ملفات خاصة

 
 

أسئلة المهرجانات العربية: اضطرابات لامتناهية

نديم جرجوره

الجونة السينمائي

الدورة الخامسة

   
 
 
 
 
 
 

يحفل كلّ عام بمهرجانات سينمائية عربيّة، معظمها يُقام في مدنٍ عربية. وفرتها تطرح سؤالاً، يتوزّع على أهدافها ومنطلقاتها وتأثيراتها ونتائجها ومواقعها واختصاصاتها وتمويلها ـ ميزانياتها، وهذان التمويل والميزانية يندر الاعتراف بهما علناً. بعضها دولي، أي أنّه منفتح على سينمات مقبلة من جنسيات إنتاجية مختلفة، تُعرض أفلامها إلى جانب أفلامٍ مُنتجة في دول عربية وغربية، بأموال عربية و/ أو غربية، أو مشتركة بين العربي والغربي. الاختصاصات عديدة. المحلي فيها طاغٍ، والمنفتح على الجغرافيا الواسعة قليلٌ. بعضها يتّخذ من السياحي ركيزةً، من دون أنْ يحول بعض السياحي دون بهجة السينما ومُتعها واشتغالاتها وتساؤلاتها، وهذا نادرٌ، فالسياحي أقوى، وهذا حاضرٌ في منشورات صادرة عن تلك المهرجانات، تُرحِّب بالضيوف والمدعوين، متمنّية لهم إقامة سياحية مريحة وهادئة. بعضٌ آخر يُفضِّل عزلةً، لن تمنع فعلاً سينمائياً بحتاً، بل تُعمّقه أحياناً، مع اختفاء كامل، أو شبه كامل، للاستعراض والأضواء والنجوم والسجّاد الأحمر والحفلات الليلية.

غلبة السياحي

الربع الأخير من كلّ عام تحديداً يُشكِّل، في عالمٍ عربي مُصاب بإحباطات وانهيارات وانكسارات وأزمات، متنفّساً، عبر سينما غير منغلقة وغير منعزلة وغير متقوقعة. رغم هذا، لن تكون المهرجانات كلّها ـ المُقامة في تلك الفترة من كلّ عام، كما في فتراتٍ أخرى ومدنٍ متفرّقة ـ مُصانة بتنظيمٍ يُريح المدعوين ويحثّهم، في الوقت نفسه، على اكتشافاتٍ واختبارات، يمزج بعضها بين السينمائي والسياحي، ومحصّنة بمعرفة وافية في إدارة سوية، يُفترض بها ألاّ تُخطئ، خصوصاً في مسائل تُعتبر أساسية، وتنفيذها غير محتاج إلى نباهة وأموال، لشدّة بساطتها.

التفاصيل، التي يُظَنّ أحياناً أنّها غير مهمّة، تمتلك حقّها في أنْ تكون مهمّة، بينما منظّمون عديدون يتجاهلونها، قصداً وهذا نادرٌ، أو من دون قصد، وهذا دليل جهلٍ وقلّة تجربة وانعدام تنبّه إلى قواعد أساسية وسهلة، يُفترض بهؤلاء، أو ببعضهم على الأقلّ، إدراكها، بفضل مشاركاتٍ لهم في مهرجانات دولية، مُصنّفة فئة أولى.

لكنّ العالم العربي منهار في جوانب عيشه ويومياته، ما يؤثّر سلباً على مهرجانات سينمائية عدّة تُقام في مدنه. بعض دوله يمتلك صناعة سينمائية، كمصر والمغرب وتونس. دولٌ أخرى تجهد في تحقيق أفلامٍ، لبعضها حضور وتأثير أعمق وأهم وأكبر من بعضٍ آخر. الاختصاصات مطلوبة، رغم أنّ نقاداً وعاملين/ عاملات في صناعة السينما يتجنّبون الاختصاص، مُفضّلين انفتاحاً على كلّ الأنواع والأشكال والتصنيفات، فالشرط الأساسي أنْ تكون الأفلام سينمائية، وأنْ تستوفي شروط الصنيع السينمائي.

رغم هذا، يبدو مؤسّسو مهرجانات عربية ومدراؤها غير مكترثين بشيءٍ، باستثناء تقديم أنفسهم كمؤسّسي مهرجانات ومدرائها، فيُسافرون ويُشاركون في محافل واحتفالات، ويلتقون كثيرين، وبين الكثيرين ربما يكون هناك مموّل أو منتج، يتمكّنون من الفوز بشيءٍ من كَرَمِه.

قارئ تعليق كهذا ربما يُطالب بأسماء، وهذا حقّ. لكنّ ذكر أسماء من دون تأكيد على فعلٍ غير سينمائي في مهرجان يحمل اسماً سينمائياً، يُصبح اتّهاماً من دون أدلّة. هذا غير متعلّق بتهرّب من ذكر أسماء، بل بواقع. هذا يُشبه ما يحصل دائماً في صناعة السينما العربية أيضاً: مشاريع ضخمة تُقدَّم لجهات إنتاجية، بعضها عربي، وبعد الحصول على تمويل أو شيءٍ منه، أو على إنتاج أو بعضه، يختفي المشروع، أو يُنفَّذ قليلٌ منه. مشاريع منها ترفع عناوين مُثيرة لانتباهٍ إنتاجي، معظمه غربي، مع أنّ الغرب غير جاهلٍ أفعالاً "تشبيحية" عربية، فمشاريع عدّة تُقدَّم باسم الحرب الأسدية ضد شعبٍ وبلدٍ، أو تخريبٍ حاصلٍ في اليمن أو لبنان، أو مقاومة فلسطينية لاحتلال إسرائيلي، إلخ. عناوين كهذه تُغري جهات إنتاجية، لكنّ التنفيذ غير متساوٍ والمشاريع المُقدَّمة، وهذا غير دائمٍ طبعاً.

