ملفات خاصة

 
 
 

«بطل» للإيراني أصغر فرهادي:

تناقضات مجتمعية تكشفها حفنة عملات ذهبية

نسرين سيد أحمد

كان السينمائي الدولي

الدورة الرابعة والسبعون

   
 
 
 
 
 
 

كان ـ «القدس العربي»: في فيلمه «بطل»، المنافس على السعفة الذهبية في مهرجان كان السينمائي في دورته الرابعة والسبعين (6 إلى 17 يوليو/تموز الجاري) يزج بنا المخرج الإيراني أصغر فرهادي في أعماق معضلة أخلاقية كاشفة، تميط اللثام عما يعتمل في نفوس أبطاله، كما تكشف الكثير عن المجتمع الإيراني ذاته. يذكرنا «بطل» بفرهادي في فيلميه «انفصال» (2011)  و»عن إيلي» (2009)، اللذين تكشف فيهما أزمة صغيرة معدن الشخصيات الرئيسية، وتختبرهم كما تختبر المجتمع بأسره وتكشف ما يعتمل فيه من أزمات أخلاقية ومتناقضات.

يلقينا فرهادي في اليم منذ بدء الفيلم، أو ربما يلقي لنا خيطا نتشبث به، ونحن نوشك على الغرق. البداية هي العثور على حقيبة تحوي عددا من العملات الذهبية، عملات لن تجعل من يجدها صاحب ثراء واسع، ولكن بمقدورها أن تنتشل من عثر عليها من ضائقة مالية زجت به في السجن. يختبرنا الفيلم ويجعلنا نتساءل ترى ماذا سيكون تصرفنا إذا عثرنا على هذه الحقيبة؟ يزج بنا فرهادي في آتون اختبار أخلاقي صعب، ويضعنا وسط أزمة إنسانية موجعة.

يبدأ الفيلم بشاب يبدو على قسماته الإجهاد والإعياء والحزن، يغادر السجن. ولكن هذه النظرة المليئة حزنا وانكسارا لا يمكن لها أن تكون لشاب في مقتبل العمر حصل على حريته بعد فترة أمضاها في السجن. سنكتشف لاحقا أن هذا الشاب الذي تحلقت عيناه بالأسود، جراء الإجهاد هو «رحيم» (أمير جديدي) في أداء مميز للغاية، الذي يغادر السجن في عطلة بموافقة سلطات السجن، والذي يتوجب عليه العودة بعد يومين لاستكمال عقوبته. رحيم في السجن لعدم قدرته على سداد دين، وكل ما اقترفه من ذنب هو افتقاره للمال لسداد دينه. فور وصول رحيم إلى بلدته شيراز، يذهب مباشرة للقاء الوسيط بينه وبين دائنه، ليعده أنه يستطيع تدبير جزء كبير من قيمة الدين. يحدو رحيم الأمل في تجنب العودة للسجن، بعد أن عثرت حبيبته «فرخندة» (سحر غولدست) في الطريق على حقيبة امرأة تضم عددا من العملات الذهبية. يمني رحيم نفسه بالعودة إلى ابنه من زواج سابق وإلى حياته وحبيبته بعد سداد الدين، ولكن الأمر ليس بالسهولة التي يتخيلها.

نكتشف لاحقا أن العثور على العملات الذهبية تلك ليس حلا للمشكلة السابقة، بقدر ما هو معضلة أخلاقية، واختبار لرحيم وللمجتمع بأسره، وفي عصر تتحكم فيه شبكات التواصل الاجتماعي والإنترنت ووسائل الإعلام، فإن مصير رحيم ليس مرهونا فقط بسداد دينه أو الإخفاق في ذلك، بل يتحكم في مصيره الصورة التي تُخلق له في وسائل الإعلام وفي شبكات التواصل الاجتماعي. نكتشف لاحقا أن رحيم لا حول له ولا قوة في تشكيل مصيره الخاص، بل هو صنيعة شبكات التواصل الاجتماعي، التي بإمكانها أن تصوره ملاكا أو تحوله إلى شيطان، وبإمكانها أن تصوره بطلا أو تطيح به أرضا وتلطخه بالوحل.

يحاول رحيم في بادئ الأمر بيع العملات الذهبية لسداد الدين الذي أثقل كاهله وزج به في السجن، ولكنه بعد اكتشاف أن قيمة العملات لن تكفي لفك كربه، يقرر أن يبلغ الشرطة عن عثوره على الحقيبة حتى تعيدها إلى صاحبتها. ومنذ قراره إعادة الحقيبة يتحول رحيم المسكين إلى دمية في يد وسائل الإعلام والرأي العام، اللذين يرفعانه إلى مصاف الأبطال ليهويا به إلى الأرض. بعدما يقرر رحيم إعادة الحقيبة تثني عليه إدارة السجن، حيث يمضي عقوبته، وفي محاولة منها لتجميل صورة السجن بعد انتحار أحد السجناء، تقرر إدارة السجن الاتصال بوسائل الإعلام للإشادة بالسجين الأمين، الذي تخلى عن الذهب ولم يغره بريقه حتى يعيد الحق إلى أصحابه. وبين ليلة وضحاها يتحول رحيم إلى بطل صنعته وسائل الإعلام ولمعت صورته، وأغدقت عليه من الاهتمام الكثير. ولكن صورة رحيم التي صنعها الإعلام لها من التداعيات الكثير على رحيم وعلى المحيطين به.

