هل سينجح ويل سميث في العودة ومحو آثار صفعة الأوسكار؟

جيفري ماكناب 

جوائز الأكاديمية الأمريكية للفيلم

(أوسكار 95)

   
 
 
 
 
 
 

بدأ هذا الشهر عرض فيلمه الجديد "تحرر" وهو الأول له منذ أن صفع كريس روك على خشبة المسرح في حفل توزيع جوائز الأوسكار في مارس (آذار). يرى جيفري ماكناب أنه مع قوة نجومية سميث الجاذبة، لن يستغرق الأمر وقتاً طويلاً حتى يستعيد ثقة الجمهور

في الظروف العادية، كان فيلم المخرج أنطوان فوكوا بعنوان "تحرر" Emancipation ليحقق زخماً كبيراً وسريعاً في عدد الجوائز الذي يحصده. هذه الدراما الجديدة التي كلف إنتاجها 130 مليون دولار (106.43 مليون جنيه استرليني)، هي من بطولة وإنتاج ويل سميث الحائز جائزة الأوسكار ومحبوب شباك التذاكر، في أحد أكثر أدواره تحدياً كعبد في ستينيات القرن التاسع عشر في لويزيانا. ومع تلك الملحمة البطولية التاريخية الكاملة فإن "آبل"، التي أصبحت أول منصة لخدمة البث التدفقي تفوز بجائزة أوسكار أفضل فيلم في وقت سابق من هذا العام مع فيلم "كودا" Coda، جذبت أكبر قدر من الاهتمام حتى اللحظة.

بيد أن هذه الظروف ليست طبيعية إذ إن فيلم "تحرر" هو أول إصدار لسميث "بعد الصفعة". مرت تسعة أشهر منذ أن سار النجم الغاضب على خشبة المسرح وضرب الممثل الكوميدي كريس روك على وجهه. وبمجرد قيامه بذلك، انهالت عليه موجة من اللوم والاحتقار. فتحول أحد أبناء "هوليوود" المفضلين في لحظة إلى شبه منبوذ. واستقال من أكاديمية الفنون والعلوم السينمائية بعد فترة وجيزة من الحادثة، ومنع من حضور حفل توزيع جوائز الأوسكار لمدة 10 سنوات.

والأسئلة المطروحة الآن هي متى سيسامحه العالم، وكيف ينظر إليه زملاؤه العاملون في مجال السينما حالياً، وما إذا كانت الأفلام التي يظهر فيها لديها أي فرصة لتحقيق النجاح في نظر النقاد أو على المستوى التجاري. وفي الواقع، تشير الدلائل المبكرة إلى أن فيلم "تحرر" قد دخل في الحلقة المفرغة من موجات الغضب المستمرة ضد سميث.

"أعتقد أنه في عالم آخر، وفي وقت آخر، وفي مكان آخر لم تحدث فيه الصفعة، كان ليتم ترشيحه [سميث لجائزة الأوسكار] عن هذا الفيلم"، وفق ما قالته آن طومسون، المحررة المتعددة المهام في موقع "إندي واير"Indiewire الإلكتروني المتخصص في مجال السينما وصناعة الأفلام. وتابعت، "أنا أعتقد أنه أداء قوي جداً في فيلم جيد جداً... كان من الممكن أن يحدث ذلك لولا الصفعة."

في الحقيقة، لم يبق ناقد واحد كتب عن الفيلم الجديد إلا وذكر اللحظة المصيرية في حفل هذا العام عندما أظهر سميث رد فعل عنيفاً على دعابة روك عن شريكته جادا بينكيت سميث. وتلقى الفيلم نفسه آراء متباينة. فالمراجعة التي منحت الفيلم نجمتين في "اندبندنت"، وصفته بأنه "فيلم يهتم بشكل أساس بالبطولة الفردية إلى حد شبه أسطوري" وتساءلت، "كيف يمكن أن يكون هذا مقبولاً وتلك المحنة التاريخية [العبودية] لا تزال تجري في عروق أميركا؟"

في المقابل، انتقد آخرون استخدام فوكوا لأساليب سرد لا تمتزج وتنسجم معاً بشكل جيد دوماً. ويعد هذا العمل في الوقت نفسه دراما تاريخية جدية تتناول صدمة العبودية، وفيلم أكشن من النوع الرديء مع شخصيات وحوادث مألوفة من عدد لا يحصى من أفلام الإثارة والويسترن الثأرية.

في الفيلم، يلعب سميث دور بيتر، وهو عبد في فترة الحرب الأهلية الأميركية. وفي المشاهد الافتتاحية الوحشية، يتم جره تحت تهديد السلاح من المزرعة التي يعيش فيها مع عائلته، للعمل في سكة حديد كونفدرالية تبنى في عمق المستنقعات.

إنه فيلم سوداوي ومروع، تم تصويره بالأبيض والأسود، ولكن مع ومضات من اللون الأحمر الذي يتسلل إلى الشاشة أثناء عدد من مشاهد العنف الدامي. ويعامل الكونفدراليون العبيد أسوأ من الحيوانات. عندما يهرب بيتر وآخرون من المخيم ويفرون عبر المستنقع، يلاحقهم صياد العبيد العنيد، "فاسيل" الذي يؤدي دوره بن فوستر ويبدو أكثر لؤماً من لي فان كليف في سباغيتي ويسترن.

يكشف فيلم "تحرر" عن أهوال العنصرية البيضاء، وهو مستوحى من قصة واقعية عن حياة العبد الهارب "بيتر المجلود" Whipped Peter الذي التقطت صورة له في عام 1863 تعرض الجروح المروعة والكدمات على ظهره. لكنه في الوقت نفسه فيلم مطاردة ويحتوي على عناصر من أفلام الإثارة التي يسعى فيها الأبطال إلى البقاء على قيد الحياة. بيتر الذي يؤدي دوره سميث، يتفادى الرصاص، ويتغلب على الثعابين، ويختبئ في الأشجار، ويصارع التماسيح، ويواجه أسراباً من النحل، ويغطي جسمه بالوحل وقشر البصل لتضليل الكلاب التي تتبع رائحته. إذا تمكن بيتر من الوصول إلى باتون روج والعثور على جيش الاتحادي، سيكون في أمان. وبالاسترجاع، كان الرئيس لينكولن قد أصدر بالفعل "إعلان تحرير العبيد" عام 1863 الذي ينص على أن أولئك المحتجزين كعبيد "هم أحرار، وسيكونون أحراراً إلى الأبد".

واستطراداً، يمثل هذا العمل القصص القوطية الجنوبية على أوسع نطاق. ويخلق فوكوا عالماً جهنمياً وكابوسياً يكمن فيه الخطر في كل مكان. فالمستنقعات مميتة وكذلك المزارع. وفي أحد أكثر مشاهد الفيلم إزعاجاً، يتسلل بيتر إلى قصر ويعثر على جثث وأطفال مصابين بجروح خطيرة في غرفة الرسم، بجوار القيثارات والبيانو.

