ملفات خاصة

 
 
 

رسالة إلى داود عبد السيد

هل المشكلة في الجمهور فعلا؟

أمجد جمال

داود عبدالسيد

ألف مبروك

   
 
 
 
 
 
 

إعلان المخرج داود عبد السيد قراره اعتزال السينما فجّر نقاشًا وجدلًا سينمائيًا كبيرًا.

صحيح أن الابتعاد نفسه ليس مفاجأة؛ لأنه أمر حادث بالفعل. لكن ما صنع الجدل كان الحيثيات التي طرحها وتتلخص في شعوره بغربة عن جمهور هذه الأيام ومنظومة الصناعة والسوق السينمائي.

بقدر شعور الحزن بسماع تصريحات داود عبد السيد وإحباطه من أحوال صناعة السينما وقرار اعتزاله، بقدر تفاؤلي بالمناقشة التي فرضتها تلك التصريحات، والتي قد تكون سببًا في إنقاذ السينما الفنية من أزمتها.

أخص السينما الفنية بالأزمة؛ رغم أن انتقادات داود طالت كل شيء آخر، وعلى رأسها السينما الجماهيرية التي يعيب عليها كونها تمارس دورها الطبيعي بأن تزداد جماهيرية.

سينما العرض والطلب

فيما يخص السينما الفنية، فإن أهم ما ناقشه داود عبد السيد بالحوار هو علاقة المبدع الجاد بالجمهور وببيئته ومجتمعه، قدر تفاعله معه ودراسته، وذلك الخيط الرفيع بين قيادة الجمهور وبين التماهي معهم أو نفاقهم، معضلة تسليتهم دون تنازل كبير عن استقلال رؤيته.

والنقطة الأخطر التي طرحها كانت أهمية التمسك بأن يسير إبداع الفنان وفق دورة اقتصادية سليمة قائمة على مبدأ العرض والطلب، وليس بتمويلات المنح غير الهادفة للربح والتي تملي شروطها وأجندتها على المبدع، وتعطيه إحساسًا وهميًا بالحرية.

كل تلك النقاط المهمة طرحها عبد السيد في حديثه، وهي من الأمور الأساسية التي يجب حسمها من كل طامح بالعمل في مجال الفن دون تعالٍ، ولا سيمّا فن جماهيري بطبعه كالسينما.

ومجرد التفكير فيها هو تأكيد جديد على جدارة داود عبد السيد وأحقيته بالمكانة الفريدة التي اكتسبها لنفسه كمبدع حقيقي؛ لأن تفاعل الجمهور أو عدمه مازال يعنيه!

الجمهور الباحث عن التسلية!

نقطة أخرى تم التركيز عليها وهي “الجمهور لا يبحث إلا عن التسلية.” البعض تعمد وضع تلك العبارة في سياق اللوم على الجمهور وتحميله المسؤولية كاملة وحده. وهذا أمر غير منطقي ولا أظن داود عبد السيد كان يقصده.

من أوجه الفكاهة الذكية في ثقافتنا الشعبية، ارتبط الفنان الذي يلوم الجمهور بذلك المشهد الكوميدي العبثي لـ فريد شوقي وهو يؤدي دور المطرب الفاشل في فيلم “بداية ونهاية” حين ينفعل على الجمهور وينهال عليهم بالسباب والضرب لأنهم لا يحبون صوته!

الفارق هنا، أن داود عبد السيد ليس مخرجًا فاشلًا، بل صانع لأفلام جمعت المثقفين والأميين بطبقاتها المتعددة والتي لا تزال تؤثر في أجيال متعاقبة حتى الآن، منهم من اكتفى بالحدوتة ومن أثارته أعمق رمزياتها وهمومها، وهناك اتفاق على موهبته الفذة ورؤيته، حتى لو اختلفنا على بعض أفلامه.

محاولة اليسار اختطاف صناع السينما

هناك محاولات تاريخية من المثقفين اليساريين لاختطاف داود عبد السيد في دائرتهم، بل واختطاف تيار الثمانينيات كله (الواقعية الجديدة): محمد خان، عاطف الطيب، خيري بشارة، رأفت الميهي.

وذلك بادعاء مغلوط أن أفلام هؤلاء كانت نخبوية بحتة ودائمة الخسارة في شباك التذاكر، وذلك لإكمال سردية “الجمهور المقصر” في حق السينما الفنية. وأنه لا بأس إذن من التمادي في تجاهل هؤلاء الدهماء وصنع المزيد من الأفلام التي لا تستهدف الجمهور.

لم تكن تلك السردية إلا سببًا في مزيد من الفشل والغربة التي تتسم بها أفلام جيل الشباب من السينما الفنية الجديدة، هم ببساطة أساؤوا قراءة موجة الثمانينيات!

