ملفات خاصة

 
 
 

سمير غانم .. وداعًا أسطورة الضحك

كتب محمد عبدالرحمن

عن رحيل الفنان

سمير غانم

   
 
 
 
 
 
 

يوم الخميس الماضى، خالف سمير غانم الاتفاق الذى أبرمه مع جمهوره لأول مرة منذ ستين عامًا، اتفاقًا كان ينص على أنه كلما ظهر سيضحكون، أيًا كانت طبيعة ومساحة وظروف هذا الظهور، على المسرح، على الشاشة، ممثلاً، مطربًا، ضيفًا فى برنامج، صورة فى مجلة، بطلًا رئيسيًا، بطلاً ثانيًا، ضيف شرف، صامتًا، متكلمًا، ثابتًا، متحركًا، سيضحكون، لم يتخل الطرف الأول عن الاتفاق إلا رغمًا عنه، صعدت روحه إلى السماء فترك الطرف الثانى حائرًا.

كيف يبكى ستة عقود من «العشرة» والمحبة والأُلفة والسعادة فيما كل الذكريات تتدافع لتتحول إلى ابتسامات زرعها سمير غانم فى ذاكرة جمهوره بحب وإخلاص، ورواها بصدق وإنسانية فأثمرت كوميديا لا تهزمها متغيرات الزمن ولن ينال منها مصير كل إنسان، الموت الذى جاء ليفسر من جديد كيف تحول الضلع الباقى من ثلاثى أضواء المسرح إلى «أسطورة» ستبقى عابرة للأجيال، أسطورة كوّنها صاحبها ليس بموهبته فقط؛ وإنما بسمات شخصية فريدة قلّما أن تتكرر فى فنان آخر.

تمامًا عندما تذهب إلى سرادق عزاء لتواسى أهل المتوفى فتجد نفسك فى حاجة لمن يواسيك، هكذا فقد المصريون والعرب أحد أهم وجوه بهجتهم لسنوات طويلة بعد نحو أسبوعين من أزمة صحية، أثارت الجدل حول سبب وفاته الحقيقى، هل هى الكورونا أم مضاعفات أخرى، لكن الجمهور نفسه لم يتوقف لحظة الوفاة عند تلك التفاصيل، وإنما كانت الصدمة فى أن المفارقة قد وقعت، مطلوب أن نبكى رجلًا طالما أضحكنا بكل ما أوتى من قوة وموهبة وفطرة وخفة ظل، كان التناقض كبيرًا وربما غير متوقع، أن يجد الناس وهم ينعونه على مواقع التواصل الاجتماعى أنفسهم يكتبون إيفيهاته رغمًا عنهم، ليس واحدًا أو اثنين أو عشرة، بل مئات من المواقف التى تجعل سمير غانم بحق هو أسطورة الضحك التى تكونت عبر الزمن ووضعت الكثيرين فى مأزق القدرة على تحقيق ولو نصف ما تركه من سعادة.

صاحب الرسالة

مثال بسيط على المفارقة، المشهد الشهير بين سمير غانم وفريد شوقى فى «يارب ولد»، مشهد «تعيش إنت يا حاج»، حيث يكتب أحدهم «سمير غانم.. تعيش إنت يا حاج»، فتستدعى الذاكرة على الفور مشهد تقدمه لخطبة ابنة الحاج الأسيوطى، فتجد «حبل الإيفيه» يطول، ويمتد ليشمل المشهد كله، ثم باقى مشاهد الفيلم، مع إسعاد يونس وأحمد راتب وإكرامى، مشهد الفرح، مشهد الكتاكيت، ومواجهته مع الحاج صقر فى مغلق الخشب، «هتكتب عقد هكتب عقد»، «ابقوا تعالو بكرة يمكن أبيع لكم المحل»، «احنا داخلين على طمع بس مبنقولش»، كل هذا فى فيلم واحد مضى على إنتاجه حوالى 40 عامًا، قصته غاية فى البساطة، لكنها سر الفن، سر سمير غانم القادر على أن يخرج بالضحكة أيًا كانت الملابسات، أنت تشاهده ومتوقع مسبقًا أنك ستضحك، من خلاله هو، من خلال رد فعله على الممثل المقابل، من خلال صمته أو حركته، طبق الناس بعد خبر الرحيل نفس المثال السابق على ما اشتهر من أعماله، هو الذى كان يصور أربعة أفلام فى نفس الوقت، لا يقول لا للعمل، يرفض تعبير أفلام المقاولات، يرفض انتقاد سينما الضحك للضحك، يرى أن الضحك فى حد ذاته رسالة وقد أوصلها للناس فاحتفظوا بها واستعادوها لحظة الرحيل فبكوه بصعوبة حين غلبتهم الابتسامات.

قواعد الأسطورة

أسطورة سمير غانم تكوّنت على مهل، عبر قواعد وضعها هو لنفسه وكان الأكثر التزامًا بها، كان يشعر من داخله كما يقول أن لديه الموهبة، لم يكمل دراسة الشرطة ولا الحقوق، استقر فى الزراعة ليتفرغ للمسرح، كان طموحه أن يقدم فنه ولم يفكر فيما هو أبعد، حتى تكوّن الثلاثى، سمير والضيف أحمد وجورج سيدهم، وتكونت على إثرها الفرقة المسرحية باقتراح الضيف الذى كان أول من غادر، ليكمل سمير وجورج، ثنائى متفاهم له مذاق خاص رفضا أن يستبدلا فنانًا آخر بالضيف أحمد، معادلة الفن لا تتحمل تلك المخاطرات، ومعادلة سمير غانم ظلت تحافظ على قواعدها بعد غياب الضيف ومرض جورج.

قواعد سمير غانم كانت واضحة منذ البداية، أريد للناس أن يضحكوا، أن يشعروا  بالسعادة، أن يرتاحوا كلما رأونى على الشاشة أو فى الشارع، عندما يضع أى فنان – قل أى إنسان- لنفسه القواعد مبكرًا، فإن كل شىء يصبح معقولًا بعدها، والإجابات على الأسئلة تصير أسهل، لم يرد البطولة وشباك التذاكر، تعامل مع الثروة على أنها رصيد من الضحكات لا الجنيهات، لهذا لم يسع لأى منافسة، حتى النقد السلبى الذى طاله أحيانًا لم يعطله، لم يغير من قواعد المعادلة، اقتنع بما يقدمه وظل ينتجه متفاهمًا مع متغيرات الأمور فى الحياة وفى الفن، حتى إنه الفنان الوحيد الذى غيّر شكله تمامًا ولم يشعر الجمهور نحوه بأى غربة، بل تحول شعره المصطنع نفسه دليلاً على تصالحه مع الزمن فظهر بباروكة بيضا تليق بسنه أحيانًا، وظلت ملابسه واكسسوارته لا يرتديها إلا سمير غانم، فهو عصى على التقليد بعيد عن التكرار

ما فعله سمير غانم ببساطة، أنه أخلص للضحك، ولم يقدم غيره للجمهور، قرر أن يقدمه سواء بطلاً لفيلم أو مساعدًا للبطل، أو ضيف شرف، وعندما تقدم به العمر لم يرفض أن يظهر فى مشهدين أو أقل ومع كل الأجيال، لم يكن يقول لا لأن الجمهور دائمًا ما يستقبله بنعم، وعندما كبرت البنتان، وقف إلى جوارهما دون أن يجد متفرجًا واحد نفسه يقول أن سمير يقدم هذا الدور لأنه والد النجمة، أو أن دنيا وإيمى تجاملان  والدهما بدور لا يليق عليه، بالعكس كان هو الداعم الذى يدفع ظهوره العمل للأمام وكأنه يستعيد أيام البدايات عندما كان منتشرًا فى معظم أفلام الستينيات، فجاء العقد الأخير ليشهد انتشارًا يليق بأسطورة فشل جمهورها فى البكاء عليه، فهو من أضحكهم حيًا وسيظل يضحكهم حتمًا بعد الرحيل.

