ملفات خاصة

 
 
 

مارتن سكورسيزي يجدد إبداعه السينمائي «قتلة زهرة القمر» في مهرجان كان

خالد محمود

كان السينمائي الدولي

السادس والسبعون

   
 
 
 
 
 
 

· الفيلم ملحمة مؤثرة لعالم مليء بالحب والخداع والقتل.. والمخرج الأمريكي: لا أعتقد أنني مررت بهذه التجربة من قبل

· دي كابريو ودي نيرو يواصلان إدهاش الجميع على الشاشة وجلادستون تدخل قائمة الإعجاب

حظى فيلم المخرج الكبير مارتن سكورسيزى «قتلة زهرة القمر» بحفاوة بالغة وتصفيق حار لمدة تسع دقائق فى العرض العالمى الأول بمهرجان كان السينمائى الدولى الـ 76، وهو الاستقبال المتوقع للملحمة القوية والمبدعة لعالم من الحب والخداع والقتل والجشع والتى جسدها على الشاشة بإبهار ليوناردو دى كابريو وروبرت دى نيرو نجما المخرج المفضلين والدائمين بالإضافة إلى جلادستون.، وقد استقبلهما الجمهور بأرق الهتافات التى أعقبت العرض «مدته مدة 3 ساعات و26 دقيقة»، داخل قاعة جراند لوميير.

شكر سكورسيزى جمهور مهرجان كان، ووصف العرض بأنه تجربة مؤثرة وقال: «لا أعتقد أننى مررت بهذه التجربة من قبل».

الفيلم مأخوذ عن كتاب ديفيد جران الأكثر مبيعا لعام 2017 بعنوان «قتلة زهرة القمر.. جرائم قتل أوساج العظيمة وولادة مكتب التحقيقات الفدرالى»، تدور أحداثه فى أوكلاهوما فى عشرينيات القرن الماضى ويصور القتل المتسلسل لأعضاء أوساج الأمة الغنية بالنفط، وهى سلسلة من الجرائم الوحشية التى عُرفت باسم عهد الإرهاب.. وكانت النتيجة تشكيل مكتب التحقيقات الفدرالى.

يستعرض الفيلم قصة مروعة ومعقدة للغاية لا تزال تتردد حتى اليوم، ولكن يبدو أنها لا يصدق أنها كانت يمكن أن تحدث، تحكى أنه فى مطلع القرن العشرين، جلب النفط ثروة كبرى إلى أمة أوساج، التى أصبح أعضاؤها من أغنى الناس فى العالم، بين عشية وضحاها تقريبا. جذبت ثروة هؤلاء الأمريكيين الأصليين على الفور المتطفلين البيض، الذين تلاعبوا وابتزوا وسرقوا أكبر قدر ممكن من أموال أوساج قبل اللجوء إلى القتل.

ملحمة الجريمة الغربية التى طال انتظارها، تروى برؤية رومانسية مختلفة حيث يتقاطع الحب الحقيقى مع خيانة لا توصف. وتحكى.

فى الثمانين من عمره، قام مارتن سكورسيزى وشريكه الحائز على جائزة الأوسكار فى السيناريو إريك روث بتكييف كتاب ديفيد جران، ولكن على الرغم من بحث جران وإخباره بدقة، فإن وجهة نظرهم فى الكتاب تختلف عن بعضها البعض. حيث ابتكر سكورسيزى ومعاونيه بذكاء وروح لحظة من الزمن حيث دفع الجشع والمال الرجال البيض إلى أعمال لا توصف. مع وجود قصة حب معقدة فى قلبها.

فى الفيلم الذى وصفه النقاد بأنه أحد أعظم أفلامه استخدم سكورسيزى لقطات صامتة لإثبات كيف أصبحت الأمة الهندية أوسيدج، التى دفعت من أراضٍ أخرى وأجبرت على الاستقرار فى جزء غير مرغوب فيه من أوكلاهوما، أغنى الأشخاص من حيث نصيب الفرد فى البلاد عندما ضربوا النفط فى الأرض التى يمتلكونها، أصبحوا أثرياء قذرين، يعيشون فى مجتمع راقى، حتى عهد الرعب من قبل بعض الرجال البيض السيئين للغاية فى أوائل العشرينيات من القرن الماضى حاولوا أخذ كل شىء بعيدا عن طريق مخطط للزواج من عائلات أوسيدج والتخلص منهم واحدا واحدا ليبقوا هم الوحيدون المتبقيين يرثوا أرضهم وكل تلك الأموال.

يدور الفيلم حقا حول الجشع بهذه الطريقة، والطرق التى قد نذهب إليها حتى نصبح أغنياء. إنه يتعلق أيضا بمعضلة تعامل الأمريكيين الأصليين من قبل الرجل الأبيض ــ وهو شىء حفرته هوليوود فى اللاوعى منذ أن بدأت الأفلام. سكورسيزى يغير الأشياء على نطاق ملحمى ويحاول دفن تجاوزات ماضى هوليوود المهتز فى أن يروى هذه الأنواع من القصص بهذه الصورة المدهشة.

على الرغم من وجود قصة حب فى جوهرها، تبدأ مع وصول المحارب المخضرم إرنست بوركهارت (ليوناردو دى كابريو) الجريح فى الحرب العالمية الأولى، والذى يعود إلى مدينة أوكلاهوما هذه للعمل مع عمه ويليام. هيل (روبرت دى نيرو)، وهو نوع من الشخصيات ذات العقلية التى يحبها أوساج الذى أقنعه بأنهم أصدقائه الجيدين، والأشخاص الذين يبحث عن مصالحهم الفضلى. بوركهارت هو حقا رجل بلا هدف وسعيد الحظ، بالتأكيد مؤثر بدرجة كافية ليتم ربطه بمخطط هيل الشرير فى نهاية المطاف للحصول على امرأة أوسيدج الثرية للزواج منه، ثم قتل عائلتها وأخيرا ــ السم البطىء هو خير الطريقة ــ أن ترث مالها وأرضها. يعتقد هيل أنه إذا حدث هذا بشكل كافٍ، فسيتم طرد / أو قتل شعب أوساج. تلك المرأة تدعى مولى كيك (ليلى جلادستون)، جذابة وذكية يبدو أنها مفتونة بسحر إرنست الطبيعى على الرغم من أنها تشير إلى أنه ربما «يحب المال»، ولكن يبدو أنه يحبها حقا ويتزوجان وينجبان أطفالا، ولكن تحدث سلسلة غامضة من الوفيات فى المجتمع وستطال عائلة مولى أيضا، بما فى ذلك شقيقاتها ووالدتها، وظهر وكيل مكتب التحقيقات الفيدرالى وايت (جيسى بليمونز) للتحقيق وتتصاعد الأحداث بمرض مولى.

