ملفات خاصة

 
 
 

In the Heights..

فيلم للباحثين عن البهجة

عصام زكريا

جوائز الأكاديمية الأمريكية للفيلم

الدورة الرابعة والتسعون

   
 
 
 
 
 
 

بداية من عنوانه In the Heights" في المرتفعات"، يؤكد هذا الفيلم هويته وخصوصيته، يشير العنوان إلى منطقة سكنية مرتفعة اسمها واشنطن هايتس، مع أنها لا تقع في ولاية واشنطن، ولكن في مانهاتن في ولاية نيويورك، وهي عبارة عن حي فقير معظم سكانه من المهاجرين اللاتينيين.

قبل الفيلم يشير العنوان إلى مسرحية موسيقية شهيرة عرضت على مسارح برودواي لسنوات، وظلت مشروعاً سينمائياً لأكثر من 10 سنوات، قبل أن يتحقق أخيراً بظهور هذا الفيلم.

من أسماء الممثلين على البوستر تتأكد مرة ثانية هوية الفيلم، جميعهم تقريباً من أصول لاتينية، وكثير منهم غير معروفين: أنتوني راموس، ميلسا باريرا، ليزلي جريس مع بعض ممثلي الأدوار الثانية القدامى مثل جيمي سميتز وأولجا ميريدز.

أما الإخراج فقد تم إسناده إلى جون إم تشو، وهو مخرج أمريكي من أصل صيني اشتهر بأعماله الموسيقية والكوميدية ومنها فيلم "أسيويون أثرياء مجانين "Crazy Rich Asians الذي حقق نجاحاً عالمياً كبيراً.

منذ الدقائق الأولى لفيلم «في المرتفعات» ندرك أننا أمام عمل موسيقي كوميدي شبيه بحكايات الأطفال Fairy Tales، وبالفعل يبدأ الفيلم بالشاب ذي الاسم المضحك يوسنافي (أنتوني راموس) يحكي الفيلم لمجموعة من الأطفال المبهورين. إنه يحكي لهم بالغناء والموسيقى قصة حيهم، وأشهر سكانه، الذين سيصبحون أبطال قصتنا خلال دقائق.

يوسنافي مهاجر جاء مع والديه من جمهورية الدومينكان وهو طفل صغير، وبعد وفاة والديه تبنته السيدة أبويلا كلاوديا (أولجا ميرديز) المهاجرة من كوبا، والتي تعتبر الأم الروحية لمعظم سكان الحي.

مثل معظم الأحياء الشعبية الفقيرة، هناك صفتان يتسم بهما معظم السكان: الحلم الفردي بالخروج من الحي الفقير وشق مستقبل أفضل في مكان أفضل، والارتباط بالحي والجماعة التي يجمع بينها الحب والتضامن والثقافة الواحدة.

هكذا يحلم يوسنافي، وتحلم نينا (ليزلي جريس) التي أنفق والدها معظم أمواله على تعليمها في انتظار اليوم الذي تتخرج فيه وتصبح شابة ذات شأن في المجتمع، وهكذا يحلم الكثيرون بتغيير حياتهم، ولكن هذا الحلم يقابله رغبة مضادة في البقاء داخل الحي: يوسنافي لأنه يحب الفتاة الجميلة فانيسا (ميلسا باريرا) ونينا لأنها خائفة من العالم الخارجي الذي ينظر للمهاجرين بعنصرية وازدراء.

ذات يوم يكتشف يوسنافي أن واحدة من تذاكر اليانصيب التي يبيعها كسبت 96 ألف دولار، ويحلم كل شخص في الحي قام بشراء تذكرة بما يمكن أن يفعله لو كانت التذكرة الفائزة من نصيبه.

يذكر هذا الجزء من الفيلم ببعض الميلودرامات المصرية القديمة، مثل «العز بهدلة» لشالوم و«أبو حلموس» لنجيب الريحاني و«المعلم بحبح» لفؤاد الجزايرلي، حيث تستكشف هذه الأفلام فكرة سقوط الثروة فجأة على حي شعبي وتأثيرها على أفراده.

ومثل حكايات الأطفال والميلودرامات المصرية يصل «في المرتفعات» إلى خلاصة أخلاقية مفادها بأن الحب والتضامن بين أهل الحي الواحد أهم من حلم الخروج والثراء، وأن التمسك بالهوية والأصل يحمي المرء من التمزق بين الطموح والإحباط. الفكرة والقصة بسيطتان حد السذاجة، ولكن «في المرتفعات» يحول هذه السذاجة إلى حالة من المتعة والجمال من خلال أغان واستعراضات مرحة وجذابة، تذوب معها الفواصل بين الحوار والغناء.

ومثل الفكرة تتسم كلمات الأغاني ببساطة متناهية، وهي مأخوذة من جمل الحوارات اليومية الشعبية، ولا يكاد يوجد فارق بين الجمل المنطوقة كحوار والجمل التي تغنى. ومثل الكلمات تعتمد الألحان الموسيقية على الايقاعات والأشكال الغنائية الشعبية، رغم أن التوزيع الموسيقي يرقى بها إلى مصاف الأعمال الفنية الكبرى، ويضاعف من جمالها الاستعراضات المنفذة بحرفية كبيرة حيث يتحول الحي وشوارعه ومحلاته وبيوته ونوافذ بيوته إلى خلفية متفاعلة مع الاستعراضات، بالإضافة طبعاً إلى فريق الممثلين من الشباب الجذّاب أصحاب الأصوات العذبة. ومع أن الفيلم، كما ذكرت، مقتبس من مسرحية، ومع أن أماكن التصوير محدودة للغاية.

