ملفات خاصة

 
 
 

أوراق القاهرة السينمائي- (1)

أرواح جزيرة إينيشيرن الشريرة

أمير العمري– القاهرة

القاهرة السينمائي الدولي

الدورة الرابعة والأربعون

   
 
 
 
 
 
 

فيلم جيد جدا من إنتاج أيرلندا- بريطانيا، هو فيلم “أرواح جزيرة إينيشيرن الشريرة” The Banshees of Inisherin من إخراج الأيرلندي مارتن ماكدوناه، وهو فيلمه الروائي الطويل الخامس، والثاني الذي يجمع بين بطليه  كولن فاريل، وبريندان جليسون، ويشترك معهما فيه كيري كوندون وباري كيوجان، ولا شك أن أهم عنصر من عناصر هذا الفيلم هو عنصر التمثيل وإدارة الممثلين طبعا. بل هو في الحقيقة مباراة في التمثيل.

يبرز في الفيلم بوجه خاص، أداء كولن فاريل في دور شاب يدعى “بادرياك سوليبان”، يرعى الماشية ويعيش على حليبها، في قرية قاحلة بجزيرة أيرلندية فقيرة وقت الحرب الأهلية في العشرينيات من القرن الماضي.

يعاني بادرياك من الوحدة والقلق والفراغ الناتج عن جفاف الحياة في القرية بشكل عام، وهو على علاقة قديمة، مع “كولم” (بريندان جليسون) الذي يقرر فجأة قطع علاقته به وينذره بعدم التحدث إليه مستقبلا، بل ويهدد بقطع إصبع من أصابع يده إن عاد إليه الشاب ثم قطع باقي أصابع يده اليمنى لو تكرر الأمر. ولكن بادرياك لا يمكنه أن يفهم أبدا رغبة صديقه في قطع علاقته به. لذلك هو لا يكف عن ملاحقته، يريد أن يفهم السببما الذي يجعل صديقه الذي يكبره عمرا ويعتبره بمثابة مرشده الروحي أيضا، يقطع علاقته به فجأة بعد كل تلك السنوات.

بادرياك يعيش في بيت فقير مع شقيقته التي لم تتزوج رغم تقدمها نسبيا في العمر، وهي على العكس منه، تقضي وقت فراغها الكبير في مطالعة الكتب. إنها تعطف عليه وتعامله كما لو كان هو ابنها وهي أمه، فهي أكثر منه نضجا في المشاعر كما أنها أكثر ذكاء ومعرفة وإدراكا لما يحدث في العالم بسبب اطلاعها. ولكنه مصر على فهم سبب قطع كولم علاقته به، لذا يحاول بشتى الطرق استفزازه واستعادة العلاقة التي لا يجد بديلا عنها لكليهما، خصوصا في هذه البيئة العقيمة الفارغة المعزولة.

كولم يخبره أنه قطع علاقته به لأنه يجده تافها وهو لا يريد إضاعة وقته بعد اليوم مع أمثاله، بل يريد أن ينهي مقطوعة موسيقية بدأ في تأليفها، أي أنه يريد وهو على أعتاب الموت، أن يصنع شيئا يجعل لحياته معنى. أما صاحبنا فيطارده بل يقتحم عليه منزله أيضا ولا يريد أن يتركه لحال سبيله أبدا.

 ينفذ كولم تهديده ببتر إصبع يده ثم بتر باقي الأصابع وكأنه يعاقب نفسه، ومع ذلك يستمر في تأليف القطعة الموسيقية التي تشغل باله. فهو مغرم بآلة الكمان، يريد أن يختلي بنفسه شاعرا بانه تأخر كثيرا في تحقيق حلمه.

إنها كوميديا سوداء، تثير الضحك بقدر ما تثير الألم. والفيلم في الحقيقة، يبدأ بداية كوميدية لكنه ينتهي نهاية تراجيدية. فيه من الألم بقدر ما فيه من الضحك، والفكرة هي ما يمكن أن تولده العزلة التامة في جزيرة شبه مهورة يهاجر منها أبناؤها بحثا عن الرزق بعيدا عن تلك البيئة القاحلة. لا شيء يحدث هنا سوى الملل الدوران في حلقة مفرغة، يريد الرجل الناضح كولم، أن يجعل لحياته معنى قبل أن يودع الحياة، بينما يرفض الشاب بكل إصرار فكرة الفقد أو التخلي أو حتى الخروج من الجزيرة مع شقيقته التي تريد أن تجد لحياتها معنى في مكان آخر عامر بالحياة.

هناك أيضا شاب صغير شبه مختل، هو “دمينيك”، هو الإبن الوحيد لشرطي القرية القاسي القلب الذي يسيء معاملته، فيلتصق بصاحبنا بادرياك، يسرق الشراب من غرفة أبيه لكي يتشارك في احتسائه مع بادرياك الذي لا يجد فيه- رغم ذلك- تعويضا عن صديقه القديم كولم.

أما كولم فهو يريد أن ينأى بنفسه عن بادرياك تماما، ويتخذ موقفا صامتا سلبيا حتى بعد أن يحرق بادرياك بيته البسيط انتقاما من موت حماره الوحيد بسبب خطأ ارتكبه كولم عندما ألقى بأصابعه المبتورة أمام دار بادرياك فتعفنت وأكل منها الحمار فتسمم!

دومنيك، ابن شرطي البلدة، رغم حساسيته ورغبته في التواصل، عاجز عن التعبير عن نفسه، فهو خجول مضطرب، ورغم ذلك مغرم بشقيقة صديقه، وعندما يعرب لها عن هيامه بها تعتذر له، فهي تكبره كثيرا في العمر، كما أنه أقرب ما يكون إلى البلاهة أي نقيض الفتاة التي تتمتع بالذكاء والثقافة والفطنة.. وهي ستترك شقيقها وترحل رغم شعورها بالحزن لمفارقتهفقد أصابتها الحياة الرتيبة في الجزيرة المعزولة بنوع من الجنون.

نحن أساسا، أمام شخصيتين لرجلين مختلفين، وإن كان كل منهما يحاول أن يعثر على وسيلة للهرب من حياة الفراغ القاتل في تلك الجزيرة المنعزلة، التي لا يسمع الناس فيها سوى أقل القليل، تصلهم من بعيد أصوات قذائف المدافع على الجانب الآخر من البحر، يشاهدون الدخان الناتج عن معارك الحرب الأهلية، دون أن يكونوا طرفا فيها.  

بادرياك ظل لسنوات، على موعد يومي في الثانية بعد ظهر كل يوم، مع صديقه كولم، وكانا يلتقيان في الحانة لاحتساء البيرة والثرثرة في لا شيءولكن كولم أدرك بعد أكثر من عشرين عاما أنه سئم إضاعة الوقت والثرثرة فيما لا ينفع مع هذا الشخص الذي اكتشف أنه غبي بليد، وأدرك أن من حقه أن يحلم بعيدا عن أسوار هذا “السجن”، وأن يلحق قبل أن يأتي الموت الوشيك، يحقق بعضا من متعة الإبداع، لربما تعوضه شيئا عن سنوات ضائعة.

أما بادرياك فهو يرى ان الصداقة بين الرجال الناضجين ليست مثل الزواج، أي لا ينفع معها الطلاق، بل يجب أن تمتد إلى الأبد. لذلك فهو يرفض ويظل يرفض بإصرار نهاية الصداقة، ويلح على استعادتها بينما صديقه القديم مصر على القطيعة النهائية، ولا يجد مناصا من تنفيذ تعهداته ببتر أصابع يده ربما أيضل كعقاب للذات!

يريد كولم أن يتجاوز العزلة داخل هذه الجزيرة التي لا يحدث فيها شيء سوى الموت، عن طريق تأليف المقطوعة الموسيقية التي يطلق عليها “أرواح جزيرة إينيشيرن الشريرة” وهو عنوان دال للمقطوعة وللفيلم نفسه. أما بادرياك فلا يرى بديلا عن العيش في الجزيرة، ويرفض رفضا قاطعا أن يرحل نحو عالم جديد بحثا عن فرصة جديدة خارجها.

