ملفات خاصة

 
 
 

أوراق القاهرة السينمائي: “الامتحان”.. الموهبة الكردية

أمير العمري

القاهرة السينمائي الدولي

الدورة الثالثة والأربعون

   
 
 
 
 
 
 

من أفضل الأفلام التي عرضت بالدورة الـ 43 من مهرجان القاهرة السينمائي فيلم “الامتحان” The Exam للمخرج شوكت أمين كوركي (48 سنة) من كردستان العراق، وهذا هو رابع أفلامه الروائية الطويلة التي بدأها بفيلم “عبور التراب” (2002). فهذا الفيلم الذي تدور أحداثه بالكامل في السليمانية، يتبع نهج السينما الإيرانية في الاعتماد على سيناريو مكتوب بشكل جيدا جدا، يمتليء بالتفاصيل الصغيرة التي تضيف باستمرار إلى بناء الفيلم وتساهم في تطوير الحبكة التي تحاكي الحبكة في أفلام الجريمة.

يكمن جمال هذا الفيلم في أنه يجمع الكثير من العناصر المعاصرة التي تثير الاهتمام اليوم، من المشاكل السياسية التي نتجت عن الحرب في العراق، وما أعقب الحرب من انقسامات، وما أفرزه سقوط نظام صدام حسين المركزي، من تداعيات نفسية كانت نائمة، كما يتناول ربما للمرة الأولى في السينما، بكل هذا النحو من الجرأة والوضوح، المشاكل السياسية والاجتماعية القائمة في المجتمع الكردي، بين الرجل والمرأة، وبين الرجل والرجل، وشكل العلاقات العشائرية والقبلية التي تتحكم في مصائر الأشخاص.

يصور الفيلم أيضا، الجريمة والفساد العام الذي امتد من أعلى إلى أسفل، مشيرا الى التحديات التي تواجه الإقليم الكردي مثل موضوع اللاجئين الذي يعبرون الحدود، وموضوع الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية الذي يشير إليه الفيلم من خلال أخبار التليفزيون التي تصور المرحلة الأخيرة من القتال ضد داعش في الموصل، أي أن الأحداث تدور في عام 2017.

إلا أن براعة السيناريو تكمن في أنه يضفر كل هذه الأشياء في نسيج درامي قوي متماسك، بحيث لا يفلت منه الخيط أبدا، كما يسيطر على الإيقاع والأداء التمثيلي ويجعل المتفرج على الفيلم، يترقب تطور الأحداث بحيث يضيف كل مشهد إلى ما سبقه.

شأن أفلام الموجة الجديدة في السينما الإيرانية، ينطلق سيناريو الفيلم الذي كتبه بالتعاون مع المخرج، محمد رضا غوهاري، من حدث صغير، ويصعد به تدريجيا فتتسع الصورة أمام الكثير من المواضيع التي تثير اهتمام المخرج وجمهوره. فهناك امرأة تدعى “جيلان” متزوجة من رجل فظ غليظ الحس، يعمل نتاجر سمك في سوق البلدة، يحظر عليها الخروج دون إذن منه، ويسيء معاملتها، ولأنها لا تريد ان تنتهي شقيقتها الصغرى “روجين” إلى نفس مصيرها، فهي تريدها بشتى الطرق أن تدخل الامتحان الذي يؤهلها للالتحاق بالجامعة وبلك تفلت من الزواج المرتب الذي يرغب والدها أن يرغمها على القبول به كحل وحيد أمامها وهي ابنة السابعة عشرة.  

هذا الطموح لاجتياز الامتحان بنجاح من دون ترك أي شيء للصدفة، يدفع “جيلان” إلى الوصول لعصابة تعمل تحت الأرض، تحصل على رشاوى ضخمة وتستخدم وسائل الاتصال الحديثة (الهاتف المحمول، والانترنت والبلوتوث) في نقل إجابات الامتحان إلى مجموعة كبيرة من الراغبين الذين دفعوا مبالغ طائلة. وتدريجيا يصبح الأمر أكثر تعقيدا. والامتحان ينقسم في الحقيقة، إلى ستة امتحانات أي ست جلسات مختلفة، في كل مرة يتعين على الطلاب الإجابة على مجموعة من الأسئلة بطريقة اختيار إجابة واحدة صحيحة.

هناك الأب البطريركي القمعي المتخلف الذي يريد أن يرغم ابنته على الزواج، ولا يؤمن بالدراسة والتعليم، زوج جيلان الفظ الذي يريد باستمرار أن يصف نرها عن مسألة تعليم شقيقتها كما يريد أن يعتقلها في المنزل، لا تغادره، ولا يتورع عن ضربها. وهناك من ناحية أخرى، المرأة التي تنشد تحرير شقيقتها من هذا الجو من الاستعباد، والفتاة التي تريد أن تفلت من خلال التعليم، من التدني والخضوع.. أي أن التعليم يرمز هنا للتحرر من أسر التقاليد المتخلفة الموروثة.

ما الذي سيحدث وهل ستتمكن روجين من الحصول على ما ترغب، وتتمكن جيلان من تحقيق هدفها؟ الحقيقة أن كل تعقيدات الواقع تقف ضد هذا الطموح، فالفساد ينكشف وينكشف أن وراءه أشخاص كبار، ولكنه فساد نابع من الإحباط والفشل واليأس الاجتماعي.

لا تبدو روجين في البداية راغبة في دخول حلبة الصراع من أجل مستقبلها، بل هي حاولت أيضا الانتحار بعد أن أصبح الشاب الذي ارتبطت بعلاقة حب معه، في عداد المفقودين، وغالبا فقد حياته في الصراع المسلح مع تنظيم داعش. أما شقيقتها الكبرى “جيلان” فهي التي تقاتل من أجل أن تضمن لها مكانا التعليم الجامعي. لذلك فهي تلجأ إلى وسائل لا تعد أخلاقية من المنظور الاجتماعي. هنا يطرح السؤال الأخلاقي نفسه: هل يمكن قبول أن الغاية تبرر الوسيلة؟ لكن الأمر الإيجابي أن الفيلم يترك السؤال قائما دون أن يجب عنه أي دون أن يحكم على السلوك.

في الفيلم الكثير من المشاهد المتقنة التنفيذ، والمشاهد الأخرى المبتكرة التي تدهشنا بأصالتها. فهناك مدرس في المدرسة التي تنظم “الامتحان” يصر على ضرورة قطع الانترنت والهواتف المحمولة لكي يتم ضبط من يحتالون على الوضع يحاولون الغش، وهو ما يحدث بالفعل، لكن “روجين” تفلت بمعجزة. وتلجأ العصابة الى طريقة جديدة فيوزعون على الطلاب أجهزة توكي ووكي تربط حول أجسادهم تحت ملابسهم، مع وضع سماعة في الأذن، ويتم دفع شاحنة ضخمة بالقرب من المكان الذي يقام فيه الامتحان لكي يصبح البث واضحا. ولكن هذه الحيلة نفسها سوف تنكشف، وسوف تقع روجين في الفخ، وسيتعاطف معها المدرس المتشدد بعد أن يطلع على الضغوط الواقعة عليها لتزويجها، لكن مديرة المدرسة ترفض تماما منحها فرصة ثانية.

