ملفات خاصة

 
 
 

اعتزال داوود عبد السيد «حجر في المياه الراكدة».. هل يتحرك أحد؟

كتب: علا الشافعي

داود عبدالسيد

ألف مبروك

   
 
 
 
 
 
 

في ختام الحلقة الثانية من حوار المبدع داوود عبد السيد مع المذيعة قصواء الخلالي على قناة "CBC"، سألته عن جديده، فأجاب الأستاذ  بهدوئه المعتاد  وبابتسامة ساخرة على وجهه: "أنا خلاص اعتزلت الحمد لله".

وأضاف: "ما اقدرش أتعامل مع الجمهور الموجود حاليا.. في النوع اللي بيفضله يعني، هذا تيار آخر"، ثم استدرك بلطف وقال لها: "في حاجة ما اتكلمناش فيها، وهي أن عندك تيار الشباب، وعيب المشكلة في الإنتاج ده إنه إنتاج ممول، مش معنى إنه ممول إنه عيب أو حرام، ولكن من يقدم الدعم يختار من سيدعمه، يعني لو اللي بيدعم هو التلفزيون المصري، هيختار، ولكن هيختار على أساس إيه؟، هي دي الأسئلة، أنا بفضل دايمًا أن تمويل الفلم يبقى من تذكرة السينما".

وتابع داوود: "الجمهور السابق كان جمهور طبقة وسطى بشرائح، وكان عنده هموم واهتمامات، والسينما التي كانت تقدم كانت تخاطب هذه الاهتمامات".

جملة داوود عن الاعتزال لم تستوقف المذيعة لتسأله وتناقشه في الأسباب التي دفعته لقول هذا، رغم أنها طوال الحلقة تؤكد على قيمته وأهمية سينماه المتفردة، وسعادتها بتقديم تلك الحلقة، وكأن ما قاله ليس بالأمر المهم وقد تكون عند المذيعة أسبابها، ولكن المفارقة الحقيقية، ما حدث بعد انتهاء الحلقة، وتداول خبر اعتزال المبدع الكبير داوود عبد السيد وما شهدته "السوشيال ميديا" من تفاعل واستنكار لمثل هذا الأمر.

أفهم أن يفعل ذلك جمهور الأستاذ الممتد والمتنوع، ولكن المدهش هم السينمائيون أنفسهم الذين وكالعادة تعاملوا مع الخبر بنفس دهشة الجمهور العادي، وكأنهم لا يعرفون ولا يدركون أن داوود عبد السيد لديه عدد من المشروعات الجاهزة ولا يستطيع إنجازها، وتناسوا محاولاته في السنوات الماضية لإنجاز مشروعه السينمائي "رسائل حب".

وعن نفسي أذكر جيدًا عندما جلس فى ندوة صحفية من ثلاث سنوات مع نجم له "شنة ورنة"، مهتم بتصوير سياراته الفارهة وإطلاق أغنيات جديدة، أنه قال لي "مشروعي القادم مع الأستاذ داوود وأنه قرأ السيناريو في جلسة واحدة وكاد أن يصرخ من فرط جمال النص"، ونجمة شابة موهوبة ومتميزة قالت أيضا "هموت وأعمل الفيلم بس خايفة من مشهد محدد"، ونجمة ثالثة لم تحظ بقبول بعض شركات الإنتاج في وقتها.. تلك وقائع يعرفها العاملون في صناعة السينما فهل حقًا يجهلون الحال الذي وصل إليه المشهد السينمائي المصري؟

في ظني أن ما فعله المبدع داوود عبد السيد هو أنه حاول أن يضع كل فرد فى الصناعة أمام نفسه، وألقى بحجر في المياة الآسنة لعل وعسى البعض يتحرك أو يفكر لصالح هذه الصناعة ومستقبلها، خصوصا وأنها صارت بالفعل صناعة لقيطة لا توجد قوانين فعلية تنظمها، ولا منظومة حقيقية تحكمها تكون قائمة على التنوع مثلما نشهد في كل الدول التى تعرف صناعة السينما، بمعنى أن تقدم السينما التجارية إضافة إلى التجارب المختلفة التي لها جمهورها أيضا، وأن يحارب السينمائيون قليلًا من أجل إنشاء شاشات عرض بعيدًا عن المولات.

