ملفات خاصة

 
 
 

3 أفلام عن جيل جديد في أوروبا: قسوة الواقع ومراراته

محمد هاشم عبد السلام

جوائز الأكاديمية الأمريكية للفيلم

الدورة الرابعة والتسعون

   
 
 
 
 
 
 

من المراحل العمرية المُهملة جداً في السينما العربية، مرحلة ما قبل المراهقة. أي الفترة الممتدّة بين نهاية سنّ البلوغ (12 ـ 14 عاماً تقريباً)، وبداية مرحلة المراهقة، التي تمتدّ أحياناً إلى منتصف العشرينيات. رغم الاختلاف البيّن في مستويات الأعمار بين الشرق والغرب، باتت هذه المرحلة، منذ أعوام، مثيرة لاهتمامٍ بالغ من مختلف سينمات العالم، إذ تُطرح مشاكلها بجدّية وصدق وواقعية. لأهميّة هذه الأفلام، لا تكاد تخلو منها مهرجانات السينما، كـ"مهرجان برلين السينمائي"، الذي يُخصّص مسابقة بها باسم "14 +"، يتضمّن برنامجاً كبيراً وثريّاً، ويُشكِّل لجان تحكيم مهمّة، ويمنح جوائز مرموقة.

رغم وحدة مواضيع هذه المرحلة ومشاكلها، لا ينتهي الاشتغال عليها وعلى تنويعاتها. هناك جديد دائماً. لكنّ اللافت للانتباه، أخيراً، كامنٌ في نبرة قاتمة في الطرح الجديد لمواضيع شباب المستقبل ومشاكلهم، ولمقاربة تلك المواضيع والمشاكل، ولا سيما في أوروبا.

في 3 أفلام حديثة الإنتاج، مُكرّسة لهذه المرحلة العمرية ـ "أخوات" (مقدونيا) لدينا دوماً، و"الصيف الخالد" للفرنسية إيميلي أوسل، و"أتلانتس" للإيطالي يوري أنْكَراني ـ تظهر بوضوح تلك النبرة السوداوية المتشائمة تجاه مستقبل هذا الجيل. فرغم تناولها للسائد، عن الانطلاق والتمرّد والجموح ومشاكل الأهل والمجتمع والتطوّر التكنولوجي، ومُقاربة المحرّمات، وما يُصاحب هذا كلّه من مشاكل وعواقب وخيمة غالباً، يُلاحَظ، في الأفلام الـ3، إضافة إلى نبرة الحزن والأسى والضياع، حضورٌ قوّي للموت، كحالة وموضوع ورؤية.

في "أخوات"، تناولت دينا دوما قضية الصداقات الخادعة والسامّة، ومشاكل الفتيات في عصر وسائل التواصل الاجتماعي، وتوظيفها كأداة تنمّر ومؤامرات وتهديد وانتقام، ما أفرز فيلماً مُفجعاً، نال جائزة خاصة من لجنة تحكيم مسابقة "شرق الغرب"، في الدورة الـ 55 (20 ـ 28 أغسطس/آب 2021) لـ"مهرجان كارلوفي فاري السينمائي الدولي". تجري أحداثه في شمال مقدونيا: بين يانا (ميا جيرو) ومايا (أنتونيا بلازلكوسكا) صداقة قوية. تذهبان معاً إلى السباحة والغناء والاحتفالات. يانا أطول من مايا، وشخصيتها أكثر سيطرة. هذا جيدٌ، لأنّها تدعم مايا، بعد انفصال والديها أحدهما عن الآخر. تتراسلان باستمرار، وتصوِّران حياتهما النموذجية معاً، وتتبادلان الصُّور.

تركز دينا دوما على كيفية تعكّر الصداقات سريعاً، وتحوّلها إلى النقيض، وانقلاب الحبّ إلى كراهية وبُغض وانتقام. الطبيعة المتقلّبة للمياه بازرة في أكثر من لحظة: حوض سباحة، ضفّة نهر أو بحيرة، إلخ. يتجلّى دور المياه في أنّه أداة انتقام، تستغلّها الفتاتان ضدّ غريمتهما، التي تُقتل من دون قصد، ما يُبدّل المشاعر من تنافس وغيرة وحسد وحقد، إلى حيرة وتردّد وخوف وتأنيب ضمير، ومستقبل غامض ومجهول إذا اكتُشف الأمر.

في "الصيف الخالد"، تحضر المياه أيضاً، كما البحر والسباحة، والابتعاد عن العواصم والمدن الكبرى. يبدو الاستمتاع بالصيف، على شاطئ في جنوب فرنسا، مُستمرّاً إلى الأبد. كذلك الاستمتاع باللحظات العابرة الأخيرة من مرحلة طفولة وبلوغ، يودّعها أصدقاء، يستقبلون مُراهقةً لا يعرفون كثيراً ما تنطوي عليه.

هذا الصيف ـ الخالي من الهموم، بأيامه غير المنتهية من الكسل والخمول والليالي، التي يبدو فيها أيّ شيء في العالم مُمكناً ـ يتعقّد وينهار فجأة. هؤلاء المؤمنون بأنْ لا شيء يُمكن أنْ يغلبهم، حتى البحر، الذي يجلسون أمامه ويسبحون فيه، ينقلب إيمانهم بغتة، بعد تحوّل البحر من صديق إلى عدوّ قاتل، بعد خسارتهم غير المتوقّعة لأعزّ صديقة، مايا (نينا فيلانوفا)، الأكثر حيوية وانطلاقاً وانفتاحاً بينهم، والعارفة أسرارهم، ما يضعهم إزاء أقسى الاختبارات الحياتية المؤلمة. تنقلهم الصدمة من براءة الطفولة إلى متاعب تتجاوز قدراتهم وأعمارهم.

في "الصيف الخالد" ـ الفائز بالجائزة الخاصة للجنة تحكيم "مخرجو الحاضر"، في الدورة الـ74 (4 ـ 14 أغسطس/آب 2021) لـ"مهرجان لوكارنو السينمائي الدولي" ـ ترصد إيميلي أوسل ردود الفعل تجاه صدمة عميقة كهذه، في تلك المرحلة العمرية الدقيقة. صدمة الموت، وألم الفَقد، ووحشية الواقع، وكيف يمكن البقاء على قيد الحياة، والعودة في النهاية إلى ممارسة حياة طبيعية، ومغالبة وهن الجسد وهواجس العقل، البعيدين والعصيّين على كلّ سيطرة. وتركِّز على إبراز الفراغ الذي يبتلع البراءة، وما يعقبه من بلادة ولامبالاة، إذْ يُقاتل هؤلاء الصبية، كلّ بمفرده وعلى طريقته، للبقاء واستئناف الحياة. بشكل تراكميّ، يُعدّ الفيلم استكشافاً ذكياً للمشاعر المتناقضة، التي تحدث في كلّ شخص، وتطارده، تأثّراً بفقدان أقرباء.

