ملفات خاصة

 
 
 

هل يغلب المضمون على الشكل في الاختيارات العربية لـ"كانّ" السينمائي؟

نديم جرجوره

كان السينمائي الدولي

الخامس والسبعون

   
 
 
 
 
 
 

إلى ذلك، هناك تشكيل لجان التحكيم، الذي يمنح عرباً مواقع لهم فيها. هذا يطرح، أحيانا، سؤال الاختيار، إذْ أنّ أسماء عربية عدّة أقلّ أهمية من أسماء أخرى، ومع هذا يتمّ اختيارها، أحياناً، في تلك اللجان. الدورة الـ75 لمهرجان "كانّ" تؤكّد أنّ للمهنيّة والحِرفيّة حضوراً وأولوية، أقلّه في هذا الإطار:

يُثير اختيار أفلامٍ عربيّة في مهرجان "كانّ" السينمائي، في مسابقته الرسمية ومسابقات/تظاهرات أخرى، أسئلة عدّة: النظرة الغربيّة إزاء أفلامٍ ومخرجين/مخرجات عربٍ، يُقيمون في بلدانهم أو يعيشون في المهجر؛ أسباب الاختيار ومعانيه، ثقافياً وفكرياً واجتماعياً؛ مدى الموازنة بين مضمون مهمّ وشكلٍ سينمائيّ، يُفترض به أنْ يستوفي شرطه السينمائيّ البحت.

طرح تساؤلات كهذه، بمناسبة الدورة الـ75 (17 ـ 28 مايو/أيار 2022) للمهرجان، غير متأتٍ من موقفٍ ثقافي ـ إيديولوجي، يقول باستعلاء غربي، أو بتنازلات عربية. طرحٌ كهذا يسعى إلى فهم حالةٍ، لا إلى مناقشة ما يتردّد عن "علاقات مشبوهة" بين عربٍ وأجانب، تتطلّب من الأوّلين "خضوعاً" للغرب كي يُوافق الغرب على إشراكهم في محافله الثقافية والفنية المختلفة، أو عن "إحساسٍ عربيّ بالمؤامرة"، تلك التي يصفها البعض بأنّها "بطاقة دخول" عربيّ إلى الغرب.

هذا كلّه غير مُفيد (ولعلّه غير صحيح أيضاً، أقلّه بشكل عام) في نقاشٍ، يجهد في فهم آليات اختيار الأفلام كلّها في مهرجانات سينمائية، بعضها مُصنّف "فئة أولى"، كالـ"برليناله" (مهرجان برلين) و"كانّ" و"لا موسترا" (مهرجان فينيسيا). تجارب سابقة تكشف أنّ بعض الاختيار غير متوافق مع أبرز شرطٍ له (الاختيار): الجودة الفنية والدرامية والجمالية والبصرية، التي يجب أنْ تكون غالبة، بل أساسية، في إتاحة مجالٍ أمام فيلمٍ، لعرضه في مهرجان دولي.

آخر مثلٍ على ذلك: اختيار "مفاتيح مُكسَّرة" (2020)، للّبناني جيمي كيروز، لعرضه في برنامج "أفلام أولى"، في الدورة الـ73 لمهرجان "كانّ"، غير المنعقدة في موعدها المحدّد (12 ـ 23 مايو/أيار 2020)، بسبب تفشّي وباء كورونا (نسخة مُصغّرة منها تُقام في 3 أيام فقط، بين 27 و29 أكتوبر/تشرين الأول 2020).

