ملفات خاصة

 
 
 

مهرجان القاهرة السينمائي في دورته 44.. "وماذا بعد.."؟

وائل سعيد

القاهرة السينمائي الدولي

الدورة الرابعة والأربعون

   
 
 
 
 
 
 

على مدار عشرة أيام، أقيمت فعاليات الدورة الرابعة والأربعين لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، في المدة من 13 إلى 22 نوفمبر (تشرين الثاني)، برئاسة الفنان حسين فهمي، والمخرج أمير رمسيس، مديرًا فنيًا. تنافس هذا العام ما يفوق مئة فيلم، بمشاركة 52 دولة عربية وأجنبية، وما يقارب 30 عرضًا أول، سواء عالميًا، أو على مستوى الشرق الأوسط، على عدد من الجوائز ضمن الأقسام المختلفة للمهرجان، على رأسها فيلم الافتتاح "آل فابليمان"، وهو أحدث أفلام المخرج الهوليوودي الشهير ستيفن سبيلبرغ، الذي يروى لنا من خلاله بداية شغفه بفن السينما منذ الطفولة.

كانت أجواء حفل الافتتاح أكثر دفئًا من الختام، لا سيما مع استحضار عدد من الأسماء التي غادرتنا مؤخرًا، مثل الفنان سمير صبري، وقد صاحب استحضارها دموع البعض، كما حدث على سبيل المثال مع يسرا، حين ظهرت صورة الفنان هشام سليم. انتقلت الدموع أيضًا للثلاثة المكرمين، بداية من المخرجة كاملة أبو ذكري، التي فازت بجائزة فاتن حمامة للتميز، وذهبت جائزتا الهرم الذهبي لإنجاز العمر لكل من الفنانة لبلبة من مصر، والمخرج المجري بيلا تار. توجهت لبلبة بالشكر لكل العاملين في السينما، من زملاء أو فنيين، مُستعيدة رغبة قديمة لوالدتها الراحلة مع كل دورة للمهرجان، حيث كانت تؤكد لها أن التكريم آتٍ هذه المرة، لكنه لم يأت سوى الآن. وذكرت لبلبة حادثة مولدها في مثل هذا اليوم بالضبط من أكثر من سبعة عقود، حين داهمت أمها آلام الولادة وهي تشاهد فيلمًا في السينما، فردد الحضور في الصالة أغنية عيد الميلاد على أضواء الموبايلات.

"أجواء حفل الافتتاح كانت أكثر دفئًا من الختام، لا سيما مع استحضار عدد من الأسماء التي غادرتنا مؤخرًا، مثل الفنان سمير صبري، وقد صاحب استحضارها دموع البعض، كما حدث على سبيل المثال مع يسرا، حين ظهرت صورة الفنان هشام سليم"

لم تخل كذلك كلمة بيلا تار من المشاعر.. "أشعر أن مشاعري الآن تتحرك بقوة، هذه هي المرة الأولى التي أزور فيها مصر، وأنا سعيد بوجود لغة عالمية كلغة السينما تستطيع تحريك المشاعر عن طريق الصورة والتواصل أيضًا بين الشعوب، رغم اختلاف اللغات".

أما عن السجادة الحمراء، فلم تستحوذ هذا العام على كثير من الدراما التي اعتاد عليها الجمهور والميديا سنويًا. الغريب في مراسم الـ "ريد كاربت" لحفل الافتتاح هو غلبة أسئلة المذيعين للضيوف عن أعمالهم الدرامية في الموسم الرمضاني، رغم أننا في حدث سينمائي. في سياق متصل، أعلن المطرب هاني شاكر عن مشروع في الأفق من تأليف السيناريست أيمن سلامة، من الممكن أن يمثل عودته إلى الشاشة الدرامية. شاكر قدم في السبعينيات عددًا من الأفلام الغنائية لم يكن لها صدى يُذكر سوى على مستوى التأريخ للفيلم الغنائي، وتبقى علاقته الأكبر مع الدراما هي الغناء في بعض المسلسلات.

كلاكيت ثاني مرة

هذه ليست المرة الأولى لحسين فهمي في تولي رئاسة المهرجان؛ سبق أن خاض التجربة بداية من الدورة 22 (1998)، خلفًا للكاتب سعد الدين وهبة، الذي رحل قبل أيام من انطلاق الدورة 21. واستمر فهمي في رئاسة المهرجان لأربع دورات متتالية حتى الاحتفال باليوبيل الفضي في 2001. ولا شك في أن هذه الدورات تميزت بعدد لا بأس به من الإنجازات، ومنها غير المسبوقة، فعلى سبيل المثال شهدت الدورة 22 إطلاق موقع إلكتروني للمهرجان لأول مرة.. "وكذلك تم افتتاح السوق الأول لتكنولوجيا السينما.. الكتاب التذكاري للمهرجان في دورته الأربعين"، كما خصصت الدورة 24 حلقة لنقاش علاقة السينما بالبيئة، وهو ما تم إعادته هذا العالم في حلقة نقاش موسعة حول "صناعة الأفلام بشكل صديق للبيئة".

