ملفات خاصة

 
 
 

مهرجان برلين يكرم نجمات لامعات من ذاكرة هوليوود

هوفيك حبشيان

برلين السينمائي الدولي

الدورة الثانية والسبعون

   
 
 
 
 
 
 

28 فيلماً من بطولة ماي وست وروزاليند راسل وكارول لومبارد بين 1933 و1943

عوّدنا مهرجان برلين على الاستعادات السينمائية، أو ما يعرف في أوروبا بالـ"رتروسبكتيف"، أي نظرة إلى الخلف، على غرار مهرجاني "كان" والبندقية المنافسين له. أخذت التظاهرة الألمانية على عاتقها الاهتمام بمسألة الإرث السينمائي، وكيفية صونه وتقديمه إلى العموم من الناس الذين يملأون صالات الـ"برليناله" بأعداد كبيرة، حتى لو كان العمل المعروض يعود إلى ثلاثينيات القرن الماضي. لم يعد تخصيص حيز للأفلام القديمة داخل المهرجانات الكبيرة خياراً، بل بات محطة الزامية تُعنى بالماضي وإعادة اكتشاف كنوز عصور مضت، هذا كله يأتي من الإيمان الراسخ لدى المنظمين بأهمية السينما لذاكرة الشعوب، وأيضاً من قناعة عميقة بأن الماضي هو مدخلنا إلى الحاضر. أفلامنا لم تأتِ من فراغ، بل لديها جذور تضرب في تاريخ السينما. 

الإعلام المنشغل عادة بكل ما هو جديد ولافت واستهلاكي لا يعير الكثير من الاهتمام لهذه الأقسام الموازية التي تعج بكلاسيكيات السينما. ومن هنا الظلم الذي يلحق بأفلام تبقى في اطار ضيق وضمن دائرة مغلقة من المهووسين بالسينما الذين لا تفوتهم مناسبة لمشاهدة هذه الروائع على شاشة كبيرة. ومشاهدة أفلام نعرفها جيداً في بعض الأحيان، على شاشة كبيرة ليست تفصيلاً بسيطاً، بل هي القضية الأبرز عند كل الذين يعتبرون أن المكان الحقيقي لكل فيلم هو الصالة التي تتيح مشاركة الفيلم مع الآخرين في العتمة، خصوصاً في زمن باتت فيه المنصات الإلكترونية تهدد هذا النوع من المشاهدة "على الأصول". وهذا ما يلتزم به الـ"برليناله" منذ سنوات من خلال عدد كبير من الأفلام المرممة التي يعرضها، أتذكر منها على سبيل المثال عرضاً أسطورياً بشريط السبعين ملم لـ"حرب وسلم" للمخرج الروسي سيرغي بوندارتشوك الذي تبلغ مدته سبع ساعات.

حضور نسائي

هذا العام في برلين، وبما أن العنصر النسائي باتت له "كوتا" غير معلنة داخل برنامج أي مهرجان، فقررت الإدارة الاحتفاء بثلاث ممثلات أميركيات راحلات من العصر الذهبي لهوليوود ضمن استعادة قيمة لم تخطر سابقاً على بال أي مهرجان. ومن يستطيع أن يقاوم سحر سيدات الشاشة بالأسود والأبيض يوم كان كل شيء أكثر براءة وعفوية؟ هذه الاستعادة تأتي في عنوان "لا ملائكة"، أما الممثلات الثلاث فهن: ماي وست وروزاليند راسل وكارول لومبارد. من خلال عرض 28 فيلماً أنجزت في هوليوود على مدار عشر سنوات، تحديداً بين عامي 1933 و1943، نكتشف كل ما صنع مجد هذه الوجوه الثلاثة. فكل فيلم من هذه الأفلام يقول شيئاً، بل أشياء عن الممثلات ويحمل بصمتهن.