فيلم “الامتحان” عمل جيد، في موضوعه وأسلوب مخرجه شوكت أمين كوركي الذي اكتسب دون شك، خبرة كبيرة من خلال عمله، كما أنه يعرف جيدا البيئة التي يصور فيها، ويتمكن من تحريك الممثلين والتحكم في انفعالاتهم وإظهار التناقضات بين الشخصيات المختلفة.

إن فشل جيلان- في نهاية المطاف- في دفع شقيقتها خارج إطار العائلة البطريركية والإفلات من مصيرها الرديء المنتظر، يوحي بأن لا شيء يمكن أن يتغير في كردستان، أو على الأقل، ليس بعد!

 

موقع "عين على السينما" في

03.12.2021

 
 
 
 
 

كريم عبد العزيز .. نجومية صنعتها الموهبة والدراسة والذكاء

بقلم: فايزة هنداوي

لا أدري لماذا اعترض البعض علي تكريم النجم كريم عبد العزيز في افتتاح مهرجان القاهرة السينمائي، وكأن التكريم لابد أن يقتصر علي الراحلين، أو كبار السن، بينما أري أن تكريم نجم بموهبة كريم عبد العزيز هو تشجيع علي النجاح والتميز.

كريم عبد العزيز، لا يملك تاريخا ضئيلا كما يعتقد البعض، فهو من جيل جاء في ظروف مختلفة عن الأجيال السابقة التي كانت الظروف الإنتاجية تسمح لكل نجم أن يقدم عدة أفلام كل عام، بينما شهد جيل كريم تراجعا كبيرا في إنتاج الأفلام المصرية، وبعد أن كانت الأفلام المنتجة سنويا تصل لأكثر من 60 فيلما سنويا بالثمانينيات، من القرن الماضي، تراجع الإنتاج ليصل في بعض السنوات من الألفية الجديدة إلي 15 فيلما فقط، وهو عدد لو تم توزيعه علي النجوم لا يكفي لعمل فيلم لكل نجم.

ورغم ذلك تمكن كريم عبد العزيز من تقديم أعمال متميزة نجح من خلالها في تكوين قاعدة جماهيرية كبيرة، وذلك لأنه يتميز بعدة مميزات قلما يتمتع بها نجم واحد.

أول هذه المميزات تحقق له صدفة، وهو أنه جزء من عائلة فنية كبيرة، فوالده هو المخرج الكبير محمد عبد العزيز، وعمه هو المخرج الكبير أيضا عمر عبد العزيز،، هذه النشاة أتاحت له أن يحتك بالوسط الفني عن قرب، فيشاهد أعمالا فنية بكثافة منذ الصغر، وتدور حوله مناقشات فنية كثيرة، كذلك منحه ذلك فرصة الاحتكاك بكبار الفنانين، مما ساعده علي تذوق الفن والإحساس به، فالبيئة المحيطة تساعد في التوجه، لذلك فإن هذه البيئة هي التي أنتجت أيضا المخرج المتميز محمد ياسين.

ولا يمكن اتهام كريم عبد العزيز بأنه اقتحم الوسط الفني بالواسطة، ذلك أن الواسطة يمكن أن تمنح الفرصة، ولكنها لا بمكن ان تضمن الاستمرار، وكثيرا ما ظهر في الوسط الفني أبناء نجوم ، قدموا بعض الأعمال اعتمادا علي آبائهم، لكنهم فشلوا في الاستمرار، لأن حب الجمهور لا يتحقق بالواسطة، ولم يكن ليستعين به المخرج شريف عرفة في في فيلم "اضحك الصورة تطلع حلوة" اعتمادا علي الواسطة، ولم يكن لأحمد زكي أن يقبل مشاركته بدور مهم في الفيلم دون إدراكه لموهبته، فمن المعروف عنه انه لا يتنازل عن جودة أصغر التفاصيل في العمل الفني الذي يقدمه.

وما ضمن لكريم الاستمرارية، هو باقي سماته الشخصية ومن أهمها الموهبة، التي ظهرت علي كريم مبكرا، وهو ما لمسناه عندما شاهدناه في طفولته من خلال خمسة أفلام، هي "انتبهوا أيها السادة"، و"البعض لا يذهب للمأذون مرتين"، و"قاتل مقتلش حد"، و"منزل العائلة المسمومة" للمخرج محمد عبد العزيز، إضافة لفيلم "المشبوه" للمخرج سمير سيف، وقد علق بذهن الجمهور نظرا لموهبته وخفة دمه وما يتمتع به من قبول وجاذبية، ومنحته هذه المشاركات، سمة ثالثة وهي خبرة مواجهة الكاميرا منذ الصغر.

السمة الرابعة التي تمتع بها كريم هي الدراسة، فقد درس الإخراج في معهد السينما، ومن المعروف أن المخرج هو المسئول والمدير لكل عناصر العمل السينمائي بما فيها التمثيل ، وهو ما ساعده بشدة بعد ذلك عندما احترف التمثيل.

أما السمة الخامسة والهامة، فهي تمتعه بالذكاء الذي منحه القدرة علي اختيار أعماله، وعدم الانحصار في أدوار الشاب خفيف الدم، الذي يتميز بالشهامة، والتي حقق فيها تميزا كبيرا، ومن المعروف في السينما المصرية الاستسهال في توظيف الممثلين، فاذا نجح ممثل في نوعية معينة يتم حصره في نفس النوعية.

لكن كريم عبد العزيز لم يستسلم لهذا الاستسهال، وتمرد علي الأدوار الكوميدية ودور الشاب الوسيم الأصيل خفيف الدم، وحرص علي تنوع أدواره حتي لو كان الثمن هو توقفه فترة عن التمثيل، ولم تغره البطولات، وانتظر حتي تأتيه الأدوار التي يستطيع من خلالها التنوع.

فبعد أن قدم "عبود علي الحدود"، مع المخرج شريف عرفة، و"ليه خلتني أحبك"، مع ساندرا نشأت، التي قدم معها أيضا "حرامية في كي جي تو" و"حرامية في تايلاند"، و"أبو علي" ، مع أحمد نادر جلال وكلها أعمال كوميدية نجحت نجاحا كبيرا لم يغره النجاح ، وقرر تقديم أدوار مختلفة في "خارج علي القانون" مع احمد نادر جلال، ثم "ولاد العم"، مع شريف عرفة، قبل ان يعود للكوميديا في فيلم "فاصل ونعود" لأحمد نادر جلال، وبعده قدم فيلم "الفيل الأزرق" مع مروان حامد، والذي مثل نقلة شديدة الأهمية والتميز في مسيرة كريم عبد العزيز، وحقق نجاحا جماهيريا كبيرا ، وهو ما تكرر في الجزء الثاني من الفيلم، وكان آخر أعماله المعروضة كوميديا أيضا وهو "البعض لا يذهب للمأذون مرتين" ، ومن المنتظر عرض فيلم"كيرة والجن" الذي ظهر كريم بسببه مطلقا شاربه اثناء تكريمه، مما يؤكد حرصه علي تقديم شخصيات متنوعة ومختلفة نجح تماما في تجسيدها، ولأنه ذكي فإنه كان يحترم التخصص، ويعلم أنه سر نجاح أي عمل ، فرغم دراسته للإخراج ، لم نسمع يوما أنه تدخل في عمل المخرج ويحترم دائما قيادته للعمل.

