ملفات خاصة

 
 
 

قراءة في نتائج الدورة الأخيرة لـ «كان»

ما بين الخطأ المحرج والنتائج المثيرة للغرابة

لوس أنجليس: محمد رُضا

كان السينمائي الدولي

الدورة الرابعة والسبعون

   
 
 
 
 
 
 

هل من المعقول أن لا يعرف أي سينمائي أن أهم جائزة في أي مناسبة أو مهرجان تعلن في آخر الحفل؟ هل من المعقول أن لا يعرف سبايك لي هذه الحقيقة حتى ولو كانت هذه المرة الأولى التي يرأس فيها لجنة تحكيم دولية؟

الصحف الفرنسية تحدثت، أولاً على مواقعها ثم في تعليقات بعضها، عن الخطأ الفادح الذي قام به المخرج الأميركي سبايك لي عندما وقف - في مطلع حفل توزيع الجوائز - وقرأ أن الفائز بالسعفة الذهبية فيلم «تيتان». ثوانٍ قبل أن ينطلق الاسم سارع أعضاء لجنة التحكيم لتحذيره. استدار نحوهم متسائلاً. لكن الابتسامة لم تترك شفتيه لاحقاً.

حال نطقه اسم الفيلم صرخت فيه الممثلة الفرنسية ميلاني لوران «لا تفعل ذلك». المخرج البرازيلي كليبر مندوزا فيهو جمد في مكانه. الممثل الكوري كانغ هو سونغ ضحك طويلاً. الممثل الجزائري - الفرنسي طاهر رحيم سارع لاحتضان لي والتخفيف عنه. ثم انتقل من المقعد الخلفي لجانبه لكي يساعده في فهم ما يدور.

في نهاية الحفل اعتذر مخرج «مالكولم أكس» و«افعل الشيء الصحيح» و«حمى الغابة» من الحضور، وقال إنه لم يكن أمراً مقصوداً. رغم ذلك كاد أن يخطئ من جديد عندما أراد الإفصاح - رسمياً - عن الجائزة الكبرى قبل دخول الممثلة شارون ستون المبرمجة لتقديم الفقرة النهائية وإلقاء كلمتها.

«أمسية مثالية»

لكن قد تكون غلطة غير مقصودة أو هي على الأرجح كذلك. من تابع الحفل استمع إلى مقدمة الفقرات وهي تطلب من سبايك لي إعلان «الجائزة الأولى» وكانت تقصد أولى الجوائز ذكراً. نظر إليها مع قليل من التعجب، وتستطيع أن تدرك أنه اعتقد فعلاً أنها تسأله إعلان «الجائزة الأولى قيمة».

في المؤتمر الصحافي بعد ذلك، قدم سبايك لي اعتذاره. قال إنه قدم اعتذاره كذلك لمنظمي المهرجان: «قالوا لي Forget it».

لكن هذا الخطأ، بصرف النظر عن دواعيه، لم يكن سوى بداية سلسلة من الأخطاء والهفوات والارتباكات. واحد من الارتباكات المشهودة أن الممثل الشاب كالب لاندري جونز، الذي فاز عن الفيلم الأسترالي «نيترام» أمضى 20 ثانية على المنصة قال فيها «لا أستطيع أن أقوم بذلك»، ثم هرع تاركاً المنصة حاملاً جائزته معه.

وإحدى مقدمات الجوائز بدت تائهة وهي تقرأ وتنظر أمامها ثم تلتفت كما لو كانت تنتظر نجدة.

في النهاية لم تمتلك المخرجة الفرنسية جوليا دوكورناو، وقد اعتلت المنصة في نهاية الحفل لتسلم جائزة السعفة عن فيلمها «تيتان»، إلا أن تقول: «هذا المساء كان مثالياً لأنه كان غير مثالي تماماً».

ما بات تقليدياً، وسط كل هذه الفوضى، أن يتم إلقاء كلمة تعريفية بكل جائزة كما لو كانت المرة الأولى التي يمنح فيها الجائزة في ذلك الميدان. كلنا نعرف، مثلاً، ما هو السيناريو وأهميته، لكن «كان» (وسابقاً الأوسكار) ما يزال يجد أن واجبه الحديث عن قيمة السيناريو. كذلك الحال بالنسبة لباقي الميادين كالإخراج والتمثيل.

الفيلم الفائز بالسعفة الذهبية، «تيتان» لم يكن فيلماً عادياً. مزيج من حكايات الانتقام النسائي والعنف مع بعض الرعب وحتى بعض المطاردات. بطلة الفيلم، أغاثا روسيل، فتاة شابة تدخل المستشفى في حالة حرجة تتطلب جراحة تتضمن إدخال لوح تيتانيوم في رأسها. هذا يتركها بعلامة غائرة فوق أذنها اليمنى. تتبدى شخصيتها سريعاً بعد ذلك: عنيفة، متمردة، أحادية الرأي وذات تجارب تركت آثاراً غائرة في نفسها. ما يلي ذلك، بإجماع معظم النقاد، غريب. بل أكثر غرابة مما جنح إليه المخرج الفرنسي ليوس كاراكس الذي قدم فيلماً اختلفت الآراء من حوله عنوانه «أنيت». كاراكس فاز بجائزة أفضل مخرج عن هذا الفيلم الميوزيكال المختلف عن المتوقع في مثل هذه الأفلام.

اشتباك من نوع نادر

هناك سابقة في هذا الشأن، بالنسبة للمخرجة جوليا دوكورناو، وهي أنها المرة الثانية فقط (خلال سنوات المهرجان المديدة) التي تفوز بالسعفة الذهبية امرأة. المرة الأولى وقعت سنة 1993 عندما التقطت النيوزيلاندية جين كامبيون السعفة الذهبية عن فيلمها «البيانو»، أعلام ثلاث دول هي أستراليا ونيوزيلاندا وفرنسا.

كثيرون توقعوا هذا الفوز لأن حضور المرأة بالشكل الكثيف، الذي شمل أفلاماً عدة وخمسة أعضاء نساء في لجنة التحكيم (مقابل أربعة رجال). كان ذلك، بالنسبة لمن توقع فوز فيلم من إخراج امرأة، أمرا مفروغاً منه. آخرون توقعوا فوز فيلم فرنسي ما واختلفوا عما قد يكون (كان هناك سبعة أفلام من إنتاج فرنسي كامل أو غالب، ضمن 24 فيلما متسابقا).

«تيتان» أمن التوقعين معاً

ما لم يكن متوقعاً هو حضور إيراني - إسرائيلي على ملعب إعلان الجوائز.

جائزة المهرجان الكبرى (الثانية في القيمة والأهمية بعد السعفة الذهبية) توزعت بين فيلمين هما «المقصورة 6» ليوهو كوزمانن (إنتاج فنلندي، روسي، أستوني، ألماني) و«بطل» لأصغر فرهادي (إيران، فرنسا).

الفوز الإسرائيلي جاء ضمن ما يعرف بـ«جائزة لجنة التحكيم» (الثالثة في القيمة بين جوائز الأفلام) وذلك عبر فيلم «ركبة أحد» لناداڤ لا بد. هذا الفوز كان بدوره مشاركة مع فيلم آخر بعنوان «ميموريا» للتايلاندي أبيتشابونغ ويراسثاكول.

