ملفات خاصة

 
 
 

أول دورة افتراضية لـ"برليناله":

تجدّد العزلة أو استمرارها؟

نديم جرجوره

برلين السينمائي الدولي

الدورة الحادية والسبعون

   
 
 
 
 
 
 

أول دورة افتراضية لـ"مهرجان برلين السينمائي" تُقام بين الأول والخامس من مارس/ آذار 2021. تجربة تستحق تعليقاً. قبل عام، تنتهي الدورة الـ70 في الأول من مارس 2020. حينها، يبدأ كورونا مطاردته مهرجانات السينما، بعد تمدّده في أصقاعٍ مختلفة في العالم. حشودٌ تصطف وقتاً طويلاً قبل أنْ تُفتح أبواب الصالات. أفرادٌ يلتصقون بأفرادٍ ولا مسافة مريحة، فكثيرون يريدون المُشاهدة، ولا بأس إنْ يكن انتظار الموعد المحدّد طويلاً. يومها، قلقٌ مختلف يجعل البعض مرتاباً من كثرة الناس حوله: قبل بداية الدورة تلك (20 فبراير/ شباط 2020)، يحصل اعتداء مسلّح على أفرادٍ في مقهى، في بلدة قريبة من برلين. لكنّ النكات الساخرة أقوى من القلق، والرغبة في مُشاهدة الأفلام أقدر على تبديد كلّ قلق، والتجوّل في المدينة الأجمل يحثّ على تجاوز المخاوف.

هذا العام مختلف. الأشهر السابقة عليه مختلفة أصلاً. كلّ شيء تبدّل بسرعة وقسوة. مغادرو برلين حينها غير عارفين أنّ لقاء أصدقاء ومعارف في أيام ثمانية ربما يكون الأخير. مدنٌ تنغلق على نفسها. صالات توصد أبوابها. تعطيل عام. بعض ذكريات تتفلّت من هذا كلّه، والنزهات القليلة في شوارع برلين، رفقة أصدقاء، تحول دون أنْ تقول لهم إنّ شيئاً قاسياً سيُغيّر مجرى الحياة وأشكالها، قريباً. التنقّل السريع بين صالة وأخرى لن يحصل هذه الدورة. محاولة العثور على مقاعد أفضل في الصالة لن تجد صدى لها في مُشاهدة افتراضية، في غرفة صغيرة، في منزل خاص. سهرات كلّ ليلة تبقى ذكرى جميلة، فالأمكنة مغلقة بإحكام، والأصدقاء مُقيمون في مدنهم وبيوتهم، والشاشات أمامهم تمنحهم بعض مُشاهدة، والعزلة طاغية.

لا علاقة لهذا بحنين ورومانسيات. كلّ كلامٍ عن أهمية أنْ تبقى الصالة "المكان الطبيعي" للمُشاهدة غير مهمّ وغير مُقنع. كلّ المتفرّع عن كلامٍ كهذا غير نافع وغير حيوي وغير حقيقي. لا معنى لمُشاهدة في صالةٍ مع 400 مُشاهد آخر، أو أكثر. نادرون هم الذين يلتقون بعد كلّ عرضٍ لنقاش وتبادل آراء وتحليل. كلّ واحد منهمك بذاته، ومشغول بأشيائه، وراغب في عزلته. نادرون هم الذين ينفتحون على آخرين، فيدردشون معهم بين فيلمٍ وآخر، أو عند تناول وجبة سريعة، أو مع احتساء فنجان من القهوة. حميمية المشاهدة الجماعية غير صحيحة. العزلات فيها أقوى من أنْ تُخفى على أحدٍ. متعة الشاشة الكبيرة لن يُضاهيها شيءٌ، هذا صحيح. لكنّ المُشاهدة المرتكزة على التقنيات الحديثة، قبل كورونا، كفيلةٌ بمنح متعٍ كثيرة لمُشاهدة منعزلة عن الجميع، وإنْ تكن شاشة السينما أكبر حجماً.

