ملفات خاصة

 
 
 

سبيلبرغ يحول "قصة الحي الغربي" إلى تحفة ميوزيكالية عصرية

هوفيك حبشيان

جوائز الأكاديمية الأمريكية للفيلم

الدورة الرابعة والتسعون

   
 
 
 
 
 
 

فيلم "المعلم" يخاطب الجمهور بلغة مختلفة وبينما يفوز بـ30 جائزة يعجز عن تسديد تكلفة الإنتاج

فازت تحفة ستيفن سبيلبرغ، "قصة الحي الغربي"، بثلاث من جوائز الـ"غولدن غلوب" التي لم تحظَ هذا العام بأي تغطية إعلامية وأي اهتمام شعبي، واقتصر الإعلان عن الفائزين بنشرة إنترنتية، وذلك بعد التعتيم العام عليها إثر دعوة هوليوود بمقاطعة تلك الجوائز التي اتهمت بالفساد، على الرغم أن القائمين عليها، وعدوا بإجراء إصلاحات جذرية. أياً يكن، وسواء أكان الغضب على الـ"غولدن غلوب" مبالغاً فيه أو لا، فلا يمكن إلا الإشادة بخيار المصوتين الذين أكدوا أنهم أصحاب ذوق رفيع، عبر إسنادهم جائزة أفضل فيلم غير درامي لعام 2021 لـ"قصة الحي الغربي". والحق أن الفيلم بحاجة إلى مساندة ودعم كاللذين نالهما، بعد الفشل الجماهيري الذريع الذي تعرض له، ليتحول على أثره إلى أحد أفلام سبيلبرغ القليلة التي رفضها الجمهور وتجاهلها في حين أثنى عليها النقاد. لم يجمع الفيلم حتى الآن سوى 50 مليون دولار، أي نصف المبلغ الذي كلفه. في المقابل، نال إلى الساعة ما يقارب الـ30 جائزة عالمية.

يميل الواحد منا إلى الاعتقاد أن الفشل الشعبي الذي يتمثل في الإيرادات الكارثية التي حققها الفيلم، لا يعني الكثير بالنسبة لعملاق السينما الأميركية سبيلبرغ. هو الذي أصبح على مشارف الثمانين من العمر، وصاحب ثروة مالية ضخمة تتجاوز الـ3 مليارات دولار تجعله ثاني أغنى سينمائي في العالم (الأول هو جورج لوكاس). لم يبقَ حلم لم يحققه ومجد لم يعرفه في حياته. أفلامه غزت جميع أنحاء الأرض وعرضت في كل زاوية منها. أغوى الجمهور والنقاد على حد سواء. إنه "قصة النجاح" الأشهر في هوليوود، الفنان الذي كل ما يلمسه يتحول إلى ذهب. فاز بالجوائز، وأخرج أفلاماً تتراوح بين الأكثر جديةً، ونصوص تراعي أصول الترفيه الهوليوودي المصنوع بخيال جامح ورغبة شديدة في بيع الأوهام للجمهور.

رائد كل الأنواع

لم يترك سبيلبرغ نوعاً سينمائياً يفلت منه، من سينما الحرب التي قدم لها رائعته "إنقاذ الجندي راين" إلى الكوميديا فالدراما التاريخية والتحريك والمغامرات وعلم الخيال. وبعد أن تطرق إلى معظم الأنواع الأساسية والسائدة في السينما، قرر خوض النوع الذي كان قد صنع مجد السينما الهوليوودية في عصرها الذهبي: الميوزيكال، وليس أي ميوزيكال، بل "قصة الحي الغربي" الذي كان سبق أن أخرجه روبرت وايز وجيروم روبنز في عام 1961 بناءً على مسرحية عرضت على خشبة برودواي في عام 1957، في أفلمة تعتبر ذروة فن الميوزيكال الهوليوودي، وفازت وقتها بعشر جوائز "أوسكار". إذاً، في مشروع سبيلبرغ شيء من التحدي، فإعادة صوغ تحفة سينمائية من حجم "قصة الحي الغربي" في قالب جديد وقراءة مستحدثة ليست مهمة بسيطة، لكن نابغة هوليوود أراد تقديم هدية لنفسه، هدية بتكلفة مئة مليون دولار، وذلك لاستعادة لحظة طفولية وإلقاء تحية على السينما التي تربى عليها عندما كان مراهقاً في الستينيات، ثم أهداه إلى والده الذي توفي قبل عامين. 

"قصة الحي الغربي" لسبيلبرغ ليس "ريمايكاً" (إعادة صنع) لفيلم روبرت وايز وجيروم روبنز، بل عودة إلى الميوزيكال (حمل توقيع آرثر لورنتس وستيفن سوندهايم وليونارد برنستين) الذي كان قد استلهم من حكاية روميو وجولييت ناقلاً تراجيديا شكسبير هذه إلى نيويورك الخمسينيات. التزم سيناريو الفيلم نص الميوزيكال بالتفاصيل، مع بعض التحديث الذي يراعي ظروف العصر والتغييرات التي شهده، ما سنتابعه بشغف وعيون شاخصة على الشاشة طوال أكثر من ساعتين ونصف الساعة، هو قصة حب ناشئ على خلفية مواجهات وصراعات دامية وعنيفة بين عصابتين، تدور فصولها في أحد أحياء غرب نيويورك الفقيرة الآيلة إلى الاختفاء بسبب التطور العمراني. إحدى العصابتين أفرادها من أصول أوروبية بيضاء، أما الثانية فمهاجرون بورتوريكيون.

المقارنة مع النسخة السينمائية السابقة تفرض نفسها في بعض الأحيان، أقله للقول إن فيلم سبيلبرغ أكثر إمعاناً في العنف والسياسة. من الواضح أنه قرر ألا يغض الطرف عن الكثير من القضايا التي حركت الرأي العام في السنوات الأخيرة، من قضية المتحولين جنسياً إلى العنصرية، لكن ضخ هذا كله في الفيلم بلا أي تدليس سياسي أو إقحام، لدرجة أننا نصبح أمام إعادة قراءة للخمسينيات، ولكن بوعي اليوم. لم يحتج الفيلم إلى إعادة موضعة الأحداث في الفترة الحالية، فعند سبيلبرغ الأزمنة تتحاور بعضها مع البعض الآخر، وما الحاضر سوى صدى للماضي.

