ملفات خاصة

 
 
 

أوراق القاهرة السينمائي- (4):

سبيلبرج يعود إلى ذاته

أمير العمري- القاهرة

القاهرة السينمائي الدولي

الدورة الرابعة والأربعون

   
 
 
 
 
 
 

أفتتحت الدورة الـ44 من مهرجان القاهرة السينمائي بالفيلم الجديد للمخرج الأسطوري، ستيفن سبيلبرج، طفل هوليوود المدلل منذ ظهوره.  وكان هذا شيئا جيدا للمهرجان ولجمهور المهرجان، لا شك في هذا. فهو فيلم جديد تماما لم تبدأ عروضه التجارية في الولايات المتحدة سوى في اليوم التالي مباشرة بعد عرضه في افتتاح المهرجان المصري الكبير.

من الطبيعي أن يلقى كل فيلم جديد يأتينا به المخرج الأمريكي الكبير ستيفن سبيلبرج، إقبالا كبيرا من جانب الجمهور، وترحيبا بل وإعجابا حماسياً، فسبيلبرج هو “طاووس هوليوود”، صاحب المثيرة التي أسعدت الملايين في العالم منذ فيلمه الأشهر “الفكاك” (أو أسماك القرش) Jaws (1975)، بل ومن قبله “المبارزة” (1971) Duel. فسبيلبرج قادر على أن يسعد الصغار، كما يمكنه أن يجعل جمهور السينما من الكبار يرجعون إلى طفولتهم فيفركون أيديهم، ويتشبثون بأذرع مقاعدهم داحل دور السينما وهم يشاهدون المشاهد الكثرة في أفلامه الممتعة السلسة التي تستند إلى تقاليد هوليوود المعروفة، أو تقاليد مصنع الأحلام.

سبلبيرح في فيلمه الجديد “آل فابلمان” The fabelmans يقدم هذه المرة، قصة فتى، مولع بالسينما، يعتبرها أهم من الحياة الواقعية نفسها، يترك نفسه في ظلام قاعات العرض، ليصبح أحد الكائنات الغريبة الكرتونية التي يراها في أفلام هوليوود في عصرها الذهبي. سبيلبرج ببساطة يروي قصة طفولته وكراهقته وشبابه المبكر، فالفيلم يمتد من 1952 ولإثني عشر عاما، أي وسبيلبرج يتقدم بسيناريو كتبه لمدير إحدى شركات هوليوود حيث ينال الثناء وربما سينال أيضا فرصة لإخراج أول أفلامه الاحترافية.

يستعيد سبيلبرج هنا الكثير من مشاهد الصبا والشباب المبكر، في المدرسة، ومع الأسرة، في الشارع وفي السينما ومع الكاميرا التي أهداه إياها والده وهو صبي مراهق، ومع الحب الذي لم يكتمل، والنزوات الصبيانية التي اثارت الغيرة جعلته ضحية للعنف، وكيف بدأ يشعر للأول مرة، بالعداء من جانب زملائه في المدرسة، لكونه يهوديا بينما كان الآخرون يعتقدون أنه يجب أن يعتذر عن دور اليهود في صلب المسيح، حسب الفكر السائد وقتها!

المشكلة الأساسية في الفيلم هي أن ملك الحبكة المثيرة، يفتقد هذه المرة إلى “الحبكة” بل وإلى وجود الدراما الكبيرة، بل إلى التعامل بجدية مع ما يفترض أنه جاد، بل يميل أكثر إلى النظر إلى الأشياء من الخارج، يحيلنا إلى المسار السلس السهل في الحياة دون أن يتوقف كما هو مفترض، أمام مآزق تلك الحياة ومصاعبها، يحرص على رؤية الجانب المشرق فقط، ويعبر عبورا سريعا على الكثير من الأمور الذي كانت تستوجب التعمق فيها ومنها مسلة العلاقة بين والديه، فيبدو فيلمه وكأنه منفصل تماما عن العالم.

من البداية يدخلنا الفيلم مباشرة إلى عالم الصبي “سامي” (الذي يمثل سبيلبرج نفسه) رغم أنه لا يروي بالضرورة سيرة حياته بل يضيف الكثير من خياله. نحن نرى “سامي” وكيف تأثر كثيرا بأول فيلم شاهده وهو فيلم The Greatest Show on Earth (أعظم استعراض على الأرض) ولابد أنه كان في التاسعة من عمره، فالفيلم من انتاج 1952، وسبيلبرج من مواليد 1943. وقد تأثر بوجه خاص بمشهد اصطدام القطار تحطمه في مشهد كان يعد وقتها، من أعاجيب السينما، وقال سبيلبرج فيما بعد أن الفيلم كان سببا في اتجاهه لأن يصبح مخرجا سينمائياً، كما لعب مشهد تحطم القطار دورا أساسيا في اتقان سبيلبرج إخراج مشاهد “الأكشن” وتصويرها من زوايا متنوعة واستخدام المونتاج السريع بحيث يمنح المشهد أكبر قدر من الإثارة.

سامي” محظوظ بوالده المهندس الموهوب “بيرت” (بول دانو) الذي يشجعه بل ويهديه كاميرا صغيرة من مقاس 8 مم هي التي يصور بها أفلامه الأولى: من نوع الويسترن ثم الأفلام الحربية الساذجة التي تحاكي أفلام هوليوود، ولكنه سيغضب غضبا شديدا على والده بسبب إصراره على الانتقال بأسرته من مدينة إلى أخرى، سعيا وراء الترقية والصعود الوظيفي. والسبب أن “سامي” الذي كان يقيم في مدينة مختلطة الأجناس سيجد نفسه بعد أن ينتقل من مدينة إلى أخرى، يستقر في مدينة لا يريى فيها سوى الأولاد من أبناء الطبقة الوسطى البيضاء، الذين يضطهدونه ويسخرون من يهوديته ويمارسون العنف ضده والتهميش.

  ولكن هناك شخصية أخرى هي في الحقيقة “ظل الأب”، هي شخصية “بيني” (يقوم بالدور سيث روجن) الذي يدعوه أفراد العائلة بـ”العم”، وهو الذي سيهدي سامي فيما بعد كاميرا أكبر وأفضل من مقاس 16 مم، ورغم وجوده في الخلفية إلا أنه سيلعب دورا حاسما في مصير العائلة، فسوف نعرف في وقت متـأخر من الفيلم، أنه على علاقة بـ”ميتزي” والدة “سامي”، وأن أباه بيرت على علم بتلك العلاقة ولكنه لا يفعل شيئا، فهو يحب زوجته كثيرا، كذلك لا يمكنه أن يجرح مشاعر صديقه بيني، ولكن سيأتي وقت تتغلب جذوة الحب الملتهبة عند “ميتزي” (التي تقوم بدورها ميشيل ويليامز)، على فكرة الاستسلام للأمر الواقع والحفاظ على العائلة، فتترك زوجها وأبناءها جميعا وتلتحق بـ”بيني”، وتكون نهاية الزواج. كيف كان انعكس هذه الانفصال على “سامي”؟ لا شي يذكر لأن كل تفكيره متركز على السينما. عالم الخيال.

هناك أيضا الخال الصعلوك “بوريس” الذي تحذر الأم من فتح الباب له عندما يظهر فجأة خارج المنزل، لكنهم يدخلونه ونكتشف أنه صاحب تجربة كبيرة في هوليوود وفي عالم السيرك والسينما عموما، كما أنه يمتلك أيضا من الحكمة ما ينقله إلى “سامي”، ومنه ضرورة تحقيق التوازن دائما، بين الولاء للعائلة والولاء للفن. وهذه الفكرة تحديدا هي فكرة الفيلم، والأساس الذي يقوم عليه السيناريو، وما يريد سبيلبرج أن ينقله إلينا. ولكن المشكلة أنه يجعل فيلمه منفصلا عن العالم الخارجي، ومع توفر جميع العناصر المواكبة للفترة (الأثاث القاتم، والتليفزيون الصغير، والسيارات بطرز الفترة، والملابس، وتصفيفات الشعر، والأغاني)، إلا أنه بسبب هيمنة الحوار والمشاهد الطويلة التي تدور داخل ديكورات داخلية، والاعتماد الكبير على الحوار الذي لا يتوقف، والمفارقات الكلامية، يصبح الفيلم أقرب إلى تمثيلية تليفزيونية من الخمسينيات.

يمضي الفيلم على شكل “اسكتشات” متفرقة منفصلة، محورها هو “سامي” بالطبع وما يقع له من مفارقات، من هذه المفارقات ما يُضحك، ومنها ما لا يُضحك رغم أن المقصود أن يُضحك. ومنها أيضا ما وجدتَه شخصياً، كرتونياً تماماً، ومصنوعا صنعا ومليئا بالمبالغات الكاريكاتورية، كما ظهر في ملامح شخصية الأم التي تجيد عزف البيانو وكانت تتطلع أن تصبح شيئا في عالم الموسيقى لكنها تقاعست واستسلمت، وهي دائما في قمة التوتر، لدرجة أنها تصفع سامي بقسوة ثم تعتذر برقة، ثم تصرخ وتنوح وتهدد وتبكي لحالها وترثي لنفسها. صحيح أن أداء ميشيل وليامز في الكثير من البراعة لكن الشخصية نفسها تظل كرتونية غير مقنعة.

شخصية الأب باهتة وهامشية رغم تأثيره الذي لا شك فيه على ابنه. وشخصية الأخ، أي شقيق سامي شخصية باهتة أيضا، لا تضيف شيئا إلى الفيلم. وعلاقة سامي بالفتاة “مونيكا” التي يفترض أنها مسيحية متشددة، تريده وهو اليهودي أن يشعر بالمسيح في قلبه ويستدعيه، هذه العلاقة بأكملها تبدو كلعبة مضحكة، كاريكاتورية تثير الضحك، لكن لا أحد يمكنه أن يأخذها على محمل الجد ولا يمكن اعتبارها كانت نقطة تحول في حياة صاحبنا أو شيئا يمكن أن يترك تأثيره عليه كما أراد أن يصور، فاستدعاء سبيلبرج لهذه القصة أو الفقرة من حياته، يبدو فقط مدفوعا بالطرافة لا أكثر.

