ملفات خاصة

 
 
 

سمير غانم...

مَصْمَصة الحياة والقهقهة في وجه الموت

ناصر كامل

عن رحيل الفنان

سمير غانم

   
 
 
 
 
 
 

بينما ينغلق قوس حياة سمير غانم، المبهرة، تنفتح سيرته على الأعاجيب: السياسة الدولية، والصراع العربي- الصهيوني، والنكسة والاستنزاف، وتحولات الاقتصاد العالمي، والعالم الذي يضيق إلى حد التلاشي، ومقاومة الألم بالقهقهة. وتغلف هذا كله، طاقة فذة، لمَصمَصَة الحياة.

لهذا كله، وأكثر، مما يضيق به الوقت، يمنعنا حضور سمير غانم المستمر في حياتنا، من الإسراف في الحزن على وفاته، والمدهش أن رحيله ينبهنا إلى الأثر العميق، وربما المبهج- نعم، المبهج- لجردة سريعة تستحضر نحو ستة عقود كاملة.

مدخله إلى عالم الفن برفقة جورج سيدهم والضيف أحمد، تحت لافتة "ثلاثي أضواء المسرح"، يتفرع منه ملمح يبدو غريباً. فقد نتوهم، مثلاً، أن لكلمة "ثلاثي" هذه، صلة تناص، فقط، مع "فرقة الثلاثي المرح"، الفرقة الغنائية المصرية شهيرة، المكونة من ثلاث مغنيات، ونشطت بين العامين 1958- 1967، وتميزت بأعمالها الاجتماعية الخفيفة، لكننا لن نعدم من يسحب أمر التناص إلى لفظه الروسي المقابل: الترويكا، وهي في الأصل "عربة خفيفة تجرها ثلاثة جياد"، لكنها أصبحت مصطلحاً سياسياً دالاً عقب وفاة ستالين (1953)، حين شرعت القيادة السوفياتية في تبني خيار القيادة الثلاثية، بديلاً من القيادة الفردية للزعيم المطلق، وفاض المصطلح خارج توازنات القيادة السوفياتية (قيادة الحزب، ورئاسة اتحاد الجمهوريات، ورئاسة الوزراء)، بدعوة خروتشوف (العام 1960) إلى إصلاح الأمم المتحدة، بحيث يتولى ثلاثة أشخاص منصب السكرتير العام، بدلاً من واحد. ومنذ ذلك الحين، بات وجود ثلاثة مسؤولين عن القرار في أي هيئة، أو شركة، أو كيان، يسمى ترويكا، وحالياً يشير المصطلح إلى ما هو أعمق في الهيئات الدولية والسياسية. فمثلاً، في الاتحاد الأوروبي، يشير إلى الرئاسة السابقة والحالية والمقبلة للجانه، ما يعني التواصل والاستمرارية، ودلالة على سيرورة الزمن: الماضي، والحالي، والمقبل.

العقل الذي ولّف الثلاثي كان المخرج محمد سالم، انتقاهم وقذف بهم إلى مختلف مجالات الفن. الثلاثة كانوا قد برزوا في المسرح الجامعي، واختاروا قالب "الاسكتش"، وملامح طفيفة من الكوميديا دي لارتي (كوميديا الارتجال أو الكوميديا الايطالية). "الاسكتش"يعني مشهداً أو قطعة مسرحية ذات أبعاد صغيرة، بصفة عامة ذات صبغة كوميدية، ويستغرق ما بين دقيقة وعشرة دقائق ويكون ارتجاليًا. ومن مميزاته أنه يشتغل على الآني من الحياة اليومية، والذي يحظى بقدر عال من الاهتمام الجماهيري، فيسخر منه، ولذلك ينسلخ الاهتمام به سريعاً، فهو آشبه بماكينة هائلة تريد الجديد كل لحظة.

اللحظة المصرية، وربما العربية، عندما قذف سالم بالثلاثي إلى الحياة الفنية المصرية، كانت لحظة نشوة مفرطة. كان العام 1963، وفيه قدم سالم فيلمين: "القاهرة في الليل" في أغسطس/آب، وهو أول فيلم مصري ينتجه القطاع العام. وبعد شهرين قدم "منتهى الفرح"، وقد يكفي الاسم، لكن المشهد الافتتاحي أكثر دلالة: "الشركة العامة للانتاج السينمائي العربي تقدم، ثم يظهر طفل صغير يجرى عابراً شارعاً في وسط المدينة حاملاً بضع نسخ من جريدة المساء، ويصيح: أبطال اليمن، أبطال اليمن، ويظهر العنوان الرئيسي "المانشيت": استقبال الأبطال.. عبد الناصر وبن بلا يشتركان...". والأعمق في دلالته، الحشد الهائل من المطربين والممثلين، يكفي وجود فريد الأطرش وعبد الوهاب معاً. هؤلاء جميعاً يحتفلون بعودة الجنود المصريين منتصرين من اليمن.

في الفيلمين، تظهر بعض معضلات "الترويكا" الطبيعية، المنطقية، المفهومة. عرفنا أنه في الأصل هناك عربة خفيفة تجرها ثلاثة جياد، ومن المنطقي أن تتفاوت قدرة التحمل والعطاء. ومع الثلاثي الذي يبدأ خطوات سباقه الأولى، هناك حساسيات منطقية، ثلاثة أسماء فمن يُكتب أولاً؟ سالم، العقل الموجّه، وضع سمير أولاً في الفيلم الأول، وجورج في الثاني، وظل الضيف في المؤخرة، في معظم الحالات.

بعد أربع سنوات من "منتهى الفرح"، وقعت النكسة -هزيمة 5 يونيو المدوية- ويبدو أن السلطة رأت أن المزاج العام يحتاج "الفرفشة"، الكثير منها في الواقع، وليس بعضها. وهكذا ظهرت "فوازير رمضان" بعد ستة أشهر من النكسة، ودخل الثلاثي كل بيت مصري فيه تلفزيون، يومياً، لشهر كامل، وهم يدعونهم إلى "الفرفشة". كان انتقال الفوازير من الإذاعة إلى التلفزيون بمثابة إعلان نهائي على نهاية عصر وسيادة آخر

في الفوازير تظهر كل سمات كوميديا "الثلاثي". فمثلاً، جورج يبرع في أداء نسخة شائهة من شهرزاد عصرية، وهو بالإضافة إلى سمير، أكثر الممثلين لعباً لأدوار نسائية مضحكة.

كان الحضور الثاني الأكثر تأثيراً في جماهيرية الثلاثي، هي حفلات أضواء المدينة، حيث قدموا، على مدى نصف ساعة، عدداًُ من الاسكتشات، ثم أن سالم جمع بعضها وصنع منها مسرحيات.

وبعيداً من الثلاثي، لكن مع الإبقاء على اتصال أكثر دلالة في سياق هذه القراءة: قاد محمد سالم الجانب الفني مما يعرف بالتغطية الماهرة لإحدى عمليات المخابرات المصرية، أي ضرب الحفار الإسرائيلي في أبيدجان –وهو ميناء في ساحل العاج على المحيط الأطلسي- من خلال تصوير بعض مشاهد فيلم "عماشة في الأدغال" العام 1968.

وكان 1970 عام تحول كبير، هائل، ومفجع أيضاً. صعد الثلاثي من الأدوار المساعدة والثانوية إلى أدوار البطولة. في ذلك العام، ظهرت أسماؤهم في أعلى "الأفيش"؛ في فيلم "لسنا ملائكة"، وكان الترتيب فريداً: جورج، ثم الضيف، وأخيراً سمير. وأثناء التصوير، توفي الضيف، واحتال المخرج ليكمل العمل. رحل الضيف، وبقت الفرقة المسرحية تحمل العنوان نحو عقد من الزمن، لكن الفراق بين جورج وسمير كان حتمياً، وكانت الفوازير السبب. فقد عمقت الفوازير، التي قدمها سمير، من تأليف عبد الرحمن شوقي وإخراج فهمي عبد الحميد لثلاثة مواسم متوالية (1982- 1984) الافتراق، بقدر ما رسخت نجوميته، بعيداً بمسافة ملحوظة عن رفيقه.

امتلك سمير الكثير من الجرأة. تخلى عن النظارة الطبية، ووضع باروكة، ظلت فاحمة السواد حتى لحظة ظهوره الفني الأخير، قبل أيام من وفاته، وظل يطلب العمل، ويسعى إليه أينما توافر وكيفما توافر، يريد أن ينهل كل ما هو ملك يديه وفي قدرته، كمثال مذهل على العراك مع الحياة وملاعبتها.