في "أتلانتس"، الذي تدور أحداثه كلّها في المياه، يدمج يوري أنْكَراني أسلوبه التسجيلي المعهود بأسلوبٍ روائي. بهذا الدمج، لا يُقدّم مدينة فينيسيا، المعروفة والمألوفة، بل بشكلٍ مختلف، ممثلة بجزيرة "سانت إيراسمو"، إحدى الجزر غير المشهورة إطلاقاً في أقصى شمال فينيسيا السياحية، الممتلئة بمساحات خضراء وأشجار وارفة. مياه وبحر وسباحة، وابتعاد عن العواصم والمدن الكبرى، وهذا المشترك مع الفيلمين السابقين واضحٌ جداً في "أتلانتس".

اختار أنْكَراني شخصاً حقيقياً لتأدية دور لصيق بالشخصية، محور فيلمه، المعروض في قسم "آفاق"، في الدورة الـ78 (1 ـ 11 سبتمبر/أيلول 2021) لـ"مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي"، الذي يتابع دانيلي (دانيل باريسون) بروتينه اليومي المملّ. شاب مُشتّت وحزين وصموت. يحيا حياة جوفاء ورتيبة، لكنّها مندفعة أحياناً. مصدر الاندفاع نابع من زورقه البخاري الصغير، القابع فيه دائماً، ومن الاستمتاع بالموسيقى الغريبة الصاخبة. لا يُعرف عمل دانيلي، أو إذا كان يدرس أو لا. المعروف عنه أنّه يريد بلوغ المرتبة الأولى في السرعات القصوى، بين أقرانه.

علاقته بصديقته، التي تحبّه وتدعمه، غامضة جداً. ليس فيها قدر من الشغف والاهتمام والحسّية، ربما لعدم شغفها بهوايته، وبما تمثله من خطورة وتهديد. بين حين وآخر، يقترف دانيلي سرقات مختلفة، ويتناول المخدرات، أو يُهرّبها. طبعاً، هناك قيادة الزورق بسرعة خطرة، تتجاوز القوانين المسموح بها. هذه سمة أساسية في روتينه اليومي، تجعله يدفع الثمن لاحقاً.

بخلاف هذا، لا يفعل شيئاً ولا يفكر في شيء. حتّى تخلّيه عن صديقته، وسرعة ارتباطه بأخرى، غريبة الأطوار، يحصلان من دون مُقدّمات أو مُبرّرات. لا يكترث بالتفكير في الأسباب والتبعات. حياته وعقله وتفكيره في عالم مغاير. هكذا يبرز سرّ وحدته الدائمة، والابتعاد عن الرفاق، غالباً. لذا، تعمّد يوري أنْكَراني إخراج الفيلم كنصٍّ مفتوح ومجرّد، لا يبدو فيه أيّ تأويل للشخصية، أو تفسير من أيّ نوع لسلوكها. تعمّد أيضاً خلق حواجز بين المشاهدين وبينها، وبين عوالمها، ما مهّد لمصيرها المؤلم والمحزن.

 

العربي الجديد اللندنية في

10.12.2021

 
 
 
 
 

غضب فلسطيني من «أميرة»..

والمخرج «محمد دياب» يقرر وقف عرض الفيلم

كتب: نورهان نصرالله

حالة واسعة من الجدل آثارها فيلم «أميرة»، للمخرج محمد دياب، بعد عرضه الأول في الأردن، حيث اتهم البعض صناع الفيلم بالإساءة إلى الأسرى والقضية الفلسطينية، بالإضافة إلى التشكيك في نسب أبناء الأسرى الذين تم إنجابهم عن طريق «تهريب النطف»، التي يتطرق إليها الفيلم، وهو ما دفع مخرج الفيلم إلى وقف عروض الفيلم في الأردن لحين تأسيس لجنة مختصة من قبل الأسرى وعائلاتهم لمشاهدته ومناقشته.

الجمهور الفلسطيني غاضب من «أميرة».. والمخرج: فيلم خيالي

وسبب فيلم «أميرة» الذي شارك في الدورة السابقة من مهرجان فينيسيا السينمائي، ويمثل الأردن في ترشيحات جائزة أوسكار عن فئة أفضل فيلم عالمي، موجات من الغضب لدى الجمهور الفلسطيني بشكل عام وعائلات الأسرى بشكل خاص، وتم تدشين «هاشتاج»، بعنوان «اسحبوا فيلم أميرة»، على منصات التواصل الاجتماعي، وذلك بخلاف الهجوم على أبطال الفيلم وصناعه.

من جانبه، أكد المخرج محمد دياب في بيان صحفي، تفهمه لحالة الغضب لدى الجمهور الفلسطيني مشيرا إلى أن قصة الفيلم خيالية ولم تحدث في الواقع، قائلا: «كان من المفهوم تماماً لأسرة الفيلم حساسية قضية تهريب النطف وقدسية أطفال الحرية ولهذا أكدنا أن قصة الفيلم خيالية ولا يمكن أن تحدث، فالفيلم ينتهي بجملة تظهر على الشاشة تقول (منذ 2012 ولد أكثر من 100 طفل بطريقة تهريب النطف) كل الأطفال تم التأكد من نسبهم طرق التهريب تظل غامضة».

وأضاف: «لم تترك أسرة الفيلم الأمر للتأويل، بل أكدت بهذه الجملة أن الفيلم خيالي وأن طريقة التهريب الحقيقية غير معروفة، بل إن عمر البطلة في الفيلم 18 عاماً وهو ما يتنافى منطقياً مع بداية اللجوء لتهريب النطف في 2021».

المخرج محمد دياب: الفيلم يطرح سؤال وجودي فلسفي

وأشار المخرج إلى أن التطرق في المعالجة حول تغيير النطف، ضمن الأحداث التي أغضبت المشاهدين الفلسطينين ترجع لـ «طرح سؤال وجودي فلسفي حول جوهر معتقد الانسان و هل سيختار نفس اختياراته لو ولد كشخص آخر».

وأكد «دياب»، أن الفيلم ينحاز لفلسطين، متابعا: «البطلة أميرة تختار أن تكون فلسطينية وتختار أن تنحاز للقضية العادلة، والفيلم يشجب و يدين ممارسات الاحتلال المشار إليها بشكل صريح في الجريمة التي يتناولها الفيلم، وأخيراً فإن الهدف السامي الذي صنع من أجله الفيلم لا يمكن أن يأتي على حساب مشاعر الأسرى وذويهم الذين تأذوا بسبب الصورة الضبابية التي نسجت حول الفيلم».

 

####

 

سر غضب الجمهور من فيلم أميرة لـ صبا مبارك..

تشويه صورة الأسرى وذويهم

كتب: نورهان نصرالله

اشتعلت على مدار الساعات الماضية موجات الهجوم على صناع فيلم أميرة بطولة صبا مبارك، على منصات التواصل الاجتماعي، وذلك من قبل الجمهور الفلسطيني الذي وصف الفيلم بـ«المسيء» للقضية وللأسرى الفلسطينيين، ودشنوا «هاشتاج» بعنوان «اسحبوا فيلم أميرة»، بغرض وقف عرض الفيلم وإزالته من دور العرض السينمائي، وذلك بعد يوم من عرضه ضمن مهرجان «كرامة لأفلام حقوق الإنسان» في الأردن.