لكن هذا لم يمنع المخرج جون تشو من صنع عمل سينمائي بامتياز، مستغلاً المونتاج وزوايا التصوير والأماكن الطبيعية والديكورات الواسعة لخلق فضاء مفتوح ينسجم مع انطلاق الموسيقى ورقصات الفنانين، ويحول خشبة المسرح إلى كرنفال شعبي مفتوح.

على مدار أكثر من ساعتين وثلث الساعة يقدم «في المرتفعات» وجبة موسيقية درامية من شأنها أن تثير الشعور بالسعادة والتفاؤل لدى أكثر المشاهدين تشاؤما!

 

الرؤية الإماراتية في

08.07.2021

 
 
 
 
 

تأجيل حفل الأوسكار المقبل فى دورته الـ94 إلى مارس 2022.. اعرف التفاصيل

ذكى مكاوى

كشف موقع vulture عن تحديد موعد جديد لحفل جوائز الأوسكار المقبل في دورته الـ 94، حيث كشف أن الحفل الذى ينتظره العالم أجمع تأجل من أواخر فبراير إلى شهر مارس من عام 2022.

وأضاف التقرير أن الموعد النهائي لإقامة الحفل سيكون يوم الأحد والذى يتزامن مع الـ27 من شهر مارس لعام  2022، والذي يتم بثه مباشرة عبر شبكة ABC من مسرح دولبى فى هوليوود، بعدما كان محددا له يوم 27 فبراير 2022، ليتأجل بذلك شهراً كاملا.

كما ذكر التقرير أن موعد الإعلان عن ترشيحات جوائز الأوسكار سيكون يوم 8 فبراير من عام 2022، فيما يبدأ التصويت النهائي للأفلام يوم 17 مارس 2022 ولمدة 5 أيام متواصلة، ليتم الاعلان فيما بعد على الفائزين قبل انطلاق الحفل بخمسة أيام.

 

اليوم السابع المصرية في

27.05.2021

 
 
 
 
 

الأوسكار تكرم داني غلوفر وصمويل إل جاكسون وليف أولمان

الجائزة تمنحها الأكاديمية خارج احتفالها المعهود لأفراد شرف عملهم الإنساني صناعة السينما

(أ ف ب

أعلنت أكاديمية الأوسكار، الخميس، 24 يونيو (حزيران)، أنها ستكرم ممثلَين أميركيين أسودين بارزين هما داني غلوفر وصمويل إل جاكسون، إضافة إلى النجمة النرويجية ليف أولمان التي طبعت معظم أفلام المخرج إنغمار بيرغمان.

ويتسلم داني غلوفر الذي برز من خلال فيلمي "ذي كلور بوربل" لستيفن سبيلبرغ ثم مع ميل غيبسون في سلسة أفلام "ليثل ويبون" جائزة جين هيرشولت الإنسانية خلال احتفال "غافرنر أوورد" الذي يقام في 15 يناير (كانون الثاني) 2022.

العدالة وحقوق الإنسان

وهذه الجائزة هي جائزة أوسكار تمنحها الأكاديمية خارج احتفالها المعهود لتوزيع الجوائز، وتكرم من خلالها فرداً "شرف عمله الإنساني صناعة السينما".

وقال رئيس أكاديمية الأوسكار ديفيد روبين في بيان، "داني غلوفر ينشط منذ عقود من أجل العدالة وحقوق الإنسان"، وأضاف، "هذا يعكس التزامه العمل على الإقرار بهذه الإنسانية التي نتشاركها، سواء على الشاشة أو خارجها".

أما صمويل إل جاكسون وليف أولمان والممثلة وكاتبة السيناريو والمخرجة إيلين مي فيتلسمون جائزة أوسكار فخرية في يناير المقبل.

الأيقونة الثقافية

ووصف ديفيد روبن بـ"الأيقونة الثقافية" العالمية الممثل صمويل إل جاكسون الذي لمع نجمه في أفلام سبايك لي، وكوينتن تارانتينو، وأصبح أيضاً شخصية متكررة في كثير من أفلام "مارفل"، وشارك جاكسون في أكثر من 100 فيلم روائي طويل، منها سلسلة "ستار وورز" التي يؤدي فيها دور فارس الجيداي مايس ويندو.

شهرة عالمية

واكتسبت الممثلة المسرحية النرويجية ليف أولمان (82 عاماً) شهرة عالمية بفضل دورها في فيلم "برسونا" للمخرج إنغمار بيرغمان عام 1967، ثم أدت دور البطولة في أفلام عدة أخرى للمخرج السويدي الذي أنجبت منه ابنة، كذلك انتقلت إلى الإخراج في موازاة استمرارها في التمثيل على المسرح.

ترشيحان

أما الأميركية إيلين مي (89 عاماً)، فكتبت وأخرجت فيلمها الأول "إيه نيو ليف" عام 1971، إضافة إلى "ميكي أند نيكي" و"إشتار"، لكنها عُرفت خصوصاً من خلال كتابتها سيناريو "هيفن كان ويت" (1978)، و"برايمري كولورز" (1998)، اللذين استحقت عنهما ترشيحين لجوائز الأوسكار، وكتبت كذلك سيناريو "توتسي".

 

الـ The Independent  في

25.06.2021

 
 
 
 
 

Cruella: الشريرة وساحرة الموضة الطالعة من ثقافة البانك

شفيق طبارة

ظهرت كرولا دو ڤيل للمرة الأولى عام 1956 في روايات الأطفال التي كتبتها دودي سميث. وقتها عرفنا كرولا على أنها «زوجة الشيطان» التي حاولت تحويل الكلاب والجراء الدلماسية اللطيفة إلى معطف من الفرو. اشتهرت كرولا أكثر عند ظهورها في فيلم ديزني «مئة مرقش ومرقش» عام 1961 وبعد ذلك في الكثير من أفلام «ديزني». ولكن قبل قصة «مئة مرقش ومرقش»، كانت لكرولا قصتها الخاصة، التي ترويها في فيلم كرايغ غيليسبي الجديد «كرولا» (2021).