ذكاء كريم عبد العزيز أيضا ساعده في الحفاظ علي نجوميته، بعيدا عن "التريند" وصراعات مواقع التواصل الاجتماعي، فهو يتواجد بأعماله، وليس بتصريح غريب، أو بأسطول سيارات أو طائرة خاصة، فقد اختار الانتشار كفنان وليس كشخصية مثيرة للجدل.

كل هذه السمات ساعدت في تشكيل نجومية كريم عبد العزيز، وجعلته يستحق التكريم عن جدارة واستحقاق.

 

الفجر الفني المصرية في

03.12.2021

 
 
 
 
 

بيت جوتشي

ناهد صلاح

الشيء اللافت عند عرض، الفيلم الروائي "House of Gucci" أو بيت جوتشي للمخرج الهوليوودي الشهير ريدلي سكوت، ضمن القسم الرسمي خارج المسابقة، بالدورة الـ 43 من مهرجان القاهرة السينمائي، والذي تزامن مع توقيت عرضه في الولايات المتحدة الأمريكية، هو هذا الإقبال الكبير لمشاهدة الفيلم، حتى أن التذاكر نفدت ولم تتح فرصة مشاهدته لكثيرين في إطار المهرجان، ما يثير السؤال: لماذا يُقبل جمهور لمشاهدة فيلم عن واحد من ملوك الموضة والأزياء العالمية؟ بينما بعضهم لم يشترِ شيئًا من منتجات العلامة التجارية الشهيرة، أو حتى نسخًا مقلدة عنها؟!

يتبع هذا السؤال، أسئلة أخرى من نوع: ما هي المتعة في مشاهدة فيلم يسرد سيرة ذاتية، فيلم مأخوذ عن قصة حقيقية، على الأغلب يعرف الجمهور تفاصيلها من البداية إلى النهاية، هل هو اشتهاء لمعايشة حياة أخرى غير واقعهم الأصعب؟ أم من زاوية مرهفة، يسعى المتفرج وراء قصص المشاهير؛ لعلها تصبح مصدر إلهامه؟ أم أن الأمر إجمالًا يعود إلى صانع الفيلم وطريقة طرحه للقصة واختياره للأبطال، وأسلوبه الذي يشتمل بالتأكيد على رؤيته الخاصة لهذه القصة؟

ومن هنا نذهب إلى سؤال جديد: هل فعل ريدلي سكوت هذا؟ هل أضفى شيئًا على القصة، تحقق ما رآه خياله وتحليله الخاص، أم أنه اعتمد على الوقائع فقط؟ وإلا لماذا غضبت عائلة جوتشي وأعلنت عن نيتها لإقامة دعوى قضائية ضد ريدلي سكوت، وقال أفراد منهم، أنهم متضررون من الفيلم وعلى استعداد لاتخاذ أي مبادرة لحماية اسم العائلة وسمعتها من التشويه.

ريدلي سكوت هو مخرج هوليوودي بامتياز، أفلامه تتسم بالصنعة والتجارة والجماهيرية، كخطوة مكملة وضرورية في مشروعه الذي يقترب من الـ 60 فيلمًا، قدمها كمخرج ومنتج نشط، تقريبًا لا يلتقط أنفاسه بين فيلم وأخر، بينما تنوعت أفلامه بين الخيال العلمي مثل Alien / كائن فضائي (1979)، والبوليسي مثل Black Rain / مطر أسود (1989)، و  American Gangster / رجل عصابة أمريكي(2007)، والتاريخي كما في Duelists / المتبارزان (1977) أو  Gladiator / المصارع (2000) أو  kingdom of heaven / مملكة السما (2005) وغيرهم.

 أما هنا مع "بيت جوتشي" فهو يخوض في دراما السيرة الذاتية المشحونة بالصراع والجريمة، ما يجعلنا نعود إلى سؤالنا في البداية عن الأسباب التي تجعل الجمهور يتهافت على مشاهدة هذا الفيلم، فاسمه اللامع وتجربته الحافلة بأفلام متباينة، تعامل معها النقاد بتقييم متأرجح بين الجيد والمتوسط، بينما الجمهور يتواصل معه بتجاوب كبير، كما في هذا الفيلم الذي يتوغل في سيرة مشهور أخر، اسمه أخاذ على المستى الجماهيري، ولو بدأنا من القصة، فإنها تحدد منذ الوهلة الأولى المشاعر تجاه هذا الفيلم تحديدًا، فإما أن تحبه أو تكرهه، لا خيار ثالث، وهذا يخالف إلى حد كبير القول الشهير لريدلي سكوت:"الحياة ليست أسود وأبيض. إنها مليون منطقة رمادية"، فعلى الرغم من أن هذه المناطق الرمادية حاضرة في القصة، لكن المشاعر تجاهها وتجاه العمل ككل واضحة كالأسود والأبيض.

 القصة التي كتبتها بيكي جونستون، بالاستناد إلى كتاب يحمل الاسم ذاته، من تأليف سارة فوردن، بعنوان" قصة مثيرة عن القتل والجنون والبريق والجشع"، تفرد مساحة نتابع من خلالها التاريخ المظلم لواحدة من العائلات الأشهر في تاريخ الأزياء، إرث كبير جلب الدسائس والمكيدة والقتل، تنقلها الأحداث على مدى ثلاثة عقود، ابتداءً من سبعينيات القرن الماضي، حينما أغرم ماوريتسيو جوتشي  بـ باتريسيا ريجياني، الجامحة في تطلعها لاسم وثروة العائلة الكبير، وقرر الارتباط بها رغم رفض والده، ليصبح هذا الثنائي من الأكثر شهرة في إيطاليا وحول العالم خلال تلك الفترة، ومسار لعبة الشطرنج التي تلعبها باتريسيا مع العائلة، في الثمانينيات، وصولًا إلى منتصف التسعينيات، حيث انتهت القصة باغتيال الزوج، وإدانة الزوجة بتهمة التخطيط لقتله.