هذا حاصلٌ أيضاً في عروضٍ خارج المهرجانات. الذين يلتقون بعد مُشاهدة فيلم يكونون أصدقاء ومعارف، فينتقلون من صالة إلى مقهى أو حانة، ويُمضون وقتاً في كلامٍ عن الفيلم وعن غيره. الغرباء يبتعدون عن الغرباء، فلا كلام ولا نقاش ولا شيء. المُشاهدة الافتراضية تؤكّد هذا، رغم أنّ هذا معروفٌ سابقاً، ومُعَاش. وحدهم الذين يُشاركون في مؤتمرات صحافية لعاملين/ عاملات في هذا الفيلم أو ذاك سيفتقدون تلك اللحظات، التي تُتيح لهم لقاءً مباشراً مع عاملين/ عاملات في فيلمٍ، كما سيفتقدون لقاءات/ حوارات جماعية أيضاً. أما الباقي، فلم يتغيّر مع ضربات كورونا وتأثيراته على أنماط الحياة والعلاقات.

بعضٌ آخر يفتقد أمراً آخر: جلسات النميمة في سهراتٍ، يتخلّلها كلّ سجال ممكن، مع كأسٍ وسجائر ونكات. النزهات الليلية أحياناً، في هذه المدينة أو تلك، رغم أنّ النزهات تتكرّر عاماً تلو آخر، لكنّ بعض المدن يسحر المرء دائماً بجمال ابتكاراته الجديدة في تجوّل ليليّ في الأمكنة نفسها.

مشكلة الافتراضيّ في بلدٍ كلبنان كامنةٌ في الانقطاع الدائم للكهرباء، وفي ضعف شبكة الإنترنت. بين الأول والثالث من مارس/ آذار 2021، تتعطّل المُشاهدة الافتراضية مراراً، فالتيار الكهربائيّ معطوبٌ، وساعات التغذية تتناقص، ومولّدات الكهرباء الخاصّة تُصاب بـ"تعبٍ". هذا مُرهِق. هذا يحتاج إلى صبرٍ طويل.

دورة افتراضية أولى لمهرجانٍ، يُصنَّف "فئة أولى"، لن تكون حدثاً عابراً، تماماً كالدورة الـ77 (2 ـ 12 سبتمبر/ أيلول 2020) لـ"مهرجان فينيسيا السينمائي (لا موسترا)"، المُصنَّف أيضاً "فئة أولى"، رغم اختلافٍ بينهما. حدث "لا موسترا" كامنٌ في تحدّي إدارة المهرجان عوائق كورونا، وتنظيم دورة جديدة، وتحقيق نجاحٍ يتحدّث عنه مهتمّون عديدون لغاية اليوم. الـ"برليناله" يُفضِّل "أونلاين"، لعدم التأجيل أو الإلغاء، ولعدم المخاطرة. الأشهر الطويلة الماضية مليئة بكلامٍ عن تغييرات حادّة، مفروضة على السينما وصناعتها وطقوس مشاهدة أفلامها وتوزيع تلك الأفلام وعروضها. التكنولوجيا دافعٌ إلى عزلاتٍ تسبق ما يفرضه كورونا من عزلاتٍ، والعزلات كلّها تُثير نقاشاً في الاجتماع والسلوك وعلمي النفس والتربية، وفي العلاقات والتواصل والتفكير.

كورونا متأخّرٌ على هذا، بل مجرّد عاملٍ لبلورة مزيدٍ من النقاش، وإنْ بأدوات وأشكال أخرى.

 

####

 

المتوّجون في مهرجان برلين السينمائي الدولي

برلين/ العربي الجديد

اختتمت فعاليات الدورة الافتراضية لـ"مهرجان برلين السينمائي الدولي" اليوم الجمعة، والتي استمرت 5 أيام، في أول حدث سينمائي أوروبي خلال العام، لكن في غياب النجوم والسجادة الحمراء والعروض في القاعات المغلقة.

