ملفات خاصة

 
 
 

"لا يُغتَفر" لنورا فِنْغْشايت:

الأداء رائعٌ لكنّ الميلودراما قاتلة

نديم جرجوره

جوائز الأكاديمية الأمريكية للفيلم

الدورة الرابعة والتسعون

   
 
 
 
 
 
 

جريمة قتل تؤدّي إلى حكمٍ بالسجن 20 عاماً. تفاصيل الجريمة تنكشف شيئاً فشيئاً، والمحكوم عليها بتهمة القتل تستعيد تلك اللحظات القليلة، التي تُغيّر كلّ شيءٍ في حياتها، بين حينٍ وآخر. للمحكوم عليها شقيقةٌ، لها 5 أعوامٍ فقط عند ارتكاب القتل. الخروج من السجن، بعد اعترافٍ بالجريمة التي ثمنها 20 عاماً، يضع المحكوم عليها أمام واقعٍ جديد: لن تعرف شيئاً عن شقيقتها، التي ستكتب لها مراراً في 20 عاماً، من دون استلام أي رسالة ـ ردّ منها. العالم الذي يستقبلها، بعد مرور تلك الأعوام، مختلفٌ تماماً: "ستبقين بالنسبة إلى الناس قاتلة"، والضحية شرطيٌّ له عائلة مكوّنة من أرملةٍ مُمدّدة، في منزلها، على سرير المرض، جرّاء زمنٍ طويل ومرير من الإدمان على الكحول، وشقيقان أحدهما متزوّج وله ابنة، وثانيهما أعزب مهووس بالثأر من قاتلة والده.

تفاصيل كهذه عادية للغاية. هناك عائلة أخرى تظهر في "لا يُغتَفر (The Unforgivable)"، جديد (2021) الألمانية نورا فِنْغْشايت (نتفليكس). زوجان وابنتان، تتعرّض إحداهما لحادث سيارة، تخرج منه بعطبٍ في يدها اليُسرى، ما يؤخّر تمريناتها على عزف البيانو. كلامٌ يتردّد بين الوالدين، يُفهَم منه أنّ هناك علاقة ما بين الابنة عازفة البيانو وخروج المحكوم عليها من السجن. حقيقة المسألة تنكشف لاحقاً، كأمورٍ كثيرة أخرى. أي بعد رحلة مليئة بقهر وألم وتحدّيات، وبعنفٍ مُعظمه كلامٌ يعكس وقائع وحالاتٍ وماضياً يرفض الخروج من راهنٍ، معطوبٍ أصلاً، لأنّ المحكوم عليها تريد، فقط، اطمئناناً على شقيقتها، التي تُربّيها لـ5 أعوام، فوالدتهما تُتوفّى لحظة ولادة الصغيرة.

روث سلايتر (ساندرا بولوك، المُشاركة في الإنتاج عبر شركتها Fortis Films) "تقتل" شرطياً، فيُحكم عليها بالسجن 20 عاماً. المُشرف على إطلاق سراحها المشروط، فنسنت كْروس (روب مورغان)، يؤمِّن لها عملاً في مسمكةٍ، وهذا غير مُتوافق مع احترافها أعمال النجارة، البارعة فيها، فتعثر عليها في مبنى يُجهَّز لإيواء مُشرّدين. ذهابها، ذات يومٍ، إلى المنزل ـ ساحة الجريمة، يؤسِّس علاقةً بالمحامي جون إنغرام (فنسنت دونوفْريو) وزوجته ليز (فيولا ديفيس). لن تُخبرهما أي شيءٍ عنها، باستثناء أنّها صانعة ترتيبات مختلفة في المنزل، قبل سنين. لاحقاً، تطلب من جون مساعدةً: تريد لقاء والديّ شقيقتها بالتبنّي، كايتي، بل كاثرين مالكولم (آشلينغ فرانشيوزي)، عازفة البيانو.

يُمكن سرد الحكاية كلّها، من دون الإضاءة على مخفيّ، يظهر في الثلث الأخير من "لا يُغتَفر" (112 دقيقة). الحكاية عاديةٌ، ومسارها الدرامي يحصل مراراً في بلدانٍ ومجتمعات وبيئات مختلفة. سبب الجريمة؟ بعد انتحار والدهما، ترفض روث ترك المنزل، وتُهدِّد الشرطة بإطلاق الرصاص من بندقية تملكها. يقتحم "الشْريف" المنزل من بابٍ خلفيّ، ويُقتَل. الأهمّ كامنٌ في مسائل أخرى: أسئلة الذنب والمغفرة والانتقام مطروحةٌ؛ الشعور بالتغييب قاتلٌ؛ البحث عن خلاصٍ من ماضٍ ثقيل مُتعِبٌ؛ الندم أساسيّ؛ العلاقة بالمجتمع فصلٌ من سيرة امرأة، تحمل آثار خطيئةٍ غير مُرتكِبةٍ إياها.

هذا بعض مضمونٍ، يتناوله سيناريو بيتر كريغ وهيلاري سايتس وكُرْتُوني مايلز (عن سلسلة تلفزيونية بريطانية بعنوان "غير مغفور (Unforgiven)" لسالي وانرايت، 2009)، في سرده حكاية امرأة تريد قيامةً من جحيمٍ، تعيش أهواله 20 عاماً.

