ملفات خاصة

 
 
 

سعاد من مصر وأميرة من الأردن وكوستا برافا من لبنان.. على طريق الأوسكار

مي عبد الله

جوائز الأكاديمية الأمريكية للفيلم

الدورة الرابعة والتسعون

   
 
 
 
 
 
 

من مصر والأردن ولبنان، تأهلت 3  أفلام لـجائزة الأوسكار لأفضل فيلم دولي روائي طويل لعام 2022، باختيار اللجان الوطنية الرسمية المسئولة عن إرسال أفضل الأفلام المعروضة محلياً خلال العام السابق إلى أكاديمية فنون وعلوم السينما، وتتمتع هذه الأفلام بعناصر نسائية مميزة في عناصر القصة والإخراج والتأليف، وتبرز أدوار وتحديات المرأة العربية في قضايا الهوية والبيئة والحرية الشخصية.

ففي الأردن، أوصت لجنة مستقلة تتألف من خبراء مهنيين باختيار فيلم أميرة لتمثيل الأردن في سباق الأوسكار، وهو إنتاج مشترك بين الأردن ومصر وفلسطين والإمارات والسعودية، وتم تصويره بالكامل في الأردن، وإخراج المصري محمد دياب عضو أكاديمية فنون وعلوم السينما.

 وجاء في بيان اللجنة: "يغوص فيلم أميرة بقوة في قضية الهوية والإنسانية من خلال عيون فتاة تبحث عن نفسها. أسلوب محمد دياب البارع في صناعة الفيلم يشد المشاهد من خلال دقة تفاصيل الصراع الداخلي الذي يجسده الممثلون بجمالية وخاصة تارا عبود وصبا مبارك وعلي سليمان. انها لجرأة عظيمة في صناعة الأفلام بأبهى حالاتها".

وفي مصر، قررت لجنة من النقاد والمتخصصين تابعة لنقابة المهن السينمائية اختيار فيلم سعاد للمخرجة أيتن أمين لتمثيل مصر، وجاء هذا بعد منافسة مع الفيلم الوثائقي كباتن الزعتري للمخرج علي العربي، وهو أيضاً من توزيع فيلم كلينك لتوزيع الأفلام المستقلة (FCID) في العالم العربي. وخاض سعاد رحلة الجوائز منذ عرضه العالمي الأول في مهرجان كان السينمائي 2020، وفاز بجوائز من مهرجانات فالنسيا، تريبيكا وفيسباكو.

ويمثل لبنان في سباق الأوسكار كوستا برافا لبنان للمخرجة مُنيه عقل، وهو من بطولة المخرجة والممثلة نادين لبكي مع النجم الفلسطيني صالح بكري. العرض العالمي الأول للفيلم كان في مهرجان فينيسيا السينمائي، ثم نال أربع جوائز من مهرجانات تورنتو، لندن، أشبيلية والجونة.

سجل فيلم كلينك في الأفلام المؤهلة للأوسكار يضم أيضاً أفلام: بركة يقابل بركة (السعودية | 2017)، اشتباك (مصر | 2017)، شيخ جاكسون (مصر | 2018)، يوم الدين (مصر | 2019)، ورد مسموم (مصر | 2020)، لما بنتولد (مصر | 2021)، 200 متر (الأردن | 2021)، وستموت في العشرين (السودان | 2021).

ومؤخرًا حصدت شركة  فيلم كلينك 6 جوائز من مهرجان أيام قرطاج السينمائية في دورته الـ32 عبر أفلام شاركت في إنتاجهم أو توزيعهم، ومنها الجائزة الأهم بالمهرجان، وهي التانيت الذهبي التي ذهبت إلى الفيلم المصري ريش للمخرج عمر الزهيري، إضافة لثلاث جوائز أخرى نالها الفيلم ليرفع رصيده إلى 9 جوائز دولية حتى الآن منذ عرضه العالمي الأول في مهرجان كان السينمائي 2021. كما نال فيلم أميرة تنويهاً خاصاً من لجنة تحكيم مسابقة الأفلام الروائية الطويلة، وفاز الفيلم الوثائقي كباتن الزعتري للمخرج والمنتج علي العربي بتنويه خاص من مسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة. وقد لاقت عروض كباتن الزعتري إقبالاً جماهيرياً، ما دفع إدارة المهرجان لإقامة 3 عروض استثنائية له، إضافة لعروضه الثلاثة الأساسية.

أميرة هو أول فيلم روائي طويل فلسطيني يقوم بإخرجه مصري، وتدور قصته حول المراهقة الفلسطينية أميرة التي وُلدت بعملية تلقيح مجهري بعد تهريب منيّ والدها نوار السجين في المعتقلات الإسرائيلية، تجبرها الظروف على أن تخوض رحلة لمعرفة الحقيقة وراء هويتها. ويضم فريق عمل فيلم أميرة عدد كبير من النجوم العرب، في مقدمتهم صبا مبارك وعلي سليمان، والممثلة الشابة تارا عبود التي يقدمها الفيلم لأول مرة للسينما العالمية بدور أميرة، وقيس ناشف ووليد زعيتر، وهو من تأليف الثلاثي محمد وخالد وشيرين دياب، ومونتاج أحمد حافظ.

العرض العالمي الأول كان في مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي، حيث فاز الفيلم بـجائزة لانتيرنا ماجيكا من جمعية تشينيتشيركولي الوطنية الاجتماعية الثقافية للشباب (CGS)، جائزة إنريكو فولتشينيوني من المجلس الدولي للسينما والتليفزيون والإعلام السمعي البصري مع منظمة يونسكو، وجائزة إنترفيلم لتعزيز الحوار بين الأديان.

