ملفات خاصة

 
 
 

بلاغة الصمت فى سينما المدينة الفاسدة التى تقهر الأبجديات

طارق الشناوي

مهرجان برلين السينمائي الدولي

الدورة الثالثة والسبعون

   
 
 
 
 
 
 

ترجمة عنوان الفيلم تعنى بقاء اللطف أو العطف أو الشفقة، واختار المخرج الأسترالى روف دوهر أن يكتب العنوان بأكثر من لغة وبينها العربية واختار من المفردات الثلاث العربية (اللطف).

يطرح الأدب العالمى أنماطا متعددة من الممكن أن تجد لها صدى وتنويعة على نفس (التيمة) فى السينما، خاصة عندما يساهم هذا النوع الأدبى فى عناق شرعى ومنطقى بل وحتمى مع السينما التى ترنو دائما لكى تكتشف نفسها فى ملامحها المختلفة (فن سابع).

المخرج فى أفلامه السابقة ينطلق بالسينما إلى عمق السينما. إنها السينما الخالصة لغة خاصة جدا تتجاوز الحوار المنطوق، لغة الصورة التى دأبنا على استخدامها (السينما صورة)، لا يمكن أيضا أن تصبح تلك الجملة مفتاحا شاملا مانعا لمعنى السينما، والتى يطلقون عليها السينما الخالصة، إنها أعمق من كونها مجرد صورة، الفيلم الذى يمثل أستراليا يحاول أن يقترب فاتحا كل الأبواب فى قراءة الشريط السينمائى، هل ما نراهم أمامنا من سلالة سكان أستراليا الأصليين، ومأساتهم تشبه الهنود الحمر سكان أمريكا الأصليين؟.

اللازمان واللامكان يسمح للمتلقى بأن يزداد إيجابية فى التفسير وقبل ذلك القراءة.

الأحداث فى صحراء، السكان هربوا، الأغلبية ربما انتهت علاقتها بالحياة، تبدأ الأحداث بالبطلة السوداء فى عربة حديدية غير قادرة على مغادرتها، يحركها الرغبة فى الحياة، وتبدأ فى الصراخ، لا أحد يسمع، تستخدم مفتاحا قديما ملقى على الأرض فى محاولة لتحطيم القيد، وتنجح فى النهاية، المخرج رولف دوهر يقدم بالتوازى لكل ذلك النمل الوحشى فى صراعه مع بعضه البعض (بعضه يمزق بعضه) حرفيا، وكأنها حرب أهلية البقاء فيها للأقوى، وكيف ينتهى بمقتل واحدة وبقاء أخرى، لا توجد دوافع مباشرة ولا حتى صراع على قضمة طعام، ولكن هى الرغبة الدفينة بقتل الآخر ولا تحتاج إلى مؤثر خارجى، يمارسها الحشرات وأيضا البشر.

تلاحظ أن البطلة سيدة سوداء تؤدى دورها باقتدار، موجيمى حسين تسعى لإخفاء وجهها، لنكتشف أن كل الأبواب مفتوحة للتفسير، فهى ربما حرب عنصرية أو طائفية، تستمع أحيانا إلى كلمات بلغة غير مفهومة حتى الشخصيات عندما تتبادل حوارا قليلا فيما بينها لا يتم استيعابه، وبذكاء من المخرج لم يترجم الحوار، لأن أبطاله على الشاشة أيضا لا يدركون دلالة الكلمة، وأنت كمشاهد ينبغى أيضا أن تتعامل معها باعتبارها مجرد همهمات غير مفهومة، ليظل الجميع على نفس الموجة.

فى رحلة السيدة خارج القفص الحديدى نرى رجلا يضع زوجته الراحلة بين يديه ويشير إلى لسانه دلالة على العطش، وتبدأ المقايضة، المرأة تبحث عن حذاء يمنحها الحذاء وتجد صنبور الماء تعطيه الماء، وللحذاء قصة عند تحطيمها لجدران سجنها الحديدى، تلمح جسد إنسان مدفونا، يظهر فقط من تحت التراب الحذاء فترتديه وتنزع عنه أيضا قميصه، بعدها بلحظات هناك من يهددها ليستولى على الحذاء وإلا أطلق عليها رصاص بندقيته، فتمنحه حذاءها مقابل الحياة، قانون المقايضة هو أول قانون اقتصادى فرض قواعده على الدنيا، الحذاء مقابل الحياة تنويعة أخرى ومختلفة، لكنها فى سياقها الدرامى مقبولة.

صحراء وامرأة سوداء وبقايا بشر ودمار شامل وهواء مسموم وموت يملأ المكان، ولا تدرى من يقتل من، وما هو السبب، ليسوا مصاصى دماء (زومبى)، ولكنهم لا يقلون ضراوة عنهم، من هم على قيد الحياة تحولوا إلى وحوش مفترسة يضعون الكمامة لتحميهم من فساد الهواء وهى تضع أيضا الكمامة لأسباب أخرى، لإخفاء لونها خوفا من قتلها، وفى مشهد شديد الدلالة عندما تجد يدين مقطوعتين ترتديان قفازا تأخذ القفاز لتخفى لون يديها وتحاول أيضا التحايل على لون العنق. يمزج المخرج رولف دوهر كل هذه التفاصيل بنعومة لا ترى كل شىء، لكنك تشعر بكل شىء، السيناريو لا يمكن سوى أن يرسمه عين المخرج فى رؤية ترى فيها (الديسوتوبيا) التى تعنى المدينة الفاسدة على الجانب الآخر من تعبير(اليوتوبيا) المدينة الفاضلة.

