ملفات خاصة

 
 
 

«الشرق الأوسط» في مهرجان فينيسيا ـ 9:

تسجيلي يفوز بأفضل فيلم وغياب لبعض المستحقين

فينيسيا (إيطاليا): محمد رُضا

فينيسيا السينمائي الدولي التاسع والسبعون

   
 
 
 
 
 
 

جائزتان صائبتان لكايت بلانشت وكولِن فارل

من بين 23 فيلماً في المسابقة الرئيسية، اختارت لجنة التحكيم التي تولت قيادتها الممثلة جوليين مور، فيلماً متوسط القيمة عنوانه «كل الجمال وهدر الدم» (All the Beauty and the Bloodshed)، يتناول الدعوى القضائية التي رفعتها نان غولدِن ضد عائلة سكلر التي تملك مصنعاً شهيراً للأدوية باسمها. كانت نان ابتاعت دواءً باسم Oxycontin حولها إلى مدمنة.

الفيلم تسجيلي عن الموضوع وعن نان غولدن ونشاطها في حقل عملها مصورة فوتوغرافية، كما حول نشاطاتها المؤيدة للجمعيات المثلية. أخرجته لورا بويتراس التي سبق لها أن أنجزت فيلماً أهم من هذا عنوانه «Citizenfour» سنة 2014 تداول الوضع الحرج لإدوارد سنودن قبل أن يفر من الولايات المتحدة إلى هونغ كونغ ومن هناك إلى روسيا، بعدما أفشى أسراراً تخص وكالة الأمن القومي (NSA).

ذلك الفيلم كان مهماً أكثر منه جيداً، لكن المواقف النقدية بالنسبة لفيلم بويتراس الجديد متضاربة. بالتأكيد ليس أفضل فيلم عُرض في المسابقة، لكن البارز في شأنه هو أنه ثاني فيلم تسجيلي أو وثائقي يفوز بذهبية هذا المهرجان العتيد في تاريخه بعد «Sacro Gra» للإيطالي جيانفرانكو روزي سنة 2013.

هناك أربع مسابقات في إطار مهرجان «فينيسيا» أكثرها إثارة للاهتمام الإعلامي بالطبع هي المسابقة الرئيسية أو الكبرى. المسابقات الثلاث الأخرى هي واحدة لقسم «آفاق» وأخرى للمسابقة المستحدثة السنة الحالية باسم «آفاق إكسترا» والرابعة هي «فينيسيا المؤثرة» (Venice Immersive). في نطاق «آفاق إكسترا» انتخب للجنة تحكيمها (المنفصلة عن لجنة تحكيم المسابقة الرئيسية) انتخاب الفيلم السوري «نزوح» للمخرجة سؤدد كعدان الذي كنا تناولناه هنا في مقال سابق. فيلم جيد الفكرة يعاني من مشاكل كتابية، لكنه في الإجمال يستوحي من الواقع المر الذي تعيشه سوريا حكاية عائلة بين النزوح من مدينتها وعدمه.

طبعاً هي الجائزة العربية الوحيدة بين ما عرض من أفلام عربية (موضوع نتطرق إليه منفصلاً). أما الفيلم الفائز بجائزة مسابقة «آفاق» (من بين 18 فيلما متسابقا). فهو الفيلم الإندونيسي «الحرب العالمية الثالثة» لهومان سعيدي الذي يدور حول عامل بناء يجد نفسه أمام فرصة للعمل ممثلاً في فيلم يدور حول الهولوكوست. يقبل به ويتوقع لنفسه بداية منهج جديد في الحياة لولا أن صديقته تصل إلى مكان التصوير وتكاد تطيح بأحلامه. بطل الفيلم، محسن محسن تانابانده فاز بدوره بجائزة أفضل ممثل.

كاميرا في محكمة

بالعودة إلى جوائز المسابقة الرئيسية نجد جوائز مُنحت لسينمائيين وأفلام، من زاوية نقدية صرفة، تستحق ما فازت به.

جائزة الأسد الفضي (ويطلق عليها أيضاً جائزة لجنة التحكيم الكبرى)، ذهبت إلى الفيلم الفرنسي «سانت أومير» لأليس ديوب. هذا يدور حول محاكمة تحضرها وتتابعها فتاة أفريقية - فرنسية. المتهمة الماثلة أمام القضاء هي أفريقية - فرنسية أيضاً، تُهمتها أنها تسببت بمقتل طفلتها عندما تركتها على شاطئ البحر. النقاد الأوروبيون في غالبيتهم، وجدوه فيلماً مُداراً بأسلوب جديد. عوض أن نتابع ما حدث روائياً، والفيلم يدعي الروائية بالفعل، فننتقل لمتابعة أحداثه وسبر غور شخصياته، نجده يكتفي - في معظمه بتصوير المحكمة نفسها على عدة أيام.