 

####

 

سمير ودلال زواج بعد مطاردات

بعد رحلة زواج استمرت 40 عامًا رحل سمير غانم دون أن تستطيع دلال عبدالعزيز وداعه حتى مثواه الأخير، وتردّدت الأسرة فى إخبار دلال بوفاة زوجها

تزوج سمير ودلال بعد رحلة مطاردات من دلال انتهت بالزواج من سمير الذى يكبرها بأكثر من 20 عامًا والذى كان يرفض الزواج.

بدايات القصة جاءت منذ ما يزيد على أربعين عامًا حينما كان الفنان الراحل جورج سيدهم يختار أبطال مسرحية «أهلا يا دكتور»، لتأتى إليه فتاة شابة من مدينة الزقازيق المصرية تبحث عن فرصة.

وبالفعل اختارها سيدهم وصدّق على اختياره غانم، الذى وجد فيها فتاة ذكيّة صاحبة ملامح جميلة، فقرر أن تحصل على فرصتها فى المسرحية.

وفى لقاء تليفزيونى سابق تحدث غانم عن قصة زواجه بدلال، وكيف كانت تطارده، واصفًا إياها بالذكية، وأنها أثبتت أنه شخص غبى، لأنه لم يتزوج فى سن مبكرة.

وأكد غانم أن دلال هى من عرضت عليه الزواج، ولكنه حذرها وأخبرها أنه يكبرها بـ 20 عامًا، ولكنها لم تلتفت إلى الأمر، وأمام كل محاولاته لإبعادها، انتصرت هى وتزوجا.

وفيما يخص أول لقاء بينهما حينما تم اختيارهما للمسرحية، وصفها غانم قائلاً: «حاجة كده بيضا زى القشطة.. كلبوظة»، مؤكدًا أنها كانت مستقيمة وتتصف بالشهامة مع أصدقائها.

كانت دلال تطارده باستمرار، وحينما يتحرك إلى أى مكان تستقل سيارتها وتتبعه، وهو ما دفعه للزواج  منها فى النهاية.

وظلت دلال عبدالعزيز تطارد غانم لأربع سنوات، ووقتها كان هناك رهان مع عدد من كبار النجوم مع الفنانة المصرية على نجاحها فى الزواج منه؛ حيث أخبروها بأنه شخص لا يتزوج، ونصحوها بتركه.

وفى خلال مشاركتهما بفيلم «يا رب ولد» عاتب فريد شوقى، غانم قائلًا: «يا ولد مش عايز تتجوز ليه.. ما البت بيضا زى القشطة أهى».

أول هدية حصلت عليها دلال من غانم كانت فى يناير 1980، فى افتتاح مسرحية «أهلا يا دكتور»، حيث كان عيد ميلادها وأحضر لها «بالطو».

ولم يكن الثنائى قد ارتبطا وقتها، إلا أن دلال كانت قد وقعت فى غرام زوجها، بعد أن جاء الحب من أول نظرة.  

 

####

 

مشــوار سـمير غانـم.. مـن حلبـة الملاكمة إلـــى عـرش الكـوميـديا

كتب إيمــان منـــدور

«أرى أنه ينبغى على الفنان الكوميدى مواصلة العمل حتى آخر يوم فى حياته، ليس لأنه فى حاجة لكسب المال، ولكن لأن الوقوف أمام الجمهور ترفٌ بحد ذاته. ولا أعتقد أنى فقدت إحساسى الداخلى بالكوميديا أبدًا، لذلك أسعد لحظات حياتى عندما أرى القاعة ممتلئة عن آخرها بالجمهور الذى جاء إليّ خصيصًا، ولا أنسى أن بعضهم قال لى إننى سأدخل الجنة مباشرة لأنى نجحت فى إسعادهم فى تلك الليلة.. هذا التعليق لن أنساه لأنه ملأ قلبى بالحب والسعادة».

هكذا لخّص الفنان الراحل سمير غانم مشوار حياته، ومدى حبه للضحك والكوميديا بشكل عام فى حياته الشخصية والمهنية، لذلك لم يدخل فى جدال أو خلافات سياسية أو فكرية أو نزاعات فنية كما يفعل كل النجوم، بل اكتفى فقط بالطريق الأكثر لطفًا فى عبور الحياة، ألا وهو الضحك وإدخال السعادة لقلوب الجميع.. ويبدو أنه قد نجح فيه بامتياز.

مرحلة الطفولة

ولد سمير غانم فى 15 يناير 1937، بمحافظة الفيوم، لأب يعمل ضابط شرطة وأم ربة منزل، لكن كانت الأسرة كثيرة التنقل بين المحافظات بحكم مهنة الأب، فانتقل لمحافظات كثيرة منها بنى سويف والمنيا، إلى أن استقروا فى النهاية بالقاهرة.

والد سمير غانم كان صعيديًا، من محافظة أسيوط تحديدًا، وعند انتقاله إلى بنى سويف تولى رئاسة مكتب شئون العربان هناك، فكان المسئول عن حل الخلافات بين القبائل، لذلك حضر سمير فى صغره بعض جلسات الصلح بين القبائل مع والده. وكان الأب صارمًا للغاية فى تربية أبنائه، لكنه فى الوقت ذاته يحبهم ويهتم برعايتهم، أما الأم فكانت شديدة اللين مع أولادها، وبالتالى حدث توازن فى الأسرة فيما يتعلق بتربية الأبناء.

وعن ذلك قال سمير فى آخر لقاء تليفزيونى قبل رحيله: «أمى عملت توازن لأنها شالت العبء العاطفى والحنية كلها كانت فيها فمحسناش بنقص عاطفى، وبعدين أنا الكبير فكان ليا بريستيچ معين ومعزّة خاصة عندها.. وعمومًا مكنتش طفل شقى بس كان عندى طموح، حاسس إن جوايا حاجة عايزة تطلع ايه هى معرفش».

قصص الجامعة 

التحق سمير غانم بكلية الشرطة، ولو كان استمر فيها لأصبح لواء على المعاش الآن، كما كان يقول فى لقاءاته التليفزيونية. فقد قضى فيها عامين فقط، حيث رسب فى العام الأول، وفى الإعادة رسب مرة أخرى، فترك الكلية والتحق بكلية الحقوق، التى ما لبث أن تركها بعد عام واحد أيضًا، ليستقر فى النهاية على كلية الزراعة بجامعة الإسكندرية.