إستيلا (إيما ستون) شابة متمردة مفعمة بالحيوية، شعرها نصف أسود ونصف أبيض منذ الولادة. لديها جانب متطرف، تحلم بأن تصبح مصممة أزياء. والدتها تموت باكراً، فتترعرع مع عائلة من المحتالين المنافقين، وتصبح مصمّمة أزياء تنكّرية لهم، ولكن لا أحد يأخذ ذوقهم في الموضة على محمل الجد. ذات يوم، اكتشفتها البارونة ڤون هيلمان (إيما طومسون) مصممة الأزياء الراقية الشيطانية، التي أصبحت معلمة استيلا، تبيع إبداعاتها على أنّها من تصميمها، إلى وقت تخرج استيلا من ظلها وتصبح كرولا الشريرة المنتقمة.

فيلم «ديزني» يكتنف سحر الروك القوطي، تمتزج فيه الأزياء والموسيقى والقصة البسيطة

كرولا هي ساحرة الموضة في لندن السبعينيات، تجد لها موقعاً مع حركة موسيقى البانك روك، وتنتقل من شابة إلى مصممة أزياء مصابة بجنون العظمة. فيلم «ديزني» الجديد فيه سحر الروك القوطي، تمتزج فيه الأزياء والموسيقى والقصة البسيطة التي لا تتطلّب الكثير. فقط ساعتان من المرح والضحك مع فيلم «ديزني» نموذجي مصقول بأسلوب البانك والفوضى المتلألئة. في بعض المشاهد، تصبح الأزياء في قلب الحدث وعنصراً مهماً للسرد، مثل الفستان الأحمر الذي ترتديه كرولا. وفي مشهد آخر، تدخل شاحنة قمامة لتخرج منه بثوب مصنوع من القمامة.

في لحظات محددة في الفيلم، يتم ربط الشريط بكارتون ديزني الشهير «مئة مرقش ومرقش»، حيث تظهر شخصيتان ثانويتان من الفيلم فجأة، كما في مشهد آخر عندما تقود كرولا سيارتها الأيقونة بسرعة في الشوارع الضيقة من دون التفكير في الضحايا والخسائر.

الفيلم ليس مثالياً. وبالرغم من السيناريو الضعيف، فإنه يؤدي وظيفته في سرد قصة كرولا التي لا نعرفها. من يحب الموضة والأزياء والموسيقى الجيدة والاستمتاع مع شريرة خيالية، ليس هناك ما يمنع من الوقوع في الحب. الفيلم مضحك ومرح فيه حيوية أفلام «ديزني» وموسيقى وأزياء وثلاثة كلاب فقط.

Cruella في الصالات اللبنانية

 

الأخبار اللبنانية في

19.07.2021

 
 
 
 
 

معركة غولدن غلوب 2021.. حملة صحافية ناجحة ضد الفساد

هويدا حمدي

رابطة هوليوود للصحافة الأجنبية في مأزق خطير بعد كشف ألاعيب أعضائها.

توالت الاتهامات الموجهة إلى “رابطة هوليوود للصحافة الأجنبية” في السنوات الأخيرة، وليس آخرها ما تقدمت به صحافية نرويجية رفعت دعوى قضائية ضد الرابطة التي تمنح جوائز الـ”الغولدن غلوب” تتهم رئيسها وأعضاءها باحتكار التغطيات الإعلامية في هوليوود، ووقوفهم عقبة أمام الصحافيين الأجانب في الوصول إلى عالم النجوم، فيما تواترت تهم أخرى عن فساد مالي وصفقات ورشاوى، وهو ما انكشف أخيرا.

بعد أشهر من التحايل والتخبط، وافق أعضاء رابطة هوليوود للصحافة الأجنبية HFPA المانحة لجوائز “الغولدن غلوب” على لوائح جديدة أقرتها شركة محاماة شهيرة، لإعادة هيكلة الرابطة التي تأسست عام 1943، وتواجه أزمة حادة بعد حملة شنتها الصحيفة العريقة “لوس أنجلس تايمز” في فبراير 2021، واتهمت الرابطة بالفساد المالي والإداري والعنصرية والتحايل على الضرائب.

اتهامات خطيرة في مجتمع ديمقراطي تحكمه ثلاث سلطات، رابعتها الصحافة بتاريخها في هزّ عروش ومؤسسات وإطاحة رؤساء. وبحريتها واستقلالها وحقها في الحصول على المعلومات، لا تزال الصحافة الأميركية تخوض معارك شرسة، وتنتصر رغم ما يواجهها من تحديات.

 انتصرت الصحافة في معركتها ضد رابطة عمرها 78 عاما، وتمنح أكبر وأشهر جائزة سينمائية أميركية بعد الأوسكار. وقد اكتسبت رابطة هوليوود للصحافة الأجنبية نفوذا خطيرا، ليس فقط لجوائزها المؤثرة في صناعة السينما، وعلاقاتها الواسعة بعمالقة صناعة الترفيه في هوليوود ممن اعتادوا رشوة أعضاء الرابطة من أجل جائزة أو ترشيح يؤثر في التسويق، وإنما لحفلها السنوي الشهير الذي ينعش اقتصاد لوس أنجلس في أسبوع واحد بأكثر من مئة مليون دولار تستفيد منها صناعات أخرى، مثل السيارات والملابس والماكياج والفنادق واللوحات الإعلانية وغيرها.