الحجّة، التي يُمكنها أنْ تُبرِّر الاختيار من دون قبولها بالضرورة، كامنةٌ في أنّ البرنامج المذكور معنيٌّ بتقديم أفلام أولى لمخرجين/مخرجات جدد. هذا حاصلٌ أيضاً في تظاهرتين مهمّتين في المهرجان نفسه: "نصف شهر المخرجين" و"نظرة ما"، المهمومتين باكتشاف الجديد (أول و/أو ثاني فيلم). غير أنّ الحجّة تواجه سؤال كيفية الاختيار، فالنتاجات السينمائية السنوية في العالم، الموسومة بكونها أول/ثاني تجربة لصانعيها، كثيرةٌ، والاختيار صعبٌ، والمعاينة النقدية تُفيد بأنّ أفلاماً عدّة منها متمكّنةٌ من شرطها السينمائيّ في مقارباتها المختلفة. أمّا "مفاتيح مُكسّرة"، فمحتاجٌ إلى تأهيل سينمائيّ جذريّ، لخلله ـ الدرامي والفني والجمالي والتمثيلي ـ في قراءة مشهدٍ، إنسانيّ أولاً، يتمثّل بعيشٍ في حيّز جغرافي خاضع لإرهابٍ دينيّ مُسلّح. حكاية الموسيقيّ الشاب كريم (طارق يعقوب)، الذي يُمنع من العزف على البيانو في بلدته (عراقية/سورية !)، بعد سيطرة تنظيم "داعش" عليها. يوميات أناسٍ يعانون قهراً وخوفاً وارتباكات عيشٍ، فيُحاول بعضهم تدبير خروج آمن إلى مهجر أو منفى، للخلاص من الجحيم.

الاشتغالات السينمائية معطّلة، خاصة في مسألتي المعالجة الدرامية، بكلّ ما فيها من حكايات وحالات وتفاصيل مرتبطة بأفرادٍ كهؤلاء، أو بعيشٍ في بيئة "داعشية"؛ والفنّيات المختلفة، خاصة الأداء، فكيروز يختار ممثلين وممثلات لبنانيين لتأدية شخصياتٍ عراقية/سورية، من دون تدريبٍ على نُطقٍ سليم للهجة العراقية/السورية، بالإضافة إلى تمثيلٍ عاديّ (ومتصنّع أو مُبالغٍ فيه أحياناً)، رغم أنّ لبعضهم إمكانيات تمثيلية هائلة.

هذا لن يكون تفصيلاً عابراً، في قراءة سؤال اختيار مهرجانات سينمائية أفلاماً مختلفة. فالخلل، متنوّع الجوانب، في أول روائي طويل لجيمي كيروز، واضحٌ تماماً، ورغم هذا يُتاح له الحصول على وسم "الاختيار الرسمي" من أبرز مهرجان دولي في العالم. ألن يُحرِّض فعلٌ كهذا على التساؤل عن كيفية اختيار الأفلام كلّها، رغم أنّ أفلاماً كثيرة تُعرض في مهرجانات دولية، ويكون بعضُها أوّل فيلمٍ، تمتلك جماليات صناعة بصرية، تمتّع العين والقلب، وتحثّ العقل على تفكيرٍ ونقاشٍ؟

"كفرناحوم"، للّبنانية نادين لبكي، مثلٌ آخر: اختياره في المسابقة الرسمية للدورة الـ71 (8 ـ 19 مايو/أيار 2018) لمهرجان "كانّ" نفسه، يؤدّي إلى فوزه بـ3 جوائز، إحداها مهمّة، لكونها تحمل اسم "جائزة لجنة التحكيم". مُشاهدته تُثير سؤال الاختيار والفوز، خاصّة أنّ في المسابقة الرسمية أفلاماً أهمّ وأعمق وأقوى، سينمائياً ودرامياً وسردياً وفنّياً، كـ"كتاب الصورة" للفرنسي السويسري جان ـ لوك غودار، الممنوح "سعفة ذهبية خاصّة"، و"يوم الدين" للمصري أبو بكر شوقي، و"شجرة الكمثرى البرّية" للتركي نوري بيلجي سيلان، و"ليتو" للروسي كيريل سِرِبْرنيكوف، مثلاً.