«تهريب النطف».. سبب الغضب الفلسطيني من فيلم أميرة لـ صبا مبارك

ويعود الغضب الفلسطيني من فيلم أميرة بطولة صبا مبارك، إلى أنَّه يتطرق بشكل أساسي إلى قضية «تهريب النطف»، التي تقوم على تهريب نطف الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلية بشكل غامض إلى الخارج ليتمكّنوا من الإنجاب ويطلق على المولودين بتلك الطريقة «أطفال الحرية»، وهو ما يعتبره  الشعب الفلسطيني شكل من أشكال النضال.

وتدور أحداث الفيلم حول «أميرة» البالغة من العمر 18 عامًا، والمولودة عن طريق «تهريب النطف» من والدها الأسير في سجون الاحتلال، ولكن ينهار عالمها عندما تكتشف أنَّ والدها عقيم ولا يستطيع الإنجاب من الأساس، وبعد رحلة من البحث تكتشف أن النطفة التي تم تهريبها من السجن هي لجندي من جنود الاحتلال الإسرائيلي وليس لأسير فلسطيني، وهو ما آثار غضب المشاهدين، الذي قالوا إنَّه «يتماشى مع رواية الاحتلال في تشويه صورة الأسرى الفلسطينيين وذويهم».

المخرج محمد دياب: فيلم أميرة ينحاز للقضية الفلسطينية.. والهجوم سببه اقتطاع السياق

ومن جهته، أكّد المخرج محمد دياب أن الحبكة الدرامية الخاصة بتغيير النطف تهدف إلى طرح سؤال وجودي فلسفي حول جوهر معتقد الإنسان وهل سيختار نفس اختياراته لو ولد كشخص آخر، موضحًا: «الحديث فقط عن هذه الحبكة الخيالية خارج سياق الفيلم الذي ينحاز للسردية الوطنية الفلسطينية، هو اقتطاع منقوص يرسم صورة عكسية غير معبرة عن الفيلم».

تأسيس لجنة مختصة من الأسرى وعائلاتهم لمشاهدة الفيلم ومناقشته

وأمام حالة الغضب، أعلن المخرج محمد دياب وقف عروض الفيلم لحين تأسيس لجنة مختصة من قبل الأسرى وعائلاتهم لمشاهدة الفيلم ومناقشته، كما أكد على انحيازه الكامل للقضية الفلسطينية، وذلك خلال بيان صحفي صادر عنه صباح اليوم، ذكر فيه: «الفيلم يتناول معاناة وبطولات الأسرى وأسرهم ويظهر معدن الشخصية الفلسطينية التي دوماً ما تجد طريقة للمقاومة والاستمرار، ويحاول أن يغوص بعمق في أهمية أطفال الحرية بالنسبة للفلسطينيين».

 

####

 

سحب فيلم «أميرة» من ترشيحات أوسكار احتراما لمشاعر الأسرى وعائلاتهم

كتب: نورهان نصرالله

أعلنت الهيئة الملكية الأردنية للأفلام سحب فيلم «أميرة» للمخرج محمد دياب، من ترشيحات مسابقة «أوسكار» في نسختها الـ94 عن فئة أفضل فيلم عالمي، وذلك بعد حالة الغضب الفلسطيني تجاه الفيلم طوال الساعات الماضية، وفقا للبيان الصحفي الصادر عنها اليوم، والعدول عن تقديم الفيلم لتمثيل الأردن في جوائز الأوسكار.

الهيئة الأردنية: نقدر قيمة فيلم أميرة الفنية.. ولا يمس القضية الفلسطينية

وقالت الهيئة الملكية الأردنية، باعتبارها الجهة الرسمية في الأردن المخولة بتقديم الأفلام للترشيح في جوائز الأوسكار، إنها سحبت الفيلم من المسابقة، موضحة: «نقدر قيمة الفيلم الفنية ونؤمن أنه لا يمسّ بأي شكل من الأشكال بالقضية الفلسطينية ولا بقضية الأسرى؛ بل على العكس، فإنه يسلط الضوء على محنتهم ومقاومتهم وكذلك توقهم لحياة كريمة على الرغم من الاحتلال، وكان هذا أيضا رأي أعضاء لجنة الاختيار المستقلة التي تم تشكيلها من قبل الهيئة الملكية للأفلام والتي اختارت الفيلم ليمثل المملكة من بين الأفلام الأخرى».

وتابعت: «لكن في ظل الجدل الكبير الذي أثاره الفيلم وتفسيره من طرف البعض بأنه يمسّ بالقضية الفلسطينية، واحتراما لمشاعر الأسرى وعائلاتهم، قررت الهيئة الملكية للأفلام العدول عن تقديم أميرة لتمثيل الأردن في جوائز الأوسكار».

هجوم على محمد دياب بسبب أميرة: مسيء للقضية الفلسطينية

وثارت حالة واسعة من الجدل والانتقادات لدى الجمهور الفلسطيني والأردني بعد عرض فيلم «أميرة» للمخرج محمد دياب، بعد يوم من عرضه ضمن مهرجان «كرامة» لأفلام حقوق الإنسان في الأردن، إذ وصفوا الفيلم بـ«المسيء» للقضية والأسرى الفلسطينيين، ودشنوا «هاشتاج» بعنوان «اسحبوا فيلم أميرة»، بهدف سحب الفيلم من ترشيحات أوسكار بالإضافة إلى وقف عرضه في دور العرض السينمائي.

ومن جانبه، أكد المخرج محمد دياب احترامه للقضية الفلسطينية، مشيرا إلى أن الفيلم قصته خيالية وليست واقعية، خلال بيان صحفي، الذي أعلن فيه وقف عروض الفيلم في الأردن لحين تأسيس لجنة مختصة من قبل الأسرى وعائلاتهم لمشاهدته ومناقشته.

 

اليوم السابع المصرية في

09.12.2021

 
 
 
 
 

اشتعل غضب الشارع فانطفأ فيلم "أميرة"

صنّاع الفيلم أوضحوا أن فكرته خيالية ولا يوثق واقع الأسرى الفلسطينيين و"الملكية للأفلام" لم تجد مبرراً لسحبه من الترشح للأوسكار

رغدة عتمه صحافية

توقف عرض الفيلم، وجلس المصفقون له بحماسة، ليحل محلهم محتجون ومُغردون غاضبون، وانطلقت موجة من الغضب العارم اجتاحت الشارعَين الفلسطيني والأردني خلال اليومين الماضيين، إثر ترشح الفيلم الأردني "أميرة" للتنافس على جائزة الأوسكار عن فئة الأفلام الطويلة الدولية لعام 2022، وتحولت مواقع التواصل الاجتماعي إلى ساحة حرب شرسة، انصبت على مخرج الفيلم محمد دياب، الذي أعلن عبر صفحته على "فيسبوك"، فجر اليوم الخميس، "وقف أي عروض للفيلم". فالعمل السينمائي المشترك (مصري، أردني، فلسطيني) الذي حاز على ثلاث جوائز من مهرجان البندقية في سبتمبر (أيلول) الماضي، اعتُبر بمثابة "طعنة" في خاصرة القضية الفلسطينية، لما يحمله من إساءة للسجناء الفلسطينيين وزوجاتهم، إذ تدور أحداثه حول نطفة جرى تهريبها من سجن إسرائيلي لزوجة سجين فلسطيني، لتنجب الأخيرة طفلة اكتشفت لاحقاً أنها إبنة ضابط إسرائيلي.