وفي مهرجان مهرجان أيام قرطاج السينمائيةالفيلم تنويهاً خاصاً من لجنة تحكيم مسابقة الأفلام الروائية الطويلة، كما شارك في مهرجانات شيكاغو، مونبلييه الدولي لسينما البحر المتوسط (سينيميد)، والجونة.

يتناول فيلم سعاد علاقة أختين في سن المراهقة بإحدى مدن دلتا النيل، حيث تعيش إحداهما حياة خاصة وسرية في العالم الافتراضي. تم تصوير الفيلم في مدن مختلفة خارج القاهرة، واعتمد على مجموعة ممثلات وممثلين غير محترفين من مختلف المحافظات المصرية. وقد عُرض ضمن الاختيارات الرسمية لـمهرجان كان في دورة غير اعتيادية بسبب تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد عالمياً. كما شارك الفيلم في الدورة الافتراضية لـمهرجان برلين السينمائي 2021 (قسم بانوراما)، وعُرض عالمياً لأول مرة على شاشات السينما في مهرجان ترايبيكا السينمائي2021 (المسابقة الدولية للفيلم الروائي الطويل) في مدينة نيويورك بحضور جمهور فعلي، حيث فازت بطلتيه بسنت أحمد وبسملة الغايش مناصفة بجائزة التمثيل، ثثم فازتا بنفس الجائزة من مهرجان فالنسيا لسينما البحر المتوسط. آخر جوائز سعاد كانت أفضل مونتاج (خالد معيط) في مهرجان فيسباكو (مهرجان واغادوغو للسينما والتليفزيون في أفريقيا).

ونافس الفيلم في مهرجانات تشيتشيستر، مونبلييه، براغ، ولشبونة للسينما المستقلة، وترشح لجائزة أفضل فيلم دولي مستقل ضمن جوائز السينما البريطانية المستقلة (BIFA)، وهذا بعد عرضه تجارياً في بريطانيا وآيرلندا بالتعاون مع معهد السينما البريطاني (BFI).

سعاد هو إنتاج مصري تونسي  ألماني مشترك، وقد قامت المخرجة أيتن أمين بكتابته مع السينارست محمود عزت في تعاون ثان بينهما بعد فيلم فيلّا 69 (2013) الذي فاز بجائزة لجنة التحكيم الخاصة لفيلم من العالم العربي في مهرجان أبوظبي السينمائي حيث كان عرضه

 

بوابة الأهرام المصرية في

22.11.2021

 
 
 
 
 

«حد الطار» يمثل السعودية في مسابقة الأوسكار

كتب: سوزان عاطف

اختارت هيئة الأفلام السعودية الفيلم الروائي «حد الطار» لتمثيل المملكة العربية السعودية رسمياً في مسابقة الأوسكار المقبلة عن فئة أفضل فيلم دولي، وقد جرى ترشيحه من قِبل اللجنة السعودية الخاصة بالأوسكار المكونة من رئيس اللجنة عبدالله آل عياف الرئيس التنفيذي لهيئة الأفلام، والمخرجة هيفاء المنصور، والناقدة والمخرجة هناء العمير، والمنتج محمد التركي، ومدير اللجنة التنظيمية لمهرجان البحر الأحمر، والسينمائي والشاعر أحمد الملا، مدير مهرجان الأفلام السعودية.

ويدخل الفيلم بهذا الترشيح في منافسة مع أفلام من بقية دول العالم، وسيمر بعدة مراحل فرز، قبل الإعلان عن القائمة الأولية ثم النهائية التي ستختارها الأكاديمية الأميركية للعلوم والفنون المانحة لجوائز الأوسكار، والتي سيتم الإعلان عن الفائز بها في حفل الدورة 94 الذي سيُقام على مسرح دولبي في لوس أنجلوس بتاريخ 27 مارس 2022م.

وقد عُرض الفيلم للمرة الأولى في مهرجان القاهرة السينمائي، وحاز على جائزة لجنة التحكيم الخاصة في المهرجان، كما عرض في مهرجان مالمو السويدي للسينما العربية، وحاز على جائزة أفضل مخرج، إلى جانب عرضه داخل المملكة ونيله جائزة أفضل فيلم روائي طويل في مهرجان الأفلام السعودية.

وعن ترشيح فيلمه لتمثيل المملكة في مسابقة الأوسكار قال عبدالعزيز الشلاحي مخرج الفيلم «سعيد وفخور لتمثيل المملكة العربية السعودية في سباق الأوسكار عن فئة أفضل فيلم دولي، سبقتنا أفلام رائعة وستتبعنا أفلام أكثر وستصل السينما السعودية بطموح صناعها إلى أكبر المحافل»

 

المصري اليوم في

22.11.2021

 
 
 
 
 

فرهادي غاضباً: اسحبوا فيلمي من "أوسكار"

باريس/ العربي الجديد

بعد 4 أشهرٍ على فوزه بالجائزة الكبرى للجنة تحكيم الدورة الـ74 (6 ـ 17 يوليو/تموز 2021) لمهرجان "كانّ" السينمائي، تختار إيران "بطل" للإيراني أصغر فرهادي، لإشراكه في التصفيات الأولى لجائزة "أوسكار" أفضل فيلم دولي، في النسخة الـ94 (27 مارس/آذار 2022). فرهادي يرفض هذا، متمنّياً سحبه من السباق إلى تلك الجائزة: "سبب ذلك كامنٌ في المعاملة التي يتلقاها منذ أعوامٍ من الحكومة الإيرانية، وفي سياسة بلده إزاء مواطنيه" (Les Inrockuptibles 18 نوفمبر/تشرين الثاني 2021).