لا يصور فرهادي الأمور الأخلاقية كأبيض وأسود، فهو يعلم أن الكثير من الأمور ملتبسة، وأن النفس البشرية يتنازعها الخير والشر والخطأ والصواب. لكن ما لا فرار منه هو أن أي قرار له تبعاته الأخلاقية والإنسانية. تتلقف شبكات التواصل الإعلامي رحيم وحركاته وسكناته، ويصبح كل ما يقوله أو يفعله محل تقييم وتفسير وتحليل، ولكن ما يعني رحيم حقيقة هو تسوية دينه والخروج من محبسه، ليكون قرب ابنه والمرأة التي يحب. تتقاذفه الأيدي، فثمة من يعده بعمل، وثمة من يجمع التبرعات ليسد بها دينه، وتتقاذفه القناعات الأخلاقية والدينية لمن يحاولون مساعدته، ليضيع هو وسط كل هذه التفسيرات لأفعاله. لا يملي فرهادي علينا وجهة نظر إزاء موقف رحيم من العملات الذهبية، التي عثر عليها، ولا يلقي علينا عظات أخلاقية، بل يجعلنا نتساءل فقط: ترى ماذا كنا سنفعل لو كنا في معضلة رحيم؟ ترى ماذا كنا سنفعل لو وجدنا العملات الذهبية؟ ترى كيف سنتصرف حيال صورتنا التي تعبث بها الأيدي في وسائل الإعلام، وشبكات التواصل الاجتماعي؟

يصور فرهادي، في عصر شبكات التواصل الاجتماعي، تحول الجميع إلى قضاة وجلادين، يوزعون العقاب هنا وهناك، ويدينون هذا أو ذاك أو يرفعونه ويعلون من شأنه ثم يعودون وينقلبون عليه. كل الذين يتعامل معهم رحيم يخضعونه لمعاييرهم الشخصية للصواب والخطأ، ويخضعونه لمصالحهم وتحيزاتهم الشخصية ومعاييرهم الأخلاقية، وهو لا حول له ولا قوة، إلا في الكلمات وفي محاولة استمالة الجميع، حتى ينجو من الذل والسجن. يحاول رحيم قدر جهده أن يخطب ود ذلك الرجل الذي يدين له بالمال، ويحاول أن يستدر عطفه، ويحاول أن يتعامل مع الأضواء التي سُلطت عليه، ولكنه بشر يخطئ ويصيب ويتعثر، حتى ابنه الصبي الصغير لم يسلم من الأذى المعنوي، وفي مشهد نحسبه أكثر مشاهد الفيلم تأثيرا نرى الصبي الصغير يتلعثم باكيا أمام الكاميرا في محاولة لقول كلمات منصفة لأبيه، كلمات تنقذه من إدانة الناس له.

بطل فرهادي ليس بطلا خارقا، بل بطولته تكمن في إنسانيته، وفي عدم انهياره وسقوطه، وسط كل هذا الكم من التدخل في حياته. بطل هو من يحتفظ بعقله وإنسانيته وسط حمى الرأي العام، ووسط مجتمع ينصب نفسه قيّما على أفعاله.

 

####

 

جوليا دكورونو تفوز بالسعفة الذهبية لتصبح ثاني امرأة تفوز بأهم الجوائز السينمائية في العالم

نسرين سيد أحمد

كان ـ «القدس العربي»: في بداية حفل توزيع الجوائز في مهرجان كان السينمائي في دورته الرابعة والسبعين (6 إلى 17 يوليو/تموز الجاري) حدث ما لم يكن متوقعا بالمرة، وثارت له الضحكات وسرت الهمهمات.

يبدو أن المخرج الأمريكي سابيك لي رئيس لجنة التحكيم، لم يكن مطلعا على بروتوكول تقديم الجوائز، حيث لا يعلن عن الفائز بالسعفة الذهبية إلا في ختام الحفل، بعد الإعلان عن بقية الجوائز. ولكن سبايك لي، في خطأ تم تداركه ليبدو مزحة، أعلن في بدء الحفل فوز الفرنسية جوليا دوكورنو بالسعفة الذهبية عن فيلمها “تيتان”. ثارت الهمهمات والضحكات على الفور، ولم نفهم ما إذا ما كان إعلان لي مزحة أم حقيقة، ولكن هذا الإعلان غير المتوقع خلق أجواء من التشويق والترقب والتوقع. أصبحنا جميعا نتساءل: هل ما قاله حقيقة؟ وزاد تلهفنا لمعرفة الفائز بالجائزة.

جاء فوز دكورنو بالجائزة السينمائية الأهم في العالم مستحقا بجدارة، ففيلم “تيتان”، الذي حصلت عنه دكورنو على الجائزة، فيلم أُنجز بإتقان كبير، وبحرفية مخرجة متمكنة كل التمكن من أدواتها السينمائية. “تيتان” فيلم جامح صادم مجنون، وغير متوقع على الإطلاق، فيلم فيه من العنف والدماء والقتل الكثير، ولكنه في الوقت ذاته فيه من الرقة والعذوبة الكثير. فازت دكورنو بالسعفة الذهبية، لتصبح ثاني امرأة في تاريخ مهرجان كان تحصل على أرفع جوائز المهرجان، بعد فوز المخرجة النيوزيلندية جين كامبيون بالسعفة الذهبية عن فيلمها “بيانو” عام 1993. عند تسلمها للجائزة قالت دكورنو، التي طغت عليها الصدمة وعدم التصديق، إن لها مع كان تاريخا طويلا، فعندما كانت تشاهد حفل توزيع الجوائز في طفولتها، كانت تتوقع دوما أن الفيلم الفائز فيلم يتسم بالكمال، لأنه توج بهذا الشرف السينمائي الكبير. وقالت “فيلمي لم يكن فيلما مثاليا يتسم بالكمال، ولكنني أعتقد أنه لا يوجد فيلم كامل من منظور من أنجزه”. وفي المؤتمر الصحافي الذي تلا حفل الجوائز قالت دكورنو “أنا فخورة جدا بنفسي”، عند سؤالها عن شعورها إزاء الفوز بالجائزة.