ما لا يبدو أن سكورسيزى مهتم به هو إعادة تركيز القصة على هذا التحقيق المحدد الذى أدى فى الحياة الواقعية إلى محاكمة (يظهر جون ليثجو وبريندان فريزر كمحامين معارضين)، أو فى تشكيل هذا فى أى نوع من لغز القتل. فى وقت مبكر نعلم جيدا من المسئول ولماذا يحدث ذلك. يهتم سكورسيزى أكثر بما هو بين السطور، والأسئلة التى لا تزال دون إجابة، وكيف يمكن أن يفلتوا من هذا، وإلى أى مدى يمكن أن يذهبوا، وربما إلى أى مدى لم نصل كأمة.

إنه شعور ملحمى حقا من نواحٍ عديدة، ولكن جميعها فى خدمة القصة.

وبحسب موقع «ديدلاين»، أثنى الجميع على أداء دى كابريو الذى قدم دورا رائع، وهو دور صعب لأنه يفعل شيئا سيئا للغاية، ويتعمق فى نفسه ولكن يجب أيضا أن يقنعنا بأن هناك ما هو أكثر مما تراه العين.، كما كان دينيرو مؤثرا بشكل رائع هنا، قدم نوع من شخصية يعتقد أنه يساعد الأشخاص الذين يبدو أنهم يقدسونه، لكنه بالطبع يستغلهم بينما يحتفظ بابتسامة على وجهه، فيما وصف أداء جلادستون بالمثالى للغاية فى تجسيدها لشخصية مولى، على عدة مستويات وتجعلنا نصدق كل إيقاع من هذا الأداء. بينما. تشكل مجموعة كبيرة من الممثلين الأمريكيين الأصليين الكثير من الممثلين الداعمين المتميزين بما فى ذلك المخضرم تانتو كاردينال بدور ليزى كيو، والدة مولى، بالإضافة إلى ثلاثية كارا جايد مايرز، وجانا كولينز، وجيليان ديون.

المصور السينمائى رودريجو برييتو يلتقط تلك المناظر الطبيعية الشاسعة فى أوكلاهوما بعمل كاميرا مذهل. مهما كانت الميزانية البالغة 200 مليون دولار، فإنها تظهر كلها فى نوع الحكاية الملحمية على الشاشة الكبيرة التى ابتعدت هوليوود عنها.

الفيلم الذى تقدمه «آبل» من المقرر ان يعرض جماهيريا بدور عرض محدودة يوم 6 أكتوبر وعلى نطاق واسع فى 20 أكتوبر.

 

####

 

مهرجان كان 2023.. صناع السينما من السنغال وتونس والسودان وأفغانستان يرون قصصهم

الشيماء أحمد فاروق

تلتفت أنظار عشاق السينما حول العالم إلى مدينة كان الفرنسية، حيث توجد فعاليات الدورة 76 لمهرجان كان السينمائي الدولي، ويضم المهرجان هذا العام عددا من الأفلام المتنوعة، والتي تعبر عن كثير من الأزمات الإنسانية، ويركز صناعها على قضايا محلية تعبر عن بيئتهم ومشاكل مجتمعاتهم، وأيضاً رؤيتهم للأمور من حولهم.

وعٌرض على مدار الأيام الماضية عدة أفلام ترتبط ببيئتها المحلية بشدة وتعكس اهتمامات صناعها، مثل الفيلم السوداني "وداعاً جوليا"، والتونسي "بنات ألفة"، والأفغاني "الخبز والورد"، و"Banel" و"Edama".

وتشارك المخرجة الأفغانية ساهرا ماني بفيلم "الخبز والورد" في مهرجان كان، ويروي العمل بأسلوب توثيقي ما تعانيه النساء في أفغانستان بعد فقدانهن عملهن وحريتهن بشكل كامل بعد استيلاء طالبان على السلطة في أغسطس 2021، من خلال إجراء مقابلات مع عدد من الضحايا سرًا، وتم إنتاج الفيلم بواسطة شركة Excellent Cadaver، وهي شركة إنتاج تأسست عام 2018 بواسطة الممثلة الأمريكية جينفر لورانس، وصديقتها جوستين سياروتشي.

أما المخرج السوداني محمد كردفاني، يشارك بفيلم "وداعاً جوليا"، كأول فيلم سوداني يُعرض في مهرجان كان، وتدور أحداث الفيلم قُبيل انفصال جنوب السودان عام 2011 حول امرأتين إحداهما من الشمال والأخرى من الجنوب، يجمعهما القدر في علاقة معقدة تحاول كل منهما التوفيق بين الاختلافات التي فرضت عليهن في مجتمعات شمال السودان وجنوبه.

وفي مقابلة مع variety، أعرب كردفاني عن أمله في أن يكون فيلمه "بداية لحركة المصالحة بين كل الشعب السوداني، في البلد الذي مزقته الحرب".

بينما تألقت المخرجة التونسية ذات الرصيد الفني المفعم بالإشادات النقدية، كوثر بن هنية في العرض العالمي الأول لفيلمها "بنات ألفة"، وهو عمل يمزجع بين الوثائقي والروائي، من خلال الدمج بين الشخصيات الحقيقية والتمثيلية في كادرات واحدة، معتمداً على إعادة سرد قصة أم فقد ابنتيها "17 و16 عاماً" بأسلوب سينمائي، عندما انضمت كلتا الفتاتين إلى تنظيم داعش وغادرتا تونس إلى ليبيا.

وذكر الموقع الرسمي لمهرجان كان في مقال قصير عن الفيلم "إنه تجربة سينمائية فريدة للمخرجة التونسية يطمس الحدود بين الفيلم الوثائقي والخيال بين الظهور على الشاشة وما يوجد خارجها وبين الفرح والألم".

