ملفات خاصة

 
 
 

توقعاتنا للقائمة الكاملة للفائزين بالأوسكار

بقلم: أسامة عبد الفتاح

جوائز الأكاديمية الأمريكية للفيلم

الدورة الثالثة والتسعون

   
 
 
 
 
 
 

** "أرض الرُحّل" يتجه لحصد عدد كبير من التماثيل الذهبية.. وبوسمان وموليجان وكالويا ويون يقتربون من جوائز التمثيل

يُقام، مساء الأحد المقبل بتوقيت الولايات المتحدة، فجر الاثنين المقبل بتوقيت القاهرة، حفل الأوسكار رقم 93 لتوزيع جوائز الأكاديمية الأمريكية لفنون وعلوم السينما لعام 2021 عن الأفلام التي عُرضت العام الماضي، ويأتي الحفل متأخرا عن موعده الأصلي نحو شهرين بسبب ظروف انتشار فيروس كورونا.

ويتنافس على الجوائز عدد من الأفلام التي شاهدها الجمهور المصري، سواء في مهرجانيْ القاهرة والجونة السينمائيين، مثل "الأب" و"أرض الرُحّل" و"جولة أخرى"، أو في دور العرض، مثل فيلم الرسوم المتحركة الطويل "روح".. وفيما يلي توقعاتنا للفائزين في جميع الفئات:

في فئة أفضل فيلم، وهي الفئة الوحيدة المسموح فيها بترشيح أكثر من خمسة أعمال، حتى عشرة، تم ترشيح: "الأب"، الذي عُرض في افتتاح مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في ديسمبر الماضي، و"يهوذا والمسيح الأسود"، و"ميناري"، و"أرض الرُحّل"، و"مانك"، و"امرأة صغيرة واعدة"، و"صوت المعدن"، و"محاكمة شيكاغو 7".. ونتوقع تتويج "أرض الرحل"، مع منافسة قوية من "يهوذا والمسيح الأسود".

وتم ترشيح خمسة مخرجين لجائزة أحسن مخرج، منهم اسمان كبيران هما: ديفيد فينشر عن "مانك" وتوماس فينتربرج عن "جولة أخرى"، بالإضافة إلى: لي إسحق تشانج عن "ميناري"، وكلوويه زاو عن "أرض الرُحّل"، وإيميرالد فينيل عن "امرأة صغيرة واعدة". ورغم الاسمين الكبيرين، نتوقع فوز كلوويه زاو عن فيلمها الجميل المؤثر، وفي حالة فوزها، ستكون أول امرأة ملونة تحمل التمثال الذهبي، وثاني امرأة على الإطلاق تظفر به.

ويتصدر النجم الكبير أنتوني هوبكنز قائمة المرشحين في فئة أفضل ممثل عن أدائه المذهل في فيلم "الأب"، وينافسه ريز أحمد عن "صوت المعدن"، وشادويك بوسمان عن "قاع ما ريني الأسود"، وجاري أولدمان عن "مانك"، وستيفن يوين عن "ميناري". ورغم عبقرية هوبكنز، نتوقع فوز بوسمان الذي يحقق ما تسعى إليه الأكاديمية منذ عدة سنوات من توازن في "ألوان" الفائزين.

وتتواجد الممثلة الكبيرة فرانسيس ماكدورماند، بطبيعة الحال، في قائمة المرشحات لجائزة أحسن ممثلة عن فيلم "أرض الرُحّل"، ومعها فيولا ديفيس عن "قاع ما ريني الأسود"، وأندرا داي عن "الولايات المتحدة ضد بيلي هوليداي"، وفانيسا كيربي عن "أشلاء امرأة"، وكاري موليجان عن "امرأة صغيرة واعدة". ونتوقع فوز موليجان وفقا لتوجهات أعضاء الأكاديمية، وإن كنت – شخصيا – أتمنى فوز ماكدورماند.

وفي فئة أفضل ممثل في دور مساعد، تم ترشيح النجم ساشا بارون كوهين عن "محاكمة شيكاغو 7"، ودانيال كالويا ولاكيث ستانفيلد عن "يهوذا والمسيح الأسود"، وليسلي أودوم جونيور عن "ليلة في ميامي"، وبول راسي عن "صوت المعدن". ونتوقع فوز دانيال كالويا، مع منافسة قوية من راسي.

وهناك معركة حقيقية في فئة أفضل ممثلة في دور مساعد، حيث تتنافس على الجائزة ثلاث من النجمات الكبيرات هن: جلين كلوز عن "مرثية هيلبيلي"، وأوليفيا كولمان عن "الأب"، وأماندا سيفريد عن "مانك"، ومعهن "يو-جانج يون" عن "ميناري"، وماريا بكالوفا عن "فيلم بورات اللاحق". ورغم وجود النجمات، نتوقع ذهاب الجائزة إلى "يو-جانج يون"، وتنافسها حتى اللحظة الأخيرة أماندا سيفريد.

ويتنافس على جائزة أحسن سيناريو مكتوب مباشرة للسينما كل من: شاكا كينج وويل برسون وكيث لوكاس وكينيث لوكاس عن "يهوذا والمسيح الأسود"، ولي إسحق تشانج عن "ميناري"، وإيميرالد فينيل عن "امرأة صغيرة واعدة"، وداريوس ماردر وأبراهام ماردر وديريك سيانفرانس عن "صوت المعدن"، وآرون سوركين عن "محاكمة شيكاغو 7". ونتوقع فوز "امرأة صغيرة واعدة" رغم المنافسين الأقوياء.

وفي فئة أحسن سيناريو عن نص أدبي، تم ترشيح كُتّاب فيلم بعنوان "فيلم بورات اللاحق"، وهم تسعة دفعة واحدة: بيتر بينهام وساشا بارون كوهين وجينا فريدمان وأنتوني هاينز ولي كيرن ودان مازير ونينا بدراد وإريكا ريفينويا ودان سويمر، ومعهم: كريستوفر هامتون وفلوريان زيلر عن "الأب"، ورامين بهراني عن "النمر الأبيض"، وكلوويه زاو عن "أرض الرُحّل"، وكيمب باورز عن "ليلة في ميامي". ونتوقع فوز كاتبيْ فيلم "الأب"، إلا إذا أراد أعضاء الأكاديمية أن يكتسح "أرض الرحل" كل شيء، ووقتها ستذهب الجائزة إلى زاو.

