ملفات خاصة

 
 

«ريش» يربح الجائزة... وتهمة الإساءة لمصر

مع نهاية مهرجان الجونة في دورته الخامسة

هوليوود: محمد رُضا

الجونة السينمائي

الدورة الخامسة

   
 
 
 
 
 
 

شهد المجتمع السينمائي المصري خلال الأيام القليلة الماضية نقاشاً كبيراً حول فيلم «ريش» لمخرجه عمر الزهيري، وذلك انطلاقاً من فوزه بجائزة أفضل فيلم عربي في الدورة الخامسة من مهرجان «الجونة» السينمائي الذي تم انعقاده من 12 إلى 21 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي.

سبب الجدال من حوله أنّه فيلم يعرض واقعاً قبِل به بعض الذين شاهدوه ورفضه البعض الآخر. وهذا البعض في كلا الموقفين لم يكن عبارة عن حفنة قليلة من المشاهدين، بل كناية عن حجم لا بأس به اتخذ قراره إما مع الفيلم أو ضدّه، وغالباً لما قدّمه من صورة وصفها الفريق الأول بأنها «حقيقية» و«واقعية»، ورفضها الفريق الثاني على أساس أنها «تُسيء إلى مصر».

هوية مفقودة

إنّها تُهمة قديمة دأب على إطلاقها سينمائيون وإعلاميون مصريون عندما يتقدّم فيلم ليعرض حكاية تدور في رحى بيئة اقتصادية وشعبية فقيرة تفرض شروطها وحدود طموحات الذين يعيشون فيها ومشاكلهم الفردية والاجتماعية. في السبعينات أطلق المخرج الراحل حسام الدين مصطفى وصف «الشيوعيون» على كل مخرج يلتمس درباً من السينما المختلفة عن السائد، هذا شمل حينها أفلام علي عبد الخالق الأولى وخيري بشارة ومحمد خان ونقاداً سينمائيين مالوا إلى تلك الأعمال، نابذين السينما التقليدية من النوع الذي دأب حسام الدين مصطفى والعديد سواه على تقديمها.

جوهر الموضوع هو أنّ المخرجين السينمائيين، مصريين أو غير مصريين أحياناً، يجدون أنفسهم ملزمين بتقديم أفلام ذات قضايا اجتماعية. أحياناً ما تدور في رحى القطاع الاجتماعي المرتاح مادياً، وأحياناً ما تقع في البيئات المعدمة كحال فيلم عمر الزهيري «ريش» الذي خرج فائزاً بذهبية الدورة الخامسة من مهرجان الجونة كأفضل فيلم عربي في المسابقة الروائية الرسمية (من بين ثلاثة أفلام عربية فقط هي «أميرة» لمحمد دياب، من مصر والأردن و«إيقاع كازابلانكا» لنبيل عيوش من المغرب).

رفض الفيلم بدأ من وقت عرضه عندما بدأت الجموع تُغادر القاعة بنسبة كبيرة. المغادرون انتظروا، على الأرجح، فيلماً سعيداً أو على الأقل مقبولاً ومفهوماً. وجدوا عكس ذلك منذ أن شاهدوا الزوج يتحوّل إلى دجاجة والكاميرا تتصب على الزوجة التي تبحث عن وسيلة لاستمرار الحياة وسط البؤس الذي تعيش فيه.

فيلم عمر الزهيري يدور في صلبه حول رجل فاقد لهويّته ووظيفته الاجتماعية. وهو يبدأ بمشهد صادم (رجل يحرق نفسه) وننتقل بعد ذلك إلى الرجل ذاته (قبل الحرق) وهو يعيش مع زوجته وأطفاله الثلاثة في فقر شديد في بيت ملاصق لمصنع ما يبث دخان محروقاته الملوّثة على نحو شبه دائم.

ذات يوم خلال حفل «على قد الحال» بمناسبة عيد ميلاد أحد أطفاله يُدخله ساحر صندوقاً ويُخرجه دجاجة. عندما حاول الساحر إعادة الدجاجة إلى رجل فشل وهرب. هذا ما يترك الزوجة أمام مهمّة رعاية دجاجة تعتقد أنّه زوجها والبحث عن عمل تعتاش وصغارها منه.

لن يترك الفيلم الزوج بلا عودة. سنراه هو نفسه الذي حرق نفسه وستستقبله ثانية قبل نهاية الفيلم لترعاه (ولو إلى حين).

ميل للفانتازيا

«ريش» مدروس جيّداً تبعاً لرغبة المخرج في كيفية سرده وكيفية معالجته كبعد اجتماعي ما وكحكاية. من شروط عمله إبقاء معظم المشاهد بعيدة عن وجوه أصحابها وإذا اقتربت ففي الغالب هي غير واضحة وبالتأكيد - وعن قصد - غير منفعلة. هذه قيمة جيّدة لفيلم خارج المعهود كذلك لعمل يعكس بيئة مكانية ملوّثة ومباني مهجورة ومتسخة توازي بيئة نفسية اجتماعية قاهرة ضحيّتها امرأة كل ما ترغب فيه هو استمرار حياتها وحياة أولادها بزوج أو من دونه.

ليس أنّ الفيلم بلا مشاكل وأهمها تفسير الوضع الماثل على نحو لا يضر بالفانتازيا الغريبة التي يوفرها الفيلم لمشاهديه. ومنها بعض التفاصيل التي لا تتطلّب إلا حسن الملاحظة، ومنها المشهد الذي تقع فيه الزوجة في المسبح لكن حين تخرج منه نجد ثيابها ناشفة. على صعيد الزوج كان يمكن أيضاً الإتيان بما يوضح أن روح الزوج تسكن الدجاجة فعلاً. هناك الكثير من لقطات للدجاجة (استعان المخرج بأكثر من دجاجة، وهذا يفسّر كيف أن كل دجاجة تختلف فجأة عن الأخرى) وهي على فراش غرفة النوم. لو أنّها اقتربت مرّة من الزوجة كما لو كانت تريد التواصل معها لكان ذلك أنفع لفكرة هي من بداياتها غريبة.

