"أفاتار: طريق الماء".. "چاميه ڤو" لا يكفي

بقلم: أسامة عبد الفتاح

جوائز الأكاديمية الأمريكية للفيلم

(أوسكار 95)

   
 
 
 
 
 
 

** لا ينتمي إلى الخيال العلمي ويكاد أن يكون نوعية مستقلة وخاصة جدا قائمة على فلسفة ورؤية شخصية لكاميرون وعلى عالم بصري متكامل وجديد تماما على صناعة السينما

مع فيلم "أفاتار: طريق الماء"، للمخرج جيمس كاميرون، تتجاوز السينما كثيرا من القواعد والاعتبارات الخاصة بها والراسخة منذ عشرات السنين، من التلقي نفسه وحتى التقنيات، وتنطلق في عالم جديد ليس بالضرورة مرتبطا بالتكنولوجيا والتكنيك بقدر ما يتعلق بفلسفة الصورة وما بعدها.

يتجاوز الفيلم السؤال التقليدي الذي يتلقاه كل من يخرج من قاعة العرض عما إذا كان "حلوا أم سيئا"، فهو عالم كامل استغرقت صناعته سنوات طويلة وجهدا خرافيا وأموالا طائلة ولم تعرفه السينما من قبل، فإما أن يروق لك وتنتمي إليه وإلى دلالاته وفلسفته أو تشعر بأنك غريب فيه وعليه ولذلك لا تحبه، لكن لا يمكنك أبدا أن تقول بكل بساطة وخفة إنه رديء أو سيئ لأن هذا الخيار ليس مطروحا أصلا!

أنا، على سبيل المثال، لا أُفضّل نوعية الخيال العلمي في السينما، لكن سلسلة "أفاتار" – بالمعايير التقليدية – لا تنتمي إلى الخيال العلمي، وتكاد أن تكون نوعية مستقلة وخاصة جدا قائمة على فلسفة ورؤية شخصية لكاميرون وعلى عالم بصري متكامل وجديد تماما لا يكفي وصف "مبهر" للتعبير عنه، والأقرب أنه مذهل، يُحفزّك على التأمل والتفكير أكثر مما يدفعك للتساؤل عن كيفية صنعه.. نوعية لا تدور في المستقبل فحسب، ولكن في عالم افتراضي مستقبلي قد تعيش فيه الآن وأنت جالس إلى مقعدك متصلا به بكابلات وأسلاك وكاميرات، ويطرح أسئلة عما تقودنا إليه تكنولوجيا الاتصالات، ولا أريد أن أبالغ فأقول: أسئلة وجودية فلسفية عن الحياة والموت وتناسخ الأرواح في حيوات أخرى.

والمعروف أن سلسلة "أفاتار" انطلقت عام 2009، ويُعد "طريق الماء"، الذي بدأ عرضه التجاري في مصر في 14 ديسمبر الحالي، الجزء الثاني منها، علما بأنه من المقرر أن تصل إلى خمسة أجزاء، وقد تم تصوير مشاهد كثيرة من الجزء الثالث بالتوازي مع الثاني الذي بدأ تصويره عام 2017 ودام 18 شهرا.. وكان كاميرون قد صرح بأنه لن يصنع الجزءين الرابع والخامس إذا لم يحقق الثاني والثالث الأرباح المرجوة، ويبدو الآن أنه سيصنعهما، حيث حقق "طريق الماء" – حتى كتابة هذه السطور – إيرادات تتجاوز نصف مليار دولار بواقع 350 مليون دولار خارج الولايات المتحدة وأكثر من 150 مليونا داخلها بعد أقل من أسبوع على عرضه بالقاعات الأمريكية في 16 ديسمبر الحالي.

وقال مخرج الفيلم، المشارك في كتابته أيضا، إنه بالنظر إلى ميزانيته الكبيرة، التي تصل في بعض التقديرات إلى 460 مليون دولار، فإنه يجب أن يكون ضمن قائمة الأفلام الثمانية الأعلى تحقيقا للإيرادات في التاريخ حتى يكون قد ربح ما تم إنفاقه عليه.

ولابد الآن من محاولة الإجابة عن الأسئلة المنطقية التي قد يطرحها من يقرأ هذه السطور أو من يشاهد الفيلم: لماذا قفزت ميزانيته إلى هذا الرقم القياسي الخيالي؟ وما هو ما لم تعرفه السينما قبله ويجعله متميزا إلى هذه الدرجة على المستوى التقني؟

بالإضافة إلى ما هو معروف و"عادي" للغاية من خدع وشاشات خضراء ومؤثرات بصرية تقليدية في الأفلام التي لها علاقة بهذه النوعية، يقدم "أفاتار: طريق الماء" الـ"چاميه ڤو"، أو ما لم يره أحد من قبل، وهو "التقاط الحركة"، لكن تحت الماء.

وهذه التقنية موجودة "على البر" منذ سنوات، وتم استخدامها في العديد من الأفلام ومنها "أفاتار" الأول نفسه، لكن في فيلمنا هذا يستخدمها كاميرون تحت المياه لأول مرة في تاريخ السينما.. ولمن لا يعرف، تتلخص هذه التقنية في اللجوء لممثلين من البشر لالتقاط حركتهم وأدائهم التمثيلي واستخدامهما في تحريك الشخصيات المُخلّقة على الكمبيوتر وجعْلها "تمثّل" الدراما المكتوبة والحوار المنطوق.. ويتم التقاط الحركة عن طريق غطاء رأس يرتديه الممثل ويحتوي على كاميرا حساسة مسلطة على وجهه تلتقط كل تعبيراته وخلجاته عن طريق نقاط إلكترونية، حساسة بدورها، موضوعة على هذا الوجه.

وما فعله كاميرون، ويصل فعلا إلى درجة الإعجاز، أنه نفّذ هذه التقنية تحت الماء، ولا أحد – حتى الآن – يعرف كيف؟ هل صنع كل ما أشرت إليه من أغطية رأس ونقاط وكاميرات حساسة من مواد مقاومة للماء؟ هل لجأ لأجهزة أخرى لا يعرف أحد عنها شيئا؟ لا توجد – في المصادر المتاحة – إجابات عن هذه الأسئلة. كل ما نعرفه أن تلك التقنية الـ"چاميه ڤو" هي التي قفزت بالميزانية إلى هذا المبلغ الخيالي، وهي التي جعلت للفيلم سحرا غير مسبوق.

ولا يتعلق الأمر بالتقنيات والتكنولوجيا فقط. فقد كان من الممكن أن يلتقط كاميرون حركة الممثلين على البر ثم يمنحها لشخصياته المخلقة مع إضافة تأثير الماء إلكترونيًا، لكنه – للوصول إلى نتائج مثالية تقنع المشاهدين – جعل الممثلين يؤدون الحركات الدرامية والجمل الحوارية تحت الماء فعلا، ويقفزون في المياه ويغطسون ويخرجون منها بطريقة طبيعية وهم يرتدون لاقطات الحركة كلها، وتطلب ذلك تدريب الممثلين على الغطس وحبس الأنفاس لفترات طويلة.. وعلى سبيل المثال، حبست الممثلة البريطانية كيت وينسلت أنفاسها في أحد المشاهد 7 دقائق متصلة بفضل التدريب الذي حصلت عليه!

كما تطلب الأمر بناء خزان ماء عملاقا في ستوديوهات "مانهاتن بيتش" في كاليفورنيا لمحاكاة المحيط بكل ما فوق سطحه وتحته وإنتاج حياة بحرية مقنعة.. وقد بلغ طول الخزان 36 مترا، وعرضه 18 مترا، وعمقه 9 أمتار، ووصلت سعته إلى نحو مليون لتر من المياه.

