رُغْمَ الإجراءات المشددة للوقاية من فيروس كورونا؛ يتابع
الجمهور عن كثب مهرجان الإسكندرية السينمائى لدول البحر المتوسط، الذى
انطلقت فعاليات دورته السابعة والثلاثين يوم السبت الماضى، وتستمر حتى 30
سبتمبر الجارى، وذلك بعد مجهود كبير بذلته إدارة المهرجان ليخرج بصورة
مشرّفة تليق بسحر عروس البحر المتوسط التى تعشق السينما كما عشقها صناع
السينما وأهلها.
عن فعاليات المهرجان، وتفاصيل المشاركة العربية ودعم
السينما السورية، وسبب استضافة اليونان كضيف شرَف على دورة هذا العام،
فضلاً عن تكريم أبرز نجوم السينما، كان لمجلة «صباح الخير» هذا الحوار مع
الناقد السينمائى «الأمير أباظة» رئيس مهرجان الإسكندرية السينمائى لدول
البحر الأبيض المتوسط.
•
تحظى السينما السورية بدعم واحتفاء كبير فى المهرجان..
حدّثنا عن تفاصيل هذه المشاركات المستمرة؟
-
أول مرّة فى تاريخ مصر يُعرَض فيها فيلم سورى فى افتتاح مهرجان، كان فى
الدورة الرابعة والثلاثين لمهرجان الإسكندرية السينمائى، من خلال فيلم
«دمشق.. حلب» للنجم دريد لحام. وهذا العام لدينا مجموعة مهمة من الأفلام
ذات المستوى الفنى المتميز من دولة شقيقة تحتاج إلى المساندة، فسوريا جزءٌ
من مصر، ونحن شعبٌ واحد فعليًا، وهم ظهْرنا فى الأزمات، ورُغم سنوات الحرب؛
فإنهم نجحوا فى تحقيق نهضة سينمائية مهمة، فقد أصبح الإنتاج أضعاف ما قبل
الأزمة، وبالتالى هى سينما تستحق الاحتفاء والتقدير لما يحاولون تقديمه فى
ظل هذه الظروف.
•
حدّثنا عن تفاصيل منح وسام عروس البحر المتوسط للفنان «دريد
لحام»؟
-
وسام عروس البحر المتوسط لا يتم تقديمه سنويًا كباقى التكريمات؛ ولكن يتم
تقديمه لنجم يكون له أثره الحقيقى فى السينما العربية، فقد قدّمناه منذ
عامين للمخرج التونسى «رشيد فرشيو»، أحد أهم المُخرجين فى السينما العربية،
وفى دورة 2019 قدّمنا للنجم «فريد شوقى» وسام فنان الشعب. وهذا العام نهديه
للفنان «دريد لحام» صاحب الموهبة العظيمة والعطاء المستمر، فنحن نحاول من
خلال هذا الوسام أن نُعبر عن تقديرنا لهذا التميز الفنى المختلف، وبالطبع
الفنان «دريد لحام» وجوده مؤثر فى مهرجان الإسكندرية؛ خصوصًا أنه قدّم
أفلامًا كثيرة فى السينما المصرية، وهو واحد من أهم رموز الكوميديا فى
الوطن العربى، لذلك الاهتمام والتقدير لمسيرة نجم بهذا الحجم أمرٌ «واجب».
•
ما كواليس العرض الأول لفيلم «المُطران» فى الإسكندرية
السينمائى؟
-
لقد حرصتُ على تواجُد هذا الفيلم فى المهرجان، فهو فى غاية الأهمية لعدة
أسباب، فالمطران «هيلاريون كابوتشى» واحد من أهم الشخصيات فى تاريخ النضال
العربى، فهو رجل دين مسيحى سورى زار القدس وأحبَّها وتعلق بها، ومن سوريا
أصبح مطرانًا للقدس، وفى منتصف الستينيات وإبّان الثورات كثورة الفتح
والثورة الفلسطينية ومحاولات التحرير، كان هذا الرجل يساعد الفدائيين وتم
القبض عليه ومحاكمته وتم حبسه، لكن تدخَّل الفاتيكان والعديد من دول العالم
ليتم الإفراج عنه، ليخرج بالفعل فى السبعينيات، وبالتالى من الطبيعى أن
تكون شخصية مهمة مثل هذا المطران؛ مثالاً مُلهمًا لتقديم سيرته من قِبَل
عدد من الفنانين، مثل «رشدى أباظة» الذى تعلق بهذه الشخصية جدًا، وله صور
بملابسه، وكذلك «عمر الشريف»، وأخيرًا الفنان «فاروق الفيشاوى» الذى تراجع
عن الدور لأن الجزء الأساسى فى البطولة لشاب فى سن صغيرة، فأوصى ابنه
«أحمد» بتقديمه، لذلك عندما يُقدم مثل هذا الفيلم يجب علينا الاحتفاء به.
