مخرجات عربيات يحملن لواء المشاركة في ترشيحات الأوسكار

محمود عبد المنعم

   
 
 
 
 
 
 

تميزت الترشيحات العربية للأفلام المرشحة ضمن فئة أفضل فيلم غير ناطق باللغة الإنكليزية خلال حفل جوائز أوسكار 2023، بوجود أربع سيدات دفعة واحدة في مقعد الإخراج، وهو الأمر الذي لم نعهده كثيراً في السينما العربية. فمن بين 5 ترشيحات عربية للمشاركة بفئة أفضل فيلم أجنبي في حفل جوائز الأوسكار الذي يقام في مارس/آذار المقبل، وقع الاختيار على 4 مخرجات من أربع دول عربية، هن دارين سلام، مها الحاج، مريم توزاني، أريج السحيري. فهل يمكن أن يكون الإسهام العربي الأول في حفل الأوسكار بطله مخرجة؟ أو يكون الترشيح مجرد بداية لفتح آفاق جديدة للتنوع السينمائي المقدم، ونافذة يطل منها العديد والعديد من المخرجات العرب اللائي يبحثن عن فرصة لتقديم إبداعهن.

المشاركة الأردنية

رشحت المملكة الأردنية الهاشمية المخرجة دارين سلام، وفيلمها "فرحة"، لتمثيلها في المسابقة الرسمية، يأتي ذلك بعد عرضه الأول بمهرجان تورنتو السينمائي. تعود أحداث الفيلم إلى نكبة عام 1948، وتسعى دارين من خلال العمل على إبراز مجموعة من القصص الحقيقية التي عاشها الفلسطينيون خلال تلك الفترة التاريخية الصعبة عبر عين فتاة صغيرة تبلغ 14 عاماً.

تبدأ أحداث الفيلم من خلال الفتاة الصغيرة "فرحة"، والتي ينجح والداها في إخفائها عن عيون العصابات الصهيونية في المطبخ، خوفاً من أن يتم العثور عليها، فتنال مصير القتل أو الاغتصاب، وهو المصير الذي نال من العديد من الفتيات والأطفال خلال مهاجمة بيوت الفلسطينيين إبان نكبة عام 1948.

تميزت الترشيحات العربية للأفلام المرشحة ضمن فئة أفضل فيلم غير ناطق باللغة الإنكليزية خلال حفل جوائز أوسكار 2023، بوجود أربع سيدات دفعة واحدة في مقعد الإخراج، الأمر الذي لم نعهده كثيراً في السينما العربية

تصبح حياة "فرحة" خالية تماماً من أي شخص، فكل من تعرفه أصبح ذكرى، سواءً عائلتها أو صديقاتها التي فشلت في التعرف على مصيرهن، علاوة على أنه أصبح يتعين عليها التفكير في المستقبل المجهول الذي بات في انتظارها.

المخرجة دارين سلام قالت إن فيلم "فرحة" مستوحى من أحداث حقيقية، وتعاونت في تأليفه مع الكاتبة ديما عزار، حيث عملت على تحويل مجموعة القصص التي سمعتها صديقة جدّتها، إلى عمل فني يجسد المآسي التي تعرض لها الفلسطينيون خلال الاجتياح الإسرائيلي للأراضي العربية.

وأضافت أن الشخصية الحقيقية، بطلة العمل، اسمها "رضية"، إحدى الشخصيات التي نجت من نكبة 48، وهربت إلى سوريا، وهناك تعرفتْ رضية أو فرحة إلى طفلة أخرى كانت جدّتَها. وقررت دارين أن تكون هذه هي القصة هي أول عمل روائي طويل.

الفيلم الذي تبلغ مدته 92 دقيقة، من بطولة كرم الطاهر، أشرف برهوم، علي سليمان، تالا قموه، سميرة الأسير، وفاز الفيلم بجائزة لجنة التحكيم في الدورة الثانية عشرة من مهرجان مالمو للسينما العربية (Malmo Arab Film Festival) في السويد، وتم عرضه عالمياً لأول مرّة ضمن الاختيار الرسمي للدورة الـ46 لمهرجان تورنتو السينمائي الدولي (Toronto International Film Festival) عام 2021 في كندا.

أما دارين سلام، فهي مخرجة أردنية من أصل فلسطيني، حصلت خمسةٌ من أفلامها القصيرة على العديد من الجوائز، شاركت بها في المهرجانات العالمية. من أعمالها أيضاً فيلم "لا زلت حياً" (2010)، و"الظلام في الخارج" (2012)، وهو العمل الذي شاركت به في المهرجان الدولي للفيلم القصير بمدينة تيزنيت، جنوب المغرب، ونالت عنه جائزة التنويه.

حمى البحر المتوسط

تشارك فلسطين في الأوسكار بفيلم "حمى البحر المتوسط" للمخرجة مها الحاج، التي سبق لها الحصول على جائزة أحسن سيناريو عن الفيلم في قسم "نظرة ما" بالدورة الأخيرة من مهرجان كان السينمائي.

تدور أحداث الفيلم حول "وليد" الذي يعيش برفقة عائلته، ويعاني من الاكتئاب بسبب عدم تحقيق أي شيء في مهنة الكتابة، إلى أن يتعرف على جاره المحتال (جلال)، وتنشأ بينهما علاقةُ صداقة تتحول بعد ذلك إلى مأساة.

من بين 5 ترشيحات عربية للمشاركة بفئة أفضل فيلم أجنبي في حفل جوائز الأوسكار الذي يقام في مارس/آذار المقبل، وقع الاختيار على 4 مخرجات من أربع دول عربية: دارين سلام، مها الحاج، مريم توزاني، أريج السحيري. فهل يمكن أن يكون الإسهام العربي الأول في حفل الأوسكار بطله مخرجة؟

الفيلم يتناول الخيباتِ التي يعاني منها المواطنون الفلسطينيون بسبب الواقع المرير الذي يعيشونه يومياً تحت وطأة الاحتلال، وهي الأوضاع التي تؤثر على الأشخاص والظروف المحيطة بهم بطريقة مباشرة.

الفيلم من إخراج وكتابة مها الحاج، وترشح للجائزة ضمن فئة أفضل فيلم دولي، وهو بطولة عامر حليحل، وأشرف فرح، وعنات حديد.

