بعد أن منحها مهرجان "كان" السعفة الفخرية
حنان أبوالضياء تكتب عن: الدكتورة جودى فوستر التى تعالج
بالأفلام
إليشيا أو جودى كما لقبها أجدادها، ليصبح اسم شهرتها.. إحدى
علامات هوليوود فى عالم السينما. هى من قام جون هيتكى بمحاولة اغتيال
الرئيس الأمريكى الراحل رونالد ريجان، ليحصل على إعجابها، فجعلها هذا
الحادث تخشى وسائل الإعلام وتبتعد عن دائرة الضوء.
منحها مهرجان كان السينمائى فى دورته الـ74 السعفة الفخرية،
وقام المخرج بيدرو ألمودوفار بتسليمها الجائزة الشرفية بحضور رئيس لجنة
تحكيم المهرجان المخرج سبايك لى.
بدأت التمثيل منذ صغرها وانتقلت بعد ذلك إلى أدوار أكثر
نضجا وتقوم بتمثيل دور المراهقة المشاكسة فى فيلم مارتن سكورسيزى الشهير
«سائق التاكسى». واستحقت بكل جدارة ترشيحها لأوسكار أفضل ممثلة مساعدة عن
هذا الدور.
جودى فوستر الحائزة على جائزتى أوسكار لأفضل ممثلة تركز
حاليًا على العمل وراء الكاميرا، لتقديم أفلام كثيرة كمخرجة ولكن هذا لا
يعنى التوقف عن التمثيل، إنها تتخيل نفسها ممثلة نشيطة للغاية فى السبعين
والثمانين من عمرها.
«فوستر»
لديها إيمان أن العمل فى الإخراج السينمائى يتمتع بفائدة علاجية بل إن
العلاج الأفضل بالعالم هو أن تكون مخرج أفلام؛ لأنه يجب على مخرج الفيلم
إدراك هويته، وما نوع الشخصية القيادية التى هو عليها، وكيفية تعامله مع
الناس، وكيفية إلهامه لهم، وفى نفس الوقت المبدع يتعلم دائما.
جودى فوستر انضمت إلى قائمة المشاركين فى تدريس صناعة
الأفلام عبر الإنترنت فى مجموعة دورات
Master Class
التعليمية والشهيرة، وتدرس كيف تأخذ أفكارك من النص إلى الشاشة وكيفية
كتابة السيناريو والإخراج والمونتاج واختيار الموسيقى المناسبة للفيلم
الخاص بك. وكيفية بناء المشهد.
النجومية عرفت طريقها إلى جودى فوستر عام 1976 فكانت بقائمة
الـ(12) ممثلا الواعدين، فى 1997 حصلت على شهادة الدكتوراه فى الفنون
الجميلة من جامعة يايل فى فرنسا.
جودى فوستر تقول: فى الآونة الأخيرة، فهمت حقًا بطريقة
شخصية كيف أن الخوف هو المشاعر الأساسية التى تخلق لنا كل اختيار؛ لأن أمى
مصابة بالزهايمر ومشاهدتها وهى تتخلص من جزء من حياتها الاجتماعية يخفينى
جدا. لقد نشأت فى منزل أمى، لذا فإن والدتى جزء كبير من حياتى، وهى أهم
علاقة فى حياتى على الإطلاق. إنها حياتى العملية.
تلك التجربة التى عاشتها مع امها فسرت لها كثيرا عن تلك
الرغبة التى نعيشها دوما لحماية أطفالنا، جعلها ترجع إلى فيلم مثل
Little Man Tate،
وهو أول فيلم أخرجته وهو فيلم عن أم وابنها، أحد جوانب العلاقة بين الأم
والابن أصبح يثير اهتمامها للغاية.
جودى فوستر ترى أننا يجب ألا نكون نسخا بالكربون، بل يجب أن
نصبح أكثر تنوعًا ثقافيا؛ وهذا ما اعتقدته فى
Little Man Tate
الذى كان يدور حول تربية إنسان يصلح للجيل القادم، كأنك تخلق معجزة من خلال
تربيتك الرجل الذى ولد من آلامك الأنثوية وانفصال عن نفسك. إنه نتاج لذلك،
إنها تعبير عن نفسك من خلال نوع معين من الرومانسية، ونوع من الحب الذى
يشبه حب الشريك.