تضافر عوامل عدّة في لحظةٍ واحدة تُساهم في الاختيار والفوز. وضع المرأة، السينمائية خاصة، في العالم، بعد فضيحة المنتج الهوليوودي المستقلّ هارفي وينستين: لـ"كفرناحوم" مُخرجةٌ، لها دعمٌ إنتاجيّ فرنسي فاعل، بفضل مُنتجة تُدعى آن ـ دومينيك توسّان، رغم أنّ في المسابقة نفسها فيلمين لمخرجتين، الايطالية أليس رورفتشر الحاصلة على جائزة السيناريو مناصفة مع الإيراني جعفر بناهي (3 وجوه) عن "لعازر السعيد"، رائعتها الأهمّ من "كفرناحوم"؛ والفرنسية إيفا أوسّون عن "فتيات الشمس"؛ تأثيرات الفضيحة نفسها، والجدل الحاصل بخصوصها في تلك الفترة ("النيويورك تايمز" و"النيويوركر" تكشفان الفضيحة في أكتوبر/تشرين الأول 2017)؛ اختيار كايت بلانشيت رئيسةً للجنة تحكيم المسابقة الرسمية، ولبلانشيت مواقف سلبية من وينستين. هذا كلّه لا علاقة له بـ"كفرناحوم"، فالفيلم غير سويّ سينمائياً، ونظرته إلى وقائع وحقائق لبنانية متعالية وغير واقعية وغير صحيحة، وبعضها يُحسِّن الصورة السيئة لأجهزة أمنية وقضائية. رغم هذا، يتمّ اختياره، ويُمنح إحدى أبرز جوائز المسابقة الرسمية، بالإضافة إلى جائزتي لجنة التحكيم المسكوني لـ"كانّ" (لجنة مستقلّة مؤلّفة من مسيحيين يعملون في مهن لها علاقة بالسينما، كالصحافة والإخراج والتدريس)، و"المواطنيّة".

أفلامٌ عربيّة جديدة (إنتاج 2022)، مختارة لعرضٍ دولي أول لها في مهرجان "كانّ الـ75" (مسابقة رسمية ومسابقات/تظاهرات أخرى)، غالبيتها لمخرجين/مخرجات مُقيمين خارج بلدانهم العربية، وبعضها القليل يحمل جنسية بلد إقامة المخرج/المخرجة، أي بلد الإنتاج أيضاً: فيلمٌ واحدٌ بينها، "صبيّ من الجنّة" للمصري السويدي طارق صالح، يُعرض في المسابقة الرسمية باسم السويد. في "نظرة ما"، هناك "حمى البحر المتوسّط" للفلسطينية مها الحاج (ثاني فيلم روائي طويل لها بعد رائعتها الأولى "أمور شخصية")، و"حرقة" للتونسي لطفي ناثان (المُقيم في الولايات المتحدة الأميركية)، و"القفطان الأزرق" للمغربية مريم التوزاني (الفيلمان الأخيران مُشاركان في "مسابقة الكاميرا الذهبية"). 3 أفلام عربية أخرى مُختارة لـ"نصف شهر المخرجين" (أو "أسبوعا المخرجين")، اثنان منها يُشاركان في "مسابقة الكاميرا الذهبية": "تحت شجرة التين" للتونسية أريج السحيري، و"السدّ" للّبناني علي شري، بالإضافة إلى "أشكال" للتونسي يوسف الشابي.

تستحيل كلّ قراءة نقدية لتلك الأفلام قبل مشاهدتها. لكنّ مشاركتها في مهرجانٍ دولي كهذا تُشير إلى حيوية الإنتاجات العربية وغزارتها، وبعض جديدها، المُنتج في الأعوام الثلاثة الأخيرة على الأقلّ (بينها عامان موسومان بوباء كورونا)، يشي بتكاملٍ بين تلك الحيوية وجماليات سينمائية، تروي وقائع وحكايات، وتُصوّر حالاتٍ وانفعالاتٍ، بلغة مُثيرة للمتعة والتفكير والتأمّل، لما في نصوصها من أسئلةٍ منبثقة من أحوالٍ فردية (بغالبيتها) وجماعية، في راهنٍ عربيّ مرتبك وممزّق وخائبٍ ومنهار. الأفلام الجديدة تُكمِل، بحسب المتداول عن مواضيعها/حكاياتها/حالات أفرادها، ما يُصنَع في السينما العربية الجديدة، بانتظار المُشاهدة، التي ستكشف، من أمور أخرى، مدى التزامها الشرط السينمائي في قراءة راهن وذاكرة وتاريخ، ومدى صوابية/عدم صوابية اختيارها في "كانّ الـ75". أفلامٌ سابقة لبعض هؤلاء المخرجين/المخرجات تقول إنّ لدى هذا البعض أساليب اشتغال ترتكز على مفرداتٍ سينمائية تتكامل، في صوغها النصّ السينمائيّ كلّه، مع مضامين تمسّ جوهر الفرد وجماعته، في زمنٍ عربيّ آنيّ.

