ملفات خاصة

 
 
 

سمير غانم ملك الارتجال والإبهار

زينب عبداللاه

عن رحيل الفنان

سمير غانم

   
 
 
 
 
 
 

رحل رمز من رموز الفن، وعلامة من علامات الكوميديا فى مصر والعالم العربى.. مات سمير غانم وغابت معه ضحكة الزمن الجميل وأجمل ذكريات الملايين الذين عشقوا فنه وإيفيهاته.

لا يزال صوته وضحكته يترددان فى آذان الملايين الذين رسم البسمة على وجوههم، من كل الأجيال بمئات الأعمال.

رحل سمير غانم صاحب القدرة الخارقة على نشر البهجة والسعادة على مدى الأجيال، متأثرًا بمضاعفات إصابته بفيروس كورونا، وبعد رحلة عطاء فنى خلدت اسمه فى سجلات المبدعين فى العالم.

يوم حزين هذا الذى نسمع فيه نبأ وفاة صانع البهجة والضحكة، وملك الارتجال الذى نستدعى مع اسمه كل مخزون الضحك المستقر فى وجدان أجيال على مدار ما يقرب من 60 عامًا.

لم يكن سمير غانم أبدًا مجرد فنان يقدم فنًا جميلًا يسعد الملايين، بل كان وسيظل جزءًا من وجدان الملايين، فرد من أفراد العائلة، شعر الملايين فى مشارق الأرض ومغاربها بالقلق والحزن منذ ترددت أخبار مرضه هو وزوجته الفنانة المحبوبة دلال عبدالعزيز، حتى صدم الجميع خبر وفاته.

تفنن سمورة طوال أكثر من 60 عامًا فى كيفية إسعاد الملايين، وفى رسم البسمة على الوجوه، ببساطة وسلاسة دون فلسفة أو تعقيد، قدم كوميديا السهل الممتنع التى لا يستطيع غيره تقديمها، كان هدفه دائمًا وأبدًا إسعاد الجمهور وإضحاكه، وعلى امتداد تاريخه الفنى الطويل كان الفنان الكبير سمير غانم مختلفًا، وذكيًا طوال الوقت، قدم فنًا لا يشبه غيره، وتربع منذ بدايته على عرش الكوميديا وظل حتى آخر مراحل حياته يسعد جمهوره كلما طل حتى ولو فى مشهد واحد أو عبر إعلان لا يتجاوز دقائق.

سمير غانم الذى ظل طوال حياته قادرًا على أن يفاجئنا طوال الوقت، وأن يكون نهرًا يفيض دائمًا بالضحك، وأن يسلك طريقًا لم يسبقه إليه غيره، فوضع نفسه فى منطقة لا تقبل المقارنة أو التكرار، وفى كل مرحلة من مراحل مشواره الفنى كان ينتقل من نجاح لآخر بطريقة مختلفة لا يتوقعها الجمهور.

«سمورة» ابن عرب الأطاولة بمحافظة أسيوط، المولود عام 1937، والذى تمرد منذ بداياته على النمطية واختار أن يكون متفردًا، انضم بعد الثانوية العامة إلى كلية الشرطة اقتداءً بوالده وتركها بعد رسوبه عامين متتاليين ليلتحق بكلية الزراعة جامعة الإسكندرية، وهناك انضم إلى الفرق الفنية.

فكر سمورة خارج الصندوق وكون مع صديقيه وحيد سيف وعادل نصيف، فرقة إسكتشات غنائية وعروضًا على المسرح فى الإسكندرية، ولكن بعد انتقاله للقاهرة تفرق أعضاء الفرقة وظلت الفكرة فى رأسه، ووقتها كانت شهرة جورج سيدهم انتشرت بجامعة عين شمس، وكذلك الضيف أحمد بجامعة القاهرة، فاجتمع الثلاثة وكونوا فرقة «ثلاثى أضواء المسرح»، التى حققت نجاحًا كبيرًا فى السينما والمسرح وقدمت أعمالًا وإسكتشات حققت نجاحًا كبيرًا ما زال الكبار والصغار يرددونها، رغم مرور سنوات طويلة ومنها إسكتش «كوتوموتو»، «لو كانوا سألونا»، وكانت فقرة رئيسية فى كل الحفلات، وبعدما انحلت الفرقة بوفاة الضيف أحمد عام 1970، استمر التعاون بين جورج وسمير وقدما معًا عددًا من أنجح وأشهر الأعمال الكوميدية، سواء فى السينما أو المسرح، منها «موسيقى فى الحى الشرقى، والمتزوجون، وأهلًا يا دكتوور».

شارك سمير غانم فى عشرات الأفلام السينمائية سواء فى بطولات جماعية أو بطولة مطلقة أو حتى فى أدوار ثانية، شارك خلالها كبار النجوم، فتميز فى كل منها، وكان يضيف للعمل مذاقًا خاصًا فيبهر جمهوره، وفى عام 1977 حقق سمورة نجاحًا مبهرًا فى الدراما التليفزيونية حين قدم شخصية «ميزو» فى مسلسل حكايات ميزو الذى حقق نجاحًا كبيرًا وجماهيرية واسعة، وقدم بعده عددًا من المسلسلات التى كان اسمه على أى منها يكتب لها النجاح، كما قدم عشرات الأعمال والمسلسلات الإذاعية.

انطلق سمير غانم فى طريقه كالصاروخ، كان دائمًا مثل مدفع الكوميديا سريع الطلقات، يستطيع أن يبهرك فى كل ظهور له.

وفى مرحلة جديدة من مراحل المفاجأة والنجاح أبهر سمورة جمهوره حين قدم فوازير فطوطة بداية من عام 1982، ولمدة 3 سنوات فكانت الفوازير تحديًا جديدًا اجتازه بنجاح مبهر، رغم أنها لم تكن المرة الأولى التى يقدم فيها الفوازير، حيث قدم مع فرقة ثلاثى أضواء المسرح عام 1967 أول فوازير عربية، وكانت خليطًا بين الدراما والاستعراض 1967.

كان التحدى فى الثمانينيات أن فوازير فطوطة التى قدمها سمير غانم جاءت بعد نجاح استمر لسنوات قدمت خلالها الفنانة نيللى الفوازير، ولكن استطاع سمير غانم أن يقدم الفوازير بشكل مختلف وبأسلوبه الساحر، وأن يخلق من شخصية فطوطة حالة نجاح جديدة ومستمرة ومختلفة ومبهرة لتصبح هذه الشخصية إحدى أيقونات شهر رمضان، فصنعت العرائس والزينات التى تحمل صورة فطوطة الذى عشقه الكبار والصغار، واستغل المنتجون نجاح الشخصية لتقديم أعمال فنية جديدة تحمل اسم فطوطة، ومنها مسلسل الكرتون «فطوطة وتيتا مظبوطة»، كما قدم سمورة فى التسعينيات وعلى مدى ثلاث سنوات متتالية من عام 1992 وحتى 1994 فوازير «المتزوجون فى التاريخ»، و«المضحكون»، و«أهل المغنى».

أما المسرح فهو بيته الأول وعشقه الأكبر، واستطاع سمورة أن يصنع فيه حالة خاصة من النجاح والإبهار، وأن يكون علامة من علاماته التاريخية، وملكًا للارتجال والإفيهات، فحققت مسرحياته نجاحًا منقطع النظير، واستمر عرض الكثير منها لسنوات عديدة، ومنها «أخويا هايص وأنا لايص، جحا يحكم المدينة، فارس وبنى خيبان، أنا والنظام وهواك، بهلول فى إسطنبول، أنا ومراتى ومونيكا، دو رى مى فاصوليا وغيرها».