هذه الجائزة هي الوحيدة التي سيدرك من يفوز بها أنه خسر فرصة الحصول على إحدى الجائزتين الأكثر أهمية (السعفة والجائزة الكبرى) وقد بدا على المخرج الإسرائيلي لا بد الانزعاج حين نهض من مكانه وتوجه إلى المنصة.

في «بطل» يتطرق فرهادي مرة أخرى إلى قضية اجتماعية شائكة، لكنها لا تقترب من أي حد قد يؤلب النظام على المخرج ذاته أو يعرض الفيلم لمساءلة سياسية. عادة ما ينجح فرهادي في انتهاج هذا الخط المدروس. المشاكل التي نراها في أفلامه هي من صنع الأشخاص والأقدار ولا علاقة لها بالمؤسسة الرسمية. معظم النقاد (بريطانيون وأميركيون وفرنسيون) لاحظوا أن أفلامه السابقة (خصوصاً «طلاق») كانت أفضل من هذا الفيلم.

نتيجة منح الفيلم الإيراني جائزة أعلى من تلك التي نالها الفيلم الإسرائيلي. مهما كانت الدوافع والمبررات فإن فيلم لا بد هو أكثر جرأة في طرح المواضيع المثارة. يدور حول مخرج يصل إلى بلدة نائية في إسرائيل لعرض فيلمه هناك. ممثلة عن وزارة الثقافة تطلب منه التوقيع على ورقة تحتوي على ما تقترحه الوزارة عليه من مسائل للحديث فيها مع جمهور الفيلم. إنها رقابة رسمية وبطل الفيلم (الذي هو بديل للمخرج في واقعة حقيقية حدثت معه قبل سنوات)، يثور عليها وهي ذات ثورة المخرج لا بد في هذا الفيلم وهو ذكر في أحاديثه الصحافية أنه يعتبر تدخل الرقابة الإسرائيلية على نحو أو آخر أنه «موت للحرية».

جوائز الدورة أغفلت أفلاماً عديدة كانت مدرجة على سلم التوقعات لدى عدد كبير من النقاد والمتابعين، من فيلم وس أندرسن «ذ فرنش ديسباتش» إلى فيلم شون بن «يوم العلم» مروراً بفيلم «باريس، المنطقة الـ13» لجاك أوديار و«نترام» لجوستين كورزل، كما «ثلاثة أدوار» لزبون المهرجان الدائم ناني موريتي.

أسئلة العام المقبل

السؤال الأكبر، بعد أن طوى المهرجان دورته السابعة والأربعين، يتعامل هذا العام مع أكثر من موضوع: هل نجح؟ هل حقق تقدماً رغم العوائق؟ ثم ما تأثير هذه الدورة التي أقيمت تحدياً لكورونا على مستقبل المهرجان؟ كما بات معروفاً، انتقل المهرجان من موعده المعتاد في الشهر الخامس إلى موعد جديد في الشهر السابع، ومع انتهاء هذه الدورة أفلت من قرار تبشر فيه الحكومة الفرنسية بالعودة إلى شروط التعامل الفردي مع مخاطر كورونا. بعض المتابعين قرروا أن الحكومة كانت انتظرت حتى نهاية المهرجان لكي تطلب من الجمهور العريض العودة إلى الكمامات وضرورة الالتزام بكافة التعليمات والإقبال على التلقيح الأول والعودة إلى التلقيح الثاني. أو كما قالت صحافية باريسية: «فضلت الحكومة تنشيط السياحة على استمرار حالات الحذر من الوباء». الآن وبعد أن انفض المهرجان الكبير، بات يمكن العودة إلى التعليمات التي سادت سابقاً، خصوصاً أن الإصابات من جديد ارتفعت عن معدلها ولو أن المهرجان لم يشهد بحد ذاته إلا عدداً محدوداً منها.

يود المهرجان العودة إلى ربيعه عبر إقامة الدورة 75 في شهر مايو (أيار)، كما جرت عادته. لكن كل شيء بات في قبضة كورونا، بمعنى أن العودة إلى الربيع الباسم مرهون باختفاء فيروس كورونا أو هبوط حالاته على الأقل.

من ناحية أخرى، برهن عناد منظمي المهرجان عن أن حضور «كان» عالمياً أمر لا بد منه. لا يستطيع العالم تصور السينما من دون مهرجاناتها الكبرى الثلاث («كان» وبرلين وفنيسيا)، خصوصاً «كان». هذا وحده تحد كبير سيبقى ملازماً لإدارة المهرجان في سعيها للفوز بالنقاط على كل مهرجان منافس آخر.

 

####

 

صباح فلسطيني يُشرق في «كان»

طارق الشناوي

يجب أن ننظر بكل موضوعية وارتياح وفخر، إلى موقف الفنانين الفلسطينيين عندما أعلنوا في بيان لهم مقاطعة مهرجان «كان»، بسبب فيلم «ليكن صباحاً». المهرجان رسمياً اعتبره إسرائيلياً، ساهم في إنتاجه مركز السينما الإسرائيلي، فهو يحمل إذن جنسية جهة الإنتاج، حتى ولو كانت القضية واللغة عربية.

الممثلون حريصون على عدم طمس الهوية الفلسطينية، ولهذا جاء موقفهم أشبه بالصرخة التي تؤكد للعالم، أنهم لا يزالون يتنفسون نسمات هواء وطنهم.

كانت وستظل المهرجانات الكبرى، واحدة من أهم ساحات التعبير عن المواقف السياسية، نشأة المهرجانات منذ «فينيسيا» مطلع الثلاثينات كانت تعبر عن موقف سياسي، مؤيد لفريق المحور ألمانيا وإيطاليا، بينما تقرر عقد الدورة الأولي لمهرجان «كان» في 1939 لتعبر عن الموقف الآخر لدول الحلفاء بريطانيا وفرنسا، واندلعت شرارة الحرب العالمية الثانية ليتأخر انطلاق «كان» سبع سنوات.

أتذكر في عام 2017. عندما حضرت وزيرة الثقافة الإسرائيلية افتتاح «كان» بمناسبة مرور 50 عاماً على حرب 67، كانت ترتدي على «الريد كاربت» فستاناً عليه صورة لمدينة القدس وقبة الصخرة والمسجد الأقصى وكنيسة القيامة، لتؤكد أن هذه هي إسرائيل، وتحركت «السوشيال ميديا» العربية لصياغة وحياكة الفستان مجدداً، ليظهر الوجه الحقيقي لإسرائيل وهي تغتال الأبرياء وتعتقل الأطفال، وهكذا جاء بيان الممثلين الفلسطينيين - الذين شاركوا في الفيلم الإسرائيلي الهوية الفلسطيني الهوى «ليكن صباحاً» - أليكس بكري وجونا سليمان وسليم الضو، قطعاً هم يعلمون أن الإدارة الفنية لم تخطئ عندما أشارت إلى أن الفيلم جنسيته إسرائيلية، إلا أنهم يريدون من المهرجان أن يعلن عن الهوية الأدبية وليست الرسمية. الفيلم عن قصة للكاتب الفلسطيني سيد قشوع وأخرجه الإسرائيلي عيران كوليرين، المواطن الفلسطيني يحمل مضطراً جواز سفر إسرائيلياً، فهم كما تعودنا أن نطلق عليهم عرب فلسطين، وفي قول آخر عرب إسرائيل، لا يملكون الكثير من الخيارات أو البدائل، يشاركون أحياناً في أعمال درامية تنتجها دولة إسرائيل، يعيشون على أرضهم التاريخية ويسددون الضرائب. ما أرادوه ونجحوا فيه، هو إعلان هوية أخرى داخل «كان» تشي بها روح الفيلم، يشهرون أسلحتهم الناعمة للتأكيد على كل ما هو عربي (فلسطيني)، مثل اللغة والعادات والتقاليد والمأكولات وغيرها.