لكن هذه التفاصيل لم تستوقف أحداً ولم تمنع لجنة التحكيم التي ترأسها المنتج الأميركي روب ألين من منحه جائزة أفضل فيلم عربي. كذلك لم يتحدّث أحد عن الفانتازيا وشروطها الحاضرة منها أو الغائبة في هذا الفيلم.

كان عمر الزهيري كشف عن ميله لزرع وضع فانتازي ما في بنية أفكاره عندما قام، سنة 2014. بإخراج فيلمه القصير «ما بعد وضع حجر الأساس لمشروع الحمّام بالكيلو 375». حمل ذلك الفيلم فكرة نيّـرة منفّذة ببعض التسرّع: خلال قيام مدير عام إحدى الشركات بوضع حجر الأساس لمشروع حمّـام في مكان قصي عن العالم، يرتكب موظف صغير هفوة لا تغتفر. أخطأ بذكر الاسم. تركه الجميع وحده وغادروا المكان الصحراوي. قصّـة المخرج الزهيري لا تقف هنا. حال الموظف تسوء بعدما أدرك أنه أغضب المدير العام والخوف ينتابه. يحاول الاعتذار مرّة تلو المرّة لكن اعتذاره لا ينفع. يحيل المخرج فيلمه إلى وضع شبه كيفكاوي وينجح في توطيد العلاقة بين الفرد المقهور والسُـلطة القاهرة من دون كثير جهد. أماكن التصوير مجرّدة والحوار قليل والمشكلة في بعض التفاصيل.

سجالات سابقة

بالعودة إلى الجدال القائم حول «ريش» فإنّ المسألة لا تخلو من الغرابة والانفعال. لقد سبق لأفلام مصرية حديثة أن تناولت أوضاعاً اجتماعية داكنة كما فعل «فتاة المصنع» لمحمد خان (2014) و«أخضر يابس» لمحمد حمّاد (2016) و«آخر أيام المدينة» لتامر السعيد (2016) و«زهرة الصبار» لهالة القوصي (2017) و«يوم الدين» لأبو بكر شوقي (2017) و«ورد مسموم» لأحمد شوقي صالح (2018).

حيال كل فيلم من هذه الأفلام دار سجال بين النقاد وبعض أهل المهنة السينمائية حول جودة الفيلم من عدمها وحول واقعيّته. لكن لم يحدث أن ووجه الفيلم بمثل هذا القدر من النقد بناءً على ما يعرضه. هذا رغم أنّ «آخر أيام المدينة» لم يُعرض حينها في مهرجان القاهرة لسبب غير مقنع (بعدما تم إدراجه ثم سحبه) ورغم أن ما عرضه «ورد مسموم» (الذي شوهد في مهرجان القاهرة كذلك) هو تماماً ما يعرضه «ريش» إن لم يكن أفدح (يبدأ الفيلم بمشهد لمياه ملوّثة تخرج من أنبوب تصريف مصنع نسيج وتمتزج بمياه مواسير الصرف) بفارق أن «ورد مسموم» لم يعمد للفانتازيا بل أمّ الواقع كما هو.

التهمة الجاهزة لفيلم «ريش» وسواه هو أنه فيلم مسيء لمصر، والمثير للملاحظة أن مطلقي التهمة هم من الذين لا يعيشون الحياة الصعبة ذاتها وربما هذا أوضح ما في المسألة. ويزيدها وضوحاً أن الذين يحضرون مهرجان الجونة، في الغالب، القسم الذي يتدثر بفساتين السهرة وثياب السموكينغ ويعيش على الطرف الآخر من الفاصل الاجتماعي الذي عبّر عنه فيلم عمر الزهيري.

مهرجان الجونة مهرجان سينمائي جاد يديره انتشال التميمي بنجاح. هذا يعود إلى أنه يجمع بين الرؤية والخبرة ودائماً ما يدفع بالمهرجان صوب تحديات جديدة. لكن المهرجان في الوقت ذاته يتّكل على الكثير من المناسبات الاجتماعية والمظاهر الاحتفائية وبساطه الأحمر الذي يبدو فعل السير فوقه لبعض المدعوّين والمدعوّات شهادة تقدير من نوع خاص بحد ذاتها.

يبقى أنّ كل مخرج مصري يحب وطنه (وكل مخرجي مصر يشتركون في هذا الحب بلا ريب بمن فيهم حمّاد وشوقي والقوصي وصالح والزهيري) يُصاب بجرح دفين إذا ما اتهم بأن فيلمه يسيء لوطنه. الإساءة هي آخر ما في بال هؤلاء أو سواهم. التميّز بأعمال فنية لا تلتزم بالمعهود من إنتاجات السينما التجارية هو حق لهم يرغبون فيه لأداء رسالاتهم الاجتماعية. وربما الإساءة الفعلية الأساسية هي تلك الأفلام الركيكة التي تبتعد عن الواقع في سبيل النكتة أو مشاهد الأكشن ولا سبيل ثالث.

 

####

 

المتاجرون بـ«سمعة مصر»!

طارق الشناوي

في الأيام الأخيرة تردد كثيراً في «الميديا» تعبير «الإساءة لسمعة مصر»، بعد عرض فيلم «ريش» في مهرجان «الجونة». أشهر هذا السلاح في البداية الفنان شريف منير الذي غادر دار العرض محتجاً بعد نصف ساعة، وتبعه آخرون، رغم أن أغلبهم لم يستكملوا مشاهدة الفيلم.

ولم تكن تلك هي الحالة الوحيدة؛ البعض قبل 30 عاماً طالب بنزع الجنسية المصرية عن المخرج يوسف شاهين، بعد عرض فيلمه «القاهرة منوّرة بأهلها» في مهرجان «كان»، وطالبوا السلطات بوضع اسمه ترقب وصول في مطار القاهرة.

