ملفات خاصة

 
 
 

«الشرق الأوسط» في مهرجان كان ـ 3:

أوكرانيون بالكاميرا والبندقية.. وتشايكوفسكي بلا موسيقى

كان: محمد رُضا

كان السينمائي الدولي

الخامس والسبعون

   
 
 
 
 
 
 

قليلون يريدون التذكّر بأننا في احتفاء سينمائي وليس في مسيرة حزبية

احتجاج أوكراني، يوم الأربعاء الماضي، لوجود فيلم كيريل سيربدرنيكوف «زوجة تشايكوفسكي» في المسابقة الرسمية. ليس بسبب الموسيقار الكبير الراحل منذ 129 سنة بيوتر تشايكوفسكي، بل لأن المخرج روسي.

نفت إدارة المهرجان أي تحزب وذكّرت بأن المخرج الروسي معارض وقد هجر بلاده، لكن الجانب الأوكراني المتمثَّل بعدد ضئيل من السينمائيين رد بأنه كان من الأولى رفض الفيلم أساساً.

كتب «زوجة تشايكوفسكي» المخرج سيربدرنيكوف بنفسه ولو أنه صدى لكتب عدّة صدرت تحديداً حول العلاقة القصيرة بين تشايكوفسكي (أودِن بيرون) وزوجته أنطونينا (ألينا ميخالوفا). يسرد المخرج أحداث فيلمه من وجهة نظر الزوجة فنتعرّف عليها قبل لقائها الموسيقار الكبير. هي بدورها كانت مؤلفة موسيقية شابة وواعدة. لا يمنحنا الفيلم الكثير هنا لنعرف هل أحبّت تشايكوفسكي حين التقت به أو توسّمت الجمع بين مستقبلها والزواج ممن يستطيع فتح أبواب الغد أمامها. ليس معروفاً كذلك لماذا وافق تشايكوفسكي على الزواج وهو كان مثلياً.

يُخفي المخرج مثلية الزوج عن فيلمه لفترة طويلة من الأحداث وعندما يكشفها فإنه من الصعب إزالة الشعور بأن اختيار التوقيت لكي تكتشف جهلها بحقيقة أمر زوجها لم يكن -درامياً- في توقيته الصحيح. لكن في كل الأحوال، الاكتشاف صدمة بالنسبة لها ولآمالها في أن تسهم في تكوين مستقبل مَن تحب، علماً بأن تشايكوفسكي لم يكترث كثيراً لجهودها تلك. كل ذلك، قبل وبعد اكتشافها، جعل هذه الآمال تتدرج صوب الخيبة. لاحقاً سنراها سترتبط بعلاقة جنسية غير عاطفية مع محاميها. روحها ليست معها في هذه العلاقة ولا روح زوجها معها في المقابل.

يرسم المخرج صورة حزينة ثرية الأجواء ولا تخلو من حسٍّ فانتازي كما لو أنه يريد اقتراح أن ما نراه واقعاً لم يقع على هذا النحو لكنه التفسير الوحيد لما حدث. طبعاً مع مشهد خيالي صرف نجد الموسيقار يعود إلى الحياة معبّراً عن غضبه لمن سمح لزوجته بالنظر إليه في موته.

لم أجد المشهد ضرورياً، لكن إيحاءاته قد تمتد صوب المخرج ذاته إذا ما قبلنا فانتازية الفكرة.

الفيلم أطول بكثير مما كان ينبغي: 148 دقيقة تجمع بين أسلوب المخرج الفوضوي وبين تطويل المسافة بين المفاد والآخر وملئه بمشاغل بصرية.

فيلم الراحل الكبير كن راسل «عشاق الموسيقى» عبّر عن كل ما نراه هنا في 122 دقيقة فقط وأودعنا في عمله هذا، سنة 1971 معالجة فنية أرقى.

ذلك الفيلم (الذي توزّعت بطولته بين رتشارد شامبرلاين وغليندا جاكسون) عكس وجهة نظر تشايكوفسكي نفسه ولعب مقطوعاته الرائعة ليشنّف آذاننا بينما كان الموسيقار يدخل أزمة قبوله بالزواج من امرأة وهو لا يهوى النساء. تصوير دوغلاس سلوكومب لعب دوراً أساسياً في عرض جماليات بديعة للفيلم ومواكبة التعابير الفنية التي زاولها المخرج طوال الفيلم بتلك القدرة على الدمج بين كل العناصر الضرورية لعمل بيوغرافي جاد.