"السجادة الحمراء لم تستحوذ هذا العام على كثير من الدراما التي اعتاد عليها الجمهور والميديا سنويًا!"

وبحسب الكتاب التذكاري السابق، فقد تعرض المهرجان لأزمة مالية في دورة اليوبيل الفضي ترتب عليها غياب نجوم عالميين كانوا ضمن قائمة الحضور، مثل كيت وينسلت، وشيرلي ماكلين، وهو ما حدث هذا العام أيضًا، حين أعلن رئيس المهرجان في المؤتمر الصحافي عن مفاجأة مرتقبة، وسرت في الكواليس أنها تخص حضور الممثل الأميركي ريتشارد غير، الذي اعتذر عن المشاركة قبل بدء المهرجان بأربعة أيام، كما قال فهمي. كما اعتذر نجل الفنان عمر الشريف عن إقامة معرض لملابس والده على هامش المهرجان، وهي الملابس التي ارتداها في عدد من الأفلام العالمية، مثل "دكتور جيفاغو"، و"الفتاة المرحة".

ضمت هذه الدورات أيضًا حضورًا حاشدًا لأسماء عديدة من كبار السينمائيين، نذكر منهم سعاد حسني؛ فؤاد المهندس؛ يوسف شاهين؛ مصطفى العقاد؛ عمر الشريف؛ آلان ديلون؛ صوفيا لورين،.. وغيرهم. في هذا العام، تحدث حسين فهمي عن التحديات الكبيرة التي واجهت إدارة المهرجان، مشيرًا إلى حرب أوكرانيا، والتوتر في شرق آسيا، ومؤتمر المناخ، "ونحن وسط كل هذا نعافر للخروج بأفضل صورة". استحدث المهرجان هذا العام مشروعًا جديدًا ضمن برنامج كلاسيكيات القاهرة، ومن خلاله تم ترميم وعرض نسختين ديجيتال لفيلمي "يوميات نائب في الأرياف" (1968)، لتوفيق صالح، و"أغنية على الممر" (1972)، أول الأفلام الروائية الطويلة للمخرج علي عبد الخالق، الذي رحل في سبتمبر/ أيلول الماضي.

مُستجدات بمحض الصدفة

في مقتبل ثمانينيات القرن الماضي، عُرضت ثلاثة أفلام مصرية على التوالي، لا يفصل بين كل منها سوى عامين، أو ثلاثة، ورغم أن الأفلام الثلاثة لا يربطها موضوع واحد؛ إلا أن اتصالها يعزى إلى سبب آخر؛ فهنالك تيمة أثيرة كانت قاسمًا مشتركًا بين هذه الأفلام، وهي المسحة الوعظية، إذا جاز التعبير، المتمثلة في القصة ككل، بجانب التعليق الإرشادي في نهاية كل فيلم، وهو ما يُلخص فكرة العبرة الأخلاقية: و"نفس وما سواها".. "إنما الأمم الأخلاق ما بقيت".. وأخيرًا، "ومن يبدل نعمة الله من بعد ما جاءت، فإن الله شديد العقاب". هل تذكرون شيئًا من هذا القبيل؟ نعم هي "العار"، و"الكيف"، و"جري الوحوش"، وجميعها للمخرج علي عبد الخالق.

"ريتشارد غير اعتذر عن المشاركة قبل بدء المهرجان بأربعة أيام، كما قال حسين فهمي. كما اعتذر نجل الفنان عمر الشريف عن إقامة معرض لملابس والده على هامش المهرجان، وهي الملابس التي ارتداها في عدد من الأفلام العالمية، مثل "دكتور جيفاغو"، و"الفتاة المرحة""

كثيرًا ما وجد بعض المثقفين في هذه الأفلام توجيهًا إرشاديًا ومباشرة تنتقص من قيمتها الفنية، نظرًا إلى طبيعة الفن التي تكره الوعظ والإرشاد، وتميل إلى التحليق في سماء التجريد. وبعيدًا عما حققته هذه الأفلام من جماهيرية عريضة لا تزال قائمة إلى الآن؛ فمن الإجحاف التغاضي عن السياق التاريخي والثقافي لهذه الأعمال، خصوصًا وقد قدمت وجبة فنية مميزة على كافة مستويات العمل، من إخراج وكتابة وتصوير، وفي مقدمتهم الأداء التمثيلي لشخصيات السيناريوهات التي ما نزال نردد جملهم الشهيرة، ونستدعي مواقفهم المميزة من وقت لآخر وفق تعاملاتنا اليومية.