أما الجائزة الكبرى للجنة التحكيم، ثاني أكبر جوائز المهرجان، فقد فاز بها الإيراني أصغر فرهادي عن فيلمه “بطل”، مناصفة مع الفنلندي يوهو كوسمانين عن فيلمه “المقصورة رقم 6”.

وفاز بجائزة الإخراج في المهرجان الفرنسي ليوس كاراكاس، عن فيلمه “أنيت”، الفيلم الغنائي الموسيقي الذي افتتح المهرجان.

وجاءت جائزة لجنة التحكيم مناصفة أيضا بين الإسرائيلي ناداف لابيد عن فيلمه “ركبة عهد” والتايلندي أبيشاتبونغ ويراسيتاكول عن فيلمه “ميموريا”.

وفاز بجائزة أفضل سيناريو الياباني ريوسوكي هاماغوتشي، عن فيلمه “قودي سيارتي”، المقتبس عن رواية للأديب الياباني هاروكي موراكامي.

واقتنصت جائزة أفضل ممثلة النرويجية ريناتيه رينسيفيه، عن دورها المميز للغاية في فيلم “أسوأ شخص في العالم” للنرويجي يواكيم ترير.

وحصل على جائزة أفضل ممثل كالب لاندري، عن دوره في فيلم “نيترام” للاسترالي جاستن كرزيل.

وهكذا أسدل الستار عن مهرجان كان لهذا العام، هذا المهرجان الذي كانت تساورنا الشكوك في إقامة دورته الحالية، أو في اكتمالها إذا بدأت، بعد عام اكتسح فيه وباء كورونا العالم، وأغلقت فيه دور العرض أبوابها، جاء مهرجان كان ليطمئننا أن السينما بخير، وأن الإبداع السينمائي ما زال متدفقا. جاء المهرجان ليطمئننا بأن التعطش للسينما ما زال موجودا، وبأننا ما زلنا نتطلع بشوق كبير إلى صالة العرض ودهشتها وأجوائها.

 

القدس العربي اللندنية في

18.07.2021

 
 
 
 
 

فيلم "تيتان" العنيف يحصد السعفة في كان نتيجة مساومات

الجائزة الكبرى تقاسمها الإيراني فرهادي والفنلندي كوسمانن رغم تناقضهما

هوفيك حبشيان

خلافاً لما توقّعه النقاد، نالت المخرجة الفرنسية جوليا دوكورنو "سعفة" مهرجان كان السينمائي (6 - 17 تموز) عن فيلمها الجدلي "تيتان"، لتصبح ثاني سيدة تنالها بعد الأسترالية جاين كامبيون ("البيانو" - 1993) طوال تاريخ المهرجان. دوكورنو نالت جائزتها من لجنة تحكيم متنوعة ترأسها المخرج الأميركي سبايك لي ("أوباما كان" كما سمّاه صحافي أفريقي) الذي أخطأ في بداية الحفل وكشف عن عنوان الفيلم الفائز، لكن كثراً لم ينتبهوا لحسن الحظ، ثم عاد واعتذر عن هذا الخطأ في المؤتمر الصحافي، إذ تبيّن لنا أن "السعفة" جاءت نتيجة مساومات بين أعضاء اللجنة، وقد توصلوا إلى هذا القرار بعد سجالات، لكن دائماً في إطار احترام رأي الآخر. وقال سبايك لي إن في تاريخ كان وقعت سجالات أكثر حدة من هذه لاختيار الجوائز، معترفاً وهو يمازح بأنه صوّت لـ"تيتان" لأنه يرى للمرة الأولى فيلماً تحمل فيه امرأة من سيارة كاديلاك، في إشارة إلى المشهد الذي تمارس فيه بطلة الفيلم الجنس مع سيارة، ثم نراها وانتفخ بطنها لتضع مولوداً في نهاية الفيلم.

عادت "السعفة" إلى فرنسا بعد ستة أعوام منذ أن فاز بها جاك أوديار عن فيلمه "ديبان". يجب القول بلا لفّ ودوران إن "تيتان" فيلم صادم، قاسٍ، دموي، جارج، مختلف عن كل ما تسنّت لنا مشاهدته في كان على مدار 12 يوماً من الغرق في عالم الفن السابع. وفوزه هو فوز للاختلاف. خلال العروض، البعض شعر بالغثيان، والبعض الآخر غادر الصالة مستهجناً. ونقلت تقارير أن عناصر من الإسعاف كانوا أمام الصالة تحسّباً لأي طارئ. فالفيلم يمعن في مشاهد تقطيع الجسد وإيذاء الذات وولادة وقتل بطرق شنيعة. كل هذا صوّرته دوكورنو بطريقة فجّة لا تساوم، مع التذكير أن فيلمها السابق Grave تجاوز هذا الفيلم عنفاً، لكونه يتحدّث عن الكانيبالية من خلال فتاة نباتية تلتحق بكلية الطب البيطري وهناك يتبلور لديها حب مرضي باللحوم. الفيلم أحدث جدلاً كبيراً عام 2017 لتضمّنه مشاهد صادمة يصعب لذوي القلوب الحساسة تحملها.  

الفيلم والعيوب

دوكورنو كانت هذا العام أصغر المشاركات في المسابقة (24 فيلماً)، فهي تبلغ السابعة والثلاثين من العمر، وفي سجلها فيلمان روائيان طويلان. وهي تتسلّم الجائزة، قالت إن فيلمها "ليس متكاملاً وتعرف أخطاءه ولا يوجد أصلاً فيلم مثالي". وأضافت: "نحن المخرجين من شدة ما نعيد مشاهدة أفلامنا، لا نرى فيها إلا العيوب. لا أرى في فيلمي هذا إلا العيوب. هذا لا يمنعني من أن أحبه". 