ولأننا في بلد بلا أرقام، وصناعة سينما بلا أرقام للفصل. عدت بالأرشيف لبعض العقود، وجدت الرد عند مخرجي تلك الموجة.

قال خيري بشارة في تحقيق أجراه طارق الشناوي عام ١٩٩١ لجريدة الأهالي:

أسهل شيء هو الاتهامات وبدون الرجوع للإحصائيات، ولكن زميلنا د. محمد كامل القليوبي قدم إحصائية مع المنتج حسين القلا وجاء فيها أنه إذا كانت السينما تنتج في العام ٦٠ فيلمًا، فإن أفلامنا تقع في العشرة الأوائل من حيث الإيرادات. فهي، إذن، أفلام جماهيرية

وقال محمد خان في السياق نفسه:

بالورقة والقلم لم يخسر لنا أي فيلم والدليل على ذلك هو استمرارنا، بل أن هناك بعض الأفلام التي حققت إيرادات ضخمة لمنتجيها، والمنتج حسين القلا يذكر دائما أن فيلم “زوجة رجل مهم” من أكثر الأفلام التي حققت أرباحا لشركته

ذلك ما يتناساه بعض صناع السينما الشباب الآن، وحاضنتهم الثقافية التي تشجعهم على مزيد من الكسل وتعليق غربتهم عن الناس فوق الشماعات المعروفة. جميعهم التفوا على الفكرة الفنية التي قام عليها تيار سينما الثمانينيات، لكن غضوا الطرف عن فكرة الاستدامة الاقتصادية التي سار عليها رموز هذا التيار. داود منهم. والتي جعلتهم تيارا فنيا بحق يستحق الاحترام.

استخدمت كلمة “الاستدامة” بدل “الأرباح” لأن الأفلام ليس مطلوب منها أكثر من تغطية نفقاتها، ليس مطلوبًا من جميعها تحطيم شباك التذاكر، ولكن مطلوب من صناعها أن يظل الجمهور في حساباته وتطلعاته، حتى لو خسر الفيلم يظل لديه فرص نجاح أخرى بالتلفزيون والمنصات.

تلك كانت الرسالة الأهم في محاورة داود عبد السيد الأخيرة والتي فضل البعض تجاهلها؛ لأنها تعري كسل النخبة المعاصرة. وهذا نص ما قاله عن الاستدامة: “أفضل أن يتم تمويل أفلامي من تذكرة السينما“. مثلما كان يحدث في الماضي مع أفلام جيله والجيل الأسبق.

بلا تعال على الجمهور 

في أحد أجزاء اللقاء ينظر لفيلمه “البحث عن سيد مرزوق” بعين نقدية، ويمكن اعتباره الفيلم الأفشل جماهيريًا في كل ما قدم.

يعترف داود أن نبرته الطليعية وأسلوبه في الفيلم كان أسبق بخطوات كبيرة عن الجمهور وهذا ليس أمرا جيدا دائمًا، بل على المبدع الإمساك بالنقطة المتوازنة بين طليعيته وبين مزاج الناس.

وهو الأمر المتحقق في أفلامه التالية مثل “الكيت كات” و”مواطن ومخبر وحرامي” و”رسائل البحر” التي حققت شعبية وتأثير كبير.

وما قاله هنا دليل أنه لا يتعالى على الجمهور أو يلومه بمنطق فريد شوقي في المشهد الشهير. ولكن بمنطق أنه لم يعد مستعد للاشتباك، ولا مؤهل لدراسة هذا الجمهور والتعبير عن همومه التي يراها غير غائبة.

بكلمات أخرى يرفض دخول المعركة من بابها.

يعترف داود في لقائه، أنه لا يعرف شيئا عن مجتمع السينمات الجديد، ورمز له بمنطقة التجمع الخامس، وتلك الطبقة المستعدة لدفع ٧٠ أو ١٠٠ جنيه في تذكرة سينما، هو لا يعرف عن تلك المجمعات السينمائية الفارهة سوى أسمائها، لا يعرف حتى طريق الذهاب لها بسيارته ولا ينوي.

هذا موقف سلبي وانهزامي، ويجعله في نفس الجيتو الثقافي مع صناع السينما المستقلة الجديدة، فقط يتفوق عليهم في الترفع وعزة النفس التي تجعله يرفض أن يقدم فنًا بالتبرعات وخارج منظومة العرض والطلب.

نفسها شكوى سكورسيزي 

شكوى داود متجاوزة المحلية، هي نفسها شكاوي سكورسيزي وتيري جيليام وكوبولا.

