ملفات خاصة

 
 
 

يد الله”.. سورنتينو ونابولي ومارادونا

محمد كمال

جوائز الأكاديمية الأمريكية للفيلم

الدورة الرابعة والتسعون

   
 
 
 
 
 
 

إنها يد الله”.. تلك العبارة الشهيرة لنجم كرة القدم الأرجنتيني الراحل ديجو أرماندو مارادونا التي قالها عقب إحرازه هدف بيده في مبارة دور ربع النهائي الشهيرة في بطولة كأس العالم عام 1986 أمام منتخب إنجلترا وتحديدا بتاريخ 22 يونيو.

وانتهت المبارة بتفوق الأرجنتين وقتها بهدفين مقابل هدف، وكان مارادونا قد أحرز الهدف الثاني أيضا والذي خلاله تجاوز سبعة لاعبين بحارس المرمى الأسطوري وقتها شيلتون لمنتخب الأسود الثلاثة، ومع بداية تتر الفيلم الإيطالي الذي يحمل عناونه نفس العبارة “The Hand Of God” للمخرج الشهير باولو سورنتينو نجد جملة (فعلت ما بوسعي .. لا أظن أن مستواي كان سيئا للغاية) ويبدو أنها أيضا إحدى عبارات ماردونا الشهيرة عن مسيرته مع فريق نابولي والتي كتب عليها سورنتينو توقيع (ديجو أرماندو ماردونا .. أفضل لاعب كرة قدم على الإطلاق).

نحن أمام عنوان فيلم وبدايته بجملتين شهيرتين لنفس الشخص لكن الأحداث ليست عن مارادونا بل هو فيلم يندرج تحت نوعية السيرة الذاتية لمخرجه ومؤلفه باولو سورنتينو الذي يعد من أفضل المخرجين في العالم حاليا وصاحب التحفة الشهيرة “الجمال العظيم” الذي حصل من خلاله على جائزة أوسكار أفضل فيلم أجنبي عام 2014، ويدخل سورنتينو سباق منافسة الأوسكار لعام 2022 مع فيلمه “يد الله” حيث أنه يمثل إيطاليا، وسبق للفيلم الحصول على جائزة لجنة التحكيم الكبرى من مهرجان فينسيا لهذا العام وأيضا جائزة أفضل ممثل شاب لبطله فيليبو سكوتي، وبدأت منصة نتفلكس في عرضه منذ ساعات قليلة.

ولد سورنتينو في نابولي عام 1970 وفي زروة فترة المراهقة التي شهدت الحدث الأهم في تلك تاريخ تلك المدينة وهو وصول النجم الأرجنتيني ديجو أرماندو مارادونا وتحديدا في صيف عام 1984 قادما من برشلونة الإسباني، وبما أن سورنتينو من مشجعي هذا النادي فقد كان حلم وجود مارادونا في نابولي يسيطر عليه من قبل خلال الشائعات التي أطلقتها الصحافة الإيطالية وقتها والتي لم يصدقها أهالي نابولي حتى أن الجملة جاءت على لسان الأب في الفيلم “لن يأتي مارادونا لهذا المكان القذر”.

مارادونا بالنسبة لسورنتينو يمثل العودة إلى ذكرياته في مدينة نابولي خلال مرحلة النشأة والمراهقة، تلك المدينة التي يصعب على كل من عاش ونشأ فيها أن ينساها، تلك المدينة التي ستظل عالقة في الأذهان ومحفورة في الوجدان وسيظل الشخص ملتسق بذكرياته وأحداثه مهما كان حجم الابتعاد عنها.

ووجد سورنتينو أن الوقت قد حان ليعلم الجميع وخاصة محبيه تفاصيل أكثر عن حياته الأولى في جنوب إيطاليا وأسباب دخوله عالم السينما، صحيح ان سورنتينو في أفلامه السابقة وضع إرهاصات عن حياته لكن لم تكن بشكل مباشر وصريح ومعلن مثلما في “يد الله”.

وكانت المفاجأة خلال الأحداث أن فابيتو البطل الشاب لم يكن يحمل أي شغف بالسينما في فترة المراهقة، والحقيقة أن فابيتو لم يحمل أي شغف او اهتمام أمام أي شئ آخر سوى عشقه لفريق نابولي ومارادونا وإعجابه المستتر بصديقة والدته باتريشيا التي تبدأ معها أحداث الفيلم وندخل من خلالها للتعرف على المدينة وعلى فابيتو وأسرته المكونة ومن والديه ماريا وسافيرو الذي قدم دوره الممثل الرائع توني سيرفيو أحد أبطال الجمال العظيم.

 يستعرض سورنتينو حياته الأولى في نابولي في تجسيد شخصية فابيتو ومن خلاله تظهر شخصيات تلك المدينة الصاخبة وملامحهم التي تمتزج بين خفة الظل والفجاجة، الحب والكره، واعتمد سورنتينو في بناء شخصياته على شكل أقرب إلى العبثية والفوضوية من خلال تقديم نماذج يغلب عليها الطابع الكارتوني تجنح إلى الجنون والغرائبية في تصرفاتهم لتكون انعكاس او نتاج لواقع المدينة القبيح، وبمعلومات بسيطة عن كل شخصية يمكن ان نعلم تأثير المدينة عليهم، وكيف أنهم رغم قسوة المدينة إلا أن ذكرياتهم فيها تعد ركيزة أساسية في حياتهم ومستقبلهم.

كانت اللحظة الفارقة في حياة فابيتو وفاة والديه متأثرين بتسريب غاز أول أكسيد الكربون في منزلهم الجديد أثناء قضاء العطلة الصيفية وأن فابيتو منع من رؤيتهما للمرة الأخيرة، كأنه يؤرخ لهذا الحدث الفاصل في حياة سورنتينو نفسه الذي بدأ من بعده ينظر للعالم الخارجي بشكل مختلف، يراجع نفسه في وحدته التي أصبحت إجبارية، في مستقبله الذي لم تحدد ملامحه،  الانتقال من مرحلة المراهقة ولقبه “فابيتو” الذي يعني بالإيطالية تصغير لفابيو إلى فترة تكوين شخصية فابيو نفسه كشاب ناضج.

فابيتو من البداية لم يكن لديه أي شفغ سوى بكرة القدم وتشجيع فريق نابولي لدرجة أن هدية والده في عيد الميلاد كانت تذكرة موسمية لحضور مباريات الفريق خاصة بعد وجود مارادونا فقد كان فابيتو مجرد مشاهد للأفلام وعلاقته بالسينما كانت من خلال شقيقه الذي يحلم بأن يصبح ممثلا ويحاول بشتى الطرق الوصول إلى تجارب الأداء الخاصة بالمخرج الإيطالي الكبير فيديريكو فليني، وممثلة شابة تحاول هي أيضا الوصول إلى المخرج أنطونيو كابوانو.