وعلاقة سامي المتوترة بزميله في المدرسة الثانوية، الشاب الوسيم الطويل “لوجان” (سام ريشنر)  الذي يضطهده باستمرار، وكيف يلقنه سامي درسا بطريقته الخاصة، عن طريق الدفاع السلبي والاستسلام الهاديء ثم يجعله بطلا في الشريط الذي يصوره على الشاطيء لزملائه بعد حفل، هي علاقة “سينمائية” أكثر منها حقيقية، والمقصود منها تأكيد قدرة السينما على التلاعب بالحقيقة والواقع، وهي اللعبة المفضلة عند سبيلبرج بالطبع.

هناك دون شك، نقاط جاذبية في الفيلم، تكشف لنا عن القدرة على التحايل الفني لتحقيق تأثير قوي بإمكانيات وحيل بسيطة للغاية، لا شك أنها كبرت فيما بعد مع صاحبها وأصبحت أكثر براعة وتأثيرا (أنظر إلى ما قدمه مثلا في إي تي أو الحديقة الجوراسية)، لكن حتى علاقة سامي بالسينما في شبابه المبكر، لا تنمو كما كان متوقعا، فسبيلبرج لا يولي اهتماما كبيرا بالتوقف أمام الأفلام- العلامات التي تأثر بها بعد مرحلة الطفولة و “أعظم استعراض على الأرض”.

وربما يكون المشهد الأخير في الفيلم (وهو أيضا منفصل عن باقي المشاهد وأحد الاسكتشات التي تكرر ما نعرفه وسبق أن رواه سبيلبرج كثيرا، هو مشهد لقائه بالصدفة مع المخرج الأسطوري جون فورد في مكتبه، وهو بعد شاب صغير في مقتبل عمره، حيث يشير فورد الى لوحة على الجدار، ويطلب منه أن يحدد له خط الأفق، ملقنا إياه درسا عن أهمية أن يكون هذا الخط في المنتصف وليس في أعلى الصورة أو أسفلها لكي لا يصبح الفيلم مملا.

قدم سبيلبرح هذا المشهد بأسلوب خفيف جعله يجسد منه التناقض بين الشاب الصغير والمخرج العملاق ذي اللكنة الأيرلندية الخشنة، الذي يثير الرهبة بالعصابة التي تغطي عينه اليسرى. والطريف أن المخرج الكبير ديفيد لينش هو الذي قام بدور جون فورد!

فيلم “آل فابلمان” ليس أفضل أفلام مخرجه، فلديه أفلام أفضل كثيرا. ولست من الذين يعتبرون غياب النوستالجيا عن الفيلم ميزة، بل كثيرا ما يضفي الطابع النوستالجي طابعا حميميا شعريا على الفيلم. وهو ما ينقص هذا الفيلم بشكل واضح. وعلينا فقط أن نسترجع “سينما باراديزو” لتورناتوري، ثم “يد الله” لسورينتينو.

 

موقع "عين على السينما" في

27.11.2022

 
 
 
 
 

أندرو محسن.. ونظرة على كواليس دورة شائكة من القاهرة السينمائي

د. أمل الجمل

هو أحد أبرز النقاد الشباب على الساحة المصرية والعربية الآن، من عالم الرياضيات والمعادلات جاء. بعد ست سنوات من العمل الهندسي حقق تحولاً في مسار حياته المهنية، فانتقل إلى التحليل الفني والكتابة النقدية. منذ البداية كان يرغب في الالتحاق بمعهد السينما ودراسة الإخراج لكن الأهل كان لهم رأي آخر، استجاب لنصيحتهم، خصوصا أنهم كانوا يرون أن الإخراج ليس بوظيفة، وأن الفن ليس مصدراً للرزق؛ لذلك بدأ ممارسة النقد من باب الهواية بكتابة «بوستات» عن ما يُشاهده من أفلام وينشرها على السوشيال ميديا، نصحه البعض بالكتابة لأحد المواقع، شجعه الراحل يوسف شريف رزق الله وطلب منه الانضمام إلى لجنة المشاهدة بمهرجان القاهرة السينمائى. يصف تلك التجربة قائلا: «يمكن ده حصل لي بسرعة أكبر مما كنت أتوقع.. لكنه أيضاً جعلني أشعر بالمسؤولية تجاه ما أكتب، وخلاَّني أهتم وأدرس بشكل شخصي، ثم التحقت بدورة لدراسة النقد في كلية الآداب، جامعة عين شمس، واستغرقت في هذا المجال لأني أحب الأشياء التي فيها تحليل».

أتأمل الناس عن بعد، وأحياناً أخرى عن قرب، أتأمل ما يكتبون وكيف يختارون. تعجبني الشخصيات المخلصة لمهنتها، وهذا ما يمكن أن يستشعره أي إنسان متابع لشخصية أندرو محسن. في العام الماضي عقب انتهاء دور المهرجان رقم ٤٣، تحدثنا، طرحت ملاحظاتي الإيجابية والسلبية. كان منصتاً متجاوباً. لن أنكر صدمتي حين قرأت خبر تبدل القيادة بمهرجان القاهرة السينمائي قبل بداية الدورة الــ٤٤ بشهور قليلة جداً. لكني سعدت ببقاء أندرو في أروقة المهرجان بغض النظر عن لعبة الكراسي الموسيقية التي حدثت، والتوافقات التي تمت. كنت أشعر أنه مكسب للمهرجان في أي مكان يشغله. وسعدت جدا بكلمة الفنان حسين فهمي رئيس مهرجان القاهرة السينمائي قبيل بدء العرض الأول لفيلم «١٩ب» - من توقيع المخرج أحمد عبدالله السيد- عندما امتدح حسين فهمي الناقد الشاب أندرو محسن قائلاً: «إنه إنسان جاد، مجتهد، ومخلص في شغله» وكأنه يرد له الاعتبار على خشبة المسرح الكبير.

عندما أوشكت تلك الدورة على الختام وجدتني أفكر في إجراء حوار مع أندرو، لم يكن يشغلني أبداً أن يُنشر الحوار بعد انتهاء الدورة، لأن المهرجانات الجيدة يظل ملف الصحافة والكتابة النقدية من حولها مفتوحاً لشهرين أو ثلاثة.. وكان أندرو يتقبل التساؤلات بصدر رحب، ومن دون أي تعال، فكان الحوار التالي:

·        في العام الماضي كنت المدير الفني، هذا العام صرت مديراً للمكتب الفني، ما الذي جعلك توافق على أن تبقى في المهرجان، وما الذي حماك من طاقة الغضب، وما هو الفرق بين الدورين؟

أندرو: أشكرك على رأيك. أنا من بعد السنة الماضية، أو من بداية التحضير لهذه الدورة عندما علمت أن محمد حفظي لن يُكمل، ظللنا - زملائي وأنا - لفترة لم نكن نعرف مَنْ مِنْ الإدارة سوف يُكمل، وبأي شكل، أو كيف سوف يستمر الوضع؟. كانت فترة غامضة. من هنا أتمنى ألا تتكرر هذه التجربة مع أي فريق، وأعتقد أنه يمكن تلافيها في الدورات القادمة، بحيث أنه قبل أن تنتهي الدورة يكون قد تم حسم أمر الرئيس المقبل والمدير الفني الجديد، فإذا كان هناك اتفاق مثلا مع الفنان حسين فهمي على أن يكون رئيساً للمهرجان فعلى الوزارة قبل أن يترك مسؤولياته بدورتين - مثلاً - أن يكون معروفاً ومحدداً سلفاً أن هناك أشخاصا آخرين سيتولون المنصب، وذلك حتى يتم التنسيق والتعاون بينهم كما حدث في مهرجان برلين قبل ثلاثة أعوام، حيث حضر الرئيس الجديد وتفاعل مع الفريق ومع الرئيس الحالي في دورته الأخيرة.

·        بالفعل اقتراح جيد، كأنها فترة تهيئة وتمهيد نفسي للإدارة الجديد. ففي عام ٢٠١٩ بدأ كارلو شاتريان مع الهولندية مارييت ريسينبيك فترة الإعداد النفسي للتعامل مع الفريق الفني، حيث حل هذا الثنائي - عام ٢٠٢٠ - مكان الألماني ديتر كوسليك الذي أمضى 18 عاما على رأس مهرجان برلين. كما أن رئيس المهرجان المنتهية مدة خدمته كان يقدمهما لجميع ضيوف المهرجان خصوصاً ليلة الختام كأنه يسلمهما مقاليد الإدارة، وهو نوع من تأكيد قوة المهرجان أيضاً.

أندرو: هذا للأسف لا يحدث هنا. فلو نتذكر محمد حفظي عندما جاء لهذا المنصب بعد د. ماجدة واصف كان ذلك بعد فترة طويله، كذلك تكرر الأمر مع الفنان حسين فهمي، فالى أن جاء بقينا لفترة ما بين شهرين او ثلاثة مش عارفين نعمل ايه؟ كنت وبعض الزملاء - وأصدقائي بالفريق الفني منهم يوسف هشام - قررنا أننا سنكمل المشوار، رغم أننا لم نكن على قوة المهرجان، مع ذلك كنا نتواصل مع صناع الأفلام والمخرجين، وتابعنا مثلا مهرجان برلين وصاندانس بغرض أن يظل مهرجان القاهرة في الصورة حتى لو جاء رئيس جديد بفريق جديد وقال لنا شكرا، كنا سنقول لهم؛ يا جماعة لقد عملنا وتواصلنا مع هذه الأفلام لو رغبتم في الحصول عليها، المهم ألا تكون قد سقطت من المهرجان.