كل دول العالم لديها دائماً وسائلها في التعبير، حتى في أبسط التفاصيل. قبل سنوات ادعت إسرائيل مثلاً أن «الفلافل» منشأها الدولة العبرية، رغم أنها معروفة لدى العرب قبلها بعقود من الزمان، أسبق من قيام دولة إسرائيل، البعض يعتبرها شامية والآخرون يمنحونها الجنسية المصرية، وهي في كل الأحوال عربية، ولا يجوز التشكيك في جيناتها العربية.

علينا أن ندرك أن الفلسطيني داخل المنطقة التي توصف بالخضراء، يناضل مرتين؛ واحدة في الأرض التي ولد عليها أجداده، ثم فجأة منذ 48 حملت اسم إسرائيل، وصار لزاماً عليه وهو طفل في المدرسة أن يحيي العلم الإسرائيلي، أما النضال الثاني الأكثر ضراوة يتمثل في تلك النظرة التي ينالها من بعض العرب، عندما يتم تصنيفه وجدانياً باعتباره إسرائيلياً.

إعلان الهوية الفلسطينية في المحافل الكبرى كثيراً ما يزعج إسرائيل، وهي لا تتوقف عن تبرير مواقفها العنصرية، وتبرئة ساحتها من اتهامات العدوان على الفلسطينيين، المعركة محتدمة ومتعددة التنويعات، وفيلم «ليكن صباحاً» إحدى صفحات الكفاح، ولا نزال حتى نرى إشراقة الصباح، ننتظر صفحات أخرى.

ناقد سينمائي مصري

 

الشرق الأوسط في

19.07.2021

 
 
 
 
 

مهرجان كانّ منح "السعفة" لفيلم صادم في ختام دورة تاريخية

المصدر: "النهار" - هوفيك حبشيان

وقعت النتيجة على البعض كمياه مثلجة، خصوصاً على الذين لم يستسيغوا "تيتان" منذ البداية. لم أسمع سبايك لي (رئيس لجنة التحكيم) يلفظ عنوان الفيلم الفائز من طريق الخطأ، أي في بداية السهرة بدلاً من الاعلان عنه في ختامها، رغم أني شاهدتُ حفل ختام #مهرجان كانّ السينمائي (6 - 17 الجاري) الذي وُزِّعت فيه الجوائز، بعد 12 يوماً من ماراثون سينمائي أعاد الروح إلى الكثيرين منّا. لكن الغلطة حصلت فعلاً. كثر سمعوا أو لم يعيروا اهتماماً أو اعتقدوا بأن سمعهم خانهم، هذا ما روته المعنية الأولى بالموضوع جوليا دوكورنو، فهي قالت انها سمعت كلمة "تيتان" تخرج من فم سبايك لي، لكنها لم تصدّق،وعاشت على أعصابها طوال اللحظات الفاصلة بين الخطأ وصعودها إلى خشبة مسرح "لوميير" لتسلم "سعفتها". آه عاشت على أعصابها، تماماً كما عيّشتنا على أعصابنا ونحن نتابع فيلمها. الزلة التي اعتذر عنها سبايك لي لاحقاً لم تمنعه من ان ينكّت عندما سُئل عن سبب اختياره لـ"تيتان"، فقال: "هذه أول مرة أرى فيها امرأة تحمل من سيارة كاديلاك"، في إشارة إلى مشهد الجنس بين بطلة الفيلم والسيارة الذي ذكّر بعض السينيفيليين بـ"كراش" لديفيد كروننبرغ. 

بين 24 فيلماً تسابقت على "السعفة" وغيرها من الجوائز المهيبة التي يحدد كل منها مصير فيلم ويطلق اسماً سينمائياً في فضاء الفنّ السابع، وقع خيار لجنة سبايك لي على "تيتان"، فيلم صادم وقاسوجارح وراديكالي ومستفز وغريب بكلّ المقاييس، لن ينتهي الحديث عنه مع فوزه. عضوة اللجنة المغنية الفرنسية ميلان فارمر بدت سعيدة بهذا الخيار، فمَن يعرف جيداً كليباتها الأشبه بأفلام قصيرة، لن يستغرب بهجتها. البقية كانوا مقتنعين ولو ان الاحساس الذي وصلنا من كلامهم ان "السعفة" كانت نتيجة مساومات بين الأفراد. ففيلم كهذا لا يُحدث أي اجماع، ويجب الا يُحدث أي اجماع، والا فقد شيئاً من ذاته. 

فقط منذ ثاني أفلامها الروائية الطويلة، فازت دوكورنو بأرفع جائزة سينمائية في العالم. وهي أيضاً ثاني مخرجة تُسند اليها "سعفة"، بعد الأوسترالية جاين كامبيون عن "البيانو" في العام 1993. حضرت ابنة السابعة والثلاثين إلى كانّ بثقة عالية في الذات، إلى درجة انها صرحت وفي يدها "السعفة" بأن فيلمها ليس نموذجاً في الكمال، بل فيه عيوب، وفي رأيها لا يوجد فيلم كامل، لكن هذا لا يمنعها من ان تحب عملها. 

"تيتان" لا يقل قسوةً عن فيلمها السابق "غراف" الذي صدم كثيرين عند عرضه في الصالات قبل أربع سنوات لتناوله موضوعا محرما هو الكانيبالية، بمشاهد صريحة و"مقززة". جديدها على هذه الدرجة من الراديكالية. صحيح انه لا يخلو من العيوب، لكن لا يمكن التشكيك في قدرته على الاغواء. هذا فيلم شجاع وصادق وحقيقي يحض السينما على الاختلاف. انه عمل سجالي عن الوحشية وتحولات الجسد، يغوص في أعماق الطبيعة البشرية ليستخرج منها الأسوأ والأعظم في آن واحد، وإيجاد أرض مشتركة بينهما. يؤمن الفيلم بالإنسان رغم كلّ الوحشية التي نتابعها، والختام خير دليل على هذه النزعة الإنسانية. الحبكة: قصّة فتاة (أغات روسيل) تقتل كما تتنفس، ثم تنضم إلى صفوف رجال الإطفاء بعد أن تتنكر بهيئة رجل هرباً من الشرطة. يمكن سرد القصّة من زوايا مختلفة، هذه واحدة منها وربما أوضحها. باقي التفاصيل يبقى رهن المشاهدة، التي عصيت على بعض المتفرجين في كانّ، اذ ان بعض أصحاب القلوب الضعيفة شعر بغثيان في حين غادر آخرون الصالة باشمئزاز، بينما كان الاسعاف ينتظر في الخارج تحسبّاً لأي طارئ. سيدة فرنسية في الستينات من العمر طالبت بمنعه، رغم انها لم تخفِ اعجابه به. من جانبي، لجأتُ في بعض المَشاهد إلى الكمامة التي تغطي عادة جزءاً من الوجه كي أغمض عينيّ.  