وتجدر الإشارة إلى أن سميث يبرع في أدائه. فهو في هذا الفيلم لا يظهر بشخصية نجم "هوليوود" المميز الساحر والممازح التي يعرفها المشاهدون من أفلام "رجال في زي أسود" Men in Black  أو "فرش برينس أوف بيل إير" Fresh Prince of Bel Air، أو من فيلم "كينغ ريتشارد" King Richard في عام 2021 الذي لعب فيه بشكل لا ينسى دور الوالد الغريب الأطوار ومدرب التنس المندفع، لبطلتي التنس فينوس وسيرينا ويليامز. وقد فاز عن ذلك الدور بجائزة أوسكار أفضل ممثل. عوضاً عن ذلك، هو يظهر الآن بشخصية متجهمة، مجروحة، كئيبة، وعلى رغم مسيحيتها، لديها ميل انتقامي. ويلقي فوكوا أعباء ثقيلة عليه، فهو يتعرض للجلد والضرب والسجن والتكبيل والتوبيخ إلى ما لا نهاية.

عموماً، يحب المصوتون على الجوائز عروضاً من هذا النوع يواجه الممثلون المشهورون فيها معاناة جسدية شديدة ويتعين عليهم تحمل صدمة نفسية عميقة. كما أنهم يحبون حكايات التكفير عن الذنوب التي يتغلب فيها محبوبو الجماهير الملطخة سمعتهم على النكسات في حياتهم الشخصية أو المهنية ويقدمون أداءً هائلاً في الأفلام ذات المواضيع الثقيلة. لذا، يجب أن يكون النجم مرشحاً مضموناً للفوز بجوائز أوسكار وربما جائزة أفضل ممثل للمرة الثانية على التوالي. وعلى رغم ذلك، لم يكن سميث قادراً على تخطي "فضيحة الصفعة" بالسرعة التي كان يتمناها هو أو موزعوه. ومع استمرار الفضيحة المتعلقة بسلوكه ليلة الأوسكار، ليس من المضمون أنه سيحصل حتى على الترشيح الذي يستحقه هذه المرة.

والجدير بالذكر أن المصور السينمائي الماهر روبرت ريتشاردسون، الذي اشتهر بعمله مع كوينتين تارانتينو ومارتن سكورسيزي، هو من صور فيلم "تحرر" بدرجات اللون البني الداكن نفسه الطاغي على الصور الفوتوغرافية الملتقطة خلال حقبة الحرب الأهلية. وتستحضر المعركة المروعة المندلعة في وقت لاحق ذكريات من مشهد شاطئ أوماها في فيلم "إنقاذ الجندي راين" Saving Private Ryan، وبشكل غير مريح لحظات من فيلم دايفيد وارك غريفيث الملحمي الصامت العنصري بعنوان "ولادة أمة"(1915) Birth Of a Nation، التي تدور أحداثها أيضاً خلال الحرب الأهلية الأميركية.

حتماً، أجريت مقارنة بشكل سلبي بين لحظة اقتراب سميث من التمساح وتشابك ليوناردو دي كابريو الوثيق مع الدب في فيلم "ذا ريفينانت" [العائد من الموت] Revenant قد ينجح في التملص من تلك المقارنة، ولكن بعيداً من الشاشة، على رغم أدائه القوي، لا يستطيع سميث التخلص من فضيحة ليلة الأوسكار. كان في حالة مزاجية تأملية خلال العرض الأول للفيلم قبل بضعة أيام واعترف بأن معاونيه قد تعرضوا لانتقادات شديدة أيضاً.

وفي ذلك الإطار، قال النجم لوكالة "أسوشيتد برس" "خوفي الأكبر هو أن يعاقَب فريقي بسبب أفعالي". ولكن هذا بالضبط ما يحدث. مع استمرار رد الفعل العنيف ضد الممثل، لا أحد يولي اهتماماً كبيراً للتصوير السينمائي الرائع الذي أنجزه ريتشاردسون، أو إخراج فوكوا البارع والجريء، لو حتى بشكل نسبي، أو في الواقع لأداء سميث. إذاً، فالخلاص [التكفير عن الذنوب] أمر بعيد المنال بالنسبة إلى سميث.

في الفترة التي سبقت إطلاق الفيلم، قام بما يسمى "جولة اعتذار" موسعة، متكلماً بنبرة النادم التائب في المقابلات والبرامج الحوارية وفي لقاءات السجادة الحمراء مع وسائل الإعلام. قال للصحافة: "إذا كان هناك أحد غير جاهز بعد، فسأحترم ذلك تماماً، من دون أن أتعدى على مساحته وحريته الشخصية بألا يكون جاهزاً"، موضحاً أنه سيفهم إذا تجنب المشاهدون فيلم "تحرر".

بالتالي بالكاد شكل الأمر مفاجأة أن مبيعات التذاكر كانت بطيئة عقب إطلاق الفيلم في عدد محدود من دور السينما في الولايات المتحدة الأسبوع الماضي. لا تنشر شركة "آبل" تفاصيل مبيعات التذاكر، لكن مجلة "هوليوود ريبورت" Hollywood Reporter كتبت عن "إقبال خافت" على شباك التذاكر.

على رغم ذلك، فحتى منتقدوه يعترفون بأن هذا فيلم قوي ناجح ويتناول موضوعاً مهماً لم تكن "هوليوود" مستعدة للتطرق إليه في الماضي. لم ينتج عدد كبير من أفلام الحرب الأهلية الأخرى من وجهة نظر العبيد. وكانت أحداث كل من فيلمي "12 سنة عبداً"  Twelve Years a Slaveفي عام 2013 لستيف ماكوين، و"جانغو طليقاً"Django Unchained  في عام 2012 لكوينتين تارانتينو، تدور قبل بدء الحرب. وسواء مع كلارك غيبل وفيفيان لي في فيلم "ذهب مع الريح" Gone with the Wind، أو جود لو ونيكول كيدمان في فيلم "الجبل البارد" Cold Mountain، غالباً ما يستخدم الصراع كخلفية للرومانسية البيضاء. لن تجد أياً من ذلك في فيلم "تحرر". بيتر عازم على رؤية زوجته الحبيبة (شارمين بينغوا) وعائلته مرة أخرى، لكن لا توجد هنا مظاهر للشهامة الجنوبية القديمة على غرار شخصية بريت بتلر [شخصية من فيلم "ذهب مع الريح"].

قد تكون هذه فرصة سانحة لسميث، للهروب من نمطه القديم من الكوميديا وأفلام الحركة، وإعادة ابتكار نفسه. كان قد أصبح بالفعل أكثر ميلاً إلى المجازفة في اختياره للأفلام. ووفق ما تشير إليه طومسون من موقع "إندي واير"، فقد جازف في فيلم كينغ ريتشارد، وهو "فيلم غير مكلف على الإطلاق" للمخرج المستقل رينالدو ماركوس غرين، لم يحقق نجاحاً تجارياً بعد.