ماذا تستطيع أن تفعل الكاميرا في محكمة سوى التقاط صور المتحدثين؟

سينما المؤلف التي انطلقت في الستينات حُولت إلى سينما بأي شكل ممكن، وبعض هذه الأشكال، كما الحال هنا، يتفادى التعامل مع السينما متحولاً إلى جهد فيلمي فقط. الفارق أن لغة السينما تفرض معايير فنية ترميها مثل هذا الفيلم وراء ظهرها لتؤم أسلوباً مغايراً يبدو أكثر صلة بالفشل في الانتقال قُدماً في صياغة إبداعية متطورة.

أفضل مخرج، حسب لجنة التحكيم، كان الإيطالي لوكا غوادانينو عن فيلمه «عظام وكل شيء» حول تلك الفتاة آكلة لحوم البشر التي تبحث عن هوية بعيدة عن وضعها هذا وتفشل.

الفيلم بلا خصائص متميزة. هناك حكاية تُروى دون مفادات من أي نوع. ليس لأن الفيلم ينتمي في خلاصته إلى سينما الرعب، فهذه قد تستحق جوائز بلا شك، بل لأنه عاجز عن الإتيان بعمق فعلي لما يبحث فيه. كذلك التمثيل فيه رديء وهذا ركن آخر من أركان الإخراج الجيد إذ لا يمكن مكافأة مخرج إذا ما اختار ممثلين محدودي الموهبة أو غير قادرين على منح أدوارهم، ما يساعد على جذب المُشاهد لما يعايشونه من مشاعر.

مجرد المقارنة بين إخراج «عظام وكل شيء» بإخراج أليهاندرو إناريتو لفيلم «باردو: وقائع مزورة لحفنة من الحقائق» الموحية أو بجماليات المخرج مارتن ماكدوناف في «جنيات إينشيرين» أو بقوة شغل سانتايغو ميتر في «أرجنتينا، 1985».

الجائزتان الصائبتان هما في إطار التمثيل: كايت بلانشت حصدت جائزة كان لا بد منها عن «تار»، وفاز كولِن فارل بجائزة (هي الأهم له في تاريخه المهني حتى الآن) عن «جنيات إينشيرين». مخرج هذا الفيلم مارتن ماكدوناف نال جائزة أفضل سيناريو.

الجائزة الأخيرة، في القيمة المعنوية، نالها فيلم جعفر بناهي شلا دبب الذي كان بعض النقاد توقعوا له «الأسد الذهبي». لو نالها لكانت تعبيراً سياسياً موجهاً ضد إيران، كون المخرج مسجوناً الآن. لكن الفيلم بدوره أفضل صنعاً من ذلك الذي فاز، وموضوعه أكثر إلحاحاً إذ يكفيه أنه دعوة لحرية التعبير مصاغة في أسلوب بناهي المفاجئ في تفاصيله العملية.

هذا كان ثاني فيلم في المسابقة الرسمية قُدم باسم إيران لجانب «خلف الجدار» لوحيد جليليوَند الذي بدوره طرح، وبصياغة إخراجية ذات حسنات، الوضع الاجتماعي الإيراني المتأزم الذي يتسبب في مآسٍ عديدة بسبب البطش والهيمنة من قِبل رجال الأمن.

كلا هذين الفيلمين يحتاجان لوقفة أخرى، لكن إلى ذلك الحين فإن دورة مهرجان «فينيسيا» آلت إلى هذه النتائج التي يمكن الجدال فيها وهو حال دورات عديدة له أو لسواه.