صورة ضبابية

واعتبر المخرج المصري محمد دياب في البيان أن "الحبكة الدرامية الخاصة بالفيلم بتغيير النطف (بين الأسير الفلسطيني والجندي الإسرائيلي) جاءت لتطرح سؤالاً وجودياً فلسفياً حول جوهر معتقد الإنسان، وهل سيختار نفس اختياراته لو ولِد كشخص آخر. والفيلم ينحاز إلى فلسطين، فالبطلة أميرة تختار أن تكون فلسطينية وأن تنحاز للقضية العادلة، والفيلم يشجب ويدين ممارسات الاحتلال المشار إليها بشكل صريح في الجريمة التي يتناولها الفيلم".

وأكد أن أسرة الفيلم "تتفهم الغضب الذي اعترى الكثيرين على ما يظنونه إساءة للأسرى وذويهم"، متمنياً "أن تتم مشاهدة الفيلم قبل الحكم عليه نقلاً أو اجتزاءً". وفي نهاية البيان، أعلن دياب وقف كل العروض المجدولة للفيلم نظراً إلى أن "الهدف السامي الذي صُنع من أجله العمل لا يمكن أن يأتي على حساب مشاعر الأسرى وذويهم الذين تأذوا بسبب الصورة الضبابية التي نُسجت حول الفيلم". كما طالب دياب بتأسيس لجنة مختصة من قبل الأسرى وعائلاتهم لمشاهدة ومناقشة الفيلم.

إدانات واسعة

موقف دياب وتبريراته حول وقف فيلم "أميرة"، استُبق بإدانات فلسطينية واسعة شعبية ورسمية، شجبت فكرة الفيلم، واتهمت القائمين عليه بتزيف الحقائق وتحريف القصة الحقيقية "للنطف المهربة" التي تلاقي استحساناً فلسطينياً واسعاً منذ أن بدأ السجناء الفلسطينيون الإقدام عليها أول مرة في عام 2012.
وقال رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينيين قدري أبو بكر لـ "اندبندنت عربية" إن قضية "النطف المحررة" شكّلت "على مدى 10 سنوات أبرز الإنجازات التي تمكّن الأسرى من خلالها كسر السجن، وصناعة الأمل بالإرادة، في ملحمة أسطورية استثنائية تعدّت الأغلال والقيود والحواجز ومنظومة الحراسة الإسرائيلية الفاشلة عبر نطف مهربة بحب وإيمان وثقة، بأن لا شيء سيغيظ الاحتلال أكثر من أن ينجب الفلسطينيون سفراء للحرية. وأصبحت قضية النطف المهربة محط اهتمام عالمي وحديث رأي عام، ومن المؤسف أن الطاقم القائم على الفيلم لم يتتبع حقيقة القصة من أصحابها الأصليين، وكان الأجدر بدل اختراع الأكاذيب، أن يسلطوا الضوء على إبداع الأسير الفلسطيني وتحديه الجدران والأسلاك الشائكة ليكوّن عائلة حتى وهو خلف القضبان".
واعتبر بيان "الحركة الأسيرة في السجون الإسرائيلية" أن "مَن شارك في إنتاج وإخراج وتمثيل وتسويق الفيلم، شخصيات غير مرغوب بها في فلسطين"، مطالبين بملاحقتهم أخلاقياً وقانونياً ومعاقبة جميع مَن شارك في "الجريمة" من منتجين ومخرجين وممثلين، الذين عليهم بحسب البيان "إعلان التوبة والاعتذار العلني للأسرى وسفراء الحرية وعوائلهم، وللشعب الفلسطيني ومحبيه في الأماكن التي توازي بشهرتها أماكن عرض الفيلم".

وحذرت وزارة الثقافة الفلسطينية بدورها من تداول فيلم "أميرة" لما ستكون له من "انعكاسات خطيرة على قضية الأسرى، وبخاصة أنه يسيء لأُسَرِهم بعدَ إنجابهم الأطفال من خلال عملية تهريب النُطف التي أساء لها الفيلم بكل وضوح".

وقال وزير الثقافة الفلسطيني عاطف أبو سيف لـ "اندبندنت عربية"، "قبل أكثر من ثلاثة أسابيع خاطبنا وزارة الثقافة الأردنية بشأن الفيلم، بعدما تم فحصة وتدقيق ما فيه من معلومات من قبل لجنة مختصة، وبعد ذلك تم التواصل مع الهيئة المَلَكية للأفلام وتوضيح ما يشكله الفيلم من إساءة بالغة ومساس بقضية حساسة فلسطينياً. كما طالبنا وزارة الثقافة الأردنية والجهات الرسمية أن تنظر بجدية إلى تداعيات نتائج هذا الفيلم المسيء".

فيلم خيالي

من جهة أخرى، طالبت "اللجنة الوطنية للأسرى والمفقودين الأردنيين في المعتقلات الصهيونية"، نقابة الفنانين الأردنيين، بعد عرض فيلم "أميرة" في مهرجان كرامة السينمائي "لأفلام حقوق الإنسان" مطلع الأسبوع الحالي، باتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف عرض الفيلم ومنعه في دور السينما وسحبه من كافة المنصات، ومحاسبة المسؤولين القائمين على إنتاج الفيلم "الذي يسيء للأسرى والأردن".

وتفاعل مغردون فلسطينيون وأردنيون مع الفيلم، بإطلاق وسم "اسحبوا_فيلم_أميرة"، فيما أعلن آخرون عن تنظيم وقفة احتجاجية مساء الخميس 9 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، أمام الهيئة الملَكية للأفلام في عمّان لسحب الفيلم من تمثيل الأردن في جائزة الأوسكار لعام 2022.

وقال مدير هيئة الإعلام الأردنية، طارق أبو الراغب وفي إطار رده على وقف الفيلم رسمياً، إن "الهيئة لم يصلها أي طلب عرض تجاري للفيلم في عمان، وإنها ستنظر في الفيلم وتصدر بياناً مفصلاً بحال وصول طلب لعرضه".
من جهتها، اعتبرت وزارة الثقافة الأردنية وعلى لسان أمينها العام هزاع البراري، أن "الوزارة ليست جهة الاختصاص بالموافقة أو منع عرض أي مادة فيلمية أو سمعية في الأردن". وأضاف البراري في تصريحات لوسائل إعلام أردنية أن "لا معلومات لدى الوزارة أو معرفة بفيلم أميرة من حيث إتاحة عرضه أو الموافقة على إنتاجه"، مؤكداً أن "هيئة الإعلام هي صاحبة الاختصاص والولاية القانونية في هذا الشأن، في حين أن لا علاقة للوزارة بهذا الخصوص، فصانع الفيلم لا يأخذ موافقة الوزارة على الإنتاج والتصوير والعرض". وأشار البراري إلى أن الوزارة "لن تتخذ أي إجراءات بحق هذا الفيلم نظراً لأنها وبموجب القانون غير مسؤولة عن الأفلام"، مبيناً أن إنتاج فيلم "أميرة" تم بالتعاون مع جهات عدة، من بينها الهيئة الملَكية للأفلام التي أصدرت ترخيصاً بتصوير الفيلم.

