ملفات خاصة

 
 

"عن بُعد": حكاية قاسية في اشتغال سينمائي عادي

مالمو/ نديم جرجوره

مالمو للسينما العربية

الدورة الثالثة عشرة

   
 
 
 
 
 
 

"عن بُعد"، فيلمٌ قصير (13 دقيقة) للّبنانية راشيل عون، مُنتجٌ حديثاً (لبنان/قطر، 2022)، ومعروض في مسابقة الأفلام القصيرة، في الدورة الـ13 (28 إبريل/نيسان ـ 4 مايو/أيار 2023) لـ"مهرجان مالمو للسينما العربية".

حكايته مُستلّة من حادثة حقيقية، تشهدها بيروت قبل أعوام قليلة: شابٌ أرعن ومفتول العضلات يُطارد عجوزاً، فيقتله في الشارع أمام زوجته وآخرين/أخريات، طعناً بالسكين، بعد أنْ ينهال عليه بالضرب المبرح، من دون أنْ يتجرّأ أحدٌ على مواجهته، باستثناء الزوجة المفجوعة والعاجزة. السبب؟ تلاسن أثناء قيادة السيارة بين الشاب والزوجين المُسالمين. القاتل ينجو، فله في السلطة الحاكمة حامٍ؛ والأرملة غائبة عن المشهد العام، بعد وقتٍ قليل فقط على انتشار الحكاية عبر وسائل تواصل، يُفترض بها ألا تُسمى بالـ"اجتماعي" (في "عن بُعد"، تعليقٌ عابر لكنّه واضح وحقيقي، ينتقد بشدّة وقرف تعامل هذه الوسائل مع أحداثٍ كهذه).

راشيل عون غير معنية بسرد تلك الحكاية/الحادثة. لقطات قليلة، مُمثَّلة أمام الكاميرا، كافيةٌ للدخول في حالةٍ أخرى، تُنتجها تلك الحكاية/الحادثة. روجيه (جوزف زيتوني) يخرج من منزله حاملاً علبة شوكولاته للاحتفال بولادة ابنه مع طلبته في كرة السلّة وأساتذة ومدربين وعاملين/عاملات في النادي. يُفترض بولادة كهذه أنْ تملأه فرحاً. بعد قليلٍ على خروجه من المنزل، يواجِه الحادثة أمام عينيه. تلك الثواني السينمائية العادية توحي بأنّ مُصاباً يُفترض بروجيه أنْ يتعرّض له، لكنّ شيئاً من هذا غير حاصل. سيحاول زيتوني، لاحقاً، "إثبات" صدمة روجيه وانكساره وارتباكه، من دون طائل. اللاحق، الذي يجب أنْ يكون، درامياً، تعبيراً عن معنى الصدمة والتعرّض لإهانة العجز والخوف الجماعي من فردٍ متسلّط بغضبه ووحشيته ونفوذه، هذا اللاحق غير حاضرٍ سينمائياً.

المادة، البصرية والدرامية والفنية، موجودة. الحكاية/الحادثة قابلةٌ لصُنع فيلمٍ سينمائي متنوّع الاتجاهات والمسارات. مهنيّة راشيل عون، تقنياً وفنياً واشتغالات سابقة، زادٌ غير مترجم، كلّياً، في "عن بُعد". لحظتان أساسيتان يُغنيان النصّ، لارتباطهما بصدمة العجز ومهانته: ولادة الابن (في بلد الموت/القتل/العنف)، وارتكاب فعل جُرميّ أمام أبٍ حديثالانهيار النفسي طبيعي، فالجريمة حاصلة بعد وقتٍ قليل للغاية على الولادة. لكنّ النص السينمائي (عون) غير مشتغل على هذا. التمثيل (زيتوني) مفتعل، خاصة في لحظة غضبه أمام أحد تلامذته.