 

الشرق الأوسط في

12.09.2022

 
 
 
 
 

مهرجان البندقية وزّع جوائزه في جو من الاحتجاجات:

"الأسد الذهب" لسيرة سيدة عظيمة في فيلم متواضع فنياً

البندقية - هوفيك حبشيان

بعد 11 يوماً من المشاهدة والابحار عبر الأفلام إلى كواكب سينمائية مختلفة ومتناقضة، رست جائزة "#الأسد الذهب" ل#مهرجان البندقية التاسع والسبعين (31 آب - 10 أيلول) على فيلم وثائقي للأميركية #لورا بواتراس في عنوان "كلّ هذا الجمال وسفك الدماء"، الذي عُرض في منتصف الحدث، وكانت الصحافة الغربية في مجملها إيجابية ازاءه وكالت له المدائح مانحة اياه أعلى التقييمات في بعض المطبوعات التي تصدر خلال انعقاد المهرجان.

حفل توزيع الجوائز المنتظرة، سبقته في الليدو (الجزيرة التي يُعقد فيها المهرجان) تظاهرات حاشدة مشى فيها نحو من ألف شخص مطالبين بأشياء مختلفة ومتناقضة، حال الأفلام التي عُرضت، وكحال العالم الذي نعيش فيه. تم التنديد بالكثير خلال هذا التحرك، سمعنا كلمات كرأسمالية وكوكاكولا وفلسطين، لكن الهم الأكبر كان التحذير من التغير المناخي الذي يهدد العالم ومستقبله. التظاهرات نفسها كانت تغييراً في المناخ العام، اذ أخرجت الجزيرة من هدوئها وجو الرواق الذي عاشه الناس طوال اسبوعين متنقلين من فيلم إلى آخر. فجأةً، شهدنا عودة إلى الواقع، إلى مواضيع يطرحها الكثير من الأعمال السينمائية الملتزمة وغير الملتزمة. لكن شتّان في طريقة التعاطي مع ما نشاهده على الشاشة ومع ما نراه على الأرض. هذا كله جعل الشرطة تنتشر بكثافة شديدة حول قصر "الكازينو"، مركز "الموسترا"، وكأن الأمر يتعلّق بتهديد إرهابي. يجب القول ان وقفات احتجاجية كثيرة شهدها المهرجان عبر الزمن، بعضها بمبادرة من الإدارة نفسها، كالتي جرت على السجّادة الحمراء يوم الجمعة الماضي، انتصاراً للمخرج الإيراني المعتقل #جعفر بناهي، وبعضها الآخر احتجاجات غير مرغوب فيها أو مزعجة، كالتي حدثت مرةً ضد الحبر الأعظم، عندما عرض ماركو بيللوكيو أحد أفلامه عن الاجهاض. بيد ان المفارقة كانت في الآتي. ففي حين حاصرت الشرطة المتظاهرين والمحتجين، كانت لجنة التحكيم تمنح "الأسد" لفيلم عن التظاهر السلمي للفت النظر إلى جرائم شركة عملاقة لصناعة الأدوية تجني الأرباح من خلال نشر الادمان والموت.

******

قد يعتقد القارئ في هذه اللحظة ان فيلم بواتراس (58 عاماً) الفائز بـ"الأسد" فيلم معادٍ لمصانع الأدوية على طريقة مايكل مور، لكن الحقيقة هي ان هذا الشأن فصلٌ داخل قصّة كبيرة هي السيرة أو البورتريه للمصوّرة والناشطة السياسية الأميركية نان غولدن (1953) التي تناولت في صورها الحياة الصاخبة التي عاشتها، والمتداخلة مع التطورات الكبيرة التي حدثت في بلادها طوال السبعينات والثمانينات. غولدن فنّانة متعددة الموهبة، جمعت في صورها العوالم السفلية والثقافة المضادة والجنس وكلّ ما يرافق هذه الأجواء من خلق فنّي وتجاوزات وأنماط عيش، ضمن بيئات تسيطر عليها فئات مهمّشة كالمثليين والخارجين على الأعراف الاجتماعية، وما أدراك ما هذه البيئات في أميركا ما بعد الستينات. وكر حكايات تخالف السائد. عبرت غولدن نصف قرن من التاريخ الأميركي، بحلوه ومره، وها انها تشهد عليه، بلسانها وصورها ونشاطها السياسي، والأهم ان مصيرها كان البقاء والصمود ومواصلة العيش. لم تمت كما مات كثيرون من أصدقاء وأحباء لها، خصوصاً في سنوات تفشي السيدا، أو على غرار شقيقتها التي انتحرت في عمر مبكر، فاتحةً جرحا كبيرا في حياتها، لم يندمل إلى اليوم.

