تحضرني أسماء مثل تارا عماد وميلا الزهراني، إلى جانب احتفاله بفنانات لهن باع في مجالاتهن مثل هند صبري وكوثر بن هنية ومنى زكي وأخريات». بيد أن هذا لا يعني أن «هناك غياباً تاماً لمن يُلقبون بنجوم (السوشيال ميديا) والمتطلعين لسرقة الأضواء. فهم لا يزالون متواجدين، لكن بأعداد أقل من العام الماضي، وفي غالب الأحيان ظلوا مُحيدين وعلى الهامش».

وبما أن المهرجان الفرنسي، مثله مثل حفل الأوسكار وغيره من الفعاليات العالمية أصبح منصة مهمة للموضة، لا بد من الإشارة إلى أن الحضور العربي في هذا المجال أيضاً كان قوياً. أسماء عربية مبدعة سجلت حضورها فيها، مثل زهير مراد ورامي قاضي ومحمد آشي وطوني ورد ونيكولا جبران.

لكن ربما يكون إيلي صعب هو أقوى الحاضرين، إذا كان حجم التغطيات العالمية هو المقياس، والفضل هنا يعود إلى تألق كاثرين زيتا جونز وابنتها كاري في إطلالتين مثيرتين في حفل افتتاح المهرجان. الأول من خط الـ«هوت كوتور» لربيع وصيف 2022 بالأحمر الأقحواني ومن حرير الموسلين والأورغنزا، والثاني من تشكيلته الجاهزة لربيع وصيف 2023، باللون الأبيض من الدانتيل.

 

الشرق الأوسط في

25.05.2023

 
 
 
 
 

الفيلم المغربي "كذب أبيض".. ذكريات انتفاضة الخبز

مدينة كان - سعد المسعودي

تعود بنا مخرجة الفيلم المغربي "كذب أبيض" أسماء المدير بالذاكرة إلى حدث كبير غيّر شكل المدينة بعد انتفاضة الخبز في العام 1981 وسال فيه دم كثير، وظلت تبحث عن أصل الصورة وحكايتها من خلال تلك الصورة التي عثرت عليها في منزل والديها لأربعة أطفال.

في الصورة يبتسمون في باحة المدرسة وفي طرف الصورة هي أسماء صاحبة الصورة، ثم نبدأ باكتشاف تفاصيل كثيرة من خلال سرد الحكايات والتواريخ لجدتها تعينها ذاكرتها الخصبة عن تلك المرحلة الصعبة والبوح بأسرار العائلة والجيران، وعن تشابك العلاقات الاجتماعية في ذلك الحي المغربي العريق "كازبلانكا".

10 سنوات من البحث

وتحاول المخرجة في فيلمها "كذب أبيض" أن ترسم بورتريها لذاكرتها لتفتح به أسرار وعوالم لسنوات عدم الاستقرار السياسي وما رافقها من اضطرابات سياسية في البلاد، إذ إن الفيلم يعكس شخصيات وروح أطفال التسعينيات في المغرب من خلال تلك الصورة.

وتلخص الفيلم في نهايته بأن كل الصور التي تصفحتها عن تلك المرحلة تذهب إلا صورة الملك الحسن الثاني تبقى على الجدران.

وفي حديثها للعربية.نت تقول المخرجة المغربية أسماء: "منذ 10 سنوات وأنا أبحث وأجمع الوثائق عن تلك المرحلة الصعبة، وأردت من خلال تلك الصورة المرتبطة بصورتي في المدرسة العودة إلى مراحل صعبة مر بها الشارع المغربي".

الحفاظ على الذاكرة

فيلم "كذب أبيض" يمتاز بالجمالية العالية في التصوير والألوان والصوت وحتى الموسيقى التي رافقت أحداث الفيلم والاحتراف بصنع الدمى التي كانت المحور الأساسي.

واستطاعت المخرجة أن تستحضر ذاكرتها الخصبة لمرحلة بارزة من تاريخ المملكة المغربية عبر مجموعة من الشخصيات للأم والجدة وشخصيات أخرى كانت مؤثرة في أحداث الفيلم في رحلة تمزج بين التمثيل الحي وما قامت به الدمى من عمل كبير لتجاوز المحو المستمر للذاكرة والتواريخ والأحداث والتفاصيل والحيثيات التي تحيط بها.