الأهمّ أيضاً في "لا يُغتَفر" يحضر في أداء ساندرا بولوك، المتخلّصة من كلّ جمالٍ لها، ومن كلّ ماكياجٍ وتجميل، والغارقة في بؤسٍ، يُسحِر مُشاهده لشدّة امتلاكه براعة تمثيل، جزءٌ منها (البراعة) متأتية من حِرفية مهنيّة، يندر أنْ تبرع فيها بولوك، رغم سيرتيها السينمائية والتلفزيونية المديدتين (بدءاً من منتصف ثمانينيات القرن الـ20). ندرة التألّق تمنحها "أوسكار" أفضل ممثلة (2010)، عن دورها في Blind Side لجون لي هانكوك (2009)، وتُتيح لها اختبار دورٍ غير مألوفٍ في سيرتها: Bird Box لسوزان بيير (2018). ثقل الحزن والألم والتمزّق تُظهره بولوك في شخص روث سلايتر، بكلّ ما يتطلّبه من ملامح وحركاتٍ وتصرّفاتٍ، رغم أنّ في هذا كلّه شيئاً من حِرفية تحجب، أحياناً، تلك البراعة المنتظرة من ممثلةٍ، يغلب التشويق (أكشن) والهزل (أكثر من الكوميديا) والمغامرة العادية على اللائحة الطويلة لأفلامها السينمائية.

هذا غير لاغٍ حِرفية آخرين، أوّلهم فيولا ديفيس، رغم قلّة المَشاهد الظاهرة فيها. حِرفية تؤكّد أصول مهنةٍ، تتطلّب حِرفية كهذه. النصّ، بطرحه أسئلةً وبتقديمه صُوراً عن نفسٍ وذاتٍ وروحٍ وعلاقات وبيئة، يتفوّق قليلاً على أداءٍ واشتغالٍ وتفاصيل. المعالجة السينمائية مُصابة بميلودراما قاتلة، تُزيد الموسيقى (هانس زيمر وديفيد فلامينغ) حدَّتها البكائية، غير اللائقة بالنواة الدرامية المهمّة للنصّ، وبالأداء الجميل لساندرا بولوك، تحديداً.

 

####

 

منصة "نتفليكس"... رقابة بحسب الرغبات السياسية

لينا الرواس

يقود رافاييل بوب واكسبيرغ، مبتكر سلسلة الرسوم المتحركة "بوجاك هورسمان" Bojack Horseman حملة انتقادات شرسة ضد منصة "نتفليكس"، إذ غرّد أخيراً ليصف انعدام إيمانه بشعار المنصة الأهم: "الحرية الإبداعية"، مؤكدًا أن تجربته الشخصية معها لا تدعم تلك المقولة.

جاء تصريح واكسبيرغ المثير للجدل، بعد دعم شبكة "نتفليكس" للممثل والكوميدي ديف شابيل، وتنحية نفسها عن محتوى اسكتشاته الكوميدية، بما رأى فيها بعض من تلميحات معادية للعابرين جنسياً ولمجتمع الميم عموماً، خاصة استعراضه الأخير الذي حمل عنوان The Closer.

وعلى الرغم من الجدل المثار منذ الخامس من أكتوبر/تشرين الأول، إلا أن "نتفليكس" ظلت تدافع عن شابيل، ونفسها عبره، بحجة أن نكات الممثل الكوميدي في The Closer لم تقرب "حدود الكراهية" حتى. وصرح تيد ساراندوس، أحد المديرين التنفيذيين في "نتفليكس"، لصحيفة "وول ستريت جورنال": "لقد أوضحنا لموظفينا أنه ستكون هناك أشياء لن تحبوها... أشياء قد تبدو ضارة، إلا أننا نحاول الترفيه فقط وسط عالم بأذواق وحساسيات ومعتقدات مختلفة".

اشتدت التداعيات في أواخر أكتوبر بعد قيام المنصة بفصل بي. مينور، موظف ساعد في تنظيم إضراب احتجاجاً على دعم الشركة لشابيل. إلا أن الشركة ردت على الادعاءات، وزعمت أن فصل مينور جاء على خلفية تسريبه لمعلومات سرية.

استجابة للقضية المثارة، كتب صانع مسلسل الأنيميشن الأشهر في "نتفليكس": "ما زلت حائراً بخصوص صفقة ديف شابيل، والتي تتلخص في أنه، على ما يبدو، يقول كل ما يريد ونتفليكس تبثه فقط، ومن دون تحرير. هل هذا عادي بالنسبة للكوميديين؟ لأن نتفليكس طلبت مني ذات مرة تغيير نكتة خوفًا من أنها قد تزعج ديفيد فينشر".

زادت تصريحات واكسبيرغ حدة الموقف، وبعد سلسلة من المماحكات على "تويتر"، تعهد مبتكر "بوجاك هورسمان" بالكشف عن المشهد المحذوف من قبل "نتفليكس"، شريطة أن يتبرع مائة شخص لمنظمة Lifeline Trans، وهي منظمة غير ربحية توفر الموارد والمساعدات والدعم العاطفي والنفسي للأشخاص العابرين جنسياً. شكر واكسبيرغ جمهوره من المغردين والمتبرعين، وبعد جمع أكثر من ألفي دولار للمنظمة، شارك مقتطفات من السيناريو الأساسي، تُظهر إحدى شخصيات المسلسل الرئيسية (برنسيس كارولين) تهزأ من فيلم se7en للمخرج فينشر.

