جديد وغريب ترشيحات الأوسكار للدورة 95

أعلنها أحمد ريز وأليستون ويليامز

هوليوود: محمد رُضا

جوائز الأكاديمية الأمريكية للفيلم

(أوسكار 95)

   
 
 
 
 
 
 

أُعلن، أول من أمس (الثلاثاء)، عن الترشيحات الرسمية لجوائز الأوسكار في دورته الـ95 التي ستُنظّم حفلتها في 12 مارس (آذار) المقبل.

سبق ذلك، حتى الساعات الأخيرة، غزو سنوي متوقع لقراء «الفناجين»، في ماهية الأفلام التي ستفوز بالترشيحات، ومَن مِن أهل المهنة الذين سيشملهم الترشيح. لكن هذا الغزو لم يتطلب الكثير من البذل والجهد لأن الأفلام التي دارت من حولها التوقعات كانت معروفة، كذلك الأسماء التي جاورتها.

لم تخب الترشيحات التي أعلنتها «أكاديمية العلوم والفنون السينمائية في لوس أنجليس» وقدّمها على الهواء أحمد ريز وأليستون ويليامز، «توقعات» المنجمين، بل أعلنت عما جال في المدارك بمجرد متابعة ما حفلت به الحياة السينمائية في الأشهر الثلاثة الأخيرة (على الأخص) من تداولات ومشاهدات.

لكن التحدي الحقيقي الآن هو توقع أي مِن هذه الأفلام والشخصيات التي وردت في ترشيحات 2023 هي التي ستفوز فعلاً. هذا التحدي هو عالم أكثر إثارة من التوقعات السابقة لأن الكرة تبدو متداولة بكثير من المساواة بين كل الفرقاء.

الأفلام العشرة

المؤكد هو أن الترشيحات أصابت، على نحو عام، أهدافاً تستحق التميّز والارتباط بأهم جائزة سنوية تُمنح حول العالم. هذا يشمل مسابقة الممثلين ومسابقة الممثلات كما مسابقة المخرجين ومسابقة الأفلام الأجنبية.

الأفلام المرشّحة لأوسكار أفضل فيلم وحسب ورودها (بنظام ألفبائي) هي:

«All Quiet on the Western Front»، فيلم ألماني المنشأ اشترته «نتفليكس» وترجمته وعرضته.

«Avater: The Way of Water»، إنتاج وإخراج جيمس كاميرون، وهو جزء ثانٍ للحكاية الفانتازية التي كان الجزء الأول منها أحد ترشيحات الأوسكار سنة 2010.

The Banshees of Inisherin فيلم آيرلندي للمخرج مارتن ماكدونا فاز بـ«غولدن غلوبز»كأفضل فيلم كوميدي.

«Elvis»، فيلم أسترالي المنشأ للمخرج بز لورمان دخل ترشيحات بافتا مؤخراً.

«Everything Everywhere All at Once»، فيلم أميركي من إخراج وإنتاج دانيال كوان ودانيال شاينرت.

«The Fablemans»، حكاية لجزء من حياة مخرج الفيلم ستيفن سبيلبرغ حظيت بـ«غولدن غلوب» أفضل فيلم درامي.

«Tár»، فيلم لتود فيلد مرشح لخمسة أوسكارات أخرى.

«Top Gun: Maverick»، لجوزيف كوزينسكي، وهو جزء ثانٍ كذلك من فيلم سابق.

«Triangle of Sadness»، إخراج السويدي روبن أوستلوند، وسبق للفيلم أن فاز بسعفة مهرجان «كان» الذهبية في العام الماضي.

«Women Talking»، الفيلم الوحيد في المجموعة من إخراج امرأة.

أكثر من ملاحظة نجدها في ترشيحات الأفلام الأولى التي تتضمن 10 أعمال متباينة الاهتمام ونوعية الإنتاج.

هناك حقيقة أن 9 من أصل 10 أفلام كانت عُرضت في الصالات الأميركية في الأشهر الأخيرة من العام الماضي. هذا بات تحبيذاً لشركات الإنتاج التي لا تثق بذاكرة الناخبين إذا ما وزّعت الأفلام ذات القيمة على أشهر النصف الأول من العام.

الفيلم المستثنى من ذلك هو «توب غن: مافيريك» الذي يرد اسمه في الترشيحات والذي شهد عروضه الناجحة في مايو (أيار) الماضي.

هذا يدلف بنا إلى ملاحظة ثانية، فيلمان من أعمال هوليوود التقليدية والإنتاجات الكبيرة في مضمار هذا التنافس على الفوز بأوسكار أفضل فيلم. إنهما «توب غن: مافيريك» لجوزيف كوزينسكي و«أفاتار: طريق الماء» لجيمس كاميرون. هذا الأخير تجاوزت إيراداته العالمية ملياري دولار. لجانب ما أنجزه «توب غن: مافيريك» (مليار و188 مليون و732 ألف دولار) فإنهما يشكلان عودة الأفلام التجارية الكبيرة إلى سباق الترشيحات.

لكن السؤال، الذي سنخصص له متابعة مقبلة هو، إذا ما كان هناك نصيب كبير من احتمالات الفوز لأي من هذين الفيلمين الجيدين تنفيذياً، أم أن المؤشر سيذهب صوب واحد من تلك الأفلام التي ترتدي ثياباً فنية (بصرف النظر عن استحقاقاتها الفعلية).

فيلمان من هذه الأفلام الـ10 غير أميركيين هما، All Quiet of the Western Front وTriangle of Sadness. الأول إنتاج ألماني ينطق بالألمانية والفرنسية، والثاني إنتاج سويدي (مشترك مع أكثر من دولة أوروبية) ناطق بسبع لغات الإنجليزية بينها.

وسط رؤية «مغبّشة» لم تعد اللغة عائقاً ضد دخول الفيلم الأجنبي سباق الأفلام الأولى. لاحظنا ذلك في السنوات الأخيرة عبر «روما» (المكسيك)، «بارازايت» (كوريا الجنوبية) و«قُد سيارتي» (اليابان).

الغالب أن «الحكمة» هنا هي تأكيد عالمية الأوسكار، لكن إذا ما كان الوضع كذلك، ماذا عن مسابقة «أفضل فيلم عالمي»، حيث يتكرر ورود هذه الأفلام؟ ولماذا - جدلياً - لا تتألف ترشيحات أفضل فيلم (أوّل) من خمسة عالمية وخمسة أميركية مثلاً؟

جبهة عالمية

سباق الأفلام الدولية خلا، كما توقعنا هنا قبل عدة أسابيع، من فيلم عربي. كانت 9 أفلام تقدمت للترشح من 9 دول عربية، لكن تمنيات العديدين لم تكن مصحوبة بحقيقة أن ميزان التمنيات غير ميزان الواقع، وأن علينا النظر إلى باقي المتوفر من أفلام عالمية لمعرفة أين يكمن الجهد العربي الواحد من تلك الأفلام.

الأفلام المرشحة لهذه الجائزة يقودها «كل شيء هادئ على الجبهة الغربية»، الذي هو إعادة صنع لفيلم أميركي بالعنوان نفسه يحتوي على مآسي جنود ألمان وجدوا أنفسهم على خط النار أمام الجيش الفرنسي في الحرب العالمية الأولى.

الأفلام الأخرى هي

Argentina 1985 لسانتياغو ميتري (الأرجنتين)

Close للوكاس دونت (بلجيكا)

EO لييري سكولوموفسكي (بولاندا)

The Quiet Girl لكولم باريَد (آيرلندا)

لجانب ترشيحه كأفضل فيلم وأفضل فيلم عالمي (غير ناطق بالإنجليزية)، نجد «كل شيء هادئ على الجبهة الغربية» داخل 9 ترشيحات أخرى هي أفضل سيناريو مقتبس، وأفضل تصوير، وأفضل موسيقى مكتوبة خصيصاً، وأفضل تصميم مناظر، وأفضل تصميم شعر وماكياج، وأفضل صوت، وأفضل مؤثرات بصرية.