في نهاية الثلاثينات أخرج كمال سليم فيلم أطلق عليه «الحارة». لم ترتح الأجهزة الرقابية -التابعة وقتها لوزارة الداخلية- للاسم. توجسوا في النيات، وطالبوا بتغيير العنوان، لأن «الحارة» توحي بظلال الفقر والعوز فصار اسمه «العزيمة»، ودخل تاريخنا السينمائي العربي كأول الأفلام الواقعية.

عندما قدم صلاح أبو سيف في منتصف الخمسينات فيلمه «شباب امرأة» اشترطت الرقابة للتصريح أن يكتب قبل «التترات» تحذيراً للأهالي حتى لا يتحول أبناؤهم إلى نسخ مشوّهة من إمام «شكري سرحان»، طالب الجامعة القادم من الريف، الذي يقيم علاقة محرمة مع شفاعات «تحية كاريوكا».

الكثير من الحكايات تؤكد أن سلاح سمعة الوطن كثيراً ما يُستخدم، مع تعدد أهدافه. عندما أخرجت قبل 16 عاماً، جوسلين صعب فيلم «دُنيا»، قالوا سمعة بنات مصر تنتهكها مخرجة لبنانية، رغم أنها تصدت لظاهرة ختان البنات، التي صدرت مؤخراً قوانين تجرّمها. تكرر الموقف مع فيلم «ريش». الفيلم قبل العرض في «كان» ثم «الجونة»، حصل على الموافقة من الرقابة المصرية، إلا أنهم دائماً ما يلقون بـ«ماء النار» في وجه من يريدون تشويهه.

تعددت التحليلات، مع زيادة عدد الجوائز التي حصدها الفيلم، صار هذا العام هو الأهم عربياً في كثير من المهرجانات، وآخرها «الجونة»، انتزع الجائزة عن جدارة، رغم أن البعض لا يزال يشكك في أحقيته، ولا أدري كيف تتعدد الجوائز التي يحصدها الفيلم من مهرجان إلى آخر بلجان تحكيم مختلفة، وتظل لدينا توجسات في مصداقيتها؟

الفيلم ينضح بالصدق، يقف فيه ممثلون لأول مرة أمام الكاميرا، يجيد المخرج تحريكهم بكل هذه الكفاءة محافظاً على تلقائيتهم، يستحق منّا كل حفاوة وتقدير.

يبدو أن البعض لا يعرف كيف يشعر بالسعادة والفخر. في العام الماضي فاز الفيلم القصير «أخشى أن أنسى وجهك» للمخرج سامح علاء، ولأول مرة في تاريخ السينما المصرية بجائزة «السعفة الذهبية» من مهرجان «كان»، الدورة أُقيمت افتراضياً. فوجئت بأن الفيلم الذي لم يشاهده سوى عدد محدود جداً من النقاد، يواجَه باتهام لا يقل ضراوة، وهو الإساءة للإسلام، لمجرد أنه قدم رجلاً يرتدي نقاباً حتى يتمكن من رؤية الفتاة التي يحبها.

المأساة ليست أبداً أن نختلف على تقييم عمل فني بطبعه يحتمل تعدد وجهات النظر، لديكم مثلاً فيلم «المومياء» لشادي عبد السلام، الحاصل قبل 8 سنوات على جائزة أفضل فيلم عربي من مهرجان «دبي» السينمائي، يراه البعض فيلماً مملاً، لا بأس من ذلك، فهو خلاف فني مشروع، تتعدد فيه وجهات النظر، ولكن البأس كل البأس، أن يواجَه العمل الفني بإلقاء ماء نار اسمه «سمعة مصر» في وجوه مَن نختلف معهم!

ناقد سينمائي مصري

 

الشرق الأوسط في

25.10.2021

 
 
 
 
 

علي العربي: «كباتن الزعتري» حكاية أحلام اللاجئين

عزة عبد الحميد

جاء بخلفية متميزة بعيدة عما عرفته السينما، ليقرر أن يمنح ما شاهده خلال حياته حق الحياة والمشاهدة، بعد ما شاهد العديد من الحروب وقام بتصويرها وقرر أن يشاهدها معه الجميع.

إنه المخرج علي العربي، الذي قرر أن يكشف ما دار خلال السنوات في أحد المخيمات السورية، وكيف تاهت أحلام الشباب هناك بين نيران الحرب وقسوتها، فاز فيلم «كباتن الزعتري» بعدد من الجوائز المحلية والعالمية، ليقدم لنا مخرجاً ومنتجاً قرر أن يدخل غمار السينما بوجهة نظره الخاصة، ويكشف ما رآه على الجمهور.

أجرينا في «إضاءات» هذا الحوار الخاص مع المخرج الصاعد علي العربي للتعرف على تفاصيل تجربته في فيلم «كباتن الزعتري»، وكيف حصل على جائزة مهرجان صاندانس العالمي بالولايات المتحدة الأمريكية. الفيلم الذي يحظى بعرضه الأول في الشرق الأوسط الآن من خلال فعاليات الدورة الخامسة من مهرجان الجونة السينمائي. والذي فاز من خلاله بجائزة أفضل فيلم وثائقي في المهرجان.

·        من أين أتت إليك فكرة فيلم «كباتن الزعتري»؟

كنت في البداية صحفي ومصور حروب، وفي عام 2013 قررت أتوقف عن ذلك، وأن أذهب إلى مخيمات اللاجئين، ومعرفة احتياجاتهم الأخرى غير الطعام والمأوى، بعد أن كانت القنوات الإخبارية تتناول ضحايا الحروب على أنهم أرقام ونسب، فزادت رغبتي في صناعة قصة إنسانية تتناول حياة اللاجئ، بشكل حقيقي.