هناك استخدام جيد للمكان، للطبيعة، للبحر في علاقته بالشخصيات، ولتضاريس العزلة كما تتجسد في الحكة الرتيبة (بادرياك مع قطيعه الصغير من الماشية)، ودومنيك الذي يعاني من استبداد الرغبة الجنسية دون أن يقدر على أن يرتوي جنسيا. والموت الكامن الذي يختتم الحياة، كتيمة كامنة أيضا تحت جلد الصور واللقطات.

لا أعتبر أننا امام تحفة سينمائية، بل عمل جيدا يقوم أساسا كما أشرت، على التمثيل والحوار الطريف الذي يفجر الضحكات، والسيناريو المكتوب جيدا والذي يقدم لنا شخصيات واضحة مجسدا تناقضاتها بشكل بسيط دون تعقيدات، وإخراج سلس، مع بناء تقليدي يسير إلى الأمام دون أي تلاعب في الشكل أو في لغة التعبير البصري، فالمونتاج هنا يضبط الإيقاع دخل كل مشهد على حدة كما يضبط الإيقاع العام للفيلم، وهو إيقاع بطيء يتناسب مع طبيعة الفيلم نفسه كعمل يدور في بيئة تتكرر فيها الأشياء، والأماكن، والأحداث، مع شخصيات محدودة تعيش في فراغ.. تطغى فوقها الطبيعة كأنها القدر نفسه.

هناك نفس عبثي في الفيلم خصوصا في حواراته التي تذكرنا أيضا بمسرح العبث، مسرح بيكيت (وهو أيرلندي أيضا بالمناسبة)، فهو ليس حوارا وظيفيا، بل يغلب عليه عدم التجانس بمعنى أن لا أحد يبدو انه يفهم ما يقوله الآخر، وشخصيات الفيلم، كلها شخصيات ناقمة بشكل أو آخر، من عسكري القرية إلى كولم.

لا أرى أن الصراع بين بادرياك وكولم يرمز للصراع المسلح الدائر على الجهة الأخرى من الجزيرة، في الأراضي الايرلندية نفسها خلال الحرب الأهلية الأيرلندية عام 1923، بل أميل إلى أننا أمام قصة خيالية ربما تدور أكثر داخل حلم أو مستدعاة من عالم الأحلام والكوابيس، ذات صلة أيضا بالفلكلور الأيرلندي فعنوان الفيلم نفسه يشير إلى “الروح الأنثوية الشريرة التي تنوح في المنزل لكي تنذر أعل البيت بموت وشيك. وفي الفيلم أيضا امرأة عجوز تصلح لتجسيد مثل هذه الروح المنذرة بالموت.

مستوى التمثيل يرتفع بالفيلم كثيرا ويعلو به فوق سائر الأفلام التي عرضت بدورة مهرجان القاهرة، ودون شك يستحق أداء كولن فاريل هنا بلوغ ترشيحات الأوسكار كما هو متوقع، وكذلك أداء الممثل الأيرلندي الكبير بريندان جليسون الذي لا يقل عن أداء فاريل في تلقائيته وقدرته على التقمص والإضافة أيضا من عمده على الشخصية، بحيث تصبح شخصية من لحم ودم، رغم غرابتها وقسوتها.

فيلم بديع في مغزاه وسياقه، يمكن متابعته باستمتاع رغم سوداوية أفكاره التي يخفف من قسوتها الطابع الفكاهي الذي يصبغ الكثير من عبارات الحوار. وهذه الروح هي ما تصبغ المسرحيات التي برع في كتابتها مارتن ماكدوناه نفسه. لسنا كما قلت، أمام عمل سينمائي مركب، أو تحفة فنية كبرى، لكن هناك مذاق جديد، وبعض الاسقاطات الفلسفية عن معنى الحياة والموت، مع التأملات التي يحيلنا إليها الحوار، تدفعنا إلى التأمل في مسار الحياة، ومغزى ما يمكن أن تحمله لنا الأقدار.

 

موقع "عين على السينما" في

21.11.2022

 
 
 
 
 

فيلم «19 ب»: صراع حرفي ومجازي على المساحة الشخصية

رحمة الحداد

في فيلمه الطويل السادس، يهجر المخرج أحمد عبدالله السيد الأماكن المفتوحة التي اعتاد تصويرها وينتقل إلى مساحة مغلقة مهجورة، لا نرى صخب المدينة وتحركها الدائم بل شوارع ساكنة وصرح أشبه بالقلاع القوطية، يأتي فيلم «19 ب» المعروض في مسابقة مهرجان القاهرة السينمائي كاستراحة له من تقاليد التوثيق الخارجي للحياة في الشارع ليسرد صراعاً بسيطاً يمكن تحميله بعدة معان، صراع بين طاقتين، مجموعتين من المبادئ وفيلا مهجورة لا يسأل عن ملكيتها أحد.

يعد أحمد عبدالله السيد أحد الأسماء القليلة التي تعمل بمحاذاة السينما التجارية لكن في الوقت ذاته تتحايل عليها لخلق توازن بين ما هو جماهيري وما هو فني، في «19 ب» ينحو السيد إلى ما هو تجاري مع الاحتفاظ بقيمة فنية متمثلة في الإيقاع الأبطأ من الأفلام التجارية والإحالات الرمزية التي تأخذ الفيلم من المعنى الحرفي إلى حقول قابلة للتأويل.

صراع الطاقة

يحكي «19 ب» قصة بسيطة طيلة ساعة ونصف، يمشي على خطى نوع فرعي من الأفلام التي تصور وحدة كبار السن في مرحلة من الحياة حيث لا يطلبون ولا يطلب منهم شيئاً، يقوم سيد رجب بدور حارس عقار مهجور في حي راق في القاهرة، يسكن العقار وحده، يعيش بهدوء مع مجموعة من الحيوانات الأليفة في تناغم، قطط وكلاب يأكلون من نفس الأحواض، فئران عابثة لا تتعرض لها القطط، صوت راديو قديم يصدح في الصباح وروتين يومي محدود من صنع الإفطار وشرب الشاي مع النعناع الطازج المزروع في حديقة الفيلا، يمر بالمبنى عدة أشخاص بشكل يومي، بواب آخر وشابان عابثان وامرأة محبة للحيوانات يناديها رجب بالدكتورة.

يعكر صفو الروتين الدقيق بعض الأعطال داخل الفيلا، مواسير مياه تالفة، وحجر ضخم يظهر وكأنما هبط من السماء ليسكن المكان، يطفو على سطح الهدوء نذير مجهول بخطر محدق، يسكن الخطر مساحة ميتافيزيقية غامضة حتى يتحول إلى صورة مادية متمثلة في نصر (أحمد خالد صالح) السائس ذي البنية الضخمة والميول العنيفة، يقرر نصر احتلال الفيلا، بإسكان بضاعته المجهولة بها، بدافع أنها مساحة غير مستخدمة، وأنها أكبر من طاقة حارس عجوز ليسكنها وحده.

من تلك اللحظة يبدأ صراع الفيلم الرئيسي نحو قرب منتصف مدته، يمثل «19 ب» صراع على الطاقة، طاقة رتيبة هادئة يقابلها طاقة عنيفة وفوضوية، مجموعة من القيم الأخلاقية الكلاسيكية تقابلها مجموعة قيم حداثية فاسدة، يصور «19 ب» ذلك الصراع باقتحام طاقة لأخرى بإرساء الفضاء الصوتي من صوت مذياع قادم من عصر رومانسي وبسيط ظاهرياً، مذياع تم اختيار أغنياته بعناية يتخذ من أغنية في قلبي غرام لمحمد عبد المطلب تيمة أساسية له للفيلا وللحارس وللطاقة التي يتبناها، يتغير ذلك الفضاء الصوتي باقتحام صوت أغنيات التراب ذات الإيقاع العالي والكلمات السريعة، تقتحم سرعتها البطء والتأني الذي يسكن أغنية في قلبي غرام، تضطرب طاقة المنزل نفسه ويتحول الصراع الحرفي بين حارس عقار وسائس إلى صراع مجازي أو هكذا يبدو.

