ملفات خاصة

 
 
 

مهرجان القاهرة السينمائي بين تأليه المخرج والحط من شأن الممثّل

المصدر: "النهار"/ القاهرة - هوفيك حبشيان

القاهرة السينمائي الدولي

الدورة الثالثة والأربعون

   
 
 
 
 
 
 

انطلقت في أواخر الشهر الماضي، الدورة الثالثة والأربعون ل#مهرجان القاهرة ال#سينمائي التي أقيمت من ٢٦ تشرين الثاني إلى ٥ كانون الأول. أفلام وندوات وضيوف ودروس سينما شقت طريقها إلى العاصمة المصرية التي اعتادت احتضان هذا الحدث الثقافي والفني منذ سبعينات القرن الماضي ويستمر في بث ثقافة الشاشة في مصر. عقدت الدورة هذه في ظل الحديث عن متحورات جديدة تنتشر في العالم، الأمر الذي يثير المخاوف والريبة، الا ان المهرجانات سواء في مصر أو في العالم بدأت تتأقلم مع الوباء. فالحياة الثقافية لا بد ان تستمر، ويكفي بعض الاجراءات الاحترازية التي لا تتجاوز عتبة الشكليات كي يشعر الإنسان بأنه في آمان.

تمثّل الحدث الأكبر لهذه الدورة في اسناد رئاسة لجنة التحكيم إلى المخرج الصربي الكبير امير كوستوريتسا الفائز بـ"سعفتين" في مهرجان كانّ والمشهور في العالم أجمع بأفلامه المغايرة مثل "زمن الغجر" و"أندرغراوند". حضوره أعطى زخماً للتظاهرة، علماً انه يخلف الروسي ألكسندر سوكوروف الذي تبوأ العام الماضي المنصب نفسه. بدا كوستوريتسا كنصف آله يمشي في أروقة فندق الماريوت ودار الأوبرا، فيما العديدون يطاردونه للفوز بصورة "تاريخية" معه.

في ليلة الافتتاح، الجمعة الماضي، كرّم المهرجان بجائزة الهرم الذهبي التقديرية، الممثّلة الاستعراضية المصرية نيللي التي كتبت عنها الناقدة ماجدة خير الله مقالاً عنونته بـ"كوكتيل المواهب الفنية". مصري آخر كُرِّم في القاهرة، هذه المرة بجائرة فاتن حمامة للتميز: الممثّل كريم عبد العزيز. اسمان من خارج مصر انضما إلى المكرمين: الموسيقي الهندي الشهير أ. ر. رحمن الذي وضع الموسيقى التصويرية للعديد من الأفلام، منها "المليونير المتشرد" لداني بويل، والناقد الفرنسي تييري فريمو، المدير الفني لمهرجان كانّ السينمائي. "القاهرة" قدّم أيضاً ندوات وماستركلاسات عدة، أبرزها مع أ. ر. رحمن وكوستوريتسا، بالاضافة إلى واحدة مع روبرتو مينيرفيني، مخرج إيطالي برع في المجال الوثائقي طوال السنوات الأخيرة.

المسابقة الدولية للمهرجان تضمنت ١٥ فيلماً. أفلام من سلوفاكيا، إيطاليا، مصر، فرنسا، تونس، ألمانيا، الأردن وغيرها من البلدان. كون النظام الداخلي للمهرجان لا يسمح بأفلام تتسابق في القاهرة كان سبق ان عُرضت في مسابقات مهرجانات أخرى، فهذا يعني ان المسابقة عموماً مستواها متوسط، علماً ان اكتشافات بين الحين والآخر داخل المسابقة ممكنة لا بل ممكنة جداً. قسم "خارج المسابقة" ضم ١٤ فيلماً وانطوى على تجميع أفلام عُرضت في عدد من المهرجانات الدولية الكبيرة مثل كانّ وبرلين وفينيسيا. شاهدنا في هذا القسم "دار غوتشي"، أحدث أفلام البريطاني ريدلي سكوت، وهو عمل استهلاكي ممل للأسف رغم ساعة أولى مسلية (الفيلم مدته ساعتان وأربعون دقيقة). من الأعمال المهمة أيضاً في هذا القسم، اقتباس أدبي لرواية موراكامي في عنوان "سوقي سيارتي"، أخرجه الياباني ريوسوكي هامغوشي.

أفلام مسابقة آفاق السينما العربية، وهي قسم تنافسي، عددها ١١، من العالم العربي كما يشير اليه العنوان. اللافت ان ثلاثة أفلام لبنانية شاركت في هذا القسم: "دفاتر مايا" لجوانا حاجي توما وخليل جريج، "فياسكو" لنيكولا خوري، و”النهر” لغسان سلهب. الفيلم الأخير كان شارك في مهرجان لوكارنو الصيف الماضي، الصفة التي يتشاركها مع "أطياف" للتونسي مهدي هميلي المعروض في هذا القسم أيضاً. تبقى فقرة "مسابقة أسبوع النقّاد الدولية" التي يديرها الناقد أسامة عبد الفتاح وكان فيها سبعة أفلام رهن الاكتشاف.