إلى ذلك، هناك تشكيل لجان التحكيم، الذي يمنح عرباً مواقع لهم فيها. هذا يطرح، أحيانا، سؤال الاختيار، إذْ أنّ أسماء عربية عدّة أقلّ أهمية من أسماء أخرى، ومع هذا يتمّ اختيارها، أحياناً، في تلك اللجان. الدورة الـ75 لمهرجان "كانّ" تؤكّد أنّ للمهنيّة والحِرفيّة حضوراً وأولوية، أقلّه في هذا الإطار: المخرج المصري يُسري نصرالله رئيساً للجنة تحكيم "سينيفونداسيون" والأفلام القصيرة، والمخرجة التونسية كوثر بن هنيّة رئيسةً للجنة تحكيم مسابقة "أسبوع النقّاد"، وهذا برنامج/مسابقة له أهميّة فنية وثقافية، لكونه حيّزاً للنقّاد السينمائيين، يُتيح لهم اختيارات ونقاشات تؤدّي بهم إلى منح جوائز لأفلامٍ جديدة. هذا لن يحول دون اختيار من لا علاقة له بالنقد في لجان التحكيم.

هناك أيضاً المغربي هشام فلاح، المدير العام لـ"مهرجان الفيلم الوثائقي في أغادير"، المختار لعضوية لجنة تحكيم "العين الذهبية".

رغم هذا كلّه، ورغم أخطاء وخلل في دورته الـ75 (أعطال تقنية تحول دون تمكّن نقاد وصحافيين سينمائيين من حجز مقاعد لهم لمشاهدة أفلام المسابقات المختلفة؛ فرض إدارة المهرجان على نقاد وصحافيين سينمائيين الاطّلاع على نصوص الحوارات التي تُجرى مع مسؤولين فيها قبل نشرها، ما يؤدّي إلى تدخّلها في الحذف والتصحيح والمنع؛ إلخ.)، يبقى مهرجان "كانّ" قُبلة السينما والسينمائيين/السينمائيات، ومرجعاً ـ أبرز وأهمّ ـ في الاكتشاف والتقديم والدعم.

ناقد سينمائي من لبنان

 

مجلة رمان الفلسطينية في

23.05.2022

 
 
 
 
 

«ثلاثة آلاف عاماً من الشوق».. جورج ميلر حكاء السينما المبهر

كان ـ «سينماتوغراف» : عبد الستار ناجي

يعتبر المخرج الأسترالي جورج ميلر واحداً من أهم الحكائين السينمائيين الذين يدهشوننا بأعمالهم وإبداعاتهم، والذى بدأ مشواره السينمائي مع فيلم «ماد ماكس» 1979 إلى جوار مواطنه النجم ميل جيبسون، لتمضي المسيرة عبر سلسلة من أفلام المغامرات التى أخذت منحي فلسفي عميق يدعو المشاهد إلى الحوار ومن أعماله ( ماد ماكس،  تولايت زون، وبيبي بيج ان ذا سيتي، و هابي فيت)، وأخيراً تحفته «ماد ماكس طريق الحرية» الذى عرض في كان السينمائي عام 2015 .

يعود هذا العام مجدداً إلى مهرجان كان والسينما من خلال فيلم «ثلاثة آلاف عاماً من الشوق» الذى يروي باختصار شديد، علاقة الدكتورة إليثا (تيلدا سوينتون) مع جنى خرج لها من قنينه قديمه أشترتها من أحد الاسواق التركية القديمة، جسد شخصية الجني النجم البريطاني الأسمر إدريس ألبا، هي دكتورة مرموقه نشطة ولكن بدون حياة اجتماعية أو علاقات، وهو جنى يسرد قصته على مدي ثلاثة آلاف عاماً عاشها متنقلاً بين مجموعة من العلاقات مع النساء اللواتي عمل على خدمتهن وعاش معهن قصص رائعة يظل يحن إليهن، وحينما يظهر من جديد هي تريد أن تصنع تاريخاً وعلاقة، وهو يريد أن يكمل تاريخه وحكايته المقطوعة في رحلة سينمائية مشبعة بالدهشة الإبهار والقراءة الذكية للتاريخ والأزمنة والأمكنة.