تقام الاستعادة تحت إشراف الناقد الألماني راينر روثر (المدير الفني للسينماتك الألمانية ومدير قسم الكلاسيكيات والاستعادات في برلين) الذي كان قد أعد كتاباً بعنوان "لا ملائكة" عن الممثلات الثلاث، وأضحى هذا الكتاب مرجعاً مهماً لتنظيم هذه الاستعادة. في الكتاب يقدمهن بشكل منفصل بعضهن عن بعض، كاشفاً إلى أي مدى استخدمت أفلامهن الكليشيهات الكوميدية السائدة وقتها، سواء عبر اللعب بها أو تخربيها. وأيضاً كيف تحولن نماذج للممثلات اللاتي يصلن إلى الجمهور بـ"طريقة فردية" (أي نقيض الوصول عن طريق الترويج والدعاية). نكتشف كم أن لكل واحدة منهن أسلوباً خاصاً في الاشتغال. يرينا روثر إلى أي مدى لعبت ماي وست بالأنماط الأنثوية في سينما هاتيك الفترة، عاكسةً أدوار الجنسين الراسخة بمظهر غامض ولغة موحية. أما في أدوارها كامرأة مهنية واثقة من نفسها، فآسرت روزاليند راسل المشاهدين بسرعة بديهتها، بينما كانت تحرص على مفاجأتهم بروح الدعابة الهزلية. كارول لومبارد في المقابل أغوت الجماهير بأناقتها الخفية، حيناً بصفتها وريثة مدللة ومليونيرة، وحيناً آخر كممثلة طموحة تريد اجتياح المسرح والسينما.

ماي وست

انطلقت وست في الـ39، أي في عمر متأخر نسبياً، لكنها لم تأتِ من الصفر، إذ كان لها تاريخ في المسرح، حيث حققت نجاحات لافتة قبل التوجة إلى الفن السابع. أول ظهور لها على الشاشة كان في "ليلة بعد ليلة" لأرشي مايو (1932)، وسرعان ما صعدت سلم الشهرة لتصبح الممثلة الأعلى أجراً في الثلاثينيات. بدت على نقيض معايير الجمال السائدة في تلك الحقبة، لكنها عوضت عن اختلافها هذا بفرض أسلوب خاص بها، أسلوب أصبح مع الوقت علامتها التجارية. المخرج الكبير راوول ولش استعان بها في "كلونديك آني" (1936)، وأعطاها أكثر دور مثير للجدل في سيرتها: شخصية فريسكو السيئة السمعة التي تفر إلى ألاسكا بعد أن تتنكر بزي راهبة تبشيرية متزمتة. ماي وست وضعت سيناريوهات وقصص معظم أفلامها، وكانت رائدة في هذا المجال وامرأة إستثنائية على طول الخط. زجّها استخدامها العدواني لجاذبيتها الجنسية في معارك مع الرقابة، هذا كله في زمن "الكود هايز" الذي وضع للفن ضوابط صارمة، وقبل عقد من صعود الماكارثية و"مطاردة الساحرات". كانت ساحرة على طريقتها، وحسناً فعل برلين في انتشالها من النسيان وعرض 12 فيلماً تشكل معظم ثروتها السينمائية. 

روزاليند راسل

روزاليند راسل في المقابل، كانت تألقت في "المرأة" للكبير جورج كوكور (1939)، الفيلم الذي شهد بداياتها. في مسيرتها الطويلة لم تكتفِ بنوع واحد من الأدوار، بل عرفت كيف تجمع بين الدراما والكوميديا، وكانت دائماً تبرع في النوعين. في الكوميديا، غالباً ما جسدت دور سيدة أعمال ناجحة تجد نفسها للأسف مرغمة على الاختيار بين الحب والعمل، أو تمتلك مكانتها الخاصة في عالم يسيطر عليه الذكور كصحافية ذكية في "فورز إيه كراود" لمايكل كرتيز، أو قاضية تمتاز بالحكمة كما في "مصمم للفضيحة" لنورمان توروغ. امتلكت راسل حس التوقيت الدقيق، الميزة الضرورية لكل ممثل. برعت كذلك في إدارتها المطلقة لحركات الجسد، الأداة الأخرى الأساسية لتفوق الممثل الكوميدي. أفلامها المعروضة في برلين تشرع نافذة على موهبتها الفريدة التي على الأجيال الجديدة من "السينيفيليين" اكتشافها. 

