ملفات خاصة

 
 
 

«القاهرة السينمائي» يعرض جديداً في 3 مسابقات

افتتح دورته بفيلم عن فيلم

القاهرة: محمد رُضا

القاهرة السينمائي الدولي

الدورة الثالثة والأربعون

   
 
 
 
 
 
 

افتتاح مهرجان القاهرة، الخامس والعشرين من الشهر الجاري، لم يختلف كثيراً عن افتتاح الدورات السابقة من حيث التنظيم. خط سير السيارات ما بين ماريوت هوتل ودار الأوبرا التي تقع على مسافة غير بعيدة استغرق وقتاً طويلاً بسبب الاحتياطات الأمنية وزحمة السير.

في الصالة الكبرى لدار الأوبرا، مكث الحضور بانتظار افتتاح متأخر عن موعده، لكن هذا الحضور اعتاد ذلك وتوقعه في كل دورة. محطات التلفزيون كانت تصطاد فناني السينما المصرية وتتحدث لهم على حساب الوقت الضائع. السجادة الحمراء كانت تمهيداً لدخول الفنانين واستعراضا للأزياء معاً.

ثم جاء التقديم والتكريم وكل هذا أضاف إلى السهرة فصولاً مهدورة بالنسبة لمن جاء ليشاهد فيلم الافتتاح. أما الذين جاءوا للسهرة ذاتها فكان ما سبق الفيلم من مشاهد واستعراضات على المنصة مرحبا به، تأخر وقته أو لم يتأخر.

دورة في الزمن الصعب

يقام مهرجان القاهرة بدعم جيد من وزارة الثقافة المصرية. تؤكد وزيرة الثقافة، د. إيناس عبد الدايم، التي تابعت أدق التفاصيل بغية إنجاح هذه الدورة الثالثة والأربعين، ذلك حين تقول إن «فريق المهرجان بالتعاون مع الجهات المعية يعمل منذ عام كامل على أن يقدم للجمهور أكثر مما هو متوقع، كما تشير إلى حرص الحكومة المصرية على إنجاح المهرجان وتقدمه باعتباره، المهرجان السينمائي الأهم في منطقة الشرق الأوسط». في الواقع إن مهرجان القاهرة السينمائي هو حفل على أكثر من صعيد. هو بالطبع مهرجان للسينما العالمية، ولقاء حميمي بين الوافدين والمقيمين يطمئن كل منهما على أحوال الآخر في ظل ظروف حياة بالغة الصعوبة وآخر بين هواة السينما والتظاهرات المهمة التي يحتويها المهرجان.

هناك المسابقة الكبرى التي تحتوي على 15 عشر فيلماً وتظاهرة «أسبوع النقاد الدوليين» التي يديرها الزميل أسامة عبد الفتاح وتظاهرة «آفاق السينما العربية» التي يديرها الزميل رامي عبد الرازق، ثم بحر من الأفلام المبرمجة خارج المسابقة والعروض الخاصة والبانوراما الدولية.

يعمل مهرجان القاهرة حسب ما تعنيه كلمات «مهرجان سينمائي عالمي» موفراً أعمالاً قادمة من دول عديدة حول القارات الخمس ومئات الأفلام والمشاركات وعدد غير معروف بعد من الضيوف والمشاركين من لجان تحكيم إلى ضيوف شرف ومن نقاد وصحافيين إلى سينمائيين يحتفى بوجودهم. في الوقت ذاته، وفي إطار العمل المجهد الذي يتولاه المهرجان ورئيسه محمد حفظي، هناك الظروف الصعبة التي تمر بها المناطق المختلفة من العالم. جائحة إثر أخرى تلف أطرافه وتضرب حيث تشاء وكلما فتحت الدول أبوابها لاستقبال وافدين وسياح ورجال أعمال، اشرأب متحور جديد يقال إنه أقوى من سابقه.

وبينما يرتفع عدد الضحايا وعدد متلقي اللقاح في الوقت ذاته، لا علم لأحد بتفاصيل ما يدور: كيف يدرك المشرفون في المنظمات الصحية أن هناك متحورا جديدا سيظهر بعد أسابيع؟ كيف يرون المستقبل فيعلنون أن الفصل المقبل سيشهد انخفاضاً أو تصعيداً؟ ما هي أسرار ذلك اللقاح ولماذا بات من الضروري تلقيه مرتين وثلاث، وكيف يكون ناجعاً إذا ما كانت بعض تلك المنظمات تعلن أن المتحور الجديد أوميكرون لا يكفيه اللقاح كعلاج؟

ما الذي يحدث تماماً؟ أهو فشل عالمي أو، كما يقول فريق لا بأس اليوم بحجمه، خطة مدبرة لقلب موازين الحياة والقوى حول العالم؟

لا أحد يعلم لكن الجميع يتصرف هنا حسب ما تقتضيه إجراءات السلامة. والمهرجانات السينمائية حول العالم باتت تتشدد أكثر وأكثر في عملية التلقيح، أثبتت فاعليتها على النحو المنشود أم لا.

مواجهة في فيلم الافتتاح

بات من المبهج أن يتابع المرء أفلاماً لا يرتدي من فيها الكمامات. الحياة تبدو أجمل على الشاشة من تلك التي ينتمي إليها المشاهدون. الخيال صار أفضل بكثير من الواقع وهو دوماً ما كان يتجاوزه. معظم ما سنراه من أفلام في المسابقة وخارجها لا يدور حول المحنة التي نعيشها بل تعرض لحياة تبدو اليوم كما لو كانت تقع على كوكب آخر أو في زمن بعيد.

فيلم الافتتاح وعنوان «المسابقة الرسمية» يتماشيان والجو الفكاهي الذي ساد التقديم على منصة المهرجان في سهرته الأولى. هو أيضاً كوميدي ولو أنه أكثر عمقاً من العديد من أفلام اليوم التي تنتمي إلى هذا النوع.