المهرجان افتتح بالفيلم الأرجنتيني "مسابقة رسمية" (هذا عنوانه)، من اخراج الثنائي السينمائي غاستون دوبرات وماريانو كون. خلافاً لعنوانه، الفيلم غير معروض في المسابقة الرسمية للقاهرة، بل عُرض في مسابقة مهرجان البندقية السينمائي الأخير. يسعني القول اننا ازاء واحد من أكثر الأفلام سخريةً وظرافةً عُرض هذا العام، بالرغم من عدم إعجابي به لأكثر من سبب أحاول تناوله هنا. فهذا الفيلم الجديد، هو، شئنا أم أبينا، اعادة تدوير للفيلم السابق ("المواطن الفخري") الذي أنجزه المخرجان. كلّ ما نراه هو استبدال الأدب بالسينما، والكاتب بالممثّل. في الفيلم السابق، تعرفنا إلى كاتب فائز بجائزة نوبل، يحاول التعامل مع موضوع الشهرة على طريقته خلال اقامته في قريته. هنا الموضوع هو الإيغو والممثّلان اللذان يتصارعان في موقع التصوير، لكن المخرجين لم يوفقان كثيراً. لعل مشكلة الفيلم الأساسية هي في سعيه المتواصل إلى ان يكون مختلفاً. هذه الرغبة في التميز كثيراً ما تأتي بمفعول عكسي. يبدأ الفيلم مع مشهد لرجل أعمال ملياردير في الثمانين من العمر، جمع ثروته من تجارة الأدوية، يقرر فجأة اعطاء معنى جديد لحياته بعد شعوره بأنه لن يترك الكثير خلفه. يعتقد ان السينما قد تصنع له بعضاً من البرستيج الاجتماعي… اذاً هيّا بنا نصوّر أفلاماً. لا يريد فيلماً عادياً، بل يريد انتاجاً كبيراً بممثّلين كبار يجعله صاحب شأن بين أقرانه، علماً انه شبه أميّ ولا يفقه أي شيء في أي شيء. يشتري "صديقنا" حقوق رواية فائزة بـ"نوبل"، ويسلّمها لمخرجة غير تقليدية تُدعى لولا كويفاس (بينيلوبي كروز) قيل له بأنها الأكثر موهبة بين بنات جيلها. هذا الفصل من الفيلم الذي يتجسّد في تيمة "شخص جاهل يحشر أنفه في ما لا يفقهه"، يموت بسرعة ليولد منه شيء آخر: الكيفية التي يعمل فيها الممثّلون خلال التصوير. الجمهور يرى العمل النهائي عندما يصبح على الشاشة، ولكن يجهل تماماً من أي أزمات وجودية ومهنية ونفسية تولد هذه الأعمال. ولأن الممثّلين هم لوحة يرسم عليها المخرجةن أهواءهم، هم في الواجهة، وهم بالتالي موضوع شائق يستحق تناوله في عمل ساخر كهذا. تختار المخرجة الممثّلين فيليكس ريفيرو (بانديراس) وإيفان تورّيس (أوسكار مارتينيز) للاضطلاع بدور شقيقين متناحرين بسبب حادث سير تسبب به أحدهما وأودى بحياة والديهما. اللقاء بينهما سيكون مناسبة لشد حبال لا ينتهي ومتعب أحياناً لكلّ من المُشاهد والممثّلين. أحد مسببات هذا الصراع هو انتماء كلّ منهما إلى مدرسة مختلفة على المستويات كافة، من كيفية التعامل مع الدور إلى مقاربة الجمهور فالرؤية للعالم. فيليكس اختبر هوليوود بعدما عاش وعمل فيها، وله قناعاته الخاصة، ما يتعارض شكلاً ومضموناً مع نمط عمل إيفان الآتي من المسرح وصاحب النظريات الأكثر راديكاليةً. الا ان أفعالهما وكلامهما على درجة غير مسبوقة من الإيغو وانعدام الثقة في الذات. هذا كله سيتيح المجال للعديد من المواجهات المضحكة، خصوصاً في مشاهد التمارين التي تسبق التصوير. هذه المشاهد تتأرجح بين الضغط النفسي والمحاكاة الكاريكاتورية. وليس تفصيلاً بسيطاً ان الاستعدادات للتصوير تجري في المقر ذي الطراز الهندسي المستقبلي الذي تعود ملكيته للمنتج الثري، علماً انه في الأصل مقر مؤسسة خيرية. المبنى مكان بارد، يتعايش فيه الزجاج والاسمنت. هو بقعة جغرافية لا تفيد للكثير.