ذكريات سمير غانم فى كلية الشرطة كانت تشبه حياته، طريفة وممتعة رغم ما فيها من تعقيدات، فقد كان الضابط المسئول عنهم هو الفنان صلاح ذو الفقار، كان برتبة رائد وقتها، وكان شديد الصرامة فى التعامل مع الطلاب، لدرجة أنهم أطلقوا عليه لقب «صلاح المرعب»، لكن مع سمير كان الأمر كوميديًا، فقد اختاره ذو الفقار ليشارك فى فريق الملاكمة، ففرح للغاية واعتبرها ثقة كبيرة فيه، لكن فى أول مباراة ضد أحد الفريق، لم يفعل سمير شيئًا سوى أنه أغمى عليه من أول ضربة، ولم يشعر بنفسه سوى فى المستشفى وعلى رأسه صلاح ذو الفقار، ليقول له ساخرًا بمجرد إفاقته: «أنت كافحت.. سيبك من الملاكمة واديها سباحة».

فى كلية الشرطة بدأت الهوايات الفنية، فقد كان سمير ورفاقه يجتمعون للسَمَر والضحك وتقليد الضباط، وبسبب هذا التقليد كان يتم حبسهم يومى الخميس والجمعة من كل أسبوع، وكان هذا بالأصل رغبتهم، فلم يكن معهم أموال يعودون بها فى الإجازة أو ينفقون على أنفسهم بالخارج، فكانوا يفعلون أى شيء يتسبب بحبسهم ويقضون الإجازة فى الضحك والتقليد..

أما فى كلية الزراعة، فكانت أول خطوة لسمير غانم تجاه التمثيل كهواية وليس كمهنة، فقد كانت الكلية تضم وقتها جيلا رائدًا من الشباب الذين دخلوا المجال الفنى ولمعوا فيه لاحقا مثل عادل إمام وصلاح السعدنى. ومن خلال أسابيع شباب الجامعات التقى سمير بجورج سيدهم الذى كان يدرس وقتها فى كلية زراعة عين شمس، ثم الضيف أحمد الذى كان يدرس فى كلية الآداب بجامعة القاهرة، وكان ذلك كله فى إطار المنافسة فى أسابيع الشباب، ثم كوّن سمير بعدها أول ثلاثى فى الإسكندرية وأطلق عليه اسم «إخوان غانم»، وضم الثلاثى إلى جانبه كلا من الفنان وحيد سيف وعادل ناصف الذى أصبح طبيبًا شهيرا فى علم الحشرات بالخارج.

ثلاثى أضواء المسرح

انتقل سمير غانم للتمثيل مع جورج سيدهم وعادل ناصف، ولكن عندما اختار ناصف السفر، كان عليهما البحث عن شريك ثالث، فكان الضيف أحمد الذى وافق وبدأت رحلة الثلاثى التى وصلوا فيها للجمهور بالصدفة، فقد توجهوا للتلفزيون لمقابلة مخرج المنوعات الشهير محمد سالم، الذى كان يعمل على برنامج جديد وقتها ويحتاج لوجوه جديدة، وبالفعل قدموا أمامه اسكتش بعنوان «دكتور الحقنى» فلم يقتنع بهم، ثم التقى بهم مرة أخرى لاحقا، وتذكر الاسكتش الذى قدموه فطلب منهم إعادته أمامه، لكن لم يكن معهم طبلة، وبالصدفة وجدوا شخصًا يحمل طبلة فى أحد ممرات التلفزيون، فأحضروه وقدموا الاسكتش فأعجب المخرج بهم وظهروا فى التلفزيون، ومن هنا كانت بداية ثلاثى أضواء المسرح، كما أطلق عليهم محمد سالم.

بعد نجاح سينمائى ومسرحى ضخم للثلاثى، توفى الضيف أحمد بشكل مفاجئ، وتقدم إليهم المئات ممن يشبهونه للحصول على فرصة الانضمام للفريق، لكن رفض سمير وجورج، لليقين بأن أحداً لن يكون مثل الضيف أحمد أبداً. لكنهما احتفظا باسم الفرقة رغم أنهما لم يعودا «ثلاثي» مجددا، وقدّما بعدها مسرحيات ناجحة مثل «المتزوجون» و«أهلا يا دكتور»، ثم انفصل الثنائى إلى أن مرض جورج سيدهم، لكن رغم ذلك لم تنقطع علاقة الصداقة بينهما حتى رحيله.

شخصية فطوطة

بعد 7 سنوات من الفوازير الناجحة مع الفنانة نيللى، أراد المخرج فهمى عبد الحميد تغيير اللون والانفصال عن نيللى، ليختار سمير غانم لتقديم الفوازير، من خلال شخصية فطوطة التى أصبحت أكثر شخصية كوميدية لجيل الثمانينيات والتسعينيات، والتى رغم نجاحها الكبير وحبه الشديد لها، إلا إنها أرهقت سمير غانم نفسيًا، وتحديدًا من الجمهور فى الشارع، لأنهم كانوا حين يرونه بالصدفة ينادونه بـ»فطوطة»، فكان يشعر بأنه طفل وليس فنانًا كبيرًا، لكن كان يتقبل الأمر لأنه يدرى أنه بسبب حبهم للشخصية.

شكل وصوت وطريقة فطوطة لم تكن كذلك منذ البداية، فقد فكّر المؤلف عبد الرحمن شوقى فى أن تكون الشخصية لرجل صغير اسمه «فطوطة» ليكون الاسم متشابها مع «ابن بطوطة» صاحب الرحلات الشهير، باعتبار الشخصية التى يقدمها سمير تتجول مع «سمورة» فى كل دول العالم. وتم تصوير حلقة لكن تم حذفها لأنه لم يعجبهم الأمر ولم يكن شكل وطريقة الشخصية مناسبة.

بعدها اختار سمير غانم الشكل الكوميدى للشخصية، ليكون رجلا قصيرا و«شعره منكوش»، لديه شارب أسود ويرتدى بدلة خضراء واسعة، وربطة عنق كبيرة جدا، فضلا عن الحذاء الأصفر الكبير الذى تغوص فيه قدمها. أما اختيار الصوت فجاء بالصدفة، حين كان سمير يسجل أغنية فى الاستوديو، وبالصدفة كان إلى جوار مهندس الصوت الذى جعل الشريط يدور بشكل أسرع ليفعل شيئًا ما، لكن سمير لاحظ الصوت فطلب منه إعادته مرة أخرى وأعجبته الطريقة، فقام بتجريبه من خلال النطق بصوت عالٍ وبطىء فى الوقت ذاته، وعند تسريع الشريط وجدوا أن الصوت كوميدى وملائم للشخصية، ومن هنا تم الاستقرار على طريقة الكلام بهذا الشكل.

لذلك كانت عملية التصوير معقدة ومرهقة، فقد كانوا يسلطون على سمير غانم كميات مفرطة من الإضاءة حتى يتمكنوا من تقليص حجمه لاحقاً فى مرحلة التحرير. كما كان عليه أن يتحدث بنبرة صوت عالية، وأن يغنى ببطء شديد ليتمكن فنيو الصوت من تحويله إلى ذلك الصوت المميز الذى كنا نسمعه على شاشة التلفزيون. وبعد هذه الجهود الكبيرة، انتشرت الشخصية وحققت نجاحات لافتة فى الكثير من الدول العربية، وليس مصر فحسب.