ومع تصاعد الانتقادات والاتهامات، أصدرت "الهيئة الملَكية للأفلام" بياناً قالت فيه، إن "الفيلم خيالي روائي وليس وثائقياً، واختيار أسلوب رواية القصة وسرد الأحداث يعود إلى طاقم العمل، من الإخراج والتأليف والإنتاج. ولا مبرر للمطالبة بسحبه، لأن صنّاعه أوضحوا أن قصة الفيلم خيالية ولا يوثق واقعاً".

عكس التوقعات

وسبق أن تحدث أبطال الفيلم، عن العمل، بخاصة بعد تقديمه لمسابقات الأوسكار، كونه سينقل معاناة السجناء الفلسطينيين وعائلاتهم إلى العالم من منظور مختلف، فقالت الممثلة الأردنية صبا مبارك في مقابلة سابقة، "فلسطين جزء مني، فأنا أمي فلسطينية، والقضية الفلسطينية هي أهم القضايا التي أتبناها فنياً، ومهما أقدم لها من أعمال لن يكون كافياً بحقها".

وفي مقابلة سابقة مع وكالة "رويترز"، أكد مخرج الفيلم محمد دياب أن فيلمه مأخوذ من الواقع، وأنه استوحى فكرة الفيلم من الأخبار التي تُنشر في الصحف. وتساءل دياب "كيف يفكر هؤلاء الأسرى الذين يعيشون حياة منعزلة في السجون ولا يلمسون أطفالهم على الإطلاق أو زوجاتهم، ولماذا يريدون الإنجاب بهذه الطريقة؟ لقد عرفت أن هؤلاء الأطفال يُطلق عليهم اسم أطفال الحرية، ويُنظر إليهم باعتبارهم المستقبل ورمز البقاء والاستمرارية".
ردود الفعل الغاضبة لدى الفلسطينيين والأردنيين على حد سواء، أظهرت عكس ما تأملت به مبارك وطمح به دياب، ونُشرت ملايين التغريدات على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي التي حَطت من قدر الفيلم الذي بحسب كثير من المعارضين والمنتقدين، أحاط قضية السجناء الفلسطينيين بـ"شوائب" قد تنزع عنها قدسيتها في مخيلة البعض.

يُذكر أن المتحدثة باسم مصلحة السجون الإسرائيلية هانا هيربست، كانت أشارت لوكالة الصحافة الفرنسية في وقت سابق أن عمليات تهريب النطف من داخل السجون "محض إشاعات"، وقالت "ليست لدينا معلومات أو أدلة تدعم هذا الإدعاء. لا نعرف كيف يمكن إخراج كمية كافية من السائل المنوي واستخدامها في إجراء طبي".

 

الـ The Independent  في

09.12.2021

 
 
 
 
 

الأردن يسحب ترشيح فيلم "أميرة" للأوسكار ومخرجه يعلن وقف عروضه

يوسف الشايب:

أعلنت الهيئة الملكية الأردنية للأفلام، في بيان لها، اليوم، سحب فيلم "أميرة" من سباق جوائز الأوسكار 2022، بصفتها الجهة الرسمية في المملكة المخولة تقديم الأفلام للترشح.

وقالت الهيئة في بيان: نقدر قيمة الفيلم الفنية ونؤمن أنه لا يمسّ بأي شكل من الأشكال بالقضية الفلسطينية ولا بقضية الأسرى؛ بل على العكس، فإنه يسلط الضوء على محنتهم ومقاومتهم وكذلك توقهم لحياة كريمة على الرغم من الاحتلال، وكان هذا أيضاً رأي أعضاء لجنة الاختيار المستقلة، التي تم تشكيلها من قبل الهيئة الملكية للأفلام، والتي اختارت فيلم "أميرة" من بين أفلام أخرى ليمثل المملكة.

وأشارت الهيئة في بيانها، إلى أن فيلم "أميرة"، عُرض بنجاح في العديد من المهرجانات السينمائية الدولية: مهرجان البندقية (إيطاليا)، والجونة (مصر)، وقرطاج (تونس)، وكذلك في مهرجان كرامة لأفلام حقوق الإنسان في عمّان، وقد فاز بجائزتين دوليتين في البندقية.

وختمت بيانها بالقول: لكن في ظل الجدل الكبير الذي أثاره الفيلم وتفسيره من طرف البعض بأنه يمسّ بالقضية الفلسطينية، واحتراماً لمشاعر الأسرى وعائلاتهم، قررت الهيئة الملكية للأفلام العدول عن تقديم "أميرة" لتمثيل الأردن في جوائز الأوسكار.

وكان مخرج "أميرة"، المصري محمد دياب، أعلن في بيان له بالنيابة عن أسرة الفيلم، وعبر صفحته الشخصية على "فيسبوك": نعتبر أن الأسرى الفلسطينيين ومشاعرهم هم الأولوية لنا وقضيتنا الرئيسة، لذلك سيتم وقف أي عروض للفيلم، مطالباً بتأسيس "لجنة مختصة من قبل الأسرى وعائلاتهم لمشاهدته ومناقشته"، مؤكداً: مؤمنون بنقاء ما قدمناه في فيلم أميرة، دون أي إساءة للأسرى والقضية الفلسطينية.

وممّا جاء في البيان: منذ بداية عرض الفيلم في أيلول (سبتمبر) 2021 في مهرجان فينيسيا والذي تبعه عرضه في العالم العربي في مهرجاني الجونة وقرطاج وشاهده آلاف من الجمهور العربي والفلسطيني والعالمي، كان الإجماع دائماً أن الفيلم يصور قضية الأسرى بشكل إيجابي وإنساني وينتقد الاحتلال بوضوح.

وأضاف: كان من المفهوم تماماً لأسرة الفيلم حساسية قضية تهريب النطف وقدسية أطفال الحرية، ولهذا كان القرار التصريح بأن قصة الفيلم خيالية ولا يمكن أن تحدث، فالفيلم ينتهي بجملة تظهر على الشاشة تقول "منذ 2012 ولد أكثر من 100 طفل بطريقة تهريب النطف. كل الأطفال تم التأكد من نسبهم. طرق التهريب تظل غامضة".

ولفت البيان الذي عمّمه دياب: لم تترك أسرة الفيلم الأمر للتأويل، بل أكدت بهذه الجملة أن الفيلم خيالي وأن طريقة التهريب الحقيقية غير معروفة، بل إن عمر البطلة في الفيلم 18 عاماً يتنافى منطقياً مع بداية اللجوء لتهريب النطف في 2012.. الفيلم يتناول معاناة وبطولات الأسرى وأسرهم، ويظهر معدن الشخصية الفلسطينية التي دوماً ما تجد طريقة للمقاومة والاستمرار، ويحاول أن يغوص بعمق في أهمية أطفال الحرية بالنسبة للفلسطينيين.