 

العربية نت في

25.05.2023

 
 
 
 
 

"استرويد سيتي" ترسيخ لأسلوب المخرج واس اندرسون في كان

البلاد/ عبدالستار ناجي:

يأتي فيلم استرويد سيتي ترسيخا لاسلوب ونهج المهج الاميركي وايس اندرسون الذي راح سنوات طويلة يشتغل على ذات النهج والطريقة خلال مشواره السينمائي، ومن اعماله نشير الى افلام راشمور ومملكة القمر المشرق وفندق بودابست الكبير وغيرها من الاعمال التي تعتمد على الموزاييك السينمائي اللوني والثقافي الذي يقدمه.

تدور الحداث هذه الحكاية في مدينة صحراوية مهووسة بالفضاء تميل بشكل جيد إلى اصطناعها الخاص وكل تفاصيل مجهرية لذيذة هي متعة والدهشة وايضا مشاكسة وساخرة.

في هذا الفيلم وكما هي عادته يظل وايس اندرسون يفعل ويكرر ما يريد بالاسلوب والشكل الذي يريدة وثانية وثالثة وهكذا لكن يجب أن نقول إن الفئة الأولى هي المكان الوحيد الذي يجب أن يكون فيه ما هو ببساطة كوميديا جديدة مسلية بشكل رائع ومتطورة قليلاً من ويس أندرسون ، بأسلوبه المستقيم الخطي ، بأسلوبه الجامد ، بألوان الباستيل الأساسية ومجموعة كل النجوم. يقذف. النظاميين بما في ذلك جيسون شوارتزمان وتيلدا سوينتون تنضم إليهم الآن سكارليت جوهانسون وتوم هانكس ، الذين تم الترحيب بهم في حظيرة أندرسون.

إن غرابة مدينة استرويد سيتي، وأناقتها ، ومرحها ووفرة التفاصيل داخل إطار اللوحة تجعلها ممتعة للغاية. وكذلك أيضًا أسلوبها الأنيق لثقافة البوب الأمريكية الكلاسيكية. مع كل لقطة جديدة ، تندفع عيناك حول الشاشة ، وتلتقط جميع النكات والزخارف الرسامية الصغيرة، كل منها يضحك قليلاً.

يأخذنا الفيلم تم تعيينه في وقت ما في منتصف الخمسينيات من القرن الماضي في بلدة صحراوية أمريكية تسمى استرويد سيتي،  وقد سميت بهذا الاسم لأنه كان موقع هبوط نيزك قبل 3000 عام ("الكويكب" ليس دقيقًا تمامًا في الواقع ، حيث أن النيزك جزء من الكويكب). إنه الآن موقع مرصد حكومي أمريكي ، ولكنه أيضًا المكان الذي يُعقد فيه مؤتمر سنوي لتكريم المخترعين المراهقين لأفضل مشاريع العلوم في المدارس الثانوية ؛ هذه بالطبع مخيفة ومتقدمة بشكل مضحك ، مثل شعاع الموت الذي يعمل بكامل طاقته. ومن المثير للدهشة أن المدينة لديها لافتة ترحب بـ "صغار مراقبي النجوم وطلاب الفضاء" ، وتدعوكم بشكل هزلي إلى افتراض أن عبارة "طالب الفضاء" كانت موجودة بالفعل في هذا الشكل غير المسيء.

تمامًا كما يتجمع الأطفال وأولياء أمورهم للإجراءات في الصحراء الحارة والجافة بسمائها الشرسة الزرقاء وتضاريسها المصفرة ، يحدث حدث مذهل، وهذا يعني أنه أكثر إثارة من اختبارات القنبلة الذرية الدورية التي تظهر عليها سحب الفطر. الأفق. يقرر الرئيس أنه لا يُسمح لأي شخص بالدخول إلى المدينة أو الخروج منها ، وسيتم فرض إغلاق صارم حتى يتم اعتبار الخطر قد انتهى وسيتعين على هؤلاء الأشخاص العيش معًا لفترة قصيرة.

