ملفات خاصة

 
 
 

استفاقة مصرية للحفاظ على تراث الأفلام القديمة وإعادة ترميمها

أحمد جمال

القاهرة السينمائي الدولي

الدورة الرابعة والأربعون

   
 
 
 
 
 
 

عدم وجود نسخ وتحلل الشرائط وتعرضها للتلف أزمات تهدد التطوير.

بعد إظهار مهرجانات سينمائية عربية اهتمامها بترميم أفلام مصرية كلاسيكية وإعادة عرضها اتجهت وزارة الثقافة المصرية نحو تبني الفكرة ودعمها، بناء على أحقيتها في حفظ التراث الثقافي المصري، لكنها خطوة تبدو في نظر محللين متأخرة، وعرضها هذا التأخير للاصطدام بالعديد من العراقيل.

القاهرةأعاد مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته الرابعة والأربعين الاعتبار والنظر إلى الأفلام المصرية القديمة التي في حاجة إلى إعادة ترميم، عقب نجاح إدارته في القيام بترميم فيلمي “أغنية على الممر” و”يوميات نائب في الأرياف”، لتعلن وزارة الثقافة عن خطة لإعادة ترميم الأعمال القديمة خلال الفترة المقبلة بعد أن تعرض بعضها للتلف بفعل عوامل الزمن.

وأشارت وزيرة الثقافة المصرية نيفين الكيلاني مؤخرا إلى وجود 44 فيلما تاريخيًا في حاجة إلى ترميم، وستعمل على الانتهاء من ذلك في الفترة المقبلة واستكمال ما بدأه مهرجان القاهرة بالتعاون مع شركة تشرف على الأصول السينمائية وتتبع الشركة القابضة للصناعات الثقافية.

وجاءت هذه الاستفاقة متأخرة للغاية لأن الكثير من الأفلام المباعة تجاريًا إلى فضائيات وشركات إنتاج عربية قامت بإعادة ترميمها بالفعل، كما أن الأفلام القديمة الموجودة في مخازن المركز القومي للسينما واتحاد الإذاعة والتلفزيون وشركات الإنتاج العامة والخاصة يواجه بعضها تلفا نتيجة سوء التخزين أو يصعب الوصول إليه في ظل غياب الاهتمام بالعديد من الأعمال التي قدمتها السينما المصرية منذ عشرينات القرن الماضي.

رامي المتوليعملية الترميم تواجه صعوبات أهمها غياب النسخ الأصلية

وتعرضت وزارة الثقافة لانتقادات عديدة حادة من قبل نجوم مصريين لغياب الاهتمام بالتراث التاريخي للسينما، تحديدا مع اتخاذ الحكومة لقرارات متعاقبة بين تبعية الثقافة لوزارة الآثار وفصلها عنها، خاصة وأن بعض مشروعات الترميم السابقة لم تكتمل.

وقال مستشار وزيرة الثقافة لشؤون السينما خالد عبدالجليل في إحدى ندوات مهرجان القاهرة السنمائي “إن مشروع “السينماتيك” الذي يستهدف إعادة ترميم الأفلام السينمائية تم تخصيصه لإعادة ترميم الآثار الإسلامية عقب انفصال وزارة الثقافة عن الآثار، وبعض الأفلام القديمة وصلت إلى حالة سيئة ما يستوجب سرعة الحفاظ على التراث”.

وأكدت وزارة الثقافة أن اختيار الأفلام التي في حاجة إلى إعادة ترميم يتم بناء على الأعمال المؤثرة في تاريخ السينما المصرية، وتقوم بعملية الترميم حاليا في معامل الشركة القابضة للسينما بمدينة الإنتاج الإعلامي.

ويعد الترميم محاولة لإعادة الفيلم من نسخته التالفة نتيجة سوء الاستخدام في مراحل عديدة أو لقدمها زمنيًا لتحويلها إلى نسخة أصلية رقمية (ديجيتال)، ويدخل الفيلم المرمم عملية طويلة من إعادته ثم مرحلة تصحيح الألوان وبعد ذلك يدخل مرحلة تحويله إلى نسخة سينمائية مناسبة للحفاظ عليها على المدى البعيد.