اختيار فابيتو للسينما لأنها بالنسبة له وسيلة للتعبير عن مشاعره ومن أجل تجربة الابتعاد عن الواقع المقيت في نابولي خاصة بعد غياب والديه واستخدام السينما للبحث عن الخيال والفانتازيا، كانت تلك هي الأسباب التي وضحت جليا في الفيلم لكن يبدو في الحقيقة أن سورنتينو في بداية حياته ورغم عالمه الضيق وتجاربه المحدودة إلا أنه وجد في نابولي وشخصيات تلك المدينة شرارة أولى لتجربة تحمل قد تحمل زخم كبير في المستقبل خاصة بعد لقائه بالمخرج أنطونيو كابوانو الذي سأله خلاله عن سبب الرغبة في ان يعمل في صناعة في الأفلام.

اختيارات فابيتو كلها مرتبطة تلك المدينة رغبته الأولى في دراسة الفلسفة كانت من اجل تشريح تلك الشخصيات وتأثر المدينة عليهم، قد يبدو ان الظاهر اختار دراسة السينما بعد ذلك للهروب من نابولي لكن في الباطن أمر يحمل في طياته معايشته لشخصيات تلك المدينة الساحرة.

في الجملة الافتتاحية للفيلم التي حملت توقيع مارادونا والتي تبعها سورنتينو بجملة أفضل لاعب كرة قدم على الإطلاق وهو ليس رأي سورنتينو فقط بل الكثيرين يتفقون مع هذا الرأي لكن ماردونا بالنسبة لسورنتينو كان أيقونة المراهقة، البطل الذي يذكره بأهم فترات في حياته، أوقات المجد بالنسبة للنادي الذي عشقه فوقتها حقق نابولي بطولة الدوري الإيطالي للمرة الأولى في تاريخه وفي تاريخ جنوب إيطاليا بالكامل، أنه الشغف بكرة القدم وبأسطورة ماردونا وبمدينة نابولي الذي انتقل بكل تفاصيله وتراكماته وشخصياته الغرائبية إلى الشغف بالسينما ليمثل “يد الله” عودة مخرجه إلى عالمه الأول وذكرياته.

 

موقع "عين على السينما" في

19.12.2021

 
 
 
 
 

أفضل 20 فيلمًا في السينما العالمية في 2021

أنيس أفندي

مياه كثيرة جرت في نهر صناعة السينما في العام الثاني لجائحة كورونا التي عصفت بالعالم قبل عامين. مشاريع كثيرة كانت قد انتهت بالفعل، فضَّل أصحابها إرجاء إطلاقها بدور العرض تحسبًا للخسائر المحتملة بسبب الغلق العالمي، وأخرى لم يستطع صناعها الدفع بها في مسابقات المهرجانات العالمية المرموقة، والتي توقفت جزئيًّا أو كليًّا خلال 2020. عمليات إنتاجية عديدة توقفت أو تأجل جريانها أو استغرقت وقتًا أطول من المعتاد بسبب الظروف غير الاعتيادية. ثم جاءت الانفراجة النسبية في صيف العام الماضي، وما تبعها من إجراءات حكومات العالم بتلقيح مواطنيها، ثم بدأت الحياة تعود شيئًا فشيئًا، وإن تغيرت تغيرًا جذريًّا، ولكنها عادت على أي حال.

بدأ عام 2021 بمهرجانات روتردام في هولندا، وبرلين في ألمانيا، مبشرة بعودة حميدة، ومصحوبة بدعوات وأمنيات للأفضل، ثم توالت المهرجانات والتظاهرات السينمائية العالمية التي احتشدت بالمزيد من الأعمال، ما بين المؤجلة من العام الماضي، أو التي صنعت خصيصى عن الحياة الجديدة في ظل الجائحة والغلق، أو تلك التي استفادت من الظروف الاستثنائية واستعملت الشوارع الخاوية في سرديتها، حتى وإن لم تكن الجائحة موضوعها.

في تقريرنا الختامي لهذا العام نرصد عددًا من الأعمال المهمة التي اقتنصت الجوائز الكبيرة وتصدرت العناوين النقدية والصحفية. بعضها لصناع جدد يتلمسون طريقهم في هذه الأجواء الصعبة، والبعض الآخر لأسماء كبيرة في عالم السينما، مثل ويس أندرسون، وبول توماس أندرسون، وأبيتشاتبونج ويرازيثاكول، وبيدرو ألمودفار، وجاسبار نوي، وغيرهم الكثيرون.

1. فيلم «The Blind Man Who Did Not Want to See Titanic»

كما يبدو من عنوان الفيلم «الرجل الأعمى الذي لم يرغب في مشاهدة تيتانيك»، فإن بطله الذي يعاني من إعاقة بصرية، لم يرغب أبدًا في مشاهدة فيلم «تيتانيك» الشهير. وفي الفيلم نفسه نعرف أن البطل الذي يعاني أيضًا من إعاقة حركية تلزمه كرسيًا متحركًا، قرر أن يخوض مغامرة خطرة بالسفر إلى مدينة أخرى لزيارة حبيبته التي تلقت لتوها أخبارًا غير سارة. أما المذهل في الأمر أن بطل الفيلم بيتري بويكولاينن يعاني من نفس الإعاقة المزدوجة في الحقيقة.

يقدم المخرج الفنلندي تيمو نيكي الفيلم من منظور بطله الأعمى، فلا نكاد نتبين من الشاشة إلا ياكو (الرجل الأعمى)، فيما تغيب باقي التفاصيل من حوله خارج تركيز العدسة، وهو ما يمنح المشاهد تجربة فريدة من نوعها ويجعله أكثر قربًا من الشخصية الرئيسية وأكثر قدرة على اختبار معاناتها مع الإعاقة المزدوجة. عُرض الفيلم ضمن فعاليات مهرجان فينيسيا السينمائي، وفاز بجائزة الجمهور.

2. فيلم «Once Upon a Time in Calcuttaû»

في فيلمه الثالث، «حدث ذات مرة في كالكوتا»، يقدم المخرج الهندي الشاب أديتيا فيكرام سينجوبتا معالجة اجتماعية واقعية من الهند المعاصرة تدور حول زوجين يقرران الانفصال بعد فقدان ابنتهما الوحيدة، ومحاولات الزوجة بعد أن فقدت هويتها كأم، أن تبدأ حياتها في مكان جديد، ولكن الأمر لا يبدو بهذه السهولة بعد أن رفض البنك منحها قرضًا للسكن، ورفض أخوها مطالباتها بإرثها القديم عن أبيها.