يلعب شوارتزمان دور مصور حرب أرمل يجعل والد زوجته الحزين (هانكس) غريب الأطوار ويساعد في رعاية الأطفال، يقع في حب أم طفلة مخترعة قريبة ، نجمة سينمائية تلعبها سكارليت جوهانسون. جيفري رايت يلعب دور الجنرال المسؤول ، ستيف كاريل هو صاحب الفندق، مات ديلون ميكانيكي البلدة ، روبرت فريند هو مطرب كابوي . كان هوب ديفيس وليف شرايبر من بين الآباء ، والجميع يتعاملون بجدية مطلقة.

في فيلم وايس اندرسون الجديد وكما هو الحال دائمًا ، هناك محتوى عاطفي ضئيل أو معدوم ، على الرغم من موضوع الحزن الظاهري. يتأرجح الفيلم بذكاء وببهجة ، ويستوعب ببراعة آثار الشفقة والوحدة دون السماح لنفسه بالتباطؤ. من المغري اعتبار هذا الفراغ الملموس نوعًا من الأعراض ، لكنني لا أعتقد ذلك حقًا: إنه تعبير عن الأسلوب. وما هو اسلوبه.

وهنا يرسخ وايس اندرسون اسلوبه ونهجة، ولعله يذهب بعيدا.

 

####

 

فيلم عيسى يفوز بجائزة رايل الذهبية في مهرجان كان السينمائي

البلاد/ مسافات

فاز الفيلم القصير "عيسى" أو "أعدك بالفردوس" للمخرج مراد مصطفى بجائزة "رايل الذهبية" وذلك في إطار منافسته بمسابقة أسبوع النقاد والتي تنطلق ضمن فعاليات الدورة الـ 76 من مهرجان كان السينمائي.

وتُمنح هذه الجائزة لأفضل فيلم قصير في مسابقة أسبوع النقاد بمهرجان كان السينمائي، وذلك بعد تصويت لجنة تحكيم خاصة مكونة من مئة عضو وناقد سينمائي، ويعد من أشهر المخرجين الذين حصلوا على هذه الجائزة المرموقة من قبل هم المخرج المكسيكي "اليخاندرو جونزاليس إناريتو" والمخرجة الفرنسية "جوليا دوكورنو".
كما اختار مهرجان القاهرة السينمائي الدولي فيلم عيسى للمنافسة في مسابقة الأفلام القصيرة وذلك في الدورة الـ 45 من المهرجان والمقرر إقامتها في الفترة ما بين 15 وحتى 24 نوفمبر هذا العام.

ويتتبع الفيلم القصير قصة عيسى، وهو مهاجر أفريقي في مصر يبلغ من العمر 17 عامًا، يحاول أن يسابق الوقت بعد حادث عنيف لإنقاذ أحبائه مهما كلفه الأمر.

ويقوم ببطولة الفيلم كيني مارسيلينو وكنزي محمد، مدير تصوير مصطفى الكاشف، مونتاج محمد ممدوح، سيناريو مراد مصطفى وسوسن يوسف، إنتاج مشترك ما بين شركتي ريد ستار و بونانزا وسي سينما وشيفت برودكشن وفيلم كيلينك وقاع ٢٣ ، ومن إخراج مراد مصطفى.

 

####

 

عرض فيلم الترعة للمخرج جاد شاهين في كان السينمائي

البلاد/ مسافات

حظي الفيلم القصير الترعة للمخرج جاد شاهين على عرضه الأول بالدورة الـ 76 من مهرجان كان السينمائي والذي تُقام فعالياتها في الفترة ما بين 16 وحتى 27 مايو الحالي، حيث ينافس الفيلم ضمن قسم LA CINEF لأول مرة منذ 10 سنوات.

ونال الفيلم ردود أفعال إيجابية بعد عرضه، ويتتبع فيلم الترعة قصة شاب صعيدي يذهب لترعة ملعونة ويشاهد أمراً غريباً يدفعه للتشكيك بكل شيء ويُعجل بمصيره المحتوم.