·        وكيف تطور الأمر؟

اشتغلنا فترة، تابعنا الأفلام، حتى إن عقدي السنوي لم يكن قد تم تجديده، فبعد انتهاء العقد ليس لي صفة رسمية. لما جاءت الادارة الجديدة، الحقيقة، أمير رمسيس جلس معي منذ فترة مبكرة عندما اتفق معه أستاذ حسين فهمي، واتفقنا على إعادة توزيع الأدوار، وأعتقد أننا وصلنا الى معادلة ما، صحيح أنها ليست نفس الصلاحيات السابقة، لكن أنا كنت شايف طالما أنني بدأت الشغل فليس هناك مشكلة أن نُكمل، وأشوف دورة جديدة مع إدارة جديدة، وما هي الإمكانيات المتاحة أمامنا، وما يُمكن أن أقدمه خصوصا أنني - وهذا ليس كلاماً خطابياً أو إنشائياً - أحب مهرجان القاهرة ومرتبط به و إحساسي أنني طوال الوقت كان تطوري المهني مرتبطاً به، حتى لو كان لي شغل خارج المهرجان لكن التطور المهني كان مرتبطاً به، لذلك حبيت أن أُكمل مع ادارة جديدة وأرى الدنيا ممكن تسير في أي اتجاه وبأي شكل؟ أعتقد أن الملف الذي ركزت عليه هذا العام كان هو الأفلام، وأعتقد أنني بنسبة كبيرة راضٍ عن الشكل الذي خرجت به البرمجة. ردود الفعل التي جاءتنا أغلبها جيدة. هناك أقسام تم توزيعها على ناس آخرين، ومنهم أمير رمسيس نفسه. لابد أن أعترف بهذا، بأنه شارك في الجانب الفني، لكن كان الاتفاق الذي فَعَلَّناه بشكل حقيقي أنه لابد من موافقتنا نحن الاثنين، وهذا ما حدث.

·        لكن هذا العام أصر أمير رمسيس على إلقاء نظرة على الأفلام بكافة الأقسام! حتى القصير التي شهدت في الدورة السابقة رقم ٤٣ ضعفاً في مستواها الفني!

أندرو: صحيح، اتفقنا في هذه الدورة على أننا سوف نلقي نظرة على جميع الأفلام في مختلف الأقسام، الأفلام القصيرة في السنوات السابقة حتى لما كان أستاذ يوسف شريف رزق الله موجوداً وأنا كنت أتولى مسؤلية الأفلام القصيرة لم يكن آخرون يلقون نظرة عليها. لكن أمير رمسيس هذا العام كان يفضل أن يُلقي نظرة على جميع الأفلام، وذلك بالتنسيق مع مديرين الأقسام، كذلك قررنا برمجة قسم آفاق السينما العربية بأنفسنا.

·        آفاق السينما العربية لم يكن لها مدير هذا العام؟

أندرو: لا.. قمت بهذا الدور مع أمير.

·        الحقيقة، أن البرمجة، خصوصا خارج المسابقة الرسمية، كانت متفوقة جدا. صحيح أن مستوى السينما العربية كان متفاوتاً، ولم يكن جميعه على المستوي الفني والفكري، لكن لفت نظري أيضاً عروض الأفلام القصيرة لأنها كشفت عن ثقافته احترام الفيلم القصير، لكن كان هناك إشكال في ديكور المسرح الكبير، الجزء اللامع للخشب الذي يؤثر على العرض..

أندرو : لم أتدخل في الجزء التنفيذي الخاص بالافتتاح والختام، أعتقد أنها ملاحظ مهمة، وأعتقد أنه لو كان أحد لفت انتباهنا لها منذ البداية كنا حاولنا تلافيها، مع ذلك، معك حق. أعتقد أن تصميم الديكور كان به بعض الأخطاء التنفيذية. ربما كان يهتم بالجانب الجمالي أكثر، ربما فات عليه أنه من المهم ألا يكون جمالياً فقط ولكن أيضا يكون عملياً مع المشاهدة ويحترم الفيلم. أعتقد السبب أن الديكور يبدأ تنفيذه من مرحلة مبكرة بينما شاشة العرض لا يتم تركيبها إلا في مرحلة متأخره، فربما لعب ذلك دورا في هذا الخطأ. وهذا من المهم أن أتحدث فيه مبكرا في العام القادم لأن إدارة المهرجان تُراجع الأشياء التي حدثت وتبحث عن الأخطاء حتى يمكن تلافيها ولتطوير الأمور.

·        تحدثنا عن موضوع الكتب عقب انتهاء دور العام الماضي. كان لديك طموح كبير لهذا العام وأنت وعدت بالعمل مبكراً لاختيار موضوع.. بالطبع أنا لا ألومك لانه كان هناك ظروف حالت دون العمل ومنها تبديل إدارة المهرجان، لكن أيضا الكتاب الذي صدر هذا العام عن بازوليني كتاب لا يليق أبدا بشخصية بازوليني؟

أندرو: موضوع الكتب لم يكن قراري وحدي، لكنه قرار مشترك، وربما يخص المدير الفني للمهرجان أكثر. أنا كما تحدثت في العام الماضي. أعتقد أن التحضير للكتب يجب أن يكون مبكرا، وإذا لم نتمكن من إعداد كتاب بموضوع جيد، فعلى الأقل كنت أطمح أن نتمكن من ترجمة كتاب سينمائي مهم، سواء عن المكرمين أو حتى يتعلق بتيمة سينمائية دولية. موضوع الإصدارات والكتب تحتاج إلى وقفة لإعادة النظر فيها، ولتقديم كتب على مستوى راقي أو جيد. ربما لم يكن أفضل حل أن يتم وقفها تماما، ربما كان علينا أن نعيد التفكير على الهواء ونطور الفكرة، لكن أعتقد أن هذه الدورة هي بمثابة وقفة، لتفكير في شكل أفضل للعام القادم؟

·        بصدق شديد، إذا سألتني عن رأيي سأقول لك إنني لست مع فكرة الترجمة. رأيي الشخصي كباحثة أن هناك فصولاً كثيرة من السينما المصرية لازالت تحتاج للتوثيق والتأريخ وللكتابة عنها.. مهرجان القاهرة هو مهرجان سينمائي دولي فمن المهم أن يُصدر مُنظموه كتاباً عن السينما المصرية، ومن المهم أيضا أن يتم ترجمة هذا الكتاب لأنك تنقل ثقافة هذا البلد وتاريخه السينمائي إلى الآخر الذي لا يُجيد اللغة العربية - ولا يعرفها أصلاً- فمن أين له بمعرفة تاريخنا السينمائي؟

أندرو: هذه نقطة مهمة. مع ذلك هناك إشكالية الوقت. ربما إذا أمكن تجديد عقد الإدارة لعدد من السنوات، وليس لمدة عام واحد فقط، تتمكن من الاتفاق المسبق مع المؤلفين لعدة دورات، بحيث تأخذ الكتب وقتها في التأليف والبحث الجيد. لكن هذا يُعيدنا إلي مربع عدم استمرارية الإدارة وفكرة التجديد السنوي الذي لا يُتيح هذه الفرصة بأن يتم الاتفاق على كتب يقوم بها باحثين جادين خلال فترة زمنية كافية. ربما أيضاً هناك فكرة أن الباحثين الجادين دائما ما يكون لديهم مشاريع يعملون عليها فربما أمكن التواصل معهم لمعرفة ما لديهم من أحدث مؤلفاتهم و إصدارها من خلال المهرجان.

·        هل كان هناك تحدٍ آخر بهذه الدورة؟

أندرو: أعتقد أن التحدي كان داخلياً أكثر منه خارجياً، أعتقد أن ما بنيناه خلال السنوات الماضية - والذي لابد أن أشكر فريق العمل خلال تلك السنوات سواء محمد حفظي وحتى أحمد شوقي وبداية من أستاذ يوسف شريف رزق الله وأستاذ سمير فريد- فخلال هذه السنوات قدموا بريقاً خاصاً لمهرجان القاهرة على المستوى الدولي، وأصبحت هناك ثقة بين المهرجان وصناعة الأفلام، أصبح من الممكن أن أطلب أفلاماً للعرض العالمي الأول، وهذا لم يكن يحدث كثيرا، فهذا كان سلساً، لكن التحديات كلها كانت داخلية في إعادة النظر في شكل الفريق ودور كل منهم.

·        ويحسب للفنان حسين فهمي أنه قال ذلك أكثر من مرة - وأيضا أمير رمسيس في واحدة من تقديماته للأفلام - حيث اعترفوا بأنهم يبنون على جهده آخرين سبقوهم.

أندرو: هذا هو الاعتراف بالجميل. كنت مبسوط من الأستاذ حسين فهمي تحديدا، لتأكيده على ذلك، ففي مصر أحياناً نلغي جهود السابقين، ولازم نبدأ من جديد، لكني كنت مبسوط أن عندهم نظرة أن نُكمل المشوار الذي بدأه آخرون، وأن هناك أشياء جيدة يُمكن أن نبني عليها، فكل الأشياء الجيدة التي رأيتها في إدارة حفظي أو على الأقل في الهيكل - لا أريد أن أقول في الأشخاص الذين يقومون عليها - مثل أيام القاهرة لصناعة السينما، التي استحدثها حفظي وفريقه، كل هذا نحن أكملنا عليه، وأنا كنت أري أن هذا جيد، أيضا ما تم هذا العام من ترميم للأفلام والذي أطلقه الفنان حسين فهمي، أتمنى أن يظل موجوداً بغض النظر عن الادارة التي ستكمل بعد ذلك.