فى الأيام الماضية سيطرعلى مملكة الفيس بوك جنرالات الحروب؛
وخبراء إدارة الأزمات، ودار الإفتاء الفيسبوكية، وكل واحد منهم أدلى بدلوه،
فيما لا يملك فيه معلومة صحيحة مجردة، وعشنا جميعا ما بين إدارة أزمة سد
النهضة، ومحاسبة سامح شكرى؛ والجهاد المنزلى، لتحرير القدس؛ وانتهاء بأصحاب
الفتاوى الدينية والأخلاقية؛ وناصبى المحاكمات للمشاركين فى جنازة سمير
غانم وفرح ابن المرشدى.
بينما أشاهد تلك الغوغاء الفيسبوكية، تابعت حوارا لجودى
فوستر؛ يلخص ما يحدث الآن، والرائع أن آراءها فسرت ما يحدث على أننا فى عصر
البحث عن الهوية؛ وبالتالى فإن الفكرة التى مفادها أننا يجب أن نرتبط بهوية
واحدة غير صالحة للاستخدام، بل يجب أن نصبح أكثر تنوعًا فى ثقافتنا؛ بدلًا
من أن نصبح أكثر تركيزًا على الأحادية؛ وأجمل وصف لأحادية
التفكير ما كان يراه روبرت إف كينيدى، من أن كل الهويات ستجتمع معًا وفجأة
سنستدير ونذهب، سيكون السؤال الملح عند ذلك: «ما هذا بحق الجحيم».
بل إن «فوستر» ترى أن وسائل التواصل الاجتماعى التى تقربنا
من بعضنا البعض؛ حيث تقدم مستوى من الوعى لم نشهده من قبل، وعى بالعلاقات
والسلوكيات البشرية؛ ولكن هناك أيضاً مستوى من اللاوعى فى عالمنا مذهل،
موجود فى نفس العصر، فى نفس العقد فى نفس الشارع وهذا جنون سيؤدى بنا إلى
صراعات كبيرة، عندما يكون هذان المستويان من الوعى يتم التلاعب بهما ضد
بعضهما البعض. وهذا ما نراه الآن مع طرح أى فكرة أو موضوع على مواقع
التواصل الاجتماعى.
الطريف أن «فوستر» فى حوارها تشير إلى أن الجميع يعلم أن
الثورة فى تونس بدأت فى الفيس بوك، ولأن التكنولوجيا ليس لها عواطف،
بالتالى عكست تلك الثورة فقط ما طلب منها فعله. وبالطبع نحن لا نفهم ما
يطلب من هذه الآلات أن تفعله إلا بعد فوات الأوان؛ بعد أن تكون هناك الكثير
من الجوانب السلبية قد حدثت.
بل وكانت أكثر تحديداً لخطورة مواقع التواصل الاجتماعى بأنه
أعطت لأوم أركنساس القدرة على إسقاط رئيس الولايات المتحدة وهذا ليس بالأمر
الهين.
وتجاوزت «فوستر» تأثير مواقع السوشيال ميديا إلى اعتقادها
أنه إلى جانب أن هناك الكثير من الإيجابيات بالنسبة لها مع التكنولوجيا،
لكنها لا تعتقد أن حياتها كانت أسوأ بكثير عندما اضطررت إلى فتح نافذة
سيارتها يدويًا؛ وأن وجود تنبيهات على هاتفها كل خمس دقائق حول الأخبار قد
جعل حياتها أفضل. وفى النهاية ما تمنحه لنا المدنية باليمين من رفاهية
التكنولوجيا، تسلبه باليسار غوغائية السوشيال ميديا.