أبرز ما يميز فيلم سينجوبتا هو المعالجة البصرية الخلابة التي يصور من خلالها مدينة كالكوتا ما بين الماضي الدافئ والحميمي، والحاضر القاسي والبارد، تجربة رائعة يعود الفضل فيها لمدير التصوير الهندي الشهير جوخان تيرياكي، والذي جمعته علاقة تعاون طويلة مع المخرج التركي الشهير نوري بيلجي جيلان في Once Upon a Time in Anatolia، وWinter Sleep، وThe Wild Pear Tree. 

شارك الفيلم في المسابقة الرسمية لمهرجان فينيسيا السينمائي، ورُشِّح لجائزة الأسد الذهبي.

3. فيلم «Lamb»

عن تيمة الفقد أيضًا يدور فيلم «حمل» في عالم غرائبي عن زوجين يعيشان في مزرعة منعزلة في إحدى المناطق النائية بأيسلندا، تدور حياتهما حول الزراعة ورعاية الأغنام. يفاجأ الزوجان في أحد الأيام أن واحدة من أغنامهم قد وضعت مخلوقًا غريبًا بجسم بشري ورأس حمل. يقرر الزوجان، اللذان لا يزالان يعانيان من أزمة فقد ابنتهما الوحيدة، تبني المخلوق الغريب واتخاذه بديلًا للابنة الفقيدة. معالجة مثيرة لا تخلو من الرعب النفسي في أول أعمال المخرج الأيسلندي فالديمار جوهانسون. شارك الفيلم في مسابقة «نظرة ما» بمهرجان كان السينمائي، وفاز بجائزة الأصالة، كما رُشِّح لجائزة الكاميرا الذهبية.

4 وَ 5. فيلمان في عام واحد

في تجربة استثنائية قدم المخرج الياباني ريوسوكي هاماجوتشي عملين مختلفين لهذا العام، الأول هو فيلم Wheel of Fortune and Fantasy الذي يقدم تأريخًا لحياة المرأة في اليابان المعاصرة عبر ثلاث حكايات فضفاضية الترابط، تتأثر فيها العلاقات الإنسانية بفرصة مصيرية لا يمكن التنبؤ بها. شارك الفيلم في مهرجان برلين السينمائي وفاز بجائزة لجنة التحكيم الكبرى

أما فيلمه الثاني Drive My Car فهو معالجة لرواية الأديب الياباني الشهير هاروكي موراكامي، ويدور حول ممثل ومخرج مسرحي لا يزال غير قادر على التكيف مع فقدان زوجته المحبوبة بعد عامين من وفاتها. شارك الفيلم الثاني في مهرجان كان السينمائي، وفاز بجائزة أفضل سيناريو وجائزة الفيبريسي (الاتحاد الدولي للصحافة السينمائية) في سابقة قد تكون الأولى من نوعها لمخرج يشارك في اثنين من أهم المهرجانات العالمية ويحوز جوائزهما المرموقة.

6. فيلم «Compartment Number 6»

بعد فيلمه الأول «The Happiest Day in the Life of Olli Maki» الذي فاز بجائزة قسم «نظرة ما» بمهرجان كان السينمائي، يعود المخرج الفنلندي يوهو كوشمانين إلى مهرجان كان بفيلمه الثاني «مقصورة رقم 6» ويقتنص الجائزة الكبرى، وترشيحًا لجائزة السعفة الذهبية الشهيرة.

يتتبع فيلم «مقصورة رقم 6» شابة فنلندية سافرت إلى روسيا للدراسة، تقرر خوض رحلة شاقة في القطار إلى منطقة نائية لزيارة أحد المعالم الأثرية. تدور الغالبية العظمى من أحداث الفيلم داخل القطار، حيث تتعرف الشابة الفنلندية على شاب روسي يصاحبها في رحلتها الطويلة ويخفف من وحشة الغربة والوحدة ويمنحها ذكرى حميمية ستبقى لأمد بعيد. رحلة سينمائية مشوقة وملأى بالمفاجآت، مع أداء تمثيلي متقن من بطلي الفيلم، لا سيما الممثل الروسي يوري بوريسوف الذي يشارك في فيلم آخر من أهم أعمال هذا العام.

7. فيلم «I’m Your Man»

عودة مرة أخرى إلى تيمة الفقد والوحدة، هذه المرة مع الفيلم الألماني «أنا رجلك» للمخرجة ماريا شريدر. فيلم خيال علمي يتخذ من تيمة الذكاء الاصطناعي ملعبًا لمعالجته الذكية لموضوع الوحدة، ويدور حول ألما التي تقود فريقًا بحثيًّا في متحف بيرجامون في برلين يقوم بدراسة موضوع المجاز الشعري في إحدى اللغات التاريخية القديمة. يسند إليها رئيسها في العمل مهمة من نوع غريب، وهي أن تقوم بتقييم أحد الروبوتات الذي صمم خصيصى ليلائم احتياجاتها العاطفية. لتنفيذ هذه المهمة يتعين على ألما أن تقضي ثلاثة أسابيع برفقة الإنسان الآلي، ثم كتابة تقرير عن التجربة. ترفض ألما التجربة في البداية، قبل أن ترضخ إلى رئيسها وتبدأ رحلة وجودية خاصة مع هذا الكيان الصناعي، تختبر خلالها مشاعرها وأفكارها ورؤيتها الكاملة للحياة.

شارك الفيلم في المسابقة الرسمية لمهرجان برلين السينمائي مرشحًا لجائزة الدب الذهبي، كما فاز بجائزة أفضل أداء تمثيلي لبطلته الألمانية مارين إيجيرت.

8. فيلم «Captain Volkonogov Escaped»

تدور أحداث الفيلم الروسي «هروب الرقيب فولكونوجوف» في الاتحاد السوفيتي قبيل اندلاع الحرب العالمية الثانية، ويتمحور حول شخصية فيدور فولكونوجوف المطارد من قبل السلطات لتمرده وهروبه بعد أن طواه شعور عميق بالذنب إزاء كل الأبرياء الذين قام بتعذيبهم قبل أن يُحكَم عليهم بالإعدام لأسباب تافهة. ينطلق فولكونوجوف في رحلة للبحث عن عوائل هؤلاء الأبرياء ليطلب منهم الغفران في محاولة أخيرة بائسة للتطهر، قبل أن يدرك في النهاية أنه ليس أهلًا للمغفرة، وأن الجنة لن تكون أبدًا مكانه.

تجربة بصرية مدهشة، وأداء تمثيلي رائع من بطل الفيلم يوري بوريسوف الذي شارك في بطولة فيلم “المقصورة رقم 6”. شارك الفيلم في المسابقة الرسمية لمهرجان فينيسيا السينمائي.