هناك غضب مكبوت في أدائه لشخصية بيتر، يوحي بأن سميث قد يلعب دور شرير مرعب لو رغب بذلك يوماً ما. في الحقيقة، لقد أثبت براعته كممثل في شخصيات مختلفة ومتنوعة. والآن، هو في وضع يمكنه من التعامل مع أدوار أكثر تعقيداً وغير مألوفة. ولكن للأسف، من غير المحتمل أن يحدث هذا. بحسب ما تتوقعه طومسون "لا أعتقد أنه سيجازف بالتمثيل في أفلام صغيرة مستقلة أو يذهب للعمل مع بول توماس أندرسون أو أي شيء من هذا القبيل".

لكن لم لا؟ سميث ليس مجرد ممثل سينمائي، بل هو اسم معروف. وفقاً لموقع "بوكس أوفيس موجو"Box Office Mojo، حققت أفلامه أكثر من أربعة مليارات دولار (3.27 مليار جنيه سترليني) في أميركا الشمالية وحدها. هو محاط بالوكلاء والمديرين والمحامين والمستشارين، وجميعهم لديهم مصلحة في رؤيته مرة أخرى في الأعمال التجارية الضخمة. ولدى سميث عدد من المشاريع المربحة للغاية قيد التطوير، من بينها إعادة إنتاج فيلم من عام 1987 بعنوان "طائرات وقطارات وسيارات"Planes, Trains and Automobiles، من المقرر أن يتولى هو وكيفن هارت فيه دوري ستيف مارتن وجون كاندي، إضافة إلى فيلم آخر من سلسلة أفلام "باد بويز" Bad Boys لا أحد يريد تعريض هذه الأعمال للخطر.

"تحرر" ليس أفضل فيلم لاختبار ما إذا كانت جاذبية النجم قد تضاءلت بشكل لا رجعة فيه، بعد الصفعة. فهو ليس فيلماً رائجاً ومحبوباً بوضوح من الجمهور ولن يعرض إلا لفترة وجيزة في دور السينما على أي حال. لكن ما يوضحه الفيلم هو أن قوى سميث كممثل لم تتضاءل على الإطلاق. والجدير بالذكر أنه يظهر في الفيلم أيضاً صلابة شخصيته نفسها التي لا تقهر. إذا تجاهل المصوتون على الأوسكار فيلم "تحرر"، كما يتوقع كثيرون، فسيحفز ذلك سميث على العمل بجهد أكبر لاستعادة ثقة الجمهور، وهي عملية لن تستغرق وقتاً طويلاً على الأرجح.

وتقول طومسون "أعتقد أنه ما زال يملك عدداً كبيراً من المتابعين وسيكون على ما يرام، كما أنه ما زال يعد نجماً سينمائياً شعبياً ضخماً يتمتع بقوة جذب كبيرة، أي القدرة على استقطاب الناس إلى دور السينما".

لطالما كان هذا الأمر هو الأكثر أهمية في "هوليوود". ربما لا تزال الصفعة في أذهان الجميع الآن، ولكن ما دامت الجماهير راغبة في شراء تذاكر لمشاهدة سميث على الشاشة، فسوف ينسى تأثيرها قريباً.

يعرض فيلم "تحرر" في دور السينما وعلى "آبل تي في بلس"

نُشر في اندبندنت بتاريخ 9 ديسمبر 2022

© The Independent

 

الـ The Independent  في

29.12.2022

 
 
 
 
 

ملايين شاهدوا "أفاتار 2" في لبنان والعالم:

هيّا بنا إلى الفرجة… تعالوا إلى حيث الدهشة!

هوفيك حبشيان

ل#جيمس كاميرون مزايا كثيرة. إحداها قدرته على إخراجنا من المنظومة الرتيبة. اعتاد النقّاد مشاهدة الأفلام في المهرجانات، قبل توافرها للجمهور العريض. كاميرون كسر هذه القاعدة، دون ان يدري ربما، أقله في فيلميه ال#أفاتاريين الأخيرين، مجبراً إيانا على الذهاب إلى الصالة والانتظار في الصف ودفع ثمن المقعد الذي سنجلس فيه، ثم التماهي المطلق مع ناس يدفعون المال ليشاهدوا فيلماً. ولهذه الخطوة معنى بعد الوباء يختلف عن معناها قبله. ماذا يعني ان تجلس في صالة بيروتية تسع أكثر من 500 مشاهد، تضم أزواجاً ومراهقات وأطفالاً في العاشرة، ولا أحد يخرج من الصالة، لا بل يتبخّر عطر السيدات بعد أقل من نصف ساعة من بداية "أفاتار 2: طريق المياه”؟ كاميرون لا يمنحك الوقت لتفكّر بسوى ما تراه على الشاشة. لكن، صدقاً، ماذا يعني ان يحقق فيلم بلا نجوم، بلا قضية، بلا ميلودراما، بلا شخصية تنقذ الكوكب، مليار دولار في نحو أسبوعين؟ والحبل لا يزال على الجرار. لكاميرون الفضل في إعادة الناس إلى ال#سينما، في زمن يشهد تهديداً غير مسبوق للشاشات. يعيدنا إلى حيث بدأت المغامرة مع الأخوين لوميير في مطلع القرن التاسع عشر لتصبح لاحقاً أكثر الفنون جماهيريةً. هناك شيء من الفانوس السحري في "أفاتار 2". شيء من قطار الأخوين لوميير الذي يسير باندفاع في اتجاه الجمهور مثيراً مشاعر الدهشة والهلع في آن واحد. وكأن كاميرون أعاد الأشياء إلى النقطة الصفر، وفي الحين نفسه طمح إلى التأكيد ان ما يقدّمه هو نتاج تراكم قرن وربع القرن من السينماتوغراف. كاميرون يكرّم الرواد المؤسسين في كلّ لقطة. فيلمه هدية لهم. لنا ان نتخيل لو بدأت السينماتوغراف معه. انه، بهذا المعنى، جورج ميلييس هذا العصر، الحالم الذي اعترض على مقولة ادّعت ان "السينما فنّ ولد ميتاً". ها هي شابة تخرج من مخيلة فنّان طليعي على مشارف السبعين. سينما يافعة، متألقة، رشيقة، تحبس الأنفاس لثلاث ساعات ونيف.

جيمس كاميرون دمج في "أفاتار" جسد الإنسان مع ديكورات خلابة خرجت من مصنعه من دون ان نرى بينهما اللحمة الصناعية. على المستوى التقني، يوجّه الفيلم صفعة إلى مهندسي المؤثرات البصرية، متقدّماً على إبداعاتهم وابتكاراتهم، مثلما كانت الحال مع "تايتانيك" الذي استحدث جانراً سينمائياً (سينما الكارثة) كان خفت بريقه، رافعاً إياه إلى مصاف أعلى. "أفاتار" يقطع وعداً بثورة تكنولوجية قد لا يفيه بالكامل مع هذا الجزء الثاني، لكن ثمة أجزاء أخرى في انتظارنا. هذا مشروع سينمائي يروي عطش فنّان لتجاوز الذات قبل تجاوز الآخرين، مدعوماً بالأبعاد الثلاثة التي فتحت آفاقاً غير مظنونة أمام رؤياه غير المستهلكة للحياة والوجود.