الحكاية/الحادثة وتأثيراتها وتداعياتها مهمّة للغاية. إنّها جزءٌ من راهنٍ لبناني مُدمَّر ومُدمِّر. لذا، بإمكانها خلق متتاليات سينمائية عن حالة أو بيئة أو فرد أو اجتماع أو نفسٍ أو بلدٍ. راشيل عون مؤهّلةٌ لإنجاز الأفضل من "عن بُعد"، رغم أنّ فيلمها القصير هذا يمتلك حساسية سرد، وشخصيات جانبية تقول بعفوية تفاصيل متناثرة عن عالمٍ وحالةٍ وقهر. تلك الشخصيات المحيطة بروجيه، الظاهرة في لقطات قليلة، وبعضها في أقلّ من غيرها، وبعضها الآخر غير ظاهر، تُشكِّل لوحة سمعية تعكس ما يحصل من دون تصويره، والحاصل متعلّق بالحادثة نفسها. التلامذة، الذين يتدرّبون في ملعب كرة السلّة، يُقدّمون أدوارهم (أم أنّها ليست أدواراً بل واقع حقيقي؟) بسلاسة وبساطة وطبيعية.

جوزف زيتوني غير مُقنع بروجيه. هناك خطبٌ في تأديته الدور. انفعالاته، التي يوحي السرد بأنّها متناقضة (بين صدمة تتنامى ومحاولة تمسّك بالعادي في تعاطيه مع الآخرين، قبل انهياره)، غير مؤثّرة.

رغم ملاحظات كهذه، يقول "عن بُعد" شيئاً بصرياً عن بشاعة بلدٍ وأتاس، وانهيار بلدٍ وأناسٍ.

 

العربي الجديد اللندنية في

05.05.2023

 
 
 
 
 

العراق يكتسح جوائز "مالمو" للسينما العربية بـ"جنائن معلقة"

تقدير خاص للسودان ولبنان ورئيس المهرجان: "الدورة الجديدة حققت توسعاً في دعم الأفلام"

نجلاء أبو النجا صحافية

على مدار أيام تواصلت فعاليات الدورة الـ13 من مهرجان "مالمو" للسينما العربية بالسويد، وسط حضور جماهيري كبير، حيث عرضت عشرات الأعمال السينمائية المميزة لكبار وشباب من أبرز صناع السينما العربية بمصر ولبنان والسودان والعراق والسعودية وتونس والمغرب وسوريا وفلسطين وغيرها من الدول العربية.

وحقق المهرجان بعروضه حالاً من التواصل الكبير بين الجمهور العربي والشعب السويدي من محبي السينما العربية والمتطلعين لمعرفة ملامح الوطن العربي وقضاياه.

"جنائن معلقة" يكتسح

وحضر حفل الختام رئيس المهرجان المخرج الفلسطيني محمد قبلاوي، ورئيس اللجنة الثقافية في المدينة يان غرونهولم، ونجوم شاركوا بأفلامهم في فعاليات المهرجان ولجان التحكيم، ومنهم هنا شيحة وندى أبو فرحات وكارول عبود وشادي حداد وغيرهم.

وحصد الفيلم العراقي "جنائن معلقة" للمخرج أحمد ياسين الدراجي أهم جوائز المهرجان، حيث حاز ثلاث منها، هي جائزة أحسن فيلم وسيناريو، وأحسن ممثل للفنان الشاب حسين محمد جليل، كما حصلت عديلة بن ديمراد، بطلة ومخرجة فيلم "الملكة الأخيرة"، على جائزة أحسن ممثلة.

وفي مسابقة الأفلام القصيرة، فاز الفيلم المصري "ماما" من إخراج ناجي إسماعيل بجائزة أحسن فيلم، وحصل الفيلم اللبناني "يرقة" على جائزة لجنة التحكيم الخاصة، وهو من إخراج ميشيل ونويل قسرواني، ومنحت لجنة التحكيم تنويهاً خاصاً لفيلم "ألمظ" من إخراج ميا بيطار من السودان.

وكان للأفلام الوثائقية حظ وافر من التقدير والجوائز القيمة بالمهرجان، حيث حصل فيلم "بطاطا" للمخرجة اللبنانية نورا كيفوركيان على جائزة لجنة التحكيم الخاصة، بينما حصل فيلم "هايفن" على جائزة أحسن فيلم غير روائي، وهو من إخراج رين رزوق.

وحصد المخرج الفلسطيني فراس خوري جائزة أفضل مخرج عن فيلم "علم"، كما حصل الفيلم التونسي "تحت الشجرة" على تنويه خاص من لجنة التحكيم، للمخرجة التونسية أريج السحيري.

أما جائزة اختيار جمهور مدينة مالمو، فذهبت للفيلم الوثائقي السوداني "أجساد بطولية" للمخرجة سارة سليمان.