المخرجة مها الحاج من مواليد عام 1970، وهي كاتبة ومخرجة فلسطينية من مواليد مدينة الناصرة، تمتلك رصيداً فنياً يبلغ أربعة أفلام، وشاركت في عدد من المهرجانات والمسابقات الدولية، حيث سبق لها عرض فيلم "أمور شخصية" ضمن تظاهرة "سينما فلسطين"، والتي أقيمت في مدينة تولوز الفرنسية، كما فاز فيلمها القصير "برتقال" بجائزة الفيلم القصير المفضل لدى الجمهور مهرجان مونبلييه في فرنسا عام 2012.

القفطان الأزرق

المخرجة مريم التوزاني صاحبة التميز الفني لفيلم "القفطان الأزرق"، الترشيح المغربي للمشاركة في القائمة المبدئية لأفلام الأوسكار غير الناطقة بالإنكليزية. وهو فيلم درامي، تدور أحداثه حول الزوجين "حليم" و"مينة" الذين تزوجا منذ فترة طويلة، ويعملان على إدارة متجرهما الخاص ببيع القفطان المغربي في مدينة سلا المجاورة للرباط، حيث يلتحق بهما شاب يدعى يوسف، ويسعى إلى تعلم فنون الخياطة من معلمه حليم، إلا أن دخول يوسف إلى حياة الزوجين يكشف عن سرٍّ دفين يخفيه الزوجان، وذلك ما يجعل أحداث الفيلم تتغير.

فيلم القفطان الأزرق من بطولة صالح بكري، ولبنى عزبال، وأيوب مسيوي، ويشاركهم مجموعة أخرى من الممثلين المعروفين لدى المشاهدين في المغرب، مثل مونية لمكيمل، وحميد الزوغي.

الفيلم يعتبر التجربة الإخراجية الثانية في فئة الأفلام الطويلة بالنسبة للممثلة وكاتبة السيناريو و المخرجة مريم التوزاني، حيث سبق لها أن قدمت فيلم "آدم" عام 2019، وهو العمل الذي حصد العديد من الجوائز العالمية، ورشحته المغرب ليمثل المملكة، ويتنافس على جائزة الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي عام 2020.

من الأعمال الفنية المتميزة الأخرى للمخرجة مريم التوزاني فيلما "عندما ينامون"، و"آية والبحر"، وهما من الأفلام القصيرة، علاوة على تقديم فيلم وثائقي بعنوان "Much Loved" (الزين اللي فيك).

المنتج نبيل عيوش صاحب شركة الإنتاج الخاصة بفيلم "القفطان الأزرق"، وزوج المخرجة مريم التوزاني، يراهن على فيلم "القفطان الأزرق"، والذي يناقش موضوع المثلية الجنسية، وهو أحد الموضوعات محرمة التناول في المغرب والعالم الإسلامي عموماً.

التعاون الثنائي بين عيوش والتوزاني، أثمر عن عدد من الأفلام التي تلقي الضوء على بعض القضايا الهامة، حيث تناول "الزين اللي فيك" لهذا الثنائي قضيةَ العمل في الجنس في المغرب، والفيلم لا يزال ممنوعاً من العرض في المغرب حتى الآن. كما قدم الثنائي عيوش والتوزاني فيلم "آية والبحر" عام 2015، والذي يتطرق لموضوع استغلال الطفلات كخادمات منازل.

سبق لعيوش أيضاً إخراج فيلم "مكتوب"، والذي يتناول تجارة المخدرات في المغرب، ويحظى هذا المخرج بالكثير من المديح من جانب النقاد ومحبي السينما المحلية، بسبب جرأة الموضوعات التي يتناولها.

أريج وشجر التين

فيلم "تحت شجر التين" هو الاختيار التونسي للمخرجة أريج السحيري، وهو العمل الذي عُرض في قسم "نصف شهر المخرجين" بالدورة السابقة من مهرجان كان السينمائي، ونال استحسان الكثير. تدور أحداث الفيلم حول مجموعة من الشباب والفتيات الذين يعملون معاً خلال موسم الحصاد الصيفي، وتنشأ بينهم أحاسيس الحبّ للمرة الأولى.

يعكس الفيلم الأوضاعَ الاجتماعية لمجموعة من الفتيات الشابات اللائي نسين أحلامهن من أجل مساعدة أسرهن التي تعيش على حافة الفقر، وتحت ظلال أشجار التين، تجد الشابات أنفسَهن أمام تجربة حياتية جديدة هي الحب. ويعكس الفيلم أيضاً الأوضاعَ المعيشية الصعبة التي يعاني منها بعضُ الفئات داخل المجتمع التونسي، خاصة في ظلِّ الظروف الاقتصادية الحالية.

تراهن المخرجة أريج السحيري على مجموعة من الأحاسيس التي يعكسها العمل، كذلك على الصورة البصرية المقدمة دون تكلف، مثل صور الفرح الخاصة بالفتيات وهن يستقبلن موسم الحصاد، المعاناة لدى الفتيات، مشاعر الحب الأولى، وفرحة الأسر بعودة بناتهن أملاً في تغير الأوضاع المعيشية.

الترشيح الأخير

أما السينما الجزائية فقد اختارت فيلم "إخواننا" ممثلاً لها في القائمة المبدئية لأفلام الأوسكار، للمخرج رشيد بوشارب، تدور أحداث الفيلم حول واقعة حقيقية عن مقتل مهاجر جزائري في فرنسا يدعى مالك أوسكين، على يد الشرطة الفرنسية خلال مشاركته في أحد الاحتجاجات الطلابية عام 1986.

يسعى المهاجرون العرب خلال الفيلم للترويج لقضية العنصرية داخل المجتمع الفرنسي عقب مقتل المهاجر مالك أوسكين، والذي يبلغ من العمر 22 عاماً، حيث تلقى ضرباً مبرحاً على أيدي الشرطة، ليلة 6 كانون الأول/ديسمبر 1986، وبات بعدها رمزاً للكفاح ضد العنصرية وعنف الشرطة في فرنسا، وهي الحادثة التي خرج بسببها مئاتُ الآلاف من الطلبة والصحافيين إلى الشارع في مظاهرات سلمية، في 36 مدينة بفرنسا.