·        كان الافتتاح يميل أكثر للمحلية؟ مثلاً فقرة ذكرى الراحلين كلها كانت محلية؟ مسؤولية مَنْ؟ لابد أن يتشبث المهرجان بطابعه الدولي؟ كذلك لقطات الفيديو كانت ضعيفة بعد كلمة الفنان حسين فهمي. الكلمة كانت قوية ثم جاءت لقطات عادية شاهدناها على اليوتيوب.

أندرو: ملاحظ في محلها، معك حق. لكن ربما هذا مصدره أن دائما هناك تطلعاً أو تمسكاً من بعض جمهور المهرجان والصحفيين أن يطغى الجانب المحلي. أعتقد أن المهرجان عليه أن يحافظ على الجانب المصري، لكن أيضا لازم يضع في اعتباره المحافظة على الجزء الدولي. حتى لو هناك جزء نريد أن نسلط فيه الضوء على السينما المصرية لأجل الأجانب، لكننا أيضا نريد أن نضع المهرجان على خارطة السينما العالمية وليس العكس.

·        ماذا عن أحلامك للمهرجان؟

أندرو: لا أعرف إن كنت سأكمل أم لا؟ لكن أهم شيء بالنسبة لي الحفاظ على روح الفريق، أن المهرجان يحافظ على أهم مكتسب وهو علاقته بالجمهور.. كذلك علاقته بخارطة المهرجانات الدولية والتي يتم تقويتها وتدعيمها عام تلو الآخر، فهذا العام مثلا لو تأملنا المائدة المستديرة الخاصة بمبرمجي المهرجانات سنجدهم مسؤولين بأسبوع النقاد في كان، وبرلين، وتورنتو، وهذه خطوة مهمة. أيضاً التواصل بيننا وبين الصحفيين والنقاد سواء في مصر أو على المستوي الدولي مهم لأنه بعد عشر سنوات لن أعرف شيئاً عن المهرجان إلا من خلال الصحافة، وأعتقد أن هناك طفرة على مدار السنوات الأخيرة خصوصاً في علاقة المهرجان بالصحافة الأجنبية.

·        أعود إلى إشكالية الجمهور.. كنت أتحدث بدورات سابقة عن إمكانية أن تجذب مزيداً من الجمهور خصوصا من الجامعات والمعاهد ومن المحافظات أيضا، فهل قمتم بشيء جديد في هذه الدورة؟ لأنه من الملاحظ أنه صحيح كان هناك جمهور لكنه تقريباً نفس جمهور الدورات السابقة فهل كانت هناك خطوات بهذه الدورة؟؟ فمثلاً محمد حفظي كان أقام تعاقدات مع بعض الجامعات والمعاهد…

أندرو: كانت هناك محاولات من أمير رمسيس لفتح مساحة أكبر أمام طلاب معهد السينما لكني لن أستطيع أن أقول تفاصيل لأنها لم تنتهِ بالشكل الملائم.. ربما في السنة القادمة نتمكن من تنفيذها.

·        وماذا عن طموحك الشخصي؟ هل ستظل في مجال المهرجانات والبرمجة؟

أندرو: طموحي أن أقوم بدوري الفني للمهرجان. أنا أحب لعبة البرمجة جدا، أحب التفاعل مع ردود الأفعال إزاء البرمجة، سواء من الجمهور والصحفيين، وصناع الأفلام.

·        أين ترى نفسك بعد 10 سنين؟

أندرو : مش عارف، بس طموحي أن أشتغل في مهرجانات أخرى خارج مصر، أن أدرس كتابة السيناريو على الجانب. أن أعمل في أحد المهرجانات الكبيرة، وربما أعود لبرمجة الأفلام القصيرة في أحد المهرجانات الكبيرة.

 

موقع "مصراوي" في

27.11.2022

 
 
 
 
 

"علم" الفائز بـ"الهرم الذهبي" يبرز محنة جيل التناقضات

المخرج الفلسطيني فراس خوري يخاطب الوجدان العربي مراهنا على الشباب

هوفيك حبشيان

"في روما، افعل ما يفعله الرومان"، ينصح القول الشهير. لعلها المقولة التي اعتمدت عليها لجنة تحكيم المخرجة اليابانية ناومي كواسي عندما أسندت جائزة "الهرم الذهبي" للدورة الأخيرة من مهرجان القاهرة السينمائي إلى الفيلم الفلسطيني "علم" (باكورة فراس خوري الروائية الطويلة)، مرافعة تنتصر للقضية الفلسطينية وتذكر بضرورة الوقوف إلى جانب الفلسطينيين في نضالهم. العمل بسيط المضمون ولا بأس به في عديد من جوانبه، لكن أن يعطى الجائزة الكبرى فهذا أمر لا يخلو من مبالغة.

"علم" الذي انطلق من مهرجان تورونتو السينمائي في أيلول الماضي يأتي بجديد وبجرعة اختلاف مع ما نراه، ورأيناه في عديد من الأفلام الفلسطينية، هذا الجديد يتجسد في الشخصيات وفي البيئة وفي عادية العيش اليومي المتكرر، ليظهر كيف أن الوضع السياسي الضاغط يصوغ واقع الناس اليومي ويصنع علاقات متوترة بين البشر. أبطال فيلم خوري طلاب مراهقون يكتشفون الحياة ويكتشفون بموازاة ذلك الظروف التي يعيشون ضمنها، هذا كله في مرحلة عمرية شديدة الحساسية يتكون فيها الوعي. تدور الأحداث داخل جدران مؤسسة تعليمية تقع في الجليل، أو ما يعرف بأراضي 48. مجرد وجود هؤلاء الشخصيات داخل مؤسسة مماثلة خاضعة للاحتلال، يتيح لأي مخرج، وفي هذه الحالة فراس خوري، أن يضمن حكاية من الألف إلى الياء، حتى لو لا يملك ما يقوله، هذا ما يميز الأفلام التي تجري على خطوط النار، وهذه حدودها أيضاً. في الأماكن التي تشهد صراعات وخلافات مستمرة منذ عقود، ينوب المكان عن الشخصيات، الأمر الذي قد ينتج بعض السهولة أحياناً. إذاً، الحكاية هنا مضمونة: تاريخ طويل من الاحتلال. يبقى إيجاد حكبة تبرر الساعتين السينمائيتين.

علم وذكرى

والحبكة التي يعثر عليها خوري تدور على واحد من أكثر الأمور رمزية في حياة المواطنين: العلم. العلم الذي يرمز إلى انتمائهم الوطني، وهو في حال الفلسطينيين المقيمين داخل أراضي 48، موضوع تحد باستمرار. وهذا العلم، الإسرائيلي، لا الفلسطيني، سيرتفع على سطح المدرسة في مناسبة ذكرى تأسيس دولة إسرائيل لتكون تلك اللحظة نقطة فاصلة في وعي تامر (محمود بكري) ورفاقه. وجود علم إسرائيلي فوق رؤوسهم، سيستفز بعض الطلبة، خصوصاً أن استقلال إسرائيل هو نكبتهم، فتصبح إزالته عند البعض هاجساً، فيما يبدي البعض الآخر تردداً حيال خطة قد تودي بهم إلى السجن، ومنهم تامر الذي يميزه الفيلم عن البقية ويقتفي أثره، لكونه جديداً على النشاط السياسي، فالأخير ابن تروما أبعدته عن السياسة، نتعرف على تفاصيلها تباعاً. 

يحاول الفيلم تطوير فكرة ملهمة، فكرة لم تطرح جدياً في الأفلام الفلسطينية، ربما لأن كثراً لا يرونها أولوية، فالصراع الدائر هو دائماً بين جهة محتلة، وجهة تعيش في ظل الاحتلال. الفكرة المشار إليها تكشف صراع الأجيال، بين جيل ينتمي إليه تامر ورفاقه، وجيل هو ذلك الذي يتحدر منه الأهل والمدرسون. جيل تامر إما يعي الصراع جيداً أو يكتشفه للتو، وفي الحالتين يعلم أن لا مجال للتفريط به، هذا الجيل لا يزال على رغم صغر سنه ومحدودية تجربته، يحاول التصدي للاحتلال باللحم الحي. أما جيل الأهل والمدرسين، فتبلدت مشاعره. لا شيء يؤثر فيه. ربما بسبب ما عاشه هذا الجيل من تجارب مخيبة أثبتت أن النضال لا يأتي بنتيجة.

حتى إن والد تامر يسأله في إحدى المرات عما إذا كان ينوي تحرير القدس في نظرة ساخرة لنشاطه، هذا كله يفضي بالفيلم إلى نقطة أخرى مهمة، وهي التناقض بين الروايتين الإسرائيلية والفلسطينية الذي يتجلي في المنهج التعليمي المتبع، لغسل دماغ الأولاد وتلميع صورة إسرائيل والتعتيم على ما جرى من مجازر، لكن الطلبة يثورون ضد هذه الراوية، وهذا يشجع تامر المتردد الأبدي على حسم قراره والانضمام للشلة التي تنوي إنزال العلم الإسرائيلي واستبدال علم فلسطين به. ولا يمكن الحديث عن تامر من دون ذكر دور ميساء (سيرين خاص) التي لها دور مهم في حض تامر على الاهتمام بالنشاط السياسي. في هذا المجال، لا يختلف الفيلم عن أي كوميديا رومنطيقية للمراهقين، لكن في خلفية الصورة... دبابات وصوت رصاص.