سينما من نوع مختلف تلك التى يقدمها جورج ميلر، تحمل التقنية العالية والدهشة، وقبل كل ذلك العمق الفلسفي، لا شيء مجاني عند هذا المخرج والقامة السينمائية الكبري . يقرن دائماً اشتغلاته بالبحث والتحليل والحرفة السينمائية المشبعة بالثراء والتجديد، يعرض الجنى على صاحبته الجديدة ثلاث طلبات مقابل الحصول على حريته وهنا الفلسفة الجديدة والمنحي الجديد، حيث الجنى يقدم خدماته مقابل حريته التى ظلت حبيسة وبحكم الإنسان وقرارته، ولكنها تريده لها وهي تعلم جيداً بأن جميع الطلبات السابقة التى صدرت من الشخصيات السابقة كانت خاطئة إما لأسباب مادية أو صراع علي السلطة أو غيرها، وتريده لتمضي بقية الزمان معه بعد أن راح يروي حكايته التى تمتد على مدي ثلاثة آلاف عاماً مشبعة بالشخوص والصراع والألم، علاقة بين باحثة وجنى تذهب إلى ما هو أبعد من العلاقة التقليدية بين إنسانه تجد الجنى لينفذ طلباتها إلى علاقة بحث عن الحرية لجنى يريد الخلاص والآمان النفسي، بعد حسب طويل وخدمات يقدم لأسياده.

وفي النهاية يأتى الطلب الأخير .. إذهب فأنت حر .. ويكون الجواب .. سأظل أعود إليك .. حيث تلتقي به مصادفة وهى تتجول في إحدي الحدائق .. مؤكداً بأنه سيظل قريباً حبيباً ..

سينما من نوع مبهر ممتع مسلئ وعميق، هكذا هي سينما الحكاء المخرج الأسترالي جورج ميلر الرائع .

 

####

 

أفلام مغاربية في «مهرجان كان» تعرض مجتمعات على حافة الإنهيار

الوكالات : كان ـ «سينماتوغراف»

بلداننا جميلة جداً لكن الناس فيها يختنقون”، تقول المخرجة أريج السحيري من مهرجان “كان” في فرنسا، حيث يرسم عدد من المخرجين المغاربيين في أفلامهم المعروضة هذه السنة، صورة جيل شاب على حافة الانفجار.

واختارت المخرجة الفرنسية التونسية حقلاً مزروعاً بأشجار التين في الريف التونسي غالبية العاملين فيه نساء، مسرحاً لأحداث فيلمها الروائي الطويل الأول “تحت أشجار التين”، الذي عرض السبت، ضمن قسم “أسبوعي المخرجين” في مهرجان “كان”.

وعلى الرغم من إحساس الحرية الذي يوحي به مشهد أشجار التين الممتدة على مد البصر، يخرج المشاهد من الفيلم بانطباع مختلف تماماً، عن مكان مغلق ضاغط يطبق على النساء من غير أن يجدن سبيلاً للخروج منه.

وأوضحت السحيري لوكالة الصحافة الفرنسية، “أردت أن أقول “انظروا، إنه رائع، لكن هذا كل ما هناك”. هكذا هي بلادنا، إنها رائعة، لكن الشباب يختنقون في الداخل”.

ويظهر الفيلم نساء يتعرضن للمطاردة والمضايقة، بل حتى لاعتداءات جنسية بالكاد تنجو منها بعضهن. وإن كان الحب والجنس حاضرين في كل الأذهان، فإن أحداً لا يجرؤ على البوح برغباته.

وقالت السحيري، “أردت معالجة موضوع المضايقات الجنسية تجاه النساء. فإن كانت هذه المسألة ينظر إليها بجدية بالأحرى في تونس، فهي تبقى في الأرياف الخبز اليومي للنساء، ويبقى الصمت هو السائد”.

وعلى غرار قطاف التين، تشبه جسد المرأة بفاكهة تنتظر رجلاً “يقطفها”، رجل يعاني هو أيضاً بحسب المخرجة من استحالة عيش حياته الجنسية بحرية.

وتنفي المخرجة المولودة في فرنسا لوالدين تونسيين، أن تكون تعكس في عملها أي صور نمطية، وتروي أنها تصورت “مجتمعاً مصغراً تونسياً، وبصورة عامة مغاربياً”.

وتضيف، “سواء تحدثنا عن المغرب أو الجزائر أو تونس، إنه الشباب ذاته الذي يختنق في كل مرة”.

المخرجة مريم التوازني تناولت من جهتها موضوع استحالة عيش المثلية الجنسية في المغرب في فيلمها “القفطان الأزرق”، الذي يعرض الخميس، خارج المسابقة ضمن قسم “نظرة ما”.

