ملفات خاصة

 
 
 

انطلاق الدورة الـ 71 لمهرجان برلين عبر عروض افتراضية

هوليوود: محمد رُضا

برلين السينمائي الدولي

الدورة الحادية والسبعون

   
 
 
 
 
 
 

ينطلق اليوم مهرجان برلين السينمائي في دورته «الكوفيدية» الأولى. يتمنى الجميع أن تكون الدورة الأخيرة من هذا النوع أيضاً، وإذا سألت المعنيين وجدتهم يستبدلون الابتسامات الجاهزة بحزن كبير ويصدحون بالأمل ذاته.

مهرجان برلين الضخم الذي تابعه الناقد منذ 1977 من دون انقطاع اضطر هذه السنة لإلغاء نشاطاته المعهودة والتقوقع في إطار العروض الافتراضية لمن يرغب. هذا يعني الكثير. المدينة بأسرها كانت تعيش على أنغام ذلك الفاصل الموسيقي الذي يسبق كل فيلم معروض، وتكاد ترقص له، وفي كل الأحوال كانت تحضر نفسها لمواكبة الفيلم المختار في أي من أقسامه ومسابقاته.

الحافلات والسيارات ما بين الصالات المنتشرة، المطاعم، المقاهي، الألفة المصاحبة لالتفاف المشاهدين والتعبير عن حبهم لفيلم شاهدوه أو خيبة أملهم منه. الصحافيون المنشغلون بين حضور فيلم وكتابة مقال. كل هذا وسواه ينتمي الآن إلى الذاكرة. لا داعي لأن تذهب إلى برلين لحضور مهرجانها. «برلين» يأتيك في البيت.

مسابقة واشتراكات

رغم ذلك جمع المهرجان في دورته لهذه السنة (تمتد من 1 إلى 5 الشهر الحالي ثم تعود في خمسة أيام أخرى لاحقاً)، 178 فيلماً موزعة على النحو التالي:

المسابقة: 15، البانوراما 17، فورام: 17، فورام إكسبندد 26، برلين سبشال 11، مسلسل برلين 6، لقاءات: 12، قسم أجيال: 15، قصير: 20، قسم السينما الألمانية: 6، قسم العروض الاسترجاعية (كلاسيكيات كلها أميركية): 27 فيلماً.

لجنة تحكيم المسابقة الرئيسية مؤلفة من ستة أعضاء من الذين فازوا سابقاً بجوائز برلين، وهم محمد رسولوف (المخرج الإيراني المحارب من قِبل مسؤولي بلاده)، والإسرائيلي نداف لابيد، والرومانية أدينا بنتيلي، والمجرية ليديكو إنييي، والإيطالي جيانفرانكو روزي، والبوسنية ياسميلا زبانيتش.

كل من هؤلاء سيعمل من راحة بيته، لكن الخطة الأصلية، حتى مطلع أكتوبر (تشرين الأول) كانت إقامة المهرجان فعلياً ما بين 11 و21 من فبراير (شباط). عندما عرضت المسألة على المسؤولين الرسميين في مطلع نوفمبر (تشرين الثاني)، شكك المسؤولون في إمكانية المخاطرة بميزانية تزيد عن 12 مليون يورو في وسط انتشار الوباء القاتل.

توعز أفلام المسابقة وسواها من التظاهرات، التي بدأ الناقد مشاهدتها قبل أيام، (لكنه ملزُم بعدم الحديث عنها إلا من بعد موعد عرض كل واحد منها الرسمي) بأن الجهد الذي بذله المهرجان سابقاً لتأمين بعض الأفضل حول العالم ما زال دافعاً بصرف النظر عن الظروف الحالية.

بالتركيز على أفلام المسابقة نجدها تتوزع على عشر دول: لبنان وجورجيا وألمانيا وفرنسا والمجر ورومانيا واليابان وكوريا وإيران والمكسيك. مع الأخذ بعين الاعتبار أن بعض هذه الأفلام تتشكل من تداخل مرجعيات إنتاجية متعددة مثل «صندوق الذكريات» الذي انطلق كإنتاج لبناني أضيف فوقه تمويل من كندا وفرنسا وبعض المساعدات الإماراتية والقطرية. «ماذا نرى حين ننظر إلى السماء» جيورجي لكنه مدعوم ألمانياً، وأحد الفيلمين المجريين (ضوء طبيعي) يتداخل فيه تمويل من لاتفانيا وفرنسا وألمانيا. أما الفيلم الإيراني (أنشودة البقرة البيضاء) فلم يكن ليُنجز لولا تمويل فرنسي.

الأفلام المختارة في المسابقة، بالتالي، هي:

• «الباتروس» (لديه عنوان آخر بالإنجليزية هوDrift Away» ») لإكزافييه بيوفوا (فرنسا).

• «حظ سيئ جنسياً» لرودو جود (رومانيا)

• «مصير حالك» الترجمة الممكنة لـ«Going to the Dogs» لدومونيك غراف (ألماني)

• «أنشودة البقرة البيضاء» لبيهتاش سانيها وميريام مغضم (إيران)

• «عجلة الحظ والفانتازيا» لريوسوكي هاماغوشي (اليابان)

• «مستر باخمان وصفه» لماريا سبث (ألمانيا)

• «أنا رجلك» لماريا شرودر (ألمانيا)

• «تقديم» لهونغ سانغسو (كوريا)

• «صندوق الذكريات» لجوانا حاجي توما وخليل جريش (لبنان).