هنا الأزمة من نصيب الزوجة ولا نسمع أي لحن من أعمال تشايكوفسكي، ما يساعد على إحالتنا لحكاية كان يمكن لها أن تحدث بين أي اثنين.

- مهرجان للفرح!

أوكرانيا في البال «الكانيّ» من زاوية أخرى: عدد من المخرجين الأوكرانيين (ذكوراً وإناثاً) حملوا الكاميرا ونزلوا إلى مواقع القتال، وحسب أحد التقارير، وضع بعضهم الكاميرا جانباً واستبدل بها الكلاشينكوف. من بين هؤلاء المخرج أوليغ سنتزوف وبطل فيلمه Rhino (سرهيل فيليمونوف). فالنيتن فاسيانوفيتش، مخرجة «أتلانتيس» قبل عامين، تقوم بتصوير فيلم تسجيلي عن الحرب الدائرة ومن الجانب الأوكراني بالطبع. كذلك حال المخرجة ألينا غورلوفا التي ذهبت إلى حقول الألغام لتصوّر كيف يتعامل الفلاحون حيالها.

وهناك جهد يبذله المخرج البولندي باتريك فيغا لتحقيق فيلمه الأول باللغة الإنجليزية وموضوعه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وصعوده إلى السلطة. لا يوجد عنوان نهائي للفيلم (العنوان المؤقت هو «المافياوي» لكن يوجد كل السعي لتقديم صورة سلبية عنه وتقليب صفحات يعدها المخرج سوداء ولها علاقة بانتشار الجريمة في سانت بيترسبيرغ).

حيال كل ذلك من حق المرء أن يتساءل: منذ متى ومهرجان للفرح والسينما يتحوّل إلى شريك سياسي في الحرب الدائرة؟ منتقدو الإدارة سمعوا في حفل الافتتاح الممثل فنسنت لاندون وهو يكيل للغزو الروسي بكلمات خالية من اللياقة. لم يكن يتحدّث عن نفسه بل كان موكلاً من إدارة المهرجان تعبيراً، بالضرورة، عن موقفها الذي كان يمكن له أن يُذكَر في إعلان منشور.

قليلون يريدون التذكّر بأننا في احتفاء سينمائي وليس في مسيرة حزبية. السينما والتحزب لا يلتقيان لسبب وجيه هو أن الثاني سينتزع من السينما روحها الطلقة وإبداعاتها ليحوّلها إلى مناشير مع أو ضد هذا الجانب أو ذاك.

لا بد لها أن تعبّر -إذا أرادت- عن موقف إذا ما تعاملت بعض أفلامها معه، لكن الجو المحيط هو طقسي فارض أكثر منه أذرعاً مفتوحة لكل التجارب.

- حياة صبي

على صعيد بعيد ها هو المخرج الأميركي جيمس غراي يروي، بدوره، قصّة مرحلة من حياته في فيلم جديد له يعرضه في مسابقة هذه الدورة الخامسة والسبعين.

الفيلم هو «يوم القيامة» وهو يفتح على اليوم الأول من أيام الدراسة ليتابع علاقة بطله بول (بانكس ربيتا) بتلك المرحلة الدراسية المبكرة وبالعالم الصغير من حوله. علاقته بالمدرسة وبالأستاذ الذي لا يعترف بنبوغه الفني كما علاقته بوالديه.

لا يسعى المخرج غراي هنا إلا لتأطير الصورة. بول هو المخرج ذاته والأجواء الريغانية (ينطلق الفيلم من سنة 1980) موجودة للتذكير بالفترة وليس للبحث فيها. الغاية هي الحديث عن فترة الصبا بالنسبة لجيمس غراي وما ساعده على توجيه اهتمامه إلى الفن والسينما. ليس أن بول- جيمس فتى طيّع وسهل التعامل معه. هو على عكس ذلك، غير راضٍ عن أشياء متعددة في الجانب العائلي: والداه لا يفهمانه، شقيقه الأكبر يعنّفه ويسخر منه، وفي مثل هذا الوضع لا بد لبول من التوجه إلى الشخص الوحيد من العائلة الذي يستطيع التجاوب معه وفهمه. هذا الشخص هو جدّه (أنطوني هوبكنز).

هذا التآلف بين فتى يكبر وعجوز محسوب الأيام، له فعله الحسن في الذات. صورة لحياتين تلتقيان في نقطة عابرة. لكنّ هذه النقطة ليست لحظة بل تمتد لكي نتشرّب ما هو ضروري من ذكريات المخرج حول تلك الفترة.