صراع النوع

يمكن تصنيف فيلم «19 ب» نوعياً باعتباره فيلم اقتحام منازل Home Invasion، وهو نوع متفرع من نوع الرعب، فيه تقوم قوة غاشمة باقتحام منزل آمن يحاول سكانه محاربتها دون جدوى حتى يصل الصراع إلى ذروته بعد سلسلة من الاعتداءات المرعبة، لكن أحمد عبدالله ليس مخرجاً نوعياً هو ينتمي إلى سينما يصعب تصنيف نوعها حتى مع سكن الأنواع بها، يفضل أن يستدعي تقاليد السينما المستقلة جمالياً وليس إنتاجياً فالفيلم من إنتاج منصة شاهد ومحمد حفظي، ينتهج السيد بطئاً وتأنياً يعتمد على المراقبة المستمرة، لكنه في الوقت ذاته يتبنى نوعاً فيلمياً وصراعاً رئيسياً يخرج الفيلم من كونه دراسة شخصية بحتة إلى فيلم نوعي يعتمد على صراع بين خير وشر.

يقع في الفيلم صراع آخر بين الأنواع والأنماط الفيلمية فهو لا يملك الكفاية من الصور الشعرية واللقطات غير الوظيفية لكي تصبح ساعته الأولى منتمية إلى السينما الشعرية البطيئة، فعلى الرغم من التأني في بناء المكان والشخصيات فإنه حتى اللحظات البطيئة تملك وظيفة تؤدي إلى النهاية المحتومة، تلك الوظيفية تحيله أقرب للسينما النوعية من الشعرية لأن الصورة نفسها لا تملك القيمة الجمالية البحتة التي تغفر للمدة الطويلة التي يمضيها الفيلم للتحضير لذروته، لا يتحول التكرار إلى قيمة سينمائية في ذاته لأنه غير مقصود بشكل كاف ليصبح كذلك، فإذا كان قصد البطء التعريف بالمنزل وشخصياته فإن المنزل كشخصية رئيسية بجانب الشخصية الصوتية والموسيقية لا يعطى المساحة الكافية من الوقت لنتعرف عليه في صورة سينمائية، في الوقت نفسه لا يعتمد الفيلم سرعة وإثارة أفلام اقتحام المنازل التي عادة مع تشتد عقدها حتى يحل الصراع في شكل عنيف.

صراع المجاز

غالباً ما يحيل نوع اقتحام البيوت إلى مجازات كبرى ومخاوف باطنة متعارف عليها مثل اقتحام المساحة الشخصية والأجساد، تحلق فوق «19 ب» كافة أنوع المجازات من أكثرها مغالاة مثل كون المنزل جنة متناغمة يقتحمها الشر إلى كونه مجازاً للصراع على الوطن، بالطبع يمكن النظر إلى الفيلم باعتباره ما هو عليه، دون تأويلات أو محاولات لإضفاء المعنى لكن ما يحول دون ذلك هو ترك الشخصيات معلقة دون توريط عاطفي حقيقي والتركيز الأكبر على القيم المجازية والأفكار المجردة مثل الأصالة والحداثة، السلام والفوضى، وحماية الحدود الشخصية للجنة المتخيلة.

في بعض لحظات «19 ب» يبدو وكأن المنزل يملك إرادته الخاصة، يلفظ من لا يعجبه ويحتضن من يتناغم معه، الفيلا مساحة تبدو خارج الزمن يسير كل شيء بها ببطء وبشكل سحري يتحول داخلها الأعداء إلى أصدقاء وعلى الرغم من كونها مساحة داخلية فإنها مفتوحة على الخارج، بابها يمكن النظر من خلاله ويصعب اعتباره محكم الغلق، عمدانها على وشك الانهيار في أي لحظة ويبدو وكأنها تعيش بقوة ساكنها فقط وكأنه إذا خرج منها سوف تتهاوى أوصالها، كل تلك الحالات الميتافيزيقية تؤهل الفيلم للاعتبارات المجازية وتفتحه على التأويلات التي تصاحب الأفلام القوطية، حيث المنازل المسكونة والأشباح الذين يمثلون قيم الماضي التي ترفض الموت، لكن ذلك المنزل ليس مسكوناً بأشباح بل مسكوناً بفرد يحاول حماية وحدته والدفاع عنها ضد القوى الخارجية.

«19 ب» تجربة سينمائية نادرة تقتحم سنوات من احتكار الأنواع الفيلمية لنوعين إما كوميدي أو بروباجندا قومية، وعلى الرغم من نزعته المحافظة واضطراب توجهه المزاجي وأسلوبه فإنه يعمر بأداءات متميزة خصوصاً من أحمد خالد صالح، وأفكار مجردة مثيرة للتأمل على الرغم من ميلها للمباشرة فإنها يمكن أن تعني شيئاً مختلفاً لكل متلق.

 

####

 

فيلم «Nostalgia 2022»: الجانب المظلم للحنين

أحمد عزت

يعود ميلان كونديرا في روايته الجهل إلى الجذر اللغوي للحنين، حيث نوستالجيا اليونانية مشتقة من المفردتين (نوستوس وألجوس) اللتين تعنيان «معاناة العودة». يكتب كونديرا أن النوستالجيا هي (المعاناة الناتجة عن الرغبة غير المشبعة في العودة). تظل الرغبة في العودة لما تحن إليه غير مشبعة حتى بعد العودة، لأن كل شيء تغير.

في أوديسة هوميروس، تنقضي الملحمة المؤسسة للحنين في الثقافة الغربية، في رحلة عودة عوليس إلى وطنه إيثاكا، في أشواق ما قبل العودة وتكاد تنتهي بعودته. لا يتوقف هوميروس كثيراً أمام ألم العودة، رغم أننا نعرف أن عوليس عاد كالغريب وقد أنكره حتى أقرب الناس إليه، زوجته وابنه.

يبدأ الإيطالي ماريو مارتوني أحدث أفلامه المعنون Nostalgia والمأخوذ عن رواية للكاتب أرمانو ريا من حيث انتهت الأوديسة. يعود بطله (فيليشه لاسكو) أو فيلي إلى مدينته نابولي غريباً كما عاد عوليس إلى إيثاكا، بعد أربعين عاماً من التيه بعيداً عن مدينته تنقل فيها من بلد لآخر حتى استقر في القاهرة. وفي التيه وجد لغة جديدة وإلهاً جديداً، اعتنق الإسلام وتزوج من مصرية وأسس شركته الخاصة، وها هو يعود أخيراً لرؤية والدته العجوز التي لم يرها طيلة زمن غيابه.

ثمة صدمة أولى تنتظره حين يعود إلى شقة طفولته، إذ يجدها مسكونة من غرباء، وحين يسأل عن والدته يعرف أنها تقيم في قبو البناية وأن أوريستي صديق صباه هو من فعل ذلك. يعود فيلي في لحظة صار فيه حيه لا سانتيتا في قبضة الكامورا، غارقاً في الفقر والجريمة والعنف المجاني. كل شيء قد تغير لكن عينيه الغارقتين في الحنين تنكران ذلك.

يبني مارتوني سرده عبر الجدل المتواصل بين تداعيات الماضي عبر ذاكرة الحنين وواقع اللحظة الراهنة، مستكشفاً الحنين هنا كفخ ومضيئاً الجانب المظلم لهذه العاطفة الخطرة.

طقوس العودة

يبدو فيلي في المشاهد الأولى كسائح غريب عن المدينة وغير منسجم مع المكان أو الناس. يضعه المخرج بعيداً داخل الكادر أو على أطرافه، لا شيء يشي بأنها مدينته أو أنه في بيته. في نهاية الليلة الأولى التي يتجنب فيها العودة إلى بيته، نشاهده واقفاً أمام بيته في آخر الليل وبابه مغلق أمام وجهه كأنه لم يعد بعد، حتى بعد اللقاء بوالدته ودموع لم الشمل، يظل هناك إحساس بشيء مفقود بينهما.