·        وما المدة والمراحل التي استغرقها الفيلم للخروج للنور؟

استغرق الفيلم 7 سنوات تصويراً، فكنت قررت التصوير في 5 سنوات لأرى تطور الشخصيات التي أتحدث عنها بالعمل بشكل حقيقي، وهل سيعودون إلى سوريا، أم سيتم استقطابهم من جهات إرهابية، كيف سيستطيعون المقاومة والثبات على شخصياتهم.

·        لماذا قمت باختيار مخيم سوري تحدياً لخروج القصة منه؟

قمت بزيارة 19 مخيماً بأكثر من جنسية، ولكن مخميم الزعتري به أكثر من 80 ألف لاجئ، وحين قابلت الأبطال وجدت بهم مبتغايا، وبخاصة أنهم كان لديهم معرفة كيف يدور العالم خارج المخيم.

·        كيف تم مشاركتك في الإنتاج من قبل منتجين آخرين مثل أمجد أبو العلاء و آية دوارة؟

ظللت ست سنوات أنا المنتج الوحيد، وبعد أن انتهى التصوير وتم الانتهاء من البوستر الأول للفيلم، كنت بحاجة إلى اثنين مشاركين معي ليس بالأموال، ولكن لكي يخرجوا معي أفضل نسخة في المونتاج كمخرج، وقابلت حينها آية دوارة والتي كان لها الفضل بمشاركة الفيلم في العديد من المهرجانات، وبعدها التقينا أمجد، وخرج الفيلم بهذه الصورة للجمهور.

·        كيف انتقلت من مخرج موثق للحروب إلى مخرج سينمائي، وما السبب؟

لكي أحكي ما أريده في أفلام يمكنها أن تعيش لسنوات، وما رأيته في مخيم الزعتري كنت أرى أنه يجب أن يُحكى للجمهور، بشكل سينمائي لكي تكون مساحة مشاهدته أكبر وأعرض. وأيضاً تحولت إلى مخرج سينمائي رغبة مني في عرض الأفكار التي أرغب بها، فالشكل الفني في طرح الفكرة هو الأسرع والأبقى.

·        هل مشاركة الفيلم كمشروع بمهرجان الجونة في البداية أفادته؟

مهرجان الجونة يعد من البوابات التي فتحت لي الكثير من الرحلات بالفيلم حول العالم، وهو أصبح داعم بشكل كبير للأفلام، وحقق لي دعماً كبيراً بظهور الفيلم للنور.

·        وكيف كان شعورك حين حصد الفيلم جوائز بالجونة وتبع ذلك اختياره في مهرجان صاندانس؟

جوائز مهرجان الجونة والمهرجانات الأخرى، حققت لي دعماً قوياً جداً، وأنا في حالة من السعادة العارمة بوصول اسم مصر بفيلم «كباتن الزعتري» والفوز في مهرجان صاندانس، وهذا التصنيف فتح الباب لي في السوق الأمريكي وبدأ يتم عرض أعمال عليّ هناك.

·        لم يشارك في مهرجان صانداس الكثير من الأفلام المصرية، ما المعايير التي تطابقت في الفيلم مع المهرجان؟

لا أعلم المعايير تحديداً التي يتم الاختيار على أساسها، فأنا قمت بتقديم الفيلم وتمت الموافقة عليه. وأتمنى أن يكون خلال السنوات المقبلة مشاركة كبيرة للأعمال المصرية، في هذا المهرجان، فهو من المحافل السينمائية المهمة جدًا.

·        ما رأيك في الحالة السينمائية المصرية الحالية؟

أرى المتطلبات الحالية أكبر بكثير من الفنانين والمخرجين الموجودين على الساحة، ولكن هناك الكثير من المواهب التي يمكنها أن تُغطي هذا ولكنهم في انتظار الفرصة الحقيقية، كما أن لدينا أفلاماً تقدر على المواكبة عالمياً ولكنها تحتاج إلى أن تأخذ فرصة لكي تظهر وتنافس.

·        هل يمكن أن نقوم بإخراج أعمال تحتوي على قصص تشبه الثمانينيات والتسعينيات مثل «الراقصة والسياسي» وما يشابهه من الأفلام التي تحدثت عن الواقع السياسي المصري؟

بالطبع أتمنى شخصياً أن أقوم بتجسيد أعمال سينمائية تناقش الأوضاع الحالية، ولكن الأمر ليس سياسياً على قدر مناقشة واقع إنساني، وأود أن أقدم قصصاً لشخصيات بسيطة تواجه أحداثاً عظيمة، وكيف تمر عليهم هذه الأحداث من وجهة نظرهم، وهذا ما سيراه الجمهور في فيلم الأستاذ يسري نصر الله القادم، والذي أشارك فيه كمنتج، وفيلمي القادم كمخرج.

·        من تراه مميزاً حالياً في الإخراج بمصر؟

هناك العديد من المخرجين المهمين منهم مروان حامد، أمجد أبو العلا، أبو بكر شوقي، وعلى رأس هؤلاء يسري نصر الله بالتأكيد.

·        ومن المخرج الذي تأثرت به؟

بالطبع تأثرت بالعالمي يوسف شاهين، ويسري نصر الله، شادي عبد السلام. فقد تأثرت بالأول في قدرته على إيجاد تمويل لأعماله، وتفاصيل الثاني في الأعمال التي يقدمها ويتميز بها، والثالث المؤثرات البصرية التي غرد بها منفردًا في السينما.

·        ما الفيلم الذي يمكنك أن ترشحه للشباب لكي يستفيدوا منه عند مشاهدته؟

كباتن الزعتري، وأؤكد أن الجميع سيتفاد منه ومن التجربة التي يتم طرحها بالفيلم.

·        بما أنك كنت في الأساس مخرج حروب ما الحروب التي يمكنها أن تقدمها على الشاشة في المستقبل؟

أود أن أقدم الحرب التي قامت بين تنظيم داعش والأكراد، في دولة العراق.