يتم الإعلان عن القائمة القصيرة في 24 يناير 2023 وهي قائمة الأفلام التي ستشارك في حفل الدورة 95 لجوائز أكاديمية علوم وفنون السينما الأميركية (أوسكار) في الحفل الذي يقام في مدينة لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا يوم 12 مارس

الفيلم بطولة كوكبة من الممثلين الجزائريين أو من أصول جزائرية، من بينهم رضا كاتب، لينا خوذري، سمير قاسمي، وهو من كتابة كوثر عظيمي، وإخراج رشيد بوشارب.

يحاول المخرج رشيد بوشارب أن يستلهم من مخزون التجارب المعيشية التي عاصرها عقب الهجرة مع عائلته إلى فرنسا، ويعمل على تحويل تلك التجارب إلى صور فنية على الشاشة. سبق له تقديم أفلام مثل "شاب" (عام 1991)، وفيلم "العصا الحمراء"، وفيلم "غبار الحياة"، علاوة على فيلم "بلديون" الذي عرض في مهرجان كان عام 2006، وسلط فيه الضوء على تجنيد فرنسا للأفارقة للجيش، وإجبارهم على المشاركة في الحرب العالمية الثانية.

تجدر الإشارة إلى أن كل دولة يحق لها ترشيح فيلم واحد للمنافسة على جائزة أفضل فيلم غير ناطق باللغة الإنكليزية، وهي مسابقة الأفلام الروائية الطويلة التي يتم إنتاجها خارج الولايات المتحدة، قبل أن يتم الإعلان عن القائمة الأولية للترشيحات المقبولة في 21 كانون الأول/ديسمبر.

فيما يتم الإعلان عن القائمة القصيرة في 24 كانون الثاني/يناير 2023، وهي قائمة الأفلام التي ستشارك في حفل الدورة 95 لجوائز أكاديمية علوم وفنون السينما الأمريكية (أوسكار) في الحفل الذي يقام في مدينة لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا يوم 12 أذار/مارس.

 

موقع "رصيف 22" في

10.10.2022

 
 
 
 
 

فيلم عن لبنان الثمانينات يتجه بطموح عال إلى "الأوسكار"

إكرام صعب - بيروت - سكاي نيوز عربية

رشحت وزارة الثقافة في لبنان فيلم "دفاتر مايا" للمخرجين اللبنانيين خليل جريج وجوانا حاجي توما لتمثيل لبنان في حفل توزيع جوائز الأوسكار لعام 2023 عن فئة أفضل فيلم أجنبي غير ناطق باللغة الإنجليزية التي تنظمها أكاديمية الفنون وعلم الصور المتحركة في الولايات المتحدة الأميركية.

وبعد اقتراح اللجنة المكلفة في الوزارة والمؤلفة من نخبة من النقاد السينمائيين وأصحاب الاختصاص، نال الفيلم موافقة الجميع على الترشيح.

ما معايير اختيار الفيلم؟

وقال السينمائي اللبناني والناقد إميل شاهين، أحد أعضاء اللجنة التي اختارت " دفاتر مايا" في حديث لموقع سكاي نيوز عربية، إن اللجنة اعتمدت المعايير التالية: "موضوع الفيلم، طريقة معالجته، حركة الإخراج، السيناريو، التقنيات المستخدمة، إدارة الممثلين، حركة الكاميرا، وإيقاع الفيلم".

 وأضاف: "يعكس الفيلم تطلعاتنا بتقنياته وموضوعه وصوره عن الانتاج السينمائي اللبناني، وأملنا أن يلاقي الدعم اللازم من ناحية التسويق ليكون بمتناول أوسع شريحة من المشاهدين محلياً ودولياً، وأن يحقق لبنان إنجازاً في مجال الفن السابع، ويتمكن من الفوز بجائزة أوسكار عام 2023".

وعن ميزة "دفاتر مايا" قال شاهين لسكاي نيوز عربية: " يحمل إحساس المغترب عن لبنان في تصوير صادق بأسلوب تقني مميز خصوصا لجهة تحريك الصور بلغة سينمائية حلوة".

الإخراج

وقالت مخرجة الفيلم السينمائية اللبنانية جوانا حاجي توما لسكاي نيوز عربية: "افتتح فيلم "دفاتر مايا " في المسابقة الرسمية لمهرجان برلين في ألمانيا، وانتقل من مهرجان إلى آخر ونال جائزة أفضل فيلم في مهرجان القاهرة. "

يعتمد "دفاترمايا" وفق المخرجة حاجي توما على دفاتر وشرائط تسجيل كاسيتات قديمة سجلتها المخرجة وأرسلتها إلى أعز صديقة لها اضطرت لمغادرة بلدها لبنان أبان الحرب الأهلية، بينما بقيت كاتبة الرسائل في لبنان".

تضيف جوانا: "تواعدنا أن نكتب لبعضنا الرسائل يومياً وعلى مدى 6 سنوات وننقل أخبارنا من خلالها، وبقينا نكتب الى أن فرقتنا الأيام بمشاغلها."

المخرجان توما وجريج مخرجان سينمائيَّان وفنانان لبنانيَّان. كتبا وأنجزا معاً أفلاماً قصيرة عدّة، وأنجزا معا مجموعة من الأفلام منها: الفيلم الروائي البيت الزهر، 1999، وهو إنتاج فرنسيّ - لبنانيّ - كنديّ مشترك اختير للمشاركة في عدد من المهرجانات.

 

سكاي نيوز عربية في

10.10.2022

 
 
 
 
 

الأوسكار.. المسألة ليست التواجد

خالد محمود

على مدى عدة سنوات تشرفت بأن أكون عضوا بلجنة ترشيح فيلم يمثل مصر فى المنافسة على جائزة أوسكار أفضل فيلم دولى غير ناطق بالإنجليزية، والتى تعقد برئاسة مسعد فودة نقيب السينمائيين، والحقيقة كنت فى كل مرة امنى نفسى بالوقوف عند فيلم أشعر أنه قادر على المنافسة واجتياز خطوات إلى الأمام فى خضم السباق الكبير، والحقيقة أيضا أنه كانت هناك تجارب جيدة ألهمتنا كلجنة باختيارها لوجود عنصر الجودة الفنية وكونها الأفضل من بين القوائم المستوفاة للشروط، أتذكر منها مثلا فيلم «يوم الدين» الذى عرض بمسابقة مهرجان كان، ومن قبله فيلم «اشتباك».