إحدى حسناته الأساسية هي أنه يدور حول صنع الأفلام (هناك عدد كبير منها في السنوات الأخيرة) ومن زاوية غير مطروقة. بينيلوبي كروز تؤدي دور مخرجة غادرت الدورة الأخيرة من مهرجان «كان» بالجائزة الأولى. يختارها رجل أعمال صناعي بالغ الثراء (جوزيه لويس غوميز) لكي تحول رواية نالت جائزة نوبل للسينما.

اللقاء الأول بين المخرجة لولا ورجل الأعمال أمبرتو يستحق دخول التاريخ: هي المخرجة المدركة وذات الرؤيا والخبرة. هو الرجل الذي اشترى حقوق الرواية من دون أن يقرأها ولديه صفر - خبرة في السينما (وما ينتمي لها). لا يستطيع أمبرتو الإفصاح إلا عن رغبته في صنع فيلم يخلده كمنتج حول الرواية التي ربحت نوبل تحت إدارة المخرجة التي ربحت السعفة. هي، في الجانب المقابل، المخرجة التي لديها فكرة واضحة حول ما الذي ستستطيع فعله في نطاق هذا الفيلم وكيف ستخرجه إلى العلن.

نقطة المواجهة الثانية هي بين ممثلي الفيلم الرئيسيين فيلكس (أنطونيو بانديراس) وإيفان (أوسكار مارتينيز). كل منهما ينتمي إلى مفهوم مختلف عن الآخر بالنسبة لماهية التمثيل والأداء. الأول يستمد مفهومه من النجاح الكبير الذي حققه على الشاشة. الثاني يستمده من التعاليم الأكاديمية التي يدرسها حين لا يقف أمام الكاميرا.

الفيلم من إخراج خفيف الإيقاع والوقع من قبل المخرجين الأرجنتينيين ماريانو كوون وغاستون دوبارل. السيناريو الذي كتباه (مع أندريه دوبارت) يكشف أوراقاً مهمة في عملية صياغة الفيلم وإن كانت ليست ذاتها الأوراق التي يكشف عنها كل فيلم. هو يدور في الاستثناء لكنه يوفره كفعل عام. هذا ضروري حتى لا يبدو الفيلم محصوراً كرصد لوضع محدود. لكن ما يثير التساؤل هو كيف اختار المخرجان لبينيلوبي كروز أن تبدو أقرب لعارضة أزياء منها إلى مخرجة. هي ليست مرسومة كنموذج فني أكثر مما هي مقدمة كنموذج لـ«نجمة سينمائية» تقف وراء الكاميرا.

بالطبع يستفيد من ممثليه الأساسيين بانديراس وكروز ولا يخشى قدراً من الكاريكاتور بغية الوصول إلى تأثير مماثل. لكن هذا لا ينجيه من اللوم. الدافع للاستفادة من هذين الاسمين المحبوبين أوروبيا وفي مناطق شتى بدا كما لو أنه ساد أي دافع آخر للجمع بينهما. لكن الفيلم ينقذ نفسه بإصراره على تقديم نموذج لما تقوم السينما عليه اليوم. لذا، إذا ما بدا مفرطاً في سخريته فإن هذا الإفراط ناتج عن حالة حاضرة يسبر الفيلم، بنجاح متفاوت من فصل أحداث لآخر، غورها.

بلوغ السعودي: حكاية خمسة نساء

تظاهرتان مهمتان بدأتا يوم أمس (الأحد)، تستحقان المتابعة والاهتمام. كلتاهما لمن يبحث عن جديد. التظاهرة الأولى (من دون تفضيل إحداهما على الأخرى) هي تظاهرة «آفاق السينما العربية» والثانية هي تظاهرة «أسبوع النقاد الدوليين».

في الأولى نجد الفيلم السعودي «بلوغ» المؤلف من خمس حكايات من إخراج خمس نساء هن سارة مسفر، فاطمة البنوي، جواهر العامري، هند الفهاد، ونور الأمير. كذلك نجد «قدحة» للمخرج أنيس الأسود (تونس)، و«لو انهارت الجدران» لحكيم بلعباس (المغرب)، و«يوميات شارع جبرائيل» لرشيد مشهراوي (فلسطين)، و«فياسكو» لنيقولا خوري (لبنان)، و«من القاهرة» لهالة جلال (مصر)، و«هيليوبوليس» لجعفر قاسم (الجزائر)، و«دفاتر مايا» لجوانا حاجي توما وخليل جريج (لبنان)، و«كل شي ماكو» لميسون الباجه جي (العراق)، و«أطياف لمهدي هميلي (تونس)، و«النهر» لغسان سلهب (لبنان).

سبعة أفلام في «أسبوع النقاد الدوليين «وهي «إمبارو» لسيمون ميسا سوتو (السويد، كولمبيا) و«قمر أزرق» لألينا غريغور (رومانيا) و«قلب الغابة المظلم» للسيرج ميرزابكيانتز (بلجيكا) و«لا سيڤيل» لتيودورا آنا ميهال (بلجيكا، مكسيك) و«الغريب» لأمير فخر الدين (سوريا) و«ڤيرا تحلم بالبحر» لكاتريننا كراسنيكي (كوزوڤو، ألبانيا) و«جذور برية» لهاجيني كيس (المجر).

يخبرني رئيس تظاهرة «أسبوع النقاد الدوليين» شيئاً عن اختياراته:

«صرفت فترة طويلة تمتد لعدة شهور على اختيار هذه الأفلام وحرصت على أن تكون فازت بجوائز أولى، مثل «قمر أزرق» الذي فاز بجائزة مهرجان سان سيباستيان الأولى و«لاسيڤيل» الذي نال جائزة من تظاهرة «نظرة ما» في مهرجان «كان». أنا شخصياً فخور بهذه الاختيارات وأعتقد أنها ستثير نقاشات لجنة التحكيم على نحو إيجابي». تضم لجنة التحكيم هنا الناقد الفرنسي سيدريك سوكيوڤيللي والناقد التونسي إبراهيم لطيف والممثلة المصرية ناهد السباعي.