والأدهى أن مخرجا من عيار ريدلي سكوت نفسه، والذي كان مصنفا باعتباره المخرج الشعبوي الأبرز في الثمانينيات والتسعينيات، خرج منذ أسابيع بنفس الشكاوي!

حتى ستيفن سبيلبرج الذي اخترع مفهوم “البلوك باستر” ورائد السينما الكونية لم يعد يملك ترمومتر الجمهور، وصارت أفلامه بعيدة عما يطلبه الناس تمامًا.

العالم يتغير، ليس شرطًا للأفضل، لكن التغير أمر واقع. وأزمة السينما عالمية. في عادات المشاهدة وثقافة الجمهور وأسلوب إدارة الوقت، وشكل الوسيط المرئي الترفيهي نفسه.

هؤلاء المبدعون يخاطبون جيلا شبّ على الهواتف الذكية وتطبيقات التواصل، ومجانية المعرفة والمحتوى. بالطبع هذا جمهور مختلف، والمؤكد أن لديه همومه الخاصة حتى لو كانت مخبأة في أسلوب حياتهم المبهرج ظاهريًا.

داود عبد السيد.. لا تستسلم

ربما على داود عبد السيد أن يفعلها ويذهب لسينمات التجمع الخامس التي تخيفه ولا يستسلم لأصوات فقاعات الإحباط ومنطقة الراحة التي تجوّد على تصريحاته وتضغط عليه من أجل تسييس موقفه، فمشكلته أساسًا فنية ثقافية، مشكلته في التواصل المفقود.

أما مسائل كالاحتكار والرقابة فيسهل تجاوزها بقليل من المرونة والحنكة.

داود ذكر أن أفلامه كلها عن ذلك البطل الذي يخرج من شرنقته لعالم آخر ويخوض تجربة تغير حياته، مثل يحيى ويحيى ويحيى.

ليس على داود عبد السيد الاعتزال، بل عليه أن يخوض بنفسه رحلة مثل يحيى لعالم السينمات الجديد،

فليتحمل إصلاحات الطريق الدائري وفلاش رادارات شارع التسعين، وصخب الفود كورت، وعتمة النظارات ثلاثية الأبعاد وشراء بعض السلع التي لا يحتاجها في سبيل مشاهدة فيلم مع هذا المجتمع ليفحصه برؤيته النقدية السديدة.

فقط عليه الاقتراب لا الابتعاد والشكوى.

لعله تماهى مع هذا المجتمع وخاطبه بفنه، وربما تأكد نفوره وخرج بقصة تنقدهم وتسخر منهم.

عليه أيضا أن يدخل لعالم المنصات ويتعرف على التغيير الكبير الذي أحدثه في ثقافة المشاهدة،

فليشاهد مثلا الفيلم الأخير لآدم مكاي Don’t Look Up على نتفليكس، ليتأكد أن الجمهور دائما مستعد للاستمتاع بفيلم يسخر منهم ويصفعهم على وجوههم بشرط أن يكون مبدعه قريبا منهم ويعرفهم حقا، والأهم يهتم بتفاعلهم.

ناقد فني

 

دقائق نت في

03.01.2022

 
 
 
 
 

بعد إعلانه الاعتزال.. من هو داوود عبد السيد؟

كتب- عبد الفتاح العجمي:

أثار إعلان المخرج داوود عبدالسيد، اعتزال الإخراج بشكل نهائي، ردود فعل واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، خلال الساعات الأخيرة الماضية.

"عبد السيد" قال خلال حواره ببرنامج "في المساء مع قصواء"، مع الإعلامية قصواء الخلالي، على فضائية CBC: "ماقدرش أتعامل مع الجمهور الموجود حاليا ونوعية الأفلام التي يفضلها، لأنه يبحث عن التسلية، ومشكلة أفلام التسلية أنها ممولة بشكل كبير، وأفضل أن يكون تمويل الفيلم من تذكرة السينما، ومن وجهة نظري أن جمهور هذه الأيام لا اهتمام له بمناقشة القضايا، لكنه يبحث عن التسلية".

"عبد السيد" أضاف: "في أحد الأفلام يقوم البطل بتحطيم سيارتين على غرار ما يحدث في بعض الأفلام الأمريكية، فهل هذا الأمر هام؟! أرى أن هذا النوع من المشاهد غرضه التسلية، لا للبحث عن شيء حقيقي في النفس البشرية، ولا فائدة أيضا من مشهد يحمل البطل فيه سلاح آلي ويضرب رصاص، لم أرى هذه المشاهد في الحقيقة، وخاصة السيارات التي يتم تحطيمها إلا في حالات محدودة، هذه المشاهد منقولة عن الأفلام الأمريكية التي تقدم فنًا تجاريًا لكن بشكل احترافي وحبكة أقوى".