في سماته الفنية، اشتغل سمير غانم على ما لا لم يطرقه، إلا نادراً، الممثلون الكوميديون المصريون: مزيج خاص من كوميديا الجسد المشذبة، والارتجال المنضبط. عملان يمثلانه جيداً، أكثر من أي عمل آخر قدمه: مسرحية "موسيكا في الحي الشرقي"، وهي تمصير بارع لفيلم "صوت الموسيقى"، وفوازير "فطوطة". في بعض الأفلام، يظهر لدقائق معدودة، ينطق بضع كلمات، فيشيع قهقهة متواصلة. في فيلم "عالم عيال عيال" (1976) يظهر لنحو ثلاث دقائق فقط، لا تتوقف خلالها قهقهة المشاهد. عشرات من هذه اللحظات المنفلتة من أي تحديد نقدى، تظهر فرادة أداء سمير غانم. في مشهدين، يستغرق كل منهما حوالى عشر ثواني، يرقص سمير رقصتين: الأولى في فيلم "أميرة حبي أنا" (1975)، والثاني في مسلسل "ميزو" (1977)، حيث قدم سمير غانم ملمحاً مكثفاً لخصوصية أدائه.

كان ظهوره الأخير في إعلان تلفزيوني يشارك فيه ابنته الصغرى، إيمي، لبضع ثوانٍ، كأنه يقول سأظل أُمَصمِص الحياة حتى ما بعد النهاية، بحثاً عن تلك القهقهة، وإن لم تفلح في منع الموت. فالعالم ما بعد كورونا أضحى محدوداً إلى حد التلاشي، وهي، على الأقل، تجعل ملاقاته ميسرة.

 

المدن الإلكترونية في

21.05.2021

 
 
 
 
 

وداعًا سمير غانم | الوداع الأخير لصانع البهجة في مسجد المشير

أحمد عمر

ودع نجوم الفن المصرى الفنان الكبير سمير غانم الذى وافته المنية مساء  أمس الخميس داخل مستشفى الصفا، حيث حرص عدد كبير منهم على توديعه الوداع الأخير فى جنازته التى خرجت من مسجد المشير طنطاوى بعد صلاة الجمعة  لتشييع جثمانه لمثواه الأخير بمقابر الوفاء والأمل.

وتقدمت الجنازة الفنانة إيناس عبدالدايم وزيرة الثقافة ود. أشرف زكى نقيب الممثلين وبحضور عدد كبير من الفنانين: يسرا ومحمود حميدة وإلهام شاهين ولبلبة وميرفت أمين وهالة صدقى وسمير صبرى وروجينا وفتحى عبد الوهاب وإيهاب فهمى وبسمة ومحمود الليثى وشريف رمزى وصابرين وإيناس الدغيدى ووفاء عامر والمنتج محمد فوزى وبيومى فؤاد ودينا وماجد المصرى وسلوى محمد على وشريف رمزى وسماح أنور وخالد جلال ومحمد حماقى وعلى ربيع وشيماء سيف وهناء الشوربجى وريهام حجاج وزوجها، والأب بطرس دانيال، وعمرو الليثى، وبوسى شلبى وعمرو محمود ياسين، وأحمد خالد صالح، وحمادة هلال، وأحمد الفيشاوى وحسن الراداد والإعلامى رامى رضوان.

ونعت د.إيناس عبدالدايم وزيرة الثقافة المصرية الفنان الكبير قائلة إن الحياة الفنية فى مصر والوطن العربى فقدت أحد العباقرة وأيقونة كوميدية فذة والذى رسم صفحات من البهجة فى تاريخ الأداء التمثيلى، وأشارت إلى أن أسلوبه المميز نجح فى جذب قلوب الجمهور عبر سنوات طويلة شهدت أعمالا ستبقى راسخة فى الوجدان بشخصياتها ومفرداتها.

وتوجهت بالعزاء لأسرته وأصدقائه ومحبيه داعية الله أن يتغمد الفقيد برحمته.   

 

####

 

وداعًا سمير غانم |

سينما «سمورة».. الأثر المستمر مع كل الأجيال

أخبار اليوم

ارتبط اسم سمير غانم بالمسرح على مدار مشواره الممتد لمايقرب من 60 عاما، ولكن رغم هذا الارتباط إلا أن رحلة «سمورة» مع السينما كانت زاخرة بعشرات الأفلام المميزة، البداية فى حد ذاتها مع فرقة «ثلاثى أضواء المسرح» اتجهت نحو السينما رغم مسمى الفرقة المسرحى بالأساس، فكان سمير مع جورج سيدهم والضيف أحمد أضلاع مثلث مهم فى صناعة الفيلم الكوميدى فى حقبة الستينات، حيث شاركوا فى أفلام مثل «30 يوم فى السجن» و«القاهرة فى الليل»، «المغامرون الثلاثة» ، وغيرها.

انطلق سمير غانم بقوة فى عالم السينما بعد تفكك فرقة «ثلاثى أضواء المسرح»، وشارك فيما يقرب من 100 فيلم رغم انشغاله الدائم بالمسرح، وفى حقبة السبعينات قدم عشرات الافلام الناجحة فى مقدمتها فيلم «يارب ولد» مع فريد شوقى وأحمد راتب ونجم الكرة وقتها اكرامى، تحول الفيلم إلى أيقونة كوميدية تزامنت أيضا مع حضور سمير غانم على شاشات السينما فى أفلام أخرى مثل «424» والذى يعد أشهر الأعمال السينمائية التى تناولت عالم كرة القدم.

رغم نجاح سمير غانم الساحق فى السينما فإنه لم يمتنع عن الظهور فى العديد من الأفلام كضيف شرف، وظهر هذا بقوة خلال نهاية السبعينات وحقبة الثمانينات رغم تألقه الكبير، ومع ذلك نجح سمير غانم فى السيطرة على سوق سينما «الفيديو» او ماسميت وقتها سينما المقاولات، يحكى سمير غانم فى احد لقاءاته التليفزيونية عن تلك المرحلة مدافعا عن أبطالها قائلا: لا أرى فى سينما المقاولات عيبا إلا لو كانت رديئة ولكن تلك الفترة شهدت انتاجا غزيرا لكم من الأفلام الكوميدية من الصعب أن يقدم مثله الآن على مستوى خفة الظل وحضور الضحكة، كما أن هذه الأفلام شهدت مشاركة أغلب نجوم الكوميديا المعروفين وقتها ، هى بلا شك مرحلة مهمة يجب النظر إليها بشيء من الجدية».

واصل سمير غانم رحلته مع السينما حتى عام 2018، حيث حرص على مشاركة الفنانين الشباب تجاربهم السينمائية دون تعال، فشارك فى عام 2014 بفيلم «الحرب العالمية الثالثة» ثم شارك فى فيلم «المشخصاتي» و«عقدة الخواجة» عام 2018 ، ومن قبلها ظهر مع محمد سعد فى فيلم «تتح» ومع أشرف عبد الباقى فى فيلم «على جنب يا اسطى» ، ليترك أثرا لا يزول فى تجارب كل الأجيال على شاشة السينما.

 

####

 

وداعًا سمير غانم | ناظر مدرسة الضحك للضحك

مصطفى حمدي

صنع سمير غانم أسطورته بتقديس الكوميديا. تعامل مع الضحك بمنتهى الجدية، اعتبره رسالة فى حد ذاته مجردة من أى مصطلحات أخرى، فأسس مدرسة خاصة فى الكوميديا عنوانها «الضحك للضحك».

 بمتابعة مسيرة سمير غانم ستكتشف أنه الفنان الكوميدى الوحيد الذى امتلك القدرة على تحويل أى جملة مهما كانت إلى جملة مضحكة، حتى الصمت صنع منه ضحكة معتمدا على الأداء الحركى والجسدى الذى كان واحدا من أدوات سمير غانم الواضحة فى الإضحاك.

فلسفة خاصة انتهجها فى تقديم الكوميديا، تعكس عمقًا وفكرًا مختلفًا، حيث استخدم لغة الجسد والاكسسوارات وكذلك الغناء فى خلق حالة كوميدية .

على سبيل المثال يحكى سمير غانم فى لقاء قديم ببرنامج ستوديو 9 مع الإعلامية أمانى ناشد فكرة ربط الأغنية بالنص الكوميدى فيقول: لدى مشروع يشغلنى وهو استخدام الأغنية كعنصر من عناصر الكوميديا فى النص المسرحي، المسألة ليست قطع النص ثم الغناء، بل كيف تتحول الأغنية إلى وسيلة إضحاك فى قلب النص ذاته.

استطاع سمير غانم أن يحقق تلك المعادلة من خلال تطوير بعض الأغانى الأجنبية بعد أن قام بمعالجة ألحانها مع كلمات من أغان شعبية مصرية ثم غنائها بطريقة كوميدية جدا، وهو ما فعله مثلا فى استعراض غنائى شهير له قدم لحنا يونانيا معروفا على كلمات لا لغة لها سوى أنها من اختراع سمير غانم، وهى الأغنية التى اشتهرت باسم «أوشى أوشي»، هل هى يونانية ؟ لا بالطبع ولا أى لغة أخرى ولكنها مضحكة.