•
لماذا تحرص إدارة المهرجان على وجود صبغة وطنية منذ سنوات؟
-
السينما بشكل عام يجب أن تكون هذه هى قضيتها، فبداية من عام 2013 كان
شعارنا «السينما تتحدّى الإرهابَ» فى ظل كل التهديدات التى واجهتها مصر
حينها، وكذلك مواكبة القضايا الكبرى دومًا، وهذا ما أشاد به وزير الخارجية
فى مؤتمر رودس فى اليونان، وتحدّث عن دور مهرجان الإسكندرية لدول البحر
المتوسط وأن الدورة كاملة عن الهجرة غير المشروعة ومَخاطرها وكيفية
مواجهتها، وبالتالى هذا هو دورنا، فالسينما دورها تحقيق «تماس» مع القضايا
المصيرية لشعبك وللشعوب الأخرى الصديقة، وهذا جزء مهم جدًا من رسالة أى
مهرجان.
المهرجان ليس مجرد احتفالية؛ بل يجب أن يكون هناك هدفٌ
وقضية تتبناها وتدافع عنها، قضية الإنسان فى كل مكان هى قضيتنا وقضية
المهرجان. ربما هذا جزء من شخصيتى، ولكن لعل الفضل فى تنمية هذه الشخصية
وهذه المسئولية يعود للأستاذ «سعد الدين وهبة»- رحمه الله.
•
على ذِكر الأستاذ «سعدالدين وهبة».. هل هو الأب الروحى لك؟
-
هو الأب الروحى فعلاً، وتعلمت منه كل ما انتهجه، كان عبقريًا فى الإدارة
والقدرة على اتخاذ القرار، مستنيرًا بدرجة كبيرة، ويحمل صفات كثيرة من
الصعب أن يشبهه فيها أحد، لذلك أنا مدين له بكل ما تعلمته فى هذا المجال
على يده.
•
بماذا تتميز هذه الدورة من مهرجان الإسكندرية لدول البحر
المتوسط؟
-
هذه الدورة مختلفة وتحمل قضايا اجتماعية مهمة جدًا؛ حيث نحتفل فيها بمرور
125 عامًا على أول عرض سينمائى فى الإسكندرية، ولدينا 7 أفلام عرض عالمى
أول، و23 فيلمًا عرض شرق أوسطى أول، أيضًا هذه الدورة تُصدر 16 كتابًا،
فحتى هذه الدورة أصبح رصيد مكتبة المهرجان فى 8 سنوات يبلغ 118 كتابًا،
فتوثيق الجانب الثقافى أمْرٌ مُهم، وهذا أحد الأساسيات التى تعلمتها أيضًا
من الأستاذ «سعد الدين وهبة».
أيضًا هى أول دورة تُهدَى للمُخرج «على بدرخان»؛ حيث نحتفل
بالعيد الماسى لميلاده، ونحتفل كذلك بالمخرج «عمر عبدالعزيز» ذى البصمة
الكبيرة فى الأعمال الكوميدية فى السينما المصرية، فمهرجان الإسكندرية يهتم
بشكل كبير بصناع السينما من مخرجين ومديرى تصوير ونقاد ومؤلفين وكل من يعمل
على تطور هذه الصناعة، وليس الممثلين فقط.
وهذا ليس لمصر فحسب؛ بل من كل الدول الشقيقة، فالمخرج «رشيد
فرشيو» عند حصوله على وسام عروس البحر المتوسط كتب فى الصحافة التونسية
(كنت أنتظر التكريم من تونس فجاء من الإسكندرية)، وبالتالى المهرجان مهتم
فعلاً بحوض البحر المتوسط حتى فى لجان التحكيم.
•
حدّثنا عن السينما اليونانية وأهميتها بين سينما دول البحر
المتوسط؛ خصوصًا أن قضاياها تحمل الكثير من سمات السينما المصرية؟
-
هى سينما مناضلة بدأت وهى تواجه الاحتلال التركى، وعلى المستوى السياسى
والتاريخى فالعلاقات «المصرية- اليونانية» علاقات مهمة جدًا؛ لا سيما مع
مشروع العودة للجذور الذى أطلقه الرئيس «السيسى» مع نظيره اليونانى. أمّا
فى الفن؛ فالسينما اليونانية قريبة من السينما المصرية فى طباعها وقضاياها
المشتركة. |