اتهامات متوالية

في فبراير 2021 بدأت المعركة بتحقيق نشرته “لوس أنجلس تايمز”، قبل إعلان جوائز الغولدن غلوب رقم 78. فتح التحقيق ملف الفساد المسكوت عنه للرابطة الشهيرة التي تضم 87 صحافيا أجنبيا فقط، ليس بينهم صحافي أسود، رغم اتهامات متوالية بالعنصرية الفجة للرابطة وجوائزها في السنوات الماضية، ولم تعرها الرابطة اهتماما. وفتحت الصحيفة النار على الرابطة التي تحصل على أكثر من 27 مليون دولار مقابل بث حفلها السنوي فقط، فضلا عن ملايين خلف الستار، رشاوى مقنعة من شركات إنتاج وموزعي أفلام ومسلسلات.

نجوم ومنتجون سينمائيون كبار وأستوديوهات وشبكات كنتفليكس وأمازون قاطعوا الرابطة لإجبارها على الإصلاحات

رابطة لا تهدف إلى الربح وتعفى من الضرائب تتحكم في هذه الأموال! وقد وجهت إليها الصحيفة اتهامات بالرشوة، منها رحلة فاخرة إلى باريس قدمتها “بارامونت” لثلاثين عضوا، لزيارة موقع المسلسل المتواضع “إميلي في باريس”، فنال المسلسل ترشيحين لأفضل مسلسل وأفضل ممثلة.

مثل هذه الاتهامات معتادة سنويا للرابطة، وتنسى بعد إسدال الستار على الحفل، إلا أن هذا العام (2021) يبدو مختلفا، إذ قامت الصحافيتان النرويجية كريستي فلا والإسبانية روزا جامازو بمقاضاة الرابطة، بعد رفض عضويتهما. وجهت الصحافيتان إلى الرابطة اتهامات بالاحتكار والعنصرية، وتكريس ثقافة الفساد، ودعم أعضائها بمبالغ مالية بشكل لا يليق برابطة معفاة من الضرائب.

وكانت الرابطة قد منحت أعضاءها ما يقرب من مليوني دولار خلال عام 2020، فسلطت “لوس أنجلس تايمز” الأضواء على مخالفت الرابطة لوائح الإعفاء الضريبي، وهي جريمة ضخمة في الولايات المتدة، لتشعل ثورة من الداخل، وتؤكد تلك الاتهامات في التحقيق الصحافي الخطير الذي توالت بعده عدة تحقيقات نارية في الصحيفة العريقة وعدد من الصحف والمواقع الإلكترونية. وتسببت الحملة في هزة عنيفة للرابطة، لسبب واضح عنوانه “الصحافة الأميركية الحرة”.

وبعد حفل باهت حاولت خلاله رابطة HFPA خداع الصحافة والرأي العام، فاعتذر رئيسها عن العنصرية، ووعد بإصلاحات حقيقية، وإعادة الهيكلة وفتح الباب لأعضاء جدد من الملونين والأقليات. واختارت الرابطة بعض السود للمشاركة في تقديم فقرات الحفل، وتقديم جوائز لنجوم سود كانت بمثابة رشوة واضحة لتهدئة العاصفة.

انفجرت ثورة داخلية إثر التحقيقات الصحافية التي جعلت الانتماء إلى الرابطة، ذات الثقل والنفوذ، عارا ينبغي التخلص منه، فاستقال تسعة أعضاء بعد الحفل، ليصبح عدد الأعضاء الآن 78 عضوا. وأعلن المستقيلون أن الرابطة أصبحت “سامة”، وأن الوضع خلف الستار قاتم ومخيف، وأن هناك مدفوعات سخية لبعض المحظوظين، ولا توجد شفافية، ولا يعرف أحد شيئا عن البيانات المالية للرابطة. وتبادلت الرابطة الاتهامات مع المستقيلين، واتهمتهم في بيان معلن بالعمل لحساب أجندات خاصة!

الصحافة انتصرت في معركتها ضد رابطة عمرها 78 عاما، وتمنح أكبر وأشهر جائزة سينمائية أميركية بعد الأوسكار

الاتحاد ضد الفساد

أصبحت HFPA في مأزق حقيقي وخطير يهدد وجودها وينذر بنهايتها، لكن الضربة القاصمة كانت من رد فعل منتجي السينما والترفيه. في يونيو 2021 أعلنت النجمة الثورية سكارليت جوهانسون في بيان نشرته مجلة “ڤارايتي” مقاطعتها للرابطة وحفلاتها، داعية نجوم الصناعة إلى التراجع عن دعم الرابطة إلى أن تضع المزيد من الإصلاحات الجوهرية. وكشفت جوهانسون أنها ابتعدت عن مؤتمرات صحافية نظمتها HFPA بسبب الأسئلة والملاحظات الجنسية من قبل بعض الأعضاء، واتهمتهم بالتحرش الجنسي.

 وقالت جوهانسون “هذا هو السبب الحقيقي لرفضي لسنوات متعددة المشاركة في مؤتمراتهم… إنها رابطة تم إضفاء الشرعية عليها من قبل منتجين أمثال هارڤي وينستين، ويجب مقاطعتها، فقد حان الوقت لإنقاذ إنتاجنا بالتركيز على أهمية وقوة الوحدة داخل نقابتنا”. هارڤي وينستين هو المنتج الأميركي الشهير المحكوم عليه بالسجن ثلاثة وعشرين عاما في قضية شهيرة بعد أن اتهمته العشرات من النجمات بالاعتداء الجنسي والاغتصاب عام 2017.

الرابطة منحت أعضاءها ما يقرب من مليوني دولار خلال عام 2020، فسلطت “لوس أنجلس تايمز” الأضواء على مخالفت الرابطة لوائح الإعفاء الضريبي

وأعلن مارك روفالو مقاطعته للرابطة، وعدم شعوره بالفخر بجائزة الغولدن غلوب التي فاز بها سابقا. وقام توم كروز بموقف أكثر عنفا فأعاد إليهم جوائزه الثلاث. والأخطر من ذلك كانت مقاطعة الاستوديوهات والشبكات منها نتفليكس وأمازون، لتتم محاصرة الرابطة تماما. وكان الإجهاز عليها بإعلان شبكة NBC التي تبث الحفل السنوي مقابل حوالي 60 مليون دولار تتقاسمها الرابطة مع شركة إنتاج الحفل، ليدرك الجميع أنه شبح النهاية. ولذلك أعلن رئيس الرابطة إلغاء حفل العام القادم 2022، وربما الذي يليه؛ لإعادة ترتيب الأوراق.