كارول لومبارد 

تجسد كارول لومبارد قصة مأساوية أخرى من قصص هوليوود. فهي على غرار جيمس دين رحلت باكراً وهي في ذروة عطائها وتقدمها. في الرابعة والثلاثين قضت في حادثة طائرة كانت تقلها من لاس فيغاس إلى لوس أنجليس. طوال السنوات التي مثلت فيها، تركت أثراً طيباً عند الجمهور، وبعض الأفلام التي أطلت فيها كـ"أن نكون أو لا نكون" لإرنست لوبيتش (1942) يعد اليوم من الكلاسيكيات التي تدرس في معاهد السينما. وهي كانت بدأت كممثلة في أفلام صامتة تماماً كزميلتها ماي وست، قبل أن تتقدم لتصبح نجمة في أفلام استوديوهات "باراماونت" في الثلاثينيات. تركت خلفها أكثر من 40 فيلماً، معظمها ينتمي إلى نوع الكوميديا. حمل نوع الأداء الذي قدمته إحساساً بالأنثوية، وتأرجح بين الفتاة الساذجة والمرأة الأنيقة التي تنتمي إلى العالم. لا مجال لعدم ذكر دورها في "رجلي غودفري" لغريغوري لا كافا (1936)، حيث لعبت شخصية اجتماعية ثرية. كان تمثيلها مزيجاً من الخفة والسحر والذكاء، وحرصت دائماً على عرضه بأشكال وتنويعات مختلفة.

 

الـ The Independent  في

14.02.2021

 
 
 
 
 

مهرجان برلين 72: دورة التعايش مع الوباء!

المصدر: "النهار" - هوفيك حبشيان

سندانس في أميركا ألغى دورته الأخيرة في مطلع هذا العام. وكذلك روتردام في هولندا. كلاهما انتقلا إلى الفضاء الافتراضي، على غرار العديد من التظاهرات ال#سينمائية خلال العامين الماضيين. والسبب: الخشية من نشر وباء كورونا من خلال استقدام وفود من البشر وجمعهم في أماكن مغلقة كصالات السينما. هذا الوباء الذي كان سيفاً مصلتاً على عالم الثقافة والفنون منذ البداية، وكان ضحيته الكبرى في الكثير من الأحيان، فعانى من الالغاء والاقفال والقيود الصارمة حتى عندما كانت وسائل النقل المشترك والمطاعم والمطارات مكتظة بالبشر. لكن مهرجان برلين الذي بدأ الخميس الفائت في العاصمة الألمانية أصر على دورة حضورية، ضارباً عرض الحائط بكلّ العراقيل التي وُضعت في طريق العودة الجسدية التدريجية إلى الحياة الثقافية بعد سنتين من الكابوس الكوفيدي.

في العام الماضي اضطرت الإدارة إلى تنظيم دورة اقتصرت على مشاهدة حفنة من الأفلام المختارة على موقع المهرجان الإلكتروني. لم يكن أي خيار آخر متوافراً في ظلّ الموجة الكوفيدية الأقسى التي شهدها العالم في الشتاء الماضي. لكن هذه التجربة التي توقعنا ان تتكرر هذا العام ظلت يتيمة. فالمعطيات تغيرت في غضون عام كامل، وبرلين فضّلت تقديم نسخة فعلية لحدثها السنوي المنتظر، وهذا يُحسب لها. صحيح ان مليونين ونصف مليون اصابة ظهرت فقط في الأسبوعين الأخيرين لانطلاق الدورة الـ72، لكن التغيير الكبير الذي طرأ هو ان العالم ما عاد يستطيع تحمّل أعباء الالغاء وتداعياته، فالحياة يجب ان تعود إلى طبيعتها لأسباب اقتصادية ونفسية وسياسية وغيرها. من الواضح ان السياسة المستجدة هي "التطبيع" مع الوباء والتعايش معه إلى حين اختفائه كلياً.

هذا لا يعني ان الحياة عادت إلى سابق عهدها في برلين هذا العام. فالاجراءات المطلوبة للمشاركة في المهرجان أغاظت الكثيرين الذين فضّلوا عدم تغطيته. أقر المكتب الصحافي بان عدد الإعلاميين الذين تسجّلوا ونالوا البادج المطلوب للتغطية تراجع من 3500 (في العام 2019) إلى 1650 في هذه الدورة. والسبب هو التشدد في التدابير الاحترازية. فلا يمكن حضور المهرجان والدخول إلى أيّ من مقاره من دون ان يكون المرء قد تلقّى جرعتين على الأقل من أي لقاح معترف به داخل الإتحاد الأوروبي. بل على المشارك أيضاً ان يجري مسحة كلّ 24 ساعة بنتيجة سلبية كي يتمكن من مواصلة عمله بشكل طبيعي. هذه الخطوات الإلزامية التي كانت غير واضحة حتى قبل أسبوعين من انطلاق المهرجان خلقت بلبلة واستياء عند البعض، لا سيما عند الجسم الصحافي الذي ما عاد يتحمّل المزيد من القيود التي تعوق عمله. هذا من دون ان ننسى ان المهرجان اختصر الأيام المخصصة للمهنيين إلى سبعة بدلاً من 11 سابقاً. وهذا يعني ان الأيام السبعة الأولى (من 10 إلى 16 الجاري) ستشهد العروض العالمية الأولى، أما الأيام الأربعة الأخيرة (من 16 إلى 20 الجاري) فستكون محصورة بالجمهور العريض، مع التذكير بان الجوائز ستوزَّع في السادس عشر وستسلّمها لجنة تحكيم برئاسة المخرج الأميركي أم نايت شيامالان.