ولا شك أن هذا الـ"چاميه ڤو" مقنع ومذهل كما أشرت على المستوى التقني / البصري، لكنه وحده ليس كافيا للأسف، فهناك دراما لابد أن تكون على نفس المستوى لتكتمل عناصر الفيلم، والدراما في "طريق الماء" أضعف من نظيرتها في الجزء الأول، الذي اعتمد على "تيما" أو موضوع رئيسي قوي ومثير للحماس دائما هو التمسك بالأرض والدفاع عنها ضد الغزاة وربطها بالوجود ذاته.. أما الثاني، فأصر على موضوع أقل قدرة – نسبيا – على جذب التعاطف، وكثيرا ما تم تقديمه في السينما الأمريكية وغيرها، وهو العائلة، والحفاظ على هيكلها وتماسكها في وجه التهديدات.

وأدى اختيار هذا الموضوع بشكل نمطي، وتحويله إلى تحد شخصي بين رجلين بدلا من شعبين، إلى طرح تقليدي آخر لشخصية الأب / البطل الذي يفعل كل شيء لإنقاذ أسرته.. لكن حتى هذا البطل لم يحظ بالتعاطف المعهود وحده لأن المعالجة الدرامية منحت نفس المشاعر الأبوية لغريمه الذي يفعل كل ما في وسعه هو الآخر لإنقاذ ابنه، وبالتالي حصل على جزء من تعاطف المتلقين.

وفي حين كانت الرؤية الفلسفية واضحة في الجزء الأول وتقوم، من ناحية، على العالم / الحياة الافتراضية التي صارت بديلا للواقع في ظل ثورة الاتصالات، ومن أخرى على قدسية الوطن / الطبيعة الأم التي يصير ارتباطك بها هو وجودك الحقيقي بغض النظر عما إذا كان واقعك فعليا أو افتراضيا، بدت تلك الرؤية مفتعلة في الجزء الثاني، حيث تم إلغاء الواقع الفعلي، والتركيز بالكامل على مستقبل افتراضي ضعف فيه عنصر الارتباط بالأرض والطبيعة الأم مقابل التركيز على قيم الارتباط الأسري فقط.

كما يعاني الفيلم من كثير من التطويل خاصة في نصفه الأول، حيث استغرق وقتا طويلا جدا في تقديم مفردات حياة الماء الجديدة التي يلجأ إليها أفراد أسرة البطل بعد إحراق الغزاة أرضهم.. ويبدو أنه كان من الصعب على كاميرون أن يحذف كثيرا من المشاهد التي يدرك جيدا حجم الجهد الخرافي الذي بُذل لعملها والمال الطائل الذي تم إنفاقه لتنفيذها!

 

جريدة القاهرة في

27.12.2022

 
 
 
 
 

«مثلث الحزن».. مسخرة بطعم المأساة

محمود عبد الشكور

تصنع تجربة المخرج وكاتب السيناريو روبن أوستلوند نموذجا مدهشا يستحق التأمل، في الجمع بين الشكل الحواديتي الذي يبدو بسيطا، وبين الأفكار العميقة والخطيرة، التي يعبر عنها.

بين الروح الكوميدية المرحة، التي تلامس حدود العبث والمسخرة معا، والجوهر المأساوي للأفكار التي تشغله، والتي تصل إلى مستوى البحث عن المصير، في ظل أوضاع العالم المقلوبة، وفي ظل تناقضات الإنسان الداخلية الأبدية.

بين رسم الشخصيات المتقن، والسرد الممتع والمسلي.

وكلها أمور ليس من السهل الجمع بينها، إلا بفضل موهبة ووعي كبيرين.

هكذا أدهشنا روبن بفيلمه "المربع"، الذى حصد السعفة الذهبية فى مهرجان كان 2017، وهكذا أيضا يواصل التأكيد على أفكاره بطريقة الكوميديا السوداء، فى فيلمه "مثلث الحزن"، الفائز بالسعفة الذهبية فى مهرجان كان 2022، والعلاقة بين الفيلمين قوية وواضحة، شكلا ومضمونا، فنحن من جديد أمام مسخرة تكشف عن خيبات وفشل، وعن مأساة كامنة، ونحن مرة أخرى أمام مأزق العلاقة الصعبة مع الآخر، وسخرية لاذعة من التحضر الشكلي، الغارق فى الحياة الاستهلاكية، والذى تتم تعريته مع أول اختبار.

فى "مثلث الحزن" أيضا تتكشف هشاشة فكرة المساواة المزعومة، وتظهر تناقضات الإنسان العجيبة، وتتغير موازين الملكية والسيطرة، ونصبح من جديد على أعتاب العودة إلى الغابة، وهى البديل الذى يراه روبن، لو استمرت حياتنا على هذا النحو المختل والمجنون والمضطرب.

فى فيلم "المربع" كانت السخرية من الحياة المغلقة، التى يعيشها كريستيان، مدير متحف الفن الحديث، والذى يتعرض لاختبار علاقته مع الآخر، عندما تسرق حافظة نقوده، وبينما يستعد لتنظيم معرض لفنانة تدور أعمالها عن شكل "المربع"، الذى يفترض أن يوفر لكل من بداخله الثقة والمساواة والطمأنينة، يكشف كريستيان أنه يعيش شخصيا داخل مربع مختل العلاقات، ونكتشف أن فكرة المساواة هشة تماما، وتنهار عند أول اختبار.

فى "مثلث الحزن"، يبدو كارل عارض الأزياء، وصديقته عارضة الأزياء يايا، منعزلين فى مربعهما الخاص، تبحث هى عن شخص يساندها لو مرضت أو توقفت عن العمل، ويبحث هو عن المساواة بينهما، حتى عند لحظة دفع النقود فى مطعم.

تأتى لحظة اختبار منطقة الأمان، والمساواة الوهمية، عندما يحصل كارل ويايا على رحلة مجانية على يخت حافل بالشخصيات العجيبة، والتى تؤكد اختلال المساواة، واتساع المسافة بين البشر، وسيطرة المادة، والروح الاستهلاكية، ثم ينهار مربع الثقة، عندما ينفجر اليخت، ويعيش بعض الناجين، ومنهم كارل ويايا، فى جزيرة، ليرتد البشر إلى الحياة الأولى، وتتغير موازين العلاقات، بسيطرة أبيجيل ، مديرة المراحيض فى اليخت، على موارد الطعام والطهي، تصبح بديلة عن قبطان اليخت، وهنا يصبح كارل، الباحث عن المساواة مع يايا، عبدا لاستغلال أبيجيل الجنسي، وتصبح أموال المليونير الروسى بلا أى قيمة، أمام قطعة من الأخطبوط، الذى اصطادته أبيجيل، أى أننا نصبح بوضوح أمام العودة إلى الغابة، وهذا ما يحدث مع كارل، الذى نراه وهو يعدو وسط الأشجار، فى آخر مشاهد الفيلم.

من اختبارات عروض أزياء، يرتدى فيها كل عارض تعبير الحزن أو الابتسام أمام الكاميرا، ننتقل إلى يخت يجمع بين قبطان أمريكى ماركسى سكير (وودى هارلسون فى دور مميز للغاية)، ومليونير روسى يتاجر فى الفضلات، ويحولها إلى أسمدة للزراعة فى دول أوربا الشرقية، وزوجين عجوزين يعملان فى مجال تصنيع القنابل اليدوية، ويقولان إنها تساعد على تحقيق الديمقراطية، ومليونير وحيد يعمل فى مجال البرمجيات، وامرأة قعيدة مصابة بسكتة دماغية، لا تردد سوى كلمة واحدة، وطاقم من مضيفى ومضيفات وعمال اليخت، ينتظرون النقود فى نهاية هذه الرحلة العجيبة، ثم ننتقل أخيرا إلى الجزيرة فى رحلة تشبه فيلم "البداية" لصلاح أبو سيف، حيث تتكون من جديد آليات الخضوع والسيطرة، وتتكرر فكرة الاستغلال، اعتمادا على وجود حاجات الإنسان الأولية.