 اخترع لغة خاصة به تلازمه فى أعماله وربما لقاءاته التليفزيونية، فلا تتمالك نفسك من الضحك وهو ينطق اسم سمير بطريقته التى تشبه مواء القطط، اخترع الغناء الكوميدى بلغات ربما ألفها هو مثلما فعل فى سكيتش «فار اواى» أغنية ديميس روسز الشهيرة التى حولها إلى مسخرة استعراضية.. هذه الكوميديا المفرطة يقابلها جدية صارمة فى التعامل مع «مهنته»،جديته دفعته إلى أن يحول «الحمار» إلى ممثل فى مسرحيته جحا يحكم المدينة قرر أن يربى حمارًا صغيرا فى بروفات المسرحية ليفهم ويتعلم بالتجربة موعد دخوله لخشبة المسرح وكيفية وقوفه.

يملك سمير غانم تحت جلده فيلسوفا وحكيما، يتعامل مع الحياة والفن بفلسفة خاصة تظهر بوضوح فى حواراته ولقاءاته التليفزيونية، يعرف كيف يغزل الأغنية فى النص المسرحى ويمارس مهنته المفضلة الخروج عن النص حيث يقول: «ترديد نفس الجمل والكلمات على مدار أشهر وسنوات سيصيبنى بالملل، لهذا يجب أن أجدد طاقتى أنا وزملائى بمفاجأة الجمهور بجمل جديدة، والمهم أن تكون منطقية وليست مفتعلة، الافتعال لن يصدقه الجمهور، وفن الارتجال يحتاج البساطة والطبيعية وليس الافتعال».

 

####

 

وداعا سمير غانم | آخر ثلاثي أضواء المسرح

شريفة شحاتة

بوفاة سمير غانم، سقط آخر أعمدة فرقة «ثلاثى أضواء المسرح» وتكتب نهايتها إلى الأبد، بعد مشوار حافل بالنجاحات والشهرة والنجومية.

رحيل سمير غانم، أثار حالة حزن كبيرة لدى جمهوره من مختلف الأعمار، وجعل محبيه وعشاقه يتذكرون رحلته مع فرقته «ثلاثى أضواء المسرح» التى أسسها برفقة صديقيه الضيف أحمد، وجورج سيدهم فى ستينيات القرن الماضى.

وتعود فكرة تأسيس الفرقة للفنان سمير غانم والضيف أحمد وللمخرج الراحل محمد سالم، وقدمت عددًا من الأعمال الفنية الكوميدية التى لاقت نجاحا كبيراً فى السينما والمسرح والإذاعة والتليفزيون، واشتهرت بالتناغم الشديد بين أعضائها الثلاث إلى أن انفصلوا بعد وفاة الضيف أحمد عام 1970.

رحلة سمير غانم مع فرقة «ثلاثى أضواء المسرح» انطلقت بعد أن قرر الابتعاد عن كلية الشرطة بعد فصله منها، ثم قرر بعدها أن يدرس فى كلية الزراعة بجامعة الإسكندرية، وهناك انضم إلى الفرقة الفنية والتقى بالفنان الراحل وحيد سيف، وعادل نصيف، وقدم معهما مجموعة اسكتشات كوميدية على مسرح الجامعة، وبعد فترة لم تستمر الفرقة، ليقرر سمير غانم ضم الثنائى جورج سيدهم والضيف أحمد واللذين أصبحا يتمتعان وقتها بشهرة على مسارح الجامعات، فجمع بينهما وشكل الثلاثى الفرقة الشهيرة «ثلاثى أضواء المسرح».

وقدموا من خلالها مجموعة كبيرة من الأفلام والمسرحيات، ولمع اسم سمير غانم مع أول عرض قدمته الفرقة والذى حمل اسم «طبيخ الملايكة» ثم «حواديت» و«موسيقى فى الحى الشرقي».

نجحت الفرقة نجاحا كبيرا بعروضها الاستعراضية، للدرجة التى جعلت المخرجين يستعينوا بهم فى أفلامهم وأعمالهم المسرحية، وكانت أشهر أعمالهم «كوتومو يا حلوة يا بطة، وبص شوف مين يا وعدى، وجمبرى مشوى، ومجانين بس نعيش، مبروك يا عريسنا»، تميزت أعمال فرقة ثلاثى أضواء المسرح بالاسكتشات الغنائية ذات ألحان سريعة وكلمات بسيطة باللغة العامية.

وشارك سمير غانم فى بطولة عدد كبير من الأفلام السينمائية أثناء وجوده بفرقة «ثلاثى أضواء المسرح» وكان ظهوره مرتبطا بتقديم أدوار كوميدية أو اسكتشات غنائية خفيفة، ومن الأفلام التى ساهمت فى انتشاره فيلم «30 يوم فى السجن» و«شاطئ المرح» و«الزواج على الطريقة الحديثة»، وقدم ثلاثى أضواء المسرح لأول مرة على التليفزيون فوازير كتبها بيرم التونسى.

وانتهت فرقة ثلاثى أضواء المسرح فى عام 1970 بالتزامن مع وفاة الفنان الراحل الضيف أحمد، فقرر سمير وجورج أن يوقفا نشاط فرقة «ثلاثى أضواء المسرح» وأن يكتفيا بعمل ثنائيات منها مسرحيات «المتزوجون»، «أهلا يا دكتور» وغيرها، ثم انفصلا بعد ذلك، وشارك كل واحد منهما فى أعمال كثيرة بمفرده.

 

####

 

وداعا سمير غانم|

10 أعمال جمعته بالزعيم جعلت منهما «ملوك الشاشة»

رانيا الزاهد

لم تشغل البطولة المطلقة أو لقب «النجم الأوحد» بال أسطورة الكوميديا سمير غانم، على الرغم من تصدره بطولات مئات الأعمال، فقد بدأ مشواره الفنى بتكوين فرقة ثلاثى أضواء المسرح ثم المشاركة في أعمال سينمائية وتلفزيونية ومسرحية بدون الفرقة.

هذا النهج الذي اتبعه من بداية مشواره جعل منه «جوكر» استطاع تقديم أفضل وأجمل الأدوار بغض النظر عن كونها من بطولته أم لا، وهو ما نتج عنه قائمة يصعب حصرها من الأعمال السينمائية والتلفزيونية والمسرحية والإذاعية مع عمالقة نجوم الفن.

وكون غانم فرقه ثلاثي أضواء المسرح، التي شاركت في أفلام هامة مع كبار النجوم مثل «القاهرة في الليل» وهو أول فيلم مصري أنتجه القطاع العام والتقى النجم سمير غانم كثيرا بالنجمة سعاد حسنى في أكثر من عمل سينمائى مثل فيلم «صغيرة على الحب» و«المغامرون الثلاثة»، وايضًا «شباب مجنون جدا» و«الزواج على الطريقة الحديثة» و«المشاغبون».

أما ليلى علوي، التى قالت إنه كان دائما يقوم بترشيحها للأدوار، فقد قدم معها مجموعة من الأفلام المميزة مثل «الرجل الذي عطس» و«تجيبها كده تجيبها كده هي كده».

والتقى بيحيى الفخراني في فيلم «إنهم يسرقون الأرانب»، كما شارك حسين فهمى أعمالا مثل «قصة الحى الغربي» و«عضة كلب». بالطبع قدم سمير غانم أجمل الأعمال مع النجمة إسعاد يونس مثل «كله تمام» و«غريب ولد عجيب» و«حسن بيه الغلبان» و «يا رب ولد».

وأخيرا، اشترك سمير غانم مع صديقه العزيز عادل إمام في 8 أفلام سينمائية، ومسلسلين صنعا فيهما رصيدا ضخمًا من الكوميديا والابتسامات والضحكات على وجوه الجمهور، بدأ أول تعاون بين الثنائى فى فيلم «24 ساعة حب»، ثم «جواز على الهوا»، وآخرها «رمضان فوق البركان»، وقدما «أزواج طائشون، وأذكياء لكن أغبياء، وجنس ناعم، ومغامرون حول العالم، المشاغبون فى الجيش». بالإضافة لمسلسل «كيف تخسر مليون جنيه» وبعد مضى 33 عامًا، على آخر عمل جمعهما معًا مسلسل «عوالم خفية» فى رمضان ٢٠١٨.

 

####

 

وداعا سمير غانم | رحلة فطوطة مع الفوازير

نانيس إيمن

«فطوطة مخرج أنتيكا.. اتعلم سيما في أمريكا.. يرقص تانجو شيكا بيكا» هذه كلمات تتر فوازير «فطوطة» للراحل سمير غانم التي ظلت عالقة في الأذهان جيلا وراء الآخر، ونرددها حتى الآن.

ففوازير رمضان أحد الأشكال الفنية التي ارتبطت بالشهر الكريم، وكان غانم السباق وألمع رموز هذا الفن الذي حقق من خلاله نجاحًا كبيرًا لدى الجمهور في الوطن العربي منذ ظهوره مع الكبار والصغار، وقدم العديد من الفوازير كان اولها مع ثلاثى أضواء المسرح مع الراحل جورج سيدهم، والضيف أحمد، تحمل عنوان «وحوى يا وحوي»، وحقق الثلاثى نجاحا كبيرا وقتها لأنه فن جديد على الجمهور، .