وأدناه قائمة الفائزين التي أعلن عنها اليوم، في ختام الدورة الـ71 من "مهرجان برلين السينمائي":

جائزة الدب الذهبي لأفضل فيلم: "باد لاك بانغينغ أور لوني بورن" Bad Luck Banging or Loony Porn للمخرج رادو جوده (رومانيا).

الجائزة الكبرى للجنة التحكيم (الدب الفضي): "ويل أوف فورتشن أند فانتاسي" Wheel of Fortune and Fantasy لريوسوكي هاماغوتشي (اليابان).

جائزة لجنة التحكيم (الدب الفضي): "مستر باخمان أند هيز كلاس" Mr Bachmann and His Class لماريا ستيف (ألمانيا).

جائزة الدب الفضي لأفضل مخرجدينيس ناغي عن "ناتشرال لايت" Natural Light (المجر).

جائزة الدب الفضي لأفضل أداء تمثيليالألمانية مارين إيغرت عن دورها في "آيم يور مان" I'm Your Man (ألمانيا).

جائزة الدب الفضي لأفضل أداء تمثيلي في دور ثانويالمجرية ليلا كيزلينغر عن دورها في "فوريست - آي سي يو إيفريوير" Forest – I See You Everywhere.

جائزة الدب الفضي لأفضل مساهمة فنيةييبران أسود عن مونتاج فيلم "أونا بيليكولا دي بوليثياس" Una película de policías لألونسو رويزبالاسيوس (المكسيك).

جائزة الدب الفضي لأفضل سيناريو: "إنتروداكشن" Introduction لهونغ سانغسو (كوريا الجنوبية).

 

العربي الجديد اللندنية في

05.03.2021

 
 
 
 
 

زواج محتمل بين روبوت وآدمية في فيلم ألماني

ما بين تاريخ روماني وحاضر ياباني

هوليوود: محمد رُضا

أفضل ما في مهرجانات السينما عموماً ربما حقيقة أن المعروض على شاشاتها (إلا إذا كان المهرجان متخصصاً في نوع محدد) يبحر في الزمن كما يُريد. من أفلام تقع في أي فترة من رحاب التاريخ، إلى أخرى تعكس حاضرنا اليوم وثالثة تتحدّث عن مستقبل آتٍ تقوم بزيارته.

لا يختلف هذا الوضع في عروض مهرجان برلين هذه السنة التي تستمر لخمسة أيام فقط بسبب وباء كورونا. لكنها خمسة أفلام حاشدة تستطيع أن تشاهد فيها الأفلام لأربع وعشرين ساعة والكثير من الشاي والقهوة.

أحد الأفلام التي تدق على باب المستقبل هو الفيلم الألماني «أنا رجلك» (I Am Your Man) لماريا شرادر الذي عُرض داخل المسابقة كواحد من حفنة من الأفلام الألمانية المشتركة فيها. هو، حتى كتابة هذه الكلمات، أفضلها لكن جودته محط تساؤل حين مقارنتها ببعض الأفلام الأخرى التي شاهدنا أو سنشاهدها من خارج الطاقم الألماني.

يلتقي الفيلم الذي تقع بطولته على كاهل مارن إيغرت ودان ستيفنز، مع القصّة القصيرة التي كتبها البريطاني الراحل برايان ألديس في 1969 تحت عنوان «سوبر تويز تدوم طوال الصيف» (Super Toys Last All Summer Long) الذي رغب ستانلي كوبريك في تحويلها إلى فيلم بتوقيعه لكنه تخلّى عن المشروع وحوّله إلى عناية ستيفن سبيلبرغ الذي صنع من الرواية فيلمه «ذكاء اصطناعي» سنة 2001. تلتقي من حيث إن الصبي في قصّة ألديس مصنوع كروبوت مبرمج على الحياة مع الآدميين كما لو كان منهم. هذا ما يقع هنا بالنسبة للروبوت بفارق أنه ليس ولداً صغيراً، بل شاب مكتمل الرجولة.