هو إذن عرض أزياء، يتحول إلى عرض تناقضات، نتحول فيه من الجسد العارى للعارضين، إلى الأطماع البشرية العارية من كل تزويق، والفوارق الطبقية الواضحة، وتبادل مشاعر الغيرة الساذجة، من كارل تجاه تصرفات يايا على اليخت، ومن يايا تجاه تصرفات كارل مع أبيجيل على الجزيرة.

يتبدد مربع المساواة الافتراضى القديم، لنصبح أمام "مثلث الحزن"، وهو الاسم الذى يطلق على المسافة بين الحاجبين: انبساط هذه المثلث على وجه عارض الأزياء، يعطى تعبير الارتياح ، وتجعّد هذا المثلث، يعطى مظهر التجهم والحزن، والفيلم فى جوهره عن تلك اللعبة، وعن ذلك التناقض الذى نعيشه كبشر، والذى يجعل وجوهنا مرايا، تعبر عن اصطناع صورة ما، بينما نبدو من داخلنا فى حالة مختلفة.

لا يوجد مشهد تقريبا لم يكتب بعناية، بل إن تتابعات مشهد فوضى ليلة العشاء فى ضيافة القبطان الأمريكى الماركسى المخمور، والتى تتحول بسبب دوار البحر إلى فاصل من المرض والتقيؤ، ثم قيام المليونير الروسى بالادعاء عبر الميكروفون بأن اليخت يغرق، هذا المشهد يذكرنا بفوضى أفلام الأخوة ماركس، وبسخرية المخرج الفذ لويس بونويل من البرجوازية، وسحرها الخفي، كما يذكرنا بمشهد الإنسان الذى يقلد قرد الغابة فى فيلم "المربع"، حيث تتحول الحضارة الأنيقة، إلى فوضى بدائية عارمة.

من مشاهد الفيلم البديعة أيضا، مشهد إصرار المليونيرة العجوز، زوجة المليونير الروسي، على أن تقوم مضيفة بائسة بالعوم فى حمام السباحة على اليخت، ثم قيام كل عمال اليخت، ومضيفاته، وخادماته، بارتداء مايوهات السباحة، والنزول إلى البحر، بناء على طلب المليونيرات، النقود هى الهدف، وكل مطالب الضيوف يجب تنفيذها، وهى وصية رئيسة طاقم الضيافة لمرءوسيها، فى بداية رحلة اليخت.

ربما طالت بعض مشاهد الجزيرة، وربما كانت الدراما تحتمل شخصيات إضافية أعجب وأغرب، ولكن الفكرة وصلت عبر مواقف وتحولات ومفارقات مذهلة، وبدا كما لو أن الواقع والعبث وجهان لنفس العملة، وأن غرابة وجود مصعد وسط الغابة، متسق مع غرابة وجود مليونر روسى يحب الرأسمالية، وقبطان أمريكى يؤيد الشيوعية، ومتسق مع غرابة ارتداد البشر إلى مرحلة قتل حمار لأكله، أو غرابة صناعة قنابل يدوية، تتسب إحداها فى تفجير اليخت.

روبن أوستلوند لا يرى فى حياتنا الراهنة إلا شعارات كاذبة وهشة، لا مربعات ولا مثلثات ولا حتى أيديولوجيات، نجحت فى أن نشعر بالمساواة والثقة بالعيش معا فى مساحة واحدة.

الوحش ما زال كامنا داخل الإنسان المتحضر، والغابة انتقلت معنا حتى ونحن فى عز التقدم والرفاهية، والعودة إلى الغابة تتم فى لمح البصر.

وتبقى فى الذاكرة امرأة قعيدة تردد نفس الكلمة، تشهد على المأساة المتنكرة فى صورة مسخرة، معنى كلمتها المتكررة هو " الأعالى بجوار السحب".

لعله الحلم المستحيل، الذى لن نصله أبدا، ونحن نتعايش مع هذه التناقضات، ونرفع شعارات لا تتحقق، ونمارس الاستهلاك والاستغلال، ونصطنع الحزن والابتسام حسب الطلب، من أجل حفنة دولارات.

 

####

 

«القديس عمر».. محاكمة إنسانية لعالم لا إنسانى

خالد محمود

عقب مشاهدتى فيلم المخرجة الفرنسية أليس ديوب «القديس عمر» الذى ينافس على الأوسكار هذا العام، وجدتنى أتذكر ما كتبه الأديب رولان بارت «القانون دائمًا على استعداد لإعطائك عقلًا احتياطيًا من أجل إدانتك دون ندم»، تلك الرؤية تحققت على الشاشة، مررتها المخرجة التى اشتهرت بوثائقيتها فى فيلمها الطويل الأول، عبر صورتها وسردها وحوارها الذى ظل يطارد أفكارك وهواجسك، بل ويحاور مشاعرك بسيناريو راسخ ومحكم يعرف هدفه الفنى جيدا.. عالم صغير ضيق تجسد على الشاشة، لكنه بدا كبيرا بمفرداته وعمقه الفنى وقضيته وسيظل عملا مهما.

فى «القديس عمر» الذى عرض على شاشة مهرجان البحر الأحمر ومن قبله على شاشة فينيسيا، ويبقى أحد أروع أفلام العام، تحاكم لورانس كولى «جوسلاكى مالاندا»، مهاجرة سنغالية متهمة بإغراق طفلتها الصغيرة البالغة من العمر 15 شهرًا فى البحر بشمال فرنسا.

وقائع القضية لا جدال فيها، حيث تعترف لورانس بأنها فعلت ذلك، لكنها تصر على أنها ليست مسئولة عن الفعل فى إطار درامى مدهش.

ينطلق الفيلم ــ الذى يستند لأحداث حقيقية جرت وقائعها عام 2013 ــ من هذا التناقض المحير أمامك، حيث يسلط ضوءًا متعاطفًا على امرأة من السهل جدًا اعتبارها شخصية قاسية وشريرة، حيث تروج الصحافة الفرنسية للقصة باعتبارها جريمة وحشية، ويتابع الجمهور عن كثب المحاكمة سيئة السمعة باهتمام شديد، وكذلك من خلال النظرة المؤلمة لـ«راما» أو « كايجى كاجامى» الروائية الناجحة التى تكتب عن المحاكمة الخانقة داخل القاعة.

كما يتناول العمل أفكارًا فلسفية مشحونة باتباع نهج مختلف تعيد فيه المخرجة أليس ديوب بناء إجراءات قاعة المحكمة فى لقطات طويلة تؤكد على فن البورتريه الإنسانى الذى يعكس الانفعالات والمشاعر ورسوخ البطلة داخل الكادر، وكذلك لغة الحوار الذى يتحدث عن كرامة الشخصية فى وجه العار، وفى عنادها النفسى، وفى غموضها حتى لنفسها، «راما» التى تعمل على إعادة رواية معاصرة لأسطورة قديمة هى نفسها الحامل وغير المستقرة ولديها مخاوف بشأن الأمومة، فيما يتم الكشف تدريجيا عن قصة حياة لورانس المرأة المتهمة من نشأتها الصارمة فى السنغال إلى العزلة التدريجية عن الأسرة والمجتمع عند وصولها إلى أوروبا.

غادرت الفتاة فى سن الـ18 بعد أن عاشت حياة سعيدة فى السنغال، وأتت لتعيش فى باريس أثناء دراستها للفلسفة التقت برجل أبيض يكبرها بسنوات، هو لوك دومونتيت، وأصبح والد طفلها، لتكشف تجاربها مع العنصرية والخداع العاطفى.