لا شك اننا أمام حالة جدلية جديدة، وستمتد إلى ضفاف غير سينمائية، عندما يتسنى للمشاهدين معاينته. عرضه في الصالات الفرنسية منذ الأربعاء الماضي، بالتزامن مع عرضه في كانّ، يغذّي الجدل كمَن يلقي بالزيت على النار. ولكن علينا ألا نسمح للأشياء بأن تتداخل بعضها في بعض لتخلق نشازاً. فالمصطادون في المياه العكرة، سيحاولون افتعال أسباب غير سينمائية ينسبون الفوز اليها، كالقول مثلاً ان دوكورنو "سُعِّفت" لأنها إمرأة، ارضاء لسياسات تمكين المرأة. كلام مهين وغير واقعي البتة، يتغاضى عن أهمية الفيلم كفيلم، بغض النظر عمّن يحيط به. فاذا كان صحيحاً ان هناك الكثير من المسايرة لفئات مهمشة في المجتمع، فمن غير الممكن ربط كلّ جائزة تنالها امرأة بهذه المسايرة. في أي حال، دوكورنو التي قالت انها تفكّر بجاين كامبيون،ردت على هذا كله، بالقول: "أتمنى ان تكون الجائزة لفيلمي وليست للجنس الذي أنتمي اليه. الجنس لا يحددني لا كإنسانة ولا كسينمائية. أنا أكثر من مجرد جنس". 

في المقابل، اسناد "السعفة" لفيلم "نوع" ("جانر") سيحول دون اتهام سبايك لي من أصحاب نظريات "الجوائز سياسية" بالتدليس. "تيتان" فيلم لا يحمل قضية راهنة لقول مواقف فيها. انه سينما خالصة، قضيته الأولى سينمائية، وكلّ شيء غير ذلك يأتي في المقام الثاني. 

* * *

كل من شاهد "قهرمان" للإيراني أصغر فرهادي، فرح بـ"الجائزة الكبرى" التي نالها، ولو انه يستحق أكثر. الجائزة تشاركها مع فيلم آخر للفنلندي "مقطورة رقم 6" أخرجه يوهو كوسمانن الذي لم نشاهده للأسف لتضارب العروض بعضها ببعض. عناقهما وهما يتسلمان الجائزة مناصفة، واحدة من أجمل لحظات هذه الدورة. فرهادي صوّر حكاية رجل يحاول تسديدالدين الذي عليه للخروج من السجن، لكن مساعيه كلها تفشل ويتورط بقضية حسن نية تصبح قضية رأي عام. خلال المؤتمر الصحافي الذي تلى توزيع الجوائز، قال فرهادي بأنه يصنع الأفلام منذ 36 سنة، ولم يفعل في حياته غير ان يكون حكواتياً للمجتمع الإيراني الذي يحاول النهوض به وإحداث صحوة ضمير في صفوفه وانقاذ بلاده (لم يقل ممن، لكننا فهمنا من الاشارة). حاولت صحافية إيرانية معارضة جرّه إلى مسألة سياسية، فسألته اذا كان يفكّر في اعداد فيلم عن قضية شخصين إيرانيين قُتلا للتو بسبب مشاركتهما في احتجاجات ضد السلطة الحاكمة، فكان رد فرهادي باختصار انه لا يستطيع أفلمة قصص كهذه في أجواء لا تتوافر فيها الحرية.

في خطوة مفاجئة، منحت لجنة التحكيم جائزة الإخراج إلى الفرنسي الكبير ليوس كاراكس الذي كان افتتح المهرجان مع "أنيت" الذي ليس أفضل أفلامه، بل جعلنا نشعر بالاحباط، ربما لأن مستوى توقعاتنا كان عالياً جداً. هناك على الأقل نصف دزينة من الأفلام في المسابقة، كانت أكثر أهلاً بهذه الجائزة. ورغم ان النقّاد (خصوصاً الذين ينشرون تقييماتهم عن الأفلام في مجلة "سكرين") كانوا رشّحوالـ"السعفة" الفيلم الياباني "قد سيارتي" لريوسوكي هاماغوتشي (عن قصّة لهاروكي موراكامي)، إلا أنه ينل سوى جائزة السيناريو، وهو فيلم جميل يستحق الاكتشاف. 

جائزة لجنة التحكيم ذهبت مناصفةً للإسرائيلي ناداف لابيد عن "ركبة عهد" والتايلاندي أبيشاتبونغ ويراسيتاكول عن "ميموريا". عملان يختلف أحدهما عن الآخر جذرياً، لم تستطع اللجنة الحسم لمصحلة واحد منهما. الأول نقدي جدلي والثاني تأملي كلّ لقطة فيه تغازل الأبدية. صحافي إسرائيلي سأل لابيد عمّا اذا الفيلم فاز لأنه ينتقد إسرائيل، فقال: "هناك أناس في إسرائيل يعتقدون ان كلّ ما يحدث في النظام الشمسي هو مؤامرة ضد إسرائيل، وان مهرجان كانّ تأسس لمعاداة إسرائيل وان السينما اختُرعت لاهانة إسرائيل، وهذا كان أصلاً هدف الأخوين لوميير عندما اخترعا السينما. أقول لهؤلاء اهدأوا، لا أعتقد ان أعضاء لجنة التحكيم التسعة اجتمعوا هنا في كانّ وفكّروا في كيف سيخربون إسرائيل".  

جائزة مفرحة أخرى: رد الاعتبار إلى الممثّلة النروجية الشابة ريناتا رنسفي (33 عاماً) التي اكتشفنا طاقاتها في "أسوأ إنسان في العالم" ليواكيم ترير. جائزة جائزة أفضل ممثّل ذهبت إلى الأوسترالي كالب لاندري جونز عن دوره في "نيترام" لجستن كرزل، رغم ان الفرنسي أندره دوسولييه كان يستحقها أكثر عن تجسيده دور العجوز المريض الذي يقرر ان ينهي حياته في "كلّ شيء كان جيداً" لفرنسوا أوزون.

* * *

الدورة الرابعة والسبعون ربحت رهانها. "دورة تاريخية"، كما قال سبايك لي الذي انتظر نحو سنتين ليشغل منصب الرئيس وقام في النهاية بالخيارات السليمة، بلا تدليس سياسي، وبعيداً من خطابه الشعبوي عن السود والبيض (صحافي افريقي أطلق عليه تسمية "أوباما كانّ"). كانّ هذا العام أعطى درساً في كيفية تنظيم تظاهرة حاشدة في ظلّ ظروف صحية دقيقة وإجراءات وقاية. المشاكل التي ظهرت، تفاصيل جانبية لا تُحسب بالمقارنة مع أهمية المبادرة في اعادة الناس إلى الصالات واعادة الصالات إلى الناس. بعد كانّ 2021 سيكون من الصعب التحجج بالوباء لاقفال صالة أو تأجيل حدث ثقافي.   

 

النهار اللبنانية في

19.07.2021

 
 
 
 
 

ممنوع القبلات فى الافتتاح ومزيد من القبلات فى الختام!!

طارق الشناوي

هل اخترقت لجنة التحكيم التى رأسها المخرج الأسود سبايك لى، الذى ملأ بالمناسبة حفل الختام بزيه الخاص جدا، وحتى أخطائه القاتلة أثناء إعلان النتائج، بحضوره الممتع هل اخترق قدسية العدالة؟ أم أن النتائج التى أعلنت أمس الأول انحازت فقط للإبداع.