• «الباب التالي» لدانيال برول (ألمانيا)

• «أ كوب موفي»A Cop Movie) ) لألونسو روزبالاسيوس (مكسيك)

• «الأم الصغير» لسيلين شياما (فرنسا)

• «ماذا نرى حين ننظر إلى السماء؟» لألكسندر كوبردزي (جورجيا).

• «أرى في كل مكان» لبنس فلايغوف (المجر).

• «ضوء طبيعي» لدنيس ناجي (المجر).

اللبنانيان حاجي توما وجريج ليسا الوحيدين القادمين من لبنان. هناك إيليان الراهب التي تعرض فيلمها الجديد «حرب ميغويل» في قسم البانوراما (ثاني أهم الأقسام في المهرجان). وعربياً نجد في القسم ذاته «سعاد» للمصرية أيتن أمين.

في قسم «لقاءات» فيلم مصري آخر (بمشاركة فرنسية ونروجية) عنوانه «كما أريد» لسماهر القاضي.

لكن بطبيعة الحال، ونظراً للتراجع الكبير في عدد الإنتاجات العربية الصالحة لخوض المهرجانات، فإن شعار المرحلة عربياً هنا هو: ليس بالإمكان أفضل مما كان.

 

الشرق الأوسط في

01.03.2021

 
 
 
 
 

«مهرجان برلين» يتحايل على كورونا... نجدةً للسينما

لا سجادة حمراء، لا نجوم يرتعشون في البرد، لا فساتين ولا توكسيدو، لا صالات مكتظّة، لا شاشة كبيرة بيضاء، لا مصوّرين ولا حشود كبيرة وطوابير أمام قصر البرليناله في ساحة بوتسدام هذا العام! كان الانتظار في زوايا الأحياء، ورؤية الجمهور المتحمّس، يضحك أو يبكي شيئاً مفرحاً. نعم، برليناله جميلة، حتى في الحزن. جمهور في كل شارع، يتجول الناس بعضُهم مع بعض، يدفّئون أنفسهم أثناء الانتظار، لأن الانتظار جزء من البرليناله، ومن المدينة. بهذه الطريقة، تجبرنا برلين على التوقف، والتحدث مع الغرباء حول الدراما والكوميديا والرعب التي شاهدناها للتوّ، والضحك على أفلام سيئة جداً يقدمها المهرجان كل عام. يبدأ النهار برؤية برنامج المشاهدات، مناقشات الأفلام المعروضة من بلاد الشرق الأدنى والأقصى والجنوب والشمال والغرب. ننتقل من فيلم روائي في الصباح إلى الوثائقي في الظهيرة، ونشاهد مفاجأة غير متوقّعة في المساء. برليناله يحمل اسم برلين، لأنه يشبهها... ودّي ومنفتح على العالم. العيون هناك مفتوحة على مصراعيها، الأعراق كثيرة والجميع فضوليون، يفكرون في العالم الكبير، الذي يجعله الجمهور أصغر وأصغر، ويأخذه معه إلى الصالة ويعيد اكتشافه بانفتاح كبير، على شاشة عظيمة في السينما. للمرة الأولى منذ 71 عاماً، لن يقام «مهرجان برلين السينمائي الدولي» بالصيغة التي نعرفها بسبب أزمة فيروس كورونا. فما هي التغييرات التي فرضها الوباء؟ وما الذي نتوقّعه من الدورة الحادية والسبعين؟

 

####

 

الدورة الـ 71 تنطلق اليوم رقمياً: أفلام سياسيّة وشخصيّة... وهوليوود خارج التغطية!

شفيق طبارة

مهرجانان شتوي وصيفي والسوق الأوروبية

بسبب جائحة كورونا التي لا تزال تضرب الكوكب، ينقسم «مهرجان برلين السينمائي» هذا العام بين الشتاء والصيف. ابتداءً من اليوم لغاية 5 آذار (مارس) الحالي، نحن على موعد مع مهرجان رقمي يقتصر على عروض للعاملين في صناعة السينما والنقّاد والصحافيين، بالإضافة إلى الحوارات، والمقابلات التي تُجرى خلال الحدث ومواهب البرليناله... كل شيء سيكون إذاً «أونلاين». ومن المقرر عقد مهرجان فعلي مع عروض أفلام للجماهير في الصيف، وتحديداً من 9 إلى 20 حزيران (يونيو) 2021. لهذا، قرّرت المديرة العامة للمهرجان مارييت ريسنبيك، والمدير الفني كارلو شاتريان أن تقسيم المهرجان يتيح الحفاظ على الركيزتين الرئيسيتين: سوق الأفلام والمهرجان، وأوضحا: «مع التغيير في شكل المهرجان هذا العام، لدينا فرصة لحماية صحة جميع الضيوف ودعم إعادة بدء الصناعة السينمائية».

البرليناله في الصيف ليس شيئاً جديداً. منذ تأسيسه في عام 1950 إلى عام 1977، كان المهرجان يقام في الصيف وفي الهواء الطلق. كان أحد أسباب نقله إلى الشتاء عام 1978 هو معرض الأفلام، المركز التجاري لصناعة السينما. فكرة الشتاء جاءت، لكيلا تتداخل أسواق الأفلام الدولية في ما بينها، وأيضاً لجذب المنتجين ومشتري الأفلام والموزعين إلى برلين. اليوم، يُعد «سوق الأفلام الأوروبية» (EFM) أحد أهم اللقاءات بالنسبة إلى صناعة السينما.