وأشار مركز الترميم السينمائي المصري إلى أن ترميم الأفلام يمر بمراحل مختلفة، أبرزها مرحلة الترميم اليدوي ويتم فيها فحص الفيلم والوقوف على حالته الفنية، وتصحيح الـ”فريمات” غير المنضبطة، ثم مرحلة الصوت، حيث أن هناك تقنية تتيح تحويل الصوت إلى جودة جيدة للغاية، والعمل على الأجهزة من خلال برامج حديثة تعالج مشكلات في الصورة وتزيل النقاط السوداء المنتشرة على الشاشة.

وجاء اهتمام مهرجان القاهرة السينمائي بترميم الأفلام القديمة بعد أن وجد دوائر ثقافية وفنية تعاني من مأزق لأن الأفلام التاريخية يجري ترميمها في مهرجانات عربية ودولية في حين أن ذلك يغيب بشكل كامل عن مهرجان القاهرة، وسبق أن أثار مهرجان الجونة الأمر في إحدى دوراته قبل توقفه.

ومن المقرر أن ينتهي مهرجان البحر الأحمر السينمائي في دورته الجديدة التي تنطلق مطلع ديسمبر المقبل من ترميم سبعة أعمال بعد مرور خمسين عاما على إنتاجها من بينها فيلمان مصريان، هما: “خلي بالك من زوزو”، و”غرام في الكرنك” وذلك ضمن برنامج “كنوز البحر الأحمر”.

صفاء الليثيمشروعات الترميم تحتاج تمويلا حكوميا لتنفيذها

قال الناقد الفني رامي المتولي إن عملية ترميم الأفلام تواجه صعوبات بالغة على رأسها عدم وجود نسخ قديمة وأصلية للكثير من الأفلام المهمة، كما أن بعض الشرائط تعرضت للتحلل وهناك محاولات عدة لتحويلها إلى نسخ ديجيتال، وكان من المفترض أن يبدأ الاهتمام بها منذ سنوات طويلة.

وأوضح في تصريح لـ”العرب” أن النسخ المرممة تحافظ على التراث السينمائي وتعد نواة مهمة لإمكانية أرشفة كافة الأعمال التاريخية، وأن الحكومة لديها رغبة في ترميم كافة الأفلام بما فيها تلك التي قامت جهات مصرية ببيعها إلى فضائيات عربية، والتعويل على أن يكون هدف البيع تجاريا فقط بما يسمح لوزارة الثقافة بترميمها.

وأكد أن التراث السينمائي المصري أكبر كثيرا من الأفلام التي تم بيعها من قبل وهناك الآلاف من الأفلام الروائية الطويلة والقصيرة والتسجيلية في جعبة المركز القومي للسينما الذي يشكل امتدادا طبيعيا للمؤسسات الإنتاجية الحكومية التي قدمت تلك الأفلام، وأن هدف الحكومة من الترميم ليس تجاريا، لأنها تريد الحفاظ على التراث.

وسبقت شركات إنتاج وجهات سينمائية خاصة الحكومة في عملية الترميم، وأبرزها قيام المنتجة ماريان خوري ابنة شقيقة المخرج الراحل يوسف شاهين ومدير شركة أفلام مصر العالمية بإعادة ترميم 20 فيلمًا من أفلام شاهين وعرضها بسينما “زاوية” بالقاهرة عام 2018، ولاقت إقبالا جماهيريا، واستغرق ترميمها نحو عشرة أعوام.

وتشكو جهات مصرية بذلت جهودا لإعادة ترميم الأفلام القديمة، من بينها  مؤسسة “أندي كولكت” لترميم الأعمال الفنية الخاصة، من تغير الألوان الحقيقية للفيلم والذي يحدث بسبب سوء التخزين، ويكون سببا رئيسا في تغيير رؤية المخرج الأصلية في وقت إنتاجه، إذ يتغير شكل الأبطال وألوان الديكور، وألوان بشرة الممثلين، وهذا كله لا يصب في صالح الفيلم ويُحدث تغييرا جذريا في السياق الدرامي.

وتواجه تلك الجهات أزمات تتعلق بالحصول على النسخ الأصلية للأفلام أو ما يُسمى بـ”النيجاتيف”، خاصة أن معظمها جرى تخزينه بصورة خاطئة، وبطريقة لا تراعي أصول حفظ هذه المواد الخام إلى درجة قيام جهات سينمائية بوضعها في ثلاجات المنازل للحفاظ على جودتها لأطول فترة ممكنة.