بقراءة سريعة متعسفة سيجد البعض أن هناك عاملين مؤثرين فى النتائج الأول هو الانحياز للمرأة لكونها امرأة، والثانى هو الانحياز للشباب لكونهم شبابا، لقد تحقق ذلك فى منح المخرجة جوليا دوكورانو جائزة السعفة الذهبية عن فيلمها (تيتانيوم)، فهى ثانى امرأة تمسك السعفة الذهبية بيديها، بعد جين كامبيون التى اقتنصتها عام 93 بفيلمها (عازفة البيانو)، وهى أيضا الأصغر سنا بين كل المتنافسين 37 عاما، لا أظن أبدا أن الأمر على هذا النحو، الجائزة جاءت للإبداع، ولا شىء غير الإبداع.

نعم مهرجان عمره 74 دورة تحصل المرأة مرتين فقط على (السعفة الذهبية)، عدد قليل جدا، وهو ما تكرر فى الأوسكار مرتين بين 93 دورة، الأولى عام 2010 كاثرين بيجلو عن فيلم (خزانة الآلام) والثانية هذا العام كلوى تشاو عن (نوماد لاند)، لا تحسبها إبداعيا ولا هى أيضا تعسفا بحق المرأة، التى صارت رئيسة جمهورية حتى فى بعض البلاد الإسلامية، هناك مؤكد تفصيلة أخرى تحتاج إلى إجابة متأنية ودراسة أكثر عمقا، مثلا لماذا لم تقدم الحياة فنانة تشكيلية بحجم دافنشى أو مؤلفة موسيقى توازى موزار أو كاتبة مثل شكسبير؟ الأمر فعلا يستحق دراسة أخرى.

دعونا أولًا نُكمل حكايتنا، تنافس 24 فيلما داخل المسابقة الرسمية، بينهم أربع مخرجات وتشكلت لجنة التحكيم وبها أغلبية من النساء، إلا أن النتائج عكست أولا روح الفن.

منظمة (5050) لم تدع أبدا ضرورة أن تتساوى المرأة مع الرجل فى نتيجة أى تسابق فكرى أو فنى، فقط طالبت بأن تحصل المرأة على فرصتها كاملة مثل الرجل.

لدينا العديد من الأفلام بالمسابقة قد يراها البعض هى الأفضل متفوقة على (تيتانيوم)، ومجلة مثل (سكرين) أو (فيلم فرانسيز) التى تقدم يوميا رأى النقاد فى الأفلام المشاركة كان لديها اختيارات أخرى، مثل فيلم الافتتاح (أنيت)، ولكن هذا لا يعنى أبدا أن لجنة التحكيم ليست لديها أسبابها الموضوعية، بعد أن وجدت عصرية ومتعة بصرية فى فيلم (تيتانيوم)، سيطر على تفاصيله العنف والدموية بل وأيضا الغرائبية، ويقف على حدود الرعب، الفيلم يبدأ بحادث سيارة تنجو فيه الابنة من موت محقق بعد أن دخل إلى رأسها قطعة معدنية من التيتانيوم، تؤثر بإشعاعها على سلوكها وردود أفعالها مما يتيح للمخرجة التعبير بصريا وسمعيا خارج الصندوق عن هذا العالم الجديد، الذى صارت الطفلة تعيش فيه، مع انتقالها فى مرحلة عمرية أخرى، منهج المخرجة هو التعبير بجرأة ملفتة، وهكذا من الممكن أن تجد فى فيلمها الطويل الأول (رو) الذى شارك من قبل فى المسابقة الرسمية لمهرجان (كان) إرهاصة من هذا المذاق، حيث تناولت مصاصى الدماء، مفتاح قراءة السينما يمنح تكوينات الصورة الصدارة فى التقييم.

لا أحد قطعا يعلم ما الذى دار بالضبط فى لجنة التحكيم، وما هى المداولات التى أدت لتلك النتائج، ولكن عندما يحصل الفيلم الإيرانى (البطل) للمخرج أصغر فرهدى على الجائزة الكبرى وهى تلى جائزة السعفة الذهبية فى الأهمية، فهذا يعنى أن التوجه للقضية الفكرية التى سيطرت على العمل الفنى كان له اعتبار هام داخل اللجنة، توقعت قبل يومين فوز الفيلم الإيرانى بإحدى جوائز المهرجان المهمة، والذى حضر للمهرجان بصحبة ابنته التى شاركت بالتمثيل فى الفيلم.

بدأت الدورة بحذر شديد فى حفل الافتتاح، وكما قال مدير المهرجان تيرى فيريمو إن المشاعر الدافئة مطلوبة ولكن القبلات والأحضان تظل بالقلب، وتم الالتزام حرفيا بذلك يوم 6 يوليو افتتاح المهرجان، بينما يوم 17 يوليو وجدنا فى الختام خروج مزيد من القبلات والأحضان، من مكمنها فى القلوب، أيضا الشارع والذى بات يحترز من الإفراط فى الزحام والتلاصق بحكم الجائحة، رأيناه أكثر جرأة مع اقتراب نهاية المهرجان فى التعامل مع خطوط الدفاع المعمول بها عالميا، للحد من انتشار تلك الملعونة (كورونا).

هذه الدورة لم يواكبها سوى نحو 60 فى المائة ممن تعود المهرجان على تواجدهم من الصحفيين والإعلاميين، ولو حسبتها فقط عربيا لاكتشفت أن الحضور العربى لم يتجاوز 20 فى المائة، والتواجد المصرى كان هو الأقل فى تلك الدورة، إلا أن نصيبنا من الجوائز تضاعف جائزتين لفيلم (ريش) لعمر زهيرى أفضل فيلم فى مسابقة (أسبوع النقاد)، وأيضا جائزة العمل الأول فى الأقسام الموازية التى منحها (الفيبرسكى) اتحاد النقاد العالميين.

قبل بداية المهرجان تردد عن عزل من لم يتم تحصينه بالفاكسين، لمدة أسبوع بل وينبغى أن يكون اللقاح معتمدا من الاتحاد الأوروبى، الحقيقة العملية هى أن لا أحد سأل عن تعاطى اللقاح فى المطار ولكن فقط عن مسحة (بى سى أر) سلبية وفيزا صالحة للسفر. قالها يوسف بك وهبى فى العشرينات من القرن الماضى (وما الدنيا إلا مسرح كبير) أما بعد هذه الدورة فلقد صارت الدنيا مهرجانا كبيرا، بروفة (جنرال) لعودة الحياة الطبيعية.

tarekelshinnawi@yahoo.com

 

المصري اليوم في

19.07.2021

 
 
 
 
 

"علي صوتك" للمغربي نبيل عيوش يتوج بجائزة كانّ للسينما الإيجابية

كان/ العربي الجديد

نال الفيلم السينمائي المغربي "علي صوتك" للمخرج وكاتب السيناريو، نبيل عيوش، جائزة مهرجان كانّ للسينما الإيجابية، كما نال "أفضل إنجاز في السينما" عن مجموع مسيرته من قبل المنظمة الإنسانية "يونيون-لايف إنترناشيونال".

وعُرض الفيلم مساء الخميس الماضي ضمن المسابقة الرسمية في المسرح الكبير "لويس لوميير" بقصر مهرجان كانّ.

وتدور أحداث "علي صوتك" في منطقة شعبية بمدينة الدار البيضاء، ويحكي قصة أنس، مغني الراب السابق الذي يعمل في مركز ثقافي بالحي. بفضل تحفيز المعلم الجديد وتشجيعه يجد شباب المركز طريقة جديدة للتعبير عن قضاياهم وواقعهم عبر ثقافة الهيب هوب.

