ملفات خاصة

 
 
 

لا أحد يتعاطف مع امرأة قاتلة ولو كانت بريئة

طاهر علوان

جوائز الأكاديمية الأمريكية للفيلم

الدورة الرابعة والتسعون

   
 
 
 
 
 
 

"لا يغتفر" فيلم يفضح إشكالية الذات الإنسانية داخل مجتمع مفكك.

يبحث السينمائي عما يجذب إليه مشاهديه نحو القصة السينمائية بكل ما فيها من تفاصيل، مع الحرص الشديد على دقة التوقيت في إعطاء المعلومات للمشاهد. هذه الموازنة الدقيقة ترتبط كثيرا بأفلام الغموض والجريمة والرعب حيث يتلقى المشاهد التفاصيل قطرة بعد قطرة مع تتابع المشاهد وتدفق الأحداث، كما هو الحال في فيلم “لا يغتفر”.

تبدو المهارة، سواء في كتابة السيناريو أو في الإخراج، أكثر تجليّا عندما يتم اختيار الأوقات الأكثر حرجا وحبساً للأنفاس في تقديم ما ينعش رغبة المشاهد في الاكتشاف.

ينطبق هذا على فيلم “لا يغتفر” للمخرجة الألمانية نورا فينغشدت، في هذا الإنتاج الأميركي الذي تبرز فيه الممثلة اللامعة ساندرا بولوك منتجة أيضا، إلى جانب المنتج الإنجليزي غراهام كينغ والممثلة والمنتجة الألمانية فيرونيكا فيريس.

المخرجة نورا فينغشدت

مخرجة ألمانية من مواليد 1983.

درست السينما في الأرجنتين وألمانيا وبدأت أفلامها بالظهور ابتداء من عام 2008.

نالت ورشحت إلى العديد من الجوائز ومنها الترشيح لنيل الأوسكار. من أبرز أفلامها: العثور على الشيء (2005)، أوزيت (2007)، دورفماتريس (2007)، إغماء (2010)، بين السطور (2011)، ليتل براذرز (2013)، الرخصة (2016).

أزمات طاحنة

يُفتتح الفيلم بلقطات تنبئ بغموض وتفاصيل مشوشة ما نلبث أن ننتقل إثرها إلى ما بعد تلك الافتتاحية بعشرين عاما، حيث تستعد راث (ساندرا بوبلوك) للإفراج الشرطي على خلفية حُسن السلوك، وحيث يكون هناك ضابط شرطة يتولى مراقبتها خلال نيل حريتها المقيدة، لنكتشف أنه حكم عليها بالسجن عقدين من الزمن بسبب قتلها شرطيا أثناء أدائه الواجب.

على الجانب الآخر هنالك الحياة المزرية التي تنتظر راث وفيها تتجسم صورة نساء في مثل حالتها يعشن في مسكن جماعي، وعليها خلال ذلك أن تجد عملا يوفر لها مدخولا تجابه به المصاريف اليومية.

وكأنك لا تشاهد فيلما أميركيا، بل ربما هي الصورة الواقعية التقليدية للسينما في أوروبا الشرقية إذ لا شيء من البذخ الرأسمالي الأميركي، ما عدا الإنسان المنسي المسحوق الذي يركض ليل نهار من أجل لقمة العيش المرة، وها هي راث تعمل عملين ما بين مصنع للأسماك وجمعية لإيواء المشردين بسبب إتقانها أعمال النجارة.

تحفر القصة السينمائية عميقا في مشاعر الاضطهاد والريبة التي تلاحق امرأة لها ماض إجرامي، حيث ستخلص راث منهارة إلى أن لا مكان لها في حياة المجتمع الذي تعيش فيه، معلنة أن لا فرق بين طباع الناس الخشنة داخل السجن وما هو خارجه.

ثم ننتقل بعد ذلك إلى حقيقة تتسرب بنعومة في السياق الفيلمي وسوف تتكرر من خلال مشاهد الاستذكار والكوابيس التي ترافق راث وهي تعود إلى الماضي مع الطفلة كاثرين الصغيرة التي فارقتها منذ دخولها السجن ولا تعرف مصيرها.

يتحول المكان إلى سجن كبير وتبدو فيه الشخصية مثل فأر التجارب محاطة بقدرها؛ اللهاث من أجل اللحاق بموعد اللقاء الأسبوعي مع ضابط الإفراج الشرطي وتذكيرها المستمر بأن لا حق لها في التقصي عن شقيقتها بوصفها عنصرا خطرا في المجتمع ولا يسمح لها بالاقتراب من تلك الفتاة.

هذا المكان – السجن ينقسم بين السجن الحقيقي الذي خرجت منه راث والمكان الآخر الذي لا يقلّ عدوانية عن المكان الأول، حيث يتوجب على راث أن تتقبل الإهانة والاحتقار صامتة، وتلك هي صورة الاضطهاد والمرارة التي تتذبذب فيها الشخصية باحثة عن خلاصها.

غير أن ضغط المكانين ما يلبث أن يذهب براث بعيدا إلى ذلك المكان النائي، لكي تسترجع فيه شيئا من ذكرياتها، وخاصة ذكرياتها مع شقيقتها الصغيرة.

مثل هذه الحبكات الفرعية يتم بثها بعناية في هذا الفيلم بغرض تعميق الجرح الإنساني الذي يتم استشعاره من خلال شخصية راث، ولاحظ أن ممثلة كبيرة من وزن بولوك قد ظهرت على مدار الزمن الفيلمي وهي بذلك الوجه الذي يطفح بالحزن فكيف وهي تتلقى الركلات والإهانات من إحدى زميلاتها في العمل وأمام جميع العاملين ووصمها بأنها قاتلة الشرطي البريء والمتسببة في يتم أطفاله.