هنا، تعيش ألما وحيدة. بلغت الأربعين ولا تكترث للزواج. تشرف على مشروع كبير في مؤسسة أبحاث تريد من خلاله تحديد النصوص الشعرية التاريخية البعيدة. تحت المجهر هنا نصٌ اعتبرته الأقدم في التاريخ. ولدعمه بالتمويل اللازم لاستكماله توافق على قيام مؤسسة علمية بإعارتها رجل - لعبة (روبوت) اسمه توم يتمتع بكل مواصفات الرجولة وبالمعرفة غير المحدودة. بطل «أنا رجلك» متقدّم بمداركه عن البشر وبعض هذه المدارك تكشف لألما بأنها على الطريق الخطأ بالنسبة لذلك النص القديم، إذ هو، حسب حسابات الروبوت السريعة، لا يعود إلى 4 آلاف سنة، وبالتالي ليس بالقيمة التاريخية التي تصوّرته.

هذا الاكتشاف يطيح بدراستها جميعاً ويتيح لبطلي الفيلم، ألما وتوم، استكمال علاقة مضطربة بدأت عندما رضيت باستضافته لثلاثة أسابيع لأجل مساعدتها في ذلك المشروع. هذه العلاقة العقلانية تتحوّل إلى عاطفية وجنسية في الوقت الذي تتحاشى فيه المخرجة نقد طرفيها. ما تعمل عليه ماريا شرادر هو طرح السؤال حول ما إذا كان بالإمكان التعايش بين امرأة من لحم ودم وروبوت وتستخدم في ذلك مقاييس بارعة في طرح السؤال وما يتفرّع عنه قبل أن تضطر، في نصف الساعة الأخيرة، لاستكمال الحكاية صوب الخاتمة المنشودة وبأقل عتاد فكري ممكن.

في النهاية، وبعد خلاف حول مستقبل ألما وتوم، يلتقيان مجدداً وينتهي الفيلم بهما طارحاً احتمال أن يبقيا معاً كثنائي أو ربما ينتهيان كزوجين.

- حكاية مدرّسة ووطن

بعض المطروح في «أنا رجلك» هو وضع الإنسان في المستقبل القريب إذا ما تم صنع مثيل له. لكن «حظ سيء في الحب» للمخرج الروماني رادو يود يتحلّق حول الحاضر ويمضي منه صوب التاريخ من قبل عودته إلى الحاضر في ثلاث قصص.

يختار المخرج البدء بمشهد إباحي واضح. كثير من الأفلام الغربية بدأت هكذا في السابق لكن المعروض هنا يحاكي فيديو «بورنو». لعل إحداث الصدمة هو إحدى غايتين هنا. الثانية هي اكتشاف الممثلة التي كانت تمارس الحب مع زوجها أمام كاميرا منزلية أن الفيلم انتهى إلى الإنترنت وشاع بين المشاهدين بوفرة. كونها مدرّسة تاريخ لتلاميذ صغار سيجعلها هدفاً لجمهور من الآباء والمدرّسين في محاكمة تقع في الفصل الثالث من الفيلم.

قبل ذلك وطوال الفصل الأول، تمضي المدرّسة (كاتيا بشاريو)، الوقت وهي تسير في شوارع بوخارست. تدخل وتخرج من بعض المحلات لكنها تسير طويلاً وتدخّن كثيراً. يتابعها المخرج وكاميرته وهي تجتاز الشوارع ويتركها تمضي أحياناً ليلتقط مشاهد لآخرين لا علم لهم بوجود الكاميرا وهم يمشون في الشوارع المكتظة والتي تصطف على جوانبها مبانٍ قديمة. تقوم الكاميرا (تصوير ماريوش باندورو) أكثر من مرّة بحركة أفقية لليمين (عادة) ترتفع عند نقطة معيّنة لتصوير أعلى المباني (بعضها من الأثريات).

