ملفات خاصة

 
 
 

«بافتا 2021»... نصوص بديعة تربح سباق السيناريو

بالم سبرينغز: محمد رُضا

جوائز الأكاديمية الأمريكية للفيلم

الدورة الثالثة والتسعون

   
 
 
 
 
 
 

كافأت «أكاديمية جوائز الفيلم البريطانية»، ليلة أول من أمس فيلم «الأب» بجائزتين مهمّتين مقابل خسارته لجائزة أفضل فيلم، التي ذهبت للفيلم الأميركي «نومادلاند» كما حققته كلووِي زاو. الجائزتان هما أفضل ممثل وأفضل سيناريو مقتبس.

التقط «نومادلاند» ثلاث جوائز مهمّة أخرى لجانب أفضل فيلم هما جائزة «أفضل مخرج» و«أفضل ممثلة (فرنسيس مكدورماند) وأفضل تصوير (جوشوا جيمس رتشاردز).

كلا هذين الفيلمين من الأعمال المرشّحة للأوسكار في مسابقتين. فهما يتنافسان في فئة أفضل فيلم وفي فئة أفضل سيناريو مقتبس. ويبلغ عدد الترشيحات الأخرى التي نالها «نومادلاند» في قوائم الأوسكار المختلفة أربعة، ففيلم زاو الذي يدور حول امرأة تترك المدينة الصغيرة إلى رحاب الـ«كانتري» الواسعة، متنافس في سباق أفضل ممثلة وأفضل إخراج وأفضل تصوير وأفضل توليف.

أما «الأب» فوجوده «الأوسكاري» متوفر، لجانب سباق أفضل فيلم وأفضل سيناريو مقتبس، في نطاق 5 مسابقات هي أفضل ممثل أول (أنطوني هوبكنز) وأفضل تمثيل نسائي مساند (أوليفيا كولمن) وأفضل توليف وأفضل تصميم إنتاجي (يشمل الديكور والتصاميم الفنية).

ما حدث للموريتاني

فوز «الأب» بـ«بافتا» أفضل سيناريو مقتبس في محلّه. كتب مخرج الفيلم فلوريان زَلر النسخة الأولى من السيناريو ثم سلّم المهام إلى البريطاني كريستوفر هامبتون. فاز الفيلم على أربعة منافسين في فئة أفضل سيناريو مقتبس هي «نومادلاند» و«النمر الأبيض» و«الحفر» و«الموريتاني».

مثل «الأب» قام مخرجا «نومادلاند» (زاو) و«النمر الأبيض» (رامين بهراني) بالكتابة، بينما كتب آخرون «الموريتاني» (ثلاثة كتّاب وأخرجه كَڤن ماكدونالد) و«الحفر» (كتابة موريا بوفيني وإخراج سيمون ستون). ولم يدخل سباق «بافتا» من بين كل هؤلاء المخرجين (بمن فيهم فلوريان زَلر عن «الأب» سباق أفضل مخرج التي فازت بها الأميركية - الصينية كلووِي زاو.

المخرجون الذين نافسوها على هذا الجائزة هم الدنماركي توماس فنتربيرغ عن «دورة أخرى» والأسترالية شانون مورفي عن «بايبي تيث» والأميركي - الكوري لي أيزاك تشونغ عن «ميناري» والبوسنية ياسميلا زبانيتش عن «كوفاديس، عايدة؟» ثم البريطانية سارا غافرون عن «صخور».

في مجال السيناريو المقتبس، حيث حاز «الأب» على جائزة «بافتا» عن هذه الفئة شهدت المنافسة أربعة أعمال كل منها بديع وصعب الكتابة.

في فيلم «الحفر» سيناريو مويرا بوفيني مقتبس عن رواية جون برستون وبعض من قرأ الرواية وشاهد الفيلم لاحظ كم كانت الكاتبة أمينة للأصل. ربما هذه الأمانة، بعد قراءتي السيناريو وحده، لم تكافأ كون النص بدأ، كما الحال في الفيلم، بشخص راف فاينز كشخصية رئيسية وانتهى بعدة شخصيات رجالية رئيسية، بينما دور المرأة (كما أدّته كاري موليغن) بقي منفرداً ومعززاً. لا عجب أن لا موليغن ولا فاينز وجدا نفسيهما بين المرشّحين لأي «بافتا».

الفيلم الثاني في عداد تلك التي رُشّحت للبافتا في نطاق أفضل سيناريو مقتبس هو «الموريتاني»، الذي وضعه محمدو ولد صلاحي عن تجربته حين اعتقل وأودع في غوانتانامو. أولئك الذين اقتبسوا السيناريو أخفقوا، ولو إلى حد، في تحديد من الشخصية الرئيسية التي ستقود الفيلم النقدي. كما الحال في «الحفر» توزّعت البطولة بين طاهر رحيم (في دور محمدو ولد صلاحي) وجودي فوستر (في دور المحامية المدافعة عنه). لكن الممثل الفرنسي - الجزائري طاهر رحيم نافس أنطوني هوبكنز في دائرة أفضل ممثل أول.

الثلاثة الآخرون هم الأميركي الراحل شادويك بوزمان («موخرة ما رايني السوداء») والبريطاني ريز أحمد («صوت المعدن») والدنماركي ماس ميكلسن («دورة أخرى) والهندي أدارش غوراف (عن «النمر الأبيض»).