ويعتبر هذا التتويج هو الأول من نوعه في مهرجان كانّ السينمائي بالنسبة لتاريخ السينما المغربية، التي لطالما شاركت في فروع موازية للمهرجان مثل "أسبوع النقاد" و"نظرة ما" و"أسبوعا المخرجين".

ونبيل عيوش مخرج ومنتج وكاتب سينمائي فرنسي مغربي، وُلد في العاصمة الفرنسية باريس عام 1969.

بعد ثلاث سنوات من دراسة الفن المسرحي، بدأ مشواره ككاتب سيناريو ومخرج في مجال الإعلانات وحاز في هذا المجال على جوائز، بالإضافة إلى جوائز في عالم الأفلام القصيرة. 

وكان فيلمه الطويل الأول هو "مكتوب"، الذي حصل على لقب أفضل فيلم عربي في مهرجان القاهرة السينمائي، بينما فاز فيلمه "علي زاوا" بأكثر من 40 جائزة في العديد من المهرجانات.

 

العربي الجديد اللندنية في

19.07.2021

 
 
 
 
 

سبايك لي.. محارب يرفض الاستراحة

أمل مجدي

قبل 4 عقود كان من الصعب أن يتخيل أحد إمكانية تصدر وجه أسود الملصقات الدعائية لأهم تظاهرة سينمائية في العالم، فما بالنا بتولي مخرج أمريكي ذي أصول أفريقية رئاسة لجنة التحكيم المسابقة الرسمية، ولكن سبايك لي، الذي استطاع التمرد على واقع السينما الهوليودية البيضاء، وفرض وجوده على شاشتها ساردًا حكايات بني عرقه بشجاعة مثيرة للدهشة والجدل، استحق بعد سنوات طويلة من العمل الدؤوب أن تتغير السياسات من أجله، ويكون محل احتفاء مهرجان كان الفرنسي في دورته الـ74.

يحظى سبايك لي بشهرة واسعة عالميًا تتجاوز كونه صانع أفلام مهمومًا بقضايا الملونين في أمريكا، لا يقبل المساومة على رؤيته الخاصة وفنه. فهو أكثر من ذلك بفضل شخصيته طاغية الحضور التي أجاد صقلها، واستثمارها في الإعلام والصحافة منذ البدايات، وحتى يومنا هذا. حيث يظهر دوما بأزياء واكسسوارات تخطف الأنظار، وعندما يتحدث تنطلق الكلمات على لسانه دون تردد أو خوف من خلق عداءات مع أشخاص أو مؤسسات  في أي مجال. وكأن لا شيء يعنيه سوى صدقه مع نفسه، وعدم خيانته لأفكاره وقناعاته.

هذا النهج في الحياة يعود بالأساس لما نشأ عليه في صغره. كان طفلًا محظوظًا بأسرة محبة وداعمة علمته تقدير ذاته واحترامها. كما فتحت عينيه على إرث العبودية، وشجعته على التحرر والركض وراء الأحلام مهما كانت صعبة.  “يتصف أهلي بأنهم أناس ممتعون. فوالدي عازف جاز، أما والدتي فكانت مدرسة لمادة تاريخ الفن ومادة الأدب الأمريكي الخاص بالسود. أي أنني انحدرت من عائلة تتمتع بخلفية ثقافية فنية جيدة… أدين بكل شيء لأهلي ولجدي وجدتي لأنهم سقوني الشعور بالثقة قطرة قطرة”.

جيل المستقلين الجدد وتحطيم التماثيل

في واحد من أكثر المواسم الصيفية الساخنة في درجة حرارتها وأحداثها قرر سبايك لي أن يصبح مخرجًا بعدما صنع فيلمًا قصيرًا عن بروكلين. كان العام 1977 حيث تمر مدينة بأزمة اقتصادية خانقة، وتعيش حالة رعب بسبب جرائم القاتل المتسلسل “ديفيد بيركويتز”، والذي حكى لي قصته لاحقًا في فيلمه Summer of Sam.

التحق سبايك لي بعدها بجامعة نيويورك ليدرس السينما، وهناك التقى بزميليه جيم جارموش وأنج لي اللذين سيصبحان فيما بعد من أهم المخرجين في وقتنا الحالي.

وقد شكلوا مع الأخوين كوين وجوس فان سانت وجون سايلس جيلًا جديدًا من المخرجين المستقلين الذين يسعون إلى إحداث تغييرات في الصناعة سواء على مستوى الأفكار أو اللغة والتقنيات. في النهاية، فضل بعضهم الابتعاد عن نظام الاستوديو تمامًا، بينما تمكن آخرون من خلق نوع من الموازنة مثلما فعل سبايك لي.

يمكن تلمس ملامح تجربة لي السينمائية من خلال النظر إلى فيلمه القصير The Answer (1981) الذي أعده للجامعة في العام الأول. فقد كان غاضبًا من أساتذته الذين يمجدون فيلم Birth of a Nation الذي أخرجه جريفت عام 1915، على اعتبار إنه إنجاز فني بديع ورائد في تاريخ فن الصورة المتحركة، متجاهلين تمامًا مضمونه العنصري ضد الملونين.

كتب سبايك لي وأخرج فيلمًا يهاجم التحفة الكلاسيكية ويصطدم مع المنظومة، تدور أحداثه حول كاتب سيناريو أسود عاطل عن العمل يوافق على كتابة نسخة جديدة من فيلم “جريفيث”، لكنه يعجز عن مواصلة العمل على المشروع، فيصبح عرضة لهجمات منظمة “كو كلوكس كلان” المتطرفة. بالتأكيد أدى ذلك إلى استياء الجامعة، وكاد يُطرد منها لإهانته “عراب السينما”.

ومع ذلك، لم يتراجع سبايك لي عن صداميته التي تعد من أبرز سماته الشخصية، واختار أن يكون فيلمه الروائي الأول She’s Gotta Have It 1986 جريئًا في معالجته وأسلوبه.

يحكي الفيلم عن فتاة تواعد ثلاثة رجال في آن واحد، وترفض أن يملي عليها أحدهم رأيه، أو يتحكم في اختياراتها، فهي ترغب في امتلاك سيطرة كاملة على حياتها دون شعور بالخجل أو العار. كانت الفكرة تنتقد المجتمع المتناقض في مواقفه بناءً على الجندر، وتستهجن الوصاية على النساء، ولكن أهمية الفيلم تتجاوز ذلك، لأنه كان مغايرًا في تقديمه للسود، حيث يمنحهم فرصة الظهور كأناس عاديين لديهم تجارب ولهم أحلام ورغبات مثل العرق الأبيض.

لا تكاد توجد أفلام عن السود، وحينما تعثر على أفلام عنهم تكون إما موسيقية أو كوميدية… لا يتبادلون القبلات فيها، ولا يظهرون أي جوانب رومانسية. لا يمتلكون منزل، أو زوجة، أو أحبة. أعلم جيدًا أن السود يتمنون الذهاب إلى صالات السينما لمشاهدة أشخاص مثلهم يتعانقون ويقبلون بعضهم بعضًا، ويتحابون”. هذا ما قاله سبايك  في حوار مطول بعد عرض الفيلم، وسعى إلى تحقيقه في أفلامه التالية.

