ملفات خاصة

 
 
 

مصر وأفريقيا والسينما

ناهد صلاح

أيام قرطاج السينمائية

الدورة الثالثة والثلاثون

   
 
 
 
 
 
 

(1)

جاءت مشاركتي في الندوة الرئيسية لمهرجان أيام قرطاج السينمائية، محملة بالعديد من الاسئلة حول الحضور الافريقي في السينما المصرية.

من البديهي أن تخطر ببالنا صورا تستدعي الماضي والحاضر والمستقبل، خصوصا إذا كان عنوان الندوة يشير إلى السينما كطريق للخلق والإبداع وأفق أوسع للإنسانية، من هنا يبدو ضروريا تحديد صورتنا الإفريقية غير واضحة المعالم في السينما.

ومن هنا أيضا تأت أهمية الأسئلة: ذا كانت مصر هي العبقرية في المكان، كما يحللها الدكتور جمال حمدان في موسوعته الشهيرة "شخصية مصر"، فلماذا لم تستغل السينما المصرية هذه العبقرية في أفلامها، لماذا لم تكترث مثلًا بجغرافيا بلدها وموقعها في الركن الشمال الشرقي من قارة أفريقيا، فتتواصل مع قضايا قارتها الأم، وتتناول التاريخ والمصير المشترك؟!

هل انكفأت السينما المصرية على هموم خاصة؟ هل طوّقها تعب وشقاء ذاتي لا يغادر الحدود؟ لو كان الأمر كذلك، فلماذا كانت طرفًا في الصراع العربي الصهيوني، لماذا إنغمست في حروب التحرير من الاستعمار وانخرطت في الثورة الجزائرية وقدمت فيلم مثل "جميلة"، وكذلك في حرب اليمن؟ لماذا إنفعلت بالوحدة المصرية السورية؟ هل الهم السينمائي المصري مشرقي أو عربي فقط، أم أنه يبالي أكثر بامتداد مصر الأسيوي، أي ينجذب إلى جغرافيا أخرى بما تحمله من أفراح وأتراح؟!

قبل أن نجيب على هذه الأسئلة وحتى لا نظلم السينما المصرية، أو نتعامل معها بتعسف يُقلل من عمق تجربتها، أو يحملها وحدها العزلة السينمائية لأفريقيا، يجب علينا أن نضع في الاعتبار أولًا الحضور السينمائي لمصر في القارة الإفريقية وفي العالم، كواحدة من أقدم السينمات عالميًا وأيضًا كجزء من السينما الافريقية، باعتبارها بلد افريقي، وذلك من أجل إدراك ملامحها وسماتها الخاصة والظرف الإنساني الذي تنتمي إليه، كذلك يجب استيعاب الفرق بين السينما في شمال إفريقيا ونظيرتها في جنوب الصحراء، فكلاهما يمتثل لحالته الخاصة وتكون في الأغلب مختلفة شكلًا ومضمونًا، وإن تشاركت أحيانًا في سمات تجمعها، كتجارب الهجرة أو مواجهة عنف أو قهر سياسي ما أو حتى مقاومة الانقياد وراء الخرافات السائدة شعبيًا.

لعلّ قوة الصمود والمعاندة التي اكتسبتها أفلام ما في شمال أو جنوب القارة، نابعة من محاولات السينمائيين للتحرر من كافة أنواع التكبل، سواء بالاستعمار أو بالأوهام والخزعبلات، من هذه النقطة تطالعنا بدايات السينما المصرية بأمر يبدو مثيرًا لدهشة البعض، وهو أن أفلامها لم تقتصر على الجانب الترفيهي فقط، بل فيها ثمة تحريض على المقاومة، وإن بدا مستترًا في ثنايا الحكاية، دون التناول المباشر لوجود الاحتلال البريطاني في تلك الفترة، أو التعرض للحراك السياسي حينذاك ومواجهاته مع الاحتلال وأتباعه.

وحده يُعدفيلم"لاشين" (1938) نموذجًا للفيلم السياسي الجريء والمباشر ضمن تلك المرحلة، بصرف النظر عن مفارقة أن مخرجه ألماني هو فريتز كرامب، لكنه من إنتاج ستوديو مصر في عصر الملكية، ويحكي عن موضوع سياسي بامتياز، يحمل دلالاته الساطعة التي تكشف عن ملك ضعيف ورئيس وزراء فاسد وقائد جيش حاسم، يقف في صف الشعب الغاضب، ويسهم في تخليصه من هذا الفساد، ولهذا كان جزاء الفيلم أن تم وقف عرضه في أول يوم عرض له، ولم يتم عرضه (عُرض مرة واحدة فقط)، إلا بعد أن تم تغيير نهايته التي كانت تدعو لخلع السلطان، إلى نهاية أخرى يهتف فيها الشعب للسلطان العادل، ويندد بالحاشية الفاسدة.

التأرجح بين المباشرة والرمزية، يعبر عن علاقة معقدة وشديدة التشابك بين السينما والسياسة في مصر، فمن المرحلة الملكية إلى مرحلة ثورة يوليو 1952، جاءت الأفلام لتعبر عن الجديد بأنساقه الفكرية، وسعيه نحو التحرر والوحدة العربية والاشتراكية: الله معنا، رد قلبي، الأيدي الناعمة، بور سعيد وغيرها من أفلام عبرت عن المد الثوري وتحالف قوى الشعب العاملة، ثم من الترويج لأفكار الثورة إلى نقدها وتجريحها، إنقلبت الأفلام في مرحلة السبعينيات بمنظومتها الانفتاحية وتذويب حلم الهوية: ثرثرة فوق النيل، الكرنك، حافية على جسر الذهب، إحنا بتوع الأتوبيس وغيرها من أفلام أخذت على عاتقها التشهير بيوليو ورجالها.

على صعيد آخر، لا يمكننا تجاهل أفلام الحروب بوصفها بشكل أو آخر أحد روافد التلاقي بين السينما والسياسة، بالرغم من تعثر السينما المصرية في إنتاج فيلمًا يساوي حجم حرب أكتوبر الحقيقي في الواقع، لا يوجد إنجاز سينمائي كما في السينما العالمية والسرديات الكبرى في أفلام الحرب العالمية الثانية على سبيل المثال.