الأخيرة تقوم على السوق الأوروبية في برلين في شباط (فبراير)، ثم في أيار (مايو) موعد «مهرجان كانّ»، وتورينو في أيلول (سبتمبر)، وأخيراً سوق الأفلام الأميركية في لوس أنجليس في الخريف. لا شكّ في أن الحالة العامة للصناعة متأزّمة، ولكنّ افتتاح أي مهرجان وسوق على الإنترنت هو أكثر من ضروري. الفكرة من وراء تقسيم المهرجان ضرورية لتعزيز سوق السينما الأوروبية، التي ستقام بنسخة مصغّرة على الإنترنت بدءاً من اليوم. يقام عادة هذا الحدث في توقيت ومكان المهرجان نفسيهما وأيضاً في «متحف مارتن غروبيوس باو». دينيس روه رئيس «السوق الأوروبية للأفلام» يتفهّم الانزعاج، ويعترف أن سوق الأفلام ستفتقد الجمهور، ولكنه يوضح «لا يزال الكلام الشفهي عن بُعد هو أفضل ما يمكن فعله، يمكننا على الأقل خلق رؤية. تحتاج الصناعة إلى سوق الأفلام في هذا الوقت من العام». لا يمكن عرض الأفلام أمام الجمهور حتى أوائل الصيف على أقرب تقدير. لكن بالنسبة إلى السوق، من المهم جداً أن يلتقي صناع السينما في بداية العام. لذلك بدءاً من اليوم، ستندمج عروض الأفلام مع اجتماعات رقمية، كسوق افتراضية ومنصة للصناعة السينمائية، يتم فيها بث الأفلام، والأحداث وبرامج التدريب وسوق السينما الأوروبية وصندوق السينما العالمية. يكتسي «مهرجان برلين» أهمية ثقافية وسياسية وسينمائية قوية في عالم السينما الأوروبية والعالمية. لكنّ الانهيار الكامل للمهرجان صعب جداً على الجميع وعلى الصناعة وصانعي الأفلام الشباب الذين يشاركون كجزء من «مواهب البرليناله». لذلك، على الرغم من الوباء، وصلت إلى المهرجان أفلام أكثر بنسبة 10% مقارنة بالعام الماضي، لذلك هناك مسؤولية لدى الجميع لإنقاذ السينما في هذه الحالة الاستثنائية.

لا شكّ في أن الوضع مريع، إذ تقلّص إنتاج الأفلام، وتوقفت شركات التوزيع في أوروبا عن الشراء منذ العام الماضي بسبب الجائحة. وبالكاد تستطيع البقاء على قيد الحياة بسبب إغلاق الصالات. الصالات السينمائية الألمانية وحدها، تتوقع خسارة إجمالية قدرها مليار يورو هذا العام. يُظهر هذا مدى هشاشة صناعة السينما تحت تأثير الإنتاج العالمي القليل، ومنصات البث، وأخيراً وليس آخراً... الوباء. على الرغم من أن عرض المهرجان على الإنترنت شيء مكلف، ويعني أيضاً انخفاضاً في الإيرادات، ولكن هذا أفضل ما يمكن فعله حالياً. التغييرات التي تخضع لها صناعة السينما اليوم، والمهرجانات وأسواق الأفلام، وشركات الإنتاج والموزعين ومشغلي السينما العالمية، جزء من نظام هشّ يضع مصير السينما في دائرة علامات استفهام كثيرة.

لجنة التحكيم

لجنة التحكيم هذا العام مختلفة أيضاً، تتألف حصرياً من ستة فائزين بجائزة «الدبّ الذهبي» سابقاً بدون رئيس للجنة. وتضم اللجنة هذه السنة كلاً من المخرج الإيراني محمد رسولوف (دبّ برلين الذهبي لعام 2020 عن «ليس هناك شرّ»)، والمخرجة الرومانية أدينا بنتيلي (دب برلين الذهبي لعام 2018 عن «لا تلمسني»)، والمخرجة الهنغارية ألديكو إنييدي (دب برلين الذهبي لعام 2017 عن «عن الجسد والروح»)، والمخرج الإيطالي جيانفرانكو روسّي (دب برلين الذهبي لعام 2016 عن «حريق في البحر»)، والمخرجة البوسنية ياسميلا زبينيتش (دب برلين الذهبي لعام 2006 عن «غارباڤيتشا: أرض أحلامي») والمخرج الإسرائيلي ناداڤ لابيد (دب برلين الذهبي لعام 2019 عن «مرادفات»). سوف يتم تقديم الجوائز في الصيف أمام جمهور حي كجزء من المهرجان، وسيكون المشاهدون قادرين على مشاهدة الأفلام في السينما وفي الهواء الطلق. أعضاء لجنة التحكيم سوف يشاهدون الأفلام معاً. خمسة أعضاء من لجنة التحكيم سوف يشاهدون الأفلام في صالة السينما في برلين، فيما يشاهدها المخرج الإيراني رسولوف من منزله في طهران، إذ لا يستطيع مغادرة إيران.