ترميم الأفلام مهمة ليست سهلة

وأشارت الناقدة الفنية صفاء الليثي إلى أن اتجاه وزارة الثقافة نحو رعاية عملية الترميم خطوة إيجابية بعد أن تركز اهتمام المهرجانات المصرية سابقا على ترميم الأفلام التسجيلية فقط دون الروائية، والمهم أن يتم ذلك وفقًا لخطة مدروسة وليست عشوائية ودون انتظار لاستقطاع ميزانيات من المهرجانات الفنية الفقيرة في ترميم الأعمال.

وأوضحت في تصريح لـ”العرب” أن البقية من الأفلام المصرية التي لم تبع إلى الخارج آلت إلى المركز القومي للسينما وهناك مشروعات لإعادة الترميم يتبناها العديد من المخرجين في حاجة إلى تمويل حكومي لتنفيذها، وأن وزارة الثقافة بإمكانها التسويق لتلك الأعمال عبر عرضها في مهرجانات مختلفة وأن تبني خطتها بما يتلاءم مع خريطة الأفلام المعروضة فيها.

وشددت على أهمية تقديم الدعم لمنتجي القطاع الخاص لإعادة ترميم أعمالهم القديمة، مع ضرورة وجود اتفاقات تضمن استفادة الطرفين من عملية الترميم بحيث يحق للحكومة الحصول على النسخ المرممة مقابل الحفاظ على تراث تلك الشركات، باعتبار أنها أعمال تمثل التاريخ السينمائي المصري في نهاية الأمر.

وقد تكون وزارة الثقافة المصرية أكثر حرصًا على دعم ترميم الأفلام القديمة للتعامل مع سيل الانتقادات الموجهة إلى جهات حكومية أهملت الإنتاج السينمائي خلال السنوات الأخيرة، ما تسبب في تردي الأعمال المقدمة وعدم قدرة غالبيتها على تحقيق جذب جماهيري في دور العرض السينمائي أو المنافسة في المهرجانات الدولية، وربما يكون إنجاز عملية الترميم بديلا مناسبًا للتخفيف من حدة الانتقادات.

صحافي مصري

 

العرب اللندنية في

01.12.2022

 
 
 
 
 

مخرج فيلم "السد": اخترت بطل الفيلم بالصدفة..

والعمل جزء من مشروعي عن السودان

 أحمد العياد

إيلاف من القاهرة: شارك المخرج اللبناني علي شري، بفيلم "السد" ضمن عروض المسابقة الدولية لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته الـ44، ويعتبر العمل التجربة الأولى كفيلم روائي طويل لصُناعه، وهو إنتاج مشترك بين السودان، وقطر، وألمانيا، وصربيا، ولبنان وفرنسا، وكان الفيلم شارك في الدورة الأخيرة بمهرجان كان السينمائي الدولي في مايو الماضي .

يرصد فيلم "السد" الانتفاضة التي أسقطت نظام عمر البشير في السودان عام 2019 من خلال قصة شاب يعمل في مصنع للطوب يعتمد على طمي النيل عند سد مروي بعيدا عن العاصمة. والفيلم من بطولة ماهر الخير ومدثر موسى وسانتينو أجوير دينج وأبو القاسم سر الختم.

أجرينا الحوار التالي مع المخرج اللبناني لمعرفة تفاصيل تجربته وما منطلق رؤيته السياسية للفيلم، وكذلك كيف وقع اختياره على بطل العمل.

·        موضوع فيلم "السد" سياسي بحت، لكنك تطرقت لقصة إنسانية بسيطة من خلال قصة هذا الرجل السوداني مع تمثال، بطريقة عذبة بعيدة عن أي مواضيع سياسية ممكن تكون مزعجة خاصة وأن الموضوع حساس بين أكثر من دولة عربية.

لم يكن هذا هدفي ولم أجرب تفادي المسألة بخصوص أي شيء يتعلق بالدول العربية أو أي حساسية لأحد، والمشروع من الأساس أنه في كل أعمالي حتى وإن كان المدخل جمالي فالموضوع سياسي.

وما يهمني هو فكرة السد، والسد بشكل ما يمثل إسقاط للأنظمة القمعية، يؤثر على حياة الناس وعلى الطبيعة والمياه والزراعة، ويأتي هذا الشيء لكسر تناغم الطبيعة.