هناك طقوس يجب أن تؤدي ليستعيد العائد هويته السابقة، روابطه القديمة بالمكان والناس. لا بد من فعل طقوسي كالذي فعله عوليس في الأوديسة. يقتل عوليس خطاب بينلوبي الذي حاصروا قصره في غيابه مطالبين بيد زوجته. فعل القتل كان إعلاناً عن عودته واستعادته علاقته بزوجته.

هنا في فيلم مارتوني، يأتي الفعل الطقوسي حميمياً، حيث يقوم فيلى بتحميم والدته بعد ممانعة. «ما زلت طفلك الصغير» يخبرها كي تلين. طول زمن المشهد، تفاصيله الدقيقة ومزاجه البصري يحمل المشهد بما يتجاوز الفعل المادي. أنهما يستعيدان دفء العلاقة بينهما وإن تبدلت الأدوار. يذوب البعد بينهما شيئاً فشيئاً ويستعيدان اللمسة المفقودة بينهما. سرعان ما يخطف الموت الأم. يقرر فيليشه بعد وفاة الأم أنه سيبقى في مدينته. تستمر طقوس العودة باقتناء دراجة بخارية، نفس الماركة القديمة التي امتلكها في صباه ونشاهده معها في ذكرياته. يبدأ التجول بها في نفس الحارات والأزقة القديمة وكأنه يسير نفس الخطى مجدداً من أجل استعادة ما فقد.

الوحش في قلب المتاهة

-يوجد هنا حرق للأحداث-

نحن من صلب الماضي، نصفنا اختراع والنصف الآخر ذاكرة.

بورخيس

واحد من الأسئلة التي تلح على المشاهد كلغز منذ البداية هو لماذا لم يعد فيلي إلى نابولي ولو لمرة واحدة خلال العقود الأربعة الماضية؟ يؤجل مارتوني الإجابة عن هذا السؤال حتى منتصف الفيلم تقريباً، حين يعود فيلي من إحدى جولاته الليلية فيجد دراجته البخارية محترقة وعلى جدار مسكنه مكتوب «اختفي». إنه يعرف تماماً من فعل ذلك ويدرك الآن أن عليه أن يخطو إلى قلب المتاهة التي تناديه للدخول منذ عودته.

تأتي الإجابة على شكل اعتراف إلى دون لويجي القس المحلي الذي توطدت علاقته بفيلي بعد وفاة والدته وهو الوحيد الذي يقف في وجه الكامورا ويحاول مساعدة أهل الحي. يذكرنا على نحو ما بقس إليا كازان في (رصيف الميناء). نعرف أن فيلي وأوريستي في صباهما اشتركا في سطو مسلح، نتج عنه مقتل صاحب البيت محل السطو. لم يكن (فيلي) هو المسؤول عن القتل، بل (أوريستي). هرب فيلي من مكان الجريمة وبعدها بشهر غادر إيطاليا كلها ولم يعد غير الآن. بينما أوريستي صار زعيم الكامورا في الحي. صار الآن يلقب بالرجل السيئ ويهابه الجميع. إنه الوحش الذي يقبع في قلب المتاهة الخاصة بماضي فيلي.

يعرف فيلي أن تيهه لن ينتهي الا بملاقاة أوريستي والتحديق مباشرة في جرح ماضيه. ماضي الإنسان كالمتاهة كما يقول بورخيس، لا أحد يفلت منه، حتى لو تحركت بعيداً عنه واتخذت المسار الصحيح كما فعل فيلي، ستظل هذه الأصوات بداخلك تناديك لتدخل مجدداً للمتاهة.

واحدة من الأشياء المثيرة في شأن عودة فيلي هو أنه عاد بإلحاح من زوجته، لكن بعد عودته نجده غير راغب على الإطلاق في الرحيل. يمكننا أن نفهم بأنه كان يمتلك حدساً شبه يقيني بأنه حين يعود لن يتمكن أبداً من المغادرة. حين يضع خطوة واحدة في قلب متاهته ستبتلعه، سيضيع هناك ولن يقدر على الخروج منها.

 من خلال الذكريات المستعادة يمكنك رؤية طبيعة العلاقة بين فيلي أوريستى، إنها بلا شك شيء يفوق الصداقة، شيء يمتلك هالة رومانسية كالحب وعميقاً كرفقة الروح. لذا يأتي انفصالهما كجرح لا يلتئم. يمثل مشهد اللقاء بينهما ذروة الحكاية.لا يظهر أوريستي قبل هذا المشهد سوى في لقطات عابرة. صامت دائماً، بهيئة تنذر بالخطر كثعبان ملتف حول نفسه. في مشهد اللقاء بصديقه القديم يمكنك أن تلمس مدى ألمه وغضبه منه. يمنحه مارتوني الفرصة ليعبر عن خذلانه وإحساسه بمرارة الخيانة. أربعة عقود من الصمت وكأن صديقه ترك خلفه جثتين لا جثة واحدة. إنه ناقم على فيلي، كيف نجا وحده تاركاً إياه هنا ليصير ملكاً على لا شيء، يعيش كالسجين بلا حب أو عائلة. يمكنك أن تلمس مدى قسوته والألم الساكن تحتها.

الفيلم أقرب لمتاهة مزدوجة، متاهة الماضي ومتاهة المكان. يبرع مارتوني في التقاط متاهية المدينة وهي تلتف حول سكانها كقدر، بحاراتها وممراتها الضيقة والمتداخلة، كذلك القصر الذي يسكنه أوريستي كما نراه أيضاً في مشهد اللقاء حيث الممرات الممتدة والغرفة التي تفضي إلى غرف أخرى حتى نصل إلى أوريستي في النهاية.

النوستالجيا كأغنية مهلكة

حين يسأل (دون لويجي) فيلي عن أوريستي بعد أن عرف ما صار إليه، يخبره أنه لا يزال يعتبره أفضل صديق. يخبره دون لويجي: أنت على خطأ، القلوب تقسو مع الزمن فيجيبه: ليس قلبينا.

هذا الحوار يؤطر تراجيدياً فيلي. رجل يسير بعينين مفتوحتين في غبش الحنين نحو مصيره المظلم. حين يبدى فيلي رغبته في مقابلة صديقه، يحذره الجميع ينصحونه أن يبتعد لكن دون جدوى، أنه يعتقد أن علاقتهما لا تزال على حالها حتى بعد كل هذا الزمن وبعد ما صار إليه صديقه، لا تزال أغنية الجنين تطن في أذنيه. في الأوديسة يكتب هوميروس عن السيرينات، حوريات البحر التي تغوى بغنائها البحارة إلى الهلاك. غناء مثلما يمنح السرور يجلب الموت. الحنين هنا في فيلم مارتوني أقرب لغناء السيرينات.

يختار مارتوني ابن نابولي المشغول في غالب أفلامه بمدينته وناسها وتاريخها التصوير في الأماكن الحقيقية وبناس حقيقيين في الخلفية وفي الأدوار الصغيرة. المدينة لديه دائماً جزء من الحكاية، مدينته ملعونة كبطله ومشدودة إلى مصير غامض كالقدر. السينماتوجرافي والموسيقى يعكسان حالة الحنين المسيطرة على شخصية الفيلم الأساسية. لا ينشغل مارتوني في سرده بالحبكة أو النوع الفيلمي، رغم وجود عناصر نوعية من جونرات genres مثل الجريمة والثريلر بل يمنح حكايته كل الوقت لتتنفس، لتتفتح على مهل ودون صخب لتغمرك في النهاية على نحو آسر.