وفي تجربتها السينمائية الطويلة الأولى، تروي المخرجة السنغالية الفرنسية راماتا تولاي، قصة حب في موطنها الأصلي تعكس الكثير عن عادات وحياة السنغاليين في إحدى القرى الفقيرة، على الرغم من أنها ولدت وترعرعت ودرست في فرنسا.

وقالت إنها شعرت بالحاجة إلى إنتاج فيلمها الأول في بلدها، كما اختارت التصوير باللغة البولارية مع ممثلين غير محترفين تم اختيارهم محليًا لدعم التجارب المحلية في بلدها.

 

####

 

بينها وداعا جواليا.. 3 أفلام لنساء يعبرن عن أزمات إنسانية

الشيماء أحمد فاروق

تلتفت أنظار عشاق السينما حول العالم إلى مدينة كان الفرنسية، حيث فعاليات الدورة 76 لمهرجان كان السينمائي الدولي.

ويضم المهرجان هذا العام عددًا من الأفلام المتنوعة، والتي تعبر عن كثير من الأزمات الإنسانية، حيث عٌرض الفيلم السوداني "وداعاً جوليا"، والتونسي "بنات ألفة" والأفغاني "الخبز والورد"، وجميعهم يناقشون قضايا محلية ولكنها عابرة للقضايا الإنسانية العامة.

وتشارك المخرجة الأفغانية ساهرا ماني بفيلم "الخبز والورد" في مهرجان كان، ويروي العمل بأسلوب توثيقي ما تعانيه النساء في أفغانستان بعد فقدانهن عملهن وحريتهن بشكل كامل بعد استيلاء طالبان على السلطة في أغسطس 2021، من خلال إجراء مقابلات مع عدد من الضحايا سراً لتوثيق حياتهن.

وتم إنتاج الفيلم بواسطة شركة "Excellent Cadaver"، والتي تأسست عام 2018 بواسطة الممثلة الأمريكية جينفر لورانس، وصديقتها جوستين سياروتشي.

أما المخرج السوداني محمد كردفاني يشارك بفيلم "وداعاً جوليا" كأول فيلم سوداني يُعرض في مهرجان كان.

وتدور أحداث الفيلم قُبيل انفصال جنوب السودان عام 2011 حول امرأتين إحداهما من الشمال والأخرى من الجنوب، يجمعهما القدر في علاقة معقدة تحاول كل منهما التوفيق بين الاختلافات التي فرضت عليهن في مجتمعات شمال السودان وجنوبه.

وفي مقابلة مع "variety"، أعرب كردفاني عن أمله في أن يكون فيلمه "بداية لحركة المصالحة بين كل الشعب السوداني، في البلد الذي مزقته الحرب".

فيما تألقت المخرجة التونسية ذات الرصيد الفني المفعم بالإشادات النقدية، كوثر بن هنية في العرض العالمي الأول لفيلمها "بنات ألفة"، وهو عمل يمزج بين الوثائقي والروائي، من خلال الدمج بين الشخصيات الحقيقية والتمثيلية في كادرات واحدة.

ويعتمد على إعادة سرد قصة أم فقد ابنتيها (17 و16 عاماً) بأسلوب سينمائي، عندما انضمت كلتا الفتاتين إلى تنظيم داعش وغادرتا تونس إلى ليبيا.

وذكر الموقع الرسمي لمهرجان كان في مقال قصير عن الفيلم "إنه تجربة سينمائية فريدة للمخرجة التونسية يطمس الحدود بين الفيلم الوثائقي والخيال بين الظهور على الشاشة وما يوجد خارجها وبين الفرح والألم".

 

الشروق المصرية في

23.05.2023

 
 
 
 
 

جوناثان غلايزر: الهولوكست بمنظور فريد...يبهر جمهور "كانّ"

محمد صبحي

"منطقة الاهتمام" The Zone of Interest، الفيلم الرابع للبريطاني جوناثان غلايزر، الذي ينافس في المسابقة الرسمية لمهرجان "كانّ". غوصٌ سوداوي ومبدع في الحياة اليومية لقائد معكسر أوشفيتس وعائلته. عبر رهانٍ لافت بتحويل نظره عن المعالجات المعتادة في تناول الهولوكوست، يترك غلايزر الموت والرعب خارج الشاشة ليقدّم منظوراً أشدّ رعباً وأكثر كآبة من أي هولوكست سينمائية ظهرت من قبل.

يدشّن الفيلم عودة منتظره للبريطاني المُقلّ في أعماله، بعد عشر سنوات على فيلمه الأخير. السيناريو كتبه بنفسه استناداً إلى رواية بالعنوان ذاته من العام 2014 لمواطنه مارتن آميس، تدور أحداثها في بولندا بداية الأربعينيات، وتحديداً في معسكر أوشفيتس، وتحكي قصة ضابط نازي يُغرم بزوجة قائد المعسكر. في اقتباسه الحُرّ والغامِر لرواية الكاتب الراحل مؤخراً، يُدخل غلايزر بعض التعديلات من دون أن ينحو بعيداً من أصلها ومرادها. هذا تقرير سينمائي حول تفاهة الشرّ، وإعادة بناء/تخييل لتاريخ الزعيم النازي رودولف هوس الذي صمّم وأدار معسكر أوشفيتس للاعتقال والإبادة بلا انقطاع بين العامين 1940 و1945. فيلم مثالي للنقاشات العاطفية، وأحد الأفلام التي حظيت بشعبية كبيرة في مدينة "كانّ"، لدرجة مناداة البعض بمنحه السعفة الذهبية.

الدقائق الأولى من "منطقة الاهتمام" غريبة - شاشة سوداء وضوضاء تصل تدريجياً إلى التشبّع – وكافية لتلخيص نهج ومشروع جوناثان غلايزر. الصوت أهمّ من الصورة هنا، وما يتجاوز الإطار أهمّ مما نراه. فقط إذا استمع المتفرّج بعناية سيتمكّن من التقاط صوت رصاص وبكاء في ما وراء زقزقة الحياة اليومية لأسرة ألمانية كبيرة وسعيدة. فقط عبر تحويل الأنظار من الحديقة الرائعة لهذه الفيللا، وأزهارها المبهرة وحديقتها المعتنى بها؛ يمكن لعين المرء أن تقبض على الجدران الخرسانية المحيطة، ودخان المداخن وبخار القطارات وطاولات الكيّ. تعيش أسرة هوس في أوشفيتس، على مرمى حجرٍ من موتٍ مجاني ينسّق إيقاعاته ربّ الأسرة بكفاءة تلقى ترحيباً من القيادات العليا النازية، وتتقبّلها زوجته بلا مشكلة.