ويتنافس على جائزة أفضل تصوير كل من: شون بوبيت عن "يهوذا والمسيح الأسود"، وإيريك ميسر شميت عن "مانك"، وداريوس فولسكي عن "أخبار العالم"، وجوشوا جيمس ريشاردز عن "أرض الرُحّل"، وفيدون بابامايكل عن "محاكمة شيكاغو 7". ونتوقع تتويج مصور فيلم "أرض الرحل" عن لقطاته البديعة في الخلاء.

والمعروف أنه تم ترشيح الفيلم التونسي "الرجل الذي باع ظهره"، للمخرجة كوثر بن هنية، في فئة الفيلم الدولي، ومعه كل من: "جولة أخرى" من الدنمارك، و"أيام أفضل" من هونج كونج، و"جماعي" من رومانيا، و"إلى أين تذهبين يا عايدة؟" من البوسنة والهرسك. ورغم أننا نتمنى فوز الفيلم التونسي، إلا أن التوقعات تصب في صالح "جولة أخرى".

وتبدو حظوظ فيلم "روح" كبيرة في فئة فيلم الرسوم المتحركة الطويل، والتي ترشح معه فيها كل من: "فيلم الخراف شون"، و"فوق القمر"، و"من الآن فصاعدا"، و"وولف ووكرز".

ونتوقع فوز "تكلم الآن"، من فيلم "ليلة في ميامي" بأوسكار الأغنية الأصلية، وكل من ترنت ريزنور وأتيكوس روس وجون باتيست بجائزة الموسيقى التصويرية عن فيلم "روح".. في حين تقترب جائزة الصوت من فيلم "صوت المعدن".

وتبدو جائزة المؤثرات البصرية محسومة لفيلم "تينيت"، وتصميم الإنتاج لفيلم "مانك"، والمونتاج لميكيل نيلسن عن "صوت المعدن"، مع منافسة شرسة من يورجوس لامبرينوس عن "الأب". وفي فئة تصميم الملابس: آن روث عن "قاع ما ريني الأسود"، والأرجح أن يفوز نفس الفيلم بأوسكار الماكياج وتصفيف الشعر.

كما نتوقع فوز "إذا حدث أي شيء فإنني أحبك" في فئة فيلم الرسوم المتحركة القصير، و"غرفة الخطابات" في الفيلم الروائي القصير، وإن كنا نتمنى بالطبع فوز الفيلم الفلسطيني "الهدية"، و"زمن" في الفيلم التسجيلي الطويل، و"أغنية حب إلى لاتاشا" في فئة الفيلم التسجيلي القصير.

 

جريدة القاهرة في

20.04.2021

 
 
 
 
 

3 مسحات لفيروس كورونا شرط حضور الأوسكار وبدون كمامات طبية.. اعرف التفاصيل

كتب آسر أحمد

كشفت تقارير أجنبية، عن عدم ارتداء ضيوف حفل الأوسكار لعام 2021 لكمامات طبية اثناء حضورهم للحفل يوم 25 إبريل الجاري، بالرغم من ارتفاع أعداد المصابين بفيروس كورونا حول العالم خلال الفترة الحالية.

ووفقاً لتقرير نشرته صحيفة الديلي ميل البريطانية، فإن أكاديمية الفنون والمسرح، أكدت خلال اجتماع لها على تطبيق zoom، إن ارتداء الكمامات الطبية وأقنعة الوجه ليست ضرورية، حيث أن الحفل يتم التعامل معه على إنه عمل تليفزيوني أو فيلم ما، فبالتالي فإن إرتداء الأقنعة أمام الكاميرات ليس بالضرورة، مؤكدين على ارتداءها في فترة الراحة وليس أمام الكاميرات.

وكشفت الأكاديمية عن عدد الجمهور الذى سيحضر الحفل، وسيقتصرعدد الحاضرين على 170 شخصًا، كما سيتم تناوب أعضاء الجمهور داخل وخارج مكان الحفل، حيث أن العدد لن يكون بالكامل داخل الحفل في آن واحد، وذلك لأول مرة وفقا لموقع Variety .

وتضمن الاجتماع بعض التفاصيل الخاصة بالحفل، والتي شملت فحص إلزامي بدرجات الحرارة لجميع الحاضرين، بالإضافة إلى احضار ثلاثة اختبارات بفيروس كورونا للحاضرين خلال الأيام الثلاثة التي ستسبق الحفل.

كما تضمن الاجتماع تفاصيل القنوات الناقلة التى ستتواجد على السجادة الحمراء، والتى اقتصرت على شبكات ABC News و KABC و E ، وسيقتصر الحاضرين من الصحفيين على عدة دول فقط، منهم اليابان وكندا والمملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا والبرازيل وإسبانيا والمكسيك وأستراليا. 

 

اليوم السابع المصرية في

20.04.2021

 
 
 
 
 

سو عبيدي: نطمح أن يكون المسلمون جزءا من نسيج صناعة الأفلام

حسام عاصي/ لوس أنجليس – «القدس العربي»:

منذ تأسيسها، رشحت أكاديمية علوم وفنون الصور المتحركة الأمريكية عشرات المسلمين لجوائز الأوسكار في عدة فئات، أولهم كان الأفغاني أحمد عبدالله، الذي هاجر إلى الولايات المتحدة عام 1912 ورُشح في فئة أفضل سيناريو مقتبس عام 1935. وهذا العام رُشح ثلاثة من المسلمين وهم: البريطانية الفلسطينية فرح نابلسي، في فئة أفضل فيلم روائي قصير، والتونسية كوثر بن هنية، في فئة أفضل فيلم عالمي، والبريطاني الباكستاني ريز أحمد، الذي أصبح أول مسلم يرشح لإحدى أهم الفئات وهي أفضل ممثل.

ترشيح أحمد أثار اهتمام الإعلام الأمريكي والعالمي، واحتفى به مكتب هوليوود لمجلس شؤون المسلمين العامة في الولايات المتحدة، الذي يعمل من أجل خلق تمثيل عادل للمسلمين في مدينة الأحلام. «إنه مهم للغاية» تقول مديرة المكتب سو عبيدي. «إنه محسن للمعنويات ودفعة معنوية تبين للفتية الذين أُخبروا أن المسلمين مختلفون وغير مقبولين، وأن الصناعة هي للآخرين وليست لهم، بأن هذه صناعة ينتمون إليها ويمكنهم المساهمة فيها بشدة.»