في واحد من حواراته، يحكى مارتوني أنه كان عضواً في لجنة تحكيم مهرجان فينسيا 1995 إلى جانب كيارستمي ومن بين جميع الأعضاء كان هو وكيارستمي يرغبان في منح جائزة (أفضل فيلم) لفيلم comedia de deus للبرتغالي جواو سيزار مونتيرو. كانت الشخصية الرئيسية في الفيلم تعمل بائع آيس كريم وكان كيارستمي يقول له إن على السينما أن تشبه الآيس كريم تذوب ببطء وعلى مهل قبل أن تجعلك غارقاً في طعمها وملمسها. فكرت بعد نهاية الفيلم، هذا فيلم كان سيحبه عباس كيارستمي.

 

موقع "إضاءات" في

21.11.2022

 
 
 
 
 

المخرجة جواهر العامري تفوز بجائزة سرد في أيام القاهرة لصناعة السينما

 أحمد العياد

إيلاف من القاهرة: فازت المخرجة السعودية جواهر العامري بجائزة سرد مع الإشراف على تطوير سيناريو مشروع فيلمها الروائي الطويل "عزيز هالة"، وذلك في إطار منافسته في أيام القاهرة لصناعة السينما ضمن فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي الدولي.

جواهر العامري هي كاتبة ومخرجة سعودية، تخرجت من جامعة عفت - فنون سينمائية. كتبت وأخرجت فيلم "مجالسة الكون" والذي كان جزء من الفيلم الانثولوجي الطويل "بلوغ" الذي عرض في افتتاح مسابقة آفاق السينما العربية في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي عام ٢٠٢١. وايضاً في مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي عالم ٢٠٢١. ويعرض الفيلم الان على شاهد.

كتبت وأخرجت فيلم "سعدية سابت سلطان" والذي شارك في عدة مهرجانات عربية وعالمية. وفاز في مهرجان السعودية للأفلام عام ٢٠١٩ بجائزة أفضل فيلم طلبة قصير. كما أنتجت فيلم "من يحرقن الليل" للمخرجة سارة مسفر والذي حصد على جوائز عدة منها تنويه خاص من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي عام ٢٠٢٠ من لجنة التحكيم، وشارك أيضًا في مهرجان بالم سبيرنجز للأفلام القصيرة الدولي عام ٢٠٢١، كما حصل الفيلم على جائزة السينما الواعدة في مهرجان قرطاج السينمائي الدولي عام ٢٠٢١.

شاركت جواهر بمشروع فيلمها الطويل الأول "عزيز هالة" في معمل البحر الأحمر بالتعاون مع معمل تورينو، ليحصل على جائزة التوزيع الكبرى من شاهد ١٠٠ ألف دولار في سوق مهرجان البحر الأحمر عام ٢٠٢١. كما تخرجت من مبادرة الشرق الاوسط للإعلام MEMI 2022 وطورت وكتبت من خلالها مسلسلها الجديد. وتعمل حاليًا على إخراج فيلمها القصير والذي من المتوقع تصويره في نهاية عام ٢٠٢٢.

 

موقع "إيلاف" في

21.11.2022

 
 
 
 
 

العرض العربي الأول لفيلم نور على نور بمهرجان القاهرة السينمائي الدولي

البلاد/ مسافات

ضمن مسابقة أسبوع النقاد، ينطلق الفيلم الوثائقي المصري الدنماركي نور على نور للمخرج كريستيان سور والمنتجة هالة لطفي، في عرضه الأول في العالم العربي ضمن فعاليات النسخة 44 من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، الذي تُقام في الفترة من 13 إلى 22 نوفمبر/ تشرين الثاني، وقد حصلت شركة MAD Solutions على حقوق توزيع الفيلم في العالم العربي ليصبح عاشر أفلامها في مهرجان القاهرة.

تنطلق رحلة الفيلم من نصيحة صديق مصري للمخرج المتخصص في موضوع الإسلام السياسي "التركيز على الظلام سيمنعك من أن ترى بوضوح، ابحث عن النور"، ومن هنا تبدأ رحلة تأمل طويلة، تنطلق من القاهرة وتجوب صعيد مصر وصحراءها وريفها، رحلة تمتزج فيها الحوارات الحميمية مع الطقوس الروحانية الجماعية؛ بحثا عن معاني ودلالات النور كمفهوم ديني وروحاني.

حصل نور على نور على دعم من المبادرة الدنماركية المصرية للحوار (ديدي)، وشهد عرضه العالمي الأول في مهرجان كوبنهاجن الدولي للأفلام الوثائقية في مارس 2022. الفيلم من إخراج وتصوير كريستيان سور، إنتاج شركة حصّالة وبطولة المخرج الشاب محمد مصطفى (الذي قام بالمونتاج أيضا) و أميرة مرتضى (التي شاركت في التصوير أيضا)، وتتولى MAD Solutions توزيع الفيلم في العالم العربي.

هالة لطفي منتجة ومخرجة مصرية حاصلة على بكالوريوس كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، درست الإخراج بالمعهد العالي للسينما. وأنتجت فيلمها الروائي الطويل الأول الخروج للنهار (2012)، أسست هالة مع فريق الفيلم تعاونية حصّالة لدعم الفنانين الشباب، أنتجت بين 2012 و 2022 حوالي 12 فيلم طويل بين روائي وتسجيلي وحصلت على جائزة الدولة التشجيعية في مجال الإنتاج عام 2016.

كرستيان سور مخرج دنماركي، يشغل منصب أستاذًا لدراسات الأنثروبولجي البصرية ومتعددة الوسائط بجامعة آرهوس بالدنمارك. تركز أفلامه على الأرواح الخفية والأمراض النفسية والقوى السماوية والشيطانية وقدرة الأفلام على تسليط الضوء على الجوانب غير المرئية من الحياة البشرية. أخرج أيضًا العديد من الأفلام الوثائقية. ويعد فيلم نور على نور أول أفلامه الطويلة.

أفلام MAD Solutions في مهرجان القاهرة بالإضافة لـنور على نور هم من أفلام الطويلة: عَلَم لـفراس خوري والفيلمين الفرنسيين Our Ties لـرشدي زيم ومن أجل وطني لـرشيد حامي، ومن الأفلام القصيرة ترينو لـنجيب كثير وحمزة: أطارد شبحًا يطاردني لـورد كيّال وطنين لـمحمد فاوي ومن عمل الشيطان لديسيل مختجيان وفي ملتقى القاهرة السينمائي تنافس مشروعات أفلام "إنشالله ولد" للمخرج أمجد الرشيد، و"مواسم جنات" للمخرج مهدي هميلي، مهرجان القاهرة السينمائي الدولي يُعد أحد أعرق المهرجانات في العالم العربي وأفريقيا بجانب أنه الأكثر انتظاماً، وينفرد بأنه المهرجان الوحيد في المنطقة العربية والأفريقية المسجل ضمن فئة A بالاتحاد الدولي للمنتجين بباريس.

 

البلاد البحرينية في

21.11.2022

 
 
 
 
 

فيلم "العايلة" يوثق أثر الحراك الشعبي على أسرة جزائرية

طارق إبراهيم حسان

عبرت السينما الجزائرية في عدد من الأفلام عن انتفاضة الشعب الجزائري عام 2019 وانطلاق التظاهرات التي عُرفت بالحراك الشعبي، والتي شهدت خروج مئات الآلاف في معظم المدن الجزائرية، ما أدى إلى احتجاز مسؤولين كبار ووزراء بتُهمِ فساد، وصدرت أحكام بالسجن على العديد منهم.

يستلهم المخرج الجزائري مرزاق علواش في أحدث أفلامه "العايلة" (2022) تلك المرحلة الفارقة في تاريخ الجزائر الحديث، ويطرح شخصيةَ وزيرٍ سابق فاسد، جسدها الفنان عبد الرحمن إيكاريوان، يعيش حالة من التوتر بسبب الأحداث السياسية والشعبية في الشارع الجزائري، فيقرر الهرب عبر الصحراء خوفاً من أن يتم القبض عليه ويخضع للمحاكمة.