عدم ذكر أسماء نابعٌ، أيضاً، من التزامٍ بصداقات تربط مدراء مهرجانات بنقاد وصحافيين قلائل. يظنّ مدراء أنّ الصداقة حاجزٌ يمنع انتقاداً وتوضيحاً وسجالاً، يحتاج إليها كلّ فعل سينمائي، والمهرجان فعل سينمائي بامتياز. الدعوات المتضمّنة توفير كلّ شيء لناقد وصحافي، من دون مقابل مالي، تحتوي على نوعٍ من رشوة مبطّنة، إذْ يخجل نقاد وصحافيون من انتقاد وتوضيح وسجال، أو لا يجرأون، مع أنّ بعضهم غير مكترثٍ بـ"دعوة مجانية" كهذه، فيقول ويطرح ملاحظات نقدية، وبعض آخر يتردّد في إثارة نقاشٍ مطلوب، لمعرفته بأنّ مدراء مهرجانات عربية يريدون الأحسن لها، لكنّهم يصطدمون بعوائق كثيرة، أبرزها وأخطرها "صاحب" المهرجان، وهو مموّله في آن واحد، وحاشيته.

هناك مشكلة أخرى، تتعلّق بجنسية مدير هذا المهرجان أو ذاك: في مصر، يستحيل لأي عربيّ أنْ يبرع في تأدية وظيفته مديراً لمهرجان مصري دولي، طالما أنّه يتعامل مع مصريين في مناصب أكبر منه، ومعظم هؤلاء غير مُدرك معنى إدارة مهرجان وأهميته ودوره في الاجتماع والثقافة والفنون، والصناعة السينمائية بحدّ ذاتها. يعاني مدراء مهرجانات ضغوطاً شتّى من أصحابها ـ مموّليها. هناك أيضاً عاملون وعاملات في مجالات مختلفة، يجهدون في سعيهم اليومي إلى تأدية واجبهم كما يجب، لكنّهم يعانون قرارات استنسابية من صاحب المهرجان ومموّله، ومن حاشيته المستلمة مناصب أعلى. هذا صعبٌ. هذا قاسٍ. هذا غير مهنيّ البتّة.

لا مواجهة ولا نقاش

لذا، يُفضِّل الناقد ألاّ يواجِه مهرجاناً كهذا، مليئاً بأخطاء وهنات وخلل، لإدراكه أنّ مديراً عربياً في منصبٍ أساسي في مهرجان مصري مثلاً غير قادر على ترتيب الأمور، أو ربما يكون موافقاً على الانخراط في لعبة المصالح والعلاقات. والناقد يُدرك أنْ جنوداً مجهولين يبذلون كلّ ما لديهم من أجل صورة أفضل للمهرجان، وبعض النافذين فيه غير آبه بهم وبما يفعلون. يُفضِّل الناقد حصر كتاباته بأفلامٍ وحوارات، أو بمسائل تُطرح في لقاءات وجلسات، بعيداً عن فكرة المهرجان وعلله الكثيرة. هذا غير مهني، بل منافٍ للمهنة ربما. لكنّ الناقد يلجأ إلى أسلوبٍ كهذا، لقناعته بأنّ الكتابة عن الأفلام وإجراء حوارات ومتابعة مسائل مختلفة جزءٌ من مهنته، ولمعرفته بأنّ كل نقدٍ إزاء علل وهنات وخلل في المهرجان لن يُغيِّر شيئاً.

لذا، يقول نقاد وصحافيون قلائل بضرورة إلغاء "الدعوات المجانية"، كما يحصل في مهرجانات دولية عدّة، ففي الإلغاء متنفّس أكبر، شرط أنْ يكون "صاحب" المهرجان العربي ومموّله منفتحاً على رأي يُريد نقاشاً ويُضيء على مشكلة، وهذا صعب، أو مستحيل. "الدعوات المجانية" تمنح المهرجان وصاحبه ـ مموّله مديحاً يريده في مشهدٍ عربي يعتاد المديح فقط، وينفر من كل رأي مخالف، والاختلاف مهموم بتطويرٍ وبلورةٍ وتقدّم، وصاحب المهرجان ومموّله غير آبهٍ بتطوير وبلورة وتقدّم، فالمهرجان بالنسبة إليه امتياز اجتماعي لا أكثر.

لوفرتها، تحتاج المهرجانات السينمائية العربية، المُقامة في مدنٍ عربية وأجنبية، إلى أكثر من دراسة وتحليل. التماهي ببعض الغرب غير مُبرَّر، بل مُسيء إلى السينما والجغرافيا العربية، وإلى مفهوم المهرجان وضرورته وأهميته. الرغبة في تشابهٍ مع الغرب مُضرّ، إنْ لم يكن قاتلاً. لكنّ الاستفادة من تجارب الغرب في صُنع مهرجانات سينمائية عربية مُلحّ، من دون أي تماهٍ أو دونية. المأزق أنّ مهرجانات عربية عدّة تستقي من الغرب بهرجة وأضواء وسجّاداً أحمر واستعراضات، بينما الأساسي، كالفعل المؤسّساتي المتكامل، غير موجودٍ، وهذا مقتل المهرجانات العربية، وبعضها خاضع لابتزاز سلطات حاكمة، وبعضه الآخر مرتبطٌ بشخص المموّل، الذي يبغي بهرجة وأضواء وسجّاداً أحمر واستعراضات، ولا شيء آخر، على حساب السينما، أو أقلّه على حساب بديهيات جوهرية في صناعة المهرجان، كالتنظيم، وإصدار المطبوعات قبل بدء كلّ دورة، وآليات تشكيل لجان التحكيم، ومدى مصداقية المُشاركين فيها، مثلاً.