على جانب آخر، في شهر رحيل عبد الخالق، غادر المخرج الفرنسي الكبير جان لوك جودار الحياة، فكان لزامًا تخصيص برنامج لعرض بعض أفلامه "بييرو الأحمق"، و"اللاهث"، ومن دون مناسبة ضم برنامج الكلاسيكيات أيضًا عرض فيلمي "الاختيار" ليوسف شاهين، و"جنة الشياطين" لأسامة فوزي. أما المناسبة الأخرى فكانت تزامن انعقاد الدورة السابعة والعشرين من مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ (COP27) في مصر مع توقيت المهرجان، الأمر الذي لم يكن ليمر مرور الكرام، كما قال رئيس المهرجان، وعليه ارتأت الإدارة المشاركة في هذا الحدث على مستوى أثر التداول الورقي بتقليل عدد المطبوعات، وإتاحة الحجز الإلكتروني لحضور الأفلام، وقد تم هذا الأمر بالفعل منذ اليوم الثاني للفعاليات، ولكن بتقليعة بسيطة هدمت الهدف نفسه؛ حيث وضعت الشركة المنظمة للحجز الإلكتروني نظامًا عقيمًا يُذكرنا بالمثل القائل "ودنك منين يا جحا"؛ فقد كان لزامًا عليك بعد الحجز إلكترونيًا الذهاب إلى الشباك، وطبع تذكرة ورقية لحضور العرض، أما بالنسبة للمطبوعات فلم يختلف الأمر كثيرًا.

بعيدًا عن الأضواء

بخلاف النشرة اليومية للمهرجان في نسختيها (ورقية وإلكترونية)، أصدر المهرجان مطبوعات من بينها الكتالوج والبرنامج ودليل "أيام القاهرة لصناعة السينما"، بالإضافة إلى كتاب صغير يحتوى على 5 مقالات عن سينما المخرج الإيطالي الكبير بازوليني، في إطار احتفالية المهرجان بمئوية ميلاده (5 مارس/ آذار 1922). إلى جانب ذلك، أقيم معرض يضم بعض الصور الفوتوغرافية من أفلامه، لكنه لم يشهد إقبالًا سوى يوم الافتتاح تقريبًا، باستثناء بعض العاشقين لبازوليني، أو من يعرفونه على الأقل، وكان في إمكانك رؤيتهم فرادى خلال أيام المهرجان، سواء في المعرض، أو في مشاهدة ثلاثة أفلام لبازوليني تم عرضها بزيادة طفيفة ضمن برنامج كلاسيكيات القاهرة. وبالطبع، لم تخرج تلك الاحتفالية بما يليق مع سينما بازوليني، الذي كتب برتولوتشي عن عمله معه كمساعد مخرج يقول: "فيما كنت أراقب بيير باولو وهو يصور شعرت وكأني أشهد اختراع السينما".

ست ورش أيضًا عقدها المهرجان، ربما يأتي في مقدمتها ورشة المخرج بيلا تار لصناعة الأفلام على مدار أيام المهرجان، وقد نتج عنها إنتاج عشرة أفلام قصيرة لمخرجين من الشباب، بالإضافة إلى ذلك أيام صناعة السينما، وملتقى القاهرة، وبرنامج تطوير سيناريو فيلم قصير للسيناريست مريم نعوم، جدول حافل ومتنوع لم يلقَ عليه الضوء الإعلامي جيدًا، حيث كانت أضواء الميديا كالعادة متجهة إلى النجوم والفساتين ودراما الكواليس أكثر من الحدث ذاته.

كان نصيب هذه الدورة ردود فعل غير إيجابية، وهو ما تصاعدت وتيرته عقب إعلان الجوائز؛ حيث خالفت النتائج معظم التوقعات، واستنكر عدد من المتابعين فوز أفلام بعينها على أفلام أخرى، ربما في كلمتي رئيس ومدير المهرجان ثمة ما يُفسر ذلك، حيث الرئيس يتحدث عن "الطموح والتحديات"، ويبدأ كلامه بـ "والله زمان" مرتكنًا إلى تاريخ طويل من رصيده الفني، وتجربة سابقة في رئاسة المهرجان، لذلك كان سؤاله الأول المطروح على فريق العمل "ماذا بعد؟.. كيف يمضي المهرجان قدمًا بالتحديد في ظل مشهد يسيطر عليه شبح حرب دولية غيرت المشهد العالمي، وأثرت مباشرة علينا محليًا". ومن جيل آخر، يطرح المدير الشاب للمهرجان مشاعره عن ضخامة المسؤولية، فمنذ وقت ليس ببعيد نشأ الشاب على متابعة المهرجان، ومن خلاله تعرف على عوالم سينمائية مختلفة.. "ربما كان وجودي هنا رد جميل لمؤسسة صنعتني سينمائيًا، قبل أن يكون خطوة جديدة في مسيرتي".