العدالة الغائبة

مع "قصة الحي الغربي"، سواء في نسخته السينمائية أو المسرحية، نحن إزاء عمل عن العدالة الاجتماعية الغائبة. صحيح أن الخطاب السياسي في الفيلم واضح المعالم والأهداف، إلا أن التقاط كل أبعاده لا يحصل بتلك السهولة. فالتفاصيل مدسوسة داخل كل ما تتشكل منه جماليات هذا الفيلم المترجح بين الثريللر والميلودراما. وفي هذا المجال، يؤكد سبيلبرغ مرة جديدة أنه سيد حرفة وصنعة لا يكاد أحد يرتقي إليه فيهما. فهو يبرع في إشاعة مناخ ميوزيكالي بديع منذ اللحظة الأولى التي نطأ فيها داخل الكادر. الإيقاع الجازي (من الجاز)، الموسيقى المألوفة لليونارد برنستين، صفير الشباب في مطلع الفيلم، الأجساد المتداخلة المتناحرة المتهاوية... هذا كله ليس بجديد، ولكن يا للمفاجأة: يستخرج سبيلبرغ روحاً جديدة من شيء قديم. ينهض من تحت ركام السنين لينظر إلى الحاضر بفيلم لا يفقد الأمل بالإنسان على الرغم من سوداويته، يبقى كلاسيكياً في سرده وتصويره وإداراته للممثلين، وفي غيرها من الأمور الكثيرة، لكنّ ثمّة تمرداً يبقى كنار تحت الرماد، نشعر به ولا نراه وجهاً لوجه. 

لم يعد لسبيلرغ شيء يثبته في أي مجال فني وإبداعي. مع ذلك، قد يسأل الواحد منا: من أين يأتي الرجل السبعيني بكل هذه النضارة في النظر إلى الأشياء والناس؟ ومن أين يستمد هذه الديناميكية والحيوية؟ أو تلك القدرة على التسلية والتثقيف وخلق الوعي في آنٍ؟ كما أن لسبيلبرغ الجرأة في الولادة مجدداً في عمر متقدم، هذا فيلم معلم كبير يصور كما يتنفس، وبالسهولة عينها لدخول الأوكسيجين إلى رئتيه. مشهد أغنية "أميركا" وحده إنجاز بصري هائل. إنه مشهد يحبس الأنفاس ويحمل الفيلم إلى مستوى آخر من الروعة السينمائية. الإتقان على مستوى الإخراج، اللعب بالكاميرا المتحركة على الدوام، حس التشويق، كل هذا تحصيل حاصل عند سبيلبرغ الذي يمزج جمال السينما ببشاعة الشرط الإنساني في لحظة سقوطه. وعلى الرغم من أن العناصر كلها مستعارة من المسرحية، فيمكننا التأكيد بأننا أمام فيلم خالص لسبيلبرغ سواء في تفاصيله أو خطوطه العريضة. 

هذا فيلم من زمن آخر بلا شك، ما يشرح (من دون أن يبرر) عدم استجابة الجمهور له. لا يخاطب الناس باللغة السائدة والمهيمنة والمستهلكة، بل بلغة السينما والمسرح والموسيقى. بلغة شباب يروون الحكاية بأجسادهم، بطموحهم وجمالهم وأصواتهم الفتية، بغرورهم وغضبهم وقدرتهم على الحب والكره، وبجهلهم بالحياة وما يدور في فلكها. سبيلبرغ يصنع سينما خارج الموضة والتيارات. سينما صنعت لتبقى لا لتستهلك. 

 

####

 

شخصية ماكبث لا تتوقف عند العمر ولون البشرة

جسدها الممثل الأميركي دنزل واشنطن في فيلمه الجديد

(أ ف ب

منذ أن ابتكر شكسبير شخصية ماكبث قبل أربعة قرون، لم يجسّدها أحد من عيار دنزل واشنطن. وحصل النجم الحائز على جائزتي أوسكار، ويُعتبر من أهم الممثلين في عصره، على ترشيحات لمعظم الجوائز السينمائية المقبلة عن دوره في "ذي تراجيدي أوف ماكبث" الذي بات متوافراً اعتباراً من الجمعة عبر "أبل تي في+".

ويبدو عمر كل من دنزل واشنطن (67 سنة) وفرانسيس ماكدورماند (64 سنة) التي أدت دور الليدي ماكبث عائقاً أمام ولادة وريث لمملكتهما. ويقول واشنطن لوكالة الصحافة الفرنسية "هما متعبان وأكبر سنّاً"، موضحاً أن الوقت الذي يمرّ يلعب دوراً كبيراً في هذه النسخة ويدفع الشخصيتين نحو الشر والجنون.

ويضيف "الشخصيتان تفكران على النحو الآتي، لقد حان وقتنا، وهذا حقنا. أعطونا إياه". وهل كان الممثل الذي يقاتل الأعداء بالسيف مرتين في الفيلم ليؤدّي هذا الدور بشكل مختلف قبل عشرين أو ثلاثين عاماً؟

يجيب واشنطن مبتسماً "لربما كنت استخدمت قدراتي البدنية أكثر، ولَما كانت أعاقتني الحال التي بلغتها ركبتايَ في هذه المرحلة من حياتي".

أما كون دنزل واشنطن أسود البشرة ومثله كوري هوكينز (33 سنة) الذي يؤدي دور عدوه في الفيلم ماكدوف، فلا يتوافق مع السياق التاريخي لقصة من المفترض أن أحداثها تدور في اسكتلندا خلال القرن الحادي عشر، لكن هذا التفصيل ليس جديداً في اقتباسات ماكبث، إذ قدّم أورسون ويلز على سبيل المثال نسخة من المسرحية عام 1936، كان جميع الأبطال فيها من السود.

ويقول واشنطن خلال حلقة نقاشية مع الصحافة، "من المؤكد أننا متنوّعون وأعتقد أن هذا الأمر ممتاز"، مضيفاً "في رأيي المتواضع، يجب أن نصل إلى مرحلة لا ينبغي أن نتحدث فيها عن التنوع كما لو كان أمراً غريباً".