واستطرد البيان: اختيار الحبكة الدرامية الخاصة بتغيير النطف جاء ليطرح سؤالا وجوديا فلسفيا حول جوهر معتقد الإنسان، وهل سيختار نفس اختياراته لو ولد كشخص آخر.. الفيلم مرة أخرى ينحاز لفلسطين، فالبطلة أميرة تختار أن تكون فلسطينية وتختار أن تنحاز للقضية العادلة، والفيلم يشجب ويدين ممارسات الاحتلال المشار إليها بشكل صريح في الجريمة التي يتناولها الفيلم.. الحديث فقط عن هذه الحبكة الخيالية خارج سياق الفيلم الذي ينحاز للسردية الوطنية الفلسطينية، هو اقتطاع منقوص ويرسم صورة عكسية.

وشدد البيان: الفيلم من بطولة كوكبة من الفنانين الفلسطينيين والأردنيين المشهود لهم بالوطنية، ولهم تاريخ طويل في الدفاع عن القضية الفلسطينية ونقلها للعالم ودافعهم الوحيد للاشتراك في الفيلم هو إيمانهم بأهمية رسالة الفيلم الذي هو في النهاية رؤية ومسؤولية مخرجه.

وختم: أسرة الفيلم تتفهم الغضب الذي اعترى الكثيرين على ما يظنونه إساءة للأسرى وذويهم، وهو غضب وطني نتفهمه ولكن كنا نتمنى أن تتم مشاهدة الفيلم قبل الحكم عليه نقلاً أو اجتزائاً.. الهدف السامي الذي صنع من أجله الفيلم لا يمكن أن يتأتى على حساب مشاعر الأسرى وذويهم، والذين تأذوا بسبب الصورة الضبابية التي نسجت حول الفيلم.

جدير بالذكر أن سحب الفيلم، جاء قبيل انطلاق اعتصام أعلنت عنه اللجنة الوطنية للأسرى والمفقودين الأردنيين في المعتقلات الصهيونية، أمام مقر الهيئة الملكية الأردنية للأفلام، "للمطالبة بوقف عرض فيلم أميرة، وسحبه من تمثيل الأردن في جائزة الأوسكار"، في حين أدانت منظمة التحرير الفلسطينية، اليوم، ما جاء في الفيلم مسيئاً للأسرى وعائلاتهم، وذلك عبر تصريحات لأحمد التميمي، عضو اللجنة التنفيذية للمنظمة، رئيس دائرة حقوق الإنسان والمجتمع المدني فيها، والذي دعا "إلى أكبر حملة مقاطعة لهذا الفيلم ولمخرجه ومنتجيه".

ورحب نادي الأسير الفلسطيني، بقرار الهيئة الملكية الأردنية للأفلام المتمثل بسحب فيلم "أميرة" من سباق الأوسكار.

وعقّب رئيس النادي قدورة فارس على بيان أسرة فيلم "أميرة"، بالقول:  إنّ الموقف الذي صدر عن القائمين على فيلم "أميرة" المتمثل بوقف عرضه، هي خطوة أولى في الاتجاه الصحيح حتّى يتم طي صفحة هذا الفيلم، الذي يُشكل طعنة لنضال أسرانا وعائلاتهم.

وأضاف فارس أنّه وبشأن دعوة طاقم الفيلم لتشكيل لجنة لمشاهدته، فإننا نؤكد أنّنا حرصنا على مشاهدة الفيلم من ألفه إلى يائه وعقدنا أكثر من جلسة وتوقفنا مطولًا عند التفاصيل التي يتناولها، قبل الإعلان عن موقفنا الرافض له، والأجدر بدلاً من دعوتهم لتشكيل لجنة أن يتم طي صفحة الفيلم مرة واحدة وللأبد، وإذا أرادوا معرفة ما المطلوب عليهم أن يقرؤوا البيان الصادر عن أسرانا الأبطال.

كما عبّر فارس عن تقديره العالي لموقف الشعبين الفلسطيني والأردني الرافض للفيلم، والذي شكّل الحلقة الأساس في مسار خطوة وقف عرضه، وهذه خطوة أولى ويجب البناء عليها، بالشراكة مع كافة الأطراف، ودعا لاستمرار الجهد الشعبي الذي يثبت في كل مرة أن أسرانا هم من يحددون بوصلتنا وطريقنا نحو الحرّيّة.

 

####

 

فيلم "أميرة": الفن في سياقات بائسة

بقلم: سامر المجالي *

حضرتُ منذ ثلاثة أيام حوارية مع مكادي نحاس في منتدى شومان الثقافي.. ذاك المساء طرحت مكادي سؤالًا جوهريًّا عمّا قدمه المغنون والمغنيات العرب من قيمة فنية خلال السنوات العشرين الماضية، سوى تضخم أرصدتهم، وجمال مظهرهم الذي يزداد شبابًا عامًا بعد عام (بحسب وصفها).

لم يكن هناك من جواب سوى ما ندركه جميعًا من انفصال الفنّ عن الواقع، وخضوعه للعبة رأس المال التي حوّلتنا جميعًا إلى أقنان يعملون من أجل رفاهيتها!

لعل هذه الرؤية تفسر شيئًا من الموقف المتخذ بخصوص فيلم "أميرة"..

يقدّمُ الفيلم قصَّة مستوحاة من الظاهرة المعروفة بـ"أبناء الحرية"؛ أي الأطفال الذين يولدون لأسرى فلسطينيين في السجون، عبر تهريب نطف الآباء إلى أرحام زوجاتهم، في عملية حذرة محاطة بكثير من الغموض والسريّة.

يقرر الأسير "نوّار"، وزوجته "وردة" أن يكررا محاولتهما الأولى التي أثمرت ابنتهما "أميرة"، وهي فتاة في الخامسة عشرة من عمرها جاءت إلى الدنيا عبر نطفة مهربة زُرعت في رحم أمها العذراء التي اعتُقل زوجها قبل أن يدخل بها. تصل النطفة الجديدة إلى المستشفى الذي ترقد فيه الأم بانتظار بدء الإجراءات الطبية المعتادة، غير أن الفريق المخوّل بإجراء العملية يكتشف عند فحص العينة المهرَّبة أن صاحبها عقيم، وأن عقمَه هذا ليس أمرًا طارئًا عليه، بل هو صفة ملازمة له منذ بلوغه؛ ما يعني أنه لم يكن في أي وقت من أوقات حياته قادرًا على الإنجاب.