لكن أحمد وغالبية المرشحين المسلمين من قبله ليسوا أمريكيين ولم يرشحوا عن أفلام أمريكية، وهو ما يعكس ضعف أو غياب تمثيل المسلمين في صناعة الأفلام في أمريكا، بالرغم من جهود عبيدي، التي وظفها مجلس شؤون المسلمين العامة عام 2001 للتواصل مع استوديوهات هوليوود وحثها على توظيف مسلمين في مشاريعها وطرح شخصياتهم بمصداقية في أفلامها.

«الغاية لم تكن تضميننا لمجرد أن يتم تضميننا» تقول عبيدي.»فقد قاموا بإشراكنا في الأفلام ولكن بشكل سلبي. بل أردنا أن نكون جزءاً من نسيج الصناعة وأن تتاح لنا الفرصة من أجل تقديم طرح أصيل ودقيق.»
ولدت عبيدي في القدس، وهاجرت مع أهلها في السبعينيات إلى الولايات المتحدة، بينما كانت طفلة، واستقرت في منطقة لوس أنجليس، حيث ترعرعت على مشاهدة التلفزيون والأفلام الأمريكية، التي كانت تقدم طرحاً نمطياً سلبياً عن الإسلام والمسلمين. فقررت أن تشق مسيرتها المهنية في صناعة الأفلام كممثلة، لكن شح الفرص لامرأة مثلها، عربية ومسلمة، حالت دون ذلك، فانخرطت في مجال الاقتصاد وأصبحت لاحقاً مديرة بنك.

لكنها سرعان ما شعرت بالفراغ، فاستقالت من وظيفتها، وبعد تسعة أشهر من انضمامها لمجلس شؤون المسلمين العامة، تعرضت الولايات المتحدة لضربات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول، التي نفذتها مجموعة من المسلمين.

«فجأة تغيرت الحياة كلياً» تقول عبيدي. «كان هناك الكثير من الكره تجاه المسلمين. أصبح الوضع أكثر من أن تقوم بتوعية الناس عن المسلمين بل تحول إلى صراع على البقاء بالنسبة لمجتمعنا.»
وسرعان ما انهال سيل عارم من الشخصيات المسلمة على أفلام هوليوود و مسلسلاتها التلفزيونية، لكن تلك الشخصيات كانت إما أرهابية أو ضحية أو عميلة للحكومة الأمريكية. فشرعت عبيدي باتصالات مكثفة مع استوديوهات هوليوود لتلفت انتباهها للأخطاء التي كانت تقدمها في أعمالها عن الإسلام والمسلمين. «على الرغم من أن أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول شكّلت أسوأ وقت في حياتنا، لكنها خلقت الفرص لتثقيف هوليوود» تعلق عبيدي.

مجلس شؤون المسلمين مكتب هوليوود

وفي عام 2001 أسس مجلس شؤون المسلمين مكتب هوليوود تحت إدارة عبيدي، لكن المكتب لم يحقق تأثيراً فعلياً على نهج طرح المسلمين في الأعمال الهوليوودية إلا بعد تولي دونالد ترامب رئاسة الولايات المتحدة عام 2016، حيث صار يحرض ضد المسلمين ويصفهم بالخطر على الولايات المتحدة. وعندما أصدر قراراً بمنع مواطنين ينتمون لسبع دول ذات أغلبية مسلمة من دخول الولايات المتحدة، أشعل غضب اليسار الأمريكي، الذي قام بحملات قانونية وشعبية ودعائية ضد القرار، وذلك ما دفع هوليوود الليبرالية إلى تسخير قوتها الناعمة، أي الأفلام والتلفزيون، للتصدي لترامب والدفاع عن المسلمين.

«بدأنا نلاحظ تغيراً في الموجة، حيث أصبح من في صناعة الترفيه يتصلون بنا ويقولون: نريد أن نخلق قصصاً تحسن من صورة مجتمعكم. وأصبحنا المنظمة الإسلامية التي يستشيرونها من أجل تقديم طرح أصلي للمسلمين.»

لكن الإسلام هو مظلة لعدة أعراق ذات تجارب وخلفيات مختلفة. فالغالبية، ونسبتهم 26 في المئة، هم من ذوي البشرة البيضاء، الذين يواجهون العنصرية في الولايات المتحدة وتحديات الأعراق الأخرى، مثل الأفارقة (9 في المئة) والآسيويين (18 في المئة) والعرب (18 في المئة) واللاتينيين (6 في المئة). فالمسلمون الأفارقة هم أول من وصلوا الولايات المتحدة عنوة في القرن الـ 17 كعبيد، ومارسوا شعائر الإسلام خفية، وأجبر الكثير منهم على اعتناق المسيحية تحت التعذيب. وفي بداية القرن العشرين، ظهرت حركات ومنظمات إفريقية إسلامية كرست فعاليتها للمناضلة من أجل حصول السود على حقوقهم المدنية، وما زالت فعالة حتى اليوم.

أما المسلمون العرب فقد جاءوا الى الولايات المتحدة في موجات هجرة أولها كانت نهاية القرن التاسع عشر في الزمن العثماني، ثم ستينيات وثمانينيات القرن العشرين هرباً من أزمات الشرق الأوسط، وبحثاً عن حياة أفضل. وخلافاً للمسلمين السود، فإن مصدر العداء لهم في الولايات المتحدة كان ينبع من تفاقم الأوضاع السياسية في الشرق الأوسط ما جعلهم مشبوهين في نظر أجهزة الأمن الأمريكية.