وببساطة شديدة أتساءل كم منتج وموزع في غرفة صناعة السينما يملكون شاشات العرض؟ الإجابة معظمهم ولكنهم يفضلون افتتاح دور عرض في المولات الفخمة والضخمة، لم يعد هناك منتج مهموم بالصناعة يفكر أن يحرك ملف شاشات العرض في الأقاليم والأحياء المختلفة بالقاهرة بل باتوا هم أيضا يستسهلون المنطق التجاري الحاكم للإنتاجات الحالية، لا يستطيع أحد أن ينكر أن كل الأطراف استكانت للوضع الحالي، حتى المبادرات الفردية لم يعد نسمع عنها شيئا.

أذكر أني قرأت في إحدى المرات، أن المخرج الياباني المتفرد أكيرا كوروساوا، عانى من تعنت شركات الإنتاج تجاه ما ينتجه، وأن السينما التي يقدمها لم تعد مطلوبة أو مرغوبة، وقتها لم يتردد المخرج الأمريكى مارتن سكورسيزي ومعه سبيلبرج (صاحب التجارب المهمة والتجارية أيضا) في دعمه وإنتاج فيلم له، لأنه بمنطق الفاعلين والمهتمين بالسينما لا يجوز ولا يصح أن يتوقف مخرج بحجم كوروساوا عن العمل السينما التي يقدمها من الضروري استمرارها مثلها مثل سينما سبيلبرج وسكورسيزي.

بالطبع لا أحمل العاملين في صناعة السينما المصرية المسؤولية كاملة، فهناك بعض الأمور الخارجة عن إراداتهم، ولكنهم تركوا مشاكل الصناعة تتراكم وتترهل إلى أن وصل الوضع إلى ما نحن فيه.

ما قاله داوود عبد السيد هو لصالح الصناعة ومستقبلها، وإقرار بأمر واقع بالفعل هو فقط صرح بأنه سيعتزل ما يؤذيه حيث بات المشهد السينمائي المصري يحمل الكثير من الأذى للمبدعين الحقيقيين، وحواره يطرح الكثير من التساؤلات التي تحتاج نقاش جديًا من العاملين في الصناعة أولًا ومن بعدها المسؤوليين، حول نمط الإنتاج، ودور العرض، وطبيعة الجمهور واختلافه.

فالسينما فن شعبوي يجب أن تذهب بها إلى الناس وطوال تاريخ السينما المصرية كانت هناك سينمات درجة أولى وثانية وثالثة، كل سينمات كانت تعرض ما يلاءم جمهورها هذا جزء مهم من ملف السينما علينا أن نعمل على استعادته لأنه ببساطه سيتيح تقديم أنواع وألوان سينمائية مختلفة من يبحث عن التسلية سيجدها، ومن يبحث عن الأفكار سيجدها.

ما قاله المبدع المخضرم داوود عبد السيد يستحق وقفة حقيقية خصوصًا في ظل ما نشهده من تطورات في دول عربية أخرى تأخذ من تاريخنا ورصيدنا لتنطلق نحو التطور.

السعودية مثلا قررت في الفترة المقبلة أن تفتح مناطق فيها لتصوير الأفلام ليس ذلك فقط بل ستقدم دعما ماديا بنسب كبيرة لتلك الأفلام التى ستصور في أراضيها فأين نحن؟

 

الوطن المصرية في

03.01.2022

 
 
 
 
 

رسالة داوود عبدالسيد

طارق الشناوي

أفلامه الروائية قليلة فى العدد لم تتجاوز تسعة، مع إضافة ثلاثة أفلام تسجيلية وأزيد عليها نحو 20 سيناريو روائيًا طويلًا، أو بالأحرى مشروعات فنية لم تكتمل إنتاجيًا، بعضها كتبه قبل أن يبدأ إخراج أول الروائية (الصعاليك).

لا تقرأ أفلام داوود من بُعدها الأول، أقصد الحدوتة، عليك أن تلاحظ البعد الثانى وهو علاقة المواطن، أيًا ما كان موقعه، سيد أم صعلوك، بالوطن، الفيلم يحمل عمقًا اجتماعيًا وثقافيًا وسياسيًا يشاغب فيما هو يبدو ساكنًا على السطح، ثم تنتقل للبعد الثالث وهو العلاقة مع الكون.

أفلام داوود هى بالضبط تساوى داوود، موقفه فى الحياة يساوى أيضًا داوود، عندما صرح فى حواره التليفزيونى الأخير معلنًا اعتزاله، وجدنا أن الجمهور بين قوسين هو السبب لأنه يريد فقط التسلية، هل أفلام داوود لم تكن موجهة للجمهور، وهل نُحمّل الجمهور المسؤولية عن غيابه؟ إنها رسالة للدولة التى نفضت يديها تمامًا من السينما، ولم تكتفِ بهذا القدر بل غالت فى فرض أعباء مالية على أماكن التصوير، وأيضًا وجدنا مزيدًا من القيود الرقابية تفرض نفسها، وأكثر من جهة رقابية تراجع السيناريو قبل السماح بتنفيذه.