ويضيف "هؤلاء الشباب مهما كان لون بشرتهم، سواء كان أسود أو أبيض أو أزرق أو أخضر، موهوبون جداً ويتمتّعون بمهارات عالية، ولهذا السبب وصلوا إلى هذه المرحلة".

ويقول هوكينز "لا يمكنني تغيير بشرتي ولا شعري، لكن ما أستطيع فعله هو أن أكون جيّداً حيث لم يكن يُتوقّع أن أكون".

اختار المنتج والمخرج جويل كوين أن يكون فيلمه بالأبيض والأسود، وبصيغة الصورة شبه المربعة التي كانت معتمدة في نهاية حقبة السينما الصامتة، مكتفياً بالحد الأدنى من المؤثرات الصوتية، ممّا يضفي على الفيلم نكهة بدايات هوليوود.

وسبق أن عُرضت نسخ سينمائية من "ماكبث"، أنجزها مخرجون كبار على غرار أورسون ويلز وأكيرا كوروساوا ورومان بولانسكي. ويؤكد واشنطن أنه "لم يشاهد إطلاقاً أيّاً من هذه النسخ بل تجنّبها عمداً لكي لا يفكر هل سيستطيع تقديم نسخة أفضل" منها.

ويضيف الممثل الذي تكون شخصيته في "ماكبث" هادئة قبل الوقوع في الغضب والطموح ثم الجنون، "لم أكُن أرغب بأن يؤثر ذلك في أدائي، لذلك أقبلت على الدور بمخيّلتي وبنظرة جديدة".

ولم يكُن ماكبث الشخصية الأولى التي يؤديها واشنطن لشكسبير، إذ لعب دور "يوليوس قيصر" في برودواي، وظهر في فيلم "ماتش أدو أباوت ناثينغ" للمخرج كينيث براناه.

ويأمل كوري هوكينز أن يرغب الأولاد المنتمون إلى الأقليات  بالاطلاع على أعمال شكسبير بعد مشاهدة الممثلين السود الآخرين في الفيلم. ويقول "ربما يثير هذا العمل فضولهم".

ويتابع "نعم يحب السود شكسبير. نحبه من دون معرفة ذلك لأن هناك كثيراً من الإشارات إليه في الأغنيات والثقافات التي نحبها". ويقول هوكينز "نملك شكسبير بقدر ما يملكه الآخرون".

 

الـ The Independent  في

15.01.2022

 
 
 
 
 

خالد محمود يكتب..

5 أفلام «لا هوليوودية» في انتظار «الأوسكار»

 

 

بوابة أخبار اليوم المصرية في

16.01.2022

 
 
 
 
 

موسم جوائز غريب لنقابة الممثلين الأمريكية وتجاهل أفلام وأسماء كبيرة

حسام عاصي

لوس أنجليس – «القدس العربي»: في أكثر مواسم الجوائز غرابة، صدمت نقابة الممثلين الأمريكيين المعلقين وخبراء الجوائز بترشيحاتها، التي أعلنت عنها أول أمس، بسبب تجاهلها مواهب تصدرت قائمة تكهنات الفوز بالأوسكار منذ انطلاق أفلامها، على غرار كريستين ستيوارت، التي نالت مديح النقاد وتربعت على قمة التوقعات بالفوز بأوسكار أفضل ممثلة هذا العام عن تجسيد دور الأميرة ديانا في فيلم «سبينسر».

كما غابت عن ترشيحات ذات الفئة الممثلة الأمريكية – اللاتينية راتشيل زيغلر، التي حصدت بداية الأسبوع جائزة «الغولدن غلوب» لأفضل ممثلة في فيلم موسيقي أو كوميدي عن دورها في فيلم ستيفن سبيلبرغ «قصة الحي الغربي».

ورغم تصدر فيلم نيتفلكس «قوة الكلب» الترشيحات بثلاث جوائز، وهي أفضل ممثل لبطله البريطاني بينيديكت كامبرباتش وأفضل ممثلة مساعدة لكيرستين دانست وأفضل ممثل مساعد لكودي سميت – ماكفي، إلا أنه لم ينل ترشيحا في فئة أفضل طاقم تمثيل، الموازية لجائزة أفضل فيلم في الجوائز الأخرى.

ويذكر أن «قوة الكلب» تصدر بداية الأسبوع جوائز الغولدن غلوب بثلاث جوائز، من ضمنها أفضل فيلم درامي، ما يعزز من حظوظه في الفوز بالأوسكار أمام منافسه الأقوى وهو «بلفاست»، الذي خرج بجائزة غولدن غلوب واحدة وحسب، ولم يحقق إلا ترشيحين لجوائز نقابة الممثلين وهي أفضل طاقم تمثيل وأفضل ممثلة مساعدة لكاترينا بالف.

تنافس بين «بلفاست» و«لا تنظر الى الأعلى»

ويواجه «بلفاست» في فئة أفضل طاقم تمثيل فيلم ابل بلاس «كودا»، وفيلم نتفلكس «لا تنظر الى الأعلى» وفيلم ريدلي سكوت «بيت غوتشي» و»الملك ريتشارد»، الذي رُشح بطله ويل سميث، عن أداء دور والد محترفتي التنس فينيسا وسيرينا ويليامز، لجائزة أفضل ممثل، ما يعزز من حظوظ النجم الهوليوودي في اقتناص الأوسكار، التي حرم منها حتى الآن، وخاصة بعد أن فاز بالغولدن غلوب بداية الأسبوع.

وينافس سميث وكامبرباتش في فئة أفضل ممثل، بطل «بيينغ ذي ريكاردوس» الإسباني خافيير بارديم، عن تجسيد دور الممثل الكوبي ديسي ارنار في «بيينغ ذي ريكاردوس» والبريطاني اندرو غارفيلد عن بطولة الفيلم الموسيقي «تيك تيك… بوم»، فضلا عن دينزل واشنطن عن أداء دور هاملت في «مأساة ماكبث».

«بيينغ ذي ريكاردوس» نال ترشيحا ثانيا في فئة أفضل ممثلة لبطلته نيكول كيدمان عن تجسيد دور ممثلة الخمسينيات لوسيل بول.