المستوحى في كل ذلك بشاعة المدينة ووحدة بطلته التي تجهّز نفسها للعواقب. الفصل الثاني تاريخي الصفة. يتابع المخرج هنا كل ما يمكن له عرضه من تاريخ البلاد فإذا بذلك التاريخ لا يقل بشاعة عن تلك الشوارع والمباني إن لم يكن يتجاوزها. يمر على مراحل متعددة من التاريخ: الشيوعية والفاشية والعنصرية والهولوكوست والتحالفات مع وضد النازية وكل ما يمكن مروره في خانة سوء المعاملة حيال المرأة والطفل والمجتمع عموماً.

في الفصل الثالث يعود إلى حكاية إلما فإذا بها تجلس في محاكمة تقع ليلاً في حديقة. إلما تجلس وراء طاولة وجمهور من المعلّمين والمعنيين بما حدث يجلس على كراسي موزّعة في تلك الحديقة. تدافع إلما عن نفسها وترش مبيدات كتبها لها المخرج ضد فساد المنتقدين لها. هنا يستخدم المخرج بعض التوازن: هي على حق في انتقادها لممارسات مزدوجة تشي بفساد الآخرين لكنه يمنح بعضهم زاداً في انتقاده. امرأة تنتقد دروس إلما حول تاريخ الهولوكوست وتتساءل «ماذا عن الهولوكوست الممارس ضد الفلسطينيين في الأراضي المحتلة». رجل بزي عسكري يقف ويقول: «لو تحدثت عن الهولوكوست لتم تغريمي، لكن لا أحد يسأل عمن وراء انتشار الوباء».

الوباء موجود في فصلي الفيلم الأول والثالث. حين بدأ التصوير قبيل منتصف العام الماضي قرر المخرج تصوير الناس بكمّاماتها ما يمنح الفيلم حضوراً في الحاضر رغم أن سهامه النقدية وطريقة عمله لا تصيبان الهدف المرجو دائماً.

- صدف قاتلة

فيلم آخر مؤلّف من فصول هو «عجلة الحظ والفانتازيا» للمخرج الياباني رايوسوك هاماغوشي لكن كل قصّة هنا لا ترتبط، درامياً، بالأخرى. الأولى (بعنوان «سحر لشيء أقل تأكيداً») عن صديقتين تحبّان شاباً واحداً. الثانية («الباب مفتوح كلياً») عن امرأة تتسبب في طرد أستاذ جامعي من منصبه بالتواطؤ مع طالب يريد الانتقام منه. الثالثة («مرّة أخرى») عن امرأتين تتعرّفان على بعضهما البعض كل منهما تعتقد أن الأخرى هي امرأة أخرى.

الفيلم نوع من تلك الأفلام التي تُكتب كأفكار وحوارات أكثر منها كأحداث ويتم لاحقاً إلباسها أماكن تصوير وعناصر عمل أخرى. خلال فعل الكتابة يشيّد السيناريست (المخرج ذاته هنا) عالماً من السجال الحواري الواقع في أماكن محدودة: داخل سيارة تاكسي، داخل منزل، داخل مكتب... إلخ) ومن دون الرغبة في تقديم أحداث تقع خارج الأماكن الداخلية إلا في القليل من المناسبات. بذلك تتكوّن أمام المُشاهد نتيجة مسرحية ولولا حسن دراية المخرج بتفاصيل أسلوبه وبحسن إدارته للممثلين لما تجاوز الفيلم مبدأ الحوار كفعل ثرثري مصوّر بالكاميرا.