عند البيت القديم الذي غادرته قبل عشرين عاما إلى السجن مباشرة تنثال ذكرياتها، لكن لاحظ التحول الدرامي والحبكة الجديدة التي اشتغلت عليها المخرجة وفريق السيناريو، إذ تشاء الصدف أن يكون مالك المنزل محاميا ويرحب بها بحسن الظن، ويسمح لها بدخول المنزل متعاطفا معها لأنها تريد استرجاع ذكرياتها الماضية، لكن ذلك لن يسكت ما بداخله من شك في أن تلك المرأة تحمل وراءها سرا، وهو ما سوف تعلن هي عن جزء منه فيما سوف يكتشف المحامي الجزء الآخر، وبدافع إنساني يتبنى قضيتها في البحث عن شقيقتها والعائلة التي تبنتها بعد دخول راث السجن.

وسنتوقف هنا عند محطتين مرت بهما راث خلال تلك المحاولة اليائسة لأن تكون إنسانة طبيعية وترمّم خراب الماضي في داخلها، الأولى ستؤدي بها إلى افتضاح أنها قاتلة مفرج عنها شرطيا وذلك من خلال العلاقة الودية التي بدأت تتشكل مع زميل لها في العمل، لكنه ما يلبث أن يشي بها إلى العاملين وتكون نتيجة ذلك ما سوف تتلقاه من سوء معاملة.

أما المحطة الثانية فتتمثل في عملها في النجارة لإنشاء مأوى للمشردين، وهو الذي سوف يقودها إلى لقاء شاب مجهول، وما هو إلا أحد ابني الشرطي الذي يفترض أن راث هي التي قتلته.

الممثلة ساندرا بولوك

ممثلة أميركية من مواليد 1964

حائزة على جائزة الأوسكار وغولدن غلوب وغيرهما من الجوائز.

رشحتها مجلة تايمز عام 2010 واحدةً من 100 شخصية نسائية مؤثرة في العالم.

في أواخر الثمانينات دخلت مسارح برودواي وعرفت منذ ذلك الوقت بقدراتها التمثيلية المميزة.

ظهرت بولوك في أكثر من 50 فيلما، فضلا عن المسلسلات التلفزيونية والأفلام القصيرة، إلا أن أهم عشرة أفلام في مسيرتها هي: سرعة (1994)، وقت للقتل (1996)، أمير مصر (1998)، سيدة الانسجام (2000)، مينيون – 2025، غرافيتي (2013)، الجانب الأعمى (2009)، المشروع (2009)، الحرارة (2013)، أوشن – 8 (2018).

يقودنا ذلك إلى خط سردي آخر يرتبط براث متمثلا في ابني الشرطي القتيل، حيث يحضّ أحدهما الآخر على الاقتصاص من راث على أساس أن العدالة لم تأخذ نصيبها كاملا، وأنها لا تستحق ذلك الإفراج الشرطي بل المكوث في السجن.

غير أن إشكالية الذات الإنسانية في أزماتها الطاحنة ما تلبث أن تتشعب من منظور مجتمعي شامل؛ فالشخصيات الرئيسية كلها تقريبا ضحية المجتمع والعائلة المفككة المضطربة التي أدت إلى إلحاق الضرر بأبنائها، وبذلك يصبح الجميع ضحايا أو فلنقل إن الشخصيات المتضررة اجتماعيّا في هذه الدراما هي الضحايا الأساسيون الذين دفعوا ثمنا باهظا.

شخصيات مأزومة

هناك شخصيتا راث وشقيقتها كاثرين (الممثلة السينغ فرنسوازي)، ليستا إلا ضحيتي الأب الفاشل المدمن على المخدرات الذي ترك العبء على عاتق راث بعد وفاة والدتها لتتكفل بتربية كاثرين، ولهذا فإن مشاعر الأمومة فضلا عن مشاعر الأخوة هي الطاغية بينهما، والحاصل أن المشهد الأكثر تكرارا والذي يحفر في عمق ذاكرة راث هو مشهد الهجوم على المنزل بقصد إخراجها وشقيقتها منه تحت إشراف الشرطة.

أما تلك الذاكرة المرة فسوف تتردد مثل ظلال قاتمة في وعي ولاوعي كاثرين الفتاة المتبناة التي تعيش في كنف أسرة أخرى وهي أيضا تبحث لنفسها عن مخرج من المأزق النفسي الذي وقعت فيه.

 في موازاة هاتين الشخصيتين المأزومتين هنالك شخصيتان مقابلتان هما ابنا الشرطي، حيث يحض الابن الكبير أخاه الصغير على الاقتصاص من قاتلة والدهما، ولهذا نجده منذ بداية الفيلم منشغلا بمراقبة راث وصولا إلى التخطيط لقتلها. أما بالنسبة إلى الأخ الأصغر فإنه أكثر عقلانية لكن كثرة الإلحاح عليه سوف تدفعه إلى مراقبة راث، لكنه سوف يُصدم بأن شقيقه كان يدفعه إلى الانتقام ليس حبا في والدهما كما يزعم بل لتوريطه في قتل راث ومن ثم دخول السجن فيما يخون الشقيق مع زوجته.

الصدمة التي تحطم الشقيقان وتنهي علاقتهما إلى الأبد وتنتهي بتشريد الزوجة وطفلها لا علاقة لها ظاهريا بحالة راث، لكن كتاب السيناريو سوف يطورون المشاعر السلبية التي نشأت لدى الأخ الأصغر وهو الأكثر شعورا بمرارة فقدان الأب بما يدفعه إلى الانتقام من راث من خلال اختطاف شقيقتها، لكن يلتبس عليه الأمر فيختطف ابنة العائلة التي تؤوي كاثرين شقيقة راث ظنا منه أنها راث نفسها.

ونلاحظ هنا أن مسارات الأحداث في هذه الدراما تداخلت فيها مجموعة من الخطوط السردية لاسيما مع تطوع المحامي جون (الممثل فينسنت دونفريو) للدفاع عن راث، أو على الأقل منحها فرصة البحث عن شقيقتها في إطار مسعى إنساني لا أكثر.