بعد 13 عاماً على الجزء الأول، عاد كاميرون بجزء ثانٍ. في السنوات الـ15 الأولى من حياته، انشغل بتحقيق سبعة أفلام، ثم ساد صمت طويل دام 12 عاماً، قبل ان يظهر الجزء الأول من "أفاتار" الذي كابد الكثير من المشاق والصعاب من أجله. هذا كله يعني ان الرجل لم ينجز طوال السنوات التي عبرت من الألفية الثالثة سوى فيلمين. لكنهما فيلمان-كوكبان اذا صح التعبير، يقطعان صلتهما بماضي المخرج ويقفلان كلّ قنوات التواصل مع العالم المعاصر الذي نعرفه. السنوات الـ12 التي فصلت بين "تايتانيك" و"أفاتار" (فيلمان تربّعا على عرش شبّاك التذاكر) لم يكن فيها كاميرون عاطلاً عن العمل، بل كان يتأهب منتظراً تقدّم التقنيات في مجال السمعي-البصري كي ينقب عميقاً في مخيلته، ذلك ان مشروعه هذا تقنيّ في المقام الأول، كما كانت السينما في بداياتها اختراعاً محض علمي.

مجدداً، يصعب على السينيفيلي الجلوس أمام هذا الاستعراض من دون التفكير في التأثير الذي مارسته الشاشة في المشاهدين في الصالون الهندي عام 1895 يوم اكتشفوا السينماتوغراف. ثمة قفزة تشبه قفزة قطعة العظم في "2001: أوديسّا الفضاء"، تغطّي عشرات السنوات وآلاف الأفلام التي مرت بين الصالون الهندي واليوم. لكن القفزة هذه المرة لا تعبّر عن التطور البشري، بل عن تكامل الفنون وتجانسها. كاميرون بنزعته "الأبوية"، يعانق العالم بهذا الفيلم، كما سبق ان أغرقه في "تايتانيك". يقلقنا ويسعدنا ويبث فينا الأمل في ضربة واحدة. انه مخرج تفاصيل وشمول في الآن نفسه. يسلخ من الحياة ما هو متناهٍ في الصغر ليجعله شيئاً متناهياً في الكبر. ينبغي الحفر في هذا الحيز اذا أردنا ان نفهم ما يدور في مخيلته. لكن هذا كله يعبر عنده عبر قنوات الدهشة والابهار. في "أفاتار" لا وقت للتفكير، فسيل الصور الذي يجتاحنا يقمعنا أيضاً. هذه سيادة المشهدية الهوليوودية. نحن أمام "أفاتار"، متفرجون أكثر منّا مشاهدين. ما نراه فرجة. فرجة باهرة لكنها فرجة. "مدينة ملاهٍ"، كما وصف مارتن سكورسيزي أفلام السوبر أبطال. لكنها "مدينة ملاه" يتولّد فيها إحساس الدهشة الذي جعلنا الكثير من "أفلام مدينة الملاهي" نفتقده. الأسلوب كلّ شيء، وهو الذي يصنع الفرق الأساسي بين الأفلام.

هل فعلاً ينجز كاميرون سينما الغد، اليوم؟ اعترف أني أخطأتُ عندما كتبتُ هذه الفكرة عن "أفاتار" في العام 2009. مرت السنوات وكانت ضرورية لأعي ان أبسط الحكايات قادرة (أحياناً) ان تحملك إلى وجهات يصعب على أفلام مليونية ان تحملك اليها. لأن السينما محكومة بسطوة الانفعال، وإلى اليوم نجهل مصدر الانفعال. يبدو انه كلما كان هذا المصدر مجهولاً تعاظم جبروته.

أي فائدة من تناول القصّة في فيلم مماثل؟ التجربة بصرية ولا شيء سوى بصرية. آه، دعونا لا ننسى أنها تجرية صوتية أيضاً، وهذا ليس تفصيلاً. كيف لا والصوت في اقترانه المثير بالصورة يولد حسية فريدة. صحيح ان القصّة هزيلة قياساً بكلّ العناصر الباقية ولا تستحق ان تُروى، ويمكن اختزالها ببضعة سطور عبر الكشف بأن جاك سولي سيلجأ بعد غزوات متكررة لكوكب باندورا إلى منطقة جديدة يعيش سكّانها حياة مائية، لكن كاميرون يمحو تماماً ميكانيزمات السرد الاعتيادية التي استلهمت المسرح. الفيلم تقريباً كله يرتكز على الحركة المتواصلة والذروات المترابطة (كاميرون معلّم كبير في إشاعة هذه الأجواء) المطعّمة بسرد يتطوّر ضمن إيقاع جهنّمي. هذا لا يعني ان الفيلم خال من الهموم، بل انه حافل بها: فمن الدعوة إلى صون ما تملكه البشرية في زمن الاحتباس الحراري إلى مسألة الكولونيالية مروراً بالخطاب البيئي، يقدّم "أفاتار" بانوراما شاملة. الا ان هذا كله ضمني وأُدرِج بذكاء يرتقي إلى ذكاء الصور السوبليمينالية في اقتحام اللاوعي.

العالم الذي يصوّره كاميرون لا وجود له في أرض الواقع، الا ان تأثير عالمنا فيه قوي جداً ويتجسّد في فكرة التدمير الذاتي، تلك النزعة المتأصلة عند الإنسان التي لطالما شكّلت تيمة مهمة في أفلامه السابقة. عالمنا في خطر وكاميرون يرويه على طريقته الخاصة، من دون اطلاق صفارات الإنذار، مفضّلاً التأوهات على الانفجار. أليس هو الذي صوّر حكاية باخرة تغرق وعلى متنها مجموعة عازفين يصنعون الترفيه حتى اللحظة الأخيرة؟ المفارقة ان هذا لم يمنعه من اظهار الوجه القبيح للتحوّلات الصناعية التي تفصلها خطوات عن الكارثة. إلى التيمات الكلاسيكية التي تحضر بهيئات جديدة، هناك شذرات وأفكار قد يلتقطها أكثر المفترجين وعياً وإدراكاً، حضنها البعيد هو الميثولوجيات والنصوص التأسيسية للأديان الإبرهيمية وكلّ ما صنع المخيلة الجمعية للحضارة الغربية. كاميرون يبث فينا ذلك الشعور بأن حكايات البشر هي هي دائماً، تختلف وتتشابه (تكفي الإشارة إلى "تايتانيك" في أحد المشاهد - لكلّ حكاية تايتانيكها)، وقد يمكن التعبير عنها ببضع أفكار، لكن الفرق كبير بين مَن لديه القدرة على التقاط الواقع ومَن يملك موهبة الخيال التي تأسست عليها اسطورة هوليوود.
"أفاتار 2: طريق المياه"، أي فيلم أفضل من هذا لنختم به عاماً ونشرع في آخر. هيّوا بنا إلى الفرجة، تعالوا إلى حيث الدهشة!