كانت غولدن محظوظة في هذا المجال، ورغم انها تعتبر نفسها اليوم "سيدة عجوزا"، كما أعلنت في المؤتمر الصحافي، فهي سجلّ متنقّل من الحكايات المتداخلة بين العام والخاص، وليست حربها على عائلة ساكلر (صنّاع مسكّن "أوكسيكودون" الذي يتسبّب بالادمان والموت)، عبر منظّمتها "ألم"، سوى تتويج لمسيرتها وحياتها اللتين أمضتهما وهي تبحث عن عالم مثالي، فكانت الخيبات في لقاء متواصل معها، وهذا ما تشهد عليه بعض صورها الحزينة رغم انها تحمل بريقاً من الأمل في الحين نفسه. الفيلم ناجح ويفي بوعوده في تقديمه لشخصية "أكبر من الحياة"، كما يقول التعبير الشهير بالانكليزية… شخصية لم تترك شيئاً من "شرّها"، عاشت كلّ شيء وانخرطت في كلّ شيء، من تكريس نوع معين من التصوير الفوتوغرافي إلى ممارسة البغاء في مواخير نيويورك، ثم أتاح لها قدرها ان تبقى حية لتكون شاهدة على زمنها. بواتراس تعرف أهميتها أكثر من أي شخص آخر، وهذا بديهي لكونها خصصت لها فيلماً سيلفّ العالم في الأشهر المقبلة، حاملاً قضية سيتم الترويج لها، واسما سيتعرف عليه كثر ممّن لم يسمعوا عنه سابقاً. ما يقدّمه الفيلم هو بلا شك حياة نموذجية لكثر من الذين يكرهون عادية الأشياء والحياة المتكررة والروتين اليومي الذي يعيشون فيه. نان غولدن سيدة عظيمة، ومَن تقف خلف الكاميرا لالتقاط نبضات قلبها وهي تتحدّث وتلفّ دورة كاملة على حياتها الاستثنائية المتداخلة مع لحظات الأمل والحبّ والحزن، ليست في عظمتها، لكننا ندين لها في معرفتنا بها.

بواتراس البالغة من العمر 58 عاماً، مخرجة أفلام وثائقية أبرزها "سيتيزن فور" (نال "أوسكار" أفضل فيلم وثائقي في العام 2015)، هي ثالث سيدة تحصل تواليًا على "الأسد" في البندقية. أما "كلّ هذا الجمال وسفك الدماء" فهو الفيلم الوثائقي الثاني في تاريخ البندقية ينال "الأسد". آخر مرة نال فيها وثائقي هذه الجائزة المهيبة كانت في العام 2013 عندما فاز بها "ساكرو غرا" للإيطالي جيانفرنكو روزي، علماً ان "الموسترا" من المهرجانات الكبيرة التي دأبت على ضم فيلم وثائقي في مسابقتها الأساسية منذ سنوات عدة. لكن، عموماً، من الصعب بمكان ان تتغلب الأفلام الوثائقية على الروائي.

السؤال الذي طرحته على نفسي فور خروجي من الصالة، وسيطرحه عليّ بعضهم في الأيام المقبلة: هل يستحق الفيلم أرفع جائزة في المهرجان؟ رغم كلّ ما سبق وقلته، جوابي عن السؤال سيكون: "حتماً لا!". هل كان هناك أفلام تستحقّها أكثر منه؟ بالتأكيد. ماذا حدث اذاً: كمعظم لجان التحكيم في العالم، وخصوصاً في أيامنا هذه، يُنظر إلى الفيلم كموضوع أولاً، ثم يُنظر اليه كشكل ولغة وأسلوب.

******

قبيل الختام بساعات، قال لي ناقد إيطالي غاضب، ان ثمة أقاويل ترجّح فوز "سانت أومير" للسنغالية الفرنسية أليس ديوب بـ"الأسد". الا ان اللجنة، على ما يبدو، لم ترد إثارة غضبه العارم، بل اكتفت بغضب محدود النطاق، فأسندت جائزة لجنة التحكيم الكبرى ("أسد فضّة") لهذا الفيلم الذي يروي محاكمة سيدة أفريقية مهاجرة إلى فرنسا قتلت مولودها بلا سبب. لكن المتّهمة تصر على أنها وقعت ضحية السحر الذي أملى عليها تصرفاتها وتدّعي البراءة بناءً على هذه الفرضية. لا أحد يصدّقها، لا المُشاهد ولا حتى المحلّفون ولا الصحافية التي تغطّي المحكمة. الفيلم يحاول نبش هذه الحادثة الغامضة، حتى تفقد كلّ أوراقها وتصبح كالشجرة عارية تماماً. هذا عمل غريب جداً، الأول لمخرجته التي نالت أيضاً جائزة أول فيلم ("أسد المستقبل")، فيه إيحاءات لعنصرية مضمرة، ويمكن ربطه بسهولة بالكثير من القضايا الراهنة، وديوب تملك ذكاء ترك الباب مفتوحاً خلف الفيلم.