في إطار مجريات الأحداث كنا قد ذكرنا أن المخرج وكاتب السيناريو البارع هو الذي يتمكن من السيطرة على مجريات الأحداث والزمن الذي يضخ فيه تلك المعلومات التي يكشف من خلالها عن اتجاهات شخصياته.

هنا تم صهر وتصعيد نزعة الانتقام بشكل بطيء بالنسبة إلى الأخ الأصغر الذي كان قد عد موت والده موضوعا انطوى، بل إنه يكنّ له شعورا بالغضب لأنه ربما يكون السبب في الحالة التي وصلت إليها والدته من خلال إدمانها على المخدرات وكونها تعيش راهنا ما بين الموت والحياة.

هذه الدراما مثلت دائرة متكاملة مغلقة على الشخصيات وكان لا بد من لحظة انفجار ولا نقول مرحلة تطهير نهائية تعيد الأمور إلى نصابها وتكشف عن الحقائق المريرة.

من جهة أخرى هنالك والدا كاثرين بالتبني، وهما وحدهما يحتلان مساحة من الأحداث لاسيما أنهما يعيشان قلقا متواصلا خوفا من ظهور شقيقة كاثرين ومطالبتها بها، وهو ما يقع فعلا فالمواجهة الدرامية الحاسمة سوف تظهر من خلال مشاعر مريرة، فالأم التي احتضنت تلك الطفلة صغيرة ورعتها حتى صارت موسيقية بارعة تقابلها الأم والأخت التي ربتها صغيرة واحتضنها حتى كبرت، وبذلك تجد كاثرين نفسها أسيرة القوتين اللتين تجذبانها كل في اتجاه، فهنالك الشقيقة الكبرى التي ترتبط معها بذكريات طفولة متشابكة لم تعد حاضرة في ذكرياتها، وهنا في المقابل الوالدان اللذان أنشآها وكبرت في حضنيهما وتحت رعايتهما.

الدراما الفيلمية

لا يكتفي فريق كتاب السيناريو في هذا الفيلم بحدود تلك الدوائر التي تدور فيها الشخصيات وفي كل مرة تكتشف حقيقة جديدة، بل إنه يذهب إلى بث حبكة فرعية أخيرة تتمثل في الفضول الذي يدفع إيميلي (الممثلة ايما نيلسون) -وهي شقيقة كاثرين في إطار التبني- إلى البحث عن السر الذي يتهامس به والداها، والمرتبط بحقيقة شخصية كاثرين، وهو ما سوف تكتشفه تباعا ومن ذلك تعمد والديها إخفاء كافة الرسائل التي كانت تصل إلى كاثرين من شقيقتها وهي في السجن، وكل همها وقلقها من تلك المراسلات الاطمئنان على كاثرين لا غير وهو المطلب الرئيسي بالنسبة إلى راث خلال لقائها الأول مع الأب والأم اللذين تبنيا كاثرين.

كثافة الأحداث وتنوعها في هذه الدراما الفيلمية ربما تصدق عليهما مقولة الناقد أودي هندرسون في موقع رجر إيبيرت الشهير لنقد الأفلام، فهو يرى هذا الفيلم كأنه ثلاثة أفلام تم حشرها في فيلم واحد، وذلك بسبب وجود مرويات داخل القصة السينمائية كل منها تحيل إلى شبكة سردية ونوع من الصراع بين الشخصيات، ومن وجهة نظر هذا الناقد أن القصة السينمائية بدت متشظية ومتعبة في هذه الدراما المتصاعدة.

القصة ما تلبث أن تتشعب من منظور مجتمعي شامل، فالشخصيات الرئيسية كلها تقريبا ضحية المجتمع والعائلة المفككة

أما إذا ذهبنا إلى الأسلوب الذي اشتقته المخرجة لتتويج تلك الدراما بحسب النهاية التي تريد أن تتوج بها كل تلك الخطوط الدرامية المتقاطعة، فيمكننا التوقف عند عملية الاختطاف التي تعرضت لها إيميلي ظنا من الخاطف أنها أخت راث، وبهذا تتعقد القصة الدرامية لاسيما وأن التحول قد وقع عندما قررت راث أن تعرض نفسها إلى الخطر في مواجهة شخص مسلح، في وقت كان والداها يحضّران أمسية موسيقية لكاثرين.

أجواء التقلب في هذا التتابع الأخير للمشاهد واللقطات كانت علامة فارقة في هذه الدراما الفيلمية.

من جانب آخر لا بد من التوقف عند العناصر الفنية والجمالية التي قوّت هذه الدراما وجعلتها بهذا الشكل الذي شاهدناه، ومن ذلك سنتوقف عند مدير التصوير الذي سبق أن نال جائزة الأوسكار، وهو غوليرمو نافارو (مواليد 1955) الذي عزز كافة العناصر القوية لجماليات الصورة، ومن ذلك مشاهد الحركة والتنوع الكبير في المكان وأعمال تفصيلية ظهرت فيها بصمته في مجال إدارة التصوير، حيث سبق له أن أدار تصوير العشرات من الأفلام الطويلة والقصيرة والمسلسلات.

فيما أكمل عناصر الصورة المؤلف الموسيقي الألماني المرموق هانس زيمر الذي سبق أن نال جائزة الأوسكار عن موسيقى فيلم “الأسد الملك”، وهو مؤلف موسيقي يتميز بحسه المرهف ومعرفته دواخل الشخصية والتعبير عنها فضلا عن أنه أسقط الكثير من الجوانب الحسية وهو يتأمل في مصير الشخصيات وهي تواجه أقدارها. وفضلا عن جائزة الأوسكار سبق لزيمر أن نال ترشيحات مهمة في مسابقة غولدن غلوب ومسابقة غرامي وغيرها.