أما عن الأفلام، وهي المقوم الأول لأي مهرجان سينمائي، فلم تكن الوجبة المقدمة في عمومها دسمة بما فيه الكفاية، رغم ذلك لم تخل من عدد من الأفلام الرائعة، فاز عدد منها بالجوائز، وعدد لم يفز، فلعبة المكسب والخسارة دائمًا ما تخضع لحسابات وأذواق مختلفة. وفي النهاية، لا مناص من أن الرابح الأكيد هو الجمهور.. وللحديث بقية.

 

ضفة ثالثة اللندنية في

27.11.2022

 
 
 
 
 

الأفلام القصيرة تعفي مهرجان القاهرة والسينما المصرية من الحرج

كمال القاضي

رغم التكثيف الدعائي للدورة 44 لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي ومحاولة الترويج على نطاق واسع للفعاليات والأفلام والضيوف، إلا أن ذلك كله لم يُخف حقيقة الأزمة اللاحقة بالسينما المصرية، والمتبلورة في المساهمات الضعيفة للفيلم الروائي الطويل وغيابه عن المنافسة داخل المُسابقة الدولية، إلا بفيلم واحد فقط هو «19 ب» للمخرج أحمد عبد الله وبطولة سيد رجب.

ولم يكن غياب الفيلم المصري الطويل عن المهرجان الوطني حالة استثنائية، إنما جاء تجسيداً لتراجع واضح في المستوى، وإهمال يتكرر كل عام وتسفر نتائجه عن خروج السينما المصرية بشرف المشاركة وجائزة تقليدية تحصل عليها من لجنة التحكيم، حسبما هو متوقع أيضاً في النتائج المُرتقبة، اللهم إلا إذا تمكنت الأفلام الروائية القصيرة والتسجيلية والوثائقية من سد العجز في هذا الجانب ورفع الحرج عن المهرجان والقائمين عليه كما هي العادة في كل دورة، حيث يتم التعويل على الأنواع والأجناس السينمائية المذكورة، دون الاعتماد الكلي على الفيلم الطويل. ويُمكن وصف الأزمة المُشار إليها في مهرجان القاهرة بالمثل القائل «نسمع ضجيجاً ولا نرى طحناً»، فهذا بالفعل حال الفعاليات التي نُظمت واستمرت لنحو عشرة أيام، وأحدثت من الصخب ما يكفي لسنوات مقبلة حول النجوم وملابسهم وأذواقهم وأدوارهم، وغيرها من أوجه الخلافات والانتقادات داخل السياق الفني وخارجه!

لقد أثبتت الأفلام البديلة للفيلم التجاري المصري، جدارة واضحة في ميزان التقييم، وحلت محل النوع المُتداول بدور العرض وهي المحرومة من العروض الجماهيرية والمحجوبة عنها فرص الاستثمار بقرارات غير مكتوبة، كونها مجهولة بالنسبة لعموم المُشاهدين ولا تتمتع بخاصية التمييز التجاري، ويقتصر رواجها فقط على المشاركات المهرجانية، محلياً وإقليمياً ودولياً، علماً بأنها الأكثر تميزاً والمُستحقة للعرض والبيع والجوائز. لكن لأسباب تخص أصحاب دورة العرض لم تتمكن الأفلام القصيرة والتسجيلية والوثائقية من المنافسة في شباك التذاكر، وهي نقطة ضعف كفيلة بخروجها من حسابات المُنتجين والمخرجين والنجوم، ذلك أن الأصل في صناعة السينما هو الحافز المادي والمردود الجماهيري للمُصنف الفني في الشارع المصري والعربي، فإذا حُرم الفيلم القصير من هذه الميزة يظل دائماً وأبداً في ذيل القائمة ومتأخراً بصورة ملحوظة في ترتيب الأولويات الرئيسية لصُناع الأفلام.