من الصعب اعتبار الفيلم تكريماً لمهنة الممثّل. مع ذلك، لا تقع نيات المخرجان خارج هذا الاطار كثيراً. صحيح ان الفيلم يمرّغ الممثّلين في الوحل، لكنه، في المقابل، ينظر اليهما بشيء من الحنين لا القسوة. النقد اللاذع لا يتعارض في الثقافة الغربية مع رد الاعتبار إلى الشخص المنتقَد. مثلما لا تتناقض السخرية مع الحب والاحترام. حتى المشاهد القاسية التي تحض نوعاً ما على "كراهية" هؤلاء الممثّلين لا تعني الكثير. كلّ ما في الأمر انها ترينا ان هؤلاء الذين من المفترض انهم يجعلون الجمهور يحلم، هم أول مَن يقعون في الاسفاف والتفاهة. في أحد مَشاهد الفيلم، تتلف المخرجة الجوائز التي نالها فيليكس وإيفان على امتداد حياتهما المهنية. هذا التلف لعله أجرأ ما في فيلم تسابق على احدى جوائز مهرجان البندقية يوم عُرض فيه في أيلول الماضي. الا ان العلّة الأساسية في هذا الفيلم، ان لا جديد تحت الشمس، بالرغم من ادعائه عكس ذلك. سلوك المشاهير المريبة ونزعتهم إلى الغرور من الأشياء المستهلكة في العديد من الأفلام. تُضاف إلى العلة الأولى، صعوبة ان نصدّق ان شخصية المخرجة حازت "سعفة ذهب" في مهرجان كانّ السينمائي. المقربون من الوسط السينمائي، سيتعاطون مع الفيلم بحذر يتأتى من عدم قدرتهم على التماهي مع عالم زائف يحاول الفيلم اقناعنا بوجوده. في النهاية، لا يُمكن تحميل الفيلم أكثر ممّا هو، كونه ليس سوى سلسلة سكيتشات مسلّية وربما طريفة في بعض الأحيان.

 

النهار اللبنانية في

10.12.2021

 
 
 
 
 

«غدوة».. هل ظلم «ظافر العابدين» نفسه

عندما جمع بين التمثيل والإخراج والكتابة والإنتاج؟!

جدة ـ «سينماتوغراف»: إنتصار دردير

ما الذي يدفع ممثل ناجح يزدحم برنامجه على مدي العام بأدوار سينمائية وتليفزيونية، ليخوض تجربة الإخراج، هل يبحث كممثل عن فرصة مختلفة؟، أم أن لديه بالفعل مشروعاً يريد أن يقدمه، إن نجوم ونجمات السينما العالمية يخوضون تجاربهم الإخراجية في عز نجوميتهم، دون أن يكونوا بحاجة لتبرير هذه الخطوة، فعلها نجوم كبار مثل كلينت إستوود وجودى فوستر وإنجلينا جولي، وفعلها بعض نجوم السينما المصرية كتجربة وحيدة لم تتكرر، مثلما حدث مع النجمين كمال الشناوي ونور الشريف، وخاضها حديثا الفنان التونسي ظافر العابدين من خلال فيلم “غدوة” التى تعني باللهجة التونسية “غداً” وبالعامية المصرية “بكرة”، لكنه  لم يكتف بإخراج الفيلم بل شارك أيضاً في كتابته وإنتاجه وتمثيله، وتوج بجائزة الفيبرسي لأفضل فيلم بمهرجان القاهرة السينمائي، ويشارك حالياً ببرنامج “إبداعات عربية” بمهرجان البحر الأحمر السينمائي خلال دورته الإفتتاحية..

منذ المشاهد الأولي للفيلم، نتتبع حبيب الرجل الخمسيني المطارد في شوارع تونس، والذي يبدو للوهلة الأولي أنه شخص مضطرب نفسياً، نراه يقفز لاهثاً حتى يصل إلي بيته، يغلق باب شقته بإحكام، ويضع أقفال حديدية إضافية خلف الباب، ثم يغلق ستائر الشرفة بعد أن يلقي نظرة على الشارع متوهماً بتعرضه لرقابة من جهات أمنية، وقد سيطر عليه شعور الخوف، حتى أنه يلقي بالخبز الذي أكتشف أنه ليس نفس الخبز الذى إعتاد شرائه من السوبر ماركت، معتقداً أن هناك من يتربصون به لإنهاء حياته، يجسد ظافر شخصية محامي تخصص في قضايا حقوق الإنسان، والذي يتوقع قيام الثورة بين لحظة وأخري (حيث تجري الأحداث قبل وقوع ثورة الربيع العربي، بعدما زادت الإنتهاكات ووقوع الظلم على فئات عديدة في المجتمع، غير أن إحساسه وتوقعه بالثورة يقابل بالإستهجان والسخرية من مطلقته) تجسد دورها نجلاء بن عبد الله وتظهر في مشهد واحد بالفيلم.

يعيش حبيب وإبنه الوحيد أحمد ذي الـ15 عاماً، وتبدو العلاقة بينهما مثالية  للغاية، فالأب، رغم مخاوفه وإضطرابه الواضح، يحرص على إعداد الطعام لإبنه، بل أنه يقول لجارته التى تبدي إهتماما به، لقد تبادلنا الأدوار وأصبح أحمد يعدنى إبناً له ويقوم بدور أبي، ونري الابن الممثل الشاب “أحمد بن رحومة” الذي يشع حضوراً وموهبة، يتعاطف بشدة مع أبيه ويخشي عليه “كما في مشهد صعود الأب فوق سطوح البيت وحالة الرعب التى سيطرت على الأبن”.

يستعين العابدين بفريق تقني على أعلي مستوى انعكس على تفوق عناصر فنية عديدة بالفيلم، حيث أنهي مراحله الفنية ومنها تركيب الصوت باستديوهات “توتنهام” البريطانية التى شهدت  تنفيذ كثيراً من أهم الأفلام العالمية، وهذا هو المنتج الفنان حين يقدم على إنتاج عمل فني، بعكس المنتج التاجر الذي يسعي لخفض الميزانية على حساب العناصر الفنية للفيلم.