 

الـ The Independent  في

31.12.2022

 
 
 
 
 

مخرج فيلم "انعتاق" : لم أر مثيلا لـ "ويل سميث"

إيلي هاريسون 

تمكن أنطوان فوكوا من إنجاز فيلمه الجديد الجميل والقاسي على رغم كل الصعاب. يتحدث إلى إيلي هاريسون عن انتقاله من حياة الشوارع في بيتسبرغ إلى استوديوهات هوليوود، وأهمية الإيمان، ولماذا كان فيلمه الأخير أصعب ما قام به على الإطلاق.

كان أنطوان فوكوا صغيراً عندما تعرض لإطلاق نار في شوارع مدينة بيتسبرغ، بنسيلفانيا، لكن ذكرى الحادثة ما زالت حية بشكل مذهل. يقول المخرج البالغ من العمر 56 سنة وصاحب فيلم "يوم التدريب" Training Day الحائز على جائزتي أوسكار: "كنت في الخامسة عشرة من عمري... أتذكر أنني كنت أجري في زقاق وأن الجو كان ماطراً وأنني سمعت صوتاً يقول "اركض". لا أعرف من أين أتى النداء، لكنني أتذكر بدقة تلك اللحظات بكل تفاصيلها".

الاستماع إلى فوكوا وهو يصف ما حدث يشبه مشاهدة تسلسل مشاهد من أحد أفلام نيو نوار التي يخرجها. يقول، "ارتطام الطلقات بأعمدة الاتصالات الهاتفية، وتحولها إلى شظايا، والصوت... والمطر المنهمر على الرجل الذي كان يطلق النار. النظارات التي كان يرتديها والبندقية التي يحملها في يده". يترافق كل مشهد موصوف بإيماءة: يبسط فوكوا كفيه على اتساعهما في إشارة إلى الطلقات، ويمرر عقد أصابعه قرب عينيه لتجسيد المطر، بينما تضغط سبابته على زناد وهمي. يتابع: "أتذكر أنني ذهبت بعدها إلى المتجر، وأنني رأيت الدماء تسيل على الأرض فعلياً، وأتذكر أنني كنت أفكر في عائلتي"، كما أنه تخيل جنازته ورائحة الزهور تملأ رئتيه. وفكر في الله حيث إنك "في بعض الأحيان ترى الله في أسوأ لحظاتك" كما يقول.

نجا فوكوا من إطلاق النار بالطبع. ووصف تلك اللحظة ذات مرة بأنها "ضربة فرامل هائلة"، لأنها أخرجته من حياة الشوارع وأدخلته عالم السينما، وتحول الإيمان الذي أدركه خلال تجربة الاقتراب من الموت هذه إلى الشريان النابض لجميع أفلامه، الذي يتجلى بأبرز صوره ربما في فيلم الجريمة المشوق والمثير "يوم التدريب" الذي أخرجه عام 2001، حيث ينقسم العالم إلى ذئاب وأغنام. فاز دينزل واشنطن بأوسكار أفضل ممثل عن تجسيده شخصية ضابط فاسد ومتوحش في قسم مكافحة المخدرات في شرطة لوس أنجليس، هو ألونزو هاريس، الذي ارتكب سلسلة شنيعة من الجرائم، بينما كان حريصاً على تعليق صليب كبير حول رقبته طوال الوقت. الملاحظة الأولى عن النص التي كتبها واشنطن، وهو متعاون دائم مع فوكوا ومسيحي متدين، كانت عبارة من الإنجيل: "لأن أجرة الخطية هي موت" (رومية 23:6). هناك تلميح للدين في جميع أفلام فوكوا اللاحقة، من المغامرة التاريخية "الملك آرثر" King Arthur إلى الدراما الرياضية "الأعسر" Southpaw وفيلم الويسترن "السبعة الرائعون" The Magnificent Seven وأفلام امتياز "المعادل" Equalizer التخريبية. وفي فيلمه الجديد الوحشي والجميل "انعتاق" Emancipation يلعب الإيمان دوراً حيوياً في إبقاء البطل، العبد الهارب الذي يجسده ويل سميث، على قيد الحياة.

يقول فوكوا بصوت هامس عميق: "أكون مهتماً إذا شكل الحب والإيمان جوهر الفيلم... لما كنت سأجلس هنا أدردش معك ما لم يكن هناك إله أو قوة أكبر مني". يحدثني جالساً على كرسي وثير في غرفة بأحد فنادق لندن، في تجسيد للأناقة والهدوء ببدلته السوداء وبلوزته الكحلية ذات الياقة وحذائه الجلدي الكلاسيكي اللامع مثل لمعان سيارة شيفروليه موديل مونت كارلو التي كان يقودها الضابط ألونزو في فيلمه.

الممثل إيثان هوك، الذي شارك في بطولة "يوم التدريب" في دور مبتدئ بريء يتورط بسبب تصرفات ألونزو الملتوية، قال ذات مرة إنه يعتبر جميع أفلام فوكوا "صرخة جماعية ضد السلطة". يهز فوكوا رأسه موافقاً على الكلام ويقول، "إيثان محق. إنها صرخة تخرج لا شعورياً. السبب وراءها جميعاً هو الظلم، والناس الذين يداس عليهم ويعاملون بسوء. لقد نشأت في منطقة قاسية، لذلك رأيته يحدث لوالدي. يمارس الناس الاستغلال وأنا لا أحبه على الإطلاق. سواء أكانت السلطة أو شخص متنمر وراء ذلك. أنا لا أحب المتنمرين".

يغص "انعتاق" بأسوأ المتنمرين. إنه مستوحى من قصة صورة "بيتر المجلود" التي انتشرت سنة 1863 كاشفة القسوة المروعة للعبودية الأميركية، وأصبحت صورة مرتبطة بقضية إلغاء عقوبة الإعدام. يلعب سميث دور العبد الهارب الذي يبدو ظهره فقط في الصورة، متشققاً ومكسواً بالندبات الناجمة عن الجلد الذي لا يرحم. يتماهى سميث تماماً في الدور لدرجة أننا لا نعد نراه كنجم سينمائي. إنه رجل لديه مهمة من أجل الحرية خلال سنوات الحرب الأهلية الأميركية. إنه يحدق بتحد في وجه الكلاب المزمجرة ومالكي العبيد الذين يبصقون عليه، ويخوض في المستنقعات ويقاتل التماسيح في طريقه إلى جيش لينكولن في بيتون روج. في بعض الأحيان، تمر دقائق عدة من دون أي حوار، ولحظات يكون فيها سميث متسمراً في مكانه بطريقة أكثر تأثيراً، يعض على أسنانه ونظرة عينيه متجمدة. في أول ظهور سينمائي له بعد حادثة صفعة الأوسكار، يجسد بروعة الأنفة والكرامة اللتين نراهما في بيتر، الرجل الحقيقي في الصورة الأصلية.