تامر الذي يعبر عن محنة جيل يعيش تناقضات وجودية على رغم عنه وليس برضاه، فهو متردد إلى درجة التبلد، تخرج منه الكلمات بصعوبة، تائه، يعطي انطباعاً شديداً بأنه لا يعرف ماذا يريد ولا شيء له أهمية. وهذه المشكلة الأساسية في الفيلم. والأنكى أننا لا نعرف إذا كانت المسألة تتعلق بإخفاق في بناء الشخصيات أم أن الأمر لا يعدو كونه قراراً من جانب المخرج ليصنع شيئاً مختلفاً. وليس تامر الشخصية الوحيدة التي تشبه المسودة، فجميع الشخصيات، وهي تمثل شرائح اجتماعية مختلفة، فيها ما يكفي من التردد وسوء التصرف أمام الظروف التي تجد نفسها فيها. يوزع الفيلم نفسه على أكثر من جبهة: سياسية، عائلية، عاطفية. صحيح أنها كلها مترابطة، لكن هناك أشياء تحدث على حساب أشياء أهم. أما المواقف فمفتعلة بعض الشيء، تؤكد ان الصدق لا يكفي لصناعة سينما صادقة، فما يصح داخل القلوب لا يصح بالضرورة على الشاشة.

ثمة ارتباك متواصل في الفيلم، لا نعرف إذا كان يكتفي بالانعكاس سلباً على الممثلين، أم أن الممثلين هم الذين يصنعون هذا الارتباك. الإيقاع هو كل شيء في السينما والفيلم الذي أمامنا لا يحسن صناعته. عيوب "علم" تقنية لا تشمل المضمون، أولها اختيار الممثلين وزجهم في حكاية يرددونها كطلاب حفظوا درسهم رغماً عنهم. لا كيمياء إطلاقاً بينهم. هناك صعوبة في تصديق عدد من المشاهد، هذا كله يشكل عائقاً كبيراً بيننا وبين فيلم ننساه فور خروجنا من الصالة، وهذا أسوأ ما يمكن أن يحدث لعمل يطمح إلى مخاطبة الوجدان العربي من خلال المراهنة على العنصر الحي فيه، أي الشباب الذين يمثلون الأمل في مرحلته الأجمل. 

المخرج فراس خوري الذي على غرار بطله تامر، جاء متأخراً إلى عالم النضال، قد يكون مثالياً في طرحه ورؤيته. وكأي مثالي، لا بد أن يصطدم بالواقع. وآخر اصطدام له بالواقع العربي حصل حينما رفضت السلطات المصرية إعطاءه تأشيرة للمشاركة في مهرجان القاهرة، لكونه يحمل جوازاً إسرائيلياً، لكن يأمل خوري حضور مهرجان البحر الأحمر السينمائي الذي يعقد بعد أيام قليلة في جدة.

 

الـ The Independent  في

28.11.2022

 
 
 
 
 

الجُرح السوري معرضاً لـ «السباحتان»

شفيق طبارة

هناك أفلام تثير جدالاً حول المسؤولية الأخلاقية للسينما عندما تنقل قصصاً حقيقيّة تتعلّق بمعاناة الآخرين. وهذا الجدال طبيعي وصحي. في الوقت نفسه، هناك أفلام تنسف هذا الجدال من أساسه ــ لأنها من البداية إلى النهاية ـــ مصمّمة لتكون بمثابة إهانة جماعية لكثير من البشر. بعض هذه الأفلام نفترض بها حسن النية، وبعضها الآخر لا تتوافر فيه حتى النية الحسنة، لأنّها تحوّل معاناة بعض البشر إلى سلعة ترفيهية. فيلم «السباحتان» للمخرجة الويلزية المصرية سالي الحسيني ينتمي إلى الفئة المسيئة والسيّئة من الأعمال.

يروي «السباحتان» القصة الحقيقية للسباحة السوريّة يسرى مارديني، التي قامت عام 2015، مع أختها سارة واثنين آخرين، بالسباحة وسحب قارب مليء باللاجئين عبر بحر إيجه، لإنقاذ الجميع من الغرق خلال الرحلة البحرية الطويلة. بعد الوصول إلى اليونان ومنها إلى ألمانيا، اختيرت يسرى مع عشرة آخرين للتنافس مع الفريق الأولمبي للاجئين في دورة الألعاب الأولمبية الصيفية في ريو دي جينيرو عام 2016. لم تستطع نتفليكس والحسيني مقاومة إغراء هذه القصة الحقيقية، فحولتها إلى فيلم درامي خارج من أقبية الأمم المتحدة، ومصمّم بيد المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

«السباحتان» مقسّم إلى ثلاثة أجزاء مختلفة: نبدأ في دمشق عام 2011، بينما تركز يسرى (نتالي عيسى) على تدريباتها للمشاركة في الألعاب الأولمبية، نشاهد شقيقتها سارة (منال عيسى) بداية الاضطرابات في سوريا على موقع اليوتيوب. في لحظة، ينتقل الفيلم بسرعة إلى عام 2015، في خضمّ الحرب في سوريا، لا تزال يسرى تلاحق حلمها مع مدرّبها ووالدها عزت (علي سليمان)، وبدعم من والدتها ميرفت (كندة علوش) بينما تحاول سارة إقناع العائلة بالسماح لهما بالسفر واللجوء إلى أوروبا هرباً من الحرب. بعد الرفض التام من قبل والديهما، يستسلمان ويقرران دعم رحلتهما إلى ألمانيا مع قريبهما عزت (أحمد مالك). الجزء الثاني يصوّر رحلتهما من دمشق إلى برلين عبر تركيا ثم اليونان مع كل المصاعب التي واجهتهما. يحتضن الجزء الأخير من الفيلم كليشيهات الأفلام الرياضية، مع إظهار قتال يسرى وتدريباتها في برلين للوصول إلى الحلم الأولمبي.
في فيلمها الطويل الثاني بعد «شقيقي الشيطان» (2012)، تقدم لنا الحسيني فيلماً ميكانيكياً مصمّماً وليس مكتوباً. كل شيء فيه مرسوم بشكل محدد ليخدم «الرسالة الإنسانية»، من النوع التي تنتجه نتفليكس و«ينجح» بشكل كبير في الغرب. في الفيلم العرب واللاجئون يحتاجون دائماً إلى المساعدة، وطبعاً «الرجل الأبيض» يستقبلهم بقلوب مفتوحة، وطبعاً هناك شخصية المنقذ الأبيض سڤين (ماتياس شفايغوفر) مدرب السباحة الجديد التي يساعد يسرى في الوصول إلى الأولمبياد. يكتفي «السباحتان» بالثناء على مواقف الأمم المتحدة والغرب وحاجة العربي إليهم: انظر كيف يعانون، انظر مدى صعوبة حياة هؤلاء الناس. يدعو الفيلم إلى السلام وفهم الآخر. خطاب يطلب المزيد من الحب، بكل السذاجة التي يمكن أن يمثّلها هذا الطلب
.

بعيداً عن الرسالة السطحية التي يحملها الفيلم، صوّرت الحسيني فيلمها بعدم مصداقية، ما جعله غير عفوي، مبنياً على نقاط محددة، ومكرّرة. استغلت الحسيني قصة السباحتين وحولتهما إلى ميلودراما فيها الكثير من الديماغوجية، مصمّمة بوضوح لاستمالة عواطف الجمهور. صنعت المخرجة استعاراتها بطريقة ثقيلة وصريحة، بينما تصرّ الموسيقى على إخبارنا متى نبكي ومتى نتأمل. هناك نزعة في الفيلم لتجميل المعاناة وتعظيم الإنجازات وتحويل المصاعب إلى شيء ينبغي تخطّيه مهما كلف الأمر، كأننا نقرأ كتاب مساعدة ذاتية. حتى مشهد السباحة في البحر والخوف من الغرق صُوّر بطريقة منمّقة، بجمال شاعري، فحوّلت البحر إلى مسبح يشبه المسبح الأولمبي. فيلم سطحي وفجّ، حتى لناحية الموسيقى، نرى سوريا تُقصف على صوت أغنية «تيتانيوم» لسيا، بينما تقول الكلمات: «أنا مضاد للرصاص، لا شيء لأخسره، اطلق النار كما تشاء». تتدرب سالي داخل مخيمات اللاجئين على صوت أغنية unstoppable، وبينما يتم تقسيم اللاجئين في المخيمات، نسمع كلمات أغنية «لا يهمني من أين أتيت». كل شيء واضح في الفيلم، هو سينما المنظمات غير الحكومية.

ميلودراما فيها الكثير من الديماغوجية، مصمَّمة بوضوح لاستمالة عواطف الجمهور

هناك تفاهة واستخفاف يتمثّلان في اللغة المنطوقة. يسرى وسارة يتحدّثان في ما بينهما طوال الفيلم باللغة الإنكليزية. حتى عندما كانتا في سوريا، فالعربية ليست موجودة إلا في بعض المشاهد القليلة. بسبب السيناريو المصمم، لم نرَ أي ديناميكية بين الشخصيات، إذ بدت كأنها رؤوس ناطقة فقط، لا دور كبيراً لها في القصة، بل مجرد أزياء بشرية لتوصيل الرسالة. «السباحتان» لا يعرف أي شيء عن سوريا أو عن اللاجئين. قبل السفر في البحر على متن قارب صغير مطاطي، يكشف لنا الشريط عن جنسيات اللاجئين ومن أين أتوا بطريقة مصطنعة فوقية، ثم يختفون لأنّ لا دور لهم إلا أن يكونوا لاجئين. مستقبلهم لا يهمّ، فالمهم هو النهاية السعيدة للشقيقتين. كل شيء مصمَّم ليكون فيلماً يحمل الأمل بنهاية وردية. مرّت سارة ويسرى مارديني في الحياة الواقعية بالجحيم، حالهما حال جميع اللاجئين، ولكنّ قصتهما استُغلت لتكون وعاءً للرسائل التي يريد الفيلم أن يلقّننا إياها.