ثم استكمل بعد ذلك سمير غانم رحلة الفوازير، بعد النجاح الكبير الذى حققه فقدم لأول مرة «فطوطة» عام ١٩٨٢، وقدم شخصيتين فى هذا العمل سمورة وفطوطة شخصية خيالية كوميدية، قصير القامة يرتدى بدلة خضراء وحذاء أصفر كبيرا، وله شعر كثيف، وكانت الفوازير والشخصية فكرة المخرج فهمى عبدالحميد، وعندما عرضها على سمير غانم فى البداية لم يتحمس لها، الا بعد العديد من محاولات الاقناع من المخرج، وظهر فطوطة فى أول ثلاث حلقات يرتدى بدلة سوداء، إلى أن أوقف واحد من الجمهور المخرج فى الشارع، وسأله لماذا فطوطة كئيب ويرتدى بدلة سوداء، ولذلك قرر تغييرها بالخضراء.

أما عن فكرة الصوت فجاءت أثناء تصوير الحلقات بالصدفة عندما سرع سمورة طريقة كلامه غير قاصد، ومن هنا جاءت نبرة الصوت التى اشتهر بها فطوطة. وبعد ان حققت فوازير «فطوطة» نجاحا كبيرا مع الجمهور فقدم ثلاثة مواسم «فطوطة حول العالم»، ثم «فطوطة وتيتا مظبوطة» فى موسم رمضان عام 2010.

 ثم عادت فوازير فطوطة من جديد عبر الإذاعة فى رمضان 2016. وفى عام ١٩٩٣ قدم مع الفنانة هالة فاخر فوازير «المتزوجون فى التاريخ» ومن اخراج محمد عبدالعزيز، ومن تأليف عبدالرحمن شوقي، وعام ١٩٩٤ فوازير تحمل عنوان «اهل المغنى»، وعام ١٩٩٥ قدم فوازير «المضحكون» اخراج هانى لاشين، وعام ١٩٩٧ فوازير «النص الحلو».

 

####

 

وداعا سمير غانم |

«ميزو وكابتن جودة والحلواني».. أبرز شخصياته الدرامية

سالي الجنايني

رحل أسطورة الكوميديا سمير غانم عن عالمنا بجسده فقط ولكنه سيظل الحاضر دائما بأعماله الفنية الممتعة وتاريخه السينمائى الحافل فلديه أيضا تاريخ كبير وعميق فى الدراما التليفزيونية حيث وصلت أعماله على الشاشة الصغيرة إلى 66 مسلسلا، و12 مسلسلا إذاعيا.

وكان الراحل دائما سباقا ومتنوعا فى تقديم ألوان مختلفة من الكوميديا وكان قادرا على رسم الضحكة وبث البهجة على مشاهديه بتلقائيته فى الأداء ودون أى افتعال وكان أول مشاركته بمسلسل تليفزيونى عام 1965 بمسلسل «تركة جدو» لتتوالى الأعمال من وقتها وتسير جنبا إلى جنب مع أعماله فى السينما والمسرح، وكان له العديد من المحطات الهامة فى الدراما التليفزيونية والتى أصبحت علامات مؤثرة فى أجيال بأكملها وتكتسب كل يوم جماهير جددا مع عرضها مرة أخرى ومنها مسلسل «حكاية ميزو» ومسلسل «كابتن جودة» والذى ظلت شخصيته الكابتن الذى يبحث عن المواهب بطريقته الكوميدية ثم شارك فى مسلسل «بكيزة وزغلول» وتوالت المسلسلات منها «يوميات زكى الناصح» و«ألف ليلة وليلة» و«قط وفار فايف ستار» ومعكم على الهواء هايم عبد الدايم «وأبو ضحكة جنان» مع أشرف عبد الباقى، ثم بدأ مرحلة جديدة فى أعماله الدرامية عندما شارك فى أعمال كوميدية من بطولة ابنتيه دنيا وايمى وكانت أساميهم تسبق اسمه على الأفيشات والتيترات.

كما شارك فى مسلسل «الكبير أوى» بأجزائه مع أحمد مكى وابنته دنيا وشارك أيضا بمسلسل «لهفة» وقدم شخصية «الحلواني» و«فى اللالا لاند» و«نيللى وشريهان» لدنيا وايمى وساند إيمى فى بطولتها الأولى بمسلسل «سوبر ميرو» و«عزمى واشجان» مع زوجها حسن الرداد وكانت آخر اعماله فى التليفزيون بمسلسل «بدل الحدوتة تلاتة» مع دنيا الذى عرض منذ عامين تقريبا.

وشارك أيضا بدور الجار والطبيب النفسى وزوج الراحلة رجاء الجداوى فى مسلسل «يوميات زوجة مفروسة» بأجزائه الأربعة، ولكن يظل وقوفه كضيف شرف أمام الزعيم عادل إمام بمسلسل «عوالم خفية» أحد الأعمال الهامة التى جمعت الثنائى بعد سنوات طويلة والتى أحبها الجمهور وأشاد بها، كما انه قدم دورا تراجيديا ابكى من خلاله الجمهور مثلما أضحكهم بمسلسل «شربات لوز» مع يسرا.

أما المسلسلات الإذاعية فشارك فى 12 مسلسلا إذاعيا بدأها بمسلسل «رعد السماء» وقدم سلسلة مسلسلات تحمل اسم الشخصية الأشهر فى تاريخه فطوطة فقدم «فطوطة والعظماء» و«فطوطة بوت» و«فطوطة بوند» وكان آخر أعماله فى الإذاعة «فطوطة فى كأس العالم» عام 2018.

 

####

 

وداعا سمير غانم | أيقونة الارتجال المسرحي

كتب ماجد محمود:

حالة فنية فريدة وموهبة كوميدية لن تتكرر ورصيد هائل من البهجة والسعادة تركها النجم سمير غانم فى قلوب جمهور أبو الفنون الذى شهد مولده الفنى وتحديدا على مسرح كلية الزراعة بجامعة الإسكندرية حيث كون مع رفيق البدايات وحيد سيف فرقة مسرحية قدم من خلالها العديد من العروض والاسكتشات وبعدها انتقل إلى محطة جديدة عندما التقى برفيقى العمر الضيف أحمد وجورج سيدهم وكونوا معا أسطورة ثلاثى أضواء المسرح التى تصدرت منذ تأسيسها قمة الكوميديا المسرحية، وقدموا معا العديد من العروض المسرحية التى لا تنسى مثل مسرحية «مين جوز مين» ومسرحية «براغيت» ومن أهم المسرحيات التى قدموها فى فترة الستينيات مسرحية «تركة جدو» ومسرحية «فندق الأشغال الشاقة»، ومسرحية «كل واحد له عفريت» و«الراجل اللى جوز مراته» و«جوليو ورومييت» و «من أجل حفنة نساء» و «منطقة ممنوعة».

وشارك بدور عبد السميع اللميع فى مسرحية «الأستاذ مزيكا» وفى عام 1980 قدم مسرحية «فخ السعادة الزوجية» إلى جانب زوجته دلال عبد العزيز وفى عام 1981 شارك فى مسرحية «أهلاً دكتور» من إخراج حسن عبد السلام ومسرحية «الانفجار الجميل» عام 1983، كما أدى دور جحا فى مسرحية «جحا يحكم المدينة» عام 1985 وفى العام الذى تلاه شارك بدور أحمد التوت فى مسرحية «موعد مع الوزير» وشارك فى مسرحية «فارس وبنى خيبان» عام 1987 إلى جانب دلال عبد العزيز.

ومن أهم أعماله على المسرح فى فترة التسعينيات مسرحية «المستخبي» عام 1991 ومسرحية «صفقة بمليون دولار» عام 1992 كما شارك فى العام الذى تلاه فى مسرحية «أنا والنظام وهواك» من تأليف عبد الرحمن شوقي، كما أدى دور بهلول فى مسرحية «بهلول فى استنبول» عام 1995 وقدم مسرحية «أنا ومراتى ومونيكا» عام 1998، أما أهم مسرحياته فى الألفية الجديدة مسرحية «دو رى مى فاصوليا» عام 2001 ومسرحية «خلوصى حارس خصوصي» عام 2005 وقدم فى العام الذى تلاه مسرحية «ترا لم لم» و«مراتى زعيمة عصابة» عام 2008، ومسرحية «سيبونى أغني» مع طلعت زكريا وشعبان عبد الرحيم، وآخر مسرحياته «الزهر لما يلعب» مع الفنانة شيرين.

ظل المسرح هو بيته الأول وعشقه الأكبر واستطاع أن يقدم حوالى 40 مسرحية خلال مشواره المسرحى وأن يصنع فيه حالة خاصة من النجاح والإبهار، وأن يكون علامة من علاماته التاريخية، ليتحول فى النهاية إلى أيقونة الارتجال المسرحي.

