مهرجان الجونة... إلى أجلٍ يسمّيه الابتزاز الحكومي
القاهرة/ العربي الجديد
كشفت مصادر خاصة، لـ"العربي الجديد"، عن كواليس قرار
الأخوين نجيب وسميح ساويرس بتأجيل
الدورة السادسة من مهرجان الجونة السينمائي،
التي كان من المقرر أن تنعقد في الفترة من 13 إلى 22 أكتوبر/ تشرين الأول،
إلى أجل غير مسمى.
وعلمت "العربي الجديد" من مصادر مقربة من أسرة رجل الأعمال نجيب
ساويرس أن
الشقيق الأصغر سميح ساويرس، الممول الرئيس لمهرجان الجونة السينمائي
الدولي، غادر البلاد منذ فترة للإقامة في سويسرا، من دون أن يعلن الأسباب.
وقالت المصادر إن "الظروف الاقتصادية والمالية الصعبة التي
تعيشها مصر، بسبب شح العملة الأجنبية، أقلقت الكثير من رجال الأعمال
المصريين، ولا سيما أن الدولة أصبحت تجبر رجال الأعمال على دفع أموال لسد
العجز".
ورجحت المصادر أن الملياردير سميح ساويرس، "ربما فضل
الابتعاد في الفترة الحالية عن الأنظار وعن الساحة المصرية، خشية أن يتعرض
لأي نوع من أنواع الابتزاز من قبل أجهزة الدولة لدفع أموال دون مقابل".
وقالت المصادر إنه "في ظل هذه الظروف الصعبة، والتوتر الذي
أصاب الجميع، بما يتضمن رجال الدولة ورجال الأعمال، أصبحت إقامة مهرجان
الجونة السينمائي الدولي مغامرة محفوفة بالمخاطر، وخصوصاً أن المهرجان عادة
ما يلفت الأنظار ويثير حوله جدلاً في ما يتعلق بكلفة تنظيمه الباهظة".
وأشارت المصادر إلى "الجدل الذي أثاره حفل
زفاف المتحدث السابق باسم وزارة الصحة المصرية خالد مجاهد، والذي حضره نجيب ساويرس، بسبب ما قيل إنها مبالغة
في تكاليف الحفل".
وأوضحت أن "التغطية الإعلامية اللافتة من وسائل الإعلام
التي يتبع معظمها لأجهزة الدولة، والتساؤلات التي طرحها نشطاء مواقع
التواصل الاجتماعي حول مصدر أموال الحفل، من شأنها أن تثير مخاوف أصحاب
رؤوس الأموال من الظهور في الفترة الحالية، لا سيما مع تصاعد الحديث حول
مصادرة الأموال".
وفي سياق آخر، قالت المصادر إن "المضايقات الأمنية التي
تعرض لها المهرجان، خصوصاً في دورته السابقة، نتيجة أزمة فيلم "ريش" الذي
اتهم بالإساءة إلى مصر، وتصريحات المخرجة والمنتجة الفلسطينية مي عودة في
ختام الدورة، إذ هاجمت فيها الأنظمة العربية، أضافت سبباً آخر لأسباب قرار
آل ساويرس بإلغاء المهرجان".
وأوضحت أن "القائمين على المهرجان تعرضوا لضغوط من قبل
النظام في الفترة الأخيرة، تشبه الابتزاز، من أجل إما الاستحواذ، أو الحصول
على أموال مقابل الدعم لاستمرار المهرجان"، مضيفة أنه "جرى استغلال الأزمات
التي سبق ذكرها وتعرض لها المهرجان، في ذلك الابتزاز".
يتمتع آل ساويرس بعلاقات قوية مع النظام
المصري،
ولا سيما في المجال الاقتصادي، إذ إن شركة "أوراسكوم" للمقاولات المملوكة
للأسرة، عادة ما تفوز بنصيب كبير من المشاريع الضخمة التي تنفذها الحكومة
والقوات المسلحة، إلا أنه من وقت لآخر تظهر على السطح بعض المناوشات بين
الطرفين.