كما أن إثنيات المسلمين المختلفة كالإيرانيين والهنود والبوسنيين والعرب والأتراك وغيرهم يعيشون في أحياء خاصة بهم، وتمثلهم جمعيات مكونة من أبناء مجتمعاتهم للترويج لحضاراتهم، والدفاع عن حقوقهم، وتقديم الخدمات لذويهم، والاحتفاء بمناسباتهم الوطنية والتقليدية. كما يقوم أبناؤها بصنع أفلام تعكس حضاراتهم وتعالج قضاياهم وليس انتماءهم الديني بالتحديد. فكيف يمكن لمجلس واحد أن يمثلهم جميعا؟ «نحن نحاول أن نربط الجميع» تقول عبيدي. «عندما نرى روايات تحتاج إلى الارتقاء كروايات المجتمع المسلم الأسود بسبب الظلم الاجتماعي، الذي استمر لقرون، نحاول رفع تلك الأصوات من خلال ورشة عمل لكتابة السيناريو، أو من خلال ندوة حول تلك الروايات.»

فضلاً عن التنوع العرقي هناك أيضاً العديد من المنظمات الإسلامية في الولايات المتحدة، التي تمثل اتجاهات سياسية ومذاهب ومبادئ تختلف عن بعضها البعض. وبعضها قد يرفض أو لا يتفق مع رؤية مجلس شؤون المسلمين العامة تجاه الإسلام والحضارة الأمريكية.

«نحن نمثل المسلمين ذوي التفكير المماثل» تقول عبيدي. «نحن لا ندعي بأي شكل من الأشكال تمثيل المسلمين ولا ينبغي لأي منظمة أن تفعل ذلك. فلا يوجد في الإسلام حبر أعظم ولا توجد سلطة دينية. فأئمة المساجد يمثلون فقط ترجمتهم الخاصة للإسلام وينضم إليهم من يرغب بذلك.»

ومع ذلك، واجه مجلس شؤون المسلمين العامة انتقادات واستنكارا من قبل منظمات إسلامية أخرى بسبب دعمه لحقوق مجتمع الميم، وهم مثليو الجنس ومزودجو التوجه الجنسي والمتحولون جنسياً في الولايات المتحدة وتأييده قضاياهم أمام المحاكم الأمريكية، وتشبيهه التمييز ضدهم بالتمييز ضد المسلمين.

«لا يمكنك أن تجبر الناس على تقبل أمور قد تكون غير مقبولة تاريخياً» تقول عبيدي.»هناك مسلمون ينتمون إلى مجتمع الميم، وهم مثلي ومثلك تماماً. بعضهم يمارس الشعائر الإسلامية وبعضهم لا يمارسها. إنكار وجود هذا المجتمع في المجتمع الإسلامي أمر سخيف.»

لكن تلك الأفكار لا تعكس وجهة نظر المسلمين، إذ أن غالبيتهم داخل الولايات المتحدة وخارجها يرفضونها ويعتبرونها نشازاً ومخالفة للإسلام، ما وسع الفجوة بين المسلمين وهوليوود بدلاً من بناء جسر تفاهم بين الجهتين.
«نحن نحرص أن نخبر هوليوود بأن هذا تفسيرنا الخاص وهذه تجربتنا الخاصة من وجهة نظرنا» ترد عبيدي. «هذا ما نعرفه. نحن لا ندعي بأن هذا هو الإسلام وأن الأمور تسير بهذا الشكل. الكثير من الناس خارج المجتمع الإسلامي وداخله حرفوا الإسلام وشوهوا صورته. لذلك علينا أن نتأكد من أننا نأخذ على عاتقنا إدراك ما نتكلم به، وأن نستخدم كلمات تتيح المجال أمام تفسيرات أخرى.»

أول مسلسل أمريكي مسلم

انتقادات لاذعة مماثلة من بعض المسلمين طالت أيضاً أول مسلسل أمريكي مسلم وهو رامي ومؤلفه المصري رامي يوسف، وذلك لأنه طرح شخصية مسلم مثلي في موسمه الثاني، وعالج قضايا جنسية محرجة مثل الإدمان على مشاهدة الأفلام الإباحية في المجتمع المسلم.

تلك الانتقادات صدمت هوليوود، التي كانت تتوقع ترحيباً من الجمهور المسلم بالمسلسل، فهل ستتردد استوديوهاتها في صنع أفلام ومسلسلات تلفزيونية عن المسلمين لتفادي إثارة مثل هذا الجدل؟ «لا أعتقد ذلك،» ترد عبيدي. «لأن صناعة الأفلام تجارة، ورامي قدم عملاً يتسم بالجودة الراقية. وأريد أن أشير إلى أن المسلمين السعداء كانوا أكثر. حقيقة أن هناك مسلمين ليسوا مستعدين للتعامل مع هذا المحتوى ليست مشكلة رامي أو مشكلة صناعة الأفلام. هذه مشكلتنا كمجتمع. فعلينا التعامل مع حقيقة أننا 1.8 مليار مسلم ولا نعيش جميعنا الحياة نفسها. بالنسبة لأولئك الذي غضبوا: هذا ما يحدث في الواقع.»

التحديات التي تواجهها عبيدي لا تقتصر على اختلافها في الرأي مع المجتمع المسلم، الذي تسعى لتحسين صورته في صناعة الأفلام والتلفزيون، بل أيضاً في تعامل المسلمين مع المواهب المسلمة، التي تروّج لها. فبينما احتفت صناعة الأفلام بفوز الممثل ماهر شالا علي بإحدى أهم جوائز الأوسكار عام 2017 وهي أفضل ممثل مساعد، ليصبح أول مسلم يفوز بها، اتهمه بعض المسلمين بأنه ليس مسلماً بسبب انتمائه للطائفة الأحمدية.
«لن أكذب عليك، هذا أمر مخز» تعلق عبيدي. «هذا يكشف للعالم مدى انقسامنا كمسلمين. أنه محرج للغاية أن الأمريكيين متحمسون لفوز مسلم بجائزة أوسكار مهمة ونحن نرفضه.»

بغض النظر عن اختلافاتهم العرقية والمذهبية والمبدئية والسياسية فإن المسلمين يواجهون التحدي نفسه وهو إساءة فهم الإسلام، الذي ما زالت الطريق لتحسين سمعته في الولايات المتحدة شائكة وطويلة.