في هذه الحكايات الثلاث ثلاث صدف اثنان منها قاتلان: مرور الشاب المتنازع عليه، في القصّة الأولى، بالصدفة أمام المقهى الذي تجلس فيه الفتاتان تتحدثان عنه، ولقاء المرأة بصديقها القديم بعد خمس سنوات صدفة في الحافلة ذاتها في القصة الثانية، ثم هو لقاء صدفة بين المرأتين في القصّة الثالثة). هنا فقط يمكن قبول الصدفة لأن اللقاء يقع في مطلع القصّة. عدا ما سبق، هناك أحكام لأسلوب تشكيل الصورة المؤسسة كلاسيكياً (تصوير جيد من يوكيكو ليوكو). أما الحوار ذاته فيتراجع في النهاية لدوره التقليدي في سبر غور الذوات الشخصية بدلاً من تفعيل الصمت والسلوكيات لهذه الغاية.

 

####

 

المسرح البريطاني... الصانع الأول لنجاح نجوم موسم الجوائز

التدريب بدا لفترة طويلة طقساً من طقوس العبور إلى مجال التمثيل

لندن: مات وولف

كيف كانت ستكون جوائز «غولدن غلوب» هذا العام من دون المسرح الإنجليزي؟ الإجابة: إنها كانت ستتقلص إلى حد كبير. حيث إنه - كما يتضح من خلال النظر إلى الفائزين جون بوييغا ودانيال كالويا (اللذان حصلا على جائزتي «أفضل ممثل مساعد في دور تلفزيوني» و«أفضل ممثل مساعد في فيلم»)، والمرشحين؛ مثل أوليفيا كولمان وكاري موليغان - قد جاءت مجموعة من المواهب الفائزة والمرشحة للفوز؛ مباشرة من مسرح لندن إلى الأعمال الفنية الأفضل في هوليوود.

كما تلقى كثير من الفائزين البريطانيين الآخرين في الحفل؛ الذي أقيم ليلة الأحد، تدريباتهم الأولى على المسرح نفسه. ورغم أننا قد نعرف الآن إيما كورين بوصفها أحدث شخصية جريئة بشكل كاف لتجسيد شخصية الأميرة ديانا، فإن الفائزة، البالغة من العمر 25 عاماً، بجائزة «أفضل ممثلة في مسلسل درامي» قد حصلت على كثير من الاعتمادات الدرامية أثناء دراستها في كامبريدج، كما تخرج النجم الذي شاركها العمل في مسلسل «Crown»، جوش أوكونور، وهو أحد الفائزين أيضاً، في «مدرسة مسرح بريستول أولد فيك» قبل أن يحول انتباهه إلى شاشة التلفزيون. وكان أوكونور يتوقع عودة رفيعة المستوى إلى مسرح لندن، العام الماضي، في إنتاج من قبل «المسرح الوطني» لرواية «روميو وجولييت»، ولكن بسبب وباء فيروس «كورونا»، أعيد تصور العمل من أجل العرض في التلفزيون مع طاقم عمل مليء بالنجوم، ومن المقرر أن يبث في بريطانيا والولايات المتحدة الشهر المقبل. وقد يكون غياب ميكايلا كويل قد استحوذ على الاهتمام في حفل توزيع جوائز «غولدن غلوب» لهذا العام، وذلك بعد أن جرى تجاهل عرض «HBO» الخاص بها «I May Destroy You» من قبل «جمعية الصحافة الأجنبية في هوليوود»، لكن رواد المسرح في لندن قد اكتشفوا موهبة كويل، خريجة «مدرسة جيلدهول»، من خلال المسرح الوطني، في أول عمل من تمثيل مجموعة نسائية بالكامل بعنوان «Blurred Lines» ثم في مونولوجها الخاص «Chewing Gum Dreams»، وهو مشروع كانت قد بدأت العمل فيه عندما كانت طالبة، وقد اختُصر هذا العنوان، وجرى توسيع مفهوم العمل في برنامج بعنوان «Chewing Gum»، وهو أول برنامج تلفزيوني تقدمه كويل، وقد وجدت موهبتها الطاغية، التي شوهدت لأول مرة من قبل مشاهدي «مسرح لندن»، الجمهور الأكبر الذي تستحقه الآن.