بينما تنوعت السياسة بأشكال مختلفة في أفلام المخابرات والجاسوسية، وبعدها أفلام التطرف الديني والإرهاب، مرورًا بموجة الكوميديا الجديدة التي اجتاحت السينما المصرية منذ التسعينيات وتعاملت مع السياسة كنوع من "التوابل الحريفة" التي تجذب الجماهير وترضيها نوعًا ما، وصولًا إلى الأفلام التي حاولت أن توثق يناير 2011 وتوابعه.

من هنا يبدو أن حال السينما المصرية، هو في حقيقته يمر بموجات من التأثر والتأثير في المجتمع الذي نشأت فيه، إذ لا يعقل أن نتغافل مثلاً عن تفاعلها مع مجمل العوامل الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية المحيطة، وكيف صاغتها في مراحل التشكل والتغير المختلفة.

(2)

إذن، أين وضع إفريقيا في السينما المصرية؟ هل هذا يعني أنه ليس هناك تفاعلًا مصريًا إفريقيًا في الواقع، يستدعي حضوره على الشاشة؟.. لا أحبذ الحديث عن صورة إفريقيا وقضاياها في الفيلم المصري، من زاوية الظلم والإجحاف الذي طالها، حتى أنها تكاد تكون غير موجودة، إنما بطريقة عملية يمكننا أن نرصد هذا الغياب ونناقشه في إطار واقعه، بمعنى البحث وراء الظاهرة بغرض إدراكها على الأقل، كأن نفهم المغزى وراء فيلم "إسماعيل ياسين طرزان" الذي أخرجه نيازي مصطفى عام 1958، محققًا خطوة جديدة في التعاون بين بطله إسماعيل ياسين ومؤلفه أبو السعود الإبياري، وربما نندهش أنه ظهر في خضم دور مصر الفاعل فى حركات التحرير والنهضة الافريقية شمالًا وجنوبًا.

مصدر الدهشة يأت من أنه فيلم كوميدي لا يحمل قضية عميقة، إنما يحكي عن موت شخص ثري، تاركًا ثروة ضخمة، لن يستطيع أحد من أقاربه أن يرثها إلا بعد أن يعثروا على ابنه المفقود بأحد الغابات الأفريقية والذى تحول إلى شخصية طرزان، هذا بالطبع ليس إدانة للفيلم أو تقليلًا من شأنه بوصفه كوميدي خفيف، لكن الأمر يتخظى ذلك إلى فكرة أنه فيلم يتماثل إلى حد ما مع السينما الأمريكية في تعاملها مع الغابات الافريقية، وطرح شخصية خيالية لا تشبه أهل الغابة، ولا تشبه الأفارقة الذين لا يظهرون ولا يقترب منهم الفيلم أساسًا.

 بنفس الطريقة تقريبًا وبعد نحو 43 عامًا يتعامل فيلم "أفريكانو" (2001) إخراج عمرو عرفة، يقدم قصة بسيطة مدعومة بصورة سياحية لجنوب إفريقيا، ومزيج من الأكشن والكوميديا، لنرى شابًا مصريًا آخر في الغابات، لكن الغابات هذه المرة هي محمية طبيعية مفتوحة، والشاب هو طبيب بيطري يشترك مع ابنة عمه في ميراث المحمية.

بينما يطالعنا فيلم "مراتي وزوجتي" (2014) إخراج معتز التوني، بقدر كبير من الكوميديا الغليظة والعنصرية، إذ لديه ذلك الأسلوب المزعج في تناول موضوعه، والتعرض للشخصية الإفريقية باستهانة وتقديمها كشخصية بدائية لا كرامة لها، خاصة زوجة البطل الإفريقية التي صورها كخادمة أو أداة للمتعة الشخصية، تنام تحت قدميه وتعد له "الشيشة"، هذا غير ملابسها وإكسسوارتها الغريبة، صورة مهينة تحتوي على قدر كبير من الاحتقار والاستصغار.

في حين كان "عماشة في الأدغال" (1972) إخراج محمد سالم، واحد من أفلام المغامرات الكوميدية، بطلها عماشة الرابع عشر الذي يسافر بصحبة صبيانه وعالم الآثار محروس إلى أدغال أفريقيا، بحثًا عن كنز تركه عماشة الأول، ويقال أن الغرض من الفيلم كان تمويهًا من المخابرات المصرية، للتغطية على عملية تفجير الحفار الاسرائيلي " كينتنج" عند سواحل أبيدجان في ساحل العاج  "كوت دي إيفوار" حاليًا، نجحت عملية الحفار، فيما لم يعرض الفيلم إلا بعد أربع سنوات.

فيلم ثان شارك في عملية التمويه هذه وهو "ابن افريقيا" (1970) إخراج حلمي رفلة، الإنتاج مصري نيجيري، يحكي عن رجل شرطة من أفريقيا، يتولى مهمة القبض على عصابة نساء تخصصن في تهريب المخدرات.. فيلم يفتقر للعمق والشخصيات المرسومة بدقة، أهميته فقط في مساهمته ضمن عملية التمويه المخابراتية التي ذكرناها.

عمومًا فإن الأفلام المذكورة هي نماذج لأفلام تم تصويرها في أفريقيا، لكنها لم تتماس بأي حال من الأحوال مع العمق الإفريقي، ولم تكن طموحة في تقديم عمل فني كبير سواء كان موضوعه إفريقيًا أو كانت القارة الأم فيه مجرد موقع تصوير.