وخلال السنوات الأخيرة، شارك صاروخ الكوميديا سمير غانم، فى عدد من المسلسلات التليفزيونية، أهمها ما شاركت فيه ابنتاه الموهوبتان دنيا وإيمى، ومنها مسلسل لهفة والكبير أوى ونيللى وشريهان، وغيرها، وحققت عائلة الفنان الكوميدى معًا نجاحًا جديدًا وحالة مختلفة، فكانت القلوب ترقص كلما ظهر سمورة فى مشهد أو إعلان، وتفرح مع كل مرة ترى فيها هذه العائلة المحبوبة، يشعر الجميع أن سمير غانم فرد من عائلته، وجزء من تاريخه وذكرياته وحياته.. وها هو اليوم يحصد «كورونا» اللعين جزءًا عزيزًا من قلوبنا وحياتنا وذكرياتنا وضحكتنا برحيل سمير غانم، آخر أعضاء فرقة الثلاثى لتنطفئ مع رحيله أضواء المسرح.

 

اليوم السابع المصرية في

22.05.2021

 
 
 
 
 

في يوم الجنازة والفرح.. المُشاهد كذّاب

محمد عبد العاطي

هل اقشعر جلدُك عندما جحظت عيناك أمام الشاشة لتشاهد أحمد زكي يُلقي بمرافعته الشهيرة في فيلم «ضد الحكومة» ليختتمها بالكلمة الخالدة إلى أن تقوم الساعة.. «كلنا فاسدون»؟!

وهل سال دمعك خلال أي مشهد من مشاهد «زكي» في فيلم «البريء»؟!

قارئي العزيز.. إن كانت الإجابة: نعم.. فأنت الآن على موعد مع الصدمة.

فناننا القدير الذي أعتبره «العالمي»، قد نعتك أيها المشاهد بـ «الكذّاب» حينما تبكي أو تقشعر أو تشتاط غيظًا أو حتى تضحك أو تمرح حين تشاهد الممثلين في أعمالهم.

طُرح سؤالٌ على النمر الأسود.. من الكاذب الممثل أم المشاهد؟.. فقال الراحل بمنتهى الفلسفة البسيطة والجرأة المثيرة للغموض: (قطعًا المشاهد).. لأنني حين أبكي وأصرخ أثناء أحد المشاهد ويراقبني المُتفرج، فكلانا يعلم أنني أُشخّص دورًا وأقوم بالتمثيل، ورغم ذلك يبكي، وبكائي هنا عمل، وبكاؤه هنا برغبته وبإسقاطاته الداخلية.. وهنا انتهى كلام النجم الراحل.

عزيزي القارئ.. حزِنتُ وحزِنّا جميعُنا على رحيل «صانع البهجة» الفنان سمير غانم، والذي صنعت أعماله، ليست كوميديا تقليدية بل فرحًا ومرحًا لأي مشاهد، وستبقى قفشاتُه بين الأجيال موروثة، من «موسيقى في الحي الشرقي» وحتى «جحا يحكم المدينة»، مرورًا بـ«المتزوجون»، وهو نوع نادر من التمثيل لا يقدمه إلا المثقفون من جيله ووسط منافسة شريفة كان فيها الممثلون أمام الكاميرات أقرب إلى واقع شخصياتهم وعلاقاتهم خارج «اللوكيشن».

لذا لا تتعجب ولا أتعجب، بل ولا يمر بخاطري ما يدور حاليًا من انتقادات على وسائل التواصل الاجتماعي لفنانات رقصن ليلًا في إحدى المناسبات، وبفارق ساعة أو اثنتين عن تشييع جثمان الراحل سمير غانم.

يُعاتب الجمهور نجومَهم، متأثرين بأمرين: الأول أنهم فعليًا تأثروا بالراحل وأحبوه كأنه أحد أفراد أسرتهم، وكأنه لم يكن يطل عليهم عبر شاشة، وإنما كان يزور المشاهدين بشحمه ولحمه، وهنا لا ألوم هذا الحزن، بل أتضامن معه بكل قلبي.. لكني أفيق من ذلك بمقولة أحمد زكي التي استهللتُ بها السطور السابقة والتي أؤمن بها.

والأمر الثاني.. وللجمهور كل الحق فيه، هو تصريحات النجمات وسط بكاء وعويل وتعبير عن تأثر الحياة الشخصية، بسبب رحيل «صاحب البهجة» «سمورة»، ولتخرج هذه التصريحات قبيل سويعات من الابتهاج والفرح والرقص والتنطيط.

الحياة تمضي وبسرعة، وإن ظللت هاربًا من واقعك بخيال خصب ستصطدم كل يوم ألف مرة ومرة بما لا تفيق منه، ولذا وجب الفصلُ بين ما هو خيالي وما هو واقعي.

رحم الله العملاق «فطوطة» ورزقنا الحكمة والفلاح.

m.abdelaaty@almasryalyoum.com

 

####

 

صانع الضحكة

عبد اللطيف المناوي

لم يمنع الحزن الشديد على غياب سمير غانم كثيرين من أن يشاهدوا أعماله ليلة وفاته، ويضحكوا عليها.. لكنه ضحك مختلف عن كل مرة تعالت فيها ضحكاتهم من قبل على ذات الأعمال.

هذه المرة كانت ضحكات مغلفة بمزيج من مشاعر الحزن والامتنان، للرجل الذى وضع الضحكة على وجوه الملايين على مدار عقود. كانت الضحكات هذه الليلة وكأنها تحية وداع لرجل لم يبدُ طوال عمره إلا متصالحًا مع نفسه، ومع مَن حوله، وشعر بهذا التصالح من يشاهده ولا يعرفه شخصيًّا، وأنا منهم، تسّرب إلينا، فلم يكن مجرد كوميديان، ولكنه «مبعوث» ليزيح ولو مساحة قليلة من الإجهاد أو الحزن أو الضيق، ويرسم محلها ضحكة صافية من القلب، نضبط أنفسنا ونحن نضحكها.

ضحكات الليلة الماضية كانت امتنانًا للرجل الذى ليس غريبًا علينا، شريكنا فى حياتنا الذى يعرف أنّ دوره أنْ يساعدنا ببساطة أن نضحك. نعم، نضحك وفقط. أجاب عن السؤال المتفذلك ببساطة: هل الكوميديا يجب أن تكون رسالة، أم مجرد الضحك للضحك؟، فكانت إجابته البسيطة العميقة: «الضحك رسالة».

عندما حاولت قراءة بعض فوائد الضحك، هالنى كم الكتابات والدراسات عن الضحك، وفوائده النفسية والسلوكية والصحية، وكيف أن الإنسان يتمكن من الضحك وعمره سبعة عشر يومًا؛ قبل أن يتعلم الكلام، وكيف أن الضحك هو العنصر الذى يساعد الإنسان على تحمل متاعب الحياة.

هو وسيلة دفاع ضد مواقف الخوف، وهو إحدى وسائل التواصل البشرى على مدى التاريخ. ليس من الأكيد أن سمير غانم قرأ كل ذلك، أو عرف ذلك، لكن الأكيد أنه كان سببًا، على مدار نصف قرن، فى رسم البهجة على الوجوه، وانتزاع الضحكات النقية الحقيقية من صدور الجميع، صغارًا وكبارًا.

من ملاحظتى العامة، أنه من بين قلائل، ليس فى الوسط الفنى فقط، بل فى معظم الأوساط، كان هناك إجماع عليه، الكل يحبه ويحترمه، ويبدو ذلك لأنه تميز بذلك القدر العالى من التصالح والتسامح، والرغبة فى إسعاد وإرضاء الجميع. عندما سألوه عن الجيل الجديد اعتبرهم عناصر كوميدية رائعة حقًا، لكن المهم فى الأمر أن يتمكن هؤلاء من أن يتركوا وراءهم إرثًا من الأعمال الكوميدية، عليهم أن يعملوا لأن يكون لنكاتهم و«إفيهاتهم» تأثير يدوم، وهو هنا يضع يده على سر استمراره حتى الآن، وفى المستقبل حتى بعد غيابه.