فالكثير من الأمريكيين ما زالوا يحملون أفكاراً نمطية وسلبية وأحياناً عدائية عنه، وما يقارب خمسين في المئة منهم يعتبرونه غير متطابق مع حضارتهم. كما كشفت إحصائيات عام 2019 أن المسلمين يواجهون تمييزاً في المعاملة أكثر من كل الأقليات العرقية والدينية الأخرى في الولايات المتحدة. وذلك ما دفع هوليوود لتغيير نهجها في طرحها لهم في مشاريعها السينمائية والتلفزيونية والاحتفاء بترشيح مسلمين لجوائز الأوسكار. لكن هل سيرضى المسلمون عن نهج هوليــوود الجديد ويتــقبلونه؟

 

القدس العربي اللندنية في

20.04.2021

 
 
 
 
 

تعلّمتُ من الأخطبوط: 18 شهراً في الأعماق

منى حسن

"تخيّل أنّك تتغلب على الجاذبية وتحلّق فوق غابة". هكذا يصف كريغ فوستر، شعوره وهو يسبح في غابة من أعشاب البحر، بالقرب من منزله في جنوب أفريقيا، وينظر إلى الأسفل، حيث المخلوقات الغريبة في القاع.

يقول إنّه كان يحتاج إلى تغيير جذري في حياته، خصوصاً بعدما عانى من الإجهاد بسبب كثرة العمل. فقرر المواظبة على ممارسة الغوص الحرّ والتواصل مع الطبيعة. في غابة أعشاب البحر تلك، يلتقي فوستر بأنثى أخطبوط، تراقبه في البداية من مسافة آمنة، لكنها سرعان ما تدرك أنه ليس مصدراً للخطر. تنشأ علاقة من الثقة بين الأخطبوط وفوستر، الذي يزورها كلّ يوم لمدة تزيد عن سنة؛ يراقبها ويوثق كلّ لحظاته معها بكاميرته. هكذا، أنجز فوستر الجزء الأصعب في صناعة الفيلم الوثائقي (My Octopus Teacher)، أو "تعلّمت من الأخطبوط"، من دون تخطيط أو نية لصناعة الفيلم، الذي أصبح مرشّحاً لنيل أوسكار أفضل وثائقي.

صديقه المقرب، روجر هوروكس، اقترح على فوستر استعمال المواد التي صورها لصناعة فيلم. هوروكس، وهو مصور بحّار وحائز على جائزة من الأكاديمية البريطانية لفنون السينما والتلفزيون، عمل في سلسلتي Our Planet وBlue Planet II، وله تجارب عدة في هذا المجال. وفي معظم سلسلات الطبيعة الشهيرة هذه، نرى كثيراً من الكائنات البحرية المدهشة، مصوّرة بشكل احترافي. غالباً، نرى فترات محدودة من حياة نفس الكائن.

أمّا فيلم "تعلمت من الأخطبوط"، الذي تبثه شبكة "نتفليكس" فيتتبع نفس الأخطبوط في معظم مراحل حياتها، والتي تمتد نحو 18 شهراً. هناك أيضاً الإنسان الغواص، كريغ فوستر، الذي وجد في معلمته الأخطبوط وغابة أعشاب البحر، العلاج الذي يحتاجه ليشفى من سنوات العمل الشاق خلف الشاشات والكاميرات.

يقودنا فوستر في رحلة تأمل واسترخاء بصوته الهادئ، وفي الخلفية أمواج البحر وصوت الماء. خلال نزهات غوصه اليومية، تمكن فوستر من تصوير غالبية المراحل والأحداث الرئيسية في حياة الأخطبوط. تقول المخرجة بيبا إيرليش إنها أمضت أشهرا في مراجعة المواد المصورة، وقررت لاحقًا أن تتخلى عن وظيفتها لتتفرغ لصناعة هذا الوثائقي. ساعد هوروكس وإيرليش في تصوير ما ينقص من مشاهد لإنتاج الفيلم، ومنها مشاهد فوستر مع الأخطبوط.

ومع وجود كلّ هذه المواد البصرية النادرة، يصبح من الصعب أكثر التخلي عن أي منها. ظل كريغ وأيرليش عالقين في إعداد قصة الفيلم، حتى قرّرا الاستعانة بالمخرج الإنكليزي، جيمس ريد، الذي انضم إلى الفريق في ما بعد، للعمل على بناء القصة التي سيحكيها الفيلم.

ولأنّ ريد لا يعرف تفاصيل القصة، كان من السهل على فوستر أن يروي له بطريقة عفوية تفاصيل قصته في مقابلة يستعملها ريد في الفيلم. يقول ريد في إحدى المقابلات إنّه "نظراً إلى طبيعة فوستر الخجولة، كان من المهم أن تجري المقابلة في مكان يشعر فيه بالراحة". حكى فوستر لريد حكايته مع الأخطبوط وهو جالس خلف طاولة مطبخه في بيته المطلّ على المحيط. يقول ريد: "يشعر الإنسان براحة أكبر عندما يتحدث من خلف حاجز" أي الطاولة في هذه الحالة.

يركّز صانعو الفيلم، الذي حاز قبل أيام جائزة "بافتا" لأفضل وثائقي، على الجانب العاطفي في علاقة الصداقة التي نشأت بين فوستر والأخطبوط. ويكتفي في عرض المعلومات العلمية في سياق إشباع الفضول الذي أثارته الأخطبوط لدى فوستر. في أجوائه الهادئة والتأملية، يتصفح الأخير مقالات علمية عن الأخطبوط، ليتعلم كل ما يحتاجه من أجل توطيد علاقته معها.

الفيلم بمجمله يحكي عاطفة إنسان تجاه كائن برّي رخوي غريب، لا تربطنا فيه عادةً عاطفة كتلك التي نشعر بها تجاه الحيوانات الثديية المنزلية، كالقطة أو الكلب. لكنّنا نرى الأخطبوط تندفع نحو فوستر وتحضنه فيما يداعبها هو، كما لو أنّها حيوانه الأليف. معظم الخلايا العصبية في الأخطبوط توجد في أذرعه، ما يعني أنّ كلّ ذراع قادرة على الشم والتذوق والحركة بشكل مستقل عن الدماغ. ومع أنّ الأخطبوط يغير لونه بحسب لون محيطه، فإنّ هذا الكائن البحري لا يرى الألوان.