السيناريو الثالث الذي نافس «الأب» على جائزة أفضل اقتباس هو «نومادلاند» ذاته.

تحيلنا قراءة سيناريو «نومادلاند» إلى صورة تماثل في حميميّتها ما نراه مترجماً على الشاشة. فران (مكدورماند) لا تغادر أي صفحة من صفحات السيناريو ولا أي مشهد من مشاهد الفيلم. وما رسمه السيناريو من ملامح لامرأة ستينية تجرّب الاستقلال عن العمل الدائم والحياة المستقرة بالإقدام على ترحال دائم معبّر عنه جيداً في الفيلم، لكن ما يمكن أن يكون سبباً مانعاً لفوزه هو أن «الأب» يلج المشكلة مباشرة من صفحته الأولى وحتى الأخيرة.

في غضون ثلاث صفحات أولى نطالع الإنكار الذي دافع به الأب عن نفسه، القلق الذي ميّز حال ابنته وامتزاج الواقع والخيال عند الأول. والسيناريو يكمل لعبه على هذه الأوتار بنجاح حتى تلك النهاية الأكثر تأثيراً عاطفياً من كل نهايات الأفلام المتنافسة في هذا النطاق. وفي النص كاملاً نقرأ كذلك أن المواجهة المباشرة هي بين أب وابنته، وتلك الضمنية هي بين الأب ونفسه.

أما «النمر الأبيض»، فالجهد فيه واضح منذ أن تصدّى المخرج رامين بهراني لرواية معقّدة وطويلة وضعها صديقه الهندي أرافند أديغا. نظرة غير منحازة على هذا السيناريو تشي بأنه كان الأغزر في تنويعاته الدرامية من أي فيلم آخر والموازي في عمق تناول شخصيته مع «الأب». ربما التعليق حال دون سلاسة ما يطرحه، لكن على الورق لا يتبدّى هذا كمشكلة.

زحمة شخصيات وكائنات

سيناريوهات أفضل سيناريو أصلي (غير مقتبس من وسيط سابق) مثيرة بدورها للاهتمام. احتوت على «امرأة شابة واعدة» و«دورة أخرى» و«مانك» و«صخور» و«محاكمة شيكاغو 7».

الفيلم الذي فاز بها هو «امرأة شابّة واعدة» (فاز أيضاً بـ«بافتا» أفضل فيلم بريطاني) الذي كتبته مخرجة الفيلم إيمرالد فَنل. هو أفضل من سيناريو «صخور» (على جودته) ومتميّز عن الثلاثة الأخرى بكونه أكثر مباشرة في التعامل مع الحيز الزمني والمكاني والشخصي لبطلته.

سيناريو «امرأة شابّة واعدة» (المستوحى من تجربة المخرجة الخاصّة) هو عمل حرفي يسير على منهج كلاسيكي أميركي بدءاً بتخصيص المشهد الأول (مواجهة بطلة الفيلم كاساندرا كما قامت بها - أيضاً - كاري موليغن لرجل حاول استمالتها) لشرح الحال الحاضر لتلك الشخصية. بعد ذلك، ينتقل السيناريو من نطاق تخصيص الحالة الفردية إلى تخصيص الحالة الاجتماعية.

هنا تضخ الكاتبة - المخرج العناصر المهمّة في تأليف العمل من تأطير المكان والشخصيات لما سيقع لاحقاً، بما في ذلك نبرة العمل ذاتها (خفيفة، درامية، كوميدية... إلخ).

سيناريو «دورة أخرى» هو وضع قائم بذاته: مجموعة من الأصدقاء وحوار حول الماضي والحاضر والخفي من المشاعر. «صخور» (لم أقرأه بعد) يبدو شبيهاً بالفيلم الفائز من حيث معالجته حال فتاة تجد نفسها أمام مهمّة العناية بنفسها وبشقيقها الأصغر سناً بعدما تركتهما والدتهما فلجأ إلى الحياة في الشارع.

لكن سيناريو كل من «مانك» و«محاكمة شيكاغو 7» هو الأكثر اختلافاً من الفيلم النسائي الفائز إلى درجة النقيض منه.

«مانك» (إخراج ديفيد فينشر عن سيناريو والده الراحل جاك فينشر) مكتوب بنفس مزدوج. هو سيرة لمرحلة من مراحل حياة السيناريست هرمان مانكويتز، وفي ضمن ذلك هو سيرة لهوليوود أواخر الثلاثينات والأربعينات. لجانب هذين الخطّين المتواردين طوال النص، هناك إحاطة بالظروف التي سبقت تصوير فيلم أورسن وَلز «المواطن كاين».

يخلق ذلك نصّاً غزيراً ومكثّفاً يحتاج القارئ فيه لمراجعة بعض مشاهده عدّة مرّات حتى ولو قرأه في ليلة واحدة. الذي يمكن أن يكون قد حدث ما وجّه جائزة أفضل سيناريو أصلي لفيلم إيمرالد فَنل يكمن في نقطتين أهمّهما أن المحيط الاجتماعي للشخصية الرئيسية أكثر وضوحاً وركيزة رئيسية في تحديد هدف السيناريو. الثاني هو أنه أبسط قراءة. ليس من استعادات كثيرة ولا توجه في أكثر من سلسلة من الأحداث.