هذا العام لم يتم ترشيح فيلم، والواقع انى ترددت كثيرا قبل أن أكتب فى هذا الموضوع، لكن كان من المهم ان أؤكد على عدة نقاط أولها أن مناقشات اللجنة خلال هذا العام فى اجتماعها الأول والتى رأسها مسعد فودة نقيب السينمائيين اتسمت بالديمقراطية الشديدة حيث تم عمل قائمة بالأفلام المصرية التى أنتجت واستوفت شروط المشاركة من حيث تاريخ الإنتاج والعرض وتضمنت ١٨ فيلما هى بالترتيب «من أجل زيكو، الجريمة قمر ١٤، تماسيح النيل، لعبة شيطان، حامل اللقب، ١١:١١، معالى ماما، العنكبوت، زومبى، واحد تانى، فارس، كيرة والجن، بحبك، عمهم، تسليم اهالى، الدعوة عامة، خطة مازنجر، بالإضافة إلى فيلمين عرضا بالمنصات وهما « ٢ طلعت حرب، جدران ».

وتم التصويت أولا على هل يتم اختيار فيلم من القائمة لتمثيل مصر فى الأوسكار قادر على المنافسة يستطيع تقريب المسافة بينه وبين الافلام العالمية الاخرى التى تشارك فى السباق، ام لا يتم الترشيح، أسفرت الجلسة الاولى عن اختيار قائمة قصيرة من أربعة أفلام لاختيار فيلم نهائى منها يمثل مصر، وقد تم بالفعل اختيار القائمة القصيرة التى تضمنت أربعة أفلام هى «كيرة والجن، و٢ طلعت حرب، والجريمة، وقمر ١٤، واضيف إليها فيما بعد فيلم «١٩ب» الذى تعهد منتجه بأن يقوم بعمل عرض تجارى له خلال الوقت المحدد، ثم قام المخرج مجدى أحمد على بسحب فيلمه « ٢طلعت حرب» اعتراضا على إضافة فيلم «١٩ ب» إلى القائمة، ثم كانت الجلسة الأخيرة لاختيار الفيلم الذى سيشارك فى الأوسكار هذا العام، وهنا حدثت المفاجأة الكبيرة حيث صوت ١١ عضوا على عدم اختيار فيلم هذا العام بينما صوت ٧ أعضاء لاختيار فيلم، وبناء عليه قررت اللجنة الاعتذار عن تقديم فيلم يمثل مصر فى مسابقة الأوسكار بأغلبية الاصوات وانحازت اللجنة للديمقراطية وذلك انتصار لها حيث تم الاخذ برأى الاغلبية وهذا يدل على شفافية اللجنة واعضائها من النقاد والسينمائيين الافاضل وأنها لا تميل إلى صف أى فيلم أو منتج لاسباب شخصية وبعيدا عن أى اهواء شخصية.

ثانيا: أعتقد أن أزمة عدم اختيار فيلم مصرى ترجع إلى الأزمة التى تمر بها السينما المصرية وقلة عدد الأفلام المنتجة سنويا، فبعد أن كنا ننتج أكثر من خمسين فيلما فى العام أصبحنا ننتج ما يقرب من عشرين فيلما سنويا أغلب هذه الأفلام لا تملك المقومات الفنية التى تجعلها تنافس فى مسابقة كبيرة مثل مسابقة الأوسكار، والواقع أن فيلم «١٩ ب» من الأفلام الجيدة التى كنت اميل إليه ويعد تجربة مهمة فى مشوار مخرجه وسوف يمثل مصر فى مهرجان القاهرة السينمائى.

وفى النهاية تبقى أزمة مشاركة فيلم مصرى فى هذه المسابقة الكبرى لها وجوه متعددة للأسف لا يوجد فى أغلب الإنتاج السينمائى المصرى المعاصر فيلم قادر على خوض المنافسة، والوصول إلى القائمة الطويلة « ١٥ فيلما »، أو القصيرة « ٥ افلام »، والتى يعد الوصول إليها بمثابة فوز بحسب رأى ناقدنا الكبير طارق الشناوى، طبعا وكما هو معروف أن جوائز (الأوسكار) تعتبر من أهم الجوائز العالمية التى يتنافس عليها صناع السينما فى مختلف أنحاء العالم من كوريا واليابان والصين وألمانيا، وفرنسا وحتى دول الشمال الافريقى إلى آخره، مما يجعل المنافسة على أشدها وتتسم بالصعوبة الشديدة».

الإنتاج السينمائى المصرى لا يرتقى للمنافسة على (أوسكار أفضل فيلم أجنبى) خلال العشر سنوات الأخيرة، وذلك لعدة أسباب، منها قلة الإنتاج، وتقييد الرؤية الابداعية والأهم رؤية المنتجين والموزعين وتركيز الاهتمام بصناعة فيلم تجارى لخوض منافسة شباك التذاكر وعدم وضع الجوائز العالمية فى الحسبان وضمن الأهداف لنصبح أمام منتج ضعيف بلا عمق فنى».

حتى أن المخرجين الشباب المهتمين بالسينما المستقلة والقادرين على إنتاج أفكار بمستوى المنافسة هم أنفسهم فى مواجهة مع مشاكل إنتاجية ومشاكل أخرى تخص ضرورة العرض فى السينمات الأمريكية لمدة أسبوع أو اثنين، والتى تتكبد أعباء مالية كبيرة يصعب تدبرها لتنفيذ آلية الوصول والاشتراك فى المنافسة، وبالتالى تقل الفرص لهم.