وتواجه في الفئة ليدي غاغا عن أداء دور بتريسا ريجياني في «بيت الغوتشي» وأوليفيا كولمان عن دور بطلة «الإبنة المفقودة» وجينيفر هادسون عن تجسيد شخصية المغنية أريثا فرانكلين في «احترام»، فضلا عن جيسيكا تشاستين عن أداء دور الانجيلية تامي فيه باكر في «عيون تامي فيه». «بيت الغوتشي» حقق ترشيحا ثالثا وهو لجائزة أفضل ممثل مساعد لجاريت ليتو عن أداء دور أبن آلدو غوتشي الغريب الأطوار.

وفضلا عنه وعن سميت – ماكفي، ينافس في الفئة بن أفيلك عن أداء دور نادل يساند أبن اخته في طموحه أن يكون كاتبا في فيلم «بار التندر»، وتروي كوتسار عن دوره في «كودا»، فضلا عن برادلي كوبر عن دور صغير وهو زوج باربرا سترايساند الغريب الأطوار في «بيتزا لوكريش».

وينضم الى بالف ودانست في فئة أفضل ممثلة مساعدة، كيت بلانشيت في فيلم الرعب «زقاق الكوابيس» وروث نيغا عن أداء أمرأة سوداء تخفي عرقها في بداية العشرينيات في فيلم نيتفلكس «إجتياز»، وأريانا ديبوسي عن دورها في «قصة الحي الغربي».

ويذكر أن ديبوسي فازت بغولدن غلوب أفضل ممثلة مساعدة.

تنافس المسلسلات

ولأول مرة يرشح مسلسل جنوب كوري، هو «لعبة الحبار»، في فئة أفضل مسلسل درامي. وبات أكثر المسلسلات مشاهدة العام الماضي على شبكة نتفليكس. بينما رُشح ممثليه لي يونغ جيه ويونغ هو يون لأفضل ممثل وممثلة على التوالي. ويواجه في الفئة مسلسل شبكة هولو «حكاية أمة»، الذي نال ترشيحا إضافيا لبطلته إليزابيث موس لأفضل ممثلة. ومسلسل أبل بلاس «العرض الصباحي»، الذي نال ترشيحات لبطليه بيلي كرودوب وجينيفر آنستون في فئتي أفضل ممثل وأفضل ممثلة على التوالي، ومسلسل شبكة باراماوت «يلوستون»، إضافة الى مسلسل HBO «خلافة»، الذي تصدر ترشيحات الأعمال التلفزيونية بخمس جوائز. ثلاث منها في فئة أفضل ممثل لممثليه برايان كوكس، كيران سالكين وجيريمي سترونغ، فضلا عن ترشيح لسارا سنوك في فئة أفضل ممثلة. ويذكر أن «خلافة» حصد غولدن غلوب أفضل مسلسل درامي بداية هذا الأسبوع.

وقد تصدر مسلسل أبل بلاس «تيد لاسو» ترشيحات فئة المسلسلات الكوميدية بخمس. ففضلا عن ترشيح لافضل مسلسل تلفزيوني كوميدي، رُشح ممثليه جاسون سوديكيس وبريت غولدستين في فئة أفضل ممثل في مسلسل كوميدي وممثلتيه هانا وادينغهام وجونو تيمبل في فئة أفضل ممثلة في مسلسل كوميدي.

كما رُشح في هذه فئة أفضل مسلسل كوميدي «العظيمة»، الذي نال أيضا ترشيحا لبطلته آيل فانينغ، ومسلسل «ّهاكس»، الذي نال ترشيحا إضافيا في أفضل فئة أفضل ممثلة لبطلته جين سمارت، ومسلسل «نهج كومينسكي»، الذي نال ترشيحا اخرا لبطله مايكل دوغلاس في فئة أفضل ممثل، ومسلسل «فقط جرائم في البناية»، الذي نال ترشيحين إضافيين في فئة أفضل ممثل لممثليه ستيف مارتين ومارتين شورت.

جوائز نقابة الممثلين الأمريكيين ليست مشهورة مثل جوائز الاوسكار والبافتا والغولدن غلوب، لكنها تعتبر أهم مؤشر للفوز بجوائز أوسكار التمثيل إذ يصل التطابق بين الجائزتين الى أكثر من تسعين بالمئة. كما تعززت أهميتها هذا العام إثر تجاهل هوليوود ونجومها لجوائز الغولدن الغلوب، التي وقعت في أزمة صراع على البقاء. فبعد الاعلان عنها أمس، سارع المرشحون في الاحتفاء بتكريمهم والى شكر النقابة على منصات التواصل الاجتماعي وفي وسائل الاعلام. وسوف يعلن عن الفائزين في الـ 27 فبراير/شباط في حفل يبث على شبكتي TBS و TNT.

 

القدس العربي اللندنية في

17.01.2022

 
 
 
 
 

"الابنة المفقودة" لماغي غيلنهال: أمومة منزوعة القداسة

محمد صبحي

في اليوم الذي تصل فيه نينا إلى الشاطئ مع ابنتها إيلينا ودميتها، تضع ليدا عينها عليهما. كلتاهما تقضيان إجازة في جزيرة يونانية حيث تقضي ليدا ما تسمّيه "إجازة عمل". "هل لديك أطفال؟" تسأل نينا، بلا مبالاة تقريباً. لكن السؤال يلمس أوتاراً حسّاسة لدى ليدا ويمور بداخلها مدّ وجزر: تصمت، وتشيح بنظرها، وترجف قليلاً. ما يحدث أو ما حدث لليدا بسبب الأمومة والأطفال وحياتها، هو السؤال الذي ينمّي "الابنة المفقودة"(*)، باكورة أفلام الممثلة والمخرجة الأميركية ماغي غيلنهال (1977 - نيويورك)، استناداً إلى رواية تحمل الاسم نفسه للكاتبة النابوليتانية الغامضة إيلينا فيرانتي (نُشرت بالإيطالية في العام 2006، وصدرت ترجمتها العربية في العام 2016 بتوقيع المترجمة اللبنانية شيرين حيدر).