******

جائزة أفضل إخراج راحت إلى الفيلم الأميركي "عظام وكلّ شيء" للمخرج الإيطالي لوكا غوادانينو (صاحب تحفة "نادني باسمك"). قصّة تحمل قدراً من الغرابة والابتكار محورها مارين التي تتجوّل مع صديقها في البلاد الشاسعة، مانعةً نفسها من تكرار القتل الذي مارسته على آخرين. الفيلم عنيف ودموي ويتضمّن مشاهد مقززة لا تليق بالجميع. فاز الفيلم كذلك بجائزة ثانية، أفضل موهبة شابة، لتايلور راسل.

******

كان لا بد ان يُعطى جعفر بناهي جائزة، نظراً للأجواء التي نعيشها والظلم الذي أمسى ضحيته المخرج الإيراني القدير، فكان التعاطف عبر جائزة ("لجنة التحكيم الخاصة") أضمن الطرق للانتصار له ولقضيته. من حسن الحظ ان بناهي جاء بعمل جميل، "لا دببة"، فلا أحد يمكن اتهام الجائزة بأنها كرمى لعيني السجين والمظلوم القابع داخل بناهي. قد تكون للجنة أسبابها، وقد تكون أسباباً غير فنية، ولكن ما يحدث هنا هو تقاطع مصالح بين أسبابنا وأسبابها. كنّا تمنينا، بحثاً عن المزيد من الصخب الاعلامي، ان نرى الأميركية جوليان مور تعطي "أسدها" إلى بناهي، الذي غاب طبعاً عن المهرجان، لكن هذا لم يحصل. بناهي في جديده قبالة الكاميرا وخلفها، يحاول ان يتأمل في شروط عمل وحياة مخرج محدود الحركة. هذا المخرج حيناً يصوّر فيلماً من خلال اعطاء التعليمات لطاقم عمله عبر "زوم"، وحيناً يلتقط صوراً في القرية التي يختبئ فيها هرباً من الأمن. لكن الصورة ستكلّفه مشاكل كثيرة، مصدرها أهل القرية وجهلهم وإيمانهم بالخرافات (لنا عودة موسّعة إلى هذا الفيلم المهم).

******

كان لـ"بانشيات إينشرين” للمخرج مارتن ماكدونا أنصاره في البندقية، وهم محقّون في هذا الحبّ: الفيلم أخرجنا من رتابة الأفلام التقليدية إلى شيء آخر يمتاز بالغرابة والرغبة في صناعة بعض الدهشة. لكنه لم يوفّق في النهاية الا بالسيناريو، وهذا ليس بالقليل اذا ما اعتبرنا السيناريو أساس كلّ فيلم، وهو متقن إلى حد بعيد في عمل صاحب "ثلاث لوحات…". ما الذي حدث كي يتغير كولم وماذا حلّ به كي يصبح "شريراً" ويقرر بين ليلة وضحاها عدم التعاطي مع صديق عمره بادريك؟ هذا ما سنعرفه في الفيلم، أو بالأحرى هذا ما لن نعرفه، لأننا في كلّ مرة نعتقد ان سرا ما سيُفشى، يأتينا ما ينسف الاحتمال.

******

أخيراً وليس آخراً، نالت كايت بلانشيت جائزة التمثيل عن دورها في "تار" للأميركي تود فيلد الذي يصوّر حكاية مؤلفة موسيقى ألمانية تُدعى ليديا تار. يقدّمها الفيلم باعتبارها أول قائدة أوركسترا في التاريخ، لكن الشخصية خيالية بالكامل، وليديا تار غير موجودة سوى في مخيلة الفيلم. قدّمت بلانشيت، كعادتها، أداءً باهراً، رغم ان أكثر ما سحرني هذا العام في البندقية هي فيرجيني إيفيرا في دورها الممتاز في "أولاد الآخرين"، رائعة المخرجة ريبّيكا زلوتوفسكي، الذي خرج من اللعبة كالخاسر الأكبر، شأنه شأن إينياريتو الذي لم تهز رائعته "بادرو" مشاعر أحد في اللجنة ولم يكن لخطابه آذان صاغية.