هذه من المرات النادرة التي تُسند فيها "سعفة" إلى "سينما النوع" ("جانر"). هذه السينما هي عادةً غير معتبرة، تسحقها سينما القضايا السياسية الكبيرة التي توحي بأنها سينما درجة أولى، فيما كل شيء سواها يأتي في المقام الثاني. يمكن سرد قصة الفيلم للقارئ من زوايا مختلفة، إحداها القول إنه يتعقّب براديكالية شديدة قاتلة (أغات روسيل) تحاول الهرب من الشرطة بعد ارتكابها مجازر عدة، قبل أن يتم يُلقى القبض عليها. لكن بدلاً من أن تُزج في السجن، تنضم إلى رجال الإطفاء.    

عن اتهام البعض للجنة التحكيم بأنها أعطتها الجائزة لكونها سيدة في إطار سياسة تمكين المرأة، كان رد دوكورنو بأنها تتأمل بأنها فازت بها لقيمتها الفنية لا للجنس الذي تنتمي إليه، مشددة على أن الجنس لا يحددها لا كإنسانة ولا كسينمائية. "أنا أكثر من مجرد جنس"، قالت معترفة بأنها فكرت كثيراً  في جاين كامبيون وهي تتسلّم جائزتها. 

"الجائزة الكبرى" استحقّها "قهرمان" لأصغر فرهادي. والجائزة تشاركها مع فيلم آخر "مقطورة رقم 6" أخرجه الفنلندي يوهو كوسمانن. عندما اعتلى كلاهما خشبة مسرح "لوميير" لاستلام الجائزة، تعانقا في مشهد مؤثر يسقط الاختلافات البشرية من على أهم منبر سينمائي في العالم. من خلال فيلم جميل عن المعضلة الأخلاقية، صوّر فرهادي مصير سجين يحاول الخروج إلى الحرية عبر تسديد الدين الذي سُجن بسببه، ولكنه يفشل بسبب تطورات تعاكسه. براعة فرهادي في سرد الحكاية، خطفت قلب لجنة التحكيم، فكانت له هذه الجائزة، علماً أن فرهادي يبدو كأنه يمشي على خطى المخرج اليوناني الراحل ثيو أنغلوبولوس في عدد المرات التي توقعنا له "السعفة" ولم ينَلها. يبقى أن "الجائزة الكبرى" هي أهم ثاني جائزة بعد "السعفة". 

في لقائه مع الصحافة بعد الفوز، روى فرهادي أنه أنجز أول فيلم قصير له قبل 36 عاماً (من دون أي إمكانات) ومن يومها لم يفعل شيئاً في حياته سوى رواية القصص، على الرغم من كل الصعوبات التي تعرّض لها. أكمل الطريق لأنه يودّ إثارة الأسئلة في المجتمع الإيراني، لتحسين الأمور وإنقاذ بلده والمساهمة في صحوة الضمير. أما عن أسلوبه في سرد الحكايات الذي بات علامة مسجلة، فكشف عن أنه "عملية غير واعية" وأكد (معتذراً إذا بدا الأمر كليشيه بعض الشيء) أن التأليف السينمائي عنده يأتي من القلب، وعندما يتجسّد، عليه جعله متناغماً. صرح بأنه يروي دائماً بالأسلوب ذاته الذي لا فكاك منه على الرغم من سعيه لذلك، إلا أنه يحاول في كل مرة أن يدخله من باب جديد. 

محاولة توريط

إحدى الصحافيات الإيرانيات المعارضات حاولت "توريط" فرهادي في تسجيل موقف سياسي، على الرغم من أنه معروف بعدم خوضه في السياسة بكلام مباشر. سألته عن رأيه في إعدام إيرانيين أخيراً كانا شاركا في احتجاجات ضد النظام، وعمّا إذا كان من الممكن أن تشكّل هذه القصة مادة لفيلم مقبل له، فردّ فرهادي أنه لا يستطيع رواية حكايات كهذه إذا لم تحدث في سياق من الحرية، وهذا لا يتوافر حالياً، وأنهى جملته بالقول: "لن أقول أكثر من هذا". 

على الرغم من أن برنامج هذا العام انطوى على مرشحين أفضل منه، فلجنة التحكيم ارتأت إعطاء جائزة الإخراج إلى الفرنسي الكبير ليوس كاراكس الذي لم ينجز مع "أنيت" أفضل أعماله، بل كان مخيباً بعض الشيء، على الرغم من الابتكارات والأفكار التي يعجّ بها. تغيّب كاراكس عن الأمسية لسبب صحي، وتسلّم الجائزة عنه مغنيا فرقة سباركس، فرويا كيف تعرّفا إلى كاراكس وعملا معه. أما الفيلم الياباني "قُد سيارتي" لهاماغوتشي روسوكي، المقتبس من قصة لهاروكي موراكامي الذي رشحه النقاد لـ"السعفة" ونال أعلى علامة في تقييماتهم المنشورة في مجلة "سكرين"، فاكتفى بجائزة السيناريو. 

جائزة لجنة التحكيم تقاسمها الإسرائيلي ناداف لابيد عن "ركبة عهد" والتايلاندي أبيشاتبونغ ويراسيتاكول عن "ميموريا". ومن ضمن الخيارات الصائبة التي قامت بها لجنة التحكيم ردّ الاعتبار إلى الممثلة النرويجية الشابة رينات رينسفي (33 سنة) التي أبدعت في "أسوأ إنسان في العالم" ليواكيم ترير، عبر منحها جائزة التمثيل، على الرغم من أن ديلان بن كانت أيضاً تستحقها عن أدائها الباهر في "يوم العَلَم" لوالدها شون بن. أما جائزة أفضل ممثل، فلم تكُن من نصيب أندره دوسولييه الذي قدّم دوراً استثنائياً في "كل شيء كان جيداً" لفرنسوا أوزون. اللجنة فضّلت عليه الممثل الأسترالي كيلب لاندري جونز عن دوره في "نيترام" لجاستن كرز.