لم يمض وقت طويل، قبل أن يعترف واكسبيرغ نفسه بأن المشهد سخيف، وبأن "نتفليكس" كانت محقة في حذفه لضعفه من الناحية الفنية، إلا أنه أوضح أن اعتراضه منذ البداية لم يكن استياءً، بل سخرية من المنصة ومزاعمها الكثيرة حول وقوفها "موقف الحياد" أمام المحتوى الفني المتاح عبرها بحجة "التعبير الحر". وتابع، مشيراُ إلى علاقة "نتفليكس" بشابيل: "من السخف أن تتظاهر الشبكة بأن يديها مقيدتان عندما يتعلق الأمر بالمحتوى الذي تبثه على منصتها".

وبطبيعة الحال، ليست هذه هي المرة الأولى التي تقوم فيها الشبكة بحذف مشاهد، أو حلقات، بناء على معطيات عدة، منها تحليل بيانات المشاهدة، أو امتثالاُ للقوانين المحلية الأخلاقية والسياسية المعمول بها في مختلف البلدان. إذ يتعين على "نتفليكس"، بغية المحافظة على توسعها في جميع أنحاء العالم، التكيف مع مختلف المجالات السياسية والأخلاقية، وتطبيق الرقابة بما يتناسب مع معايير البلدان المعنية.

في هذا السياق، يوضح تقرير الشبكة السنوي لعام 2018، حاجة "نتفليكس" إلى كل من الرقابة وتكييف المحتوى لمراعاة الاختلافات الثقافية والمحددات اللغوية، واعتبار هاتين الأخيرتين مخاطر تجارية، خاصة مع توقف نمو المشتركين في الولايات المتحدة الذي يتطلب من الشركة الاستمرار في التوسع بشكل كبير في الخارج لإنماء الاستثمار ومجاراة المنافسة.

وفق القانون، إذن، تعدل "نتفليكس" محتواها بشكل مرن. أمر شهدناه بوضوح على المنصة في تركيا والهند وسنغافورة وغيرها من البلدان. ففي 2019، تلقت الشبكة طلباً من هيئة تطوير وسائل الإعلام في سنغافورة، لإزالة فيلم "إغواء المسيح الأخير" من الخدمة في سنغافورة فقط. وعام 2017، امتثلت الشركة لطلب كتابي من الهيئة الفيتنامية للبث والمعلومات الإلكترونية لإزالة فيلم Full Metal Jacket من الخدمة في فيتنام. وفي العام نفسه، أزيل Night of the Living Dead من الخدمة في ألمانيا فقط، وذلك بطلب من اللجنة الألمانية لحماية الشباب. كما أن "نتفليكس" وقعت اتفاقية طوعية مع الهند، تتعهد بعدم عرض المحتوى الذي ينتهك الأديان أو يهين العلم الوطني.

أعادت حملة واكسبيرغ إحياء الجدل القائم منذ سنوات تجاه "نتفليكس" وممارساتها الرقابية، حتى أن البعض بات يتهمها بمحاباة الأنظمة السياسية على حساب متطلبات مشتركيها، فضلاً عن الانحياز الأيديولوجي في ترويجها، المباشر وغير المباشر، لبعض المفاهيم الثقافية والاجتماعية عبر محتوى ما تبثه. إلا أن الاتهام الأسوأ؛ يكمن في إشارة بعضهم إلى الازدواجية التي قد تنطوي عليها سياسات الشبكة، عندما يتعلق الأمر بمفاهيم الصوابية السياسية، متذرعة بالحرية الفردية وبفكرة كونها "منصة للجميع"، من دون قيود.

على الرغم من الإنجاز الثقافي والفني الكبير الذي حققته "نتفليكس" على مدار السنوات الماضية، إلا أن حقيقة كونها مشروعًا اقتصاديًا يسعى إلى الربح بالدرجة الأولى، تمثل خاصرتها الأضعف، فتجعلها عرضة بشكل مستمر إلى انتقادات جمهورها وإلى تضارب المصالح، وتضعها موضع التساؤل دوماً: ماذا سيحدث حين تتعارض تلك المصالح جذرياً مع القيم التي اجتذبت للمؤسسة جمهورها الحالي؟

 

العربي الجديد اللندنية في

17.12.2021

 
 
 
 
 

النقاد العرب يقيّمون السينما الأوروبية ويمنحونها الجوائز

نضال قوشحة

"107 أمهات".. سجينات يفقدن حضانة أطفالهنّ بقوة القانون الأوروبي.

تقدّم السينما فرصة إنسانية كبرى لتلاقي الثقافات والحضارات، فمن خلالها يمكن تجاوز حدود التاريخ والجغرافيا، ليبدو الاختلاف هامشيا، وفي السينما يلتقي الإنسان بنظيره الإنسان مهما كان بعيدا عنه، من خلال فيلم أو مهرجان سينمائي أو حتى جائزة سينمائية تجمع في سبيل إنجازها سينماءات مختلفة من أركان الأرض. وجائزة النقاد العرب لأفضل فيلم أوروبي التي أُحدثت مؤخرا في المشهد السينمائي العربي حقّقت هذا التواصل الإبداعي الإنساني، فأوجدت حراكا بين الجهتين وهي تُتابع خطواتها نحو شكل يبدو أكثر تفاعلا وغنى.

فاز فيلم “107 أمهات” بجائزة النقاد العرب للعام 2021، وهي الجائزة التي ينظمها مركز السينما العربية “آي.سي.سي” ومنظمة ترويج الفيلم الأوروبي “إي.أف.بي” للعام الثالث على التوالي.