* The Swimmers على نتفليكس

 

####

 

«19 ب»: البيت المتداعي لا يحمل إلا قاطناً واحداً!

وسام كنعان

كما توقّعنا، حصد فيلم «19 ب» جائزة أفضل فيلم عربي في «مهرجان القاهرة السينمائي» (إخراج أحمد عبد الله وإنتاج محمد حفظي) إضافة إلى العديد من الجوائز الأخرى باعتباره شريطاً يجترح لنفسه موقعاً مختلفاً على خارطة السينما المصرية، ويقرر أن يخلق حكايته في مكان واحد لا تغادره الكاميرا تقريباً، فتضيق المساحة، لكن الأفق أمام عدسة المخرج يبقى متسعاً لصوغ حالة سينمائية ملفتة، وترك الفرصة أمام ترميز ودلالات تعتبر مبدئياً مفاتيح ثابتة في صناعة المادة الفنية. مع ذلك، يتنصّل المخرج تماماً من أي رغبة في الترميز ويعتبر صراحة في تصريحه لنا بأنه بعيد عن هذه الطريقة التي لا يحبّها أصلاً!

تدور أحداث الشريط حول حارس عجوز يعيش في فيلا متداعية ومهجورة يعتبرها بمثابة منزله لأنه اشتغل فيها ناطوراً منذ زمن طويل، وظلّ يتقاضى راتبه عن طريق المحامي الخاص بالعائلة! لكنه فجأة يصبح مهدداً بسبب شاب يعمل في الشارع المقابل، وهو ما يجعل الحارس مضطراً لمواجهة مخاوفه. مرّة من خلال ردّات فعل انفعالية بسبب تعدي شباب الحي على حيواناته التي يربّيها ويعتني بها، ومرّة ثانية من خلال ترك المياه مفتوحة على البضاعة التي خزّنها الشاب في الفيلا، وثالثة من خلال طلب النجدة من المحامي بعد محاولته الخاوية للعثور على ورثة صاحب الفيلا. لكن المفاجأة بأن المحامي سيزوره استجابة للعشرة، ويخبره بأنّ عليه أن يحاول الافادة من المكان لأن أصحاب المطرح المهجور والمتهالك لم يسألوا فيه منذ زمن طويل، وأنه هو من واظب على دفع راتبه من جيبه الخاص. الكلام يقال على مسامع الشاب الذي يبتسم للفكرة ويمعن في محاولة الافادة من المكان بعد اعترافه الصريح للرجل المسنّ بأنه لم يحاول أذيته رغم معرفته الصريحة بأنه يقف عثرة في درب رزقه.

يحيلنا مسرح الأحداث وهو البيت المتداعي والمتهالك نحو مآلات عدّة أبرزها جزء من المجتمع المصري والعربي عموماً، كوننا بلاداً تعيش ظروفاً شبيهة، وربما صار يأكل بعضنا الآخر حتى يستمر! يأخذ صناع الفيلم الرواية نحو مطرح له علاقة بفلسفة الرفق بالحيوان ومنطقية نأيها عن فكرة مغلوطة دارجة يعتقد أصحابها أنها ذريعة لأذية الحيوان وهي «أن البشر تموت من الجوع والفقر والحروب فكيف لنا أن نهتم بالحيوان».
اللافت في الفيلم كان الأداء الجذاب لبطله المطلق الممثل المصري سيد رجب. يقطر الرجل بسويته الأدائية صدقاً، ويقبض بإحكام على التماسه العميق لروح الشخصية. الخيار الإخراجي لرجب حقق معادلة ذكية للغاية. ملامحه توحي بالفقر والسحق لكّنه يعرف كيف يوظّفها ببراعة مرّات كثيرة أحالها نحو الشر، لكّنه هنا أجاد حسب مقاييس وتقديرات مضبوطة بعناية ساطعة، طرحها على أنه هنا: الرجل الطيّب المسنّ الذي تفلت أعصابه منه بلحظة معينة، فينتبه عند الذروة أنه أضعف من أن يفعل شيئاً! ويتراجع، متكئاً بكل ذلك على حركة جسد بارعة وماهرة في صوغ الدلالة الكافية، فيما يوغل في سبك المأساة الحياتية المطحونة التي يعيشها بتعابير وجهه التي تتباين، مرّة من الخوف لمواجهة الاب القوي وأخرى تصير مترفة بالحنية لدى تعاطيه مع ابنته الوحيدة التي تزوره في مكانه المترنّح والآيل نحو السقوط... يبحر بمزاجه عالياً، وبعينين تقطران حدساً عند انسجامه مع أمهّات الأغاني الطربية التي كان يستمع لها. طبعاً رغم المقدرات التمثيلية الصريحة لدى سيّد رجب، لكنّ أحمد خالد الصالح لم يكن إلا ندّاً حقيقياً لا يقلّ أهمية من ناحية الصراع والتناحر على مستوى الشخصيتين. لعل المطرح الذي يبدو هنّة صريحة في الشريط يتمثّل في الحدث الكليشيه والخط البياني الأفقي للتصاعد الدرامي في كثير من الأحيان، إلى درجة أنّه كان لا بد إما من اختصار الوقت أو خلق أحداث جانبية وشخصيات ثانوية تدعم الحدث الجوهري وتقوّيه
!

 

الأخبار اللبنانية في

28.11.2022

 
 
 
 
 

شاهدتُ لكم:

فيلم المخرج رضا الباهي "جزيرة الغفران"

بـ"القاهرة السينمائي"

طارق البحار:

من ضمن الأفلام المهمة في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، فيلم المخرج الكبير رضا الباهي، "جزيرة الغفران“، وذلك بعد عرضه الأول بالدورة 44 من المهرجان، حيث نافس في المسابقة الدولية للأفلام الروائية الطويلة، وكانت متعة كبيرة لمشاهدة هذا العمل الممتع بكل ما تحمله هذه الكلمه من معانٍ، فيلم عميق جداً، مع حوارات متقنة مع سيناريو تلامس القلوب، وفيلم يدرس لعشاق السينما من جميع النواحي مع موسيقى خيالية.

يعالج المخرج التونسي بشجاعة موضوع معقد وعميق جداً، يكاد يكون من المحرمات عندنا وهو المغفرة، وكيف أن نمر تجربة أن نغفر، ولماذا نقوم بذلك بصورة فنية جميلة مع عدم وجود إجابات عن هذه الأسئلة، لأن المغفرة مثل ما شاهدناه في الفيلم هي مسألة خاصة جداً في فيلم تدور قصته الساحلية باللون الأزرق، حول أندريا، وهو كاتب بارع يبلغ من العمر 60 عاماً، يعود إلى جزيرة بتونس موطنه الأصلي، لينفّذ آخر أمنيات والدته روزا، وهناك تستيقظ بداخله ذكرياته القديمة، لتدفعه إلى ماضٍ مؤلم.

يقوم ببطولة الفيلم الممثلون كلوديا كاردينالي، علي بنور، محمد علي بن جمعة، كاتيا جريكو كما ضم فريق العمل مهندس صوت معز الشيخ، ميكساج سامي غربي، مونتاج رينالد بيترالند وياسين بوشنب، مهندس ديكور توفيق الباهي، مصممة ملابس ليليا لاخوه، موسيقى ماركو ويربة، مدير تصوير نيفين الباهي، منتج منفذ توفيق جيجا، مدير إنتاج لسعد فرحات، إنتاج رضا الباهي، زياد حمزة، نيكول كماتو، منتج مشارك عماد الدين بلقاسم، تأليف وإخراج رضا الباهي.

تبدأ الأحداث في الفيلم بعودة الكاتب ”أندريا بلغاري“ إلى تونس ويقوم هناك بنثر رماد والدته التي توفيت أخيراً على الشاطئ ويتذكر سنوات عمره الأولى التي عاش فيها قبل عقود مع عائلته بجزيرة جربة قبل أن يرحلوا إلى إيطاليا، وبطريقة الفلاش باك نرجع مع الأحداث للماضي حيث أندريا وهو صغير يعيش مع والده كبير السن الذي يعمل باستخراج الإسفنج من البحر لكنه يصاب في إحدى المرات وهو يغطس فيعجز عن العمل، وهكذا يضطر جايتانو عم أندريا من إيطاليا لرعاية العائلة لكنه شخص غير مرحب به لأنه يعمل مع المافيا كما أن علاقة حب قديمة جمعته بأم أندريا الشابة التي هجرها وسافر بحثاً عن المال.

ينتقل أندريا مع والديه إلى منزل جديد بعيد عن البحر وسط أهل ”جربة“ حيث يتعرف أكثر على العادات والأفكار المحلية، خصوصاً مع محاولات بعض المتشددين هناك استقطاب والده إلى الإسلام!

في هذا الفيلم الذي يلامسنا جميعاً يقدم نفسه بشجاعة في دراما قيادية تحتوي على مشاهد قوية ورومانسية وعاطفية، ومن أجمل ما كان أساس الفيلم هو عمل المايسترو الإسباني المولد ماركو ويربا والذي يعيش ويعمل في إيطاليا في موسيقى العمل الجميل، بتقديم ستة عشر قطعة مكونة من أوتار من الأوركسترا مع عزف التشيلو مضيفاً جواً مغرياً مليئاً بالعاطفة والرومانسية والتأثير الذي يجاري الأحداث.

الموسيقى التي ألفها ماركو ويربا لجزيرة الغفران بليغة ومتطورة ومؤثرة بعمق، ومع لحظات عاطفية وحميمة للغاية، ويضيف المايسترو ببطء ودقة مستويات مختلفة من العاطفة، ويضع ألحاناً هشّة وحساسة تحت التسلسلات، مضيفاً اللون والملمس إلى الفيلم، ولا تطغى موسيقاه أبداً على القصة ولكن بدلاً من ذلك تمكنها وتسمو بها جداً على الشاشة، وتصبح جزءاً مهماً ومتكاملاً من التجربة السينمائية الشاملة للباهي.