·        كيف وقع اختيارك على بطل الفيلم ماهر، وما المدة التي استغرقها ليستعد للفيلم؟

تعرفت على ماهر في أول رحلة قمت بها للسودان عام 2017، كان يعمل بـ"الكامينا" ومن بعدها بمعامل الطوب بجوار السد. وبدأت في تلك الزيارة الحديث مع العمال لمعرفة قصصهم وأخبرتهم بموضوع الفيلم، لأجد ماهر يأتي إليّ ويخبرني برغبته في العمل معي في الفيلم. وماهر يحب أفلام الأكشن وأفلام جاكي شان وجيمس بوند، وأخبرته بأن الفيلم لا يوجد به أكشن لكن رغبته في المشاركة لم تتغير.

كتبت الفيلم بعد لقائي مع ماهر والحديث مع العمال، وظللت أراقب العمل بـ"الكامينا" وصناعة الطوب، وكذلك شخصية ماهر لأن الفيلم كُتب بالأساس حسب شخصيته.

·        كم استغرق تدريب ماهر للدور؟

- لم أجرِ أي تدريبات مع ماهر وأعتقد أنني بنيت علاقة ثقة بيننا. وقضيت وقتاً طويلاً بجبال السودان تقريبا لمدة 4 أشهر. وأعتقد ماهر كان لديه حضور قوي وكاريزما على الشاشة، ولديه طريقة آسرة.

·        في وجهة نظر تكون حول تشبيه الممثلين والشخصيات بالحيوانات فكان بطل الفيلم شبيها ً بالأسد؟

- مظبوط، فيه شيء من ذلك سواء من الشدة، في قوة بنظراته، وهذا مدهش بالنسبة لي، فلذلك الدور كُتب بمعرفة ماذا يستطيع أن يفعله وما الذي لا يستطيع فعله.. ولم أكن أستطيع الطلب منه أن يحكي نص أو حوارات، لأني أعرف أن لديه شدة بوجوده وهذا ما جربت أصوره بالفيلم.

·        كفنان تشكيلي كيف نرى رؤيتك في الأفلام؟ وهل نرى أثرها عليك في الفيلم؟

لا أعتبر نفسي دخلت من الفن التشكيلي للسينما، أنا أعتبر هذا المشروع تطلب أن يستعمل أدوات السينما، وأحاول إنشاء تآلف بين الفن التشكيلي وعناصر السينما من ألوان وصور ومباني وحركة كادرات وحكايات الصور.. وفي فيلم "السد" كأنه فيه غبار على الشاشة، كل الألوان كمان كأنها "مغبرة"، هو شيء موجود هناك وأحببت فكرة وجود التراب حتى بالهواء.

·        هل يعتبر الفيلم بداية لسلسلة أو امتداد لفيلم آخر، أم هناك مشروع مختلف؟

الفيم جزء من مشروع أكبر، وأعمل حاليا على عمل أقدمه بـ"فينيس"، وهو جزء من هذا المشروع هي installation على 3 شاشات فيديو، وتماثيل ومجسمات ورسومات، يمكن اعتبارهم جزءا من هذا المشروع التابع للسودان، فأنا لا أعتبره عملا واحد بل مشروعا متكاملا، ومن الممكن أن أقدم أعمال أخرى.

·        هل من الممكن رؤيتك مستقبلا تقدم أفلاما سينمائية روائية مختلفة ؟

- صعبة، لأن أنا غير مهتم بالفورمات الخاصة بالفيلم الروائي الكلاسيكي، عملي مرتبط بالشغل البصري وهذا اهتمامي.. ولا أعتقد أنني سأخوض التجربة، لا زال هذا تفكيري حتى الآن.

 

موقع "إيلاف" في

01.12.2022

 
 
 
 
 

«السباحتان».. يجمع سكان مناطق الصراعات فى قارب موت واحد

كتب: سها السمان

تجتمع في فيلم السباحتان The Swimmers ،للمخرجة البريطانية من أصل مصري سالي الحسيني، الشخصيات الممثلة لمناطق الصراعات في العالم في قارب واحد، الجميع يواجه خطر الموت ويحاول النجاة؛ فالحروب لا تفرق بين شخص وآخر، تجعل الجميع متساوين، الكل يعيش نفس المأساة ويجمعهم خطر واحد.