إذا فعلها  الأوروبيون واستخدموا الأرض الافريقية شمالًا وجنوبًا كموقع لتصوير أفلامهم، فإن السينما المصرية  أيضا اتخذت من شمال إفريقيا موقعًا للتصوير، من خلال تقديمها لقصص عاطفية واجتماعية تتداخل فيها هذه الأماكن، بأسلوب أقرب إلى الـ"كارت بوستال" والصورة السياحية لها، ظهر ذلك في أفلام مثل الحب الضائع (تونس/ المغرب)، دمي ودموعي وابتساماتي (سوريا/ المغرب)، حتى يأتي "كازابلانكا" (2019) إخراج بيتر ميمي، ليقدم حالة مختلفة من أفلام الأكشن والجريمة، وليكرس بشكل متجدد أنه دائمًا ثمة تعاون بين مصر ونظيراتها في شمال القارة الأم، قد يكون فيلم "جميلة" (1958) إخراج يوسف شاهين من أبرز التجارب المشتركة مع الجزائر، وإن كان تم تقديمه كما أشرت سالفًا أقرب للحالة العربية، لكنها عربية، افريقية، إنسانية، تجاوب فيها يوسف شاهين بشكل كبير مع كفاح الشعب الجزائري ضد المستعمر الفرنسي، وقدم نموذجًا جليًا لمشاركة المرأة في النضال والثورة.

أوجه التعاون عديدة ومازالت تؤتي بثمارها، إذا كانت التونسية هند صبري على سبيل المثال، إستطاعت أن تفسح لنفسها مكانًا بين نجوم الصف الأول في السينما المصرية، فإن فيلمها الأول وهو التونسي "صمت القصور" (1994) إخراج مفيدة التلاتلي، حصل على المركز الأول في استفتاء مهرجان أسوان لأحسن 100 فيلمًا عن المرأة، باختيار 70 ناقدًا عربيًا.

(3)

السودان هو الأقرب جغرافيًا لمصر، بل إنهما كانا بلدًا وشعبًا واحدًا قبل الانفصال في العام 1953، لذا تزداد المشتركات بينهما: تاريخية واجتماعية وإنسانية، كان حضور السودان في الأفلام المصرية كمكان أو شخصيات بديهيًا، فنجد البطل مثلًا يذهب بالقطار للعمل في السودان، أو المهندس صلاح في فيلم "صورة الزفاف" (1952) إخراج حسن عامر، يترك زوجته في القاهرة ويذهب ليلتحق بوظيفة في السودان، أو حوار الفيلم السياسي "مصطفى كامل" (1952) الذي يتردد فيه أكثر من مرة أن السودان جزء من مصر والعكس.

في فيلم"بشرة خير" إخراج حسن رمزي، عُرض في إبريل 1952 أي قبل قيام ثورة يوليو بثلاثة أشهر تقريبًا، كما لو كانت نبوءة الثورة يبشر بها فيلم رومانسي بسيط، غنت فيه شادية أغنية " النيل" من تأليف جليل البنداري وألحان حسن أبوزيد: " يا جاي من السودان لحد عندنا/ بالتمر من أسوان والقلة من قنا/ يا نعمة من السودان بعتها ربنا/ ومن عمر الزمان وأنت بقلبنا'، وفي نفس الفيلم شاركت مع ثريا حلمي  في أوبريت "مصر والسودان"، تأليف السيد زيادة وألحان حسن أبوزيد، حيث مثلت الحضور المصري، بينما مثلت ثريا حلمي الحضور السوداني، وهو أوبريت يستنهض الهمة ويسعى لتأكيد الأخوّة بين الشعبين المصرى والسودانى، وضرورة كسر الحواجز بينهما في مواجهة العدو، تغني شادية: هيا سودان يا أخت الحمى / فلنعش حرين أو نرضي الفناء.. وترد ثريا حلمي: أيها التاريخ سجل أننا/ قد سئمنا أن نري ما بيننا/ شبحًا يفرقنا عن بعضنا.

أما المشهد الذي ينتمي إلى الجمال والأمل والتجلي الحر، نراه في فيلم "تمر حنة" (1957) إخراج حسين فوزي، حيث المطرب السوداني سيد خليفة، يرتدي بذلة عصرية مع فرقة موسيقية عصرية، تنوعت آلاتها ما بين الغربي والشرقي والإفريقي، خفيف الظل والروح يغني فرحًا المامبو السوداني، كمقطوعة سكنت تمامًا في وجدان المصريين، لحنًا وطابعًا صوتيًا في فيلم ينبض فيه المجتمع بالتنوع، ديموغرافيا واسعة تحتضن بشر مختلفين: أغنياء وفقراء، بكوات وفلاحون، أصحاب أرض وغجر، دراما وموسيقى، كلمة وصورة، نعيمة عاكف وفايزة أحمد، رشدي أباظة وأحمد رمزي، فسيفساء واسعة وكبيرة يتحملها المجتمع ويفسح مجالًا لمطرب سوداني موهوب، متجدد، قريب إلى القلب، نجح لاحقًا أن يصنع بصمته الإنسانية والإبداعية التي أسست مسارًا إبداعيًا ليس على مستوى الغناء السوداني فحسب، بل اتسع لكامل الخريطة الفنية العربية والإفريقية.

ربما يتمثل التواصل المصري السوداني في السينما، من خلال مشاركة فنانين مصريين في أفلام سودانية، مثل محمود المليجي وسمية الألفي في "رحلة عيون" (1983) إخراج أنور هاشم، أو تمكن الفنان السوداني إبراهيم خان من الصمود كممثل كبير على الشاشة المصرية، أو تجدد التعاون في فيلم "ستموت في العشرين" إخراج أمجد أبوالعلاء، بمشاركة المنتجين حسام علوان ومحمد حفظي في إنتاج الفيلم، لكن تظل هناك ندرة ملحوظة في الأفلام التي تمس القضايا المشتركة بين البلدين.

 المثير أنه مع النجاح الذي حققه المخرج السوداني سعيد حامد في السينما المصرية، لم يقدم فيلمًا من هذه النوعية السياسية، بل حين قدم فيلمه "صعيدي في الجامعة الأمريكية" (1998) كان أقرب إلى الصراع العربي/ الصهيوني، فأحرق العلم الاسرائيلي، أول فيلم يتم فيه حرق العلم الاسرائيلي ضمن ما أطلق عليه "موجة أفلام الشباب"، أو "الكوميديا الشبابية الجديدة"، أو "المضحكون الجدد"، وحين قدم سعيد حامد فيلمه اللاحق "همام في ـمستردام" (1999) تعرض في هامشه للعلاقة شديدة العدائية بين المواطن المصري البسيط والمتطرف اليهودي.