وخلال حفل الختام وُزعت شهادات التقدير على المتدربين المشاركين في ورشتي "اصنع فيلمك خلال 5 أيام"، و"مشروع فيلمي"، اللتين نظمهما المهرجان بالتعاون مع هيئة الأفلام السعودية لتدريب 14 موهبة شابة.

توسع دعم السينما

وقال رئيس المهرجان محمد قبلاوي لـ"اندبندنت عربية" إن "الدورة الـ13 من المهرجان كانت شديدة التنوع، حرصنا على اختيار أفلام من دول عربية مختلفة تقدم كثيراً من الموضوعات والقضايا التي تخص كل شرائح المجتمعات العربية".

وأضاف أن المهرجان هذا العام "حقق مزيداً من التوسع في دعم السينما العربية وعرض أفضل الأفلام، وكانت أبرز السمات تزايد الحضور الجماهيري للأفلام وأنشطة المهرجان المختلفة، سواء العروض الجماعية أو الفعاليات المخصصة للمحترفين، وقد عرض 45 فيلماً (18 طويلاً و27 قصيراً)، منها 8 أفلام سعودية في مختلف المسابقات، وكذلك شاركت بالدورة الجديدة 12 دولة عربية".

وقال العراقي أحمد ياسين الدراجي، مخرج فيلم "جنائن معلقة" الحائز على أكبر عدد من الجوائز بالمهرجان، إنه "سعيد جداً بالاحتفاء الذي يشهده الفيلم في المهرجانات العربية والأوروبية، وحصوله على ثلاث جوائز شرف كبير، لأن الجمهور العربي ولجان التحكيم شعروا بواقعية القصة وصعوبة التنفيذ، وقدروا ذلك بشكل أكبر من التوقعات والأحلام".

وأعقب إعلان الجوائز حفل غنائي أحيته النجمة الأردنية زين عوض بمصاحبة فرقة "الأندلس" الموسيقية بقيادة الفنان طارق الحاج.

وكانت السينما اللبنانية قد تألقت بعدد من الأفلام التي حققت نجاحاً كبيراً خلال عروض سابقة ونالت جوائز مهمة.

واختار "مالمو" فيلم "بركة العروس" و"ع مفرق الطرق" و"هايفين"، وحققت الأعمال المعروضة بفعاليات المهرجان تأثيراً كبيراً ومتعة فنية وبصرية وأثارت جدلاً وحال تفاعل مع الجمهور.

وحضر من أبطال الأفلام شادي حداد والمخرجة لارا سابا عن فيلم "ع مفرق الطرق"، وكارول عبود بطلة "بركة العروس" ومخرجه باسم بريش، كما حضرت مخرجة فيلم "هايفين" رينيه رزووق.

"بركة العروس"

شارك فيلم "بركة العروس" بعدد من المهرجانات المهمة، وحصل على جوائز عدة بمهرجان القاهرة السينمائي السابق، وهو من بطولة كارول عبود وأمية ملاعب وربيع الزهر وأنطوانيت نوفيلي وفادية التنير وفادي صقر ونسرين خضر ودانا ضيا، ومن إخراج باسم بريش، وشارك في كتابته غسان سلهب.

وتدور أحداث العمل حول شخصيتين رئيستين هما سلمى الأم التي تعاني الوحدة وتواجه واقعاً وماضياً أليمين، وابنتها ثريا وعلاقتهما شديدة الحساسية، وتتأزم الأمور عندما تعود ثريا للعيش مع والدتها بعد طلاقها وتتعرض للإجهاض، لتشهد العلاقة بينهما فصلاً جديداً من الألم والمعاناة وتتغير بشكل كبير.

سادت لغة الصمت بين أبطال الفيلم، حيث اعتمد المخرج على الصورة أكثر من الحوار، ليعبر عن آلام دفينة بداخل البطلتين يعجز الكلام عن وصفها.

وفي تصريحات لـ"اندبندنت عربية"، قال المخرج باسم بريش إنه بالفعل لم يعتمد على الكلام بين الأبطال، وكانت له رؤية مختلفة، وهي أن يعبر عن الوحدة وما تسببه من آلام داخلية بأدوات غير الكلام مثل نظرات الممثل والملابس والإضاءة وزوايا الكاميرا والتصوير، معترفاً بأن الفيلم بلا حوار لأنه يرى الصورة أصدق كثيراً من الكلمة في بعض الأحيان الفنية.