المسرحيات

قدم سمير غانم عبر مشواره الفنى العديد من المسرحيات الناجحة، أبرزها مسرحية «موسيقى فى الحى الشرقى»، فى نهاية السبعينيات. ومع بداية الثمانينيات قدم مع الفنان الراحل جورج سيدهم، أهم المسرحيات فى تاريخهما المشترك الفنى، وهما «مسرحية المتزوجون»، و»فخ السعادة الزوجية»، و»أهلاً يا دكتور» عام 1981، التى تعرف من خلالها على الفنانة دلال عبد العزيز، وتم الزواج بينهما وأنجبا منها ابنتيه «دنيا وإيمى».

الحياة الشخصية

تُعد قصة حب وزواج الفنان سمير غانم من الفنانة دلال عبدالعزيز، حالة فريدة بين الزيجات الفنية

كشف سمير غانم فى لقاء سابق قبل رحيله، أنه فى بداية الأمر كان متخوفا من الزواج من دلال عبد العزيز، نظرا إلى فارق العمر بينهما الذى يصل إلى 24 عاما، لكنها كانت تحبه وهو أيضًا، فضلا عن وقوفها إلى جانبه ودعمه أثناء محنة مرض شقيقه، مما جعله يتغلب على مخاوفه وتم الزواج بينهما، ثم تغيرت حياته تماما بعد ولادة ابنتيه دنيا وإيمى، وعرف من خلالهما معنى الالتزام كزوج وأب.

 

####

 

الضحكة اللى راحت

كتب: شعر: مـى منصــور ريشة: مهـا أبوعمارة

بَطّل تمثيل 

وكفاية عليك وعلينا ده دور

ازاى هتسيبنا دموعنا بحور

وعينيك فى قلوبنا محفورة

فى بيوتنا عمود مرسوم على فرحته سمورة

فى قلوبنا بيوت مفتوحة بحسك يا جميل

بَطّل تمثيل

 

هتموت إزاى 

وأنا ليا معاك ألف حكاية

وقلوب اتخلقت للضحكة

كام ألف طريق مليون سكة

وعيال بتجلجل ضحكتها ع كام إفيه

صوت السوكسيه على شفطة شاى

سيبتلهم حزن وعلى سهوة 

من غير باى باى 

هتموت إزاى

 

حتى أن غيرت يا سمورة كل العناوين

هتعيش وتعشش فى قلوبنا لو روحت لفين

وهنفضل نضحك على صوتك

حافظين الإفيه والجملة لسنين وسنين

حتى إن غيرت يا سمورة كل العناوين

هتعيش وتعشش فى قلوبنا لو روحت لفين

 

صباح الخير المصرية في

26.05.2021

 
 
 
 
 

سمير غانم..

كوميديا عبثية من ثلاثة فصول

 أحمد شوقي

مات سمير غانم، والرحيل عمومًا قرين الألم، فما بالك عندما يكون الراحل إنسانًا كان حضوره هو البهجة في أنقى صورها، الضحكة الخالية من كل تكلف أو تقعر؟ فقط الرغبة في جعل الحياة أفضل قليلًا، في تحويل مسار اليوم برسم بسمة على وجه كي ينسى صاحبه – ولو لثوان – همومه ومتاعبه؟

(1)

اعتدنا مؤخرًا الحزن على فراق مبدعين كبار حفر كلٌ منهم مكانه داخل قلوبنا مشهدًا مشهدًا، في أعوام تعيسة كُتب على بني جيلنا فيها أن يشاهد شجرة الذاكرة تتساقط ورقة تلو الأخرى. لكن للأمر وقع مختلف مع رحيل سمير غانم. لماذا؟ ربما لسمات فيه أو سمات فينا.

ربما لأنه كان أكبر من الحياة، حضوره الصاخب وما يثيره حوله من بهجة طفولية لا تنتهي كان سببًا للاعتقاد في أنه طفل أبدي، يشيخ جسده وتبقى روحه تقفز يمينًا ويسارًا، فتسخر من هذا وتدبر مقلبًا لذاك وتلقى نكتة تجعل كليهما ينفجر ضاحكًا من نفسه ومن العالم.

ربما لأن امتداد عمره ومسيرته الفنية جعلته حقيقة أزلية في ذاكرة ثلاثة أجيال على الأقل، شهدوا جميعًا حضوره وتأثيره ونجوميته، جعلونا نعتقد أنه تمكن بطريقة ما من مخادعة الزمن والحصول على استثناء بالبقاء للأبد. لا تنس هنا أن سمير وجورج والضيف عندما وقفوا ليغنوا مونولوجاتهم الشهيرة في "30 يوم في السجن"، فعلوا هذا عام 1966، أي قبل أكثر من 55 سنة كاملة، ظل سمير خلالها نجمًا فائق الشهرة والشعبية والنجاح. الرقم وحده كاف لتوضيح النقطة.

أو ربما لأن سمير غانم كان يحمل بالنسبة لنفوسنا قيمة أكبر بكثير من دور الكوميديان، ويُمثل دون أن يقصد ثقافة كاملة وطريقة للتعامل مع الحياة بتعاستها وتعقدها. هذا رجل لم تكن حياته أبدًا خالية من الآلام والمتاعب وفقدان أقرب الناس إليه بالموت أو المرض، لكن ذاكرتك لن تحمل له أي صورة لا يتجاهل فيها كل الجراح ليضحك ويسخر من الحياة والموت معًا. نعم، لو رجعنا بالذاكرة سنجد أن سمير غانم هو أكثر من ألقى نكاتًا عن الموت في تاريخ فننا المصري، يصيغها بطريقته الفريدة لدرجة تجعل مشاعرنا تشبه مشاعر منصور (يونس شلبي) بطل فيلم "4-2-4" وهو يرى رجلًا لا يعرفه يدخل ليعزيه في وفاة والدة قائلاً:

"أنا جاي أقدم التعازي.. C’est la vie.. You go.. You come.. You win.. الله عليه العوض"!

هذا بالتأكيد سطر حواري لم يُكتب في سيناريو، وارتجله فنان كانت صناعة مسرحيات وأفلام كاملة تقوم على قدرته على خلق الضحك فطريًا من أي تفصيلة، من شخصية أو قطعة ملابس أو طريقة حديث أو أي شيء يمكن تخيله. فنان لم يكن يُفكر وهو يقول تلك الجمل في أكثر من أثرها الضاحك على من يسمعها، لكن تراكم نكات مماثلة، وانسجامها الكامل مع شخص صاحبها ونمط حياته، خلق منها منهجًا سيظل سمورة رائده ورمزه الأبدي، منهج يقوم على التغافل، على إنكار وجود الموت والألم والسخرية من كل شيء، فإذا كانت الأقدار تعبث بنا فيرحل شاب موهوب كالضيف أحمد في وقت كانت موهبته فيه على وشك الانفجار بأفضل ما لديها، فأبسط حقوقنا أن نتظاهر بأن كل ذلك لم يحدث، وبقدرتنا على مواصلة الحياة بابتسامة ساخرة وتجاهل تام.