أخرج علواش نحو 18 فيلماً، بدأها عام 1976 بفيلم "عمر قتلتو الرجلة"، وتدور أغلب أفلامه حول المآزق التي يمرّ بها الوطن العربي، مثل التطرف الديني، والإرهاب، والفساد، وثورات ما سمي بالربيع العربي، من خلال وطنه الجزائر، حيث عبر من خلال أفلام مثل "التائب"، و"نورمال"، و"السطوح"، وغيرها، عن كثير من أوجاع وانكسارات المواطن العربي.

تكثيف شديد للأحداث

جاءت فكرة فيلم "العائلة" مناسبةً في تناولها غير التقليدي، حيث ارتكزت الأحداث بشكل رئيس على حياة الأسرة داخل البيت، وتعقبت علاقات العائلة، سواءً في ما بين بعضهم بعضاً، أو مع الآخرين من الأصدقاء أو الجيران أو العمال، وكشف الفيلم عن الحياة المترفة التي تعيشها العائلة من خلال المنزل والسيارات وأفراد الأمن والحماية.

تميزت الأحداث بالتكثيف الشديد، وقلة عدد الشخصيات، مع التركيز على الموضوع الرئيس، وهو الأسرة التي تدفع استقرارها وحياتها ثمناً لفساد عائلها، ويؤول مصير أفرادها إلى وضع غامض ومؤلم، حيث التشتت والفرقة والضياع والخسران، لا سيما بعد أن قرر الوزيرُ السابق الهربَ خارج البلاد بدلاً من مواجهة مصيره.

يستلهم المخرج الجزائري مرزاق علواش في أحدث أفلامه "العايلة"  انتفاضة الشعب الجزائري عام 2019، ويطرح شخصية وزير سابق فاسد، جسدها الفنان عبد الرحمن إيكاريوان، يعيش حالة من التوتر بسبب الأحداث السياسية والشعبية في الشارع الجزائري، فيقرر الهرب عبر الصحراء

وجاء التصوير مندمجاً مع طبيعة الحدث الدرامي بالتركيز على شكل المكان/البيت، وحركة الشخصيات داخله، والعلاقة بين أفراد الأسرة وطريقة التعامل في ما بينهم، والتي سيطرت عليها حالةٌ من عدم التناغم أو الألفة بين الزوجين، وبين كلٍّ من الأب والأم وابنتهما.

كما جاء تصوير أغلب المشاهد داخلياً، أي داخل الاستديو، أو داخل البيت، عدا مشاهد قليلة لأفراد الأسرة كانت في أماكن عامة، وذلك على الرغم من أن التصوير الخارجي في الأماكن العامة حتى وإن كانت ديكوراً، يكون لها وقع جيد على الفيلم، حيث تكون أكثر تعبيراً وحيويةً للأحداث.

التفكك وعدم الترابط بين أفراد الأسرة

تبدأ الأحداث بتظاهرات شبابية في شوارع الجزائر، والحراك الشعبي عام 2019، لترصد أثر التحولات السياسية التي تمرّ بها البلاد على مصير أسرة وزير سابق وزوجته (حميدة آيت الحاج) وابنته الوحيدة، لتنتهي بفاجعة داخل الصحراء دون أمل في الوصول إلى مكان، عدا الابنة (نرجس عسلي) التي قررت عدم مواصلة الطريق، وفضّلت العودة إلى مدينتها.

استطاع المخرج أن يعبر عن حالة التفكك وعدم الترابط بين أفراد الأسرة، من خلال عدة مظاهر، منها أن الحوار بين الوزير وزوجته في معظم فترات الفيلم جاء مليئاً بالعصبية والتوتر والشد والجذب، وعدم وجود مشاهد حميمية بين أفراد الأسرة، حيث سادت المشاجراتُ أغلبَ المشاهد التي جمعت الزوجين.

ويبدو انشغاله الدائم بالأحداث الجارية ومتابعة الأخبار السياسية، سواءً بالصحف أو التلفزيون. أما زوجته فهي تتحرك داخل البيت بهمة وجدية دون داعٍ، وتشرف على أفراد الأمن الموجودين بالبيت، ومن ناحية أخرى مهووسة بكلبها الصغير، الذي تدعوه "برنس"، وتربطها به علاقة تشبه البنوّة، فتقوم بتدليله ومداعبته طوال الوقت.

بالرغم من هذا الحب للكلب الصغير، نجدها كأمّ لفتاة عشرينية لا تشعر بابنتها، ولا تعطيها الاهتمامَ الكافي. كما عبرت الأحداث أيضاً عن غياب التفاعل والحوار والحنو القائم على مشاعر بديهية بين الأب وابنته، برغم أنها في عمر يتطلب ذلك، لا سيما أن الفتاة ترتبط بعلاقة حبّ مع صديقتها.

بداية التوتر والقلق

ركز الفيلم على الحدث الرئيس مباشرة من خلال تصوير حالة الوزير وترقبه للأحداث الجارية، حيث جاء المشهد الأول معبراً عن ثرائه وتوتره، من خلال تصوير الوزير السابق في حديقة الفيلا، مرتدياً روباً أنيقاً، ويقرأ صحيفة ورقية لمعرفة أخبار البلاد، وما آلت إليه الأحداث.

بينما عبرت شخصية الزوجة عن امرأة حادة ومتسلطة تتفرغ للشجار باستمرار سواء مع زوجها، أو مع العاملين بالبيت من أفراد الأمن الموجودين من أجل الحراسة، فلا تكف عن التوجيه وإعطاء الأوامر لهم، ولا تتوانى عن معاملتهم بفوقية شديدة، برغم خدمتهم وطاعتهم لها، ولا تهتم سوى بكلبها الصغير.

بينما تعيش الابنة منعزلةً داخل حياتها الخاصة، فهي في علاقة غير محسومة بخالد (نصر الدين جودي)، أحد أفراد الأمن بالبيت، وهو السائق الخاص الذي يتقرب منها بجرأة فترفضه، ثم تقترب هي، وما تلبث أن تبتعد مرة أخرى دون أن توضح الأحداثُ طبيعةَ هذه العلاقة.

كذلك علاقتها بصديقتها التي تقوم على نوع من العشق والشبق. وصورت الأحداث مداعبة بالأقدام تحت الطاولة، دون توضيح لهذه العلاقة أو لسبب الزجّ بهذا المشهد الذي لم يضف شيئاً للتطور الدرامي داخل الفيلم، ولم يعط المخرجُ هذه العلاقةَ مزيداً من الاهتمام، أو يعبر عما يبرر هذا المشهد العابر.

الهرب داخل الصحراء والنهاية المفجعة

يقرر الوزير الهرب بأسرته إلى المغرب بالسيارة عبر الصحراء، حيث لا يمكن مغادرة البلاد بالطرق الشرعية، فيقوم خالد بأخذ الأسرة إلى مكان بعيد داخل الصحراء، ويستعين بأحد الشباب ممن يعرفون الطرق، ليقوم بتوصيلهم إلى المغرب، بينما الشاب أحضر مسدساً لاغتيال الوزير السابق، وتُقرّر الابنةُ أن تعود مع خالد.

يطرح الفيلم نهاية مفتوحة للأحداث، حيث يقود الشابُّ سيارته بصحبة الزوجين، ويتوقف في مكان مبهم ومغلق، ويخرج مسدسه لقتل الوزير، فيدافع الوزير عن نفسه، ويشتبك مع الشاب فتخرج طلقة تقتل الشابَّ، ويبقى الوزير وزوجته في مكان خفي داخل الصحراء، لتكون النهاية ربما مفجعة نتيجةَ مقتل السائق الذي قد يكون الدليل في هذه الصحراء.

أخرج مرزاق علواش نحو 18 فيلماً، بدأها عام 1976 بفيلم "عمر قتلتو الرجلة"، وتدور أغلب أفلامه حول المآزق التي يمرّ بها الوطن العربي، مثل التطرف الديني، والإرهاب، والفساد، وثورات الربيع العربي، من خلال وطنه الجزائر

لم يصور الفيلم حالةَ الغليان في الشارع الجزائري، باستثناء تظاهرات الشباب في بداية أحداث الفيلم، فغابت المشاهد المعبرة عن حالة الغليان الشعبي، واستعان المخرج بصوت مذيعِ نشرة الأخبار القادم من جهاز التلفزيون لإضفاء حالةٍ من الشعور بالأحداث والتغيرات السياسية الجارية.