حال «مانك» شبيه بحال «محاكمة شيكاغو 7». سيناريو آرون سوركِن من زاوية أن فيلم سوركِن هو أيضاً عن أحداث حقيقية تقع في الماضي (الستينات). كذلك هو فيلم زاخر بالمواقف والشخصيات ويتّكل كثيراً على ملكية المخرج في وضع حوارات ولو أن العديد منها يتبدّى كما لو كان من كتابة خبير منشورات الدعاية أو التقارير الإخبارية.

ومثل «مانك» ينتقل في استعادات وقطع مزدوج بين حاضر وآخر ماضٍ ولو على نحو متسارع وغير دراسي.

لم يشر سوركِن إلى مصادر عمله. هناك كتب عدّة حول محاكمة الرجال السبعة الذين حشدوا لمظاهرات تندد بحرب فييتنام، ولا يمكن أن يكون سوركِن قد ألّف السيناريو من دون الرجوع إليها.

 

الشرق الأوسط في

13.04.2021

 
 
 
 
 

"نومادلاند" يواصل مسيرة التتويجات نحو الأوسكار

فيلم "الهدية" للمخرجة البريطانية – الفلسطينية فرح النابلسي يفوز بجائزة أفضل فيلم بريطاني قصير في حفل توزيع جوائز بافتا.

لندنقبل أسبوعين من حفلة الأوسكار، حقق فيلم “نومادلاند” للمخرجة كلويه جاو عدة تتويجات في جوائز بافتا السينمائية البريطانية، التي ضمت قائمة ترشيحات سعت من خلالها للرد على الانتقادات بشأن نقص التنوع في السنوات الماضية.

وفاز فيلم “نومادلاند” عن “هيبيين” معاصرين يجوبون الولايات المتحدة، في منافسة “بافتا” التي بثت مساء الأحد من قاعة ألبرت الملكية في لندن دون جمهور بأربع جوائز: أفضل مخرجة (كلويه جاو) وأفضل فيلم وأفضل ممثلة (فرانسس مكدورماند) وأفضل تصوير سينمائي.

ويغوص الفيلم في عالم “سكان المقطورات”، وهم الأميركيون الذين يمضون أوقاتهم في مركبات مستصلحة تضم مساحة للنوم ويعيشون من الأعمال البسيطة، حتى أنهم باتوا يشكلون ما يشبه المجتمع الصغير ويتواصلون في ما بينهم خلال لقاءات الصدفة على الطرق أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

وأثنت كلويه جاو، وهي ثاني امرأة تفوز بفئة أفضل مخرج في هذه المنافسة، على “المجتمع البدوي الذي استقبلنا بسخاء وشاركنا أحلامه ونضالاته”.

جوائز "بافتا" حاولت هذه السنة تنويع اختياراتها التي واجهت سابقا عدة انتقادات بسبب نقص التنوع

وتظهر المخرجة التي فاز فيلمها بجائزة “أفضل فيلم درامي” في جوائز غولدن غلوب التي وزعت افتراضيا في نهاية فبراير، في موقع قوي منافسة على جوائز الأوسكار: فهي مرشحة لأربع جوائز في المنافسة في ما يعتبر سابقة لامرأة.

كما توج الفيلم في سبتمبر الماضي بجائزة مهرجان تورنتو السينمائي الدولي، ما يجعله الأوفر حظا للفوز بالأوسكار بعد نيله أهم التتويجات العالمية.

وفاز أنتوني هوبكينز بجائزة أفضل ممثل عن دوره في فيلم “ذي فاذر” للمخرج الفرنسي فلوريان زيلر الذي فاز بجائزة أفضل سيناريو مقتبس.

وبعد الحفلة، قال الممثل البالغ 83 عاما من ويلز لصحافيين إنه “فخور” لمشاركته في هذا “الفيلم القوي”.

وتم تصوير فيلم “ذي فاذر” المقتبس من مسرحية تحمل الاسم نفسه في إنكلترا.

ويروي الفيلم قصة أنتوني العجوز الثمانيني الذي يتخلى عنه أبناؤه ويودعونه في دار المسنين، بينما تعصف به الذاكرة يمينا وشمالا وهو يعيش ذروة تلك اللقاءات العابرة مع شخصيات إيهامية لا يربطها رابط.

وقال المخرج فلوريان زيلر الذي كان يرتدي بزة رسمية في اتصال عبر الفيديو “لقد كان شرفا حقيقيا أن أعمل في بلدكم الذي هو فعلا بلد المسرح”. وأضاف “أنا فرنسي لكنني في قلبي أشعر بأنني إنجليزي”.

كما نال فيلم “ذا جيفت” أو “الهدية” للمخرجة البريطانية – الفلسطينية فرح النابلسي جائزة أفضل فيلم بريطاني قصير في حفل توزيع جوائز بافتا.

ويعزز هذا الفوز حظوظ الفيلم الذي يتنافس للفوز بجائزة أوسكار أفضل فيلم روائي قصير، حيث اختير ضمن القائمة القصيرة للأفلام المتنافسة على الجائزة هذا العام.