جيمس غراي يهودي لكنّ الفيلم لن يستغل ذلك ليخرج عن قاعدة عرض حياة عائلية حالها قد يكون حال أي عائلة أخرى. حتى عندما يذكر الجد حكاية زوجته الراحلة التي شهدت مقتل آبائها على أيدي الأوكرانيين خلال الحرب العالمية الثانية، فإن ذلك يبقى ملتصقاً بالدراما لذاتها وبرغبة المخرج في تناول تلك الحقبة الباكرة من حياته وما تعلّمه منها.

كأي مخرج آخر (باستثناء فديريكو فيلليني)، يختلف فيلم ذكرياته الشخصية عن باقي أفلامه ليس من حيث الموضوع (هذا تلقائي) إنما من حيث أسلوب عمله والركائز الدرامية التي تكوّنه. عالج المخرج سابقاً مواضيع العصابات النيويوركية («ذا ياردز») وموضوع الهجرة («اللاجئة») وحتى نوع الخيال العلمي (Ad Astra) وكل ذلك بأسلوب مغاير لأفلام العصابات والدراميات والخيال العلمي. رغم ذلك، هنا يختلف عمّا كان قد حققه من قبل نصّاً وأسلوباً. لا يجعل ذلك الفيلم أفضل عمل ذاتي في السنوات الأخيرة لكنه ينضم إلى «روما» و«بلفاست»، الأول لألفونسو كوارون والآخر لكنيث برانا، في صياغته، عملاً جيداً حول منطلقات الحياة الفنية المقبلة لصبيٍّ حالم.

قدْرٌ كبير من نوستالجيا الحياة يمر بهدوء (لولا صراخ بول من حين لآخر) بما في ذلك رسم معالم العلاقة غير المتساوية بينه وبين صبي أسود اسمه جوني، ليس أن بول عنصري، لكن المسألة تتخذ أهميّتها من وضع معاكس للعنصرية تماماً. وفي أحد المشاهد يتبادل جوني مع الأستاذ تركلتوب (أندرو بولك) نقاشاً لا بد لجيمي التراجع عنه لأنه أسود البشرة وليس لأنه على خطأ.

معظم الفيلم في الخانات الصحيحة التي يؤمّها، لكن تلك التي يُراد لها تشييد محاكاة مع الواقع الاجتماعي تمر عابرة بعد قليل من الإيحاء بها. حتى موت جوني سيمرّ كما لو أنه كان فصلاً وانتهى. لا تعليق على الطريقة التي قُتل بها ولا يوسّع المخرج بُعده الظرفي ليتحدّث عن الوضع الاجتماعي (والسياسي) الفعلي في ذلك الحين. هذا على عكس ما ذهب إليه المكسيكي كوارون عندما رصف العلاقة الطبقية والعنصرية جيداً في فيلمه الأفضل «روما».

 

####

 

مصممون سعوديون ينثرون إبداعاتهم على الـ«رد كاربت» لمهرجان «كان»

يوسف أكبر لـ«الشرق الأوسط» : السجادة الحمراء تصلنا عالمياً بالعملاء

الدمام: إيمان الخطاف

ليس قطاع الأفلام السعودي وحده المشارك في مهرجان كان السينمائي الدولي في دورته الـ75، بل جاء حضور المصممين السعوديين لافتاً للأنظار أيضاً، بأزياء ارتدتها النجمات على السجادة الحمراء، حيث تألقت عارضة الأزياء الأميركية غريس إليزابيث، بفستان ذهبي للمصممة السعودية إيمان العجلان، وارتدت أيضاً فستاناً أسود للمصمم السعودي محمد آشي، كما ظهرت المؤثرة السعودية نجود الرميحي على السجادة الحمراء بإطلالة هي كذلك من المصمم السعودي آشي.

وارتدت مؤثرة الموضة الهندية معصوم ميناوالا، التي يتابعها على «إنستغرام» أكثر من 1.2 مليون، فستاناً زاهي اللون للمصمم السعودي يوسف أكبر. ويوضح أكبر لـ«الشرق الأوسط»، أن الفستان ذا اللون الوردي الذي صممه وظهر على السجادة الحمراء في مهرجان «كان» هو من آخر مجموعة له، ويعد أكثر فستان «Show - Stopper» بالنظر للونه الفاقع وكونه منفوشاً جداً مع ذيل طويل، قائلاً «رأيت أنه أكثر فستان يناسب ويليق بـ(ريد كاربت) مهرجان بحجم وأهمية مهرجان كان السينمائي».