ويقوم ببطولة الفيلم محمود عبد العزيز وهبه خيال وسارة شديد، مدير تصوير أدهم خالد، سيناريو جاد شاهين ويعد الفيلم إنتاج مصري إنجليزي مشترك بين جاد شاهين وأحمد نهلة وفرانسيس كلارك ومن إخراج جاد شاهين

عن المخرج جاد شاهين

جاد شاهين مخرج مصري بدء دراسة الإخراج السينمائي في المعهد العالي للسينما عام 2018 بعد أن درس الاعلام. عمل في بداياته مع المخرج المصري الكبير يسري نصر الله كمساعد مخرج قبل أن يبدأ في عمل فيلمه القصير الترعة The Call Of The Brook والذي شارك في المسابقة الرسمية لمهرجان كان السينمائي في قسم CINEF .

 

####

 

سوق الأفلام في مهرجان كان السينمائي يحقق مشاركة قياسية

البلاد/ مسافات

حقق سوق الأفلام، وهو المنصة التجارية لمهرجان كان السينمائي، "مشاركة قياسية" هذا العام، مع حضور أكثر من 14 ألف مهني معتمد.

وكان الحدث، الذي أسس في العام 1959 ليكون بمثابة ملتقى للمنتجين والموزعين والمصدرين والمستوردين، قد افتُتح الثلاثاء الماضي تزامناً مع انطلاق مهرجان كان، واختُتم الأربعاء.

وقال المدير المفوض للسوق غيّوم أسميول إن "السوق حطم رقماً قياسياً هذا العام لناحية الحضور، إذ سُجّل مجيء أكثر من 14 ألف مهني مُعتمد من أكثر من 120 دولة، محطّماً بذلك الرقم القياسي السابق البالغ 12500 شخص عام 2019".

وأضاف "تجاوزنا الأرقام التي كانت تُسجّل قبل جائحة كوفيد-19، وهذا مؤشر ممتاز".

وكان السوق استقبل في العام الماضي حوالي 12 ألف مهني.

وأشار أسميول إلى انّ هذه الزيادة في عدد الحضور تعود إلى "ارتفاع في عدد المهنيين الذي أتوا من آسيا وإفريقيا"، لافتاً إلى "عودة مهنيين من دول كالمغرب وجنوب إفريقيا"، في حين أن الهند التي كانت ضيف شرف في العام الفائت، "عززت مشاركتها بشكل أكبر".

وكانت إسبانيا ضيف الشرف هذا العام مع حضور أكثر من 500 مهني منها، واستفادت تالياً "من ظهور كبير بفضل سلسلة من العروض التقديمية المميزة للأعمال أو المشاريع".

وأكّد أسميول أنّ سوق الأفلام "لا يمكنه التصدّي للتراجع الذي يشهده إنتاج الأفلام أو نسب ارتياد دور السينما" في بعض البلدان، ولكنّه، على غرار إسبانيا، "يجعل من الممكن اجتذاب أعمال مستقبلية وإيجاد فرص عمل".

ولم يعلن أسميول عن اسم الدولة التي ستكون ضيف شرف في سوق الأفلام عام 2024، مشيراً فقط إلى أنها ستكون "دولة أوروبية" أيضاً بحسب أ ف ب.

 

####

 

فيلم "المختطف" في كان السينمائي.. تحفة سينمائية ايطالية عن الاستبداد والتعصب

البلاد/ عبدالستار ناجي

يمثل المخرج الايطالي القدير ماركو بولوكيو او ( بولوخيو ) أحد أبرز القامات السينمائية من جيل الكبار في السينما الايطالية ويمتلك مسيرة سينمائية عامرة بالإنجازات والبصمات تمتد لأكثر من اربعة عقود من العطاء السينمائي الرصين والمشاكس.

وفي فيلمه الجديد المختطف يذهب ماركو بولوكيو الى منطقة شديدة الحساسية تتناول موضوع معادة السامية استنادًا إلى القصة الحقيقية لطفل يهودي صغير اختطفته السلطات البابوية ، هذه ميلودراما كاملة تكشف عن الاستبداد والتعصب وإساءة استخدام السلطة في الكنيسة الكاثوليكية.

عمل سينمائي كبير وعال الجودة ومضامين تعري تلك المرحلة من تاريخ ايطاليا وهيمنه الكنيسة الكاثوليكية.