(2)

مع خبر رحيل سمير غانم الذي كان متوقعًا في الأيام الأخيرة، سارع الآلاف لإعادة سماع رسالته إلى الضيف أحمد. الأغنية أو الكلمات المُغناة التي كتبها الشاعر الاستثنائي عصام عبد الله ولحنها محمد هلال في مطلع الثمانينيات ليؤديها سمير مقدمًا تحية من عالم الأحياء إلى رفيق دربه الذي تركه في لحظة. سطور كُتبت من أربعة عقود وظلت معلقة في الهواء تنتظر خاتمة تُكمل معناها.

"بيني وبينك كل ما أفكر.. أدقق.. أمعن.. باشعر إني خلاص هاتجنن

بس مافيش من المكتوب بد..

وآهي أيام بتعدي يا ضيف.. وهنتقابل بلا تكليف..

ونقعد نضحك.. نضحك.. نضحك"

بالمقاييس الدرامية هذا زرع واضح ينتظر الحصاد، تفصيلة تُزرع في الفصل الأول للسيناريو كي تتحول في الفصل الثالث حدثًا دراميًا يمنح العمل معناه. قنبلة موقوتة طال أمدها لحسن حظنا كي نستمتع أكثر بالراوي قبل أن تكتمل نبؤته وتمر الأيام ليلقى الضيف.. بلا تكليف.

المدهش أن سمير غانم كان العدو الأكبر للفصل الثالث، فتراث الكوميديا المصرية تمنحنا شعورًا دائمًا بأن صناعها يخجلون من أنفسهم وإن لم يدركوا ذلك، فيحاولون في نهاية الفيلم أو المسرحية إضفاء معنى لا يملكه العمل عبر إلقاء خطبة أو عرض وعظة يظنون أنها تجعل عملهم أكثر قيمة، وكأن نشر البهجة ليس قيمة عظمى في حد ذاته. سمير غانم وقف وحده في وجه "الكوميديا الهادفة"، فكان الناجي الوحيد من لعنة الفصل الثالث، ملتزمًا بالإضحاك من "الجلدة للجلدة" دون رسائل أخلاقية أو وعظات بائسة.

وكأنه مجرد تلاعب آخر، تأجيل وتغافل جديد، لا فصول ثالثة على المسرح أو الشاشة، انتظارًا لاستكمال الحكاية بلقاء الضيف وجورج وسمير في السماء ليضحكوا معًا من جديد.

(3)

في واحد من أفضل مشاهد الكوميديا العبثية في تاريخ السينما المصرية، وفي فيلم كوميديا رومانسية محدود القيمة اسمه "البنات عايزة ايه؟"، يطارد زوج غاضب (أحمد عدوية) البطل الذي يظن أنه عشيق زوجته (محمود عبد العزيز) فيحتمي الأخير بصديقه (سمير غانم)، مواجهة حاسمة تتم في الدقائق الخمس الأخيرة للفيلم، أي الفصل الثالث مجددًا. مواجهة يجب أن تنتهي دراميًا بمأساة ينهيها سمير غانم فجأة بغناء مطلع أغنية عدوية الشهيرة "السح الدح امبو"، ليترك عدوية شخصية الزوج الغاضب ويعود لشخصيته الحقيقية فيُكمل الأغنية ويرقص الجميع، بل ويُخرج محمود عبد العزيز ورقة مالية من جيبه ليمنح "النُقطة" لمن كان يريد قتله قبل ثوان.

مشهد لا يستغرق ثوان يمكن من خلاله تلخيص قيمة سمير غانم في تاريخنا، كنغمة منفردة لا تشبه إلا نفسها، تعامل صاحبها مع الحياة بما تستحقه من عبثية ساخرة، فما نعيشه حقًا لا يستحق أن يؤخذ على محمل الجد، وكل شيء يمكن أن ينتهي إذا ما توقف المرء صائحًا "عم يا صاحب الجمال". ولا تأكيد على صحة موقف سمورة سوى أنه نفسه، وهو من ملأ الدنيا صخبًا لأكثر من نصف قرن فأبهج الملايين وتجاوز الموت مرات ومرات، رحل في النهاية وفي غضون أيام نتيجة لسلسة تداعيات بدأت بأن شخص في آخر العالم قرر شرب حساء الوطواط قبل عامين!

 

موقع "إيلاف" في

27.05.2021

 
 
 
 
 

سمير غانم وذكريات لا تنسى

إقبال بركة

أكثر ما أحزننى بعد وفاة الفنان الكبير سمير غانم تلك القطيعة التى فرضتها علينا ظروف الحياة، فلم أسعد بلقائه منذ سنوات. اجتاحتنى رياح عاصفة أخذتنى إلى أرض بعيدة وعالم مختلف ومعارف جدد أنسونى أيام الجامعة البهيجة التى كان سمير فيها من أقرب وأعز الأصدقاء.

وتعود ذاكرتى إلى تلك الفترة المميزة فى تاريخنا الفنى التى أنجبت أغلب فنانى الدراما ممن أثروا الحياة الفنية لمدة نصف قرن أو يزيد، فترة الستينيات من القرن الماضى (العشرين).

كان من عادة المدارس الثانوية وكليات الجامعة أن يقدم الطلاب مسرحية فى نهاية العام واختارنى المخرج لتأدية دور البطولة فى المسرحية الكوميدية، دور بتراتشيو فى مسرحية «ترويض النمرة»، والمسرحية تعالج الطبيعة المتقلبة للأنثى، التى قد يجتمع فيها تناقضات عديدة، كتلك التى اجتمعت فى البطلة الحسناء «كاتارينا»، فعلى الرغم من جمالها فإنها كانت ذات مزاج نارى ونفس شرسة مجنونة، تجعل من إثارة غضبها أمرًا غير مأمون العواقب، لم يَنْجُ منه حتى المتقدمين لخطبتها الذين كانوا عُرضةً للرَّكْل والضرب دون سبب، لذلك عُرفت كاترينا وسط الناس بسوء خلقها، على عكس أختها الصغيرة التى كانت تقطر دَمَاثة ورِقَّة.

وأمام إحجام الرجال عن التقدم للزواج بكاتارينا يضطر أبوها أن يخصص مكافأة مالية ضخمة لمن يطلب يدها ويُلِين رأسها، فيتقدَّم أحد التجار الأغنياء، «بتراتشيو» لهذه المهمة، الأمر الذى يُشعل ثائرتها، لتبدأ سلسلة من المواقف الطريفة التى تنتهى بحدث الزواج السعيد بينهما. تفوقت فى أداء دور الفتى بتراتشيو لدرجة أقنعتنى بأن التمثيل يمكن أن يكون مستقبلى.