تتفاقم أزمة حبيب مع حمله لبعض المستندات وإعتراضه لمسيرة مسئول كبير لاطلاعه على جرائم ارتكبها من يحسبون على النظام، غير أن الرجل لا يعبأ بما يحمله ولا بما يقوله، فيطارده إتهام بالتهجم على المسئول السياسي، يتصدي ظافر في فيلمه لواقع سياسي وإجتماعي، ويعيد تقييم ما حققته الثورة التونسية بعد عشر سنوات من تفجرها، فيذكر في نهاية الفيلم أنه لا تزال هناك محاكمات لم تتم وإنتهاكات لم يحاسب من ارتكبوها.

إختار ظافر العابدين طرح قضية مهمة في أول أفلامه كمخرج، وفي أدائه كممثل استدعي بلا شك إجتهاداً كبيراً في أدائها، وإن كانت قد إنطوت في بعض مشاهدها على قدر من المبالغة في الأداء، كما جاء الحوار (الذى شارك العابدين في كتابته مع السينارست أحمد عامر) جاء مباشراً في بعض المشاهد، لكن يحسب له تقديمه لقضية تؤرق مجتمعه، التقطها بحسه خلال رحلة علاج شقيقه مريض السرطان، ليقدم حكاية في قالب إنساني، وإن ظلت  السياسة حاضرة فهي المحرك الأساسي لمصير البطل.

يسلط الفيلم الضوء على علاقات تؤكد أن المجتمع التونسي لا يزال متمسكاً بعلاقات أصيلة مثل علاقة الجيرة، وكيف يساهم الجار العجوز في مساندة البطل، غير أن النهاية تأتي متوقعة مع قيام الشرطة بالقبض على حبيب بينما كان يستعد للذهاب إلى المستشفي للعلاج، ويصرخ بكل قوة لكنه لا يسقط في هوة  فقدان الأمل ولا يقدم موضوعاً سوداوياً، بل يشير إلى أن الإبن سيتصدي للظلم وأن جيل جديد قادر على إستكمال  ما دفع الأباء حياتهم لأجله.

قبل سنوات قال لي الفنان الراحل نور الشريف أنه ظلم نفسه حين جمع بين التمثيل والإخراج في فيلم “العاشقان”، فقد كان مشغولاً بتفاصيل عديدة كمخرج ولم يركز مع الممثل، متطلعاً الي تجربة اخراجية جديدة لا يشارك بها كممثل، فهل ظلم ظافر العابدين نفسه عندما جمع بين التمثيل والإخراج والكتابة والإنتاج، أعتقد أن الإجابة نعم، وعليه أن يختار التفرغ للإخراج في مشروعه السينمائي المقبل.

 

موقع "سينماتوغراف" في

11.12.2021

 
 
 
 
 

ظافر العابدين: «غدوة» يعكس الوضع الحالى فى بلدى تونس

حوار ــ محمد عباس:

عرض الفيلم بمصر كان مهمًا بالنسبة لى.. «القاهرة السينمائى» عوضنى عن رفضه فى أيام قرطاج

خوض الإخراج حلم لم يفارقنى يوما.. وعملى كمساعد فى البداية منحنى الكثير من الخبرات

كتبت قصة الفيلم عن تجربة شخصية مع شقيقى.. و«حبيب» شخصية مركبة تجسد المعاناة

أنتظر طرح «العنكبوت» بدور السينما.. والجزء الثالث من «عروس بيروت» على الشاشة الصغيرة

قدم الفنان ظافر العابدين نفسه للجمهور كمخرج وسيناريست لأول مرة مع فيلم «غدوة»، وتأكدت تجربة النجم التونسى الأولى فى هذا الاتجاه مع فوزه بجائزة النقاد «جائزة فيبريسى» من مهرجان القاهرة السينمائى الدولى فى دورته الـ43.

وبعد الجائزة التقت «الشروق» بظافر العابدين الذى كشف عن سر توجهه للإخراج، والصعوبات التى واجهته فى فيلمه الأول، وتحدث عن تطلعاته للمستقبل، ومشروعاته المقبلة.

·        فى البداية سألناه.. كيف استقبلت حصول فيلم «غدوة» على جائزة فيبريسى.. وكيف ترى ردود الفعل حول عرض الفيلم؟

أجاب: سعيد وفخور جدا بحصولى على جائزة بهذه الأهمية من مهرجان هو الأعرق فى المنطقة العربية، خاصة وأن هذا أول فيلم لى كمخرج ومؤلف، وردود الأفعال كانت رائعة والجمهور تفاعل مع الفيلم بشكل كبير، حتى إن تذاكره نفدت فور إتاحتها بشباك التذاكر.

·        ما الذى جعلك تتجه إلى الإخراج؟

ــ فى بدايتى عملت كمساعد مخرج لمدة عام ونصف العام، وكنت أحلم بأن أقدم فيلما من إخراجى فى يوم من الأيام، كما كان لدى حلم التمثيل واستطعت أن أحققه، وبعد أن قطعت شوطا لا بأس به فى مشوارى كممثل، تذكرت حلمى القديم وقررت أن أعود إلى عملى الأول وأن أخرج فيلما، لأننى أحب الإخراج، فالمخرج يتحمل مسئولية عمل بأكمله من بدايته إلى نهايته، ويعمل وفقا لوجهة نظره، من زوايا التصوير واختيار النص، وليس كالممثل يؤدى دوره فقط.