الفيلم تصويره بدقة وأناقة مركزا على النساء السود فى المجتمع الفرنسى غالبًا ما تجعل استكشافات الهوية سينما مقنعة، وهو ما نراه هنا عبر دراما ساحرة بصريًا فى قاعة المحكمة، تستكشف أوجه التشابه والاختلافات بين امرأتين شابتين من أصل سنغالى تعيشان فى فرنسا، حيث تشعر راما الروائية بالانجذاب إلى قصة لورانس كولى، الشابة التى تُحاكم فكلتا المرأتين تميلان لعقدة ما لديهما.. علاقات معقدة مع أُمَّيْهِما.

والحقيقة تركز سنوات عمل المخرجة أليس ديوب على استكشاف مجتمعات المهاجرين على هامش المجتمع الفرنسى، فلورانس تروى قصتها بتفاصيل معقدة، وصولا إلى أصغر التفاصيل حول حياتها فى السنغال، وقصة الهجرة الخاصة بها، وحتى مشاعرها الداخلية، ومع ذلك فهى نفسها غير متأكدة أبدًا من سبب قيامها بما فعلته، تسمح المخرجة لهذا الغموض بالبقاء، وكأنه شبح يحوم فوق الإجراءات وربما ما يزيد العمل جمالا هو التعاطف الذى نشعر به تجاه كل هؤلاء النساء.

«القديس عمر» تأمل شديد فى تجربة المرأة المهاجرة، يضع أمًا على المنصة والجمهور فى صندوق التحكيم للعثورعلى الإنسانية فى عالم لاإنسانى، بعد طرح أسئلة صعبة ومقلقة حول العرق والعدالة والأمومة والتحيز والاختلافات الثقافية، دون العثور على إجابات سهلة.

الفيلم لا يهتم بالحكم بقدر اهتمامه بكشف وجهة نظر الجمهور لقاتلة الأم، فى محاولة لتقرير ما إذا كانت مجنونة أو شريرة أو تتصرف فقط من جذورها الأجنبية. إنها تريدنا أن نفكر بعمق فى علاقة الأم بأطفالها وأن نكون على دراية بعلامات الخطر التى تنتقل من عصور قديمة فى هذا العالم الجديد الأكثر تعقيدًا.

 

الشروق المصرية في

27.12.2022

 
 
 
 
 

فيلم The Banshees of Inisherin...

كما لو أنه عالمٌ لا يحدث فيه شيء

محمد استانبولي

في فيلم The Banshees of Inisherin، يقطع كولم (برندان غليسون) علاقته بصديقه المقرّب، بادريك (كولِن فاريل) فجأةً، من دون إنذار سابق، وبلا مسوّغ، مثل تصرف قام به بادريك ربما أو كلمة تفوه بها عندما كان ثملاً. على العكس، تنتهي هذه الصداقة التي نشأت في قرية صغيرة، على جزيرة وداخل حانتها، لأن الأول سئم من الثرثرة الفارغة، ومن احتمالية موته ببساطة، مثل الجميع، بينما يصغي إلى صديقه الذي يستطيع التحدث لساعتين عن روث حصانه. هكذا، تدفع هذه القطيعة بين الصديقين، بأحداث الفيلم كلها في طريقٍ يغيّر حياة أهل القرية. تعيد هذه الفرضية كلاً من غليسون وفاريل للعمل مع المخرج الإيرلندي/الإنكليزي، مارتن ماكدوناه، الذي عمل مع كليهما في فيلم In Bruges سابقاً.

وفي الحقيقة، يستحق The Banshees of Inisherin كل المديح الذي يلقاه اليوم، وكل التوقعات المبكرة عن جوائز الأوسكار التي قد يحصدها، خصوصاً بعد فوز الفيلم وممثليه ببعض الجوائز، كدائرة نقاد سينما نيويورك. فكيف تصطف هذه العناصر لتصنع فيلماً يتميز عن معظم الإنتاجات الأخيرة ويحجز مكاناً لنفسه بينها؟ يبدأ العمل (تدور أحداثه في عام 1923)، بمجموعة من اللقطات الجوية لجزيرة "إينيشيرين" المتخيّلة. وللوهلة الأولى، يبدو المكان بأكمله خياراً مثالياً يحلم كل سكان المدن أن يجدوا أنفسهم فيه يوماً ما، بين المروج الخضراء والطرق الضيقة، والمراعي التي ترسم صورة مغرية، ينكشف ثقل هدوئها في الفيلم لاحقاً. وضمن هذا المكان، يقصد بادريك، الذي يعمل راعياً لقطيع من الحيوانات، منزل كولم، الذي يتجاهله ويرفض إجابة نداء الحانة اليومي عند الساعة الثانية ظهراً.

عند هذه النقطة، نبدأ بتلمس ملامح بادريك على الأقل. فعلى غرار العلاقة التي نجدها في In Bruges، يلعب فاريل الدور الأكثر "خفة" في الظاهر؛ الشخصية الأكثر مرحاً ضمن هذه العلاقة و"طيب القلب" كما يُوصف في الفيلم، وهي صورة يتكشف لاحقاً تعقيدها، كما نفهم علاقته بمحيطه وقربه من أنثى حمار صغير أطلق عليها اسم جيني، ويسمح لها بدخول منزله، رغم كل توجيهات أخته بعدم فعل ذلك. على النقيض، نتلمس في شخصية كولم ملامح أكثر هدوءاً؛ ونتعرف إلى إنسان هادئ، يحارب "اليأس" كما يسميه راهب الكنيسة، ويملأ منزله بتحف فنية، ويربي كلباً يشابه طباعه. كما نبدأ بفهم المكان الذي تدور القصة داخله، عندما يعزو الجميع ما يجري إلى شجار ربما، أو كلمة طائشة، قبل أن يعلن كولم لصديقه السابق أن القطيعة ليست نتيجة خطأ ما، بل هي قرار واعٍ وصل كولم إليه عندما تأمل مجرى حياته، وارتأى أن يراهن على الموسيقى كوسيلة ليدخل التاريخ ويترك أثراً ما، وهو ما يستحيل حدوثه صحبة صديقٍ "ممل" مثل بادريك، كما يوضّج كولم بعد أن شرع بتأليف قطعته الموسيقية التي تحمل اسم الفيلم.