في ثلاثة أفلام سابقة ("وحش مثير"، "ميلاد"، "تحت الجلد")، أثبت جوناثان غلايزر نفسه كسينمائي تناقضات وقلاقل، قادر على أفلمة قصص العصابات كما الحبّ، وسحبها إلى أراضٍ غير مستكشفة. يطبّق جديده المبدأنفسه على الهولوكوست بمنظورٍ فريد وجرأة لافتة. لا تظهر المحرقة في أي مشهد، لكنها حاضرة طوال مدة الفيلم. تُنثر تربة الحديقة الجميلة برماد الجثث المحترقة، ونسقط حرفياً على عظمٍ أثناء رحلة صيد، وتختار السيدة هوس معطف فرو أنيق من بين حقائب السجناء المصادرة فور نزولهم من قطار الترحيلات. يذهب غلايزر إلى نهاية افتتانه بالغرابة، هذه الغرابة المزعجة، فيحيل مسكن أسرة هوس إلى ما يشبه فقاعة منحرفة وفاسدة (كما لو إنها تحيا داخل فيلم لجاك تاتي)، ويضع إسقاطات مضحكة في أفواه أبطاله (أداء ممتاز من كريستيان فريدل وساندرا هولر، في دور رودلف وهيدويج هوس).

يتفاقم الرعب، ويكتمل لدرجة أنه يصل إلى أحشاء رودولف هوس، من دون الحدّ من قدرته المرعبة على وضع مبادئ التنظيم الصناعي في خدمة تدمير شعب بأكمله. يحيل عنوان الفيلم إلى العام 1940 ومساحة الـ40 كلم مربع التي استلزمها بناء معسكر أوشفيتس. سيبقى موضوع الفيلم، موضوعه الحقيقي، خارج الشاشة حتى يفسّر جوناثان غلايزر هدفه في الدقائق الأخيرة بتحوّل جذري في ما تعرضه الشاشة ليعود إلى عالمنا اليوم وموقع المحرقة بعدما صار متحفاً: بالنسبة إليه، على عكس العديد من الآخرين قبله، لا يمكن أن يبقى معسكر الاعتقال أسير الخيال.

في البداية والنهاية، ستحضر الشاشة السوداء الكاملة والموسيقى الإلكترونية السيمفونية لميكا ليفي في الخلفية. سيكون هناك أيضاً فيلم وثائقي، لكن جوهر القصة سيبقى الحياة اليومية لعائلة رودولف هوس، الرجل الذي يجسّد هنا تفاهة الشرّ، لكن مع أبعاد جديدة. يُهنّأ رودولف من قبل زملائه وزوجته وأطفالهما الخمسة بعيد ميلاده، ويقرأ قصصاً لأطفاله في الليل (هناك بعض التشابه الغريب مع حكايات الأطفال للأخوين جريم)، لكن القائد يتلّقى أيضاً زيارة من المهندسين النازيين في منزله لمساعدته في تنفيذ نظام عمل مستمر على مدار 24 ساعة حتى تكون خطة الإبادة سريعة وفعّالة قدر الإمكان.

بكاميرا دائماً على مسافة معتبرة، ونبرة سردية باردة تتجنّب أي نوع من التعاطف أو استسهال إظهار الأبطال باعتبارهم مجرد وحوش حقيرة؛ يكشف "منطقة الاهتمام" كيف أن الزوجة (تدير جيشها الخاص من الخدم بكفاءة زوجها نفسها) تتعايش مع رعبٍ لا يبعد عنها سوى أمتار قليلة. عندما يُحضرون إليها من أوشفيتش كل شيء، بدءاً من معطف الفرو الذي حاولت ارتداءه إلى الملابس الداخلية التي توزّعها على عمّال المنزل (لا حاجة لشرح من أين أتت هذه الأشياء)؛ تتضح وتتجلّى ظلال الرعب المتعددة بطريقة مفجعة من دون الاضطرار إلى اللجوء إلى القسوة أو السادية.

بعيداً من ملحمية وسنتمنتالية "لائحة شندلر" (1983، ستيفن سبيلبرغ) بقدر ابتعاده من صراحة وذاتية "ابن شاؤول" (2016، لازلو نيميش)، يقترح "منطقة الاهتمام" نهجاً مختلفاً تماماً لمقاربة المحرقة: اللقطات القليلة التي ينبعث فيها الدخان من غرف الغاز وأفران حرق الجثث، المرئية من بُعد، في تكوينات هندسية بحتة؛ تكتسب قوة درامية مدمّرة. في السينما، كما نعلم، يغدو القليل، أحياناً، أكثر وأشدّ تأثيراً.

 

المدن الإلكترونية في

23.05.2023

 
 
 
 
 

«وداعا جوليا»: فيلم يروي مصير السودان وانقساماته

نسرين سيد أحمد

كان ـ «القدس العربي»: يروي الفيلم الروائي الأول لمحمد كردفاني، وهو أول فيلم سوداني يُعرض ضمن اختيار رسمي في مهرجان كان، المصائر المتشابكة لامرأتين سودانيتين، ومن خلالهما يقدم لنا ما يعتمل في السودان من صراعات وانقسامات.

يبدأ الفيلم في الخرطوم بأجواء مشحونة، واشتباكات في الطرق، وأسلحة مرفوعة، وغضب مستعر، حيث يمكن لكلمة واحدة، أو حادث غير متعمد أن يشعل عنفا يروح فيه الكثيرون. تحزبات وتفرقة عنصرية بين أهل شمال البلاد، والجنوبيين في الخرطوم. وسط هذا العنف والغضب تقود امرأة سيارتها لقضاء أمر لها. تفقد انتباهها لحظات، فتصدم طفلا يلعب، يسقط الطفل على الأرض، لا نعرف إن كان حيا أم ميتا، تفر المرأة بسيارتها خوفا، بينما يندفع الأب خلفها بدراجته النارية.