من هو داوود عبد السيد؟

- هو مخرج ومؤلف كبير، من مواليد 23 نوفمبر 1946.

- حصل على بكالوريوس إخراج سينمائي من المعهد العالي للسينما عام 1967.

- لم يكن ضمن طموحه في الطفولة أن يصبح مخرجًا سينمائيًا لكنه أراد أن يكون صحفيا.

- بدأ العمل كمساعد مخرج في بعض الأفلام أهمها "الأرض" ليوسف شاهين، و"الرجل الذي فقد ظله" لكمال الشيخ، و"أوهام الحب" لممدوح شكري.

- عقب ذلك، صنع أفلاماً تسجيلية اجتماعية بعد ذلك لشغفه برصد المدينة وأهلها، فقدّم العديد من الأفلام التسجيلية أهمها: "وصية رجل حكيم في شؤون القرية والتعليم" 1976، و"العمل في الحقل" 1979، و"عن الناس والأنبياء والفنانين" 1980.

- بعد ذلك بدأ في العمل علي أفلام سينمائية مهمة، بداية من فيلم "الصعاليك" للنجمين نور الشريف ومحمود عبد العزيز، عام 1985.

- في عام 1991، قدّم أهم أفلامه "الكيت كات" مع محمود عبد العزيز.

- قدّم عقب ذلك أفلام "البحث عن سيد مرزوق، أرض الأحلام، سارق الفرح"، قبل أن يقدم عام 2000 فيلمه المهم "أرض الخوف" مع النجم أحمد زكي.

- عام 2001 قدّم فيلم "مواطن ومخبر وحرامي" مع خالد أبو النجا وشعبان عبد الرحيم وصلاح عبد الله وهند صبري.

- انقطع لسنوات عن السينما، قبل أن يقدم فيلم "رسائل البحر" مع آسر ياسين وبسمة.

- آخر أفلام داوود عبد السيد "قدرات غير عادية" بطولة خالد أبو النجا ونجلاء بدر عام 2015.

- كل أفلام داوود عبد السيد من تأليفه وإخراجه، عدا فيلم "أرض الأحلام" عام 1993.

 

موقع "مصراوي" في

02.01.2022

 
 
 
 
 

اعتزال داوود عبد السيد... والسبب الجمهور أم النظام؟

القاهرة/ العربي الجديد

بعد سنوات من "شبه الحصار" المفروض عليه من قبل أجهزة النظام التي باتت تتحكم في صناعة السينما والفن عامةً في مصر، خرج المخرج الكبير داوود عبد السيد في حوار طويل استغرق حلقتين كاملتين على قناة "سي بي سي" التابعة لـ"المجموعة المتحدة للخدمات الإعلامية" (مملوكة للمخابرات العامة)، ليتحدث عن مشواره الفني الطويل، وعن سبب بقائه 6 سنوات كاملة من دون تقديم عمل جديد، معلناً اعتزاله العمل السينمائي.

داوود عبد السيد قال نصاً للمذيعة قصواء الخلالي عبر برنامجها في "المساء مع قصواء": "أنا اعتزلت الحمد لله"، وأضاف: "لا أستطيع أن أتعامل مع الجمهور الموجود حالياً... والنوع السينمائي الذي يفضله، هذا تيار آخر". وأضاف: "أتحدّث عن تيار الشباب، ومشكلة هذا الإنتاج أنه إنتاج مموَّل، وإنّ من يقدم الدعم يختار من سيدعم... أنا أفضل دائماً أن يكون تمويل الفيلم من تذكرة السينما".

وتابع داوود: "الجمهور السابق كان جمهور طبقة وسطى، وكان لديه هموم واهتمامات، والسينما التي كانت تقدم كانت تخاطب هذه الاهتمامات".

والمعروف في الوسط السينمائي، وما أكدته مصادر من داخل "المجموعة المتحدة" التابعة للمخابرات العامة قبل ذلك لـ"العربي الجديد"، أن هناك تعليمات صدرت منذ عام 2018، لشركات التوزيع والإنتاج السينمائي بعدم التعامل نهائياً مع المخرج داوود عبد السيد وإنتاج أية أفلام له.

وفي عام 2018 تقدم أحد المحامين، ويُدعى محمد حامد سالم، للنائب العام بالبلاغ الرقم 1494 لسنة 2018، ضد عبد السيد، والمرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي، وجميع أعضاء "الحركة المدنية الديمقراطية"، يتهمهم فيه بالتحريض على قلب نظام الحكم، والإضرار بالأمن القومي، والاقتصاد المصري، بعدما أعلنوا مقاطعتهم للانتخابات الرئاسية.