نتعرّف أيضاً إلى الشخصيات الأخرى في العمل، مثل شيفون (كيري كوندون) شقيقة بادريك، التي لا تجذبها الحياة الاجتماعية في القرية بقدر الكتب التي تقرأها، والسيدة ماكورميك (شيلا فليتون) وهي مسنّة يتجنبها الشقيقان عادةً، ودومينيك (باري كوغان)، وهو شاب مضطرب وضحية والده العنيف، شرطي القرية. تتأثر كل هذه الشخصيات بما يجري بين كولم وبادريك، ابتداءً بشيفون التي تدفع بطيبة أخيها مقابل الشكوك بكونه مملاً، ودومينيك الذي يصبح نديمَ بادريك، ورواد الحانة التي يتغير جوها كلما حضر الاثنان في الوقت ذاته. وحتى نقطة معينة، يعتقد المشاهد -الذي لا يعرف أعمال ماكدوناه السابقة- أنه بدأ بفهم الفيلم وبطليه المتناقضين، بل بدأ يعتاد على نمط الكوميديا الحاد والجاف الذي يحضر في العمل، ويبني توقعات عن تطور الأحداث، التي تنحصر بين المرح والأقل تعقيداً ربما، والآخر الذي يحاول بطريقة كوميدية أن يذهب بنفسه بعيداً عن حدود الجزيرة الضيقة، كما نلحظ من اختياراته الموسيقية والتحف الفنية التي تملأ بيته. إلا أن ذلك سرعان ما يتغير، فمع محاولات بادريك المستمرة للتواصل مع صديقه، وسؤاله لأهالي القرية الآخرين عن ذلك، يطلق كولم، الموسيقي، تهديداً ببتر أصابع يده ما لم يتوقف بادريك عن مضايقته، مخاطراً بكل ما يسعى لتحقيقه كموسيقي. تهديد ينفذه فعلاً، وينتهي برميه إحدى أصابعه المبتورة على باب بادريك. يسجل الفيلم انعطافته الأولى هنا. وتبدو رشقات الرصاص والانفجارات التي تنساب إلى الجزيرة من "البر الرئيسي"، الذي يخوض حرباً أهلية، أكثر تهديداً وقدرة على النفاذ إلى الجزيرة التي نأت بنفسها عن هذه الحرب. ومع هذا التصعيد، نعرف أن كل توقعاتنا عن الفيلم قد خابت بالفعل ربما، وبأن ما يجري ليس مجرد مهاوشة بين صديقين، يمكن لنا أن نصطف مع أحدهما. لا يمكن الحديث عن نقطة قوة محددة في "ذا بانشيز..."، إذ يزخر الفيلم بها. ومع ذلك، قد تكون كثافة الأحداث التي تجري في المقدمة وفي الخلفية، وطريقة ترابطها، واحدةً من العناصر الأبرز التي يمكن خصها بالمديح. نحن نعرف، لأسباب عديدة، أن شخصيتي غليسون وفاريل ستكونان في المركز دائماً، وتسمح لنا علاقتهما المعقدة بأن نؤكد هذا الافتراض، متمسكين بكل ملمح صغير يشكّل هذه العلاقة، كلحظات التعاطف الصغيرة التي يمد أحدهما الآخر بها، كما يحدث بعد ضرب الشرطي لبادريك، والمشهد الذي يلي ذلك ويخلو من أي كلمة بين الاثنين، أو في اللحظات التي يتمهلان فيها ليتأكدا من تحييد الحيوانات عن الصراع الدائر بينهما.

إلا أن قطيعتهما ليست الحدث الوحيد المحوري في الفيلم. وبينما تبدو إينيشيرين أصغر من أحلام كولم، فإنه ليس الوحيد الذي ينتابه هذا الإحساس. ففي حالة شيفون، التي تبدو لكولم قرينةً رغم كل اختلافاتهما، يمر قرار الرحيل عن الجزيرة بمراحل عدة نرى فيها الوحدة والضيق، والموت متمثلاً بماكورميك، "البانشي" الحقيقية في الفيلم. كما نلحظ الشيء ذاته في شخصية دومينيك، الذي يمضي به الخط التراجيدي إلى مشهده المتقن مع شيفون، ويُحافظ حتى موته على التوازن اللازم لتركيب شخصية "داعمة"، من دون أن تكون "ثانوية"، أو في ظل أي شخصية أخرى. تُقدِم كل هذه الشخصيات، بما يتخللها من حضور ماكورميك المنذر بالشؤم، عالماً صغيراً نستطيع أن نفهم الرغبة بالفكاك عنه، وبالتالي ثقله حتى عندما يبدو أنه عالمٌ لا يحدث فيه شيء. وتسهم بذلك باقي العناصر التي تصنع فيلماً كهذا، إن كانت السينماتوغرافيا التي قال صانعها بين ديفس، في عدة مقابلات، إنه استهلمها من أفلام الويسترن، وأعمال فنية لتنقل مشاعر الوحدة والمواجهة وتخلق الجو في أماكن معينة، كالحانة، وتنتج في النهاية فيلماً يزخر بالصور التي تعلق في الذهن، أو موسيقى كارتر بورويل الذي عمل على موسيقى عدة أفلام، مثل "بارتون فينك" و"ذا بيغ ليبوسكي"، وعمل مع ماكدوناه في "إن بروج" و"ثلاث لوحات إعلانية خارج إيبينغ، ميزوري".

من الطبيعي إذن أن يكون "ذا بانشيز..." فيلماً أكثر انفتاحاً على التأويلات، وسخاءً فيما يتعلق بالثغرات التي تُترَك للمشاهد كي يملأها. وبذلك، وعندما نعود إلى البداية، إلى الفرضية الرئيسية للفيلم، سنعود لنتساءل عمّا جرى؛ هل كان هذا عملاً عن الحرب الأهلية الإيرلندية؟ عن المرحلة التي كف فيها الجميع عن كونهم رفاقاً في الصف نفسه ضد عدو مشترك، كالإنكليز وصارت عمليات إعدام الأشقاء تكلف ستة شلنات ووجبة طعام فقط؟ أم كوميديا سوداء عن نقطة شديدة التفصيل، مثل صداقة الذكور، كما تصف "ذا غارديان" العمل؟ لن يخطئ أحد عندما يصف "ذا بانشيز أوف إينيشيرين" بكونه عملاً رصيناً لا يترك شيئاً للصدفة، وقد تكون هذه الرصانة والجدية في الإجابة عن كل الأسئلة التي تتعلق بما يجعل الفيلم فيلماً السبب الرئيسي في إنتاج عملٍ.

 

العربي الجديد اللندنية في

27.12.2022

 
 
 
 
 

شاشة الناقد: أبعاد إنسانية في «أفاتار 2»

هوليوود: محمد رُضا

AVATAR THE WAY OF WATER

مغامرات خيالية | الولايات المتحدة

- 2022 | ممتاز ★★★★

> يأتي «أفاتار: طريق الماء» بما وعد به مخرجه جيمس كاميرون منذ 13 سنة عندما قدّم الجزء الأول. آنذاك قال لهذا الناقد خلال لقاء في استوديوهات «تونتييث سنتشري فوكس» في لوس أنجليس: «لا أدري تماماً متى سأنجز الجزء الثاني، لكنه سيكون أكبر من هذا الفيلم حجماً وأكثر إثارة للذهول».

الفيلم الجديد هو فعلاً أكبر حجماً وأكثر إثارة للذهول كما قال. فيه من المؤثرات الخاصة ما يتقدّم عن تلك التي ظهرت في الجزء الأول ومشاهدته بنظام 3D يجعل المُشاهد يعيش تلك المؤثرات والأجواء والأحداث تماماً كما لو كان فوق كوكب باندورا بنفسه. يتجاوز كل فيلم استخدم هذا النظام بسنوات ضوئية، موفراً ثراءً في المشاهدة لم يسبقه إليه أحد.

لكن عندما تخلع عن الفيلم إنجازاته وحسناته التقنية لكي تفحص الحكاية ذاتها تجد نفسك تتابع حكاية تشبه حكاية الفيلم الأول الذي، بدورها، (ومن دون أن أقصد التقليل من فاعلية) تشبه أي فيلم هوليوودي دار حول احتلال الرجل الأبيض لقبائل القارة الأميركية في عقود القرن التاسع عشر. المواطنون الأميركيون الأُول دافعوا عن أرضهم ضد البيض المشبعين بالرغبة في استحواذ الأراضي والبحث عن الذهب والفضّة بأي ثمن. الجزء الأول من «أفاتار»، قدّم هذه الحبكة جيداً. الجزء الثاني منه يقدّمها، مرّة ثانية، جيداً أيضاً، لكنها الحبكة التي نجدها في أفلام الوسترن، خصوصاً تلك التي وقفت لجانب الشعوب المُبادة.

يتحدث المخرج كاميرون في «أفاتار 2» عن محاولة البيض («جنود السماء» كما يسمّيهم الفيلم) استعمار الكوكب وقيام هؤلاء بالدفاع عن أماكن عيشهم ومجتمعاتهم.