بمناسبة حصوله على جائزة "كانّ"، يُعبِّر فرهادي عن قناعته قائلاً: "رغم الصعوبات والضغوط كلّها، فإنّ ما يُمكن أنْ يُنقذ بلدي ويُحسّنه كامنٌ في زيادة الوعي". الاختيار الرسمي لـ"بطل" لـ"أوسكار 2022" يُثير غضبه وسخطه، فيكتب رسالة طويلة، تنشرها مواقع مختلفة للتواصل الاجتماعي، يتحدّى فيها حكومة بلده، متوقّفاً عند "نفاقها الكبير"، المتمثّل ـ بالنسبة إليه ـ بالترويج لفيلمه في المسابقات الدولية، في وقتٍ يُصبح فيه هو هدفاً لهجمات شخصية، بصفته فنّاناً.

يُشير فرهادي إلى صمته الطويل في أعوامٍ عدّة، لأنّه يُفضّل حينها التركيز على كتاباته وتحقيق أفلامه. لكنّ هذا الصمت، كما يقول، "دافعٌ للبعض إلى الاعتقاد بقدرته على قول أي شيءٍ عنّي، معتقداً أنّي لن أردّ عليه". يُضيف: "سأكون واضحاً: ضقت بهذا ذرعاً"، إذْ "كيف يُمكن لأي شخص أنْ يربطني بحكومةٍ، لم يجد إعلامها المتطرّف مشكلةً في تدميري وتهميشي والإساءة إلى سمعتي أعواماً مديدة؟". يذكر أيضاً أنّ جواز سفره مُصادر، مرّات عدّة، في مطار بلده، وأنّ الحكومة تستجوبه مراراً، وأنّه يتعرّض لتهديدات، أقلّها رسالة مفادها التالي: "يُفضَّل ألا يعود فرهادي إلى إيران".

في رسالته الطويلة تلك، تحضر السياسة مباشرة، مع انتقاده حكومة بلده على ردّها "الكارثيّ" على احتجاجات ديسمبر/كانون الأول 2019، بخصوص رفع سعر البنزين؛ وعلى تعاملها "الفظيع" و"المريع" مع كورونا، بـ"حظرها اللقاحات المستوردة من الولايات المتحدّة الأميركية"؛ بالإضافة إلى المصير المأساوي لطائرة الـ"بوينغ" الأوكرانية، التي يُسقطها الجيش الإيراني في يناير/كانون الثاني 2021، مُسبِّباً مقتل 176 شخصاً.

في الختام، يؤكّد أصغر فرهادي (1972) على أنْ لا مشكلة لديه إطلاقاً في تراجع الحكومة الإيرانية عن قرارها باختيار "بطل" لـ"أوسكار" أفضل فيلم دولي.

 

####

 

فرهادي منتقداً السلطات الإيرانية: مستعد لسحب ترشيحي للأوسكار

(فرانس برس)

وجّه المخرج الإيراني الشهير أصغر فرهادي انتقادات عنيفة لحكومة طهران، في رسالة مفتوحة أبدى فيها استعداده للعزوف عن تمثيل بلده في السباق إلى جوائز الأوسكار.

ورد فرهادي عبر صفحته في "إنستغرام" على من يتهمونه باعتماد موقف ملتبس حيال السلطات الإيرانية فكتب "كيف يمكن لأحد الربط بطريقة مضللة بيني وبين حكومة لم يتوقف إعلامها المتطرف إطلاقاً في السنوات الأخيرة عن تدميري وتهميشي ووصمي".

ويعيش فرهادي متنقلاً بين إيران والخارج، لكنه صوّر معظم أفلامه في بلده، ومنها عمله الأخير "قهرمان" ("بطل") الذي نال الجائزة الكبرى في مهرجان كان السينمائي هذا العام، واختير لتمثيل إيران في النسخة المقبلة من حفل جوائز الأوسكار.

وأضاف المخرج "لقد عبرت صراحة عن وجهة نظري في المعاناة التي تفرضها (الدولة) على الأمة منذ سنوات"، مشيراً خصوصاً إلى قمع تظاهرات عامي 2017 و2019 و "التمييز القاسي" ضد المرأة وكذلك إدارة الأزمة الصحية.

وتوجّه إلى السلطات بالقول "إذا كان اختيار إيران فيلمي لجوائز الأوسكار دفعكم إلى أن تستنتجوا أنني تحت رايتكم، فأنا أعلن صراحة أن لا مشكلة لديّ في إلغاء هذا القرار".

وتابع قائلاً "لم أبدِ يوماً أي تأييد لموقفكم وأفكاركم الرجعية (رغم) أني لم أتحدث قطّ حتى الآن عن الاضطهاد الذي تعرضت له منكم. لقد صادرتم جواز سفري في المطار مرات عدة وأجريتم لي جلسات استجواب".

وسبق لفرهادي أن مثّل الجمهورية الإسلامية في جوائز الأوسكار أربع مرات منذ عام 2009. وحقق شهرته بفضل فيلمه "انفصال" (2011) الذي يتناول قصة طلاق، ونال عنه جائزتي الأوسكار وغولدن غلوب لأفضل فيلم بلغة أجنبية وجائزة سيزار لأفضل فيلم أجنبي والدب الذهبي في مهرجان برلين.