·        لماذا لم تتخذ خطوة الإخراج من قبل؟

ــ لم أجد المشروع الذى يحمسنى، إلى أن كتبت قصة فيلم «غدوة»، والتى فكرت بها بناء على قصة شخصية جدا، حيث إن شقيقى حاتم أصيب بالسرطان، وكان من المفترض أن ينتظر عاما كاملا حتى يأتى دوره بالعلاج، وفكرت كيف يكون إنسان مستقيم غير مفتعل للمشاكل ويقوم بعمله على أكمل وجه، لا يجد فى بلده العلاج إذا احتاج لرعاية من أى نوع سواء طبية أو غيرها، وكيف يقدم المواطن التونسى المساعدة لبلده، وهو مريض ولا يستطيع أن يحصل على علاجه، وتطورت الفكرة ووصلت لأفكار أكثر، إلى استقررت على ما كتبت وأنا سعيد به جدا، ولأننى كنت أنتظر أن أجد فكرة مناسبة لفيلم من إخراجى، وتحمست للقصة لأنى صاحب فكرتها، ولأنها لم يقدم لها شبيه فى أى عمل من قبل.

·        وماذا كان الدافع وراء مشاركتك فى الإنتاج.. وكان يمكن ان تكتفى بكونك مخرجا ومؤلفا وممثلا بالفيلم؟

ــ مشاركتى فى الإنتاج مع درة أبوشوشة، أعطانى فرصة لعمل أحلم أن أقوم به، ولا يمكن أن تنتج عملا لترضى رغباتك كممثل لا ينجح؛ لأن العمل يجب أن يكون كاملا ومبنيا على قصة قوية وإخراج جيد لها، لينتج فى النهاية عمل متكامل يرضى الممثل والمخرج والمنتج.

·        كيف استعددت لتجربة الإخراج؟

ــ لدى خبرات فى الإخراج من خلال عملى فى بدايتى كمساعد مخرج، وطوال الفترة الماضية التى عملت فيها كممثل، كنت أغذى روحى، بمشاهدة ومراقبة المخرجين، حيث إننى بعد إنهاء تصوير مشاهدى فى أى عمل، كنت أجلس خلف الكاميرا وأراقب المخرج وكيف يوجه زملائى، وتعلمت الكثير مما تلك المشاهدات.

·        *ما الصعوبات التى واجهتك بالفيلم؟

ــ لم أواجه أى صعوبة، بل على العكس كنت مستمتع بكل تفاصيله واختيارات الديكورات والممثلين وزوايا التصوير، على الرغم من أن الفيلم تم تصويره فى ظل ظروف صعبة مررت بها، حيث إن والدتى توفت بعد أسبوعين من بدء تصوير الفيلم.

·        يرى البعض أن معظم مشاهد الفيلم «close» على «حبيب» بطل الفيلم.. وديكورات المنزل اتسمت بالألوان الباهتة.. فماذا تقصد من هذه الاختيارات؟

ــ تعمدت أن تكون أكثر المشاهد «close» على ملامح «حبيب»، وأن تتابعه الكاميرا فى كل مكان، لكى يكون المشاهد قريبا من الشخصية، ويعيش معها حالته، ويشعر بمعاناتها، وأنها أهم شيء بالفيلم، أما بالنسبة لديكورات المنزل أردت أن تكون باهتة لكى تعكس الوضع الاجتماعى الحالى فى تونس، وهو الانطفاء بعد السطوع والازدهار.

·        وهل يعنى ذلك أننا أمام فيلم سياسى؟

ــ الفيلم ليس سياسيا؛ لأننى فنان لا أحب أن أقحم نفسى فى السياسة، ولكنه فيلم إنسانى يرصد علاقة أب بابنه، وسط الأحداث التى تمر بها بلدهم تونس، وأن علاقتهم تمثل العلاقة بين الماضى والحاضر والمستقبل، وأن الابن هو يمثل الجيل القادم الذى سينهض بالبلاد.

·        وما الذى كنت تقصده بالجملة التى تكررت كثيرا «الحقيقة، العدالة.. ثم المصالحة»؟

ــ هى جملة لا تنطبق على أى طرف، ولم أذكر طرفا سياسيا، فموضوع الفيلم ينطبق على الكل وكل من يخطئ، فالزوج يخطئ مع زوجته، والأب يخطئ مع أبنائه، أنا أخطئ بحق صديقى، وكل منا يظن أن الآخر هو الذى أخطئ، فتظهر الحقيقة عندما نتحدث ويطرح كل منا وجهة نظره، وتتحقق العدالة بعد طرح كل وجهات النظر ونصل إلى سبب الخطأ، فيتحتم على المخطئ أن يكفر عن خطئه بالاعتذار على سبيل المثال، ثم تأتى المصالحة بأنه إذا اعتذرت لى أتفهم وجهة نظرك وأسامحك.