يدور العمل حول رجل فلسطيني مجتهد يعيش في الضفة الغربية، ينطلق مع ابنته الصغيرة لشراء هدية عيد زواج لزوجته. ولكن عندما تعيش في ظروف نقاط التفتيش والجنود وحواجز الطرق، كما هو الحال بالنسبة إلى جميع الفلسطينيين، فإن هذه المهمة البسيطة لا تكون بهذه السهولة. إنها قصة بسيطة تتحدّث عن الواقع العبثي الموجود في فلسطين اليوم.

وشكرت المخرجة النابلسي في كلمتها التي وجهتها عبر الإنترنت لحظة إعلان النتائج، القائمين على الجائزة والكادر الذي عمل معها على إنجاز هذا الفيلم، مهدية فوز فيلمها للشعب الفلسطيني.

وذهبت جائزة بافتا عن فئة أفضل ممثلة مساعدة إلى الكورية الجنوبية يون يوه-جونغ (73 عاما) عن فيلم “ميناري” الذي يروي قصة عائلة أميركية من أصل كوري جنوبي تبحث عن حياة جديدة في الريف.

وحاز البريطاني دانيال كالويا (32 عاما) جائزة أفضل ممثل مساعد عن تجسيده دور فريد هامبتون القائد الشاب للحركة الثورية “بلاك بانثر” في فيلم “جوداس أند ذي بلاك ميسايا”.

ونالت بوكي بكراي جائزة “النجمة الصاعدة” لمشاركتها في فيلم “روكس” الذي يروي قصة مراهقة بريطانية نيجيرية في الخامسة عشرة من العمر تركتها أمها تحاول تخطي صعوباتها مع شقيقها الأصغر، بدعم من صديقات من شرق لندن.

ولم تكن الترشيحات لأفضل فيلم سنة 2020 تضم أي ممثل غير أبيض في الفئات الأربع الرئيسية، كما غابت المخرجات أيضا عن الجوائز.

وقالت المخرجة صينية الأصل  كلويه جاو “أحب القيام بما أفعله، وإذا كان ذلك يعني أن المزيد من الأشخاص مثلي يمكنهم أن يحققوا أحلامهم، فأنا ممتنة جدا”.

وحصلت إيميرالد فينيل على جائزة أفضل سيناريو أصلي عن فيلم التشويق النسوي “بروميسينغ يونغ وومان” الذي فاز أيضا بجائزة بافتا لأفضل فيلم بريطاني.

وذهبت جائزة أفضل فيلم بلغة أجنبية إلى فيلم “درانك” للمخرج الدنماركي توماس فينتربرغ، هو يروي تجربة مدمنة كحول.

وحصل المخرج أنغ لي (صاحب الأفلام “سنس أند سنسيبيليتي” و”كراوتشينغ تايغر، هيدن دراغون” و”لايف أوف باي”)، على جائزة “بافتا أكاديمي فيلوشيب”، أرفع تكريم في هذه الجوائز، تقديرا لمجمل مسيرته.

 

العرب اللندنية في

13.04.2021

 
 
 
 
 

فيلم "الأب": ماضي الأيّام الآتية

لينا الرواس

انطلاقًا من مسرحيته التي تحمل ذات العنوان، يصنع فلوريان زيلر، بالتعاون مع الكاتب كريستوفر هامبتن، فيلمه الأول، "الأب" (2020)، مصورًا معاناة رجل، وأب، متقدم في السن، مع ما يبدو مشابهًا لأعراض مرض الزهايمر، من دون أن يُذكر اسم المرض، ولا حتى لمرة واحدة عبر الفيلم. أنتوني، بطل فيلمنا، يعاني من فقدان تدريجي لذاكرته، ترافقه حلقات عديدة ومتقطعة من البارانويا وتقلّب المزاج والعصبية والقلق.

ونتيجة لحالته الطبية، يفقد أنتوني قدرته على العيش وحده، ما يدفع ابنته، آن، التي مثلت دورها ممثلة المسرح أوليفيا كولمان، إلى السعي لتوفير مقدمي الرعاية الصحية له بشكل مستمر. لكن أنتوني، الذي تمكن منه المرض عند هذه المرحلة، يرفض وجود ممرض/ة للعناية به، ما يصعب الأمر أكثر على آن التي تريد الانتقال للعيش في باريس. ومع التداعي المستمر لحالة أنتوني، تتخذ آن قرار وضعه في دار للرعاية الصحية.

سبق لـ أنتوني هوبكينز، آخر فرسان الشاشة البريطانية، أن جسد شخصية الأب عبر أدوار عدة، أشهرها "كينغ لير" بنسخة فيلمية من إخراج ريتشارد إير، لكن هوبكينز، المفترق تمامًا عنه ابنته آبيغيل هوبكينز، والذي تابعنا فيديوهاته المنزلية الأخيرة وهو يمضي وقتًا لطيفًا برفقة قطته "نيبلو"، أثناء الحجر الصحي، جعل تجربة الفيلم شخصية إلى أبعد حد، فبدءًا من اسم الشخصية وتاريخ ميلادها، وصولًا إلى تصريحات هوبكينز الأخيرة بأن التحضير للدور كان "سهلًا"، لأنه ببساطة يشبه، بطريقة أو بأخرى، ما يعيشه هوبكينز بنفسه اليوم.