تسبّب هذه الحقيقة صدمة للجميع، وعلى رأسهم "أميرة" المتعلقة بـأبيها، و"وردة" المخلصة والعذراء رغم أنها أمٌّ لفتاة في الخامسة عشرة، وللأهل جميعًا: والدة نوار، وأخويه سعيد وباسل، وسليمان أخي وردة، فتتجه أصابع الاتهام إلى الجميع؛ إلى "وردة" بالذات وكل فرد من الأفراد المحيطين بها حتى أخوي زوجها. وسط هذه الملابسات تصرُّ وردة على الصمت، إذ تدرك دون غيرها أن ثمة من عبث بالنطفة التي وُضعت في رحمها حين حملها الأول، فلا يكون هناك إلا تفسير منطقي واحد هو "الحارس" الإسرائيلي الذي ساعد آنذاك في تهريب العينة، فاستبدل نطفته هو بنطفة "نوار"، ما يعني أن "أميرة" ابنة عسكري يهودي، وليست ابنة مناضل فلسطيني يدفع سنوات حياته في السجن ثمنًا من أجل قضيته.

تقرر أميرة أن تنتقم من أبيها الحقيقي، فتهرب عبر جدار الفصل العنصري إلى الداخل الفلسطيني وفي يدها مسدس تريد أن تقتل به أباها اليهودي، غير أن الجنود الإسرائيليين يرونها فيلاحقونها، ويردونها قتيلة حين رفضت الاستجابة لأوامرهم بالتوقف.

تلك قصة الفيلم باختصار، وهو عمل بصري جميل، شابته أحيانًا سذاجة في الحوارات، واحتوى على مشاهد مبتذلة، كمشهد اتصال نوار بأميرة عبر التليفون حين أراد (استخراج) العينة التي ستُهرَّب. وفيه كذلك أداء غاية في الروعة، كأداء صبا مبارك حين جلوسها أمام زوجها في لقاءات السجن، أو المشهد الختامي في الفيلم، حين يقف الأب اليهودي "إيتاي" أمام جثمان "أميرة" موجهًا إليه نظرة فيها مزيج من الذهول والشماتة بمصير تلك الفتاة المسكينة.

المهم في الموضوع أن الفيلم قدَّم موقفًا محايدًا من القضية كلها؛ بل إن الدخول في "رمزياته" قد يوقع مؤلفه في ورطات تأويلية من شاكلة سيطرة اليهود على أدق شؤون الفلسطينيين، وجعلهم "قَدَرًا" لن يستطيع الفلسطينيون منه فكاكًا. بيد أن لقاء أُجري مع مخرجه محمد دياب على قناة العربية في شهر سبتمبر الماضي يكشف وجهًا ساذجًا أيضًا من وجوه التناول، فقد صرَّح دياب أنه حين سمع بقصة تهريب النطف التي تجري في فلسطين، وجد أن القصة تصلح لأن تُبنى عليها دراما مذهلة، فألَّف الفيلم بمشاركة آخرين من عائلته.

هذا يعني أن القصة رُكبت بناء على عنوان عريض سمع به المؤلف عن بعد، فلم ينظر في ملابسات الحدث وما يتصل به من أبعاد وحساسيات، لذا جاء العمل بعيدًا عن الواقع ومليئًا بالمغالطات، مثل: عمر أميرة التي هي أكبر من أول طفل فلسطيني وُلد بهذه الطريقة بخمس سنوات على الأقل، وتفاصيل تجهيز الزوجة التي تتطلب أسابيع قبل تنفيذ عملية التهريب، ووجود شهود من عائلتي الزوج والزوجة في كل مرحلة من المراحل بدءًا من الموافقات وصولًا إلى لحظة توثيق العينة وزرعها في الرحم، والأهم من ذلك كله نسبة المواليد إلى آبائهم الحقيقيين مهما كانت التبعات، بعكس ما ورد في الفيلم من نسبة أميرة، في الأوراق الرسمية، إلى عمّها سعيد.

هذا البعد وعدم الواقعية أثارا حساسية لدى المتلقي الفلسطيني والعربي بشكل عام؛ إذ إن القضية تندرج في إطار "المقدس"، وهي قداسة وجيهة ومستحقة، وتتصل بنضال وتضحيات قلَّ أن يجود شعب بمثلها في سبيل وطنه.

غير أن تلك الحساسية تضاعفت بسبب ما ذُكر في الفقرة الأولى، فثمة انفصال إنساني ووجداني بين النخب بجميع أشكالها (الفنية والسياسية والإعلامية) وجموع الناس الذين لم يعودوا يثقون بما يُقدَّم إليهم من قِبل هذه النخب، بل إن الشك هو رأس الأمر كله بين الطرفين، في ظل حالة الانبطاح غير المسبوقة التي يعيشها العرب على المستوى السياسي ويخدمها الفن عن طيب خاطر؛ حالة محيرة يختلط فيها التطبيع بالترفيه بالفقر بالفساد بالبطالة بمحو الهوية، في تجليات تتوالد يومًا بعد يوم، ويخسر فيها العربي آمانه النفسي والعائلي ليغدو كائنًا معولمًا منتهكًا كادحًا لا يملك من أمره شيئًا.

عندئذ، يمكن لنا أن نتصور موقفًا من هذا النوع، ونقر بأن إنسانًا يعيش هذه الظروف، لن يستطيع النظر إلى الفن بوصفه رفاهية؛ فالفن من أجل الفن غير ممكن وسط القهر والاستبداد، ولا يمكن له أن يتعايش جنبًا إلى جنب مع سطوة المال الذي يأكل الأخضر واليابس، ويحيل الفنانين والمخرجين إلى أراجوزات، يلهثون وراءالأضواء، والشهرة والجمال والمال، مهما كان الثمن الذي يقدمونه لأبالسة الاقتصاد والسياسة.

قد لا يكون هناك سوء نية، لكن الشيء المؤكد أن نخبنا لا تستحق ثقة من أي نوع..

* سامر المجالي كاتب وروائي أردني مقيم في عمّان.

 

منصة الإستقلال الثقافية في

09.12.2021

 
 
 
 
 

"أميرة" محمد دياب.. مأزق الخيال الدرامي

محمد صبحي

أثار عرض فيلم "أميرة"(*)، للمخرج المصري محمد دياب، في افتتاح النسخة الأخيرة من "مهرجان كرامة لأفلام حقوق الإنسان" في الأردن (5–12 كانون الأول) غضباً فلسطينياً أردنياً، بسبب موضوعه الذي يتناول تهريب نُطَف الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي "بشكل مغاير للواقع، ويسيء مباشرةً إلى الأسرى المعنيين بالقضية". الأزمة تفاعلت على مدار اليومين الماضيين، وتخلّلتها مطالبات غاضبة بمنع عرض الفيلم في الأردن (كان مقرراً نزوله إلى الصالات في 16 من الشهر الجاري)، ووصلت إلى حدّ المطالبة بسحبه من ترشيحات جائزة الأوسكار للعام 2022 (يمثّل الفيلم الأردن في سباق المنافسة)، وليس انتهاء ببيان مخرج الفيلم بالأمس والذي وأعلن فيه "وقف أي عروض للفيلم"، والمطالبة "بتشكيل لجنة من أهالي الأسرى لمشاهدة الفيلم ومناقشته" قبل اتخاذ أي قرار.