المسابقة الدولية وبرنامج الأفلام

مشاهدة الأفلام أونلاين تنطلق اليوم، مع مسابقة رسمية تضم أفلاماً شخصية جداً، بعضها سياسي والآخر تاريخي من توقيع مخرجين معظمهم من الشباب في ظل غياب الأفلام الأميركية. إلى جانب المسابقة الرسمية التي تضم خمسة عشر فيلماً، سوف يعرض المهرجان 160 فيلماً في مختلف المسابقات (برليناله سبشل، مسلسلات برلين، لقاءات، برليناله للأفلام القصيرة، بانوراما، المنتدى، المنتدى الموسع، أجيال، منظور السينما الألمانية، استعادة). أما المتنافسون على جائزة «الدب الذهبي» فهم الفرنسي كزافييه بوفوا الذي شارك في «مهرجان كانّ» عام 1995 وحصد جائزة لجنة التحكيم عن فيلم «لا تنسى أنك ستموت». وفي عام 2010، حصد الجائزة الكبرى في المهرجان نفسه عن فيلم «بشر وآلهة». وعن الفيلم نفسه، حصد «جائزة لوميير وسيزار».

وفي عام 2014، شارك في «مهرجان البندقية» «ثمن الشهرة» قبل أن يحلّ على برلين على العام بـ «ألباتروس». هنا، يقدم مجدداً البؤس الاجتماعي ويعزز موقعه كمراقب لمفاهيم المسؤولية والرغبة في الموت. ومع Bad Luck Banging or Loony Porn، يعود الروماني رادو جود أحد مخرجي الموجة الرومانية الجديدة إلى برلين بعدما حصد عام 2015 جائزة الدب الفضي لأفضل مخرج عن فيلم Aferim!. كجميع مخرجي الموجة الرومانية الجديدة، يقدّم جود أيضاً في أفلامه نقداً اجتماعياً ممزوجاً بروح الدعابة. النقد الاجتماعي الذي يقدمه في فيلمه الجديد هو عن الشرائط الجنسية التي تُسرَّب على الإنترنت والخطاب الاجتماعي والأحكام العرفية التي تنتج عنها. ومع الألماني دومينيك غراف، سنعود إلى ألمانيا عام 1931 عبر فيلمه «فابيان والذهاب إلى الكلاب» المقتبس عن رواية «فابيان: قصة عالم أخلاقي» للروائي الألماني إريش كستنر. إيران حاضرة في الدورة من خلال مريم مقدم وبهتاش صناعي اللذين يقدمان «أغنية بقرة بيضاء». وكحال المخرجين الإيرانيين، يعرض السينمائيان قضية الذنب والتكفير في مجتمع الجمهورية الإسلامية. بعد «مهرجان كانّ» عام 2018، يضع الياباني ريوسوكي هاماغوتشي فيلمه الجديد في المسابقة الرسمية في «مهرجان برلين»: «عجلة الحظ والفانتازيا» شبيه بأفلامه السابقة، فهو مجموعة من القصص القصيرة حيث لشخصياته النسائية نسخ متطابقة، يداعب فيها المخرج الأقدار والندم والخداع والصدف. وتثير المخرجة الألمانية فكرة الوطن والبيت في «السيد باخمان وفصله»، حيث السيد باخمان يقدّم لتلاميذه الذين تراوح أعمارهم بين سنتين و14 سنة من 12 دولة مختلفة مفتاح الشعور بالوطن والمنزل. الألمانية ماريا شريدر التي قدمت السنة الماضية مسلسل Unorthodox على شبكة نتفليكس، تعرض فيلمها الجديد «أنا رجلك» الذي يطرح فكرة علاقة امرأة مع رجل آلي شبيه بالإنسان تم تصميم ذكائه الاصطناعي للسماح له بالتحول إلى شريك حياتها المثالي.

المخضرم الكوري الجنوبي هونغ سانغسو، يعود إلى السينما الفلسفية الشاعرية بفيلم بالأبيض والأسود يحمل عنوان «مقدمة».

الحضور اللبناني في المسابقة يتمثل في «دفاتر مايا» (إخراج الثنائي جوانا حاجي توما وخليل جريج) الذي يتناول قصة مايا، امرأة لبنانية انتقلت مع والدتها للعيش في كندا، منذ أكثر من 30 سنة، ولا تزال تعيش في مونتريال مع ابنتها المراهقة أليكس. عشية عيد الميلاد، تتلقّيان شحنة غير متوقعة، في داخلها دفاتر وأشرطة كاسيت وصور كانت قد أرسلتها مايا عندما كانت لا تزال تعيش في بيروت إلى أعز صديقة لها هاجرت الى فرنسا عام 1982. ترفض مايا فتح الصندوق أو مواجهة ذكرياتها. لكنّ مقتنيات الشحنة من صور ومذكرات تثير فضول الابنة أليكس، فتغوص في هذا الأرشيف وأسرار حياة أمها. تدخل أليكس ــ ما بين الخيال والواقع ـــ عالم مراهقة والدتها الصاخبة والعاطفية خلال الحرب الأهلية اللبنانية.