 يُلقي الفيلم أيضًا من خلال قصته أسئلته الخاصة: ماذا يحدث عندما ترتبط العلامة التجارية ارتباطًا وثيقًا باسم العائلة؟ ويخبرنا أن ما يحدث هو الصراع حول من يستحق أن يكون جوتشي، ومن الذي يجب أن يتخذ القرارات التي تؤثر على العائلة وثروتها وسمعتها؟ .. إنه هذا الصراع البديهي، الموجود في هذه النوعية من الأفلام التي تتمحور حول العائلات الكبيرة، ثم ينقلنا سكوت إلى مظاهر البذخ المتوفرة في عائلة هي أساسًا، صانعة الترف والبذخ، فتطالعنا الأزياء والأوشحة والحقائب والأحذية والساعات والاكسسوارت المختلفة، كل هذه العناصر البراقة تُخفي وراءها الجشع واللهاث وراء السلطة والخيانة والانتقام والجريمة، ليس من السهل على المتفرج أن يبقى نفسه على مسافة آمنة من هذه الصراعات، وأﻻ ينخرط في متابعتها أو في الاهتمام بها، لكنه في ذات الوقت يصطدم بهذه الحياة التي يتمناها، حين يكتشف أن ظاهرها الوثير غير باطنها الغليظ.

عنصر التمثيل واختيار الممثلين لها تأثير مؤكد يجعل لأي فيلم حضوره الأخاذ، وهو العنصر الذي يمكنه أن يجيب عن جزء من سؤالنا، فاختيار سكوت أن يكون ممثليه هم: نجمة البوب الأمريكية ليدي جاجا في دور باتريسيا، آدم درايفر في دور ماوريتسيو جوتشي، جاريد ليتو مجسدًا شخصية باولو جوتشي، آل باتشينو ليكون العم ألدو جوتشي، وغيرهم مثل سلمى حايك، جاك هوستن، كاميل كوتين، ميدالينا غينيا، ريف كارني، يوسف قرقور.

عادة يعتمد الأداء التمثيلي في أفلام السير الشخصية على محورين مهمين: النص السينمائي، والمقاربة الشكلية للشخصية الحقيقية سواء من خلال المكياج أوو الأسلوب الحركي، في هذا الفيلم كان التركيز على الشكل والأداء الخارجي واضحًا بدرجة كبيرة، تبعه الخروج من قلب القصة نفسها، إضافة إلى الاعتماد على أسماء هؤلاء النجوم الكبار كان عاملًا لا يمكن إنكاره في الجذب الجماهيري.

العناصر مكتملة تضعنا أمام فيلم توفرت له كل عوامل الجذب الجماهيري، صورة أخاذة على المستوى التقني، خاصة في استخدام سكوت لكاميرات متعددة، بما يثري المشهد البصري، كما حضرت الموسيقى التصويرية بما يلائم النص المكتوب والنص البصري، بخلاف كاريزما النجوم المشاركين وانسجامهم سويًا، ومع ذلك فإنه غير مذهل، صحيح أنه ليس سيئًا، لكن يصعب أن نصفه بالمثالي، فغير أنه طويل أكثر من اللازم (ساعتان و 37 دقيقة) وأنه أهدر وقتًا كثيرًا حتى يصل إلى القصة الجادة حول كيفية تحول هذه العائلة، ما بين الخيانة والندوب، فوتيرته بطيئة بلا ريب، وكان يحتاج تكثيفًا دراميًا خصوصًا في النصف الثاني منه، حيث بدا أنه غير متواصل مع النصف الأول واحتاج إلى إحكام الربط، هذا الإحكام الذي افتقدته النهاية، فجاءت بطريقة متعجلة وغير مناسبة لذروة الحدث، بما يوحي أن سكوت تعامل معها بكثير من عدم المبالاة.

على أية حال، فإن بيت جوتشي يبقى فيلمًا مسليًا، مغريًا للفرجة، بصرف النظر عن تصنيفه النوعي في نطاق أفلام السيرة، أو عن أسلوب مخرجه سواء كان مطابقًا للواقع المقتبس عنه أو مبالغًا في وصفه الخيالي.

 

اليوم السابع المصرية في

03.12.2021

 
 
 
 
 

هند صبري: أنا عنيدة.. وأحلم بتقديم فيلم "آكشن" نسائي!

بشري عبد المؤمن

على هامش فعاليات النسخة الـ 43 لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، أقيمت ندوة نقاشية للفنانة هند صبري تحت عنوان "لأنها أبدعت"، أدارتها الإعلامية جاسمين طه زكي.

اشتملت الندوة على نقاشات مهمة حول دور المرأة في المجتمع والسينما، وعن أهمية البطولات النسائية، كما تحدثت النجمة هند صبري عن الفنانة القديرة فاتن حمامة ودورها في صناعة السينما، خصوصاً وأنها هي من تحمل لقب "سيدة الشاشة العربية".

وجّهت هند صبري في بداية الندوة النقاشية الشكر للمشاركين، بقولها: "سعيدة بالتواجد اليوم بندوة عن تمكين المرأة في السينما، وأشكر الحاضرين جميعاً ومن بينهم الفنان أحمد الفيشاوي".

الاختيار ونمطية والأدوار

وبدأت هند حديثها بالكشف عن طريقة اختيارها للأدوار فقالت: "أحب اختيار شخصيات بعيدة كل البعد عني، بحيث تكون لها صفات غير نمطية، لأن معظم الأدوار النسائية في السينما نمطية إلى حدٍّ ما، ولم تنصفهن في المجتمع"، مضيفة: "كانت هناك فترة في الصناعة السينمائية للمرأة لم تنصفها، ولكننا الآن نلمس تطوراً كبيراً، ولكننا حتاج المزيد.. باعتقادي يجب أن تكتب النساء قصصهن".

محمد خان

عن تجربة فيلم "الفيل الأزرق" قالت هند صبري: "في الفيل الأزرق، المخرج مروان حامد كانت لديه الشجاعة لأن يقدم شخصية نسائية تعبر عن النساء بشكل حقيقي.. هناك رجال يستطيعون أن يعبروا عن مشاعر المرأة بحرفية، ومنهم المخرج محمد خان فقد قدم عدداً من الأعمال النسائية المهمة، منها: بنات وسط البلد، وأحلى الأوقات، وغيرها.. إنها أعمال متميزة".

وأضافت: "على المرأة أن تكون صانعة، ونحن النساء لدينا تحدٍ ثقافي للتعبير عن قضايانا، وقصص المرأة أصعب بكثير من القصص الذكورية".

وأعربت الفنانة هند صبري عن سعادتها بمسلسل "البحث عن علا"، واعتبره عملاً ممثلاً لجهة استكمال مسيرة "عايزة اتجوز"، لافتةً إلى أن المسلسل كان بالتعاون مع "نتفليكس".

وأضافت خلال الندوة التي عقدت بدار الأوبرا المصرية، أنها تعلمت كثيراً عن صناعة المسلسلات بفضل ذلك المسلسل، كما أنها سعيدة بإحياء شخصية "علا" من جديد.

عنيدة

تحدثت هند صبري كذلك عن التحديات التي واجهتها في حياتها، قائلةً: "أنا شخصية عنيدة، وقيمة العمل مهمة جداً في حياتي.. تربيّت في منزل يحترم النساء جداً، وهذا جعلني حرّة، ومنحني مساحة لا حدود لها، كما جعلني أحب التحديات والعمل جداً، خاصةً أننا نحن النساء لدينا تحديات ليست لدى الرجال.. ما يحدث في حيواتنا الشخصية يعطل حياتنا المهنية، فنسبة كبيرة من النساء، وخاصة بعد الزواج، لا يستطعن استكمال أعمالهن، ومنهن من تستطيع الجمع ما بين الحياة المهنية والشخصية".