جودى فوستر ولدت فى 19 نوفمبر 1962 فى لوس أنجلوس فى
كاليفورنيا فى الولايات المتحدة الأمريكية؛ حصلت على جائزتَى أوسكار لأفضل
ممثلة رئيسية الأولى عام 1988 عن دورها فى فيلم المتهم والثانية عام 1991
عن دورها فى فيلم صمت الحملان.
من أفلام جودى فوستر الهامة فيلم «غرفة الذعر»
Panic Room
للنجمة جودى فوستر بالكامل، ويعد الفيلم الذى عرض للمرة الأولى عام 2002 من
أشهر أفلامها، وتدور أحداثه حول أم مطلقة حديثاً وابنتها المراهقة تشترى
بيتا جديدا فى حى مانهاتن فى نيويورك بسعر مناسب.
«غرفة
الذعر»، وهى غرفة يختبئ فيها أهل المنزل فى حال تعرضهم للسطو. الفيلم كان
من المقرر أن تلعب بطولته نيكول كيدمان ولكنها أصيبت فى قدمها وذهب الدور
إلى جودى فوستر، وقدمت دور ابنتها كريستين ستيوارت؛ ميزانية إنتاجه لم
تتجاوز 48 مليون دولار، كما حصل الفيلم على جائزة
ASCAP Award
لأعلى الأفلام من حيث إيرادات شباك التذاكر، وتم ترشيح الفيلم لـ(جائزة
زحل) لأفضل ممثلة (جودى فوستر).
ولأن «فوستر» كانت وحيدة أمّها، ولم تكن حولها الكثيرات من
المخرجات، قرّرت أن تكون وحيدة أيضاً كمخرجة لم يكن غريبا أن تقدم الفيلم
الوثائقى «كن طبيعيا: الحياة الخفية لأليس جاي» الذى يحكى قصة أول مخرجة فى
تاريخ السينما. المخرجة الفرنسية أليس جاى التى شاركت بأكثر من ألف فيلم
أفلام
فى الفترة ما بين 1896 وحتى عام 1920، ما بين الإخراج
والكتابة والإنتاج. صاحبة «جنية الكرنب» الذى أخرجته بعمر الـ23 فى عام
1896 أول فيلم روائى نسائى فى تاريخ السينما؛ وأخرجت «جاى» نحو 400 فيلم
بقى منها حتى اليوم نحو 111 فيلما، وتوفيت عام 1968 عن عمر قارب المئة عام.
وتظهر «أليس» بنفسها فى عدد من مشاهد الفيلم، من خلال عدد من المشاهد
الأرشيفية، ويقوم ببطولة الفيلم نخبة من نجوم ونجمات هوليوود، وعلى رأسهم
جودى فوستر، والنجمان أندى سامبيرج وبين كينجسلى. وتعتبر «فوستر» أن
المخرجة أليس جاى صاحبة فضل فى المكانة التى وصلت لها المخرجات النساء فى
هوليوود، لأنها أول من غامر فى دخول هذا العالم ليس من النساء فقط وإنما من
الرجال، وأنها أثرت فى مسيرتها الفنية.
وفى رصيد بطلة «صمت الحملان» الفنى أكثر من 90 فيلمًا ما
بين الإخراج والتمثيل، كان آخرها فى الإخراج فيلم «وحش المال» الذى صدر عام
2016، مع النجمين جورج كلونى وجوليا روبرتس.
عن خسارة أحد الأشخاص لثروته، يستعين بتهديد أحد مذيعى
برامج البورصة على الهواء مباشرة لكشف أسباب هبوط أسهم الشركة وتعويض
خساراته فيما تحاول قوات الشرطة التعامل مع الحادثة بحرص شديد بهدف تحرير
الرهينة بدون وقوع إى إصابات. يخسر أحد المستثمرين كل ثروته فى البورصة،
فيقوم بتهديد أحد المذيعين على الهواء مباشرة من أجل تحقيق هدفه برفع سعر
أسهم شركاته بمقدار 24.5 نقطة قبل غلق جلسات التداول فى بورصة وول ستريت،
لذا تحاول قوات الشرطة التعامل مع الموقف بهدوء سعيًا لتحرير الرهينة
وتهدئة الأمور.