إذْ كيف يُعقل أنْ يبلغ مهرجان عربي عامه الخامس أو العاشر، والأخطاء نفسها تتكرّر دورة تلو أخرى؟ هناك نكتة متداولة زمن "مهرجان دمشق السينمائي"، في أعوامٍ سابقة: "كاتالوغ" هذه الدورة يصدر في الدورة المقبلة بعد عامين. فالبيروقراطية قاتلة في نظام شمولي غير آبهٍ بثقافة وفنون. لكنْ، أيجوز أنْ يطغى فعلٌ كهذا في مهرجانات حديثة؟ أيجوز أنْ يُشبه مهرجان ـ يُقام في عصرٍ متطوّر، تقنياً على الأقل، وفي مدنٍ يمتلك بعض ناسها حِرفية وقدرات على ابتكار المهمّ والأفضل ـ مهرجانات سابقة، تعاني وهناً وعجزاً وخراباً في زمن قديم؟

المعضلة كامنةٌ في أنْ الاجتماع العربي مُصابٌ بوهن وعجز وخراب، لأنّ سلطاتٍ حاكمة تبغي ضربه لاستمرار حُكمها، ولأنّ أثرياء يريدون المهرجان واجهة إعلامية لهم على حساب السينما، التي يتباهون بحبّهم لها، ولعلّهم يحبّونها فعلاً، لكنّهم غير عارفين قواعد المهرجان وأصوله وآلياته، ويُفضّلون إمّا استغلال عارفٍ من دون منحه حرية كاملة للعمل، وإمّا التعاون مع غير العارف، فهو يُريحهم من كلّ همّ، لعدم اعتراضه على أيّ شيء، ولعدم اهتمامه بمعنى المهرجان وحُسن سلوكه. أثرياء يصرفون أموالاً طائلة على "نجوم/ نجمات"، وحفلات وسهرات ومسائل لا علاقة لها بالسينما كفن وثقافة وصناعة، ويبخلون على عارفٍ بالمهنة يريد شيئاً نافعاً من أموالهم لتنظيم مهرجان بحسب أصول التنظيم والعمل.

ملاحظات

هذا غير شاملٍ كلّ المهرجانات السينمائية العربية، فبعضها فعّال وضروري، وفعاليته منبثقة من تمكّنه في إتاحة فرصةٍ لعرض أفلامٍ غير مقبولة في الصالات التجارية، وفي منح سينمائيين وسينمائيات مساحةً لتقديم ما لديهم من أفكارٍ ومشاريع، وبعضهم يحصل على منحٍ تمويلية يوفّرها هذا المهرجان أو ذاك، وإنْ بمبالغ قليلة وشروطٍ أكثر.

المكتوب أعلاه ملاحظات تبغي نقداً، وترغب في نقاشٍ. المهرجانات السينمائية العربية كثيرةٌ، والمغرب أكثر الدول العربية الشاهدة على وفرة المهرجانات، ومعظمها غير معروفٍ وغير مهمّ وغير مؤثّر وغير ذي فائدة، باستثناء مصالح شخصية وعلاقات عامة. تحاول مصر أنْ تتجنّب هذا، لكنّ مهرجانات تُقام في مدن مختلفة فيها مُصابة بعطبٍ أو أكثر، لعجزها عن الخروج من وهج الهالة، التي يُظنّ أنّ مهرجانات كهذه تمنحها لمؤسّسين ومديرين ومشرفين ومنتفعين، وهذا كلّه حاصلٌ في المغرب أيضاً. المهرجانات التاريخية فاقدةٌ لكلّ معنى أو فعل، كتلك المُقامة في دمشق والقاهرة وقرطاج زمن الاجتهادات الثقافية والفنية والفكرية والإيديولوجية، مع أنّ مدراء جدداً لبعضها، المستمرّ في زمن الانهيارات الكثيرة، يُحاولون انتشالها من وهنها وخرابها وحُطامها، من دون فائدة، فالعجز والشيخوخة ضاربان فيها حتّى الموت.

ملاحظات كهذه غير حاسمة، فالحسم إلغاء لكلّ نقاشٍ وتفكير. زملاء مهنة يطرحون المسألة بين حين وآخر، وإنْ من دون إثارة فعلية لنقاشٍ مطلوب. فهل هناك من يهتمّ ويكترث؟

 

العربي الجديد اللندنية في

19.10.2021

 
 
 
 
 

الجونة والشعور بالطمأنينة

صفاء الليثي

كنت أتابع أخبار مهرجان كان ومعها شعور كبير بالراحة والاطمئنان أن هناك مندوبا ساميا لنا هناك سيحرص على اقتناص أهم الأفلام ووصولها إلينا في الجونة، أولها كان ريش للمخرج عمر الزهيري الفيلم الفائز بالجائزة الكبرى لأسبوع النقاد بمهرجان كان ، وسينافس في مسابقة الأفلام الروائية في الدورة الخامسة لمهرجان الجونة السينمائي. وتوالت الأخبار عن ضم سبعة أفلام مصرية في الأقسام المختلفة لبرنامجه خلال دورته الخامسة المقبلة ، ثم 16 فيلما عربيا وتتوج الأخبار بالإعلان عن تكريم محمد بكري الممثل الفلسطيني بنجمة الجونة للإنجاز مدى الحياة. حالة من الرضا ومشاعر متباينة بين الانتظار والترقب حتى منتصف أكتوبر الموعد الذي سيصبح ثابتا لمهرجان الجونة بعد استقراره وسط مهرجانات المنطقة . غزارة المعلومات التي تصل تباعا عن فعاليات الجونة والأفلام المشاركة تسبق إقامة المهرجان الفعلية ويكون علي الاستعداد وتنظيم جدولي الخاص لأتمكن من ملاحقة العروض وبعض الفعاليات المسموح لنا بالمشاركة فيها، ثلاثة من أهم أفلام مهرجان فينيسا الأخير ستعرض بالجونة خارج المسابقة ، أطمئن بوجود مكتبة الأفلام لأتابع ما فاتني بسبب ازدحام الجداول، نتبادل الآراء ، هل شاهدت فيلم كذا؟، حاولي أن تلحقيه في الإعادة، سأبحث في مكتبة الأفلام،غالبا سأجده ونادرا يصبح من الصعب إذ تكون بعض النسخ غير متاحة إلا للعرض في الصالات الكبيرة المجهزة. الاهتمام بأحدث الإنتاجات على مستوى العالم لا يتعارض مع العروض الاستعادية وأهمها عروض أفلام كيشلوفسكي بعد الترميم من شركة فرنسية إم كادو (MK2) لمجموعة من أفلامه، وكما سبق إقامة معرض مقتنيات إحسان عبد القدوس ومعرض أنسي أبو سيف سيقام معرض للمخرج كيشلوفسكي صاحب ثلاثية الألوان المبهرة. توافر وسائل الانتقال بين أماكن العروض المختلفة أمر مطمئن، بالإضافة إلى احترام المشاركين والتنظيم العالي الذي يقطع أي مجال للشكوى، تواجد المدير الفني وفريق العمل واستجابتهم لأي طلب، فريق المتطوعين الذين أصبحنا نعرفهم بالاسم، شابات وشباب يقومون بالعمل باحتراف ومهنية، كونوا حصيلة خبرات تراكمت عبر الدورات الأربع الماضية وأتوقع لها رسوخا في الجونة الخامس، عيدا للسينما المصرية والعربية والعالمية أضيف إلى مهرجاناتنا في مصر، ولن يكون المبشرون بجنة الجونة فقط هم المستفيدون من برامجه، إذ تتواصل الشراكة مع زاوية لعرض ثاني لأغلب الأفلام. وأرجو أن يتمكن فريق الجونة من تنظيم عروض لاحقة لأهم هذه الأفلام في القاهرة لتصل إلى محبي السينما في مصر كلها.