يقول المخرج: "يتمتع ويل بقدر كبير من الكرامة... إنه إنسان عظيم. لم أقابل شخصاً مثله من قبل". تفاجأ فوكوا عندما رأى سميث يضرب كريس روك على خشبة المسرح في حفل توزيع جوائز الأوسكار في مارس (آذار) الماضي، بعد أن سخر الممثل الكوميدي من رأس زوجة سميث، جادا بينكيت سميث، الحليق، ويوضح: "صدمت لأنه لم يكن ويل الذي أعرفه، ولكن الجميع كانوا يتعرضون لكثير من الضغط في حياتهم. من الصعب أحياناً أن تكون مشهوراً في هذه الظروف. وفي بعض الأحيان يعبر الإنسان عما في داخله لكن ذلك لا يحدث بالطريقة الصحيحة. آمل أن يتمكن ويل وكريس من رأب الصدع. إنهما رجلان طيبان فعلاً، وليسا شخصين سيئين على الإطلاق... وهذا أمر صعب، أليس كذلك؟ لا يوجد إنسان مثالي. كان ويل نادماً للغاية. تحدثت إليه بعد الحادثة وكان يبكي. كان متألماً ببساطة، أتفهمين قصدي؟ علينا أن نكون حذرين. من الجيد أن يمازح بعضنا الآخر، لكن في بعض الأحيان، علينا جميعاً أن نكون أكثر مراعاة قليلاً".

تعاني بينكيت سميث من تساقط الشعر. ويقول فوكوا إنه يدرك المشاعر المؤلمة المرتبطة بتساقط الشعر، موضحاً: "أعلم أن تجربة جادا مختلفة، لكن هناك شخصاً أعرفه أصيب بالسرطان أخيراً... لقد فقد شعره بالكامل ويمر بأحداث كثيرة، وإن لم تكن على دراية بذلك في بعض الأحيان وسخرت من الموضوع قد يكون الضرر أعمق مما يمكنك إدراكه. يعاني المشاهير المشكلات نفسها التي يواجهها الكثير من الأشخاص الآخرين. إنهم يمرون بعذابات نفسية وشخصية لا نراها أبداً".

بعد المشادة التي حدثت في حفل توزيع جوائز الأوسكار، شوهد دينزل واشنطن يسرع للوصول إلى سميث. لاحقاً، أثناء خطابه الممزوج بالدموع الذي ألقاه عند تسلم أوسكار أفضل ممثل عن أدائه في فيلم "الملك ريتشارد" King Richard، كشف سميث عما قاله له واشنطن: "كن حذراً عندما تكون في قمتك، هذه هي اللحظة التي يترصدك فيها الشيطان". يقول فوكوا ماداً يديه العريضتين في إيماءة عناق: "قيام دينزل بمحاولة إحاطة ويل بذراعيه وتقديم بعض النصح له كان رائعاً... هذا هو دينزل. نتحدث كثيراً عن الإيمان عندما نلتقي أكثر من أي موضوع آخر".

من المؤكد أن فوكوا كان بحاجة إلى بعض الإيمان أثناء صناعة "انعتاق". ابتلي الفيلم بالمشكلات منذ بداية إنتاجه. كان من المفترض في الأصل أن يصور في جورجيا، لكن التصوير انتقل إلى لويزيانا احتجاجاً على قوانين التصويت التقييدية في الولاية، والتي أثرت في المقام الأول في الأوساط الملونة، ثم ضرب إعصار إيدا مدمراً المنطقة ومؤدياً إلى تأخير التصوير أكثر، كما أن الفيلم صور في ظل القيود الصارمة التي فرضها وباء كورونا سنة 2021 وتحت درجة حرارة تتجاوز 40 مئوية. يقول فوكوا بضحكة خفيفة: "أنا ما زلت أتعافى... إنني أعاني اضطراب ما بعد الصدمة وأنا أحدثك عنه. كان من المفترض أن يستمر التصوير أربعة أشهر لكنه امتد لثمانية أشهر في نهاية المطاف. كان على شركة آبل إحضار سترات تبريد للجميع لتخفيض حرارتهم. كان أصعب شيء فعلته على الإطلاق. واجهنا كل الصعوبات التي يمكن أن نواجهها. احترقت مقطورتي ذات ليلة بينما كنت أصور في مستعمرة حقيقية". أسأله كيف يمكن لشيء كهذا أن يحدث، فيجيب بنظرة حزينة وعارفة وكأن لديه تفسيراته الخاصة: "نعم، هذا هو السؤال بالضبط... كانت تجربة قاسية حقاً".

أثر موضوع الفيلم في فوكوا وطاقم العمل. ويقول إنه كان على وشك البكاء معظم الوقت وكان عليه الاستحمام مباشرة بعد التصوير كل يوم، موضحاً: "لقد شعرت بالاشمئزاز... كان عليَّ التخلص من هذا الشعور بالاغتسال، لكننا جميعاً كنا نتلقى جلسات علاج نفسي. ويعود الفضل في استمراري إلى فريق العمل والممثلين السود والبيض. بعد الإعصار، أصبح الكثير من الأشخاص [العاملين في الفيلم] بلا مأوى لكنهم استمروا في الحضور إلى العمل كل يوم. تتمكنين من تجاوز الأمر عندما ترين أن الإنسانية تتوحد للمساعدة في إخبار قصة ما".

الفيلم، مثله مثل جميع أعمال فوكوا، مليء بالعنف الصادم الذي لا هوادة فيه. يمزق كلب ساقي أحد العبيد إلى أشلاء ويخضع شخص آخر لدمغ خده، بينما كانت رؤوس الهاربين تلوح فوق المعسكرات الكونفيدرالية التي كانت على المحك. يقول المخرج: "لا أعتقد أنك تستطيع الفرار من العنف وأنت تحكي قصة عن العبودية... لا توجد مشاهد هنا تناسب من هم أقل من 13 سنة، لكنني أيضاً لم أرغب في أن يكون الأمر استغلالياً – فكل هذه الأمور حقائق. هناك مقولة رائعة، أعتقد أنها للشاعرة مايا أنجيلو، هي "عدم المعرفة صعب، لكن المعرفة أصعب". كلما تعمقت في موضوع العبودية لم أتمكن حتى من ملامسة سطح قبحها". خلق فوكوا في "انعتاق" مكاناً يشبه الجحيم على الأرض - معسكرات كونفيدرالية يفقد فيها الرجال، سواء كانوا من السود أو البيض، أطرافهم بسبب المرض، وتفيض القبور الجماعية، وتتعفن الجثث تحت الشمس الحارقة.