أما لجنة تحكيم «آفاق السينما العربية» فتشمل الناقدة المصرية أمل الجمل والناقدة المغربية جيهان بوكرين والناقدة الأرمينية دايانا مارتيروسيان.

 

####

 

استقبال مصري حافل للفيلم السعودي «بلوغ»

افتتح مسابقة «آفاق عربية» بمهرجان «القاهرة السينمائي»

القاهرة: انتصار دردير

حظي الفيلم السعودي «بلوغ» بحفاوة كبيرة في عرضه العالمي الأول بمهرجان القاهرة السينمائي، حيث افتتح مسابقة آفاق السينما العربية (خارج المسابقة) نظراً لاختيار إحدى مخرجاته فاطمة النبوي عضو لجنة تحكيم في المسابقة نفسها، وأكد الناقد رامي عبد الرازق مدير المسابقة أنّه لم يجد أفضل من هذا الفيلم ليكون فيلم افتتاح المسابقة في تقليد جديد تقدمه المسابقة حيث إنه يعبر عن جيل جديد من صانعات الأفلام السعوديات عبر خمسة أفلام قصيرة تطرح مخرجات الفيلم الخمس، أزمات المرأة المعاصرة، ليعكسن واقعاً جديداً من حياة المرأة السعودية، فنراها تقود السيارة في شوارع السعودية، وتتطلع لتحقيق أحلامها، وقد استقل كل فيلم بعنوان منفصل، وحكاية مختلفة، لكن يجمعهن خيط واحد، وهو طرح قضايا المرأة باختلاف طبقاتها ومراحلها العمرية، سواء كانت طفلة أو مراهقة أو امرأة عجوز، وقد حضر أربع من مخرجاته العرض الذي أقيم مساء أول من أمس بدار الأوبرا المصرية، وهن: «فاطمة البنوي، وسارة مسفر، وجواهر العامري، وهند الفهاد، بينما غابت عن الحضور نور الأمير مخرجة فيلم (كريمة سمية)».

في فيلمها «حتى ترى النور» تطرح الممثلة والمخرجة فاطمة البنوي أزمة امرأة مطلقة وطفلها، بينما تستقل سيارتها لتوصيل طفلها لمدرسته تجد نفسها وطفلها في موقف صعب لكنها تنجح في التغلب عليه، وفي فيلم «الصباح» تطرح سارة مسفر مشكلة مرأة تعمل في تزيين النساء، وفي فيلمها «المرخ الأخير» تطرح هند الفهاد أزمة امرأة عجوز أصيبت بمرض ألزهايمر وتظن أنّ ابنتها لا تزال على قيد الحياة، فيما تطرح جواهر العامري في فيلمها «مجالسة الكون» من خلال بطلتها الصغيرة أزمة البلوغ، حينما تظهر عليها مظاهر ذلك وتنتابها المخاوف.

ونال الفيلم خلال المؤتمر الصحافي الذي عقب العرض على إشادات عديدة من نقاد وصحافيين من مصر وتونس ولبنان، عبّروا عن إعجابهم بتجربة مشاركة خمس مخرجات سعوديات في فيلم واحد، بما يعد دفعة قوية لصانعات الأفلام في السعودية.

مشاركة المخرجات الخمس في فيلم تحت عنوان واحد كانت فكرة لمعمل «مهرجان البحر الأحمر»، واختيرت الأفلام الخمسة ليجمعها خط درامي واحد، وهي فكرة نفذت في أفلام عالمية، وتم اختيار مخرجات يمثلن مناطق مختلفة في المملكة وجرت تصفية بين الأفلام، لينتهي الاختيار بهذه الأفلام الخمسة.

وقالت المخرجة والممثلة فاطمة البنوي خلال المؤتمر الصحافي: «إنها عملت على فيلمها بشكل منفصل، كما أنّه كان هناك فريق إنتاج يتابع التصوير» مؤكدة: «نحن نروي قصصنا بشكل سينمائي عصري، فنحن لدينا كمخرجات حكايات كثيرة نود طرحها، فقد مرت سنوات طويلة لم نر أنفسنا على الشاشة وحان الوقت لذلك». مشيرة إلى أنّ «اختيار عنوان (بلوغ) عنواناً للفيلم لا يعكس فقط بلوغ الأنثى وإنّما بلوغ الأهداف، وبلوغ الأحلام».

أما المخرجة سارة مسفر التي شاركت في مهرجان القاهرة العام الماضي بفيلمها القصير «من يحرقن الليل» تعود هذا العام من خلال فيلم «بلوغ»، وتقول عن كيفية اختيارها للممثلين: «عندما كتبت الفيلم، كان لدي عدة خيارات لاختيار الممثلين، لكنني أفضل التعامل مع الوجوه الجديدة، وأذهب إلى المدارس الثانوية لاختيار من لديهن الاهتمام بالتمثيل، حتى جاءت الفرصة من مهرجان البحر الأحمر. لافتة إلى أنّ هناك فرصاً طيبة متاحة لهن كصانعات أفلام من مختلف مناطق المملكة».

وتؤكد سوزان أبو الخير مديرة الأرشيف في مهرجان البحر الأحمر التي شاركت بالتمثيل في فيلم «حتى ترى النور» لـ«الشرق الأوسط»: «وجدنا حفاوة كبيرة في القاهرة وفوجئنا باستيعاب الجمهور للفيلم وتعليقاتهم رغم تنوع اللهجات، فقد لاحظت تفاعلهم مع الفيلم، نحن عرفنا اللهجة المصرية من خلال الأفلام، ومع الوقت سيتحقق الفهم ذاته للهجة السعودية، وقد جاء الوقت الآن لنطرح لهجاتنا وقضايا مجتمعنا من خلال الأفلام، لافتة إلى أن هذه أول تجربة تمثيل لها».