في الفيلم احتلت مدينة بروكلين بشوارعها ومعمارها وشخوصها مساحة في الصورة ذات اللونين الابيض والأسود، ورافقتها موسيقى الجاز صوت الأسلاف الثائر، لأن كلاهما ساهم في تشكيل وجدان سبايك لي منذ الطفولة. ورغم أن الفيلم يُظهر مدى تأثر لي بمخرجين مثل جودار وكوروساوا، فإن الصحافة أطلقت عليه آنذاك لقب “وودي آلن الأسود”، بسبب اشتراكهما في هذين العنصرين، لكنه انزعج من هذا التشبيه واعتبره انتقاصًا من قدرته على ترك بصمة الخاصة.

رائد الموجة السوداء الجديدة

في نهاية عقد الثمانينيات، كان الأفرو أمريكان يعانون من تجاهل إدارة رونالد ريجان لمطالبهم، وغضها الطرف عن الممارسات العنصرية بحقهم. في هذا السياق، قدم سبايك لي فيلمه الثالث والأشهر في مسيرته Do The Right Thing (1989) عن الجو العام المحتقن بين الأعراق نتيجة الاضطهاد وغياب العدالة.

تقع الأحداث في يوم حار وصاخب داخل حي ببروكلين غالبية سكانه من السود، حيث تحدث مشاحنات بين مالك مطعم بيتزا إيطالي الأصل وابنيه، وعدد من أفراد الحي، تنتهي بتدخل الشرطة وقتل شاب أسود بوحشية، ثم حرق المطعم.

استلهم سبايك لي الفكرة من حادثة كارهية وقعت في شاطئ هاورد راح ضحيتها شاب أسود عام 1986. وقد اتبع هذا الأسلوب في غالبية أفلامه الروائية اللاحقة. فهو يعلم أن هناك تقاطع بين ماضي وحاضر العرق الأسود، ويرى كافة الشواهد التي تؤكد أن التاريخ يعيد نفسه، لذا، نبش في الذكريات الأليمة ليحكي عن وجوه منسية لم يأبه أحد لمصائرها، وأخرى طمست بطولاتها كأنها لم تكن.

بعض وسائل الإعلام اعتبرت الفيلم مُحرضًا على العنف ودعت إلى مقاطعته، لكن في الوقت نفسه، تلقى سبايك لي إشادات كثيرة تثمن رؤيته المتفردة وتنسب إليه الفضل في إحداث تغييرات حقيقية في المشهد السينمائي.

كتب الناقد روجر إيبرت: “سبايك لي هو المخرج الذي بشّر وصوله بالموجة السوداء الجديدة، مثلما أسس جودار وتروفو الموجة الجديدة في فرنسا، وساهم فاسبيندر وهيرزوج في ولادة جديدة للسينما الألمانية”. وذلك، لأن بعد مرور عامين فقط على صدور الفيلم، شارك عدد من السينمائيين الأفرو أمريكان في مهرجان كان، وكتبت الصحف العالمية: “القوة السوداء على الريفييرا”.

لم يكتف سبايك لي بأن تكون أفلامه قاصرة على فضح العنصرية تجاه السود. لأنه بالأساس مهتم بكيفية تمثيل بني عرقه على الشاشة. لذا، كان عليه أن يرسم شخصيات سوداء البشرة ذات أبعاد درامية تتميز بالجاذبية والأصالة، والأهم أن تكون معبرة عن الواقع، أي أنها ليست ملائكية أو شيطانية.

تبدو مسألة الهوية بكافة صورها من الأفكار المُلحة التي تشغل شخصيات سبايك لي وتبحث دومًا عن إجابات لها. ففي فيلمه الموسيقي School Daze (1988) يسرد حكاية فريقين في مدرسة واحدة يتنازعان على علاقتهما بأفريقيا، وموقفهما مما تمر به من أحداث. كما يحتد الخلاف بين الفتيات بسبب اختلاف درجة لون البشرة السمراء، وطبيعة الشعر، على اعتبار أن هناك نمطُا معينًا للشخص الأسود، ومن يخالفه يصبح مسخًا.

تظهر أيضًا في فيلم Jungle Fever (1991) الذي يتناول علاقة حب بين رجل أسود متزوج وامرأة بيضاء في بيئة تكره الآخر وتزدريه، إذ يبحث الجميع عن هويتهم الضائعة نتيجة التزاوج بين الأعراق، ويشعرون دومًا بأن هناك ما ينقصهم للانتماء إلى عرق محدد.

في مشهد المواجهة بين الزوج وزوجته، يتبين أن غضبها مضاعفًا لكونه خانها مع امرأة بيضاء بالرغم من حساسية الأمر بالنسبة لها، فهي تتمتع ببشرة فاتحة لأنها ثمرة علاقة بين رجل أبيض وامرأة سوداء، وقد عانت طوال حياتها من السخرية والاضطهاد العرقي. تقول له: “أعتقد أنني لم أكن بيضاء كفاية بالنسبة لك، كان عليك أن تجد امرأة من العرق الأبيض، في نهاية المطاف”.

يستمر في تتبع أزمة الهوية وأبعادها في أفلام أخرى مثلMalcolm X (1992)  حيث يربط بينها وبين انتزاع السود من قارتهم الأم واستقدامهم عبيدًا في أمريكا. وفي Bambozeled (2000) يحمل الإعلام مسؤولية تشويه هوية السود وخلق صور نمطية مهينة حولها، وفي فيلم BlacKkKlansman (2018) يركز على إخفائها لإعادة اكتشافها من جديد.

المخرج الحر والمشاهد اليقظ

لم يغفل سبايك لي يومًا الدور المؤثر الذي يلعبه في تاريخ السينما الأفرو أمريكية، لكن روحه المتمردة المبدعة رفضت الانزلاق وراء تكرار الحبكات والأفكار، وفضلت أن تسبح في فضاءات الصورة الواسعة تختبر أنواع مختلفة وتجرب أشكال جديدة. لذلك، قدم مجموعة من الأفلام بعيدة عن المواضيع التي اشتهر بمناقشتها طوال مسيرته.

فمثلاً، يعد فيلم 25th Hour الذي صنعه بعد عام واحد فقط من أحداث 11 سبتمبر 2001، من أهم أفلامه، إذ يختار لي ثلاثة أبطال من العرق الأبيض ليقدم فيلمًا يرثي فيه مدينته نيويورك وسكانها بآثامهم وآلامهم. ويطرح الفيلم الكثير من الأسئلة حول مفهوم العدالة وإمكانية المسامحة والنسيان، في إطار حبكة تدور حول آخر 24 ساعة ينعم بها تاجر مخدرات مع صديقيه وحبيبته قبل أن يسلم نفسه ويقضي 7 سنوات في السجن.

في أحد المشاهد، ينظر تاجر المخدرات إلى المرآة ويبدأ في سب جميع الأعراق والأجناس بكلمات تحمل الكثير من الكراهية، وتذكرنا بمشهد مشابه في فيلم Do The Right Thing.

لي يحافظ دومًا على سمات محددة في أفلامه مهما اختلف النوع السينمائي أو القصة التي يتناولها، أبرزها على الإطلاق، كسر الجدار الرابع، لاختراق حالة الإيهام التي تستحوذ على المشاهد، إذ يواجهه بالأفكار، ويدعوه للانتباه دومًا بعبارته الشهيرة “Wake Up” حتى يتفاعل مع ما يقدم على الشاشة.