بدأت فوستر حياتها المهنية منذ أن كانت طفلة صغيرة جدا فى
التليفزيون، حيث ظهرت لأول مرة فى الإعلانات التجارية. وتألقت فى مسلسلها
القصير
Paper Moon 1974،
وظهرت فى عدد من أفلام ديزنى، بدءا من
Napoleon and Samantha 1972.
فى فيلم
Alice Doesn’t Live Here Anymore
أسند المخرج
Martin Scorsese
دورا صغيرا لجودى فى عام 1974، قبل أن يعطيها دور
Iris
وهى فتاة الليل البالغة من العمر 12 عامًا والتى أصبحت الشخصية المهووس بها
فى فيلم
Taxi Driver 1976،
وحقق أداؤها المبكّر والمعقد إشادة من النقاد والترشيح لجائزة الأوسكار
كأفضل ممثلة مساعدة.
فى فيلم
The Accused
قدمت أداء رائعًا لدور ضحية اغتصاب تعانى من عدم المساواة فى نظام العدالة.
وفى فيلم
The Silence of the Lambs
كانت تتعقب قاتلا متسلسلا. وفازت جودى فوستر بالأوسكار لكلا الدورين كأفضل
ممثلة.
قامت جودى بدور البطولة فى فيلم
Contact
المقتبس من رواية خيال علمى، وفى عام 2011 ظهرت جودى فى فيلم
The Beaver.
كما أخرجت حلقات من مسلسلات تلفزيونية. واحتلت مؤخرا المرتبة رقم 18 فى
قائمة أهم الممثلات فى تاريخ السينما العالمية حسب تصنيف مجلة
Empire.
تقول جودى فوستر عن بداية حياتها الفنية: «أعيش فى المنزل
فى الوادى مع والدتى. لدى شقيقتان كبيرتان وأخ أكبر. والدتى تدير مسيرتى
المهنية، ونحن قريبون جدًا. لا توجد فجوة بين الأجيال. يمكننى التحدث معها
وأنا أفعل كل شىء، أنا لا أخرج كثيرًا. أصدقائى، ألعب التنس معهم، وأذهب
للتزلج على الجليد. أحياناً يكون هناك المزيد من التنوع».
ورغم أن جودى فوستر أعلنت انها مثلية إلا أنها فى بداية
حياتها الفنية كانت تقول: «لا أرى نفسى سأتزوج كثيرًا قبل أن أبلغ من العمر
26 عامًا؛ لن يكون لدى الوقت، بالإضافة إلى ذلك أنا لست ناضجة بما يكفى
لأكون لطيفة مع أى شخص آخر. أحب أن أكون وحدى، دون أن يزعجنى أحد، ماذا لو
تزوجت من شخص لا يسمح لى بحبس نفسى فى غرفتى لمدة ستة أيام وأقرأ؟».
«أقرأ
أكثر مما أفعل أى شىء آخر، على الأرجح. أقرأ نحو ثلاثة كتب فى الأسبوع،
وأقرأ كثيرًا جيمس جويس فى الوقت الحالى.. صورة الفنان عندما كان شابًا.
أحب كل أعمال زولا. أنا حتى مثل ميلتون قليلًا. المشكلة فى لوس أنجلوس، فى
مجال صناعة الأفلام، هى أن الناس يتصرفون وكأن كل شىء يبلغ قطره 16مم و35مم
والباقى صحراء. أنا أحب الأشخاص الذين يتحدثون بسرعة، يمكننى العودة إلى
المنزل، والقراءة طوال اليوم، ولا أحد يزعجنى. لقد سافرت كثيرًا. عاشت
عائلتى فى فرنسا لمدة تسعة أشهر بينما كنت أصنع فيلمًا هناك لم يسمع به أحد
من قبل. لقد رأيت كل مكان صحيح.. ليس كسائح سيئ، وليس كطفل، وليس كشخص
سينمائى يسير فى مكان ما مرتديًا الجينز ويحرج الجميع، ولكن كشخص يعيش هناك
لفترة من الوقت وينغمس فيه». |