أخيراً، يمكن الجزم أن هذه الدورة من مهرجان كان السينمائي التي حملت الرقم 74، تاريخية لن تُنسى، كما أكد سبايك لي، لحدوثها في ظل تفشي جائحة كورونا وإجراءات الوقاية. على الرغم من التحديات، كان كل شيء منظماً ولم تسجّل مشكلات تُذكر. ربح المنظمون الرهان، الأمر الذي سيشجّع الكثير من التظاهرات الأخرى مستقبلاً على عدم الإذعان للظروف بل إيجاد الحيل المناسبة للتغلب عليها. فمهرجان كان هذا العام أعطى درساً في كيفية التطبع والتكيف مع الأوضاع، انتصاراً للثقافة وحبّاً بفن الشاشة.  

 

الـ The Independent  في

18.07.2021

 
 
 
 
 

السينما الشجاعة تحصد جوائز «نظرة ما» بمهرجان كان السينمائي

خالد محمود

قائمة التتويج تضم «الصدور المغلقة» و«أم جيدة» و«مدني» و«ليلة النار»

«فى كل مناقشاتنا ظللنا نقول لأنفسنا: «هذا الفيلم شجاع جدًا»، «هذا الفيلم يأتى من القلب».. العديد من الأفلام شغوفة وتتناول مواضيع صعبة، نود أن نحيى شجاعة صانعى الأفلام وجمال عملهم فقد أثارت أفلامهم بحق مناقشات ساخنة».. هكذا قالت المخرجة أندريا أرنولد رئيسة لجنة تحكيم مسابقة «نظرة ما» بمهرجان كان السينمائى لحظة إعلان الجوائز التى رحب بها الجميع، واصفة الأعمال المشاركة بالجريئة والتى بلغت 20 فيلما، صعد منها ستة أفلام لتنافس على الكاميرا الذهبية.

ويجىء الفيلم الروسى «الصدور المغلقة» من إخراج كيرا كوفالينكو، الفائز بجائزة «نظرة ما» ليلقى برؤية عميقة حول حياة بطلته آدا، وهى فتاة أوسيتية تخطط للهروب من حياتها فى بلدة ميزور الصغيرة فى أوسيتيا الشمالية.

بينما حصل فيلم «حرية كبيرة» إنتاج ألمانى نمساوى مشترك، من إخراج سيباستيان مايز على جائزة لجنة التحكيم.

وتدور أحداثه حول هانز هوفمان (فرانز روجوفسكى) مثلى الجنس فى وقت لا يزال الشذوذ الجنسى سلوكا يعاقب عليه فى ألمانيا ما بعد الحرب، وفقًا لذلك، غالبًا ما يكون هانز فى السجن، ومع ذلك، هذا لا يمنعه من البحث عن الحب فى أكثر الأماكن غرابة. الثابت الوحيد فى حياة هانز هو رفيقه فى الزنزانة فيكتور (جورج فريدريش)، وهو قاتل مُدان. فى البداية، هناك شىء واحد بينهما: الاشمئزاز. لكن الأمر لا يستغرق وقتًا طويلا ويتطور شىء يمكن أن يسمى الحب.

فيما حصد جائزة الفرقة الفيلم الفرنسى «أم جيدة» من إخراج حفصية حرزى، وتتناول أحداثه قصة نورا؛ حيث بعد إلقاء القبض على ابنها فى حادث سطو على محطة وقود، تبذل مدبرة المنزل نورا كل ما فى وسعها لمساعدته حيث لا يزال محتجزًا فى انتظار المحاكمة.

وذهبت جائزة الجرأة إلى فيلم «مدنى» من إخراج تيودورا آنا ميهاى، الذى يقدم قصة سيلو، أم اختطفت ابنتها المراهقة فى شمال المكسيك. عندما لا تقدم السلطات أى دعم فى البحث، تأخذ سيلو الأمور بين يديها وتتحول من ربة منزل إلى متشددة منتقمة وفاز بجائزة الأصالة للفيلم الأمريكى «خروف» من إخراج فالديمار يوهانسون.

فى الفيلم تكتشف ماريا وإنجفار، الزوجان اللذان ليس لهما أطفال، مولودًا غامضًا فى مزرعتهما فى أيسلندا. الاحتمال غير المتوقع للحياة الأسرية يجلب لهم الكثير من الفرح، قبل تدميرهم فى النهاية.

وحصل فيلم «ليلة النار» من إخراج تاتيانا هيزو على إشادة خاصة.

والذى تدور أحداثه فى بلدة جبلية؛ حيث تنمو الذرة والخشخاش، ترتدى الفتيات قصات شعر صبيانية ولديهن أماكن للاختباء تحت الأرض هربًا من خطر التعرض للسرقة. تكبر آنا وصديقتها المقربة معًا، وتؤكد روابط صداقتهما وتكتشف ما يعنيه أن تكون امرأة فى بلدة ريفية تتسم بالعنف. أمهاتهم تدربهم على الهروب من الموت، للهروب ممن يحولونهم إلى عبيد أو أشباح. إنهم يصنعون عالمهم الذى لا يمكن اختراقه، لكن فى يوم من الأيام لا تصل إحدى الفتيات إلى مكان اختبائها فى الوقت المناسب.

وقد ضمت لجنة التحكيم المخرجة وكاتبة السيناريو مونيا مدور والممثلة إلسا زيلبرستين والمخرج وكاتب السيناريو دانيال بورمان والمخرج والممثل مايكل كوفينو.

على جانب آخر أعلنت لجنة تحكيم الأفلام القصيرة لمسابقة سينيفونداسيون لأفلام الطلبة بمهرجان كان السينمائى الدولى، والمكونة من سامح علاء، وكوثر بن هانية، وكارلوس موغيرو، وتوفا نوفوتنى، ونيكولاس باريزر، وأليس وينوكور، جوائزها فى حفل أقيم فى قاعة بينويل Buñuel، وفاز بالجائزة الأولى فيلم «طفل السلمندر» من إخراج ثيو ديجين من بلجيكا، وفاز بالجائزة الثانية فيلم «الزيز» إخراج يون دايون، كوريا الجنوبية.