بحسب مجلة "نايتشر" العلمية، يُعتقد أنّ الأخطبوط يعرف الألوان من خلال جس ترددات الضوء الخاصة بكلّ لون من حوله. ربطت بعض ردود الأفعال على الفيلم، الأخطبوط بأذرعها الثمانية، بالعنكبوت شارلوت في رواية الأطفال لـ إي. بي. وايت، إذ صوّر علاقة صداقة غير معتادة تنشأ مع العنكبوت التي لا نفكر حينما ننظر إليها أنّها تبدو لطيفة أو جميلة. لكنّ وايت، يجعل منها شخصية رئيسة تستحق محبتنا وحزننا عليها عندما تموت في النهاية، كما تموت الأخطبوط بعد أن تضع بيضها وتمنحه كلّ ما بقي من طاقتها حتى آخر رمق. رواية الأطفال "شباك شارلوت"، لم تكن أول ما خطر ببال الكاتبة صوفي لويس، عندما شاهدت الفيلم. لويس بدت متأثرة أكثر بالرسام الياباني كاتسوشيكا هوكوساي، ولوحاته الإيروتيكية، تحديداً مطبوعته الخشبية "حلم زوجة الصياد" التي تصور وضعية جنسية بين امرأة وأخطبوطين.

للأسف، أثارت تعليقات لويس على تويتر، الجلبة في المنصة. وفي مقالات الكتّاب في "ذا غارديان" وغيرها. قد يبدو الربط بينه وبين العلاقة الفيزيائية مهيناً لكل من هوكوساي وفوستر على حد سواء. قد يلوث هذا الربط ذهن المشاهد ويحرمه من فهم تجربة فوستر الخاصة، في الاسترخاء والشفاء من خلال الغوص داخل المحيط والتفاعل مع كائناته. يقول فوستر في فيلمه إنّه لا يرتدي بدلات الغوص، لأنّه يريد أن يكون ككائن برمائي، جزءاً من هذه البيئة من دون أيّ حواجز تفصله عنها.

 

العربي الجديد اللندنية في

20.04.2021

 
 
 
 
 

عربيّةُ سوريّا وفلسطين، لُغتان أساسيّتان في ليلة الاحتفال بتوزيع جوائز الأوسكار

فلورنسا - عرفان رشيد

أَهو مِنْ قبيل الزهوِ غير المبرّر أن نقول بأنً ثمة ما قد تغيّر إيجاباً في السينما العربية؟

أوَليس من حقّنا أن نتباهى بالمشهد الذي سنراه في أمسية ما بعد غدٍ في صالة الاحتفال بتوزيع جوائز الاوسكار؟

أَوَليس مثار فرحٍ وازدهاء حضور كوثر بن هنيّة وفرح نابلسي بفيلمهما، ”الرجل الذي باع ظهره“ و ”الهدية“، ضمن أقوى المرشّحين لاثنتين، على الأقل، من هذه الجوائز؟

ثمً أوليس من حقّنا أن نفخر بأن من يُمثًل السينما العربية في هذا الاحتفال هما امرأتان شابّتان أكّدتا حضورهما الجميل في خارطة السينما العربية؟

نعم علينا أن نزهوَ ( أنا أزهو بالطبع!) بما سيحدث ليلة الأحد 25 نيسان، حين ستكون أبصارنا ومشاعرنا وعاطفتنا معلّقة باسم امرأتين شابّتين، نترقّب أن نقفز على أرائكنا لنصيح بصوتٍ عالٍ ونصفّق لهما؛

وهل علينا أن نشعر بالإحباط فيما لم تُحقّق هاتين المخرجتين الشابّتين ما نأملُ فيه؟

كلا. بالتأكيد، ليس لنا أن نُحبط، لأن هذه الجائزة، كأيّة مسابقة أخرى، تنتظر فائزاً واحداً فحسب من ضمن مجموعة مرشّحين، وأنّهما، أي الفيلمان، حقّقا (وحقّقت مخرجتاهما) خطوةً هامّة في المشهد الثقافي والفنّي العربي.

وأيّاً كانت النتائج، حقاً، أُضيف، نعم، لنا أن نزهوَ بالتغيّر الإيجابي في السينما العربية نوعاً وكمّاً.

وفي هذا المشهد تبدو السينما الفلسطينية وكأنها قد أصبحت قاب قوسين أو أدنى من بلوغ سُدّة الأوسكار، حيث نترقّب، أو نأمل، أن يقطع فيلم «الهدية» من إنجاز المخرجة الفلسطينية فرح نابلسي خيط النهاية وتحمل مخرجته تمثال الأوسكار لأفضل فيلم قصير لهذا العام.

وهذه ليست المرة الأولى التي تتجاور فيها السينما الفلسطينية مع جائزة الأوسكار، فقد سبق وأن ترشح فيلم «الجنة الآن» لهاني أبو أسعد لجائزة الأوسكار لأفضل فيلم روائي غير ناطق بالإنجليزية قبل بضعة أعوام؛ إلّا أنّ حظوظ فرح نابلسي تبدو أكبر في أن يُعلن عن فوزها ليلة الخامس والعشرين من نيسان المقبل.

يتحدّث هذا الفيلم القصير الصغير البسيط المتحدث عن مأساة كبيرة يواجهها الفلسطينيون الذين يعيشون بالذات في قطاع غزة يوميّاً، هو فيلم بلغت رسالته إلى من لا يريد سماعها ومن لا ينوي الانتباه إلى مأساة هذا الشعب الذي يعيش في حصار متواصل ودائم منذ عام 1967.

تتكئ فرح نابلسي على حكاية يومية يواجهها آلاف الفلسطينيين كلّما قرّروا، أو بالأحرى، كلّما أُتيحت لهم فرصة عبور البوّابات الحديديّة الدوّارة التي لا يعني الوصول إليها عبورها بالضرورة، ولا يعني عبورها بلوغ الهدف الذي سافر الفلسطيني من أجله، وتشهد تلك البقعة من الأرض يوميّاً آلاف التجاوزات على حريّة وكرامة المواطن الفلسطيني.