الاحتفاء الذي قوبل به السباحتان عند عرضه في مهرجان القاهرة السينمائي 44 وفى نفس الوقت تصدره لقائمة الأكثر مشاهدة على شبكة نتفليكس، بجانب قصة الفيلم نفسها والمأخوذة عن قصة حقيقية ربما كلها كانت أسباب تثير الفضول لمشاهدة ا الفيلم الذي تتجاوز مدته الساعتين و15 دقيقة.

■ السباحتان: «نحن مش لاجئين.. نحن عندنا وطن»

تعلمنا أن الصورة تساوى ألف كلمة، وفى السباحتان يحكى كل مشهد آلاف من الكلمات والكثير من المعاني، اللقطات الأولى عام2011 لأسرة مدرب السباحة السورى عزت ماردينى؛ الأب الذي وضع كل طموحه في بناته الثلاث، كل واحدة منهم تحمل صفاته في القيادة والشغف والالتزام، ويريد أن يرى أحلامه بالوصول للأولمبياد تتحقق بهن، والأم الواثقة بأن ما يحدث في مصر وتونس لا يمكن أن يصل لسوريا، حالة الإنكار نراها أيضا في الحفلة الصاخبة وسط سقوط الصواريخ على دمشق يرقص الشباب على موسيقي titanium، لكن الأمر أكبر من أن يبقي بعيدا، فقط ننتبه عندما يقترب من دائرتنا.

مع حلول 2015 يصبح الكل في نفس المأساة، الشوارع المهدمة، الجنود في الشوارع وطلقات الرصاص تداهم الحافلات المدنية، الكهرباء التي تنقطع ساعات طويلة، بينما الأب يرفض مغادرة وطنه ولا يزال يحلم ويدرب بناته خاصة يسرا للوصول لأولمبياد ريو 2016 وتمثيل سوريا حتى أيقظه صاروخ يسقط داخل حمام السباحة ويكاد يقتل حلمه؛ ليدرك أنه حانت اللحظة لتهرب ابنتيه سلمي ويسرا من مأساة الحرب السورية إلى ألمانيا.

"نحن مش لاجئين .. نحن عندنا وطن" تقولها يسرا ماردينى وهي تكابر قبل أن تجد نفسها وسط 18 شخصا من جنسيات مختلفة، ملامح ولغات متعددة لكن يجمعهم دافع الهروب من حروب وصراعات لا ناقة لهم فيها ولا جمل، أفغانستان، الصومال، إرتريا، السودان، سوريا ... الجميع فقد الوطن ويبحث عن مكان آمن.

«السباحتان» وتجارة زوارق الموت

تأخذنا مشاهد السباحتان إلى رحلة الهجرة غير الشرعية، تجارة أرباحها من حياة الناس و"حشرهم" في زوارق الموت وتركهم لمصيرهم، نجحت المخرجة سالى الحسيني في إدخال المشاهد وسط ال18 شخصا، بداية من اللقطة الواسعة للقارب الوحيد فى عرض البحر الواسع، ثم التواجد وسط الركاب في زحام خانق لا مكان فيه حتى للكاميرا لتصور حالة الفوضى والرعب التي عاشوها، بينما المياه تغرق الزورق والظلام يحيط بهم وفتاتان تسبحان بجانب القارب أملا في انقاد ركابه، وفى لحظة وسط رائحة الموت التي تحيط بهم يعلو صوت سيا you shoot me down, but I won't fall .

لم يكن العبور سهلا، كل مشاعر الغضب أخرجها الناجون في تمزيقهم للقارب كما لو كان الشيء الوحيد المسموح لهم بإفراغ غضبهم وخوفهم فيه، والأصعب أن تكون نجوت من الموت في البحر، لكنك تواجه بكل هذا الرفض من العالم، وتسير حافيا في الشوارع.

يلقي فيلم السباحتان بحجر في المياه الراكدة في قضية اللاجئين، يظهر كيف أصبحت سمعتهم سيئة بلا ذنب، كيف أصبح مواطنو دول العالم خاصة الأوروبية يرفضون مساعدتهم، لا يبيعون لهم شيئا ويغلقون الأبواب في وجوههم، لولا قرار المستشارة الألمانية إنجيلا ميريكل التي قررت استضافة اللاجئين بقرار تاريخى عام 2015 وتشجيع الشعب الألماني على الانفتاح وتقديم المساعدة لهم.