كذلك فاز عام 2017 بأوسكار أفضل فيلم أجنبي عن "البائع" الذي يتناول قصة ممثلين متزوجين تضطرب حياتهما بعد تعرض الزوجة لاعتداء.

وفي تعليقها على الرسالة المفتوحة، أبدت صحيفة "كيهان" المحسوبة على المحافظين المتشددين "أسفاً شديداً" لاختيار السلطات أصغر فرهادي لتمثيل إيران في الأوسكار.

ورأت الصحيفة أن "جوائز المهرجانات والاستثمارات الأجنبية غيّرت على ما يبدو فرهادي من خلال (تشجيعه) على رسم صورة كئيبة وقذرة لإيران".

وفي المقابل، لاحظت صحيفة "شرق" القريبة من الإصلاحيين أن "صورة فرهادي لا تتوافق لا مع من يمدحه ولا مع من يلومه في إيران. فقد عبّر دائماً بوضوح عن مواقفه من القضايا الاجتماعية والسياسية".

 

العربي الجديد اللندنية في

22.11.2021

 
 
 
 
 

«زوجة حفّار القبور».. قصة حبّ صومالية تصل للأوسكار

«سينماتوغراف» ـ محمد صبحي

جوليد ونصرة زوجان متحابّان يعيشان في ضواحي مدينة جيبوتي مع ابنهما المراهق مهاد. ومع ذلك، فإنهم يواجهون أوقاتاً صعبة: تحتاج نصرة بشكل عاجل إلى عملية جراحية باهظة الثمن لعلاج مرض كليتها المزمن. يكدّ جوليد في عمله كحفّار قبور لتغطية نفقاتهم، من دون أن يثمر هذا التعب عن إجابة لسؤاله المؤرق حول كيف يمكنهم تحصيل المال لإنقاذ نصرة والحفاظ على تماسك الأسرة؟ هذه حكاية فيلم “زوجة حفّار القبور” أول الأفلام الروائية الطويلة للمخرج الصومالي-الفنلندي خضر آيدروس أحمد. دراما عائلية يتخلّلها سعي وراء أمل مراوغ، فيلم مباشر للغاية، لكنه يزدهر في بساطته. حكاية قوية عن المثابرة في وقت الشدة والشقاء، عن قوة الحبّ في الأزمات.

يمثّل الفيلم بذاته قصة مستضعَف حقيقي. فهو أول فيلم فنلندي ناطق باللغة الصومالية، وهذا ليس مفاجئاً. لكنه أيضاً أول فيلم صومالي تم إنتاجه على الإطلاق، وهذا أمر أكثر إثارة للدهشة. جاء خضر أحمد إلى فنلندا في سن المراهقة، وكتب السيناريو منذ أكثر من عشر سنوات، ثم أصبح نفسه مخرجاً لينجز الفيلم الصومالي الأول. القصة مستوحاة من حادثة حقيقية وقعت في عائلته قبل عشر سنوات، حين توفي أحد أفراد الأسرة، وطُلب منه ترتيب الجنازة. كان إتمام الجنازة في فنلندا طويلاً ومرهقاً؛ سأله أخاه الأكبر إذا كان يتذكر مدى سهولة دفن شخص ما في الوطن في إفريقيا. ذكّره بحفاري القبور الذين كانوا دائماً مستعدين أمام المستشفيات لدفن الموتى. أعادته الحادثة إلى ذكريات طفولته.

كتب المسودة الأولى للفيلم، لكن بعد ذلك ترك النص جانباً. كان مقيماً في فنلندا في ذلك الوقت، ولم يكن هناك مخرجون صوماليون في البلاد، وكان يعلم أنه لا يوجد مخرج فنلندي سينصف القصة بقدر ما سيفعل، لذلك قرر تركها جانباً واكتساب الخبرة في الإخراج. عمل في أفلام أخرى، وبعد ذلك عندما أصبح جاهزاً، عاد إلى السيناريو في عام 2015، و بدأ العمل عليه مرة أخرى. ثم رأى بطلة فيلمه ياسين وارسامي على لافتة دعائية كبيرة لـH&M، ثم ولَّف عارضة الأزياء الكندية-الصومالية مع بطل الفيلم الآخر عمر عبدي، وهو فنلندي-صومالي. عُرض الفيلم الصيف الماضي في “كان” و”تورنتو”، وفاز بجائزة Fespaco، إحدى أهم جوائز السينما في القارة الأفريقية. ثم اختارته الصومال لتمثيلها في منافسات جائزة الأوسكار، كأول مرشّح لبلده في تاريخ تلك الجائزة.

لفترة طويلة، وفقاً للمخرج، قُدّم الصوماليون للعالم على أنهم قراصنة ومتطرفون وأمراء حرب، وكل تلك الصور النمطية أحادية البعد التي يمكنك التفكير فيها.

أراد خضر أحمد بدلاً من ذلك أن يعطي صورة مختلفة: “في هذا الفيلم أعدت الحياة حقاً إلى الصومال. والصوماليون الذين شاهدوا الفيلم استمتعوا به حقاً”. يقول المخرج أنه أراد بفيلمه بيان كيف يرى نفسه، وكيف يرى عائلته وأصدقائه: “أردت أن أحكي هذه القصة برأفة، بحنان، بحبّ، وكرامة.. كل هذه الأشياء التي ربّاني عليها والدي”.