لكن «كل شيء هادئ على الجبهة الغربية» غائب عن سباق أفضل مخرج. هذه احتلها كل من مارتن ماكدونا عن «جنيّات إنيشِرين»، ودانيال كوان، ودانيال شاينرت عن «كل شيء كل مكان في وقت واحد»، وستيفن سبيلبرغ عن «ذا فابللمنز»، وتود فيلد عن «تار» وروبن أوستلوند عن «مثلث الحزن». كما هو ملاحظ فإن سبيلبرغ وتود فيلد هما أقلية بين المخرجين الآخرين الذين إما من أصول آسيوية أو أوروبية.

ممثلون وممثلات

سيأتي الوقت المناسب للبحث في هذه المسابقات وسواها لاحقاً، لكن لا بد من التوقف عند الممثلين والممثلات الذين يشكلون بأصواتهم العدد الغالب من المقترعين.

5 ممثلين مستحقين - بنسب متفاوتة - دخول ترشيحات التمثيل الرجالي الأول، وهم أوستن بتلر عن «ألفيس»، وكولين فارل عن «جنيات إنيشِرين»، وبرندان فرايزر عن «الحوت»، وبول مسكال عن «أفتر صن» (Aftersun) وبيل نيغي عن «حياة» (Living).

ورُشّح برندن غليسن عن «جنيّات إنيشِرين» كأفضل ممثل مساند يشاركه الترشيحات كل من برايان تاير هنري عن «كوزواي» (Causeway) وجد هيرش عن «ذا فابلمنز» ثم باري كيوغن عن «جنيات إنيشِرين» وكي هاي كوان عن «كل شيء كل مكان في آن واحد».

نسائياً فإن الممثلات المتنافسات على أوسكار أفضل ممثلة أولى هن كايت بلانشت عن «تار»، وأنا دي أرماس عن «بلوند»، وأندريا رسببوروغ عن «إلى لسلي» (To Leslie)، وميشيل ويليامز عن «ذا فابلمنز»، وميشيل يو عن «كل شيء كل مكان...».

من المثير أن آنا دي أرماس مرشّحة - من دون وجه حق - لجائزة ريتزي كأسوأ ممثلة عن عام 2022 كما أُعلن عن ذلك قبل يوم واحد من إعلان ترشيحات الأوسكار.

في الجوار، فإن الممثلات المرشّحات لأفضل تمثيل مساند هن أنجيلا باست عن «بلاك بانثر: واكاندا للأبد»، وهونغ تشاو عن «الحوت»، وكيري كوندون عن «جنيّات إنيشِرين»، وجامي لي كيرتس وستيفاني سو عن «كل شيء كل مكان...».

لجانب أن «كل شيء هادئ على الجبهة الغربية» فإن الأفلام الأربعة الأخرى التي دخلت ترشيحات أفضل سيناريو مقتبس هي

• Glass Onion: A Knives Out Mystery

• Living

• Top Gun: Maverick

• Women Talking

ما هو غريب هنا اعتبار «غلاس أونيون: لغز سكاكين مسلولة» فيلماً مقتبساً لأنه في الحقيقة مكتوب خصيصاً بقلم مخرجه رايان جونسون. السابقة الوحيدة له هو أن شخصيته الرئيسية (تلك التي يؤديها دانيال كريغ) سبق لها الظهور في فيلم سابق.

الفيلم البريطاني Living (إخراج أوليفر هرمانوس) مقتبس عن فيلم Ikiru للياباني أكيرا كوروساوا. مع «غلاس أونيون» فإن «ليفينغ» هما فيلمان مأخوذان من وسيط سينمائي سابق. يشاركهما في ذلك «توب غن: مافيريك» و- إلى حد - «كل شيء هادئ على الجبهة الغربية» المأخوذ عن رواية إريك ماريا ريمارك التي كانت تحوّلت إلى فيلم سابق (1930) من إخراج لويس مايلستون.

«نساء يتحدثن» (Women Talking) هو أيضاً عن رواية وضعتها ميريام تاوز في كتاب منشور.

السيناريوهات المكتوبة خصيصاً للسينما سبق لها أن وردت جميعاً في سباق أفضل فيلم وهي

• The Banshees of Inisherin

• Everything Everywhere All at Once

• The Fablemans

• Tár

• Triangle of Sadness

و«تار» و«كل شيء هادئ...» مرشحان لأفضل تصوير. بالإضافة إليهما: Elvis (تصوير ماندي ووكر)، و«إمبراطورية الضوء» (روجر ديكنز)، و«باردو، وقائع مزيّفة لحفنة من الحقائق» (داريوش خندجي).

حسابات

ما سبق لا يخلو من عدد من المفاجآت، خصوصاً إذا ما نظرنا إلى حيث رمى البعض سهام التوقعات ولم يصيبوا أهدافهم. مثلاً، لا ذكر لتوم كروز بين المرشحين لأفضل دور أول، ولا ذكر لفيولا ديفيز، عن دورها الممتاز في «ذا وومان كينغ» ولا أوليفيا كولمن عن دورها في «إمبراطورية الضوء».

هذه خيبة أمل صحيحة بالنسبة للممثلتين ديفيز وكولمن، لكن أداء كروز في «توب غن: مافيريك»، لم يكن من النوع الذي يمكن تتويجه لا بأوسكار ولا بريتزي.

المفاجأة الفعلية كانت في تغييب المخرجات النساء عن ترشيحات أوسكار أفضل مخرج، وكان هناك عدد منهن وفير هذا العام أمثال سارا بولي («نساء يتحدثن») وبرينس - باثوود عن «ذا وومان كينغ» وشارلوت ولز عن «أفتر صن».

لكن المسألة هنا، كما كان الحال مع جوائز «غولدن غلوبز» قبل أسابيع، ليست مزاجية. هناك اقتراع شامل لأكثر من 9 آلاف مقترع في الأكاديمية، مما يجعل اللوم باهتاً وغير ذي تأثير.

تبعاً لما سبق لا بأس من تعداد الأفلام حسب عدد ترشيحاتها وهي تندرج كالتالي:

* «كل شيء كل مكان في وقت واحد»: 11 ترشيحاً.

* «كل شيء هادئ على الجبهة الغربية»: 9 ترشيحات

* «جنيات إنيشِرين» (9)

* ألفيس» (8)

* «ذا فابلمنز» (7)

* «توب غن: مافيريك» (6)

* «بلاك بانثر: واكاندا للأبد» (5)

* «أفاتار: طريق الماء» (4)

* «بابيلون» (3)

* «ذا باتمان» (3)

* «مثلث الحزن» (3)

* «الحوت» (3)

* «نساء يتحدثن» (2)

 

الشرق الأوسط في

26.01.2023

 
 
 
 
 

«كل شىء هادئ على الجبهة الغربية».. شهادة سينمائية جديدة لمأساة بشرية

خالد محمود

فى فيلمه «كل شىء هادئ على الجبهة الغربية» يوقظ المخرج إدوارد بيرج صوتا من آهات الحرب العالمية الأولى، لتشكل ملحمته شهادة سينمائية جديدة وملهمة من مأساة بشرية ومشهد مروع من تاريخ لم يلملم أوراق جراحه بعد رغم مرور كل هذه السنوات.

الفيلم المرشح لتسع جوائز أوسكار هو النسخة الثالثة المستوحى من رواية إريك ماريا ريمارك الكلاسيكية المناهضة للحرب، والتى نُشرت بنفس العنوان عام 1929.

الرواية تم منعها فى ألمانيا فى أربعينيات القرن الماضى وطرد مؤلفها بعد سحب الجنسية منه واضطر للعيش فى سويسرا، وهى تصف ــ كما صورها الفيلم ــ الضغوط الجسدية والنفسية والعقلية الفادحة، التى تعرض لها الجنود أثناء الحرب، والانفصال عن الحياة المدنية كما يشعر به العديد من أولئك الجنود لدى عودتهم من الجبهة.
يظهر الفيلم رعب وأهوال الحرب العالمية الأولى من منظور جندى شاب بول بريمر «الذى جسده باقتدار» فيليكس كاميرر«طالب المدرسة الثانوية المراهق». فى ذلك الوقت، كان الفخر بالعسكرى لا يزال مزدهرا فى ألمانيا، كان هذا هو الحال أيضا فى المدرسة، حيث ألهم مدرس بويمر الوطنى الحماسى طلابه «للموت من أجل الوطن
».