بسؤاله عن أهمية حضور أعمال المصمم في هذا الحدث السينمائي العالمي، يقول أكبر إن ذلك «يرجع لاستراتيجية (البراند)، واستراتيجية المصمم، وخطة العمل، ومن هو العميل الفعلي الذي سيشتري الملابس في نهاية الأمر». ويضيف: «شخصياً، كمصمم سعودي، فإن وجود تصاميمي في مهرجان كان السينمائي يعد مُهماً بشكل نسبي لي، لأني أصمم فساتين سهرة».

- فرصة عالمية

يشير يوسف أكبر إلى أن مهرجاناً بحجم كان السينمائي يسلط الضوء بشكل كبير على مصممي الأزياء، خصوصاً على السجادة الحمراء، حيث يتابعه الناس من حول العالم، مثل حفل جوائز الأوسكار ومناسبات عالمية أخرى تمثل أهم المنصات لعرض أزياء السهرة.

كما هو متعارف عليه في أوساط مصممي الأزياء، فإن المنافسة على خطف أنظار العالم في المحافل الدولية مسألة ليست سهلة، بل يبدو الأمر أحياناً أشبه بضربة حظ، حين ترتدي نجمات الصف الأول لمصمم شاب، أو يجري تداول صورة معينة في كافة مجلات ومواقع الموضة العالمية، إلا أنه أمر يحقق الكثير من المكاسب لأي مصمم أزياء طموح، خصوصاً إن تزامن ذلك مع تراكم وكثرة الحضور في هذه المشاركات العالمية.

وعند الحديث عن الأناقة السعودية في مهرجان كان السينمائي الدولي، لا يمكن تجاوز الإطلالة اللافتة التي ظهرت بها الممثلة السعودية فاطمة البنوي على السجادة الحمراء، بفستان براق من الترتر الوردي، وفوقه رداء من الريش، جاء من أعمال المصمم اللبناني رامي قاضي.

وسواء كان المصمم سعودياً أو أن الفنانة السعودية اختارت إطلالة لافتة على السجادة الحمراء، ففي كلتا الحالتين، فإن ذلك يسهم في تصدير البصمة السعودية للأناقة إلى العالم أجمع.

- الجناح السعودي

يبدو الحضور السعودي الرسمي لافتاً هذا العام في المهرجان، حيث تشارك المملكة بجناح وطني تُشرف عليه هيئة الأفلام، ويشارك فيه عدد من الجهات الحكومية والخاصة؛ هي: وزارة الاستثمار، ومهرجان البحر الأحمر السينمائي، وفيلم العلا، ومركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي (إثراء)، وشركة نيوم، ومجموعة «إم بي سي»، إلى جانب جهات تمثل قطاعات الإعلام والترفيه في السعودية، بما في ذلك شركات الإنتاج والتوزيع وصناعة المحتوى، ونخبة من المواهب السعودية الواعدة في صناعة الأفلام.

ويقدم الجناح السعودي عدداً من الجلسات الحوارية المهمة، منها جلسة بعنوان «واقع السينما العربية» في منطقة «سوق كان»، بتنظيم هيئة الأفلام ومشاركة كل من المنتج المصري محمد حفظي، والمنتج والمخرج السعودي أيمن خوجة، والمخرج التونسي لطفي ناثان الذي يشارك في الدورة الحالية لمهرجان كان في قسم «نظرة ما» بفيلمه الجديد «حرقة» الحائز على جائزة سوق البحر الأحمر من مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي.

 

الشرق الأوسط في

22.05.2022

 
 
 
 
 

«صبى من الجنة».. مراهقة فكرية وسذاجة سياسية!

طارق الشناوي

في (لوميير)، القاعة الرئيسية للمهرجان، استمعت إلى رائعة (أنا بعشق البحر)، وهى واحدة من الأغانى الاستثنائية في تاريخنا الموسيقى بصوت مطربتها الأصلية نجاة، شعر عبدالرحيم منصور وتلحين هانى شنودة، تعودنا في السنوات الأخيرة أن موسيقى شنودة تخترق حواجز الزمان والمكان، وسبق في (الجولدن جلوب) بأمريكا، قبل نحو عامين، أن صاحبت إحدى القطع الموسيقية التي أبدعها شنودة، الممثل المصرى رامى يوسف، وهو يتسلم جائزته، تخلل الفيلم الذي شارك بالمسابقة الرسمية، مقاطع بصوت عبدالوهاب وموسيقاه مثل (يا مسافر وحدك)، كما قدم المخرج نشيد (صوت الجماهير)، كلمات حسين السيد وتلحين عبدالوهاب، وأيضا اشتركت نجاة في أداء أحد مقاطعه، وتناثر في الفيلم، الذي تجرى أحداثه الواقعية بمصر، عدد من الأغانى الأخرى لفريد الأطرش، وبينها أيضا أغانى (مهرجانات).