كان يمكن للمرأة أن تقف لتتفقد الصبي الذي سقط على الأرض، أو لتتحدث إلى والده، ولكنها أجواء الذعر في السودان عام 2005، حيث انتهت حرب أهلية بفعل اتفاقات سياسية، لكن نذر الانقسام تتجمع وتلوح، والاحتقان بين الشماليين والجنوبيين في ذروته. المرأة شمالية والأب وابنه من الجنوب، وقد تتشابه أمامنا البشرة السمراء للجنوبي والشمالي، ولكن أجواء الاحتقان العنصري في البلاد في ذروتها.

يطارد الرجل المرأة حتى تصل إلى منزلها، ويراه زوجها فيظنه ينوي السوء بامرأته، فيحمل سلاحه الذي اشتراه للدفاع عن النفس من الجنوبيين، الذين يشير إليهم عرضا بأنهم عبيد ومتوحشون، ويرديه قتيلا. يصف الزوج والجيران الأمر للسلطات على أنه دفاع عن النفس، وتخفي الشرطة أوراق هوية القتيل، وتدفنه سرا، في محاولة للحد من العنف المحتمل. القتيل هو سانتينو، الجنوبي الذي يعمل في استوديو للتصوير الفوتوغرافي، والزوج هو أكرم (نزار جمعة) وهو صاحب مصنع للمنتجات الخشبية، والمرأة هي منى (إيمان يوسف)، التي تقرر العثور على عائلة سانتينو ومساعدتها، تكفيرا عن الذنب، دون الكشف عن هويتها.

في «وداعا جوليا» يربط كردوفاني بين الأزمة السياسية الدائرة في البلاد شمالا وجنوبا، والخلافات المنزلية والاجتماعية، المتمثلة في الخلافات بين الزوجين منى وأكرم.

«وداعا جوليا» هو أول فيلم سوداني يأتي ضمن الاختيار الرسمي لمهرجان كان. ولكنه يأتي ضمن أعمال سودانية مميزة شاركت وحصلت على جوائز في مهرجانات كبرى، مثل «الحديث عن الأشحار» لصهيب قسم الباري في مهرجان برلين، و»ستموت في العشرين» لأمجد أبو العلاء في مهرجان فينيسيا. بعد الحادث توشك منى أن تنهار تحت وطأة الشعور بالذنب، وترقد على فراشها حزنا، متخذة وضع الجنين، ويكاد ينفطر قلبها حزنا، فتقرر البحث عن عائلة سانتينو القتيل ومساعدتها للتكفير عن الذنب. تعثر منى بعد عناء على زوجة سانتينو، جوليا (ملكة الجمال وعارضة الأزياء سيران رياك في دورها الأول)، وتستقدمها لمساعدتها في المنزل، وتتكفل بنفقات المدرسة لابنها الصغير. في لمحات قليلة ولكنها ذات مغزى كبير يوضح كردفاني التمييز الذي يتعرض له أهل الجنوب على يديّ أهل الشمال، على الرغم من الكرم الذي تبديه منى لجوليا، إلا أنها تميز الأطباق والأكواب التي ستستخدمها جوليا وابنها عن أطباقها هي وزوجها. ويحاول أكرم أن يثني منى عن إدراج داني، ابن سانتينو، في مدرسة خاصة، لأنه جنوبي وطلبة المدرسة معظمهم من الشمال. يحذرها بين الفارق الطبقي والإثني لداني عن باقي التلاميذ. كلمات متفرقة، ولكنها تعكس مدى العنصرية المتعمقة في الأنفس، كلمات مثل عبد أو خادم وغيرها من التعبيرات التي تحمل بعدا عنصريا وطبقيا.

وعلى الرغم من الود المتنامي بين منى وجوليا، يظل الفرق واضحا بين الاثنتين. تتعامل الاثنتان بصداقة واضحة وتأتمن منى جوليا على أسرارها، ومن بينها رغبتها في العودة للغناء الذي رزقت بموهبة كبيرة فيه، بعد رفض زوجها لعملها في الفن. جوليا لا تتوقف أبدا عن البحث عن سانتينو. تذهب إلى الشرطة التي تتجاهل استفساراتها وتسأل الأصدقاء عما إذا كانوا قد رأوه، يكاد قلبنا ينفطر وهي تزيح الغطاء عن أوجه القتلى في جنازة من قتلوا في اشتباكات عرقية بين الشماليين والجنوبيين، علها تجد زوجها وسط القتلى.

تمر الأعوام، وتنقلنا الأحداث إلى عام 2010، قبيل الاستفتاء على انفصال السودان. نجد داني قد كبر ليصبح صبيا يساعد أكرم في مصنعه للمنتجات الخشبية إلى جانب الدراسة في المدرسة، وتواصل جوليا دراستها إلى جانب مساعدتها لمنى في المنزل. وتندمج جوليا مع مجتمع الكنيسة، وتتعرف على الكثير من الجنوبيين الذين يفضلون الانفصال عن الشمال، وأن يكون لهم بلدهم الخاص في الجنوب. جوليا ذاتها تفضل أن يبقى البلد واحدا يضم الشماليين والجنوبيين، ولكنها أيضا يحدوها الأمل في مستقبل أفضل إذا انفصل البلدان. يفضل كردفاني في الفيلم أن يجعل انفصال شقي السودان وديا، لا يحمل في طياته نقمة أو خرابا. تواجه جوليا منى بحقيقة أنها تعلم أنها هي التي صدمت ابنها بسيارتها وأن زوجها هو الذي قتل سانتينو منذ البداية، ولكنها فضلت أن تخفي ذلك لتجد لها ولابنها منزلا، بعد أن هجرتهما السلطات من المنطقة التي توجد فيها مخيمات الجنوبيين.

يرسم «وداعا جوليا» لوحة متشابكة العلاقات والمشاعر للسودان، ويكشف لنا الأحاسيس التي دعت الجنوب ليقرر الانفصال عن الشمال، ليصبح البلد بلدين وليصبح الشعب شعبين.

 

القدس العربي اللندنية في

23.05.2023

 
 
 
 
 

في مهرجان كان| السينما الأمريكية سيدة الموقف

الفيلم التركى «عن أعشاب جافة» أجمل أفلام الدورة السادسة والسبعين

هويدا حمدى

زحام شديد وعطور فرنسية فاخرة، وعرض حي للأزياء والمجوهرات في مدينة «كان» الساحرة التي تحتضن أحد أعرق مهرجانات السينما في العالم وأكثرها شهرة وبريقا، وقد اختار معظمهم التزاحم في نقاط محددة من أجل مشاهدة نجومهم المفضلين.