وقع اختياره على جيبوتي العاصمة (التي كانت جزءاً من الصومال في السابق) لتصوير فيلمه، لأنها “مدينة تختزل الهوية الصومالية بثقافتها الاجتماعية والدينية”، وبدأ العمل في العام 2019 بطاقم فنّي وتقني أوروبي تغلب عليه العناصر الفنلندية، وفي مقدمتهم مدير التصوير الفنلندي آرتو بلتوما الذي زوّد الفيلم بمرئيات أخّاذة وكادرات تملئ العين. بالنسبة لمعظمهم كانت هذه هي المرة الأولى لهم في أفريقيا. أحمد، الذي هاجر إلى فنلندا في عام 1997 عن عمر يناهز 16 عاماً، كان الشخص الوحيد في طاقم التمثيل الذي يتحدث الصومالية.
بالعودة إلى قصّة الفيلم، فأول ما يلفت الانتباه هي تلك المفارقة الكبرى في توقّف مصير بطلته على موت آخرين. يقدّم لنا الفيلم بطليه جوليد ونصرة عبر التقاطهما في لحظات صغيرة وحميمة (إعداد الطعام، تحميم نصرة، الإغارة على حفل زفاف)، لمنحنا علاقة قوية وملحوظة تستحق التأصيل. ثم عبر لقطات واسعة يسقطنا الفيلم في عالمه وبيئة أبطاله، لتتسرّب إلى الصور أشياء من عيشهم في مدينة الصفيح، بشمسها الحارقة والأوساخ على الطريق والدفء بين أفراد الأسرة
.

قصة الحبّ بين الزوجين قادتهما للهرب من قرية الزوج والمجيء إلى الأحياء الفقيرة للمدينة مع ابنهما الصاخب، مهاد (قدار عبد العزيز إبراهيم، أفضل ممثل في الفيلم)، الذي يفضّل التجول في الشوارع مع أصدقائه على أداء واجباته المدرسية. لكنها أيضاً جلبت لهما عزلة فريدة وانقطاعاً عن الوصال وكل ما يمكنه تهوين مآزق العيش البشري ويجعله محتملاً. لذا كان عليهما اختراع سعادتهما الخاصة.

هو إذن فيلم عن شخص يكافح من أجل كسب مبلغ مستحيل من المال (5000 يورو) لإنقاذ محبوبه، يحيا أوضاعاً اقتصادية صعبة تعيق سعيه، وفي الوقت ذاته يصرّ على الاحتفال بالحبّ والحياة معًا في خضم قصة يسيطر عليها شبح الموت من البداية إلى النهاية.

تشابه حكاية الزوجين الصوماليين خط الحياة البشرية في عمومها، ولا يفوّت المخرج فرصة جعل حكايته عالمية: يأخذ الوقت الكافي لتأسيس السياق والإيماءات الصغيرة التي تشكّل العلاقة الحميمة والحب، ثم يدلفنا إلى واقع صعب لا تستقيم فيه الأحلام الصغيرة. في قلب هذه القصة التي تولي عناية بالغة للوقت، هناك أيضاً لائحة اتهام لعالمٍ يصعب فيه الوصول إلى خدمات طبية لائقة ومناسبة، ويغيب عنه الدعم الاجتماعي.

تبدو أحلام الزوجين البسيطة في الحصول على تعليم لابنهما خارج نطاق الإدراك تماماً، فهو يتخلى عن المدرسة، ولا يعتني بوالديه الأمّيين، وليس لديهما الوسائل المالية لتغيير وضعهما، فضلاً عن إنقاذ حياة نصرة. لكن مع إدراك الابن لخطورة الوضع، يحاول كل شيء لجمع الأموال اللازمة. في غضون ذلك، ينطلق جوليد في رحلة يائسة سيراً على الأقدام عائداً إلى قريته لاستعادة ما يعتقد أنه لا يزال ملكه. يعبر الصحراء والتضاريس الصخرية، بدأب وثبات، وعلى طول الطريق، يكشف أحمد عن الأرض وشعبها، والحبّ الذي يدفع جوليد للاستمرار عندما يبدو كل شيء مستحيلاً.

 

موقع "سينماتوغراف" في

23.11.2021

 
 
 
 
 

السعودية ترشح فيلم "حد الطار" لتمثيلها في مسابقة الأوسكار

لجنة الترشيح ضمت الرئيس التنفيذي لهيئة الأفلام عبدالله آل عياف، والمخرجة هيفاء المنصور، والناقدة والمخرجة هناء العمير، ومدير اللجنة التنظيمية لمهرجان البحر الأحمر، المنتج محمد التركي، ومدير مهرجان الأفلام السعودية، السينمائي أحمد الملا

العربية.نت - نادية الفواز

اختارت هيئة الأفلام السعودية الفيلم الروائي "حد الطار" للتمثيل الرسمي في مسابقة الأوسكار المقبلة عن فئة أفضل فيلم دولي.

وقد جرى ترشيح الفيلم من قِبل اللجنة السعودية الخاصة بالأوسكار المكونة من رئيس اللجنة الرئيس التنفيذي لهيئة الأفلام عبدالله آل عياف، والمخرجة هيفاء المنصور، والناقدة والمخرجة هناء العمير، ومدير اللجنة التنظيمية لمهرجان البحر الأحمر، المنتج محمد التركي، ومدير مهرجان الأفلام السعودية، السينمائي أحمد الملا.