9. فيلم «Official Competition»

أحدث أفلام الثنائي الأرجنتيني ماريانو كوهن، وجاستون دوبرات، ومن بطولة بينيلوبي كروز وأنطونيو بانديريس. تدور أحداث الفيلم عن رجل أعمال ملياردير يقرر، بحثًا عن الأهمية والمكانة الاجتماعية، أن يصنع فيلمًا ليترك بصمته. وللقيام بذلك يقوم بتوظيف فريق عمل من مخرجة شهيرة واثنين من الممثلين المشهورين.

تجربة سينمائية مميزة يسيطر عليها شكل القص الماورائي (Metafiction) حيث تقوم أحداثه بالكامل حول إنتاج فيلم سينمائي، ويتناول بشكل هزلي كل المفاهيم السائدة في عالم صناعة السينما الفنية، كما يقوم بتفكيك المفاهيم السائدة عن الفن المعاصر ما بين القيمة الحقيقية والتزييف. شارك الفيلم في المسابقة الرسمية لمهرجان فينيسيا السينمائي مرشحًا لجائزة الأسد الذهبي.

10. فيلم «Bergman Island»

تجربة أخرى من نوع القص الماورائي، والتي تضم فيلمًا داخل الفيلم، للمخرجة الفرنسية الحائزة على جائزة الدب الفضي (أفضل مخرج) من مهرجان برلين عام 2016، ميا هانسن لوف. يدور الفيلم حول زوجين أمريكيين ومخرجين سينمائيين شهيرين يذهبان في رحلة لقضاء الصيف في الجزيرة التي ألهمت المخرج السويدي الشهير إنجمار برجمان، وصنع عليها أشهر أفلامه، في محاولة لكتابة سيناريو أفلامهما القادمة. ومع تقدم الصيف وإنجاز العمل على نصوصهما السينمائية، تتماهي الخطوط الفاصلة بين الواقع والخيال.

أحد أجمل أفلام العام بكل تأكيد، والذي يمثل تحية رقيقة للغاية لأحد أعلام السينما العالمية. شارك الفيلم في المسابقة الرسمية لمهرجان كان السينمائي، مرشحًا لجائزة السعفة الذهبية.

11. فيلم «The French Dispatch»

أحدث أفلام المخرج الأمريكي الشهير ويس أندرسون من بطولة عدد كبير من النجوم العالميين من بينهم فرانسيس ماكدورماند، وأدريان برودي، وبينيشيو ديل تورو، وبيل موراي، وليا سادو، وغيرهم. تدور أحداث الفيلم، كغالبية أفلام أندرسون، في مدينة فرنسية خيالية، وحول مجموعة من المحررين بمجلة أمريكية مقرها فرنسا. مجموعة متنوعة من القصص الصحفية التي ضمها العدد الأخير من المجلة بعد وفاة رئيس تحريرها ومالكها آرثر هاوتزر الابن (قام بدوره بيل موراي)، ينقلها أندرسون بأسلوبه المميز والخاص إلى الشاشة، تارة بالألوان وأخرى بالأبيض والأسود، مع لحظات خاصة يجمع فيها السرد بين الشكلين. شارك الفيلم في المسابقة الرسمية لمهرجان كان السينمائي، ورُشِّح لجائزة السعفة الذهبية.

12. فيلم «Last Night in Soho»

أحدث أفلام المخرج البريطاني إدجار رايت، الذي اشتهر بهوسه بأفلام النوع، وأفلام جيمس بوند. بعد تجربة وحيدة في هوليوود من خلال فيلم Baby Driver، يعود المخرج البريطاني إلى موطنه في فيلمه الجديد الذي يمزج بين نوعي الرعب والسفر عبر الزمن، إذ يدور الفيلم حول مصممة أزياء شابة تنتقل من قريتها الصغيرة إلى لندن، تستطيع في ظروف غامضة السفر إلى ستينيات القرن العشرين ومعايشة قصة شابة أخرى عاشت في الغرفة نفسها في لندن مغايرة. يتلاعب رايت بمهارة فائقة بقواعد الفيلم النوعي ويستكشف آفاقًا جديدة وطازجة لأنواع فيلمية عانت من الركود لسنوات طويلة، كما يحافظ على براعته الخاصة في تصميم شريط صوت مميز يتغلغل بالكامل في سردية الفيلم دراميًّا وبصريًّا. عُرض الفيلم ضمن فعاليات مهرجان فينيسيا السينمائي لهذا العام.

13. فيلم «Memoria»

أحدث أفلام المخرج التايلاندي الحائز على جائزة السعفة الذهبية من مهرجان كان السينمائي عام 2010، أبيتشاتبونج ويرازيثاكول، ومن بطولة الممثلة العالمية تيلدا سوينتون. تدور أحداث فيلم “ذاكرة” حول امرأة تستيقظ من نومها على صوت غير مفهوم، قبل أن تبدأ رحلة بحثًا عن طبيعة هذا الصوت. شارك الفيلم في المسابقة الرسمية لمهرجان كان السينمائي 2021، وفاز بجائزة لجنة التحكيم.

14. فيلم «Petite Maman»

بعد النجاح الكبير الذي أحرزته المخرجة الفرنسية سيلين سياما في فيلمها الجميل Portrait of a Lady on Fire، والحائز على جائزة أفضل سيناريو من مهرجان كان السينمائي 2019، تقدم سياما هذا العام فيلم “أمي الصغيرة”، والذي يدور حول نيللي البالغة من العمر 8 سنوات تقوم بمساعدة والديها في تنظيف منزل الجدة التي فارقت الحياة لتوها. هناك، في المنزل الذي عاشت فيه الأم طفولتها، تستكشف نيللي المنزل والغابات المحيطة به حيث اعتادت أمها اللعب، وتكتشف منزل الشجرة الذي سمعت عنه كثيرًا من الأم. محاولة رومانسية للتواصل مع الماضي وتجربة سينمائية شاعرية أخرى من المخرجة الفرنسية الموهوبة. شارك الفيلم في المسابقة الرسمية لمهرجان برلين السينمائي ورشح لجائزة الدب الذهبي.

15. فيلم «Belle»

أحدث أفلام مخرج الإنيمي الياباني الشهير مامارو هوسودا، والمرشح لجائزة الأوسكار لأفضل فيلم رسوم متحركة عام 2019 عن فيلمه السابق Mirai. يدور فيلم «بيل» حول سوزو، المراهقة الخجولة والانطوائية التي تعيش في قرية نائية. بعد أن تنخرط سوزو في أحد تطبيقات العوالم الافتراضية، والتي تدخلها بشخصية مغايرة باسم “بيل” تتحول فجأة إلى مطربة مشهورة ومحبوبة

تجربة بصرية مميزة للغاية يقوم من خلالها هوسودا بمعالجة أحد أكثر الموضوعات المعاصرة تداولًا، لا سيما وأن الفيلم جاء قبل إعلان شركة فيس بوك عن دخولها تحت مظلة الشركة الأكبر «ميتا»، والتي تعد بتجربة مختلفة للعوالم الافتراضية. يتحرك الفيلم في المساحة الرمادية بين العالمين الواقعي والافتراضي، ويناقش عددًا من القضايا المجتمعية بشكل جذاب وأفكار طازجة، كما يتميز بشريط صوت رقيق ومعبر، من خلال عدد من الأغاني الجميلة التي تستكمل السردية الدرامية. شارك الفيلم في المسابقة الرسمية لمهرجان لندن السينمائي.