 

نشرة المهرجان اليومية في

19.10.2021

 
 
 
 
 

مهرجان الجونة… الافتتاح المُثير وخطة الانتقام من محمد رمضان

كمال القاضي

بدأ الاستعداد للدورة الخامسة لمهرجان الجونة السينمائي مبكراً، بدعاية مُكثفة وإعلان عن الجديد والمهم من الأفلام والأجواء والضيوف، وبالفعل جاءت النُذر الأولى للحدث السينمائي الكبير لافتة وغريبة، وربما غير مسبوقة، فقبل بدء الفعاليات شب حريق محدود، تم التعامل معه بسرعة مُذهله واحتواء فائق، فلم يُسفر عن خسائر تُذكر، واستمر الإعداد للاحتفالية التي بدأت في 14 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، وتستمر حتى 22 من الشهر نفسه بالكفاءة ذاتها.

وتوقع المراقبون للمهرجان أنهم سيشاهدون دورة متميزة ومختلفة، وبالفعل حدث ذلك، فقد جاء الاختلاف متمثلاً في إلغاء فيلم الافتتاح كتقليد مُتبع في كل المهرجانات العربية والعالمية.

وحسب ما نُسب إلى مدير المهرجان أمير رمسيس، فإن الإلغاء جاء مقصوداً، لأن المدعوين من كبار السينمائيين وبعض الشخصيات العامة لا يهتمون كثيراً بمشاهدة فيلم الافتتاح، ويتركون القاعة قبل نهاية العرض، لذا فقد تقرر إلغاء عرض الفيلم احتراماً لصُناعه، والحقيقة أن كلام مدير المهرجان يغاير السائد والمُتبع، فالمعروف والثابت والمؤكد أن عرض أي فيلم في افتتاح أي مهرجان هو تقدير خاص للفيلم ومخرجه ومنتجه وأبطاله وبقية صُناعة، ومن ثم لا وجاهة لهذا الزعم والأحرى أن يكون إلغاء فيلم الافتتاح له خلفيات أخرى، كعدم وجود فيلم قوي يصلح أن يكون عنواناً جيداً للدورة الخامسة، ولو أن أمير رمسيس صرّح بذلك لكان أصدق وأدق في تبرير غياب فيلم الافتتاح، الذي هو من أساسيات التنظيم والتكوين في كل مهرجانات العالم المهمة وغير المهمة.

نأتي للنقطة الأكثر إثارة في حفل الافتتاح وهي التقديم المُقتضب للنجم محمد رمضان، وإطفاء النور وقطع الصوت أثناء وجودة على المسرح، في رسالة سلبية مفادها الرفض لوجوده في المهرجان، لاسيما أنه لم تتم أي محاولة لتدارك الأمر بإعادة التيار الكهربائي والصوت، ليتسنى له استكمال أغنيته «جو البنات» بغض النظر عن عدم ملائمتها للمناسبة، غير أن أحداً لم يكلف نفسه عناء الاعتذار عما حدث ولو من باب المجاملة، وهذه الأشياء تحيط الأمر كله بالريبة، وتدفع إلى الظن بأن ما حدث كان مقصوداً. ولو سلمنا بصحة هذا الظن السيئ فهذا معناه، أن رمضان دُعي إلى حفل الافتتاح والنية مُبيته لإعلان رفضه على الملأ، وهو ما يُمثل غياباً كاملاً للياقة وقواعد البروتوكول المعهودة في المهرجانات والمناسبات، ويُثير سؤالاً مهماً عن الأسباب الجوهرية التي دفعت للنيل من مشاعر فنان وإحساسه على هذا النحو؟ فليس من المنطق أن يكون ذلك رد فعل لزهو محمد رمضان بنفسه وتفاخره بنجاحه واستعراض إمكانياته الفنية في الغناء، أو حديثه عن ترتيبه المتقدم بين أقرانه من النجوم، أو غير ذلك من دواعي الاستفزاز المنسوبة إليه والمأخوذة عليه، فالمسألة لا تعدو بالنسبة لنجم مثله أكثر من دعاية مبالغ فيها كونه مُستفزا هو الآخر من حجم الهجوم المُكثف عليه، حيث لكل فعل رد فعل مساو له في القوة ومضاد له في الاتجاه.

ثم إن الحرب بهذه الكيفية بين النجوم في كل دول العالم مُشتعلة طوال الوقت، وهناك من يأتي بأفعال وتصرفات تفوق تصرفات محمد رمضان بمراحل، والأمثلة على ذلك كثيرة، وربما الأوضح منها المطرب الراحل مايكل جاكسون الذي كان يتفنن في استحداث أشكال غريبة ومثيرة للدعاية، من تغيير لون البشرة إلى ارتداء أزياء المهرج وحتى هجومه على نوعيات وجنسيات معينة من الجمهور، وفق ما كتبته بعض صُحف الإثارة إبان توهجه ولمعانه واتهامها له بالنرجسية والغرور الشديدين.