إصراره على الحياة بمفهومه هو ما جعله يعمل حتى آخر لحظة ممكنة. كان يقول: «ينبغى على الفنانين الكوميديين مواصلة العمل حتى آخر يوم فى حياتهم؛ ليس لأنهم فى حاجة لكسب المال، ولكن لأن الوقوف أمام الجمهور ترفٌ بحد ذاته. ولا أعتقد أنى فقدت إحساسى الداخلى بالكوميديا».

من أكثر ما أسعده قول بعض المشاهدين لمسرحياته، بعد نهاية العرض، إنه سيدخل الجنة مباشرة؛ لأنه نجح فى إسعاد الجميع، ورَسْم الضحكة على وجوههم. رحم الله صانع البهجة والضحكة.

menawy@gmail.com

 

المصري اليوم في

22.05.2021

 
 
 
 
 

سمير وجورج والضيف من العالم الآخر!

طارق الشناوي

غادرنا الضيف أحمد عام 1970 وجورج سيدهم 2020 وقبل أيام اكتمل الثلاثى ولحق بهما سمير غانم، لم نرهم معًا واقعيًّا سوى ما لا يزيد على 7 سنوات، سواء فى (اسكتش) مثل (كوتوموتو) أو مسرحية (طبيخ الملايكة) أو فيلم (30 يوم فى السجن)، ورغم ذلك ظلت للثلاثى مكانة خاصة فى ذاكرة وقلوب الناس.

بعد رحيل الضيف واصل جورج وسمير العمل معًا، وكان يتصدر المسرح صورة الضيف أحمد، وظلت الفرقة تحمل اسم (ثلاثى أضواء المسرح).

وفى عام 80 انفصل سمير وجورج ومضى كل منهما إلى طريق، ورغم ذلك ظل الثلاثى «ثلاثى».

عندما تتحدث إلى سمير لا يتوقف عن ذكر اسمى الضيف وجورج، وعندما تلتقى جورج يظل هناك سؤال متجدد عن سمير، كما تكتشف أن الضيف لا يزال حيًّا يُرزق.

سألوا يومًا كامل الشناوى تريد أن تدخل العالم الآخر بأى صفة الصحفى أم الشاعر؟ أجابهم أدخلها كشاعر وهناك أمارس الصحافة.

والثلاثى لا يمكن أن نتصور أنهم سوف يكفون نشاطهم فى إضحاك الناس، لا أعرف مثلكم كيف تسير الأمور وعلى أى نحو، ولكننا، أقصد أغلبنا كحد أدنى، لدينا قناعة بأن ما قدمناه فى الدنيا، سيظل ملاصقًا لنا فى الآخرة، وهو ما دفع سمير غانم إلى أن يؤكد على أن الضيف وجورج اللذين سبقاه للعالم الآخر سوف يشفعان له لدخول الجنة.

من أسعدوا الملايين ولا يزالون لهم كل الشفاعة، تلك هى قناعتى، وأن رحمة ربنا وسعت كل شىء.

الثلاثى صدروا لنا حالة من البهجة انطلقت مع جمهور الستينيات، كان كل منهم له دائرة تعتبره أنه فقط سر الضحك، وكثيرًا ما كان سمير يشعر أنه الأقل حظًّا من رفيقيه، وقال لى إنه صارح الضيف أحمد بمخاوفه تلك، قال له جورج الناس تحبه، وجسده يساعد على زيادة الحب، وأنت محبوب وقصر قامتك يزيد من مساحة التعاطف معك، وأنا ماذا أملك؟ لا شىء.

الضيف أحمد كان ثاقب النظرة عندما قال له أنت الكوميديان الوسيم، أنت أول ممثل كوميدى سيضحك الناس بسبب تناسق قوامه وجمال وجهه، وأثبت الزمن أن الضيف أحمد كان يقرأ الأيام القادمة.

كان سمير يرتدى الباروكة ليخفى صلعته، وظلت الوسامة تشكل بالنسبة له سلاحًا إيجابيًّا فى تأكيد حب الناس له.

الانفصال عن جورج كما قال لى سمير بدأ بعد رحيل شقيقه سيد، حيث كان أمير شقيق جورج هو المسؤول عن الأمور الإدارية مع سيد، وبعد رحيل سيد لم يجد سمير من حل سوى الانفصال، لم يكن يثق فى أمير، وهو ما اكتشفه بعد ذلك جورج، عندما باع أمير كل شىء لأن لديه توكيلًا عامًّا، بعدها أصيب جورج بجلطة أعاقته عن الحركة حتى رحيله.

العلاقة بين جورج وسمير لم تتأثر، ودلال عبد العزيز شاركت جورج أكثر من عرض مسرحى، وعندما تم تكريم سمير غانم فى مهرجان القاهرة السينمائى قبل ثلاثة أعوام، قال جورج إنه يشعر أن الجائزة التى نالها سمير عن جدارة يشاركه فيها الضيف وجورج.

اكتمل مجددًا الفريق، فهل يواصلون العرض من العالم الآخر؟ أتصور ذلك.

tarekelshinnawi@yahoo.com

 

####

 

أظنه رحل سعيدًا!

حمدي رزق

أن تجلَّل حوائط الفيس بوك بالسواد، أن يستولى خبر وفاته على التريند ويتصدر النشرات في مصر وخارجها، أن يتسابق المعزون أجيالًا لنعيه، من جميع الأجيال، حتى من أجيال لم تره متألقًا، شعب برئيسه ينعون ابتسامة مصرية عبرت، يا له من وداع لائق وجميل، المصريون يحسنون الوداع.

أظنه رحل سعيدًا، الراحل الجميل سمير غانم غادرنا إلى الرحاب السماوية، ودعنا بابتسامة أخيرة وهو من عاش واجتهد ليسعد الناس، سمورة ليس كوميديانًا ولكنه حالة إنسانية راقية، عقود خمسة ونيف من السنين مضت من عمرى القصير، لم أسمع عنه أو منه حرفًا مسيئًا، عاش ومات كالنسمة الطرية ساعة العصرية تغسل أحزانك، وتزيح الهموم عن كتافك.

رحل سمورة مغتبطًا بكل هذه الحفاوة، ولولا الوباء (كورونا) لكان لوداعه صورة أكثر بهاء، الوباء أعجز كثيرًا من المحبين عن حضور الوداع الأخير، وكانوا يتمنون إلقاء النظرة الأخيرة، مع السلامة يا سمورة، سلم على الناس اللى هناك.

سمورة استثناء إنسانى قبل أن يكون فنيًّا، وهذا سره، بشوش، طيب، راق، لم يحقد على نجم يسبقه، ولم يزاحم على دور ينتظره، ولم يترخص طلبًا لظهور، أكرمه الله بالمحبة فكان مطلوبًا على الدوام، إذا حضر سمير حضرت البهجة، وبغيابه نفتقد ابتسامة في زمن عزت فيه الابتسامة، شحيحة في السوق.

كيف نقاوم هذا القدر من القبح والكآبة والسخافة التي تلفنا دون ابتسامة «سمورة الشقية» التي كانت تثير في النفس غبطة وتحض على البهجة، ندرة من يملكون القدرة على رسم الابتسامة على الوجوه، محتاجة صنايعية يصنعون البهجة ويخلقونها من رفات متوالية الأحداث، سمورة كان ينتزع الابتسامة من كدر الزمان العابس.

الكبير سمير غانم من الصنايعية الكبار، صناع السعادة، ورأسماله البهجة، تخيل لم يغص أحدنا يومًا في بحر سمورة ليقف على أحزانه وأفراحه وأتراحه، سمير غانم اكتفى بتصدير الابتسامة، ولم يصدر عنه شكوى أو نواح، ولم نسمع عنه خبرًا كئيبًا، فإذا أطل علينا يومًا كانت ابتسامته تسبقه، يشيع الانشراح، يشرح القلوب.