·        ما الحرب التي أثرت فيك؟ وغيرت بك؟

كل الحروب كانت مثل بعضها، وبالطبع أثرت بي، فهو شيء قاس يسيطر عليه نوعان من المشاعر أحدهما الخوف والآخر هو القسوة، وأنا تعلمت أن أميز وأتعامل معهما، ويحتاج هذا إلى حديث طويل كيف يمكن الوصول إلى هذا.

·        وهل ترى أن هذا النوع من ا لأفلام إذا تم تنفيذه عربيًا سينجح جماهيريًا؟

نعم سينجح إذا تم التسويق له جيداً.

·        ما خطتك المقبلة في عالم الفن؟

فيلم «سقوط زينب ونوح» وهو من إخراج الأستاذ يسري نصر الله، وهو من إنتاجي، كما أن هناك فيلماً وثائقياً يتم تصويره منذ عام مضى في دولة الهند.

·        ما الرسالة التي تحب أن توجهها للشباب المصري والسوري؟

أود أن يعلم الجميع أنه لا يوجد نجاح يأتي بالصدفة، وأن السعي والكفاح هما ما يؤديان إلى النجاح.

 

موقع "إضاءات" في

25.10.2021

 
 
 
 
 

‏عن فيلم ريش الذى عرض فى مهرجان الجونه ويسىء الى مصر

حبيبه الزيني

‏تعالوا مثلا نشوف واحد زي «محمد حفظي» منتج فيلم «ريش» .. هنلاقيه هو صاحب ومؤسس شركة «فيلم كلينك» ..

‏وهتلاقي شركة «فيلم كلينك» دي هي نفسها اللي أنتجت أفلام أخرى زي «الشيخ جاكسون» و «اشتباك» و «فرش وغطا» و «ليل خارجي» و «بلد مين» ، وهي كلها أعمال سينمائية شارك فيها «حفظي» كمنتج ، وكلها أفلام تخاطب اللاوعي برسائل خبيثة ماكرة، وكلها بتشترك في النظرة السوداوية السلبية للمجتمع المصري ، وكلها بترفع شعار العداء السافر للدولة المصرية ، وكلها - وشوف الصدفة - بتشترك في تمويلها من جهات خارجية أغلبها أوروبية (فرنسية وألمانية وهولندية وبريطانية)!!

طيب شخصية مشبوهة زي «محمد حفظي» ده جاب منين فلوسه اللي بيساهم بيها في انتاج الأفلام دي وليه بيرمي فلوسه مجهولة المصدر دي كلها في أعمال غير ناجحة تجاريا ؟ إذا كانت كلها أعمال لا تدر أي عائد مادي وليس فيها أي جانب من الربح؟! عليه ندر مثلا؟! واللا غاوي يضيع فلوسه في الهوا؟

ويا ترى بيتواصل إزاي مع الجهات الأجنبية دي كلها ؟ وبيقنعهم إزاي انهم يساهموا في انتاج أفلام وأعمل فنية في دولة زي مصر ؟ وليه هما كمان بيساهموا معاه في انتاج مثل هذه الأعمال السوداوية مادامت لا تدر عليه أو عليهم أي ربح تجاري ؟

ويا ترى هي صدفة برضه اننا نلاقي الأخ «حفظي» درس الهندسة وتخرج من جامعة «برنيل» في عاصمة الضباب ووكر الأشرار ‏لندن ليعود منها إلى مصر فيبدأ عمله ككاتب سيناريو، وبعد سنتين فقط نلاقي البلية لعبت معاه لدرجة انه يصبح عنده شركته الخاصة لإنتاج الأفلام

بس مش دي المفاجأة المفاجأة الأنكى والأشد انك تلاقي نفس هذا الحفظي المشبوه ده بيتم تعيينه كرئيس لمهرجان القاهرة السينمائي وهو المهرجان الرسمي الممثل للدولة المصرية ، فيقوم على الفور باستجلاب الشخصية الاخوانجية الصفراوية «باسنت نور الدين» طليقة الداعية الاخوانجي «معز مسعود» لتتبختر على «الريد كاربت» لأكبر وأهم وأقدم مهرجان سينمائي في المنطقة كلها ، بل ويجعلها من اللجنة المنظمة للمؤتمر

تعالوا بقى نشوف مين المخرجين والمؤلفين اللي الأخ «حفظي» بيحب دايما يتعامل معاهم .. هنلاقيهم كلهم من اتحاد ملاك يناير ومن غلمان المؤامرة :

‏ فمثلا مؤلف ومخرج فيلم «ريش» هو المدعو عمر الزهيري .. وهو مخرج شاب لم يتجاوز عمره 33 عام .. لكن الأهم انه من عائلة اخوانية ، فهو ابن أخ أمين التنظيم في الاسماعيلية

وهنلاقي كمان المخرج «عمرو سلامة» التلميذ النجيب والابن المدلل لبوب يناير الأقرع المسيو «برادعي»

وهنلاقي كمان من شلة الأخ «حفظي» الواد «أحمد مالك» صاحب واقعة «الكوندوم» الشهيرة اللي سخر فيها واستهزأ بالشرطة المصرية ورجالها

وهنلاقي كمان الممثلة «منى هلا» اللي هاجرت أمريكا وأعلنت انه نفسها تشتغل مع أولاد العم في تل أبيب في عمل سينمائي مشترك

مش قلتك انها منظومة أخطبوطية بتخدم على بعضها ؟

 

الـ FaceBook في

25.10.2021

 
 
 
 
 

يوم انشغلنا بالفساتين القصيرة .. وتجاهلنا الأفلام القصيرة !

بقلم: مجدي الطيب

لجنة التحكيم أنصفت «كاتيا» و«الابن المقدس» لكنها ظلمت «كارجو» و«مخلوق» !