.. وفى مسرح الكلية اختارنى المخرج الكبير فتوح نشاطى لأداء البطولة فى مسرحية «الموت يأخذ أجازة»، وفتوح نشاطى (1901- 1970) لمن لا يعرفه ممثل ومخرج ومؤلف مصرى، درس فى مدارس الفرير، ثم التحق ببنك كريدى ليونيه. عمل بالمسرح المصرى فى بداياته قبل أن يلتحق بفرقة رمسيس، حيث ترجم للفرقة عشرات المسرحيات ثم سافر إلى فرنسا فى بعثة للإخراج، وعاد ليتولى الإخراج فى الفرقة القومية، والفرقة المصرية للتمثيل والموسيقى، والفرقة المصرية الحديثة والمسرح القومى المصرى، وكان آخر أعماله مع الفنان كرم مطاوع فى فيلم (سيد درويش).

وفكرة مسرحية «الموت يأخذ أجازة» غريبة، تقول إن عزرائيل، ملاك الموت، حصل على إجازة 24 ساعة ونزل ليقضيها على الأرض بين الناس، طبعا لم ينزل بملابسه الرسمية وشكله المعروف كما يرسمه الرسامون، بل على هيئة شاب وسيم يرتدى ملابس أنيقة.

نزل ملاك الموت ضيفا على أسرة، فتعرف على ابنتهم الشابة الجميلة «كاتارينا»، التى افتتنت به، وحدث بينهما حب من أول نظرة، وهنا بدأ عذابه، فالمفروض أن تنتهى العلاقة بعد ساعات قليلة، وهى لا تعرف أن الشاب الوسيم الذى أغرمت به هو ملاك الموت، ويزداد عذابه عندما تخبره أنها تحبه وستظل تحبه.. فيقول لها: ولكنك لا تعرفين من أنا.. فتقول، لتكن ما تكون ومن تكون.. أنا أحبك وعلى استعداد لأن أذهب إلى آخر الأرض. وفى النهاية من أجل أن تقتنع، يخلع عن وجهه قناع البشر فيبدو وجه عزرائيل الكئيب.. ولكنها ترحب بأن تذهب معه.. إنه الحب، ليكن حبيبك من يكون وما يكون، المهم أن تحيا معه.

كانت صديقتى وزميلتى بكلية آداب الإسكندرية الفنانة راوية أباظة عرضت على أن أحل محلها فى اسكتش كوميدى ألفه ويخرجه ويقوم ببطولته طالب بكلية الزراعة هو سمير غانم، ولكنها لن تستطيع تأديته لأنها حصلت على دور البطولة فى مسرحية الكلية. ومنحنى سمير دور فتاة تتظاهر بأنها أجنبية (خوجاية) لكى تتهرب من دفع تذكرة الترام، وعندما تتصدى لها بنت بلد، الزميلة «سهير برعى»، تشتبك معها فى مشاجرة تفضحها كشرشوحة بلدى تندفع للردح. الطريف أنى كنت أضحك بشدة على إفيهات سمير غانم وأوشكت أن أفسد المسرحية.

أصبح سمير يتردد يوميا على الكلية، ونشأت بيننا صداقة وطيدة رغم فارق السن واختلاف الدراسة، فهو صعيدى من مواليد عرب الأطاولة محافظة أسيوط، انضم بعد الثانوية العامة إلى كلية الشرطة احتذاءً بوالده الذى كان ضابط شرطة، ولكن تم فصله منها بعد رسوبه لسنتين متتاليتين، فنقل أوراقه إلى كلية الزراعة فى جامعة الإسكندرية وانضم للفرقة الفنية فيها. وفى الإسكندرية التقى سمير بالفنان وحيد سيف وعادل نصيف وشكلوا فرقة إسكتشات غنائية تقدم عروضا على المسرح. ولكن الفرقة لم تستمر بسبب انسحاب وحيد سيف، كذلك انسحب عادل نصيف الذى أكمل دراسته العليا فى تخصص الحشرات بكلية الزراعة وسافر إلى بلجيكا. ومازلت أذكر عادل نصيف الذى قدم على مسرح الجامعة عددا من أشهر الأعمال التراجيدية، ومنها «عطيل» و«ماكبث».

ولموهبته الملموسة سرعان ما تقلد رئاسة فرقة السمر المسرحية بجامعة عين شمس، وهى الفرقة التى كانت سببا فى تعرفه على رفيق دربه الفنان سمير غانم، الذى كان رئيسا لفرقة السمر بجامعة الإسكندرية. كان بينهما رابط مشترك، هو حبهما للمسرح وتمتعهما بالقبول الجماهيرى، فقررا التعاون معا فى تقديم أعمال للمسرح الجامعى، وقدما مسرحيات لكبار الأدباء المصريين، ومنهم صلاح عبدالصبور ونجيب سرور. كان أول لقاء عرف الجمهور بجورج سيدهم من خلال برنامج «مع الناس» الذى قدمه بالاشتراك مع سمير غانم وعادل نصيف، والتقطتهم عين المخرج محمد سالم الذى عرض عليهم العمل معه فقدموا إسكتشات كوميدية من تأليف حسن السيد وألحان الموسيقار محمد الموجى، من خلال فرقتهم الشهيرة «ثلاثى أضواء المسرح» التى شعر الناس بأنها تقدم فنا مختلفا.

ومازلنا نستمتع بعرضها كلما أذيعت. إلا أن عادل نصيف ترك الفرقة بعد شهر واحد ليبدأ جورج وسمير رحلة البحث عن العضو الثالث كبديل لعادل. وكأن القدر يعلم مدى موهبة جورج وسمير وأنهما بحاجة إلى عضو ثالث يدعم فرقتهم فأرسل إليهم الفنان الراحل الضيف أحمد. فحققت الفرقة طفرة عالية فى ساحة الكوميديا فى مصر، ونالت شهرة كبيرة بعد تقديمها لإسكتشات عديدة، منها «كوتو موتو» و«دكتور.. الحقنى».

إنها ذكريات أثارتها الوفاة المفاجئة والفاجعة للفنان الكبير سمير غانم، رحمه الله بقدر ما أسعد الناس وأزال همومهم.

 

####

 

أنا وسمير غانم

عمرو الليثي

بدأت علاقتى بالفنان الكبير سمير غانم من خلال علاقة عائلية، حيث إن والدى- رحمه الله- ممدوح الليثى وعمىَّ جمال وإيهاب الليثى كانوا قد حظوا بإنتاج أكثر من ثلث الأفلام التى قدمها الراحل سمير غانم للسينما، كذلك قدم له والدى مجموعة من أهم الأعمال الدرامية فى التليفزيون المصرى عندما كان يتولى منصب رئيس استديو الجيب، فأنتج له بطل الدورى وحكاية ميزو وغيرهما من الأعمال الدرامية، وامتدت العلاقة بينى وبين الفنان سمير غانم حتى التقينا بالصدفة فى منزل الراحل جمال الليثى عام 92، كنت أتولى فى ذلك الوقت إدارة قنوات MBC، وكان مقرها فى لندن، وسألته: ليه مابتعملش الفوازير، إنت كنت أنجح من قدم فوازير فطوطة؟!، فرد علىَّ قائلًا: الحقيقة يعنى مش مهتم أو معنديش الحماس لتقديمها مرة ثانية.