أبطال هذه طرفان نقيضان، متواجهان، متقابلان و متحاربان دائماً، وهما المواطن الفلسطيني من جهة والاحتلال من جهة أخرى، وفيما يتلبس الاحتلال شكل الجندي المُسلّح الذي يشهر بندقيّته العامرة بالرصاص وقد لا يتواني عن إطلاق النار، أما الطرف الفلسطيني فهو مكوّنٌ من ثلاثي قمته طفلة صغيرة وأساسه والدا هذه الطفلة، مرين كنج هي ابنة صالح بكري ومريم الباشا، وفيما ينطلق صالح بكري من تجربته الأدائية المترسّخة ومن كينونته الأسرية التي نهلت من تجربة أبٍ كبير هو محمّد بكري، وبينما تنهل مريم باشا من مدرسة الكبير كامل الباشا، فإنّ الصغيرة مريم كنج تسمو ليس بجمالها فحسب بل بحضورها البديع الذي يضع أداءها في مصاف أداءات ممثلين محترفين، وتضع هي الفيلم، بحضورها، في مستويات عالية، لا نُذهل أنّنا نجده يسعى إلى قطع خيط النهاية في مسابقة الأوسكار.

«حمراء الدثار» الفلسطينيّة هذه تُحقّق كل ما يحلم به الفلسطينيون اليوم، أي هدم ذلك الجدار العنصري العازل.

ولد الفيلم من رغبة شديدة لدى المخرجة الفلسطينية فرح نابلسي، التي لا تعيش في فلسطين، لكنّها أرادت أن تروي هذه المأساة، واختارت المنتج والمخرج السينمائي أسامة بواردي* الذي عمل ويعمل في فلسطين.

ويأتي الفيلم في وقت أن تشهد فيه السينما الفلسطينية نهوضاً جديداً وجيداً سواء على صعيد الإنتاج أو على صعيد الإنجاز أو على صعيد التنظير، ففيما تُنظم في العديد من المدن الفلسطينيّة مهرجانات سينمائية، هناك أعمال كثيرة تصور في فلسطين الآن، وقد حققت بعض هذه الأفلام حضوراً جيداً في الساحة العالمية نشير إلى شريط أمين نايفه ”200 متر“ من بطولة النجم الفلسطيني علي سليمان و ”غزة مونامور“ للثنائي عرب طرزان ناصر ومن بطولة هيام عباس والذي عُرض في مهرجان فينيسيا في العام الماضي وحقّق حضوراً في عدد كبير من المهرجانات السينمائية.

ويُدلّل كلّ هذا على طاقة سينمائية جديدة تبدأ من فلسطين بالضبط كما هناك طاقة سينمائية جديدة وهي تبزغ من السودان ، بلدان يمكن أن يشكلّا إضافة هامة في السينما العربية إلى جانب دول معروفة بنشاطها السينمائي.

 

المدى العراقية في

21.04.2021

 
 
 
 
 

"محاكمة سبعة من شيكاغو".. ماضي أميركا صدى حاضرها

محمد صبحي

"في صباح أحد أيام السبت من العام 2006، دُعيت للذهاب إلى منزل ستيفن سبيلبرغ. هناك، أخبرني برغبته في إنجاز فيلم عن أعمال الشغب في شيكاغو العام 1968، والمحاكمة الصُورية التي أعقبت ذلك. قلت "سأكتبه، يبدو موضوعاً رائعاً. يجب أن نصنع هذا الفيلم". غادرت وكان أول شيء فعلته هو الاتصال بوالدي لسؤاله عما حدث في شيكاغو العام 1968 وما هي تلك المحاكمة. لم أكن قد سمعت بها من قبل" – آرون سوركين في حوار معه حول الفيلم.

حيرة آرون سوركين، الذي انتهى به الأمر بعد تأجيلات عديدة، إلى كونه ليس فقط كاتب سيناريو الفيلم، وإنما أيضاً مخرجه، هي نفسها ما سيشعر به معظم الجمهور الأجنبي. فما الذي حدث في شيكاغو العام 1968، وكيف كانت المحاكمة اللاحقة؟

من 26 إلى 29 آب/أغسطس من ذلك العام، عُقد المؤتمر الوطني للحزب الديموقراطي في شيكاغو، حيث اختير مرشح الحزب للانتخابات الرئاسية. انقسم الديموقراطيون حول التدخل العسكري في فيتنام، الذي أقرّه زعيمهم، الرئيس الأميركي ليندون جونسون. جاء الآلاف إلى المدينة للتظاهر ضد الحرب. كان المناخ متفجراً في 1968، الذي ميّزته احتجاجات قام بها العمال والطلاب في أنحاء العالم، فيما على الصعيد الأميركي هزّ اغتيال مارتن لوثر كينغ وروبرت كينيدي البلاد. كانت المنظمات الراديكالية مثل "الفهود السود" تشهد صعود نجمها، وأقل شرارة يمكنها إشعال نار هائلة. في البداية، كانت المسيرات والتجمعات سلمية، في أجواء شبه هيبية، مع حفلات الموسيقى والشعر والرقص والعروض الساخرة من الشرطة والرئيس.

لكن بعد استفزازات من الشرطة، ردّ المتظاهرون، وكان ردّ وكلاء السلطة قمعاً وحشياً. اتُهم ثمانية من المحتجين المعتقلين بالتآمر وصُعّدت قضيتهم إلى محاكمة واجهوا فيها أحكاماً بالسجن لمُدد تصل إلى عشر سنوات. تمت تبرئة الأسوَد الوحيد بينهم من التهم، ودخلت المجموعة التاريخ باسم "Chicago Seven". بوجود ريتشارد نيكسون على رأس السلطة بعد هزيمته الديموقراطي هوبير همفري في الانتخابات، كانت فكرة الإدارة الجديدة هي الحصول على أحكام تنكيلية بالمتهمين وضرب المثل بهم، حيث أقامت مهزلة قضائية استمرت من أيلول/سبتمبر 1969 إلى شباط/فبراير 1970.

هذه المقدمة التاريخية ضرورية لمقاربة الفيلم بحد أدنى من السياق. قصة "محاكمة سبعة من شيكاغو" قد تبدو بعيدة المنال لولا أن عنف الشرطة والطبيعة التعسفية للسلطات، شهدا، في أيار/مايو الماضي، فصلاً جديداً في الولايات المتحدة، باغتيال جورج فلويد وقمع التظاهرات العديدة التي تلت ذلك. وكانت النتيجة 19 قتيلاً. من المعروف أن هوليوود تحب أن تضخّ في إنتاجاتها قضايا الأجندة الحالية. تصدَّرت النسوية والتنوع الجنسي والعنصرية هذه الأجندة في السنوات الأخيرة. حصل الفيلم على ستة ترشيحات لجائزة الأوسكار التي ستعلن نتائجها بعد أقل من أسبوعين.