وهكذا شُجع بومر وزملاؤه على التجنيد فى الجيش، من أجل احتلال باريس وحلم الشاب ورفاقه بالمجد وهم الذين يتشاركون جميعا فى أفكار رومانسية عن الحرب، وفى أرض المعركة سرعان ما أصيبوا بخيبة أمل من الواقع على الجبهة وكيف تحولت النشوة الأولى للحرب إلى يأس وخوف وهم يقاتلون من أجل حياتهم، وبعضهم البعض، فى الخنادق.

فى النهاية، أصيب بويمر نفسه، وانتهى به المطاف فى مستشفى كاثوليكى، ثم يعود مرة أخرى للقتال متأثرا بحماس قائده وبعد أن أخبره أحد الرفاق المحتضر أنه يجب أن يكون شجاعا، وقد فقد كل زملائه وفى مشهد مؤثر يتحدث بويمر عن تجاربه الحربية وخيبة الأمل ويصفها بالخطأ فى خوضه للحرب وكان عليه أن يسمع كلام أمه الرافضة لذهابه للحرب، لكنه أراد أن يريهم أنه يمكنه فعل ذلك.

المشهد الأخير يحدث فى خريف عام 1918، قبل وقت قصير من نهاية الحرب وقبيل تنفيذ الهدنة ووقف القتال بين الالمان والفرنسيين، فى الخنادق، يصل بويمر إلى فراشه بعد أن يتلقى طعنة بالقلب من قبل جندى فرنسى، ينتهى الفيلم بكلمة بويمر وهو يودع الحياة قائلا: «لا شىء جميل عن الموت» وقد سلطت الكاميرا طويلا على وجهه وهو مغمض العينين وتعكس ملامحه مأساة الحرب كلها، وكأنه رافض للمشهد برمته مع موسيقى موحية بالحسرة التى راح ضحيتها ما يقرب من مليونى عسكرى.

فى وجدان بويمر ورفاقه لم تكن الحرب مستساغة وهو الشعور الذى انتقل إلينا كمشاهدين أيضا، وقد تم تصويررحلة التضحية بجيل ضائع وأحلام زائفة.. يدفع ثمن الحرب بواقعية وبلا هوادة على الشاشة.

«كل شىء هادئ على الجبهة الغربية» فيلم مذهل للغاية، يخطف الأنفاس، بتصويره المذهل لقسوة موتى الحرب فى مقابل قيمة الحياة، عبر لقطات صادمة للمشاعر، السيناريو كان عميقا للغاية والحوار يدعو للتفكير، وموسيقى تصويرية رائعة، قصة آسرة ومشاهد قتالية مبهرة سوف تصبح كلاسيكية دون أدنى شك.

هنا لا يوجد أبطال، فقط الجناة والضحايا. بالتأكيد، إنه عمل مؤلم، لكنه سامٍ بفلسفة صورته، وأناقة أسلوبه وسرده الشيق لأحد أبشع الأوقات فى التاريخ الحديث.

وكان النجاح الباهر لرواية تروى بالتفصيل أهوال الحرب العالمية الأولى لم يرح الاشتراكيين الوطنيين، بعد عام من صدورها، قامت شركة إنتاج أمريكية بتحويل الرواية إلى فيلم أخرجه الروسى الأمريكى لويس مايلستون. فى البداية، تمت الموافقة على الفيلم للمشاهدين الألمان من قبل مجلس الرقابة الأعلى فى برلين فى 21 نوفمبر 1930 وتم عرضه لأول مرة فى أوائل ديسمبر فى «موزارت هول»، وهو مسرح كبير فى برلين، وجذب المثقفين والمشاهير والشخصيات البارزة الأخرى، وكتبت الصحيفة الليبرالية «فوسيشن»: «إنه لم يكن هناك فيلم من قبل كان له مثل هذا التأثير العميق على الحضور، الذى غادر القاعة بهدوء فى نهاية العرض»

ومع ذلك، فى عرض آخر لعامة الناس فى «ليندورف بلاتز» ببرلين، تلاه ردود أفعال من الدهشة والخوف عندما طالب حشد من النازيين الذين تسللوا إلى الجمهور بإيقاف الفيلم وأجبروا أجهزة العرض على الإغلاق، وقام أعضاء الرايخستاخ فى NSDAP، باستغلال حصانتهم البرلمانية، بإطلاق الفئران والقنابل ذات الرائحة الكريهة فى المسرح، مما أدى إلى خروج الجمهور.

كان هذا بناء على طلب جوزيف جوبلز، زعيم NSDAP فى برلين (والذى اكتسب لاحقا سمعة سيئة كوزير دعاية نازى). لقد شعر أن وجهة نظرالفيلم غير المواتية للحرب تتعارض مع الأيديولوجية النازية. كما انتقد الفيلم فى خطاب حماسى فى برلين. فى ديسمبر 1930، «لأسباب أمنية»، سحب مجلس الرقابة الأعلى رخصة عرض الفيلم. ونتيجة لذلك، تعرض المدير اليهودى لمسرح موتسارت، هانز برود نيتز، لرقابة الاشتراكيين الوطنيين، وقتل فى نهاية المطاف فى غرفة الغاز فى أوشفيتز فى سبتمبر 1944. فى يناير 1933، تم حظر «كل شىء هادئ على الضفة الغربية» تماما من قبل نظام هتلر، باعتباره تصويرا لا يرحم للحرب
ومع ذلك، لم يقلل أى من هذا من شعبية الفيلم بين عامة الناس والنقاد. سرعان ما اكتسب شعبية بسبب تصويره الواقعى للأحداث على الجبهة
.

حتى أن النجاح الدولى للفيلم تفوق على السياسة الثقافية الفجة للاشتراكيين الوطنيين. فى عام 1931، عادت نسخة مختصرة وخاضعة للرقابة إلى دور السينما الألمانية، لكنها عُرضت فقط لمجموعات معينة من الناس وفى أجواء مغلقة. بعد استيلاء هتلر على السلطة فى عام 1933، تم حظر الفيلم تماما مرة أخرى.

كل هذه المحاولات فى التشهير والرقابة لم تنتقص من نجاح الفيلم ولا يزال يعتبر من أفضل 100 فيلم فى تاريخ الأفلام الأمريكية واستطاع الفيلم أن يحصد الأوسكار كما نال مخرجه لويس مايلستون جائزة أوسكار أفضل مخرج، واعتقد أن النسخة الجديدة من الفيلم لم تخرج خالية الوفاض من جوائز الأوسكار فى مارس القادم.

 

الشروق المصرية في

28.01.2023

 
 
 
 
 

فى ترشيحات جوائز الأوسكار الـ95 مفاجآت وصدمات

كتب آلاء شوقى

 «مفاجآت وصدمات».. هكذا وصفت أغلب الصحف الغربية ترشيحات أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة لجوائز الأوسكار لتكريم أفضل الأفلام التى عرضت فى عام 2022، ما أدى لزيادة المشاعر المتناقضة بين (الشغف، والاستياء)، حول حفل توزيع جوائز الأوسكار فى دورته الخامسة والتسعين، والمقرر عقدها فى 12 مارس المقبل، بمسرح «دولبى» بولاية «لوس أنجلوس» الأمريكية.

عدد ترشيحات قياسية

من الملاحظ هذا العام وجود بعض الأفلام التى ترشحت لعدد كبير من الجوائز، ويأتى على رأس القائمة فيلم (Everything Everywhere All At Once)، أو (كل شىء فى كل مكان فى وقت واحد)، الذى حقق رقمًا قياسيًا فى عدد الترشيحات التى حصل عليها، والتى بلغت 11 جائزة أوسكار، منها: أوسكار (أفضل فيلم، وأفضل إخراج، وأفضل ممثلة فى دور رئيسى لبطلته «ميشيل يوه» - التى أصبحت أول ممثلة آسيوية تحصل على ترشح لتلك الجائزة فى تاريخ جوائز الأوسكار-، بالإضافة إلى جائزتى أفضل ممثلة مساعدة لبطلتيه «جيمى لى كيرتس»، و«ستيفانى هو»، وأفضل ممثل مساعد لـ«جوناثان هى كوان»).