تضم المسابقة الرسمية 15 فيلماً، ويعرض المهرجان 160 في مختلف المسابقات

وفي أول فيلم من إخراجه، يقدّم الممثل الألماني دانيال برول الذي اشتهر في أفلام مثل «وداعاً لينين» (2003) كوميديا سوداء بعنوان «الباب التالي» عن نجم سينمائي يخاطر في تدمير حياته المهنية والخاصة. أما ثالث فيلم من إخراج المكسيكي الونسو رويز بالاسيوس فيحمل عنوان «فيلم شرطة»، يخبر فيه الونسو قصة عن أكثر المؤسسات إثارة للجدل في المكسيك، عندما يقرر شخصان الالتحاق بجهاز الشرطة، ليجدا قناعاتهما وآمالهما مسحوقة تحت أقدام نظام مختلّ.

بعد نجاح فيلمها «بورتريه امرأة تحترق» في «مهرجان كانّ» عام 2019، تشارك المخرجة الفرنسية سيلين سياما في البرليناله بـ «أمي الصغيرة» عن مرحلة البلوغ من منظور أنثوي وأسئلة عن الخيال والذاكرة والموت.
«
ماذا نرى عندما ننظر إلى السماء» هو عنوان الفيلم الجديد للمخرج الجورجي ألكساندر كوبيرتزه. سينما هذا المخرج معروفة بشاعريتها اللامحدودة، وجديده قصة حب، تسردها السينما بتفاصيل غالباً ما لا ندركها في حياتنا اليومية
.

بعدما حصد عام 2012 جائزة التحكيم الكبرى في «مهرجان برلين» عن فيلم «فقط الرياح»، يشارك الهنغاري بينيديك فليغاوف المولع بالأنثروبولوجيا، بفيلمه «غابة – أراك في كل مكان». بأسلوبه الواقعي، يغوص في المشاكل الأسرية وأسئلة الحب والله والمرض والأشباح والأشياء. كما يعود الهنغاري دينيس ناغي إلى «برلين»، ليأخذنا إلى بداية الحرب العالمية الثانية في الاتحاد السوفياتي. فيلمه «ضوء طبيعي» يضعنا في معضلة أخلاقية عن الرجال والحروب والذنب والكفاح من أجل البقاء.

 

####

 

المشاركة العربية: لبنان الحرب ومصر الثورة وهموم أخرى

شفيق طبارة

إضافة إلى الفيلم اللبناني «دفاتر مايا» (إخراج جوانا حاجي توما وخليل جريج) الذي يستعيد الحرب الأهلية وينافس على الدب الذهبي في المسابقة الرسمية الدولية، هناك، ستة أفلام عربية تشارك في المهرجان في مختلف المسابقات. الفلسطينية سماهر القاضي تشارك في «لقاءات» بفيلمها الوثائقي «زي ما أنا عايزة». هنا، توثّق سماهر رحلتها في الثورة المصرية والاعتداءات الجنسية الكثيرة التي تخللتها، والتمرد النسائي. يتزامن كل هذا مع حملها وزيارتها إلى رام الله. ثلاثة أفلام عربية تشارك في «بانوراما» تحمل توقيع اللبنانية إليان الراهب في فيلم وثائقي بعنوان «حرب ميغيل» عن رجل مثلي الجنس يحارب أشباح ماضيه والحب غير المتبادل ومشاعر الذنب، ورحلته بين بيروت وإسبانيا. كما يُعرض «سعاد» للمخرجة المصرية آيتن أمين، الذي كان يفترض أن يعرض للمرة الأولى في «مهرجان كانّ» في دورته التي ألغيت العام الماضي. وهناك اللبناني جورج بيتر بربري الذي يشارك في أولى تجاربه الإخراجية بفيلم بعنوان «موت العذراء وخطيئة عدم العيش». وفي «المنتدى الموسع»، يشارك المصري شريف الزهيري بفيلم «سبع سنوات حول دلتا النيل»، يستعرض الحياة اليومية في مدن دلتا النيل، الذي سافر عبرها لمدة سبع سنوات ليقدم فيلماً تبلغ مدته خمس ساعات ونصف ساعة. وفي «المنتدى الموسع» أيضاً، يشارك اللبناني هايغ ايفازيان بفيديو تجريبي (سبع عشرة دقيقة) بعنوان «كل نجومك على صبّاطي».

 

####

 

استعادة «كوميدية» بامتياز

شفيق طبارة

27 فيلماً كوميدياً في قسم «استعادة» هذا العام. تضم الأفلام ثلاث ممثلات أميركيات عظيمات، هنّ: ماي وسيت، روزاليد راسل وكارول لامبارد. الأفلام المعروضة كلها من أول الثلاثينيات إلى بداية الأربعينيات. ولكن لماذا هذه الفترة بالتحديد؟ ولماذا هؤلاء الممثلات؟