تمتاز غيلنهال بمسيرة مهنية رائعة وذكاء يُستخلص من اختيارها لأدوارها وليونة تفسيراتها المتنوعة لتلك الأدوار، لكن إذا كان ما زال يتعيّن إثبات موهبتها ككاتبة سيناريو ومخرجة، فالتأكيد النهائي يأتي مع هذا الفيلم الذي فازت عنه بجائزة أفضل سيناريو في مهرجان البندقية السينمائي الأخير. في سنّ الـ44، تغامر غيلنهال بقصة معقّدة وغامضة، ووعرة، ومزعجة، وتُظهر نفسها كمخرجة واثقة في اختياراتها لـ"ميزان سين"، وتحقيق أداءات لافتة قوامها كثافات تمثيلية محسوبة وفوارق دقيقة، حتى من الممثلين المساعدين.

بطلة الفيلم هي ليدا (أوليفيا كولمان، ممتازة كالعادة)، وهي أكاديمية بريطانية تبلغ من العمر 48 عاماً، بارزة في الأدب المقارن، وصلت إلى جزيرة يونانية لقضاء عطلة. هي بمفردها، رغم أننا سرعان ما نعلم أن لديها ابنتين في العشرينات من العمر وماضٍ مظلم يطاردها. ما يظهر في البداية كمتعة وادعة خالصة على الشاطئ وفي بيتٍ بحري يديره ذئب قديم ووحيد يطلب ودّها (العظيم إد هاريس)، يستحيل شعوراً متنامياً بالقلق والاضطراب عندما يغزو المكان مراهقون صاخبون وعائلة أميركية-يونانية وافرة العدد من ساكني المنطقة تشي هيئاتهم وتفاصيلهم بأشياء مريبة. من بين أفراد تلك العائلة، نينا (داكوتا جونسون)، وهي أمّ شابة في علاقة عاصفة، تفقد ابنتها في مرحلة ما، لتجدها ليدا على شاطئ قريب، لكنها تحتفظ بالدمية المفضّلة للفتاة الصغيرة من دون أي مبرر، وهذه الأخيرة تدخل في أزمة بعد أن تفقد لعبتها العزيزة.

سيتضح شيء من سلوكها الغريب ونوبات الضيق المفاجئة عندما تنقلنا غيلنهال إلى شباب ليدا (جيسي باكلي تلعب الدور ببراعة) وكفاحها - من دون نجاح كبير - ضد التوترات الداخلية بين التزاماتها كأمّ وتوقها إلى الحرية والنجاح الأكاديمي. بأناقة كبيرة لا تخلو من السنتمنتالية، تتعامل المخرجة مع التحولات بين الحاضر والماضي، بين النسخة الحالية من ليدا وذكريات ماضيها المتعددة، لتتكشّف محنة تلك المرأة شيئاً فشيئاً بطريقة لا تكشف كل الأوراق مرة واحدة ولا تعبث بالاحتمالات المتعددة، كما توازن مواقيت المزج والقطع بحيث لا يُصعَّد أي حدث إلى آخره، وهذا الأخير تحديداً ملمح لافتٍ وبارع وغير مألوف نسبياً في هوليوود.

أفلمة نصّ لإيلينا فيرانتي، ليس بالمهمة السهلة تماماً. صحيح أن كتابات فيرانتي تحتل لوائح الأكثر مبيعاً وقراءتها شائعة بين أوساط قرائية متباينة ومتنافرة إلى حدّ كبير، لكن أدبها يحمل طابعاً فنياً من الظلم تجاهله أو نفيه. تعيش كتابتها في برزخ بَين-بَين، من تلميحات غير معلنة وعلاقات غير قابلة للقراءة وأشياء غير محسومة. هناك جملة في بداية روايتها تلخّص سعيها الأدبي جيداً: "الأشياء التي لا نفهمها بأنفسنا هي الأصعب في التفسير". انطلاقاً من هذا الجوهر، صنعت غيلنهال دراما أنيقة وحسّاسة من وجهات نظر نسائية. يقفز فيلمها ذهاباً وإياباً بين مستويين زمنيين، ووسط طبيعة الجزيرة الساحرة والرائعة، ليتكثف تدريجياً في المُخطَّط النفسي لامرأة يائسة من الأدوار المنوط بها تأديتها.

كتبت فيرانتي في صحيفة الغارديان العام 2018 أنها أعطت غيلنهال حقوق روايتها بشرط واحد فقط: إذا أخرجت الفيلم بنفسها. "من المهم بالنسبة إلي، بالنسبة إليها، لجميع النساء، أن يُكلل مسعاها بالنجاح". في الواقع، فيرانتي وغيلنهال يصلحان كفريق أحلام، مؤلفة ذات وجهة نظر لا هوادة فيها عن جنسها، وممثلة دعت لسنوات إلى ضرورة وجود وجهات نظر نسائية جديدة في السينما. "الابنة المفقودة" هو خلاصة هذه النظرة الأنثوية، ليس كموقف أو سلوك، لكن الأهم من ذلك كتعبير وإبانة وأسلوب.

في انشغال عمل كلتيهما بنظرة أنثوية، يظلّ الرجال شخصيات هامشية في هذا الفيلم، يدفعون بالحبكة إلى الأمام باعتبارهم مغازلين وطالبي وصال أو تهديدات كامنة. ليدا دائماً في المركز، تلاصقها كاميرا هيلين لوفار، وتحمل ثقل الحكاية بأدائها الرائع. على وجهها يمكن للمتفرج أن يقرأ كل فنّيات كتابات فيرانتي: تناقضات الشخصية الرئيسية وتوترها واضطرابها الداخلي. ترى غيلنهال شخصياتها الأنثوية بشكل أكثر حباً وأكثر تساهلاً من فيرانتي. لكن تفاعل الكاميرا والمونتاج، الماضي والحاضر، يجعل درع ليدا شفافاً؛ يفضح المشاعر غير المعالجة.