ومنذ عرض الفيلم فى «الولايات المتحدة» على شاشات العرض الكبيرة فى 25 مارس 2022، حاز على 258 جائزة سينمائية متنوعة، بينما رُشح لـ 387 جائزة حتى الآن، رغم ميزانيته المحدودة.

أما فى المرتبة الثانية لعدد الترشيحات، فيتنافس فيلما (The Banshees of Inisherin)، أو (حوريات إينشرين)، و(All Quiet on the Western Front)، أو (كل شىء هادئ على الجبهة الغربية)؛ اللذان ترشح كل منهما إلى تسع جوائز أوسكار.. فترشح الفيلم الأول لجوائز: (أفضل فيلم، وأفضل مخرج، وأفضل سيناريو أصلى، وأفضل مونتاج، وأفضل موسيقى)، بالإضافة إلى 4 ترشيحات فى فئة التمثيل، وهى أفضل ممثل فى دور رئيسى لـ«كولن فاريل»، وأفضل ممثلة فى دور مساعد «كيرى كوندون»، وأفضل ممثل فى دور مساعد «بريندان جليسون، وبارى كوجان»؛ بينما ترشح الثانى، الذى تأمل فيه منصة «نتفليكس» أن يحقق لها المجد، لجوائز (أفضل فيلم)، ليصبح أول فيلم باللغة الألمانية يتم ترشيحه لأفضل فيلم، إلى جانب جوائز (أفضل فيلم بلغة أجنبية وأفضل مكياج، ومؤثرات بصرية).

يذكر أن فيلم (كل شىء هادئ على الجبهة الغربية) ترشح للمرة الثانية لجائزة الأوسكار كأفضل فيلم فى تاريخ عرضه، إذ حازت النسخة الأولى من الفيلم التى عرضت عام 1930، على جائزة الأوسكار، بينما نال مخرجه –حينها- جائزة أفضل مخرج.

 جائزة أفضل مخرج للرجال فقط

فى ما يقرب من قرن من تاريخ جوائز الأوسكار، فازت ثلاث مخرجات فقط بجائزة (أفضل مخرج)، بينما رُشحت سبع نساء فقط لهذه الفئة. ويبدو أن هذه الإحصائية لن تتغير هذا العام، إذ لم ترشح الأكاديمية أى مخرجة لجائزة أفضل مخرج. وذلك، بعد ترشيح كل من «مارتن ماكدونا» لفيلم (حوريات إنشيرين)، و«دانيال كوان، ودانيال شاينرت» عن فيلم (كل شىء فى كل مكان فى وقت واحد)، و«ستيفن سبيلبرج» عن (الفابلمانز)، إلى جانب كل من «تود فيلد» عن (تار)، و«روبن أوستلوند» (مثلث الحزن).

  بوليوود تشق طريقها إلى هوليوود

واحدة من أكبر المفاجآت فى ترشيحات الأوسكار هذا العام، كما كانت أكثرها ترحيبًا فى الصحف الغربية، هو ترشح أغنية «ناتو ناتو» من فيلم (آر.آر.آر)، لجائزة أفضل أغنية أصلية، مما يجعلها أول أغنية من فيلم هندى تصل إلى هذه الفئة.

يذكر، أن الأغنية حازت على الجائزة فى حفل «جولدن جلوب» لهذا العام، متفوقة على كل من: «ريهانا، وليدى جاجا، وتايلور سويفت»، الأخيرة التى لم تترشح لجائزة أوسكار، فى صدمة أعرب عنها النقاد الغربيين.

 أين «هانكس»؟

كان هذا التساؤل هو الطاغى على رأى الصحف الغربية؛ بينما اعتبر النقاد الغربيين أن عدم ترشح النجم «توم هانكس» عن دوره فى فيلم (إلفيس)، هو أكبر استبعاد تم فى جوائز هذا العام، إذ توقع أغلبهم –إن لم يكن جميعهم- عن ترشح الممثل الأمريكى لجائزة أفضل ممثل مساعد، لأدائه القوى فى تجسيد شخصية الكولونيل «توم باركر».

  الأغلبية الأجنبية أوروبية

أبدى عدد من النقاد الغربيين استيائهم لغياب عدد من الأفلام الدولية المهمة، والتى أحدثت صدى واسع خلال العام الماضى، وعلى رأسها عدم ترشح فيلم (Decision to Leave)، أو (قرار الرحيل)، الذى وصف قرار استبعاده من جائزة أفضل فيلم بلغة أجنبية، بأنه «مهزلة»، و«مخيب للآمال».

وفى السياق ذاته، أعرب النقاد عن استغرابهم بأن أغلب الأفلام المرشحة، هى من دول أوروبية، باستثناء فيلم واحد من دولة «الأرجنتين»، وهو (أرجنتينا، 1985).

 

مجلة روز اليوسف في

29.01.2023

 
 
 
 
 

مارتن ماكدونا: تراجيكوميديا عن الحرب الأهلية الأيرلندية

شفيق طبارة

في دراسة عميقة للأفكار المتطرفة في الروح والشخصية البشرية، وكوميديا تراجيدية سخيفة حول لا معنى الوجود البشري، يضحك علينا فيلم «جنيات إينشيرين» (مرشّح لتسع جوائز أوسكار من بينها أفضل فيلم وأفضل إخراج) بكوميديته الشديدة السواد التي لا تستثني أحداً، لا شعباً ولا عداءً وطنياً ولا مجموعة عرقية أو بشرية. نحن هنا جميعاً، محاصرون في العزلة العبثية، أمام القهقهة المتهالكة، والحسابات غير المكتملة، والعجز عن التنبّؤ باختيارات الآخرين وخياراتنا، وحولنا الحرب وانهيار صداقة. بعد خمس سنوات على فيلم «ثلاث لوحات خارج إيبينغ، ميسوري» (2017)، يعود الأيرلندي مارتن ماكدونا بفيلم متوازن نموذجي، مختلف تماماً من حيث الموضوع والأسلوب عن سابقاته، لكنه ببساطة مثالي، أصلي، عاطفي، مؤثر ومضحك لشدة سوداويته. ومرة أخرى يلتقي الممثلان كولن فاريل وبريندان غليسون على الشاشة بعد «في بروج» (2008)، وهما الآن صديقان مقربان يعيشان في العشرينيات من القرن الماضي في أقصى غرب أيرلندا، وتحديداً في إينشيرين.

بادريك (كولن فاريل)، رجل بسيط، مباشر وغير ذكي، يعيش في منزل صغير بجانب البحر مع شقيقته شيبون (كيري كوندون)، وحمارهما المحبوب والأبقار التي يعتاشان من حليبها. أهم ما يميز يومياته، التي تبدو ثابتة وأبدية مثل الصخور التي تحيط بمنزله، هو الذهاب كل يوم عند الثانية بعد الظهر إلى بيت صديقه المقرب الأكبر سناً كولم (بريندان غليسون)، ثم الذهاب معاً إلى الحانة لشرب الجعة السوداء حتى عودتهما إلى منزلهما بشكل عام في حالة كارثية من السكر. هذه العادة تنتهي عندما يفاجأ بادريك بأن كولم لا يريد الذهاب معه إلى الحانة للمرة الأولى في حياتهما، فيطالب كولم بتوضيح قراره. يصعقه كولم بالجواب الذي يبدو طفولياً بعض الشيء، هو أنه لا يريد أن يكون صديقاً له بعد اليوم. هذا المأزق غير المتوقع والعذر البسيط، سيؤديان إلى عواقب فوضوية لكليهما، عندما يقرر بادريك عدم قبول نهاية هذه العلاقة. تبدأ الفوضى والقصة على مدار ساعتين من الفيلم تقريباً، حيث يتمكن ماكدونا من تحويل أي شيء إلى كل شيء أمام أعيننا. ومع وجود هذه القصة البسيطة، نتابع الحياة اليومية لمجتمع أيرلندي صغير عندما أصبحت المعضلة الخاصة هذه مصدر ارتباك كبير للمدينة.