ابتكر المخرج الإيطالي ماركو بيلوتشيو "عن عمر يناهز 83 عامًا" وبعد 60 عامًا تقريبًا من ظهوره لأول مرة بفيلمه (قبضات في الجيب) عام 1965، قصة جريمة سياسية حقيقية مؤثرة ومفجعة من صفحات التاريخ. إنها ميلودراما كاملة مع الحماسة الشديدة لفيكتور هوغو أو تشارلز ديكنز ، والتي تكشف عن حلقة تكوينية قبيحة من الكنيسة الكاثوليكية في أوروبا: قضية معاداة السامية وإساءة معاملة الأطفال، وهي قضية ظلت لسنوات، بل لعقود مثار للجدل والحوار.

يأخذنا ماركو بولوكيو عبر نص قام بكتابته بالتعاون مع سوزانا انشيريلي اعتمادا وعلى القصة الحقيقية لإدغاردو مورتارا ، وهو طفل يهودي صغير في مدينة بولونيا الايطالية ، في عام 1858 عندما كان في السادسة من عمره ، اقتادته السلطات البابوية من عائلته. تم ذلك لأن الممرضة الكاثوليكية الشغوفة لإدجاردو ادعت أنه عندما كانت إدجاردو طفلا ، وعلى ما يبدو كانت في مرض شديد، افترضت أنها تنفذ معمودية طارئة ، لأنها كانت تخشى أن يموت إدجاردو ويذهب إلى طي النسيان.

تأثرت سلطات محاكم التفتيش المتعصبة للاعتقاد بأن الأسرة اليهودية سوف "تضحي" بالتالي بالطفل الكاثوليكي الآن ، واغتنمت الفرصة لمعاقبة المجتمع اليهودي وتضخيم أهمية التبشير الذاتي. نشأ إدجاردو ، الذي تعرض لغسيل دماغ على نطاق واسع ، ليصبح كاهنًا ومن أنصار الكنيسة بشدة، بل كاهنا متعصبا رفض العودة الى دينه الحقيقي اليهودي، بل ادار ظهرة لأسرته التي عملت الكثير من اجل استعادته.

ولا يتردد بلوكيو في ان يُظهر لنا تشنجًا وحشيًا من الاستبداد والقوة والتعصب مع أصداء قضية دريفوس في فرنسا، وفي وقت لاحق أحداث مروعة عندما أخبر فيليتي المخيف القاضي أخيرًا أنه بأخذ الطفل اليهودي كان مجرد تنفيذ أمر من الفاتيكان ، فهذا دفاع مألوف في قاعة المحكمة.

إن اختطاف الشاب إدجاردو عبارة عن جولة في المنمنمات والتقاليد والمواجهات، وقسوة البابا هي سابقة لامبالاة بيوس الثاني عشر الظاهرة في زمن الحرب تجاه الفظائع النازية.

وبعيدا عن مجري الاحدث الثرية والمشبعة بالمواجهات دعوني اتوقف عند المشهد الاخير حينما يعلم ادغار مورتارا ان والدته تحتضر ليذهب اليها في مشهد سينمائي حيث نتوقع جميعا بانه عاد لأسرته وأمه وايضا ديانته لنجده قد احضر لها قنينة من الماء المقدس من اجل ان يعمدها لتشفي او تذهب الى السماء وهي مسيحية فتقول كلمتها الاخيرة: (ولدت يهودية وسأموت يهودية).

فيلم لا يهادن فيلم لا يجامل فيلم يصرخ ضد السامية وضد التطرف وضد هيمنه السطلة الدينية لقمع الاخرين وغسل ادمغتهم وعدم قبول الاخر مهما كانت هويته وطائفته وملته، فيلم كبير لمبدع كبير، هكذا هو المخرج القدير ماركو بولوكيو.

معه في الفيلم بدور ادغار في مرحلة الطفوله (اينا سالا) وبدوره شابا (ليوناردو مالتيس) وبدور البابا بيوس التاسع كان هناك الممثل القدير باولو بيير بون، وايضا فابريزو جيوفاني بدور الاب فيليتي. سينما لا تفارقك، تجعلك امام حوار عن مدي هيمنه السلطة الدينية، ومدي تحكمها وجبروتها.

ويبقي ان نقول، هكذا نوعية من الافلام لا يمكن ان تتحقق لولا فضاء حرية يلامس السماء.

 

####

 

الفيلم المغربي "كذب ابيض" في كان.. نوستالجيا الحي والاسرة والالم!