كاتب عراقي مقيم في لندن

 

العرب اللندنية في

19.12.2021

 
 
 
 
 

تسع دول عربية تتنافس على جوائز الأوسكار

وفيلم سوري من الجولان يمثل فلسطين

حسام عاصي

لوس أنجليس – القدس العربي»: يترقب صناع الأفلام العالمية هذا الأسبوع الإعلان عن القائمة المصغرة التي تضم خمسة عشر فيلماً يختارها أعضاء لجنة الأكاديمية للأفلام الروائية الطويلة الدولية من أفلام تمثل ثلاثا وتسعين دولة في منافسة الأوسكار لأفضل فيلم عالمي.

تلك الأفلام تختارها لجان رسمية وطنية، ترسلها للأكاديمية وتتكلف بالدعاية لها باعتبارها أفضل إنتاج فني محلي. ومن أهم معايير اختيار الفيلم هو اشتراكه أو فوزه بجوائز أبرز المهرجانات السينمائية، مثل كان الفرنسي، والبندقيةالإيطالي، وبرلين الألماني وتورنتو الكندي. فثلاثة من الأفلام العربية عرضت في البندقيةوثلاثة أخرى شاركت في منافسات كان.

مشاركات عربية واسعة

تسع دول عربية بعثت أفلاما للمنافسة هذا العام، لكن الاردن سحب منافسته وهو فيلم المخرج المصري محمد دياب «أميرة» ، بعد تعرضه لحملة استنكار على مواقع التواصل الاجتماعي عقب عرضه هناك قبل أسبوعين من أجل ألتأهل للمشاركة في منافسة الأوسكار. الفيلم يحكي قصة فتاة فلسطينية تكتشف أنها ليست أبنة والدها الفلسطينيي السجين بل أبنة سجان إسرائيلي استبدل نطفة والدها التي هربها من أجل تخصيب أمها. ومع أن غاية الفيلم كانت الكشف عن بشاعة المحتل إلا أن الكثير أعتبروه مسيئا للأسرى لأن طرحه يثير الشك بأوبة أطفالهم.

أما مصر فقد أرسلت فيلم آيتن أمين «سعاد» الذي كان ضمن الاختيارات الرسمية لمهرجان كان عام 2020. لكنه لم يعرض هناك لأن المهرجان ألغي آنذاك بسبب جائحة كورونا.

الفيلم يدور حول طالبة جامعية تعيش حياتين متناقضتين. ففي حياتها الواقعية هي فتاة محتشمة ومطيعة لعائلتها المحافظة وتواظب على الصلاة، لكن في العالم الافتراضي تغازل الشباب على مواقع التواصل الاجتماعي وترسل لهم صورها المغرية وتجري حوارات جنسية مع حبيب لا تعرفه.

بينما يمثل فلسطين فيلم المخرج السوري أمير فخر الدين «غريب» الذي يعتبر أول إنتاج من هضبة الجولان، وحصل على أول عرض له في مهرجان فينسيا الأخير في فئة أيام فينيسيا. ويذكر أن فلسطين رُشحت مرتين لهذه الجائزة عن فيلمي هاني أبو أسعد «الجنة الآن» عام 2007 و»عمر» عام 2014.

الغريب، من بطولة ممثلين فلسطينيين، ويحكي قصة شاب يدعى عدنان، الذي يجسد دوره أشرف برهوم، يترك دراسة الطب في روسيا ويعود الى الجولان بعد وفاة والده (محمد بكري) الذي كان رافضاً له وحرمه من كل أملاكه. فيتزوج عدنان من حبيبته ويستولي على حقل تفاح والده، لكن تنتابه الكوابيس أينما ذهب، فيلجأ الى الخمر للفرار من ألمه.

حضور المغرب العربي

وللعام التالي على التوالي، ترسل الجزائر فيلم جعفر قاسم «هليوبولس» الذي سحبه مخرجه العام الماضي من المنافسة لعدم عرضه في قاعات السينما بسبب الجائحة.

ويذكر أن الجزائر هي الدولة العربية الوحيدة التي فازت بجائزة الأوسكار وذلك عن فيلم اليوناني كوستا غافراس «زد» ، عام 1969. ونالت لاحقاً أربعة ترشيحات أخرى. لكن جميع تلك الأفلام كانت ناطقة بالفرنسية.

«هليوبوليس» يتناول مجازر دامية ارتكبها الاستعمار الفرنسي في الثامن من مايو/آيار عام 1945 في بلدة هليوبوليس الجزائرية من خلال طرح قصة صراع في عائلة ثرية بين أب وابنه حول سبل التعامل مع الفرنسيين.

وللمرة الخامسة يمثل المغرب فيلم لنبيل عيوش وهو «علي صوتك» الذي بات أول فيلم مغربي يشارك في منافسة مهرجان كان الرئيسية بعد اختياره هذا العام.

الفيلم يمزج الوثائقي بالروائي ليطرح قصة فرقة «هيب هوب» يستخدم أعضاؤها تلك الموسيقى للتعبير عن أنفسهم ولتحدي القيود الاجتماعية والدينية والسياسية التي تفرض عليهم هوية لا تتطابق مع نظرتهم للحياة أو مع أفكارهم المعاصرة.

أما تونس فاختارت فيلم عبد الحميد بوشناق «فرططو الذهب». ويذكر أن تونس رُشحت للجائزة لأول مرة العام الماضي عن فيلم كوثر بن هنية «الرجل الذي باع ظهره» .

ويحكي «فرططوا الذهب» قصة ضابط شرطة ذي ماضٍ دموي، يلتقي بصبي غريب الأطوار يعاني من مرض قد يفقده بصره، فيأخده في رحلة لرؤية الكثير من الأشياء قبل تدهور حالته.