انهيار الصداقة هذه هي استعارة للحرب الأهلية الأيرلندية التي قاتل فيها الجيش الجمهوري الأيرلندي ضد الحكومة المؤقتة عامي 1922 و1923. الأشخاص الذين قاتلوا جنباً إلى جنب في حرب الاستقلال قبل بضع سنوات، وجدوا أنفسهم فجأة على طرفي نقيض، مع إيديولوجيات مختلفة، في صراع أكثر دموية. من خلال الانفجارات التي نراها ونسمعها عن بعد، فإن الحرب حاضرة في جميع مراحل «جنيات إينشيرين» لإجراء مقارنات مع الصراع الإيديولوجي بين بادريك وكولم. ومثل أي حرب أخرى، يتصاعد العنف والقطيعة، وتنتقل من الحيرة إلى الانتقام ومن الحب إلى الغضب. وتطارد الشخصيات السيدة ماكروميك القاتمة (شيلا فليتون)، شخصية تشبه الجنيات (Banshees في الأساطير الأيرلندية، هي روح تتجول في الريف ويمكن سماعها تئن أو تصرخ عندما تتنبأ بالموت). وكما الحرب في الخارج، تنفجر حرب الداخل وتنهار علاقة استمرت سنوات، ويتخذ الناس خياراتهم، ما يتسبب في إلحاق الضرر بأنفسهم وكذلك بالآخرين، ويرسم كل شخص مصيره بلا رحمة.
كما هي الحال في الأعمال السابقة، يلعب المكان الجغرافي دوراً رئيسياً. قبلاً كانت بروج، ومن بعدها لوس أنجلوس في «السيكوباتيين السبعة» (2012)، ثم ميسوري. هذه المرة إنها إينشيرين. بلدة خيالية لكن منها يعود ماكدونا إلى جذوره لعرض الواقع واللعب به بإيجاز، ويستمتع بالمشاهد الجمالية لبلده. في بداية الفيلم، تطفو الكاميرا بشكل شبحي خارج الغطاء السحابي فوق الحقول الخضراء والمنحدرات الصخرية والبحر المضطرب. وبينما ترافقها الموسيقى الشعبية، يستحضر ماكدونا بشكل هزلي عالم الأساطير الفولكلورية، في مكان يقوم بتفكيكه ببهجة. ينثر ماكدونا الأفكار الكوميدية في خضمّ اللحظات الدرامية، ويوقظ الضحكة التي لا مفر منها. تنمو هذه الحكاية المأساوية تدريجاً، ويستخدم المخرج طبيعة شخصياته للحفاظ على جو من الخفة رغم الثقل النفسي، وبين كل سطر وجودي، هناك توازن مثالي بين الفكاهة والحزن، حيث تختفي النكات بين مشاعر الخوف من الوحدة والموت والنسيان
.

على الرغم من أنّ كل شيء يبدو للوهلة الأولى بسيطاً مثل تفكير بادريك، إلا أن الفيلم يكتسب مع كل ثانية عمقاً مع كل شخصية جديدة تظهر وجملة تنطق. ربما تكون أكثر شخصية مفاجأةً في الفيلم (وبشكل عام) هي شخصية دومينيك (باري كيوغن في أداء عظيم) الذي يتعرض لإساءة معاملة من والده المخمور، رئيس الشرطة في الجزيرة. دومينيك يُعامل مثل أحمق المدينة، لكنه في الواقع هو الأذكى على الإطلاق. بين الضحكات تُظهر حواراته الصادقة عدم نضج الصراع وتكشف من هو الأحمق الحقيقي في إينشيرين. نسافر في الفيلم عبر وديان وجبال أيرلندا، من منظور ريفي شبه شاعري، يتناقض مع الموضوع ومع شخصية بريندان غليسون في أدائه القوي بشخصية كولم. لكنّ الحقيقة هي أن المخضرم ما كان ليكون مثيراً على الشاشة لولا كوريل فارل، بلكنة مرسومة وحواجب منحنية تدل ضمناً على وجه نحيف وحزين. الثلاثة، بالإضافة إلى كيري كوندون بشخصية شيبون، يقودون مشاعرنا في هذه المتعة السينمائية التي لا يمكن إلا أن يفعلوها تحت قيادة ماكدونا، في فيلم يستحق بجدارة كل الجوائز التي حصدها وسوف يحصدها في الأوسكار الذي سيقام في آذار (مارس) المقبل.

توازن مثالي بين الفكاهة والحزن، حيث تختفي النكات بين مشاعر الخوف من الوحدة والموت والنسيان

هناك موضوع متكرر في الفيلم وهو السؤال عما إن كان يجب على حياة المرء أن تخلق عظمة لأجيال قادمة، أو ما إن كان الاكتفاء بابتذالها كافياً. يبدو أن ماكدونا قد وجد الجواب، فهو نسج لحظات ذهول وعظمة سينمائية من رواية سخيفة. «جنيات إينشيرين» دراما كوميدية غريبة، تأتي منها الضحكات بكل ذكاء، ويتسلل عالم ماكدونا الهزلي إلى لغة جسد شخصياته ورسومها الكاريكاتورية والمبالغات الأدائية. يعرف ماكدونا جيداً ليس فقط ديناميكيات المجتمعات والصداقات المغلقة، ولكن أيضاً الطبيعة السخيفة للخلافات التي تؤدي إلى نتائج عنيفة. «جنيات إينشيرين» هو استعارة حرب وجودية لا تُنسى وتتحسن مع كل فكرة تضعها فيه. عمل يدرك الوجود البشري والفن والصراعات في جوهرها، وهو نظيف بما يتناسب مع الموضوع، لكنه رائع في كل إطار إنساني بقدر ما هو قاسٍ. يثبت الفيلم أن ماكدونا يمكنه تجديد نفسه مع الحفاظ على أسلوبه. سنستمتع بضحكة كبيرة مرة أخرى، وفي اللحظة التالية سنشعر بالنفي في أزمة وجودية مظلمة. هذه هي أكثر أعمال الكاتب والمخرج شخصية، وأكثرها هدوءاً، وفي الوقت نفسه، الأكثر كآبة. فيلم مليء بالعواطف، يظهر مدى اضطراب العلاقات الخاصة في مجتمع مفكّك، وكيف يمكن أن يكون الإنسان معقّداً بشكل سخيف.

 

الأخبار اللبنانية في

30.01.2023

 
 
 
 
 

حفل جوائز أوسكار 95: الفانتازيا تسود

أنس أزرق

للأسف، كما الحال في العام السابق، صدرت ترشيحات النسخة 95 من حفل جوائز أوسكار من دون أن يوجد فيها أيّ فيلمٍ عربي، على العكس من العام 2021، حين وصل فيلمان هما "الرجل الذي باع ظهره" للمخرجة التونسية كوثر بن هنية الذي ترشّح لجائزة أفضل فيلم أجنبي، و"الهدية" للمخرجة الفلسطينية فرح النابلسي الذي وصل إلى القائمة النهائية لجائزة أفضل فيلمٍ قصير.

يعكس واقع السينما العربية، بدرجة أو بأخرى، الواقع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي المتردي في عالمنا العربي، على الرغم من أنّ هذا الواقع نفسه يحوي آلاف الحبكات الدرامية، التي قد تفوق أيّ خيال.

وبالحديث عن الواقع والخيال، فقد حاز فيلم "إيفريثينغ إيفريوير أول آت وانس" على أكبر نصيب من الترشيحات لجوائز الأكاديمية، ووصل عددها إلى 11 ترشيحاً، من بينها أفضل فيلم وأفضل مخرج وأفضل ممثلة رئيسية وأفضل ممثلة مساعدة وأفضل ممثل مساعد.