وهى تعنى رؤية تشاؤمية للحياة ترى القبح والدمار واللاجدوى فى كل التفاصيل، الكلمة استمدت ملامحها من الأدب، تعنى المكان الخبيث، الذى ينضح بالكوارث وهو نتاج الحكومات القمعية ترسم بالخيال صورة كئيبة تحاول أن تحاكى خلالها ملامح الواقع ولا تحمل أى تفاؤل فيما هو قادم وهو ما رأيناه فى المشهد الأخير، عندما توقن البطلة أن النهاية والموت فى انتظارها فتذهب إلى القفص الحديدى الذى حطمته فى البداية بيديها وتغلق الباب عليها بإحكام، تنتظر فى النهاية الموت.

الذى شاهدناه أمامنا فى كل لقطات الفيلم، إما بشر تحت التراب لا يتبقى منهم إلا جزء من ملابسهم أو آخرين فى انتظار من يضعهم تحت التراب، الحوار الوحيد المسموع بين فتاة صغيرة تلتقيها ولكن يصيبها هذا الوباء القاتل وتدرك أنها النهاية، وبحنان الأمومة تنقلها إلى النهر ونرى بثور الموت على وجهها، وتودعها وتطلب منها بحركة أصابعها أن تغمض عينيها فى انتظار الرحيل الوشيك.

الشر الكامن فى البشر، وجنون العنصرية وقمع السلطة وقانون القوة الغاشمة كلها تفاصيل، لم تكن بحاجة إلى حوار، ولكن إلى عين تدرك معنى السينما حتى العنوان كتبه بأكثر، من بينها العربية، ليؤكد المعنى أنها حكاية للعالم، تتجاوز كل حروف الأبجدية، تعاطفنا مع تلك المرأة السوداء التى قررت أن تتحدى مصيرها وعندما لم تجد أمامها سوى نفس المصير قالت بيدى لا بيد عمرو، وكأنها تدفن نفسها بيديها. الفيلم يعرض داخل القسم الرسمى بالمسابقة، وأظن أن له حظه من الجوائز التى ستعلن السبت القادم، بدأت السينما تعبر عن نفسها بعيدا عن صخب السياسة الذى سيطر فى بداية برلين على روح ومذاق المهرجان، وانتصرت السينما مع (بقاء اللطف)!!.

 

المصري اليوم في

20.02.2023

 
 
 
 
 

في «برلين» يعلو صوت السياسة وفريد الأطرش

طارق الشناوي

الأفلام تتلاحق في مهرجان «برلين»، ولا تسمح بأي مساحة أخرى، رغم أن صوت السياسة كان يعلو بين الحين والآخر مسيطراً على المشهد، فإننا في النهاية نبحث عن السينما ونعثر أيضاً عليها.

نضبط جميعاً معشر الصحافيين والنقاد الساعة بالدقيقة والثانية على موعد عروض الأفلام، تلقى الوفد المصري دعوة رسمية من السفير النشط العاشق للثقافة، الأستاذ خالد جلال للقاء، وكان معنا حسين فهمي، الذي يحضر بصفته رئيساً لمهرجان القاهرة، ومعه فريق العمل لاختيار أفلام من تلك التي حظي بها «برلين» تصلح للعرض في «القاهرة».

وهو ما تفعله العديد من المهرجانات مثل «البحر الأحمر»، حيث يوجد عدد من مبرمجي المهرجان، وأيضاً «مالمو» يتابع الأفلام المخرج محمد القبلاوي رئيس ومؤسس المهرجان وغيره.

في حفل عشاء السفارة المصرية انطلق حسين فهمي ليروي الكثير من الذكريات، وبينها حكايته مع فريد الأطرش، شاركه آخر أفلامه «نغم في حياتي»، الذي عرض عام 75 بعد رحيل فريد ببضعة أشهر. قال حسين: «في البداية لم أكن متحمساً للدور رغم حبي لفريد، لأنه في النهاية فيلم للموسيقار الكبير، ولكن اتصل بي وطلب مني أن أشاركه البطولة قائلا: (هذا هو آخر أفلامي يا حسين)، والغريب أن السيناريو صنع على هذا النحو، ومخرج الفيلم هنري بركات وهو أحد أهم المخرجين في عالمنا العربي، تحسباً لما يمكن أن يحدث، كان يضع تفاصيل في السيناريو تتضمن الخطة البديلة في حالة رحيل فريد، وتسلمنا جميعاً النسختين، وبعلم فريد الذي لم يكن يخفي عن أحد، أن هذا الفيلم هو آخر إطلالة له على الدنيا، وتقبَّل الأمر ببساطة وقناعة ورضا، وطلب في وصيته لنا أن يشيع جثمانه في مصر، ويدفن بجوار شقيقته أسمهان.

طلب بركات من فريد أن يذهب للمطار ويصوره وهو يشير بيديه للوداع، ثم قدَّم لقطة لطائرة تحلق في السماء، ولم تكن تلك اللقطات في السيناريو الأول (في حالة بقاء فريد على قيد الحياة) أو في الثاني الذي كان سيتم تنفيذه بعد الرحيل، علمت فيما بعد أن بركات وضع سيناريو ثالثاً لم يفكر فيه أحد، وهو أن يكمل فريد تصوير الفيلم، ولكنه يرحل قبل عرضه الجماهيري، وهو ما حدث بالفعل، لتصبح تلك اللقطات هي بالفعل القادرة على كسر الحاجز الوهمي بين الشاشة والجمهور، وكانت الناس تبكي بعدها وهم يغادرون دار العرض».

عدد من الفنانين قدموا أعمالهم مدركين أن تلك هي آخر أنفاسهم على الشاشة، نجيب الريحاني في «غزل البنات» طلب من ليلى مراد أن يلتقي معها، عندما تصادف أن وجدا في مصعد العمارة قائلاً لها: «عايزين نمثل فيلم مع بعض قبل ما أموت»، وبالفعل تحمَّس أنور وجدي وكتب السيناريو، وأعاد أنور المونتاج الأخير، لأن نجيب لم يكمل كل اللقطات، وشاهدناه وبكينا معه وهو يردد وعيونه تبكي «عيني بترف» مع ليلى مراد في أروع «دويتو» أحببناه من فرط صدقه، لأنه يجمع بين البسمة والدمعة.