حلّت الثلاثينيات مع تغيّرين كبيرين على العالم السينمائي: الصوت أضيف إلى الصورة وسنّ قانون «هايز» نسبة إلى السياسي الأميركي ويليام هاريسون هايز، الذي كان أول رؤساء «جمعية الفيلم الأميركي». اعتبر هو ومجموعة من المنتجين وصناع الأفلام وأيضاً رجال الدين والسياسة، أن هوليوود في العشرينيات فاسدة يجب ضبطها، فسنّوا قانوناً للرقابة يحد من حريتها بما يتعلق بالعري أو إظهار العلاقة الجنسية، و«التطاول على الذات الإلهية»، وتقييد إظهار المخدّرات ومجموعة من الضوابط التي تعلّب السينما كفن. اشترط القانون مثلاً ألا تستمر القبلة المعروضة على الشاشة أكثر من ثلاث ثوان. لذلك وضعت لجنة «استعادة» بقيادة راينر روثر برنامجاً اختارت فيه الأفلام مع التركيز على القواعد الأخلاقية الصارمة لقانون «هايز». «أنا لست ملاكاً» (1933)، «تكون أو لا تكون» (1942)، «يا لها من امرأة» (1943) وغيرها من الأفلام المعروضة يميزها توظيف السينمائيين كل دهائهم للتحايل على هذه القواعد. واضطرّ المخرجون إلى اللجوء إلى الاستعارة والمحاكاة والخداع البصري للتغلب على العقبات والرقابة التي كانت أمامهم. وخلال هذه الفترة أيضاً، نجحت هؤلاء النساء الثلاث في التلاعب على القانون وتشكيل أدوارهن وإيجاد أسلوب خاص، للتحايل عليه وتقديم ما يردن، فتحولن إلى رموز جنسية خلال تلك الفترة، خصوصاً ماي ويست.

 

الأخبار اللبنانية في

01.03.2021

 
 
 
 
 

أوراق برلين السينمائي (1):

من دفاتر مايا إلى العنف الإسرائيلي

أمير العمري

اليوم الأول من أيام مهرجان برلين السينمائي الخمسة (من 1 إلى 5 مارس). مشاهدة الأفلام للنقاد والصحفيين المسجيلن تتم عن طريق الفضاء الالكتروني (الانترنت) أي الوسيلة التي يطلقون عليها تسمية سخيفة هي “الواقع الافتراضي” ولا أعرف لماذا الإصرار على اقتباس مصطلحات غربية وترجمتها حرفيا بحيث تصبح بلا معنى!

المهم أن المهرجان العريق (هذه هي دورته الـ71) ينقسم هذا العام كما نوهنا من قبل، إلى قسمين، الأول هو الذي يقام لأهل السينما فقط هذه الأيام المشار إليها، زالقسم الثاني سيقام في شهر يونيو القادم ويستمر 12 يوما ويكون مفتوحا للجمهور في قصر المهرجان وقاعات مختلفة للسينما في مدينة برلين، هذا بالطبع لو سمحت الظروف وكانت الأجواء مهيأة لاحتشاد النجوم والمشاهدين مجددا داخل القاعات بفرض أن وباء كورونا سيكون قد انحسر وهو ما نأمل أن يحدث في كل مكان.

شاهدت اليوم ثلاثة أفلام (وأنا أشاهد الأفلام على شاشة كبيرة نسبيا وليس على شاشة الكومبيوتر)، منها فيلمان من أفلام مسابقة المهرجان التي تضم 15 فيلما من ضمنها 5 أفلام ألمانية دفعة واحدة أي ثلث أفلام المسابقة، والفيلم الثالث ضمن قسم “المنتدى” (فوروم). الفيلم الأول هو الألماني “أنا رجلك” I m your man للمخرجة ماريا شرايدر، وبطولة الممثل الإنجليزي دان ستيفنز (الذي يجيد اللغة الألمانية)، والممثلة الألمانية ماري إيغرت التي تقوم بدور “ألما” الفتاة الوحيدة التي تشعر بالغربة عن العالم، وهي ستتعرف على شاب هو “توم” الذي يقوم بدوره ستيفنز، لكنه ليس رجلا بل “روبوت” متقدم مصمم لارضاء “الزبونة” (أما) وحسب احتياجاتها.

العلاقة بين الإنسان والروبوت ليست جديدة، بل سبق معالجتها كثيرا في السينما والتليفزيون، ومن أشهر الأفلام الحديثة مثلا فيلم “إكس ماشينا”، والموضوع عادة ما يثير من بين طياته بعض التساؤلات الفلسفية، عن الإنسان ورغباته، وما الذي يبحث عنه في الحياة، وما الذي يريده من الرفقة الإنسانية، وما هي السعادة، وكيف تتحقق، وهل الألم والخذلان والفشل وغير ذلك من المشاعر السلبية، جزء من الطبيعة البشرية.

في سياق كوميدي إلى حد ما، تسير العلاقة بين ألما والرجل الذي يعيش معها تحت سقف واحد، يفهم مشاعرها بل ويمكنه أيضا التنبؤ بما تفكر فيه وتريده، وتدريجيا سيبدأ في الانتقال من مجرد روبوت جامد آلي ينفذ المطلوب، إلى كائن يتعلم أن يكون له بدوره مشاعر تجعله يغضب ويفرح والأهم بالطبع، يشعر بالحب.

طرافة الموضوع والمعالجة لا تنقذ الفيلم من الهبوط عندما لا يقع أي تطور في الحبكة لأكثر من ساعة، بل تظل المخرجة تصف وتكرر وتعيد وتزيد لكي تؤكد على الفرق بين ألما وتوم، إلى أن نصل إلى مرحلة التغير: فتوم يتغير ليقترب من الاسنان، والما تكتشف الكثير من نفسها ومما كانت تخفيه وتقمعه في داخلها، بفضل توم. أي أن الروبوت كان أكثر فهما لها من حبيبها السابق الذي تخلى عنها وارتبط بامراة أخرى.