المنافسة مع أفلام عالمية

وسيدخل الفيلم بهذا الترشيح في منافسة مع أفلام من بقية دول العالم، وسيمر بعدة مراحل فرز، قبل الإعلان عن القائمة الأولية ثم النهائية التي ستختارها الأكاديمية الأميركية للعلوم والفنون المانحة لجوائز الأوسكار، والتي سيتم الإعلان عن الفائز بها في حفل الدورة 94 الذي سيُقام على مسرح "دولبي" في لوس أنجلوس بتاريخ 27 مارس 2022.

الفيلم حصل على عدة جوائز

وقد عُرض الفيلم للمرة الأولى في مهرجان القاهرة السينمائي، وحاز على جائزة لجنة التحكيم الخاصة في المهرجان، كما عرض في مهرجان مالمو السويدي للسينما العربية، وحاز على جائزة أفضل مخرج، إلى جانب عرضه داخل المملكة ونيله جائزة أفضل فيلم روائي طويل في مهرجان الأفلام السعودية.

تمثيل السعودية في الأوسكار

وقال عبدالعزيز الشلاحي، مخرج الفيلم، عن ترشيح فيلمه لتمثيل السعودية في مسابقة الأوسكار: "سعيد وفخور لتمثيل المملكة العربية السعودية في سباق الأوسكار عن فئة أفضل فيلم دولي، سبقتنا أفلام رائعة وستتبعنا أفلام أكثر وستصل السينما السعودية بطموح صناعها إلى أكبر المحافل".

 

العربية نت في

24.11.2021

 
 
 
 
 

«حد الطار»... قصة شعبية من السعودية إلى رهان «الأوسكار»

الخامس من المملكة الذي يترشح لمنافسة أفضل فيلم أجنبي

الدمام: إيمان الخطاف

في حي شعبي وسط الرياض تملأه التناقضات والخبايا، تنشأ قصة حب بين ابن منفذ أحكام الإعدام «السياف» وابنة مغنية الأفراح «الطقاقة»، وتعكس هذه القصة خبايا مجتمع الطبقة الكادحة في حقبة التسعينات من القرن المنصرم، في فيلم «حد الطار»، الذي تمكن من شق طريقه وصولاً إلى اختياره من قبل هيئة الأفلام السعودية لتمثيل البلاد رسمياً في مسابقة الأوسكار عن فئة أفضل فيلم أجنبي.

ويوضح السينمائي أحمد الملا، وهو عضو اللجنة السعودية الخاصة بالأوسكار، أن الدول ترشح فيلماً واحداً لمسابقة الأوسكار عن فئة الأفلام الدولية (بلغة غير الإنجليزية)، ثم يتم اختيار قائمة قصيرة من بين أعداد كبيرة جداً، ويضيف: «فيلم (حد الطار) قادر على الوصول إلى القائمة القصيرة، وهو ما أتمناه».

وأبان الملا لـ«الشرق الأوسط» أن فيلم «حد الطار» يحمل عبق وروح الأمكنة القديمة، ويحوي قصة إنسانية عميقة لفئات اجتماعية بسيطة بما يلفت النظر إليه، مفيداً بأن ذلك هو مكمن الحالة الدرامية، فضلاً عن كون الفيلم مشغولاً فنياً بشكل جيد، وهي مقومات أكد أنها ساعدت اللجنة على ترشيحه.

بدوره، يرى فهد الأسطاء، وهو كاتب وناقد سينمائي، أن منافسة فيلم سعودي مع حوالي 60 فيلماً ودولة قدمت أفلامها من أجل الترشح للأفلام الخمس الأخيرة، هو إنجاز كبير.

وبسؤاله عن إمكانية الخروج من المشاركة لأجل التمثيل إلى حصد الجوائز، يؤكد أن المنافسة مع دول سبقت كثيراً في الصناعة السينمائية يعد أمراً ليس بالسهل، والظهور في مرحلة «التمثيل» لا يعد أمراً معيباً، خصوصاً بالنظر إلى حداثة التجربة السعودية.

ويوضح الأسطاء خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن صناعة الأفلام الطويلة بدأت في السعودية منذ منتصف العقد الأول من هذه الألفية، ويضيف: «ما زلنا نتلمس الخطوات وما زال المخرجون يحاولون تكوين رؤيتهم الخاصة والتجريب أكثر من مرة».

وأشار الأسطاء إلى أن هذه المرة الخامسة التي ترشح فيها السعودية فيلماً للمسابقة، وكانت المرة الأولى من نصيب «وجدة» للمخرجة هيفاء المنصور عام 2013، ثم فيلم «بركة يقابل بركة» للمخرج محمود صباغ عام 2016، فـ«المرشحة الثانية» أيضاً للمنصور عام 2019، تلاه «سيدة البحر» للمخرجة شهد أمين في العام الماضي 2020.

ويدخل «حد الطار» بهذا الترشيح في منافسة مع أفلام من بقية دول العالم، وسيمر بعدة مراحل فرز، قبل الإعلان عن القائمة الأولية ثم النهائية التي ستختارها الأكاديمية الأميركية للعلوم والفنون المانحة لجوائز الأوسكار، التي سيعلن عن الفائز بها في حفل الدورة 94 الذي سيُقام على مسرح دولبي في لوس أنجليس بتاريخ 27 مارس (آذار) المقبل، موضحاً أنه خلال كل دورات الأوسكار هناك نحو 10 أفلام عربية فقط استطاعت الوصول إلى مرحلة الترشيح، وهي نسبة قليلة جداً لأفلام عربية من عدة دول، ملمحاً إلى أن الأفلام العربية إجمالاً ليست ذات حظوظ وافرة في الترشيح النهائي للأوسكار، رغم أنها تنتمي إلى سينما أقدم بكثير من السينما السعودية.