ورغم خسارة شبكة NBC حوالي 50 مليون دولار، قيمة إعلانات تتخلل الحفل فضلا عن ترويج برامجها في تلك الفترة، فإنها رضخت للرأي العام، وقاطعت الرابطة والحفل، وهو ما سوف يكبد اقتصاد لوس أنجلس خسارة ضخمة كما ذكرنا. والأخطر أن إلغاء الغولدن غلوب سيحدث خللا في نظام موسم الجوائز الذي ينتهي بالأوسكار؛ إذ يكون حفل الغولدن غلوب نقطة انطلاق للموسم، وهذا يعني المزيد من الخسائر الاقتصادية للوس أنجلس وولاية كاليفورنيا.

 والأهم من الاقتصاد هو المصلحة العامة، وإنقاذ صناعة الترفيه من تأثير سام. هكذا انتصرت الصحافة الحرة التي لا تزال تحقق انتصارات رغم وجود أغبياء ينكرون قوتها ويقلصون حضورها، ويقلمون أظفارها؛ حتى لا تنبش في أجساد أصابها العفن من الفساد.

المفارقة أن الحملة الصحافية استهدفت رابطة للصحافيين لكنهم أجانب مقيمون بالولايات المتحدة. ولم تتردد في كشف عورة بعض زملاء المهنة ممن يقبلون الهدايا والدعوات والعطايا. أداء مهني راق ونزيه يؤكد الانتماء إلى القارئ وحقه في المعرفة، ويرفض ما يتنافى مع أخلاقيات المهنة. وبخط واضح كتبت الصحيفة العريقة هذه الجملة “يُمنع صحافيو لوس أنجلس تايمز من تلقي الهدايا والدعوات”، وأصابت سهام الصحيفة جسدا كنا نحسبه صلبا كالصخر، لكن الفساد دائما هش ويحمل بذور انهياره، فقد ترنح الخصم أمام ضربات الصحيفة العملاقة التي لم تجامل، وإن رحمت “زملاء” اعترفوا بالخطأ ووعدوا بالإصلاح.

 ومنذ أيام (أغسطس 2021)، طالبت الصحيفة المنتصرة بمنح الرابطة الجريحة فرصة أخرى، لعل التغيير يكون حقيقيا. وناشدت الرأي العام الرأفة بالصحافيين الأجانب؛ فمعظمهم يعمل بأجر زهيد، وبعضهم يعمل بالقطعة، وتبدو المكافآت التي تمنحها لهم رابطة HPFA مساعدة زهيدة، في حين تغدق تبرعاتها على طلبة كليات السينما والصحافة ومؤسسات أخرى.

صحافية وناقدة مصرية

 

العرب اللندنية في

24.08.2021

 
 
 
 
 

فيلم Annette: ماذا نجد بين الجدية والهزل؟

رحمة الحداد

«هل يمكننا البدء؟ هل يمكننا البدء الآن» يبدأ فيلم أنيت Annette آخر أعمال المخرج الفرنسي ليوس كاراكس Leos Carax بدعوة لبدء الفيلم، أغنية حماسية تلتصق بعقلك لأيام، بها نرى فريق عمل الفيلم، كاراكس نفسه والبطلين الرئيسيين آدم درايفر Adam Driver وماريون كوتيار Marion Cotillard، وأعضاء فريق سباركس Sparks الذين قاموا بتأليف القصة وكتابة الأغاني والألحان، ذلك ليس حرقًا للمشهد الافتتاحي المحمس فالأغنية صدرت على الإنترنت قبل عرض الفيلم في مهرجان كان، وكلمات الأغنية تفضح أحداث الفيلم تقريبًا، يعتبر المشهد كسرًا كاملاً للحائط الرابع يسخر ويحتفي بفن صناعة الأفلام والخيال ويسألنا: أين هو المسرح؟ هل هو خارجنا أم داخلنا؟ هل تريد أن تحظى بالإثارة؟ يمكننا تقديمها لك، حتى إذا أردتنا أن نقتل يمكننا أن نفعل ذلك أيضًا، بعد أن يفضح الفيلم عن نواياه لمن ينصت جيدًا تبدأ رحلة عاصفة غرائبية من الأغاني المتأثرة بالمسرح الموسيقي والعروض الجامحة، أحداث غير متوقعة، قصة حب جارفة، جريمة قتل وطفلة تولد في هيئة دمية خشبية تملك صوتًا ملائكيًا.

يقدم كاراكس في أنيت تجربة يصعب أن تنظر بعيدًا أثناء مشاهدتها، هو فيلم من النادر مشاهدة ما يشابهه خاصة في المناخ الحالي للسينما في العالم كله، يصعب أن يرى فيلم مغامر مثل ذلك النور في ظل خطط إنتاجية إيراداتها محسوبة ومضمونة ردود الأفعال عليها، أنيت يقدم تجربة يمكن أن تظهر في أي توقيت لكنها أيضًا مرتبطة في تفاصيلها بوضع العالم الحالي، بثقافة الشهرة وبالضغط المستمر للنجاح، يضع الفيلم المشاهد تحت ضغط استيعاب الكثير من التفاصيل والرموز والحبكات، فعلى الرغم من أن قصته تسير بشكل خطي وواضح إلا أن استخراج معنى من تلك الفوضى الحسية يبقى محيرًا خاصة إذا وضعنا في الاعتبار تجارب كاراكس السابقة التي اتسمت بالغموض والغرابة، لكن هل تملك كل تلك الأحداث معاني حقًا أم أن الفيلم يكتفي بالتجريب واختبار صبر من يشاهده؟