نحن جيل كان يجلس القرفصاء أمام التليفزيون الأبيض والأسود (التليفزيون الخشب فيليبس

أبولمبات) ليشاهد ثلاثى أضواء المسرح، الطيوب جورج سيدهم، والعفريت الضيف أحمد، واللذيذ سمير غانم، رحمة الله عليهم رحمة واسعة بقدر ما أسعدونا سعادة خلوًا من كل قبح لفظى أو حركى.

لم يغيب الموت سمير غانم، بل غيب معه الشقيين فطوطة وسمورة، غيب كوميديانًا راقيًا، قادرًا على انتزاع الضحكة البريئة من الصغار قبل الكبار، لم يتصنع ولم يتجمل ولم يقفز في الوجوه، ابتسامة سمورة كانت مثل زقزقة العصفورة تثير بهجة.

مثل سمير غانم مثل تاجر السعادة، وشعاره «أنور شمعتى لغيرى ونارها كاوية أحضانى»، لم أره حزينًا، لم يكن يملك رفاهية الحزن وهو يحمل بضاعة السعادة، كيف يبيع السعادة وابتسامته لا تلون وجهه.

شخصيًّا أحب الحب في أهله، وأجتهد محبًّا، لست متخصصًا في الفنون أو تقييم النجوم، لكن بحب سمورة وفطوطة وهذا كافٍ لأحب إنسانًا جميلًا اسمه سمير غانم، الله يرحمه.

 

المصري اليوم في

23.05.2021

 
 
 
 
 

كان يكبرها بـ23 عاماً ورافضاً للزواج..

كيف غيرت دلال عبد العزيز حياة سمير غانم للأفضل؟

كتبت - تقى عادل

نالت شهرتهما الثنائية فنياً وشخصياً حظ كبير من محبة جماهيرهما، حيث لم يترك الراحل سمير غانم لقاء تلفزيوني يُثني فيه على زوجته الفنانة دلال عبد العزيز، ودورها المثالي والمتميز في جياته وانجاح هذا الزواج طوال 37 عام.

تميزت قصة حبهما والزواج بمجموعة من القصص والمواقف الطريفة بينهما خاصةً في بداية تعرفهما، وفي السطور الآتية نستعرض بدايات تعارفهما والعلامات المميزة في حياتهما الزوجية.

شرارة الحب الاولى بين سمير غانم ودلال عبد العزيز

التقيت دلال بـ سمير في كواليس مسرحية "أهلاً يادكتور"، الذي رشحها لها الفنان الراحل جورج سيدهم، وأُعجبت به منذ اللحظة الاولى وبدأت في مطاردته للزواج منه لمدة 4 سنوات، وكان بينهما اعجاب متبادل مع اخفاء كل منهما مشاعره، حيث كان حريص على توصيلها لمنزلها يومياً بعد الانتهاء من عملها ويشتري لها "الفل".

وبالرغم من تحذيرات زملاء سمير لها أنه "مش بتاع جواز" أصرت على زواجها منه، وكان أكبر مانع له هو فارق السن الكبير بينهما، لكن لم تُعير لذلك أي اهتمام، وتمت الزيجة بمساعدة الفنان الراحل فريد شوقي.

أعلن سمير غانم عن قبوله للزواج منها أثناء تصوير فيلم "يارب ولد"، وكان أولى أفلام دلال عبد العزيز، حيث أبلغ فريد بموافقته على الزواج وقال له "حاضر هتجوزها عشان خاطرك إنت"، وتمت مراسم الزواج عام 1984.

ماذا غيرت دلال عبد العزيز في حياة سمير غانم؟

كانت أكثر المواقف التي جذبت سمير لـ دلال هو مساندتها له بع وفاة شقيقه، المرحلة الأصعب في

حياة سمير التي أثرت عليه شخصيا وفنياً، فظلت بجانبه حتى خرج من حالة الحزن والاكتئاب ليعود لعمله وحياته الطبيعية، فلم ينسى لها فضل هذه الفترة في اخراجه من حالته النفسية السيئة.

وقال سمير في تصريحات تلفزيونية سابقة بأنه وقع في غرامها رغم رفضه للزواج بسبب صفاتها الانسانية البسطية فهي امرأة جذابة وقوية وريفية ومتواضعة ، وتغيرت حياته كلياً بعد أن رّزق بابنته الكبرة "دنيا"، التي غيرت مجرى حياته 180 درجة، قائلاً"جاءت دنيا قلبت كياني"، وبعدها "أمل" الشهيرة بـ إيمي ، اللتان ساهما في تغيير نظرة سمير للحياة.

عاشا الزوجان حياة هادئة مستقرة طوال الـ37، وكان يشهد لهما الجميع بجمال ضيافتهما وروحهما سوياً، إضافة إلى تلقئياتهما في اللقاءات التلفزيونية التي كانت تجمعهما سوياً، وأثبتا للكثير أن الحب يستطيع اكمال مسيرة الزواج دون مشاكل تهدد استقرار الحياة بينهما خاصةً في وجود أبناء.

 

الوفد المصرية في

23.05.2021

 
 
 
 
 

محمد صبحي باكيًا: سمير غانم كان لازم يُكرم

كاتب

نعى الفنان محمد صبحي، الفنان الراحل سمير غانم، وقال إنه يعتبره أستاذه، مضيفا أنه يكاد يجزم بشكل مطلق أن سمير غانم هو الفنان الوحيد في الوسط الفني الذي لم يحدث بينه وبين أي زميل أي مشكلة.

تابع “صبحي” خلال مداخلة هاتفية مع برنامج “مساء الفن” المذاع على شاشة النيل للدراما وتقدمه الإعلامية منى أبو الغيط، أنه كان رجل سوي ولديه صفاء نفسي عظيم جدا، مضيفا: “أنا مرة قولت لو سمير غانم قرأ الجورنال هيضحكني، سمير غانم فنان حقيقي وكان مهندس أسرة محترمة”.

أردف باكيًا: “سمير غانم مشي زي كتير مشيوا، بس مفيش حد هيحل محله لأنه كان ليه طعم خاص، أنا بتكلم على الإنسان، سمير غانم الحاجة الوحيدة اللي عملها تزعل الناس إنه مشي، هو سايب موروث كبير جدا”.

أكد: “لازم نخلي بالنا من الثروة القومية اللي في مصر، سمير غانم ده كان لازم يُكرم مرة واتنين وتلاتة، أنا لم أعمل معه ولكن كان صديق بجد، لم يكرم سمير غانم في حياته، وأصبح الشعار أن من يذهب نسارع إلى تكريمه، بينما أنا شايف إن تكريم الفنان هو ما يصنع منه عطاء أكتر”.

ذكر: “سمير غانم كان بيقول عني محمد صبحي ممثل جامد، ممثل اقعد قدامه اتعلم بس مبيضحكنيش، فيه ناس كتير اتضايقت بس ده صحيح، لأن أنا بضحكك من عقلك، لكن سمير يقول الناس تضحك”.

يشار إلى أن الفنان الكبير سمير غانم، توفي مساء الخميس الماضي، عن عمر يناهز 84 عامًا وسط حالة من الحزن الكبير بين الوسط الفني والجمهور.

 

موقع "إعلام دوت كوم" في

23.05.2021

 
 
 
 
 

يسرا من الفستان الأسود إلى الأحمر!

طارق الشناوي

بدون أن تقصد، صارت يسرا أحد أهم رموز مصر والوطن العربى، لا أتحدث هنا عن الإنجاز الفنى، كُثر لهنّ رصيد متقارب، إلا أن المكانة الشخصية التى حظيت بها يسرا لا تستطيع أن توجزها وتحيلها فقط إلى أفلام ومسلسلات ومسرحيات وأغنيات، هى قبل كل ذلك مجموعة من المواقف وضعتها فى صدارة المشهد، لتصبح هى العنوان، أرادت أو لم ترد، سعت إليه أو تحقق لها دون أن تقصد.