برنامج 2022 يتضمّن عدداً أقل من الأفلام. ما يعنينا هنا هي المسابقة الرسمية التي تتألف من 18 فيلماً، وهي القسم الذي لم يكن دائماً أفضل ما في البرليناله. في العديد من الدورات السابقة، كانت المفاجآت تأتينا من فقرات موازية كـ"بانوراما" مثلاً. عناوين الأفلام المتسابقة على "الدب الذهب" لا تفتح الشهية كثيراً، وذلك لغياب الأسماء الأكثر إثارة للحماسة حول العالم والتي اعتادت الذهاب إلى كانّ الواقف على مسافة أقل من ثلاثة أشهر من برلين. بالتأكيد، هذا ليس أكثر من مجرد انطباع سريع، ولا يمكن ان يكون نقداً في أفلام لم نشاهدها بعد.

أشهر المشاركين في المسابقة: الفرنسية كلير دوني والنمسوي أولريش زيدل والكندي دوني كوتيه والكوري الجنوبي هونغ سانغ - سو والكمبودي ريتي بان والإيطالي باولو تافياني الذي بات يعمل وحده بعد رحيل شقيقه فيتوريو. تافياني هو السينمائي الأكبر سنّاً المشارك في المسابقة كونه تجاوز التسعين ببضعة أشهر.

المهرجان يلقي هذا العام بالسجّادة الحمراء تحت أقدام الفرنسيين. ففضلاً عن ان نصف الأفلام المشاركة في المسابقة هي إنتاجات مشتركة مع فرنسا أو انتاجات فرنسية بالكامل، فالافتتاح كان بـ"#بيتر فون كانت" للفرنسي فرنسوا أوزون، وفي الأيام المقبلة ستُكرَّم الممثّلة الفرنسية إيزابيل أوبير عن مجمل مسيرتها السينمائية.

"بيتر فون كانت" نسخة رجّالية (اذا صح التعبير) لفيلم "دموع بترا فون كانت المُرة" للمخرج الألماني الراحل فرنر راينر فاسبيندر، عرضه في برلين عام 1972. بعد مرور خمسين عاماً بالتمام والكمال، يأتي أوزون إلى برلين بهذه التنويعة السينمائية لفيلم المعلّم الألماني، مع التذكير بانه لطالما كان من المولعين بفاسبيندر وسبق له ان أفلم احدى مسرحياته غير المعروضة بعنوان "نقاط مياه فوق حجارة ساخنة". نفهم جيداً ان مناسبة كهذه لا يمكن لإدارة برلين ان تفوّتها وتبقى غير مبالية حيالها. إذاً، تحوّلت بترا التي كانت تعمل مصممة أزياء في فيلم فاسبيندر إلى بيتر الذي أصبح مخرجاً عند أوزون وحمل ملامح أحد ممثّليه المفضّلين دوني مينوشيه. الموضوع هنا ليس بعيداً من شؤون أفلامه السابقة: ضرورة الحبّ واستحالته في الحين نفسه، اضافة إلى العطش للسلطة والتحكم الذي لدى الفنانين. بيتر مخرج يقع في غرام ممثّل شاب يتعرف اليه، لكن سرعان ما يتحوّل هذا العشق إلى أزمة وجودية يكتشف بيتر من خلالها محدودية المشاعر. تجري الأحداث داخل شقّة بيتر، مع العلم ان أوزون أدخل بعض التعديلات على النص الأصلي، كالانتقال من مدينة بريمن إلى كولونيا. اختلف الكثير أيضاً ما ان جمع الفيلم نساءً ورجالاً بعضهم ببعض، خلافاً للفيلم السبعيناتي الذي كان محصوراً بالنساء. أخيراً، نسخة أوزون أخفّ شؤماً من سابقتها، وأقرب إلى الدعابة. كما قال الناقد البريطاني بيتر برادشو في "الغارديان"، لقد حذف أوزون الدموع المُرة من العنوان وكذلك من الفيلم نفسه، ربما عن قناعة بانه لا يحتاج إلى قسوة وسوداوية ليقول كلمته ويمشي.