عام 2018 تقدّم محام بدعوى ضدّه يتهمه فيها بالتحريض على قلب نظام الحكم

وقال عبد السيد في تصريحات آنذاك إن "ما حدث ليس بجديد، لذلك قابلته في بادئ الأمر بالسخرية على ما آلت إليه الأوضاع، لكني في قرارة نفسي موقن بأن الأمور تسير من سيئ إلى أسوأ".

وأضاف أنه لم يكن يتوقع أن يُقدم ضده بلاغ لأمر سياسي، حيث عُرف لدى قطاع كبير ممن وصفهم بذوي الأفكار الظلامية، بأنه مخرج يحرّض على انحلال المجتمع، فكان بديهياً أن يكون البلاغ ضد أعماله السينمائية، وقال: "يبدو أن الفاشية الدينية لا تختلف كثيراً عن الاستبداد، كلاهما له أتباعه في الشارع، الذي يريدون إسكات المبدعين، والأصوات الرافضة لأي وضع سيئ، وما فعله هذا المحامي، ومن هم على شاكلته يمارسون بلطجة بالقانون، أو بمعنى آخر، هو نوع من الإرهاب الفكري".

وقال داوود في تصريحاته أيضاً، إنّ من حقه كمواطن إبداء رأيه في أي عملية سياسية كالانتخابات واختيار المرشحين أو مقاطعتها، وإن الدستور المصري يكفل له هذا الحق، مضيفاً: "ما يقال عن إسقاط الدولة (كلام فارغ) ونوع من أنواع الإرهاب الفكري".

والمعروف أن مثل هذه البلاغات المرتبطة بتفاصيل سياسية في مصر، عادةً ما يُدفَع المحامون المبلَّغون بها، من قبل أجهزة الأمن لترهيب المعارضين، وهو الدور الذي اشتهر به المحامي المصري سمير صبري، وآخرون.

وبالعودة إلى الحوار عبر "سي بي سي"، كان لافتاً أن المخرج الكبير لم يتعرض مطلقاً في حديثه لفكرة وجود "تضييق على العاملين بمجال السينما" أو موضوع المنع الذي تعرض له على مدار سنوات، لكنه في المقابل حمّل الجمهور وحده مسؤولية اعتزاله السينما.

وفي الحوار، قال عبد السيد: "جمهور اليوم يدفع أكثر من 70 و100 جنيه ويمتلك سيارة، وليس لديه اهتمامات، ويبحث عن التسلية، والسينما تقدم له هذه التسلية، إنما الجمهور القديم لم يكن يستطيع أن يذهب إلى السينما إلا في الأعياد مثلاً، أنا شخصيًا هناك أكثر من صالة سينما في القاهرة لم أزرها يوماً، ولا أعرف كيف يقصدونها أصلاً فتكلفتها مرتفعة جداً".

لم يتعرض مطلقًا في حديثه لفكرة وجود "تضييق على العاملين بمجال السينما"

عبد السيد قال أيضاً إنه "يعشق كل أعماله المقدمة لجمهوره، ولا يفاضل بين أي من أفلامه"، مضيفاً: "الجمهور يتغير، والجمهور ما قبل "الكيت كات" غير الموجود حالياً، وهناك تغييرات تحصل في المجتمع".

نقاد وعاملون في مجال السينما اعترضوا على ما قاله داوود عبد السيد عن جمهور السينما، وقالوا لـ"العربي الجديد" إنه "لا يجوز أن يبقى مخرج في منزله من دون عمل لمدة 6 سنوات، لأسباب تتعلق بالمنع، ثم يخرج ويحمّل المسؤولية للجمهور واهتماماته". وقالوا إن الحديث "يجب أن يكون عن الصورة بإطارها الكلي مثل تغير شكل الإنتاج، والشركات التي تنتج، ومسألة حرص الجمهور على الذهاب إلى دور العرض السينمائية من عدمه، ونسب الجمهور الكبير التي اتجهت أخيراً للمشاهدة عبر المنصات، وما إلى ذلك من قضايا أخرى مرتبطة بالصناعة، أما اتهام الجمهور وحده، فذلك شيء خاطئ".

بدأ داوود عبد السيد مسيرته الفنية بالعمل مساعد مخرج في بعض الأفلام، أهمها "الأرض" ليوسف شاهين، و"الرجل الذي فقد ظله" لكمال الشيخ، و"أوهام الحب" لممدوح شكري، ثم بعد ذلك توقف عبد السيد عن مزاولة هذا العمل، ليتجه لإخراج الأفلام التسجيلية، وأهمها "وصية رجل حكيم في شؤون القرية والتعليم" الذي أُنتج عام 1976، ويوثّق فيه تاريخ محو الأمية في مصر منذ الاحتلال البريطاني، ومروراً بالحقبة الناصرية، وصولاً إلى سبعينيات القرن الماضي، غير متجاهل للأبعاد السياسية والاجتماعية التي حكمت عملية التنمية، ليخلص إلى أن الأميّة بقيت رغم محوها بوسائل مختلفة، وبالطريقة نفسها أخرج فيلمين تسجيليين آخرين هما "العمل في الحقل" (1979)، و"عن الناس والأنبياء والفنانين" (1980).