إذا رقم واحد، لابد من إعادة النظر فى طريقة التفكير لصنع أفلام قادرة على المنافسة الدولية، فـ(الأوسكار) بمثابة مضمار للسباق يتنافس فيه العالم بأجمعه، الأمر الثانى يخص العملية التنظيمية، فينبغى أن يكون هناك لجنة تتابع المنتج السينمائى المصرى على مدى العام، وليس فقط خلال جلسات متأخرة تعد على الأصابع، فدائما ننتبه لذلك فى وقت متأخر وبالتالى تتسم الاختيارات بالتسرع، فتكون النتيجة مشاركة من أجل التواجد فقط، وحتى لا يقال إن مصر لا تشارك فى المنافسات والمسابقات الكبرى، وهو مبدأ مرفوض، والمشكلة أننا كنا لا نمتلك الجرأة الكافية للاعتذار واتخاذ قرار بعدم المشاركة والإعلان عن ذلك، إذ لم نجد فيلما مطابقا للمعايير المطلوبة، وقد طالبت بتطبيق هذا البند مرارا وتكرارا بصفتى عضوا من أعضاء اللجنة، لكن دون جدوى، وطبعا المستفيد من ترشيح الفيلم هى الشركات المنتجة والموزعة فتتاح لها إمكانية الترويج لأعمالها باعتبارها تمثل مصر فى (الأوسكار)».

المسألة ليست ترشيحا شرفيا، لكنه ترشيح حقيقى، ونحن أمام أزمة كبيرة، فمصر لسنوات طويلة لم توضع على القائمة القصيرة، وبالحديث عن حلول لابد من إتاحة الفرص لإنتاج كم متنوع وثرى للسينما المصرية حتى نتمكن من اختيار فيلم مختلف بمعايير إبداعية وأفكار قادرة على المنافسة، إنما فكرة عقد جلسة أو اثنتين واختيار أى فيلم من الأفلام التى أنتجت خلال العام لمجرد التواجد الشرفى فى الإرسال، وليس المنافسة، هو خطأ جسيم.

أشعر بالغيرة من امتلاك دول عديدة لعمل أو اثنين قادرين على المنافسة واقتحام المهرجانات الكبرى.. والرهان الحقيقى والأمل فى الأفلام القصيرة طالما أن الأفلام الروائية الطويلة ضعيفة، فهناك أفلام يمكنها أن تدخل السباق حتى وإن لم تصل للمنافسة النهائية، لكنها ستكون مشرفة لمصر.

أتمنى ألا نواجه نفس الحيرة والمشكلة المتكررة فى الأعوام القادمة ولابد وأن يكون هناك إرادة قوية لدى صناع السينما فى مصر القادرين على صنع أفلام بمعايير فنية وجودة عالية ومساندة مخرجى السينما المستقلة.

 

الشروق المصرية في

11.10.2022

 
 
 
 
 

هل دخلت السينما المصرية "غرفة الإنعاش" وتحتاج الإنقاذ؟

أزمة ترشيح فيلم للأوسكار تفجر سيلاً من المبادرات لإعادة الحياة للصناعة والمبدعون يبثون همومهم

حميدة أبو هميلة 

خلال الأسابيع الماضية كان الشغل الشاغل للسينمائيين هو التعليق على عدم ترشيح مصر لأي فيلم للمشاركة في النسخة الـ95 من جوائز الأوسكار.

وجاء التعليق من قبل اللجنة بأن الأعمال التي تنطبق عليها الشروط لا ترقى إلى المستوى، وإنه إذا جرى اختيار أي من تلك الأفلام فسيكون الأمر غير مجد، ولن يتمكن العمل من الوصول إلى القوائم النهائية بأي شكل من الأشكال.

اللافت أن الأفلام المصرية الروائية الطويلة بعيدة تماماً منذ عقود من الوصول إلى تلك القوائم في فئة أفضل فيلم أجنبي من الأساس، لكن على ما يبدو أن اللجنة قررت أن تتخذ موقفاً لعل أحداً ينتبه إلى أزمة الصناعة في الوقت الحالي.

ومن اللافت أيضاً أنه بالتزامن مع هذا النبأ، الذي استقبله المهتمون بالفن السابع ما بين التأييد والغضب، بدأ الحديث تدريجاً عن مبادرات من هنا وهناك لإنقاذ صناعة السينما الأكثر عراقة في المنطقة العربية.

فهل المبادرات والخطط من هذا النوع تصلح مع العمل الإبداعي؟ وكيف يمكن الحفاظ على استمرارية هذه الحماسة التي سبق أن ظهرت في تصريحات ومبادرات سابقة من قبل عدد من المسؤولين عن الحركة الثقافية في مصر، وفي النهاية تكون النتيجة ليست على قدر التوقعات ولا الكلمات والوعود الرنانة؟ وهل صناعة السينما المصرية بحاجة إلى تلك المبادرات فعلاً؟

تفاؤل ولكن

تفاءل كثيرون بالمبادرة التي جرى إعلانها وتتعلق بشراكة عقدتها الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية مع مؤسسة مصر للسينما لإنتاج أفلام تتناسب وطبيعة المهرجانات الدولية لتمثل مصر في تلك المحافل، وحتى الآن لم تعلن تفاصيل المشروع وبنوده.

لكن هذا التفاؤل لم يمنع الاستفسارات المنطقية، وبينها هل هناك بالفعل شروط وقواعد يتم وضعها للأعمال التي تناسب المهرجانات، بخاصة أن أبرز المبدعين حتى دائمي المشاركة بتلك المحافل يؤكدون أن ما يهمهم هو صنع تجربتهم الفنية، ولا يضعون في اعتبارهم أية خطوات متعلقة بالمسابقات العالمية؟

الخطط وصلت أيضاً إلى الدراما التلفزيونية، إذ إن هناك حديثاً عن مشروع للمؤسسة نفسها مع النقابات الفنية في مصر لإنتاج مسلسلات يشارك بها خريجو معهد الفنون المسرحية، وأيضاً الوجوه الشابة.

وهي المبادرة التي وجدت صدى سريعاً على أرض الواقع، إذ بدأ بالفعل تنفيذ مسلسل يحمل اسم "تياترو" للمخرج رؤوف عبدالعزيز، يضم 22 شاباً من خريجي وطلبة المعهد بالتنسيق مع النقابة، ومن المقرر عرضه قريباً.

وكانت هناك شكوى دائمة بأن كثيراً من الأعمال باتت تسند بطولتها لمؤثرين في "السوشيال ميديا"، بينما المتخصصون والدارسون لا يجدون فرصة حقيقية، وتأتي هذه النوعية من المشاريع كمحاولة لتصحيح الأوضاع التي طالما سببت تأزماً في أجواء الوسط الفني بشكل عام.