 

بوابة أخبار اليوم المصرية في

21.05.2021

 
 
 
 
 

شقيق الفنان الراحل سمير غانم يكشف تفاصيل اللحظات الأخيرة في حياته

أحمد السنوسي

غيّب الموت أسطورة الكوميديا النجم الراحل سمير غانم وشيع إلى مثواه الأخير ظهر أمس الجمعة، في وداع حزين اجتمع فيه أهل الفن بباقي طوائف الشعب، كتبت كلمة النهاية لمسيرة الراحل.

وعقب الانتهاء من مراسم الدفن، كشف شقيق الفنان الراحل سمير غانم، في تصريحات إعلامية كواليس الأيام الأخيرة في حياة الراحل، مؤكدًا أنه قبل أن يدخل سمير غانم إلى المستشفى كان مصابًا بكورونا ولكنه تعافى منها، وفي ذلك التوقيت كان يعاني من مشاكل في ركبته، فكان يلجأ للصلاة وهو جالس بصحبة شقيقه.

وأضاف أنه بعد تعافي سمير غانم من كورونا، حدث فشل في الكلى والرئة، وذلك على عكس حالة شقيقه الذي أصيب هو الآخر بالفيروس المستجد، وكان يعاني من نفس الأعراض التي عانى منها سمير غانم ويحصل على نفس الأدوية، إلا أنه تجاوز الأمر دون مضاعفات، فيما لم تكتب النجاة لسمير غانم.

وتحدث شقيقه عن اللحظات الأخيرة له في المستشفى، بعد أن حدثت له حالة من التوهان، ولكنها لم تكن غيبوبة، حيث كان يتابع خطواتهم بعينه، وينتبه إلى أصواتهم حينما يصلون إلى المستشفى.

وأكد على أن عينه اليمنى تعرضت للفطر الأسود، وهو أسوأ الأمور التي قد تصيب الإنسان، فكان الأمر سببًا في تدهور الحالة بشكل سريع للغاية.

وكان الموت قد غيب الفنان سمير غانم، أول أمس الخميس، بعد صراع مع المرض استمر لفترة من الوقت قضاها في المستشفى بين الحياة والموت ليرحل تاركًا حزنًا كبيرًا في قلوب محبيه وجمهوره.

ورحل الفنان الكبير سمير غانم، عن عمر ناهز الـ84 عامًا، بعد تعرضه لوعكة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى ووضع على جهاز التنفس الاصطناعي، وشيعت الجنازة أمس بعد صلاة الجمعة من مسجد المشير، ووارى جثمانه الثرى بمقابر العائلة في الوفاء والأمل.

 

####

 

شقيق سمير غانم يكشف عن أمنيته الأخيرة

أحمد السنوسي

كشف شقيق الفنان الراحل سمير غانم، عن كواليس أيامه الأخيرة في المستشفي، قبل وفاته، مؤكدًا علي أنه كان يعاني من مشاكل في ركبته، فكان يلجأ للصلاة وهو جالس بصحبة شقيقه.

وتحدث شقيقه عن اللحظات الأخيرة له في المستشفى، بعد أن حدثت له حالة من التوهان، ولكنها لم تكن غيبوبة، حيث كان يتابع خطواتهم بعينه، وينتبه إلى أصواتهم حينما يصلون إلى المستشفى.

وعلق شقيقه قائلا:«غير كده سمير كان هيقوم وكنا خلاص»، مشيرا إلى أن سمير غانم لم يترك أي وصية وكان دائمًا ما يقول «الحمد لله».

أما أمنيته الأخيرة أثناء تواجده في المستشفى كانت العودة إلى منزله من جديد والنوم على سريره مرة أخرى، وأخبر شقيقه نيته الذهاب لحج بيت الله الحرام في حال تجاوز الأزمة الصحية التي كان يمر بها، ولكنه لم يكتب له النجاة.

وكانت مصر قد ودعت، واحدا من أهم نجوم الكوميديا على مدار تاريخها الفني، بعد أن غيب الموت أسطورة الكوميديا سمير غانم وشيع إلى مثواه الأخير ظهر الجمعة.

وفي وداع حزين اجتمع فيه أهل الفن بكل طوائف الشعب، كتبت كلمة النهاية لمسيرة الراحل، في مشهد انهمرت فيه الدموع على رجل لم يكن يوزع سوى البسمة على شفاه محبيه.

وخلال مراسم الدفن، ظهرت أسرة الراحل، حيث تواجدت ابنتاه دنيا وإيمي بصحبة رامي رضوان زوج دنيا وحسن الرداد زوج إيمي، كما تواجد أشقاء سمير غانم، فيما غابت دلال عبد العزيز عن وداعه بسبب تواجدها في المستشفى تقاوم فيروس كورونا المستجد.

 

####

 

عزاء في الصباح وفرح في المساء..

رقص يسرا يشعل مواقع التواصل الاجتماعي

أحمد السنوسي

تصدر اسم الفنانة يسرا، موقع التغريدات الشهير «تويتر»، وذلك عقب حضورها، حفل زفاف نجل رجل أعمال بالجونة، وظهرت وهي ترقص على أغنيات عمرو دياب الذي أحيا حفل الزفاف وسرعان ما انتشر فيديو ليسرا، وذلك عقب ساعات قليلة من تشيعهم لجثمان الفنان القدير سمير غانم.

وكان قد ظهر الرباعي يسرا وإلهام شاهين ولبلبة وبوسي شلبي صباحًا في جنازة الفنان الراحل سمير غانم ليسافروا بعدها الى الجونة لحضور حفل الزفاف

وشهد حفل الزفاف حضور عدد كبير من أهل الفن، ولم يكتفوا بالحضور فقط بل قاموا بالرقص على أغاني عمرو دياب الأمر الذى جعل الجمهور يهاجمهم بسبب عدم مراعاة مشاعر أبناء وزوجة النجم الراحل سمير غانم ليوجه لهم الجمهور عبارات عتاب ولوم ومنها : «جرحكم بيلم بسرعة أووي». 

وحرص نجوم الفن على التواجد بمسجد المشير قبل الصلاة على الفنان الراحل سمير غانم، ومنهم إلهام شاهين ولبلبة وبيومي فؤاد، قبل أن يوارى الثرى بمقابر الوفاء والأمل بمدينة نصر.

وتقدم الجنازة ابنتا سمير غانم دنيا وإيمي، بالإضافة إلى عدد من نجوم الفن وأعضاء مجلس نقابة المهن التمثيلية، وعائلة الفنان الراحل.

 

بوابة أخبار اليوم المصرية في

22.05.2021

 
 
 
 
 

سمير غانم... حين كنّا نغنّي

القاهرة/ مروة عبد الفضيل

"عزيزي الضيف أحمد... بسأل عنك كل ما بضحك... بس ما بيجيش الرد... كل ما بلمح حد واصلك... أجري له ألقاه يتشد... بيني وبينك... عندك أحسن، أروق، أنضف، لولا الرب علينا بيلطف، كنا زماننا بناكل بعض، بس بنضحك.. نزعل نضحك، نفرح بردو نضحك". بهذه الكلمات رثى الفنان سمير غانم صديق عمره ورفيق طريقه الأول، الفنان الراحل الضيف أحمد، أحد أضلاع "ثلاثي أضواء المسرح" الشهير الذي ملأ الدنيا ضحكاً في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي ولا يزال.

مات الضيف قبل أكثر من نصف قرن، ثم مات جورج سيدهم قبل 14 شهراً، ثم لحق بهما آخر أضلاع المثلث، الفنان الكبير سمير غانم، صاحب أطول مشوار فني في الفريق الذي تشكل في ستينيات القرن الماضي، باسم "ثلاثي أضواء المسرح" وهي فرقة استعراض تعتبر الأقوى والأشهر في تاريخ الفن المصري.

أسس الفرقة الفنان الضيف أحمد وقدمت عددًا من الأعمال الفنية الكوميدية التي لاقت نجاحاً كبيراً في السينما والمسرح والإذاعة والتلفزيون، واشتهرت بالتناغم الشديد بين أعضائها الثلاثة إلى أن انفصلوا بعد وفاة الضيف أحمد عام 1970. ويرجع الفضل في تقديمها للمخرج الراحل محمد سالم الذي قدمهم أول مرة في التلفزيون، بعدما حققت الفرقة نجاحاً مذهلاً على مسارح جامعات مصر، والمسارح الشعبية والقومية في المحافظات المختلفة.

شاء القدر أن يكون رحيل آخر أبطال الفرقة سمير غانم (84 عامًا) بعد اجتماع فيروس كورونا والفشل الكلوي على جسده، إذ بقي 3 أسابيع يصارع المرضين في أحد مستشفيات القاهرة، إلى أن وضعه الأطباء على جهاز التنفس الاصطناعي، حتى لفظ أنفاسه الأخيرة، ليلتقي رفيقي المشوار: الضيف أحمد، وجورج سيدهم، أجمل وأظرف ثلاثي قدم الكوميديا و"الإسكتشات"، والأفلام السينمائية التي لا تزال تمتعنا حتى اليوم.