يعمل الفيلم على مستويات عدة ومتلاحمة، واضعًا جوهر العلاقات الأسرية، خاصة تلك التي بين الآباء والأبناء، تحت مجهر فاحص، ويتركنا مع وابل من الأسئلة، بدلًا من تقديم إجابات جاهزة وعِبر معلّبة؛ كيف نستقبل دورة الحياة الحتمية؟ كيف نتعامل مع عالم بتنا لا نفهم حتى أبسط معادلاته، وتحولت فيه توافه الأشياء إلى معضلات عصية عن الفهم؟ والأهم من كل ذلك؛ كيف نتقن فن خداع أنفسنا ونتعايش مع المعارك الخاسرة؟ يصحو أنتوني في كل يوم ليجد عالمه وقد تغير من جديد، ولما بات عاجزًا عن شرح ما يمر به أو إيجاد أذن صاغية له، غدا صامتًا أمام انعدام المنطق، متواطئًا مع كل الأشياء من حوله، متآلفًا مع انقشاع عالمه وحلول آخر معقد جدًا بالنسبة له.

وفي حين يسلب أنتوني من كل أغراضه وممتلكاته شيئًا فشيئاً، إلا أن أكثر ما يخشاه هو أن يفقد ساعة يده، وهي الغرض الأكثر أهمية عبر الفيلم، ليست بوصفها دلالة واضحة على تشبث أنتوني بالزمن الذي ينسل من بين أصابعه فحسب، وإنما بما هي دليله الوحيد على "المكيدة" التي تحاك ضده؛ الجميع يسعى وراء سرقة ساعته وحرمانه من "تتبع" الوقت بشكل مستمر. لا يخشى الفيلم أن يدعو التقدم في السن "جحيمًا" لا مفر منه، ولا التعلق بالماضي بوصفه "لعنة"، أمر سبق أن اختبرناه برقة وصدق شديدين مع أفلام أخرى سبقت فيلم "الأب"، مثل فيلمي "آي دانييل بليك" و"نبراسكا"، يغدو فيها العصر سريع جدًا، يترك وراءه المتخلفين عنه، والناس يمرون بسرعة، يكاد فيها المرء لا يتعرف حتى على أقرب المقربين إليه.

أما الأبناء، فكيف ينقذون أنفسهم من دون الهرب؟ آن، التي تتلمس في السر ربطة عنق أبيها، وتذيبها كلمة شكر أو إطراء ينطق بها، عليها أن تواجه في وحدتها تبخر عائلتها إلى الأبد، وأن تغربل حب أبيها وتتغافل عن أذيته المستمرة وتفضيله الصريح لابنته الصغرى عليها، علمًا أن هذا السلوك قد يشكل علامة على الطريقة التي يعالج عبرها ذهن أنتوني التروما الناجمة عن وفاة الابنة الصغرى التي لعبت دورها برقة لا مثيل لها الممثلة إيموجين بوتس.

يبدو من الصعب، إن لم يكن مستحيلًا، تحديد الخط الزمني الذي يسير عبره الفيلم، أو معرفة تسلسل الأحداث، أو التحقق من صحتها، بشكل دقيق. إذ يروي المخرج قصة الفيلم عبر منظور أنتوني، فتتغير الشخصيات والأماكن، ويعيش المتفرج ذات حالة الشواش والتوهان الزمني والمكاني التي يعيشها مريض الزهايمر. هنالك بعض المشاهد "الموضوعية" في الفيلم طبعًا، أي التي تُروى عبر الكاميرا وتمثل منظورًا خارجيًا محايدًا، هو المخرج في هذه الحالة، لكنها مع ذلك غير كافية لوضع حكاية الفيلم ضمن مسار خطي دقيق.

صحيح أن رؤية أنتوني لابنته آن على هيئة الممرضة أوليفيا ويليامز، تشير إلى أن الفيلم يبدأ ويجري ضمن دار الرعاية، إلا أن هذا الافتراض يمكن أن يُبرهن فقط عندما نعلم تمام العلم، وعبر مشاهد موضوعية، أن هيئة الممرضة التي نراها في نهاية الفيلم تعود بالفعل للممرضة العاملة في دار الرعاية، وليست مجرد اختلاط آخر في ذهن أنتوني الذي يعيد تدوير كل ما يتلاقاه من صورة ومعلومات، جديدة أو قديمة، ويصنع منها في كل مرة كساءً مختلفًا لأيامه التي باتت متشابهة داخل دار الرعاية. وعلى الرغم من الإغراء الذي يجتذبنا باستمرار لفك الأحجية، تبدو القصة، أو الحبكة، هي العنصر الأقل أهمية عبر الفيلم. فليس الهدف الأول من تقنية زيلر الإخراجية هي إدخال المتفرج في متاهات، كالتي يزجنا كريستوفر نولان أو ديفيد لينش فيها، ولا هو يسعى إلى إغراق متفرجه في خيارات فنية وإخراجية متطرفة تضع فيلمه في خانة الأفلام التجريبية أو النخبوية. إن هذا التوازن بين السنن التجريبية والسائدة، بين المقاربة التقويضية والكلاسيكية، هو بالضبط ما يجعل الفيلم مؤثرًا وفريدًا من نوعه، فضلًا عن أداء هوبكينز الهائل، والذي يكاد ينفي وجود منافسين آخرين له على جائزة أوسكار أفضل ممثل لعام 2021، كما فعل قبل أيام؛ إذ حاز جائزة الـ "بافتا" عن دوره في الفيلم.