على هذه الخلفية التراكمية من الإهمال لافريقيا في السينما المصرية، تأت أهمية مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية ودوره الفاعل في التواصل مع افريقيا ، أفلاما وصناعا.

نستخلص من هذا، أن السينما المصرية تأثرت على مدار تاريخها بالتبدلات القيمية والتغيرات السياسية والاقتصادية، ومع ذلك كان هناك دائمًا اجتهادات في مجملها حققت إبداعًا، ما يعني أن الزرع كان له حصاد، وما تحتاجه حالياً هو تخطيط لإنجازها، وتواصلها بشكل أكثر فعالية مع ظهيرها الإفريقي والعربي، واستمرارها في اتصالها بتطور فنون الأداء في السينما العالمية.

 

اليوم السابع المصرية في

03.11.2022

 
 
 
 
 

الطريق: حين يكون الوهم علاجا والاشتغال على الوعي معجزة

حنان مبروك

مقاربة فلسفية مبسطة تعيد تثمين المراهنة على الإنسان وقدراته.

من عوالم البيئة الريفية البسيطة، يبتكر المخرج السوري عبداللطيف عبدالحميد جلّ أفلامه، ويضيف إليها هذه المرة بعدا فلسفيا أكثر عمقا وجمالية عبر فيلم "الطريق" الذي يعلمنا ويذكر القليل منا بأهمية الاشتغال على الوعي الإنساني ومعالجة الإنسان بتدريبه على الوهم.

تعرف الفلسفة الوعي بأنه جوهر الإنسان وخاصيته التي تميزه عن باقي الكائنات الحيّة الأخرى، إذ أنّ الوعي يصاحب كل أفكار الإنسان وسلوكه، وهو ما يطلق عليه “الوعي التلقائي”، أي تلك الأيديولوجيات والقناعات التي تظهر جلية على الإنسان بدءا من سلوكه مع ذاته ومع الآخر فردا كان أو مجموعة، ومع الأمور الحياتية والأشياء من حوله. لذلك فإن وعينا بأنفسنا يعد أساس كينونتنا وتترتب على هذا الوعي نتائج متناقضة إلزاميا فهو قادر على جعلنا أسوياء نقبل التغيير ونسعى إلى الأفضل بناء على ثقتنا في قدراتنا، أو قد يجعلنا سلبيين ننقب عن المشاكل أينما كانت ولا نسعى إلى التغيير.

فيلم "الطريق" آخر أفلام المخرج السوري عبداللطيف عبدالحميد، الذي يؤكد لنا أن الرهان على الإنسان لا يخسر

فلسفة الطريق

هذا الوعي الذي قد يكون للتربية على الوهم جزء كبير في تشكيله هو محور فيلم “الطريق” آخر أفلام المخرج السوري عبداللطيف عبدالحميد، الذي يؤكد لنا أن الرهان على الإنسان لا يخسر وأننا إن راهنا على طفل رهانا صادقا سليما متوازنا ارتقينا به وجعلناه عبقريا، بفعل الوهم الذي يقنعه لسنوات بأنه عبقري.

جاء الطريق في الفيلم ليكون الإطار المكاني العام، الذي يرتاده الفتى صالح ليكون الحامل الرئيسي لأحداثه، المتعلم منها والسارد لها.

هذا الفتى الذي يحمل اسم جده لكنه لم يرث عنه حبه للعلم ووعيه بالحياة والآخر، بل كان فتى غبيا في نظر جميع من حوله، حتى أن مدرسته “الفرابي” قررت طرده لاستحالة تعليمه كما أجمع طاقمها التدريسي.

لم يستسلم الجد لقرار المدرسة، ولم يرض بـ”الطريق” التي رسمها المدرسون لحفيده وحكمهم عليه بالفشل منذ سن الثالثة عشرة، بل قرر أن يوهمه بمصير أفضل ويخط له طريقا ستجعله في المستقبل نموذجا مشرفا لنفسه ولعائلته ولأهل القرية البسطاء.

أوكل الجد لنفسه مهمة تحويل الغباء الإدراكي الخاص للطفل إلى ذكاء معرفي وجمالي محولاً إياه إلى رجل للطريق، يجلس على ناصيته، صيفا وشتاء، في القيض والمطر، ليتأمل حركة المارة ويتعلم منها كل يوم أن الطريق طرقات، ولكل منا طريقه التي يختارها عن وعي ذاتي أو ربما تفرضها عليه المجموعة التي ينتمي إليها، لكن الطريق يشملنا جميعا، يشمل من يصل ومن يضل ومن يتردد، من يتعصب ومن يعيش مسالما، من يصدق ومن يخون، من يكافح الصعاب ومن يستسلم لتغيرات الحياة تتقاذفه يمنة ويسرة.

والطريق هنا استعارة مجازية للحياة، فهي طريقنا جميعا، طريقنا الوحيد الذي نشترك فيه شئنا أم أبينا ولا طريق لنا سواه، وبوعينا ببدايته نرسم نهايته كما نشاء، لتكون إما حبا أو كراهية، إما سعادة أو شقاء.

إنه “الاختيار”، الاختيار الواعي من الآخر الذي يشكل الطفل ويخلق فيه المستقبل الذي يريد، وهو اختيار يذكرنا كم من الآباء والأمهات يعاملون أبناءهم على أنهم أغبياء وفشلة ثم يشتكون من أن ابنهم بالفعل غبي وفاشل، بينما ينمي آخرون لدى فلذات أكبادهم قناعات وهمية بأنهم ناجحون، وبالفعل يفتخرون في النهاية بأن أطفالهم صاروا رجالا ونساء ناجحين.