قصر المهرجانات، أمام سلمه الشهير الذي تكسوه السجادة الحمراء، كان المقصد الأول لعشاق السينما، الذي أكد حضورهم للمهرجان العريق أن السينما باقية ولن تموت أو تنتهي مثلما يظن البعض، رغم الأمطار الغزيرة التي لم تتوقف طوال أيام المهرجان الأولى والذي انطلقت فعالياته في ١٦مايو وتستمر حتى٢٧من نفس الشهر، كان الزحام شاهدا على عشق الفن السابع والشاشة الكبيرة، طوابير لا نهاية لها، ينتظر المصطفون بها دخول افلامهم المختارة، أو ما تيسر من أفلام سمح موقع المهرجان بحجزها..

البعض يقف طوال اليوم وبيده لافتة صغيرة عليها مناشدة بمنحه تذكرة لفيلم ينتظره، والبعض الآخر يتزاحم أمام مداخل وبوابات الفنادق الكبرى التي يسكنها النجوم عله يراه عن قرب، أو يفوز بتوقيعه أو صورة معه، ومن أجل ذلك قد تتوقف حركة المرور تماما ويفشل رجال الأمن في تنظيم هذا الحشد الذي لديه استعداد لدفع أي ثمن ويحقق ما جاء وتزاحم من أجله!

بعد افتتاح مخيب للآمال بفيلم متواضع «چان دو باري» وأداء باهت للنجم چوني ديب العائد من معارك قضائية مع طليقته أمبير هيرد، والتي انتهت بفوزه قضائيا، وخسارة الكثير من معجبيه وهبوط أسهمه في أمريكا، بسبب ما جاء بجلسات المحاكمة من روايات فاضحة وكاشفة لتشوه نفسي لديه، وبسبب هجوم المنظمات النسوية التي لم تهدأ حتى الآن، وكان لها توابع وتأثير كبير في المهرجان، وهو ما يفسر حالة التوتر التي سيطرت على النجم الذي كان ملء السمع والبصر، وظل لأعوام طويلة الأعلى أجرًا بين نجوم هوليوود، فأصبح الآن ينتظر عرضا فرنسيا وتمويلا سعوديا، وفيلما ميزانية إنتاجه كلها لا تقترب من نصف أجره عن فيلم «Pirates of the Caribbean: On Stranger Tides» (تقاضي ديب ٥٥ مليون دولار في هذا الفيلم )!

ورغم تحية الجمهور ليلة الافتتاح، وتصفيق الحضور كالمعتاد، إلا أن جوني ديب الذي يمتلك موهبة وحسا عبقريا ،لم يكن سعيدا ، وفي اليوم التالي حضر المؤتمر الصحفي للفيلم متأخرا حوالي ٤٥ دقيقة ، بعدما ظن الجميع أنه لن يحضر ، وبدأ حديثه بالهجوم على الاعلام وهوليوود ، وكان غير موفق في ردوده وتعبيرات وجهه ، وبدت عليه عصبية تدعو للأسى على نجم موهوب قضت عليه اهواؤه وحياته الخاصة .

بريق نجوم هوليوود !

ورغم الأفلام المتميزة التي تعرض بمسابقات وبرامج المهرجان المختلفة ومنها ما يحمل توقيع كبار صناع السينما من الشرق والغرب، إلا أن السينما الأمريكية ونجومها كانوا الأكثر بريقا هنا ، وخطفوا الاهتمام والصيحات كالعادة ، وكانت الافلام الأمريكية هي الأكثر ازدحاما وتذاكرها هي الأسرع نفادا ، حتى الأفلام التجارية التي عرضت خارج المسابقة ، منها «إنديانا چونز ووجه القدر « الذي شهد عرضه الأول بقاعة جراند لوميير زحاما شديدا، وكانت مفاجأة المهرجان هي تكريم هاريسون فورد بمنحه السعفة الذهبية .

أما العرض المنتظر لفيلم المخرج العظيم مارتن سكورسيزي «Killers of the Flower Moon» فكان سببا لغلق بعض الطرق وتحويل الاتجاهات وصراعات وصراخ للمارة الذين يحاولون الوصول أمام سلم قصر المهرجان ليشاهدوا سكورسيزي ونجميه روبرت دي نيرو وليوناردو دي كابريو على السجادة الحمراء قبل العرض الذي نفدت تذاكره في أقل من دقيقة تقريبا !

وفي اليوم التالي ،كان البريق من نصيب هوليوود أيضا ، نتالي بورتمان وجوليان مور والمخرج الكبير تود هاينز وأحدث أفلامه «May December » الذي ينافس على السعفة الذهبية أيضا.

وأمس تكرر الزحام المجنون مع العرض الأول للفيلم الأمريكي أيضا «Asteroid City» للمخرج الكبير ويس أندرسون والنجم توم هانكس وسكارليت چوهانسون وتيلدا سوينتون ومجموعة كبيرة من النجوم الذين كان وجودهم سببا في سعادة كبيرة للجمهور المهووس بالسينما ونجومها هنا .

غير الأفلام الأمريكية، لم يبرز غير الفيلم الياباني «Monster» للمخرج الياباني الكبير هيروكازو كوريدا، ثم كان الفيلم التركي «عن أعشاب جافة» لنوري بيلجي جيلان وهو في رأيي أفضل الأفلام في المسابقة الرسمية حتى الآن، ويستحق مقالا نقديا مفصلا بعد انتهاء المهرجان .

 حضور لافت للسينما العربية 

أما السينما العربية الحاضرة بقوة، فكان أفضلها -حتى الآن- الفيلم الأردني « إن شاء الله ولد « لجرأته واختياره قضية مسكوت عنها، كان اقتحامها مفاجأة كبيرة، خاصة وان المخرج الموهوب أمجد الرشيد وهو أول أعماله الروائية الطويلة أكد أنه لم يجد أي عقبات أو تعنت رقابي، بالعكس كان هناك دعم غير محدود من الهيئة الملكية الاردنية للأفلام..

والفيلم السوداني أيضا « وداعا چوليا «كان تمثيلا مشرفا للسودان وللسينما العربية ، فيلم يسبق الأحداث ليفسر لنا ما يحدث الآن في السودان من انقسام وخراب، والفيلمان تجمعهما الجرأة والرؤية التقدمية وانهما التمثيل الأول لبلدانهم في مهرجان كان العريق ، وكلاهما يتنافس الآن في مسابقة أسبوع النقاد.