وأعلن عن الفيلم الفائز ضمن فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته الثالثة والأربعين. والفيلم من إنتاج مشترك بين سلوفاكيا وأوكرانيا والتشيك، وهو الروائي الأول للمخرج السلوفاكي بيتر كيريكس الذي قدّمه عام 2021 وهو أول فيلم سلوفاكي يمثلها في ترشيحات الأوسكار.

دراما إنسانية

عرف عن المخرج بيتر كيريكس مكانته الهامة في السينما الوثائقية، حيث أنجز العديد من الأفلام التي راجت على المستوى العالمي. وأعطت لجنة الجائزة المؤلفة من واحد وسبعين ناقدا سينمائيا من خمس عشرة دولة عربية جائزتها للفيلم بعد تنافس قويّ مع أربعة وعشرين فيلما أوروبيا.

 جائزة النقاد العرب لأفضل فيلم أوروبي أوجدت حراكا إبداعيا وإنسانيا بين الشرق والغرب متجاوزا للحدود

وتقول علا الشيخ الناقدة الفلسطينية ومديرة الجائزة “شاهدت لجنة التحكيم أربعة وعشرين فيلما أوروبيا، وضعتنا في حيرة كبيرة بسبب جودة الأفلام وتقارب الأصوات، وفي النهاية كانت الجائزة من نصيب الفيلم الرائع ‘107 أمهات”.

قدّم الفيلم في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي الأخير ضمن المسابقة الرسمية، وهو أول عرض له في العالم العربي وشمال أفريقيا، وحاز فيه على جائزة أفضل سيناريو “جائزة نجيب محفوظ”.

وكان الفيلم شارك قبل القاهرة في مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي وفاز فيه أيضا بجائزة أفضل سيناريو ضمن مسابقة “آفاق”، كما فاز في مهرجان شيكاغو السينمائي الدولي بجائزة أفضل مخرج. وحقّق جائزة أفضل فيلم في مهرجان كوتبوس السينمائي لسينما أوروبا الشرقية الشابة. كما رشّح لجائزة أفضل مخرج في مهرجان سان سباستيان وأفضل فيلم في مهرجان فينيسيا.

وحملت الجائزة العربية قيمة خاصة لدى مخرجه الذي قال عنها بعد فوزه بها “كنت سعيدا جدا لاختيار الفيلم لجوائز النقاد العرب للأفلام الأوروبية عندما رأيت عنوان فيلمنا بين الاختيارات من بين العديد من الأفلام الجميلة والقوية. كانت الجائزة مفاجأة وشرفا كبيرا لي”.

وكانت جائزة الدورة الثانية لعام 2020 قد منحت للفيلم الألماني “أوندين” للمخرج كريستيان بيتزولد، أما جائزة النقاد العرب في الدورة الأولى عام 2019 فكانت من نصيب فيلم “اسمها بترونيا” من مقدونيا للمخرجة تيونا ستروغار ميتيفسكا.

ويبدو فيلم “107 أمهات” متفرّدا من جهة موضوعه الذي يتناول مسألة بالغة الحساسية، وهي التي تربط نساء سجينات مع أطفالهنّ، إلى جانب شكلانية الفيلم الذي اعتمد في بنائه على نمطين سينمائيين وهما الدكيو دراما والروائي.

لايسا (مارينا كليموفا) بطلة الفيلم والممثلة الحقيقية فيه، تدخل السجن لتنفّذ عقوبة جنائية لسبع سنوات بعد أن قتلت زوجها بدافع الغيرة، وبمجرد دخولها السجن تضع مولودها، وهو حال العديد من النساء اللواتي يقضين سنوات من أعمارهنّ في السجن ويكون لهنّ أطفال مثلها.

يباغتنا طاقم الفيلم بأزمة إنسانية يفرضها القانون ستحدّد مصير هذه الأم وابنها. ذلك أن القانون يسمح للنساء بأن يحتفظن بأبنائهنّ فيما لو خرجن من السجن قبل أن يتمّ الطفل الثالثة من عمره، وإن كان الأمر عكس ذلك، فعليهنّ إيجاد من يحتضنه بدلا منهنّ، وإلاّ فإنه سيرسل إلى ميتم ويحرمن منه للأبد.

 "107 أمهات" يقدّم تشريحا موجعا عن ماهية العلاقة بين القانون والعاطفة وما يولّده من آلام إنسانية يدفع ثمنها الأطفال

تعرف لايسا أن هذا الوضع القانوني سيحرمها من ابنها للأبد، كون عقوبتها تمتدّ لسبع سنوات، فتحاول أن تضع الطفل في حضانة أمها التي لا تربطها بها علاقة طبيعية وكذلك أختها وتفشل في الحالتين. ليبقى مصيرها ومصير ابنها معلقا وغامضا.

يضع المخرج الممثلة في أجواء سجن في مدينة أوديسا الأوكرانية، ويبني كيريكس فيلمه بمزاوجة بين الدراما والتوثيق، فتظهر العديد من السجينات اللواتي يتحدّثن عن أحوالهنّ في الحياة والسجن أمام الكاميرا، فنعرف حيواتهنّ السابقة وأحلامهنّ وأوضاعهنّ ويصل الحديث للكثيرات منهنّ عن مدى شعورهنّ بالندم عمّا ارتكبنه. كما يرصد في لقطات ثابتة وطويلة بعضا من اليوميات التي يعشنها وكذلك قيامهنّ ببعض الأنشطة الاجتماعية المختلفة داخل السجن.