·        كيف ترى شخصية «حبيب» دراميا؟

ــ شخصية «حبيب» جديدة ومختلفة كليا عما قدمته فى الفترات الأخيرة، وأحببت أن أقوم بالدور لأننى أتمنى تقديم شخصية بأبعاد نفسية مختلفة وبها عمق، وهى نوعية مختلفة لا تعرض على كممثل فى الفترة الأخيرة، وإذا عرضت على شخصية مثلها فى أى عمل مناسب سأوافق عليها فورا لأن بها أبعادا كثيرة ومختلفة تجذب أى ممثل.

·        هل واجهت أى ضغوطات إضافية كممثل كونك مخرج العمل؟

ــ لم أواجه أى ضغوط، وكان هذا يدفعنى لإخراج أفضل أداء عندى. لا أحب أن تؤثر على الشخصية كثيرا، فأنا قبل التصوير أضحك مع الموجودين وأكون على طبيعتى إلى أن نبدأ التصوير، أندمج مع الشخصية، وفور انتهاء التصوير أعود إلى طبيعتى وأمزح مع من حولى، هذا فى الطبيعى، أما فى «غدوة» فكان من المهم أن أفعل ذلك بسرعة وألا أركز على نفسى فقط، لأننى مخرج العمل وأتحمل مسئولية كل الممثلين المشاركين معى والذى آمنوا بى ووضعوا ثقتهم فى، فيجب أن أركز معهم لأحصل منهم على أفضل أداء.

·        الجمهور دائما ما يراك فى منطقة الـ«جان» الرجل الوسيم والرومانسى.. فهل تجسيدك لشخصية «حبيب» خروج من هذه المنطقة؟

ــ أول عمل لى بمصر كان شخصية «ضياء» بمسلسل «فيرتيجو» وهى شخصية رجل فاقد السمع، ويتكلم بالإشارات وكانت شخصية مركبة جدا، غير مرتبطة بالشكل أو بالوسامة، ولكن الجمهور وضعنى فى هذا القالب، أنا أهم شيء بالنسبة لى فى الدور أن يسعد الناس، وأن يكون به قضية وشيء مختلف، ودائما ما أحاول أن أقوم بشخصيات مختلفة من خلال أعمالى التى قامت بها مصر وتونس ولبنان وحتى فرنسا وإنجلترا.

·        لماذا لم يكون العرض الأول فى تونس واخترت أن يكون فى مصر؟

ــ عرضنا الفيلم على مهرجان قرطاج، لأنه فيلم تونسى يتحدث عن تونس وكنا نرغب أن يعرض بها، ولكن لجنة المهرجان رفضته، وعرض الفيلم بمصر كان مهما بالنسبة لى، فكما أن تونس بلدى فالقاهرة احتضنتنى، ولها مكانة خاصة فى قلبى.

·        هل سيعرض الفيلم تجاريا بتونس ومصر.. وهل ترى أن اللهجة ستشكل عائقا عند عرضه بمصر؟

ــ بالتأكيد سيعرض تجاريا بتونس، ويهمنى كثيرا عرضه بمصر وبالعديد من الدول العربية، وسأحرص على أن يكون متاحا للمشاهدة من خلال المنصات الرقمية، ولا أعتقد أن تشكل اللهجة عائقا فعندما عرض الفيلم بمهرجان القاهرة تقبله الجمهور وتفاعل معه بشكل كبير جدا، ونفدت تذاكر الفيلم منذ فتح شباك التذاكر.

·        ماذا عن أعمالك القادمة؟

ــ أنتظر طرح فيلم «العنكبوت» قريبا بدور العرض المصرية، كما أنتظر عرض الجزء الثالث من مسلسل «عروس بيروت» قريبا على الشاشة الصغيرة.

 

الشروق المصرية في

11.12.2021

 
 
 
 
 

حاتم علي صانع الشوكولا

ناهد صلاح

الملمح الأبرز في فيلم Peace By Chocolate" / سلام عبر الشوكولا" للمخرج الكندي جوناثان كيجسر، أن بطله هو المخرج السوري حاتم علي (2 يونيو 1962 –29 ديسمبر 2020).. صحيح أن الفيلم الذي تعرضه حاليًا إحدى المنصات العربية الشهيرة، كما تم عرضه ضمن قسم العروض الخاصة بمهرجان القاهرة الدولى الـ43.

صحيح أنه يحكي موضوعًا إنسانيًا مستلهمًا عن قصة واقعية لأسرة سورية، اضطرتها الحرب لمغادرة البلاد، وصحيح أن الحرب قاسية، مخيفة، تنعكس تفاصيلها على هذه الأسرة الفزِعة، لكن حضور حاتم علي هو الأوضح؛ ربما أراد الجميع، متابعون ومروجون للفيلم، رؤيته على الشاشة تعويضًا لغيابه في الواقع بعد رحيله المفاجيء منذ نحو العام، ليظهر هذا الأب الحنون، المثابر، الذي أجبرته الحرب على النزوح والارتحال عن بلاده الدافئة، إلى المجهول في بلاد باردة، والممثل الذي يشارك في تقديم حكاية سورية خاصة مع زملائه الممثلين: يارا صبري، أيهم أبو عمار، مارك كاماتشو، ميشيل بيرون، كاثرين كيركباتريك، اريك ديفيس، داون فورد.