قضية نسائية

ولم ينف بريش اهتمامه الشديد بقضايا المرأة، وأن العمل في مجمله نسائي 100 في المئة، وقال إنه تأثر كثيراً بوالدته ونساء كثيرات اعتبرهن ملهمات، لذلك عبر في "بركة العروس" عن بعض التفاصيل التي يراها تمثل وجداناً خاصاً بالمرأة.

وأشار إلى أن تعدد الموضوعات التي تخص النساء أمر عظيم، لأنها تعطيهن حقهن وتنصفهن، وهذا أمر عادل جداً، خصوصاً أن معظم الأعمال السينمائية والفنية تركز على الرجال على مدار سنوات طويلة عبر الشاشات والأعمال الفنية.

صعوبات متعددة

عن صعوبات تنفيذ الفيلم أشار بريش إلى أنه حضر له في ثماني سنوات كاملة، منها خمس سنوات من الكتابة والتجهيز وثلاث سنوات تصوير ومونتاج، وزاد الطين بلة هجوم فيروس كورونا الذي تسبب في تعطيل المشروع عامين كاملين، إضافة إلى ما حدث بلبنان من أحداث صعبة على كل الصعد.

ويرى المخرج أنه كان محظوظاً بأن يقبل بعض النجوم الموهوبين بطولة العمل، خصوصاً الفنانة اللبنانية كارول عبود التي وصفها بأنها من أكثر الممثلات الموهوبات وصاحبات الخبرة والإحساس، لذلك كان كل مشهد لها عبارة عن تجربة غنية لممثلة قديرة ومميزة أثرت العمل، وظهر التوافق الكبير مع البطلة الثانية أمية التي لعبت دور ثريا، فصار العمل مباراة تمثيلية ممتعة له حتى أثناء التصوير، وتأكدت وجهة نظره بعد أن شاهد ردود الفعل في عدد من المهرجانات ومنها مهرجان القاهرة ومالمو.

واختتم بريش بأنه على رغم ظروف لبنان الصعبة لكن هناك حال صمود وإصرار على الفن وتقديم كل ما نشعر به، لأن لبنان وشعبه سيظل محباً للفن وساعياً إليه.

تحديات وتركيز

بدورها كشفت الفنانة اللبنانية كارول عبود بطلة الفيلم التي أدت دور سلمى، عن أنها تعجبت كثيراً من اختيار بريش لها لبطولة العمل، بخاصة أنها معروف عنها في بعض الأدوار الحس الكوميدي، لكنها تحمست للتجربة منذ بدايتها وشعرت أنها جزء منها.

وقالت كارول إن صعوبة الفيلم في قلة الحوار، فدائماً هناك حال صمت، وعلى الممثل أن يعبر عن كل شيء عاصف من دون كلمة واحدة، لكن بتعبيرات ونظرات عيون ولغة جسد.

وأضافت أن هذا التحدي يضع الممثل في اختبار حقيقي، لكنها مؤمنة أن أي شخص دخل مجال التمثيل عليه أن يضع كل قطعة منه في وضع الاستعداد حتى إصبع يده، وقالت "أنا ممثلة وحتى إصبعي يجب أن يفهم كيف يمثل".

وعلى رغم الجدل الذي أثاره الفيلم حول تناول فكرة الإجهاض وجرأة الموضوع، قالت كارول الجرأة مطلوبة ونحن لم نخف من طرح موضوعات شائكة لأننا ننقل واقعاً نعيشه، وقد ساهمنا في نقل صورة تحدث لبعض الحالات، وفي واقعنا قد نعرف شخصيات حقيقية أجهضت لكن لا نحكي عنها، وهنا يأتي دور الفن والسينما حيث الحكي عن كل ما هو مسكوت عنه.

"ع مفرق الطرق"

بنجاح كبير واصل الفيلم اللبناني "ع مفرق طريق" عروضه المميزة، وهو من إخراج لارا سابا، وكتابة جوزيفين حبشي، وبطولة شادي حداد وجوليا قصار وبيتي توتل وميرنا مكرزل وسينتيا كرم وربى زعرور، وتم اختياره للمشاركة في مهرجان مالمو ضمن فئة "روائع عربية".

"ع مفرق طريق" هو فيلم رومانسي في إطار كوميدي يدور حول ممثل مشهور يدعى هادي يستعد لتجسيد دور البابا في فيلم عالمي كبير، ومن أجل التحضير للشخصية يذهب إلى وادي قنوبين ويقضي عزلته في دير للراهبات، لكن تنقلب الأمور حينما تقوده الظروف للوقوع في الحب مع فتاة استثنائية.