أيضاً يدور الحديث الآن عن مبادرة ثالثة تتعلق بإنتاج 300 فيلم متنوّع في مصر خلال خمس سنوات، وهو رقم كبير للغاية إذا ما سارت الأمور على ما يرام، بخاصة أن عدد الأفلام المصرية خلال السنوات الأخيرة لا يزيد على عشرات كل عام، فإذا كانت شركة واحدة ستأخذ على عاتقها إنتاج ما يعادل 60 فيلماً في السنة، فإن الخريطة ستتغير وأجواء المنافسة ستتيح مزيداً من التنوع وترتفع بمستوى الجودة بالتأكيد.

وهو الأمر الذي قد يحدث انفراجة نوعية، وحينها قد تنجح لجنة الأوسكار في إيجاد عمل يليق يمكن التقدم به، لكن لا يزال المناخ بحاجة إلى ما هو أكبر بكثير من مجرد مبادرة أو فكرة.

المخرج المصري عمرو سلامة حاول شرح بعض الصعوبات والأزمات التي تواجه صناعة الفن في مصر خلال الفترة الأخيرة من خلال تدوينات عدة كاشفة، منبهاً إلى أن كثيراً من الكوادر العاملة في المجال أصبحت تفضل العمل خارج البلاد لصعوبة العملية الإنتاجية، ومشيراً إلى أن الكفاءات التي تترك المجال تدريجاً ستتسبب في إضعاف الصناعة في مصر، وتسهم في تراجعها بعد ريادة استمرت 100 عام، وهو أمر في رأيه يؤثر سلباً في الجانب الاقتصادي أيضاً.

ودعا سلامة إلى أن يتم تدارك المشكلات سريعاً قبل فوات الأوان، مستشهداً بأعمال أجنبية كثيرة كانت تدور أحداثها في مصر، لكن صناعها قرروا تصويرها بدول أخرى لديها قوانين واشتراطات أكثر يسراً في استخراج تصاريح العمل.

لكن سلامة مع ذلك لم يفقد الأمل، إذ قال "هناك مجهودات حثيثة لتغيير الوضع، نشكرها ونبجلها ونحترمها ونحيي من تنبه وكانت عنده الرغبة، ونتمنى أن تأتي بنتائج ولا يعرقلها شيء"، إذاً مخرج "لا مؤاحذة وزي النهارده وبره المنهج وشيخ جاكسون وما وراء الطبيعة" فند المعوقات، ومع ذلك استشرف الأمل بما عبر عنه تصريحات متناثرة هنا وهناك.

أبواب الجدل

لكن الرأي كان مختلفاً تماماً لدى زميله المؤلف عمرو سمير عاطف، الذي رد عليه بشكل مباشر من خلال حسابه عبر "فيسبوك"، إذ بدا أقل تفاؤلاً بكثير، لافتاً إلى أنه بحسب تجربته فالمعوقات التي تلاحق التصوير في مصر "لن تتزحزح بسهولة".

وبحسب ما يرى مؤلف "بكار والنهاية وكفر دلهاب ورقم مجهول والصياد" فالتغيير من وجهة نظره، وكذلك بعض العاملين في المجال، لن يتحقق بين يوم وليلة بمجرد التصريحات الوردية المشرقة، بخاصة أن العمل الفني بحاجة إلى بنود مختلفة كثيراً وليس "كتالوج" يتم السير عليه من دون أن يحيد الصناع عنه.

من جانبه يرى الناقد محمد عبدالرحمن أن السينما والفن عموماً بحاجة أولاً إلى "مناخ مناسب" على مستوى المواضيع الجديدة والجريئة المختلفة، وفي الوقت نفسه "توفير إمكانات إنتاجية ولوجيستية ليحدث حراكاً في السوق"، بدلاً من فكرة المبادرات التي مهما نجحت ستظل "موقتة ومرتبطة بحماسة مطلقيها"، وإذا اختفت تصيب الصناعة بالشلل وتصدر الإحباط للصناع، فيجب أن يكون هناك "حلول جذرية وليس مجرد مسكنات موقتة".

إذاً فالأولى وضع مبادرات لتذليل عقبات مراحل العملية الإنتاجية، والانفتاح أكثر في المواضيع التي تتم مناقشتها، في ظل المعاناة التي يتحدث عنها المبدعون وبينهم المخرجة هالة خليل صاحبة "أحلى الأوقات ونوارة وقص ولزق"، التي حظيت أعمالها بتقدير كبير في المهرجانات السينمائية المختلفة، إذ وجهت مناشدات متكررة لتحصل على موافقة جهاز الرقابة على المصنفات الفنية للبدء بتصوير فيلمها "شرط المحبة" الذي تدور أحداثه في إطار رومانسي اجتماعي، فرغم قيامها بإجراء التعديلات المطلوبة، لكن العمل لا يزال حبيس الأدراج منذ خمس سنوات.

العبارة الموجعة

اللافت أن المبادرات والجدل والمناقشات تفجّرت بعد عاصفة الاستياء التي أعقبت بيان لجنة الأوسكار التابعة لنقابة المهن السينمائية في مصر الذي جاء فيه "اجتمعت اللجنة المشكلة من قبل نقابة المهن السينمائية لاختيار الفيلم المصري المرشح للمشاركة في مسابقة الأوسكار لأفضل فيلم دولي، وبعد مشاهدة أعضاء اللجنة للأفلام التي ينطبق عليها شروط الترشيح للجائزة من قبل أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة (أوسكار) انتهت اللجنة بأغلبية الأصوات إلى قرار بعدم ترشيح فيلم مصري لهذا العام".

وصوّت 11 عضواً برفض ترشيح فيلم للمشاركة، بينما كان يتمسك سبعة فقط بضرورة اختيار فيلم، وبينهم الناقد طارق الشناوي الذي علق على اللغط قائلاً إن "الأغلبية في لجنة الأوسكار قرروا عدم جدارة السينما المصرية هذا العام بترشيح فيلم"، لافتاً إلى أن التصويت كان على "هل أنت مع مبدأ ترشيح فيلم أم لا؟" لتتفوق لا.