السينما لم تتخلَّ أبدًا عن التسلية كهدف أكيد، (الكيت كات) مثلًا لو فقط قيمته من باب التسلية، ستعتبره الأكثر تسلية، الجمهور تابع بشغف وتعاطف بحب وضحك من كل قلبه مع (الشيخ حسنى) محمود عبدالعزيز، وصفق له كلما اكتشف أنه مبصر أكثر من كل المبصرين، يرى أفضل منهم فى الظلام وفى النور.

فى (رسائل بحر) كانت رسالة إلى الله، وفى (أرض الخوف) كان يقدم لنا علاقتنا بالله.

هناك مسافة بين أحلام داوود والسوق، ما تعلنه شركات الإنتاج عندما تتحمس أو ترفض مشروعًا سينمائيًا، هى أن تلك قناعة الجمهور، ولهذا يترددون فى تنفيذ المشروعات تحسبًا له، ورغم ذلك فلقد تلقى داوود أكثر من عرض لتقديم أفلام من إنتاج السبكى، وبالطبع السبكى يعلم جيدًا أن داوود هو صاحب الكلمة الأولى والأخيرة فى الاستوديو، هل داوود عاجز عن قراءة شفرة الجمهور الذى يصفونه بجيل (زد)، وهم الشباب الذين وُلدوا فى بداية زمن المحمول نهاية التسعينيات، وهؤلاء يشكلون القوة الضاربة فى شباك التذاكر؟ أراه على العكس يعرفهم جيدًا.

لمن أراد داوود أن يتوجه بإعلان اعتزاله؟ مؤكد الدولة التى لم تدرك حتى الآن أن الفيلم هو أحد أهم عناوين مصر الناعمة، وأن سقف الحرية يجب أن يتسع للعديد من الأفكار، ولا خوف أبدًا من ارتفاع سقف المسموح. عندما نعلم أن مهرجان (البحر الأحمر) عرض أفلامًا تحفّظ عليها رقابيًا مهرجان (القاهرة)، أظن أن تلك المعلومة وحدها كان ينبغى أن تفرض علينا هذا السؤال: (أين كنا وكيف أصبحنا؟).

يحلو لأصدقاء داوود أن يطلقوا عليه حكيم الجيل، فهو يتأنى فى اختيار الكلمة عندما يتكلم ويفكر ألف مرة قبل أن يمسك القلم ويكتب السيناريو ولا يشرع فى التصوير إلا بعد أن يتجسد فى خياله الشريط السينمائى فيبدأ فى تنفيذه.

امتلك داوود عبدالسيد ميكروسكوبًا وتليسكوبًا معًا، كان يقترب بالميكروسكوب من التفصيلة الدقيقة ليصنع منها عالمًا مترامى الأطراف، وفى نفس الوقت كان قادرًا بنظرة من خلال التليسكوب أن يرى الكون كله فى لقطة واحدة، كان ولايزال هو الأصدق فى قراءة شفرة الجمهور، فهل وصلت رسالة داوود؟!.

tarekelshinnawi@yahoo.com

 

المصري اليوم في

03.01.2022

 
 
 
 
 

اعتزال "داوود" الذي يُدينُنَا

عبد الجليل الشرنوبي

في ميدان المُقاومة لمشروع "التمكين" الإخواني من مصر التقيتُه للمرة الأولى، ومِنْ أهم سمات تلك الفترة أنها كانت تُمثل ماكينة فرزٍ بين مُناضلي الشاشات والمِنصات، وبين الخارجين لوجه "بهية" احتسابًا لغرامها وذودًا عنْ حِماها، ورجلنا كان من النوع الثاني، مصريًّا مُخرجًا مُبدعًا ومناضلًا هو "داوود عبدالسيد"، الذي باغت واقعنا قبل أيام في لقاء تلفزيوني بإعلان اعتزاله للسينما، مُبررًا قراره بـ(ماقدرش أتعامل مع الجمهور الموجود حاليًّا ونوعية الأفلام التي يفضلها، لأنه يبحث عن التسلية ولا هم أو اهتمام له لمناقشة القضايا).