بينما رشح العراق فيلم حيدر رشيد «أوروبا» الذي عرض في فئة أسبوعي المخرجين في مهرجان كان الأخير. الفيلم يتناول مخاطر تسلل الحدود الأوروبية الشرقية من خلال قصة لاجئ عراقي يُهرّب مع مجموعة من اللاجئين من تركيا إلى بلغاريا، حيث يقابله حراس الحدود بالنار والعصي، فيهرب إلى داخل غابة، فيلاحقه صيادو اللاجئين، الذين يقتلون كل من يقع تحت قبضتهم ويسرقون ممتلكاتهم.

أما السعودية فتشارك بفيلم عبد العزيز الشلاحي «حد الطار» الذي حصل على عرضه الأول في مهرجان القاهرة العام الماضي.

الفيلم يحكي قصة دايل بن السياف، الذي يقع في حب ابنة مطربة شعبية، لكن عمه يعارض زواجه منها ويطالبه بممارسة مهنة والده وهي تنفيذ أحكام الإعدام بالسيف. فيرفض ويصر على الزواج من حبيبته، التي تخفي سرا يجعله يتردد في قراره.

بينما يمثل لبنان فيلم مونيا عقل «كوستا برافا» ، الذي عُرض لأول مرة في مهرجان فينيسا، وفاز لاحقا بجائزة «نتباك» في مهرجان تورنتو وتلاها بجوائز أخرى في مهرجاني لندن والجونة، ما يجعله أقوى الأفلام العربية في هذه المنافسة، والأوفر حظًا لدخول القائمة المصغرة، وربما يحقق ترشيحاً ثالثا للبنان الذي نال من قبل ترشيحين عن فيلم زياد دويري قضية ثلاثة وعشرين ونادين لبكي» كفرناحوم» .

الفيلم يحكي قصة عائلة تعيش في الجبال اللبنانية بعيدا عن بيروت الملوثة، وتنقلب حياتها المثالية رأسا على عقب عندما تنشىء الحكومة مكب نفايات بجانب بيتهم وتشتعل الخلافات بين أفرادها حول البقاء أو النزوح.
الملاحظ أن معظم شخصيات الأفلام العربية هذا العام تعيش في صراع مع هويتها ومحيطها أو تبحث عن هوية. كما يلاحظ أيضًا أن العديد من أفلام الدول الأخرى يطرح أزمة الهوية التي تعاني منها البشرية على خلفية العولمة وثورة الاتصالات.

خلافا للأعوام السابقة، لم يبرز فيلم واحد هذا العام في هذه المنافسة، لكن لا يستبعد أن يفوز بها للمرة الثالثة المخرج الإيراني أصغر فرهادي عن فيلمه A Hero، الذي تشاطر الجائزة الكبرى في مهرجان كان مع الفيلم الفنلندي «المقصورة رقم ستة» وهو أيضا يعتبر منافسا قويا لجائزة الأوسكار. بينما يتصدر الفيلم الياباني «قودي سيارتي» ، تكهنات الفوز بالأوسكار بفضل فوزه في كل منافسات هذا الموسم حتى الآن مع أن كلها جوائز نقاد.

بإمكان أي عضو من أعضاء الأكاديمية البالغ عددهم عشرة آلاف المشاركة في اختيار خمسة أفلام من القائمة المصغرة للترشح للأوسكار. هذه القائمة سيعلن عنها في الثامن من فبراير/شباط، ثم يشارك كل أعضاء الأكاديمية في اختيار الفيلم الفائز، الذي سيعلن عنه في حفل توزيع جوائز الأوسكار في السابع والعشرين من شهر مارس/آذار المقبل.

 

القدس العربي اللندنية في

19.12.2021

 
 
 
 
 

فيلم "المواجهة".. جندي مارينز في مهمة إنقاذ وهمية

طاهر علوان

عالم ديستوبي يتآكل بالتزامن مع ضعف الإنسان الذي تلاحقه الأوبئة.

على افتراض فناء العالم بالتدريج بسبب عدوان خارجي غير مسيطر عليه سوف تمضي قصص الديستوبيا وقراءة مستقبل البشرية الغامض والمليء بالتحديات، وكل ذلك في إطار أسئلة تحاول اقتفاء أثر المجهول ورسم صورة نهاية العالم الذي يتآكل بالتزامن مع ضعف الإنسان القادم من الحروب والصراعات والذي تلاحقه الأوبئة. وفق هذه الخلفية الإشكالية يأتي فيلم “المواجهة” للمخرج الأميركي ميكائيل بيرس.

يقع فيلم “المواجهة” في التسلسل العشرين للمخرج الأميركي الشاب ميكائيل بيرس، بعد إخراجه عددا من الأفلام القصيرة والمسلسلات التلفزيونية، ليكون روائيّه الطويل هذا الثاني له.

ويضعنا الفيلم منذ مشاهده الأولى أمام تحدّ تواجهه الإنسانية متمثلا في الحشرات والبكتيريا والجراثيم التي تحاصر الكائن البشري من كل جانب، وهي حقيقة، لاسيما وأن إنتاج هذا الفيلم يتزامن مع تفاعلات تفشي وباء كوفيد – 19 والمتحوّرات الناشئة عنها والتي جعلت الكائن البشري هشا وعديم الحيلة أمامها.

وبعد لقطات متتابعة أدركنا من خلالها كيف تتغلغل الطفيليات والحشرات في داخل الجسم البشري من الجلد إلى تجاويف الأنسجة والأوعية الدموية وهو كابوس افتراضي، نجد على الجانب الآخر الجندي السابق في المارينز ماليك ويؤدّي دوره الممثل ريز أو رضوان أحمد، وهو ممثل بريطاني من أصول باكستانية من مواليد العام 1982، وقد جسّد عشرات الأدوار منذ انطلاقته قبيل حوالي خمسة عشر عاما.

ماليك، جندي المارينز الذي يكتب لابنه الصغير الرسائل على فرض أنه يقوم بمهمة أخرى، ليس إلاّ سجين تحرّر مؤخرا بعد الإفراج الشّرطي بسبب عنفه المفرط وعدوانيته، ليجد نفسه، بعد مغادرته السجن محمّلا بعقدة الكائنات الفضائية الغازية التي أرسلت إلى الأرض البكتيريا والطفيليات والحشرات الصغيرة والمجهرية، وعلى هذا فإن زوجته ليا من وجهة نظره هي إحدى ضحايا ذلك الغزو وأنها تعاني الأمرّين وتغزو جسمها الديدان.