أما الفيلم العربي الوحيد في المسابقة الرسمية ، الفيلم التونسي « بنات ألفة « لكوثر بن هنية، وبمشاركة هند صبري بحضور خاص في الفيلم الذي تمزج فيه المخرجة المنتجة بين الروائي والتسجيلي، فكان محبطا مخيبا للآمال، فالفيلم مرتبك ،به كثير من الثرثرة التي لا محل لها ولا داعي ، فقط افقدت العمل تسلسلا مقبولا، وتسببت في تسرب الحضور من العرض الذي كان الأقل حجما لفيلم بالمسابقة حتى الآن، الفيلم يحتاج إعادة مونتاج لضبط إيقاعه وتسلسل أحداثه، لأن التمهيد الطويل لإلقاء الضوء على معاناة ألفة كإمرأة ، أفقد القضية الأهم حضورها، لأن المخرجة اختارت أن تنهي بها الثرثرة والحكايات الطويلة جدا

الفيلم المصري القصير في المسابقة « عيسي « للمخرج مراد مصطفي تم عرضه أمس والجريدة ماثلة للطباعة، وهو يحظي باهتمام كبير من المهرجان والحضور ، ونتمني أن يكون له نصيب بجائزة تثلج الصدور.

 

####

 

«وداعا جوليا» يفتح آفاقًا جديدة للسينما العربية في «كان»

أحمد السنوسي

كأول فيلم سوداني يشارك في مهرجان كان السينمائي الدولي؛ نجح فيلم وداعًا جوليا في اقتناص إشادات النقاد وخطف قلب الجمهور.

حيث امتلأت قاعة العرض عن آخرها في عرضه الأول الذي شهد حضور أبطاله وصُناعه، كما أقيم له عرضين يوم الأحد الماضي وأُقيم له عرض رابع يوم الاثنين، وقال المخرج بعد العرض "لا العسكر ولا الإسلاميين ولا الميليشيات يمكنهم السيطرة على السودان، والنصر للشعب لا محالة" واستقبل الجمهور هذه العبارات بجولة تصفيق أخرى.

كما تم عمل لافتة إعلانية كبيرة للفيلم في مدينة كان ضمن حملة الترويج له، في سابقة هي الأولى لفيلم عربي.

وعبر موقع هوليوود ريبورترز العالمي كتبت الناقدة لوفيا جياركي "يبث فيلم وداعًا جوليا الحياة في المشكلات السودانية أمام الجماهير، توازن موهبة كردفاني الإخراجية بين الأطوار المتعددة للفيلم، إذ يعد فيلم درامي مع درجات من التشويق ونوع متفرد من الحديث السياسي يخص الفيلم وحده. وعبر أسلوبه الكلاسيكي السهل، سيقدم الفيلم المزيد من الدعم لصناعة السينما السودانية.

فيما كتب الناقد هوفيك حبشيان عبر موقع إندبندنت "الفيلم تجاوز كل التوقعات المنتظرة منه، والطرح الذي يأتي به الفيلم إنساني، عميق، يقفز فوق المصالح الضيقة".

الناقدة ليزا نيلسون عبر موقع  سكرين دايلي قالت: "إنه رغم أن أحداث الفيلم قبل 15 عامًا تقريبًا إلا أنها لا تزال واقعًا حاضر حتى الآن وقد يكون أزلي، وأضافت: نجد في الفيلم العديد من الآفات المجتمعية منغمسة في الحياة اليومية السودانية بشكل اعتيادي ومترسخ، مثل العنصرية والتمييز الجنسي. وهناك مناقشة مبهرة عن حكم الإسلام في العبودية وعلاقة ذلك بكيفية التعامل مع الجنوبيين كمواطنين درجة ثانية. هذه كلها شخصيات مثيرة للاهتمام تثقلها المآزق المعقدة في الحياة".

تدور أحداث وداعًا جوليا في الخرطوم قبيل انفصال الجنوب، حيث تتسبب منى، المرأة الشمالية التي تعيش مع زوجها أكرم، بمقتل رجل جنوبي، ثم تقوم بتعيين زوجته جوليا التي تبحث عنه كخادمة في منزلها ومساعدتها سعياً للتطهر من الإحساس بالذنب.

 

####

 

الفيلم التركى «عن أعشاب جافة» أجمل أفلام الدورة السادسة والسبعين

في مهرجان كان| السينما الأمريكية سيدة الموقف

هويدا حمدى

زحام شديد وعطور فرنسية فاخرة، وعرض حي للأزياء والمجوهرات في مدينة «كان» الساحرة التي تحتضن أحد أعرق مهرجانات السينما في العالم وأكثرها شهرة وبريقا، وقد اختار معظمهم التزاحم في نقاط محددة من أجل مشاهدة نجومهم المفضلين.

قصر المهرجانات، أمام سلمه الشهير الذي تكسوه السجادة الحمراء، كان المقصد الأول لعشاق السينما، الذي أكد حضورهم للمهرجان العريق أن السينما باقية ولن تموت أو تنتهي مثلما يظن البعض، رغم الأمطار الغزيرة التي لم تتوقف طوال أيام المهرجان الأولى والذي انطلقت فعالياته في ١٦مايو وتستمر حتى٢٧من نفس الشهر، كان الزحام شاهدا على عشق الفن السابع والشاشة الكبيرة، طوابير لا نهاية لها، ينتظر المصطفون بها دخول افلامهم المختارة، أو ما تيسر من أفلام سمح موقع المهرجان بحجزها..

البعض يقف طوال اليوم وبيده لافتة صغيرة عليها مناشدة بمنحه تذكرة لفيلم ينتظره، والبعض الآخر يتزاحم أمام مداخل وبوابات الفنادق الكبرى التي يسكنها النجوم عله يراه عن قرب، أو يفوز بتوقيعه أو صورة معه، ومن أجل ذلك قد تتوقف حركة المرور تماما ويفشل رجال الأمن في تنظيم هذا الحشد الذي لديه استعداد لدفع أي ثمن ويحقق ما جاء وتزاحم من أجله!