 

النهار اللبنانية في

14.02.2021

 
 
 
 
 

الجمهور يناصر الأم فى نضالها لاسترداد ابنها

طارق الشناوي

ارتفع صوت تصفيق الجمهور لأول مرة فى دار العرض، الاحتراز والابتعاد لم يمنع تلك الحالة من التوحد الوجدانى التى ساهم فى تصديرها لنا فيلم المخرج أندريس دريسون، (رابيا كورناش تتحدى جورج بوش) الذى كان يسخر من ازدواج المعايير عند القيادة السياسية الأمريكية، وهكذا كان الهتاف ليس فقط للفيلم، ولكنه يحمل أيضا فى عمقه نقدا للسياسة الأمريكية التى كثيرا ما تتناقض مع نفسها ولديهم أكثر من (ترمومتر) وأكثر من (مكيال)، تحركهم المصلحة الآنية، وبعدها لا شىء يهم، ومن أجلها تخترق كل الأعراف والتقاليد التى كثيرا ما صدرتها للعالم، وعندما نمعن النظر ونعاود التقييم نكتشف اختلال النظرة.

صحيح أن الفيلم ينتقد فترة زمنية محددة وكما يبدو من العنوان (جورج بوش) الابن، أى مرحلة بداية الألفية الثالثة، والتى تواكبت مع اكتشاف ما يجرى فى سجن (جوانتانامو) من تجاوزات إنسانية، بحجة مواجهة الإرهاب، فهو المعتقل الأكثر شراسة فى العالم، والذى تتولى مسؤوليته أمريكا، ومكانه على الأراضى الكوبية، منذ عقود من الزمان، هو الغطاء الأمريكى الذى تصدره للعالم لإلقاء مسؤولية الانتهاكات بعيدًا عن مرماها.

وتبقى شخصية (بوش) الابن سينمائيا، التى حظيت بنصيب الأسد من الانتقادات، وهو أكثر رؤساء الجمهورية فى الزمن الحالى حمل قدرا كبيرا من الجاذبية لدى السينمائيين لتناول شخصيته، وأشهرهم المخرج الأمريكى مايكل مور بفيلمه (911 فهرنهايت) الحائز على عشرات الجوائز مثل (الأوسكار) وسعفة (كان)، وقدمه المخرج فى زمن ولاية بوش الابن بغرض دفع الأمريكيين لعدم تأييده فى الفترة الثانية، وهو ما لم يستطع الفيلم تحقيقه فعليا، لأن المواطن الأمريكى فى الأغلب يقيس تلك الأمور بمصلحته الشخصية، ولكن قطعا عاش هذا الفيلم ولا يزال قادرا على توثيق الحالة، وإدانة أيضا، الأسلوب (البرجماتى) النفعى الذى نكتشف أنه فى النهاية المحرك الرئيسى لكل التجاوزات الإنسانية التى تتدثر عادة بإطار كاذب من الدفاع عن حقوق الإنسان.

بوش فى عهده كان بطلا على الشاشة حتى لو كان الهدف السخرية منه، ولا يزال يحظى بقدر كبير من الجاذبية، سواء بأيدى مخرجين يحملون الجنسية الأمريكية، أم من الدول الأخرى وبينها قطعا عالمنا العربى.

ولكن قبل أن نواصل الحديث أتوقف أمام تلك الدورة وكم الحواجز التى تتعدد حتى نحصل على تذكرة افتراضية للدخول، إلى دور العرض، صحيح أن المهرجان كما أراه يحاول أن يقدم دورة تحمل نبضا سينمائيا، تتجاوز الكثير من الصعوبات الإدارية، مع تراجع الإنتاج العالمى السينمائى التى فرضت نفسها على كل التظاهرات السينمائية التى تنتعش فقط فى وجود جمهور، والحالة التى أراها مبالغا فيها من التعقيدات التى تواجه كل من اتخذ هذه الخطوة وذهب للمهرجان برغم عشرات الاعتذارات، والتى أراها متمثلة بكثرة فى الجانب العربى، ولكن تظل تجربة تستحق حقًا التجربة، القفز فوق عشرات من الحواجز حتى الوصول لدار العرض، هناك ولا شك متعة فى أن تعيش تجربة خاصة.