ها نحن مع ماليك وهو يصحب طفليه في رحلة ليلية هي بمثابة مفاجأة لهما، ثم ليفصح عن حقيقة أن الولاية التي كانوا يسكنون فيها أصبحت بؤرة لتلك البكتيريا والحشرات، ولهذا يجب التسلّح بمبيدات الحشرات على الدوام ضدّ أي هجوم محتمل للحشرات، فضلا عن الإجلاء عن المدن المصابة، وهو ما يقوم به ماليك من خلال إجلاء ولديه والهرب بهما بعيدا.

الفيلم يطنب في مزجه بين الحركة والجريمة وسينما الطريق، ليرتدّ العالم الديستوبي الذي هو أساس الدراما إلى الخلف

هذا الإيهام والالتباس هو الخط الدرامي والسردي الأساسي الذي انشغل به المخرج، وهو أيضا مشارك في كتابة السيناريو وقد زجّنا فيه وحرص على إبقاء الشخصية الرئيسية غارقة في ذلك الإحساس بالخطر الذي يدفع ماليك لإنقاذ طفليه، فيما يبعد عنهما فكرة إنقاذ والدتهما.

وفي إطار كشف المعلومات التي تدفع المُشاهد على متابعة أحداث الفيلم سوف نكتشف أن ماليك خاضع للإفراج الشّرطي، وأن ما قام به يقترب من جريمة اختطاف الطفلين مع دفاع الشرطية المسؤولة عن مراقبته وحسن نيتها به، وأنه لن يؤذي الطفلين، إلاّ أن السلطات تستعدّ لمواجهة مجرم خطير ومسلح قام بعملية اختطاف خطيرة.

من هنا سوف ننتقل بهذه الدراما الفيلمية إلى مستويات معقدة ومتشعّبة من التصعيد، فمن جهة أصبحنا أمام نوع من أفلام الطريق من خلال رحلة ماليك وولديه وما يدور بينهما من حوارات، وصولا إلى أولى المواجهات التي تقع له في الطريق وأول ضحاياه هو رجل شرطة.

الحاصل أن جماليات دراما الطريق تلك والمشاهد الليلية في الغالب سوف تنقلب إلى دراما جريمة ومواجهات دامية متوالية سواء في ضرب الشّرطي وتركه مرميا على قارعة الطريق أو ضرب صاحب المتجر حتى كاد يفقد حياته، انتهاء بالمواجهة بالأسلحة الأوتوماتيكية مع ابنيه.

هذا المزيج ما بين الحركة والعنف والجريمة وسينما الطريق وملاحقة أجهزة فرض القانون لماليك كلها سوف تحتشد في هذا الفيلم ليكون العالم الديستوبي الذي افتتحنا به تلك الدراما في الخلف، بمعنى آخر إنه دافع كاف لهلع ماليك وسعيه للنجاة بنفسه وطفليه من الكارثة المقبلة، وهو ما جسّده مرارا في سلسلة من الرسوم التي تفصح عمّا يدور في رأسه من تخيلات تقترب من الهلوسات والخوف المرضي.

في المقابل لن نلمس لدى الشخصيات المقابلة نفس ذلك التوجّس، بل إنهم يلتقون على فرضية أن ماليك مجرد محارب خرج من حروب أميركا، وهو يعاني من متلازمة ما بعد الصدمة التي تؤجّج في داخله المخاوف الهستيرية التي ربما تعود إلى إدراكه بوجود تلك الأسلحة التي تعتمد الجراثيم والبكتيريا وتطوير الحشرات جينيا.

وها نحن ننتقل في القسم الثاني من الفيلم إلى لعبة الكرّ والفرّ والتي سوف يشارك فيها الطفلان اضطرارا، وذلك دفاعا عن والدهما وخاصة الطفل الصغير الذي سيكمل مهمة الوالد بقيادة السيارة بعيدا من أجل جلب الدواء له، ولنمضي بعد ذلك مع المزيد من المواجهات العنيفة التي يسعى ماليك لخوضها إلى نهاياتها.

ولمنح الفيلم منحى أكثر عاطفية، كان لا بد لتلك المواجهة أن تصل إلى الكثير من التحشيد النفسي والعاطفي ما بين ماليك وطفليه وبين قوات الشرطة والقناصين الذين توصلوا أخيرا إلى مكانه، فإما قتله أو أن يسلم نفسه وطفليه، وذلك ما يقع بالنتيجة.

كاتب عراقي مقيم في لندن

 

العرب اللندنية في

20.12.2021

 
 
 
 
 

Spider-Man: No Way Home Movie وتحية لمحبي العنكبوت!

البلاد - طارق البحار:

بعد أن يكتشف العالم أن بيتر باركر (توم هولند) هو الرجل العنكبوت أو سبايدر مان“، يلجأ ويقترب من ”دكتور سترينج“ (الذي يجسده بنديكت كومبرباتش) لإصلاح المشكلة!

تم تقديم الفيلم أولا للصحافة والإعلام والسوشيال ميديا وعدد من المدعوين في سينماءات سينيبوليس بتنظيم وحضور كبير لمشاهدة هذا الفيلم المنتظر في شاشاتها العملاقة والمتنوعة، وبعد حصوله على تقييمات مرتفعة بين النقاد الأمريكيين، وتبدأ قصة الفيلم بكشف حقيقة شخصية الرجل العنكبوت مرة أخرى في عصر رايمي ماغواير، عندما نشر رئيس تحرير صحيفة المدينة جي جوناه جيمس الخبر في كل مكان في تحديث ساخر عندما عاد كمقدم موقعه الإخباري، وأنه لا يزال يكره قصة الرجل العنكبوت، خصوصا بعد أن أصبح “بيتر باركر” المتهم الأول بقتل “ماستريو” ونشر الفوضى في المدينة كلها، حيث يلجأ الأخير إلى ”دكتور سترينج“ في محاولة لمحو ما حدث واستعادة سرية هويته، وخلال ذلك يجد باركر نفسه في مواجهة مع أعداء من عوالم آخرى، فيتغير كل ما كان مخطط له خصوصا مع ظهور الأشرار من سلسلة Spider Man السابقة.