16. فيلم «A Hero»

أحدث أفلام المخرج الإيراني الفائز بجائزتي أوسكار، أصغر فرهادي. يدور فيلم “بطل” حول رحيم الذي يدخل السجن بسبب دَين لم يتمكن من سداده. خلال إجازة قصيرة لمدة يومين، يحاول رحيم إقناع دائنه بسحب الدعوى القضائية ضده مقابل دفع جزء من المبلغ، ولكن الأمور لا تسير كما هو مخطط لها.

17. فيلم «The Hand of God»

فيلم المخرج الإيطالي الحائز على جائزة الأوسكار لأفضل فيلم ناطق بغير الإنجليزية، باولو سورنتينو، والذي يعود من خلاله إلى عقد الثمانينيات من القرن العشرين في معالجة لقصته الذاتية في سنوات المراهقة والحادث المؤسف الذي قضى على أبويه بفعل تسريب غاز أول أكسيد الكربون بينما كان هو يحضر إحدى مباريات كرة القدم لفريقه المحلي نابولي الذي استقطب لتوه اللاعب الأسطوري دييجو مارادونا. بعد أكثر من ثلاثة عقود على الحادث، يعود سورنتينو لزيارته مرة أخرى وتجسيده على شاشة السينما عبر أسلوبه الخاص الذي يعكس الواقع الإيطالي بصبغة فنية لا تخلو من الكوميديا. أحد أجمل أفلام بلوغ سن الرشد، وأحد أفضل الأعمال السينمائية لهذا العام بلا شك. شارك الفيلم في المسابقة الرسمية لمهرجان فينيسيا السينمائي مرشحًا لجائزة الأسد الذهبي والأسد الفضي لأفضل مخرج، وتوج بجائزتي بازينيتي كأفضل فيلم وأفضل ممثلة لبطلته تيريزا سابونانجيلو.

أفلام موسم الجوائز

نظرًا لأن هذا التقرير يأتي قبل أيام قليلة من نهاية عام 2021، وأن عددًا من الأفلام المهمة من المنتظر طرحها قبل نهاية العام، ولكن لم يتسنَّ لنا مشاهدتها بعد، رأينا أن ندرج هنا عددًا من العناوين المهمة التي من المتوقع أن تكون من أبرز أعمال هذا العام.

18. فيلم «Licorice Pizza»

أحدث أفلام المخرج الأمريكي الشهير بول توماس أندرسون، والحائز على جائزة الإخراج من أهم المهرجانات العالمية، وفي ذلك مهرجانات كان، وبرلين، وفينيسيا، إضافة إلى جائزة الدب الذهبي أفضل فيلم من مهرجان برلين السينمائي عن فيلمه Magnolia عام 1999. يدور فيلم “بيتزا عرق السوس” حول ألانا كين وجاري فالنتاين، اللذين يشبان، يركضان، ويقعان في الحب في واد سان فرناندو عام 1973.

19. فيلم «Don’t Look Up»

أحدث أفلام المخرج الفائز بجائزة الأوسكار آدم مكاي، ومن بطولة نخبة من ألمع النجوم العالميين مثل ليوناردو دي كابريو، وميريل ستريب، وكيت بلانشيت، وجونا هيل. يدور الفيلم حول كيت ديبياسكي (جينيفر لورانس) طالبة علم الفلك، وأستاذها الدكتور راندال ميندي (ليوناردو دي كابريو) اللذين يكتشفان مذنبًا ضخمًا في حجم جبل إيفريست، يدور داخل النظام الشمسي وفي مسار تصادم مباشر مع الأرض. مع اقتراب كارثة المذنب المتوقع أن يصطدم بالأرض بعد ستة أشهر، يقوم الأستاذ الجامعي وطالبته بحملة إعلامية لتحذير البشرية من الخطر المحدق بها.

20. فيلم «Being the Ricardos»

أحدث أفلام المخرج وكاتب السيناريو الأمريكي الحائز على جائزة الأوسكار، إيرون سوركين، من بطولة الممثلان الحائزان على جائزة الأوسكار، الأمريكية نيكول كيدمان، والإسباني خافير بارديم. فيلم آخر من نوع السيرة الذاتية، النوع المفضل لدى سوركين، الذي صنع من خلاله أبرز أعماله وعلى رأسها فيلمه الشهير The Social Network. يدور فيلمه الجديد «أن تكون من آل ريكاردو» حول الزوجين لوسي وديسي، اللذين يواجهان أزمة قد تقضي على مستقبلهما المهني، وأخرى قد تقضي على علاقتهما الزوجية.

 

موقع "إضاءات" في

19.12.2021

 
 
 
 
 

"قصة الحي الغربي" يرويها سبيلبيرغ بالضوء واللون

محمد بنعزيز

يعود ستيفن سبيلبيرغ بتحفةٍ بصرية: "قصّة الحي الغربي". في كلّ لقطة، ضوءٌ وظلّ. الضوء ـ الظلّ وسيلة بلاغية بصرية. يتمّ التركيز في الصُوَر ـ اللوحات ـ اللقطات على البُعد الثالث للصورة، وعلى العمق، فلا يقلّ غنى عمق اللوحة وخلفيتها عن غنى مقدّمتها، حيث يجري الحدث المسرود. في الخلفية، إضاءة فنية. في المقدّمة، شابّة سمراء وشاب أبيض في مواجهة تحدٍّ راقص. يمثّل وضع أنفٍ في مواجهة أنفٍ تحدّياً وتهديداً، لكنّ الشفاه الباسمة تُخفِّض التوتّر، وربما تلتقي. في مَشاهد كهذه، يُمكن قطع الصوت للاستمتاع بثراء الصورة المركّبة.