فالمعنى المراد توضيحه في أزمة محمد رمضان أن الفنان في مرحلة الذيوع والانتشار والنجومية يكون متقلب المزاج والأطوار، خاصة إذا تحقق له النجاح، ووصل إلى قمة المنافسة في سن صغيرة، حينها يظن أنه مُستهدف ويُفسر كل نقد يوجه إليه بأنه نوع من الحقد، ورغبة دفينة لدى الغير في تحطيمه، وبناء عليه يتولد لديه الإحساس بالاضطهاد، لكن سرعان ما يزول هذا الشعور بمرور الوقت ونضج تجربته، ولو استعرضنا تاريخ النجوم المصريين، سنجد أن أغلبهم طاردتهم الشائعات وكانوا محل انتقاد شديد، سواء في المظهر العام أو طريقة الأداء أو الثقة الزائدة في أنفسهم، فبعضهم اتهم باتهامات قاسية تفوق الاتهام بالغرور والتعالي، وظلوا لسنوات حديث الصحافة والإعلام، وفي النهاية انتهت الزوبعة وبقي الفنان وإبداعه وفنه.

ثم أنه لا يليق أن يشارك في مهرجان الجونة حشد كبير من النجوم والنجمات مثل ليلى علوي وإلهام شاهين ونيللي كريم ومنى زكي وسمية الخشاب وأحمد فهمي ومحمد فراج وأشرف عبد الباقي، ويكون ضمن المُكرمين أحمد السقا بوصفة صاحب إنجاز إبداعي مهم، وفي الوقت نفسه يُعامل زميل لهم له اسمه وحيثيته الفنية، مُعاملة تسيئه وتكدره وتقلل من قدره أمام جمع غفير من الحضور على مرأى ومسمع من الملايين.

كاتب مصري

 

القدس العربي اللندنية في

19.10.2021

 
 
 
 
 

"ريش" ... سينما طازجة ترفض المعلبات الجاهزة

هبة محمد علي

حظيت الدورة الخامسة من مهرجان الجونة بمشاركة مصرية متميزة، لكن فيلم (ريش) احتفظ لنفسه بمكانة خاصة لدى حضور المهرجان حتى قبل عرضه، فالجميع تعلقت أعينهم بهذا الفيلم الذي حصل على أول جائزتين من نوعيهما في تاريخ الدولة المصرية من مهرجان كان، وهما جائزة أسبوع النقاد وجائزة فيبريسي بإضافة إلى جائزة أخرى من الصين حصل عليها عشية عرضه بالجونة.

الحالة نفسها حدثت من قبل في 2018 حيث كان فيلم (يوم الدين) للمخرج أبو بكر شوقي، وكان وقتها على قائمة أولويات الحضور بمهرجان الجونة أيضا، الجميع يسعى لمشاهدة الفيلم الذي أعاد اسم مصر مرة أخرى ليحلق في سماء المهرجانات العالمية، الكل يحتفي بصناع الفيلم وأبطاله، رغم كونهم جميعا وجوها غير معروفة، لكنهم كانوا نجوم الجونة في دورة تلك العام.

ظل بطل الفيلم "راضي" -المريض المتعافي من الجذام لكنه يحمل آثاره على وجهه- يلتقط الصور مع معجبيه وعلى وجهه ابتسامة تعجب كيف حوله سحر السينما من شخص بائس مريض مهمل داخل مستعمرة الجذام إلى نجم يجوب المهرجانات ويحقق فيلمه الجوائز، لم تكن موضة تسجيل المواقف عن طريق الانسحابات قد ظهرت بعد، وإلا كنا قد شاهدنا محبي هذه الموضة يغادرون القاعة ويصرون أن تلتقط له الكاميرات لحظة المغادرة!

بالطبع ليس إلزاما على أحد أيا كان أن يستكمل مشاهدة فيلما لا يروق له، والمنسحبون من استكمال مشاهدة فيلم (ريش) عددهم ليس بقليل، فالفيلم يحمل لغة سينمائية غير مستساغة، وقد تكون تسببت في إحباط البعض لكن الغريب أن يبرر أحدهم انسحابه، ويربط بينه وبين سمعة مصر، لست هنا بصدد الدفاع عن الفيلم، ولن أتطرق إلى كون الفيلم يدور في اللا زمان واللا مكان، أي أنه لم يحدد توقيت أو مكان الأحداث التي هي بالأساس تنتمي لسينما الفانتزيا، ولن أناقش منطقية ما فعله الفنان والأسباب التي جعلته يفضل القيام بذلك عن أن يجلس ويناقش صناع الفيلم الذي ينتمى إليهم بحكم مهنته، فلكل شخص قناعاته وأجندته التي يتصرف وفقا لها، وإجابات مثل تلك الأسئلة حتما ستكون عبثية.

لكن ما يشغلني حقا هو حال المتضامنين مع موقف هذا الفنان الذين قرروا طواعية أن يتبنوا موقفه، وأن يصبحوا أسرى لقناعاته، فكيف لإنسان في القرن الـ21 أن يسلم عقله لأحدهم ليعبث به بهذا الشكل الذي نتابعه على مدار اليومين الماضيين، ويصور له أن إنجازات الدولة التي يراها القاصي والداني ستتأثر بفيلم لم يقدم شيئا سوى أن جعل من أبطاله يعيشون في فقر مدقع، الأمر الذي تجاوزته كل سينما الدنيا، التي تغيرت أبجدياتها، ولم يعد بها تلك المحاذير العقيمة على الإبداع.