لقد بلغ عدد الأفلام المصرية المُشاركة في الدورة الرابعة والأربعين لمهرجان القاهرة هذا العام 6 أفلام قصيرة وتسجيلية ووثائقية، في حين لم تحتفظ السينما الروائية الطويلة بحقها في المُشاركة إلا بفيلم واحد فقط هو المذكور سلفاً «19 ب»، ولأنه الفيلم الوحيد فقد تم التركيز عليه إعلامياً بشكل مُبالغ فيه لإحداث نوع من التأثير الجمعي للإيحاء بأهميته القصوى وبالتالي أحقيته في الحصول على جائزة أو على الأقل عدم الدهشة من فوزه بأكثر من جائزة لو حدث ذلك بالفعل، سواء استناداً للمستوى الفني أو جبراً للخواطر وهي اعتبارات معمول بها ومُتفق عليها ضمنياً حتى إن لم يُصرح بذلك حفاظاً على الشكل القانوني والبروتوكولي للمسابقة الدولية وبقية المُسابقات الأخرى، كمسابقة آفاق السينما العربية والجوائز المُتاحة خارج المسابقات الرسمية.

من بين الأفلام التي حازت إعجاب من شاهدوها من الصحافيين والكُتاب والنقاد تلك المجموعة المذكورة ضمن الأفلام الستة القصيرة والتسجيلية ومنها فيلم «صاحبتي» إخراج كوثر يونس، وهو حالة سينمائية نوعية وخاصة جداً تناقش مشكلة الازدواج الجنسي، وما ينتج عنه من مُشكلات لدى الشخص المأزوم، كذلك فيلم «ماما» إخراج ناجي إسماعيل وفيلم «من عمل الشيطان» إخراج ديسيل مختجيان، والأخير يعرض صوراً وحكايات عن الأرمن، الذين قضوا جزءاً من حياتهم في مصر وسجلوا بعضاً من الصور التاريخية والحضارية الخاصة بهم، خلاف فيلم «المُقابلة « للمخرجة هند متولي، الذي تدور أحداثه حول الاختيارات الصعبة في حياة الإنسان، وكيف يُصبح لها بالغ الأثر في مشوار العُمر والرحلة الإنسانية كلها من البداية للنهاية. ويأتي فيلم «بعيداً عن النيل» كتجربة سينمائية جديدة من الناحية الإنتاجية والإبداعية والوثائقية، فهو يوثق من خلال 90 دقيقة لأعمال فرقة موسيقية يتكون أعضاؤها من مُختلف الدول الافريقية، تطوف العالم كله بموسيقاها وينتهي بها المطاف في الولايات المُتحدة الأمريكية، وهذ الفيلم إنتاج مُشترك بين مصر وأمريكا ويُعد التجربة الأهم للمخرج شريف القطشة، وربما يكون له نصيب في الحصول على جائزة أو شهادة تقدير باعتباره حالة فنية مُختلفة إلى حد كبير.

كاتب مصري

 

القدس العربي اللندنية في

27.11.2022

 
 
 
 
 

محمد نبيل يكتب:

القاهرة السينمائي 44.. البولندي Eo والأفلام العربية

 محمد نبيل

انقضت فعاليات الدورة 44 من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، تاركة وراءها عشرات الملاحظات والتساؤلات حول جودة الأفلام، وطريقة عمل الإدارة العليا، وجدوى ما قدمته منصة الأفلام أو قائمة أسماء بعض المدعوين، ورغم ذلك، يظل مهرجان القاهرة الأقوى عربيا، والأكثر تقديرا لمختلف السينمائيين بالمنطقة.

تصريحات في خلفية الأحداث

مثلما سحبت تصريحات الفنان حسين فهمي غير الموفقة عن الـ drees code قبل انطلاق المهرجان، زلزل تصريح لمدير المهرجان أمير رمسيس وسائل التواصل الاجتماعي حول صلاة الجمعة على البساط الأحمر، وربما طالته بعض الانتقادات داخل اللجنة الاستشارية العليا للمهرجان، ما أدى لاعتذاره عنها بشكل مباشر، وكلها للأسف صغائر طالت من قيمة المهرجان وأهمية الدورة 44 على جميع المستويات.

أبرز الإنتاجات العربية

قدم مهرجان القاهرة السينمائي هذا العام عددا من الأفلام العربية المميزة في مختلف المسابقات، بعد أن وفق في الحصول على فيلم مصري على مستوى كبير وهو “19 ب” للمخرج أحمد عبد الله السيد، فيلم معبر عن شخصياته بامتياز رغم إيقاعه الهادئ نسبيا.

الفيلم عكس التأويلات المطروحة لا يتحدث عن الرفق بالحيوان، ولكنه فيلم عن العزلة بطله المنزل والممثل وكلاهما منسي ومهجور، حتى يقتحم السايس المشهد، والذي قدم شخصيته أحمد خالد صالح، فلا يجد بطلنا بدا من مواجهة نفسه وتخوفاته.