قلت له: لا إزاى، إنت لازم تقدمها تانى، وأنا واثق إنها سوف تلقى نجاحًا كبيرًا، وبالفعل أقنعت الأستاذ سمير غانم فى عام 92 بأن يعود مرة أخرى للفوازير وبدون فطوطة، وقدمت فى هذا العام فوازير «المتزوجون فى التاريخ» التى أذيعت على شاشة قنوات MBC. وحققت نجاحًا جماهيريًا كبيرًا، وأيضًا أذيعت فى لبنان، وأذكر فى ذلك الوقت أن تليفزيون الفيوتشر، المملوك للسيد رفيق الحريرى- رحمه الله- كان فى بداية نشأته، واشترى هذه الفوازير فى عام 93 وحققت نجاحًا كبيرًا، وبعد نجاح هذه الفوازير استمررت فى إنتاج الفوازير للأستاذ سمير غانم لمدة سبع سنوات، قدمنا خلالها فوازير مختلفة، فقدمنا «أهل المغنى» و«المضحكون» وغيرهما من شخصيات تاريخية، وكان الأستاذ سمير غانم من الفنانين القلائل جدًا الذين يجيدون فن التقمص والتشخيص حتى لأصعب الشخصيات الممكنة، وكان لا يدخر وسعًا فى أن يقدم كل ما لديه من خبرة، وكانت لديه خبرة كبيرة فى فنون الاستعراض والحركة.

وأيضًا شكَّل مع الأستاذ عبدالرحمن شوقى- فى تلك الفترة- والأستاذ حسن عفيفى- رحمهما الله- ثالوثًا رائعًا كان السبب فى نجاح الفوازير التى قدمناها سويًا، وبعد هذا النجاح الكبير الذى امتد فى فوازير سمير غانم جلست مع الأستاذ سمير مرة أخرى وقلت له: «لماذا لا نعيد فطوطة مرة ثانية؟»، فقال لى: «أتصور أنه صعب بعد رحيل المرحوم المخرج الكبير فهمى عبدالحميد أن نقدم فطوطة مرة أخرى».

قلت له: «ليه ما وائل ابنه موجود، وهو مخرج متميز»، وبالفعل اتفقت أنا والأستاذ سمير ووائل على تقديم فطوطة مرة أخرى، وقمنا بتقديم فوازير «أهلًا فطوطة» التى أذيعت فى عام 2002 على شاشة التليفزيون المصرى، وأيضًا حققت نجاحًا كبيرًا. وامتدت العلاقة الفنية والعائلية والأسرية بينى وبين الأستاذ سمير وأسرته طوال هذه الفترة، وكانت علاقة إنسانية عظيمة. رحم الله الفنان العظيم والإنسان الجميل الخلوق سمير غانم وأسكنه فسيح جناته.

ellissyamr@ymail.com

 

المصري اليوم في

28.05.2021

 
 
 
 
 

العلاج بالكوميديا!

محمد أمين

فى عام الكورونا، هل يمكن العلاج بالضحك والكوميديا؟.. هل العلاج بالضحك يمكن أن يحل محل العلاج بالأدوية؟.. وهل يمكن أن تذهب إلى مسرحية الفنان هانى رمزى مثلًا ولا تذهب إلى عيادة الدكتور فلان؟.. الإجابة هى أن الضحك يرفع المعنويات، فيرفع المناعة ويقلل الضغط على الإنسان.. كما أن الضحك يمكن أن يخلق أجسامًا مضادة تقى الجسم من الأمراض بشكل عام.. وكان من الممكن أن نلجأ إلى المسرح طوال عام مضى لرفع كفاءة ومعنويات الناس لمواجهة المرض مع اتخاذ كل الإجراءات الاحترازية!.

فالمؤكد أن الجماهير كانت تتعطش للمسرح كى تضحك وتنسى الغم والهم والمرض.. فما إن فُتح الستار حتى تعالت ضحكات الجمهور فى مسرح طيبة، وكان هانى رمزى وفريقه يعرف هذه الحالة، فرحبوا بالجمهور فى أغنية استهلالية استعراضية تؤكد حالة الوحشة بين الفن والجماهير، ولعنوا الكورونا التى فرقت بين الفنانين والجمهور.. ومضت أحداث القصة، وتجاوب الجمهور معها، وكان أبوالعربى يعرف أنهم ينتظرون منه حلًا، فكتب «أبوالعربى للعلاقات الزوجية» و«أبوالعربى للتنمية البشرية».. وخاطب رغبات كامنة داخل النفس البشرية، فالتحم بالناس، وظل يمسك بالخيط حتى انتهت المسرحية بالتصفيق!.

عاد هانى رمزى إلى المسرح الذى بدأ فيه.. وكانت فرحته برد فعل الجمهور أكبر من أن يتصورها.. وكان تفاعل الجمهور معه كبيرًا، لدرجة أنه عندما أغلق الستار بمشهد الختام دخلت الجماهير تسلم عليه وتشكره، وكأنها ممتنة لهذه الساعات التى ضحكوا فيها بعد عام من الدموع والاكتئاب والحزن.. وكانت قصة أبوالعربى المعروفة رسالة مفتاحية لعودة الجماهير للمسرح مرة أخرى.. وكان فريق العمل يعرف أن غياب الجمهور يحتاج لجهد كبير كى يستعيده.. وكان أحمد فتحى رائعًا، وأيضًا داليا البحيرى وحجاج عبدالعظيم وليلى عز العرب وحتى الطفلة نور!.

لا أقدم هنا نقدًا فنيًا للقصة المسرحية كتابة وإخراجًا وتمثيلًا وفنانين، وإنما أتحدث عن حالة استعادة الجمهور للمسرح بروح الود والحب.. فقد انتشل الناس من الكلام عن كورونا إلى حيل أبوالعربى، وهى حيل موجودة فى حياتنا، لذلك ارتبط الجمهور بالعمل المسرحى.. فالقصة ليست معقدة، ودعوة الجمهور للمسرح فى هذه الظروف شجاعة وجرأة لا يستطيعها كبار الفنانين.. ويبقى هانى رمزى أول من فتح الباب للمسرح فى عام الكورونا، وأعطى فرصة هائلة لكى تدور العجلة مرة أخرى!.

هناك نقطتان فى النهاية أذكرهما.. فالفنان لم ينسَ تكريم الفنان الراحل سمير غانم، ووضع صورته فى مدخل المسرح بالحجم الكبير، والنقطة الثانية ترتبط بالفن الهادف والفن للمجتمع، فقد تبرع بريع المسرحية لجمعية «راعى مصر» التى تهتم بالبسطاء من أهلنا فى الصعيد.. ليس هذا فقط، ولكنه يقف على خشبة المسرح ويدعو الجمهور لخدمة البسطاء بوقتهم إن لم يكن بأموالهم!.

شكرًا هانى رمزى، الذى يطبق أفكاره الإنسانية فى الفن.. ويرى أن الفن حالة سعادة وإسعاد الآخرين، ورسم الابتسامة على وجوه الناس بفعل الخير وخدمة الناس!.

 

المصري اليوم في

29.05.2021

 
 
 
 
 

السؤال الصعب عن سمير غانم!

سيد محمود سلام

كان السؤال رغم بساطته مدخلًا لعشرات الأسئلة، وباعثًا على أن أفكر مليًا في الإجابة، لماذا لم تكن للفنان سمير غانم طيلة حياته أية عداوات، أو حروب وصراعات على مكاسب ومناصب؟!