سمير غانم نشأ في أسرة محافظة تقليدية، وأصر والده على أن يلتحق بكلية الشرطة ليصبح ضابطاً مثله، لكنه تمرد على رغبة والده بطريقته الخاصة، بعد تعمد الرسوب في كلية الشرطة، لعامين متتاليين، فتم فصله، لينطلق بعدها إلى كلية الزراعة بجامعة الإسكندرية، ثم تعرف من خلال مسرح الجامعة إلى كل من الفنان الكبير صلاح السعدني، والفنان الكبير عادل إمام، والراحلين الكبيرين، جورج سيدهم والضيف أحمد، والمعروف أن جميعهم درس الزراعة باستثناء أحمد الذي درس علم الاجتماع بكلية الآداب.

بعد التخرج بأشهر قليلة كوّن سمير غانم مع الفنانين جورج سيدهم والضيف أحمد "ثلاثي أضواء المسرح"، وقدموا أعمالاً عدة، سواء مسرحيات وأفلام. ورغم أن الفرقة نفسها انتهت مع رحيل أحمد إلا أن علاقة سمير بجورج سيدهم ظلت قائمة، حتى وفاة هذا الأخير وقدما معاً أشهر أعمالهما المشتركة مثل مسرحية "المتزوجون"، وكان آخر عمل مسرحي لهما هو مسرحية "أهلا يا دكتور" عام 1981، وقد حققت نجاحاً كبيراً.

رحل "سمورة" تاركاً خلفه إرثا فنياً كبيراً على كل المستويات سواء السينمائية أو التلفزيونية أو المسرحية. مشوار فني زاخر بالفن استمر لما يزيد على 60 عاما قدم خلالها أكثر من 160 فيلماً، تم اختيار فيلمين منها ضمن قائمة أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية، وهما "خلي بالك من زوزو"، مع الفنانة سعاد حسني، و"المذنبون" مع سهير رمزي وكمال الشناوي وإخراج سعيد مرزوق.  كما قدم 50 عملاً مسرحيًا، و80 عملاً في التلفزيون والإذاعة، بالإضافة إلى تقديمه الفوازير تحت اسم شخصيتي "سمورة" و"فطوطة".

سينمائياً كان العمل الأول للفنان الراحل هو فيلم "منتهى الفرح" عام 1963، في دور صغير للغاية، مع كل من صباح وفريد الأطرش، ثم توالت أعماله في حقبة الستينيات، وقدم أفلام "المشاغبون" (1965)، و"30 يوم في السجن" (1966)، وغيرهما. وفي السبعينيات زاد إقبال المنتجين عليه، فقدم "بنت اسمها محمود" (1975)، و"سؤال في الحب" (1975)، و"بائعة الحب" (1975). أما في فترة الثمانينيات فكان أشهر أفلامه "يا رب ولد" (1984)، مع الفنان فريد شوقي، "رمضان فوق البركان" (1985)، مع عادل إمام، "احنا بتوع الأتوبيس" (1984)، "فقراء ولكن سعداء" (1986). ومع فترة التسعينيات بدأت أفلامه في التقلص، وقدم فيها أفلام "الهاربان"، "النصاب والكلب"، "الراقصة والحانوتي". ثم مع حلول الألفية قدم أفلاما قليلة بأدوار صغيرة، مثلما حدث في أفلام "على جنب يا اسطى"، "هاتولي راجل"، "حماتي بتحبني"، حتى كانت آخر أفلامه من خلال مشاركته في فيلم "عقدة الخواجة" مع الفنان حسن الرداد، عام 2018.

تلفزيونياً قدم الكثير من المسلسلات، أشهرها "حكاية ميزو"، و"سمير وعيلته الكبيرة"، "يوميات زوجة مفروسة"، "نيللي وشريهان"، وآخر عمل تلفزيوني كان من خلال مسلسل "بدل الحدوتة 3" عام 2019.

ورغم أنّ سمير غانم لم يكن بطلاً مطلقاً في الكثير من أفلامه ومسلسلاته، إلا أنه كان في كل مسرحياته بطلاً وحقق إيرادات كبيرة للغاية. ومن أشهر مسرحياته "المتزوجون"، و"موسيقى في الحي الشرقي"، و"دو ري فاصوليا"، وكانت آخر مسرحياته "الزهر لما يلعب" عام 2020، وجمعه العرض بالفنانة شيرين، وكان العمل بمثابة عودة للعمل بينهما بعد أربعين عاماً من تقديم المسرحية الشهيرة "المتزوجون".

وكان لغانم باع طويل مع الفوازير التي تعلق بها الكبار والصغار، وقدمها على مدار تسع سنوات، بدأها عام 1968 بـفوازير "ثلاثي أضواء المسرح"، ثم فوازير "وحوي يا وحوي"، وعلى مدار ثلاثة مواسم قدم الفوازير الأشهر "فطوطة"، وكانت آخر تجاربه في الفوازير من خلال "النص الحلو" عام 1997، والتي ألفها عبد السلام أمين. ع

لكن ماذا عن ذكريات الفنانين مع النجم الكوميدي الراحل؟ تحدث في البداية الفنان لطفي لبيب لـ"العربي الجديد"، وهو الذي عمل مع سمير غانم في عدة أعمال، قائلاً إن الفنان الراحل كان يتميز على النطاق المسرحي بشكل عام بأنه "المرتجل الأول" حيث كان يضيف بعض الجمل الحوارية على المسرح من دون أن يشعر المشاهد أنها غير موجودة أصلاً في النص المسرحي، وأضاف لطفي: "لا يوجد منافس أبداً لسمير في منطقته".

أما الفنان محمد هنيدي فقال لـ"العربي الجديد": "سمير يؤدي أدواره وهو في منطقة مختلفة تماماً سواء في أفلامه أو مسلسلاته، فكانت له طلة تخطف أنظار المشاهدين". وأضاف هنيدي قائلاً: "سمير في المسرح مختلف تماماً فطريقة إرساله الضحك للجمهور بها متعة غريبة فهو بلا منازع وبلا منافس، أستاذ الكوميديا ولن يعوض غيابه أي شخص". وأشار إلى أنه "كان يتمنى يوماً أن يقف على خشبة مسرح واحد مع سمير غانم، وأبلغه بهذه الأمنية لكن للأسف لم يحدث".

ووصفت الفنانة سهير رمزي عملها أكثر من مرة مع الفنان الراحل سمير غانم قائلة في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد" إن العمل معه كان غاية في المتعة خاصة وأنه كان يتمتع بخفة ظل كبيرة ويضفي طاقة إيجابية على كل من حوله، وأكدت أن نوع الفن الذي كان يقدمه كان لافتاً، لأنه قبل أن يكون فناناً فهو كان قريباً إلى القلب سواء قلب زملائه أو قلب جمهوره وهذا شيء لو تعلمون نادر التواجد في الكثيرين من الفنانين فقد تجد فنانا موهوبا ولا يمتلك تلك الكاريزما. وأكملت أنه "على الرغم من شهرة سمير أنه فنان كوميدي من الطراز الأول إلا أن له مشاهد تراجيديا في بعض الأفلام أوضحت إلى حد كبير كيف أن ملامحه كانت معبرة للغاية عن هذا اللون من الفن الذي لم يقدمه كثيراً".

 

####

 

سمير غانم... الواقف على الضفة الأخرى من الحزن

مريم الحبيب

بعد إعلان إصابة سمير غانم وزوجته دلال عبد العزيز بفيروس كورونا قبل أسابيع قليلة، ثم إدخالهما إلى المستشفى بسبب تدهور حالتهما، بدت فرص نجاة غانم قليلة، وهو ما عرفه الجميع، وذلك بسبب معاناته أساساً من فشل كلوي، وتقدّمه في السن. لكن توقّع الخبر مختلف عن تلقيه، وهو ما بدا واضحاً أول من أمس، فعمّت الصدمة الشارع المصري والعربي إثر إعلان خبر وفاته.

60 عاماً من الضحك والغناء هو عمر مسيرة سمير غانم الفنية، 60 عاماً مليئة بـ"الإيفيهات" و"القفشات"، والمواقف الكوميدية التي ترسّخت في الثقافة الشعبية، وباتت متداولة في الحياة اليومية المصرية. وهو الإرث الذي انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي بعد تأكيد خبر وفاة "صانع البهجة"، إذ تسابق الجمهورعلى نشر مشاهد من فيلم أو مسرحية أو مسلسل من بطولة غانم.