ورغم أن فيلم “علم” ليس أفضل الأفلام الفلسطينية التي تم إنتاجها خلال السنوات القليلة الماضية، إلا أنه اقتنص أكثر من جائزة خلال حفل ختام المهرجان، بعد أن نجح في تناول قضية مهمة عبر حكاية أبطالها من المراهقين، عابه التصوير في تونس وبالتالي غرابة البيئة عن الأراضي المحتلة.

الفيلم بطولة الممثلين محمود بكري، وسيرين خاص، وصالح بكري، ومحمد كراكي، وأحمد زغموري، ومحمد عبد الرحمن، ورغم القالب الخفيف الذي يغلف الحكاية، إلا أنها تروي بمشاعر ثورية تتجاوز الصراخ، 

أما اللبناني “بركة العروس” فهو أحد أعذب أفلام المهرجان بشكل عام وأكثرها تأملا ورصانة، لم تتفوه بطلتاه بالكثير، ولكنهما عبرتا عن المعاناة بصورة شاعرية، متكئتا على شريط صوت يتماشى مع هدوء الأحداث وقسوتها في آن واحد.

يقوم ببطولة الفيلم كارول عبود وأمية ملاعب، وقد مر الفيلم برحلة إنتاجية شاقة، يطرح قصة لابنة مطلقة حديثاً، بل ويفرض على أم وابنتها إعادة اكتشاف الصلة التي تربطهما ببعضهما.

فيلم “السباحتان” فقد نجح في الاستحواذ على تعاطف الجمهور وتقديره تجاه قصة حقيقية عن سباحتين من سوريا تحاولان الفرار من آثار الحرب نحو مستقبل أكثر إشراقا، وتشرع الشقيقتان في رحلة مذهلة وتلجآن خلالها إلى شجاعتهما ومهاراتهما الفذّة في السباحة بطريقة بطولية، وقد شارك في بطولته كل من أحمد مالك، كندة علوش، وعلى سليمان.

الرحلة حالمة وملهمة، وطرحها على هذا النحو الطازج على الشاشة منحها مزيدا من الثراء، وقضية اللاجئين لا تزال محور اهتمام كبير والحديث عنها لم ينته بعد، ربما كان يمكن تقليص مدة الفيلم لحوالي 10 دقائق، حتى لا يسقط المشاهد في دوامة من الملل، خاصة مع تزايد احتمالات توقعات النهاية في الربع الأخير بالعمل.

الحمار EO.. الاستثنائي

يعد "EO" واحدا من أقوى أفلام العام، صاحب جائزة لجنة التحكيم الخاصة بمهرجان كان السينمائي، تم توفيره في 3 عروض ضمن فعاليات الدورة 44 من مهرجان القاهرة جاءت جميعها كاملة العدد، يروي الفيلم الذي تم تصويره بشكل مثير للدهشة - على مستوى الشكل والمضمون - قصة إنسانية بشكل لا يصدق، عن تجارب الحمار الحزين، الذي يضع بولندا في منافسة قوية ضمن جوائز الأوسكار.

بطل الفيلم يتواصل خلال رحلته مع الحيوانات والنباتات والبشر بطبيعة الحال، عبر أحداث مربكة تشعرك بالسعادة والكآبة في ذات الوقت، يهتم المخرج بحماره ومشاعره لدغدغة أحاسيس المتفرجين،  ولا نبالغ أن نسمى EO بأنه واحد من أعظم الأفلام التي تم إنتاجها عن روح الحيوانات.

تنتقل رحلة بطلنا الحمار من السيرك، لجر عربة صغيرة، تورطه في مشاجرة لمباراة لكرة القدم للهواة، حتى الزج به داخل اسطبل للخيل، ثم حظيرة للبقر، لقطات تكشف مدى قسوة الإنسان مع أقرانه، وكيف يتعامل مع باقي المخلوقات وهل نشعر بها من الأساس؟

 

####

 

مؤلف رحلة يوسف: الفيلم صورة حقيقية لما مر به السوريين

 محمد نحلة

كشف غسان كنعان مؤلف فيلم رحلة يوسف طواليس تحضير للفيلم بعد عرضه في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي.

وقال في تصريحات لـ "صدى البلد": في البداية كنت احد صعوبة للانتقال من الكتابة الصحفية الي السيناريو ولكني كتبت مقترح 10 صفحات  عن الفيلم، ونال إعجاب جود سعيد المخرج وبدأنا في اخراج النسخة المصورة.

وتابع:" قررت أن نركز في الفيلم على الجانب الانساني  لابراز ماحدث للسوريين فالفيلم صورة حقيقة لما مروا به".