وفي مهرجان الجونة نفسه تشارك العديد من الأفلام التي تتحدث عن واقع مجتمعاتها بكل حرية، منها على سبيل المثال الفيلم الصيني القصير (ليلى وحدها) التي تضطر بطلته لتأجير رحمها حتى تجلب المال وتنقذ والدها المريض، ونعيش في الفيلم عالم تأجير الأرحام السري في الصين، والدوافع التى تدفع النساء لفعل ذلك، ومن السعودية تحدث فيلم (نور الشمس) عن مأساة ابن تزوجت أمه من زوج يمني فحصل على جنسية والده، وبدأ يعامل في المجتمع كمواطن درجة ثانية مما جعله يفضل الرحيل.

وفي مسابقة الأفلام الروائية تشارك روسيا بفيلم يحمل اسم (هروب الرقيب فولكونوجوف) الذي يتحدث بحرية عن ما حدث في معتقلات روسيا في زمن من الأزمنة، وغيرها من الأفلام التي يتنفس صناعها الحرية، كما تنفسها "بركات" من قبل فصنع لنا (الحرام، وأفواه وأرانب) وكما عبر عنها "عاطف الطيب" في (الحب فوق هضبة الهرم) و"إبراهيم الشقنقيري" في (أنا لا أكذب ولكني أتجمل) وغيرها من الأعمال التي مست الوجدان وعاشت حتى الآن دون أن تتهم بالإساءة إلى سمعة الوطن.

كان يستحق فيلم (ريش) أن نحتفي بإنجاز صناعه لا أن نحبطهم ونجبرهم على تقديم المعلبات الجاهزة التي تضمن لهم البقاء بعيدا عن السيل الجارف من الاتهامات، لكنني على يقين بأن محاولات "نتف الريش" لن تمنع هذا الجيل الواعي من التحليق بعيدا عن هذا العبث الحنجوري الزائف الذي يفضل أن يرى الدجاج مطهيا بالطريقة التقليدية ولا يروقه منظر الريش!!.

 

####

 

محمد دياب عن شريف منير:

كلامه خطير والأفلام المستقلة في العالم كله بتحكي عن المهمشين

نادين يوسف

عبر المخرج محمد دياب عن رأيه في تصريحات الفنان شريف منير حول فيلم "ريش" الذي اتهمه بالإساءة لسمعة مصر، وذلك عبر حسابه بموقع التواصل الاجتماعي Facebook

قال دياب "كلام الأستاذ شريف منير ان الجوايز اللي خدها فيلم ريش هي مؤامره من الغرب علي مصر كلام خطير جداً خاصه انه من فنان كبير".

تابع قائلًا "تكلم من خبرتي كشخص عضو لجنه تحكيم في مهرجان كان، و عضو في اكاديميه الاوسكار: قولاً واحداً مفيش انسان لا بالتلميح و لا بالتصريح عمره ما بيحاول يأثر علي اختيارات لجان التحكيم و اللي اعضاءها بيتكونوا من فنانين مميزين من انحاء العالم. اداره اي مهرجان دورها بينتهي بإختيار الافلام المشاركه و نقطه. و يسأل في ذلك الفنانين اللي كانوا اعضاء لجان التحكيم في المهرجانات الثلاثه الكبري زي هند صبري و نيللي كريم و محمد حفظي."

وأضاف "طب ليه الافلام اللي بتروح مهرجانات بتبقي عن الفقرا او عن المشاكل؟ الافلام المستقله في العالم كله هي الافلام اللي خارج منظومه الانتاج التجاريه، يعني الافلام اللي مش لاقيه انتاج و دي بتبقي دايماً الافلام اللي عن المهمشين او الناس اللي ملهاش صوت، و بما انها افلام مش متوقع منها تجيب فلوس فبيبقي عند صناع العمل الجراءه انهم يعملوا اختيارات فنيه جريئه و ده بيخليها مغريه للمهرجانات اللي بتدور علي سينما جديده و مختلفه."

تابع محمد دياب حديثه قائلًا "سنة 2019 الفيلم اللي كسب البالم دور هو (شوب ليفترز ) الياباني ، و سنه 2020 اللي كسب نفس الجايزه هو (باراسيت) الكوري و بعدها اكتسح الاوسكار. الفيلمين عن العشوائيات في دول عالم اول و بلادهم احتفت بالفيلمين و بصانعيهم بالرغم من ان العشوائيات نسبتها في الدولتين لا تذكر."

وعن رأيه في فيلم ريش قال "المميز في فيلم ريش مش الفقر علي الإطلاق بل اسلوب مخرجه الجرئ و طريقة سرده المختلفة، و سواء عجبك الفيلم او لأ لازم نشيد بإن الفيلم ده فيلم بصوت و طعم مختلف فنياً مش موجود في السينما المصرية. الفقر و المشاكل لا يمكن يدخلوك مهرجان كبير لو مفيش جوده صنع او تجربه سينمائية رائدة، فيلم ريش فيه تجريد للمكان و الزمان، و الفقر فيه خلفيه للقصه لدرجه ان المكان مش شبه مصر و لا أي مكان في العالم".

كما تابع قائلًا "و لو الفنانين نفسهم هم اللي بقوا بيرددوا الاتهامات اللي من نوعيه تشويه مصر فدي مصيبه، لأن الكلام ده فيه مزايده علي الرقابة و علي منتجي الفيلم و علي المهرجانات اللي بتختار الافلام و هيخلي اي فيلم عن المهمشين متهم بالتزلف و بيصعب انه ينتج او يُجاز"

وأضاف "و للأسف الكلام ده بيخلي الرأي الشعبي يبقي دايماً حاطط افلام المهرجانات في وضع المتهم: اكيد اختاروا الفيلم عشان سبب غير مستواه الفني. كلام فيه انسحاق و هزيمة و كأننا معندناش القدرة نعمل حاجه كويسه".

وعن شريف منير قال "بمنطق استاذ شريف كان هينسحب من عرض الفيلم العظيم الكيت كات اللي كان بطله و قدم فيه دور عظيم و كنا اتحرمنا من اعظم فيلم مصري."