 

الشرق الأوسط في

29.11.2021

 
 
 
 
 

"بنات عبدالرحمن" فيلم أردني يعالج مشكلات التمييز بين الجنسين

الفيلم الأردني يطرح العديد من القضايا النسوية الشائكة مثل العنف الأسري وزواج القاصرات.

القاهرةبعد خمسة أفلام قصيرة ومشوار ممتدّ في المجال التلفزيوني قرّر المخرج الأردني زيد أبوحمدان خوض تجربته الروائية الأولى مع فيلم “بنات عبدالرحمن” الذي استغرق الإعداد له سبع سنوات ويتصدّى بشكل رئيسي لقضايا المرأة العربية.

والفيلم بطولة صبا مبارك وحنان حلو وفرح بسيسو ومريم باشا وخالد الطريفي والطفلة ياسمينة العبد، وجاء عرضه العالمي الأول في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، حيث يشارك في المسابقة الرسمية للدورة الثالثة والأربعين.

ويتناول الفيلم قصة الرجل المسن عبدالرحمن الذي يملك مكتبة صغيرة في منطقة الأشرفية بالعاصمة الأردنية عمّان وتوفيت زوجته بعد أن أنجبت له أربع بنات، بينما يلصق هو بنفسه كنية “أبوعلي” في إشارة إلى الولد الذي يظل يحلم به طوال عمره.

مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته الحالية أربع مسابقات رئيسية على رأسها المسابقة الدولية للأفلام الروائية والوثائقية

وتعيش كل واحدة من بنات عبدالرحمن حياة مختلفة تماما عن الأخرى، الكبرى هي زينب التي كانت تحلم بدخول معهد الموسيقى، لكنها دفنت موهبتها خلف أكوام الملابس التي تخيطها بعدما تحوّلت إلى خيّاطة الحي لضعف عائد مكتبة أبيها الذي تكفّلت برعايته لعدم زواجها.

أما الثانية فهي آمال التي تزوّجت في سن صغيرة وانتقبت وأنجبت عددا من الأطفال، لكنها تعيش مقهورة مع زوج يعنفها بشكل دائم ويريد تزويج ابنتهما الصغرى وهي في سن الخامسة عشرة.

والثالثة هي سماح التي استطاعت الزواج من رجل ثري حقّق لها المستوى المعيشي المناسب، لكنها لم تنجب منه لسنوات وتشكّ فيه دائما، لتكتشف في نهاية الأمر أنه مثلي الجنس.

أما الرابعة فهي ختام التي تسبّبت في حسرة كبيرة لأبيها بعدما سافرت إلى دبي للعيش مع صديقها دون زواج، وهو الأمر الذي جعل الأسرة كلها تعيش منكسة الرأس في الحي ودفع شقيق الأب إلى مقاطعته.

ومع التقاء البنات الأربع في بيت الأب للمرة الأولى منذ سنوات يكتشفن أنه خرج ولم يعد لتبدأ رحلة بحث طويلة عنه تحمل الكثير من الشجار والمفارقات، وتكون في الوقت نفسه فرصة لكل منهنّ لإعادة النظر في حياتها واتخاذ قرارات جريئة لتعديل مسارها.

زيد أبوحمدانلا نية لنا للهجوم على الرجال في الفيلم، لكننا نحكي قصة بنات

وفي إطار الحكي الرئيسي عن الأسرة والعادات والتقاليد وتحديدا تربية البنات في المجتمعات العربية يعرّج الفيلم على قضايا شائكة مثل العنف الأسري وزواج القاصرات والتمييز بين الجنسين والنقاب.

وقال مخرج الفيلم زيد أبوحمدان إنه استوحى الفيلم من بيئته الاجتماعية المحيطة ومشاهداته وهو صغير في الأردن قبل السفر إلى الولايات المتحدة حيث عاش هناك لعدة سنوات.

وأضاف أنه عكف على إعداد وكتابة الفيلم على امتداد خمس سنوات، بينما استغرق التحضير للعمل عامين قبل عرضه العالمي الأول بمهرجان القاهرة السينمائي الذي انطلق الجمعة.

وقال “لم تكن هناك أي نية للهجوم على الرجال في الفيلم، هذا ليس هدفنا كتابة أو إخراجا أو إنتاجيا، لكننا نحكي قصة بنات، وإذا كانت هناك نماذج سلبية لرجال فربما هذه فرصة للبعض لإعادة النظر بدورنا نحن الرجال في المجتمع”.

وأضاف “أتمنى من كل شخص يشاهد الفيلم أن يقف دقيقة مع نفسه ويفكّر بوالدته بطريقة مختلفة، ليس كسيدة محبة ترعاه وتهتمّ بشؤونه، لكن يفكّر فيها كإنسانة.. هل هي سعيدة؟ هل حقّقت أحلامها؟ هل أحبت حياتها؟”.

وأشار إلى أن انضمام منتجات تحديدا للفيلم ومشاركة بطلات العمل في المرحلة النهائية للإعداد ساعده على تقديم حكايته بشكل أفضل وتفاصيل نسائية أكثر صدقا.

ويضمّ مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته الحالية أربع مسابقات رئيسية، على رأسها المسابقة الدولية للأفلام الروائية والوثائقية، حيث تتنافس فيها هذا العام ثلاثة عشر عملا منها الفيلم المصري “أبوصدام” والتونسي “غُدوَة” والفرنسي “رقيق” والأرجنتيني “سبعة كلاب” والذي تدور أحداثه حول شخصية “إرنستو” الذي يعيش مع كلابه السبعة في مبنى سكني بمدينة قرطبة بالأرجنتين، ويدير روتينه اليومي حول احتياجات حيواناته الأليفة ومشاكله الصحية والمالية.

وينظم جيران إرنستو جلسة ويحثونه على إخراج حيواناته الأليفة من الشقة، إلاّ أنه لا يريد العيش دون كلابه، ولا يمكنه تحمل تكاليف الانتقال إلى مكان آخر، وبفضل تعاطف الأشخاص الذين يعانون أيضا من الوحدة، ويتشاركون كل يوم في مساحات مشتركة تربطهم ببعضهم البعض، يجد إرنستو طريقة لحل الخلاف.