الناس تتابعها فى كل المواقف، ولهذا كانوا حريصين على النفاذ إلى مشاعرها وهى أمام الجامع مرتدية الفستان الأسود، تبكى صادقةً سمير غانم، ثم شاهدوها ليلًا بالفستان الأحمر ترقص وتغنى أمام عمرو دياب، بنفس درجة الصدق، وعلى الفور جاء السؤال، مَن نصدق: دموع العين، أم رقصات الجسد؟!.

(السوشيال ميديا) قررت توجيه عقاب قاسٍ جدًا إلى يسرا، وذلك عندما حاكموا مشاعرها، لا أحد من الممكن أن يشكك فى حزن إنسان شاهدنا جميعًا دموعه فى الصباح، وكان السؤال: كيف إذن إذا كان حزن يسرا صادقًا فى الصباح، أن تذهب ليلًا إلى فرح أحد رجال الأعمال؟.

الكل يعلم أن حفل الزفاف معدٌّ له سلفًا، ويسرا مثل غيرها، قبل ربما عدة أسابيع، أكدت حضورها، هل كانت هناك محاولة باءت بالفشل لإرجاء موعد الحفل، ربما، ولكن ليس لدى يقين.

قررت يسرا وعدد آخر من النجمات الذهاب لمجاملة رجل الأعمال، هل معنى ذلك أنهن مزقن صفحة الأحزان؟.

الفنان، خاصة الممثل، تعوّد طوال رحلته على الانتقال فى لحظات بين الأحاسيس المتباينة، هم لديهم قدرة استثنائية على الثبات الانفعالى، الممثل المحترف يستطيع ضبط الجرعة، ليس معنى ذلك أن الممثل يمثل 24 ساعة يوميًا، فقط لديه قدرة على الانتقال من حالة إلى أخرى، محتفظًا بانفعاله، وهذا هو ما يحدد الفارق بين ممثل وآخر.

عدد كبير من الفنانين تلقوا أخبار رحيل أقرب وأعز الناس إليهم، ورغم ذلك أكملوا التصوير أمام الكاميرا، وواصلوا الوقوف على خشبة المسرح، وبعد نهاية العرض يستبدّ بهم الحزن، تلك قدرة استثنائية، لا يتمتع بها البشر جميعًا، فهل الفنان الذى رحل والده ثم أكمل على خشبة المسرح دوره، إنسان بلا مشاعر.

أحيانًا نحكم على البشر من خلال منطقنا ومحدداتنا، وهى ليست بالضرورة قواعد مطلقة، لو أنك فى طريقك إلى حفل وعلمت أن إنسانًا عزيزًا عليك أصيب بمكروه، فسوف تغيّر على الفور وجهتك، تذكر فقط أن هذا السلوك مرتبط بك أنت، وليس ملزمًا لأحد غيرك.

لم تتعمد يسرا، مراعاةً للمشاعر، أن ينقل أحد طقوس الفرح، المحمول اقتنص اللحظة فصارت (تريند).

اختارت يسرا أن تمارس حياتها كإنسان حُر متمتعًا بأهليته، موقنة أنه حقها الطبيعى، وليس من صلاحيات أحد أن يرصد تحركاتها أو يتدخل فى تحليل أو التشكيك فى مشاعرها، الحزن والفرح فى القلب، بينما لدينا قطاع من البشر متفرغ لرصد الدموع والضحكات والفساتين، والبعض قد يفعل مثل يسرا وأكثر، ولكنهم فقط سوف يُخفضون الصوت ويمنعون التصوير حتى لا يسمعهم أو يراهم الجيران.

tarekelshinnawi@yahoo.com

 

####

 

أكثر من 100 قطعة.. حكاية الفنان سمير غانم مع الباروكة

كتب: سحر المليجي

أكثر من 100 قطعة.. هم عدد الـ«بواريك» التي امتلكها الفنان الراحل سمير غانم «سمورة»، الذي ظل يُضحك الملايين حتى قبل وفاته بأيام قليلة، في ظهوره الأخير في إعلان دعائي مع ابنته إيمي في شهر رمضان الماضي.

اختتم سمير غانم إعلانه بالتخلي لـ«إيمي» عن باروكته بعد شكوتها من باروكتها قائلة: «بتهرشني» فيرد عليها «خدي دي»، وكأنه يعلن نهاية مشواره في أسلوب كوميدي ضاحك -كعادته-.

وعلى الرغم من كون «سمورة»، ممثل كوميدى كبير، اعتمد في كل أعماله على قفشاته وارتجاله المواقف، إلا أنه شهد خلال مشواره مرحلتي تطور، بعيدًا عن شكل الجسم ووزنه.

كان الأسمر الطويل، في فرقة ثلاثي أضواء المسرح، رغم اختلاف شكله عن أبطال عصره، -فلم يكن صاحب الشعر الناعم الجميل مثل أحمد رمزي أو رشدي أباظة، أو صاحب الشعر المجعد مثل عماد حمدي-، لكنه تمكن من خطف الكاميرا بصوته وأداؤه وحركاته.

«صغيرة على الحب» كان الفيلم الأول، الذي قرر فيه سمير غانم أن يرتدي الباروكة خلال ظهوره مع الفنان رشدي أباظة وسعاد حسني عام 1966، وهو لا يزال شابًا، فهو من مواليد 1937، حيث كان في عمر الـ31 عامًا.

يقول سمير غانم -رحمه الله- «عندما طلبوني للتمثيل في الفيلم، سعيت أن أقلد فريد شوقي، وذهبت لسيد الماكيير لانتقي ما يناسبني».

55 عاما على عمر باروكة سمير غانم، إذ لم يتخلى عنها في أي من لقاءاته، وكانت جزءًا من شخصيته المرحة.

رحلة سمير غانم الفنية تغيرت بعد الباروكة، حيث أصبح البطل الوسيم، فانطلق إلى عالم السينما والتليفزيون بطلا للأعمال الفنية، فهو صاحب الوجه والصوت الجميل، ذو الدم الخفيف والإطلالة المميزة بقمصانه الملونة والمزركشة.

قال «غانم» في رحلته مع الباروكة، «عندما سافرت إلى أمريكا، في هوليود كانت البواريك جميلة»، مضيفًا «مازال عندي بواريك لم ارتديها حتى الآن»، لافتًا إلى أن أهم ما في الباروكة قصتها، قائلا: «الأمريكان مميزون جدًا ويبهرونك بما يقومون به في قص الشعر».

وأضاف الفنان الراحل أن شعر الباروكة يختلف وفقًا للخامة والشكل إلا أن باروكة الرجال أغلى، ويبدأ سعرها من 500 إلى 5000 دولار.

لم يمتلك سمير غانم باروكة بيضاء، فكلها سوداء، والوحيدة منها كانت رمادية، ارتداها في مسلسل شربات لوز مع الفنانة يسرا وإن كان قد امتلك باروكة بشعر ناعم أو مجعد، قصيرة أو طويلة.

 

####

 

«سمير غانم».. بهجةُ الحىِّ الشرقى

فاطمة ناعوت

حين رحل الشاعرُ الفرنسى «لويس آراجون» عام ١٩٨٢، قطع التليفزيونُ الفرنسىّ برامجَه ليعلن كلمةَ الرئيس الفرنسى «فرنسوا ميتران» فى رثاء الشاعر الكبير: (أيها الفرنسيون، اليومَ غربتْ شمسُ فرنسا. مات آراجون!). هكذا الدولُ التى تقدِّرُ الفنونَ وتحترمُ رموز القوى الناعمة التى تنهضُ بوعى الشعوب وترتقى بذائقتها.

مصرُ من أولى الدول التى شيّدت حضارتَها على أعمدة العلوم والفنون. لهذا أكبرنا فى الرئيس «عبدالفتاح السيسى» كلمتَه الطيبة فى رثاء أسطورة الكوميديا المصرية والعربية «سمير غانم»، الذى غادرنا تاركًا دمعةً فى كل بيت، ووخزة حزن فى كل قلب.