ويعتبر هذا الفيلم مثالا نموذجيا لتداخل الواقع بالعبث وطغيان العالم الافتراضي على الحقيقي، حيث تتجاور الأكوان المتوازية مع عالمنا.

يدور الفيلم الأميركي حول مهاجرة صينية (تلعب الدور باقتدار ميشيل يوه) في الولايات المتحدة، تدير مع عائلتها مغسل ثيابٍ هناك، تكتشف أنّ عليها الاتصال بالأكوان المتوازية لمنع كائن قوي، يتجسد بأشكالٍ مختلفة، من تدمير عالمنا. يتخذ هذا الكائن شكل البطلة أو أفراد عائلتها حيناً، وشكل مدققة الضرائب الأميركية ورجال الشرطة في أحيانٍ أخرى.

برأيي أنّ الفيلم صعب، ويحتاج لأكثر من مشاهدة كي تستوعب سرعة إيقاعه وتداخل تعبيراته الفنية وإسقاطاته الفكرية، وهو من تأليف وإخراج دانيال كوان ودانييل شينرت. كتب الشريكان الفيلم من أجل الممثل المشهور جاكي شان الذي عاد واعتذر، ليتم استبداله بميشيل يوه، مع تعديل السيناريو بما يتناسب مع ذلك.

ويلحظ وجود أفلامٍ أخرى مرشحة هذا العام تمزج بين الواقع والخيال، وتعالج فكرة الموت ومعنى الحياة وكيفية الخروج من عبودية وأسر الجسد والواقع. وهو الحال في فيلم "تريانغل أوف سادنس" الذي حاز على السعفة الذهبية لمهرجان كان في مايو/ أيّار الماضي.

يتابع العمل السويدي رحلة أثرياء كبار من جنسياتٍ مختلفة على متن سفينة ركّاب فاخرة، فمنهم تجار روس يعملون في السماد، ومنهم رجال أعمال أميركيون يبيعون السلاح، إضافةً إلى عشيقين يعملان عارضَي أزياء. تتدهور الأمور مع تقدّم الرحلة، وتنتهي بكارثةٍ لن ينجو منها سوى قلّة من الركاب.

أيضاً، يبرز فيلم الخيال العلمي الرائع "أفاتار 2" للمخرج جميس كاميرون الذي يعالج جملةً من القضايا المرتبطة بالبيئة وعلاقتنا بالطبيعة. وعلى الصعيد الشخصي، أتوقع أن يحصل هذا الفيلم، المشغول بحرفية عالية وبميزانية بلغت 350 مليون دولار أميركي (بحسب تقديرات مجلة فرايتي)، على جائزة أفضل فيلم، وجائزة أفضل مؤثرات بصرية.

 

العربي الجديد اللندنية في

31.01.2023

 
 
 
 
 

بعد إغفال ترشحهم للجوائز..

السينمائيات السود يتهمن الأوسكار بالعنصرية

هويدا حمدى

منذ أعلنت أكاديمية فنون وعلوم السينما ترشيحات جوائز الأوسكار لعام 2023، الأسبوع الماضى، وعاصفة من الهجوم بدأت ولم تخمد حتى الآن، فقد خلت قوائم الترشيحات للجوائز الرئيسية وأهمها أفضل ممثلة وأفضل مخرج من صانعات الأفلام السود، رغم ما حققته أفلامهن من نجاح، وبرزت نجماتها فى الأدوار الرئيسية أو المساعدة هذا العام فكان أداؤهن أكثر تميزا من بعض الأسماء المرشحة لأوسكار أفضل ممثلة رئيسية، حتى يزداد إحساس القهر لصانعات الأفلام من السود.

ضمت قائمة أفضل ممثلة رئيسية الممثلة البريطانية البيضاء أندريا ريسبورو عن «To Leslie»  وهو لم يكن بين الأفلام البارزة ولم يحظ بنسب مشاهدة جيدة أصلا (حقق ما يقرب من 22 ألف جنيه استرلينى).

ولم يتوقعه أحد من النقاد، بل لم يشاهده معظمهم، والذين أصيبوا بصدمة من اختيارها، وتعالت الأصوات فى مقالات عدة تشير بأصابع الاتهام للناخبين بالأكاديمية، وتنتقد بوضوح نظام ولوائح الأوسكار، وتعالت أصوات صناع السينما من السود، وغردت بعض المخرجات يتهمن الأوسكار ونظام الجوائز بالعنصرية ضدهن خاصة.

وضد السود عامة، لتعود للأذهان حملة «الأوسكار بيضاء جدا» التى قادها صناع الأفلام والنقاد عام 2015، قامت الأكاديمية بعدها بإجراء تغييرات شاملة بلوائحها، وضمت عددا كبيرا من الأعضاء من مختلف دول العالم لضمان التنوع والمساواة فى اختيار الجوائز.

ولكن تجاهل ناخبى الأكاديمية للسود هذا العام، أشعل من جديد نيران الثورة ضد الأوسكار وأعاد للذاكرة والوجدان إحساسا بالقهر والعنصرية لدى صناع الأفلام السود رجالا أو نساء، والذين يخوضون معارك منذ عقود لإثبات الوجود وانتزاع حقوقهم بعد تاريخ من الظلم فى هوليوود، التى وعدت مرارا بإنصافهم، لكن يبدو أن الوعود قد ذهبت!.

هل تم انتهاك قواعد الأوسكار؟

و قررت شيريل إيزاك رئيسة أكاديمية فنون وعلوم السينما يوم الجمعة الماضي فتح تحقيق شامل ودقيق عما إذا كانت أى قواعد قد تم انتهاكها أثناء اختيار مرشحى الأوسكار هذا العام، وأكدت أنها ستتأكد ما إذا كان قد تم كسر قاعدة عدم التماس المباشر بين أعضاء الأكاديمية والموزعين أو شركات الدعاية.

وشددت على ان اذا  كان قد حدث ذلك، سيتم تجريد النجمة البريطانية أندريا ريسبورو من ترشيحها فى فئة أفضل ممثلة رئيسية، وهى المتهمة من صانعات الأفلام السود بأنها السبب فى إزاحتهن من الترشح فى هذه الفئة لصالحها، بعد جهود شركة الدعاية التى تتعامل معها.

وقد أثار ترشحها غضبا شديدا، خاصة من ڤيولا ديفيس نجمة «The Woman King»، و دانييل ديدويلر نجمة  «Till» واللتان ضمتهما معظم قوائم توقعات النقاد لترشيحات الأوسكار، فلم يحدث وكانت القائمة بيضاء تقريبا.

وقد ضمت كيت بلانشيت عن «تار» و ميشيل ويليامز عن «فابيلمانز» وآنا دى أرماس عن «شقراء» وميشيل يوه عن «كل شيء كل مكان فى آن واحد».. أما فئة أفضل ممثلة مساعدة، رُشحت أنچيلا باسيت لتصبح المرشحة السوداء الوحيدة لأوسكار هذا العام.

وفى تحقيق بصحيفة لوس انجليس تايمز، قال أحد الناخبين بالأكاديمية، وهو منتج سينمائى «أندريا ريسبورو واحدة من أفضل الممثلات، لكن ترشيحها لجائزة الأوسكار صدم الجميع، لقد كانت معجزة، فالفيلم لم يشاهده أحد أو حتى سمع به!».  

كراهية النساء السود بلا حياء!

وجاء قرار الأكاديمية بعدما قادت بعض الصحف حملة شديدة اللهجة على ناخبى الأوسكار، غير الحملة المشتعلة على مواقع التواصل الاجتماعى، خاصة من المخرجات السود اللاتى يشعرن بظلم شديد، ليس هذا العام فقط ولكنه تاريخيا (لم تترشح مخرجة سوداء للأوسكار من قبل).  

وعلى موقع "إنستجرام" كتبت تشينونى تشوكو كاتبة ومخرجة فيلم «Till»: «كراهية النساء السود بلا حياء»، وقالت «نحن نعيش فى عالم، ونعمل فى صناعة ملتزمة بقوة بدعم البيض، وكراهية النساء السود بلا خجل».