 إن ترك الباب مفتوحًا للتأويل الذاتي، وإتقان لعبة الإيحاء بالشيء بدلًا من قوله جهارًا، يعيدنا إلى خلفية المخرج المسرحية، فزيلر البالغ من عمره 41 عامًا، يعد اليوم واحدًا من أهم كتّاب جيله في فرنسا. ولعل علاقة التلقي المعقدة التي يقيمها المتفرج مع الفيلم، هي التجلي الأكثر وضوحًا لتقنيات المسرح، فالمشاهد يرى الأحداث عبر عيني أنتوني، ما يخلق تماهيًا وثيقًا بينه وبين الشخصية، لكن علاقة التماهي هذه يتم مقاطعتها بوسائل عدة، منها تغيير ديكور الأماكن وألوان الأغراض بين مشهد وآخر، وهو الأمر الذي يفوّته أنتوني أحيانًا ويتصيده المتلقي مع كل مشهد.

لقد أصبح المتلقي الآن مشككًا في كل الحقائق المقدمة عبر الفيلم، و"المسلمات" التي كان يراها سابقًا، غدت الآن موضع شك وتمحيص له. ومع أن المسرح وتقنياته يمثلان بشكل لا لبس فيه عبر الفيلم، إلا أن المخرج الشاب، الذي تخمرت في ذهنه مسرحية "الأب" لمدة عشر سنوات قبل تصوير الفيلم، يقدم لنا نموذجًا مهمًا على اقتباس المسرح للسينما، مع مراعاة خصوصية هذه الأخيرة من ناحية، ومن دون التخلي عن مكامن القوة التي تميز فن الكتابة المسرحية من ناحية أخرى. ولا يمكن تخطي الحديث عن الإخراج من دون ذكر عمليات التحرير والمونتاج التي قام بها يورغوس لامبرينوس، فتكرار المشاهد مرات عدّة مع إدخال تنويعات بسيطة مع كل تكرار، فضلًا عن اختيار الإيقاع والسرعة المناسبين، والاستخدام الموفق للفضاءات المغلقة وتفعيل علاقتها مع الفضاءات الخارجية، كان لها الدور الأكبر في صياغة الشكل النهائي للفيلم.

من المؤكد أن فيلم فلوريان زيلر ليس عابرًا. ومن المرجح أنه سيحفر طريقه عميقًا نحو كلاسيكيات السينما العالمية، ليغدو لحظة فارقة في حياة مخرج شاب يخطو اليوم خطوته الأولى، وممثل ناهز الثالثة والثمانين من عمره، مقدمًا خلالها أداءات كثيرة مبهرة للسينما والتلفزيون.

 

العربي الجديد اللندنية في

15.04.2021

 
 
 
 
 

«الأب» تجربة سينمائية فريدة..

وأنتوني هوبكنز يواصل إثارة الدهشة والمشاعر

عصام زكريا

رغم أن أنتوني هوبكنز، في الثمانينيات من عمره، إلا أنه لم يزل قادراً على إدهاشنا وإثارة مشاعرنا، بقدرته المتجددة على التقمص وتجسيد الشخصيات التي لا تُنسى، من الطبيب طيب القلب فريدريك تريفز في فيلم «الرجل الفيل» (1980(، إلى السفاح آكل لحوم البشر في «صمت الحملان» (1991) والجزأين التاليين منه «هانيبال» و«التنين الأحمر»، إلى خادم الأرستقراط المخلص والخجول في بريطانيا القرن الـ19 في «أطلال النهار» (1993)، إلى الجد الأمريكي المعذب بأبنائه في «أساطير الخريف» (1994)، إلى تجسيد شخصيات نيكسون وبيكاسو وهيتشكوك، وغيرها من الشخصيات الخيالية والحقيقية التي برع في أدائها، كما لا يفعل سوى عدد قليل جداً من الممثلين في هذا العالم.

ولد السير فيليب أنتوني هوبكنز في بريطانيا 1937، وعمل ممثلاً مسرحياً ومخرجاً ومنتجاً منذ شبابه المبكر، قبل أن تلتقطه هوليوود ليصبح أحد أعمدة الأدوار الصعبة في السينما الأمريكية والإنجليزية.

حصل هوبكنز على جائزة أوسكار ورشح لثلاث جوائز أخرى، بجانب عشرات الجوائز الكبرى الأخرى، منحته ملكة إنجلترا وسام الفارس. وها هو يرشح للأوسكار الرابع في مسيرته عن دوره في فيلمه الأخير "الأب"The Father الذي يلعب فيه دور رجل مسن يصاب بمرض الألزهايمر ويبدأ تدريجياً في فقدان ذاكرته وهويته.

«الأب» عرض في عدة مهرجانات دولية في العام الماضي، منها «صاندانس» و«تورونتو» و«القاهرة»، وتعثر عرضه العام بسبب ظروف كورونا، قبل أن ينزل إلى دور العرض أخيراً.

الفيلم من إخراج فلوريان زيلر عن مسرحية من تأليفه، كما قام أيضاً بكتابة سيناريو الفيلم (بالمشاركة مع كاتب السيناريو المعروف كريستوفر هامبتون).