وقال الممثل آدم بسة، إن “المشكلة هي أنه من المستحيل العيش كما نود”، وهو يؤدي دور علي في فيلم “حرقة” للمخرج لطفي ناثان الذي عرض الخميس، ضمن المسابقة الرسمية، وكذلك خارجها.

ويروي الفيلم مصير علي، شاب تونسي يعتاش من بيع البنزين المهرب على حافة الطريق، ليطرح تساؤلات حول إرث الثورة التونسية التي شكلت شرارة لحركة الربيع العربي. فبعد أكثر من 10 سنوات على قيام محمد البوعزيزي بإحراق نفسه احتجاجاً على ظروفه البائسة مطلقاً بذلك “ثورة الياسمين”، هل تبدل الوضع؟

لا تزال الحال على ما هي، بحسب الفيلم الذي يفضح الفساد وانعدام الأفق والفقر المتفشي. ويقف علي على شفير الانهيار، والجنون. الخيار الوحيد في رأيه هو مغادرة تونس والرحيل إلى أوروبا عبر سلوك طريق البحر المتوسط المحفوفة بالمخاطر، على غرار عديد من المهاجرين من قبله.

وينقل الفيلم بكثير من الواقعية مفاصل مجتمع يمنع الأفراد من التحرر ويكبلهم. ويوضح المخرج لطفي ناثان أن الفيلم يكشف بصورة خاصة “يأس جيل يشعر بأنه ممنوع من العيش”. ويتابع، “أردت وصف مجتمع يسجن (الناس) من دون أن يترك فعلياً منفذاً”.

وبفضل لقطات قريبة لعلي تظهر وجهه وجسده المطبوعين بقسوة الحياة، ومهارة أداء آدم بسة، ينجح الفيلم في جعل المشاهد يشعر باليأس الطاغي الذي يستولي على الشخصيات.

ويقول آدم بسة بهذا الصدد، “اليأس، العجز..، ذلك الشعور بأن الواحد استنفد كل ما لديه، حاول كل شيء، أعطى أفضل ما لديه ليحاول إيجاد مخرج، من غير أن يكون أي شيء مجدياً. انعدام الأمل هو أعنف ما يكون”.

 

####

 

«أرماجيدون تايم».. حكاية تقليدية عن الأسرة ببصمة «جيمس غراي»

كان ـ «سينماتوغراف» : عبد الستار ناجي

تعود المخرج الأميركي جيمس غراي أن يحط رحالة في مدينة كان ومهرجانها السينمائي الدولي، حيث تم تعميده عبر مجموعة من النتاجات السينمائية التى رسخت حضوره وأكدت بصمته، ومن أبرز الأعمال التى عرضت له في مهرجان كان «الاوديسا الصغيرة» و«ذا ياردز» و«نحن نمتلك ليالينا ».. وغيرها وصولاً إلي فيلمه الجديد «أرماجيدون تايم»، والأرماجيدون حسب المصطلح التوراتي هي المعركة الكبري.

ونحن هنا أمام مفهوم أكبر للمعركة الكبري، التى تتمثل برحيل أحد أكبر أفراد الأسرة، وقد كتب الفيلم واخرجه جيمس غراي معتمداً على ذاكرته الأسرية مؤكداً على أهمية ودور الأسرة ككيان وقوة ومستقبل، من خلال ذاكرة الطفل «جيرمي سترونج» الذى يعيش في كنف والده ووالدته، ويدرس في مدرسة عامة تجعله يقترب كثيراً من صبي أسود تنشأ بينها علاقة ود وصداقة عالية تتحفظ عليها الأسرة، لذا تقوم بنقله إلى مدرسة خاصة بجوار شقيقه، ولكن العلاقة مع الصبي الأسود لا تتوقف يجمعهما أحلام مشتركة هو بالتحاقة بالفنون الجميلة والصبي الأسمر الذي يطمح بأن يصبح رائد فضاء، ومن أجل تحقيق ذلك الحلم والهروب من الأسرة، يقرر الصبي سرقة أحد اجهزة الكمبيوتر من مدرسة بمشاركة صديقة الأسمر والهروب إلى فلوريدا، إلا أن الشرطة تلقي القبض عليهما اثناء بيع الجهاز، في تلك اللحظات الحاسمة يعترف الصبي الأسود بأنه من قام بالسرقة من أجل حماية صديقة الأبيض، فيما يحاول الصبي تبرءه صديقه ولكن علاقة والد الصبي مع أحد رجال الشرطة تعمل على إخراجه من الحبس ويتم الحكم علي الصبي الأسود.