ويشير الأسطاء إلى أن «حد الطار» هو المرشح الأفضل من أفلام السينما السعودية الأخيرة، فضلاً عن كونه حقق إنجازات جيدة وحصد عدة جوائز خلال العام الحالي، وهو الفيلم السعودي الأكثر احتفاء حتى أثناء نزوله لصالات السينما، حيث حقق مشاهدة جيدة، وحظي بصيت شعبي جيد، مما يجعله يعتقد أنه الفيلم الأكثر تأهيلاً لأن يمثل السعودية في الأوسكار.

 

الشرق الأوسط في

24.11.2021

 
 
 
 
 

أصغر فرهادي يعود إلى إيران: ملائكة وشياطين

شفيق طبارة

من خلال التركيز على رجل لا يملك الكثير في الحياة ليتمسّك به، يُعيد «قهرمان» أو «بطل» (2021) تشكيل شخصية البطل، ويضعه في مجتمع يريد أن يصوّر نفسه على أنّه مثالي، بينما يختنق فيه الأفراد في ظلّ غياب التسامح. مجتمع يركّز فقط على ذنب أولئك الذين أخطأوا، حيث يحاول الكلّ تلميع صورته من خلال تمسّكه بالمثل العليا والأفعال الجيّدة لنفسه فقط. مجتمع لا يُعطي إلّا إذا أخذ، وأفراد يحسبون مكتسباتهم قبل أي فعل أو ردة فعل. يُظهر «قهرمان» الانكسارات داخل شخصية تحاول محاربة المحن التي تضعها الحياة في وجهها. بطل لا يمكن تلميع صورته إلا من خلال المواربة واللّعب على المشاعر وكسب التعاطف من خلال الأفعال الجيدة أخلاقياً، لأن المجتمع لا يسامح مَن يخطئ، ولأنّ «الصدق والأمانة والشرف» أهم من أي شيء آخر.

عاد فرهادي إلى إيران بعد فيلمه الأخير «الجميع يعلم» (2018) الذي صوّره في إسبانيا مع بينيلوبي كروز وخافيير بارديم. عاد إلى مجتمع يعرفه حقّ المعرفة. عاد ليخلق شخصيات معقّدة وقصصاً تحتوي على استفزازات أخلاقية. يبدأ «قهرمان» بصورة متفائلة. رجل يخرج إلى الشارع بابتسامة تُنير العالم. ينظر يميناً ويساراً، يبتسم بقوة، وضوء يشعّ في عينيه. رحيم (أمير جديدي) لديه أسبابه للفرح، على رأسها الجهل بجدّية وضعه. خرج إلى حرية موقتة. حصل على تصريح لمغادرة السجن ليومين حيث يمضي عقوبة بسبب التعثر في سداد دينه. يخرج على أمل السداد والانتهاء من مشكلته. تمر الدقائق، ونتبع أحداث الفيلم ووجه رحيم يتغيّر باستمرار. الابتسامة ستتلاشى شيئاً فشيئاً في جو من الهلاك نقف أمامه عاجزين. يومان من الحرية حاول فيهما رحيم إيجاد حلّ لمشكلته بالاتفاق مع حبيبته فرخونده (سحر غولدست) التي وجدت حقيبةً مليئة بالعملات الذهبية في موقف للحافلات. اعتبر رحيم وفرخونده أنّ بيع العملات سوف ينقذه في سداد دينه لصهره السابق باهرام (محسن طنبنده)، وهذا من شأنه أن يفكّ أسره ويتزوج من حبيبته. عندما يزور رحيم وفرخونده محلّ الذهب، يكتشفان أنّ سعر العملات لا يكفي لسداد الدين لأنّ سعر الذهب انخفض بشكل كبير. يغيّر رحيم خطته، ويقرر أن يجد مالك الحقيبة ليعيدها إليه. خطة يدرسها جيداً ليتأكد بأنّ الجميع سيعلم بها. تسعد عائلة رحيم ومأمور السجن بإخلاصه وصدقه، فيستحيل بطلاً في نظر المجتمع، ومثالاً للمواطن الصالح. أصبح رحيم بطلاً وشخصيةً تلفزيونية، مشهوراً بصدقه. لم يعد سجيناً مجهولاً مثقلاً بالديون، بل سامرياً صالحاً مشهوراً. لكن عندما تنتشر القصة على وسائل التواصل الاجتماعي (يوجّه الفيلم نقداً لاذعاً لظاهرة مواقع التواصل الاجتماعي التي باتت تملك سلطة تطويب «قديسين» و«أشرار» من الناس)، تبدأ الأمور في الخروج عن السيطرة. يراود الشكّ كثيرين في أنّ قصته ما هي إلا كذبة بيضاء تؤدي الواحدة إلى أخرى أكبر، وعمل رحيم الصالح بات موضع تساؤل الآن. الجميع يريد أن يبيّض صفحته ويغسل يده مما يحصل.