وقالت: "أحاول دائماً أن أصنع كل شيء بشكل جيد، فحالياً أنا أم لابنتين واحدة في العاشرة والثانية في الثامنة من عمرها.. أريد أن أكون معهما، وفي الوقت ذاته أحب أن أصنع تاريخي في عملي.. وأشارت: "هناك قضايا كثيرة تخص المرأة مسكوتٌ عنها، ونحن تربينا على ألا نتكلم.. هناك تابوهات خاصة بالنساء، ويجب أن نكسر حاجز الصمت الخاص بها".

فيلم أكشن نسائي

كشفت هند صبري في ندوتها عن رغبتها في تقديم فيلم "أكشن"، قائلةً: "أتمنى تقديم فيلم أكشن نسائي، وكوميديا نسائية، والوحيدتان المتواجدتان في هذا اللون هما الفنانتان ياسمين عبد العزيز، ودنيا سمير غانم

وفي جانب آخر، شددت: غير مسموح لنا أن نكون بمزاج غير جيد، على عكس الرجال الذين يتم احترام مشاعرهم حينما يكونون في الحالة نفسها..،وهناك مخرجون يحبون النجم الرجل، لقد عشت هذا الأمر وعايشته على مدار سنين مع منتجين ومخرجين، ولأول مرة في حياتي كممثلة ومنتجة أفهم معنى التمكين.

أما عن المشاكل التي واجهتها في حياتها فقالت: "دائماً كانوا يضعونني بين اختيارين؛ إما الدراسة أو العمل، ولكن في النهاية أنا قادرة على أن أصنع الاثنين، فما المانع أن أدرس وأعمل.. علينا أن نغير قواعد اللعبة المعروفة".

وتابعت: أنام قليلاً جداً لأنني أحب عملي، وفي مجالي "طماعة"، ولا أحب أن يتم وضعي في إطار محدد، وحينما نكون مجموعة كبيرة يمكننا أن نغير المتعارف عليه.

واختتمت هند صبري الندوة بقولها: أنا دائماً في صراع بين قضاء وقتٍ مع عائلتي وعشقي لهذا بجانب واجبي، وبين إحساس الذنب يلاحقني لكوني أريد أن أقدم الأفضل دائماً.

 

####

 

داود عبد السيد ورفاقه.. أثر "الكيت كات" لا يختفي!

رولا عادل رشوان

احتفالاً بمرور ثلاثين عاماً على العرض الأول لفيلم "الكيت كات"، وعلى هامش فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته الثالثة والأربعين، أقيمت ندوةٌ لمناقشة الفيلم بحضور مخرجه الرائع داوود عبد السيد، ومهندس الديكور أنسي أبو سيف، والموسيقار راجح داوود، ومدير التصوير محسن أحمد، والفنان أحمد كمال، أدار الندوة ببراعة الناقد السينمائي والكاتب محمود عبد الشكور.

استهلّ عبد الشكور الندوة ترحيباً بضيوف الندوة، الذين قاطعتْ فقرات تقديمهم إلى الجمهور فواصلُ طويلةٌ من التصفيق الحادّ، امتناناً لإبداعهم وتقديراً للعمل الفني العظيم محور الندوة، وذلك على الرغم من كون معظم الحضور من مواليد الثمانينيات، الجيل الذي لم يُعاصر أغلبه عرض الفيلم في السينمات، الأمر الذي استحسنه عبد السيد، وعدَّهُ تقديراً شديداً لعمل فنيّ يرجع تاريخ إنتاجه لهذا العدد من السنين.

عن قدرة العاجز

إجابةً على سؤال عبد الشكور عن أهمية "مالك الحزين"، نصّ "إبراهيم أصلان" الذي اقتبس منه داود عبد السيد قصة فيلم "الكيت كات"، أجاب الأخير بأنه لا يمكنه الإقرار إن كان هو من اختار الرواية أم هي من اختارته، لكنه يتذكّر أنه حين قرأها وانتهى منها، لم يستطع سوى العودة للصفحة الأولى ليعيد قراءتها مجدداً، ليكتشف بعدها أنه يملك رؤية سينمائية كاملة لفكرة الرواية.

يحكي الفيلم في تيمَتِه الأساسية عن فكرة العجز، ممثلةً في البطل الأعمى، والعجز الطافح من حوله على الأبطال، في "فاطمة" العاجزة عن الحياة في استقرار بعد زواجها الفاشل من الثري العربي الذي بيعَتْ له وفَقَدَتْ أثرَهُ فيما بعد، وعجز "يوسف" عن إيجاد طريقٍ واضحٍ أو رغبةٍ واضحةٍ لمستقبله، وعجز "سليمان" عن التفاهُم مع زوجته؛ الأمر الذي ينتهي بفرارها.

يضيف داود أنه قد جرت العادة حينها على التأكيد على أن تحافظ الرؤية السينمائية على الرواية، دون أن تغيّر فيها إلا قليلاً، ومزح قائلاً إنه قد خالف القاعدة، فرؤيته اختلفت تماماً عن النَّصّ، من ذلك كون الرواية تحمل ما يُقارب الخمسين شخصية، وقد تخلّى هو عن أغلبها، حتى أن الرواية انتهت بقيام انتفاضة الخبز في العام 7719، نهاية مختلفة تماماً عن نهاية الفيلم.. "الأمر أشبه بافتراس الأسد لساق الغزالة، هل يستخدمها حينها كساق أمْ يمضغها ويهضمها ويعالجها جسَدُهُ فتتحوّل إلى بروتينات وخلافه، كذا ما فعلت أنا برواية أصلان. ولكن هذا لا يمنع بالطبع كوني شديد التقدير لنَصّ أصلان".

وماذا عن أصلان؟ يستفسر عبد الشكور عن رأي إبراهيم أصلان في الهيئة التي صارت عليها الرواية بعد أن صارت سيناريو، أجاب داوود: قدّمتُ العمل في صورته النهائية كسيناريو لأصلان رغبةً في معرفة رأيه، لكنه لم يوافق أو يعترض، يمكننا أن نقول إنه قد اختار غضّ الطرف عن النسخة التي رآها.

في بداية الفقرة، وكعادته منحنا محمود عبد الشكور من فيض معلوماته عن الاسم الأصلي لسيناريو "الكيت كات"، والذي رفضته الرقابة، "عرايا في الزحام"، تفسيراً لرؤيته فيما يخصّ الاسم قال عبد السيّد: "عاش أبطال الحكاية في حيّ شعبيّ، تقترب بيوته للغاية من بعضها البعض، وتتلامس حيوات ساكنيها، فلا خصوصية ولا انفراد لا بالأفراح ولا الأتراح".