يحكي سبيلبيرغ، بالضوء واللون، قصّة مُطاردات شرسة في حي شعبي في نيويورك، يتزايد عدد سكّانه بسبب المهاجرين. النتيجة: صدامات، وقصّة حبّ تليق بتراجيديا شكسبيرية. رغم اللمسة التراجيدية، هناك ما يكفي من البهجة لمقاومة أجواء كورونا. البهجة الأكبر أنْ يُعرض الفيلم في الدار البيضاء، في اليوم نفسه لبدء عروضه الأميركية. ماذا خلف جرعة المُطاردات والأغاني، في فيلم مدّته 156 دقيقة؟

في الخلف، صورة نيويورك في منتصف القرن الـ20. يتكدّس المهاجرون الجدد في الأحياء القديمة، التي يهجرها سكّانها بعد تحسّن دخلهم. هذا عمقٌ اجتماعي للفيلم، الذي بدأ بكاميرا تنزل، ثم تصعد لعرض المكان في شموليته. تنزل الكاميرا من العام إلى الخاص، وعندما تنتهي الحكاية، تصعد من الخاص إلى العام. يبدأ الفيلم بلقطة استنباطية، وينتهي بلقطة استقرائية للمكان. يحيل عنوانه إلى مكان له أهمية كبيرة في أفلام ستيفن سبيلبيرغ، كما في "أمستايد" (1997)، حيث يجري الصراع في مركب في عرض المحيط الأطلسي، وفي "تيرمينال" (1994) الذي تجري وقائعه في صالة انتظار في "مطار جون أف كينيدي الدولي" في نيويورك.

يشتدّ النزاع في الحيّ الغربي بين اللاتين والبيض الفقراء. أجسادٌ شابة تتعرّض للاختبار أثناء الرقص. جرت محاولة لتنظيم مسابقة للرقص، على أمل أنْ تُنهي الصراع بين الأميركيين. هكذا صار الرقص حلاً درامياً لمواجهة اجتماعية. هناك أغانٍ فيها محاكاة ساخرة لمعاملة المهاجرين كمنحرفين من الشرطة والمحاكم. في النصف الثاني، تَقلّ الأغاني الاحتفالية، وتزداد مساحة الأغاني الفردية الدرامية.

يحكي سبيلبيرغ هذا بالضوء واللون. يفرح البشر بالألوان. هذا مُسلّم به في وصلات الإعلانات التجارية. لكنْ، للألوان في السينما دلالة دراميةأبيض ضد أسمر مهاجر. مهاجرات سمراوات يكدحن في محلات راقية، يرتادها البيض والشقر. يحكي سبيلبيرغ بالرقص للعين، وبالموسيقى للأذن. يحكي بالألوان. يُصَوّر موعداً غرامياً في كنيسة، تصير متحفاً. هنا، اكتشاف علاقة سبيلبيرغ بالتشكيل. يُصَوِّر زجاج النوافذ الملوّن: الأحمر يُعبّر عن العاطفة والحبّ، والبرتقالي يبثّ الطاقة والحيوية، والأصفر يمنح السعادة والأمل. في رقصات الشوارع، يُصَوّر لقطة انعكاس الضوء على ماء متحرّك ليلاً. يولِّد مؤثرات بصرية طبيعية مذهلة.

يصور ستيفن سبيلبيرغ ضوءاً ينبعث من عمق الكادر، وبلاطاً مُبلّلاً ليعكس الضوء، وحاجزاً يرتفع فتتغيّر الإضاءة، وضوءاً منخفضاً يجعل الظلال تبدو طويلة مُهدَّدة. في السينما، توجد الكاميرا دائماً في موقع محدّد. يُعتَبر اختيار الموقع ـ والمسافة التي تفصل عمّا سيُصوَّر ـ تعبيراً عن ذوق المخرج وفكره. تصوير مشهد وصول الشرطة إلى موقع الجريمة تحفة بصرية. هذا دليل حي على أنّ الإخراج تفكيرٌ وتعبيرٌ بالصُوَر عن المكتوب في السيناريو.

اقتبس سبيلبيرغ نصّاً معروضاً كمسرحية عام 1961، اقُتبس للسينما منذ 60 عاماً. ما الذي لديه ليقوله عن هنا والآن؟ كُتِب النصّ المقتبس حين كان اللون الأسود شتيمة، والكلام بالإسبانية ممنوعاً، في أميركا اليمينية البيضاء. نظراً إلى ما رافق انتخاب جو بايدن عام 2020، يبدو أنّ أميركا لم تُشفَ بعدُ من العنصرية. في أجواء كهذه، تقع التراجيديا بعد الغناء والحبّ. الحبّ عابر للطبقات والنساء، وفاعل مُخفّض للتوتّر والنزاعات. من يغرق في الكراهية، يستطيع أنْ يَقتُل. من موقع الكاميرا، ينحاز المخرج إلى تفتّح حبٍّ عابر للطبقات. الحبّ حياة، لا خطأ ولا صواب. يُقدَّم هذا كلّه في أداء مسرحي أوبرالي، بإضاءة سينمائية فذّة.

ستيفن سبيلبيرغ مخرج جماهيري. المطاردة عنصر رئيسي في أفلامه. هكذا يستنبط معنى القصّة من الصُوَر لا من الحوار. يُمكن حذف الصوت والمُشاهدة، من دون أنْ يضيع المعنى المُتفائل. لذلك، قدّم فيلماً رومانسياً راقصاً من طراز "ساندريلا" (2021)، لكاي كانون، الذي قدّم أيضاً بطلة سمراء. فيلمٌ راقص، لأنّ العالم يحتاج إلى البهجة، بعد عامين تقريباً من كورونا. تفهم أميركا ما يطلبه جمهور العالم، وتقدِّمه وتحقِّق إيرادات مالية مهولة بفضله، بدءاً من أفلام هوليوود، حتّى "غوغل" و"فيسبوك".

سبيلبيرغ مخرج يستهدف الجمهور الواسع، منذ "الفكّ المفترس" Jaws. كلّف الفيلم (1975) سبعة ملايين دولار أميركي، وحقّق ـ في عامه الأول ـ 470 مليون دولار أميركي، أي 67 مرّة ضعف ميزانيته. يحكي الفيلم قصّة عدو مفترس. لا يزال البشر يقاومون من يهدِّدهم بافتراسهم. كلّ قصّة ـ لا تساعدهم على قراءة تجاربهم المتجدّدة ـ تافهة. يؤكّد "الفكّ المفترس" أنّ القرش الذي يتحرّك في مياه ضحلة، قرش ميت. حتّى الفنان الذي يتحرّك في مياه ضحلة، من دون جمهور يموِّله، فنان ميت.

لا يزال "الفكّ المفترس" يُباع إلى اليوم في منصّات المُشاهدة. يقول كارل ماركس: "تصبح للفكرة قوّة، عندما تستولي على الجماهير". تصير لفيلمٍ قوّة، عندما يستولي على الجماهير. استولت أفلام سبيلبيرغ على الجماهير، وسحرتها، في نصف قرن، ولا تزال صامدة في شبّاك التذاكر.