الفيلم يقدّم حالات إنسانية عميقة، وهو انطلق من رغبة كاتبه ومخرجه في الحديث عن الرقابة في السجن، فتمّت زيارة السجن على امتداد فترات طويلة وتمّ تحضير وتصوير الفيلم على مدار خمس سنوات وثلاثة أشهر وتمّ التعامل مع أربعمئة سجينة رفضت ثلاث منهنّ فقط التعامل مع الفيلم وقبلت الأخريات.

وهكذا تحوّل الفيلم من وثائقي إلى روائي بعد معايشة المئات من القصص الحقيقية التي وجد فيها المخرج حالات إنسانية نادرة يمكن أن تقدّم من خلال سينما تمزج الوثائقي بالروائي.

ويغيب العنصر الذكوري في الفيلم لتحضر المرأة بقوة، فكامل شخوصه نساء سجينات وحارسات، لكن المنعطف في مسار الفيلم يكون مع سرد حياة آمرة السجن إيرينا التي تمثل حقيقة دورها وتعيش في حالة سجن نفسي دائم. فهي المرأة الصارمة الجادة التي تعمل بانتظام، لكنها تعيش وحيدة في ذات السجن، وهي تقع في رتابة الحياة وقسوة وحدتها حيث لا زوج لها ولا أولاد، بل تعيش حياة محاصرة من قبل والدتها التي كثيرا ما تتردّد عليها لتنقل إليها قلقها على مستقبلها في وحدتها القاسية.

الفيلم يقدّم تشريحا مؤلما عن ماهية العلاقة بين القانون والعاطفة وكيف يمكن أن يكونا متعارضين في بعض الدول الأوروبية، وما يولّده ذلك من آلام إنسانية يدفع ثمنها الأطفال.

امرأة زلت بها القدم وابنها من سيدفع الثمن

شرق وغرب

عبر المئات من السنين اهتم الغرب بالثقافة العربية ورسم ونفّذ في سبيل ذلك العديد من الخطط، ولم يغب هذا الاهتمام في العصر الحديث، فتابع الغربيون هذا النهج وكان العام 1980 مفصليا، ففيه وقع تتويج لفكر الرئيس الفرنسي فرانسوا ميتران بضرورة التقارب مع الثقافة العربية، تمّ إيجاد معهد العالم العربي في باريس الذي كان أكبر محاولة أوروبية منظمة في التفاعل مع الثقافة العربية.

وأكّدت معظم الدراسات البحثية لاحقا أنه صار أحد أهم عشرة مواقع ثقافية تتمّ زيارتها في باريس من الفرنسيين أو ممّن يأتي إليها. وهو مؤسّسة عربية أوروبية تهدف إلى تطوير معرفة العالم العربي وبعث حركة أبحاث معمّقة حول لغته وقيمه الثقافية والروحية. كما تسعى إلى تشجيع المبادلات والتعاون بين فرنسا والعالم العربي، خاصة في ميادين العلوم والتقنيات، مساهمة بذلك في تنمية العلاقات بين العالم العربي وأوروبا.

وضمن نشاطات هذا المعهد التي تتناول معارض للكتب والفن التشكيلي والتصوير والموسيقى، وجد عام 1992 بينالي السينما العربية الذي كان يقام مرة كل عامين واستقطب عبر سنواته الكثير من المبدعين السينمائيين العرب، وكان أول محاولة منظمة لتكريس التفاعل بين السينما العربية والأوروبية، وحقّقت نجاحا باهرا.

لكن المحاولة تعطّلت لمدة اثني عشر عاما متواصلة بعد أن توقّفت في العام 2006 بسبب نقص تمويلها من الجانب العربي، إلى أن عادت مجدّدا للانعقاد تحت مسمى مهرجان السينما العربية في باريس عام 2018. ثم وجدت لاحقا العديد من المهرجانات السينمائية العربية التي أكّدت وجود السينما العربية في فضاء الثقافة الأوروبية، منها مهرجان روتردام للفيلم العربي ومهرجان جنيف الدولي للفيلم الشرقي ومهرجان الفيلم العربي ببرلين ومهرجان زيورخ للفيلم العربي ومهرجان مالمو للسينما العربية الذي صار من الأحداث الثقافية الهامة بالسويد. وفي القارة الأميركية وجدت بعض المهرجانات منها تورنتو لأفلام الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

الفيلم يقدّم حالات إنسانية عميقة، منطلقا من رغبة كاتبه ومخرجه بيتر كيريكس في الحديث عن الرقابة في السجون الأوروبية

وكانت العادة أن تكون الجهود متوجهة من العالم الغربي باتجاه دول المشرق العربي وشمال أفريقيا في تنظيم الحدث السينمائي، لكن محاولة عربية رائدة فعلت العكس، فأوجدت جائزة نقدية عربية متخصّصة في السينما الأوروبية، ففي العام 2019 أطلق مركز السينما العربية “آي.سي.سي” بالتعاون مع منظمة ترويج الفيلم الأوروبي “إي.أف.بي” جائزة النقاد العرب للأفلام الأوروبية.

وهي كما يبيّن منظموها تهدف “إلى الترويج للسينما الأوروبية في العالم العربي، وجذب انتباه الموزّعين وصُنَّاع القرار في عالم السينما العربية للأفلام الأوروبية المميزة، هذا بالإضافة إلى تسليط الضوء على النقاد العرب البارزين ودورهم في الكشف عن وجهات نظر مختلفة وفي تبادل الخصوصية الثقافية بين المجتمعات”.