وكان قد أعرب وسام كنعان مؤلف فيلم رحلة يوسف الذي شارك في الدورة 44 من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي ضمن مسابقة "آفاق السينما العربية" عن سعادته الكبير بردود الفعل التي حصل عليها من الجمهور المصري.

وقال "وسام" في تصريحات لـ صدى البلد:" إختبار متباين ومختلف، وأنا أمر بمجموعة كبيرة من الأحاسيس في وقت صغير، وهذه تجربتي الفنية الأولى التي ترى النور، فما بالك لان يكون أول عمل لك في مهرجان القاهرة السينمائي وسط جمهور مصر الحريف والذواق، وتوقيت عرض الفيلم في ظل إفتتاح مونديال قطر 2022، لكن القاعة كانت مزدحمة بالناس.

وتدور أحداث الفيلم حول عائلة يوسف، في الوقت الذي خرج فيه الكثير من السوريين إلى بلاد اللجوء خوفًا من الحرب، إلا هو وعائلته خرجوا خوفًا على الحب! دون أن يعلموا ما تخبّئ لهم الأيام من بلادٍ جديدة وهوية تائهة.

 

####

 

جود سعيد: أحب تقديم سينما تكون ذاكرة الشعوب| خاص

 محمد نحلة

أكد المخرج جود سعيد أنه لم يقابل أى صعوبات خلال تصويره فيلم رحلة يوسف الذي عرض في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي.

وقال في تصريحات ل"صدى البلد": اعتقد أن الفيلم ليس به مشاهد قاسية أو صعوبات، وأنا صورت المشاهد بطريقتي الخاصة دون أن تكون مباشرة، واعتفد أنها وصلت للمشاهد كما عشتها.

وتابع"انا ابحث عن السينما التي لاتخضع لقوانين الموزع والمنتج التجاري واحب السينما التي تكون ذاكرة للشعوب والمجتمعات، وأحاول أن أنقل للناس ماعشناه وعلى طريقتي ووجهة نظري واحترم كل وجهات النظر.

وكان قد كشف المخرج جود سعيد عن كواليس تحضيره لفيلم  رحلة يوسف الذي شارك في الدورة 44 من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي ضمن مسابقة "آفاق السينما العربية"

وقال "جود" في تصريحات لـ صدى البلد:" التحضيرات أخدت 7 شهور أما التصوير على مدى سنتين بسبب التوقفات الخاصة بكورونا والحجر الصحي، والعمليات الفنية استغرقت سنة، لكننا في النهاية سعدا أنه خرج للنور وأننا حصلنا على ردود فعل قوية من الجمهور في مصر.

وتدور أحداث الفيلم حول عائلة يوسف، في الوقت الذي خرج فيه الكثير من السوريين إلى بلاد اللجوء خوفًا من الحرب، إلا هو وعائلته خرجوا خوفًا على الحب! دون أن يعلموا ما تخبّئ لهم الأيام من بلادٍ جديدة وهوية تائهة.

فيلم رحلة يوسف "المنسيون" من تمثيل أيمن زيدان، سامر عمران، ربى الحلبي، سيرينا محمد، وائل زيدان، نور الصباح، حيان بدور، أحمد درويش، جواد السعيد، قصة أيمن زيدان وجود سعيد سيناريو جود سعيد ووسام كنعان، مدير التصوير وائل عز الدين، موسيقى سمير كويفاتي، مونتاج رؤوف ظاظا، منتج مراد شاهين، ومن إخراج جود سعيد.

 

صدى البلد المصرية في

27.11.2022

 
 
 
 
 

مخرج "19 ب":  لست مشغولاً بتقديم أفكار رمزية في أفلامي

دبي- كريم الدجوي

روى المخرج المصري أحمد عبد الله، تجربته في استغلال فترة حظر التجوال في مصر بالتزامن مع انتشار الجائحة، والتواجد بالمنزل لساعات طويلة، في تطوير فكرة فيلم "19 ب"، الذي حصد 3 جوائز في الدورة الـ44 من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، في عرضه العالمي الأول.

وقال لـ"الشرق"، إنّ "القصة مستوحاة من حارس عقار حقيقي كنت أمر عليه في طريقي إلى العمل، واستوقفني قدرته على تدبير طعام الكلاب والقطط، رغم قدراته المادية المتواضعة"، لافتاً إلى أنه كان يُفكر كثيراً خلال مرحلة التحضيرات في المشاعر المرتبطة بفترة الانعزال، مثل الوحدة، والتقدم في السن، والخوف، وغيرها من الهواجس لتتناسب مع طبيعة الأحداث.   