كذلك يعتقد فوكوا بأهمية إظهار العنف بغية منع التاريخ من تكرار نفسه. صبيحة اليوم الذي أجرينا فيه حوارنا هذا، حظر موقع تويتر المغني كاني ويست من منصته لنشره صورة صليب معقوف داخل نجمة داوود. كان فوكوا يتابع آخر تعليقات مغني الراب حول هتلر ويتذكر ما قاله عام 2018 عن أن العبودية بدت وكأنها "اختيارية". يقول فوكوا عن الفنان الذي يعاني اضطراب ثنائي القطب: "آمل فقط أن يحصل [كاني] على المساعدة التي يحتاج إليها... من السخف القول إن "أربعمئة عام من العبودية كانت اختياراً". لا أعرف لماذا يقول ذلك. ببساطة إنه أمر غير ممكن. من هو ذلك الإنسان الذي يريد أن يكون مستعبداً وأن يفصل عن أسرته ويعامل أسوأ من الحيوان؟"، ما زال استيعاب مثل هذه التجارب صعباً للغاية، ولهذا السبب أراد فوكوا أن يخلق فيلمه من اللحظة الأولى شعوراً بالارتباك. المشهد الافتتاحي، وهو لقطة شاملة صورت من الجو فوق المستنقعات، يجعل لويزيانا في ستينيات القرن التاسع عشر تبدو وكأنها كوكب آخر. يقول ملوحاً بيده في الأثير: "عند مشاهدتها، تعتقد أنك على سطح المريخ... على أية حال، هذا هو عالمنا، هذا ما فعلناه ببعضنا قبل فترة ليست ببعيدة".

بدأ عرض فيلم "انعتاق" في دور السينما وعلى منصة آبل تي في بلس يوم الجمعة 9 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

© The Independent

 

الـ The Independent  في

01.01.2023

 
 
 
 
 

«سيزار الفرنسية» تمنع حضور حفلها أي فنان يخضع للتحقيق في جرائم جنسية

باريس ـ «سينماتوغراف»

أعلن القيمون على جوائز سيزار، أهم الجوائز السينمائية في فرنسا، أن أيّ شخص يخضع للتحقيق بشأن اتهامات تتعلّق بسوء السلوك الجنسي سيمنع من حضور حفلها الشهر المقبل، بحسب ما نقلته صحيفة ذا غارديان البريطانية.

ويأتي القرار بعد ظهور مخاوف من وقوع احتجاجات يوم حفل توزيع الجوائز، في 25 فبراير المقبل، وذلك بعد الكشف عن خضوع النجم الصاعد سفيان بن ناصر للتحقيق من قبل الشرطة في تهمتين، هما الاغتصاب والعنف.

وكان بن ناصر (25 عاماً)، والذي ينفي ارتكاب أيّ مخالفات، أحد المرشحين للحصول على جوائز عن دوره في فيلم “فوريفر يونغ” الذي تدور أحداثه في ثمانينيات القرن الماضي.

وبحسب “ذا غارديان”، يأتي قرار القائمين على سيزار، النظير الفرنسي للأوسكار، في أعقاب الاحتجاجات خلال حفل عام 2020، عندما فاز رومان بولانسكي، الذي أدين بالاغتصاب في السبعينيات، بجائزة أفضل مخرج، ما أدى إلى إعادة تنظيم وهيكلة لأكاديمية سيزار.

وقالت الأكاديمية في بيان إنّ أيّ شخص يواجه عقوبة محتملة بالسجن بتهمة “العنف، لا سيما إن كان جنسياً” سيتم استبعاده من الحفل المقبل.

وأضافت: “تقرّر عدم تسليط الضوء على الأشخاص الذين ربّما يكونون قد تعرضوا للمساءلة من قبل القضاء لارتكابهم أعمال عنف”، مضيفة أن الخطوة اتخذت “احتراماً للضحايا”، حتى لو كانوا ضحايا “مفترضين”.

وتم إسقاط بن ناصر من القائمة الطويلة للمرشحين المحتملين في نوفمبر الماضي بعد ظهور اتهامات جديدة له في وسائل الإعلام.

وانتقدت مخرجة “فوريفر يونغ” فاليريا بروني تيديشي الاتهامات الموجّهة إلى بن ناصر ووصفتها بأنّها “إعدام إعلامي”.

وقالت عبر “إنستغرام” إنّ منتجي الفيلم كانوا على علم بالمزاعم الموجهة إليه أثناء التمثيل، “لكنني أخبرتهم بأن هذه الشائعات لن تمنعني ولا يمكنني تصور صنع الفيلم بدونه”.

بدورها، قالت شقيقتها الشهيرة، عارضة الأزياء والسيدة الفرنسية الأولى السابقة كارلا بروني، إنّ معاملة بن ناصر قوضت افتراض البراءة، الذي يعدّ “أحد أسس ديمقراطيتنا”.

وقالت أكاديمية سيزار إنّها لا تزال تناقش إمكانية منع الأشخاص المتهمين بسوء السلوك الجنسي من المشاركة في الترشيحات والجوائز المستقبلية، على أن يصدر القرار خلال الأسابيع المقبلة.

 

موقع "سينماتوغراف" في

03.01.2023

 
 
 
 
 

آنا دي أرماس تبكي وتتلقى تصفيقاً لمدة 14 دقيقة عقب إنتهاء عرض Blonde

سيدتي - نهى سيد

مر أكثر من أسبوع مليء بالإثارة والمتعة والعروض الشيقة في مهرجان فينيسيا السينمائي 2022، وبالنسبة لـ"آنا دي أرماس" فقد اجتاز فيلمها الجديد Blonde المقاييس، حيث تلقت الممثلة، 34 عاماً، ترحيباً حاراً أفادت بعض وسائل الإعلام أنه استمر 14 دقيقة بعد العرض الأول لفيلم Blonde، الذي تلعب فيه دور "مارلين مونرو". بكت "آنا"، التي لعبت دور البطولة في الفيلم الخامس والعشرين لـ"جيمس بوند" No Time to Die and Knives Out (كلاهما جنباً إلى جنب مع دانيال كريغ)، بينما صفق الجمهور لمدة كبيرة تقديراً للفيلم وبطلته.

آنا دي أرماس وأطول فترة تصفيق

في حين ذكرت بعض المنافذ، بما في ذلك Deadline، أن التصفيق المطول كان 11 دقيقة، إلا أن مواقع إخبارية أخرى ذكرت أن التصفيق استمر لمدة 14 دقيقة. إذا كان العرض قد حصل بالفعل على تلك الثلاث دقائق الإضافية من التصفيق، فستكون "آرما" قد حطمت الرقم القياسي لهذا العام، وهي 13 دقيقة من التصفيق الذي تلقاه فيلم The Banshees of Inisherin، الذي يقوم ببطولته "كولين فاريل".