السؤال طرحه الإعلامي أحمد عبد العظيم في حلقة خاصة عن الراحل سمير غانم، أعدها الزميل محمد عمران، بالفضائية المصرية، والتي شرفت أن أكون ضيفها، بدون تفكير كانت الإجابة، لأنه لم يسع إلى أن يصبح ديكتاتورًا في عمله، لم ينشئ لنفسه مسرحًا، أو مهرجانًا، أو إمبراطورية فنية، عاش متسامحًا، بسيطًا، وعندما سألوه عن لحظة الحزن التي عانى منها كثيرًا قال إنها لحظات، وبدأها بلحظة وفاة شقيقه "سيد" عندما ذهب لعلاجه من مرض الكلى في الخارج، وفشلت عملية زراعتها، فعادا معًا في طائرة واحدة، هو يجلس في مقاعد الركاب وشقيقه في صندوق بالطائرة، والأخرى عندما فقد صديق عمره غسان مطر.

كم كان سمير غانم بسيطًا ودودًا مهذبًا في علاقاته بالآخرين، محبًا لأسرته، لمن حوله، ومن ثم كانت العبارة التي تحولت إلى بوست انتشر على صفحات السوشيال ميديا بعد رحيله "لأول مرة تعمل حاجة تزعلنا منك يا سمورة"، من رددوها محبون لفنان بث في قلوبهم البهجة.

فكم من شخص في حياتنا يسعى إلى بث البهجة، تلك كانت الأسئلة التي طرحتها على نفسي وأنا على باب ماسبيرو بعد أن انتهى تسجيل الحلقة، فلماذا هذا التكالب على الدنيا، على المناصب، على تشويه صورة الآخرين، أن نكره بدون حساب.. هل فكرنا لماذا كل هذا الحب لفنان ودعنا ونحن ما زلنا نتابع ظهوره الإعلاني وهو يوزع علينا البهجة..!

فى بداية الثمانينيات كان لنا صديق في الثانوية العامة، بمحافظة أسيوط، عرفت منه أنه من أسرة سمير غانم، من قرية عرب الأطاولة، ودار بيننا حديث عن الأسرة، وعلاقته به، قال إنه لم يره، لأنه ترك القرية مع أسرته التي تنقلت بحكم مهنة والده ضابط الشرطة من أسيوط، إلى بني سويف، ثم الفيوم، والتي تركها سمير بعد تعذر استمراره في كلية الشرطة بالقاهرة، ألحقه والده بكلية الزراعة جامعة الإسكندرية، لكن ما عرفته هو إن كل عائلته عرفت بأنها تسعى دائما للصلح بين العائلات الأخرى، وهو سر رغبة والد سمير في إلحاق كل أبنائه بالشرطة؛ حيث إن شقيقه حسام أطال الله عمره لواء شرطة.

صداقات سمير غانم التي كونها منذ أن بدأ مسيرته تؤكد طيبة قلبه، أول من ارتبط بصداقة معه طالب كلية الطب، عادل نصيف الذي هاجر إلى أمريكا بعد سنوات من العمل مع المخرج محمد سالم، ثم وحيد سيف، الذي كان مقررًا أن يكون معه هو ونصيف ثلاثي أضواء المسرح، لكن القدر شاء أن تكتمل بجورج سيدهم، والضيف فيما بعد، وقد يكون رحيل "الضيف أحمد" في السبعينيات أول من أثقل قلب سمير غانم، فهو من أصر على أن يلحقه بالفرقة رغم تردد محمد سالم، وبعد رحيله لم ير سمير في أي ممن تقدموا للفرقة من المواهب الشابة من يشغل مكانته فقرر أن يكتفي بالعمل هو وجورج حتى حدث الانفصال بعد "أهلا يا دكتور"، ولم يكن سمير رحمه الله في خصام مع جورج سيدهم، بل هو كما قال ذات مرة "لم أستطع رؤيته في حالته الأخيرة"، وكانت دلال عبدالعزيز شفاها الله حريصة على سد هذا الغياب بزيارات متكررة لجورج سيدهم.

رحل سمير غانم، وليتنا نفكر كثيرًا، كيف يمكن أن نتصالح مع أنفسنا، فلا تصبح الدنيا كل همنا، وتصبح صناعة العداوات حرفة يجيد البعض امتهانها!

 

بوابة الأهرام المصرية في

29.05.2021

 
 
 
 
 

نقابة الممثلين تكشف تطورات الحالة الصحية لدلال عبد العزيز

القاهرة/ مروة عبد الفضيل

كشفت نقابة الممثلين المصريين عن وجود تحسن بسيط في الحالة الصحية للفنانة دلال عبد العزيز، التي تمكث في أحد مستشفيات العزل، وتعاني من آثار إصابتها بفيروس كورونا الجديد، وذلك رغم تعافيها منها.

وقالت الفنانة نهال عنبر، مسؤولة الملف الطبي في نقابة المهن التمثيلية في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إنه بعد تعافي دلال عبد العزيز من فيروس كورونا، واجراء مسحتين، ثبتت سلبيتهما، وكانت الرئتان قد تأثرتا بالفيروس وأصيبت بأزمة فيهما، لكن النسبة الخاصة بالالتهاب الرئوي إلى حد كبير بدأت تتحسن في خلال الساعات الماضية، وهو ما يعطي إشارة أمل.

وقالت إنها تدعو الله أن تتعافى الرئتان تماماً، وتعود دلال إلى بيتها وبناتها، وخاصة في ظل وفاة زوجها الفنان القدير سمير غانم.

ونفت نهال ما قيل عن إخبار دلال بوفاة زوجها، مؤكدة أن هذه الأخبار لا أساس لها من الصحة، وهي لا تعرف أي شيء، ونُبِّه الجميع ألّا يخبروها، حرصاً على سلامتها النفسية والجسدية، كذلك فإن ابنتيها إيمي ودنيا تتظاهران بالقوة أمامها حتى لا تكتشف الخبر الحزين.

على الجانب الآخر، كان الإعلامي رامي رضوان، زوج الفنانة دنيا سمير غانم، قد كشف في برنامجه "مساء دي ام سي" أنّ جهاز التلفزيون فُصل من غرفة دلال حتى لا تشاهد خبر وفاة سمير غانم، وتحججوا بأن أجهزة التليفزيون في المستشفى كافة فُصلَت، وأخذوا منها الهاتف المحمول حتى لا تتلقى التعازي هاتفياً، وتحرص كل من دنيا وإيمي سمير غانم على التظاهر بالضحك وعدم ارتداء ملابس سوداء في أثناء زيارتهما لوالدتهما، وحينما تسأل دلال عن سمير يخبرونها أنه بدأ بالتعافي.

وكان الفنان القدير سمير غانم قد أُصيب بفيروس كورونا الجديد ودخل أحد مستشفيات العزل، لكن بسبب إصابته أيضاً بالفشل الكلوي، كانت استجابته للعلاج ضعيفة، وهو ما أدى إلى وفاته عن عمر 84 عاماً.

 

العربي الجديد اللندنية في

29.05.2021

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004