أحمد زكي في فيلم «حليم» آخر عمل فني لعب بطولته، وعرض أيضاً بعد رحيله، كان المخرج شريف عرفة قد وضع سيناريو بديلاً، وأحمد زكي كان مدركاً ذلك، ولهذا وافق على مشاركة ابنه هيثم التمثيل لأول مرة، رغم أنه كان في البداية معترضاً على احترافه تلك المهنة، المخرج شريف عرفة قال لي إنه أحياناً، خوفاً من إجهاد أحمد، كان يضطر إلى تغيير بعض المشاهد، وفي لقطة كان ينبغي أن نرى فيها أحمد زكي يجري لاهثاً في المستشفى للحاق بحبيبته، ولم تكن حالته الصحية تسمح بذلك، ولم يستطع أحمد سوى المشي سريعاً، وارتضى شريف بهذا القدر، ولكن أحمد زكي طلب الإعادة ليجري في ردهات المستشفى وكأنه لا يعاني من قسوة المرض، بل آخر مشاهد صورها كان قد فقد تماماً قدرته على الإبصار، وفي النهاية لاستكمال الفيلم استعان عرفة بالسيناريو البديل، بعد الرحيل، النجوم الكبار لا يغادرون الميدان حتى اللحظة الأخيرة، وهكذا الريحاني وفريد وزكي.

خدعوك فقالوا في مهرجان «برلين» لا صوت يعلو على السياسة، الحقيقة أن هذه الدورة التي تحمل رقم «73» أثبتت أن صوت فريد الأطرش لا يزال يعلو على الجميع.

ناقد سينمائي مصري

 

الشرق الأوسط في

20.02.2023

 
 
 
 
 

مركز السينما العربية يشارك في مهرجان برلين السينمائي للسنة التاسعة

خالد محمود

يشارك مركز السينما العربية للسنة التاسعة على التوالي في فعاليات مهرجان برلين السينمائي الدولي الذي تقام دورته 73 في الفترة من 16 إلى 26 فبراير الجاري، بصحبة 20 من الشركاء ما بين المؤسسات والشركات والمهرجانات السينمائية.

ويتنافس في دورة هذا العام من مهرجان برلين 11 فيلما عربيا في مختلف الأقسام والمسابقات هي The Burdened من إخراج عمرو جمال، وفيلم Under the Sky of Damascus من إخراج هبة خالد وطلال ديركي وعلي وجيه، وفيلم Concrete Valley من إخراج أنطوان بورج، وفيلم Comrade leader, comrade leader, how nice to see you من إخراج وليد رعد، وفيلم On this shore, here من إخراج جاسمين متولي وعلاء عبد اللطيف، وفيلم Les chenilles من إخراج ميشيل كسرواني، ونويل كسرواني، وفيلم Simia: Stratagem for Undestining من إخراج عاصم هنداوي، وفيلم Back من إخراج يزن ربيع، وفيلم Borrowing a Family Album من إخراج تامر السعيد، وفيلم Kash Kash من إخراج ليا نجار.

كما يشارك في برنامج مواهب برلين 8 من صناع السينما العرب هم أدولف العسال (مصر)، وسامح علاء (مصر)، وقسمت السيد (مصر)، وزليخة طاهر (الجزائر)، وعلي كريم (العراق)، وبلال الثميني (تونس)، وسامر بشارات (فلسطين)، وطارق عبد الله (مصر).

كما يشارك في لجنة تحكيم الفيبريسي كل من الناقد حسام فهمي (مصر) والناقد محمد رُضا (لبنان)، وفي لجنة تحكيم أفضل فيلم أول تشارك المخرجة المصرية أيتن أمين.

وخلال فعاليات المهرجان يصدر مركز السينما العربية العدد 18 من مجلة السينما العربية والذي يتضمن تعريفاً بأحدث الأعضاء المنضمين إلى لجنة التصويت في جوائز النقاد للسينما العربية، وعبر المجلة يستمر المركز في حملتيه للاحتفاء بالسينما الفلسطينية والنساء العربيات المؤثرات في صناعة السينما، ويلقي الضوء على أهم الأفلام العربية في المهرجانات العالمية شتاء 2023 والتي تشمل مهرجانات برلين وروتردام وسندانس، إضافة إلى ملف أهم الأعمال السينمائية العربية لعام 2022، وتقرير إحصائي عن تطورات صناعة السينما العربية خلال آخر 5 سنوات في مجالات الإيرادات ومبيعات التذاكر ودور العرض وإنتاج الأفلام ومنصات الفيديو للمشتركين.

 

الشروق المصرية في

20.02.2023

 
 
 
 
 

كشفت عن المرحلة النهائية لاختيار أهم 75 فيلم فلسطيني

مجلة السينما العربية تعود لمهرجان برلين

البلاد/ مسافات

يواصل مركز السينما العربية واحد من نشاطاته البارزة في المحافل السينمائية الدولية بإصدار العدد 18 من مجلة السينما العربية ضمن فعاليات الدورة الـ73 من مهرجان برلين السينمائي الدولي (16-26 فبراير/شباط الحالي).

ويتضمن العدد تعريفاً بأحدث الأعضاء المنضمين إلى لجنة التصويت في جوائز النقاد للسينما العربية، وعبر المجلة يستمر المركز في حملتيه للاحتفاء بالسينما الفلسطينية والنساء العربيات المؤثرات في صناعة السينما، ويلقي الضوء على أهم الأفلام العربية في المهرجانات العالمية شتاء 2023 والتي تشمل مهرجانات برلين وروتردام وسندانس، إضافة إلى ملف أهم الأعمال السينمائية العربية لعام 2022، وتقرير إحصائي عن تطورات صناعة السينما العربية خلال آخر 5 سنوات في مجالات الإيرادات ومبيعات التذاكر ودور العرض وإنتاج الأفلام ومنصات الفيديو للمشتركين.