 

النهار اللبنانية في

12.09.2022

 
 
 
 
 

5 لقطات شغلت الجمهور في الدورة 79 لمهرجان فينيسيا..

أزمة هاري ستايلز وفوز فيلم "نزوح" الأبرز

القاهرة- هي

مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي انتهت دورته الـ 79 مؤخراً، والتي شهدت عدة لقطات حازت على اهتمام الجمهور، بالإضافة إلى عدة أحداث فنية وعروض بارزة للأفلام العالمية، ونستعرض في هذا التقرير أبرز الأحداث واللقطات في مهرجان فينيسيا 2022.

الاحتفال بالذكرى الـ 90 لتأسيس مهرجان فينيسيا السينمائي

وتزامنت الدورة 79 من مهرجان فينيسيا السينمائي ذكرى مرور 90 عام على تأسيس المهرجان، وشهد حفل افتتاح المهرجان احتفال عاطفي وخاص بمناسبة مرور 90 عامًا على المهرجان والذي يعد أقدم مهرجان سينمائي في العالم، والذي تم إطلاقه في عام 1932، وهو ما جعل الدورة الأخيرة دورة مميزة من تاريخ المهرجان.

جوائز وتكريمات استثنائية في مهرجان فينيسيا

وشهدت الدورة الأخيرة لمهرجان فينيسيا السينمائي عدة جوائز وتكريمات بارزة أيضاً، والتي حازت على تفاعل الجمهور، وعلى رأسها تكريم النجمة الفرنسية كاترين دونوف، بحصولها على جائزة الأسد الذهبي، على إنجازها الفني على مدار حياتها، بالإضافة إلى الجوائز الختامية في المهرجان، ومن أبرزها حصول النجمة كيت بلانشيت على جائزة أفضل ممثلة في المهرجان عن فيلمها " TÁR".

ومن أبرز الأحداث الاستثنائية في مهرجان فينيسيا 2022، فوز الفيلم الوثائقي "All the Beauty and the Bloodshed" بجائز الأسد الذهبي ليصبح أول فيلم وثائقي يحصد هذه الجائزة المهمة في تاريخ مهرجان فينيسيا، وهو للمخرجة الأمريكية لورا بويتراس.

فيلم "نزوح" يفوز بجائزة الجمهور في فينيسيا

ونال فيلم "نزوح" لكندة علوش وسامر المصري والمخرجة سؤدد كعدان على اهتمام كبير من الجمهور، وكذلك حفاوة كبيرة في عرضه بمهرجان فينيسيا، قبل أن يحصل على جائزة Armani Beauty Audience بتصويت الجمهور.

أزمة هاري ستايلز وكريس باين في مهرجان فينيسيا

ولعل اللقطة الأكثر إثارة للجدل في مهرجان فينيسيا 2022، هي لقطة النجمين هاري ستايلز وكريس باين، بطلا فيلم فيلم "Don't Worry Darling"، وأثارا الجدل بسبب تصرفاتهما الغامضة والتي أوحت بوجود خلاف كبير بينهما، وتصدرا مواقع التواصل في المهرجان، قبل أن ينفي كريس باين وجود خلاف مع هاري ستايلز، وسخر الأخير من هذه الواقعة في أول حفل له بعد المهرجان، وأطلق عدة نكات حول خلافه المزعوم بينه وبين كريس باين في المهرجان.

تواجد عربي لافت في مهرجان فينيسيا

ومن أبرز اللقطات في الدورة 79 من مهرجان فينيسيا السينمائي، هو التواجد العربي اللافت في هذه الدورة، والتي شهدت تواجد عدد كبير من النجوم وعلى رأسهم ظافر العابدين ويسرا ودرة وأروى جودة وريا أبي راشد وسمية رضا وكندة علوش وعمرو يوسف وغيرهم، بجانب وجود عدد من السينمائيين وأعضاء مهرجان القاهرة السينمائي ومهرجان البحر الأحمر السينمائي ومنهم الفنان حسين فهمي والمخرج أمير رمسيس ومحمد الترك وغيرهم.

الصور من حساب المهرجان وحسابات النجوم على انستقرام.