كل ذلك على خلفية الحالة الصحية التى راحت تتردي للجد (انتوني هوبكنز)، الذى قدم كعادته أداء عميق وثري ومؤثر، وأيضا علاقته مع والدته (آن هاثاواي) ووالده القاسي الصارم المتوتر .

فيلم بسيط وحكاية تقليدية هادئة، تظل تعزف على أوتار الاحتفاء بالأسرة وأهميتها كونها تمثل القوة والدعم والسند لتحقيق الطموح والهدف، حتى لو كان ذلك علي حساب المصالح والعلاقات الإنسانية التى انهارت أمام رغبة الأهل تاره من خلال الأمر للانتقال إلى مدرسة جديدة وأخري بالتضحية بالصديق فقط لأنه ملون .

تبقى بصمة سينما جيمس غراي الإنسان حاضرة، وتظل الأسرة شاخصة ونابضة بالحياة ومتناقضاتها.. حقاً هي سينما ثرية رغم البساطة.

 

####

 

القائمة الكاملة للفائزين بجوائز النقاد للأفلام العربية في مهرجان كان

كان ـ «سينماتوغراف»

في حفل أقيم ضمن فعاليات مهرجان كان السينمائي، أعلن مركز السينما العربية، عن الفائزين بجوائز النسخة السادسة من جوائز النقاد للأفلام العربية التي تستهدف الأفلام التي تم إنتاجها في 2021، وشارك في تقييم الأفلام لجنة تحكيم تتكون من 167 ناقداً من 68 دولة، يشاهدون الأفلام عبر الشريك الرقمي Festival Scope.

وتعلق ديبورا يانغ مدير جوائز النقاد “رغم التنوع الكبير في ترشيحات هذا العام، فاز الفيلم المصري ريش للمخرج عمر الزهيري بثلاث جوائز، وهو فيلم أصيل وينبئ بمخرج يمتلك عيناً قادرة على التقاط القضايا الاجتماعية بذكاء، مبروك لريش والفائزين في الفئات الأخرى، ونشكر أعضاء لجنة التحكيم على مساهمتهم القيمة معنا”.

قائمة الفائزين بجوائز النقاد للأفلام العربية

أفضل فيلم: ريش | إخراج: عمر الزهيري | مصر | تسلَّمت الجائزة المنتجة شاهيناز العقاد.

أفضل ممثل: علي سليمان | فيلم: أميرة | فلسطين | تسلَّمت الجائزة الفنانة ميساء عبد الهادي

أفضل ممثلة: ميساء عبد الهادي | فيلم: صالون هدى | فلسطين | تسلَّمت الجائزة الفنانة ميساء عبد الهادي

أفضل مخرج: عمر الزهيري | فيلم: ريش | مصر | تسلَّمت الجائزة المنتجة شاهيناز العقاد

أفضل سيناريو: أحمد عامر وعمر الزهيري | فيلم: ريش | مصر | تسلَّم الجائزة المؤلف أحمد عامر 

أفضل فيلم وثائقي: فلسطين الصغرى | إخراج: عبد الله الخطيب | فلسطين ولبنان |

جوائز النقاد للأفلام العربية انطلقت في نسختها الأولى على هامش فاعليات الدورة الـ70 من مهرجان كان السينمائي، وتمنح الجوائز لأفضل إنجازات السينما العربية سنوياً في فئات أفضل فيلم روائي ووثائقي ومخرج ومؤلف وممثلة وممثل، وتضم لجنة تحكيم الجوائز هذا العام 167 من أبرز النقاد العرب والأجانب ينتمون إلى 68 دولة بأنحاء العالم، وهو ما يحدث لأول مرة في تاريخ السينما العربية.

وقد وقع الاختيار على القائمة النهائية المرشحة للجوائز وفقًا لمعايير تضمنت أن تكون الأفلام قد عرضت لأول مرة دولياً في مهرجانات سينمائية دولية خارج العالم العربي خلال عام 2021، وأن تكون إحدى جهات الإنتاج عربية (أياً كانت نسبة وشكل مشاركتها بالفيلم)، بالإضافة إلى أن تكون الأفلام طويلة (روائية أو وثائقية).