وتشمل جوائز المسابقة الدولية الهرم الذهبي لأفضل فيلم ويمنح للمنتج، والهرم الفضي لأفضل مخرج، والهرم البرونزي لأفضل عمل أول أو ثان ويمنح للمخرج، بالإضافة إلى جوائز لأفضل ممثل وأفضل ممثلة وأفضل سيناريو وأفضل مساهمة فنية.

أما بالنسبة إلى المسابقة الدولية للأفلام القصيرة، فتضم اثنين وعشرين فيلما منها “ولا حاجة يا ناجى، اقفل!” من مصر، و”قصيدة لقرية نائية” من الصين، و”زهور البراري” من المكسيك، و”الدوران الثالث” من البرتغال و”هابي تاون” من كولومبيا.

ومن بين الضيوف الذين حلّوا على الدورة الجديدة من المهرجان المنتج والموزّع السينمائي اللبناني ماريو جونيور حداد الذي تدير عائلته شركة إنتاج أفلام منذ أكثر من مئة عام وتمتلك دور عرض في لبنان والعراق والسعودية.

محمد حفظيلدينا إصرار كبير على أن تعود الحياة إلى طبيعتها

وقال المنتج اللبناني “إن مهرجان القاهرة أهم مهرجان في الشرق الأوسط، لأنه أقدمها وأعرقها، ومصر هي أساس الإنتاج السينمائي في البلدان العربية”، مضيفا أن إقامة المهرجان على الرغم من كوفيد – 19 والظروف التي يمرّ بها العالم العربي هو “إنجاز مهم”.

وتعرض الدورة الثالثة والأربعون للمهرجان حوالي مئة فيلم من ثلاث وستين دولة، وهو ما يمثل زيادة ملحوظة في عدد الأفلام مقارنة بالعام الماضي.

ويعقد المهرجان الذي انطلقت فعالياته في الفترة الممتدة بين السادس والعشرين من نوفمبر الجاري والخامس من ديسمبر القادم تحت رعاية وزارة الثقافة المصرية.

وقال رئيس مهرجان القاهرة السينمائي الدولي محمد حفظي إن “زيادة عدد الأفلام بالمهرجان هذا العام يرجع إلى عودة الحياة الطبيعية تدريجيا نظرا إلى نجاح الإجراءات الاحترازية ضد فايروس كورونا في مصر وتوافر اللقاحات”.

وأضاف حفظي “لدينا إصرار كبير على أن تعود الحياة إلى طبيعتها، وقد بدأت دور العرض في العمل بكامل طاقتها.. وبدأت المهرجانات هذا العام في العودة إلى النشاط وتقام على أرض الواقع وليس بشكل افتراضي”.

وأوضح أن هذا العام شهد زيادة في عدد الأفلام المشاركة وعدد الضيوف بشكل كبير مقارنة بالعام الماضي، وأيضا زادت الفعاليات، وقال “لدينا أفلام على مستوى عال جدا”، مؤكّدا أن هناك حالة من التشبث بحب السينما.

ويعدّ مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، الذي تم إطلاقه في عام 1976 والمصنف ضمن الفئة “أ” من قبل الاتحاد الدولي لجمعيات منتجي الأفلام، أقدم مهرجان سينمائي سنوي في العالم العربي وأفريقيا والشرق الأوسط.

 

العرب اللندنية في

29.11.2021

 
 
 
 
 

إمير كوستاريتسا.. سينمائي صربيّ يعشق الموسيقى وكرة القدم وأكثر!

إعداد وترجمة: رولا عادل رشوان

في مفاجأة لعشّاق السينما العالمية اختارت إدارة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي المخرج الصربي إمير كوستاريتسا رئيساً للجنة تحكيم المسابقة الدولية في الدورة 43 لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي التي ستقام في الفترة من 26 تشرين الثاني (نوفمبر) إلى 5 كانون الأول (ديسمبر).

بالإضافة إلى عمله في مهنة الإخراج ومنصبه العالمي، يُعرف عن "إمير" ممارسته للموسيقى كعضو بارز ضمن إحدى فرق موسيقى الروك الشهيرة.

وُلِدَ كوستاريتسا في الرابع والعشرين من تشرين الثاني (نوفمبر) من العام 1954 في سراييفو (يوغوسلافيا)، المدينة التي كانت وقت ولادته عاصمةً لجمهورية البوسنة والهرسك الفيدرالية، وينحدر "كوستاريتسا" من أبوين مسلمين، لكن بحسب تصريحاته، كان أسلافه من الصرب الأرثوذكس. الأب -مراد كوستاريتسا- كان عضواً في الحزب الشيوعي وعمِلَ في وزارة الإعلام في البوسنة والهرسك.

في شبابه، اهتمّ "إمير" بكرة القدم وبرع فيها حدّ أنه كان على وشك توقيع عقد مع نادٍ رياضيٍّ محترفٍ، ولكن الخطّة تغيّرت فجأةً بعد إصابته بمرضٍ في المفاصل، أجبره على نسيان شغفه بالرياضة تماماً. بلا أي إشارات مسبقة، صار "إمير" فجأةً مهتماً بالسينما.

في سن الثامنة عشرة، غادر كوستاريتسا إلى براغ، حيث تعيش أخت والده، لتلقّي تعليم السينما. درس في قسم السينما والتلفزيون التابع لأكاديمية الفنون المسرحية المرموقة في براغ – تشيكوسلوفاكيا، أنتج "إمير" أفلامه الأولى أثناء دراسته في براغ - جزء من الحقيقة (1971) وفيلم الخريف (1972)، وحصل على دبلوما التخرج بمشروع فيلم مدته خمسٌ وعشرون دقيقة يُدْعَى "جيرنيكا" (1976)، يروي الفيلم قصة صبي من عائلة يهودية في أواخر الثلاثينيات. كانت رسالة الفيلم موجّهة بشكلٍ أساسيٍّ ضد النازية ومعاداة السامية، مارَسَ فيه ولَعَهُ غير العادي بالسينما في كافة مراحلها، فكان فيه المخرج وكاتب السيناريو والمصوِّر، فاز الفيلم القصير بالجائزة الرئيسية في مهرجان الأفلام الطلّابي في كارلوفي فاري.