فيما فاز فيلم بالجائزة الثالثة الفيلم الرومانى «من خلال قصص الحب الدورية القصيرة بالمدينة» من إخراج كارينا غابرييلا داشوفينو، وفيلم «ماسير» من إخراج رودريجو ريبيرو، البرازيل.

تنافس فى المسابقة 17 فيلمًا طلابيًا تم اختيارهم من بين 1.835 متقدم من 490 مدرسة أفلام حول العالم.

 

الشروق المصرية في

18.07.2021

 
 
 
 
 

أصغر مخرجة في كان ثاني امرأة تتوج بسعفته الذهبية

المهرجان يبجّل الشباب على المخضرمين والسعودية تتصدر المشاركين العرب.

منح مهرجان كان السينمائي مساء السبت جائزة السعفة الذهبية للمخرجة الفرنسية جوليا دوكورنو عن فيلمها “تيتان”، في ختام الدورة الرابعة والسبعين من هذا الحدث الذي لمّ شمل أسرة السينما العالمية بعد غياب فرضته جائحة كوفيد – 19. ومثل هذا الفوز إضافة إلى بقية الجوائز مفاجأة لمحبي السينما ومنتجيها على حد سواء.

كان (فرنسا)قال المخرج الأميركي سبايك لي رئيس لجنة التحكيم في مهرجان كان السينمائي إن فيلم “تيتان” للمخرجة الفرنسية الشابة جوليا دوكورنو فاز بالسعفة الذهبية كأفضل فيلم، وذلك قبل الموعد المقرر للكشف عن اسم الفائز بالجائزة.

وفي لحظة من الارتباك، وعندما سئل باللغة الفرنسية عن إحدى الجوائز، قرأ لي ما هو مكتوب في بطاقة بيده، وكشف قبل الأوان اسم الفيلم الفائز بالجائزة الكبرى فيما كان يُفترض أن يكشف اسم رابح جائزة أفضل ممثل.

ولم تكن هذه أول مرة يحدث فيها خطأ خلال حفل لتوزيع الجوائز، ففي حفل توزيع جوائز الأوسكار عام 2017، جرى الإعلان عن فوز الفيلم الغنائي “لا لا لاند” بجائزة كأفضل فيلم بينما كانت الجائزة في حقيقة الأمر من نصيب فيلم (مون لايت).

فيلم "تيتان" المتوج بالجائزة الكبرى أثار انقساما بين النقاد، حيث أشاد البعض بما فيه من إبداع بينما انتقده آخرون

فيلم جدلي

يبعث المهرجان السينمائي العالمي رسالة انفتاح كبرى من خلال تقديم مكافأته الأبرز للمخرجة البالغة 37 عاما، أصغر المتنافسين في المسابقة الرسمية وإحدى النساء الأربع الوحيدات في المنافسة. ويكرّم بذلك مخرجة تميزت بأسلوبها الصادم ذي التوجهات النسوية.

وأصبحت جوليا دوكورنو ثاني امرأة تفوز بالسعفة الذهبية لمهرجان كان بعد المخرجة جين كامبيون التي فازت بالجائزة عام 1993 عن فيلم “ذا بيانو”.

وتدور أحداث فيلم “تيتان” في أجواء خيالية ويتناول قصة سفاح. وأثار انقساما بين النقاد حيث أشاد البعض بما فيه من إبداع بينما انتقده آخرون بسبب أسلوبه الأهوج والفوضوي.

ويتسم الفيلم الفائز هذا العام، وهو من بطولة أغات روسيل والممثل الفرنسي فنسان لاندون، بأسلوب معاصر ينطوي على أكبر قدر من العنف والسوداوية بين الأعمال التي شاركت في المنافسة هذا العام.

وقالت دوكورنو خلال المهرجان “أحد أهدافي كان دائما إدخال ‘الأفلام الغريبة‘ إلى مهرجانات تتوجّه للعامة، لوقف نبذ أحد أقسام الإنتاج الفرنسي في مجال السينما”.

وأشارت المخرجة إلى أن نوع الأفلام التي تقدمها “يتيح التطرق إلى الفرد والخوض بعمق في مخاوفنا ورغباتنا”.

يبدأ فيلم “تيتان” بحادث سيارة تتعرض له أليكسيا، الشخصية الرئيسية في العمل، خلال طفولتها فيما كان والدها خلف المقود. وقد كادت أن تموت لولا صفيحة من التيتانيوم أُدخلت إلى دماغها.

ويصور الفيلم البطلة في أولى سنوات الشباب، وتؤدي دورها الممثلة المبتدئة أغات روسيل التي حصد أداؤها ثناء كبيرا من النقاد. وتعيش الفتاة الصغيرة بجسد تسكنه كتلة معدنية تنمو داخلها.

وكانت المخرجة تركت أثرا قويا في مهرجان كان بفيلمها الطويل الأول “رو”، وهو قصة صادمة عن طالبة في الطب البيطري تستحيل إلى آكلة لحوم البشر.

وفي الجانب الآخر من المحيط الأطلسي، حظيت المخرجة بدعم نايت شيامالان، أحد أبرز الأسماء في مجال أفلام الرعب، وقد كلفها بإخراج حلقتين من مسلسله “سيرفانت”.

وبعد حصولها على السعفة الذهبية، تذكرت دوكورناو مشاهدتها لمراسم توزيع الجوائز منذ صغرها، وقالت إنها “كانت متأكدة من أن جميع الفائزين يجب أن يكونوا مثاليين”.

وقالت “الليلة أنا على هذه المنصة وأعرف أن فيلمي ليس مثاليا، لكنني لا أعتقد أن أي فيلم مثالي في نظر الشخص الذي أنتجه”.