بالنظر إلى كل العناصر المكونة للفيلم، من إخراج وموسيقى وتأطير للممثلين وقصة وسيناريو، يمكن القول إنها من السهل الممتنع

واختيار بسيط في لحظة مصيرية قد يحملنا نحو العلم والحياة والحب، كما قد يحملنا نحو الموت والاستسلام والكره، قد نجد فيه الحب وقد نضيعه، قد يجمعنا بالشعراء والمفكرين والعلماء والدروس الثرية، لكنه قد يجمعنا بالبلطجية والجهلة والمتعصبين أيضا، قد يعلمنا فهم وتحليل عمق الشخصيات والأحداث وقد يتركنا سطحيين لا تهمنا سوى المظاهر لا نقرأ ما خلفها.

ويأتي الفيلم أيضا ليكون رسالة نقد مباشرة للمنظومة التعليمية التي تنتهجها أغلب الدول العربية، وتعتمد على التلقين والتعامل مع التلاميذ بنفس المستويات المعرفية والبيداغوجية، فتدفع الجميع مرغما نحو التحول إلى “قوالب” جاهزة، هي منظومة تفتقر إلى البعد الفلسفي والنفسي في التعامل مع الأجيال الناشئة وطرق تشكيلها، والدليل على ذلك في الفيلم أن العلاج بالوهم أو التربية على الوهم مسألة لم يفكر فيها أحد من المدرسين إلا الجد لاهتمامه الحقيقي بمستقبل الفتى صالح.

ونقل الجد صالح لنا أساليب تعليمية جديدة، علمت الحفيد صالح جميل الدروس من كل المواد، والقواعد الكبرى منها، فاختلفت نظرته للفيزياء والرياضيات وللشعر والتاريخ وغيرها، وصار يفهم كل مادة انطلاقا من ربطها بالواقع والحياة ويعترف بأن العلم ابتكره الإنسان انطلاقا من ملاحظته للحياة ولم يكن شيئا مسقطا أو قواعد منفصلة عن الحياة عليه حفظها والعمل بها دون فهم.

وينتهي الفيلم باكتشاف الحفيد صالح الذي صار دكتورا متخصصا في جراحة الأعصاب، وجميع من في القرية لسر رسالة المدرسة التي أخفاها الجد لأكثر من خمسة عشر عاما، يتلوها على مسامعهم في لحظة اعتراف قاسية، ويخبرهم بحكاية توماس إديسون (1847 – 1931) الذي عاش قصة حقيقية مشابهة للفيلم، وعوض أن تستسلم والدته للمصير الذي اختارته المدرسة لابنها، جعلت منه أشهر العلماء والمخترعين في العالم، وبينما حاولوا هم إطفاء النور في قلبه، أنار هو لهم ولنا الدنيا بما فيها، وكان مخترع المصباح الكهربائي لتتوالي اختراعاته المفيدة للبشرية.

والدرس المختصر لصالح وللمشاهد أيضا كان “يمكن الوصول إلى النتيجة بأكثر من طريقة، فلا تظن أنك وحدك من يملك الحقيقة”.

الفيلم يأتي ليكون رسالة نقد مباشرة للمنظومة التعليمية التي تنتهجها أغلب الدول العربية

السر في البساطة

يتعامل المخرج عبداللطيف عبدالحميد مع الكاميرا ببساطة، حتى أنه لقب مرة بأنه مخرج لسينما البساطة، لذلك تجد كاميراته تنتقل عبر زوايا تصوير ولقطات متنوعة، فلا تكثر من لقطة على حساب الأخرى، وتركز على التفاصيل الدقيقة التي قد يتجاهلها آخرون، وهو أيضا مخرج يعي جيدا أهمية اختيار الممثلين، فتجده مثلا في فيلم الطريق لم يختر ممثلين معروفين لتوفير دعاية أكبر لعمله، وإنما جاء بأربعة ممثلين (الجد، الأب، الحفيد وهو صغير، الحفيد شابا) بملامح جسدية متشابهة، وقدمهم بأداء تمثيلي شديد الإقناع.

وألف المخرج نص الفيلم مع الشاعر السوري عادل محمود، فجاء السيناريو والحوار سلسا، يبدو منظوما بدقة كقصيدة نثرية مقتضبة تبلغنا الرسالة بوضوح، صاحبتها مؤثرات موسيقية اختارها خالد رزق، لتعبر عن الهوية السورية ومنها ما هو مأخوذ من أغاني تراثية.

وبالنظر إلى كل العناصر المكونة للفيلم، من إخراج وموسيقى وتأطير للممثلين وقصة وسيناريو، يمكن القول إنها من السهل الممتنع، وربما يعود ذلك أيضا إلى أن عبدالحميد مخرج “قديم في الصنعة” وهو المتمكن منها والحاصل على نحو خمسين جائزة سينمائية منها عشر جائزات ذهبية. ورغم أن هذه الجوائز سقطت جميعها في قبضة “جبهة النصرة”، التنظيم الإرهابي المسلح الذي يحارب في الشمال السوري إلا أنه لم ييأس ونذر جوائزه “المغتصبة” ليظل فاعلا في السينما، ولم لا يحصد جوائز أكثر.

وما يمكن أن يعاب على الفيلم، هو أن فكرة التربية على الوهم ليست جديدة على السينما، بل تم تقديمها بقراءات ومعالجات بصرية مختلفة تتنوع من مخرج إلى آخر.

لكن “الطريق” الذي يشارك هذا العام في المسابقة الرسمية لأيام قرطاج السينمائية هو- إن صح التعبير- الفيلم الأقرب إلى شعار الدورة الثالثة والثلاثين للمهرجان، “حل ثنية”، والذي يمكن أن يكون عنوانا ثانيا للفيلم، فـ”حل ثنية” ببساطة هو اختصار لفيلم “الطريق” بما حمله من رسائل فلسفية عميقة، والفيلم هو أيضا تجسيد سينمائي حي للشعار الذي يؤكد على أهمية أن تفتح السينما طرقا للإنسان ليتبع شغفه بالفن وموهبته، ولو كان من المنطقي إسناد الجوائز للأفلام لأنها تتماهى مع موضوع الدورة لما ذهبت جائزة التانيت الذهبي لأفضل فيلم روائي إلا إلى فيلم “الطريق”.