ويعدّ مركز السينما العربية “آي.سي.سي” الذي تنظمه “ماد سولوشن” منظمة غير ربحية مسجلة في أمستردام، وهي منصة ترويجية دولية للسينما العربية، لأنها توفر لمنتجي الأفلام ومخرجيها نافذة احترافية للتواصل مع نظرائهم من جميع أنحاء العالم من خلال عدد من الأحداث المنظمة. كما توفّر لجنة التنسيق الإدارية فرصا للتواصل مع ممثلي الشركات والمؤسسات المتخصّصة في الإنتاج المشترك والتوزيع الدولي.

وهي أول منصة سينمائية عربية متنقلة تعنى بتنمية السينما العربية وتربطها بالأسواق والمهرجانات المحلية والإقليمية والدولية، وتهدف إلى إيجاد مساحات إضافية للسينما العربية للوصول إلى أكبر تفاعل ممكن مع الجمهور وأكبر قدر من التواصل مع الجهات التسويقية والترويجية للسينما العربية.

ويشارك معها في العمل منظمة ترويج الفيلم الأوروبي “إي.أف.بي” التي تتمثل فيها العديد من مؤسسات السينما الأوروبية الشهيرة منها: رابطة منتجي الأفلام في البوسنة والهرسك، والمجلس الثقافي البريطاني، والمركز الوطني البلغاري للسينما، وسينيسيتا بإيطاليا، والمركز الكرواتي السمعي البصري، والخدمات الثقافية في وزارة التربية والتعليم والثقافة في قبرص، ومركز الفيلم التشيكي، والمعهد الدنماركي للسينما، وأفلام ألمانية ومركز الفيلم اليوناني وغيرها.

كاتب سوري

 

العرب اللندنية في

18.12.2021

 
 
 
 
 

فيلم «Spider Man: No Way Home»: بطل صالح لكل الأجيال

رحمة الحداد

لطالما كان الرجل العنكبوت spider man أحد الشخصيات المفضلة لمحبي القصص المصورة أو الأفلام المقتبسة عنها، فهو أحد أشهر شخصيات الأبطال الخارقين وأكثرها قربًا للبشر الطبيعيين، فهو لم يهبط من الفضاء ولا يملك ثروة طائلة، هو مجرد فتى مراهق من كوينز، الولايات المتحدة، يقوده القدر لامتلاك قوة خارقة يتصرف معها بحماقة؛ كونه صغير السن وعديم الخبرة، لكنه يتعلم كيف يصبح رجلًا، ذلك بشكل رئيسي ما يجعل الرجل العنكبوت يملك كل تلك الشعبية عالميًّا، كون قصته هي قصة نضوج تقليدية في صورة قصة بطل خارق، ولطالما عُولِجت الاقتباسات السينمائية من قصصه المصورة حسب تعريف السينما لأفلام النضوج، حيث المدارس الثانوية ومشكلات التنمر والوقوع في الحب لأول مرة وغيرها، لكن تلك الاقتباسات متعددة ومتفاوتة في مستواها ومدى شعبيتها، وتعتبر آخر ثلاثية من إخراج جون واتس وبطولة توم هولاند أحد أكثرها شعبية.
في ثالث أجزاء النسخة الأخيرة الرجل العنكبوت لا طريق للمنزل spider man: no way home يعطي واتس شخصية الرجل العنكبوت أبعادًا ملحمية ويدرجها في هوس مارفل الجديد بالعوالم الموازية والكون المتشعب multiverse، ربما ينذر ذلك بفيلم فوضوي يجمع الكثير من الشخصيات، مما يصعِّب السيطرة على مسار القصة أو الثقل العاطفي لها، لكن النتيجة جاءت فيلمًا مفاجئًا يرضي توقعات محبي السلسلة، بل جميع السلاسل السابقة، وعلى الرغم من سرده المكرر فإنه يملك دفئًا وملحمية يصعب عدم محبتها
.

الكون السينمائي المتشعب

بدأت اقتباسات الرجل العنكبوت في عام 2001 عندما أخرج سام ريمي فيلمه الناجح من بطولة توبي ماجواير spider- man، لم يكن وقتها عالم مارفل السينمائي جزءًا من عالمنا بعد، فأصبح الرجل العنكبوت أحد أنجح الأفلام في نوعه، واستمر نجاحه لجزأين آخرين، ثم أُعيد تناول الشخصية في عالم أكثر حداثة، حيث الهواتف الذكية والتكنولوجيا الحديثة في فيلم الرجل العنكبوت الرائع the amazing spider-man  عام 2012 من إخراج مارك ويب وبطولة أندرو جارفيلد، لكن لم يستمر نجاحه طويلًا، عاد الأبطال لجزء ثانٍ قبل أن تقرر شركة الإنتاج وقف العمل على الثلاثية، ثم عادت للرجل العنكبوت شعبيته مرة أخرى مع توم هولاند، خصوصًا مع كونه جزءًا من عالم مارفل السينمائي واتصاله بشخصيات رئيسية مثل الرجل الحديدي. وبعد جزأين للتمهيد للشخصية جاء الجزء الثالث ليجمع كل العوالم المتشعبة في فيلم واحد.