لكن هذا ليس الحديث الوحيد. من اهتمامات المخرج، الحديث كذلك عن البيئة المحمية من قبل السكّان الأصليين والمهددة من قبل الغزاة. وعن الروابط العائلية المتينة (بعدما تزوّج الأرضي جايك (سام وورثينغتون) من إحدى إناث القبيلة ورزق منها بثلاثة أولاد يعيشون، قبل الغزو، في نعيم وسلام وهدوء. السبب في عودة الغزاة إلى هذا الكوكب الجميل في كل شبر من غاباته وجباله وصخوره ومياهه، يختلف عن المرّة الأولى. فكوكب الأرض صار سامّاً. لم يعد صالحاً للحياة بسبب تلوّث البيئة. الخطة بـهي احتلال الكواكب الصالحة للاستيطان.
الجزء من العنوان الخاص بالماء («طريق الماء») هو في الوقت ذاته انعكاس لشغف كاميرون بالماء (صنع من البحار أفلاماً ثلاث) من ناحية، وتأكيد على معانٍ يجدها في الماء أو يتسبب في إيجادها. تحديداً، وكما يفسر أحد المشاهد بوضوح، الماء هو «الجامع بين كل الأمور» من أسباب الحياة، والمكان الذي يغوص به المرء لفهم الآخر إنساناً كان أو حيواناً. المنطقة التي يتصالح فيها السابح مع سبب الحياة الأول
.

هذه معانٍ رائعة أثارت شغف ترنس مالك وأندريه تاركوفسكي قبل كاميرون لكنها تؤدي للمفهوم ذاته.

كل هذه المفادات والأبعاد مُعالجة بإنجازات تقنية مبهرة أكثر وأتقن مما ورد في الجزء السابق. يحشد المخرج كل ما يستطيع تحقيقه من تفاصيل وإعجازات لكسب الرهان على ألا أحد آخر في هوليوود، قديماً أو حديثاً، استطاع أو يستطيع تجاوزه لدرجة أن هذا الناقد يتساءل ما إذا كان سيجد ما يستطيع إضافته من هذه الإنجازات في الجزء المقبل.

«أفاتار» الثاني يوجه رسالة إلى كل الأفلام الفانتازية التي زرعتها هوليوود خلال السنوات العشرين، وهي أنه يمكن تحقيق فيلم ترفيهي للجمهور الكبير من دون التنازل عن الفن والرسالة معاً.

ضعيف وسط ★★ جيد ★★★ممتاز ★★★★ تحفة ★★★★★

 

الشرق الأوسط في

28.12.2022

 
 
 
 
 

بينوكيو ديل تورو.. الطفل الخشبي الشهير في مواجهة مع الفاشية

لمياء رأفت

قد يرى بعض المشاهدين أن هذا الفيلم ليس ملائمًا للأطفال، لكنه في الحقيقة يكشف أن النسخ الأكثر سذاجة هي غير المناسبة لتربية أطفال يفقهون قيمة الحياة الحقيقية. بينوكيو ديل تورو عمل ناضج من الناحية الفلسفية والفنية، وفيلم يمتع العين والعقل في آن واحد.

حكاية "بينوكيو" هي واحدة من القصص البسيطة التي اكتسبت هالة من الأسطورية في السينما، لذلك يعاد تقديمها مرة بعد أخرى في معالجات مختلفة لإعادة استكشافها، وتدور حول التمثال الخشبي الذي يتحوّل إلى طفل، ليجبر كسر قلب العجوز جيبوتو الذي فقد طفله. "بينوكيو" قصة ألفها كارلو كولدي عام 1883 بإيطاليا، وظهرت في السينما لأول مرة عام 1911.

في 2022 صدر فيلمان يعالجان قصة بينوكيو، الأول إنتاج ديزني وبطولة توم هانكس في دور جيبوتو صانع التحف الخشبية العجوز، والثاني إنتاج المنصة المنافسة "نتفليكس" (Netflix)، وهو فيلم رسوم متحركة إخراج المكسيكي غييرمو ديل تورو، أطلق عليه "بينوكيو ديل تورو" (Guillermo del Toro’s Pinocchio) والذي ضمن مسبقًا أوسكار واحدة على الأقل لهذا العام.

بينوكيو المضاد للحروب

تدور أحداث قصة بينوكيو قديمًا في بيت صانع التحف العجوز جيبوتو، الذي يفقد ابنه وزوجته ويعيش بين مصنوعاته الخشبية حياة باهتة، حتى ينحت تمثالًا لطفل في إحدى الليالي ويتمنى أن يصبح ابنًا له. تتحق الأمنية على يد الجنية الطيبة، وتترك الصغير في رعاية حشرة الجدجد الذي يمثل ضميرًا له، ومن هنا تبدأ المغامرات خلال مسعى التمثال الخشبي الحي للتحول إلى طفل حقيقي.

كتب الفيلم الحديث غييرمو ديل تورو بالمشاركة مع باتريك ماكهيل، وفيه تبدأ الأحداث من نقطة مبكرة قليلًا، حيث نتعرف على جيبوتو وابنه كارلو، اللذين يعيشان، في مدينة إيطالية صغيرة خلال الحرب العالمية الأولى، حياة بسيط سعيدة تنتهي بمقتل كارلو بقنبلة.

يسقط العجوز في بئر من الأحزان، يدمن الخمر، وينبذه أهل البلدة، وفي إحدى نوبات جنونه يصنع تمثال بينوكيو، فيظهر عشوائيًا غير متقن بالكامل، وعندما يستيقظ ويجده حيًا لا يسعد مثل القصة الأصلية، بل يضطرب لعدم قدرته على فهم وقبول هذا المخلوق الذي يمثل بديلًا غير مثالي لابنه الضائع.

تبدأ إرهاصات الحرب العالمية الثانية، حكومة موسوليني الفاشية والتجنيد الإجباري حتى للأطفال والمراهقين.

ينتمي فيلم "بينوكيو" بنسخته الأحدث إلى الأفلام المناهضة للحروب، حيث يسخر من قادتها، ويعري مبادئهم الواهية التي تتضاد مع أبسط قواعد الإنسانية، مثل قسوة القائد العسكري على ابنه الطفل، في محاولة جعله محاربًا يفخر به.

تشبه معالجة قصة بينوكيو الجديدة قصة "فرانكشتاين" للكاتبة ماري شيلي، فكل من دكتور فرانكشتاين وجيبوتو يصنعان كائنًا عكس قوانين الطبيعة، ثم يحاولان التنصل من هذه العلاقة ويبحثان بصنيعتهما عن مشاعر الأبوة والبنوة، وبينما يصاب وحش فرانكشتاين بالإحباط فيقرر الانتقام وتتحول علاقته بصانعه إلى كراهية بدلًا من الحب، يجمع بين بينوكيو ووالده علاقة مختلفة تشد أواصرها المغامرات المرعبة التي خاضها كل منهما منفصلًا ثم مع بعضهما بعضا.

بصمة ديل تورو

تتسم حبكة فيلم "بينوكيو ديل تورو" بظلمة قد لا يجدها البعض ملائمة لعمل تصنيفه العمري للأطفال، ولكن الفيلم التزم بروح الرواية الأصلية القاسية في تناولها للفقد والحرب، على الرغم من خاتمتها السعيدة، وكذلك لأسلوب ديل تورو السينمائي الفريد، الذي يجعل اسمه يسبق حتى عنوان الفيلم، كما حدث من قبل مع مسلسل الرعب "حجرة العجائب" على نتفليكس.

ديل تورو المخرج الفائز بالأوسكار، وصاحب مجموعة من أشهر أفلام الفانتازيا والرعب، بالتأكيد لن يقدم فيلمًا عن بينوكيو طفوليًا بما يشبه أعمال ديزني، بل عملًا خاصا بث فيه روحه وفنه.

استخدم الفيلم تقنية "إيقاف الحركة" (Stop Motion) التي تعتمد على تحريك العرائس لميللتمرات صغيرة كل مرة مع تصوير كل حركة، عرائس ديل تورو امتازت بخليط من الغرائبية والواقعية، واختلفت التقنيات المستخدمة في صناعة وتحريك كل منها لتوصيل التجربة البصرية الخاصة للغاية لديل تورو.