أداء مميز من جانب الثنائي (ستيفنز وإيغرت) مع الممثلة ساندرا هوللر (التي تألقت من قبل في فيلم “توني إيردمان” (2016) ولكن في دور صغير فرعي هنا، هو أيضا لروبوت نسائي.

دفاتر مايا

الفيلم اللبناني في المسابقة هو فيلم “دفاتر مايا” اخراج جوانا حاجي توماس وخليل جوريج. ولكن الفيلم أساسا فيلم جوانا التي تروي هنا عن نفسها وتقتبس من ذكرياتها الشخصية، من أيام مراهقتها في بيروت في زمن الحرب الأهلية اللبنانية قبل أن تهاجر مع عائلتها أو ما بقي من العائلة، إلى مونتريال.

هذا فيلم بسيط في تكوينه وبنائه، يقوم لا على دراما مباشرة وصراع بين شخصيات، وأحداث كبيرة، بل على نوع من التداعيات التي تأتي من تأمل صور من الماضي، من زمن الشباب، من مرحلة اللهو البريء والحب الأول والصداقة الأبدية التي لا تصبح أبدية، ثم المعاناة القاسية بعد انفجار الحرب الأهلية، مصرح الشقيق، انتحار الأب، هروب الصديقة خارج البلاد. ولكن المدخل الى هذه الأمور كلها يكمن في ذلك الصندوق الضخم الذي يأتي مشحونا من لبنان الى مونتريال حيث تقيم بطلتنا الآن مع ابنتها. ويحتوي الصندوق يتي على كمة كبيرة من الصور والأوراق والمذكرات والرسائل وغير ذلك، مما يثير رغبة الابنة- الحفيدة، في أن تعرف ما الذي تخفيه أمها في صدرها، ولماذا لا تريد البوح لها، وما هو الماضي الذي لم تخبرها سوى بأقل القليل عنه ولذلك فهي تتسلل وتفتح الصندوق الموجود في قبو البيت، وتطلع سرا على الكثير من الأمور ثم تمارس ضغوطا شديدة على أما إلى أن تجلس وتروي لها الكثير مما وقع. كيف كانت الحياة ثم كيف أصبحت.

إنه فيلم عن الحب الذي لم يكتمل، وعن العائلة التي مزقتها الحرب، والرفاق الذين تفرقت بهم السبل، عن مأزق الغربة والحنين الى الوطن. هناك لمسات شاعرية رقيقة تغلف الموضوع، واجتهاد في صنع سياق السرد بحيث يتم تأجيل الكشف عن أشياء قد تكون صادمة الى قرب النهاية. ولكن هناك أيضا إحساس بترهل الإيقاع العام للفيلم، بسبب الاستطرادات الكثيرة التي تكرر ولا تضيف، وعدم قدرة الممثلين في كل المشاهد، على التماسك أمام الكاميرا ربما أيضا  بسبب ضعف الحوار بشكل عام.

العنوان الأجنبي للفيلم هو “صندوق الذاكرة”. المخرجة اقتبست موضوع فيلمها من حياتها الشخصية (بتصرف) كما تذكر في مدخل الفيلم، وهي تستخدم في تجسيد تلك الذاكرة أو استعادة الذكريات، الكثير من الصور (الحقيقية والمصنوعة) كما تعود إلى مشاهد مصنوعة من الحرب اللبنانية، لتكثيف أجواء الخوف والرعب والخطر التي عاشتها البطلة في شبابها والآن فإن ابنتها “ألكس” هي التي تدفعها الى مواجهة الماضي الذي كان ثم التصالح مع نفسها ومع ذلك الماضي أيضا وتجاوزه دون نسيانه. لكنها تستحدم أيضا  أسلوب الحكي الصوتي من خارج الصورة، في سرد طويل، فالأم ترةي لابنتها عن ذلك الماضي وتفاصيل معاناتها مع أسرتها في لبنان في الثمانينيات. ولعل من أفضل مشاهد الفيلم تلك التي تصور بيروت بين الماضي والحاضر، في زمن الحرب، وفي الوقت الحالي، وصولا إلى معانقة المدينة وكل أصدقاء الماضي بعد ثلاثين عاما من الانفصال.

إسرائيل تواجه نفسها

الفيلم الأهم من بين الأفلام الثلاثة هو دون شك، الفيلم الإسرائيلي “أول 54 عاما- دليل مختصر للاحتلال العسكري” وهو فيلم تسجيلي طويل من إخراج أفي مغربي. وهو المخرج الذي تثير افلامه الجدل داخل وخارج إسرائيل، بسبب هجائيتها القاسية للعسكرية الإسرائيلية بوجه خاص، وللسياسة الإسرائيلية بوجه عام. وهو من دعاة السلام، ومن المؤيدين للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.

وأنا أتابع أفلام أفي مغربي منذ ان شاهدت فيلمه “انتقم لعين واحدة فقط” (2006) الذي كان يتناول من خلال أسلوب مبتكر وفريد في بناء الفيلم التسجيلي، النزعة اليهودية نحو الانتقام. وكان يعود الى الأسطورة التوراتية، ويصور تأثير الأسطورة على الفكر الإسرائيلي من مرحلة الطفولة إلى الالتحاق بالجيش.