لعلّ سمير غانم من الفنانين القلائل في العالم العربي الذين تحوّل وداعهم إلى مهرجان من البهجة، فلا يمكن رثاء النجم المصريّ بكلمات حزينة أو بشكل درامي، إذ إنّ مسيرته كاملةً تقف على نقيض هذا الحزن.
عند متابعة مسيرة سمير غانم، يتبيّن التراجع والإبعاد الذي تعرّض له في تسعينيات القرن الماضي، ليعاد له حقّة بشكل كبير في العقد الثاني من الألفية الجديدة لسببين: الأوّل نجومية ابنتيه دنيا وإيمي سمير غانم في عالم الكوميديا، ومشاركته في عدد من الأعمال الناجحة معهما. أما السبب الثاني والأهم، فهو تعامل الجيل الحالي مع إرث سمير غانم بتقدير كبير، وتحويل كل عباراته الشهيرة إلى "ميمز" ومقاطع فيديو منتشرة بشكل شبه يومي على "تويتر"، و"فيسبوك"، ويوتيوب" و"إنستغرام". انتصر هذا الجيل لسمير غانم وأنصفه بعد سنوات من انتصار كوميديا عادل إمام ومحمد صبحي. ففي العقود الخمسة الأخيرة كانت الكوميديا السياسية والأخلاقية أسهل وأنجح الطرق للشهرة في مصر، لكن سمير غانم قرر اللعب خارج المنهج، غير مكترث بالنجاح الوقتي، بقدر تقديمه النوع الذي يفضله ويحبه ويستمتع به، أي الكوميديا الهزلية
.

رحلة غانم متنوعة ومتباينة، خصوصاً عند الجيل المولود في التسعينيات والألفية الجديدة. بالنسبة لهؤلاء كان سمير غانم مبهراً في كل خطواته

رحلة غانم متنوعة ومتباينة، خصوصاً عند الجيل المولود في التسعينيات والألفية الجديدة. بالنسبة لهؤلاء كان سمير غانم مبهراً في كل خطواته. مبهراً عند مشاهدته في أعماله القديمة مع ثلاثي أضواء المسرح، ومبهر في الفوازير، ومبهر في "المتزوجون"، و"أهلا يا دكتور".

ممثل فذّ وخفيف الظل يغيرّ جلده كما يليق بكل مرحلة فنية، عارفاً كيف يقطف النجاح في كل مرحلة. بالنسبة لهذا الجيل تحديداً هو حالة من الكوميديا الخام، وبالتالي الخالدة. يمثّل سمير غانم نموذجاً خارجاً من الحدود المرسومة، هو الذي كاد يصبح ضابطاً لولا رسوبه في المواد النظرية. فعلى مسرح كلية الزارعة في الإسكندرية وبعيداً عن البذلة العسكرية وجديتها انفجرت موهبته متخطية كل ما هو متوقع: التمثيل الكوميدي، والغناء، وتقديم الاسكتشات. وما لا يضاء عليه بشكل كبير هنا تحديداً هو حب سمير غانم للغناء، وإجادته لهذا الفن. وقد ظهر ذلك بشكل واضح مع "ثلاثي أضواء المسرح"، الذي قدّم عشرات الأغاني التي لا تزال حاضرة في ذاكرة الجمهور.

وحتى بعد انتهاء رحلة الثلاثي مع الرحيل المفاجئ للضيف أحمد، كان الغناء حاضرا دائما في أعمال سمير غانم التلفزيونية والسينمائية والمسرحية، لكنه أضاف إليه جزئه العبثي الجميل والمتهكّم، مثل دخوله في مسرحية "المتزوجون" أو مشهد غناء محمد عبد الوهاب في "أهلا يا دكتور"، أو أغانيه في مسلسل "كابتن جودة".

كل ما سبق يحيلنا إلى خلاصة واحدة، أسس سمير غانم للستاند أب كوميدي في مصر، هو القادر على انتقاد المجتمع بشكل ساخر واستحضار مواقف واقعية وتحويلها إلى شكل كاريكاتوري مضحك بكل بساطة، من دون تحضير أو أهداف أخلاقية أو توعوية. كل ذلك من أجل الضحك.

 

العربي الجديد اللندنية في

22.05.2021

 
 
 
 
 

أسدل الستار على «أكسير السعادة»

كتب محمد عباس

حياته الأسرية 

بدأت قصة حب سمير غانم ودلال عبدالعزيز حين جمعتهما صداقة قوية أثناء عرض مسرحية «أهلا يا دكتور» التى اشتركا فى العمل بها معا، لتصبح علاقتهما أكثر قوة وقررا الزواج، وخلال هذه الفترة خاض الثنائى عدة مواقف معًا ساعدت على تقوية علاقتهما إلى حد الزواج، حيث تعرض شقيق سمير غانم إلى وعكة صحية وسافر لإجراء عملية نقل كلى، وكانت دلال عبدالعزيز له خلال هذه الفترة خير معين وأنجبا ابنتيهما دنيا وأمل التى اشتهرت فى الساحة الفنية باسم إيمى، وتزوجت ابنته دنيا من الإعلامى رامى رضوان وانجبت ابنتها كيلا، وتزوجت ابنته إيمى من الفنان حسن الرداد.

بدايته

بدأ مشواره الفنى بعد أن تم فصله من كلية الشرطة، وانتقل بعدها لكلية الزراعة وكون فرقة مسرحية مع صديقه وحيد سيف وصديقه عادل نصيف وسرعان ما انفصلا ليكون بعدها مع الضيف أحمد وجورج سيدهم فرقة ثلاثى أضواء المسرح وقدموا مجموعة كبيرة من الأعمال المسرحية خلال فترة تواجدهم بالجامعة واحترفوا التمثيل بعد ذلك، وكانت مسرحية طبيخ الملايكة الانطلاقة الأولى لسمير غانم فى عالم الفن

عاشق السينما

«رصيده السينمائى وصل إلي161 عملا من أهمها «المشاغبون» و«صغيرة على الحب» و«خلى بالك من زوزو» و«30 يوم فى السجن» و«شباب مجنون جدا» و«شاطئ المرح» و» يا رب ولد» و«احنا بتوع الاتوبيس» و«محطة الأنس» و»حماتى بتحبنى» وكان آخر أعماله فيلم «عقدة الخواجة» مع زوج ابنته الفنان حسن الرداد

فطوطة وسمورة

يعتبر سميرغانم أهم أيقونات فوازير رمضان التى قدمت على مدار العقود الماضية، فقدم 9 فوازير كان أهمها فوازير ثلاثى أضواء المسرح وحوى يا وحوي، وقدم لمدة 3 أعوام متتالية فوازير فطوطة والتى نالت إعجاب جيل الثمانينيات بأكلمه وحققت نجاحًا كبيرًا، وكانت آخر فوازير سمير غانم باسم النص الحلو والتى قدمها عام 1997.

جوائزه 

بالرغم من تكريمه فى عدة مهرجانات فنية إلا انه كشف أن أسعد لحظة عاشها هى أثناء وقوفه على مسرح دار الأوبرا المصرية فى حفل افتتاح الدورة الـ39 ليستلم جائزة فاتن حمامة للتميز، تكريما وتقديرا لمشواره الفني، والسبب فى سعادته خلال هذا التكريم كان أن الجائزة تحمل اسم الفنان الراحلة فاتن حمامة وأن ابنتيه دنيا وإيمى هما من قدماه للحصول على الجائزة.

أعماله الدرامية 

قدم للدراما التليفزيونية 64 عملا من أهمها «حكاية ميزو» و«الكابتن جودة» و«أبو ضحكة جنان» و»شربات لوز»، و«الكبير أوى» و«يوميات زوجة مفروسة» و«لهفة» و«فى اللالاند» و«عوالم خفية» وكان آخر عمل له مسلسل بدل الحدوتة تلاتة مع ابنته الفنانة دنيا سمير غانم

المسرح فى دمه

قدم سمورة للمسرح ما يقرب من 40 عملا مسرحيا كانت سببا فى ان يصبح صاحب مدرسة مسرحية متفردة بالوطن العربى ومن أهم أعماله المسرحية « موسيقى فى الحى الشرقي» وجوليو ورمييت» و»المتزوجون» و»الأستاذ مزيكا» و» فارس بنى خيبان» و» اخويا هايص وأنا لايص» وأنا والنظام وهواك» وبهلول فى اسطنبول» ، وكان آخر عمل مسرحى له مسرحية «الزهر لما يلعب» التى عرضها خارج مصر فى عام 2020

أصدقاؤه المقربون 

أعلن من قبل أن أهم أصدقائه هم الضيف أحمد وجورج سيدهم الذى كون معهما ثلاثى أضواء المسرح وحقق معهم نجاحات كبرى، أيضا كان من أقرب اصدقائه الفنان الراحل غسان مطر الذى قال انه من أكثر الشخصيات المريحة نفسيا التى كان يجلس معها، كما قال أنه كان يفضل قضاء وقتا طويلا مع الفنان الراحل شعبان عبدالرحيم بسبب بساطته وطيبة قلبه النادرة وأيضا الفنان الراحل طلعت زكريا

ميكروفون

قدم للإذاعة 12 عملًا إذاعيا ترك من خلالها بصمة كبيرة بصوته المميزة فى الإذاعة المصرية ومن أهم هذه الأعمال رعد السماء وكفر نعمت والناجح يرفع إيده وحكايات الست زينات وأحلام سعيدة، وكان آخر عمل له مسلسل فطوطة وكأس العالم الذى استعاد من خلاله تقديم شخصية فطوطة الشهيرة

مشهد النهاية

عانى سمير غانم فى الأيام الأخيرة من حياته من عدة أمراض كان أهمها خلل فى وظائف الكلى وتطور الأمر وأصيب بعدها بفيروس كورونا المستجد وبعدها أصيب بالفطر الأسود والذى كان سببًا كبيرًا فى تدهور حالته الصحية.. وشيع جثمانه من مسجد المشير بمنطقة التجمع وحرص عدد كبير من نجوم الفن على توديع جثمانه إلى مثواه الأخير, وكان من بين هلاء النجوم ميرفت أمين ووفاء عامر وعمرو سعد ولبلبة ويسرا وإلهام شاهين وغيرهم من مشاهير الفن.