بينوكيو وماهية الحياة

فيلم بينوكيو يدور حول الفقد والموت والحرب والبدايات الجديدة. ربما لم يتحول بينوكيو إلى طفل حقيقي في النهاية، ولكنه اكتشف أنه ليس بحاجة لذلك.

وهي نقطة مفصلية تجعله مختلفًا عن المعالجات القديمة للقصة، الطفل الخشبي هنا يعبر عن أي مراهق أو طفل مختلف عن المحيطين به، ويحتفي بشخصيته المتفردة بدلًا من محاولة إخفائها والاختباء كشخص عادي بين العاديين.

يرغب الجيل الأكبر أو جيل الآباء في أطفال يمتزجون بسهولة في مجتمعهم، ليصبح هذا الخط جزءا مهما من الحبكة، على الرغم من كونه هامشيًا في العمل الأدبي.

المعالجات السابقة للقصة، ومنها فيلم ديزني الرائد في الأربعينيات، حتى النسخة الحديثة إخراج روبرت زيمكس في 2022، أعطت الأولوية لتقديم أخلاقيات تعليمية للأطفال مثل احترام الأب وعدم الكذب، والبعد عن الكسل، ولكن نسخة ديل تورو قدمت بينوكيو الثوري البطل المقاوم الذي يرغب في الانسجام مع محيطه بالاحتفاظ بفردانيته.

سلط العمل أنظار الأطفال على مبادئ مهمة بالدرجة نفسها وهي قيمة الحياة والموت، فمن دون الأخير لا يصبح للحياة معنى، وهي نظرة قد تبدو سوداوية لكنها حقيقية يحتاج الصغار لتعلمها ليحتفوا بكل يوم في حياتهم.

في الرواية الأصلية، يقتل بينوكيو الجدجد الذي يمثل ضميره الحي في وقت مبكر من الأحداث، ولكن في الأفلام اللاحقة الأقرب للطفولة تغيرت هذه النظرة، حشرة الجدجد في فيلم ديل تورو ليست نقية إلى هذا الحد، فهو يقبل العبء مقابل تحقيق أمنية له في المستقبل، بينما الجنية ليست مثالية كذلك، بل مزدوجة الشخصية لها صورتان، إحداهما تمثل الحياة والأخرى الموت، بتصميم مخيف بما يليق بهذين الكيانين اللذين يركز عليهما الفيلم.

قد يظن بعض المشاهدين أن هذا الفيلم ليس ملائمًا للأطفال، ولكنه في الحقيقة يكشف أن النسخ الأكثر سذاجة هي غير المناسبة لتربية أطفال يفقهون قيمة الحياة الحقيقية، بينوكيو ديل تورو عمل ناضج من الناحية الفلسفية والفنية، وفيلم يمتع العين والعقل في آن واحد، واستحق تقييم 97% على موقع "روتن توماتوز" (Rotten Tomatoes).

المصدر الجزيرة

 

الجزيرة نت في

28.12.2022

 
 
 
 
 

«بينوكيو ديل تورو» ..  قيمة الحياة والموت في فيلم لا يشبه أعمال ديزني

«سينماتوغراف» ـ لمياء رأفت

حكاية “بينوكيو” هي واحدة من القصص البسيطة التي اكتسبت هالة من الأسطورية في السينما، لذلك يعاد تقديمها مرة بعد أخرى في معالجات مختلفة لإعادة استكشافها، وتدور حول التمثال الخشبي الذي يتحوّل إلى طفل، ليجبر كسر قلب العجوز جيبوتو الذي فقد طفله. “بينوكيو” قصة ألفها كارلو كولدي عام 1883 بإيطاليا، وظهرت في السينما لأول مرة عام 1911.

في 2022 صدر فيلمان يعالجان قصة بينوكيو، الأول إنتاج ديزني وبطولة توم هانكس في دور جيبوتو صانع التحف الخشبية العجوز، والثاني إنتاج المنصة المنافسة “نتفليكس” (Netflix)، وهو فيلم رسوم متحركة إخراج المكسيكي غييرمو ديل تورو، أطلق عليه “بينوكيو ديل تورو” (Guillermo del Toro’s Pinocchio) والذي ضمن مسبقًا أوسكار واحدة على الأقل لهذا العام.

تدور أحداث قصة بينوكيو قديمًا في بيت صانع التحف العجوز جيبوتو، الذي يفقد ابنه وزوجته ويعيش بين مصنوعاته الخشبية حياة باهتة، حتى ينحت تمثالًا لطفل في إحدى الليالي ويتمنى أن يصبح ابنًا له. تتحق الأمنية على يد الجنية الطيبة، وتترك الصغير في رعاية حشرة الجدجد الذي يمثل ضميرًا له، ومن هنا تبدأ المغامرات خلال مسعى التمثال الخشبي الحي للتحول إلى طفل حقيقي.

كتب الفيلم الحديث غييرمو ديل تورو بالمشاركة مع باتريك ماكهيل، وفيه تبدأ الأحداث من نقطة مبكرة قليلًا، حيث نتعرف على جيبوتو وابنه كارلو، اللذين يعيشان، في مدينة إيطالية صغيرة خلال الحرب العالمية الأولى، حياة بسيط سعيدة تنتهي بمقتل كارلو بقنبلة.

يسقط العجوز في بئر من الأحزان، يدمن الخمر، وينبذه أهل البلدة، وفي إحدى نوبات جنونه يصنع تمثال بينوكيو، فيظهر عشوائيًا غير متقن بالكامل، وعندما يستيقظ ويجده حيًا لا يسعد مثل القصة الأصلية، بل يضطرب لعدم قدرته على فهم وقبول هذا المخلوق الذي يمثل بديلًا غير مثالي لابنه الضائع.

تبدأ إرهاصات الحرب العالمية الثانية، حكومة موسوليني الفاشية والتجنيد الإجباري حتى للأطفال والمراهقين.

ينتمي فيلم “بينوكيو” بنسخته الأحدث إلى الأفلام المناهضة للحروب، حيث يسخر من قادتها، ويعري مبادئهم الواهية التي تتضاد مع أبسط قواعد الإنسانية، مثل قسوة القائد العسكري على ابنه الطفل، في محاولة جعله محاربًا يفخر به.

تشبه معالجة قصة بينوكيو الجديدة قصة “فرانكشتاين” للكاتبة ماري شيلي، فكل من دكتور فرانكشتاين وجيبوتو يصنعان كائنًا عكس قوانين الطبيعة، ثم يحاولان التنصل من هذه العلاقة ويبحثان بصنيعتهما عن مشاعر الأبوة والبنوة، وبينما يصاب وحش فرانكشتاين بالإحباط فيقرر الانتقام وتتحول علاقته بصانعه إلى كراهية بدلًا من الحب، يجمع بين بينوكيو ووالده علاقة مختلفة تشد أواصرها المغامرات المرعبة التي خاضها كل منهما منفصلًا ثم مع بعضهما بعضا.

تتسم حبكة فيلم “بينوكيو ديل تورو” بظلمة قد لا يجدها البعض ملائمة لعمل تصنيفه العمري للأطفال، ولكن الفيلم التزم بروح الرواية الأصلية القاسية في تناولها للفقد والحرب، على الرغم من خاتمتها السعيدة، وكذلك لأسلوب ديل تورو السينمائي الفريد، الذي يجعل اسمه يسبق حتى عنوان الفيلم، كما حدث من قبل مع مسلسل الرعب “حجرة العجائب” على نتفليكس.