وفيلم الطريق الذي صورت مشاهده في منطقة الدريكيش بريف طرطوس شاركت فيه مجموعة من الفنانين السوريين من بينهم موفق الأحمد وعدنان عربيني وغيث ضاهر ومأمون الخطيب ورباب مرهج وأحمد كنعان ورند عباس وتماضر غانم وماجد عيسى وراما الزين وعلاء زهرالدين وهاشم غزال وخالد رزق وغيرهم.

صحافية تونسية

 

العرب اللندنية في

03.11.2022

 
 
 
 
 

"نظرة على فلسطين" في أيام قرطاج السينمائية

تونس/ محمد معمري

خصّت أيام قرطاج السينمائية، التي انطلقت فعالياتها يوم 29 أكتوبر/ تشرين الأول 2022 وتختتم غداً السبت في العاصمة التونسية، القضية الفلسطينية بجزءٍ هام من برمجتها.

وعدا عن مشاركة فيلم " فلسطين 87 " للمخرج بلال الخطيب في المسابقة الرسمية للأفلام الروائية القصيرة، عرضت 10 أفلام حول القضية الفلسطينية صُوّرت في فترات زمنية مختلفة.

وحظيت الأفلام المعروضة بمتابعة جمهور كبير، بدءاً من الفيلم الوثائقي القصير "بعيداً عن الضوء" (1969)، للمخرج قيس الزبيدي، الذي يتتبّع يوميات أطفال فلسطينيين في مخيم سبينة، غربي العاصمة السورية دمشق. فيما يعالج الفيلم الروائي القصير "شهادة الأطفال الفلسطينيين زمن الحرب" (1972) القضية الفلسطينية، من خلال رسومات الأطفال الفلسطينيين في مخيمات الأردن.

كذلك، عرض الوثائقي القصير "النساء الفلسطينيات"، للمخرجة اللبنانية جوسلين صعب، التي تقدم شهادات من نساء فلسطينيات عانين من الاحتلال الإسرائيلي. إضافة إلى "جبهة الرفض" (1975)، وهو وثائقي قصير، يرافق مجموعة من الشباب الفلسطينيين الذين يخضعون للتدريب من أجل أن يصيروا فدائيين.

وشهد المهرجان عرض 6 أفلامٍ روائية طويلة في قسم "نظرة على فلسطين"، والتي أرادها المنظّمون أن تكون فسحة سينمائية للتذكير بالقضية الفلسطينية وبمعاناة الشعب الفلسطيني.

وتضمّنت القائمة، فيلم المخرج اللبناني الراحل برهان علوية، "كفر قاسم" (1975)، والذي يروي وقائع المجزرة الإسرائيلية التي راح ضحيتها 30 قروياً فلسطينياً، وفيلم "عائد إلى حيفا" (1982)، المقتبس عن رواية غسان كنفاني التي تحمل الاسم نفسه، وهو من إخراج قاسم.

أمّا "حتّى إشعار آخر" (1994) للمخرج رشيد مشهراوي والذي أنتج سنة 1994، فيتتبع يوماً في حياة عائلة فلسطينية خلال الحصار على قطاع غزة عام 1993، بينما يتتبع فيلم المخرج الفلسطيني ميشيل خليفي "حكاية الجواهر الثلاث" (1995) قصّة حبّ طفولية في القطاع المحاصر.

كذلك، عُرض فيلم المخرج الراحل شوقي الماجري "مملكة النمل" (2012)، ويروي قصة ثلاثة أجيال من عائلة فلسطينية، يحاول أفرادها تحقيق أحلامهم. فيما يتطرّق فيلم "3000 ليلة" (2015)، للمخرجة مي المصري، إلى قصة الشابة الفلسطينية ليال، التي يعتقلها جيش الاحتلال بعد وقتٍ قصير على زواجها وتجبر على إنجاب مولودها الأوّل في المعتقل.

 

العربي الجديد اللندنية في

04.11.2022

 
 
 
 
 

مشروع الفيلم المصرى "دخل الربيع يضحك" يفوز فى مسابقة "تكميل" بمهرجان قرطاج

كتب علي الكشوطي

شهد مهرجان أيام قرطاج السينمائية في دورته الـ33 اليوم الجمعة حفل توزيع الجوائز للمسابقة الموازية "تكميل" في قسم "أيام قرطاج للصناعة السينمائية".

ونال جائزة المنظمة الدولية للفرنكفونية وقيمتها (10 آلاف يورو) مشروع الفيلم الوثائقي الطويل "RESSAC, une histoire touarègue" لانتجريست الأنصري من (موريتانيا).

فيما ذهبت جائزة المعهد الفرنسي وقيمتها (7 آلاف يورو) لمشروع الفيلم الروائي الطويل "La vie est un chemin de fer" لكيفن مافاكالا وإسحاق ساهاني وماناسي كاشالا وتوسمي كيلو (جمهورية الكونجو الديمقراطية).

أما جائزة الجامعة المركزية وقيمتها (20 ألف دينار تونسي) فذهبت لمشروع الفيلم الروائي الطويل دخل الربيع يضحك لنهى عادل (مصر) .

فيما ذهبت جائزتان للمركز الوطني للسينما والصورة (20 ألف دينار لكل جائزة) لمشروعي فيلمين، الروائي الطويل صيف في بجعد لعمر ملدويرة (المغرب) والوثائقي الطويل شعراء ليسوا ككل الشعراء لإيناس بن عثمان (تونس).

ونال جائزة المنظمة الدولية للفرنكفونية والاتحاد الأوروبي و"ACP" (5 آلاف يورو) لمشروع الفيلم الوثائقي الطويل " Defying Ashes" لـكارنجا ناج أندو (كينيا)  .

بينما ذهبت جائزة معهد جوته وقيمتها (3 آلاف يورو) للفيلم الوثائقي الطويل وجهي ربي السمح لمحمد بن رمضان ومروان المدب (تونس).

وشهد المهرجان توزيع جائزة لجنة الإتحاد العام التونسي للشغل وفاز بجائزة أفضل فيلم وثائقي طويل لأكرم منصر عن، فيلم "عقرب مجنونة" (تونس).