وشارك فيلم "ع مفرق طريق" ضمن مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي بمدينة جدة السعودية في شهر ديسمبر (كانون الأول) 2022.

مشاركة تونسية مميزة

شاركت تونس بالدورة الـ13 من مهرجان "مالمو" بأفلام مميزة ومنها بالمسابقة الرسمية للمهرجان، حيث نافس الفيلم الروائي الطويل "تحت الشجرة" للمخرجة أريج السحيري في مسابقة الأفلام الطويلة، وتدور أحداثه بين الأشجار، حيث يعمل الشبان والشابات أثناء موسم الحصاد الصيفي، ويحاولون فهم بعضهم بعضاً، من أجل العثور على روابط عميقة عاطفية وإنسانية.

ورشح هذا العمل ليمثل تونس في جوائز الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي لعام 2023. وحصل على جائزة "التانيت الفضي" في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة لأيام قرطاج السينمائية 2022، وبمهرجان فينسيا بدورته الـ78 حصل على ثماني جوائز في إطار ورشة "المشهد الأخير".

وعرض فيلم "معز الطريق الأسود" خارج إطار المسابقة الرسمية للمهرجان، وهو من إخراج محمد علي النهدي، ويتناول الفيلم قضية الإرهاب، وتدور الأحداث حول قصة الشاب التونسي معز الذي تتحول حياته من السرقة إلى الإرهاب.

وبمسابقة الأفلام القصيرة عرض فيلم "لحمي ودمي" للمخرجة إيناس العرصي. ويروي العمل في 19 دقيقة قصة فتاة تقع ضحية عملية اغتصاب من أحد جيرانها فتسعى إلى حل تداعيات هذه المشكلة.

 

الـ The Independent  في

04.05.2023

 
 
 
 
 

قصة عراقية جريئة تتوج بجائزة أفضل فيلم روائي في مالمو

مهرجان مالمو للسينما العربية يؤكد التطور الكبير الذي تشهده سينما العرب.

سنويا ومنذ سنة 2011 يقدم مهرجان مالمو للسينما العربية نظرة بانورامية على أهم الأفلام العربية الروائية وغير الروائية الطويلة والقصيرة، متابعا أهم الأعمال التي تؤكد التطور الهام الذي تشهده السينما في الكثير من الأقطار العربية، مثل السينما العراقية والسورية واللبنانية والسودانية والتونسية وغيرها مما تؤكده منصة التتويج في كل دورة.

مالمو (السويد)فاز فيلم “جنائن معلقة” للمخرج العراقي أحمد ياسين الدراجي بجائزة أفضل فيلم روائي طويل في الدورة الثالثة عشرة لمهرجان مالمو للسينما العربية التي أسدل الستار عليها الأربعاء في السويد. كما حصل الفيلم على جائزة أفضل سيناريو ونال بطله حسين محمد جليل جائزة أفضل ممثل.

قصة جريئة

سبق لفيلم “جنائن معلقة” أن حصل على جائزة اليُسر الذهبية لأفضل فيلم طويل، وحصل أيضا على جائزة اليُسر لأفضل إنجاز سينمائي لمدير التصوير دريد منجم في مهرجان البحر الأحمر السينمائي في ديسمبر من عام 2022.

ويقدم الفيلم في مضمونه حالة مختلفة وجريئة إذ يغوص من خلال قصته المبتكرة في الواقع العراقي ما بعد الاحتلال، بعد كل الظروف الصعبة التي مر بها الشعب، متطرقا إلى التأثيرات الكبيرة التي انعكست على المجتمع الذي تأثر بكل المعطيات التي دارت على أرضه وتسببت في الكثير من الظواهر الاجتماعية والإنسانية التي يتجاوز بعضها إلى الخيال.

الفيلم يقدم حالة مختلفة وجريئة إذ يغوص من خلال قصته المبتكرة في الواقع العراقي ما بعد الاحتلال

وقال الدراجي، في تصريح إعلامي سابق، إن مُشاهدته لفيلم “القناص الأميركي” عام 2015 كان دافعا قويا له لتنفيذ مشروع “جنائن معلقة”، متابعا “شعرت بإهانة واستفزازٍ شديدين، من طريقة تعامل الأميركي مع الحروب خاصة من ناحية الشهوات الجنسية، وكذلك تقديم الجندي الأميركي وكأنه محور الكون ويقتل العراقيين في شوارعهم، بالطبع لم أستطع تقبل الفكرة وكانت مزعجة لي جدا”.