رغم أن فيلم السباحتان مأخوذ عن قصة حقيقية، حيث استطاعت السباحة يسرا ماردينى تمثيل سوريا بالفعل في منتخب اللاجئين بأولمبياد ريو بمساعدة المدرب الألماني فيش، لكن نجح الفيلم أيضا أن اللجوء ليس الحل الأمثل وأن الجميع لم يلق نفس الفرصة التي حصلت عليها يسرا، فمن لم يمت في عرض البحر، أعيد إلى وطنه مرة أخرى ليواجه مصيره، والبعض الآخر وصل لكنه ظل ضائعا لا يعرف لماذا ترك وطنه ولا ماذا يفعل داخل مخيم اللاجئين.

■ كندة علوش لسان الأم العربية

ربما لم تظهر النجمة كنده علوش في مشاهد كثيرة، وحتى الجمل الحوارية التي قالتها لم تكن كثيرة، بل أحيانا ما كانت تكتفي الكاميرا بالتقاط نظرتها التي تحمل حيرة الأم ما بين الخوف على بناتها والرغبة في خلاصهم، أما مشهدها ليلة سفر البنات فكانت لسانا صادقا للأمهات العربيات حينما قالت إنها حلمت أن تمنح بناتها الحرية التي حرمت منها، وأنها عندما كانت تغمض عينيها لم تحلم أن تراهن بفستان الزفاف، لكنها تمنت أن تدرس بناتها في أفضل الجامعات ويعملن في أفضل الأماكن ويعشن أفضل حياة أحلامها لم تكن تحلم لبناتها لا بالزواج ولا برؤيتهم في فستان الزفاف كانت تحلم بأن يحققن أحلامهن ويعشن في حرية، وف حديثها عن الفيلم خلال مهرجان القاهرة السينمائي في دورته ال 44 قالت الممثلة السورية كنده علوش إن هذا العمل يؤكد أن اللاجئين ليسوا مجرد أرقام تزداد يوماً بعد يوم، لكنهم بشر يملكون قصصاً يجب الإنصات لها، وأحلاماً علينا مساعدتهم في تحقيقها.

فيلم السباحتان بطولة الشقيقتان اللبنانيتان ناتالي، ومنال عيسى، والمصري أحمد مالك، والسورية كنده علوش، والفلسطيني علي سليمان، والألماني ماتياس شفيجوفر، والبريطاني جيمس كريشنا فلويد، وتدور أحداثه بين سوريا، وتركيا، وألمانيا، والمجر، واليونان.

 

المصري اليوم في

02.12.2022

 
 
 
 
 

أوراق شخصية

أصوات من الماضى

آمال عثمان

أصوات من الماضى تسكن الجراح فى أعماق الروح، وتطاردنا أوجاعها مهما حاولت الأيام أن تداويها، وفى لحظة يطفو أنين الماضى فوق صفحات الفؤاد، يصارع من أجل البقاء حياً، ويرغب فى التحرر من سجون الطفولة والمراهقة، القابعة فى فضاءات الذاكرة البعيدة، لنجد أنفسنا مدفوعين للبحث عن الحقيقة داخل أعماقنا، نعيد تشكيل بقايا صور وذكريات مشوّشة، ورؤى ظلت متأرجحة بين الحقيقة والخيال، وشخصيات غيّبناها رغم حضورها الطاغى فينا، وتجارب ومحن شكّلت حياتنا بحلوها ومرها.

لذا قرر المخرج الأمريكى الشهير «ستيفن سبيلبرج» أن يعيش لحظة الخلاص، وامتلك شجاعة الاعتراف، والبحث فى غياهب النفس، ليهب أصوات الماضى فرصة الظهور على مسرح الحياة من جديد، ويستوحى من طفولته وسنوات مراهقته، فيلمه الساحر «The Fabelmans» أول فيلم له يعرض فى مهرجان سينمائى، رغم شهرته الواسعة داخل وخارج أمريكا، من خلال مجموعة أفلام حققت أعلى إيرادات، وصارت علامات مهمة فى تاريخ السينما العالمية.