يعتمد “لي” أيضًا في غالبية أعماله على المونولوجات الطويلة التي تتحدث فيها الشخصيات عن نفسها وموقفها من الحياة، وتنتقد أوضاعًا سياسية واجتماعية سيئة. كما يميل إلى استخدام أغانٍ تتميز بالإيقاع السريع والكلمات التي لها وقع قوي على المشاهدين، أما خياراته البصرية، فلا يمكن أن تخطئها عين لأنه معروف بألوانه المشعبة وكاميرته ذات الحركات الأيقونية المفاجئة.

كل هذا يثبت أنه رجل صاحب فكر وفن استطاع أن يشتبك مع الواقع وقضاياه الجدلية بكل جرأة، ويكون صوتًا لمجتمعات مهمشة لم ترغب أمريكا في سماعها. وعلى الرغم من كونه في العقد السابع من عمره، فإن إنتاجه السينمائي لا يزال غزيرًا وملهمًا، يحتفظ بطزاجة أفكاره وثوريته.

 

موقع "ذات مصر" في

19.07.2021

 
 
 
 
 

أفلام «كان» تتحدى قسوة الرقابة فى المهرجانات العربية!

طارق الشناوي

تتابع في (كان) صراع الأفلام على الجوائز، وتتابع أيضا صراع المهرجانات الكبرى فيما بينها للاستحواذ على الأفلام الأفضل.

ثلاثة مهرجانات تواجدت في المهرجان، والتنافس جاء محتدما، رغم أن اللقاءات الودية لا تنقطع، بين المسؤولين عن المهرجانات الثلاثة، (القاهرة) و(الجونة) ومهرجان (البحر الأحمر) بجدة، الذي تولد أولى دوراته في نهاية شهر نوفمبر، هو أحدثها، تواجد على مدى ثلاثة أعوام الجناح السعودى وعلم المملكة يرفرف على شاطئ (الريفييرا)، مشيرا إلى أن هناك إرادة لكى تشهد السعودية انطلاقة سينمائية.

ثلاثة مهرجانات كل منها يفكر في الحصول على الفيلم الأكثر جاذبية، وفى نفس الوقت يتحسب رأى الرقابة في الداخل، (القاهرة) و(الجونة) لديهما خبرة متراكمة في كيفية عبور المحاذير والمحظورات، وتعلما الدرس بأن الرقابة لها مفاتيح في الموافقة وبالطبع يسبق (الجونة) (القاهرة) بأكثر من شهرين، وهذا ما يتيح له أن يلتقط العرض الأول ببساطة لأن الزمن يلعب لصالحه، ورغم ذلك فإن (القاهرة) بإمكانيات مادية أقل استطاع في السنوات الأربع الماضية أن يتعاقد على عدد من الأفلام الهامة، (الجونة) فرصته أكبر، فهو يتعاقد أولا على عرض الفيلم، وبالتالى يضيع على (القاهرة) السبق الزمنى، كفاءة المبرمجين في (القاهرة) تتيح لهم الرهان على أفلام أخرى، وفى النهاية يعرف الجميع أن الاقتصاد كمعادلة له دور مؤثر، فمن يمنحك مثلا فيلمه كعرض أول في الشرق الأوسط يحصل على مقابل ضخم، وعندما تُصبح عرضا ثانيا تنخفض التكلفة، والمهرجانات عادة تتباهى بالعرض الأول، تواجد بقوة داخل المهرجان مبرمجون من مهرجان (جدة البحر الأحمر) وعدد منهم كانوا في فريق العمل بمهرجان (دبى) وأثبتوا كفاءة لافتة فتم التعاقد معهم في (البحر الأحمر).

هل توافق الرقابة في بلادنا العربية على الأفلام التي تتضمن عادة مشاهد يرفضها الرقيب، سواء بسبب الإفراط في العنف أو الجنس؟، سبق أن أقيمت مهرجانات (دبى) و(أبوظبى) و(الدوحة)، كانت هناك سماحة رقابية، بينما في سلطنة عمان لا توافق الرقابة ببساطة على الأفلام التي بها جنس وعنف، ويبقى السؤال عن مدى هامش السماح في مهرجان (جدة) الأول، وهو ما ستكشف عنه الأيام القادمة عند الإعلان الرسمى لقائمة أو جزء من قائمة الأفلام المشاركة بالمهرجان.

النظرة الأخلاقية لنحو 50 في المائة من أفلام المهرجان تجعلها في نظر عدد من الدول العربية مرفوضة تماما، ولكن للعرض في إطار المهرجانات معايير أخرى.

المفروض أن انتشار الفضائيات وتعدد المنصات في السنوات الأخيرة منحها القسط الأكبر للحضور، المنصات لم تعد فقط نافذة للعرض، ولكنها صارت أيضا منتجة وليست فقط شريكة في الإنتاج.

الرقابة في العالم باتت فاقدة للصلاحيات، لأن التصنيف العمرى المعمول به قبل أكثر من 60 عاما في مختلف دول العالم، وبدأنا تطبيقه في مصر قبل سبع سنوات، الغرض منه هو منع المنع، لا يوجد ممنوع، ولكن هناك صلاحية مشاهدة طبقا للمرحلة العمرية، وعلى الجميع أن يمتلكوا هذه الثقافة الجديدة التي تطلب أن نتحلى بالقدرة على الاختيار، التصنيف العمرى ألقى الكرة مجددا في ملعب المواطنين.

البعض لا يزال (على قديمه) يريد من الدولة أن تتدخل بالمنع، هذا لم يعد صالحا بعالم اليوم، هل نعرض أفلاما مثل (أنبيت) الذي افتتح به المهرجان و(تيتان) والمقصود به شريحة التيتانيوم الحاصل على السعفة الذهبية، الرقابة لا ترحب ببساطة بهذه الأفلام، ولكن من الممكن في إطار المهرجان تعرض كاملة.

هناك أفلام أخرى تحتاج إلى قدرة تفاوضية من المسؤول عن المهرجان وإلى مرونة رقابة الدولة، نحن لا نزال أسرى الرؤية الأخلاقية والدينية المباشرة في كل تفاصيل الحياة التي نعيشها، وكشفت أزمة حلا شيحة عن هذا التناقض الحاد، حلا تتبرأ من الفن وبعد ذلك تهاجم أباها الفنان أحمد شيحة، عندما وصفها بالمخطوفة، ونقيب الممثلين أشرف زكى يدافع عن الفن في بيان ويقرر شطب حلا من كشوف النقابة.

استند أشرف زكى في معرض حديثه ومداخلاته للدفاع عن موقف النقابة ضد هجوم حلا أن الشيخ الشعراوى أباح الفن.

وأضاف حتى لا يتشكك أحد في صدق الواقعة أن تلك الإباحة حدثت بحضور حسن يوسف، والحقيقة لا جديد في آراء الشعراوى التي رددها أيضا قبله الشيخ د. محمد الغزالى، هما ظاهرها أباحا الفن وهما يقصدان نوعا معينا من الفن المتحفظ الذي يخاصم روح الفن.

يا صديقى أشرف، هم يريدون أن تزداد سطوتهم على الفن، بل وعلى كل منافذ الدنيا، الحصول على موافقة من مرجعية دينية مهما بلغت شعبيته مثل الشيخ متولى الشعراوى هو أكبر خنجر يوجه للفن في مقتل، لا نريده فنا شعراويا!!.

tarekelshinnawi@yahoo.com

 

المصري اليوم في

20.07.2021

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004