ومن أشهر أفلامه "الصعاليك"، و"البحث عن سيد مرزوق"، و"الكيت كات"، و"أرض الأحلام"، و"أرض الخوف"، و"مواطن ومخبر وحرامي"، و"رسائل البحر"، و"قدرات غير عادية".

تشارك المخرج السينمائي المصري (1946) مع رفاقه من صنّاع سينما الواقعية الجديدة مثل محمد خان، ورأفت الميهي، وعاطف الطيب، وخيري بشارة في مصر بتقديم أعمال لا تستند إلى الحبكة التقليدية التي طغت لعقود طويلة، وفي الخروج من الاستوديو إلى الشارع، ومواجهة تابوهات كانت شبه غائبة عن الشاشة الفضية في مصر.

تميّز عبد السيد بين هؤلاء جميعاً لأسباب مهمّة، في مقدّمتها أن الواقع الذي رسمه داخل الكادر أتى حصيلة تراكم خبرة طويلة واستثنائية، حيث أمضى خمسة عشر عاماً في إخراج أفلام تسجيلية كتب هو نصوصها، كما فعل لاحقاً في معظم أفلامه الروائية، وذهب بنفسه لتصويرها وإنتاجها من الألف إلى الياء، في مغامرة كُتب لها النجاح بعد طول تعثّر.

 

العربي الجديد اللندنية في

02.01.2022

 
 
 
 
 

صدمة لمحبي أفلامه.. داوود عبد السيد يعلن اعتزاله الإخراج السينمائي

«سينماتوغراف» ـ القسم التفاعلي

صدم المخرج المصري داوود عبدالسيد، محبيه بعدما أكد إنه اعتزل الإخراج السينمائي نهائياً بسبب ذوق جمهور السينما الآن، وأشار إلى أن الأفلام المصرية الآن مجرد نسخة من السينما التجارية الأمريكية، ونفى داوود تهمة “التعالي” على الجمهور في أفلامه، مؤكداً بقوله: كيف استعلي على الجمهور الذي أستهدفه؟، لا أعمل حساب النقاد لأن وظيفتهم تحليل الأفلام، لكني أعمل حساب الجمهور.

وأضاف عبد السيد خلال حواره ببرنامج مع الإعلامية قصواء الخلالي، قائلاً: لا استطيع التعامل مع الجمهور الموجود حالياً ونوعية الأفلام التي يفضلها، لأنه يبحث فقط عن التسلية.

وتابع: مشكلة أفلام التسلية أنها ممولة بشكل كبير، وأفضل أن يكون تمويل الفيلم من تذكرة السينما، ومن وجهة نظري ان جمهور هذه الأيام لا هم أو اهتمام له لمناقشة القضايا.

ووصف عبد السيد، قائلاً: في أحد الأفلام يقوم البطل بتحطيم سيارتين على غرار ما يحدث في بعض الأفلام الامريكية، هل هذا الأمر هام؟!، أرى أن هذا النوع من المشاهد غرضه التسلية، لا للبحث عن شيء حقيقي في النفس البشرية، ولا فائدة أيضاً من مشهد يحمل البطل فيه سلاح آلي ويضرب رصاص، لم أرَ هذه المشاهد في الحقيقة، وخاصة السيارات التي يتم تحطيمها إلا في حالات محدود.

وأشار، إلى أن مشاهد تحطيم السيارات والافراط في استخدام الأسلحة النارية منقولة عن الأفلام الأمريكية التي تقدم فنا تجاريًا لكن بشكل احترافي وحبكة أقوى.

وأكد داوود عبدالسيد، إنه يستهدف الجمهور العام، لكن الفئات الأكثر ثقافة وتعلماً في سن الشباب هم الأكثر تجاوباً معه.