الحارة والفرارجي والقهوة مجرد ديكور

وصولاً إلى الحديث عن الديكور، يعلم عشّاق فيلم "الكيت كات" أن الفيلم مهدىً لفنان الديكور أنسي أبو سيف، ويجهل بعضهم ربما أن الحارة الموجودة في الفيلم هي ديكور حارة كاملة أنشأه "أبو سيف" بعد معركة طويلة مع جهات الإنتاج التي عرضت على عبد السيد في البداية استخدام ديكور فيلم "الجوع"، الأمر الذي قوبِلَ بالرفض تماماً من ناحيته لاختلاف الحقبة التي يتناولها فيلم "الجوع"، "الحارة إسلامية" عن تيمة الحارة الشعبية في "الكيت كات".

يُخبرنا أُنْسِي عن قاعدة لا تتجزّأ بخصوص فن الديكور في الأفلام: "إذا شَعَرَ المشاهد بأن ما يراه هو ديكور فقد فشل مهندس الديكور قطعاً وبلا جدال. في هذا الوقت كنت قد انتهيت لتوّي من تصوير فيلم "إسكندرية ليه" مع المخرج العالمي يوسف شاهين، وكنت قد بنيت أثناء فترة التصوير حارةً لتصوير مشاهد "نابليون بونابرت" في استديو "جلال"، فعرضتُ على المنتج حسين القلا التعاون مع شاهين واستخدام خامات الحارة في بناء حيّ شعبيّ متهالك لتصوير أحداث فيلم "الكيت كات"، وبالفعل كنت حلقة الوصل بين "شاهين" و"القلا"، لكن التحدّي الحقيقي الذي واجَهَني كان في تنفيذ الفيلم في استديو جلال الذي تبلغ مساحته من 40 – إلى 60 متراً وإيهام المتفرج بأن الحارة طويلة أثناء مشاهد سير الشخصيات أو تفاعلها داخل البيوت.

"رهبة وحنان"

أما عن الموسيقى فيتحدث عبد الشكور عن أثرها الواضح عبر الفيلم، ويخصّ بالذكر مشهد وفاة عم مجاهد، ويوجِّه سؤاله للموسيقار راجح داود راغباً في أن يستمع منه لتجربته في تقديم سيمفونيات بديعة تحمل كل هذا القدر من الشجن.

"اقترحتُ على داود استخدام آلة الآرغن لما لها من التأثير المطلوب ناهيك عن رهبة الأنغام الصادرة عنها وملمحها المقدَّس فيما نعرفه عنها مثلاً كاستخدامها في ترنيمات الكنائس. كانت الفكرة تقتضي دمجها بآلة العود، الآلة الأكثر حميميةً، الشعبية الدارجة، لدرجة أنه يمكنك العزف عليها أثناء جلوسك على المقهى، أو ترويحاً عن نفسك في جلسة صفاء منزلية، كانت فكرة عسيرة للغاية، كان ذلك جزءاً من تحدّي العجز الذي مارستُهُ تماهياً مع مضمون الفيلم".

"الفيلم تقيل يا داود"

ختاماً جاءت تصريحات الفنان أحمد كمال عن طول عشْرَتِه بالفنان محمود عبد العزيز أثناء فترة تصوير الفيلم، وأضاف مازحاً مقلّداً أداء عبد العزيز الساخر" هذا فيلم مثقّفين يا كمال، لن يبقى طويلاً في السينما"، مؤكداً على مشاهدته الحيّة لدموع "الساحر" بعد مشاهدة الفيلم كاملاً في عرضه الخاص، ذلك أن الوصول للنسخة الكاملة أثناء المونتاج أمرٌ مستحيلٌ تقريباً كما هو ديدن المخرج داود عبد السيد.

بكاء "الساحر" بحسب تصريح كمال شاهدٌ على عظمة الفيلم واعتذارٌ لـ"داوود"، الذي لطالما جادل "عبد العزيز" أثناء الفيلم، إلى أن اتّفقا على إضفاء روح الكوميديا على الفيلم لشدّة كآبة أحداثه، يوافق عبد الشكور مضيفاً أنه قد حضر عرض الفيلم في السينمات حينما كان شاباً، ومؤكِّداً على أنه قد استمع لضحكات الجمهور الصاخبة، قهقهات لم يشهدها في أعتى الأفلام الكوميدية التي حضرها.

عن تجربته مع داود عبد السيد، يقول كمال إنه مخرجٌ بعيون مراقبة، لا يوجِّه كثيراً وإنما يشاهِد ويقيّم، "أثناء مشهد اعتراف "سليمان" في الحانة، ومن شدة ارتباطي بالشخصية، رفض داود إعادة المشهد حتى لتحسين جودة الصوت أو ما شابه، فقط رأى أن الإحساس المطلوب قد حضر وهو ما يريده بلا مزيد".

اختتم عبد الشكور الندوة بتوجيه التحيّة إلى الراحلين من فريق العمل، وخصّ بالذِّكْر الفنان محمود عبد العزيز، والفنان أحمد سامي عبد الله في دور "عم مجاهد".

 

####

 

"الغريب" في القاهرة .. تحضر الجولان ويغيب أمير!

رام الله – "منصة الاستقلال الثقافية":

غاب المخرج أمير فخر الدين، ابن الجولان السوري المحتل، صاحب فيلم "الغريب"، الفيلم المرشح عن فلسطين للمنافسة على جائزة أوسكار الفيلم الدولي (غير الناطق بالإنجليزية)، عن مهرجان القاهرة السينمائي الدولي بدورته الرابع والثلاثين، وانطلقت في السادس والعشرين من تشرين الثاني (نوفمبر) 2021، بينما حضُرُ فيلمُه في عروض شهدتها مواقع عدّة في الأيام الثلاثة الأولى من كانون الأول (ديسمبر).

فخر الدين، وفي حديثٍ مع نشرة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، نشر في عددها الثاني، أشار إلى أن مشاركته في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي كانت حلماً يُراوده، لكنه لم يتحقّق فيزيائيّاً.. وقال: كنت أحب أن أشاهد الفيلم مع الجمهور في مصر، حزينٌ لأنني لا أستيطع الحضور إلى مصر لمشاهدة فيلمٍ لي رفقة الجمهور المصري، ومناقشته معهم بعد العرض، لكنني سعيدٌ بعرض الفيلم في المهرجان، وبأن الجمهور المصري عامةً وجمهور مهرجان القاهرة السينمائي خاصةً سيشاهد الفيلم الروائي الأول؛ عن ومن الجولان السوري المحتل، سيشاهدون فيلماً عن بلدي وعن قريتي، أتمنّى أن يأتي اليوم وأحضر إلى مصر في مناسبات قادمة.

وأوضح: رفضتُ الجنسية الإسرائيلية، ولا يمكن أن أقبلها لأي سببٍ من الأسباب، لكن هذه العوائق التي أتمنّى أن تزول تشمل زيارة عدّة دول من بينها لبنان وحتى سوريا.