وفي الواقع، فإنه من خلال البحث عن تاريخ معظم أسماء نجوم التلفزيون والسينما البريطانيين، فإننا سنجد أنهم قد تدربوا في البداية على خشبة المسرح، كما يشعر معظمهم بالسعادة للعودة إلى العمل على المسرح مرة أخرى، ويفعلون ذلك بانتظام، مثل النجم السينمائي رالف فينيس، الذي كان شجاعاً واقتحم «مسرح لندن» العام الماضي خلال الفترة القصيرة التي كانت المسارح مفتوحة فيها أثناء الوباء، وذلك من خلال تقديم مسرحية ديفيد هير «التغلب على الشيطان»، التي ظهر فيها فينيس في دور كاتب مسرحي.

وتخرج فينيس، مثله مثل كثير من الممثلين المعروفين في بريطانيا، في «الأكاديمية الملكية للفنون المسرحية» المرموقة، وهناك اعتقاد سائد على نطاق واسع، على الأقل في بريطانيا، بأن المسرح يعطي الممثل نوعاً من التدريب يهيئه لمهنة تتطلب التنوع والمرونة (ناهيك بالتقنية)، وكلها أشياء مفيدة بالتأكيد على شاشتي التلفزيون والسينما وكذلك على المسرح، ولا يمكن لأحد أن ينكر أن التدريب المسرحي في لندن قد بدا لفترة طويلة طقساً من طقوس العبور إلى مجال التمثيل، مما يضفي الشرعية على أولئك الذين يخوضون تجربة العمل على المسرح الصعبة.

وجزء من متعة أنك ناقد مسرحي في بريطانيا هو تتبع رحلة الممثل من أنه ممثل محلي مفضل إلى نجم عالمي، وهو المسار الذي يحدث أحياناً في وقت لاحق من الحياة، فعلى سبيل المثال، كان إيان ماكيلين وجودي دينش معروفين لدى محبي المسرح في لندن قبل وقت طويل من عملهما على شاشة السينما في أعمال ضخمة مثل «لورد أوف ذا رينغز» و«إكس مين»، كما اكتسبا اهتماماً عالمياً هائلاً من خلال العمل في سلسلة أفلام «جيمس بوند».

لكن الطبيعة المتسارعة للشهرة في الوقت الحاضر هي أن الممثلين المسرحيين الإنجليز غالباً ما ينطلقون إلى هوليوود في العشرينات والثلاثينيات من أعمارهم، فقد كان كالويا على خشبة المسرح في «المسرح الملكي» هنا في مسرحية من تأليف روي ويليامز بعنوان «Sucker Punch» في 2010. ومنذ ذلك الحين، تلقى كالويا ترشيحاً لجائزة الأوسكار عن فيلم «Get Out» ويبدو أنه مرشح محتمل للترشيح الثاني هذا العام على خلفية فوزه الأخير في «غولدن غلوب» عن لعبه شخصية «فريد هامبتون» في «Judas and the Black Messiah». وأشعر بالسعادة الغامرة حينما أفكر في بعض الأعمال الفنية وما حدث للممثلين المشاركين فيها منذ ذلك الحين، فمن كان يتوقع أثناء العرض الأول بلندن في 2004 لمسرحية إدوارد ألبي «The Goat، or Who is Sylvia»، أن ممثلاً شاباً مفعماً بالحيوية في فريق التمثيل اسمه إيدي ريدماين سيحصل على جوائز «غولدن غلوب» و«أوسكار» بعد ما يزيد قليلاً على عقد من الزمن للعبه دور ستيفن هوكينغ في «The Theory of Everything».