يبدأ الفيلم من حيث توقف سابقه، بات العالم كله يعلم هوية الرجل العنكبوت الآن، وبالتدريج تنهار حياة بيتر باركر العادية، فلا يوجد هوية مزدوجة بعد الكشف، يلجأ باركر لدكتور سترينج (بيندكت كامبرباتش) ليستخدم سحره لكي يمحو ذاكرة كل من أصبح على دراية بهويته، فتعود حياته لطبيعتها التي لم تكن طبيعية على أي حال، تمثل مشاهد الرجل العنكبوت مع المشعوذ الشهير بعض أكثر اللحظات المثيرة بصريًّا مثل مشهد المطاردة في أبعاد مختلفة، وهو مشهد أشبه برحلة هلوسة مطولة، لكن بعيدًا عن ذلك فإن بصريات الفيلم متوقعة وآمنة

 تحدث بعض الثغرات أثناء إلقاء تعويذة النسيان، فيضطرب اتزان الكون وتتصدع الأكوان الموازية ويزحف بعض ممن يعلمون الهوية الأصلية لبيتر باركر من عوالم أخرى، فيصبح العالم تحت تهديد أشرار من عوالم مختلفة، مثل دكتور أوكتبوس (ألفريد مولينا) وجرين جوبلين (ويليم ديفو) وإليكترو (جيمي فوكس)، بالإضافة إلى قدوم شخصيات أخرى من تلك العوالم، يجب مشاهدة الفيلم للاستمتاع بظهورها على الشاشة، لا يعلم سكان العالم من هؤلاء، ولا يعلم بيتر باركر عنهم أي شيء، لكن نحن نعلمهم جيدًا.

ذلك تمامًا هو ما يجعل «الرجل العنكبوت: لا طريق للمنزل» مثيرًا، إنه يدمج ما هو سينمائي مع ما هو حقيقي، فتلك الشخصيات تعتبر بعض أكثر الأشرار شعبية في المخيال الجمعي الشعبي بين أجيال مختلفة، فهناك من شاهد دكتور أكتوبوس في طفولته، ومن اختبر إليكترو في طفولته، ومن شاهدهما كليهما في شبابه فقط لكي يكون على دراية بأفلام الماضي بينما يتابع أفلام عالم مارفل الحالية، فالقصة الرئيسية للفيلم لا تختلف كثيرًا عن فيلم الرسوم المتحركة المتميز الرجل العنكبوت في العالم المتشعب spider man into the spider verse، لكن الفارق أن الشخصيات القادمة من العوالم الأخرى ليست من عوالم أخرى داخل نسيج الأفلام، بل من عوالم سينمائية أخرى، يجعل ذلك الفيلم واعيًا تمامًا للتأثير الشعبي لتلك الشخصيات، فيدرج بسهولة مزحات أصبحت جزءًا من ثقافة الإنترنت، ويصبح الممثلون أنفسهم نسخًا من ذواتهم القديمة، فيتماهى المشاهد مع وجودهم التمثيلي على الشاشة في أوقات، ويصبح وجودهم أشبه بكسر الحائط الرابع في أوقات أخرى.

فيلم مليء بالأشرار دون أشرار

على الرغم من تمحور القسم الأول من الفيلم حول زحف أشرار متنوعين من العوالم المختلفة، إلا أن «لا طريق للمنزل» لا يملك أشرارًا حقيقيين، فهو فيلم يتصف برفق نادرًا ما يتواجد في أفلام أبطال خارقين ملحمية، فعلى الرغم من أيقونية تلك الشخصيات بل شرها النمطي حتى مثل حالة شخصية جرين جوبلين التي يلعبها ويليم ديفو بكارتونية ومغالاة محببة للقلب، إلا أنه ليس شريرًا حقًّا، فكل أشرار أفلام الرجل العنكبوت المختلفة أبرياء حُوِّلوا بواسطة تجارب علمية أو تفاعل ما إلى نسخ مضخمة من أنفسهم لا يملكون سيطرة حقيقية على تصرفاتهم الشريرة، هم على الأغلب أشبه بالرجل العنكبوت نفسه الذي لم يملك يدًا في تحوله، الفارق فقط أن سم العنكبوت لا يسيطر على عقله بقدر ما يسيطر على جسده.

لا طريق للمنزل هو فيلم عن الفرص الثانية والسماح للآخرين بأن يعيشوا حسب مبادئهم الحقيقية، وعلى الرغم من بساطة ذلك بالنسبة إلى أفلام الأبطال الخارقين الحالية التي تملك خطوطًا قصصية معقدة وأشرارًا يسعون لتدمير العالم، إلا أنه يعمل لصالح الفيلم، فهو في النهاية فيلم نضوج عن حفنة من طلبة الثانوية يسعون لعيش حيوات طبيعية على الرغم من تصدع العالم من حولهم، صنع جون واتس فيلميه السابقين على شاكلة أفلام النضوج، حتى اختيار توم هولاند وزندايا بمظاهرهم الفتية رسخ أكثر لذلك، لكن اختيار الممثلين الجيد لم يكن كافيًا لصنع إضافة ثورية لعوالم الرجل العنكبوت المختلفة والمؤثرة سينمائيًّا، فجاءت تلك الأفلام أخف من اللازم، وبدا بيتر باركر نفسه دون صراع حقيقي أو مواجهات داخلية مع هويته الثنائية، لكنه ومع حلول الجزء الثالث حصل على ذلك، ربما متأخرًا.