 

العربي الجديد اللندنية في

19.12.2021

 
 
 
 
 

6 أفلام استمدت أحداثها من قصص واقعية وأُنتجت عام 2021

الوكالات ـ «سينماتوغراف»

رغم أن أفلام الفانتازيا والخيال العلمي مليئة بالإثارة والتشويق، وتأخذنا إلى عوالم أخرى لا نعرفها ولم نتخيل وجودها، فإننا في بعض الأحيان نكون بحاجة إلى مشاهدة أفلام قصص حقيقية، تعكس أحداثاً واقعية تحاكي حياتنا، وتحدياتها، وقصص النجاح والفشل التي تواجه معظمنا، خاصة إن كانت الشخصيات موجودة بالفعل في الواقع.

تميّز عام 2021 بمجموعة من الأفلام المميزة التي استُلهمت قصتها من شخصيات وقصص واقعية لأكثر المشاهير والشخصيات المشهورة، مثل الأميرة ديانا، وعائلة جوتشي.

وفيما يلي رصد لأهم الأفلام التي استندت احداثها على قصص واقعية..

One Night In Miami

في إحدى الليالي في عام 1964، تجمّع أربعة رموز رياضية وموسيقية للاحتفال بأحد أكبر الانتصارات في تاريخ الملاكمة، هزيمة كاسيوس كلاي، الذي سيُطلق عليه اسم محمد علي لاحقاً، لبطل الوزن الثقيل سوني ليستون، في قاعة مؤتمرات ميامي.

يجتمع كلاي الذي لعب دوره (إلي جوري) مع ثلاثة من أصدقائه الأمريكيين من أصول إفريقية: الوزير والناشط الحقوقي الأمريكي، مالكوم إكس (كينغسلي بن أدير)، ولاعب كرة القدم الشهير سام كوك (ليزلي أودوم جونيور)، والمغني الأمريكي جيم براون (ألديس هودج).

العمل يعتمد كلياً على الحوارات بين الأبطال الأربعة، وقد عرض الفيلم فترة اضطهاد المجتمع الإفريقي الأمريكي في بعض المشاهد، ولكن الأحداث كانت تدور في فترة ليلة واحدة، وفي أماكن محدودة جداً، وأغلبها داخل غرفة واحدة.

عُرض الفيلم الدرامي One Night in Miami لأول مرة في مهرجان البندقية السينمائي، في 7 سبتمبر 2020، قبل طرحه رقمياً على Amazon Prime Video، في 15 يناير 2021. وقد نال الفيلم ثلاثة ترشيحات في حفل توزيع جوائز الأوسكار لأفضل ممثل مساعد وأفضل سيناريو مقتبس عن قصة حقيقية وأفضل أغنية. كما حصل أيضاً على ترشيحات لجائزة غولدن غلوب لأفضل مخرج.

House Of Gucci

استناداً إلى كتاب “The House of Gucci: A Sensational Story of Murder، Madness، Glamour، and Greed”، يروي الفيلم القصة الحقيقية المروعة لإمبراطورية العائلة وراء دار الأزياء الإيطالية Gucci، وقصة مقتل ماوريسيو جوتشي ودور زوجته السابقة باتريسيا ريجياني، التي لعبت دورها المغنية الأمريكية الشهيرة، ليدي غاغا، في التآمر على مقتله.

يلعب آدم درايفر وجاريد ليتو وآل باتشينو أدوار البطولة في هذا الفيلم، الذي عُرض في نوفمبر 2021.

تدور أحداث الفيلم سنة 1978، عندما تقابل “باتريسيا ريجياني” الفتاة الإيطالية الجميلة، “مارويسيو جوتشي”، ابن “رودولفو جوتشي”، أحد أكبر أعضاء منزل “جوتشي” الرائدين في عالم الأزياء والموضة.

حينما تدخل “بارتيسيا” عالم “ماوريسيو” يبدأ طموحها الجامح في التوغل أكثر داخل شؤون العائلة، لتدخل في دوامة مهولة من الخيانة والطمع والانحلال والانتقام، والقتل في سبيل السيطرة والسلطة!

تم ترشيح الفيلم لـ30 جائزة وحاز 3 جوائز، جائزة أفضل ممثلة وجائزة الأيقونة لليدي غاغا، وجائزة أفضل 10 أفلام من جمعية نقاد السينما الأمريكية الإفريقية.

Spencer

رغم مرور أكثر من عشرين عاماً على وفاتها فإن الاهتمام بالأميرة ديانا لا يفقد وهجه، ولا تزال شائعات العلاقات الغرامية والطلاق وسبب مقتلها حديث الصحف والأخبار والنقاد وصناع السينما إلى اليوم

لكن عام 2021 لم يتناول قصة ديانا من منظور تاريخي متسلسل كما فعل مسلسل التاج مثلاً، لكن أحداثه تدور على مدار ثلاثة أيام فقط خلال عطلة عيد الميلاد عام 1991، عندما تنضم الأميرة ديانا (كريستين ستيوارت) إلى العائلة المالكة في ساندرينجهام هاوس، وهو منزل خاص للملكة إليزابيث الثانية.

مع تدهور زواجها بسبب علاقة الأمير تشارلز المستمرة مع كاميلا باركر بولز، تتخذ ديانا القرار الصعب بالانفصال عن تشارلز، لكن في الوقت نفسه تخشى مما ستكون عليه عواقب المضي في قرارها، حتى إنها في مرحلة ما تتساءل بصوت عالٍ عما إذا كان من الممكن أن يتسبب بقتلها.

اختار المخرج التشيلي بابلو لارين أن يعطينا لمحة مما شعرت به ديانا خلال تلك الفترة، وركز في فيلمه على المشاعر لا الأحداث التاريخية.

رُشّح الفيلم لعدد كبير من الجوائز، وحاز 13 منها، ولا تزال هناك العديد من الترشيحات التي لم تظهر نتائجها بعد، مثل جائزة الأوسكار لأفضل ممثلة لكريستين ستيورات، وجائزة غولدن غلوب

King Richard

مسلحاً برؤية واضحة كتب ريتشارد وليامز خطةً مكونةً من 78 صفحة لحياة ابنتيه المهنية فينوس وسيرينا بأكملها، قبل أن تولدا لتصبحا لاعبتي التنس الأشهر في التاريخ.

تدور أحداث فيلم الملك ريتشارد الذي لعب بطولته الممثل الأمريكي ويل سميث في عام 1980، عندما قرر ويليامز كتابة خطته بعد مشاهدة التلفزيون ورؤية لاعبة التنس الرومانية فرجينيا روزيسي، البالغة من العمر 25 عاماً، تمنح 40 ألف دولار لفوزها بدورة لعب استمرت أربعة أيام. بالنسبة لريتشارد كان التنس طريق النجاح والازدهار للعائلة

كانت الخطة هي تدريب أطفاله في واحدة من أقسى المناطق في البلاد تعاملاً مع الأمريكيين من أصول إفريقية، كومبتون، كاليفورنيا. صحيح أن معظم الناس اعتقدوا أنه مجنون لكونه مصمماً جداً على أن يصبح أطفاله نجوم تنس، لكن خطته نجحت وأحلامه تحققت.