زوجة الوزير غير راضية عن الأداء

حالة عدم الرضا تكون دائماً مصاحبةً للفنان الذي يسعى للأفضل، وقد بدت الفنانة (حميدة آيت الحاج) التي قدمت شخصية زوجة الوزير جادةً في أدائها، وهي التي صرحت في ندوة لها عقب عرض الفيلم في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي بدار الأوبرا المصرية أنها غير راضية عن أدائها بالفيلم.

ورأت آيت الحاج انها كانت جادة زيادةً في حركتها بكثير من المشاهد، وكان يتوجب عليها أن تقلل من درجة انفعالها، خاصةً في خطواتها المتسارعة داخل البيت، ولو كان بيدها لأعادت تصوير الكثير من المشاهد، وقالت إن مرزاق علواش مخرج كبير، وله بصمة خاصة في السينما الجزائرية.

حصد مرزاق علواش على عدة جوائز في مهرجانات دولية، منها جائزة أفضل فيلم من مهرجان الدوحة السينمائي الدولي عن فيلم "نورمال" (2011)، وعُرض فيلمه "التائب" في قسم أسبوع المخرجين في مهرجان كان السينمائي الدولي (2012)، كما حاز الجائزة الفضية عن فيلم "عمر قتلتو الرجلة" من مهرجان موسكو السينمائي الدولي (1976).

 

موقع "رصيف 22" في

21.11.2022

 
 
 
 
 

الفيلم الفلسطيني «سرقة النار» يفوز بجائزة الدعم من ملتقى القاهرة السينمائي

فايزة هنداوي

القاهرة – «القدس العربي»: اختتمت فعاليات الدورة التاسعة من ملتقى القاهرة السينمائي، وأعلنت مديرة الملتقى ليندا بلخيرية، أسماء المشاريع الفائزة في الدورة التاسعة للملتقى، في حفل على هامش فعاليات الدورة 44 لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي.

وتصدرت مصر قائمة الفائزين بـ5 مشاريع، حيث حصد فيلم «هش»، للمخرجة سالي أبو باشا، جائزتين، إحداهما مالية بقيمة 10 آلاف دولار، وأخرى عبارة عن استشارة مفصلة للقصة وتطوير نصوص الفيلم، في لوس أنجليس.

وفاز فيلم «الرجل الأخير» للمخرج محمد صلاح، بجائزة 10 آلاف دولار.

كما فاز فيلم «الكلب في بيته أسد» للمخرج أحمد الغنيمي، بجائزتين بقيمة 20 ألف دولار، أما فيلم «البحث عن وودي» للمخرجة سارة الشاذلي، ففاز بجائزة سرد وقيمتها 5 آلاف دولار.

كما فاز فيلم «في 3 أيام» للمخرج تامر عشري، بجائزتين بقيمة 15 ألف دولار.

وفاز فيلم المخرجة السعودية جواهر العامري «عزيز هالة»، بجائزة سرد بقيمة 5 آلاف دولار، والإشراف على تطوير السيناريو في مرحلة التطوير.

وفازت مشروعات سينمائية من 6 دول عربية، بجائزة واحدة، وهي الفيلم الفلسطيني «سرقة النار» للمخرج عامر شوملي، والذي نال جائزة بقيمة 10 آلاف دولار.

وفاز الفيلم الجزائري أبي الفلاح» للمخرج الخير زيداني، بجائزة بقيمة 10 آلاف دولار، أما الفيلم اليمني «يلا نلعب عسكرة» للمخرجة مريم الذوباني، حصد جائزة مركز السينما العربية، وهي عبارة عن دعوة لمنتج عربي للمشاركة في ورشة مهرجان روتردام، وجلسات استشارية وإرشادية لصناعة الأفلام.

ونال الفيلم الأردني «إن شاء الله ولد» للمخرج أمجد الرشيد، جائزة بقيمة 10 آلاف دولار، وبنفس القيمة المالية، حصل الفيلم المغربي «بلا» للمخرج محسن البصري، على جائزة في الملتقى في دورته التاسعة.

وتساوت تونس والسودان في نفس عدد الجوائز، ونالت كل منهما جائزتين، حيث فاز الفيلم التونسي «مواسم جنات» للمخرج مهدي هميلي، بجائزة 15 ألف دولار، مخصصة لصناعة الإعلان التشويقي والمقدمة الإعلانية.

فيما فاز «طارق الجبل» للمخرج لطفي عاشور، بجائزة جائزة مهرجان البحر الأحمر السينمائي، وقيمتها 10 آلاف دولار.

أما الفيلم السوداني «السراج والعتمة» للمخرج مهدي الطيب، ففاز بجائزة مالية بقيمة 50 ألف دولار، فيما نال فيلم «ملكة القطن» للمخرجة سوزانا ميرغني، جائزة بنفس القيمة أيضاً.

 

القدس العربي اللندنية في

21.11.2022

 
 
 
 
 

4 عناصر جذبت الجمهور لأحداث فيلم "رحلة يوسف- المنسيون" بمهرجان القاهرة السينمائي..الكوميديا رغم المواقف الصعبة أبرزها

سما جابر

فيلم "رحلة يوسف- المنسيون" للنجم أيمن زيدان والمخرج جود سعيد، عرض مؤخرًا ضمن فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي في نسخته الـ44، ونال الفيلم إشادة واسعة من قبل الحضور، الذي قام بالتصفيق بشدة لصناع العمل المميز بمجرد انتهاء عرضه، وعبر البعض عن مدى استمتاعه بالأحداث التي تم تقديمها وأكدوا أن هناك عدة عناصر تسببت في إظهر العمل بشكل لافت ومميز

القضية الإنسانية ومناقشتها ببساطة

فيلم "رحلة يوسف- المنسيون" ناقش قضية الهروب من الوطن بسبب الأزمات السياسية والأوضاع المضطربة، من خلال قصة الجد يوسف الذي غادر بلاده في سوريا برفقة حفيده وجارته وابنة شقيقتها من أجل حماية الأخيرة، وحرصه على أن تظل برفقة حبيبها وهو حفيده.

قضية الهروب من الوطن واللجوء ناقشها صناع الفيلم ببساطة، وحرصوا كذلك على تسليط الضوء على عدة قضايا أخرى متفرعة، كلها خدمت الفكرة الأساسية مثل العنف ضد الأطفال وزواج القاصرات، وكل ذلك بشكل بسيط نال إعجاب الجمهور.

الكوميديا رغم المواقف الصعبة

من بين العناصر التي جعلت الجمهور مندمجًا ومعجبًا بالفيلم، كانت الحالة الكوميدية التي سيطرت على بعض الأحداث رغم صعوبة المواقف التي يتعرض لها الأبطال، خلال رحلتهم مع اللجوء والهروب من الوطن والبحث عن الآمال ومستقبل جديد.

فبالرغم من أن النجم أيمن زيدان جسد شخصية الجد الحاسم والحامي لأسرته والذي يواجه كل الصعوبات من أجلهم، إلا أن شخصيته والأزمات التي يواجهها لم تؤثر على الجانب الكوميدي لديه، والذي ظهر في مواقف معينة نالت تفاعل الحضور بقاعة العرض.

عفوية الحوار وأداء النجوم 

العفوية في الحوار وبساطته لدى كل النجوم المشاركين في العمل، كانت عاملًا أساسيًا تسبب في خطف اهتمام الجمهور، فشخصية الحفيد وعلاقته الرومانسية بجارته الشابة، وعلاقته كذلك بالطفل أبو شادي وصديقه من مخيم اللاجئين، كانت علاقة عفوية مليئة بالمواقف الطريفة والتصرفات المليئة بالشهامة.