 

مجلة هي السعودية في

12.09.2022

 
 
 
 
 

فيلم «نزوح» لـسؤدد كعدان يفوز بجائزتين فى مهرجان فينيسيا السينمائى الدولى

 دعاء عبد المقصود

حصل الفيلم الروائي «نزوح»، للمخرجة سؤدد كعدان والنجمة كندة علوش، على جائزتين خلال حفل ختام النسخة 79 من مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي.

وفاز الفيلم الذي شهد عرضه العالمي الأول في مسابقة «Orizzonti Extra» بجائزة الجمهور التي تقدمها شركة أرماني الراعي الرسمي للمهرجان، ليصبح أول فيلم عربي يحصل عليها، وجائزة لانترنا ماجيكا التي تمنحها جمعية «تشينيتشيركولي» الوطنية الاجتماعية الثقافية للشباب، وبذلك يصبح في رصيد المخرجة سؤدد كعدان ثلاث جوائز من مهرجان فينيسيا، إذ فاز فيلمها السابق «يوم أضعت ظلي» بجائزة أسد المستقبل عام 2018.

وقد نال الفيلم إشادة نقدية كبيرة بعد عرضه، إذ كتبت آنا سميث من موقع «Deadline»: "فيلم نزوح هو تجربة مشاهدة ساحرة تمزج الحكاية الخيالية النسوية بالدراما الواقعية"، وكتب أيضاً جوناثان هولاند، في موقع «سكرين دايلي»: "فيلم قوي ورقيق يسعى بشجاعة إلى تغيير التوقعات المرتبطة بالأعمال الدرامية السورية التي عادة ما توحي بالعنف وسقوط الضحايا"، كما وصفه فابيان لوميرسيه من موقع «Cineurope» بأنه "فيلم يفيض بالأفكار السريالية الرائعة".

ومن المقرر أن يكمل «نزوح» جولته في المهرجانات الدولية، إذ سيكون مهرجان لندن السينمائي المحطة التالية، حيث ينافس في المسابقة الرسمية، وتدور أحداث الفيلم في سوريا خلال صراعات السنوات الماضية، حيث يدمر صاروخ سقف منزل الفتاة زينة "هالة زين" ذات الـ14 سنة، لتنام بعدها لأول مرة تحت النجوم، وتقيم صداقة مع عامر "نزار العاني" الصبي بالمنزل المجاور، ومع تصاعد العنف تُصر والدتها هالة "كندة علوش" على الرحيل وتدخل في صراع مع زوجها معتز "سامر المصري" الذي يرفض أن يتحول للاجئ ويمنع عائلته من ترك المنزل.

وكان مشروع الفيلم قد حصل على جائزة "باومي" للسيناريو من برلين، وفي مهرجان كان السينمائي فاز بجائزة تليفزيون «ARTE»، وجائزة سورفوند، ضمن ورشة سينيفونداسيون، كما نال دعمًا من تورينو فيلم لاب ومؤسسة الدوحة للأفلام، معهد الفيلم البريطاني «منحة تمويل الياناصيب الوطني».

الفيلم من تأليف وإخراج سؤدد كعدان، وتم تصويره في تركيا، وهو من إنتاج شركة كاف للإنتاج «سؤدد كعدان»، وشركة بيركلي ميديا جروب «يو فاي سوين»، ويشارك في الإنتاج أكس نيلو «مارك بوردور»، ومن بطولة: كندة علوش، سامر المصري، هالة زين، ونزار العاني، ودارينا الجندي، وتولت تصويره مديرة التصوير الشهيرة هيلين لوفار، وتتولى شركة «MAD Solutions» مهام توزيع الفيلم في العالم العربي، فيما تتولى شركة «MK2» مبيعات الفيلم بأنحاء العالم، بينما توزعه في فرنسا شركة «PYRAMIDE»، وتم تمويل إنتاجه من خلال «FILM4، وStar Collective».

سؤدد كعدان مخرجة سورية وُلدت في فرنسا، درست النقد المسرحي في المعهد العالي للفنون المسرحية بسوريا، وتخرجت فى معهد الدراسات المسرحية والسمعية المرئية والسينمائية بجامعة القديس يوسف «IESAV» في لبنان.

أول فيلم روائي طويل لها «يوم أضعت ظلي»، الذي تم اختياره للمنافسة بمهرجان فينيسيا حيث فاز، كما حصل على جائزة لجنة التحكيم في مهرجان لوس أنجلوس السينمائي.

 

الدستور المصرية في

12.09.2022

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004