اختتم دياب حديثه مشيدًا بالمخرج عمر الزهيري حيث قال "عمر الزهيري مخرج مصري واعد و يستحق مننا كلنا التحية و التشجيع، و فيلم ريش مدحه وذمه لازم يكون في داخل الاطار الفني فقط."

يذكر أن فيلم "ريش" أثار جدلًا واسعًا عقب عرضه أول أمس في مهرجان الجونة السينمائي وانقسمت الآراء بين مؤيد ومعارض للفيلم.

 

####

 

كاملة أبو ذكري عن أزمة فيلم "ريش": ارحمونا من كلمة سمعة مصر و كفاية مزايدة ونفاق

نادين يوسف

عبرت المخرجة كاملة أبو ذكرى عن رأيها في فيلم "ريش" وانسحاب عددًا من الفنانين على رأسهم شريف منير لأن الفيلم يسيء لسمعة مصر، وذلك عبر حسابها بموقع Facebook

قالت أبو ذكري "تلميذي و عزيزي المخرج الشاب عمر الزهيري مبروك علي فيلمك و أرجو من الإخوه إلي يبزايدوا بوطنيتهم يرحمونا من كلمة سمعة مصر، هو حد قال لحضراتكم إن مصر دي واحده ست بايره بتدور علي عريس، كلمة سمعة مصر دي كلمه مستفزه و تقلل من قيمة مصر عيب عليكم بقي كفايه نفاق و مزايده بإسم إن حضرتك وطني و المسئول عن حماية مصر"

تابعت قائلة " ميروك يا عمر و إفرح بنجاحك وما يهمكش من شوية منافقين عايزين يتملقوا من خلال شاب صغير في أول حياته وصدقني الكبار إلي بيخوفونا بيهم عندهم القدره علي معرفة المنافقين و المتملقين لإنهم كبار و فاهمين ما تخافش منهم و إحلم كمان و كمان إنشاء الله المستقبل قدامك"

يذكر أن فيلم "ريش" أثار جدلًا واسعًا عقب عرضه في مهرجان الجونة وقام الفنان شريف منير بمغادرة قاعة العرض موضحًا أن الفيلم يسيء لسمعة مصر

 

موقع "في الفن" في

19.10.2021

 
 
 
 
 

الجونة يكشف عن أفلام عربية قصيرة برؤى شبابية مجددة

الفيلمان المصري "القاهرة - برلين" والسعودي "نور شمس" يقدمان قراءة جريئة للواقع.

على مدى ثمانية أيام، يعرض مهرجان الجونة السينمائي الذي يقام سنويا تحت شعار "سينما من أجل الإنسانية" بمشاركة سينمائيين من أربع وأربعين دولة حول العالم أكثر من ثمانين فيلما من بينها ستة عشر فيلما عربيا وعشرة أفلام أجنبية تعرض عالميا للمرة الأولى. وفي هذه الدورة حققت الأفلام العربية القصيرة حضورا بارزا نظرا إلى خصوصية قضاياها.

الجونة (مصر)يواصل مهرجان الجونة السينمائي في دورته الخامسة، الاهتمام بالسينما العربية، التي حضرت بقوة طوال الدورات الأربع الماضية، والتي شهدت تقديم مجموعة من أفضل الأفلام العربية، ويستحوذ المهرجان للمرة الخامسة على الجزء الأكبر من الأفلام العربية، حيث يعرض خمسة أفلام روائية عربية طويلة، وثلاثة أفلام وثائقية، وسبعة أفلام قصيرة، بجانب فيلم واحد خارج المسابقة، وسبعة أفلام مصرية.

وتحقق الأفلام القصيرة حضورا لافتا في هذه الدورة بما تمثله من قضايا اجتماعية ورؤى شبابية رهانها التجديد، وتترأس المخرجة المصرية كاملة أبوذكرى لجنة تحكيم مسابقة الأفلام القصيرة التي تضمّ في عضويتها الممثلة المغربية نادية كوندا والناقدة الإيطالية نينا روث ومبرمجة الأفلام الفرنسية أليس خروبي والمخرج المصري تامر عشري.

الشباب والهجرة

مدفوعا بمرارة الوحدة والفقد بعد مغادرة أصدقائه إلى الخارج واحدا تلو الآخر، شرع المخرج المصري أحمد عبدالسلام في إنتاج فيلمه الأول “القاهرة – برلين” للتعبير عن شعور الاغتراب وعدم التأقلم مع المجتمع لدى أبناء جيله.

الفيلم مدته 17 دقيقة ومن بطولة الممثلة التونسية مريم فرجاني والممثل المصري إبراهيم النجاري بالاشتراك مع نبيل نورالدين وتصوير مصطفى الكاشف وإنتاج شركتي فوف وأندر دوج بالتعاون مع ليزارد فيلم.

يتناول الفيلم قصة نور التي تقضي ليلتها الأخيرة بالقاهرة قبل السفر بلا عودة إلى ألمانيا. وبعدما تكتشف بالصدفة فقدان جواز سفرها تبدأ بمساعدة صديقها يوسف في رحلة استعادته من حقيبة صغيرة أضاعتها بمحطة مترو الأنفاق وبداخلها بعض المتعلقات الشخصية والأوراق التي كانت تريد إخفاءها.

وقال عبدالسلام بعد العرض العالمي الأول للفيلم بمهرجان الجونة السينمائي إنه عكف على الإعداد لفيلمه الأول منذ سنوات وتأرجح بين عدة أفكار عن السفر والعائلة والعلاقات لكن مغادرة شخصية عزيزة عليه جدا للخارج جعلت فكرة الفيلم أكثر وضوحا في ذهنه وعجلت بخروجه إلى النور.

وأضاف “لاحظت في جلسات مختلفة مع أصدقاء أننا لو كنا عشرة مجتمعين معا فبيننا ما لا يقل عن ثمانية يريدون السفر إلى الخارج سواء للعمل أو لاستكشاف العالم أو بدء حياة جديدة”.