في مقطع فيديو تم نشره على وسائل التواصل الاجتماعي، يمكن رؤية "آنا" وهي تبكي وتشكر الجمهور بينما ترسل القبلات إلى الأقرب إليها. يُظهر المقطع، الذي نشره Deadline، أيضاً "آنا" وهي تعانق زميلها "آدريان برودي" في فيلم Blonde ، الذي يجسد الكاتب المسرحي "آرثر ميلر"، الزوج الثالث لـ"مونرو". كما بدا أن "آدريان" يبكي عند بعض النقاط بينما صفق المسرح بأكمله.

تحضير آنا دي أرماس للدور

استعداداً للدور، يُقال إن "آنا" أمضت تسعة أشهر في العمل مع مدربين صوتيين لإتقان لهجة النجمة، التي توفت عام 1962 عن عمرٍ يناهز 36 عاماً. في حديثها إلى The Times، أوضحت أن عملية تغيير لهجتها كانت مرهقة إلى حد ما، قالت: "لقد استغرق الأمر تسعة أشهر من التدريب على اللهجة، والممارسة وبعض جلسات استبدال الحوار الإضافية لإتقان اللهجة. لقد كان تعذيباً كبيراً، مرهقاً للغاية". Blonde من إخراج "أندرو دومينيك"، الذي كان آخر أفلامه الطويلة هو Killing Them Softly لعام 2012، والذي قام ببطولته "براد بيت"- منتج Blonde- و"ديدي جاردنر". تستند السيرة الذاتية إلى الرواية التي تحمل الاسم نفسه للكاتب "جويس كارول أوتس"، والتي نُشرت لأول مرة في عام 2000، بينما أصر "أوتس" على أن الرواية ليست سيرة ذاتية بل عمل خيالي. تم تحويله إلى مسلسل تلفزيوني في عام 2001، من بطولة "بوبي مونتجومري". حتى الآن، كانت مراجعات Blonde إيجابية، حيث سيتم طرح الفيلم في دور السينما في جميع أنحاء العالم في وقتٍ لاحق من هذا الشهر. سيُطرح الفيلم في دور السينما وسيُعرض بعد ذلك على Netflix في 28 سبتمبر.

 

####

 

«إلفيس» يحصد 6 جوائز و«توب غان : مافريك» يقتنص ثلاثة

«كابري السينمائي» يرفع وتيرة المنافسة في الغولدن غلوب والأوسكار

نابولي ـ «سينماتوغراف»

فاز فيلم «إلفيس» بغنيمة وافرة من الجوائز في مهرجان كابري السينمائي، حيث حصل على جائزة أفضل فيلم وأفضل مخرج.

كما نالت السيرة الذاتية الجذابة لـ وارنر بروس، عن إلفيس بريسلي ست جوائز أخرى، بما في ذلك أفضل المنتجين وأفضل تصميم إنتاج وأفضل تصميم أزياء وأفضل مكياج وتصفيف شعر، مما يرفع وتيرة المنافسة خلال موسم الجوائز خصوصاً الغولدن غلوب والأوسكار.

ومن بين الجوائز التي وزعت في نابولي بإيطاليا، حصل بريندان فريزر على جائزة أفضل ممثل عن دوره في فيلم The Whale، وحصلت أنجيلا باسيت على جائزة أفضل ممثلة مساعدة عن فيلم Black Panther: Wakanda Forever.

بالإضافة إلى ذلك، حصلت آنا دي أرماس على جائزة أفضل ممثلة لأدائها الرئيسي في دور مارلين مونرو في فيلم Blonde، بينما فاز إيدي ريدماين بجائزة أفضل ممثل مساعد عن دوره النجم في فيلم The Good Nurse .

وبذلك يكون نصيب Netflix تسعة جوائز في مهرجان كابري السينمائي، بما في ذلك بينوكيو من Guillermo Del Toro، الذي تم تكريمه كأفضل رسوم متحركة وأفضل نتيجة أصلية من قبل ألكسندر ديسبلات؛ أما أفضل سيناريو مقتبس وأفضل فريق تصوير فذهبت لـ Glass Onion: A Knives Out Mystery ؛ وفاز All Quiet in the Western Front بجائزة أفضل فيلم دولي.

وحصل أليخاندرو غونزاليس إيناريتو أيضًا على جائزة جائزة كابري فيجيناري عن فيلمه الأخير، باردو.

كما نال فيلم توم كروز Top Gun: Maverick ثلاث جوائز كابري في الفئات الفنية لأفضل تصوير سينمائي وأفضل تحرير وأفضل تأثيرات بصرية.

وحصل دانيال كوان ودانيال شاينرت على جائزة أفضل سيناريو أصلي لكل شيء في كل مكان في آن واحد، وحصلت ديان وارين على جائزة أفضل أغنية أصلية لأغنية عن فيلم تيل Tell It Like a Woman"".

 

####

 

آنا دي أرماس وبيلي بورتر وجيمي لي كورتيس وكوينتين تارانتينو

يقدمون حفل غولدن غلوب 2023

لوس أنجلوس ـ «سينماتوغراف»

أعلنت رابطة الصحافة الأجنبية في هوليوود عن مقدمي العروض لجائزة غولدن غلوب الثمانين.

تضم قائمة احتفالات 10 يناير المرشحون آنا دي أرماس، وجيمي لي كورتيس، ونيكي ناش بيتس، بالإضافة إلى آنا جاستاير، وبيلي بورتر، وكولمان دومينغو، وناتاشا ليون، وميكايلا جايه رودريغيز، ونيكول باير، وكوينتين تارانتينو، وتريسي مورغان.

ومن المتوقع أن يظهر المرشحون الآخرون في الحفل أوستن بتلر بكل فيلم "إلفيس"؛ وطاقم فيلم "فابلمانز" ستيفن سبيلبرغ وميشيل ويليامز وتوني كوشنر؛ وعلى الأرجح دانيال كريغ "زجاج البصل: لغز يطرد السكاكين".

ومن المتوقع حضور كذلك الفريق الذي يقف وراء مرشح فيلم الرسوم المتحركة "Turning Red" ، بما في ذلك المخرج دوم شي، كما هو الحال مع مخرج فيلم " قرار بمغادرة "بارك تشان ووك، الذي يُعد فيلمه أفضل فيلم بلغة غير اللغة الإنجليزية. ومن بين نجوم " كل شيء هادئ على الجبهة الغربية" فيليكس كاميرر ودانيال برول.

بعد مواجهة ما يقرب من عامين رد فعل عنيف في أعقاب انتقادات حول افتقار رابطة الصحافة الأجنبية في هوليوود للتنوع بين أعضائها والشكاوى من الممارسات التجارية غير الأخلاقية ، تسعى غولدن غلوب إلى إعادة تأسيس نفسها كواحدة من أهم احتفالات توزيع الجوائز في هوليوود، مع إمكانية التأثير على التصويت لصالح جوائز الأوسكار و SAG.

 

موقع "سينماتوغراف" في

04.01.2023

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004