قال الرئيسُ السيسى: (أنعى بمزيد من الحزن والأسى الفنان سمير غانم الذى رحل عن عالمنا تاركًا خلفه ميراثًا عظيمًا من الأعمال التى رسمتِ البسمةَ على وجوه المصريين، والأمة العربية. كان الراحلُ خيرَ نموذجٍ للفنان الذى عاش من أجل نشر البهجة وإسعاد الجميع).

كلمة رثاء محترمة عن فنان محترم من رئيس محترم. هنا يتوقفُ قلمى دهشةً، فما كنتُ أحسبُ أن أذكرَ اسمَ «سمير غانم» بقلب حزين، فهو «صانعُ الفرح»، الذى ملأ قلوبَنا بالفرح مدى أعمارنا. بدأ عشقى للراحل العظيم فى طفولتى حين شاهدتُ مسرحية «موسيقى فى الحىّ الشرقى»، وتصوّرتُ نفسى طفلةً لذلك الأب القبطان، الذى يكره الموسيقى ويُربّى أطفالَه بالحزم الممزوج بخفّة الظلّ. «سمير غانم» ليس وحسب فنانًا يقدم لك مشاهدَ كوميدية تنتزعُ من قلبك الهمَّ وتُشرقُ وجهك بالابتسام، بل هو «حالة إنسانية مبهجة» لا تتكرّر إلا كلّ ألف عام. «سمير غانم» ظاهرة بشرية مفطورةٌ على المرح وحب الحياة وإشاعة السرور فى كلّ مكان يحلُّ به.

لم تعتمد كوميدياه على ملامح جسدية غير مألوفة مثل السمنة المفرطة والنحافة كما لدى «لوريل وهاردى»، أشهر ثنائى كوميدى بريطانى، أو على ملامح وجه مميزة كالشارب الكثيف القصير أو الفم الواسع مثل العظيمين: «شارلى شابلن» و«إسماعيل ياسين»، بل كان «سمير غانم» وسيم الملامح متناسق الجسد. وتلك فى ذاتها مشكلةٌ لدى الكوميديان، الذى يبدأ فى استلاب ضحكات المشاهدين بتلك المفارقات الجسدية، منذ الوهلة الأولى. وأعرب «سمير غانم» نفسه عن ذلك القلق فى بداية تكوين فرقة «ثلاثى أضواء المسرح» قائلًا لـ«الضيف أحمد»: (أنت تأسر قلوبَ الناس بنحافتك وضآلة جسمك، وجورج يخطف قلوب الناس بسمنته وملامحه الطفولية، أما أنا فبمَ أجتذبُ الناس؟)، فأجابه الضيف أحمد: (أنت الكوميديان الوسيم، وتلك سابقة) وهذا ما حدث.

سرق «سمير غانم» قلوبَنا ولكن ليس بوسامة وجهه، بل بوسامة روحه، التى كانت طوال الوقت تَضحكُ وتُضحكُ. فى جميع الأفلام التى شارك فيها «سمير غانم»، كان يُشيعُ البهجة والفرح، حتى فى المشاهد التراجيدية وفى ذروات الصراع الدرامى. إنها مِنحةُ الله لهذا الأسطورة التى منحها اللهُ لأرضنا الغنيّة بمواهب أبنائها لكى يرسمَ الفرحَ فى قلوب المصريين. «ثلاثى أضواء المسرح» ليس مجرد فريق كوميدىّ قدّم للمسرح المصرى والشاشة العربية أعمالًا كوميدية خالدة فى ذواكرنا، بل كان هذا الفريق ويظلّ قطعةً من نسيج مصرَ، تحملُ رسالةً فنية واجتماعية مهمة: «الضيف أحمد، جورج سيدهم، سمير غانم». يظلُّ الثلاثى «ثلاثى»، حتى بعد سقوط ورقاته الثلاث بالتتابع.

لم أرَ حزنًا جماعيًّا على رحيل نجم مثلما حدث مع «سمير غانم»، فلم يكن فقط كوميديانًا فريدًا، لكنه زوجٌ جميل وأبٌ جميل. أهدى لنا موهبتين رائعتين فى عالم الكوميديا ورثتا عن والدهما خفّة الظل وحلاوة الروح. دنيا وإيمى سمير غانم، بارك الُله فى رفيقى حياتهما الرائعين: «رامى رضوان» و«حسن الرداد»، اللذين كانا ابنين بارين للوالدين الكريمين «سمير» و«دلال».

أما صديقتى الجميلة «دلال عبدالعزيز»، فلها عندى «سبحةٌ من العقيق الأحمر» جلبتُها من «المدينة المنوّرة»، فأنا أعلمُ أنها تعشقُ السبحات ولا تنقطع عن التسبيح طوال الوقت. اللهم مدّ يدَكَ الطيبة بالشفاء العاجل للسيدة التى وقفت جوار كل مريض وواست أسرة كلّ فقيد فى الوسط الفنى، ولها فى قلوب المصريين مكانةٌ ومكان، وامنحها الصبرَ على مصابها المُوجِع فى فقْدِ رفيق حياتها، حين تعلمُ برحيله بعد تعافيها بإذن الله.

«الدينُ لله، والوطنُ لمَن يحبُّ الوطن».

twitter:@fatimaNaoot

 

المصري اليوم في

24.05.2021

 
 
 
 
 

سمير غانم.. فارس فن الارتجال

كتبت- بوسى عبدالجواد:

«تمانيين سنة وأنا مستنيكي» هذه الكلمات المقتطعة من سياقها من مشهد تكريمه الأول على الإطلاق فى مهرجان القاهرة السينمائى بجائزة فاتن حمامة التقديرية بدورته التاسعة والثلاثين، التى أثارت ضحكات الجمهور والحاضرين، ربما للتلقائية التى اعتمدها فى إطلاق إفيهاته التى اشتهر بها، لتنتهى الضحكات التى ضجت ساحات القاعة حينها بمجرد نزوله من على خشبة المسرح.. ولكن لم يلتفت الجمهور حينها لدموع زوجته الفنانة القديرة دلال عبدالعزيز وتمتماتها التى تعكس رضاها وفرحتها بتكريم الدولة لزوجها، لم يلتفوا أيضاً للفرحة العارمة التى كانت تكسو وجهى ابنتيه الفنانتين دنيا وإيمى. وركزوا فقط على المقطع المثير للضحك من كلماته التى تحمل ولأول مرة إسقاطاً ومدلولاً أو عتاباً لم يدركه حينها الجمهور لكن ترجمته دموع وفرحة أسرته الذين كانوا بصحبته فى هذا اليوم.

بهذا المشهد، أبدأ كلماتى عن الفنان القدير سمير غانم، ملك الارتجال وزعيم الضحكة، الذى غيبه الموت عن عمر يناهز 84 عاماً إثر إصابته بوعكة صحية نقل على إثرها لأحد المستشفيات الخاصة الذى لفظ بداخله أنفاسه الأخيرة.

رغم أننا نتحدث عن فنان استثنائى فى تاريخ الكوميديا، صنع مدرسة كوميدية خاصة به حتى الآن لم يستطع أحد من فناني الكوميديا الحاليين اقتحامها، لكن لم يأخذ نصيبه من جوائز الدولة التقديرية، فقد تجاهلته المحافل السينمائية عن دون عمد منهم رغم اعترافهم بفنه، إذ كان يتم تقديمه فى المناسبات والمحافل على أنه رائد الكوميديا، ربما لأنه لم يبدِ اهتماماً ولم يتحدث يوماً عن تجاهل المحافل السينمائية له فى أحد البرامج الإذاعية مثلما يفعل أغلب الفنانين الآخرين، حتى أنصفته أخيراً الدكتورة ماجدة واصف رئيس مهرجان القاهرة السينمائى السابق، التى انتبهت لتاريخه الفنى وقامت بتكريمه فى آخر دورة لها.