وأضافت “أدرك أن النقص أزمة، وأن الوحشية التي تخيف البعض ويركز عليها عملي هي بمثابة سلاح وقوة لزحزحة جدران المعيارية التي تحبسنا وتفصلنا“.

ويشكّل منح دوكورنو هذه الجائزة رسالة بالغة الأهمية للصناعة السينمائية التي تشهد أكثر من أي وقت مضى إعادة نظر منذ أربع سنوات في ما يتعلق بمكانة المرأة والمساواة بين الجنسين، على إثر قضية المنتج السينمائي السابق هارفي واينستين ثم حركة “مي تو”.

تتويجات سينمائية

كان فيلم دوكورنو واحدا من 24 فيلما تُشكل المسابقة الرئيسية لهذا العام في مهرجان الأفلام الرائد في العالم، والذي أقيم على خلفية عدم اليقين العالمي الناجم عن أزمة فايروس كورونا.

وبعد التخلي عن حدث العام الماضي وسط هجمة الجائحة، كان لدى منظمي المهرجان عدد كبير من الأفلام المتراكمة للاستفادة منها في الاختيار الرسمي لهذا العام.

وعاد المهرجان إلى الساحة الفنية الفرنسية بعد توقفه عام 2020 بسبب جائحة فايروس كورونا وسط ترحيب كبير من محبي الفن السابع والمنتجين والفنانين.

وقد أفرد المهرجان هذا العام مساحة كبيرة للسينمائيين الشباب على حساب أسماء آخرين مخضرمين، بعضهم يعمل خلف الكاميرا منذ سبعينات القرن الماضي مثل بول فيرهوفن الذي أثار فيلمه “بينيديتا” عن راهبة مثلية في القرون الوسطى، خيبة أمل لدى المتابعين، أو ناني موريتي الذي كان يطمح لنيل السعفة الذهبية للمرة الثانية مع فيلمه “تري بياني”، لكنه خرج من المنافسة خالي الوفاض.

وعلاوة على السعفة الذهبية نجد من بين الفائزين الكبار الآخرين ليوس كاراكس الذي حصل على جائزة أفضل مخرج عن الفيلم الموسيقي “أنيت”.

وفازت رينات راينسفي بجائزة أفضل ممثلة عن دورها في فيلم “ذا وورست بيرسون إن ذا وورلد” للمخرج يواكيم ترير وهو فيلم كوميدي رومانسي معاصر لاقى نجاحا كبيرا لدى النقاد.

وفاز كاليب لاندري جونز الذي لعب دور البطولة في الفيلم الأسترالي “نترام” بجائزة أفضل ممثل.

وذهبت جائزة لجنة التحكيم إلى فيلمين وهما “عهدز ني” أو “ركبة عهد” للمخرج الإسرائيلي ناداف لابيد، و”ميموريا” للمخرج التايلاندي أبيشاتبونج ويراسيتاكول.

وتقاسم جائزة التميز الكبرى فيلم “كومبارتمنت نمبر6” للمخرج جوهو كوزمانن والذي تدور أحداثه حول امرأة تنطلق في رحلة بالقطار عبر روسيا وفيلم “هيرو” للمخرج الإيراني أصغر فرهادي ويحكي قصة سجين يواجه مأزقا أخلاقيا.

كما شكلت الحفلة الختامية مناسبة لمنح سعفة فخرية للمخرج الإيطالي ماركو بيلوكيو الذي قدم فيلما وثائقيا شخصيا للغاية بعنوان “ماركس يمكن أن ينتظر”، بعد خمسة عقود من العمل الملتزم، لم يتوان فيها عن انتقاد المؤسسات العسكرية والدينية.

المهرجان السينمائي العالمي يبعث رسالة انفتاح كبرى وقد أتاح مساحة كبيرة للسينمائيين الشباب على حساب آخرين مخضرمين

مشاركة عربية

حصد الأربعاء الفيلم المصري “ريش” للمخرج عمر الزهيري الجائزة الكبرى في مسابقة أسبوع النقاد الرسمية بالنسخة الرابعة والسبعين من مهرجان كان السينمائي.

وكان الفيلم، وهو من إنتاج مصري فرنسي هولندي يوناني مشترك، قد عرض في اليوم قبل الأخير من المسابقة. وهو واحد من فيلمين عربيين شاركا في تلك المسابقة الهامة التي تضم سبعة أفلام. ولاقى “ريش” استحسان الجمهور والنقاد الذين حضروا العرض.

وإضافة إلى الفيلم المصري تحصّل الفيلم الروائيّ “أمّ صالحة” للمخرجة الفرنسية ذات الأصول التونسية حفصية حرزي على جائزة العمل المتكامل ضمن قسم “نظرة ما” بمهرجان كان السينمائي 2021.

ويحكي فيلم “أم صالحة” قصة نورا، امرأة في عقدها الخمسين من العمر، تعمل معينة منزلية وتعتني بعائلتها الصغيرة في أحد أحياء مدينة مرسيليا الفرنسية.

وعلى هامش النسخة الرابعة والسبعين لمهرجان كان السينمائي، أعلن السبت “مركز السينما العربية” عن الأفلام العربية المنتجة عام 2020 الفائزة بجائزة النقاد في نسختها الخامسة بحضور عدد من السينمائيين العرب وانتشال التميمي مدير مهرجان الجونة السينمائي المصري.

وذهبت جائزة أفضل فيلم وثائقي إلى فيلم “عاش يا كابتن” إخراج مي زايد من مصر، ونالت الفلسطينية هيام عباس جائزة أفضل ممثلة عن دورها في فيلم “غزة مونامور”، فيما ذهبت جائزة أحسن ممثل لبطل فيلم “200 متر” الفلسطيني علي سليمان، ومنحت جائزة أفضل سيناريو للمخرجة التونسية كوثر بن هنية عن فيلمها “الرجل الذي باع ظهره”، بينما نال فلسطيني ثالث هو المخرج أمين نايفة جائزة أفضل إخراج عن فيلمه “200 متر”، أما جائزة أفضل فيلم روائي فذهبت إلى فيلم “غزة مونامور” إخراج عرب وطرزان ناصر من فلسطين أيضا.