 

####

 

معلم الرعب «ديفيد كروننبرغ» يعود بعد غياب 8 سنوات إلى «كان السينمائي»

الوكالات: كان ـ «سينماتوغراف»

بعد عام على تتويج فيلم “تيتان” بالسعفة الذهبية تسيطر أجواء الرعب مجدداً اليوم الاثنين، على مهرجان كان السينمائي مع عرض فيلم “كرايمز أوف ذي فيوتشر” الذي سيبث الذعر في نفوس المتفرجين حتى الأكثر جسارة منهم.

مخرج الفيلم الكندي ديفيد كروننبرغ، البالغ 79 عاماً له باع طويل في هذا المجال، فمنذ بدايته في المسابقة الرسمية لمهرجان كان سنة 1996 أثار فضيحة قَسَم من خلالها النقاد لكنه فاز بالجائزة الخاصة من لجنة التحكيم مع فيلمه “كراش” المليء بمشاهد الجنس والعنف وحوادث المرور والذي ألهم المخرجة جوليا دوكورنو في فيلمها “تيتان” الحائز على السعفة الذهبية العام الماضي.

وبعد غياب 8 سنوات، يعود الكندي الذي أبدى لفترة رغبته في التوقف عن الإخراج، إلى السباق على السعفة الذهبية مع فيلم يتطرق إلى موضوعه المفضل، الجسد وتحولاته.

وقال كروننبرغ أخيراً للصحافة الأميركية: “أتوقع أن يغادر متفرجون القاعة، ثمة مشاهد قوية للغاية”.

وتابع: “أفاد أناس شاهدوا الفيلم أن الدقائق العشرين الأخيرة ستكون صعبة للبعض وسيخرج بعضهم من الصالة”. وأشار المخرج إلى أن “رجلاً قال حتى إنه كاد يُصاب بنوبة هلع”.

ويروي فيلمه الجديد قصة فنان يدق أوشاماً على أعضائه الداخلية، ما يتيح للمتفرجين الغوص حرفياً في حميميات الممثل “فيغو مورتنسن” الذي يتعاون للمرة الرابعة مع كروننبرغ بعد “ايه هيستوري أوف فايولنس” (2005) و”إيسترن بروميسز” (2007) و”إيه دينجيريس ميثود” (2011).

لكن هل سينجح هذا المزيج بين الرعب والمنحى الإبداعي في إقناع لجنة تحكيم الدورة الخامسة والسبعين من المهرجان التي يترأسها فنسان لاندون؟

تبدو الإجابة غير محسومة في ظل وجود أفلام عدة استقطبت الاهتمام مع انقضاء نصف فترة المهرجان.

فمنذ الافتتاح، تمايزت الوافدة الجديدة أليوما ميخايلوفا عبر أدائها في فيلم المخرج الروسي كيريل سيريبرينيكوف “زوجة تشايكوفسكي” حيث جسدت شخصية زوجة المؤلف الموسيقي الشهير الذي اقترن بها لإخفاء مثليته الجنسية.

كذلك، أشاد النقاد بفيلم جيمس غراي “أرماغيدون تايم”، وهو عمل من نوع السيرة الذاتية للأميركي مخرج فيلمي “أد أسترا” و”وي أو ذي نايت” عن طفولة نيويوركي في عائلة من أصل يهودي أوكراني.

ومن بين الأفلام التي استقطبت الاهتمام أيضاً “إي أو” لعميد السينما البولندية يرزي سكوليموفسكي (84 عاماً)، وفيلم “تراينغل أوف سادنس” للمخرج روبن أوستلوند الحائز السعفة الذهبية سنة 2017 مع “ذي سكوير“.

وقد يخلط الأسبوع الثاني من المسابقة التي تنتهي السبت، الأوراق مع مزيج من المواهب الشابة المنتظرة مثل البلجيكي لوكاس دونت مع “كلوس” ومخرجين مخضرمين مثل الأخوين داردين والياباني هيروكازو كوري-إيدا.

وكذلك تتعرف لجنة التحكيم اليوم الاثنين، على فيلم “ديسيجن تو ليف” للكوري بارك شان-ووك.

 

موقع "سينماتوغراف" في

23.05.2022

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004