البلاد/ عبدالستار ناجي

بشفافية واحترافية عالية تستحضر المخرجة المغربية الذاكرة الخصبة لمرحلة بارزة من تاريخ المملكة المغربية عبر مجموعة من الشخوص بينهم امهما وجدتها وعدد اخر من افراد اسرتها في رحلة تمزج خلالها بين التمثيل الحي والدمي. 

في فيلمها الاول تقوم المخرجة اسماء المدير بصناعة وحياكة اسرار حكاياتها الدفينة باليد واستحضار سخي للظروف الموضوعية التى احاطت بتلك الحكايات الثرية بالشخوص والالم وايضا العامرة بالاسرار والغموض التى تظل جدتها امينه اسرارها وخفاياها.

اشتغال متوهج لتجاوز المحو المستمر للذاكرة والتواريخ والاحداث والتفاصيل والحيثيات التى تحيط بها، في كتابة تبدو للوهلة الاولي بانها مشروع لم ينضج او يكتمل ولكن كلما اوغلت في المشاهدة يأسرك مؤكدا باننا امام مخرجة ذكية فطنه تعي جيدا موضوعها وتفاصيله واشكالياته. 

فيلم يتجاوز المرحلة الراهنة حيث راحت الهواتف الحديثة ووسائط التواصل ترصد كل شئ وتوثق كل شي . ولكن المنطقة الزمنية التى تذهب اليها المخرجة المغربية اسماء المدير ليست بالمنطقة الزمنية البعيدة ولكنه ثمة من يريد الغاها وطمسها لانها عامرة بالتعب والالم ، وحينما تحرك المخرجة اسماء المدير كاميرتها لتركزها صوب قضيتها فانها تحرص كل الحرص على ان تكون كاميرتها هي عين الحقيقة هذه واحدة من الأفكار المركزية التي دفعت صانعة الأفلام المغربية أسماء المودر إلى انجاز فيلمها ليكون ضمن الاختيارات الرسمية لمهرجان كان السينمائي في تظاهرة نظرة ما فيلم "كذب ابيض" او  أ م كل الأكاذيب.

يبدأ  برغبة في معرفة سبب امتلاكها صورة واحدة فقط من طفولتها ، ولماذا تبدو الفتاة المعروضة في الصورة مختلفة جدًا عنها. من نقطة البداية ، وصلت إلى نقطة إعادة إنشاء منزل عائلتها وحيها في شكل مصغر، كوسيلة لاستجواب التاريخ الشخصي والوطني.

رحلة ذكية لا تجامل ولا تظلل ولا تهادن تذهب الى جميع الاحداث بذات النبض والشفافية . فمن الاحتفال بليلة القدر الى اهم الاحداث والمواجهات السياسية وايضا كم اخر من الاحداث التى تأتى علي لسان افراد اسرتها بالذات جدتها التى ظلت مع تقدمها بالعمر تمتاز بصلابته وحكمتها وهي تحافظ على اسرتها في احرج اللحظات والازمات والمواقف، وقبل ان نمضي في رصد احداثيات الفيلم نشير الى ان السينما العالمية شهدت عدد من الاعمال التى اشتغلت على ذات (الثيمة) حيث استخدام نماذج الديوراما، فإن فيلم "كذب ابيض" يبدو متأثرا  حتماً بعض المقارنات بفيلم "الصورة المفقودة" (2013)، فيلم ريثي بانه الذي أعاد إنشاء الفظائع التي ارتكبها الخمير الحمر في كمبوديا. إنه فيلم مختلف إلى حد كبير، حيث كان هذا الفيلم قادرًا على استخدام قدر كبير من اللقطات الأرشيفية، والتي لا تستطيع المخرجة اسماء المدير في "كذب ابيض " القيام بها على الإطلاق كجزء من إعدادها لهذة التجربة السينمائية حيث تشير وبشكل حاسم انه لا توجد الا صورة واحدة تثق هذا الحدث او ذاك  السياسية منها او غيرها.