جوائز النقاد للسينما العربية، والتي انطلقت في 2017 ضمن مهرجان كان السينمائي، وصل عدد لجنة الاختيار بها إلى 191 نقاداً من 72 بلداً بأنحاء العالم، وقد ضمت في دورتها الحالية 28 ناقداً، ومعاً يشترك النقاد في التصويت لأفضل إنجازات السينما العربية، ليتم إعلان الفائزين بها خلال الدورة المقبلة من مهرجان كان السينمائي في مايو/آيار المقبل.

وتحت عنوان "75 سنة من السينما الفلسطينية"، أطلق المركز العام الماضي حملة يلقي الضوء فيها على أهم الأفلام الفلسطينية وصناعها منذ عام 1946، ويكشف العدد 18 عن المرحلة النهائية من الحملة، والتي تشمل الإعلان عن لجنة التحكيم الموسعة التي تضم نخبة من المتخصصين في صناعة السينما من العرب والأجانب لاختيار القائمة النهائية لأفضل 75 فيلم فلسطيني (1946-2021). وتضم هذه اللجنة في عضويتها مجموعة من أهم صناع الأفلام والنجوم والسينمائيين العرب بالإضافة إلى مجموعة من الخبراء في مجالات الإنتاج والتوزيع والتمويل السينمائي والمهرجانات من كل أنحاء العالم، مع أعضاء لجنة تحكيم جوائز النقاد للأفلام العربية.

قال ماهر دياب وعلاء كركوتي، الشريكان المؤسسان لمركز السينما العربية "سعداء بإصدار العدد 18 من مجلة السينما العربية، واستمرار المجلة للسنة السابعة على التوالي كنافذة عالمية على صناعة السينما العربية. يركز العدد على أبرز أنشطة وفعاليات مركز السينما العربية وعلى رأسها حملة الاحتفاء بالسينما الفلسطينية، وملف المرأة العربية في صناعة السينما".

الخبير السينمائي الأميركي كولن براون رئيس تحرير مجلة السينما العربية، قال عن العدد الجديد "أهمية هذا الإصدار من المجلة، هو عودتها للصدور في مهرجان برلين بعد عامين من الانقطاع في دورتي 2021 و2022 بسبب تأثيرات جائحة كورونا، وهو يضم موضوعات تنقل صورة أقرب لواقع صناعة السينما العربية، وعلى رأسها السينما الفلسطينية، لنواصل الاشتباك مع الصعوبات والأسئلة التي تواجه صناع الأفلام الفلسطينيين، بالإضافة إلى الملف الخاص بتطورات صناعة السينما العربية خلال آخر 5 سنوات، الذي يلقي الضوء على النمو المتسارع لصناعة السينما في المملكة العربية السعودية، والذي شكل نموذجاً فريداً على مستوى العالم خلال تداعيات الجائحة".

عن مركز السينما العربية

مركز السينما العربية هو مؤسسة غير ربحية تأسست في 2015 عبر شركة MAD Solutions بهدف الترويج للسينما العربية، ويوفر مركز السينما العربية لصناع السينما العربية، نافذة احترافية للتواصل مع صناعة السينما في أنحاء العالم، عبر عدد من الفعاليات التي يقيمها وتتيح تكوين شبكات الأعمال مع ممثلي الشركات والمؤسسات في مجالات الإنتاج المشترك، التوزيع الخارجي وغيرها، وتتنوع أنشطة مركز السينما العربية ما بين أجنحة في الأسواق الرئيسية، جلسات تعارف بين السينمائيين العرب والأجانب، حفلات استقبال، اجتماعات مع مؤسسات ومهرجانات وشركات دولية، وإصدار مجلة السينما العربية ليتم توزيعها على رواد أسواق المهرجانات، كما أتاح مركز السينما العربية التسجيل عبر موقعه في خدمة الرسائل البريدية، وعبر هذه الخدمة يتاح للمستخدمين الحصول على نسخ رقمية من مجلة السينما العربية، أخبار عن أنشطة مركز السينما العربية، إشعارات بمواعيد التقدم لبرامج المنح والمهرجانات وعروض مؤسسات التعليم والتدريب، تحديثات عن الأفلام العربية المشاركة بالمهرجانات، وإلقاء الضوء على تحديثات أنشطة شركاء مركز السينما العربية ومشاريعهم السينمائية. 

وقد أطلق مركز السينما العربية، دليل السينما العربية عبر موقعه على الإنترنت باللغة الإنكليزية، وهو دليل سينمائي شامل وخدمي يعتمد على مجموعة أدوات يتم تقديمها مجتمعة لأول مرة بهدف توفير المعلومات المرتبطة بالسينما العربية لصُنَّاع الأفلام داخل وخارج العالم العربي، وتيسر لصناع الأفلام والسينمائيين العرب الوصول للأسواق العالمية، كما تساعد ممثلي صناعة السينما العالمية في التعرّف بسهولة على إنتاجات السينما العربية.

 

البلاد البحرينية في

20.02.2023

 
 
 
 
 

إشادات وتصفيق حار لفيلم المرهقون في عرضه الأول ببرلين السينمائي الدولي

البلاد/ مسافات

تصفيق حار صحب انتهاء العرض الأول لفيلم المرهقون في مهرجان برلين السينمائي الدولي، والذي حضره مخرجه عمرو جمال مع أبطال الفيلم وعددًا من الشخصيات العامة والإعلاميين، وظهر احتفاء الجمهور بالفيلم في تفاعلهم وحماسهم لطرح أسئلة على طاقم الفيلم في الحلقة النقاشية التي تلت العرض.

وسوف يحصل الفيلم على 4 عروض أخرى خلال الفترة من 21 لـ 26 فبراير، أيام الثلاثاء 10 مساءً في مجمع كوبيكس قاعة 7، والأربعاء 4 مساءً في مجمع كوبيكس قاعة 5، والخميس الساعة 6:30 مساءً في مجمع كوبيكس قاعة 9 ويوم الأحد الساعة 4 مساءً في مجمع كوبيكس قاعة 5.