ديل تورو المخرج الفائز بالأوسكار، وصاحب مجموعة من أشهر أفلام الفانتازيا والرعب، بالتأكيد لن يقدم فيلمًا عن بينوكيو طفوليًا بما يشبه أعمال ديزني، بل عملًا خاصاً بث فيه روحه وفنه.

استخدم الفيلم تقنية “إيقاف الحركة” (Stop Motion) التي تعتمد على تحريك العرائس لميللتمرات صغيرة كل مرة مع تصوير كل حركة، عرائس ديل تورو امتازت بخليط من الغرائبية والواقعية، واختلفت التقنيات المستخدمة في صناعة وتحريك كل منها لتوصيل التجربة البصرية الخاصة للغاية لديل تورو.

فيلم بينوكيو يدور حول الفقد والموت والحرب والبدايات الجديدة. ربما لم يتحول بينوكيو إلى طفل حقيقي في النهاية، ولكنه اكتشف أنه ليس بحاجة لذلك.

وهي نقطة مفصلية تجعله مختلفًا عن المعالجات القديمة للقصة، الطفل الخشبي هنا يعبر عن أي مراهق أو طفل مختلف عن المحيطين به، ويحتفي بشخصيته المتفردة بدلًا من محاولة إخفائها والاختباء كشخص عادي بين العاديين.

يرغب الجيل الأكبر أو جيل الآباء في أطفال يمتزجون بسهولة في مجتمعهم، ليصبح هذا الخط جزءا مهما من الحبكة، على الرغم من كونه هامشيًا في العمل الأدبي.

المعالجات السابقة للقصة، ومنها فيلم ديزني الرائد في الأربعينيات، حتى النسخة الحديثة إخراج روبرت زيمكس في 2022، أعطت الأولوية لتقديم أخلاقيات تعليمية للأطفال مثل احترام الأب وعدم الكذب، والبعد عن الكسل، ولكن نسخة ديل تورو قدمت بينوكيو الثوري البطل المقاوم الذي يرغب في الانسجام مع محيطه بالاحتفاظ بفردانيته.

سلط العمل أنظار الأطفال على مبادئ مهمة بالدرجة نفسها وهي قيمة الحياة والموت، فمن دون الأخير لا يصبح للحياة معنى، وهي نظرة قد تبدو سوداوية لكنها حقيقية يحتاج الصغار لتعلمها ليحتفوا بكل يوم في حياتهم.

في الرواية الأصلية، يقتل بينوكيو الجدجد الذي يمثل ضميره الحي في وقت مبكر من الأحداث، ولكن في الأفلام اللاحقة الأقرب للطفولة تغيرت هذه النظرة، حشرة الجدجد في فيلم ديل تورو ليست نقية إلى هذا الحد، فهو يقبل العبء مقابل تحقيق أمنية له في المستقبل، بينما الجنية ليست مثالية كذلك، بل مزدوجة الشخصية لها صورتان، إحداهما تمثل الحياة والأخرى الموت، بتصميم مخيف بما يليق بهذين الكيانين اللذين يركز عليهما الفيلم.

قد يظن بعض المشاهدين أن هذا الفيلم ليس ملائمًا للأطفال، ولكنه في الحقيقة يكشف أن النسخ الأكثر سذاجة هي غير المناسبة لتربية أطفال يفقهون قيمة الحياة الحقيقية، بينوكيو ديل تورو عمل ناضج من الناحية الفلسفية والفنية، وفيلم يمتع العين والعقل في آن واحد، واستحق تقييم 97% على موقع “روتن توماتوز” (Rotten Tomatoes).

 

####

 

أسرع فيلم يحقق هذا الرقم خلال عام 2022

«أفاتار 2» يتجاوز المليار دولار عالمياً في غضون 14 يوماً

«سينماتوغراف» ـ متابعات

تجاوزت عائدات فيلم Avatar: The Way of Water رسمياً مليار دولار في شباك التذاكر العالمي في غضون 14 يوماً. وهذا يجعله أسرع فيلم في 2022 بالوصول إلى هذا الرقم.

ووفقاً لتقرير فارايتي، فإن فيلم Avatar: The Way of Water حصد 317.1 مليون دولار في أمريكا الشمالية، و 712.7 مليون دولار عالمياً، مما يجعل العائدات الكلية العالمية تبلغ 1.025 مليار دولار، وبهذا التجاوز يصبح فيلم Jurassic World Dominion ثاني أعلى فيلم من حيث العائدات هذا العام، وهو حالياً ثالث أعلى فيلم من حيث العائدات خلال فترة انتشار وباء كوفيد.

استغرق فيلم Jurassic World Dominion أكثر من أربعة أشهر لتجاوز المليار دولار، والفيلم الآخر في شباك التذاكر الذي يقبع Avatar: The Way of Water وراءه وحقق مليار دولار في عام 2022 هو Top Gun: Maverick، والذي استغرق 31 يوماً للوصول إلى هذا الإنجاز. لمقارنة أخرى، استغرق Spider-Man: No Way Home فقط 12 يوماً لكسب مليار دولار.

بدأ عرض Avatar: The Way of Water في 16 ديسمبر وحصد 134 مليون دولار خلال عطلة نهاية أسبوع إطلاقه في أمريكا الشمالية و 435 مليون دولار عالمياً.

وقال المخرج جيمس كاميرون أن Avatar: The Way of Water يجب أن يصبح ثالث أو رابع أعلى الأفلام من حيث العائدات لكي يكسب المال، مما يعني أنه يجب أن يحصد أكثر من 2 مليار دولار عالمياً لو كان يريد تحقيق ذلك.

استغرق فيلم Avatar الأصلي (الجزء الأول) 17 يوماً لكسب مليار دولار في شباك التذاكر، واستمر بكسب المزيد لينتهي به المطاف كأعلى فيلم من حيث العائدات بالتاريخ مع 2.97 مليار دولار.

 

####

 

بعد أن حقق خيبة أمل في شباك التذاكر

فيلم Babylon .. يراهن على الغولدن غلوب والأوسكار

«سينماتوغراف» ـ متابعات

حقق فيلم Babylon إيرادات بلغت 3.5 مليون دولار خلال افتتاحيته بشباك التذاكر العالمي، وأرجع البعض عدم وجود إقبال على مشاهدة الفيلم بشباك التذاكر العالمي بسبب العاصفة الثلجية التي تعاني منها الولايات المتحدة.

وتبلغ ميزانية فيلم Babylon حوالي 100 مليون دولار، لذا فإنه بالمقارنة مع إيرادات العمل منذ طرحه في 25 ديسمبر والتي بلغت 7 ملايين دولار، فإن الفيلم حقق خيبة أمل كبيرة في شباك التذاكر العالمي.

وبالرغم من مشاركة نجوم كبار بالفيلم مثل براد بيت ومارجو روبي، فإن هؤلاء النجوم لم يجذبوا رواد السينما نحو مشاهدة العمل بدور العرض.

ويعد أمل فيلم Babylon الوحيد لتخفيف الخسارة، هي أن ينجح بحصد جوائز في الغولدن غلوب والأوسكار، ويراهن بعدها على ذهاب الجمهور لمشاهدته بأعداد كبيرة.

وتدور أحداث فيلم Babylon في إطار من الإثارة والتشويق، حيث يسرد الفيلم قصة انتقال صناعة السينما بـ هوليوود من الأفلام الصامتة إلى الأفلام الناطقة في أواخر عشرينيات القرن الماضي، وذلك بسبب اختراع الصوت المتزامن.

ويضم فيلم Babylon عدداً من النجوم المميزين بهوليوود منهم، توبي ماجواير بطل سلسلة أفلام سبايدر مان بعالم مارفل، بالإضافة إلى كل من، سمارة ويفنج، فيبى تونكين، أوليفيا وايلد، إيما ستون، وغيرهم من النجوم.

 

موقع "سينماتوغراف" في

29.12.2022

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004