وتابع “قرّرت أن أقدم قصة من واقع الشارع العراقي، وبصوت العراقيين فقط، فلن أتقبل فكرة أن يأتي مواطن أجنبي من خارج حدود البلاد ويروي قصصنا”.

وتدور أحداث فيلم “جنائن معلقة” حول الشقيقين “طه” و”أسعد” اللذين يعملان في جمع المعادن والبلاستيك من مكب نفايات في بغداد، يلفت انتباههما مكب نفايات الجيش الأميركي الذي يعثر فيه “أسعد” على دمية جنسية مهملة، ويقرر امتلاكها وإحضارها إلى المنزل، وحينما تختبر الدمية علاقة الأخوين، يواجههما قلق يهدد صلتهما الأخوية، ضمن تحدي الحب وصلة الدم، الذي تنتصر فيه روح الدعابة والبراءة.

فكرة الفيلم جريئة وقد أكد المخرج أنه استقاها من واقعة حقيقية حصلت مع صديقه في الجامعة، نهاية عام 2006، قائلا “كنت أنتظر صديقي عند الجامعة، وكانت هذه الفترة تشهد العديد من الصراعات والحروب الأهلية وغيرها، وفجأة وجدته ممسكا بحقيبة سوداء كبيرة، وبداخلها دمية جنسية، ليُخبرني بأنه عثر عليها داخل مكب نفايات الجيش الأميركي”، ليُقرر بعد كل هذه السنوات تقديم هذه الفكرة في مشروعٍ سينمائي، نال الترحيب والاستحسان في العديد من المحافل الدولية.

وحصل فيلم “هايفن” للمخرجة رين رزوق على جائزة أفضل فيلم غير روائي، ومنح المشاهدون من خلال التصويت المباشر “جائزة الجمهور” للفيلم السوداني “أجساد بطولية” للمخرجة السودانية سارة سليمان.

وذهبت جائزة لجنة التحكيم لفيلم “بطاطا” للمخرجة الكندية من أصول لبنانية وسورية نورا كيفوركيان كما نوهت اللجنة بالفيلم التونسي “تحت الشجرة” للمخرجة أريج السحيري. ونالت الجزائرية عديلة بن ديمراد جائزة أفضل ممثلة عن دورها في فيلم “ملكات” فيما حصل الفلسطيني فراس خوري على جائزة أفضل إخراج عن فيلم “عَلم”.

المهرجان أكبر نافذة للسينما العربية بالدول الاسكندنافية ويستضيف سنويا منتجي السينما ونجومها

وفي مسابقة الأفلام القصيرة، فاز بالجائزة فيلم “ماما” للمخرج المصري ناجي إسماعيل، وذهبت جائزة لجنة التحكيم للفيلم اللبناني “يرقة” للمخرجتين ميشيل ونويل كسرواني، كما نوهت اللجنة بفيلم “ألمظ” للمخرجة ميا بيطار من السودان.

أهم الأفلام العربية

يعد المهرجان الذي تأسس في 2011 أكبر نافذة للسينما العربية بالدول الأسكندنافية ويستضيف سنويا مجموعة من منتجي السينما ونجومها. وقال رئيس ومؤسس المهرجان محمد قبلاوي في كلمة الختام “عشنا وإياكم، وعلى مدار ستة أيام متواصلة، أياما سينمائية بامتياز، تضاف إلى مسيرة 13 عاما من عمر المهرجان”.

وأضاف “لن نسدل الستار، بل نختتم العيد السينمائي الثالث عشر لمهرجان مالمو للسينما العربية بالإعلان عن بدء أعمال الدورة الرابعة عشرة، والتي ستقام في الفترة من الثاني والعشرين إلى الثامن والعشرين من أبريل 2024”.

وكرّمت الدورة الحالية من المهرجان الممثل المصري حسين فهمي عن مجمل أعماله وقد ألقي أيضا درسا في السينما “ماستر كلاس” في مكتبة مدينة مالمو.