وفي ديسمبر/ كانون الأول من العام الماضي، فتح الرئيس
المصري عبد الفتاح السيسي الحديث مرة أخرى عن "مشاركة القطاع الخاص" في
الاقتصاد القومي. كما خص بالذكر شركة "أوراسكوم"، المملوكة لنجيب ساويرس
وعائلته، بعد نحو شهر من انتقاد الأخير تدخّل الجيش والدولة في الاقتصاد،
مشيدًا، في الوقت ذاته، بـ"الدفعة التي تلقاها الاقتصاد المصري بسبب
الإنفاق الحكومي على البنية التحتية، مثل الطرق الجديدة والعاصمة الجديدة"،
مضيفًا أن "شركات القطاع الخاص هي التي تبني هذه المشاريع".
ومن جهة أخرى، وبعيداً عن العلاقة ما بين آل ساويرس والنظام
المصري، قالت المصادر إن "هنالك سببا آخر قد يكون ساهم في القرار الذي
اتخذه الأخوان بوقف مهرجان الجونة، وهو أن المهرجان حقق المراد منه، وذلك
بعد خمس سنوات ساهم خلالها بشكل كبير في الترويج لمدينة الجونة السياحية
وتسويقها".
وأوضحت أن "الترويج لمدينة الجونة، كان هدفاً رئيسياً
للأخوين ساويرس عندما فكرا في تأسيس مهرجان الجونة السينمائي، وذلك ما حدث
بالفعل".
أنشأ مهرجان الجونة السينمائي عام 2017 نجيب ساويرس،
بالتعاون مع الممثلة والمنتجة بشرى رزة، وصاحب شركة "آي إيفنتس" عمرو منسي،
الذي أطيح به من إدارة المهرجان قبل عامين، ثم أعيد تعيينه هذا العام،
والمنتج كمال زادة، بدعم من مؤسس مدينة الجونة سميح ساويرس، ودعم العديد من
رعاة القطاع الخاص، وتحت رعاية وزارة الثقافة المصرية.
وقبل عامين، تنازل نجيب ساويرس عن المهرجان لشقيقه الأصغر
سميح ساويرس، في إطار اتفاق بين الطرفين.
وكشفت مصادر من داخل المهرجان عن أن "عودة عمرو منسي،
المقرب من الأجهزة، إلى إدارة المهرجان، كانت في إطار محاولة لفتح قنوات
اتصال مع الدولة، وتوفير الحماية والدعم اللازم لإقامة الدورة الجديدة،
ولكن الواقع أثبت أن وجود منسي كان هدفه بسط نفوذ أجهزة الدولة على
المهرجان، وهي الصيغة التي لم يقبلها آل ساويرس، ولذلك فضلا عدم إقامة
الدورة".
وقالت المصادر إنه "بعد إسناد مهمة المدير التنفيذي لعمرو
منسي، أصدر بعض القرارات الداخلية، وأعلن عن فتح باب التعيينات في وظائف
داخل المهرجان، وأعد عقوداً لتنفيذ ذلك، واستمر الأمر كذلك حتى اللحظات
الأخيرة، حيث أبلغت الإدارة الموظفين بالمهرجان بالتوقف عن العمل حتى إشعار
آخر، وأن آخر راتب سيتقاضونه هو راتب شهر مايو/ أيار الماضي".
وقالت إدارة المهرجان في بيان إن قرار التأجيل جاء "حرصاً
وإيماناً من إدارة مهرجان الجونة السينمائي على تعزيز الدور الحيوي الذي
يلعبه مهرجان الجونة السينمائي على المستويين الفني والسياحي محلياً
وعالمياً، أخذًا في الاعتبار التحديات العالمية الحالية، التي قد تعوق
إضفاء الصبغة العالمية والإقليمية التي تسعى إدارة المهرجان لتحقيقها
والتأكيد عليها منذ الدورة الأولى للمهرجان".
وأضاف البيان أن اللجنة المنظمة للمهرجان "ستقوم بالإعلان
عن الاستعدادات والمستجدات التي قد تطرأ على فعاليات الدورة السادسة
لمهرجان الجونة السينمائي بشكل دوري في الفترة المقبلة".
وكان مدير مهرجان الجونة انتشال التميمي قد أعلن بعد انتهاء
الدورة الخامسة في العام الماضي عن موعد "دورات ثلاث قادمة". |