عقد «سبيلبرج» جلسات عديدة على مدى 5 سنوات، أقرب إلى جلسات العلاج النفسى، واجه فيها الماضى مع صديقه السيناريست المبدع تونى كوشنر، الذى نجح فى تحويل ذكريات وأحداث مبعثرة، تمتزج فيها البهجة والوهج الفنى والدهشة والشغف السينمائى، مع الحب والصداقة والخيانة والألم، وتفاصيل درامية عاشتها الأسرة بعد انهيارها، وانفصال الأم «عازفة البيانو» عن الأب العبقرى، بعد اكتشاف الابن حقيقة حبها لصديق والده، وخروج صانع أفلام عظيم من تحت أنقاض هذا الانهيار، ويتشكل هذا المخزون الدرامى فى سيناريو محكم البناء، وسردية فيلمية ملهمة شديدة السحر والجمال، تغمرها مجموعة عواطف ومشاعر إنسانية معقدة.

الفيلم عرض فى افتتاح مهرجان القاهرة السينمائى، واستعرض سنوات شكّلت موهبة «سبيلبرج»، وانتقاله فى طفولته من أوهايو مسقط رأسه إلى أريزونا، وتعرضه للسخرية من زملاء المدرسة بسبب ديانته اليهودية، وتعلقه بالفن السابع منذ اصطحبه والداه إلى السينما لأول مرة، وإتقانه صناعة الأفلام بمساعدة أصدقائه وشقيقتيه، وينتهى بانتقاله إلى لوس أنجلوس، ودخوله مدينة السينما فى «هوليوود» لأول مرة، وحين سأله الصحفيون عن سبب تقديمه للفيلم فى هذا التوقيت، ابتسم قائلاً: «هذا الفيلم لا يعنى أو يشير إلى نيتى فى الاعتزال».

 حقاً.. إن الأفلام تجعلنا ندرك حقيقة أنفسنا وحقيقة الآخر.

 

بوابة أخبار اليوم المصرية في

02.12.2022

 
 
 
 
 

صاحب جائزة الهرم البرونزي بمهرجان القاهرة:

سعيد بالجدل المثار حول فيلمي

كتبت: إنجي ماجد/ أخبار النجوم

حالة كبيرة من النجاح حققها المخرج داميان كوكر بفيلمه الروائي الأول Bread and  Salt  فى موطنه البولندي؛ فبعد اثبات نفسه كمخرج متميز في عالم السينما القصيرة؛ استخدم فيها استراتيجيته الفنية المفضلة بمزج الواقع بالخيال؛ قرر اختراق السينما الروائية بفيلمه الدرامي الشاعري “خبز وملح”؛ والذي شارك في قسم Orizzonti بالدورة الماضية من مهرجان فينيسيا السينمائي، وفاز عنه بجائزة لجنة التحكيم الخاصة. وبعد فينيسيا؛ جاءت محطة الفيلم فى مهرجان القاهرة؛ ليقتنص جائزة الهرم البرونزى ضمن المسابقة الدولية للمهرجان؛ وكان “خبز وملح” من أفلام النسخة 44 التى تسببت في اثارة حالة من الجدل بين الجمهور بعد نهاية عرضه؛ بل ووصل الأمر إلى مهاجمة عدد من الحاضرين للفيلم والرسالة التي يبعث بها

أخبار النجوم” التقت بالمخرج البولندي الذى أكد على سعادته بالجائزة؛ وكذلك على فخره لإختيار مهرجان القاهرة لفيلمه؛ كما حرص على الرد على كل الانتقادات التي أثيرت حول الفيلم.

·        كيف استقبلت خبر اختيار فيلمك للمشاركة فى المسابقة الدولية بمهرجان القاهرة السينمائى؟

بالطبع شعرت بفرحة كبيرة لاختيار فيلمى للمشاركة فى مهرجان القاهرة والذى اعتبره من أعرق مهرجانات السينما حول العالم؛ كما أن الكثيرين من مخرجى العالم يتمنون أن يعرضوا أفلامهم في هذا المهرجان، ولهذا أعتبر نفسى محظوظا بعرض فيلمى في مهرجان القاهرة.

في بولندا؛ عندما تقولون إنكم تقدمون “الخبز والملح” لشخص ما؛ فهذا يعني أنه ضيف مرحب به. يبدو أن فيلمك يجادل لإلغاء هذا العرف

 العنوان ليس مثيرا للسخرية تماما، لكنه يوضح كيف يمكن لهذا المصطلح أن يفقد معناه ويصبح مجردا؛ وكان من المثير للاهتمام بالنسبة لى اكتشاف أن للثقافة العربية نفس المقولة والعرف بالضبط؛ ولكن في زمننا الحالي صار له معنى مختلف تماما.