أنت تشاهد فيلمًا

لا يعد ذلك هو أول فيلم يظهر به كاراكس بشخصه فإذا اعتبرنا أنه بدأ مرحلة جديدة منذ صنع فيلمه ماكينات مقدسة Holy Motors في 2012 فإنه يكمل ذلك في أنيت، مرحلة تشكلها التساؤلات عن ماهية السينما والحياة والحدود الفاصلة بين الحقيقي والمصنوع، في ماكينات مقدسة يظهر كاراكس في دار سينما مكتظة بمشاهدين في حالة سبات عميق، بظهوره الجسدي يعلق على دوره في صناعة واقع بديل ويذكرنا على الدوام بأننا نشاهد فيلمًا وفي أثناء ذلك يبني طبقات يصعب مع وجودها التفريق بين ما هو خيالي في عالم الفيلم وما هو حقيقي.

لكن أنيت لا يتناول موضوع الصورة والحقيقة، هو يحكي قصة بسيطة عن زوج من المشاهير يدمر الهوس حياتهم، لا يتسم الفيلم بالتجريد أو تعدد الطبقات لكنه بالتأكيد يتسم بالغرابة، وتشي مقدمته باستمرار اهتمام كاراكس بمفهوم صناعة الأفلام نفسها وبالإيهام وطبيعته، والأنواع السينمائية وكيف تصبح قوالب يمكن تفكيكها وإعادة تركيبها، فنحن نقضي قرابة الساعتين والنصف مغمورين بقصة خيالية، نتأثر بالموت والحياة والعنف، بالحب والرغبة، نترك القصة تأخذنا في دوامة من المشاعر المتناقضة والتحولات الميلودرامية، كل ذلك على الرغم من أن الفيلم كسر الإيهام منذ أول دقيقة وأظهر لنا بوضوح هؤلاء النجوم خارج شخصياتهم السينمائية ينشدون أغنية ناظرين مباشرة إلى الكاميرا، إلينا.

أسمى ليوس كاراكس أول أفلامه: شاب يقابل فتاة Boy Meets Girl، تلك الجملة البسيطة تستخدم عادة لشرح بداية حبكات الأفلام، كان ذلك قبل حتى أن ينجرف في رحلة من التجريد والتجريب وإعادة خلق السينما كفن من جديد، تشي تلك التسمية بطبيعة رؤية كاراكس للسينما، باهتمامه الحقيقي بصناعة قصص آسرة تملك مقومات الأفلام العادية، قصص حب درامية، أحداث عنف وقتل وغير ذلك من الأحداث التي تجعل من الأفلام نسخًا مكثفة من العالم الحقيقي، لكنه أيضًا يعي وجود الوسيط، لا يترك القصة تسيطر عليه، فيصبح ظهوره في بداية الفيلم بمثابة بيان يفيد بأنك الآن على وشك مشاهدة فيلم، وأنا مخرج ذلك الفيلم، لكن مسموح لك أن تتفاعل معه وكأنه هو الحقيقة لكن تذكر أنه ليس كذلك.

سباركس وكاراكس

ينتمي ليوس كاراكس لمدرسة مقتضبة ظهرت في نهاية الثمانينيات في السينما الفرنسية بل هو أحد ثلاثة أسماء فقط ارتبطوا بها أسماها الناقد رفاييل باسان Raphaël Bassan سينما الشكل أو السينما الشكلية Cinema Du Look، تهتم أفلام تلك المدرسة غير الرسمية بالأسلوب على حساب الحكي والتجريب في الصورة والصوت وتقنيات السرد، تنحي الحبكات التقليدية جانبًا وتركز على التجربة الحسية لذلك فإن الغرابة التي ظهر بها أنيت ليست مفاجئة لكنه جاء بعد أعوام من تحفة كاراكس الماكينات المقدسة لذلك ارتفعت التوقعات كثيرًا لفيلمه الأخير وقوبل بردود فعل متطرفة في تناقضها، تناقض يشبه فيلمه.

يحكي أنيت قصة هنري (آدم درايفر) الذي يقدم أداء من بين الأفضل في مسيرته، وزوجته آن (ماريون كوتيار)، هو كوميديان مسرحي وهي مغنية أوبرا، يملك هنري مشاكل متعلقة بالغضب والكحول، يقدم عرضًا كوميديًا لا يضحك بالشكل التقليدي يبث فيه قلقه الوجودي ومخاوفه من الحياة ورغباته الغرائبية، على الجانب الآخر لا تملك آن أي نوع من السخرية أو التهكم هي سيدة بالغة الجمال والرقة تقدم عروض الأوبرا بتفانٍ وصدق، تؤثر في جمهورها وتموت على المسرح، تبكيهم وتسحب منهم شهقات الانبهار.

تتبدل حياة الزوجين حين يرزقان بطفلتهما أنيت، طفلة ليست عادية، دمية خشبية صهباء، لا يعامل الفيلم غرابتها بواقعية فلا أحد يرى تلك الغرابة، مجرد حالة ولادة مثلها مثل غيرها، تبدأ مشكلات هنري في السطوع وهو ما يضع آن في حالة من القلق والإنذار بانهيار جنتها الأسرية الصغيرة، تتسع حبكة الفيلم المتصاعدة لصراع على الحب بين هنري والعازف والمايسترو المصاحب لآن (سايمون هيلبرج) والذي يقدم أداءً متميزًا تمثيليًا وموسيقيًا، يتجه الفيلم لأن يصبح نقدًا لثقافة الشهرة وطبيعة حياة المشاهير ويعلق على ثقافة الإقصاء وحملات مثل أنا أيضًا Me Too.