صاحب رسالة «الضحك لأجل الضحك»

لنبدأ من بداياته الفنية مع جورج سيدهم والضيف أحمد، الذى كون معهم فرقة «ثلاثى أضواء المسرح» الذى ذاع صيتها فى الستينيات، وتعتبر من أشهر الفرق التى ظهرت فى تاريخ الفن المصرى. وقدما سوياً العديد من الأفلام والمسرحيات والاسكتشات التى لاقت جميعها رواجاً كبيراً.

اكتشف الفرقة المخرج الراحل محمد سالم، بعدما آمن بموهبة الثلاثة وقدمهم للجمهور بشكل يظهر موهبتهم فى أفلام ومسلسلات عديدة.

قدمت الفرقة ما يزيد على 18 فيلماً أبرزها «شاطئ المرح»، و«30 يوم فى السجن»، و«الزواج على الطريقة الحديثة»، و«المجانين الثلاثة»، و«رحلة السعادة»، و«فرقة المرح» وغيرها من الأفلام الأخرى، وعلى المسرح قدموا نحو ثمانى مسرحيات منها «طبيخ الملائكة»، و«فندق الأشغال الشاقة»، و«كل واحد وله عفريت»، و«موسيقى فى الحى الشرقى»، إلى جانب البرامج الإذاعية. حتى انحلت الفرقة برحيل الضيف أحمد، ليتجه بعدها سمير وجورج للتمثيل معاً فى أفلام ومسرحيات حققت نجاحاً صارخاً، لينتقل به قطار الحياة إلى محطة أخرى وهى «التوهج الفني» وهى المرحلة التى عاش فيها قمة تألقه ومجده، حيثُ استطاع بكراكترات وشخصيات مميزة قدمها فى أفلامه ومسلسلاته وفوازيره أن يسطر اسمه بجانب نجوم الكوميديا الكبار.

تصدر الراحل أفيشات السينما المصرية فى نهاية السبعينيات وحقبة الثمانينيات وهى الفترة التى ظهر فيها مصطلح «سينما المقاولات»، حيثُ يزخر رصيده السينمائى بعدد من الأفلام التجارية التى حققت مبيعات كبيرة استطاع أن يرسخ من خلالها اسمه فى ذاكرة الجمهور فى حقبة زمنية شهدت إنتاجاً غزيراً لعدد من الأفلام الكوميدية التى كانت السائدة والمسيطرة على سوق السينما.

ورغم تألقه السينمائى، لكنه لم يجد حرجاً فى المشاركة كضيف شرف فى الأفلام، بشرط أن يكون الدور مؤثرًا ومحوريًا فى الأحداث، فلا أحد يستطيع أن ينسى دوره فى فيلم «عالم عيال عيال».

لم يغضب زعيم الضحكة من وصف النقاد لأفلامه بأنها «تجارية»، فظل مدافعاً عنها وعن أبطالها فى كل حوار إعلامى له، فهو كان صاحب رسالة وهى الضحك لأجل الضحك. فهو يرى السينما الكوميدية من منظوره وسيلة للمتعة يهرب فيها الجمهور من همومه وأحزانه.

سمورة وفطوطة

بنظارته الكبيرة وباروكته اللامعة، وملابسه المزركشة المستوحاة من التراث التونسى وشاربه الكبير، صنع النجم سمير غانم كراكتر خاصًا تفرد به عن غيره من فناني الكوميديا، كما أنه كان يمتلك طبقات صوتية مميزة التى تتلون حسب الجملة التى يريد قولها. وهى أدواته الفنية التى تسلح بها أثناء تقديمه لشخصيتى «فطوطة» و«سمورة» فى فوازيره التى كان يقدمها فى رمضان، والتى نال عليها شهرة عربية، فأغانيه وأفيهاته التى كان يطلقها فى فوازير فطوطة كان يرددها أطفال جيل الثمانينيات، التى انتقلت لجيل التسعينيات.

وكانت شخصية فطوطة عبارة عن قزم صغير يرتدى بذلة خضراء اللون، ورابطة عنق كبيرة وهى البدلة الأشهر فى تاريخ الدراما المصرية.

على امتداد تاريخه الفنى الطويل كان الفنان الكبير سمير غانم مختلفاً، فقد قدم فناً لا يشبه غيره، وتربع منذ بدايته على عرش الكوميديا، إذ يكفى أن تسمع صوته أو ترى صورته لتستدعى مخزون الضحك ورصيد الكوميديا المستقر فى وجدان أجيال على مدار ما يقرب من 60 عاماً.

كان الراحل يزاحم نجوم الكوميديا عادل إمام ومحمد صبحى على لقب زعامة الضحك، الذى استطاع أن يقتنصها منهم باقتدار ربما لأنه كان ينصب كامل تركيزه على الكوميديا فقط، فلم يجرب أن يلعب أدوارًا درامية- باستثناء فيلم «الرجل الذى عطس» الذى كان رغم نهايته الدرامية كوميديًا أيضًا ولم يكررها مرة أخرى، أو قام ببطولة أعمال تعرض وجهة نظر سياسية.

رائد «كوميديا الفارص»

ارتبط اسم الراحل بالمسرح على مدار مشواره الممتد لأكثر من 60 عاماً، منذ كون مع صديقيه الضيف أحمد وجورج سيدهم أشهر وأنجح فرقة كوميدية «ثلاثى أضواء المسرح» فى الستينيات، الذى قدم معهم عدداً من الأعمال المسرحية التى حطمت الإيرادات فى شباك التذاكر.

حافظ الراحل فى أعماله المسرحية على مدرسة «كوميديا الفارص» الذى كان ينتمى لها، وهى تعنى كوميديا الهلس، إذ كان يتفنن فى إطلاق إفيهات مثيرة للضحك، كما أنه لا يجد حرجاً فى تقمصه لأى شخصية أيًا كانت حتى ينتزع الضحكات من الحضور مثلما لمسنا فى مسرحياته «المتزوجون»، و«أخويا هايص وأنا لايص»، و«أنا ومراتى ومونيكا»، و«دورى مى فاصوليا»، و«فخ السعادة الزوجية»، و«المستخبي»، و«موعد مع الوزيرة»، و«الزهر لما يلعب» وغيرها من الأعمال المسرحية المهمة التى حققت نجاحاً منقطع النظير.

لم يحاول سمير غانم التمرد على «كوميديا الفارص» التى كانت تعرف من جانب النقاد على أنها كوميديا المهزلة، وظل محتفظًا بلون الكوميديان على المسرح باستثناء مسرحية «جحا يحكم المدينة» للكاتب وحيد حامد، ولم يكررها ثانية.

رغم أن رصيده السينمائى يتفوق على المسرحى الذى يبلغ عدده 39 مسرحية، لكن ارتبط اسمه بالمسرح، ليؤكد أن النجاح ليس كمًا وإنما كيف، فرغم نجاحه الكبير فى مجال المسرح لكن لم تلفتت المهرجانات المسرحيه لفنه ولم تكرمه على الإطلاق، فالتكريم حصل عليه من الجمهور الذين كانوا يعتبرونه ملك المسرح، الذى ارتجل عليه وأصدر من على خشبته أشهر إفيهاته التى يحفظها الجمهور عن ظهر قلب.

امتلك الراحل خامة صوت مميزة، كان يطوعها فى أعماله الفنية، فسجله الفنى يزخر بالعديد من الأغانى المميزة التى يحفظها الجمهور ويرددها لسهولة كلماتها وروعة لحنها أبرزها «كوتو موتو يا حلوة يا بطة»، و«أوشي»، و«الكورة مدورة»، و«أنا مبسوط»، و«مانا مانا».