وقدم المهرجان هذا العام أعمالا مختارة بدقة، انقسمت إلى 18 فيلما طويلا و27 فيلما قصيرا. وقال قبلاوي “سعداء بتمكن المهرجان كالعادة من جمع أفضل إنتاجات السينما العربية خلال العام التالي للدورة السابقة”.

وشملت المسابقة الرسمية 12 فيلما من بينها الفيلم المصري “19 ب” للمخرج أحمد عبدالله السيد والفيلم السعودي “أغنية الغراب” للمخرج محمد السلمان والفيلم التونسي “تحت الشجرة” للمخرجة أريج السحيري والفيلم الفلسطيني “عَلم” للمخرج فراس خوري.

وتشكلت لجنة تحكيم هذه المسابقة من المنتج التونسي توفيق قيقة والممثلة المصرية هنا شيحة والناقدة المقدونية مارينا كوستوفا والممثلة اللبنانية ندى أبوفرحات إلى جانب الأردني مهند البكري مدير الهيئة الملكية الأردنية للأفلام.

 

العرب اللندنية في

04.05.2023

 
 
 
 
 

عن جوائز سينمائية مالية: هوّة في التفكير والمَنح

مالمو/ نديم جرجوره

انتهاء الدورة الـ13 (28 أبريل/نيسان ـ 4 مايو/أيار 2023) لـ"مهرجان مالمو للسينما العربية"، المتمثّل بحفلة إعلان نتائج مسابقتي الأفلام الطويلة والقصيرة، ثم عشاء وموسيقى ورقص، يدعو إلى إبداء ملاحظات نقدية إزاء مسائل عدّة، بدءاً من النتائج/الجوائز بحدّ ذاتها، غير المتَوافَق عليها بين نقّاد وأعضاء لجان تحكيم ومخرجين/مخرجات. هذا مُتدَاوَل دائماً في مهرجانات أخرى أيضاً. التوافق صعبٌ، إنْ لم يكن مستحيلاً. النتائج/الجوائز لا تعني أنّ الأفلام الفائزة أفضل، سينمائياً، من غير الفائزة.

قولٌ كهذا مُكرّر، فهناك دائماً هوّة بين أمزجة أعضاء لجان التحكيم ونقّاد/صحافيين وصحافيات سينمائيين، ولاحقاً تظهر آراء مشاهدي الأفلام ومشاهِداتها. في الدورة تلك، يُمنح "جنائن معلّقة" (2022)، للعراقي أحمد ياسين الدراجي، 3 جوائز من أصل 7: أفضل فيلم (35 ألف كرون سويدي. الدولار الأميركي يُساوي نحو 10 كرونات سويدية)، وأفضل سيناريو (الدراجي)، وأفضل ممثل (حسين محمد خليل). قلّة غير مُدافِعة عن خيار كهذا، تستند إلى جماليات متنوّعة في أفلامٍ أخرى، أبرزها "الأخيرة" للجزائريين ديمان أنوري وعديلة بن ديمراد، الفائزة بجائزة أفضل ممثلة عن دورها فيه، و"تحت الشجرة" للتونسية أريج السحيري ("العربي الجديد"، 5 مايو/أيار 2023، عن الفيلمين معاً)، الحاصل على تنويهٍ خاص، و"عَلَم" للفلسطيني فراس خوري ("العربي الجديد"، 21 أكتوبر/تشرين الأول 2022)، الفائز بجائزة أفضل إخراج.

في فئة أفلام غير روائية، ينال "بطاطا"، للّبنانية السورية نورا كيفوركيان ("العربي الجديد"، 3 مايو/أيار 2023)، جائزة لجنة التحكيم الخاصة (25 ألف كرون سويدي)، وHyphen، للّبنانية رين رزّوق، جائزة أفضل فيلم غير روائي (15 ألف كرون سويدي).

أرقامٌ كهذه تُثير تساؤلاً عن آليات اختيارها لبعض الجوائز، فجوائز الإخراج والتمثيل الرجالي والنسائي غير مُلحَقةٍ بمبلغ مالي، بينما القيمة المالية لجائزة لجنة التحكيم الخاصة أكبر من تلك الخاصة بأفضل فيلم غير روائي، وهذا غير مفهومٍ، تماماً كقيمة جائزة اختيار جمهور مدينة مالمو (25 ألف كرون سويدي)، الممنوحة لـ"أجساد بطولية" للسودانية سارة سليمان ("العربي الجديد"، 3 مايو/أيار 2023).