تفاءلنا، كصحافة وإعلام، لتواجد مخرج مصرى الجذور طارق صالح رسميا بـ(كان) في عيده (الماسى)، برغم أن الفيلم سويدى الجنسية تبعا لشركة الإنتاج، والمخرج يحمل أيضا جنسية السويد، لكن قطعا شعرت بالفرحة.

(صبى من الجنة) الفيلم الوحيد الناطق باللهجة المصرية، أقصد المفروض أنها مصرية، ويوجد أيضا مصحح لهجة، إلا أن اللهجات المستخدمة شبه (شامية) وشبه مصرية، مما وضعنا في مأزق، وكنت أستعين أحيانا لفهمها بقراءة التعليق بالإنجليزية.

ليست هذه هي مشكلة الفيلم الرئيسية، من الممكن التغاضى عن قصور اللهجة، قبل العرض وجدت أن القاعة تقف تحية للمخرج الذي سبق أن قدم، قبل بضع سنوات، فيلم (حادثة النيل هيلتون) عن واقعة اغتيال المطربة سوزان تميم وورطة رجل الأعمال المصرى طلعت مصطفى، واستبدل المخرج في بعض الوقائع التاريخية، ورغم ذلك لم يعرض الفيلم في مصر.

أنا، مثل الملايين، أسعد بأى نجاح يحققه إنسان مصرى خارج الحدود، الجمهور استقبل المخرج قبل العرض بالتصفيق الحاد والوقوف، رغم أنه قطعا ليس من بين نجوم الإخراج في العالم، حتى يلقى كل هذه الحفاوة، وطوال زمن كتابة (التترات) كلما ذكر اسم شركة إنتاج يعلو التصفيق، وهو ما يتكرر في العديد من الأفلام الأخرى، حيث تحظى عادة شركة الإنتاج بتصفيق المدعوين الذين ينتمون إليها، وهم يملأون صالة العرض، كل هذا أراه يشكل لمحات إيجابية لصالح الفيلم.

يبدأ الفيلم بنقطة انطلاق ساخنة: موت شيخ الأزهر، وهو افتراض درامى قدمه المخرج، ولا يعبر قطعا عن الحقيقة ويطيل الله في عمر شيخنا الجليل سنوات وسنوات، من حق المبدع في العالم أن يفترض دراميا ما يشاء، ثم يقدم بعدها الحالة الفنية التي تتسق مع رؤيته، لأننا لا نحاسبه تاريخيا، لكن عما يرمى إليه هذا الفرض الدرامى، وهو قالب فنى وأيضا حيلة درامية كثيرا ما لجأت إليها الأفلام وأيضا الرواية.

يُدخل المخرج أمن الدولة الوطنى طرفا مباشرا في الحكاية، عندما يريدون فرض اسم محدد لتولى المشيخة في المنصب الدينى الرفيع (الإمام الأكبر)، خاصة أن الشيخ يظل في مقعده بنص الدستور مدى الحياة، والفيلم كان قد بدأ بتوجيه تحية مكتوبة باللغة العربية للأزهر الشريف طوال تاريخه لأنه لم يكن أبدا صدى للحاكم.

الهدف الظاهرى الدفاع عن حق الأزهر من خلال هيئة كبار العلماء في اختيار الشيخ الجليل، إلا أن الأحداث تذهب إلى شىء آخر تماما، وهو فتح النيران على الأمن الوطنى المصرى الذي يريد فرض اسم محدد في المشيخة لينفذ التعليمات.

الفكرة قيدت المخرج، ولم ينجح في خلق معادل درامى موضوعى لها، قدم هذا الخط الأساسى على نحو كبير، مفرطا في المباشرة، التي تخاصم التصديق، بطل الفيلم تأتى له منحة دراسية للأزهر الشريف، ويغادر قريته التي تطل على البحر، حيث يعمل بالصيد مع أبيه إلى مقر جامعة الأزهر ملتحقا بالمدينة الجامعية، وفى نهاية الفيلم يعود إلى قريته ويساعد أباه في الصيد.