بداية مع اقتراب النهاية

مع القوة الكبيرة تأتي المسئولية الكبيرة.

تعتبر قصة فيلم لا طريق للمنزل الرئيسية هي محاولة ثلاثة أصدقاء الحصول على موافقة إحدى الجامعات الكبرى على ملفاتهم، تخرجوا للتو من مدرسة ثانوية متخصصة في العلوم، ويملك كلٌّ منهم إمكانيات كبيرة ومستقبلًا مشرقًا، ومثل أي مجموعة من الطلبة تقف أمامهم عوائق، لكن في هذه الحالة العائق هو ظهور هوية الرجل العنكبوت للعالم. دائمًا ما نقابل بيتر باركر سينمائيًّا في مرحلة مراهقته وشبابه، فتكون مشكلاته مدرسية أو عاطفية، لكن تتغير تلك المشكلات حينما تسيطر عليه الرغبة في الانتقام، مما يؤدي إلى اجترار سلسلة من الأحداث التي تؤدي به لاستكشاف طبيعة أخطائه وإدراك أن لأفعاله الصغيرة وقعًا يصعب تحمله.

في ذلك الفيلم يحصل بيتر باركر/الرجل العنكبوت على قصة نشوء origin story حقيقية تعوض طبيعة تناوله الخفيفة في الفيلمين السابقين، هنا ينكسر قلبه ويصنع أخطاءً ضخمة يجب أن يدفع ثمنها بخسارة كبيرة، تلك الخسائر وتلك الطبيعة الهشة هو ما يجعل الرجل العنكبوت ما هو عليه، وهو ما كان متوقعًا حدوثه في الأفلام السابقة، هنا يبدو بيتر باركر أكثر إنسانية أي أكثر عرضة للخطأ، لطالما كان كذلك، لكنه كان يحصل على المساعدة بسهولة، أما هنا فهو يأخذ قرارات متهورة، وربما غبية وبتحدى سلطة من هم أكبر سنًّا وقيمة، يحصل على الدعم من أصدقائه، لكنهم ليسوا أذكى أو أكثر قدرة منه، باختصار يحصل باركر على ما فقده في الجزأين الماضيين، يحصل على الفقد.

«لا طريق للمنزل» فيلم ضخم وممتع، لا تتوقف المفاجآت عن الحدوث به حتى إن كانت نتائجها متوقعة، يصبح فوضويًّا أحيانًا وتكراريًّا أحيانًا أخرى، لكنه لا يفقد شعوره أبدًا بإنسانية شخصياته وطبيعتهم الضئيلة وسط العوالم الهائلة، وحتى على الرغم من طبيعة الفيلم التجارية والاستهلاكية والنية الواضحة لصناعه لكسب أموال عدة أجيال متحمسة لرؤية شخصياتها المفضلة، فإنه يصعب انتقاد ذلك وسط الصدق والدفء الذي نُفِّذ به الفيلم والحماس والسعادة التي تبدو على المشاركين به، فهو متعة مضمونة لأي محب للشخصية منذ اقتُبِست للشاشة، كما أنه مرضٍ لمحبي الربط بين أفلام عالم مارفل السينمائي التي – على الرغم من عدم ثبات جودتها – من حين لآخر تصنع فيلمًا مرضيًا كهذا.

 

موقع "إضاءات" في

18.12.2021

 
 
 
 
 

«بلفاست» يتصدر ترشيحات جوائز الأكاديمية الأسترالية لفنون السينما

الوكالات ـ «سينماتوغراف»

تصدر فيلم السيرة الذاتية والدراما “Belfast” للمخرج كينيث براناه، ترشيحات جوائز الأكاديمية الأسترالية السنوية لفنون السينما والتلفزيون (AACTA) في نسختها الـ11، والمقرر إعلان جوائزها في 27 يناير 2022 عبر إحدى المنصات الرقمية.

وحصل الفيلم على سبعة ترشيحات في فئات أفضل فيلم وأفضل ممثلة مساعدة وأفضل ممثل مساعد وأفضل إخراج وأفضل سيناريو؛ وتبعه فيلم الويسترن “The Power of the Dog” للنجم بيندكت كامبرباتش والمخرجة جين كامبيون، بستة ترشيحات، بما في ذلك أفضل فيلم. ومن بين المرشحين الآخرين لأفضل الأفلام: “Being The Ricardos” و“Dune” و“Licorice Pizza” و“Nitram”.

ونجح “Belfast” مؤخراً، في تصدر ترشيحات جوائز اختيار النقاد بـ11 ترشيحاً، حيث سجل في فئات أفضل فيلم وأفضل مخرج وسيناريو أصلي. حصل فريق التمثيل أيضًا على ترشيحات بما في ذلك ترشيحات أفضل ممثل مساعد لكل من جيمي دورنان وكياران هيندز، وأفضل ممثلة مساعدة لكاترينا بالف، وأفضل ممثلة صاعدة لجودي هيل، وأفضل فريق عمل. كما حصد الفيلم أيضًا ترشيحات في فئات التصوير السينمائي وتصميم الإنتاج والمونتاج.

تدور أحداث “Belfast” في إطار من الدراما، حيث يتناول العمل قصة صبي صغير يعيش رفقة عائلته من الطبقة العاملة، ذلك في خلال حقبة الستينات المضطربة في أيرلندا الشمالية من أغسطس 1969 إلى أوائل 1970.

 

موقع "سينماتوغراف" في

18.12.2021

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004