وأشارت مجلة ڤارايتى إلى أن فرانسيس فيشر عضو الأكاديمية كتب على إنستجرام ما يعزز موقف ريسبورو، وفى ذلك مخالفة للقواعد.. وفى «لوس أنجيلوس تايمز» رصد بذكاء الناقد الأسود الشهير روبرت دانيال فى نهاية مقاله مخالفات عديدة هذا العام وأعوام سابقة تتعلق بقواعد الترويج للأفلام والنجوم لناخبى الأكاديمية.

وبعد اتهامات قاسية وذكر أمثلة محزنة لخرق القواعد سرا أو علانية فى مواقع التواصل الاجتماعى، أنهى مقاله بذكاء أشد بأننا يجب أن نهدأ ونترك المراجعة تأخذ مجراها.. ومازلنا فى انتظار تقرير الأكاديمية.

وما إذا كان سيكشف خرقا للقواعد ارتكبته حملة فيلم «To Leslie» ونجمته ريسبورو.. والأهم من ذلك، هل ستستطيع الأكاديمية امتصاص غضب صناع الأفلام السود والنقاد المتضامنين معهم؟ هذا ما ستكشفه الأيام القادمة والحاسمة لموسم الجوائز هذا العام

صندانس ينتصر للمخرجات السود

وفى نفس يوم بيان الأكاديمية، الجمعة 27 يناير، كان مهرجان صندانس يعلن جوائزه ظهرا، والجميل كان إعلان فوز فيلم «A Thousand And One» تأليف وإخراج المخرجة الموهوبة إيه ڤى روكويل بجائزة لجنة التحكيم الأمريكية الكبرى.

وهو الفيلم الروائى الطويل الأول لها، عن كفاح الأم السوداء فى ظل ظروف قهرية تحاصرها، ويعد دراسة عميقة لشخصية أم تكافح بعد خروجها من السجن من أجل العيش فى نيويورك الصاخبة بقسوة، وتغطية نفقات الطفل الصغير، الذى يودع أثناء سجنها لدى أسرة أخرى.

ويتابع الفيلم رحلتها ومحاولتها خطفه للهروب به، لتبدأ حياتها مع ابنها، لكن الظروف لا ترحمهما. يأخذك الفيلم الرائع لتحولات حياة السود عبر سنوات قليلة، وبفضل الأداء المؤثر لتيانا تايلور نكتشف قوة عاطفة الأمومة التى تترك داخلك أثرا لا ينسى.

وقال رئيس لجنة التحكيم وهو يعلن الجائزة «لقد خرجت من القاعة وبكيت أمام ناس لا أعرفها لأن الفيلم مسنى، وسلب منى كل القوة لإخفاء مشاعرى، والتى تعلمت إخفاءها فى هذه الأماكن» وقال «بصفتنا هيئة تحكيم، نعلم مدى استحالة إنجاز عمل حقيقى مليء بالألم ولا يعرف الخوف فى التزامه الصارم بالحقيقة الناتجة عن ظروف قمعية.

وإنه لشرف لنا أن نمنح جائزة لجنة التحكيم الأمريكية الكبرى لهذا الفيلم».. كما ذهبت جائزة لجنة التحكيم الكبرى للفيلم الوثائقى «Going to Mars: The Nikki Giovanni Project» عن حياة الشاعرة والممثلة نيكى چيوفانى والحركات الثورية.

والتى خاضتها من أجل الحقوق المدنية للسود، وهو للمخرج الأسود المخضرم چو بروستار، وقالت لجنة التحكيم فى بيانها عنه «يركز هذا الفيلم على صوت فريد، من خلال قصتها تجسد حركة جموع السود وواقعهم».

وهكذا، للصدفة، يبدو مهرجان صندانس وكأنه يمسح دموع الفنانين السود، ويصالحهم فى هدوء، وينتصر لأحلامهم وطموحاتهم، يضمد جراحا تاريخية، تسببت فى ألم قاسٍ بسبب نظام الجوائز الأمريكية وعلى رأسه الأوسكار بالتأكيد.

 

بوابة أخبار اليوم المصرية في

31.01.2023

 
 
 
 
 

هوليوود غاضبة بسبب ترشيح أندريا ريسبورو لجائزة الأوسكار

لوس أنجلوس ـ «سينماتوغراف»

قصة مثيرة للجدل ستكون في حفل توزيع جوائز الأوسكار هذا العام – حول الممثلة البريطانية أندريا ريسبورو التي يعتبرونها في أمريكا شخص خارجي جاء من العدم لتحدي الاستوديوهات والنجوم الكبيرة، وإظهار أن الموهبة يمكنها كسب المال والسلطة في هوليوود.

عندما تم ترشيح ريسبورو بشكل غير متوقع لأدائها الذي نال استحسان النقاد في دور لم يسبق له مثيل في To Leslie، وهو فيلم مستقل عن أم عازبة أصبحت مدمنة على الكحول والمخدرات بعد إهدارها فوزًا ضخمًا في اليانصيب، وبدلاً من أن تكون الممثلة البريطانية قادرة على الاستمتاع بنجاحها الرائع، كانت في مركز الصدارة للجدل المرير على نحو متزايد في أمريكا حول العرق والتمييز على أساس اللون، وكان الأمر بالنسبة إلى ريسبورو–  ابنة (الطبقة العاملة التاتشرية) من بلدة تينيسايد في وولسيند – هو أمر مؤسف بما يكفي لإكمال القائمة المختصرة لأوسكار أفضل ممثلة لهذا العام بدون أي فنانه سوداء اللون.

وعلى وجه الخصوص، لم ترشح فيولا ديفيس، نجمة الدراما التاريخية المثيرة للجدل The Woman King، ولا دانييل ديدويلر، التي تلعب دور والدة ضحية الإعدام خارج نطاق القانون في الخمسينيات من القرن الماضي، إيميت تيل، في فيلم Till.

وثارت اتهامات بأن حفل توزيع جوائز الأوسكار قام بـ (ازدراء) فيلمين أمريكيين من أصل أفريقي بارزين ونجومهم.

وأطلقت أكاديمية الأوسكار محرجة منذ ذلك الحين تحقيقًا في كيفية قيام شركة أفلام منخفضة الميزانية بحملة ناجحة لإدراج الممثلة الرئيسية في القائمة المختصرة.

إلى ليزلي – الذي تدور أحداثه في غرب تكساس ولكن تم تصويره في لوس أنجلوس على مدار 19 يومًا فقط أثناء وباء كورونا – من إخراج البريطاني مايكل موريس.

حقق الفيلم 27000 دولار فقط (حوالي 21800 جنيه إسترليني) عند إطلاقه في أكتوبر الماضي، وحتى الآن، حصلت ريسبورو على القليل من التقدير، وتم تجاهلها في حفل توزيع جوائز الغولدن غلوب، وجوائز النقاد، وكلاهما يُنظر إليه عادةً على أنهما تنبؤات موثوقة للأفلام التي من المحتمل أن تفوز بجوائز كبيرة في حفل توزيع جوائز الأوسكار.

على عكس فيلمي Till و The Woman King اللذان تم دعمهما من قبل استوديوهات هوليوود ذات الجيوب العميقة United Artists و Sony على التوالي، كان فيلم To Leslie يفتقر إلى الملايين لإنفاقها على حملات ترويج الأوسكار. واعتمد مخرج الفيلم مايكل موريس وزوجته، الممثلة الأمريكية ذات العلاقات الجيدة ماري ماكورماك، بدلاً من ذلك على خطاب شفهي رفيع المستوى.

لقد عرضوا الفيلم على صديقهم، هوارد ألان ستيرن‏ وهو مذيع ومقدم برامج، الذي أحبه ووصفه في برنامجه بالصدمة، ثم انطلقت حملة (مدعومة من المشاهير) للترويج للفيلم، حيث استضافت كل من تشارليز ثيرون وجوينيث بالترو وديمي مور وكورتيني كوكس وإدوارد نورتون وكيت وينسلت وإيمي آدامز جميع العروض، وأرسل مخرج الفيلم ماكورماك بريدًا إلكترونيًا إلى أصدقائه طالبًا منهم دعم الفيلم على وسائل التواصل الاجتماعي، كان من بين أولئك الذين أجبروا ذلك، جين فوندا وليام نيسون وسالي فيلد وجينا ديفيس.