وأوضح الشناوي "للعلم لم يكن هذا القرار يحظى بموافقتي شخصياً، لكن خضوعاً لمبدأ الديمقراطية التزمت به، وعلينا جميعاً عندما نشارك في لجنة أن نلتزم بقرار الأغلبية حتى لو اختلفنا معه".

 

الـ The Independent  في

13.10.2022

 
 
 
 
 

«مثلث الحزن» للسويدي روبن أوستلند: الرأسمالية في أعلى مراحلها

سليم البيك

كأن المخرج السويدي روبن أوستلند يخلق بأفلامه الثلاثة الأخيرة أسلوباً خاصاً به، وتحديداً أكثر في فيلميه «المربع» 2017 و»مثلث الحزن» وكلاهما نال السعفة الذهبية في مهرجان كان، الأول في عامه، والأخير هذا العام في الدورة الأخيرة من المهرجان. في الفيلمين انسجام أسلوبي يمكن لأولهما أن يكون مرجعياً في بعض مشاهد الأخير. هو كذلك انسجام موضوعاتي، في الأول كانت مساحته الأساسية المتحف، وفي الأخير كانت اليخت. أما أول الأفلام الثلاثة، «قوة قهرية» 2014 فكان ممهداً أسلوبياً وموضوعاتياً للتاليين.

في أفلامه الثلاثة، قدم أوستلند مجتمعاً كوزموبوليتياً، أوروبياً مركزياً أبيض بورجوازيا، مانحاً كلاً من الأفلام الثلاثة ضمن المشتركات تلك، خصوصيات تُكوّن موضعَ الانتقاد في كل فيلم، في الأول العائلة والذكورية، وفي الثاني الاستهلاك والرياء، وفي الثالث، وقد وصل في لذاعة سخريته السينيكاليّة إلى أقصاها، كانت التفاهة لفئةٍ فاحشة الثراء، وقد تخطى المخرج البورجوازية التقليدية كموضع لانتقاده.

فيلمه الأخير، الذي يستهل عروضه التجارية في العالم، من فرنسا التي نزل أخيراً إلى صالاتها، مُقسّم إلى ثلاثة أجزاء، في الأول يصور سخافة الخلافات ما بين كارل ويايا، عارضَي أزياء متصاحبين، يختلفان على دفع فاتورة مطعم، هي تنال هدايا من الشركات لكونها «مؤثرة» في الإنستغرام، وهو يطمح لتحسين صفته كعارض أزياء. في القسم الثاني يكونان مدعوّين إلى رحلة بحرية على متن يخت، مع نزلاء متعددي الجنسيات وفاحشي الثراء، ومن خلالهما وغيرهما، تحصل مفارقات في السلوك والأحاديث، مظهراً، الفيلم، هذه الطبقة في مدى استسهال استعبادها لغيرها، العاملين في اليخت مثلاً. في القسم الثالث، وقد انفجر اليخت وغرق، نجا البعض، فيمضي أيامه على جزيرة، في محاولة للبقاء على قيد الحياة، بصيد السمك، بعد حياة البذخ التي غرقت مع اليخت.

لم يترك الفيلم مشهداً دون تمرير انتقاد أو سخرية من عقليات وسلوكيات وأقوال هذا المجتمع المتداخل ببعضه، وإن كان الصاحبان على طرفه، كشابين يحاولان الدخول إلى عالم الموضة والاستهلاك، ليكون على الطرف الآخر الأثرياء أصحاب شركات في تصنيع القنابل، أو «الخراء» كما يكرر أحدهم في إشارة لتصنيع الأسمدة. الوحيد الذي كان بصوت موزون رغم حالة السكر التي طالت عنده، هو الكابتن، قائد اليخت، الذي طلب وجبة البرغر مقابل الطلبات العجيبة من الوجبات المزخرفة للنزلاء، وكان الوحيد الذي بقي على طاولته يكمل عشاءه بعد انهيارات دوار البحر، الذي أصاب الجميع، في حفلة استفراغ جماعي هو أكثر ما مثّل هذه الفئة في الفيلم، في ليلة مبارزة أقوال مأثورة عن الاشتراكية مقابل صانع «الخراء» الذي كبر في روسيا الاتحاد السوفييتي وغنيَ من بعد انهياره، مادحاً السياسيين البريطانيين والأمريكيين ورأسماليتهم، متخذا أقوالهم حِكماً له.

في القسم الأول يمهد أوستلند للأجواء التي سيصورها في التالي، ساخراً من أوساط تسعى للثراء في مجتمع رأسمالي بصيغته الراهنة، حيث تكثر الأموال افتراضياً دون قيمة للعمل فيها، متخذاً من الموضة والعاملين فيها وسطاً للسخرية، مصوراً تفاهة الأحاديث والمشاعر والصور الانستغرامية. في القسم الثاني، وهو الأساسي في الفيلم، رفع المخرج نقده إلى درجة السخرية المحطّمة لقيم طبقة منفصلة عن العالم ومساهمة في دماره، تغنى على حروبه ومجاعاته، وليس ذلك بمقابلته مع آخرين من طبقة وسطى وعاملة، أو حتى مع فقراء، بل مع من حضر في القسم الأول، وهما كارل ويايا الراغبان بثراء ما، من خلال عرض الأزياء، الطامحان بمكانة كأي من هؤلاء النزلاء في اليخت. لم يكن التناقض جوهرياً بين النزلاء والصاحبين، لكنه كان كافياً ليوفر مادة فظيعة من السخرية، وكان أساساً تمهيدياً لما سيليه. أما الجوهري في التناقض فقد تركه المخرج إلى القسم الثالث، حيث عادت البشرية إلى أصلها، بعيداً عن امتيازات الأثرياء الممكن فقدانها بقنبلة واحدة، هم صنّعوها وورّدوها إلى بلاد الفقراء.

في جزيرة معزولة، حيث يتساوى الجميع، القيمة العليا تكون للعمل، للقدرة البشرية، فتصير عاملة التنظيف في الحمّامات في اليخت، الكابتن على الجزيرة لأنها التي استطاعت صيد سمك وأخطبوط وإشعال نار، ليتناول الجميع عشاءه. صارت الآمرة الناهية لكن كذلك مع امتيازات منحتها لنفسها، ألغت الظروف التي أمكن لها أن تساوي بين الجميع لتتخذ لنفسها، منتقمة، مكانة فاحشي الثراء على اليخت، وقد تحول هؤلاء إلى أتباع على الجزيرة. في هذا القسم أخذ المُخرج التناقض إلى أقصاه، وعاد بشخصياته في كل طبقاتها الاجتماعية، إلى أصول البشرية في حالة يمكن للقمة أخطبوط أن تسبب شجاراً مميتاً أو خضوعاً تاماً.