صورة الأمومة المتناقضة حاسمة في عمل فيرانتي، كما سيتبيّن لاحقًا في رباعيتها النابوليتانية الشهيرة. هنا تتجسّد معضلة المشاعر المختلطة وأثقال الأمومة وأعباء الاختيارات الحياتية في هيئة دمية أطفال. تجد ليدا دمية إيلينا على الشاطئ وتقرّر الاندفاع للاحتفاظ بها. تمرّ أيام تطوِّر خلالها الدمية حياة تخصّها: تختفي، وتعود للظهور، وتتسرّب منها مياه قذرة، وفي وقت ما تأخذها الديدان مستقراً لها. حتى أن ليدا تشتري لها ملابس جديدة، لكنها لا تفكر في إعادتها إلى صاحبتها اليائسة والغاضبة بسبب ضياع رفيقة لعبها. إغراق الطفلة في معاناة لا تستحقها، يمثّل انتقاماً رمزياً من ابنتيها، ووسيلة لاستعادتهن، طريقة لتصبح هي نفسها طفلة، دافع خالص لإعادة تنشيط الشعور بالذنب؟ لا يجيب الفيلم، لكننا نعلم: اللاوعي قارة مظلمة.

منذ اللحظة التي يشتعل فيها الصراع من جديد، تبدأ المرأة التي تحمل اسم إحدى أساطير الميثولوجيا الإغريقية ("ليدا والبجعة"، وبدورها هي موضوع قصيدة ويليام بتلر ييتس، الحاضرة في الفيلم)، في أن تغزوها ذكريات ذلك الماضي وكأنها حاضرة لا تزال. الحياة الزوجية (كما صار معتاداً في السينما المعاصرة، تبدو شخصية الزوج مائعة)، والبنتان اللتان تحوّلان المنزل في ثوانٍ إلى جحيم، والدعوة إلى مؤتمر أدبي، وحضور أحد هؤلاء الكتّاب المبجّلين كآلهة تعيش بيننا (بيتر سارسغارد، بلحية مشابهة لتولستوي)، وفرصة العيش ليلة واحدة في هذا الأوليمبوس، قبل العودة إلى الأرض. كما الرواية، يعيد الفيلم النظر في قدسية الأمومة، ومراجعة العديد من المسلّمات بشأن مؤسسة الأسرة عامة.

لكن بعيداً من اقتباسات الأدب الرفيع والأسطوري، فإن الصراع الذي يطرحه "الابنة المفقودة" هو صراع أرضي بامتياز، والتأسيسات المفسّرة لولادة الذنب لدى ليدا، من الناحية السينمائية، لا تبدو مقنعة تماماً. رغم ذلك، فموضوعا "صراع الأم والابنة" و"هل يجب أن أنجب أطفالاً أم لا" سيجدان جمهوراً على أي حال. هناك أيضاً بعض الحبكات الفرعية - أو الأجنة الدرامية إذا جاز التعبير - تبدو موجودة فقط لإكمال ساعتين من الزمن هي مدة الفيلم. باقتباساته الميثولوجية والأدبية، وبطلته الأكاديمية، وسرده ثنائي الزمن، وموضوعه المعقّد وغير المريح نسبياً، وأصله الأدبي.. "الابنة المفقودة" هو نوع الفيلم الذي غالباً ما يُقال إنه يبدو أوروبياً أكثر منه أميركياً. في النتيجة، فإن فيلم غيلنهال سيقتنص دور الفيلم المستقل في جوائز الأكاديمية لهذا العام وسيرشّح لأربع جوائز أوسكار على الأقل: أفضل فيلم، إخراج، سيناريو مقتبس، وممثلة رئيسية.

رغم ذلك، فـ"الابنة المفقودة" يبقى أطروحة حسّاسة ومفجعة عن الاستقلال، والأمومة، والمسؤولية في العلاقات الأسرية، والإغراءات، والتضحيات التي يتطلّبها النجاح المهني، والشعور بالذنب الذي تولّده العديد من القرارات البعيدة من العُرف والصواب، وعن الآثار والجروح والصدمات التي تبقى مع الوقت. بعيداً من جمال الموقع، لا تغرق غيلنهال ولوفار، في شروق الشمس أو غروبها. بعيداً من أي رونق، تذهب المخرجة إلى أعمق أجزاء شخصياتها وأكثرها تناقضاً وحدّة، أبعد من السيكولوجيا الأحادية السائدة هوليوودياً، لتنجز باكورة إخراجية تكرّسها صوتاً يستحق الاستماع إليه.

(*) يُعرض حالياً في "نتفليكس".

 

المدن الإلكترونية في

17.01.2022

 
 
 
 
 

دنزل واشنطن يجسد ماكبث شكسبير في فيلم جديد

ماكبث لم يكن الشخصية الأولى التي يؤديها دنزل واشنطن لشكسبير بل أدّى دور "يوليوس قيصر" في برودواي.

لوس أنجلس (الولايات المتحدة)في وقت سابق حسم الممثل البريطاني دانيال كريج خطوته المقبلة بعد آخر مشاركة له في سلسلة أفلام العميل السري البريطاني جيمس بوند. وصرح بأنه سيقدم أشهر شخصيات شكسبير شخصية ماكبث، الجنرال القاتل الطموح، وذلك على مسارح برودواي العام المقبل بعدما قدم شخصية بوند للمرة الخامسة في فيلمه الجديد “نو تايم تو داي” (لا وقت للموت) الذي كان العرض العالمي الأول له أواخر عام 2021 في لندن.

واستعادة شخصية شكسبير الشهيرة لم تكن حكرا على كريج في الإنتاجات الجديدة، ففي السينما تقدم شخصية ماكبث في فيلم جديد بعنوان “ذي تراجيدي أوف ماكبث” يقتبس مسرحية شكسبير وبطلها وعوالمها بشكل مغاير في عمل مثير سواء في طرحه للقصة أو الطريقة التي صور بها والتي تعيدنا إلى كلاسيكيات هوليوود والسينما العالمية.

منذ أن ابتكر شكسبير شخصية ماكبث قبل أربعة قرون، لم يجسّدها أحد من عيار دنزل واشنطن الذي يجسد هذه الشخصية في الفيلم الجديد.

وقد حصل النجم الحائز جائزتي أوسكار، ويُعتبر من أهم الممثلين في عصره، على ترشيحات لمعظم الجوائز السينمائية المقبلة عن دوره في “ذي تراجيدي أوف ماكبث” الذي بات متوافرا اعتبارا من الجمعة عبر “آبل.تي.في”.