لم يكن دعم النجوم البيض البارزين لـ ريسبورو البالغة من العمر 41 عامًا محبوبًا في عملية توزيع جوائز الأوسكار لدى النقاد، الذين يقولون إن الملحمة دليل إضافي على أن التزام الأكاديمية بالتنوع العرقي هو مجرد رمز. وللأسف، هاشتاغ (أوسكار البيضاء) عاد إلى الظهور مرة أخرى على تويتر، ليصبح العرق واللون قضية محورية لا تزال مستمرة خلال كل حفلات توزيع الجوائز في الولايات المتحدة.

 

موقع "سينماتوغراف" في

01.02.2023

 
 
 
 
 

مع ترشيحات «توب غان» و«أفاتار» و « بلاك بانثر»

الأوسكار تعيد النظر في الأجزاء الثانية للأفلام

لوس أنجلوس ـ «سينماتوغراف»

على مر تاريخ الأوسكار، الذي اقترب من 100 عاماً، اعتادت الأكاديمية تجاهل الأجزاء الأخرى من الأفلام، حيث فاز بجائزة أفضل فيلم فقط فيلمان من جزء ثان وهما "العراب 2″ (The Godfather Part II) و"ملك الخواتم: عودة الملك" (The Lord of the Rings: The Return of the King)، وقليلة هي الأفلام التي حصلت على ترشيح في هذه الفئة من الأساس، منها "ماد ماكس: فيوري رود" (Mad Max: Fury Road) و"قصة لعبة 3″ (Toy Story 3).

الجزء الثاني من كل من "توب غان" و"أفاتار" كان لهما أيضاً تاريخ في جوائز الأوسكار، فـ"توب غان" إنتاج 1986 ترشح لـ4 جوائز أوسكار، ليس من بينها أفضل فيلم، وفاز بجائزة واحدة هي أفضل أغنية أصلية.

بينما "أفاتار" إنتاج 2009، فاز بأوسكار أفضل تصوير وأفضل مؤثرات بصرية وأفضل ديكور، وترشح لجوائز أخرى منها أفضل فيلم، التي خسرها لصالح الزوجة السابقة للمخرج جيمس كاميرون كاثرين بيغلو وفيلمها "خزانة الألم" (The Hurt Locker).

وهذا العام، حصل "توب غان" على 4 ترشيحات بالإضافة إلى أفضل فيلم، هي أفضل صوت وأفضل نص مقتبس وأفضل أغنية وأفضل مؤثرات بصرية، بينما حصل "أفاتار" على ترشيحات في فئات أفضل صوت وأفضل ديكور وأفضل مؤثرات بصرية.

على الجانب الآخر، الجزء الأول من فيلم "أخرجوا السكاكين" (Knives Out) لم يترشح لجائزة أفضل فيلم لكن حصل على ترشيح أفضل سيناريو، وهو المسار ذاته الذي اتخذه الجزء الثاني من فيلم "غلاس أونيون" (Glass Onion) بترشيح واحد لجائزة أفضل سيناريو مقتبس هذه المرة.

بينما دخل فيلم المخرج "ريان كوغلر" لعام 2020 "بلاك بانثر" التاريخ بكونه أول فيلم إنتاج مارفل يُرشح لجائزة أفضل فيلم، ولكن لم يحصل عليها وفاز بدلا منها بجوائز أفضل موسيقى تصويرية وأفضل تصميم أزياء وأفضل ديكور.

وهذا العام لم يصل الجزء الثاني "بلاك بانثر: واكاندا فوريفر" إلى ترشيحات أفضل فيلم، ولكن حقق لمارفل أول ترشيح في فئة التمثيل حصلت عليه الممثلة "أنجيلا باسيت" كممثلة في دور مساعد، بالإضافة إلى ترشيحات في فئات تصميم الأزياء، والأغنية الأصلية والمكياج والمؤثرات البصرية.

حقق "توب غان مافريك" و"أفاتار: طريق الماء" إيرادات كبيرة في شباك التذاكر، فالأول ظل الفيلم الأعلى إيرادا في 2022 حتى صدر الثاني، بينما يعد أفاتار العمل المنتظر للصعود على عرش أعلى فيلم إيرادا في التاريخ كما يراهن مخرجه نفسه، ومن ثم نالا تقدير الجمهور ولجان الجوائز، ولو فاز أي منهما بالأوسكار هذا العام سيكون ذلك سبقا مميزا.

ولا يمكن إنكار المزايا الفنية لكل من "توب غان مافريك" و"أفاتار: طريق الماء"، فكل منهما حاول الخروج من دائرة الجزء الثاني الذي يستغل النجاح التجاري للجزء السابق إلى إبداع فني مميز بذاته.

وعزز ذلك الفترة الطويلة التي فصلت كل فيلم عن سابقه، ففي حالة "توب غان" بلغ الأمر أكثر من 3 عقود، بينما في "أفاتار" امتدت الفترة بين الجزأين إلى 13 عاماً، وقد قرر مخرجه جيمس كاميرون الاستمرار في العمل عليه حتى الوصول إلى أفضل نسخة ممكنة منه.

كذلك يشترك الفيلمان في الاستخدام المبهر للمؤثرات البصرية الحديثة، التي لم تكن متوفرة في الجزء الأول، فمشاهد الطيران كانت بالفعل خاطفة للأنفاس ومتقدمة للغاية في فيلم "توب غان"، وكان الجزء الأول من "أفاتار" سابقة في عالم المؤثرات البصرية بالفعل، ولكن الجزء الثاني استغل التطور التكنولوجي بالشكل الأمثل لتظهر الصورة الخاصة به خيالية للغاية، وفي الوقت ذاته واقعية وقابلة للتصديق.

ولكن هل هناك سبب خفي وراء هذين الترشيحين؟ هل هي محاولة لإنقاذ الأوسكار من التراجع كجائزة جماهيرية؟

ليس الأمر سراً أن حفلات توزيع جوائز الأوسكار مثل باقي الجوائز تلقت ضربات موجعة في السنوات السابقة، فحفل توزيع الجوائز رقم 94 العام الماضي كان ثاني أقل حفل أوسكار مشاهدة على الإطلاق، والأقل من حيث معدلات التقييم، بمشاهدين بلغوا فقط 16.6 مليونا، أما الأقل على الإطلاق فهو حفل عام 2021 الذي تم بشكل افتراضي بسبب وباء الكورونا وشاهده 10.4 ملايين مشاهد فقط.

حتى قبل الوباء فإن مشاهدات حفل توزيع الجوائز كانت في تراجع مستمر، فعام 2020 بلغ عدد المشاهدين 23.6 مليونا، وهو رقم أقل من النصف بالنسبة للسنوات السابقة، وبالتأكيد هناك أسباب متعددة وراء هذا التراجع، ولكن واحدة من أهمها -وفق بعض النقاد- أن الجوائز أصبحت في السنوات الأخيرة لا تعكس اهتمامات الجمهور وما يشاهدونه في دور العرض أو على المنصات.

وبدا الأمر لسنوات كما لو أن الأوسكار تتعالى على مشاهديها وأذواقهم، واختيار الأفلام الأعلى إيرادا والأكثر جماهيرية دليل على محاولة الأكاديمية إثبات أنها لا تزال قادرة على تقدير اختيارات الجمهور العادي وليس فقط النخب الثقافية والسينمائية.

وسيتم تسليم جوائز الأوسكار خلال مارس القادم، في حفل منتظر يحاول فيه القائمون على الأكاديمية استعادة سحرها القديم بعد تراجع معدلات مشاهدتها في السنوات السابقة بصورة مستمرة.

 

موقع "سينماتوغراف" في

02.02.2023

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004