«مثلث الحزن» Triangle of Sadness يحتمل أن يكون كوميديا ساخرة يمكن أن يستقر مُشاهدها على سطحها، ويخرج من الصالة وقد ضحك كثيراً فيها، ويكفيه ذلك لأمسيته، ويحتمل الفيلم كذلك أن يكون استعادة للطبيعة البشرية في تطور علاقات القوة فيها ونشوء طبقة من أصحاب المصالح والاستغلاليين أصحاب ثروات تراكمت على ظهور آخرين سينقلب اليخت والحال، ويستبدل هؤلاء وأولئك المواقع، ويحمل أن يكون نقداً لاذعاً لمجتمع رأسمالي تُختصر قيمة الفرد فيه برصيده في المصارف وبعدد الأتباع في انستغرام، وبمن يدفع فاتورة العشاء. يستطيع الفيلم أن يكون بكل ذلك، تمهيداً معاصراً وساخراً وخفيفاً، لمن يود أن يطّلع على كتاب صغير اسمه «البيان الشيوعي».

كاتب فلسطيني سوري

 

القدس العربي اللندنية في

13.10.2022

 
 
 
 
 

جوائز الأوسكار، كيف تصل إلى يد الفائزين بها؟

ميسون أبوالحب

أهم جوائز الفن السابع في العالم هي جوائز الأوسكار التي تمنحها أكاديمية الفنون والعلوم السينمائية الأميركية لذوي الإنجازات المهمة في عالم الإنتاج السينمائي. فكيف تعمل هذه المؤسسة وكيف يتم اختيار الفائزين بجوائزها؟

أولا، من المعتقد أن عدد الأشخاص الذين سيشاركون في التصويت على أهم الإنجازات في العام المقبل سيتجاوز تسعة آلاف وخمسمائة شخص.

ولا تكشف الأكاديمية عن أسماء هؤلاء ولكن من المعروف أن من بينهم جميع من فازوا بجائزة أوسكار أو ترشحوا لها. أما الباقون فهم نشطون في مجالات السينما المختلفة عادة ما تختارهم الأكاديمية أو لنقل توافق على طلباتهم للمشاركة في التصويت بعد النظر في ملفاتهم شرط أن يدعم أي طلب عضوان في الأكاديمية.

كي يتأهل فيلم ما للمشاركة في التنافس على جوائز الأوسكار يجب أن يكون أولا قد عُرض على الجمهور مقابل مبلغ مالي لمدة أسبوع على الأقل في صالة عرض تجارية في لوس آنجلس بين أول وآخر يوم من العام. ولا يُطبق هذا الشرط على الأفلام الأجنبية التي تتقدم دولها بطلبات لإشراكها في المنافسة ولا على الأفلام الوثائقية والقصيرة التي تخضع لمتطلبات أخرى. بالنسبة للجوائز الموسيقية على الموسيقي نفسه أن يقدم طلبا باسمه لإشراك عمله في المنافسة.

في الأكاديمية حاليا 24 فرعا هي فروع الفن المختلفة ومنها أفضل فيلم وأفضل ممثل وممثلة .. الخ. وعادة ما يقوم أعضاء اللجان المتخصصة في هذه الفروع باختيار أفضل المرشحين كل حسب تخصصه. فمثلا الكتاب يختارون كتابا والمخرجون مخرجين وهكذا دواليك. أعضاء الأكاديمية هم الوحيدون الذين لهم حق ترشيح أسماء الفائزين. وبعدها يختار أعضاء الأكاديمية كلها المرشحين لأفضل فيلم ثم يصوتون لتحديد الفائزين في مختلف الفروع.

وبالطبع لا يتم الإعلان عن الأسماء الأخيرة إلا في حفل توزيع الجوائز. ولكن، لم يكن الأمر على هذه الحال في البداية إذ اعتادت الأكاديمية تزويد الصحف والمجلات بأسماء المرشحين والفائزين قبل الإعلان عنها رسميا بيوم أو يومين وكان الشرط الرئيسي عدم الكشف عنها إلا بعد الإعلان الرسمي. ولكن، في عام 1939 تجرأت صحيفة لوس آنجلس تايمز ونشرت أسماء الفائزين قبل توزيع الجوائز بساعات مما قضى على متعة المتابعة والمفاجأة. ومنذ ذلك اليوم قررت الأكاديمية الاحتفاظ بأسرارها لنفسها وعدم إشراك أي طرف خارجي.

كان أول نقل تلفزيوني لحفل توزيع الجوائز في عام 1953 وبعدها أصبح البث عالميا اعتبارا من عام 1969. وبحلول نهايات القرن العشرين تحول هذا الحفل إلى حدث عالمي تماما يتابعه الملايين.

يبدأ التصويت في بداية العام كل حسب تخصصه. وكان أعضاء الأكاديمية يتمتعون بحقوق تصويت مدى الحياة ولكن، اعتبارا من عام 2016 تحدد حق التصويت بعشر سنوات قابلة للتجديد لتجنب مصوتين غير نشطين في المهنة. أما حق التصويت لمدى الحياة فلا يأتي إلا بعد ثلاثة تجديدات، أي بعد ثلاثة عقود. وإذا توقف نشاط هؤلاء يتحولون إلى رؤساء فخريين ليس لهم حق التصويت.

خلال تاريخ الأكاديمية قررت طرد أربعة أعضاء فيها فقط منذ تأسيسها وهم هارفي وينشتاين وبيل غوسبي ورومان بولانسكي والمصور آدم كيمل. وكلهم لأسباب تتعلق بتحرشات واعتداءات جنسية.

من المعلومات الأخرى عن الأوسكار: تقول الأكاديمية إن قيمة تمثال الأوسكار الذي تمنحه للفائزين هو دولار واحد لا غير !!!!

 

الـ FaceBook في

20.10.2022

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004