رشح الفيلم لأكثر من 50 جائزة، وحاز 16 جائزة، منها جائزة أفضل ممثل لويل سميث، وجائزة اختيار الجمهور لأفضل فيلم

Respect

يحكي الفيلم السيرة الذاتية للحياة الشخصية والمهنية للمغنية الأمريكية من أصول إفريقية أريثا فرانكلين، صاحبة لقب “ملكة غناء السول” التي توفيت عام 2018، التي لعبت دورها الممثلة جينيفر هدسون.

قصة الفيلم تعالج مواضيع وأفكاراً معقدة، من ضمنها الحياة الجنسية والعنف والأسلحة وإدمان الكحول وما يتبعه من نتائج كالعنف المنزلي. ولكن في الوقت نفسه تُظهر أهمية الإصرار والتصميم والقدرة على النهوض من جديد بعد الوقوع.

رحلة أريثا تضمّنت الكثير من العذابات والقرارات لاكتشاف عظمة صوتها، وكيف حال تمردها وعزة نفسها وقناعتها أن الاحترام هو الشرط الأهم للنجاح، دون انصياعها للواقع، وكان سبب نجاحها في تغيير حياتها ووصولها للشهرة ووصول صوتها بالطريقة التي لطالما رغبت أن تظهر بها.

رُشح الفيلم الذي صدر في شهر أغسطس/آب من عام 2021، لعدد من الجوائز، وحازت الممثلة جينيفر هادسون جائزة الرئيس لأفضل ممثلة.

The Last Duel

المبارزة الأخيرة هو فيلم إثارة دراما تاريخية من بطولة بن أفليك ومات ديمون ونيكول هولوفسنر وآدم درايفر وجودي كومر.

مقتبس عن أحداث حقيقية، يجسّد الفيلم كتاب “The Last Duel: A True Story of Trial by Combat in Medieval France” للناقد والدكتور الجامعي إريك جاكر، المتخصص في الأدب في مرحلة القرون الوسطى.

تدور أحداث الفيلم في فرنسا في القرن الرابع عشر عندما يُعلن الملك تشارلز السادس عن مبارزة مميتة ومصيرية بين جان دي كاروج وجاك لو جريس، حيث تنهار صداقة الثنائي عندما يُتهم كاروج باغتصاب زوجة جاك -مارغريت- وينكر هذه الواقعة.

يصور الفيلم المواجهة القتالية التي تستمر حتى الموت بين الاثنين، والتي تتم أمام الملك والعائلة الحاكمة، وقد وضعت المبارزة مصير الثلاثة بيد القدر. كما أن هذه المبارزة الشهيرة التي تجسّد قصاصاً رسمياً للمذنب كانت الأخيرة في التاريخ الفرنسي.

رشح الفيلم لعدد من الجوائز، وحاز جائزة NBR Award لأفضل الأفلام.

 

####

 

قائمة جوائز جمعية نقاد السينما في لوس أنجلوس عن أفضل أفلام 2021

الوكالات ـ «سينماتوغراف»

صوتت جمعية نقاد السينما في لوس أنجلوس يوم أمس السبت على أفضل الأفلام والعروض لعام 2021، حيث حصل ريوسوكي هاماجوتشي على جائزة الأوسكار اليابانية عن فيلم Drive My Car والذيكان الوصيف كذلك في جائزتي أفضل صورة وأفضل سيناريو، وحصدت جين كامبيون جائزة أفضل إخرج عن فيلم‏The power of the dog، بينما حصل على جائزة التمثيل سيمون ريكس عن أدائه في فيلم Red Rocket، وفازت بجائزة أفضل ممثلة بينيلوبي كروز عن دورها في فيلم parallel mothers .

وجاء هذا التصويت بعد أن اختارت دائرة نقاد السينما في نيويورك في وقت سابق من هذا الشهر فيلم Drive My Car كأفضل فيلم لها، وكانت ترشيحات يوم الاثنين الماضي من جوائز جمعية نقاد شيكاغو قد شهدت منافسه كبيرة على جوائزها بين فيلمي بلفاست وويست سايد ستوري.

وكانت قائمة جمعية نقاد السينما في لوس انجلوس عن الفائزين بجوائز عام 2021، وهي تقدم جوائز سنوية لأعضاء صناعة السينما الذين تميزوا في مجالاتهم، وشملت إجمالي 14 فئة، كما يلي:

أفضل فيلم: “Drive My Car”

المركز الثاني: “The Power of the Dog”

أفضل مخرججين كامبيون عن فيلم “The Power of the Dog”

المركز الثانيريوسوكي هاماجوتشي ، “Drive My Car”

أفضل ممثل: سيمون ريكس عن فيلم “Red Rocket”

المركز الثاني: بنديكت كومبرباتش ، “The Power of the Dog”

أفضل ممثلة: بينيلوبي كروز عن فيلم “Parallel Mothers” 

المركز الثانيرينات رينزفي ، “The Worst Person in the World”

وأيضا مناصفة مع  أونجانو إيلز من فيلم “الملك ريتشارد”. 

أفضل فيلم رسوم متحركة: Flee

المركز الثاني : “Belle”

أفضل فيلم وثائقي / واقعي: “صيف الروح

المركز الثاني: “موكب

أفضل فيلم بلغة أجنبية: Petite Maman

المركز الثاني: “Quo vadis ، Aida؟

أفضل سيناريو: “Drive My Car” لريوسوكي هاماجوتشي وتاكاماسا أوي

المركز الثاني: “بيتزا عرق السوس” ، بول توماس أندرسون

أفضل تصوير سينمائي: “The Power of the Dog” لآري ويجنر

الوصيف: “Dune” ، جريج فريزر

أفضل مونتاج: “صيف الروح” ، جوشوا ل. بيرسون

المركز الثاني: “بيتزا عرق السوس” ، آندي يورجينسن

أفضل موسيقى / مجموع: “أمهات موازية” ، ألبرتو إغليسياس

المركز الثاني : “The Power of the Dog” و “Spencer” جوني غرينوود

أفضل  إنتاج: “Barb and Star Go to Vista Del Mar” ستيف ساكلاد

المركز الثاني: “Nightmare Alley” ، تمارا ديفيريل

جائزة الجيل الجديدشاتارا ميشيل فورد ، “Test Pattern” و Tatiana Huezo ، “Prayers for the Stolen” (TIE)

 

موقع "سينماتوغراف" في

19.12.2021

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004