فيما نال جائزة لجنة الإتحاد الدولي للصحافة السينمائية فيبريسي"اميل شيفجي" عن فيلمه الروائي الطويل " الثوار" (تنزانيا) و جائزة لجنة الجامعة الإفريقية للنقد السينمائي فذهبت إلى أنيس جاد عن فيلمه الروائي الطويل "الحياة ما بعد" ( الجزائر).

 

اليوم السابع المصرية في

04.11.2022

 
 
 
 
 

«أيام قرطاج السينمائية الـ33» تنظم دورة تدريبية للعاملين بنوادي السينما

تونس ـ «سينماتوغراف»

استضافت «أيام قرطاج السينمائية الـ33» عدداً من العاملين بنوادي السينما بالولايات التونسية المختلفة، وذلك لمواكبة فعالياته وحضور دورة تدريبية في صناعة السينما.

وشاهد المشاركون العديد من الأفلام السينمائية المشاركة في المهرجان، واكتشاف فضاءات العروض بمدينة الثقافة بوسط العاصمة وغيرها من قاعات السينما، والتدريب في مجال تشغيل وصيانة المعدات الرقمية والتناظرية للعروض السينمائية، إلى جانب تجهيزات الإضاءة والصوت.

ويأتي ذلك في إطار البرامج التدريبية لإدارة العمل الثقافي بوزارة الثقافة بالتعاون مع المركز الوطني للسينما والصورة، وإدارة أيام قرطاج السينمائية، وتنفيذاً لتوصيات الملتقى الوطني لمديري دور الثقافة الذي عقد مؤخراً بالحمامات، المتمثلة في التدريب ومتابعة الفعاليات والمهرجانات السينمائية.

 

موقع "سينماتوغراف" في

04.11.2022

 
 
 
 
 

القائمة الكاملة للفائزين بجوائز المسابقة الموازية «تكميل»  في «أيام قرطاج للصناعة السينمائية»

تونس ـ «سينماتوغراف»

شهد مهرجان أيام قرطاج السينمائية في دورته الـ33 اليوم الجمعة حفل توزيع الجوائز للمسابقة الموازية "تكميل" في قسم "أيام قرطاج للصناعة السينمائية"، وجاءت نتائج المسابقة كما يلي :

- جائزة المنظمة الدولية للفرنكفونية: (10 آلاف أورو) لمشروع الفيلم الوثائقي الطويل " RESSAC, une histoire touarègue" لانتجريست الأنصري (موريتانيا)

- جائزة المعهد الفرنسي: (7 آلاف أورو ) لمشروع الفيلم الروائي الطويل " La vie est un chemin de fer" لكيفن مافاكالا وإسحاق ساهاني وماناسي كاشالا وتوسمي كيلو (جمهورية الكونغو الديمقراطية)

- جائزة الجامعة المركزية (20 ألف دينار) لمشروع الفيلم الروائي الطويل دخل الربيع يضحك لنهى عادل (مصر)

- جائزتان للمركز الوطني للسينما والصورة (20 ألف دينار لكل جائزة) لمشروعي فيلمين، الروائي الطويل صيف في بجعد لعمر ملدويرة (المغرب) والوثائقي الطويل شعراء ليسوا ككل الشعراء لإيناس بن عثمان.(تونس)

- جائزة المنظمة الدولية للفرنكفونية والاتحاد الأوروبي و"ACP" (5 آلاف أورو) لمشروع الفيلم الوثائقي الطويل " Defying Ashes" لـكارنجا ناج أندو(كينيا)

- جائزة معهد غوته (3 آلاف أورو) للفيلم الوثائقي الطويل وجهي ربي السمح لمحمد بن رمضان ومروان المدب (تونس).

 

####

 

«وحلة» .. عن ماهية الحب وتأثيره على العلاقات الإنسانية

تونس ـ «سينماتوغراف»

السلطة الأبوية في المجتمعات الذكورية، هي سلطة خانقة، قد تتحول إلى سلطة قاتلة، تقتل في الإنسان كل محاولات “الذاتية” والتفرد والتخلص من المفروض وسلطة الآخر عليه، لكنها قد تواجه أيضا تمردا عاصفا، يضرب عرض الحائط بكل ضوابطها وتهديداتها، كما هي الصورة التي ينقلها لنا الفيلم التونسي “وحلة” للمخرج نادر الرحموني.

فيلم “وحلة” لنادر الرحموني، هو العمل الروائي الطويل الأول في رصيد هذا المخرج الذي نشأ وتربى على الفن المسرحي منذ طفولته. هذا العمل، تمّ عرضه خلال الدورة الثالثة والثلاثين لأيام قرطاج السينمائية ضمن المسابقة الرسمية للأفلام الروائية الطويلة، ولم يظفر بأي جائزة للمهرجان.

والفيلم من بطولة ريم الرياحي ومهذب الرميلي ومحمد مراد وسلمى محجوبي وفارس عبدالدايم.

و”وحلة” هو لفظ دارج في تونس ومعناه “ورطة”- إن صح التعبير- والفيلم هو بالفعل كما يصفه عنوانه “وحلة” وجد البطل نفسه فيها، وهي “ورطة” أو مشكلة شديدة الخصوصية لأنها تضعها في مواجهة مباشرة مع أقرب الناس إليه، والديه.

وتدور أحداثه حول الشاب ياسين وهو طالب في الطب وله مستقبل واعد ويتمتع بحياة مثالية تقريبًا من منظور المجتمع، ومع ذلك، فإن حقيقة وجوده تخفي ظلالًا عميقة، أهمها شغفه السري بالموسيقى التي يمارسها دون علم والده. بين أب متسلّط وأم خانعة وكئيبة، وأخ طائش في وسط هذه العائلة مختلة الموازين، تمكن ياسين، من الحفاظ على توازنه، إلا أنّ شغفه السري القوي بليلى، زميلته الطالبة في الجامعة، هو الذي قلب هذا التوازن غير المستقر، إذ بعد اجتماع مباشر ومصادفة في أروقة مدرسة الموسيقى، تعود الشابة إلى حياتها مباشرة، وتدفعه، دون أن تعرف ذلك، إلى تساؤل وجودي عميق عن ماهية الحب ودرجة تأثيره على العلاقات الإنسانية.