·        يعتمد فيلمك بشكل كبير على الأداء الرائع لأبطاله تيمو تيوز وجاسيك بيس - وهما ممثلان غير محترفان - كيف عثرت عليهم؟

أنا اعرفهما منذ سنوات الطفولة؛ حيث نشأنا في نفس المدينة.

·        كيف نشأت في ذهنك قصة الفيلم؟

قبل بضع سنوات؛ وقع في مدينة إيك - وهي مدينة صغيرة شمال بولندا - وقع حادث مماثل في مطعم كباب محلي؛ فكان ذلك الحادث هو نقطة البداية بالنسبة لي لكتابة الفيلم.

·        ما هى الرسالة الرئيسية بالنسبة لك في هذا الفيلم؟

أردت تناول ماهية العنف والنتائج المترتبة على المشاركة فيه.

·        شخصية البطل “تيميك” لم تكن بمثابة الصورة المألوفة لنا لعازف البيانو؛ ففي الصباح يعزف موسيقى شوبان بينما يشرب البيرة والمخدرات مع زملائه في الليل؛ فكل هذا التناقض كان مقصودا من جانبك؟

لا يمكن انكار أن الفنان بطبعه قد يتسم بالجنون؛ فالفنان لا يكون في الحقيقة بنفس الصورة المثالية التي يراها عليه الجمهور؛ كما أن “تيميك” يمثل جيل مختلف من الموسيقيين؛ لا يتشابه مع الأجيال السابقة؛ والسبب بالطبع هو تغير ملامح الحياة عن العقود الماضية.

·        في الفيلم؛ يتم تقديم العنف في المشهد الافتتاحي ليس بالصور القاسية الصعبة؛ ولكن ببعض الأصوات والألحان المزعجة؛ ماذا كان المغزى وراء ذلك؟

السينما فن سمعي بصري؛ لذلك استخدمت الصوت بطريقة مخططة ومدروسة؛ فبالنسبة لى الصوت جزء من السرد لأنه ببساطة وسيلة للتعبير؛ فالصوت قادر على خلق المشاعر تماما مثل الصور؛ وعلى الرغم من عدم حدوث أي شيء عنيف في المشهد؛ لكن في الوقت نفسه كان هناك شعور بعدم الارتياح ناتج عن الصوت؛ والتصوير البطئ الذى تم تصوير المشهد به

أحداث الفيلم جعلته عملا قادرا على أسر المشاهد؛ وخاصة مع زيادة جرعة التوتر وكون المشاهد في لهفة لمعرفة ما سيحدث لاحقا.

كلامك صحيح؛ فالأمر يبدو كما في فيلم Elephant للمخرج Gus Van Sant أنت تعلمين أن شيئا سيئا سيحدث؛ ولكنك لا تشعرين أنك لا تريدين مشاهدة بقية الفيلم؛ وفي  Bread and Salt  لا يتعلق الأمر بوجود لغز غامض؛ فكان بإمكاني بسهولة عرض الجريمة في بداية الفيلم ثم تقديم كيفية حدوثها؛ لكن ذلك لم يكن منطقيا بالنسبة لي كصانع أفلام؛ فالسينما بالنسبة لي لا تروي الأحداث ولا تحكي قصة؛ ولكنها تروى المشاعر الإنسانية والعاطفية ما بين البشر.

·        وما هو ردك على اتهام الفيلم بإيقاعه الممل؟

أتفق على أن هذا النوع من السرد السينمائي غير منتشر؛ كما أن بعض المشاهدين الذين لا يتقبلون هذا النوع من الواقعية السينمائية لا تعجبهم هذه النوعية من الأفلام، ولكننى في النهاية سعيد بالجدل المثار حول الفيلم.

·        حدثنا عن تعاملك مع الممثلين العربيين بالفيلم؟

الممثل الأصغر في الفيلم هو مساعدي الشخصي وهو سوري ويدرس الإخراج في بولندا؛ وقد ساعدنى في التعاون مع الممثل الآخر وهو فلسطيني الجنسية.

 

بوابة أخبار اليوم المصرية في

03.12.2022

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004