لماذا تذكر الجمهور فيلم «دم الغزال» وهو يُشاهد الفيلم السويسري «غرباء» ؟

ليس جديداً ما يحدث من «تنمر» سنوي بمهرجان الجونة السينمائي، واهتمام مُفرط، ومُبالغ فيه، بكرنفالات الأزياء، و«السجادة الحمراء» Red Carpet، لكنني منزعج، بحق، لأن الكثير من الفعاليات، والتظاهرات، الجادة، في الدورة الخامسة (14 – 22 أكتوبر 2021)، التي انتهت منذ أيام، تعرضت لظلم صارخ، وتجاهل واضح، وأجبرت على أن تدفع ثمناً فادحاً، من دون ذنب اقترفته !

مسابقة الأفلام القصيرة واحدة من التظاهرات الرسمية، التي نجحت، طوال الدورات الأربعة السابقة، في جذب الأنظار، ولفت الانتباه، والاستحواذ على التفاف جماهيري كبير، واهتمام نقدي عظيم، وإذا بها تُصاب بانتكاسة مُفاجئة، في الدورة الخامسة، رغم أن جوائزها العينية والمادية (31500 ألف دولار أمريكي بالإضافة إلى نجمة الجونة، وشهادة تقدير)، ظلت على حالها، ولم تُمس، وانتقلت عروضها من قاعات «سي سينما» الصغيرة، بالجونة، إلى قاعة كبرى، وفخمة، بجامعة برلين بالمنتجع، وبدلاً من أن تنتعش، وتنطلق، وتحافظ على وهجها، وقوتها، بدا وكأنها أصيبت بهزال أو «شيخوخة مُبكرة»، وباستثناء عدد قليل من الأفلام، التي لا تتجاوز خمسة أو ستة أفلام تقريباً، من بين 23 فيلماً عُرضت في المسابقة؛ عبر أربعة برامج يومية، جاء مستوى الأفلام ضعيفاً، ربما لأن الإنتاج العالمي نفسه ضعيف، أو بسبب الجائحة، لكن الغريب أن التجاوب مع أفلام المسابقة لم يكن بنفس القدر من الاهتمام، والالتفاف، الذي كان ملحوظاً في سابق الدورات!

قراءة في الأفلام .. وفي الجوائز

تضمنت قائمة المسابقة أفلام : «برانكا» (المجر)، «شمس سوداء» (فرنسا)، «ليلى وحدها» (الصين / هونج كونج / سنغافورة)، «نور شمس» (السعودية)، «القاهرة - برلين» (مصر / المملكة المتحدة)، «الرحلة» (كندا)، «اليوم الأخير للأبوية» (ساوفينيا / التشيك / فرنسا)، «ليل» (ألمانيا / الأردن / فلسطين)، «جوني» (بلجيكا / فرنسا)، «عرنوس» (الأردن)، «الإبن المقدس» (إيطاليا)، «خديجة» (مصر / فرنسا)، «نازحون» (كوسوفو)، «ربطة شعر، بيض، كتب الواجب المنزلي» (الصين)، «مخلوق» (الأرجنتين / سويسرا)، «يوليسيس لابد أن يرحل» (فرنسا)، «سقالة» (تونس)، «على أرض صلبة» (سويسرا)، «اسمه كان كارجو» (إيطاليا)، «تالا هاسي» (الولايات المتحدة الأمريكية)، «أبالو» (فرنسا / اليونان)، «غرباء» (سويسرا) و«كاتيا» (روسيا). ومن بين ال 23 فيلماً المُشاركة توقفت لجنة التحكيم عند أربعة أفلام منحتها جوائزها، وهي : «كاتيا»، إخراج أندري ناتوتشينسكي (نجمة الجونة الذهبية للفيلم القصير وشهادة و15000 أمريكي)، «الابن المقدس»، إخراج أليوشا ميسين (نجمة الجونة الفضية للفيلم القصير وشهادة و7500 دولار أمريكي)، «على أرض صلبة»، إخراج ييلا هاسلر (نجمة الجونة البرونزية للفيلم القصير وشهادة و4000 دولار أمريكي) بينما ذهبت جائزة نجمة الجونة لأفضل فيلم عربي قصير (نجمة وشهادة و5000 دولار أمريكي) إلى فيلم «القاهرة - برلين»، إخراج أحمد عبد السلام. ويبدو، في رأيي، أن العدد القليل، والمحدود، لجوائز المسابقة (أربع جوائز) كبل يد لجنة التحكيم، التي لا أنكر، مُطلقاً، أنها كانت جريئة للغاية؛ عندما منحت فيلمي «الابن المقدس» و«كاتيا»، جائزتين مُستحقتين؛ الأول لفكرته الساخرة اللاذعة (امراة خائنة توهم زوجها بأن طفلها المنتظر من عشيقها هو ابن مقدس، أرسلته السماء !) والثاني، بإنسانيته المُعذبة (أم تُصاب بلوثة عقب وفاة ابنتها الوحيدة فتجدها في صورة فتاة ليل !) إلا أن اللجنة ظلمت، في رأيي، الفيلم الإيطالي «اسمه كان كارجو»، الذي يُعد واحداً من أهم أفلام المسابقة (توظيف فن «البارودي» للسخرية من أفلام «الويسترن»، وفضحه لرعاة البقر الأمريكان)، وإذا سلمنا أن اللجنة نحت «الأيديولوجية» عن عملها، فكيف تأتى لها أن تُنحي معيار اللغة السينمائية المُبهرة، التي تجلت في الانجاز البصري البديع للفيلم الأرجنتيني / السويسري «مخلوق»، وكيف تجاهلت توظيفه الرائع لموسيقى ريمسكى كورساكوف ؟