وأشاد الجمهور بأداء النجوم كذلك وصدقهم وحبهم للشخصيات التي يقومون بأدائها والذي انعكس بصدق على تقديمهم لتلك الأدوار بشكل مميز، كما انبهر الجمهور بأداء بعض المشاركين رغم صغر حجم أدوارهم، ومنهم الطفل الذي أدى شخصية أبو شادي، والحفيد زياد.

الصورة المميزة التي تذكرنا بالأعمال الأجنبية والأغنيات التي أعادت الذكريات

بجانب الأداء الجيد للنجوم والحوار السلسل العفوي، جذبت الصورة وكادرات التصوير أنظار الحضور الذين شبهوها بصورة بعض الأعمال الأجنبية الشهيرة التي تضفي أجواء مميزة ملائمة للأحداث والصراعات.

كما خطف صناع الفيلم الاهتمام في بعض المشاهد بسبب غناء بعض الأغنيات القديمة التي أعادت للحضور ذكرياتهم مع تلك الأغنيات اللافتة التي تعتبر بمثابة أغنيات أيقونية عن الحب ومنها "سيرة الحب" للراحلة أم كلثوم، والتي غناها الأبطال في بداية العمل وصنعت حالة مبهجة رغم صعوبة الأحداث والمواقف التي مروا بها.

الجدير بالذكر أن مخرج الفيلم جود سعيد قد عبر عن مدى سعادته برد الفعل الإيجابي الذي تلقاه بعد عرض الفيلم وذلك في الندوة التي تلت الفيلم بالمهرجان، وأكد أنه كان يرى النجم أيمن زيدان في هذا الدور منذ أن انطلقت الفكرة، ولفت إلى أن ميزانية العمل كانت قليلة جدًا، بينما أجر النجم السوري الشهير كان أقل من ألفي دولار.

وحرص على حضور العرض الأول للفيلم بمهرجان القاهرة السينمائي، عدد من النجوم ومنهم إلهام شاهين ومحمود حميدة وهاجر الشرنوبي وغيرهم، وعبرت إلهام شاهين عن مدى إعجابها بالفيلم وهنات صناعه بالنجاح الذي حققوه والفكرة التي قدموها ببساطة

 

####

 

الخروج من الوطن والغربة واللجوء..

4 أفلام بمهرجان القاهرة السينمائي 2022 هرب أبطالها بحثًا عن الأمان والأمل

سما جابر

مهرجان القاهرة السينمائي الدولي شهد عرض العديد من الأعمال الفنية التي حققت رد فعل إيجابي لدى الجمهور الذين أشادوا بفكرة هذه الأعمال المميزة، كما أن بعض من تلك الأعمال ركز على فكرة الهجرة واللجوء والبحث عن فرص أفضل للحياة خارج الوطن، وسط العديد من التحديات والمصاعب التي يواجهها أبطال تلك الأعمال.

ضحية

من بين تلك الأفلام التي عرضت وحققت رد فعل إيجابي كان فيلم "ضحية" وهو إنتاج مشترك من دولة التشيك وألمانيا، وينافس في مسابقة أسبوع النقاد الدولي، ضمن فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي الدولي الـ44.

وتدور أحداث الفيلم حول امرأة أوكرانية لاجئة تعيش بمفردها بصحبة ابنها المراهق في التشيك، ويسعيان للحصول على الجنسية، ويتعرض ابنها لحادث ليتم بعدها اتهام عدد من الغجر هناك بأنهم المتسببين في الأمر، لكن يتضح في النهاية أن الشاب كان يكذب ولم يعتد عليه أحد، ولكنه سقط بشكل طبيعي وهو بصحبة صديقته ولكنه خاف من إخبار والدته بالحقيقة في البداية.

وبالرغم من أن الأم كانت تسعى للعيش بشكل آمن هي وابنها بعد خروجها من وطنها، ووصولها إلى التشيك، إلا أن الأمور اختلفت تمامًا بعد الحادث الذي تعرض له ابنها، وباتت طرفًا في العديد من الصراعات الإعلامية والسياسية، وحاولت أن تتجنب تلك الصراعات وتنقذ ابنها والمتورطين في الأمر بدون ذنب، وأيضًا محاولة التعايش مع الكذبة التي باتت شريكة فيها مع ابنها المراهق.

السباحتان

فيلم "السباحتان" من أكثر الأفلام التي نالت إعجاب الجمهور في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، وبالرغم من عرضه في القسم الرسمي خارج المسابقة إلا أنه أثار جدلًا واسعًا وضجة كبيرة ونال إعجاب الجمهور.

ورصد الفيلم تفاصيل حياة أسرة مدرب السباحة عزت مارديني، الذي تبدد حلمه وهو شاب في تمثيل بلده بالأولمبياد، ولم ينجب بعد زواجه سوى 3 فتيات، فقرر أن يعلم بناته السباحة لتحقيق هذا الحلم من خلالهن، إلا أن الأوضاع السياسية لو تساعده في تحقيق حلمه، بل بات وجود ابنتيه الكبيرتين مصدر خطر لهما في وطنهما، حيث قررت كل منهما السفر إلى ألمانيا، لكن مع الصعوبات التي قابلتها الفتاتين مع ابن عمهما، يجدوا أنفسهم جميعًا أسرى في مخيم اللاجئين.

وبالرغم من تلك الصعوبات التي قابلتها كل من الفتاتين، إلا أن كل منهما تحرص على تحقيق حلمها كما تريده، فتقرر يسرى أن تواصل ممارسة رياضة السباحة لتشارك فيما بعد في أوليمبياد ريو دي جانيرو، أما شقيقتها سارة فتقرر أن تكرس مجهوداتها في مساعدة اللاجئين.

رحلة يوسف - المنسيون

فيلم "رحلة يوسف" للنجم أيمن زيدان ومن إخراج جود سعيد، من بين الأفلام التي نافست في مسابقة آفاق السينما العربية ونالت إعجاب الجمهور، الذي ظل يصفق لصناع الفيلم لعدة دقائق بعد عرضه، والفيلم تدور أحداثه خلال فترة الاضطرابات السياسية في سوريا وخروج العديد من السوريين بسببها إلى بلاد اللجوء خوفًا من الموت ومنهم يوسف وحفيده وجارته وابنة شقيقتها.

ورغم الأزمات التي مر بها يوسف وحفيده وجيرانهما، إلا أن الأمل كان سيد الموقف، حيث إن موهبة حفيده في رياضة كرة القدم كانت على وشك أن تجعله في مكانة مميزة قبل أن تتغير الظروف وينهار كل شيء في النهاية، لتظل الصعوبات والأزمات تقف حائلًا بين يوسف وعائلته.

توري ولوكيتا

من بين الأفلام التي خطفت أنظار الجمهور كذلك في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في نسخته الـ44، كان فيلم "توري ولوكيتا" وهو إنتاج بلجيكا، وحائز على جائزة الذكرى السنوية الـ75 بمهرجان كان 2022، وتدور أحداثه في بلجيكا في الزمن الحاضر حيث تتكون صداقة قوية بين طفل وفتاة مراهقة سافرا بمفرديهما من إفريقيا، بسبب ظروف كل منهما الصعبة للغاية في وطنهما.

وحتى بعد أن استقر الثنائي معًا في إحدى دور الرعاية، قررا أن يعملا في توزيع الممنوعات حتى يستطيعان مساعدة أسرتيهما وإرسال الأموال لهما، لكن الأمور لا تسير بشكل جيد، فبجانب عدم قدرة الفتاة على الحصول على أوراق رسمية تقنن إقامتها، كانت أيضًا مطالبة بأن تواصل إرسال الأموال لأسرتها ولمن ساعدوها في الهرب من وطنها، ووسط ذلك تتعرض للعديد من الأزمات التي تفرقها لفترة عن الفتى الصغير الذي اعتبرته بمثابة أخ أصغر لها باتت مسؤولة عنه.

 

مجلة هي السعودية في

21.11.2022

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004