ويستعين به أمن الدولة كعين لهم على ما يجرى داخل الأزهر ويلتقى كثيرا في المقهى مع الضابط المنوط به هذا الملف، أغلب اللقاءات تدل على السذاجة المفرطة في التعبير، تذكرك بسينما الخمسينيات ورجل المباحث (إياه) الذي يراقب الجميع واضعا جريدة أمام وجهه كأنه يتخفى عن الأنظار ولا يدرى أن الجميع يتابعه، وهكذا يلتقى الضابط مع بطل الفيلم في المقهى على مائدتين متباعدتين، حتى لا يلاحظ أحد، بينما الطريقة المباشرة التي تم بها تنفيذ تلك المشاهد تشعرك كأننا بصدد فيلم مصرى كوميدى، يعود لزمن الأربعينيات.

يتخلل الأحداث دفاع من الشيوخ عن كل ما هو ملتصق بالتراث الدينى، وأصبحت بمثابة قواعد لا يجوز مجرد التفكير فيها، بينما أمن الدولة يريد تغييرها، الدفاع عن التراث الدينى مطلق في كل جوانبه، وكأنه يرفض تماما إعمال العقل.

مفتاح أداء الممثلين كان هو أيضا السذاجة ينطبق عليهم تعبير (حافظ مش فاهم)، يحفظون فقط الحوار، موقفى فنى بحت من الفيلم، من حقه قطعا المعارضة لكن ليس أبدا من أسلحة التعبير كل تلك المباشرة، بل والفجاجة، التي لم يجد المخرج غيرها في توصيل أفكاره، بدون لمحات فنية توحى بالمعنى.

في العام الماضى تصديت من (كان) لكل حملات التشكيك مدافعا عن فيلم (ريش) للمخرج المصرى عمر الزهيرى، لأنه كان يحمل إبداعا فنيا يستحق الإشادة والتحليل، ووقفت أيضا لمن حاول النيل من المخرج الشاب لمجرد أنه يقدم عائلة فقيرة، وتنبهت (حياة كريمة) بالفعل إلى خطأ الهجوم على الفيلم وأصدرت بيانا أعاد الاعتبار لصناع الفيلم.

ويومها كتبت في تلك المساحة أن العمل الفنى يستحق الحفاوة بينما كانت أقلام العديد من الزملاء، حتى من بين عدد من المبدعين، تسارع بالانتقاد، وبعضهم لم يشاهد الفيلم، وكان يقينى، ولايزال، أن أي عمل فنى أو برامجى لا يمكن أن ينال من سمعة الموطن، وأن ذكر السلبيات واحد من واجبات الفن، تصديت وقتها لحملة التشويه، لأننا كنا بصدد عمل فنى يستحق، هذه المرة مع (صبى من الجنة) لم أعثر سوى على السذاجة السياسية والمراهقة الفكرية!!.

 

####

 

بحضور ياسمين وتارا..

مهرجان البحر الأحمر يحتفي بالمرأة في السينما بمهرجان «كان»

كتب: سعيد خالد

عقد مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي ندوة للاحتفال بدور المرأة في السينما، ضمن نشاط الجناح السعودي في مهرجان كان السينمائي 2022، أمس، بمشاركة عدد كبير من النجوم في مقدمتهم الفنانة ياسمين صبري، تارا عماد وعدد من صانعات السينما.

وجاءت الندوة للاحتفال بما وصلت إليه المرأة من خلال مشاركتها في مجال صناعة السينما، وأيضًا تسليط الضوء على الاهتمام الكبير الذي يُقدمه المسؤولين في السعودية، والتعريف بالجهود المبذولة من أجل تمكين المرأة في كافة المجالات ومنها المجال الفني والسينمائي.

على جانب آخر، نظم فيلم «العُلا» ندوة تعريفية، خلال فعاليات كان، وشارك في ندوة السينما السعودية التي أقيمت داخل الجناح الأميركي، مدير عام تنمية وجذب الاستثمار، ومدير إدارة الأفلام في الهيئة الملكية لمحافظة العُلا، ورئيس قطاع الأفلام في نيوم، ومديرة استديوهات MBC، بالإضافة إلى منتج فيلم «شيري» الذي تم تصويره في المملكة.