بعد تخرجه في أكاديمية السينما العام 1977، عاد إمير إلى سراييفو وبدأ العمل في التلفزيون وصوَّرَ فيلمين للتلفزيون المحلي، بينما أمضى لياليه لاعب جيتار في فرقة روك.

عمل إمير كوستوريكا لفترةٍ ضمن هيئة التدريس في مدرسة للسينما في "سراييفو" (والتي طُرِدَ منها بعد أن أصبح عضواً في فرقة روك بوسنية تدعي "زابرنجينو بوسنيا"، غير أن دعوة رسمية قد وصلته من قِبَل "ميلوس فورمان" لتدريس الإخراج السينمائي في جامعة كولومبيا.

حلم أريزونا

شكّل السيناريو، الذي كتبه طالب "ديفيد أتكينز" تلميذ "كوستاريتسا" النجيب نواةَ مشروع فيلم اللغة "أريزونا دريم" (1992)، بعد مراجعة طفيفة أجراها المخرج بنفسه على السيناريو، قام ببطولة الفيلم نجوم السينما الأمريكية جوني ديب وفايدوناواي. مُنّيَ الفيلم بحظٍّ عاثرٍ من البداية، حيث استغرق تصويره وقتاً طويلاً جداً، وتكرر تأجيل موعد العرض الأول، كما أنه لم يُثِرْ اهتماماً لدى النقاد ولا أثار فيهم الحاجة لإشادة خاصة، ناهيك عن تخبُّطِه في شبّاك التذاكر، وذلك على الرغم من فوزه بالدبّ الفضيّ في مهرجان برلين السينمائي. وهكذا، أصبح "أريزونا دريم" أول وآخر فيلم أمريكي على ما يبدو لكوستاريتسا، وقد أعلن المخرج بعدها عن أن تلك ستكون آخر محاولاته في العمل في هوليوود.

السياسة روحُهُ ودمُهُ وإلهامُهُ

في العام 1980، ظهر كوستاريتسا كمخرج أفلام طويلة لأول مرة مع فيلم "هل تتذكر دوللي بيل؟" هو أول فيلم يوغسلافي لم يصوَّر باللغة الصربية الكرواتية الرسمية، بل بلهجته البوسنية. فاز الفيلم بجائزة أفضل فيلم في مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي في العام 1981.. كان "إمير" يخدم في الجيش في ذلك الوقت، وقد أرسلته الوحدات إلى الثكنات في خضم الكرنفال السينمائي.

وكأنه قدرٌ يأبى إلا تغيير مساره، تدخّلت السياسة مرةً أخرى في حياته حين بدأت حرب البوسنة العام 1992، ودُمِّرَ إثرها منزل عائلة كوستاريتسا في سراييفو؛ وتوفيَ والد المخرج مراد كوستاريتسا بعد ذلك بوقتٍ قصيرٍ متأثراً بنوبة قلبية.

بعد عرض فيلمه "Underground" ــ "تحت الأرض" عام 1995، بدأ التلفزيون البوسني حملةً ضد المخرج، وأظهروه على هيئة وحشٍ وعدوّ للوطن، ومارست إدارة سراييفو القمع ضد عائلته، حتى أنهم أجبروا والدته على الانتقال إلى الجبل الأسود.

تعرّض كوستاريستا طوال حياته للهجوم بسبب آرائه السياسية، وتحديداً فيما يتعلق بما يُعرف عنه بمعارضته لانهيار يوغوسلافيا، وعلى الرغم من حقيقة أن هذا البلد لم يعد موجوداً، لا يزال يهتم بأن يردّ دائماً على السؤال عن جنسيته بكونه يوغسلافيّا

مسارات تتقاطع أو تنقطع

بدايةً من صدمته الأولى من ردود فعل النقّاد على تجربته الوحيدة في هوليوود، شعر "كوستاريتسا" دائماً أن استقبال النقاد لأفلامه لطالما كان غامضاً، أثار ذلك شجن "كوستاريتسا" وتأسّف أن رسالته ورؤيته الإخراجية لم تَصِل، حتى أنه أعلن أنه قرر هجران السينما.

بعد أن قرر هجران السينما، بدأ كوستاريتسا مشروعاً صغيراً للتلفزيون الألماني حول موسيقى الغجر يسمى "Music-Acrobatics"، من قلب هذا المشروع جاءت فكرة فيلم "القطة السوداء، القطة البيضاء" (1998)، والذي حصل على جائزة لجنة التحكيم لأفضل إخراج في مهرجان فينيسيا السينمائي عام 1998.

تزوّج إمير من المنتجة مايا كوستاريتسا وأنجبا ناديا الابنة، و"ستريبور" الابن، والذي قام بالعزف على الدرامز في الأوركسترا التي كوّنها والده "ممنوع التدخين."، كما لعب دور البطولة كممثل في فيلمي "الحياة معجزة" و"وصية".

في العام 2005، تحول أمير كوستاريتسا إلى الأرثوذكسية تحت اسم "نيمانيا". يدّعي المخرج أن أسلافه البعيدين كانوا من الصِرْب الأرثوذكس، وبالتالي، كانت عودته للمسيحية بمثابة عودة إلى الأصول. يرى المخرج أنه: "على المسيحي المتديّن محاولة جعل العالم أكثر انسجاماً"، وهذا هو بالضبط الهدف الذي يسعى إليه كوستاريتسا في أفلامه.