ويشارك فيلم المرهقون في قسم البانوراما، وهو أول فيلم يمني ينطلق في مهرجان برلين منذ تدشينه، والفيلم العربي الروائي الوحيد في قسم بانوراما هذا العام.

أثار المرهقون الانتباه عالميًا لأول مرة في مهرجان كارلوفي فاري السينمائي الدولي حيث حصل على منحة تطوير ما بعد الإنتاج لمشروع قيد العمل من قسم Eastern Promises، كما كان أحد المشاريع الواعدة المشاركة في برنامج عروض قيد الإنجاز في سوق البحر الأحمر ضمن فعاليات الدورة الثانية من مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي حيث تلقى منحة بقيمة 12 ألف دولار بعد عرض أجزاء من الفيلم. 

 ويستند الفيلم على أحداث حقيقية في عدن باليمن عام 2019، إذ تتبع القصة معاناة زوجين وأطفالهما الثلاثة بعد خسارة الأب والأم لعملهما جراء أزمة اقتصادية تمر بها الدولة. وبعد اكتشاف الأم حملها في الطفل الرابع، يحاول الأبوان إيجاد طريقة للإجهاض رغم موقف مجتمعهما المحافظ تجاه هذا الأمر، مما يجبر العائلة على اتخاذ قرارات صعبة للنجاة من هذا المأزق. 

المرهقون إنتاج مشترك بين اليمن والسودان والسعودية ومن إخراج وإنتاج عمرو جمال وشارك في كتابة السيناريو مع مازن رفعت ويشارك في إنتاج الفيلم محسن الخليفي ومحمد العمدة بالإضافة لأمجد أبو العلاء. وبطولة خالد حمدان وعبير محمد وسماح العمراني وأوسام عبد الرحمن. حصلت MAD Solutions على حقوق توزيع المرهقون في العالم العربي، فيما تتولى شركة Films Boutique المبيعات الدولية.

ويعد الفيلم ثاني فيلم روائي طويل لمخرجه بعد عشرة أيام قبل الزفة (2018) وكان أول فيلم روائي طويل يعرض جماهيريًا في اليمن بعد ثلاثة عقود من اختفاء السينما في اليمن، وفاز بالعديد من الجوائز المهمة منها جائزة الجمهور في مهرجان سان دييغو السينمائي الدولي بأميركا وجائزة لجنة التحكيم في مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة وغيرهم.

 

البلاد البحرينية في

21.02.2023

 
 
 
 
 

الثالوث الدرامي بعد التعديل

«زوج وزوجة وشبه عشيق»

طارق الشناوي

القوالب الدرامية لا تتغير، ثابتة منذ نشأتها قبل الميلاد، ما يمتلك مرونة الانتقال من حالة إلى أخرى، هو المحتوى الذى نضعه داخل تلك الأطر التى يطلقون عليها أيضا توصيف (باترونات)، تتعدد فيها القضايا والشخصيات برغم ثبات الشكل.

فيلم (حيوات سابقة) يمثل فكريا ووجدانيا سينما كوريا الجنوبية، رغم أنه رسميا إنتاج أمريكى ويحسب لها، تتحرك الأحداث صعودا وهبوطا فى إطار زجزاجى تسيطر اللغة الكورية على القسط الأكبر من الحوار الذى تجرى أحداثه بين كوريا وأمريكا.

من المنطقى أن نقول السينما الكورية بدون تحديد جغرافى، لأنه لا توجد سينما تعثر عليها فى أى مهرجان، تمثل الشمالية، لن يسمح النظام الشمولى إلا فقط بوجود سينما دعائية تمجد النظام، ولهذا من المستحيل أن ترى أفلاما تنتسب للشمال، صارت كلمة سينما ومهرجانات تعنى كوريا، وأصبحنا نقول فيلم كورى ونحن نعنى تحديدا الجنوب، السينما هناك استطاعت أن تقتنص فى السنوات الأخيرة العديد من الجوائز الكبرى فى كل المهرجانات، وأيضا مسابقة (الأوسكار) لأنها تسمح بمناقشة كل القضايا وبرؤية إبداعية وآخرها فيلم (طفيلى).

الفيلم يتناول بشكل أو بآخر حياة كل منا، تنويعة على زمن عشناه وكل منا له حكاية عاطفية لا تخلو منها، وهكذا المخرجة والكاتبة سيلين سونج والتى تؤكد المعلومات المتاحة أن الفيلم يقدم جانبا من حياتها فهى عاشت تجرية مماثلة، مع اختلاف التفاصيل، وبدون حتى التيقن من صحة المعلومة، فهى تدخل تحت مظلة الممكن دراميا.

(الزوج والزوجة والعشيق) أشهر ثالوث درامى تعارفنا عليه طوال الزمن، ومن الممكن أن يصبح عشيقا أو عشيقة، الصراع عابر للثقافات وحدود الجغرافيا، مع اختلاف الدرجة ولكنه الأكثر تداولا، وفى العادة يصبح صراعا دمويا ينتهى بقتل أحد طرفى الصراع أو بمأساة للجميع.

المعالجة التى كتبتها المخرجة تميزت بهذا الحس الفكاهى الذى يميل أكثر لقالب الكوميديا وروح المداعبة، وفى نفس الوقت لم يتجاهل المعاناة العاطفية، خيط دقيق جدا أمسكت به المخرجة، كل التفاصيل تذهب بنا إلى هذا السقف، فهو يحاول الابتعاد عن الاستغراق فى الإحساس بالمأساة التى يعيشها الأبطال الثلاثة، حتى لو غلفها بحس كوميدى، إلا أنه لا يتوقف عن تقديم رسائل إنسانية ليورط المتلقى بين الحين والآخر ليجد نفسه طرفا فى الحكاية، المخرجة موقنة أن جمهورها عاش حكاية مماثلة ويريد أن يرى نفسه على الشاشة.