وأكّد فخر الدين: كل الممثّلين في الفيلم عرب، تعاملت مع محمد بكري وأشرف برهوم وعامر حليحل، وممثّلين من "مجدل شمس" لم يسبق لهم التمثيل من قبل، والنتيجة باعتقادي كانت مهمةً ولو على الصعيد الخاص بالنسبة لي، فقد منحتني أفقاً لعالم أرحب. محمد بكري ممثلٌ مهمٌ على الصعيد الفلسطيني والعربي والعالمي، وسبق أن شارك في فيلمي القصير "بين موتين"، وهو يقدّم دوراً خاصاً ومهماً في فيلم "الغريب"، وتجمعني به وبكامل فريق العمل علاقة طيبة.

ولفت صاحب "الغريب" إلى أن تصوير الفيلم بالكامل كان في هضبة الجولان، وأضاف: أنا من سكان الجولان السوري المحتل، وقريتي من بين خمس قرى تجسّد الحضور العربي في الهضبة المحتلة، وهي "مجدل شمس"، كبرتُ وترعرعتُ فيها، لكنني مؤخراً سافرتُ إلى برلين للعمل.

وأشار أمير فخر الدين إلى أنه مولود في "الاتحاد السوفييتي" السابق، وأنه حين عاد إلى الجولان كان في الخامسة من عمره، قائلاً: عائلتي درست الطب في الاتحاد السوفييتي، ولا أحمل أي ذاكرة لهناك باستثناء شهادة الميلاد، أما "عدنان" بطل الفيلم، ورغم أنه درس الطب في روسيا ولم يُكْمِل متطلبات الحصول على الشهادة، له تجربته الخاصة به، ولا علاقة لها بتجربتي إلا في الحديث عن البدايات ربّما، فالأحداث ليست عن "عدنان" أو غيره، بقدر ما هي عن المكان، فقد كنّا نستيقظ على أصوات إطلاق النيران في الجولان، بل ونشُمُّ رائحة الموت كل يوم.

وشدّد فخر الدين: لا أحب أن أقدّم أفلاماً ذات بُعدٍ شخصيٍّ، لذا فإن "الغريب" يعبّر عن مخاوف مستقبلية، أبرزها الغربة والبُعْد عن الوطن الأم - سوريا، خاصةً أننا بِتْنا نحمل لقب "الاحتلال المنسيّ". كلما مرّ الوقت أصبحت الحياة أصعب علينا، وهذا ما تمَّ التعبير عنه من خلال شخصية "عدنان" الذي فُرِضَتْ عليه الغربة.

ومما كشفه أمير في الحديث أنه، وفي دار للسينما بقريته "مجدل شمس"، تصادف أن شاهد فيلماً روسياً لثلاث ساعات، وأن حفلَ تكريمٍ تمَّ بعده، ليكتشف لاحقاً أن الفيلم هو "الأم" لترايكفسكي. "كان أول فيلم أشاهده في حياتي، ومن خلال الساعات الثلاث تحرَّكَت كثيرٌ من الأشياء داخلي، ومنها ما يتعلّق بحبّي للتجربة، فتذكّرتُ أن هذا نابعٌ من حُبّي للصورة وبناء القصص منذ طفولتي. لم أشعر بغربة أو استهجان بل فهمت الكثير بعد هذه التجربة المهمة والملهمة، ومن هنا قررتُ أن أتعلّم السينما، وهو ما كان. صحيحٌ أنني لم أواصل دراستي بعد العامين الأوّليْن، لكنني تابعتُ وقرأتُ وشاهدتُ الكثير من الأفلام التي أسهمت في تكويني.

 

منصة الإستقلال الثقافية في

03.12.2021

 
 
 
 
 

أمير كوستوريتسا: المهرجانات الفنية أخر ملجأ للسينما عالميا والوسيلة الوحيدة للحفاظ على الأفلام الجيدة

مصطفى الجداوي

·        بناء الأفلام عملية موسيقية فى حد ذاتها.. والسينما هى الأقرب للموسيقى عن الأدب والدراما

·        المنصات الإلكترونية ستحدث تغيرا وطفرة فى صناعة السينما

·        وباء كورونا منعنى من حضور «القاهرة السينمائى» فى الدورة الماضية

·        عمل فيلم عن محمد صلاح أمر وارد بعد الاعتزال

منذ إعلان مهرجان القاهرة السينمائى الدولى، فى شهر أكتوبر الماضى، عن اختيار المخرج الصربى أمير كوستوريتسا، رئيسا للجنة تحكيم المسابقة الدولية للدورة 43، وهناك حالة شغف كبير بين صناع السينما، حيث استطاع «كوستوريتسا» أن يحصد العديد من الجوائز من خلال أفلامه ويشكل ظاهرة سينمائية خاصة وفلسفة على الشاشة.

وعقب ندوته ضمن أيام القاهرة لصناعة السينما، التى تقام ضمن فعاليات مهرجان القاهرة السينمائى الدولى فى نسخته الـ43، حضرت «الشروق» جلسة حوارية مع المخرج الصربى، تحدث فيها عن زيارته لمصر، ومصير صناعة الأفلام مع المنصات الإلكترونية، وكيف شكلت الموسيقى نمطا فى أعماله الفنية، وما الفرق بين «القاهرة السينمائى» عن غيره من المهرجانات.

فى البداية يقول المخرج الصربى، إن بداية دخوله للسينما لم تكن جيدة على الإطلاق، حيث لم يكن الطالب المثالى المجتهد فى أى وقت، حيث كان شابا غير مهتم بأى شىء فى البداية وكان يقضى وقته فى التجول فى الشوارع، فلو لم تتدخل والدته وتتمسك بدفعه من أجل أن يلتحق بكلية لدراسة السينما لأصبح الآن شخصا منحرفا، وكانت هناك رغبة قوية أيضا من والده لدخوله مجال الفن، حيث كان يتمتع بصداقة قوية مع صانع أفلام فرنسى، والتحق بالعمل معه وبدأت مشاركته الفنية بدور صغير، وكان يشعر بالخوف وقتها.

وعندما كان طالبا فى براغ، صنع فى بدايته فيلما سخيفا للغاية، حيث لم يتمكن من الدفاع عنه أمام أساتذته، وفى السنة الثانية بدأ يكون مجيدا فى أعماله وظهر عليه التطور، وأعجب أساتذته بالفيلم الثانى، وأبلغوه بأن فيلمه الأول لم يكن جيدا، وكان يعتبر المخرج الإيطالى «فيديريكو فلينى» هو مثله الأعلى، وكان فى عام 1973 يعرض له فيلم «أماركورد» والذى كان يشبه سيرة ذاتية للمخرج، وحصل الفيلم على أوسكار أفضل فيلم أجنبى من قبل الأكاديمية الأمريكية لفنون السينما والعلوم، وترشح لجائزتى أفضل سيناريو غير مقتبس وأفضل إخراج، وحاول مشاهدة الفيلم فى أول مرة ولكن الظروف حالت أمامه ولم يتمكن من مشاهدة فيلم مخرجه المفضل، ثم قرر الذهاب فى العرض الثانى للفيلم ولكن بعد بدايته غلب عليه النوم واستيقظ فى نهاية الفيلم، وكان حزينا أيضا هذه المرة، وقرر الذهاب لمشاهدة الفيلم مجددا فى عرضه الثالث وقطع مسافة سفر استغرقت 27 ساعة، وغلب عليه النوم أيضا هذه المرة، حيث كان يعانى من التشتت بين حضور فيلم مخرجه المفضل ورؤية حبيبته، وفى المرة الأخيرة قابل حبيبته وقررا مشاهدة الفيلم سويا وكان «كوستوريتسا» مستيقظا طوال عرض الفيلم هذه المرة.