وتابع “تتعدد الدوافع والأسباب لكن النتيجة واحدة وهي الرحيل، ومع تزايد شعوري بالفقد وجدت أن بداخلي ما أريد أن أحكيه للناس عن جيل غير قادر على التأقلم مع محيطه وقررت إنتاج الفيلم لأشارك الآخرين الحكاية”.

يكشف الحوار في فيلم “نور شمس” عن بعض المشكلات الاجتماعية غير المطروحة إعلاميا أو سينمائيا في المجتمع السعودي

وأوضح عبدالسلام أنه اختار مع كاتب الفيلم أحمد حسني عدم الإشارة بوضوح إلى سبب معين لرغبة البطلة في السفر لأن دوافع وأسباب كل شخص تختلف عن الآخر، فربما كانت علاقتها بحبيبها أو ربما التسلط الممارس عليها اجتماعيا ممثلا في مسؤول المفقودات البيروقراطي بمحطة مترو الأنفاق أو ربما رغبتها في تحقيق ذاتها.

عبدالسلام (28 عاما) درس تخصص الإعلام قبل أن يعمل مساعدا للإخراج ببعض المسلسلات التلفزيونية والأفلام ويقرر لاحقا الالتحاق بأكاديمية للفنون السينمائية في لندن للحصول على درجة الماجستير.

وقال إن مشروعه السينمائي التالي هو فيلم طويل بالتعاون مع الكاتب أحمد محمد فرغلي سيواصل فيه طرح هاجس السفر والاغتراب لكن بمفهوم أشمل.

ويدين عبدالسلام بالفضل في إنتاج فيلمه الأول للمنتج جوزيف عادل الذي تجمعه به صداقة قديمة قبل أن يصبحا شريكين في “القاهرة – برلين”.

وقال عادل “الفيلم أيضا باكورة إنتاج شركتنا التي تعمل على تطوير المشاريع الإبداعية ودعم المواهب الجديدة ومساعدتها على إيجاد حلول ذكية ومبتكرة لتحقيق مشروعاتها”.

وأضاف “هي مغامرة لكنها محسوبة إلى حد كبير لأننا نعمل من منطلق مختلف للإنتاج غير مألوف في مصر وخضنا مراحل تطوير كثيرة قبل الوصول إلى الشكل النهائي للفيلم ثم ثلاثة أشهر للتحضير قبل بدء التصوير”.

وأشار إلى أن الفيلم سيكمل رحلته بعد مهرجان الجونة السينمائي في مهرجانات دولية كبيرة في أوروبا مثل كليرمون فيران في فرنسا ونوتردام في هولندا كما يمكن لاحقا إتاحته عبر المنصات الإلكترونية.

سينما خليجية جديدة

سجل فيلم “نور شمس” للمخرجة فايزة أمبة حضورا جديدا للسينما السعودية بالمهرجانات السينمائية بعدما انضم إلى المسابقة الرسمية للأفلام القصيرة بمهرجان الجونة السينمائي في دورته الخامسة.

الفيلم بطولة عائشة الرفاعي وأحمد صدام وموسيقى أمين بوحافة وهو الثاني في رصيد المخرجة التي خاضت تجربة الإنتاج من قبل في بعض الأفلام العربية.

وعلى مدى 26 دقيقة يتناول الفيلم قصة شمس التي تعمل سائقة أوبر وتعيش مع ابنها الوحيد مكي موظف الأمن بأحد المستشفيات والذي يحب الموسيقى ولديه طموح كبير في تغيير حياته إلى الأفضل عن طريق الاشتراك في مسابقة لاكتشاف المواهب سيسافر الفائز فيها إلى فرنسا.

تنزعج الأم من فكرة احتمال فوز الابن بالمسابقة وسفره للخارج مع تركها وحيدة مثلما فعل أبوه الذي هجرها بعد فترة زواج قصيرة فتحاول عرقلته بشتى السبل لكنه يصمم على قراره.

وبينما يبدو الأمر صراعا بين طرفين من جيلين مختلفين يكشف الحوار الذي كتبته أيضا فايزة أمبة عن بعض المشكلات الاجتماعية غير المطروحة إعلاميا أو سينمائيا بالمجتمع السعودي مثل زواج البطلة من رجل يمني مما جعلها منبوذة من أهلها وعدم حصول ابنها على الجنسية، وكذلك التمييز على أساس لون البشرة.

فيلم "القاهرة - برلين" يتناول عدة أفكار عن السفر والعائلة والعلاقات ويكشف عن حقيقة حلم الهجرة والاغتراب

وبشكل عام يمثل الفيلم خطوة إلى الأمام للسينما السعودية سواء على مستوى المضمون أو التنفيذ حيث جرى تصوير المشاهد بالكامل في مدينة جدة المطلة على البحر الأحمر في غرب السعودية.

وقال الممثل ومغني الراب أحمد صدام بعد عرض الفيلم بمهرجان الجونة إنه شارك من قبل في بعض الأعمال المصورة لكنه يرى أن إنتاج السينما في الخليج يشهد تطورا كبيرا الآن وخاصة في السعودية.

وقال “سعيد لأن إنتاج السينما السعودية أصبح ينزل إلى الشارع، تعودنا على إنتاجات السينما في الخليج بشكل معين لكن اليوم أصبحت متواجدة بشكل حقيقي في الشارع”.

ويعتبر الفيلم امتدادا للحضور الملحوظ للمخرجات السعوديات في السنوات القليلة الماضية على ساحة المهرجانات الدولية بعد “المرشحة المثالية” للمخرجة هيفاء المنصور في مهرجان البندقية و”سيدة البحر” للمخرجة شهد أمين في مهرجان القاهرة السينمائي.

من جانبها قالت عائشة الرفاعي إنها تشعر بالسعادة والفخر لوقوفها أمام الكاميرا لأول مرة حيث كانت تعتقد أن هذا حلم لن يتحقق كونها امرأة سعودية.

وأضافت أنها تهوى التمثيل وترشيحها للعمل جاء عن طريق مشاركتها في عرض مسرحي بموسم جدة مشيرة إلى أن السعودية مليئة بالمواهب.

 

العرب اللندنية في

19.10.2021

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004