 

روز اليوسف اليومية في

22.05.2021

 
 
 
 
 

سمير غانم: رحيل من تشاركناه مع آبائنا

شادي لويس

كانت تلك أول ذكريات الندم، ولعلها كانت واحدة من أول الذكريات عموماً.. كنت في السادسة من عمري، وأستعيد تفاصيل المشهد وكأنه جرى بالأمس، ممدداً على الكنبة ورأسي في حالة استرخاء في حضن والدي، وكلانا شاخص إلى شاشة التلفزيون في انتظار اللقاء التلفزيوني مع سمير غانم وأسرته. ونعست. كل ما أذكره هو شقة الفنان مفرطة التزيين، وربما كانت تلك الصور لعبة للخيال، لا الذاكرة. في الصباح التالي، سيخبرني والدي بأن سمير ظهر بواحد من أطقم ملابسه الغريبة، تلك التي تشبه البيجامات، مزركشة وبأكمام واسعة وفتحة طويلة للصدر، بهيجة ومضحكة، وكانت معه زوجته دلال عبد العزيز (يقول أبي أنها ثقيلة الدم)، وابنتاه. لكن مفاجأة اللقاء، كانت روبوتاً منزلياً قدّم المشروبات للضيوف. لا يضيع سمير فرصة لإدهاشنا بألاعيبه الكثيرة، دهشة مضحكة دائماً، وراء الكاميرا أو في الحياة اليومية، وقبل الجميع بإزالته الفواصل بين التمثيل والجد، وبأنه سيرة كوميدية واحدة ومتصلة، حياة من الارتجال الدائم. لسنوات طويلة لاحقة سأبحث بدأب عن تسجيل لهذا اللقاء مع الإنسان الآلي، لكن بلا طائل.

أنسب إلى تلك الليلة المفقودة، بداية تواطؤ بيني وبين والدي، شراكة لا تسودها المحبة بالضرورة، بل نوع من التفهم. كان سمير في فرادته ووجوهه الكثيرة، قادراً على أن يكون نجماً للأطفال، وللبالغين بالقدر نفسه. في تلك السن الصغيرة، كان، بالنسبة إلي، "فطوطة" و"سمورة"، واحتاج الأمر بعض الوقت لأدرك أنهما الشخص نفسه. كانت تلك دهشة تقنية أخرى، من صناعة فهمي عبد الحميد، مُخرج الفوازير وملك خدعها البصرية. القزم العصبي ذو البدلة الخضراء الواسعة، علامة ستبقى مع جيلين وأكثر، وستجري على ألسنتهم "فطوطة"، ككنية للتدليل أو المشاكسة، وبلا شك كعلامة فنية لنوستالجيا عصر طفولي بأكمله.

بالنسبة إلى أبي، كان هو "مسعودي"، بطل مسرحية "المتزوجون" (1979)، وكانت واحدة من مسرحياته المفضلة، ولم أفهم في البداية سر شغفه المبالغ فيها وانتظاره إعادة عرضها، عاماً بعد آخر، في إجازات الأعياد. كانت مسرحية "المتزوجون"، رغم ضحكات الجمهور التي لا تتوقف، عملاً عن التعاسة، التعاسة الزوجية لطبقة من حملة المؤهلات العليا، وجدت نفسها، في عقد الثمانينات، في مسار هبوط اجتماعي متواصل. شرائح من موظفي الدولة الصغار، مثل أبي، في فخ الفقر، وكان حلمها بالنجاة معلّقاً باللحاق بطبقة الأثرياء الكلاسيكيين بالوراثة، أو الهبوط إلى أغنياء الانفتاح الصغار من أبناء الطبقات الشعبية. وفشل معظمهم في تحقيق أي من الحلمين بالطبع.

ربما تبدو التحليلات الطبقية تلك، مفرطة في ادعائها. فسمير دائماً ما ارتبط في الأذهان بالكوميديا المسطحة، الضحك لأجل الضحك، بعفوية لا تتطلب منه جهداً، سوى إطلاق العنان لكرنفاليته التهريجية. وهذا كله صحيح. لكن، وبالتوازي مع فيض أعمال "المقاولات" التي سبح فيها متقدماً على الجميع، فإن شخصية بأبعاد طبقية بعينها ارتبطت به، وظلت تتكرر من عمل إلى آخر، بتغيرات طفيفة.

كان "حكاية ميزو" (1977)، المسلسل الذي يدين بالكثير لمؤلفه، لينين الرملي، هو الصورة الأوضح لتلك الشخصية. الشاب المستهتر الذي يسحب من رصيد مُنتهٍ من الثراء. الطبقة الوسطى العليا في مشهد تهاويها المتتابع، وأفرادها كعبء أو عالة على الآخرين. خليط التعالي مع الإفلاس، وتناقضات الشر الظريف مع الحاجة المهينة، هي سر الضحك. تتكرر تلك الصورة في سياقات مختلفة، في فيلم "يا رب ولد" (1984)، وفي المسلسل التلفزيوني"كابتن جودة" (1986)، فتأخذ أبعادا أكثر تشابكاً. يواجه مدرس الألعاب البدنية، ابن المدينة، الحياة الشحيحة، إلى حد الصدمة، في الريف. لكن هنا، ورغم تعالي الطبقة الوسطى الحضرية، المضمر والكوميدي، فإن "جودة" يتحول إلى بطل، بالصدفة بالطبع. بطولة لا تكشف سوى هشاشة طبقتها. كان أبي قد قضى أيضاً سبعة أعوام، يعتبرها ضائعة من عمره، مدرّساً للموسيقى في قرية صغيرة في صعيد مصر. وقصصه القليلة عن تلك الفترة بدت كنسخ كربونية في كوميديتها، من مسلسل "جودة"، وإن خلت من البطولات بالكامل، وربما هذا ما جعلها حقيقية.

قدم سمير أعمالاً ذات محتوى سياسي واضح، مثل مسرحية "جحا يحكم المدينة" (1985)، و"فارس وبني خيبان" (1987)، والتي يقال أن الرقابة تدخلت لإضافة حرف الواو إلى العنوان الأصلي "فارس بني خيبان". لكن، رغم ذلك، فإن كوميديا سمير كانت تصل إلى تسييسها الباطني حين لا يقصدها أحد على الإطلاق. شخصية الداندي أو الغندور، الغندور الجذاب بلا ذكورة، الغندور الأنيق والهزلي في الوقت نفسه، حتى شاربه يأتي بأثر عكسي، وغندرته تبدو طبيعية وتلقائية، لكن دائماً في غير محلها، في لحظة انزلاق أو تشبث طبقي، في صدمة لقاء الحضري مع الريفي، في تعاليها الفارغ والمسلّي. ولسبب أو لآخر، يذكرني هذا كله بأبي.

قام سمير، بإعادة إنتاج شخصيته الفنية، ثلاث أو أربع مرات على الأقل عبر تاريخه. في هذا يتفرد، ويتجاوز كل مجايليه. في مرحلته الأخيرة، وفي مسلسل "نيللي وشريهان" (2016)، من بطولة ابنتيه، دنيا وإيمي، ومشاركة صغيرة منه، لا يعيدنا العمل فقط إلى ذاكرة الفوازير الجلية في عنوانه، بل يرجعنا إلى المفارقة الطبقية نفسها، لكن مقسومة على اثنين، بين "نيللي" الثرية المفلسة، و"شريهان" بنت عمها الفقيرة. لكن رحلتهما للبحث عن الكنز الذي تركه لهما الجد، لا تُفك شفرته سوى عبر حل ألغاز مجلة "ميكي".

يترك لنا سمير وراءه كل هذا الميراث المبهج والمضحك والكرنفالي، الذي نتشاركه مع الآباء. ميراث من الفرح، ربما لو تأملناه قليلاً، وحاولنا فك ألغازه، لوجدناه أعمق مما تصورنا، أو مما يبدو على السطح.

 

المدن الإلكترونية في

22.05.2021

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004