أسرة سورية تفر من وحشية الحرب بعد ما قصفت مصنع الشوكولاتة الذي يمتلكونه، وباتت تهدد حياتهم، يخرج أفراد الأسرة إلى لبنان ومنها إلى كندا، هذه القصة تناقلتها نشرات الأخبار، ليتوقف عندها جوناثان كيجسر، ويقرر أن يحولها إلى فيلم يتكيء فيه على مساحات إنسانية، وُيبين جزءً من التركيبة الديموغرافية الجديدة في كندا، هذه التركيبة التي أصبحت تتخذ شكلًا مغايرًا إثر القبول الرسمي للسوريين في مجتمعه

من هذه الزاوية يقدم هنا "كيجسر" المخرج والكاتب والمنتج، فيلمه الروائي الطوبل الأول؛ بعد عدة أعمال مسرحية منها الغابة وكباريه، وكذلك أفلام وثائقية وروائية قصيرة منها: ما الذي كان بيتهوفن سيفعله؟، الدفتر، ثورة الطفرة، أحلام ثلاثة، كعك معجون بالدم.

الزاوية التي إختارها إعتمدت على دراما إجتماعية، خرجت من باطن الحرب، فعلى ما يبدو أن التحديات التي واجهها السوريين في بداية لجؤهم إلى كندا، ومحاولاتهم إيجاد أرضية مشتركة مع الكنديين، لفتت إنتباه كيجسر، وأنها ما شجعته على هذا الفيلم.

في مشهد تمتزج فيه برودة جغرافيا الثلج وحماوة انفعال داخلي لـ طارق (أيهم أبو عمار)، هذا الشاب الذي يقف في مواجهة الفضاء الثلجي، نكاد نشعر بدفعات الهواء الباردة تقتحمه، بدا كأنه في مفترق طرق وهو الذي سبق عائلته إلى هنا، يحلم أن يدرس الطب وأن يستأنف حياته وإنسانيته في سلام، يبذل جهدًا لاستقدام والديه وشقيقته مع طفلتها.. طارق موزع بين حلمه وبين أبيه عصام (حاتم علي)، الأب المرغم على فراق سوريا، لكنها تأبى أن تفارق وجدانه، إنها متعمقة في الذات والذاكرة، لذا قرر أن يصنع سوريته الخاصة عن طريق الشوكولاتة، موروثه العائلي، فأنشأ مشروعه لصناعة الشوكولاتة، ولم يرغب ألا يكون ابنه جزءًا منه.

الاختيار مرهق ولكنه حتمي، ندركه مع تصاعد الأحداث وينتصر للإبوة وللجذور الراسخة في سوريا، فالفروع أو الأبناء لا يتخلين عن الأصل، والشوكولاتة ما هي إلا رمز يكرس لهذه المسألة، لم يسرد الفيلم تفاصيل الحرب والدم والعنف الدائر، لم يتوغل في جعرافيا الموت والهجرات السرية، كما شاهدنها في أفلام عديدة أخرى، تابعت فصول الرحلة الخطرة من الوطن إلى حدود بلاد المهجر، وإنما أوصلنا إلى النتيجة مباشرة، ولم يكن فيلمًا اختلط فيه الحسي والمعنوي كما فعل فيلم مثل "شوكولا"  الذي أخرجه لاس هالستروم في العام 2000 ، فعصام ليس فيان روشر (جولييت بينوش)، صانعة الشوكولاتة الماهرة بوشاحها الأحمر المتطاير، التي واجهت مجتمعًا محافظاً وغليظًا بالشوكولاتة، لكن ثمة علاقة ساحرة بين الشوكولاتة والحب، إنها المعادلة التي فتحت القلوب لعصام وعائلته، وساعدت على نجاحه في مدينة منحته دعمها.

وفى بعد آخر يقدم الفيلم نموذجًا للأمل والقدرة على التواصل مع الأخر، رغمًا عن ويلات الحروب وأوجاع الغربة، يمكن القول إن هذا الفيلم طرح سؤال الحرب على طريقته، لم ينفصل السؤال عن الواقع الحالي سواء سياسيًا أو إنسانيًا، وبدا في النسيج الدرامي للفيلم شهادة عن معنى مواجهة المصير والبُعد المأساوي المرتبط بالحرب.

إنه باختصار عمل يمكن تلقيه بيسر كفعل إبداعي غير متحرر من الهم السياسي ولا الجمالي أو الفني، لم يسع إلى استعراض عضلاته بين جماليات الصورة وعمق القضية، ولم يكن في ذات الوقت بسيطًا، تلك البساطة مرتبكة في تسجيل رحلة هذه الأسرة، بل غاص في تفاصيلها ومتاهتها الإنسانية قبل الانخراط في مجتمعها الجديد، وقدم معادلة بصرية دون إسراف، ركزت على أداء تمثيلي لافت قدمه حاتم علي، فكان الفيلم تحية طيبة لروحه، كنموذج من نماذج الإبداع السوري التي يصعب نسيانها.

 

اليوم السابع المصرية في

21.12.2021

 
 
 
 
 

«بنات عبد الرحمن» صرخة نسائية صاخبة!