«بطل» هو فحص حرفيّ للعدالة والظلم، والصدام المذهل بين رغبات الفرد وهواجسه

تبدأ الثقوب في الظهور في قصة رحيم، بينما يشتدّ الطوق على عنقه. تعتمد براءته على قدرته على الإقناع في شرح الأمور وكسب المعركة. مَن وجد الحقيبة؟ ومتى؟ ما كانت خطة رحيم الأصلية للحصول على المال؟ من هي المرأة التي أخذت الحقيبة مدّعيةً أنّها ملكها؟ لماذا تمدح سلطات السجن سجينها بهذه السرعة؟ ما دور الجمعيات الخيرية؟ لماذا دخلت حياة رحيم؟ لماذا لا يزال باهرام غاضباً يشكّ برحيم؟ يبدو رحيم رجلاً بريئاً بابتسامة متفائلة، لكن خلف تلك الابتسامة عقل يفكّر في المشكلة ويغرق ببطء في اليأس. هذا العمل «البطولي» يضعه الآن في ورطة أكبر. وكلّما حاول أن يكون أكثر صدقاً وحلّ المشكلات ليتمكن من السير في الطريق الصحيح، كلّما ازداد الأمر سوءاً. هل يستطيع رحيم الذي يبدو صادقاً أن يتحمّل كل الضغوط؟ رحيم غير متكيف مع مُجتمع ماكر، حاول أن يلعب لعبته ولكنه لا يجيد المكر مثله. تدور الدراما الأخلاقية لفرهادي حول ثمن الحرية بعناية شديدة على مدى ساعتين من أجل الكشف عن التفاصيل شيئاً فشيئاً. يترك الفيلم عقدة متشابكة حول العديد من القضايا، ويفتح نافذة صغيرة يلقي من خلالها الضوء على ما يحصل من نظرة ثانية، ويترك أيضاً للمشاهد ما يكفي ليفكر فيه.

أشار فرهادي إلى أنّ قصصاً مماثلة تذاع غالباً على شاشة التلفزيون في إيران. لذلك، نسج وخلق قصة أخلاقية معقّدة وسط غياب اليقين، ووضعنا في مدينة شيراز الإيرانية، كأنه يقول للمجتمع بأنّه هو يشك في هذه القصص والأخبار. قدّم شخصية رحيم المطلق والمعذب بهدوء، والأب لابن يتلعثم أو يعاني من إعاقة في الكلام. في بعض الأحيان، وضع فرهادي رحيم في وضع يسمح له بالإفادة من تلعثم ابنه. يضع فرهادي شخصياته عمداً في مواقف مستحيلة، ويضمن عدم خروجها بريئةً تماماً. خلق المخرج الإيراني معضلة أخلاقية شبه كاملة، مما يضع الجمهور باستمرار في وضع غير مريح أثناء استخلاص النتائج. قوة فرهادي أنّه يعرف مجتمعه ويعرف كيف يزعجه، وكيف يزعج المشاهدين ويجعلهم يواجهون تعقيد فصل «الصح» عن «الخطأ». في مجتمع أخلاقي، يمكن أن يكون للفعل غير الأناني لرحيم له تأثير إيجابي، ولكن عندما تكون الظروف والدوافع موضع تساؤل، يتحول الصالح فجأة إلى شرير، لأنّ الجميع يريد أن يحافظ على صورته الأخلاقية أكان أهل رحيم أو الدائن أو مأمور السجن أو حتى الجمعيات الخيرية والدولة نفسها. كرمت الجمعيات رحيم ووعدته بعمل لردّ الدين، ولكن الدولة تريد أن تعرف كل التفاصيل. كيف لها أن توظف شخصاً يقال بأنه كاذب؟ وإن كان كذلك، فالدولة لا تعطيه فرصة للتخلص من ديونه، بل تضعه في الزاوية لتكشف صدقه. يكبّلنا فرهادي كعادته، وفي فيلم مبني على الحوارات المدروسة جيداً، ليس لدينا إلا خياران لمعرفة الحقيقة: الوثوق بكلمة مَن يتكلم، أو العكس. فنحن في النهاية عبيد للقصة، هذه هي الطريقة الذي يغذي فيها فرهادي معضلاته الأخلاقية التي لا يتمّ حلها. نعم، إنه أمر محبط ولكن هذه هي لغة فرهادي الخالية من العيوب.

«بطل» الذي حاز الجائزة الكبرى في «مهرجان كان» الأخير، رشحته إيران ليمثلها في جوائز الأوسكار عن أفضل فيلم أجنبي. إلا أنّ فرهادي نشر قبل أيام على حسابه على انستغرام بأنّه يجب على الحكومة سحب فيلمه من السباق إذا كانت تعتبره أحد مناصريها. كتب: «على مدى سنوات، اتهمتم أعمالي بأنّها مزيفة، ومن المذهل اليوم مشاهدتكم تفعلون العكس». لا يمكن فصل الفيلم عن صرخة فرهادي الشخصية، فـ«قهرمان» هو فحص حرفيّ للعدالة والظلم، كأن فرهادي يصرخ، بأنّ إعطاء رحيم فرصة للعمل ليسدد دينه أسهل من ملاحقته وكشف إن كان يكذب! الفيلم تذكير بأن الحياة في المجتمع تنبثق من الصدام المذهل بين رغبات الأفراد وهواجسهم، وأنّ القدر في المجتمع الإسلامي يكبّل الجميع. وإذا كان فيلم «بطل» دراسة للحالة الاجتماعية في إيران، فستكون النتيجة الوحيدة هو فقدان الأمل بالمجتمع.

 

الأخبار اللبنانية في

24.11.2021

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004