ويشارك في التمثيل بجانب هوبكنز الممثلة أوليفيا كولمان، التي حصلت على الأوسكار منذ عامين عن دورها في فيلم"المفضلة" The Favourite كما لعبت دور إليزابيث، ملكة بريطانيا، في مسلسل "التاج"The Crown الذي يعرض على منصة "نتفليكس".

قد تبدو فكرة فيلم «الأب» مستهلكة، إذ سبق تقديمها في عشرات الأفلام والمسلسلات من قبل، حيث يدور الفيلم عن رجل مسن يفقد ذاكرته تدريجياً ويبين معاناته ومعاناة المحيطين به بسبب هذا المرض، ولكن فيلم «الأب» يتمتع بخصائص تخلو منها معظم هذه الأعمال، طبعاً بالإضافة إلى أداء هوبكنز الذي يستحق المشاهدة في حد ذاته.

كثيراً ما يتحدث الناس عن الأمراض العقلية مثل ألزهايمر، ولكن أحداً لا يمكنه تخيل ما يحدث في العقل نتيجة تدهور الذاكرة المتواصل حتى ينسى المرء أسماء أبنائه واسمه هو شخصياً، وهو أمر يختلف عن فقدان الذاكرة المفاجئ، نتيجة حادث مثلاً، لأن المرء يدرك، على الأقل في المراحل الأولى والوسطى من المرض، قدر المصيبة التي يمر بها، كما أن هذه المراحل تكون مصحوبة بأعراض أخرى مؤلمة ليس أقلها الهلاوس التي تنتاب المريض.

يحاول فيلم «الأب» الدخول إلى عقل هذا الأب العجوز، على مدار الشهور التي تشهد انهيار ذاكرته تدريجياً، حيث تختلط الوقائع اليومية بالذكريات بالخيالات، وتتداخل الأحداث والشخصيات فيما بينها وصولاً إلى السقوط في ثقب النسيان النهائي لكل شيء.

وأجمل ما في الفيلم أنه لا يحدثنا «عما» يجرى للشخصية الرئيسية، ولكن يصور لنا «ما» يدور في عقله. وما يدور في هذا العقل مربك، ومخيف، ومؤلم، يفقد فيه العالم صورته المتماسكة المنطقية، ويفقد فيه الفيلم قصته وحبكته وشخصياته التقليدية، ليجد المشاهد نفسه أمام، أو بالأحرى داخل، عقل مشوش يموج بمزق من صور مشوشة.

هذه القدرة على تصوير ما يدور داخل العقل هي ما يميز فيلم «الأب» عن المسرحية المقتبس عنها، أو عن أي مسرحية أخرى، بسبب محدودية الوسيط المسرحي في قدرته على تجسيد الخيالات والخلط بين الأحداث والشخصيات، مع الاعتراف بالطبع بأن المسرح له مزايا لا يمكن للسينما أن تتمتع بها، مثل الحضور «الحي» للحدث والشخصية.

يؤدي أنتوني هوبكنز شخصية الأب الذي يحمل أيضاً اسم أنتوني ببراعة معتادة، ومن شدة هذه البراعة قد يعتقد المشاهد للحظات أن الرجل المسن المريض المعروض أمامه هو أنتوني هوبكنز، وليس أنتوني الشخصية التي يؤديها.

وقد يتساءل المرء في لحظات أثناء مشاهدة الفيلم: هل يمثل أنتوني هوبكنز حقاً، أم أن هذا الرجل العظيم الذي ينهار بفعل الشيخوخة وفقدان الذاكرة هو شخص آخر؟ يحدث هنا نوع نادر من التقمص حيث يتقمص الممثل الشخصية، وتتقمص الشخصية الممثل، ويكمل المتفرج هذه الحالة بأن يتماهى مع كل من الشخصية والنجم الذي يؤديها.

تجربة مشاهدة فيلم «الأب» قد تكون استثنائية، ممتعة بقدر ما هي محزنة، خاصة لعشاق أنتوني هوبكنز، ولهؤلاء الذين فقدوا أحبابهم بفعل المرض العقلي، ولهؤلاء الذين يحبون التفكر في ماهية الإنسان وكم هي هشة مثل قشة في مهب الريح أمام قوى الطبيعة الغادرة!

هذا واحد من الأفلام القليلة التي تخرج منها مختلفاً عما كنت عليه قبل مشاهدتها!

 

الرؤية الإماراتية في

15.04.2021

 
 
 
 
 

المخرجون المتنافسون على الجوهرة الكبرى

أحدهم سيحمل الأوسكار هذا العام

بالم سبرينغز: محمد رُضا

المستقبل آيل لفوز المخرجة كلووِي زاو بأوسكار أفضل مخرج في الخامس والعشرين من هذا الشهر عندما يُقام حفل توزيع الأوسكار. إذا حدث ذلك فعلاً فستكون أول مخرجة أميركية من أصل آسيوي (وُلدت في الصين 39 سنة وانتقلت للعيش في الولايات المتحدة منذ نحو 16 سنة) تفوز بأوسكار أفضل إخراج، وهي حتى الآن أول مخرج أميركو - آسيوية تدخل الترشيحات أيضاً وذلك عن فيلمها «نومادلاند».