وقد يبدو عمر كلّ من دنزل واشنطن (67 عاما) وفرانسيس ماكدورماند (64 عاما) التي أدت دور الليدي ماكبث عائقا أمام ولادة وريث لمملكتهما.

ويقول واشنطن “هما متعبان وأكبر سنّا”، موضحا أنّ الوقت الذي يمرّ يلعب دورا كبيرا في هذه النسخة ويدفع الشخصيتين نحو الشر والجنون. ويضيف “الشخصيتان تفكّران على النحو الآتي: لقد حان وقتنا، وهذا حقنا. أعطونا إياه”.

وهل كان الممثل الذي يقاتل الأعداء بالسيف مرتين في الفيلم ليؤدّي هذا الدور بشكل مختلف قبل عشرين أو ثلاثين عاما؟ يجيب واشنطن مبتسما “لربما كنت استخدمت قدراتي البدنية أكثر، ولما كانت أعاقتني الحال التي بلغتها ركبتايَ في هذه المرحلة من حياتي”.

أما كون دنزل واشنطن أسود البشرة ومثله كوري هوكينز (33 عاما) الذي يؤدي دور عدوه في الفيلم ماكدوف، فلا يتوافق مع السياق التاريخي لقصة من المفترض أنّ أحداثها تدور في أسكتلندا خلال القرن الحادي عشر، لكنّ هذا التفصيل ليس جديدا في اقتباسات ماكبث. إذ قدّم أورسون ويلز على سبيل المثال نسخة من المسرحية عام 1936 كان جميع الأبطال فيها من السود.

ويقول واشنطن خلال حلقة نقاشية مع الصحافة “من المؤكد أننا متنوّعون وأعتقد أنّ هذا الأمر ممتاز”، مضيفا “في رأيي المتواضع، يجب أن نصل إلى مرحلة لا ينبغي أن نتحدّث فيها عن التنوّع كما لو كان أمرا غريبا”.

ويضيف “هؤلاء الشباب مهما كان لون بشرتهم، سواء أكان أسود أم أبيض أم أزرق أم أخضر، موهوبون جدا ويتمتّعون بمهارات عالية، ولهذا السبب وصلوا إلى هذه المرحلة”.

ويقول هوكينز “لا يمكنني تغيير بشرتي ولا شعري، لكن ما أستطيع فعله هو أن أكون جيّدا حيث لم يكن يُتوقَع أن أكون”.

واختار المنتج والمخرج جويل كوين أن يكون فيلمه بالأبيض والأسود، وبصيغة الصورة شبه المربعة التي كانت معتمدة في نهاية حقبة السينما الصامتة، مكتفيا بالحدّ الأدنى من المؤثرات الصوتية مما يضفي على الفيلم نكهة بدايات هوليوود.

وسبق أن عُرضت نسخ سينمائية من “ماكبث”، أنجزها مخرجون كبار على غرار أورسون ويلز وأكيرا كوروساوا ورومان بولانسكي. ويؤكّد واشنطن أنه لم يشاهد إطلاقا أيا من هذه النسخ بل تجنبها عمدا لكي لا يفكّر هل سيستطيع تقديم نسخة أفضل منها.

ويضيف الممثل الذي تكون شخصيته في “ماكبث” هادئة قبل الوقوع في الغضب والطموح ثم الجنون “لم أكن أرغب في أن يؤثر ذلك على أدائي، لذلك أقبلت على الدور بمخيّلتي وبنظرة جديدة”.

ولم يكن ماكبث الشخصية الأولى التي يؤديها واشنطن لشكسبير، بل أدّى دور “يوليوس قيصر” في برودواي، وظهر في فيلم “ماتش أدو أباوت ناثينغ” للمخرج كينيث براناه.

ويأمل كوري هوكينز أن يرغب الأولاد المنتمون إلى الأقليات في الاطلاع على أعمال شكسبير بعد مشاهدة الممثلين السود الآخرين في الفيلم. ويقول “قد يثير هذا العمل فضولهم”.

ويتابع “نعم يحّب السود شكسبير. نحبّه من دون معرفة ذلك لأنّ هنالك الكثير من الإشارات إليه في الأغنيات والثقافات التي نحبها”. ويقول هوكينز “نملك شكسبير بقدر ما يملكه الآخرون”.

 

العرب اللندنية في

17.01.2022

 
 
 
 
 

"بلفاست": الجميع ينزف وما من دماء

لينا الرواس

يصور فيلم "بلفاست"، تجربة أولئك الأسوأ حظاً، ممن فرض عليهم الاختيار بين العيش في بلدانهم الخاضعة لأزمات وحروب مشتعلة، أو حزم حقائبهم للتوجه نحو مستقبل لا يعرفون عنه شيئاً.

لم تكن الإجابة عن هذه المعضلة الإنسانية بالسهلة يوماً، وكذلك يقترح فيلم كينيث براناه، الحائز جائزة "غولدن غلوب" لأفضل سيناريو فيلم (2021)، حين ينقل معاناة قاطني شمال بلفاست، أثناء الاضطرابات التي عمت إيرلندا الشمالية عام 1969، واستمرت لمدة طويلة بعدها، مخلفة آثاراً شديدة وموجات هجرة شاسعة.

لا يسعى فيلم السيرة ذاتية للمخرج الإيرلندي البريطاني، إلى تجسيد ويلات الحرب وأعمال العنف المباشرة، بل يكتفي بمراقبة العالم عبر عيني طفل في التاسعة من عمره، وهو بادي (Jude Hill)، بفهمه المحدود والطفولي لما يجري من حوله، والذي تنقلب حياته رأساً على عقب، حين تحرق مجموعة من مثيري الشغب بيوت العائلات الكاثوليكية في منطقة تسكن غالبها العائلات البروتستانتية. يحيل الشغب منطقة الطبقة العاملة تلك إلى ساحة حرب مصغرة، تغص بالعصابات والمجموعات البلطجية المسلحة والحواجز البشرية، وحملات "تطهير المجتمع" التي تمزق الاستقرار وتؤجج الصراع بين قاطني البلدة.

يخط الفيلم، عبر ساعة 38 دقيقة، مذكرات سينمائية لطفولة المخرج في البلدة الصغيرة تلك؛ إذ يجسد بادي براناه نفسه حين أُجبر على مغادرة بيته في إيرلندا الشمالية، ولم يبلغ من العمر التاسعة بعد. أمر ما زال يستذكره المخرج الذي ناهز الستين من عمره بحزن وألم شديدين.