رغم تصدر اسمه على أفيشات أفلامه، لكن تنازل عن البطولة المطلقة أمام بناته الفنانتين دنيا وأيمى، الذى ساندهما فى بدايتهما الفنية، وكانت تعتريه سعادة عارمه بتصدر أسماء بناته على الأفيش حسبما أكد فى تصريحات صحفية وتليفزيونية سابقة.

سمير غانم عدو السياسة

حرص الراحل طوال تاريخه الفنى، عدم التطرق فى أعماله للسياسة، عدا تجربة مسرحية كتبها وحيد حامد اسمها «جحا يحكم المدينة»، وفور تلقيه إنذارًا باصطدامه بالسياسة، ابتعد عن هذا المضمار، وذهب إلى كوميديا الفارص الذى ظل رائدًا لها حتى وفاته.

حافظ الراحل على روح الكوميديا فى لقاءاته التليفزيونية، فلم يفلح إذاعيًا من استدراجه للحديث عن السياسة، وكان لا يحب أن يبدى برأيه فى ثورات الربيع العربى ولا عن النظام السياسى.

«سمورة» ابن عرب الأطاولة بمحافظة أسيوط، المولود عام 1937، رغم نشأته فى منزل متشدد حيثُ كان والده يعمل ضابط شرطة، لكن كانت له مواقف كوميدية عديدة مع أفراد أسرته وأشقائه حسب تصريحاته فى لقاءاته التليفزيونية، انضم بعد الثانوية العامة إلى كلية الشرطة احتذاءً بوالده وتركها بعد رسوبه عامين متتاليين ليلتحق بكلية الزراعة جامعة الإسكندرية، وهناك انضم إلى الفرق الفنية، وكون مع صديقيه جورج سيدهم والضيف أحمد فرقة «ثلاثى أضواء المسرح» التى كانت الورقة الرابحة فى أغلب الأعمال الفنية، إذ كان يستعين بهما كبار النجوم لإضافة لمسة خفيفة وروح كوميدية على العمل بداية من ضحكاتهم الرنانة وإفيهاتهم الساخرة وتلقائيتهم المعهودة دون تصنع أو إسفاف، ليظل سمير غانم ضحكة مصر التى لا تموت.

 

####

 

سمير غانم .. ضحكة لا تموت

كتب- أمجد مصباح:

عندما نستعرض أساطير الكوميديا فى تاريخ السينما والمسرح المصرى، نكتشف أن الفنان الراحل سمير غانم كان حالة مختلفة بين نجوم الكوميديا، سواء كان القدامى أو المعاصرين، كان وسيماً على غير العادة بين نجوم الكوميديا، تصور الجميع أن سمير غانم سينتهى بعد رحيل الضيف أحمد 1970 وحل فرقة الثلاثى، ولكنه عكس ما توقع الجميع.

بدأ رحلة تألق كبرى فى المسرح والسينما والتليفزيون استمرت لأكثر من نصف قرن، لم يكن فنانًا عاديًا بكل المقاييس، خفة ظل فطرية وارتجال رهيب على خشبة المسرح بمجرد أن يراه الجمهور على الشاشة أو على خشبة المسرح يشعر بالفرحة والسعادة.

لسنا بصدد استعراض التاريخ الفنى المشرف للفنان الراحل، ولكننا نؤكد أنه كان فنانًا شاملًا بكل المقاييس وضح ذلك تماماً فى الاسكتشات والفوازير.

نتوقف فقط عند خفة دمه المفرطة، وجوده فى أي عمل فنى كان يضفى عليه مسحة جميلة.

على سبيل المثال، فى فيلم «عالم عيال عيال» 1977 مع الراحل رشدى أباظة وسميرة أحمد ظهر فى مشهد واحد، عندما جسد شخصية طبيب الأطفال، من ينسى هذا المشهد العبقرى وقوله عندما وجد بطل الفيلم لديه 14 ابن وابنة، فيقول: «أنا فى العادة باخد خمسة جنيه على الكشف، لكن فى هذه الحالة هديك خمسة جنيه».

من ينسى دوره فى فيلم «البعض يذهب للمأذون مرتين» فى نفس العام، وخفة دم الزوج الخائن وآراء مستر هوبنز.

خفة الدم والتلقائية المفرطة فى مسرحية «جوليو وروميت» 1974 وحواره الشهير مع أسامة عباس وإفيهاته «طنطاتيا وزقازقيا وبنى سوافيا ولامورى ولافستورى وطفل الخطيئة».

ومسرحية «موسيقى فى الحى الشرقى»، من ينسى مشهد دبلان من عائلة كستور فى لبنان، زى الهوى وهوا يا هوا أما كنا هنموت من البرد، ويا وابورى رايح.. وابورى جاى، السواق اتخلبط وخبط القطرين فى بعض.

ناهيك عن إبداعه الشديد فى مسرحية «المتزوجون» وإضافته لشخصية مسعود، من حيث اللبس الغريب والشوكة والسكينة والملوخية.

وإفيهاته الشهيرة مع الراحل جورج سيدهم وشيرين، «يا حنفى إحنا اتخلقنا علشان الستات تزل فينا» و«أنا عايز فلوس وأنت عايز فلوس يا ريت تشوف حد يدينا» و«أنا هعزم أصحابى علشان يتفرجوا مش ياكلوا».

نحن أمام فنان كوميدى حقيقى، قل أن يجود به الزمان، ابتكر مع المخرج الراحل فهمى عبدالحميد شخصية «فطوطة» منذ ما يقرب من 40 عاماً وما زالت تلك الشخصية موضع إعجاب الكبار والصغار.

سمير غانم فنان كان غزير الإبداع طوال حياته أكثر من نصف قرن من الإبداع، جعلته معشوق الملايين وملكًا متوجًا على عرش الكوميديا وشخصية متفردة جعلت الجميع يحبه لأنه ببساطة كان إنسانًا بحق أحب الملايين فأحبوه، رحم الله نجم الكوميديا التاريخى سمير غانم.

 

الوفد المصرية في

24.05.2021

 
 
 
 
 

تكريم اسم سمير غانم في مهرجان شرم الشيخ السينمائي

القاهرة/ مروة عبد الفضيل

أعلنت إدارة مهرجان شرم الشيخ السينمائي تكريم الفنان المصري الراحل سمير غانم في إطار الدورة الرابعة للمهرجان والمقرر انطلاقها في الفترة من 25 يونيو/حزيران إلى 1 يوليو/تموز، تقديرًا لجهوده المبذولة على الشاشة السينمائية وفي المسرح والتلفزيون.

وقال المخرج هاني لاشين، رئيس اللجنة العليا للمهرجان، في بيان إعلامي، إن أفضل تقدير يمكن تقديمه للراحل الكبير سمير غانم هو تكريم اسمه وسط محبيه من نجوم السينما خلال الدورة المقبلة لمهرجان شرم الشيخ السينمائي.

ومن المقرر تكريم اسم الفنان الكبير سمير غانم في حفل الافتتاح يوم 25 يونيو/حزيران المقبل، كما ستنظم ندوة كبيرة يحضرها محبوه من الفنانين والفنانات وضيوف المهرجان، كما سيتم عرض بعض أعماله المميزة.

وكان سمير غانم قد توفي يوم الثلاثاء الماضي بعد صراع مع فيروس كورونا، ومرض الفشل الكلوي، وذلك عن عمر ناهز 84 عاماً.

ومن المقرر إطلاق اسم المخرج داوود عبد السيد على الدورة اعترافا بإنجازه السينمائي الكبير ومسيرته التي التزم خلالها برؤيته السينمائية الراقية التي عبرت عن قطاعات عريضة من الشعب المصرى ويعد الآن لبرنامج ضخم، يشمل ورشة عمل وندوة يحضرها كبار السينمائيين المصريين، بالإضافة إلى عروض أفلام داوود عبد السيد.

 

العربي الجديد اللندنية في

24.05.2021

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004