 

المصري اليوم في

22.05.2022

 
 
 
 
 

مهرجان كان السينمائي 2022|تفاصيل احتفاء البحر الأحمر السينمائي بالمرأة

كتبت - تقى عادل:

احتفى مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي بالمرأة، مساء أمس، في حفل مميز لإلقاء الضوء على دور المرأة في السينما، وذلك على هامش فعاليات الدورة 75 من مهرجان كان السينمائي.

تفاصيل احتفاء مهرجان البحر الأحمر بالمرأة 2022

أقيمت فعاليات الحفل في إحدى الفنادق الكبرى المطلة على شبه جزيرة كاب أنتيب الفرنسية.

كان من بين الحضور محمد التركي الرئيس التنفيذي لمؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي،  وشيفاني بانديا مالهوترا؛ المديرة التنفيذية، اللذان استقبلا نخبة واسعة من المواهب السينمائية والتلفازية، ونجوم الموضة، بجانب فاليريا غولينو رئيسة لجنة تحكيم جائزة "نظرة خاصّة" التابعة لمهرجان كان السينمائي، و روسي دي بالما؛ رئيس لجنة تحكيم جائزة "الكاميرا الذهبية" التابعة لمهرجان كان السينمائي، ضمن دورته الحالية، ونعومي هاريس وليتيتيا كاستا وطاهر رحيم وكوثر بن هنية ونعومي كامبل وكميل رزات

وساشا لوس وأنجا روبيك وليلي دونالدسون وسوكي ووترهاوس، بالإضافة إلى: فاطمة البنوي وعهد كامل وأليكس بيتيفر وتوني جارن وياسمين صبري وأليساندرا أمبروسيو وسارة سامبايو ونعمان أكار وتارا عماد وميلا الزهراني وكات جراهام وسلمى أبو ضيف.

واختتمت سوكي ووترهاوس الحفل بعرض موسيقي خاص، قدّمت من خلاله "دي جي فيونا"، الوجه الجديد الساطع في المشهد الموسيقي الإلكتروني الباريسي، مما ألهب حماسة الضيوف، ودفعهم صوب ساحة الرقص.

كما علّقت شيفاني بانديا، المديرة التنفيذية لمهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي، على الاحتفال قائلة: "يكرّس مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي جهوده من أجل تمكين المرأة في مجال صناعة الأفلام، حيث شملت دورتنا الأولى عرض 136 فيلم، احتلّت المخرجات النساء نصيب 38% من إجمالي نسبة العرض، ونأمل أن تزيد هذه النسبة في دروتنا القادمة.

وأضافت" مهمّتنا تقوم على قيادة الصناعة لمكان يسمح بتسليط الضوء على العديد من القصص الفريدة، و الحكايات التي ترويها موجة جديدة من الأصوات النسائية عبر منطقتنا، مما يغذّي احتفاءنا بقوّة الحكايات النسائية الإيجابية، التي لا تلامس عالما العربي وحسب، بل العالم أجمع".

ومن جانبه علق محمد التركي؛ الرئيس التنفيذي لمؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي، قائلاً: "إن هذه فرصة ثمينة يبادر مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي باستغلالها، ليعبر عن احترامه وإعجابه للمواهب النسائية الاستثنائية، المتواجدة في مهرجان كان هذه العام. إذ أننا نلتزم من خلال منصّة مهرجاننا، بدعم وتقديم المواهب الجديدة البارزة القادمة من العالم العربي، مما يوفّر لهم فرصة التأثير على الجماهير والنقّاد على حدّ السواء، عبر أرجاء العالم".

يذكر ان الدورة الثانية من مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي ستقام في مدينة جدة من 1 إلى 10 ديسمبر 2022، ويأتي هذا الحفل على ضوء الاعتراف بمكانة كل من صانعات الأفلام والممثلات، واحتفاءً بكل أعمالهن التي يتم عرضها خلال المهرجان

 

الوفد المصرية في

22.05.2022

 
 
 
 
 

أفلام مغاربية في "كان" تعرض مجتمعات "تمنع العيش"

الشباب فيها على حافة الانهيار وسط اليأس والعجز

(أ ف ب

"بلداننا جميلة جداً لكن الناس فيها يختنقون"، تقول المخرجة أريج السحيري من مهرجان "كان" في فرنسا، حيث يرسم عدد من المخرجين المغاربيين في أفلامهم المعروضة هذه السنة، صورة جيل شاب على حافة الانفجار.

واختارت المخرجة الفرنسية التونسية حقلاً مزروعاً بأشجار التين في الريف التونسي غالبية العاملين فيه نساء، مسرحاً لأحداث فيلمها الروائي الطويل الأول "تحت أشجار التين"، الذي عرض السبت، ضمن قسم "أسبوعي المخرجين" في مهرجان "كان".