في هذا الفيلم قام المخرج جون واتس بعمل جدير بالثناء في الحفاظ على الفكاهة والشعور والمشاعر من الإفلام السابقة، مع الكثير فواصل الفكاهة تتخللها الاحداث وفي النقاط الرئيسة، مع تصوير متقدم جدا.

بالحديث عن الأداء، هناك الكثير من الأسماء في هذا الفيلم على سبيل المثال توم هولاند، وزندايا، وبينيديكت كامبرباتش، وماريسا تومي الذين برعوا في أدوارهم، مع إشارة خاصة لهولند الذي قام بعمل رائع لتصوير الاضطراب الداخلي الذي تواجهه شخصيته، من ناحية أخرى يبدو أن جون فافرو غير مستغل بشكل رهيب على الرغم من كونه ممثلا رائعا، ويبدو أنه ”هبط“ إلى دور جانبي، جاكوب باتالون قام بعمل جدير بالثناء كأفضل صديق لبيتر باركر خصوصا مع فواصله الهزلية.

كان عمر هولند 19 عاما فقط عندما فاز بهذا الدور (ظهر لأول مرة في "كابتن أمريكا: الحرب الأهلية" في العام 2016). وعلى الرغم من أن بيتر بدا دائما أصغر سنا من سابقيه ماغواير وغارفيلد، إلا أنه برع بسرعة في هذا الدور.

من حيث الموسيقى مايكل جياكهينو قدم افضل ما عنده بموسيقاه التي سايرت الأحداث، العمل معتمد على الشاشة الخضراء أو CGI وVFX من الدرجة الأولى وتنفيذها لا تشوبه شائبة لتقديم مشهد بصري سلس، وتستحق الحوارات إشارة خاصة لتقديمها بأسلوب بارع ومضحك وعدد قليل منها سيتم استقبالها بالتصفيق والصفارات في دور السينما حول العالم كما حدث مؤخرا في البحرين.

 

البلاد البحرينية في

20.12.2021

 
 
 
 
 

حظوظ السينما العربية وتكهنات الفوز بأوسكار أفضل فيلم أجنبي لعام 2022

دبي ـ «سينماتوغراف»

يترقب صناع الأفلام العالمية هذا الأسبوع الإعلان عن القائمة المصغرة التي تضم خمسة عشر فيلماً يختارها أعضاء لجنة الأكاديمية للأفلام الروائية الطويلة الدولية من أفلام تمثل ثلاثاً وتسعين دولة في منافسة الأوسكار لأفضل فيلم عالمي.

تلك الأفلام تختارها لجان رسمية وطنية، ترسلها للأكاديمية وتتكلف بالدعاية لها باعتبارها أفضل إنتاج فني محلي. ومن أهم معايير اختيار الفيلم هو اشتراكه أو فوزه بجوائز أبرز المهرجانات السينمائية، مثل كان الفرنسي، والبندقية الإيطالي، وبرلين الألماني وتورنتو الكندي. فثلاثة من الأفلام العربية عرضت في البندقية وثلاثة أخرى شاركت في منافسات كان، فهل لهذه الأعمال حظوظ ضمن منافسات أوسكار 2022؟.

تسع دول عربية بعثت أفلاماً للمنافسة هذا العام، لكن الاردن سحب منافسته وهو فيلم المخرج المصري محمد دياب «أميرة» ، بعد تعرضه لحملة استنكار على مواقع التواصل الاجتماعي عقب عرضه هناك قبل أسبوعين من أجل ألتأهل للمشاركة في منافسة الأوسكار. الفيلم يحكي قصة فتاة فلسطينية تكتشف أنها ليست أبنة والدها الفلسطينيي السجين بل أبنة سجان إسرائيلي استبدل نطفة والدها التي هربها من أجل تخصيب أمها. ومع أن غاية الفيلم كانت الكشف عن بشاعة المحتل إلا أن الكثير أعتبروه مسيئا للأسرى لأن طرحه يثير الشك بأوبة أطفالهم.

أما مصر فقد أرسلت فيلم آيتن أمين «سعاد» الذي كان ضمن الاختيارات الرسمية لمهرجان كان عام 2020. لكنه لم يعرض هناك لأن المهرجان ألغي آنذاك بسبب جائحة كورونا.

الفيلم يدور حول طالبة جامعية تعيش حياتين متناقضتين. ففي حياتها الواقعية هي فتاة محتشمة ومطيعة لعائلتها المحافظة وتواظب على الصلاة، لكن في العالم الافتراضي تغازل الشباب على مواقع التواصل الاجتماعي وترسل لهم صورها المغرية وتجري حوارات جنسية مع حبيب لا تعرفه.

بينما يمثل فلسطين فيلم المخرج السوري أمير فخر الدين «غريب» الذي يعتبر أول إنتاج من هضبة الجولان، وحصل على أول عرض له في مهرجان فينسيا الأخير في فئة أيام فينيسيا. ويذكر أن فلسطين رُشحت مرتين لهذه الجائزة عن فيلمي هاني أبو أسعد «الجنة الآن» عام 2007 و»عمر» عام 2014.

الغريب، من بطولة ممثلين فلسطينيين، ويحكي قصة شاب يدعى عدنان، الذي يجسد دوره أشرف برهوم، يترك دراسة الطب في روسيا ويعود الى الجولان بعد وفاة والده (محمد بكري) الذي كان رافضاً له وحرمه من كل أملاكه. فيتزوج عدنان من حبيبته ويستولي على حقل تفاح والده، لكن تنتابه الكوابيس أينما ذهب، فيلجأ الى الخمر للفرار من ألمه.