ولكن هل يمكن أن يهدد الوباء هذه العملية التكافلية الموجودة بين السينما والمسرح؟ لا ليس لوقت طويل، خصوصاً إذا أعيد فتح المسرح هنا من مايو (أيار) المقبل فصاعداً، كما يأمل الجميع.

ولا يقتصر الأمر على ممثلي التلفزيون والسينما الإنجليزيين فقط في هذا الاتصال بمسرح هذا البلد، ولكن أيضاً بالمواهب الموجودة خارج الشاشة، فقد حقق الكاتب بيتر مورغان نجاحاً كبيراً في مسرح «ويست إند» و«برودواي» مع مسرحية «The Audience»، وهي مسرحية تدور حول الاجتماعات الأسبوعية للملكة إليزابيث الثانية مع رئيس الوزراء، قبل أن يحقق نجاحاً هائلاً في «The Crown” على شاشة «Netflix». كما نجح إميرالد فينيل، مرشح «غولدن غلوب» لإخراج فيلم «Promising Young Woman»، قبل فترة طويلة في مسرح «ويست إند» كاتباً للمسرحية الموسيقية «سندريلا»، وقد تبدو هذه المشاريع عوالم منفصلة تماماً عما يقدمونه اليوم، لكن قدرة المواهب الإنجليزية على التكيف لا توحي بذلك.

وفي الوقت الحالي، فإنني أنصح بمراقبة طاقم الممثلين بالكامل عندما يُسمح لنا بالعودة إلى حضور المسرحيات مرة أخرى، فأنت لا تعرف مطلقاً المكان الذي قد تظهر فيه المواهب المسرحية البارزة بعد ذلك، لكن يمكن لسكان لندن على الأقل أن يشعروا بالسعادة والرضا بسبب رؤية هذه المواهب في عروض حية ولأول مرة قبل صعودها سلم الشهرة.

 

الشرق الأوسط في

05.03.2021

 
 
 
 
 

مهرجان برلين السينمائى يعلن جوائزه اليوم

خالد محمود

ينهى مهرجان برلين السينمائي الدولي في عروض دورته الـ71 الافتراضية مساء اليوم، والتى نافس فيها 15 فيلما فى المسابقة الرسمية لنيل جائزة الدب الذهبي لأفضل فيلم

ومن المقرر أن تعلن لجنة تحكيم مؤلفة من 6 أعضاء، تضم فائزين سابقين بجائزة الدب الذهبي، عن جوائز المهرجان في وقت لاحق اليوم الجمعة، حيث يُنظر إلى العديد من الأفلام على أنها مرشحة لجوائز برلينالة.

وتتضمن القائمة الفيلم الوثائقي للمخرجة الألمانية ماريا سبيت حول فصل دراسي متعدد الثقافات في فيلم «السيد باخمان وفصله»، وفيلم «مقدمة» للمخرج الكوري الجنوبي هونج سانجسو، والذي يتتبع رحلة شاب لاكتشاف الذات.

وكان الفيلم الإيراني «قصيدة بقرة بيضاء» لكل من بهتاش صناعي هاند ومريم مقدم، الذي يتناول عقوبة الإعدام، من بين الأفلام التي نالت استحسان النقاد في المهرجان الذي استمر 5 أيام عبر الإنترنت.

كما نالت كل من قصة الفرنسية سيلين سياما عن فتاة تخطو أولى خطواتها نحو حياة البالغين من خلال فيلم «ماما الصغيرة»، والفانتازيا الرومانسية «ما الذي نراه عندما ننظر إلى السماء؟» للمخرج الجورجي ألكسندر كوبريدزه استحسان النقاد أيضاً.

كما نافس الفيلم اللبنانى " دفاتر مايا " اخراج جوانا حاجي توما، وخليل جريج في المسابقة الرسمية لمهرجان برلين السينمائي الدولي، ليكون أول فيلم لبناني يشارك في المسابقة الرسمية لهذا المهرجان الرائد منذ 39 سنة.

 

الشروق المصرية في

05.03.2021

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004