في هذه الدورة من مهرجان كان السينمائي كانت المشاركة العربية الأبرز من نصيب السعودية عبر جناح كامل، وشكّل الجناح منصة للحوار المفتوح بين منتجي الأفلام والمستثمرين السعوديين والعرب مع نظرائهم من مختلف جنسيات العالم، حيث شهد إقامة ندوات وجلسات نقاش متنوعة تناولت آفاق تطوير السينما في المملكة والعالم العربي، ومدى قدرتها على الوصول إلى العالم.

 

العرب اللندنية في

19.07.2021

 
 
 
 
 

السعفة الذهبيّة للفرنسيّة جوليا دوكورنو |

مهرجان كان: المجد للشباب والنضال «النسوي»!

آداب وفنون/ الأخبار

منذ الدقائق الأولى لبداية الحفلة الختامية لـ «مهرجان كان السينمائي الدولي» مساء أوّل من أمس، أعلن رئيس لجنة التحكيم سبايك لي عن اسم الفائزة بالسعفة الذهبية فيما كان يفترض أن يعلن عن اسم أفضل ممثل. وبذلك أضيفت مفاجأة إلى المفاجأة الأولى المتمثّلة بالفائزة غير المتوقّعة المخرجة الفرنسية جوليا دوكورنو عن فيلمها «تيتان»، لتصبح ثاني مخرجة تحصد السعفة بعد منحها للمخرجة النيوزيلندية جين كامبيون عن فيلمها «ذي بيانيست» (1993). وجاء اختيار دوكورنو عن شريطها السوداوي التشويقي الذي حافظ على أسلوبها الصادم والجامح الذي تميّزت به بفيلمها Raw الذي عُرض سنة 2016، ضمن «أسبوع النقّاد» في المهرجان. وفي حين سلّمتها الممثلة والعارضة الأميركية شارون ستون الجائزة، دخل هذا الخيار في النقاش السينمائي العالمي لحركة «مي تو» بسعيها إلى ترسيخ دور المرأة في الصناعات والأوساط السينمائيّة، رغم أن الشريط لم يكن المفضّل لدى معظم النقّاد. وبهذا، يتبع الفيلم شريط «باراسايت» الذي حصد عنه الكوري الجنوبي بونغ جون هو السعفة الذهبية لعام 2019، بعدما تأجّلت دورة العام الفائت بسبب أزمة كورونا. التوجّه النسوي والشاب طغى على قرارات لجنة التحكيم، وإن بدأ المهرجان مع بعض الانتقادات للحضور النسائي الخجول بمشاركة أربع مخرجات فقط ضمن المسابقة الرسمية من بين 24 تنافسوا على السعفة. وفي السياق نفسه، حصدت المخرجة الكرواتية أنتونيتا ألامات كوسيانوفيتش جائزة الكاميرا الذهبية عن فيلمها «مورينا».

وقد حفلت الدورة الحاليّة والاستثنائية بأسماء كبار السينمائيين من كلّ دول العالم مثل ليو كاراكس الذي افتتح المهرجان بفيلمه الموسيقى «آنيت» ونال عنه جائزة أفضل مخرج في المهرجان، رغم أنه لم يحضر الاحتفال. كذلك شارك الإيراني أصغر فرهادي، والمخرج الهولندي بول فيرهوفن بفيلمه المثير للجدل «بينيديتا»، والأميركي ويس أندرسون والإيطالي ناني موريتي الذي نال السعفة سنة 2003 عن فيلمه «غرفة إبني»، فيما شهدت المسابقة الرسمية منافسة مخرج عربي واحد هو المغربي نبيل عيوش بفيلمه «علّي الصوت».
تقاسم الجائزة الكبرى للجنة التحكيم في المهرجان كلّ من أصغر فرهادي عن «بطل»، والمخرج الفنلندي يوهو كووسمانن عن Compartment No. 6. أما جائزة أفضل ممثّلة فقد نالتها الممثّلة النرويجية رينات راينسف، عن دورها في فيلم «أسوأ شخص في العالم» للمخرج النروجي يواكيم ترير، فيما فاز الممثل الأميركي كاليب لاندري جونز بجائزة أفضل ممثل عن فيلم «نيترام» للمخرج الأسترالي جاستين كورزل، الذي يستعيد أحداث مجزرة بورت آرثر في أستراليا عام 1996. ويظهر خيارا أفضل ممثلين، انحيازاً إلى الوجوه الشابّة والجديدة، رغم أن الأفلام المشاركة كانت قد حفلت بمشاركات استثنائية لنجوم عالميين في الأفلام مثل تيلدا سوينتن، وماريون كوتيار، وآدام درايفر وآخرين. كذلك فاز اليابانيان ريوسوكي هاماغوتشي وتاكاماسا أوي، بجائزة أفضل سيناريو عن فيلم Drive my Car من إخراج ريوسوكي هاماغوشي. ويُعدّ هذا الشريط الأطول في المهرجان، بمدّة ثلاث ساعات، ضمن رحلة في السيارة تنبش الأسرار والاعترافات والندم.
ومن المحطّات الأساسية في الحفلة الختاميّة، منح المهرجان سعفة فخرية للمخرج الإيطالي ماركو بيلوكيو الذي قدم فيلماً وثائقياً شخصياً بعنوان «ماركس يمكن أن ينتظر» توّج فيه خمسة عقود من العمل السينمائي الملتزم
.

 

الأخبار اللبنانية في

19.07.2021

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004