رغم أن أحداث الفيلم تدور في الخمسينات، إلا أن رسائلها مهمة اليوم جداً وسط كل ما نمر به، فقبول الآخر وفهمه حاجة أكيدة وضرورية للتعايش، وقام المخرج رضا الباهي برسم بصورة جميلة للتعايش مع مزج جميل من تونس مع الحاج إبراهيم وعدد من المسلمين التونسيين مع عائلة إيطالية مسيحية، خصوصاً مع وجود الممثلة الإيطالية ذات الجذور التونسية، كلاوديا كاردينال الذي قال عن تعاونه معها: “إيطاليا ليست غريبة لما بدأت في السينما، استخدمت مهندس ديكور إيطالياً وعرّفني بالسينمائيين الإيطاليين، وكلوديا كانت موجودة وقت الكتابة كانت موجودة في بالي وكلمتها وافقت من البداية، والتعاون معها كان سهلاً، والمهم كان حضورها كرمز الإيطالية التونسية“ وأضاف رضا الباهي في جلسة أسئلة أقيمت عقب عرض فيلمه في المسابقة الرسمية بمهرجان القاهرة السينمائي الدولي: "والدي عمل كمدرس فيها لفترة وكان يعيش مع مدرس زميله مسيحي يشرب الخمر ولما كان يمرض يقرأ عليه قرآن، ونحمل ذكريات جميلة على التعايش التي للأسف اندثرت ولم تعد موجودةً بين أبناء الدين الواحد“.

واضاف: ”تعاونت في العمل مع أسرتي، وكانت ابنتي الوحيدة التي تعمل معي لأول مرة في الفيلم، وكانت تشعر بالخوف مني في البداية!“.

 

####

 

رايز تدعم المواهب العربية في القاهرة السينمائي

البلاد/ مسافات

اختتمت شركة "رايز إستوديوز" (Rise Studios)، وهي شركة ترفيه تدفع باتجاه الاستثمار في قطاع المحتوى على مستوى الأسواق الإقليمية، مشاركتها في الدورة 44 لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي بمنح الفيلم الأردني "إن شاء الله ولد" للمخرج أمجد الرشيد تمويلًا نقديًا بقيمة 10000 دولار.

حيث تم منح التمويل النقدي من قبل رايز إستوديوز ضمن فعاليات ملتقى القاهرة السينمائي وهي منصة للمهرجان تتيح لصناع الأفلام العرب توسيع شبكة علاقاتهم المحلية والعالمية في مجال صناعة السينما، وتعزز نمو وتطوير المواهب من خلال توفير فرص التمويل للأفلام في مراحل التطوير أو ما بعد الإنتاج. وإلى جانب التمويل النقدي الذي منحته رايز إستوديوز للفيلم الأردني "إن شاء الله ولد"، تم تقديم منح نقدية ل 16 مشروعًا آخر في نسخة هذا العام من ملتقى القاهرة السينمائي. ويتناول الفيلم الأردني موضوع المرأة والميراث في الأردن، وهو من كتابة وإخراج أمجد الرشيد. ويذكر أن الكاتب والمخرج الأردني أمجد حاز على العديد من الجوائز، وهو حاصل على درجة الماجستير في الفنون السينمائية، كما تم تكريمه سابقًا عن فيلمه الروائي القصير "الببغاء"، بالإضافة إلى ذلك، كان من بين المرشحين في مبادرة نجوم الغد العرب التي أطلقتها "سكرين إنترناشونال"، فضلًا عن حصوله على جائزة Final Cut في مهرجان البندقية السينمائي لهذا العام.

وتجدر الإشارة إلى أن رايز إستوديوز هي الراعي البلاتيني لأيام القاهرة لصناعة السينما، وهي منصة خاصة بالمهرجان تضم ورشات عمل تهدف إلى دعم المواهب والمساهمة في تطوير صناعة السينما. وتضمنت نسخة هذا العام من أيام القاهرة لصناعة السينما على العديد من ورشات العمل منها: ورشة عمل لصناعة الأفلام استمرت لمدة عشرة أيام قدمها المخرج المجري العالمي بيلا تار، وجلسات نقاشية لمدة خمسة أيام للمخرج السينمائي إرفين لي، إلى جانب ورشة عمل في كتابة السيناريو قدمتها كاتبة السيناريو المصرية مريم نعوم. كما استضاف المهرجان مجموعة متنوعة من الندوات التي قدمها عددٌ من صانعي الأفلام العالمين، بما في ذلك المخرجة اليابانية نعومي كاواسي، والمخرج الفرنسي ماثيو كاسوفيتز، وبن بيري من نتفليكس. إلى جانب ذلك تحدث زياد سروجي، نائب الرئيس الأول لتطوير الأعمال والمحتوى في رايز إستوديوز، في جلسة نقاشية حملت عنوان "يوم الشباب" ضمن فعاليات أيام القاهرة لصناعة السينما، التي تهدف إلى صقل مهارات طلاب السينما. حيث ناقش زياد الإنتاج السينمائي، من التطوير إلى التمويل وحتى التوزيع، كما استكشف عقبات إنتاج الأفلام مع الطلاب المشاركين من خلال اصطحابهم في رحلة الإنتاج التي تبدأ من فكرة الفيلم حتى مرحلة تنفيذ الفيلم وتوزيعه.

كما شهد المهرجان العديد من حلقات النقاش التي أدارها مجموعةً من خبراء صناعة السينما حيث ألقوا الضوء على عدد من المواضيع كصعود السينما السعودية، وأهمية تنفيذ برامج المهرجانات السينمائية، ودورة حياة الفيلم ما بعد مرحلة الإصدار السينمائي وغيرها من المواضيع المهمة. وكان من بين المشاركين في حلقات النقاش: أماندا تورنبول، الرئيس التنفيذي لشركة "رايز إستوديوز"، وآية مدحت، رئيس اكتساب المحتوى في منصة شاهد، والمخرج المصري عمرو سلامة، وجيانلوكا شقرا المنتج والمؤسس لشركة "فرونت رو"، إلى جانب جيسيكا خوري من شركة "فيلم كلينك". حيث أشار المشاركون إلى أهمية الشفافية واكتشاف المواهب المحلية في قطاع تطوير المحتوى وصناعة الأفلام.

في هذا السياق قالت أماندا تورنبول، الرئيس التنفيذي لشركة رايز إستوديوز: "يشرفنا أن نشارك في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي بدورته الرابعة والأربعين، الذي يحمل إرثًا هامًا في صناعة السينما في العالم العربي. تمكنا من خلال منصات المهرجان التواصل مع العديد من المواهب الإبداعية في المنطقة، ونحن في غاية الحماس لمنح فيلم "إن شاء الله ولد" تمويل نقدي لدعم هذا الفيلم الاستثنائي. وأضافت تورنبول: "نحن فخورون بالمشاركة في هذا المهرجان لما يقدمه من دعم لصناعة السينما على مستوى المنطقة ونتطلع إلى المشاركة في دورته الجديدة في العام المقبل.

يُعد مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، الذي انطلق عام 1976، واحدًا من بين 15 مهرجانا فقط تم تصنيفهم ضمن فئة "أ" من قبل الاتحاد الدولي لجمعيات منتجي الأفلام. كما يعتبر من أعرق المهرجانات الثقافية للأفلام الروائية التي تقام سنويًا على مستوى المنطقة العربية وأفريقيا.​

ومن الجدير بالذكر أن رايز إستوديوز استضافت في أثناء وجودها في القاهرة حفل إطلاق حضره عدد من الشخصيات الفنية البارزة في السينما المصرية ومنهم حسين فهمي، ويسرا، إلى جانب ماثيو كاسوفيتز وبيلا تار وغيرهم من الشخصيات الهامة في المجتمع السينمائي العالمي.

 

البلاد البحرينية في

28.11.2022

 
 
 
 
 

رضا الباهي: محبة الجمهور تكفيني ولا تهمني الجوائز

المخرج التونسي يعتبر نفسه نصف مصري والحظ حالفه في إنجاز 10 أفلام

هنادي عيسى 

رضا الباهي مخرج وكاتب ورائد من رواد صناعة السينما الجادة في تونس والعالم العربي. فنان مشغول بقضايا وطنه وأحوال المجتمع والناس. تدخل كاميراه الأماكن المحظورة وتطرح كثيراً من القضايا الشائكة والإشكالية، وتحصد أفلامه الجوائز وتثير كثيراً من الجدل والنقاش. وآخر فيلم له "جزيرة الغفران" الذي عرض للمرة الأولى في مهرجان القاهرة السينمائي بدورته الـ44 لم يحصل عنه على أي جائزة، وقال لـ"اندبندنت عربية" إنه مع مرور السنوات لم يعد يهتم للجوائز، بل همه تقديم سينما ترضي وجهة نظره. حبه للسينما المصرية واعتبار نفسه "نصف مصري" كانا بمثابة الدافع الأول له لعرض فيلمه في المهرجان ضمن المسابقة الدولية للأفلام الروائية الطويلة.

حول فكرة التعايش وتقبل الآخر تدور قصة فيلم "جزيرة الغفران" في وقت يحتاج فيه الجميع إلى تذكر هذا الأمر كما يرى الباهي، "كانت الفكرة موجودة في رأسي منذ عام 1992، ومررت بعديد من التغيرات التي صاحبت عملي ورؤيتي للأشياء بشكل أكثر عقلانية. ولعل الفكرة الأساسية التي أردنا توصيلها هي قبول الآخر والتعايش السلمي، وهذا الأمر أصبح ضرورة قصوى، ونحن اليوم بحاجة إليها، ولا بد لنا من وقفة مع أنفسنا لنتعلم كيفية تقبل الرأي الآخر والمخالف".