وعلى الرغم من إحساس الحرية الذي يوحي به مشهد أشجار التين الممتدة على مد البصر، يخرج المشاهد من الفيلم بانطباع مختلف تماماً، عن مكان مغلق ضاغط يطبق على النساء من غير أن يجدن سبيلاً للخروج منه.

وأوضحت السحيري لوكالة الصحافة الفرنسية، "أردت أن أقول "انظروا، إنه رائع، لكن هذا كل ما هناك". هكذا هي بلادنا، إنها رائعة، لكن الشباب يختنقون في الداخل".

المضايقات الجنسية تجاه النساء

ويظهر الفيلم نساء يتعرضن للمطاردة والمضايقة، بل حتى لاعتداءات جنسية بالكاد تنجو منها بعضهن. وإن كان الحب والجنس حاضرين في كل الأذهان، فإن أحداً لا يجرؤ على البوح برغباته.

وقالت السحيري، "أردت معالجة موضوع المضايقات الجنسية تجاه النساء. فإن كانت هذه المسألة ينظر إليها بجدية بالأحرى في تونس، فهي تبقى في الأرياف الخبز اليومي للنساء، ويبقى الصمت هو السائد".

وعلى غرار قطاف التين، تشبه جسد المرأة بفاكهة تنتظر رجلاً "يقطفها"، رجل يعاني هو أيضاً بحسب المخرجة من استحالة عيش حياته الجنسية بحرية.

وتنفي المخرجة المولودة في فرنسا لوالدين تونسيين، أن تكون تعكس في عملها أي صور نمطية، وتروي أنها تصورت "مجتمعاً مصغراً تونسياً، وبصورة عامة مغاربياً".

وتضيف، "سواء تحدثنا عن المغرب أو الجزائر أو تونس، إنه الشباب ذاته الذي يختنق في كل مرة".

اليأس والعجز

المخرجة مريم التوازني تناولت من جهتها موضوع استحالة عيش المثلية الجنسية في المغرب في فيلمها "القفطان الأزرق"، الذي يعرض الخميس، خارج المسابقة ضمن قسم "نظرة ما".

وقال الممثل آدم بسة، إن "المشكلة هي أنه من المستحيل العيش كما نود"، وهو يؤدي دور علي في فيلم "حرقة" للمخرج لطفي ناثان الذي عرض الخميس، ضمن المسابقة الرسمية، وكذلك خارجها.

ويروي الفيلم مصير علي، شاب تونسي يعتاش من بيع البنزين المهرب على حافة الطريق، ليطرح تساؤلات حول إرث الثورة التونسية التي شكلت شرارة لحركة الربيع العربي. فبعد أكثر من 10 سنوات على قيام محمد البوعزيزي بإحراق نفسه احتجاجاً على ظروفه البائسة مطلقاً بذلك "ثورة الياسمين"، هل تبدل الوضع؟

لا تزال الحال على ما هي، بحسب الفيلم الذي يفضح الفساد وانعدام الأفق والفقر المتفشي. ويقف علي على شفير الانهيار، والجنون. الخيار الوحيد في رأيه هو مغادرة تونس والرحيل إلى أوروبا عبر سلوك طريق البحر المتوسط المحفوفة بالمخاطر، على غرار عديد من المهاجرين من قبله.

وينقل الفيلم بكثير من الواقعية مفاصل مجتمع يمنع الأفراد من التحرر ويكبلهم. ويوضح المخرج لطفي ناثان أن الفيلم يكشف بصورة خاصة "يأس جيل يشعر بأنه ممنوع من العيش". ويتابع، "أردت وصف مجتمع يسجن (الناس) من دون أن يترك فعلياً منفذاً".

وبفضل لقطات قريبة لعلي تظهر وجهه وجسده المطبوعين بقسوة الحياة، ومهارة أداء آدم بسة، ينجح الفيلم في جعل المشاهد يشعر باليأس الطاغي الذي يستولي على الشخصيات.

ويقول آدم بسة بهذا الصدد، "اليأس، العجز..، ذلك الشعور بأن الواحد استنفد كل ما لديه، حاول كل شيء، أعطى أفضل ما لديه ليحاول إيجاد مخرج، من غير أن يكون أي شيء مجدياً. انعدام الأمل هو أعنف ما يكون".

 

الـ The Independent  في

22.05.2022

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004