فى (نيويورك) يجرى القسط الأكبر من الأحداث، لحظات لنتعرف على حال البطلة الشابة الناضجة ثم نعود إلى كوريا فى (سول) وهى مراهقة، وهكذا تتداخل حدود الزمان والمكان، (رايح جاى) حب الطفولة والمراهقة بكل ما تحمله من مشاعر نقية ومثالية، تهاجر البطلة مع أسرتها بعد أن غيرت اسمها إلى (نورا) وتقع فى حب شاب أمريكى، ليعود الماضى مجددا لحبيبها الأول الكورى عن طريق التواصل الاجتماعى (سكايب) لتبدأ الرحلة.

وتتعدد الأسئلة التى تطرح علينا بطريقة غير مباشرة، هل الزوجة تحب زوجها؟ الإجابة من خلال الفيلم هى نعم، هل نظل كما كنا فى الماضى بكل مشاعرنا السابقة، أم أننا بالضرورة نتغير، هل من الممكن أن تسقط للأبد نظرية شادية (القلب يحب مرة/ ما يحبش مرتين)، ونتجاهل البيت الأشهر للشاعر عمر ابن أبى ربيعة (نقل فؤادك حيث شئت من الهوى/ وما الحب إلا للحبيب الأول).

السيناريو لا ينفى بقاء شظايا الحب الأول برغم أن الإنسان يكبر ليس فقط فى عمره الزمنى، لكن تتغير أيضا عواطفه، المخرجة نسجت السيناريو ليبقى الحب كما هو يضاف له حب آخر يأتى بعد مرحلة النضوج.

فى اللقاء الثلاثى بين الزوج والزوجة والحبيب القديم يتبادل الثلاثة الحوار، الذى يفهم منه الزوج فقط ما هو بالإنجليزية، وعندما تتوقف البطلة عن الترجمة نرى عتابا مشتركا بالكورية.

هو لايزال يبحث عن شريكة حياته الكورية التى أحبها فى مرحلة الشباب، لكن يعانى من ظروف اقتصادية لا تمكنه حتى الآن من استكمال الارتباط، يعتب على حبيبته السابقة، وتعتب هى أيضا عليه، ولكن الحب ليس هو فقط الوسيلة المضمونة والوحيدة للارتباط، هناك أشياء الأخرى، كل منهما مستقر فى حياته الجديدة، رغم أن الحب القديم لم يمت.

انتقلا من المطعم حيث شاهدنا ردود فعل الزوج التى يعبر عنها بتلك النظرات التى تحمل الدهشة أحيانا والرفض أحيانا، بينما الزوجة و(الحبيب الأول) يتعاتبان على الماضى ومن هو المخطئ، تمنح المخرجة مساحة لكل منهما، ليعبر عن مشاعره، ليصعد السؤال المنطقى، لو أرادت الزوجة أن تطلق الأمريكى وتتزوج الكورى القرار بيدها ولكن عمق الدراما يقف في مرحلة أخرى وهى مناقشة صدق العواطف وثباتها.

عندما ذهبت لوداعه تركت المخرجة مساحات من الصمت بينهما تتولى العيون الكلام، ويبدأ المشاهد أيضا فى ملء هذا الصمت، تؤكد النظرات واستغراقها الزمنى وثبات الكاميرا، أن الحب لايزال ساكنا فى المشاعر ولكن هناك أيضا لكل من بطلى الحكاية حب آخر والتزام آخر، الحاضر به الحب أيضا الذى يعيشه كل منهما فى عالمه الجديد يفرض عليه أن يضحى بالماضى، وهكذا من الممكن أن نفهم مغزى العنوان (حيوات سابقة) لأننا نعيش فعلا عندما نحب أكثر من حياة.

الحكاية تتداخل فيها كل الأطياف والأفكار وأنت كمتلقٍ طرف إيجابى فيها، ليست فقط حكاية المخرجة، بشكل أو بآخر حكايتنا تورطنا فيها، السينما ليست حكاية ولكن كاميرا تنقل ما وراء الحكاية بنعومة وصدق، وهذا هو سر وسحر هذا الفيلم. شاهدت مساء أمس الأول فيلم (جولدا) الذى كان هو الحدث الأبرز بكل تفاصيله ورسائله، ليقدم وجها آخر لجولدا مائير وحرب أكتوبر وكيف مرت تلك الأيام فى إسرائيل، والخوف الهستيرى الذى سيطر على القيادات العسكرية هناك، وهو ما يستحق أن نتابعه بكل تفاصيله فى الغد!.

 

المصري اليوم في

21.02.2023

 
 
 
 
 

فيلم اسرائيلي يكشف في مهرجان برلين اضطرابات غولدا مائير

يدخل أروقة حرب "الغفران" والصراعات الداخلية التي شهدتها وكيف حوكمت رئيسة الوزراء على أخطائها

هوفيك حبشيان

شهد مهرجان برلين السينمائي (16 - 26 فبراير - شباط) العرض العالمي الأول لفيلم "غولدا" (إنتاج أميركي بريطاني) للمخرج الإسرائيلي غاي ناتيف، المبرمج خارج المسابقة في قسم "خاص برليناله" والذي ينتظره الجميع، لكونه يتناول رئيسة الوزراء الإسرائيلية غولدا مائير (أول إمرأة تسلّمت الحكم في إسرائيل بين عامي 1969 و1974)، والنحو الذي تعاملت فيه مع حرب أكتوبر، في العام 1973، عندما شنت مصر في عهد أنور السادات، وسوريا خلال حكم حافظ الأسد حرباً على إسرائيل، وهي كانت خامس الحروب العربية الإسرائيلية منذ العام 1948. مع اقتراب الذكرى الـ50 لهذه الحرب في نهاية هذا العام، يبدو أن الإسرائيليين لم ينسوا هذا التاريخ الذي أطلقوا عليه "حرب الغفران" والذي شكّل تروما لديهم.