الغالبية الساحقة من المهرجانات السينمائية، العربية على الأقلّ، التي تدفع مبالغ مالية لبعض جوائزها، غير مُساويةٍ البتّة بين الروائي وغير الروائي. فللأول مبلغ أكثر من الثاني، علماً أنّ الثاني مُحتاجٌ إلى جهودٍ جبّارة لإنجاز أعمالٍ، معظمها يجمع بين التوثيقي والخيالي، ويتناول أحوالاً وحالاتٍ وشخصيات ومسائل مهمّة للغاية، كأهمية ما تتناوله أفلامٌ روائية أيضاً. هذا يتطلّب إنتاجاً يكاد يتساوى، أحياناً، وإنتاج الروائي.

مخرجتا الفيلمين غير الروائيين هذين تمضيان أعواماً عدّة في التصوير والمتابعة واللقاءات والتوثيق، والحوار مع الشخصيتين الأساسيتين، مع ما يتطلّبه هذا الوقت كلّه من جهدٍ وتفكير وتنبّه دائمٍ إلى كيفية بناء فيلمٍ متماسك، رغم السنين والساعات الطويلة من التصوير. زمن الأفلام "التسجيلية" منتهٍ، والوثائقي الحديث يتحرّر كلّياً من القواعد الكلاسيكية البائدة، والخيال (أحياناً) يُكمِل شيئاً من التوثيق السينمائي، أو يترافق وإياه في سرد حكاية، وتناول مسألة، والبحث في أعماق مخفيّ أو محجوب أو محرّم المسّ به. فيلما كيفوركيان ورزّوق يمتلكان حساسية سينمائية مؤثّرة في كيفية مواكبتهما حكايتي ماريا (بطاطا) ونيكول (Hyphen). لكنْ، لماذا هناك فرق "مالي" بين جائزتيهما؟

إنجاز فيلم غير روائي يكاد يتشابه وإنجاز فيلمٍ روائي، جهداً ومتابعة واشتغالاتٍ فنية وتقنية وجمالية مختلفة. فلماذا يُمنح الروائي مبلغاً من المال أكثر من ذاك الممنوح لغير الروائي؟ بالتالي، لماذا تحصل الجهة الإنتاجية على المال (جائزة أفضل فيلم)، بينما تكتفي مهرجانات كثيرة بمنح تمثال الجائزة لـ"أفضل مخرج"؟

تنسحب تساؤلات كهذه على الفيلم القصير أيضاً. في المسابقة الخاصة به، في المهرجان نفسه، يُمنح "ماما" للمصري ناجي إسماعيل ("العربي الجديد"، 26 إبريل/نيسان 2023) جائزة أفضل فيلم، مع 15 ألف كرون سويدي، و"يرقة" للشقيقتين اللبنانيتين ميشيل ونويل كسرواني ("العربي الجديد"، 17 فبراير/شباط 2023) جائزة لجنة التحكيم الخاصة، و10 آلاف كرون سويدي. أما "ألمظ"، للبنانية السودانية ميا بيطار، فينال تنويهاً خاصاً. فهل يتطلّب إنجاز فيلم قصير جهداً أخفّ، وإنْ تكن ميزانية إنتاجه أقلّ من تلك المخصّصة بالفيلمين الروائي الطويل والوثائقي؟ والجهد "الأخفّ"، ألا يستحق جائزة مالية تتساوى وتلك الخاصة بالنوعين الآخرين؟

تساؤلات كهذه معنية بمهرجانات سينمائية عربية، بعضها "متواضع"، رغم تمكّنه من الحصول على دعم مالي "جيّد"، أو أكثر من جيّد، غالباً. سؤال الجائزة المالية لن يحول دون سؤال أهمّ: ماذا عن كيفية اختيار الأفلام الفائزة، رغم "عجزٍ" معروف عن حسم المسألة، باستثناء "قبول" مبدأ أنّ كلّ لجنة تحكيم مؤلّفة من أفرادٍ، لكلّ واحد منهم/منهنّ مزاج ورأي وانفعال، تنبع كلّها من لحظة المشاهدة الآنية، والمناخ المحيط بها.

هذا غير حائل دون قولٍ أساسي: الفيلم أبقى من الجائزة، إنْ يكن جيد الصُنعة أم لا، وهذا يُناقش خارج التنافس في مهرجان.

 

العربي الجديد اللندنية في

08.05.2023

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004