 الفيلم ينطلق من لحظة فارقة حيث تشعر المخرجة اسماء المدير بالانزعاج لانه لا توجد لها الا صورة واحدة من طفولتها وهذا ما جعلها تستعيد كل تاريخها وتاريخ اسرتها وبالتالي جوانب هامة من تاريخ المغرب لم تكن مقتنعة بأنها في الواقع هي في تلك الصورة. حيث مجموعة من الأطفال يجلسون في فناء يبتسمون، في الجزء الخلفي من الصورة تقريبًا خارج الإطار، يمكن رؤية فتاة صغيرة تبدو خجولة جالسة على مقعد. هذه الفتاة الخجولة هي في الحقيقية المخرجة اسماء المدير  تصر والدتها التي أعطت ابنتها الصورة لأول مرة في سن الثانية عشرة، بعد حسدها من كثرة صور العطلة التي أظهرها للمودر من قبل صديقة طفولتها.

لقد كانت تلك الصورة عبارة عن كذبة وقد كانت هذه الكذبة المتصورة صراعًا رئيسيًا مع والدتها خلال سنوات مراهقتها. في حين أن والدتها لا تزال تصر على أنها هي بالفعل في الصورة ، تمكنت المدير من الضغط عليها لتفسير لماذا يبدو أنها الصورة الوحيدة لسنوات ما قبل المراهقة: بحجة أن دينهم يحظرها ، رفضت جدة المدير  - رب الأسرة الصارم - أن يكون لها أي تمثيل بشري داخل منزلها. وبالتالي، لا توجد صور. نعم تم الغاء النسبة الاكبر بل جميع الصور من المنزل عدا صورة المغفور له الملك الحسن الثاني.

 

####

 

صادق بهبهاني: مهرجان كان السينمائي منصة الابداع الأهم

البلاد/ مسافات

أكد المخرج الكويتي الشاب صادق بهبهاني على المكانة التي يحتلها مهرجان كان السينمائي ووصفة بانه منصة الابداع السينمائي الاهم دوليا والذي يؤمن فرص حقيقية للتواصل مع اهم التجارب والتيارات الفكرية السينمائية المتجددة.

وقال بهبهاني: "احرص ومنذ العام 2012 على التواجد هنا في مهرجان كان السينمائي اتابع كل ما هو جديد واتواصل مع عدد من المخرجين والصناع والمنتجين والنقاد من انحاء العالم وقد ساهم كل ذلك في تطوير علاقتي مع السينما. واليوم نحن بصدد عدد من المشاريع السينمائية المشتركة التي ستجد طريقها الى الانجاز.

وقال ان ما يدعو للفخر والاعتزاز ذلك الحضور الخصب للسينما العربية وعبر جملة من المسابقات وايضا التواجد الرفيع المستوي للجناح السعودي الذي باتت بمثابة خيمة السينما العربية ومحطة اساسية لصناع السينما من انحاء العالم وهو امر يدعو للفخر ومن خلال تلك الخيمة اشير الى مشروع سينمائي (كويتي – سعودي) مشترك في طور التحضير مع عدد من الكوادر الانتاجية السعودية.

وعن جديده ايضا قال المخرج صادق بهبهاني: شاركت منذ ايام في مهرجان افلام السعودية. وفرغت من كتابة سيناريو جديد هو في طور التحضير حيث سأشرع بالتصوير خلال الايام القليلة المقبلة. وهناك عدد من المشاريع منها ما هو في طور الكتابة ومنها ما هو في إطار الحوار للتطوير وهكذا يجب ان يكون الحراك في مجال الانتاج السينمائي.

ويعود بهبهاني للحديث عن مهرجان كان السينمائي بقوله ان ما قطعته السينما العربية من اشواط يؤكد بانها اليوم امام كوكبة من الاسماء الجديدة والواعدة بطموحات كبيرة ترتقي بالسينما العربية الى فضاءات فنية ابعد وأرحب.

وفي ختام تصريحه قال ان السينما في الكويت تحتاج الى مبادرة حقيقية تعيدها الى الحضور وهو امر يتم حاليا بجهود فردية لعدد من الزملاء المخرجين والمنتجين، ولكننا نظر نرقب حضور أكبر ودعم اشمل من المؤسسة الرسمية، ولكننا نظل نعول ايضا على دور القطاع الخاص الذي تتنفس به السينما الكويتية في هذه المرحلة من تاريخها ومسيرتها.

 

البلاد البحرينية في

25.05.2023

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004