 

####

 

نقاد وصناع أفلام يطالبون المخرج داوود عبد السيد عدم إعتزال المشهد السينمائي

القاهرة ـ «سينماتوغراف»

نقاد وعاملون في مجال السينما المصرية اعترضوا على إعلان داوود عبد السيد إعتزال الإخراج السينمائي نهائياً، وأكدوا أن هذا مرتبط بظروف خاصة عندما تنتهي يمكن له مراجعة نفسه والعودة من جديد، كما رفضوا ما قاله المخرج الكبير عن جمهور السينما، وأشاروا إلى إنه “لا يجوز أن يبقى مخرج في منزله من دون عمل لمدة 6 سنوات، لأسباب تتعلق بالمنع أو بأسباب أخرى، ثم يخرج ويحمّل المسؤولية للجمهور واهتماماته”. ولفتوا الانتباه إلى أن الحديث “يجب أن يكون عن الصورة بإطارها الكلي مثل تغير شكل الإنتاج، والشركات التي تنتج، ومسألة حرص الجمهور على الذهاب إلى دور العرض السينمائية من عدمه، ونسب الجمهور الكبير التي اتجهت أخيراً للمشاهدة عبر المنصات، وما إلى ذلك من قضايا أخرى مرتبطة بالصناعة، أما اتهام الجمهور وحده، فذلك شيء خاطئ“.

وعلقت المخرجة هالة خليل على نبأ اعتزال المخرج الكبير داود عبد السيد الفن نهائياً، وكتبت عبر حسابها على فيسبوك: “الأستاذ يقرر الاعتزال لأنه غير راض عن الأحوال.. انقذوا السينما الجميلة“.

فيما قال المنتج محمد العدل: “أستاذ داوود عبد السيد.. أفخر بأني عاشرتك وصادقتك واستمتعت بأفكارك.. رغم حزني الشديد على قرارك.. لكن لك كل الحق.. قرارك قرار سليم جداً ويتفق مع المعطيات الموجودة.. خالص تحياتي وحبي وامتناني لشخصك الكريم“.

كما علق المخرج أمير رمسيس على نبأ اعتزال المخرج الكبير، وكتب عبر حسابه على فيسبوك: “مؤلم قرار أستاذ داود بالاعتزال.. فقدنا شئ من طعم السينما كما أحببناها“.

وقالت الناقدة الكبيرة ماجدة موريس، إن تصريح داوود عبدالسيد بشأن اعتزاله لا يعتبر اتهاماً للجمهور، بل هي الحقيقة لأن الجمهور حالياً أصبح ينجذب نحو أفلام التسلية ويترك الأعمال المهتمة بمناقشة القضايا، فالناس تحب التسلية وهذا صحيح، وأغلب الجمهور يفضل الذهاب لمشاهدة الأفلام التي يتسلى فيها “ويفرفش”، لذلك تحقق أفلام الأعياد أعلى إيرادات، لأن الناس ترى أنها ذاهبة للسينما من أجل أن ترفه عن نفسها “وتفرفش” في العيد.

وأضافت “موريس”، أن المفهوم العام للسينما أنها وسيلة ترفيه، لكن ما بعد ذلك في الثقافة العامة أن السينما فيها ترفيه ولكن فيها تفكير وثقافة وفكر، وبالتالي هذه هي الأفلام التي يبقى فيها إبداع أعلى لكنه يحتاج لتلقي باهتمام أكبر ونوع من الثقافة من المتلقي، و هذه النوعية من الأفلام لا تجذب الجمهور لأنه يستسهل الأفلام الخفيفة.

وأشارت موريس، إلى أن أفلام داوود عبدالسيد، من النوعية التي تحمل رؤية وفن، والمشكلة هنا أن هذه الأعمال تجعل المنتج الخاص لا يقبل عليها لأنها ليست سهلة وبالتالي لا يدعمها، ولا ينتجها، خصوصاً أن الدولة لم تعد تنتج في مصر لأنه لا يوجد قطاع عام نهائي مشارك في الانتاج، وبالتالي عندما نجد مخرج كبير مثل داوود يظل كل 7 سنين لكي يخرج فيلماً، يكون هذا حقه أن يغضب ويقرر اعلان اعتزاله، والمناخ العام إذا تغير يمكن أن يتراجع داوود عبد السيد عن قراره ويعود للعمل مرة أخرى.

وقال الناقد طارق الشناوي، إنه يرى أن المخرج داوود عبدالسيد، كان يقصد أن فكرة تحميل الجمهور هو تحميل للإنتاج، لأن المنتج غالباً عندما يعرض عليه الفكرة يبدأ في التفكير في الجمهور، أو ما يعتقد أنه الجمهور، فيقوم برفض الفكرة أو لا يتحمس لها حماسا كافيا، لإحساسه أنها مرفوضة جماهيرياً.

وأضاف “الشناوي”: أنه يرى أن المشكلة إنتاجية وليست في الجمهور، والمعنى الذي قصده داوود هو لفت الأنظار والانتباه حول أن هناك مشكلة كبيرة، فدائما المشروعات التي يكون فيها سينما، وتكون خارج التيار تلفظها شركات الإنتاج خوفا من الجمهور، لكن هذا ظلم للجمهور أو قراءة خاطئة للجمهور.