ولأن "داوود" إحدى علامات صناعة السينما المصرية المعاصريين فلقد مَثَّل تصريحه إلقاء حجر في ماء ساكن، وتتباعت ردود الأفعال على كافة الأصعدة ما بين مؤيدة وعاتِبة ومصدومة ومناشدِة، الأمر الذي اضطر معه الرجل للمشاركة عبر مداخلة هاتفية في برنامج آخر ليؤكد أن قرار اعتزاله (تحصيل حاصل، لأنه لم يعمل منذ آخر أفلامه عام 2014)، ثم يُقرر "داوود" أن يُتبع حجره السابق بأحجار تسقط متتالية على رأس ضمائرنا؛ إذ يقول (مشكلتي ليست البقاء لفترات طويلة بدون عمل).

ولكن قناعتي أن الجو العام السينمائي لا ينبئ بأي تغيير، لهذا لم أفكر طويلًا في قرار الاعتزال، وهو ليس اعتزالًا مشروطًا، فلا أرى احتمالات لتغير السينما)، يقول ذلك ويردف (علشان لو فيه مكان قرر يقدم فيلم هدية ليا، القضية ليست أنا وإنما أجيال، ومواهب موجودة في السينما المصرية، الأمور محتاجة إصلاح عميق، فالسينما الحالية سينما تجارية أو تشحذ دعمًا من الخارج، وتقدم أفلامًا هائلة، لكن لا يقبل عليها الجمهور، لأن الأفلام المدعومة وفقًا لوجهة نظر الداعم وليس الجمهور"، ثم يعود من جديد لتقييم الجمهور حيث يرى (أن تغيرًا طال جمهور السينما، الذي في غالبيته ليس لديه هموم ولا اهتمامات، وإنما يبحث عن التسلية، في قاعات فاخرة متناثرة في المولات البعيدة عن التجمعات السكنية).

ربنا يكتَّرْ من أمثالك

بحكم عملي الذي يرتبط بدراسات التنظيمات الإرهابية والمتطرفة، أتابع الخطاب الديني في مطلقه على الإنترنت وعلى صفحات التواصل الاجتماعي الإلكترونية خصوصًا، والمثير أنَّه عبر إحدى هذه الصفحات وصلني خبر اعتزال "داوود"!، حيث قام مدير الصفحة بإعادة نشر خبر اعتزاله بعدما سبَقَهُ بـعبارة (ربنا يكتر منْ أمثالك)!، والأكثر إثارة أنْ عشرات التعليقات على الخبر المنشور مِنْ عينة (المهم تكون توبة نصوح – عندك 76 سنة اعمل لك عمرة ولا حجة – أكيد أوِّل ما مُنتج يشاور له بفلوس هيرجع تاني )!.

تذكرتُ من فوري فيلم المخرج "داوود" الذي حمل عنوان (مواطن ومخبر وحرامي)، وجسد فيه الراحل "شعبان عبدالرحيم" دور (الحرامي) الذي يقوم بتقييم رواية كتبها (المواطن) استنادًا إلى أنها غير أخلاقية لأن بطلتها التي ارتكبت الفاحشة لم تمت محترقة ولأن أحداث الرواية التي تدور في عشرين سنة لم يتخللها أداء أيٍّ من أبطالها للصلاة!.

صرخةٌ أم اعتزال؟

أسئلة كثيرة يطرحها قرار "داوود" بالاعتزال، لكن أهمها في تقديري هو (هل تُدين مسبباته الجمهور؟)، وهو الذي وَصَّفه بأنه (غير مهتم ويبحث عن التسلية)، والحقيقة أن الرجل في تصريحاته أن سبب الاعتزال هو (عدم وجود فرص جادة في السينما المصرية حاليًّا)، أما فيما يخص الجمهور فتساءل مستغربًا (كيف أستعلي على الجمهور الذي أستهدفه؟)، كما اعترف (ما بأعملش حساب للنقاد لكن بأعمل حساب الجمهور)، إذن فالصرخة التي يطلقها الرجل على هيئة قرار بالاعتزال، ليست صرخة باحث عن عمل أو عن إثبات ذات أو تحقق قدر ما تكون صرخة تحذير موجهه لتدارك صناعة اختلت معايير معادلاتها عبر مُدخلاتٍ اعتراها ما اعتراها من أدران عقود طال فسادها وإفسادها كل مُدخلات واقعنا حتى اختلت مُخرجاتها الممثلة في الجمهور-المتلقي-، وانتهى بنا المطاف إلى واقعٍ استبدت به سياسات الترفيه والتسلية والتسويق ليتأخر معها ما هو  موجه نحو دعم الوعي والمعرفة والثقافة والهوية، وفتح آفاق جديدة للتفكير والتدبر والإبداع، وهو دور السينما الأصيل في مراحل بناء الأوطان.