دعم كوستاريتسا الحزب الديمقراطي الصربي اليميني في الانتخابات البرلمانية في صربيا، وبعد ذلك شارك مع شخصيات ثقافية صربية أخرى في مشروع فنّي يندّد بفصل إقليم كوسوفو عن صربيا.

في العام 2005 فاز إميركوستاريتسا بجائزة "فيليب روتييه" عن مشروعه المعماري - قرية "كوستندورف" في منطقة "زلاتيبور" الجبلية في صربيا. وفقاً لـ كوستاريتسا، بعد أن فقد كل طريق للعودة إلى مسقط رأسه، قاصداً سراييفو، فكَّرَ في بناء مدينته الخاصة وافتُتِحَتْ القرية في 25 سبتمبر 2004، في يوم العرض الأول لفيلم "الحياة معجزة".

أمير دولة ليست على الخريطة

عاش كوستاريتسا مؤخراً وعمِلَ في بلدان كثيرة حول العالم، ما بين بلغراد وباريس ونيويورك، يتنقّل بين هواياته المتعددة كدارس للأدب أحياناً وكاتب سيناريو لأفلام مخرجين آخرين، وعضو في أوركسترا "ممنوع التدخين"، كما أنه يمارس هوايته القديمة في لعب كرة القدم بانتظام، يفضل كوستاريتسا التحدث باللغة الإنجليزية ويطلق على نفسه كُنيَة اليوغسلافي بعناد.

 

####

 

"بنات عبد الرحمن".. صرخة سينمائية أردنية في وجه المجتمع الذكوري

بشري عبد المؤمن:

وسط احتفاء كبير عُرِضَ الفيلم الروائي الأردني "بنات عبد الرحمن"، لأول مرة، بالمسرح الكبير في دار الأوبرا المصرية، ضمن المسابقة الرسمية للدورة الـ 43 لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، التي من المقرّر أن تستمر حتى الخامس من كانون الأول (ديسمبر) المقبل.

تدور أحداث الفيلم الذي يقوم ببطولته كلٌّ من: صبا مبارك، وحنان الحلو، وفرح بسيسو، ومريم الباشا، في حيّ للطبقة المتوسطة في عمّان، العاصمة الأردنية، حيث تعيش زينب العزباء كئيبةً، هي التي تعمل خيّاطة و تعول والدها، وحينما يراها الأخير في ثوب زفافٍ كانت تقوم بتعديله لإحدى قريباتها، تستيقظ لتجد والدهها "عبد الرحمن" مفقوداً، فتبدأ رحلة البحث عنه بمساعدة شقيقاتها.

حكاية الفيلم تتناول علاقة أسرية مضطربة لأربع شقيقات لا يجمعهن شيءٌ سوى الأخوّة، لكن لكلٍّ منهن حياة مختلفة تماماً عن الأخرى، لا يجمعهن إلا صلة الدم ورحلة البحث عن "عبد الرحمن" الوالد المفقود.. تختلف كل واحدةٍ عن الأخرى في طباعها وتفاصيل حياتها، وبالتزامن مع اختفاء والدهن تتفجّر مشكلاتهن الخاصة.

استغرق الفيلم سبع سنوات كاملة من التحضير، الجزء الأكبر منها استُغْرِقَ في الكتابة، كما يقول المخرج والكاتب السينمائي زيد أبو حمدان، حيث كان واحداً من أربعة قاموا بكتابة العمل.. السنوات الطويلة التي استغرقها الفيلم كانت من أجل تطوير السيناريو وعرْضِه على نخبة من صنّاع السينما لإبداء رأيهم فيه، كذلك من أجل التعبير بصدق عن مشاعر المرأة الأردنية، التى استوحى منها زيد فيلمَهُ، وتحديداً من حياة والدته وخالته، وحاول التعبير من خلال الفيلم عن وضع المرأة ومشاعرها.

نحن أمام فيلم أردني جريء في طرْحِه للعديد من الموضوعات الشائكة، فالفيلم فيه الكثير من التمرّد، المرأة التى زوّجها أهلها في سِنّ مبكرة تتمرّد على تكرار التجربة مع ابنتها وتواجه الزوج بنفسها وتطرده من منزل الوالد، المرأة التي وصَمَها المجتمع بأبشع الألفاظ لأنها سافرت مع مَن أحبَّتْه إلى دبي وتزوّجت منه، عادت لتواجِه المجتمع، المرأة الغيور التي تفعل كل ما يطلبه منها زوجها لم تردّ على اتصالاته.

المرأة الرابعة والأخيرة ترى في عيون مجتمعها وصمات العار، وتستمع إلى أحطّ الألفاظ عن أخواتها الثلاثة تنتفض وتواجه الحيّ بأكمله، بل وتواجه كل فردٍ بأبشع ما فيه.

وقرّرت "خيّاطة الحي" أن تفرغ ما لديها من أسرار اختزنتها في صندوقِها لأعوام، في مشهدٍ يذكّرنا بـ"مايك الشيخ حسني" في فيلم "الكيت كات" للمخرج الكبير داوود عبد السيد رغم ما في المشهدين من اختلاف، كذلك في مشهد النهاية عندما تتحرر "خيّاطة الحي" من قيودها وتصعد إلى سطح البيت وتعزف على العود ويُسْدَل الستار، تماماً كما أُسْدِلَ الستار على الشيخ حسني وولده يعزفان "يلا بينا تعالوا نسيب اليوم بحاله.. وكل واحد مننا يركب حصان خياله".

ركب زيد أبو حمدان حصان خياله كي يقدّم عبْرَ فيلمه "بنات عبد الرحمن" صرخةً من التمرُّد ضد معاناة الكثير من النساء والفتيات الأردنيات خاصةً والعربيات عموماً في محيطٍ  لا يخلو من التشدد الديني والذكورية التقليدية، فالمرأة العربية خاصةً يُفْرَض عليها هذا الكابوس منذ نشأتها وبشكلٍ قمعيٍّ موروث.