المهرجان من الواضح أنه قلص ميزانية هذه الدورة لأقصى حد ممكن، الإجراءات الاحترازية أخذت الكثير من إمكانيات المهرجان، وأدت إلى أن العدد الأكبر أحجم عن الذهاب خوفا من الإصابة والتى تعنى خسارة مادية وأدبية مضاعفة، واكتشفت أن طقس المهرجان بكل تفاصيله هو جزء حيوى من فعاليات المهرجان، وربما تواجد بعض الأفلام التى تتجاوز حدود الشاشة لتصل إلى الوجدان مباشرة تساهم فى تقليص الإحساس بافتقاد الطقس.

التصفيق مع فيلم (ريبا كورناش ضد جورج بوش) هو المكافأة التى يستحقها، لأنه غلف كل مشاهده بطاقة من السخرية اللاذعة وخفة الظل، الحكاية (ميلودرامية) أم ملتاعة على ابنها البكر الذى دفعوا به لسجن جوانتنامو لمجرد الاشتباه، إلا أنها أم مقتحمة تحمل جذورا تركية، مثل قطاع كبير من الألمان، وحرص المخرج على أن نتعايش معها كشخصية مقتحمة، حتى إنها كثيرا ما تخالف التعليمات، الصارمة، لا تتوقف عن البحث عن ابنها وتتواصل مع وزارة الخارجية الأمريكية وتحصل على دعوة من السلطات هناك، يتحمل فيها الجانب الأمريكى كل التكاليف، وتذهب مع محاميها لكى تصل كلمتها، وفى النهاية نرى ابنها فى حالة يرثى لها، ولا يجيب الفيلم عن السؤال بشكل قاطع هل هو برىء أم مدان، لأنه يفضح أساسا الممارسات التى تنتهك القوانين.

المخرج أندريس دريسن، الحائز قبل سنوات على (دب برلين) الفضى، أفضل مخرج يقدم هذه المرة رؤية كوميدية ساخرة، لا تخلو من لحظات شجن، تضع الفيلم حتى الآن فى تقييم الأفضل سينمائيًا!!.

tarekelshinnawi@yahoo.com

 

المصري اليوم في

14.02.2021

 
 
 
 
 

بشتقلك ساعات.. فيلم لمخرج مصري يتناول المثلية في مهرجان برلين السينمائي

محمد عباس

آثار فيلم «بشتقلك ساعات» للمخرج المصري محمد شوقي حسن، موجة من الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد عرضه يوم 11 فبراير الجاري، ضمن قسم المنتدى بفعاليات الدورة 72 لمهرجان برلين السينمائي.
والفيلم تدور أحداثه حول قضية المثلية الجنسية، عبر قصة حب تنشأ بين رجلين، استخدم فيها المخرج مزيج من الحكايات والقصص التراثية والشعبية العربية، مع استبدال المرأة في العلاقات برجل؛ لتكون العلاقة بين رجلين وليس برجل وامرأة
.

و«بشتاقلك ساعات»، هو إنتاج مصري لبناني ألماني، وسيناريو وإخراج المصري محمد شوقي حسن، وبطولة سليم مراد، ونديم بحسون، ودنيا مسعود، وأحمد الجندي، وحسن ديب، وأحمد عوض الله، وريتشارد جبريال جرش، وشراك في إنتاجه كلا من محمد شوقي حسن، وماكسيميليان هاسلبرجر، وهشام مارولد، وكريم مارولد، وبالتازار بوسمان.

وكانت الفترة الماضية، قد شهدت موجة من الجدل، عقب عرض فيلم «أصحاب ولا أعز»، الذي عرض على منصة «نتفليكس»، وتناول خلال أحداثه المثلية الجنسية، وهو من بطولة نادين لبكي، ومنى زكي، وإياد نصار، وديامان بو عبود، وعادل كرم، وفؤاد يمين، وجورج خباز، ومن إخراج وسام سميرة.

 

الشروق المصرية في

14.02.2021

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004