·        بالطبع هذه هى أول مرة لك فى مصر، فلماذا الآن.. هذا لم يحدث من قبل؟

ـــ هناك أشياء فى الحياة غير مبررة، لقد عملت لمدة سنوات فى مجال السينما، ثم بدأت لعب أو عزف الموسيقى، وكنت بالطبع مشغولا طوال حياتى، كانت هناك خطة فى عام 1982، عقب أول فيلم لى أن أكون فى القاهرة ولكنى دائما كنت أرى نفسى فى هذه المنطقة ولم يحدث، ولكنى استمتع الآن بالناس والبشر حولى.

·        هل كنت تعلم من قبل عن هذا المهرجان؟

ـــ بالطبع، كنت أعلم عن مهرجان القاهرة السينمائى، وكان هناك خطة من أجل قدومى فى العام الماضى، ولكن بسبب وباء كورونا الذى أصاب العالم وقتها باءت الخطة بالفشل ولم أتمكن من الحضور، وبالتأكيد لابد أن تستمر السينما، وهذه هى محاولتنا هنا فى المهرجان من أجل أن نعطى قبلة الحياة للسينما والاستمرار، ولن يتم ذلك إلا عن طريق المهرجانات ورؤية الافلام المميزة.

·        فى رأيك.. هل يؤثر فيروس كورونا على المهرجانات حول العالم؟

ـــ بالتأكيد ستتأثر المهرجانات بفيروس كورونا، وتعتبر المهرجانات الفنية هى آخر ملجأ للسينما فى العالم، وهناك نوعان من السينما، سينما تجارية وأخرى تقدم بشكل ثقافى، وهناك دمج أيضا فى بعض الاحيان بينهما، وتعد المهرجانات هى الوسيلة الوحيدة للحفاظ على الافلام ذات الجودة العالية.

·        كيف شكلت الموسيقى نمطا معينا فى أعمالك؟

ـــ لا شك أن بناء الأفلام هى عملية موسيقية فى حد ذاتها، وتعتبر السينما هى الأقرب للموسيقى منها عن الأدب والدراما، والسينما دائما تحكى عن أشخاص فقراء الذين يسمعون الموسيقى دائما، أو ربما تكون أشكال الادب الأخرى بعيدة عنهم، هؤلاء الأشخاص يسمعون الموسيقى سواء كانوا مخمورين أو متدينين، يسمعونها فى جميع الاوقات، والموسيقى تدمج داخل بناء الافلام والسينما، وربما تكون بعض موسيقى أفلامه يتم سماعها بشكل منفرد، عن الأفلام ذاتها.

·        إلى أى مدى تغيرت صناعة السينما بعد كورونا بعد ظهور المنصات الإلكترونية؟

ـــ بالتأكيد الناس والعالم كله يتغير فى ظل وباء كورونا، فالناس الآن تشاهد التلفزيون ولا تشاهد السينما، وفى باريس من الممكن أن يدفع الإنسان دولارا واحدا فقط لمشاهدة فيلم فى السينما، بينما يلجأ الناس إلى أن يدفعوا ما يقرب من ٣٥ دولارا، على منصة نتفليكس ليشاهدوا نفس القيمة تقريبا أو أقرب منها، ليشاهدوا ما يزيد عن ٣٥ فيلما على هذه المنصة، والإغلاق العام الذى تعرضت له كل الدول بسبب الوباء العالمى كان خادعا بشكل كبير، سواء للدول التى خضعت للإغلاق العام أو حتى تلك الدول التى لم تخضع، فالعالم كله يعانى من هذا الأمر، ربما سيحدث تغير وطفرة فى صناعة السينما وتوزيع السينما بشكل عام، وبشكل كبير فى العالم خلال الفترة القادمة، وأصبحت الآن شركة «ديزنى» تقوم الآن بشراء منصات إذاعية.

·        ما هو وجه الاختلاف بين «القاهرة السينمائى» والمهرجانات الأخرى؟

ـــ المهرجانات بوجه عام هى مشابهة لبعضها البعض، ولكن ربما يكون هنا الاختلاف فى الأهرامات العظيمة، وأيضا فى حجم العاطفة الظاهر والواضح فى هذا المهرجان.

·        كيف ترى دخول المنصات الإلكترونية فى عالم السينما؟

ـــ المنصات الإلكترونية تشكل إعادة هيكلة للعالم، فالأمر أصبح غير مرتبط بالذهاب للسينما، فكل هذه المنصات الكبيرة ستسلك هذا الطريق وتقوم بمضاعفة الإنتاج من أجل القضاء على دور العرض السينمائى، حيث تبحث هذه المنصات عن المكسب المالى فى المقام الأول، وغير مهتمين بتوصيل شعور السعادة للمشاهدين، فكل صناع الأفلام لا يهتمون بهذا الأمر، ولكننى أهتم بهذا كثيرا.

·        قدمت فيلما عن الأسطورة الأرجنتينى مارادونا.. فهل ستقدم عملا للنجم المصرى محمد صلاح؟

ـــ قدمت فيلما عن مارادونا ولم أقدم فيلما عن ديفيد بيكهام، بسبب أن الأول حطم حياته، فهى فلسفة أتبعها فى أعمالى، وأتعاطف مع من هم على الهامش، والذين يكافحون للبقاء على قيد الحياة، ولم أقدم فيلما عن «صلاح» الآن لأننى أرى أنه يجرى فى الملعب برشاقة وأنتظر اعتزاله حتى أبدأ فى التفكير فى عمل فيلم عنه.

·        إلى أى مدى تخدم الموسيقى العمل السينمائى؟

ـــ الموسيقى ليست طلبا تجاريا وفى بعض الأحيان تكون سببا فى نجاح الفيلم، فالموسيقى تعتبر دعما خارجيا لسيناريو الفيلم، وأنا أعترض على الانسياق الأعمى وراء السينما، فالسينما لا تضاهى حقيقة الأحداث، وهناك جمهور لا يود تجميل الحقيقة، ولكنه يحب أن تصفعه بهذه الحقيقة.

·        كيف وجدت العمل مع الفنانة الأمريكية مونيكا بيلوتشى فى فيلم «الحب والسلام»؟

فيلم «الحب والسلام» هو مرتبط بشكل كبير بى، حاولت أن أستغل إمكانيات الفنانة مونيكا بيلوتشى بأقصى نتيجة بقدر المستطاع، حتى أخرج بأفضل النتائج، فهى صديقة لى وقد خضنا هذه التجربة الممتعة سويا.

 

الشروق المصرية في

03.12.2021

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004