يشتعل فتيل التعصب والعنصرية بعد دقائق عدة من بداية الفيلم. عندها، لن يكون من الضروري أن يشيح أصحاب القلوب الضعيفة بنظرهم خوفاً من مشهد عنيف أو قاسٍ، لأنّ الفيلم الذي يمكن تصنيفه ضمن فئة الأفلام المناهضة للحروب، يكاد يخلو من أيّ منها. فمنذ المشهد الأول للفيلم، تبدو أعمال الشارع من نهب وإشعال للمولوتوف وتدمير وسرقة، وكأنّها خلفية باهتة يتفادى المخرج التركيز عليها، إلى حد تهميشها بأسلوب Out Of Focus، ويدور بكاميرته عبر إطار ثابت، لمدة ليست بالقصيرة أبداً، حول محور الحدث؛ الطفل بادي الذي يتسمر مكانه ليشهد على المجزرة بعينين مفتوحتين على وسعهما. قد يبدو للبعض أنّ تهميش الحرب ومصائبها هو تساهل مع ما خلفته من أهوال، أو تبسيط للأثر السياسي وما أفرزه من واقع كارثي أحاط بإيرلندا الشمالية من كلّ حدب وصوب خلال تلك الفترة المشؤومة. إلّا أنّ الفيلم يفعل ما هو معاكس لذلك تماماً، فالأثر الذي يحدثه "بلفاست" في نفوس مشاهديه يكاد يفوق بأشواط ذاك الناجم عن استفزاز المشاعر بميلودرامية مبتذلة، أو مباشرة في الطرح. الجميع ينزف، وما من قطرة دماء واحدة. مقاربة سبق أن شهدناها مع واحد من أهم كلاسيكيات السينما الإيطالية، Life Is Beautiful.

يلجأ المخرج إلى نهج التلاعب بالمتلقي ذاته حين تُطرح أحاديث البالغين على الطاولة، فنسمع منها عبارات هامسة ووشوشات لا تختلف عن تلك التي يلتقطها طفل يسترق السمع من خلف باب غرفة والديه. ونعرف قصصاً مجتزأة، غير مفهومة، وخارج الإطار الزمني والمكاني المنطقي لحدوثها، ونلتقط إشارات غامضة عن الوضع المالي للعائلة وديونها والتخلف الضريبي لوالد بادي (Jamie Dornan)، وعن فكرة السفر التي تلقى رفضاً شديداً من زوجته (Caitriona Balfe).

يشعر المشاهد بأجواء توتر توحي بتراكم الخلافات بين الأبوين اللذين يُعرّف الفيلم عنهما بـ ماما (Ma)، وبابا (Pa)، من دون أي ذكر لاسميهما، وهو مؤشر آخر يؤكد عبره المخرج أنّ اهتمامه ينصب بشكل كامل على كونهما كيانين أبويين لبادي قبل أي شيء آخر، ما يجعلنا كمشاهدين غير مهتمين، إلى حد ما، بمشاكلهما الشخصية أو الزوجية، ما لم يكن لبادي حصة منها.

يشرح فيلم "بلفاست" ثنائية النضج/البراءة، وكيف تتناقض هذه الأخيرة مع العالم المحيط، وتعقيداته أو ما فيه من "مشاكل"، وهي كلمة بادي لوصف مشهد الحرب غير المفهوم بالنسبة له، ولا ربما لمتلقي الفيلم غير المطلع على الفترة التاريخية للأحداث. فالراوي الوحيد عبر الفيلم غير موثوق، ولا سبيل للخروج من إطار رؤياه أيضاً، إلى الحد الذي يجبرنا على متابعة ما يشاهده بادي من باحات لعب ومسرحيات أطفال وأعياد ميلاد ومقتطفات طويلة ملونة من أفلام "ستار تريك" و"سندريلا"، وهي رشقات اللون الوحيدة ضمن عالم الفيلم الأسود والأبيض، تعبيراً عن مدى انذهال بادي بعالم الرسوم المتحركة وتوقه لرؤيتها كل أسبوع، وكأنها الشيء الوحيد "الجميل" و"الملون" في عالمه.

وعلى الرغم من وجود السينما الملونة كمتنفس أميركي واهٍ، واقتراب الطفلة، التي يحبها بادي ويحلم بالزواج منها، مقعداً إلى جانبه في الصف، وحضور الجد والجدة الداعمين والمحبين، لكنّ التهديد المستمر لا يمكن تجاهله، و"التصحر" الذي ضرب بلفاست من كلّ ناحية، يجعل الحياة فيها محكومة بالفشل. أمر تقتنع به "ماما" نهاية الفيلم، وهي أشد المدافعين عن مفاهيم الانتماء والجذر، إلّا أنّ سرقة بادي لمسحوق غسيل بيولوجي من سوبرماركت يتعرض لغزو الحشود، واحتجازه رهينة لدقائق من قبل أحد أفراد العصابات، تجعلها تقرر الانتقال إلى مكان أكثر أماناً لعائلتها، من دون أي تردد، في حين تقرر الجدة البقاء في منزلها، على غرار العديد من سكان البلدة الذين رفضوا مغادرتها لأسباب شتى.

جدير بالذكر أنّ أداء الممثلين عبر الفيلم، خصوصاً الجد (Ciarán Hinds) والطفل بادي والأم، كان ساحراً إلى أبعد حد، أمر تفسره خلفية كينيث براناه كممثل مسرحي شكسبيري. ولا تقل جهود المخرج في تحديد الإطارات واختيار أماكن التصوير وشحذ وجوه الممثلين عبر الظلال عن عمله كمعدّ للممثلين في الفيلم.
لا شيء يعوض خسارات الحروب، إلّا أنّ فيلم "بلفاست" يقدم عبر بساطته عزاءً صغيراً لضحايا الأزمات والحروب ولسكان منطقة بلفاست: "لمن بقوا، لمن رحلوا، لمن ضاعوا" وفق كلمات المخرج نفسه
.

 

العربي الجديد اللندنية في

18.01.2022

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004