يقدم الفيلم شخصيتين على طرف النقيض لكنهما على الرغم من ذلك يقعان في الحب بعنف ويظهران ذلك في أغنية توضح حبهما الجديد دون مجازات أو استعارات، فتقول كلماتها ببساطة: «نحب بعضنا كثيرًا». هكذا تعمل الأغنيات في الفيلم، أغانٍ متهكمة على طبيعة المسرح الموسيقي وتقاليده، فهناك أغنية البداية وأغنية الوقوع في الحب وأغنية الصراع وأغنية النهاية، لكن في الوقت نفسه فإن موسيقى الفيلم واقعة في حب المسرح الموسيقي وليست ساخطة عليه، هي تضعه في مساحة بين الجدية الصارمة والخفة والهزل، وهذا ما يفعله الفيلم بشكل عام، يحاول موازنة الميلودراما والتهكم، ينجح أحيانًا لكنه يصبح ملتبسًا أحيانًا أخرى.

كتب فريق سباركس أنيت كمجموعة أغنيات لألبوم مؤجل وهم معروفون بموسيقاهم التجريبية الغنية التي تدمج الأنواع الموسيقية، لكن عندما قابلا كاراكس قررا تحقيق حلم قديم وهو العمل في السينما، فجاء التعاون ملائمًا للفريقين، لطالما كان كاراكس مخرجًا موسيقيًا، في فيلمه السابق أخرج مشهدًا يشابه أنيت في مسرحيته، يحلل أيضًا عناصر المسرح الموسيقي وفي أفلامه الأقدم امتلك حسًا متفردًا في مزج الصوت والصورة، في ذلك يمكننا تذكر مشهد الركض على أنغام ديفيد بوي في فيلم دماء فاسدة Bad Blood 1986 والذي تأثر به بعد ذلك المخرج نواه بومباك، ومشهد الرقص على الجسر من فيلم عشاق على الجسر The Lovers on The Bridge 1991، دمج فيه مجموعة أغنيات بلغات مختلفة ومن بينها ستلتقط أذنك بسهولة صوتًا مألوفًا يشدو: «جايبلي سلام».

تتسم سينما كاراكس بصريًا بغرائبية ساحرة، ألوان غنية وقطعات مفاجئة وشاعرية تقع في مسافة بين الانغماس والتهكم يمكن وصف موسيقى سباركس بالأوصاف ذاتها على جانب الصوت، يملك كل من سباركس وكاراكس ميلاً للوعي بالذات، بتقديم محتوى بالغ الصدق في شكل متهكم، للهروب سريعًا من الابتذال فور الاقتراب منه، ذلك هو ما يقدمانه في أنيت لكن في الطريق تختفي تلك السمات وراء ضباب وتعود للظهور مجددًا حتى تتهاوى مع نهاية الفيلم.

التحديق في الهاوية

إذا جردنا الفيلم من كل ضخامته وبهرجته الموسيقية والبصرية فنحن أمام قصة عن رجل يبتلعه غضبه حتى يرتكب جرائم غير آدمية ويندم في النهاية ويأخذ جزاءه، قصة رجل مُنتشٍ بذكورته وسلطته، يملك المال والشهرة والجماهيرية، يحبه العالم ويملك كذلك حب فتاة جميلة، لكنه لا يحتمل أن يتعرض إلى ذلك القدر من الحب والرفق، ذلك الجمال يقززه يجعله يفقد ما يجعله نفسه، يتساءل ماذا يملك لكي يستحق الحب؟ هو على وعي بأنه يملك زوجة مثالية ويعلم أن الفتيات اللاتي يطاردهن في الملاهي الليلية جميلات لكنه لا يرى ما يرين فيه عدا المال أما آن فهي تحبه لأنه نفسه وهو ما لا يستطيع تحمله، تأكله الغيرة من نجاحها وجمالها يخنقه فعل الحب نفسه برقته وما به من هشاشة، يرغب في التخلص من مواطن الضعف تلك وأن يملك السيطرة من جديد، لذلك عندما تولد فتاته التي يختار الفيلم أن يجعلها دمية ربما كمجاز عن رغبة هنري في التحكم والتلاعب بمن حوله، يملك اليد العليا من جديد ويستغل موهبتها أسوأ استغلال ويدخل الفيلم في أكثر مراحله قتامة، يفقد تدريجيًا توازنه في سلسلة من التحولات المفاجئة التي حذرنا منها بنفسه في البداية.

تتبدل أجواء الفيلم كثيرًا بين التراجيديا والكوميديا وبين الدمج بين الاثنين فهو يشبه مخرجه ويشبه كتابه، توصف موسيقى فريق سباركس كثيرًا بأنها موسيقى صادقة في قوالب تهكمية وأنها تتحداك أن تأخذها بجدية، لكن الفيلم في نصفه الأخير يتوقف عن ذلك التحدي ويتبنى الجدية والميلودراما بشكل كامل يسرد علينا قصة الصعود والهبوط الناقدة لثقافة الشهرة والذكورة المسممة بوضوح ودون تجريد أو تلاعبات سردية ويصيبه ذلك بالثقل ويفقده ميزته الأولية وهي التوازن.

ولأنه محمل بالكثير من التفاصيل فهو يجبر من يشاهده أن يحاول إيجاد معان في نهاية القصة، لكن ربما القصة هي كما هي، قصة خرافية -لاحظ تكرار موتيفة التفاحة- تحذيرية من الانجراف والإفراط، تقدم السبب والنتيجة والعقاب في قالب موسيقي ربما لا يرضي جميع الأذواق لكنه يثبت أن تقديم شيء مختلف ومثير للاهتمام وليس معلبًا لا يزال ممكنًا، الفيلم هو أشبه بأوبرا ميلودرامية بالفعل تشير للنهاية المحتومة لشخصياتها في كل مشهد صورة ويحيطها الموت من كل جانب تمامًا مثل العروض التي تقدمها آن.