 التنبؤ السينمائي

شخصيًّا مثلت السينما في تجربتي أحد محفزات التدبر في واقع الحياة داخل تنظيم الإخوان الذي أسرني لمدة تزيد عن العقدين، وأعترف أنني بصفتي عضوًا في اتحاد نقاد السينما المصريين إلى جوار عملي في صحافة الإخوان قد كتبت لهم رؤى نقدية لأعمال سينمائية عديدة حسبما أملاه عليَّ العقل التنظيمي حينها باعتبارها تُعادي الدين أو تزدري تعاليمه وكان منها أعمال لـ"داوود عبدالسيد"، وتحديدًا (أرض الخوف – مواطن ومخبر وحرامي)، لكنَّ جزءًا حيًّا داخلي كان يتلقى هذه الأعمال بوعيٍ مختلف، تتفجر معه الأسئلة حول (صواب الطريق)، ولهذا كان لقائي الأوّل بالأستاذ "داوود"، بمثابة لقاء أوّل من مستقبل لرسائل قيمة عبر مُرسلٍ عرفهُ ولم يره من قبل مباشرةً، وفي أنشطة وفعاليات (جبهة الإبداع المصرية) التي تشكلت لمواجهة تهديدات التمكين الإخواني للهوية المصرية كان "داوود" مثالًا للمُبدع المهوم بوطن، والمُتجرد دفاعًا عنه، وحين أفضت ثورة الثلاثين من يونيه إلى غايتها عاد الرجل إلى مكتبه بين أوراقه غير متطلعٍ لمتاجرة بدور أو للحصول على مغنم، وبطبيعة المُنجز الذي حققه "داوود عبدالسيد" على المستوى الفني فإن صاحب (أرض الأحلام – سارق الفرح – الكيت كات- أرض الخوف- مواطن ومخبر وحرامي) وغيرها من العلامات السينمائية لا يعوزه موقف المتاجر بالاعتزال أو المغازل للسوق الجديد.

ومع تعتق سني العمر خبرة وانتماءً وإبداعًا يُصبح الموقف أكثر عمقًا من مجرد قرار انفعالي لمبدع بحجم "داوود"، وهو يُعايش ما حذر منه فنيًّا، من أجيال جديدة تنشأ مائعة الجينات وتائهة البوصلة ومُجردة من الهوية، أنَّى لهكذا شخصية أنْ تبقى على خريطة عالم يتشكل؟، ومع استبداد الثقافة الاستهلاكية بواقعنا يُصبح التهديد للشخصية المصرية القادمة أكبر، ومع تربص بؤر التطرف الكامنة بمجتمعاتنا ونشرها جراثيم أفكارها في الحواضن الشعبية تغدو صناعات الوعي والسينما في مقدمتها صناعات أمن قومي مطلوب التضافر لتقديم تصورات استراتيجية تنهض بها وتبني رسمي يضمن حدًّا أدنى لتحقيقها، ووعيًا بها لدى المستثمرين في قطاعاتها، إن هكذا تدابير قادرة على استنهاض صناعة كانت الثانية في مصر بعد (القطن)، وضمنت حضورًا مصريًّا على خريطة محيطاتنا الإقليمية والعربية والدولية.

إن قرار "داوود عبدالسيد" بالاعتزال لا يدين الجمهور قدر ما ينحاز إليه، ولا يُبرئ صُناع السينما الحاليين قدر ما يواجههم بعوار مساراتهم، ولا يُعفي كل مسؤول عن الذود عن حمى الوعي المصري من مسؤولياته التي على رأسها استثمار الفنون باعتبارها تثقيفًا وتوعية لا مجرد ترفيه وتسلية.

 

المدار المصرية في

03.01.2022

 
 
 
 
 

ردود أفعال غاضبة في الوسط السينمائي المصري بعد اعتزال المخرج داود عبد السيد

فايزة هنداوي

القاهرة – «القدس العربي»: آثارت تصريحات المخرج الكبير داود عبد السيد، حالة من الجدل في الوسط السينمائي المصري،حيث أعلن اعتزاله الإخراج السينمائي في حلقة من برنامج «هذا المساء مع قصواء» ، مبررا هذا الاعتزال باختلاف جمهور السينما، الذي أصبح يبحث عن التسلية فقط، ولا يريد التفكير في رأي عبد السيد.