بعد ذلك جاء فيلمه “زد 32″، وفيه يستند على ما عثر عليه من معلومات مصنفة في ملفات لدى منظمة “شوفريم شتيكا” التي قامت باستجواب مجموعة كبيرة من الجنود الإسرائيليين الذين سبق أن خدموا في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وسجلت قصصهم وتجاربهم، ووضعت على كل ملف حرفا ورقما. هذه الملفات هي ملفات عمليات الانتقام” التي تشنّها قوات الجيش الإسرائيلي ضد مدنيين فلسطينيين تستهدفهم بالقتل.

ويركز الفيلم على حالة جندي شاب شارك في عملية خاصة قتل خلالها اثنين من رجال الشرطة الفلسطينية. هذا الجندي السابق يظهر في الفيلم وهو يخفي وجهه خوفا من أن يتعرف عليه الفلسطينيون، يتحدث تفصيلا عن دوره في تلك العمليات القذرة، وكأنه في جلسة من جلسات التحليل النفسي من أجل تحقيق نوع من الهدوء عن طريق البوح والاعتراف بالذنب.

يعتمد مغربي في أفلامه على أسلوب قريب من أسلوب مدرسة “سينما الحقيقة” التي ظهرت في فرنسا في الستينات، أي السينما المباشرة التي تعتمد على التقاط الحدث وقت وقوعه، وتقوم بتسجيله باستخدام كاميرات صغيرة محمولة، دون الاستعانة بممثلين ودون التدخل في ضبط الزوايا ووضع الشخصيات بطريقة فنية داخل الكادر، وكما تعتمد أيضا على جعل الكاميرا مثل الشاهد الصامت المتحرك الذي لا يهدأ ولا يتوقف، وعدم التلاعب في الصور واللقطات عن طريق المونتاج، وجعل المشهد الطويل أساسا لبناء الفيلم وليست اللقطة القصيرة.

وهو يتبع أسلوبا مماثلا في فيلمه الجديد الذي يظهر فيه بنفسه ليصحبنا كدليل يقدم لنا الوصايا التي تتبعها المؤسستان، السياسية والعسكرية، في التعامل مع الأراضي المحتلة منذ 1967، والمفاهيم التي مازالت تحكم عقلية الذين يديرون الصراع، من خلال ما يدلي به نحو 40 شخصا من الجنود والضباط السابقين الذين خدموا في الأراضي المحتلة عبر الأجيال، من عام ما بعد 1967 إلى ما بعد أوسلو. وتتضمن شهادت هؤلاء الكثير من التفاصيل التي تدين إسرائيل وتكشف بوضوح عن سياستها العنصرية.

ليس من الممكن تلخيص فيلم كهذا، وليس من الممكن الاكتفاء بالقول كم هو جريء ومدهش وصادم فيما يطرحه، بل لابد من مشاهدته. ولذلك أدعو لعرضه في مهرجانات السينما التي تقام في العالم العربي كما أدعو إلى عرض جميع أفلام أفي مغربي (64 سنة) الذي يدعم تماما إقامة دولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة.

 

موقع "عين على السينما" في

01.03.2021

 
 
 
 
 

بعد غياب أربعة عقود... لبنان منافساً في «برلين»

آداب وفنون -  الأخبار

بنسخة افتراضية، انطلق «مهرجان برلين السينمائي» أمس على غرار «مهرجان ساندانس السينمائي». إذ اختار القائمون على الحدث الألماني، اقامته افتراضياً، للإبقاء على عجلة الإنتاج. ويشارك الفيلم اللبناني «دفاتر مايا» (خراج: جوانا حاجي توما وخليل جريج)، في المسابقة الرسمية للمهرجان، منافساً على جائزة «الدب الذهبي»، من بين 15 عملاً مشاركاً. يدخل فيلم «ميموري بوكس» اذاً المنافسة، بعد مرور 39 عاماً على آخر مشاركة لبنانية في المسابقة الرسمية للمهرجان، أي منذ فيلم «بيروت اللقاء» للمخرج برهان علوية. ويستند فيلم الثنائي الى قصة واقعية، تحدث بين كندا وبيروت، من خلال اعادة اكتشاف مجموعة رسائل وأشرطة كاسيت كانت المخرجة قد أرسلتها الى صديقة لها خلال سنوات المراهقة، في فترة الثمانينيات ابان الحرب الأهلية. وفي الشريط، يصل الطرد الى مونتريال، مكان اقامة مايا وابنتها المراهقة «أليكس»، ويدفع بالأخيرة الى احياء هذه الذكريات، ودفع الأم للبوح بأسراراها ومكنوناتها خلال فترة الحرب الأهلية. حاجي توما قالت في تصريح لوكالة «فرانس برس»، إنّه «أحياناً يكون أبناؤنا هم الذين يدفعوننا إلى استرجاع ذكريات لا نريد رؤيتها أو نرفض عيشها مجدداً». وأضافت: «نحن لا نشارك تاريخاً موحداً في لبنان ولم نُعد التواصل بيننا كمجتمع، ولهذا نحاول العمل من خلال الفنون والأفلام طرح تساؤلات عن هذه المسألة». وأشارت حاجي توما إلى أن «الأهم لم يكن فقط إظهار الحرب الأهلية والصدمة، بل أردنا أن نبيّن جيلاً أراد أن يعيش ويحب ويحلم».

 

الأخبار اللبنانية في

01.03.2021

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004