تُستهلّ اللقطات الأولى من الفيلم بمشهد العصافير داخل القفص، وربّ العائلة يعتني بها ويطعمها، ثمّ يُحكم إغلاق القفص. وهذا المشهد للعصافير سيتكرّر في أحداث الفيلم لكن مع العائلة. فهذا الأب المتسلّط والعنيف يُحكم قبضته على العائلة كما لو أنها عصافيره المسجونة في القفص. فعلاقته بزوجته هي علاقة اتصال وتوتّر مستمر. فالزوجة تقضي نهارها في شؤون المنزل لكن الزوج غير عابئ بجهودها في رعاية الأسرة، وحتى معاملة الأبناء من قبل الأب مختلفة وتتسم بالمفارقة: فالأب يتعامل بلين مع ابنه الأصغر رغم أنه فتى طائش مع أنه مقبل على امتحان الباكالوريا، لكن في المقابل تبدو معاملته لابنه الأكبر المستقيم أكثر صلابة وخشونة.

وتتميّز الحالة العائلية بالسكون والجمود والتوتّر، فهي قليلة الحوار فيما بينها. وهذا السكون والجمود العائلي أظهرته عدسة الكاميرا بمشاهد ثابتة وغير متحرّكة وبلقطات قريبة جدّا لإبراز ملامح الشخصية وتبيان حالتها النفسية.

ويبرز التحوّل في الأحداث داخل الفيلم في ظهور شخصية مالك الطبيب النفسي الذي يُهدي جمال (الأب) كتابا من تأليفه يحمل عنوان “لا”، فتطلع عليه الزوجة ويجعلها تغيّر من سلوكها رويدا رويدا نحو محاولة التمرّد على سلطة الأب وعنفه. وأما التحوّل الثاني في الأحداث فيتمثّل في دخول شخصية “ليلى” الطالبة الجامعية في حياة “ياسين” فتدفعه كذلك نحو التغيير والخروج من قوقعته وانزوائه.

ومن خلال هذيْن التحوّليْن في الأحداث، يُحاول المخرج نادر الرحموني إثارة نقاط استفهام حول درجة الحب وتأثيره على العلاقات الإنسانية وكذلك درجة اللاحب وتأثيره أيضا على العلاقات الإنسانية.

وتنتهي أحداث الفيلم بتمرّد الابن على سلطة والده، وقد تجسّد في تحرير العصافير من قفصها، ثمّ تتوالى الأحداث بسرعة ليظهر ياسين مع قيثارته ويظهر والده في حالة مرضية لكنه يلقى معاملة حسنة من أبنائه.

 

####

 

المخرج علي سعيد في تونس: السعودية تعيش نهضة سينمائية

تونس ـ «سينماتوغراف»

حلّت السعودية ضيفة شرف على الدورة 33 لأيام قرطاج السينمائية، وكانت محلّ اهتمام صنّاع السينما الحاضرين في هذه النسخة، إذ تمّ تقديم سبعة أفلام في قاعة سينما أفريكا وتنظيم ندوة فكرية حول “دور الجمعيات غير الربحية في المجال السينمائي السعودي”، فضلاً عن حضور 40 ضيفاً سعودياً بين مخرجين ومنتجين ونقاد.

ومن بين الشخصيات السينمائية الحاضرة، المخرج الكاتب علي سعيد الذي قدّم فيلمه القصير “رقم هاتف قديم”، وقد سبق له تقديمه في مهرجان “كان” السينمائي خلال الدورة الماضية (2022).

يتحدّث علي سعيد عن التجربة السينمائية السعودية، فيصفها بأنها “نهضة” على مستويات عديدة أهمها التشريعات في مجال السينما والعمل السينمائي إلى جانب افتتاح أكثر من 400 قاعة سينما في مختلف أصقاع المملكة، وهي قاعات مجهّزة بأحدث التكنولوجيات العالية.

ويُضيف أن النهضة السينمائية التي تعرفها السعودية حالياً مكّنت من تأسيس مهرجان سينمائي دولي هو مهرجان البحر الأحمر السينمائي الذي انضاف إلى مهرجان أفلام السعودية (2008).

ويُتابع علي سعيد حديثه عن السينما السعودية بالقول إنها ستمكّن من إتاحة الفرص أكثر للمخرجين من أجل إنجاز مشاريعهم، وهو فرصة للترويج للمنتوج الثقافي للمملكة والتعريف به. مؤكدا أن الصناعة السينمائية في المملكة مستقلّة وحرّة ولا تخضع لأي أجندات خارجية.

وعن حضور السينما السعودية في تونس، اعتبر أن المشاركة في أيام قرطاج السينمائية كانت مشرّفة ومكنت الحضور السعودي من الاطلاع على التجربة التونسية التي تحتفي بمائويتها وعلى التجارب الأخرى العربية والأفريقية.

وقال علي سعيد إن السينمائيين السعوديين عقدوا لقاءات مع صناع السينما التونسية وتبادلوا الأفكار والآراء بشأن تأسيس شراكات مستقبلية في إنتاج الأفلام، مضيفاً: “التجربة التونسية ملهمة لكل السينمائيين العرب وأقترح تنظيم أسبوع للسينما التونسية في المملكة العربية والسعودية وبالمثل بالنسبة إلى السينما السعودية في تونس”.

أما عن فيلمه “رقم هاتف قديم” الذي تمّ عرضه في قاعة سينما أفريكا، يقول المخرج إنه استوحى فكرته من قصيدة “رقم هاتف قديم” للشاعر العراقي مظفر النواب. وتدور أحداثه حول المشاكل والصعوبات التي يعاني منها الإنسان في منتصف عمره، وهي فلسفة مستمدة من رؤية عالم النفس السويسري “كارل يونغ”.

 

موقع "سينماتوغراف" في

05.11.2022

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004