ويضيف، "جاءت في التاريخ فترات مظلمة كانت سمتها الأساسية رفض الآخر، لكن هناك فترات تميزت بالسلام والتآخي بين أبناء الشعب الواحد. وأنا أضرب مثالاً بمدينة الإسكندرية التي كانت في وقت ما تشهد معايشة بين المصريين واليونانيين والإيطاليين والفرنسيين والمسلمين والأقباط واليهود. كان كل هؤلاء يعيشون بعضهم مع بعض بلا مشكلات. وجزيرة (جربة) في تونس ينطبق عليها الأمر نفسه، وهذا ما جعلني أصور فيلمي فيها".

فن الصدق

فكرة الفيلم كانت موجودة في رأس رضا الباهي منذ التسعينيات، فما التغيرات التي طرات عليها؟ يقول، "وقتها كنت شاباً صغيراً، ولديّ اندفاع كبير، وكنت أرى أن الفيلم السياسي لا بد أن يقدم بقوة، لكن مع مرور العمر غلبت صفة النضج والتعقل والرزانة على شخصيتي، وأصبحت أزن كلماتي، وأصبح الإيقاع أبطأ، وليس متهوراً كما في مرحلة الشباب. وفكرة رفض الآخر تأخذ أشكالاً كثيرة. أنا سعيد بالاستقبال الذي رأيته من الجمهور الذي حضر العرض الأول للفيلم في مهرجان القاهرة السينمائي، وهو استقبال يتماشى مع طبيعة الفيلم لأنه صادق، والصدق يقابله الآخر بمثله". ويشير إلى أنه صور الفيلم في ستة أسابيع على مدار عام ونيف في جزيرة جربة، "راعيت وجود كلوديا كاردينالي التي تمثل في الفيلم بسبب السن، وقد توقف التصوير مرتين الأولى بسبب تفشي فيروس كورونا وأخرى عندما توليت رئاسة مهرجان "أيام قرطاج السينمائية".

ويؤكد أنه لا يشغل باله بالمنافسة معتبراً أنه حصد نحو 27 جائزة من مختلف المهرجانات العالمية التي شارك فيها منذ عام 1971، ومنها مهرجانات "كان" و"فينيسيا" و"تورونتو"، بينما الآن يسعى فقط لمعرفة آراء زملائه الفنانين تجاه ما يقدمه مثل محمود حميدة وعبدالعزيز مخيون وغيرهما. ويقول، "السينما المصرية تعني وجدانياً لي كثير، فأنا أعشق هذه السينما، وأتابع الممثلين المصريين فرداً فرداً. وعملت مع عمالقة السينما المصرية مثل كمال الشناوي وليلى فوزي ومحمود مرسي. وكان صديقي المقرب الشاعر الراحل عبدالرحمن الأبنودي، وكذلك أقرب أصدقائي من النقاد سمير فريد وسامي السلاموي وعلي أبو شادي، وغيرهم. كنا نتقابل معاً في مصر وتونس ولبنان، وأنا أعتبر نفسي نصف مصري".

إلحاح داخلي

ويقول إنه يقوم باعمال فنية عما يخالجه هو نفسه من مشاعر، "كل أفلامي التي نفذتها كانت تحت الإلحاح الداخلي وحاجة إلى إخراج ما هو في داخلي". وعن سبب تقلص جمهور السينما يؤكد أن "العولمة اخترقت الأماكن كلها، فبدلاً من تجديد صالة سينما مهترئة يبيعها صاحبها ويأتي من يجدد المكان ويحوله إلى محل لملابس أو ما شابه. للأسف أصبحت الأماكن تتشابه في العالم كله، وهناك أسباب أخرى كالقرصنة في السوق وبيع الأفلام على الأشرطة المدمجة". إلى أين نحن ذاهبون؟ يجيب، "أصبحت البرامج التفزيونية التي تقدم نقاشات بيزنطية هي الطاغية، والإنترنت أقفل الأبواب أمام المجالس الأدبية والفكرية بسبب الإرهاب الفكري، وانحصر جمهور السينما المتعطش لطرح الأسئلة على المهرجانات. ولحسن الحظ أن السوق الأوروبية مفتوحة للأفلام الجيدة ذات المواصفات الفنية المعينة، ولكن هذا غير متوفر لكل الأفلام. فعلى الفيلم الذي يريد أن يشارك في مهرجان "كان" وغيره، أن تكتب عنه الصحافة كي يلقى مساعدة في الإنتاج. ونحن في تونس تدعمنا وزارة الثقافة ونقابة السينمائيين بنسبة 30 في المئة، وتشارك جهات عدة في الإنتاج. فمثلاً فيلمي السابق "زهرة حلب" شارك في إنتاجه إلى جانبي، المنتج اللبناني صادق صباح وبطلة الفيلم هند صبري". ويقول، "السينما التونسية في خريطة السينما العالمية غير موجودة، أما السينما المصرية بمواصفاتها ولهجتها وبأفلامها التجارية والجدية فلها سوقها العربية، وكل عائداتها تأتي من العالم العربي. والفيلم الجيد إن كان تونسياً أو لبنانياً أو فلسطينياً، فهو في المرتبة نفسها والظروف هي التي تلعب دورها في ترويجه، وربما لسبب سياسي أو زلة يقع فيها المخرج وما شابه، لا يتبناه أحد".

وفي تقييمه لمساره السينمائي يوضح، "لا أعتقد أن المرء يرضى تماماً، لأن في المسيرة تعثرات كثيرة، وفي السينما الخاصة بالمغرب العربي أعد نفسي محظوظاً لأنني قدمت أكثر من 10 أفلام، بينما غيري وصل إلى فيلمين أو ثلاثة في مسيرته. أعتبر أني وصلت إلى هذا لأنني اعتمدت على الإنتاج المشترك والغرب، وعلاقتي بالشرق منذ السبيعينات متواصلة، مع السوريين واللبنانيين والمصريين".

وأخيراً يتحدث عن منصات العرض مثل "نتفليكس"، "أرى ثمة خطراً، إذ سبق وأقمنا في مهرجان قرطاج السينمائي ندوة عن تأثير المنصات، ووجدنا أن لديها تأثيراً سلبياً على مشاهد السينما، إذ باتت النصوص معلبة في أفكار محددة".

 

الـ The Independent  في

29.11.2022

 
 
 
 
 

رضا الباهي: فكرة جزيرة الغفران جاءتني فى التسعينات.. وتقديمه الآن أصبح ضرورة ملحة

 أحمد البهى

أكد المخرج الكبير رضا الباهي، أن فيلمه جزيرة الغفران، والذى تم عرضه فى مهرجان القاهرة الدولي فى دورته الـ 44 ، يقدم رسالة التعايش بين الجميع .

وتابع المخرج الكبير رضا الباهي ، فى تصريحات مصورة لـ صدي البلد : أن فى فترة الخمسينات كان هناك حالة من التعايش بين جميع الأديان على الرغم من وجود الاستعمار الذى كان يهدف إلى زعزعة تلك العلاقة القائمة بين المسلمين والمسحيين واليهود ، إلا أنه بعد ثورات الربيع العربي الأمر حدث نوع من الانكماش ورفض الآخر ، لذا فكرت فى تقديم هذا العمل ، لأن الأمر أصبح خطر ، وكان واجب علي كسينمائي تقديم سينمائي عن التعايش.

واستكمل رضا الباهي: العمل فكرته راودتني في التسعينات ، ولكن كان هناك موضوعات فنية اخري ملحمة لدي كان يجب تقديمها ، ولم يحدث اي تغير فى العمل إلا أمور طفيفة عند تقديمه  لانني كنت كتب الفكرة فقط وليس السيناريو أو الحوار .

كلوديا كاردينالي :

وكشف المخرج الكبير رضا الباهي، عن كواليس اختباره للممثلة العالمية النجمة العالمية كلوديا كاردينالي للمشاركة في بطولة فيلمه جزيرة الغفران ، والذي عرض بمهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته الماضية

وقال رضا الباهي ، في تصريحات مصورة لـ صدى البلد : اختياري للفنانة العالمية كلوديا كاردينالي جاء لأنها مناسبة للدور تماما ، فكان أمامي خياران إما الاستعانة بممثلة إيطالية للدور أو تونسية ، ووجدت ان “ كلوديا ” تجمع بين الاثنين وتجسد هذا الجانب بالفعل

وتابع رضا الباهي قائلا : قمنا بحذف بعض من المشاهد الخاصة بالدور وتقليصه قبل التصوير واثناء الكتابه بسبب الحالة الصحية للفنانة العالمية كلوديا كاردينالي

وكشف المخرج الكبير رضا الباهي، عن تفاصيل اختياره للفنان محمود مرسي لبطوله فيلم شمس الضباع

وقال رضا الباهي، في تصريحات مصورة خاصة لموقع صدي البلد : أنه ذهب إلى المخرج الراحل يوسف شاهين ليقوم بمساعدته علي التعاقد مع الفنان محمود المليجي الذي كان يراه مناسبا للدور ، إلا أن ارتباط الأخير بعرض مسرحية وتعارض المواعيد جعله يعتذر قبل أن يفكر في الاستعانة بالفنان الراحل محمود مرسي

وتابع رضا الباهي، حديثه قائلا : قابلت محمود مرسي وقال لي إنه كان يعتقد أنني كبير في السن ، ووافق علي أداء الشخصية وسافرنا إلى المغرب لبدء التصوير ، وعلي الرغم من انه كان قاسيا مع نفسه إلا أنه كان في غاية اللطف مع الآخرين ، وعلي المستوي الفني كان أداؤه التمثيلي مضبوط للغاية .

 

صدى البلد المصرية في

29.11.2022

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004