والدليل على أنه يلازمهم، هو هذا الفيلم الذي يعود بالوقائع، ولكن من خلال ما عاشته مائير في أروقة تلك الحرب طوال الأيام التي استغرقتها، من قلق نفسي وصراعات داخلية واتصالات ومفاوضات، أدت في النهاية إلى اتفاق وقف إطلاق النار. مائير شخصية مثيرة للجدل في بلادها ولم تكن يوماً محل إجماع. لكنّ الفيلم ينصفها، أو على الأقل يحاول إنصافها، كما فعلت في السابق أفلام مثل "أحلك الظروف" التي أظهرت دور وينستون تشرشل في الحرب العالمية الثانية و"السيدة الحديدية" التي قيّمت تجرية مارغريت تاتشر بـ"موضوعية". تصوير سياسيين من زاوية جديدة ومختلفة، وهم الذين تورطوا في صراعات وحروب تسببت بموت الآلاف، هو فن كامل متكامل، يعتمد على التلاعب النفسي وتقديم الأشياء بطريقة مجتزأة. وفي النهاية، تحتاج خطوة مثل هذه إلى الكثير من الجهود لتصبح مقنعة. تبرئة أي شخص انخرط في السياسة، مهمة تحتاج إلى قدرة عالية على الاقناع، وذلك مهما بحثنا في التفاصيل ومهما حاولنا إظهار المأزق الذي وجد بعضهم نفسه فيه، ومهما اكتشفنا أنهم تعاملوا مع الأمر الواقع بأقل الخسائر. لكن، في المقابل، هناك إنسان خلف السياسي، وهو، وإن لم يكن منفصلاً عن السياسي تماماً، إلا أن من المفيد مقاربته وقراءة تجربته انطلاقاً من مبدأ أن ما يجمع الجميع، هو طبيعة بشرية واحدة. فيلم ناتيف أهدافه واضحة: نفض الغبار عن شخصية لا تحظى بسمعة جيدة، وهذه مهمة شاقة ولكن يخرج منها ناتيف منتصراً على المستوى السينمائي والجمالي. أما في ما يتعلق بالوقائع التاريخية، فهذه مهمة المؤرخين، علماً أن ذكاء الفيلم هو في رواية الحرب والصراع من وجهة نظر مائير، مما يعفيه من الكثير من الإنتقادات.  

الممثلة البريطانية هيلين ميرن (77 عاماً) تجسد دور غولدا مائير التي كان عمرها 75 سنة عندما اندلعت الحرب. هذه ليست المرة الأولى تلعب فيها ممثلة مرموقة دور مائير. آن بانكروفت جسدتها في المسرح، وجودي دايفيس وإنغريد برغمان في التلفزيون. أما لين كوهين، فتولت دورها في السينما. لكن، لا أحد بلغ مرتبة ميرن. من خلال عمل ماكياج فظيع وأداء متقن، تعطي ميرن الاحساس بأنّ غولدا مائير تعود إلى الحياة مجدداً. فهي اشتغلت على كل التفاصيل التي تقرّبها من الشخصية من دون أن تبدو مزيفة ومفتعلة، وفي تقنيتها هذه ومقاربتها تلك، اتقان رهيب وتفان قل نظيرهما. أول هذه التفاصيل هي السيكارة التي لا تفارق شفتي مائير، وكانت رفيقتها الدائمة حتى في أحلك الظروف، نراها تنفخ في الهواء من دون أن تكترث لصحتها ونصيحة أطبائها، علماً أن صحتها كانت تتدهور باستمرار. أما شنطة اليد التي كانت تحملها على ذراعها، فعلامة أخرى من علاماتها، بالإضافة إلى حذائها الشهير الذي أطلق عليه "حذاء غولدا". هذا كله ليس كافياً لبناء شخصية كاملة متكاملة، فهناك استعداد نفسي كبير خضعت له ميرن، كي تقدّم شخصية تاريخية عاصرها كثر، وبالتالي التحدي أكبر. لكن، مَن سبق أن شاهدها في دور الملكة إليزابيث الثانية التي نالت عنه أوسكار أفضل ممثلة، فلن يُفاجئه تجسيدها لمائير، وهي منذ الآن مرشحة قوية لنيل أوسكار ثان عن دورها هذا. 

يتطور الفيلم ضمن خطين متوازيين: الخط الأول يقتصر على سرد للأحداث التي أدت إلى اندلاع الحرب، منذ التوتر الذي سبق تنسيق الهجومين المفاجئين والمتزامنين على القوات الإسرائيلية، وصولاً إلى الإرتباك الذي تشهده أروقة تل أبيب بين المسؤولين السياسيين والعسكريين من جانب، ومائير من جانب آخر. نشهد على الخلافات في وجهات النظر، فهم لا يعرفون كيف يتعاملون مع الهجوم، وما القرارات السريعة التي يجب اتخاذها. فكل قرار يحمل في داخله سلبيات سياسة وخسائر بشرية، واختيار أي منه يرتب على مائير مسؤوليات ضحمة. أما الخط الثاني فيجري بعد عام من نهاية الحرب ويقتصرعلى جلسات تخضع لها من قبل لجنة تحقيق، تلومها بالتقصير والاستخفاف بالتهديدات والاعتماد على التقارير الاستخباراتية بالكامل. 