وقد تضامن كثير من الفنانين معه، متفقين مع رأيه، في حين اعترض البعض على حديثه عن جمهور السينما، مؤكدين أن العيب في منظومة الإنتاج التي أصبحت غير ملائمة لتقديم فن حقيقي.

في حين وجه البعض تهمة الاستسلام لداود عبد السيد.

لكن كان هناك إجماع علي ضرورة التراجع عن هذا القرار والعودة لتقديم أعمال متميزة. وطالبت المخرجة هالة خليل بإنقاذ السينما، وكتبت على صفحتها في موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك « الأستاذ يقرر الاعتزال لأنه غير راض عن الأحوال. انقذوا السينما الجميلة».

وكتب المخرج أمير رمسيس على صفحته: «مؤلم قرار أستاذ داود بالاعتزال. فقدنا شيئا من طعم السينما كما أحببناها:

ويرى الناقد السينمائي وأستاذ السينما في الجامعة الأمريكية مالك خوري، أن داود أخطأ في قرار الاعتزال، وفي توصيفه للسبب وراء هذا الاعتزال

وكتب خوري: «داود عبد السيد: لقد أخطأتَ مرتين اعتزالك خسارة ضخمة للسينما المصرية والعربية، ولكل عاشق للسينما».

وتابع خوري في منشور عبر موقع « فيسبوك»: « لكن اعتزالك هو أيضا اعتراف بالهزيمة، وهذا خطا كبير ، أما الخطأ الثاني يا داود فيكمن في توصيفك للسبب وراء دفعك لهذا الاعتزال، فجمهور السينما في بلادنا لا حول له ولا قوة… وهم فرضوا عليه وصاية جسم غريب عن تاريخه السينمائي والفني». وكتبت الممثلة سلوي محمد علي: «أستاذ داود لما قال بحب شباك التذاكر يصرف على الفيلم، يعني صناعة سينيما حقيقية». وأضافت عبر صفحتها على موقع « فيسبوك: «أستاذ داود صبر كتير وحاول كتير لكن، كان الوضع أكبر من كل مقاومته واعتزاله صرخة يمكن تحرك حاجة ولو بسيطة».

وكتب الناقد محمد الروبي «قبل أن تلوموا داود وتناشدونه التراجع عن قراره . قولوا له ( وليه) كيف؟ كيف يمكن أن يعود لإخراج.

وتابع عبر صفحته على «فيسبوك» : «اسألوا الدولة ألم يحن الوقت أن تمتلك شركة للإنتاج وأخرى للتوزيع والأهم دور للعرض».

وأكد المنتج محمد العدل أن عبد السيد محق في قراره تماما، وكتب منشورا عبر « فيسبوك «، قال فيه: «أستاذ داود عبد السيد أفخر بأنى عاشرتك وصادقتك واستمتعت بأفكارك، رغم حزني الشديد على قرارك
لكن لك كل الحق، قرارك قرار سليم جدا ويتفق مع المعطيات الموجودة».

وكتب الناقد أسامة عبد الفتاح المدير الفني لمهرجان الإسماعيلية: « نتمناها استراحة محارب.. استراحة من القلق والضيق والغضب والاتصالات والمفاوضات والحزن على مشروعات قتلت عمدا في مهدها ولم تر النور.. استراحة من العجب والحيرة إزاء الهرم المقلوب والمفاهيم المغلوطة.. استراحة حتى تصحيح الأوضاع والمسار يعود بعدها الأساتذة الكبار لإفادة وإمتاع الناس «. بدوره كتب الناقد محمود عبد الشكور قائلا» طبعا لا يمكن قبول اعتزال مخرج كبير مثل داوود عبد السيد، ولكن من حقه أن يعلن احتجاجه على ظروف السينما السائدة».

وأضاف عبد الشكور عبر صفحته في موقع التواصل الاجتماعي « فيسبوك»: من حقنا أن نقول له، بالمقابل، إنه لا يوجد جمهور واحد لكل الأفلام، وكل نوعية لها جمهورها. وما أعرفه أن جمهور سينما داود عبد السيد ينتظر أفلامه، ويتمنى أن يحقق كل أحلامه المؤجلة».

وكتب مدير التصوير سعيد شيمي «خبر اعتزال الصديق العزيز الفنان المخرج داود عبد السيد…عيب عليكي يا مصر يحدث فيكي ده»!

وكتب الناقد طارق الشناوي عبر « فيسبوك» : «اعتزال المخرج الكبير داود عبد السيد هو أسوأ خبر يبدأ به العام الجديد. واثق أنها استراحة محارب وليست اعتزالا. عودة داود للساحة واجب على كل من يعشق عالم هذا المخرج الاستثنائي».