في السياق نفسه، وباستثناء انحياز لجنة تحكيم المسابقة إلى الفيلم السويسري «على أرض صلبة» (كونها فتاة مُحبطة فهذا لا يعني أنها ضعيفة أو لقمة سائغة)، بدا وكأن الهم النفسي بعيدٌ عن اهتمام لجنة التحكيم؛ بدليل استبعاد أفلام مُثيرة للجدل، ومليئة بالشجن؛ مثل : الفيلم الأمريكي «تالا هاسي» (الفتاة الشابة التي جاءت تُشارك في الاحتفال بعيد ميلاد جدتها لكن عودتها من مصحة نفسية عار لابد من اخفائه)، والفيلم التونسي «سقالة» (الفتاة التي تعمل في حانة، وفي حال رفضت التحرش لن تنجو من الاغتصاب، ومن ثم ليس أمامها سوى الانتحار !) والفيلم الفرنسي «اليوم الأخير للأبوية» (الجد الذي لم ينس، وهو يحتضر على فراش المرض، أنه «مُتحرش» قديم !) .

غير أن أطرف ما رأيناه في أفلام المسابقة هوالفيلم الذي حمل عنوان «غرباء»، ويكاد يُذكرك بما كان يفعله النجم نور الشريف في فيلم «دم الغزال»؛ عندما كان يُلقي بنفسه أمام السيارات المندفعة في الشارع، ليبتز أصحابها، ويحصل على تعويض مالي ضخم، لكن الفارق بين الفيلمين أن بطلة «غرباء» تقوم بابتزاز ضحاياها عاطفياً؛ فهي تشعر بالوحدة، وتفتقد الحنان والرحمة، وتبحث عمن يؤنس وحدتها في عالم مادي شرس وموحش.

التجاهل هو الحل !

هل معنى هذا أن جميع أفلام المسابقة كانت جيدة، وتستحق الجوائز ؟

بالطبع لا؛ بل أن تجاهل لجنة التحكيم، وتعمدها عدم الإشارة لتلك الأفلام، أو مجرد التنويه إليها، كان في رأيي أكبر عقاب لها، ولأصحابها؛ كما حدث للفيلم المصري «خديجة» (أم شابة تُلقي برضيعها في النيل)، والفيلم الأردني «عرنوس» (حيلة سخيفة، وكوميديا فجة، لسرقة قطعة ملابس نسائية !)، والفيلم الأردني / الفلسطيني / الألماني «ليل» (فذلكة وصنعة مُبالغ فيها، وتنسف أي تعاطف مع قضيته)، والفيلم الفرنسي «يوليسيس لابد أن يرحل» (الفتاة التي مات صديقها، ولما فكرت في تسريح كلبه، عادت تفتقدهما معاً)، والفيلم الصيني «ربطة شعر، بيض، كتب الواجب المنزلي» (العنف العائلي يطال الأمهات والأبناء) وكذلك الفيلم البلجيكي / الفرنسي «جوني»، الذي بدا وكأنه فيلم تسجيلي عن تربية، وتسمين، البقر، أكثر منه رصداً لحال الفتاة البائسة التي تعمل في مزرعة !).

اللغز.. والخلل

على مدار أربعة أيام، بواقع ستة أفلام على الأقل يومياً، شاهد جمهور الجونة 23 فيلماً قصيراً، لكنها وعلى عكس الدورات السابقة لم تصمد، ولم تنافس، في جودتها وتشويقها وإثارتها ومتعتها، أفلام مسابقة الأفلام الروائية الطويلة، أو أفلام برنامج الاختيار الرسمي (خارج المسابقة)، ولم ترفع لافتة «كاملة العدد»، كما جرت العادة، الأمر الذي يعني أن ثمة خللاً أصابها، وأربكها، وأدى إلى خفوت بريقها، وهو ما ينبغي البحث عن أسبابه، وتداركها، لما تحظى به مسابقة الأفلام القصيرة من اهتمام، وما تقوم به من رسالة تُسهم، بدرجة كبيرة، في التواصل مع أحدث المدارس السينمائية، في مجال إبداع السينما الوثائقية والقصيرة والتحريك، وهو ما تحتاجه السينما المصرية، بقوة، بدليل أن الفيلم المصري الوحيد، الذي نال جائزة، في مسابقة هذا العام، وهو «القاهرة - برلين»، لم ينلها، في السباق العالمي للمنافسة على الجوائز، وأنما نالها كأفضل فيلم عربي !

 

####

 

فيلم "ريش"..  بين الفن ومحاكم التفتيش

محــمد بغــدادى

لازالت أصداء حملة الهجوم على فيلم "ريش" مستمرة رغم تصريحات الدكتور خالد عبد الجليل رئيس الرقابة على المصنفات الفنية.. الذى أكد فيها: "أن وزيرة الثقافة كانت تريد الاحتفال بأبطال فيلم ريش لأنهم شباب مصريين فازوا في مهرجان كان"، مؤكدا: "أن الدولة المصرية تحتوي كل الشباب المبدعين".

ولكن إيناس الدغيدي ــ التى يفترض أنها مخرجة سينمائية ــ كان لها رأى آخر.. واستنكرت وربما استكثرت عليه الجوائز.. وهى فنانة متحررة وقدمت أفلاما أثارت الكثير من الجدل لجرأتها.. وجسارة المشاهد وأحيانا بذائة الفكرة والحوار.. مثل: "لحم رخيص".. "أمرأة واحدة لا تكفى".. "مذكرات مراهقة".. ورغم ذلك هاجمت فيلم “ريش”.. بسبب: "ضعف مستواه الفني، ولا تعرف كيف فاز هذا الفيلم بجائزة في مهرجان كان"!!! وأضافت: "إن فيلم ريش ضعيف على كل المستويات، وأنها كمخرجة لا تحجر على آراء أحد لكننا كنا ننتظر عملا فنيا ذو قيمة"!!!!!.. وكأنها تتقدم ببلاغ ضد الفيلم.. مما أدى إلى تحرك برلماني ضد الفيلم متهما بالإساءة وتشويه صورة مصر وسمعتها!!!