طارق الشناوي

عندما تتعرض المرأة للاضطهاد تصرخ أم تثأر؟، هذا هو السؤال الذى تناوله زيد أبو حمدان كاتب ومخرج ومنتج الفيلم الأردنى (بنات عبد الرحمن).

شاهدت الفيلم مرتين الأولى (القاهرة) والثانية (البحر الأحمر)، وفى المرتين تجاوب الجمهور مع البطلات، رغم أنه يدين الرجل، ولا ينسى أن يناله العقاب الجسدى قبل النفسى على يد النساء.

من أهم المعايير العالمية لتقييم مدى تقدم المجتمعات، يصعد للمقدمة حضور المرأة فى كل المجالات، ولهذا نجد أن الحكومات- وخاصة من نصفهم بالعالم الثالث- تتباهى بعدد ما لديها من نساء، وعلى مختلف الأصعدة والمواقع سياسيا واجتماعيا وثقافيا.

الحضور النسائى فى المهرجانات السينمائية، صار يُشكل أيضا جزءا من أوراق التقييم النهائى للمهرجان، المخرج الأردنى، يقدم فيلما ينحاز للمرأة، عن أربع أخوات كل منهن لها خصوصية وملامح شكلية ونفسية مختلفة، مما يتيح له تعدد تفاصيل السرد، بالتقاط مواقف قد تتناقض شكليا مع السلوك الحميد، الذى تعارف عليه المجتمع الأردنى أو العربى فى دائرته الأوسع، حيث تتقاطع هذه الدوائر مجتمعة وبنسبة كبيرة، تختلف ربما فى هامش ضئيل، للمجتمع عادة معيار وحيد للصواب، الإطار الشكلى الذى صرنا جميعا مع اختلاف الدرجة أسرى له.

الوالد (أبو البنات)، طاعن فى العمر، أصيب بخرف الشيخوخة، يختفى فى ظروف غامضة، عندما يرى ابنته التى تعمل فى حياكة الملابس، ترتدى ثوب الزفاف، ولم يكن ثوبها، كانت تعبر عن حلم مستحيل، تلتقى بناته الأربعة، ليبدأن رحلة البحث عن الأب، وما يمثله لهن من حماية، حتى وهو يعيش تحت سطوة المرض، ونقترب أكثر كمشاهدين للسيدات الأربعة وما تعبر عنه كل منهن من توجه يختلف عن الأخرى، صبا مبارك وحنان الحلو وفرح بسيسو ومريم الباشا، القصص تتشابك وتتقاطع دوائرها، الفيلم يقدم كل التنويعات النسائية وفى نفس الوقت لا ينسى أبدا أن المرأة تساوى العدل، والرجل يساوى الظلم.

الجوانب الإيجابية للمرأة تعتمد فى تقديمها على قانون الأضداد، الأبيض يزداد نصوعا بجوار الأسود، الرجال أغلبهم منافقون كاذبون لا يتحملون المسؤولية، يبحثون فقط عن السلطة وعن فرض الأمر الواقع، والنساء على الجانب الآخر، إلا أن الغلبة دائما للمرأة، حتى بمقياس القوة الجسدية، المرأة تستطيع الانتصار عليه.

الرجل المهمش الضئيل لا يستطيع أن يدافع حتى عن نفسه، يعلو صوته فى البداية، وعندما يعلو صوت المرأة أكثر، يلوذ بالصمت، القضايا مثل العيش مع رجل بدون زواج واحدة قطعا من المحددات الشائكة، النقاب الذى احتل مساحة فى الشارع العربى، بينما يكشف تلك الازدواجية المقيتة والتى تحولت من فعل مستهجن إلى حالة يتوافق عليها المجتمع كله، على الشاشة الرجال دائما ظالمون مؤكد، ولكن ألا توجد امرأة طوال الأحداث ظالمة.

الفيلم لا يكشف فقط سلوكا دراميا، بل يؤكد أن المشاهد بات جزءا من تلك الحكاية، المخرج لجأ إلى استخدام (المونولوج) الطويل، تحكى كل بطلة جزءا من حكايتها، ويعلو صوتها، وفى نفس الوقت يعلو صوت التصفيق فى الصالة، المخرج على موجة الجمهور هذه حقيقة، إلا أنه كان من الممكن أن يلجأ لنبرة أقل صخبا وأكثر عمقا، من خلال سرد سينمائى يتكئ على الإيحاء الجميل، وهذا هو تحديدا ما افتقدته فى الشريط السينمائى!!.

tarekelshinnawi@yahoo.com

 

المصري اليوم في

12.12.2021

 
 
 
 
 

رشيد مشهراوى: أفلامى انطلقت من القاهرة

أحمد سيد

أمير المصرى: فخور بمصريتى

أمل صبحى

سامويل ثيس في حوار صريح: أعمل من أجل الطبقات المهمشة

إنچى ماجد

عمرو عابد: دخلت «الحفرة» لهذا السبب!

هيا فرج الله

كريم عبد العزيز: الجمهور بوصلتي

خيرى الكمار

للأسف.. لم نتمكن من تحميل هذه المادة من موقع الجريدة

 

 

بوابة أخبار اليوم المصرية في

12.12.2021

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004