الازدواج بين ما هو صادق وما هو تهكمي مبني في نسيج الفيلم من البداية في أدوار البطلين وتناقض ما يمثلانه، في آن التي تقدس كل شيء وهنري الذي لا يقدس شيئًا، آن التي تمثل هشاشة الحياة وهنري الذي يمثل قسوة الموت.

اختيار الأوبرا نفسها يعطي الفيلم مساحة لاستكشاف الإمكانيات الموسيقية كما أنها وسيط يتسم بالإفراط في التعبير عن كل من الألم والفرح، والفيلم هو تمرين في الإفراط على كل المستويات.

في السنوات الأخيرة عادة ما تهتم الأفلام الموسيقية القليلة بإعادة إحياء النوع الكلاسيكي في قوالب حداثية، يعتبر لا لا لاند La La Land أشهر مثال على ذلك كونه منغمسًا في سمات أفلام خمسينيات هوليوود، لكن أنيت فيلم موسيقي واعٍ بموسيقيته، يظهر ذلك في أحد أفضل مشاهده، يسرد المايسترو حكايته، لنا نحن الجمهور، بينما يقود أوركسترا، يعتذر عن إكمال الحكي لثوانٍ لأن ذروة المقطوعة داهمته ثم يكمل قصته من جديد.

يستمر الفيلم في صراعاته الكلاسيكية مع الموت والحياة حتى يصل لذروة مؤثرة، ويذكرنا لمرة أخيرة بمكانتنا كمتفرجين وبأن من نراهم على الشاشة ممثلين، ويطالبنا بأن نتوقف عن التحديق وأن نترك بعض الخصوصية لتلك الشخصيات التراجيدية لكي تنغمس في الأسى بسلام بعيدًا عن نظراتنا.

أنيت تجربة متفردة، مبهرة ومؤثرة وربما محبطة قليلاً، أغرب من اللازم لمن لم يشاهد أفلامًا لمخرجه من قبل، ومتحفظ أكثر من اللازم لمن يعرفه جيدًا، يصيب في مواطن كثيرة ويغذي الحواس بكل ما يمكن تسميته فنًا من صوت وصورة، لكنه يحمل قصة بسيطة أكثر مما تحتمل، فيتركنا في النهاية شاعرين بأن هنالك ما ينقص التجربة أو أنها قدمت أكثر مما أردنا أن نختبره، وعلى الرغم من عيوبه وعدم اتزانه فإنه يملك مقومات تجعله مرشحًا للصمود في اختبار الزمن.

 

موقع "إضاءات" في

26.08.2021

 
 
 
 
 

"علّي صوتك" يمثل المغرب في الانتقاء الأولي لجوائز الأوسكار

الفيلم تم انتقاؤه من بين أربعة أفلام أخرى من قبل لجنة ترأستها سميرة حيمور ممثلة للمركز السينمائي المغربي.

الرباطأعلن المركز السينمائي المغربي أن الفيلم الطويل "علّي صوتك" للمخرج نبيل عيوش سيمثل المغرب في الانتقاء الأولي لجوائز الأوسكار للعام 2022 في فئة أفضل فيلم أجنبي.

وتم انتقاء الفيلم من بين أربعة أفلام مغربية أخرى من قبل لجنة ترأستها سميرة حيمور ممثلة للمركز السينمائي المغربي، وتضم بين أعضائها الممثلة منى فتو والممثل والمخرج رشيد الوالي والناقد السينمائي عمر بنخمار والمخرج محمد نصرات ورئيس الغرفة المغربية لموزعي الأفلام نجيب بنكيران.

"علّي صوتك" يتناول قصة مراهقين مهووسين بثقافة الهيب هوب التي يجدون فيها طريقة للتعبير عن واقعهم

وتدور أحداث "علّي صوتك" بمدينة الدار البيضاء، ويحكي قصة "أنس" مغني راب سابق يعمل في مركز ثقافي بحي سيدي مومن الهامشي. وبفضل تحفيزهم وتشجيعهم من قبل معلمهم الجديد، يجد شباب المركز طريقة جديدة للتعبير عن قضاياهم وواقعهم، وذلك عبر ثقافة الهيب هوب.

وسبق للمخرج أن صوّر في حي سيدي مومن مشاهد من فيلمه "علي زاوا" في العام 1999 عن قصة أطفال مشرّدين. كما عاد ليصوّر فيه مشاهد من فيلم "يا خيل الله" (2012) المستوحى من رواية للكاتب ماحي بينبين حول تطرف الانتحاريين الاثني عشر الذين نفّذوا هجمات 2003.

وفي العام 2014 أسّس عيوش في هذا الحي المركز الثقافي "النجوم" الذي يقدّم ورشات لتعلم الموسيقى والرقص للشباب، في حي عانى طويلا من غياب أي مرافق ثقافية. وقد استقطب من بين رواده جل ممثلي فيلم "علّي صوتك".

وشارك الفيلم المغربي في المسابقة الرسمية للدورة الرابع والسبعين لمهرجان كان، محقّقا احتفاء نقديا كبيرا لطرحه الدرامي المتخيل رغم تجذّره في الواقع.

ونبيل عيوش مخرج ومنتج وكاتب سينمائي فرنسي - مغربي، بدأ مشواره ككاتب سيناريو ومخرج في العديد من الأفلام الدعائية والأفلام القصيرة، قبل إخراج فيلمه الروائي الطويل الأول "مكتوب" الحاصل على أفضل فيلم عربي في مهرجان القاهرة السينمائي، بينما فاز فيلمه "علي زاوا" بأكثر من أربعين جائزة في العديد من المهرجانات الدولية.

 

العرب اللندنية في

08.09.2021

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004