صحيح أن الجمهور توقَّع ما سيحدث بعد نصف ساعة من بداية العرض لكن هذه، في ظنّي، لم تكن المشكلة الوحيدة في الفيلم.. المشكلة الأكبر في الخطابية المباشرة التي وقع فيها كاتبو السيناريو، لكن علينا أن نعترف أن زيد أبو حمدان صنع فيلماً ممتعاً يتناول فيه الكثير من "التابوهات" المتعلّقة بالمرأة عموماً والعربية على وجه الخصوص، كما علينا أن نعترف أن كثيراً من السينمائيين لدينا يبتعدون عن هذه المنطقة الشائكة وصعبة التناول، فالأربع فتيات يمثّلن في حقيقة الأمر أربع قضايا مختلفة: الزواج القسري لمن تحت السِّن (صبا مبارك)، قمع الحب (مريم الباشا)، الكبت الجنسي عند الفتيات (حنان الحلو)، العنوسة (فرح بسيسو). 

ورغم أن القضايا الأربع لها نفس الأهمية إلا أن صبا مبارك جسَّدَتْ شخصية "أمل" بتميز كبير رغم صعوبة تجسيد شخصية ترتدي النقاب لأنه يُخفي وراءه الكثير من تعبيرات الوجه في أكثر من مشهد. 

من جانبٍ آخر، فإن الاهتمام بهذه القضايا الأربع حرَمَ صنّاع الفيلم من الإحاطة بتفاصيل كل قضية على حِدَة أو مناقشتها بعمق أكبر، ورغم ذلك فـ"بنات عبد الرحمن" فيلم مهمّ، وفي الوقت ذاته خفيف الطلة، صفّق له الجمهور بحرارة، عقب كل مشهدٍ أدَّتْهُ إحدى بطلاته بتمكُّن، وحسٍّ إنسانيٍّ راقٍ، كما قدّم لنا مخرجاً واعداً هو زيد أبو حمدان، الذي أخرج فيلماً يُضحكك ويُبكيك، وأكثر من ذلك. 

 

منصة الإستقلال الثقافية في

29.11.2021

 
 
 
 
 

الدورة 43 بحلّة عصرية... هذه «قوّة مصر الناعمة»

رسالة القاهرة ـ ريميال نعمة

لم يستطع وباء مهما بلغ تماديه أن ينغّص على المصريين «الجُمال» (عبارة مصرية صرفة) حياتهم واحتفالهم بالحياة وبالفن وبالسينما. هكذا، انطلقت فعاليات الدورة الثالثة والأربعين من «مهرجان القاهرة السينمائي الدولي» (مستمر لغاية 5 كانون الأوّل/ ديسمبر المقبل) يوم الجمعة الماضي، جامعةً عدداً كبيراً من الحاضرين من داخل مصر وخارجها.

كان من الواضح بعد غياب سبع سنوات عن المحروسة التي لا تفارق ساعاتك ويومياتك ولو بأغنية أو بآهة للست، أن تتلمّس معالم الاشياء من جديد. فقد حضرت شخصياً المهرجان في دار الأوبرا لسنوات وواكبت تطوّره وكل التغييرات التي طرأت عليه. وجوه تغيّرت وأخرى حضرت بعد عودتك مجدداً لمواكبة الحدث.
بدا واضحاً أنّ حالة شبابية ديناميكية وعصرية تترافق مع سير المهرجان. اسم المنتج محمد حفظي (مدير المهرجان) وحده كفيل بضخ دماء جديدة في الحدث السينمائي الأبرز ومواكبة كل تطور حاصل في صناعة الفن السابع، من خلال صور وملصقات وعروض ومعلومات وحركة تسهل على الزائر مهامه، وشباب في مقتبل العمر يسهلون حركته ويحيطونه بالاهتمام
.

في الآونة الأخيرة، بهتت ألوان فساتين «مهرجان القاهرة» قليلاً لحساب مهرجانات أخرى سرقت الأضواء (الجونة مثلاً) إلا أنّ المعادلة باتت واضحة على طريقة المصريين: خذ أنت الفساتين ودع لي السينما الجميلة والأفلام القيّمة التي وصفها حفظي بـ «قوّة مصر الناعمة». وهو ما أكدت عليه وزيرة الثقافة إيناس عبد الدايم: «سندعم المهرجان دائماً لنقدم صورة طيبة عن مصر الحضارة والثقافة والفن...».

خلافاً لكثير من المرات السابقة، كان الافتتاح عميقاً وسلساً في الوقت نفسه. لعلّ أجمل ما فيه تلك اللفتة المتمثّلة في فيديو يسلّط الضوء على مبدعين غير مصريين قدّموا أعمالهم في المحروسة.

إيفيهات ونكات ظريفة تتطاير هنا وهناك، مع نجوم توالوا على المسرح من مكرّمين ومقدّمين. مشهدية، تولّد حالة من البهجة، خصوصاً عفوية منى زكي وديناميكية كريم عبد العزيز وطيبة نيللي ودلعها وخفة ظلّ سمير صبري وخالد الصاوي ونجم صاعد مثل علي ربيع، إلى جانب حضور رئيس لجنة التحكيم المخرج الصربي أمير كوستوريتسا الذي ترافق صعوده على المسرح مع أداء جميل لفرقة موسيقية، ذكّر بأجواء أفلامه الرائعة.

حضور منوّع وملوّن من دول عدّة واحتفالية لم تشهدها مصر منذ أن أحكم جائحة كورونا قبضتها على العالم، مع عروض أفلام من حول العالم سنضيء على بعضها في الأيام القليلة المقبلة، من بينها «بنات عبدالرحمن» (الأردن ــ إخراج زيد أبو حمدان) و«بلوغ» (السعودية ــ إخراج سارة مسفر وفاطمة البنوي وجواهر العامري وهند الفهاد ونور الأمير)...

 

الأخبار اللبنانية في

29.11.2021

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004