 

القدس العربي اللندنية في

03.01.2022

 
 
 
 
 

تفاعل مصري واسع مع إعلان المخرج داود عبد السيد اعتزاله

التلفزيون العربي

تشهد مواقع التواصل الاجتماعي في مصر تفاعلًا واسعًا مع إعلان المخرج داود عبد السيد اعتزاله بعد رحلة طويلة مع السينما ناهزت الخمسين عامًا، حصد خلالها جوائز عديدة

ويعد السيد واحدًا من أشهر مخرجي مصر، الذين قدموا للسينما أفلامًا تركت بصمتها في الفن السابع، وأبرزها فيلم الكيت كات مع الراحل محمود عبد العزيز عام 1991، والذي قدم معه قبلها فيلم الصعاليك عام 1985 وشاركهما النجم الراحل نور الشريف أيضًا

وقدم السيد مع الفنان الراحل أحمد زكي فيلم أرض الخوف عام 2000، وكذلك أفلاما شهيرة مثل مواطن ومخبر وحرامي، وفيلم أرض الأحلام والبحث عن سيد مرزوق

التجارب الأميركية

وأطل السيد في حوار متلفز بأحد البرامج المصرية مع الإعلامية قصواء الخلايلي، وأعلن خلال حواره معها اعتزاله العمل السينمائي، منتقدًا الأفلام الحالية، والتغيير الذي طرأ على الذوق العام، واصفًا الأعمال التي تشهدها السينما المصرية بالأعمال التي تنسخ التجارب الأميركية التجارية

وداود عبد السيد من مواليد عام 1946، وكان مساعدًا للمخرج يوسف شاهين في فيلمه التاريخي "الأرض" الذي أنتج عام 1970

وجاء ظهور السيد بعد أعوام من الغياب، حيث كشف أنه يعاني من عزوف المنتجين عن أعماله، وقال: إن معظم التمويل الحالي يصب في خانة أفلام التسلية، بينما تغيب الأفلام التي تطرح الأفكار الكبيرة للنقاش

مسيرة من الجوائز

وحصد السيد خلال مسيرته الطويلة، عدة جوائز مهمة، مثل جائزة الإنتاج الفضية من المهرجان القومي للسينما عن فيلمه سارق الفرح، الذي نال كذلك الجائزة البرونزية من مهرجان دمشق الدولي، وجائزة الجمهور من مهرجان سورونتو، إيطاليا، عام 1995.

أما فيلمه الكيت كات، فقد نال جائزة التفوق في السيناريو في المهرجان القومي، والجائزة الذهبية من مهرجان دمشق الدولي، وجائزة السيناريو من مهرجان الإسكندرية والبحر المتوسط.

ونال السيد جائزة الهرم الفضي من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي عن فيلمه أرض الخوف، وجائزة السيناريو من مهرجان البحرين الأول عن الفيلم نفسه. كذلك نال الفيلم جائزة أحسن إخراج من مهرجان جمعية الفيلم.

وحصل عن فيلم "البحث عن سيد مرزوق" على جائزة الهرم الفضي من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي الـ15، عام 1991. ونال فيلمه الصعاليك جائزة العمل الأول في مهرجان أسوان الأكاديمي، عام 1985. وحصل فيلمه أرض الأحلام على جائزة الإنتاج الثانية من المهرجان القومي للسينما، عام 1993. وتم اختيار ثلاثة أفلام له ضمن قائمة أهم 100 فيلم عربي التي أصدرها مهرجان دبي السينمائي الدولي في دورته العاشرة عام 2013، وهي: الكيت كات 1991، أرض الخوف 1999، ورسائل البحر 2010

وحصل عن فيلمه مواطن ومخبر وحرامي على جائزة أفضل فيلم، وأحسن إخراج من المهرجان القومي للسينما، وجائزة أحسن فيلم وأحسن إخراج وأحسن سيناريو من مهرجان جمعية الفيلم، عام 2001.

 

التلفزيون العربي في

03.01.2022

 
 
 
 
 

بعد اعتزاله الإخراج ..

داوود عبد السيد يتصدر محركات بحث جوجل

أحمد السنوسي

تصدر اسم المخرج داوود عبدالسيد، «التريند» محركات البحث في مصر بعد يومين فقط من إعلانه اعتزال الإخراج نهائياً.

وأرجع عبدالسيد أسباب اعتزاله الإخراج لما أسماه الوضع العام في السينما والإنتاج لا ينبأ بأي تغيير في صناعة السينما، إذ إن الجمهور، حد تعبيره، يبحث عن التسلية وليس العمل الجيد.