وللعام التالي على التوالي، ترسل الجزائر فيلم جعفر قاسم «هليوبولس» الذي سحبه مخرجه العام الماضي من المنافسة لعدم عرضه في قاعات السينما بسبب الجائحة.

ويذكر أن الجزائر هي الدولة العربية الوحيدة التي فازت بجائزة الأوسكار وذلك عن فيلم اليوناني كوستا غافراس «زد» ، عام 1969. ونالت لاحقاً أربعة ترشيحات أخرى. لكن جميع تلك الأفلام كانت ناطقة بالفرنسية.

«هليوبوليس» يتناول مجازر دامية ارتكبها الاستعمار الفرنسي في الثامن من مايو عام 1945 في بلدة هليوبوليس الجزائرية من خلال طرح قصة صراع في عائلة ثرية بين أب وابنه حول سبل التعامل مع الفرنسيين.

وللمرة الخامسة يمثل المغرب فيلم لنبيل عيوش وهو «علي صوتك» الذي بات أول فيلم مغربي يشارك في منافسة مهرجان كان الرئيسية بعد اختياره هذا العام.

الفيلم يمزج الوثائقي بالروائي ليطرح قصة فرقة «هيب هوب» يستخدم أعضاؤها تلك الموسيقى للتعبير عن أنفسهم ولتحدي القيود الاجتماعية والدينية والسياسية التي تفرض عليهم هوية لا تتطابق مع نظرتهم للحياة أو مع أفكارهم المعاصرة.

أما تونس فاختارت فيلم عبد الحميد بوشناق «فرططو الذهب». ويذكر أن تونس رُشحت للجائزة لأول مرة العام الماضي عن فيلم كوثر بن هنية «الرجل الذي باع ظهره» .

ويحكي «فرططوا الذهب» قصة ضابط شرطة ذي ماضٍ دموي، يلتقي بصبي غريب الأطوار يعاني من مرض قد يفقده بصره، فيأخده في رحلة لرؤية الكثير من الأشياء قبل تدهور حالته.

بينما رشح العراق فيلم حيدر رشيد «أوروبا» الذي عرض في فئة أسبوعي المخرجين في مهرجان كان الأخير. الفيلم يتناول مخاطر تسلل الحدود الأوروبية الشرقية من خلال قصة لاجئ عراقي يُهرّب مع مجموعة من اللاجئين من تركيا إلى بلغاريا، حيث يقابله حراس الحدود بالنار والعصي، فيهرب إلى داخل غابة، فيلاحقه صيادو اللاجئين، الذين يقتلون كل من يقع تحت قبضتهم ويسرقون ممتلكاتهم.

أما السعودية فتشارك بفيلم عبد العزيز الشلاحي «حد الطار» الذي حصل على عرضه الأول في مهرجان القاهرة العام الماضي.

الفيلم يحكي قصة دايل بن السياف، الذي يقع في حب ابنة مطربة شعبية، لكن عمه يعارض زواجه منها ويطالبه بممارسة مهنة والده وهي تنفيذ أحكام الإعدام بالسيف. فيرفض ويصر على الزواج من حبيبته، التي تخفي سرا يجعله يتردد في قراره.

بينما يمثل لبنان فيلم مونيا عقل «كوستا برافا»، الذي عُرض لأول مرة في مهرجان فينيسا، وفاز لاحقا بجائزة «نتباك» في مهرجان تورنتو وتلاها بجوائز أخرى في مهرجاني لندن والجونة، ما يجعله أقوى الأفلام العربية في هذه المنافسة، والأوفر حظًا لدخول القائمة المصغرة، وربما يحقق ترشيحاً ثالثا للبنان الذي نال من قبل ترشيحين عن فيلم زياد دويري قضية ثلاثة وعشرين ونادين لبكي» كفرناحوم» .

الفيلم يحكي قصة عائلة تعيش في الجبال اللبنانية بعيدا عن بيروت الملوثة، وتنقلب حياتها المثالية رأسا على عقب عندما تنشىء الحكومة مكب نفايات بجانب بيتهم وتشتعل الخلافات بين أفرادها حول البقاء أو النزوح.

الملاحظ أن معظم شخصيات الأفلام العربية هذا العام تعيش في صراع مع هويتها ومحيطها أو تبحث عن هوية. كما يلاحظ أيضًا أن العديد من أفلام الدول الأخرى يطرح أزمة الهوية التي تعاني منها البشرية على خلفية العولمة وثورة الاتصالات.

خلافا للأعوام السابقة، لم يبرز فيلم واحد هذا العام في هذه المنافسة، لكن لا يستبعد أن يفوز بها للمرة الثالثة المخرج الإيراني أصغر فرهادي عن فيلمه A Hero، الذي تشاطر الجائزة الكبرى في مهرجان كان مع الفيلم الفنلندي «المقصورة رقم ستة» وهو أيضا يعتبر منافساً قوياً لجائزة الأوسكار. بينما يتصدر الفيلم الياباني «قودي سيارتي»، تكهنات الفوز بالأوسكار بفضل فوزه في كل منافسات هذا الموسم حتى الآن مع أن كلها جوائز نقاد.

بإمكان أي عضو من أعضاء الأكاديمية البالغ عددهم عشرة آلاف المشاركة في اختيار خمسة أفلام من القائمة المصغرة للترشح للأوسكار. هذه القائمة سيعلن عنها في الثامن من فبراير، ثم يشارك كل أعضاء الأكاديمية في اختيار الفيلم الفائز، الذي سيعلن عنه في حفل توزيع جوائز الأوسكار في السابع والعشرين من شهر مارس المقبل.

 

موقع "سينماتوغراف" في

20.12.2021

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004