الفيلم بطولة سيد رجب، وأحمد خالد صالح، وناهد السباعي، وفدوى عابد و مجدي عطوان، وهو من تأليف وإخراج أحمد عبد الله، وتدور أحداثه حول حارس عقار الفيلا "19 ب" المهتم بحيوانات الشارع، وحول خلافاته مع أحد العاملين في صف السيارات.

وفاز الفيلم في "القاهرة السينمائي"، بجائزة أفضل فيلم عربي، وجائزة الاتحاد الدولي للنقاد، بالإضافة إلى حصد مدير تصوير الفيلم مصطفى الكاشف جائزة هنري بركات لأفضل إسهام فني لمدير تصوير

"لوكيشن واحد"

وكشف مخرج "19 ب" كواليس التصوير، لاسيما وأن الأحداث تدور في مكان واحد،  قائلاً: "توقعنا أن مهمة اختيار فيلا التصوير ستكون صعبة ومعقدة، وربما نحتاج للبحث خارج القاهرة، لأن غالبية تفاصيل السيناريو تعتمد على الفيلا نفسها، وبعد معاينة أول فيلا، وجدت تشابهاً كبيراً  بينها وبين المكان الذي تخيلته على الورق، حتى حوض النعناع وشجرة التوت الواردة في السيناريو، لذا تمسكت بها وقررت عدم معاينة أماكن أخرى". 

وأضاف أن "مهندس الديكور وضع لمسة جمالية على الفيلا، من خلال تغيير بعض ألوان الحوائط وإضافة بعض الرسومات والإكسسوارات".

وأشار إلى مشاركة عدد كبير من كلاب الشوارع والقطط في العمل، مؤكداً أنه اشترط وجود طاقم عمل محباً للحيوانات، خصوصاً حيوانات الشارع، حتى يستطيعوا التعامل معها ويتمتعوا بالصبر المطلوب لكسب ثقتها وإقناعها بالقيام بالحركات المطلوبة.

وأكد أن "قصة الفيلم لا تحمل أي رموزاً، خاصة وأنا أحاول في أعمالي الابتعاد عن الرمزية، وأن تكون شخصياتي وأحداثي واقعية وحقيقية، وأن تكون أحاديثهم وأفعالهم مشابهة للأشخاص العاديين، وأعتقد أنه في حال الوصول لهذه المعادلة، ستجد الكثير من مشاكلنا العادية منعكسة بشكل تلقائي على النص، دون أن تحاول معالجة هذه المشاكل أو تضمينها في القصة".

أسئلة دون إجابات

وقال المخرج أحمد عبد الله، إنه اعتاد على ترك أسئلة دون إجابات في أفلامه، مبرراً ذلك بأن "الأمر يتعلق بذائقتي الشخصية في السينما وحتى في الأدب".

وشدد على سعيه لتقديم أفلام متنوعة وليست متشابهة ببعضها البعض، قائلاً: "أسعى بعد الانتهاء من كل فيلم، أن تكون تجربتي التالية بعيدة كل البعد عنه، وهذا التحدي ربما يكون السر وراء شغفي بصنع الأفلام، رغم أن هذا التوجه قد يحبط بعض المشاهدين الذين يعتقدون أنك ستقدم عملاً مشابهاً لعمل سابق نال إعجابهم، لكني أعتقد أنه يروق للبعض أيضاً".

وأشاد بحماس منصة "شاهد" لدخولها كشريك في إنتاج فيلم "19 ب"، مضيفاً "أسعدني اهتمام المنصة بأشكال مختلفة من الأعمال الفنية، وأن إنتاجاتها ليست مقتصرة على الأفلام التجارية أو الجماهيرية فحسب". 

"شريط الصوت

وأعرب أحمد عبد الله، عن سعادته بردود فعل الجمهور وإشاداتهم بشريط صوت الفيلم، قائلاً
"
أسعدتني الملاحظات حول شريط الصوت بعد ما بذلناه من جهد مكثف على مدار أسابيع للعمل على بنائه. لقد كنت أسعى أن نوضح حجم الصدام بين عالم البطل الداخلي والعالم الخارجي، وقد قمنا بذلك عبر الصورة والصوت أيضاً
". 

وأضاف أن "مهندس الصوت محمد صلاح قام بجهد كبير في محاولة ترجمة هذه الفكرة خلال عمله لبناء روح شريط الصوت الخاص بالعمل، فالفيلم لم يستخدم سوى مقاطع معدودة من الموسيقى التصويرية والأغاني، واعتمد على أصوات المدينة المختلفة عوضاً عنها". 

 

الشروق المصرية في

27.11.2022

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004