أغلب الظن أن من أقاموا وشاركوا وتفاعلوا مع الدعوات الإنترنتية لمنع عرض الفيلم لم يشاهدوه أصلاً، لكن هذا في حدّ ذاته صار ظاهرة شائعة في فضاء السوشال ميديا، لذا لن يكون موضوعاً للنقاش من الأساس، مثلما لن يكون من الصواب مساجلة حُجج وأحكام الغاضبين المنتمين للفريق نفسه. ما بين أيدينا هو الفيلم نفسه. "أميرة" هو ثالث أفلام محمد دياب، بعد "678" الذي تناول مشكلة التحرش الجنسي في مصر، و"اشتباكالذي قارب الأزمة السياسية في نهاية عهد الرئيس المصري السابق محمد مرسي العام 2013، عبر حشر متظاهرين من معسكرات المعارضة المختلفة، داخل شاحنة للشرطة. في فيلمه الأخير، محلّ الجدل، يتناول قضية حسّاسة بطلتها مراهقة فلسطينية عاشت حياتها معتقدة بقدومها للحياة عبر عملية تلقيح مجهري للحيوانات المنوية المهرَّبة لأبيها، السجين الفلسطيني الذي يقضي عقوبة مؤبدة في أحد سجون الاحتلال. لكن عالمها ينهار تماماً عندما تكشف المحاولة الفاشلة لإنجاب شقيق لها عُقم أبيها.

"تويست" حرّيف و"سيكسي"، أليس كذلك؟

يحبّ دياب الدراما، الكثير من الدراما في الحقيقة. كما يحبّ تقوية أفلامه عبر استلهام حكاياتها وحبكاتها من "الواقع" و"القصص الحقيقية". بالنسبة إلى "أميرة"، جاءته فكرة الفيلم عندما قرأ مقالاً عن إنجاب حوالى 100 طفل منذ العام 2012 عن طريق تهريب الحيوانات المنوية للمعتقلين الفلسطينين في السجون الإسرائيلية. لم يُرِد تقديم فيلم سياسي - مثلما كان الحال أيضاً مع "اشتباك" اللاسياسي بالكُلّية - إذ يعتبر أن "هذه هي الطريقة المثالية للتطرُّق إلى أي مواضيع سياسية، عبر تغليفها بقصة اجتماعية لا علاقة لها بالسياسة بل رؤية السياسة من خلال حياة الناس". ووفقاً لأحاديثه أيضاً، فالقصة لا تتعلّق بفلسطين فحسب، وإنما هي قصة عالمية تُعنى بفكرة الكراهية والطبيعة البشرية والتنشئة وما يجعل الإنسان ما هو عليه. "ما كان يهمّني هو الدراما. شعرت وكأنها قصة خيال علمي لم أسمعها من قبل وأردت استكشاف الأسئلة الوجودية التي يمكن أن تخرج من وضع كهذا"، يقول في مقابلة مع مجلة "سكرين" نُشرت في أيلول/سبتمبر الماضي.

لسوء حظّه أن خياله الدرامي اصطدم هذه المرة بحساسيات و"أعراض" ومساس بقضية مقدّسة. كما لم يعفه التنويه الكتابي في نهاية فيلمه بأنه "تم التأكد من نطف الأسرى الفلسطينين وسلامة نَسَبهم خلال السنوات العشر الأخيرة"، من اتهامه "بالإساءة إلى الأسرى وعائلاتهم". أكثر من ذلك، ما كشفه بيان أصدرته "الحركة  الفلسطينية الأسيرة في سجون الاحتلال"، أمس الأربعاء، عن تواصل الحركة مع منتج الفيلم العام 2019، عبر قنوات عديدة، وأهمّها إحدى زوجات الأسرى كانت تحمل في أحشائها "نطفة محررة"، اعترضت على الحبكة، وعرضت خدماتها الكاملة للمساعدة في توفير الرواية الصحيحة. لكن دياب أكمل فيلمه، بسيناريو كتبه بمساعدة شقيقيه وزوجته، ثم ذهب إلى المخرج الفلسطيني هاني أبو أسعد ليشارك في إنتاجه ويشرف على مراحل إنجازه. والنتيجة؟ اعتمد الفيلم الحبكة "المسيئة" من أجل توليد الدراما التي يحبّها دياب.

الهوية والحرية والشرف والخلاص، هي الموضوعات الساخنة والمركزية التي تدور حولها هذه القصة. رابط الأبوة مجرد حبكة فرعية للحديث عن أشياء أكبر وأكثر "عالمية"، مثل ضراوة "الصراع" الذي يؤدي إلى فقدان الإنسانية وتكريس الكراهية. الواقعية الاجتماعية للفيلم تضع الأساس لمسرحة بيرانديللية (نسبة إلى لويجي بيرانديللو) وأفلمة راشمونية (نسبة لفيلم أكيرا كوروساوا الشهير) حول نسبية الحقيقة. "من هو والد أميرة البيولوجي؟"، يصبح هاجساً دافعاً للفيلم للمضي قدماً. منذ اكتشاف عُقم الأبّ الأسير، يعتمد الفيلم على هذه المعضلة، لاستكشاف فرضيات مختلفة وتقليب تربة أسئلته الوجودية. يصبح موضوع الهوية الوطنية الفلسطينية، والعربية عامةً، على المحكّ. احتمال سريان دم العدو المحتلّ في عروق الابنة المفترضة، يصبح وصمة عار في سياق حرب دائمة. وهنا، تحديداً، مكمن قوة الفيلم الفنية وسقطته الأخلاقية (بالنسبة لمنتقديه)، بتشييده سياقاً درامياً كلاسيكياً وعالمي التأثير ينزع اليقين عن مسألة لا يُفترض الاقتراب منها إلا تمجيداً وإعزازاً.

"أميرة" فيلم جيد فنياً، إنما بلا فلسطين أو إسرائيل. صحيح أنه يحفل بدراما فاقعة وانقلابات حبكة مفتعلة أحياناً، وخطاب إنساني عائم ومزعج، لكن كان يمكن للفيلم نفسه، مع حذف كل ما يتعلّق بفلسطين وإسرائيل، أن يحظى باستقبالٍ احتفالي، وأن تدبّج المدائح في وصف روعة خلطته السينمائية وأهمية انشغالاته الوجودية وترجماتها البصرية. لكن السعي وراء إذكاء الدراما باستلهامها من قصص حقيقية، لإضفاء قدر أكبر من المصداقية والموثوقية والأهمية، يأتي بنتائج عكسية أحياناً.

 (*) يضم فريق الفيلم الممثلين الأردنيين: صبا مبارك وتارا عبود وصهيب نشوان، والفلسطينيين: علي سليمان وزياد بكري ووليد زعيتر وقيس ناشف. عُرض الفيلم للمرة الأولى في قسم "أوريزونتي" في "مهرجان البندقية" الـ78، حيث نال ثلاث جوائز. كما حصل على تنويه خاص من لجنة تحكيم "مهرجان أيام قرطاج السينمائية"، حيث شارك في المسابقة الرسمية، وكان من المقرر عرضه هذه الأيام ضمن قسم "اختيارات عالمية" في "مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي" في دورته الأولى المقامة في جدة في المملكة العربية السعودية.

 

المدن الإلكترونية في

09.12.2021

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004