وأكد الشناوي، أن الجمهور متعدد الأذواق، كما أن داوود نفسه عندما قدم فيلم “الكيت كات” كسر الدنيا بالأرقام، وأصبح واحداً من أهم الأفلام المصرية طوال التاريخ، وأنه حقق نجاحاً جماهيرياً وليس نجاحاً في المهرجانات الفنية أو داخل أوساط النقاد.

وبالرغم من نجاح بعض أعماله جماهيرياً، أكد أن داوود من الأسماء التي يقبل الجمهور على أعمالها، وهؤلاء قليلون في السينما، فهناك جمهور يذهب للسينما من أجل فيلم لداوود، فهو مخرج له شباك، وبالتالي له جمهور، مشيراً أنها “رسالة أنا” متجاوزة لكل ما قاله داوود، ومتجاوزة المفردات التي عبر بها عن الموقف نفسه.

وتابع: “أرى أنه يريد أن يحرك شيئاً في الدولة، وأتمنى أن تتحرك الدولة وتوجه اهتماماً أكثر بصناعة السينما، مؤكداً أن داوود سيعود للإخراج حال تغير الأوضاع الحالية للأفضل.

 

موقع "سينماتوغراف" في

02.01.2022

 
 
 
 
 

داوود عبدالسيد:

اعتزالي تحصيل حاصل ولا أتوقع أي تغيير يطرأ على السينما

محمد طه

قال المخرج الكبير داوود عبدالسيد، إن إعلان اعتزاله "تحصيل حاصل"، لأنه لم يعمل منذ سنوات، مشيرًا إلى أن آخر أفلامه كان قدرات غير عادية، في 2014.

وأوضح داوود عبدالسيد، خلال مداخلة هاتفية مع الدكتور محمد الباز، في برنامج "آخر النهار" المذاع عبر فضائية "النهار"، أن بقائه لفترات طويلة بدون عمل ليست المشكلة، ولكن الجو العام في السينما، لا ينبئ بأي تغيير.

وأردف: "لم أفكر طويلًا في قرار الاعتزال، وليس اعتزالا مشروطًا، فلا أرى احتمالات لتغير السينما، لو فيه مكان قرر يقدم فيلم هدية ليا، القضية ليست أنا وإنما جيال، ومواهب موجودة في السينما المصرية، الأمور محتاجة إصلاح عميق، فالسينما الحالية سينما تجارية أو تشحذ دعم من الخارج، وتقدم أفلام هائلة، لكن لا يقبل عليها الجمهور، لأن الأفلام المدعومة وفقًا لوجهة نظر ادلاعم وليس الجمهور".

ولفت إلى أنه في الثمانينات والتسعينات في القرن الماضي كان يوجد مجموعة جيدة من الأفلام للمخرجين الشباب، هي المتسيدة، والمشكلة الآن أن الجمهور تغير، مردفا: "أنت غيرت الجمهور، الجمهور اللي بيروح السينما في غالبيته ليس لديه هموم ولا اهتمامات، وإنما يبحث عن التسلية، في قاعات فاخرة متناثرة في المولات بعيدة عن التجمعات السكنية".

ولفت إلى أن قديما دور السينما كانت في الأحياء السكنية، وهو ما لم يعد موجودًا.

كان أعلن المخرج داوود عبدالسيد، اعتزاله الإخراج بشكل نهائي، موضحًا أنه لا يستطيع التعامل مع نوعية الأفلام التي يفضلها الجمهور حاليًا.

وقال «عبدالسيد» خلال تصريحات تليفزيونية في برنامج «المساء مع قصواء» الذي تقدمه الإعلامية قصواء الخلالي ويُذاع على شاشة «CBC»: «ماقدرش أتعامل مع الجمهور الموجود حاليا ونوعية الأفلام التي يفضلها، لأنه يبحث عن التسلية».

وأضاف أن أفلام التسلية تعتبر ممولة بشكل كبير في حين أنه يفضل أن يكون تمويل الفيلم من تذكرة السينما، مشيرًا إلى أنه يرى الجمهور حاليًا أصبح يبحث عن التسلية وليس مناقشة القضايا.

وتابع المخرج: «في أحد الأفلام يقوم البطل بتحطيم سيارتين على غرار ما يحدث في بعض الأفلام الأمريكية، هل هذا الأمر هام؟! أرى أن هذا النوع من المشاهد غرضه التسلية، لا للبحث عن شيء حقيقي في النفس البشرية، ولا فائدة أيضا من مشهد يحمل البطل فيه سلاح آلي ويضرب رصاص، لم أرَ هذه المشاهد في الحقيقة، خاصة السيارات التي يتم تحطيمها إلا في حالات محدودة».

 

بوابة أخبار اليوم المصرية في

03.01.2022

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004