وهذا رأى الست إيناس الدغيدى صاحبة برنامج النميمة الفضائحى "شيخ الحارة".. وكأن كل من أشادوا بالفيلم لا يفهمون فى السينما.. ولكننى أتمنى من المخرجة المتحررة أن تقرأ بعض تعليقات النقاد الأجانب الذين أشادوا بهذا الفيلم.. ومنحوه الجائزة الكبرى فى أهم مهرجان سينمائى عالمى.. فقد كتب "أوليفييه بيليسون" يقول على الموقع الفرنسي "باند أبارت Bande à Part": "كتب عمر الزهيري اسمه في التاريخ، كأول مخرج مصري يقدم فيلمًا طويلًا في أسبوع النقاد، حيث فاز للتو بجائزة "نسبريسو الكبرى" في الدورة الستين... إنها قصة بسيطة عن عائلة عادية تكافح من أجل تغطية نفقاتها والبقاء على قيد الحياة... كل شيء جيد في البناء، من الكتابة إلى التمثيل، من المجموعات إلى المونتاج"... وكتب "جيسون بيرودسكي" على موقع صحيفة براغ ريبورتر التشيكية The Prague Reporter: "يسير الفيلم بخطى متعمدة ولكن ليس بطيئًا أبدًا، لا توجد مشاهد ضائعة في الفيلم، كل تسلسل يعتمد بعناية على السرد الموجه، وهو إنجاز نادر لمخرج يقوم بأول ظهور له. هذا هو أحد الاكتشافات الحقيقية لعام 2021".. وأشادت الناقدة الفرنسية السورية "ندى الأزهري" بالفيلم، مؤكدة: "فيلم ريش رائع ومخرجه عبقري ولديه لغة سينمائية معاصرة وفريدة".. وجاء رد عمر الزهيري على الهجوم على فيلمه "ريش".. قائلاً: "كل إللي كان يهمني أني أقول وجهة نظري ببساطة، وعملت السينما إللي مفروض أعملها ومقتنع بيها".. وكتبت المخرجة المتميزة كاملة أبو ذكرى عبر الفيسبوك: "تلميذي وعزيزي المخرج الشاب عمر الزهيري... مبروك على فيلمك، وأرجو من الإخوة إلى بيزايدوا بوطنيتهم يرحمونا من كلمة سمعة مصر"..

وجاء أول رد حكومي على "الفيلم ليدحض كل هذه المزايدات عندما علق مدير الإدارة المركزية للمبادرة الرئاسية حياة كريمة ولاء جاد، على فيلم ريش المتهم بالإساءة للبلاد قائلا: "إن المبادرة تنحاز لحرية الإبداع والفن، ولا تنحاز إلى الرأي الذي يرى أن فيلما سينمائيا من الممكن أن يسيء لسمعة مصر، مصر دولة أكبر من ذلك بكثير، حرية الإبداع مكفولة، وكذلك وجهة نظر الكاتب والمؤلف، مؤكدًا على حق الدولة في إبراز الجهود التي تقوم بها على أرض الواقع" وأضاف: "الفيلم يتناول حياة أسرة فقيرة محرومة من الخدمات ولا يتوافر لها معايير الحياة الكريمة، وما تقوم به الدولة هو جهود متواصلة لتغيير ذلك الواقع منذ 2014، وبالفعل هو الواقع الذي كان يعيش فيه قطاع كبير من المواطنين نتيجة عقود طويلة من الإهمال والسياسات غير المنحازة للعدالة الاجتماعية".

وأضاف ولاء: "أن دميانا نصار، بطلة فيلم ريش، من قاطني محافظة المنيا، والتي تعد من المحافظات الهامة في المبادرة، واستهدف منها في المرحلة الأولى نحو 192 قرية، والتي تضم حوالى 60 % من عدد القرى الموجودة في المنيا، مؤكدا أنه خلال العامين المقبلين ستستهدف المبادرة الرئاسية باقي مراكز وقرى المحافظة".

هكذا حسمت الدولة المصرية الأمر.. ولكن بعض المتزيدين الذين اعتقدوا أنهم "ملكيين أكثر من الملك ".. كالمذيعة التى دخلت الإعلام بشفاعة نجومية زوجها.. شاهدناها تتنمر بالمصرية البسيطة بطلة فيلم ريش السيدة المصرية جدا "دميانا نصار".. وتقول لها بستعلاء: "لولا الفيلم ما كنتى تحلمى أن تأتى إلى هنا.. والفيلم فتح لك باب رزق"!!! رغم أن هذه السيدة حصلت على جائزة فشل كل هؤلاء النجوم فى الحصول عليها عبر عشرات الأفلام التى قدموها.. وقالت المصرية الجميلة والبسيطة دميانا بتلقائية وصدق: " لما قالوا لى أختارناكى تمثلى قلت لأبو ماريو.. ووافق على طول.. وأنا كان نفسى أمثل.. وهو عيب ولا حرام إننا نفرح وأمثل”.. وفى تصورى أن هناك من الأعمال الدرامية التى تحتفى بالبلطجى وحملة السيوف والمطاوى والعنف بما يسيئ لسمعة مصر أكثر من أى عمل أخر.. ويكفى حلقة واحدة من مسلسل (نسل الأغراب) الذى قدم فى رمضان الماضى لترى المصريين فى صورة غير آدمية عبارة عن غجر غير متحضرين يقتلون ويرهبون ويسرقون ذهب البلاد.. ويمزقون بعضهم بعضا بكل أنواع الأسلحة.. عبر مشاهد مروعة غير مسبوقة من العنف الهمجى.. اتركوا فيلم ريش فى حاله وارحمونا من محاكم التفتيش الفاشلة..

 

جريدة القاهرة في

26.10.2021

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004