بعد افتتاح مخيب للآمال بفيلم متواضع «چان دو باري» وأداء باهت للنجم چوني ديب العائد من معارك قضائية مع طليقته أمبير هيرد، والتي انتهت بفوزه قضائيا، وخسارة الكثير من معجبيه وهبوط أسهمه في أمريكا، بسبب ما جاء بجلسات المحاكمة من روايات فاضحة وكاشفة لتشوه نفسي لديه، وبسبب هجوم المنظمات النسوية التي لم تهدأ حتى الآن، وكان لها توابع وتأثير كبير في المهرجان، وهو ما يفسر حالة التوتر التي سيطرت على النجم الذي كان ملء السمع والبصر، وظل لأعوام طويلة الأعلى أجرًا بين نجوم هوليوود، فأصبح الآن ينتظر عرضا فرنسيا وتمويلا سعوديا، وفيلما ميزانية إنتاجه كلها لا تقترب من نصف أجره عن فيلم «Pirates of the Caribbean: On Stranger Tides» (تقاضي ديب ٥٥ مليون دولار في هذا الفيلم )!

ورغم تحية الجمهور ليلة الافتتاح، وتصفيق الحضور كالمعتاد، إلا أن جوني ديب الذي يمتلك موهبة وحسا عبقريا ،لم يكن سعيدا ، وفي اليوم التالي حضر المؤتمر الصحفي للفيلم متأخرا حوالي ٤٥ دقيقة ، بعدما ظن الجميع أنه لن يحضر ، وبدأ حديثه بالهجوم على الاعلام وهوليوود ، وكان غير موفق في ردوده وتعبيرات وجهه ، وبدت عليه عصبية تدعو للأسى على نجم موهوب قضت عليه اهواؤه وحياته الخاصة .

بريق نجوم هوليوود !

ورغم الأفلام المتميزة التي تعرض بمسابقات وبرامج المهرجان المختلفة ومنها ما يحمل توقيع كبار صناع السينما من الشرق والغرب، إلا أن السينما الأمريكية ونجومها كانوا الأكثر بريقا هنا ، وخطفوا الاهتمام والصيحات كالعادة ، وكانت الافلام الأمريكية هي الأكثر ازدحاما وتذاكرها هي الأسرع نفادا ، حتى الأفلام التجارية التي عرضت خارج المسابقة ، منها «إنديانا چونز ووجه القدر « الذي شهد عرضه الأول بقاعة جراند لوميير زحاما شديدا، وكانت مفاجأة المهرجان هي تكريم هاريسون فورد بمنحه السعفة الذهبية .

أما العرض المنتظر لفيلم المخرج العظيم مارتن سكورسيزي «Killers of the Flower Moon» فكان سببا لغلق بعض الطرق وتحويل الاتجاهات وصراعات وصراخ للمارة الذين يحاولون الوصول أمام سلم قصر المهرجان ليشاهدوا سكورسيزي ونجميه روبرت دي نيرو وليوناردو دي كابريو على السجادة الحمراء قبل العرض الذي نفدت تذاكره في أقل من دقيقة تقريبا !

وفي اليوم التالي ،كان البريق من نصيب هوليوود أيضا ، نتالي بورتمان وجوليان مور والمخرج الكبير تود هاينز وأحدث أفلامه «May December » الذي ينافس على السعفة الذهبية أيضا.

وأمس تكرر الزحام المجنون مع العرض الأول للفيلم الأمريكي أيضا «Asteroid City» للمخرج الكبير ويس أندرسون والنجم توم هانكس وسكارليت چوهانسون وتيلدا سوينتون ومجموعة كبيرة من النجوم الذين كان وجودهم سببا في سعادة كبيرة للجمهور المهووس بالسينما ونجومها هنا .

غير الأفلام الأمريكية، لم يبرز غير الفيلم الياباني «Monster» للمخرج الياباني الكبير هيروكازو كوريدا، ثم كان الفيلم التركي «عن أعشاب جافة» لنوري بيلجي جيلان وهو في رأيي أفضل الأفلام في المسابقة الرسمية حتى الآن، ويستحق مقالا نقديا مفصلا بعد انتهاء المهرجان .

 حضور لافت للسينما العربية 

أما السينما العربية الحاضرة بقوة، فكان أفضلها -حتى الآن- الفيلم الأردني « إن شاء الله ولد « لجرأته واختياره قضية مسكوت عنها، كان اقتحامها مفاجأة كبيرة، خاصة وان المخرج الموهوب أمجد الرشيد وهو أول أعماله الروائية الطويلة أكد أنه لم يجد أي عقبات أو تعنت رقابي، بالعكس كان هناك دعم غير محدود من الهيئة الملكية الاردنية للأفلام..

والفيلم السوداني أيضا « وداعا چوليا «كان تمثيلا مشرفا للسودان وللسينما العربية ، فيلم يسبق الأحداث ليفسر لنا ما يحدث الآن في السودان من انقسام وخراب، والفيلمان تجمعهما الجرأة والرؤية التقدمية وانهما التمثيل الأول لبلدانهم في مهرجان كان العريق ، وكلاهما يتنافس الآن في مسابقة أسبوع النقاد.

أما الفيلم العربي الوحيد في المسابقة الرسمية ، الفيلم التونسي « بنات ألفة « لكوثر بن هنية، وبمشاركة هند صبري بحضور خاص في الفيلم الذي تمزج فيه المخرجة المنتجة بين الروائي والتسجيلي، فكان محبطا مخيبا للآمال، فالفيلم مرتبك ،به كثير من الثرثرة التي لا محل لها ولا داعي ، فقط افقدت العمل تسلسلا مقبولا، وتسببت في تسرب الحضور من العرض الذي كان الأقل حجما لفيلم بالمسابقة حتى الآن، الفيلم يحتاج إعادة مونتاج لضبط إيقاعه وتسلسل أحداثه، لأن التمهيد الطويل لإلقاء الضوء على معاناة ألفة كإمرأة ، أفقد القضية الأهم حضورها، لأن المخرجة اختارت أن تنهي بها الثرثرة والحكايات الطويلة جدا

الفيلم المصري القصير في المسابقة « عيسي « للمخرج مراد مصطفي تم عرضه أمس والجريدة ماثلة للطباعة، وهو يحظي باهتمام كبير من المهرجان والحضور ، ونتمني أن يكون له نصيب بجائزة تثلج الصدور.

 

بوابة أخبار اليوم المصرية في

23.05.2023

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004