أفكار إخراجية كثيرة ينطوي عليها الفيلم وتجعلنا نرى الوقائع من مكان قريب لمائير، ضمن فيلم حميمي ينزلق تدريجاً إلى الجو الكابوسي. العامل النفسي مهم جداً لإشاعة هذا الجو، والفيلم يترجمه بعدد كبير من التفاصيل، ولا يتردد في استخدام الكثير من المؤثرات البصرية والسمعية وحركات الكاميرا والتنوع في أحجام الكادرات. كل هذا لنجد أنفسنا وقد جلسنا في حضن مائير، والفيلم يكشف درجة ضعفها في لحظات، وصلابتها في لحظات أخرى. مشاهدة "غولدا" متعة خالصة،  وهذا ما يتناقض مع جوهر ما يقدمه. إنها مشاهدة مشبعة بإغراءات كثيرة تكشف مرة أخرى، مدى عظمة السينما في توظيف كلّ الامكانات لمحاولة اثارة التعاطف. 

نكاد لا نرى في الفيلم أي حرب، ولكن نسمعها من خلال أصوات الجنود الذين يقتلون على الجبهة. الحرب سمعية عند ناتيف أكثر منها بصرية، لا لأسباب متعلقة بضعف الإمكانات بل لأسباب جمالية وسياسية. سياسية لأن الفيلم يعتمد في الأساس على تغييب  بضعة عناصر ليصل إلى هدفه. فمثلاً، لا يذكر الأسباب التي ولّدت هذا الصراع منذ نشأة إسرائيل، كما يتجاهل المسار الطويل للصراع العربي الإسرائيلي، مركّزاً على أحداث "ربع الساعة الأخير"، ومظهراً إسرائيل ضحية "عداون". 

رغم ذلك كله، نحن أمام فيلم كبير على المستوى السينمائي، وهنا معضلة المشاهد الذي يحب الفن السابع. يعي الأخير تماماً إلى أي حد الأمور معقّدة، ولا بد أن يسأل نفسه كيف يحب فيلماً عن الحرب، يغيب فيه الكثير من النقد اللاذع وإدانة العنف، ويصرف النظر عن الظروف والخلفيات والمسببات، وكلها أشياء عودتنا عليها أفلام الحرب الكبيرة. واذا كانت "حرب الغفران بمنزلة حرب فيتنام بالنسبة لإسرائيل"، كما قال غاي ناتيف في برلين، فهو الذي كان مولوداً جديداً عندما اندلعت الحرب، نسي حتماً الدرس الأهم: وحدهم الأموات شاهدوا نهاية الحروب. 

 

####

 

هكذا صور فيلمان بمهرجان برلين أهوال التعذيب في سجون إيران

"حيث لا يوجد الله" و"ألد أعدائي" للمخرج مهران تمدن يعرضان شهادات لناجين

 رويترز 

في فيلم "وير غاد إز نوت" (حيث لا يوجد الله)، يطلب المخرج الإيراني مهران تمدن من أشخاص يجري معهم مقابلات سرد الأهوال والفظائع التي شهدوها في السجن. والفيلم عبارة عن سرد متدفق عن تعذيب معتقلين سياسيين سابقين في سجون إيران.

وعرض الفيلم في مهرجان برلين السينمائي الدولي السبت الماضي ضمن عرض لفيلمين للمخرج نفسه عن الانتهاكات في السجون الإيرانية. ويسلط الفيلم الضوء على ممارسات التعذيب التي يقول المخرج إنها تفاقمت بعد ثورة 1979 وما زالت قائمة حتى اليوم.

وقال تمدن لوكالة "رويترز"، "إنها تحدث الآن… أنا واثق من أن شخصاً ما سيعذب بهذه الطريقة الليلة".

وصور الفيلم في مستودع مهجور في باريس التي يقيم فيها تمدن، ويتضمن مقابلات مع ثلاثة معتقلين سابقين.

الشهادات

ويقول أحد الذين أجريت مقابلات معهم إنه كان يدير شركة لتأجير معدات التصوير قبل أن يتهمه منافسون لهم صلات بالحكومة بالتجسس. ووصف الرجل كيفية ربط قدميه بأسلاك كهربائية وتمزق جلده وإخضاعه لوضعية "الحزمة" التعذيبية التي يكب فيها على وجهه على الأرض وتربط يداه في ساقيه المقرفصتين.

وتحدثت سجينة سابقة أخرى وهي تذرف الدمع عن أحد المشرفين على التعذيب الذي كان صغير الجسم لكنه وافر الحظ من السادية.

وتحدث الصحافي تاجي رحماني الذي سجن مرات عدة عن كيفية تمكنه من الحفاظ على سلامته العقلية في ظل احتجازه في زنزانة بائسة.

وقال تمدن إن الفيلم الذي يشكل جزءاً من الاهتمام بإيران في المهرجان الدولي هذا العام، يستهدف مجابهة حراس السجون في إيران بوحشيتهم. وأضاف "أحد الأهداف هو عرض ما يحدث في إيران… والهدف الثاني هو أن يرى المستجوبون أنفسهم في المرآة".

"ألد أعدائي"

وتصدرت أشهر سجون إيران عناوين الأخبار في الأعوام القليلة الماضية بعد تسريب 16 مقطعاً مصوراً في 2021 من معتقل إيفين يظهر فيها ما وصفته منظمة العفو الدولية حينئذ بأنه "إساءة معاملة مروعة للسجناء". ويطلق على معتقل إيفين اسم "جامعة إيفين" لأن عدداً كبيراً من الصحافيين والكتاب المعارضين اعتقلوا فيه.

أما في فيلم تمدن الثاني وهو "ماي وورست إنيمي" (ألد أعدائي)، يبدل المخرج المقاعد والأدوار، ويطلب من ثلاثة لاجئين سياسيين إيرانيين استجوابه كما لو أنهم من جهاز أمن إيران. وهذا فيلم وثائقي آخر لتمدن عرضه مهرجان برلين اليوم الثلاثاء.

وقال تمدن إن الفيلمين يدخلان المشاهدين في عوالم ضحايا التعذيب.

وأضاف "لا يمكننا حقاً عرض العنف في وثائقي، أيمكننا هذا؟… المهم هو أن يكابده المشاهد في السينما".

 

الـ The Independent  في

21.02.2023

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004