وقال المخرج داوود عبدالسيد إن إعلان اعتزاله «تحصيل حاصل»، لأنه لم يعمل منذ سنوات، لافتاً إلى أن آخر أفلامه كان فيلم «قدرات غير عادية» وكان في عام 2014.

وفي حيثيات اعتزاله قال عبدالسيد، إن قراره بالاعتزال ليس مشروطاً، إذ إنه لا يجد أي أمل في إصلاح حال السينما المصرية، وأردف المخرج الكبير: «لم أفكر طويلاً في قرار الاعتزال، وليس اعتزالاً مشروطاً، فلا أرى احتمالات لتغير السينما»، فالسينما الحالية برأيه سينما تجارية تستهدف جمهوراً ليس لديه هموم أو اهتمامات.

ولفت إلى أنه في الثمانينيات والتسعينيات في القرن الماضي كانت توجد مجموعة جيدة من الأفلام للمخرجين الشباب، هي المتسيدة، والمشكلة الآن أن الجمهور تغير، مردفا: "أنت غيرت الجمهور، الجمهور اللي بيروح السينما في غالبيته ليس لديه هموم ولا اهتمامات، وإنما يبحث عن التسلية، في قاعات فاخرة متناثرة في المولات بعيدة عن التجمعات السكنية".

ولفت إلى أنه قديما دور السينما كانت في الأحياء السكنية، وهو ما لم يعد موجودا.

داوود عبد السيد كان قد أعلن اعتزاله خلال حواره ببرنامج "في المساء مع قصواء"، مع الإعلامية قصواء الخلالي، على فضائية CBC: "ماقدرش أتعامل مع الجمهور الموجود حاليا ونوعية الأفلام التي يفضلها، لأنه يبحث عن التسلية، ومشكلة أفلام التسلية أنها ممولة بشكل كبير، وأفضل أن يكون تمويل الفيلم من تذكرة السينما، ومن وجهة نظري أن جمهور هذه الأيام لا اهتمام له بمناقشة القضايا، لكنه يبحث عن التسلية".

وبعد قرار الإعتزال خرج عدد كبير من صناع السينما من مؤلفين ومخرجين مطالبين عبدالسيد بالرجوع عن قرار إعتزالة.

داوود عبدالسيد هو مخرج ومؤلف مصري، من مواليد 23 نوفمبر 1946، حصل على بكالوريوس إخراج سينمائي من المعهد العالي للسينما عام 1967، كان يتمنى في طفولته أن يصبح صحفياً إلا أنه أحب السينما وتعلق بها فعمل في بداية حياته المهنية، كمساعد مخرج في بعض الأفلام أهمها «الأرض» ليوسف شاهين، و«الرجل الذي فقد ظله» لكمال الشيخ، و«أوهام الحب» لممدوح شكري.

صنع عبدالسيد أفلاماً تسجيلية اجتماعية لشغفه برصد المدينة وأهلها، فكان ينتمي للطبقة المتوسطة، فلم يختلط بالعمال في المصانع الذين يصورهم في أعماله، لذا كانت الأفلام التسجيلية وسيلته للاحتكاك بطبقة العمال بمختلف طوائفهم.

وعن عمله بالأفلام التسجيلية قال عبدالسيد: «أنا ابن المدينة ولم أعِش في الريف، كما أنني ابن الطبقة الوسطى ولم أكن أعلم بما يحدث في المصانع والطريقة التي يعمل بها العمال، فمنحتني الأعمال التسجيلية لمحة عن حيوات لم أكن أعلم عنها شيئاً، واستطعت التعرف بشكل أكبر على ملامح من حياة المصريين».

قدّم عبد السيد عدداً من الأفلام التسجيلية المُهمة منها: «وصية رجل حكيم في شؤون القرية والتعليم» 1976، و«العمل في الحقل» 1979، و«عن الناس والأنبياء والفنانين» 1980.

 

####

 

إنفوجراف | أهم 5 أفلام للمخرج داوود عبد السيد

حسام حسني

داوود عبد السيد مخرج ومؤلف مصري، حصل على بكالوريوس إخراج سينمائي من المعهد العالي للسينما عام 1967. لم يكن ضمن طموحه في الطفولة أن يصبح مخرجًا سينمائيًا لكنه أراد أن يكون صحفي، بدأ العمل كمساعد مخرج في بعض الأفلام أهمها (الأرض) ليوسف شاهين.

 

 

بوابة أخبار اليوم المصرية في

03.01.2022

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004