لكن الفيلم ليس انتهازياً، رغم ذلك، خصوصاً حين معرفة أن قصّته ظلّت في بال المخرج طيلة 14 عاماً. عطفاً على ذلك، عندما يتعلق الأمر بفيلم عن الحُكم والسياسة الأميركيين، فمن الطبيعي أن نفكر في آرون سوركين، كاتب السيناريو المخضرم الذي يقف وراء أفلام مثل "بضعة رجال فاضلين" أو سلاسل تلفزيونية مثل "الجناح الغربي" و"غرفة الأخبار". فهو من النوع المتخصص في إلقاء الحقائق المتناقضة في وجه المشاهد بطريقة مُسلّية وذكية في المجمل. فيلمه الأخير لا يخرج عن هذا النطاق، باقتراحه مقارنة بين الصراعات العرقية التي تهز المجتمع الأميركي اليوم ومحاكمة هزلية مسيّسة من العام 1968.

يمتلك الفيلم مخططاً درامياً مشابه لذلك الذي في "بضعة رجال فاضلين" (1992، روب راينر)، وعروضاً أدائية مكتوبة خصيصاً "كي لا تُنسى". هنا، لدينا نوع من الخلاصة الوافية لمهاراته في إبقاء المشاهد مدمناً على استكمال الفيلم لنهايته، رغم طوله النسبي وإمداده قسرياً بما يطيل حياته. يروي سوركين، وهو في الأساس راوي قصص كفوء، خلفيات المحاكمة الفاضحة التي جرت في خريف عام 1969، حين اتهم الادعاء سبعة قادة اجتماعيين نظمّوا مسيرات احتجاجية ضد حرب فيتنام بالتحريض على العنف ومهاجمة السلطات. يستخدم سيّد الحوارات الرشيقة الأحداث الحقيقية ليحكي قصة بلد ممزَّق يتصارع فيه اليسار واليمين، والعنصرية جزء من يومياته ويحضر العنف دائماً في سردياته.

إنها قصة تحتوي على كل شيء: أبطال بخلفيات متناقضة ومسالك متباينة، المثقف الشاب توم هايدن (إيدي ريدماين)، الهيبيان البوهيميان آبي هوفمان (ساشا بارون كوهين) وجيري روبين (جيريمي سترونغ)، الناشط السلمي عتيق الطراز ديفيد ديلينجر (جون كارول لينش)، وفوق كل شيء، مجموعة من المؤامرات التي تجعل من المحاكمة لعبة بهلوانية ملئى بالعواطف والمفاجآت. على صعيد الإخراج، بهذا الفيلم، تمكّن سوركين من التغلب على بداياته الخجولة في باكورته الإخراجية "لعبة مولي"، لينجز عملاً حيوياً ولاهثاً في معظم فتراته بفضل اعتماد الكاميرات المحمولة في التصوير، بالإضافة إلى مونتاج متزامن ينسج، بدءاً من المحاكمة، سلسلة من ذكريات الماضي التي تقدم سرداً متعدد الجوانب لما حدث بالفعل في الاحتجاجات ويربطها براهن الولايات المتحدة وتداعيات مقتل جورج فلويد. لا يزال الأميركيون الأفارقة يُقتلون على أيدي الشرطة في ظروف مشابهة لتلك التي حدثت أثناء محاكمة شيكاغو، عندما قُتل فريد هامبتون، نائب رئيس "الفهود السود" وقتها، على يد ضباط الشرطة الذين أطلقوا 90 رصاصة على منزله.

ما يثير اهتمام سوركين هو تحليل الحقائق التي أغرقت أفراداً مختلفين في أفعال مشكوك في صحّتها، حين وضعها تحت عدسة القانون المكبّرة. هذه بالضبط هي حالة فيلم "الشبكة الاجتماعية" (2010، ديفيد فينشر)، الذي فاز عنه سوركين بأوسكار أفضل سيناريو، وهو فيلم له هيكل مشابه لهيكل فيلمنا. غير أن الأوديسة المحمومة في فيلم فينشر عن صعود مارك زوكربيرغ، تغدو في فيلم سوركين قصة رمزية بسيطة لا تحفر عميقاً في موضوعها وتكاد تعالجه بشوكة وسكين الصوابية السياسية. هناك القليل من الغموض في هذه القصة التي ينتهي بها الأمر إلى رسم كاريكاتوري لأبطالها، لم ينج منه تقريباً سوى المحامي ويليام كونستلر (مارك ريلانس)، بتحويلهم مثاليين صبيانيين نعرف مسبقاً أنهم مقدّرون للنجاح في ادعائهم البراءة. يساهم في ذلك النبرة المرحة والساخرة للمشاهد التي تحرص على تفادي الواقعية، في سبيل تطريز الصورة بكادرات ملوّنة ومبهرجة مثل حدوتة أطفال تستثمر في العواطف السهلة.

غير أن هذا التبسيط التنفيذي ربما يكون مقصوداً في حدّ ذاته، والفيلم نفسه يؤكد على وعيه بالإمكانات السياسية الهائلة التي يمكن للفكاهة اكتنازها بألعابها اللغوية وإيجازها اللاذع ومفارقاتها السخيفة أحياناً والكاشفة معظم الوقت. يتبدّى ذلك في عرضه جزءاً كبيراً مما حدث حول هذا المؤتمر من خلال ذكريات الماضي التي يستدعيها الشهود على المنصّة، وكذلك أثناء قيام آبي هوفمان بعرض كوميدي في أحد الأقبية. تتماشى تلك اللحظات مع قصّة الفيلم، التي فيما تتبنّى نموذجاً سردياً لدراما محاكم تقليدية، تعمل أيضاً ككوميديا ​​عبثية حول فساد السلطة المستبدة وهزلية مؤامراتها. لأن سوركين، على عكس صانعي الأفلام الآخرين المكرسّين للتعمّق في الماضي الأميركي القريب، لا يحاول إعادة كتابة التاريخ بل التفكير فيه من منظورٍ لا يمكن أن يوجد إلا بمرور الوقت.

(*) رُشّح الفيلم لستّ جوائز أوسكار، من بينها جائزة أفضل فيلم. يُعرض حالياً في "نتفليكس".

 

المدن الإلكترونية في

21.04.2021

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004