أوسكار هذا العام في فئة المخرجين لديه ناحية أخرى غير مسبوقة: أول مرة في تاريخه يوفر مخرجين من أصول آسيوية، فلجانبها هناك المخرج الكوري لي آيزاك تشونغ عن فيلمه «ميناري». وهي كذلك المرة الأولى التي يتم فيه ترشيح امرأتين للفوز بجائزة أفضل إخراج. الثانية هي إميرالد فَنل عن فيلمها «امرأة شابّة واعدة».

في تاريخ الأوسكار، الذي يبلغ الآن 93 سنة، وصلت خمس مخرجات فقط إلى الترشيحات الرسمية في سباق أفضل مخرج. الإيطالية لينا فرمولر عن فيلمه «سبع جميلات» (1976) والأسترالية جين كامبيون عن فيلمها الشهير «البيانو» (1994). في عام 2004 تم ترشيح الأميركية صوفيا كوبولا عن «مفقود في الترجمة» تبعتها كاثلين بيلغو عن فيلمها المعروف «ذا هيرت لوكر» (2020) وقبل ثلاث سنوات وجدت الأميركية غريتا غرويغ طريقها إلى الترشيح عن فيلمه «لايدي بيرد».

بين كل هذه الأسماء المذكورة كاثلين بيغلو وحدها التي خرجت فائزة بالأوسكار وفيلمها الذي يتناول رصد المخابرات العسكرية الأميركية لموقع بن لادن والقيام بقتله ما زال محط أخذ وعطاء بين نقاد ومعلقين همّهم الناحية السياسية وليس الفنية من أي عمل. بعضهم مع الفيلم وبعضهم ضده.

المرشحون الخمسة هذا العام متباينون كما الطرق المتفرعة من قوس النصر في باريس. التالي قراءة منفصلة لكل منهم.

- كلووِي زاو | Chloé Zhao

وُلدت في العاصمة بكين في 31 مارس (آذار) سنة 1982 باسم زاو تينغ. والدها كان رجل أعمال ووالدتها ممرضة. حسب مجلة «فوغ» التي أجرت حديثاً معها قبل نحو شهرين، فإن كلووِي تعرّفت على الفنون الغربية باكراً وفازت بمنحة للدراسة في بريطانيا قبل أن تواصل دراستها في لوس أنجليس ثم انتقلت إلى نيويورك، وقد بات واضحاً لديها أنها لن تغادر الولايات المتحدة، حيث درست في معهد «تيش سكول أوف آرتس».

من أول فيلم لها استطاعت زاو أن تقترح نفسها كمخرج جديد واعد. الفيلم هو «أغاني علمني إياها أخي» الذي تابعت فيه حياة رجل وشقيقته الصغيرة في محمية لقبيلة «سيوكس» وتم عرضه أولاً في «صندانس» ثم في «نصف شهر المخرجين» في إطار مهرجان كان سنة 2015.

بعد عامين حققت «الفارس» (The Rider) الذي اختطفته مظاهرة «نصف شهر المخرجين» سنة 2017. هذا ما سبق فيلمها الجديد المرشح في مجالات أوسكار عدة (بينها أفضل فيلم وأفضل إخراج وأفضل تمثيل نسائي أول) الذي تناولناه هنا أكثر من مرة.

- إميرالد فَنل | Emerald Fennell

هي بريطانية عمرها 35 سنة وهي تربعت على مهن عدة في السينما والمسرح والتلفزيون فمثلت وأنتجت وكتبت وأخرجت.

فيلمها «امرأة شابة واعدة» هو أول فيلم روائي طويل لها كمخرجة، وهو أيضاً من كتابتها ومن إنتاجها مع آخرين. هي خطوة للأمام بالطبع، حتى مع تباين الآراء حول القيمة الفنية لفيلمها وما إذا كان حب الوصول إلى الجمهور العريض احتل حجماً أعلى من حجم أي غرض آخر. موضوعها أنثوي ويتضمن الحديث عن تجربة فتاة (كاري موليغن) عندما تقرر أن تنتقم من كل شخص اعترض سابقاً (أو سيعترض حالياً) طريقها لأنها لن ترضى بأن تكون الرقم الثاني في أي معادلة.

شخصياً، أفضّلها ممثلة (لعبت دور الأميركة مركالوفا في «آنا كارنينا» (2012) ودوراً مسانداً في «الفتاة الدنماركية» (2015) وشاركت بطولة Vita & Virginia سنة 2018 قبل أن تنصرف لهذا الفيلم.

- لي إيزاك تشونغ | Lee Isaac Chung

من أبوين كوريين مهاجرين عاشا، كما موضوع فيلمه «ميراني» في مزرعة في ولاية أركنساس حيث أم الجامعة هناك على أن يتخرج طبيباً، لكنه أودع تلك النية جانباً وقرر دراسة الإخراج في ولاية يوتاه.

نجد أنه في كل فيلم من أفلامه الثلاث السابقة بدءاً من Munyurangabo هناك عنصر آسيوي. هو عنصر أساسي في فيلمه الأول (2007) وثانوي في فيلميه اللاحقين «حياة محظوظة» (2010) و«أبيغال هارم» (2012). لكن «ميناري» يحمل سمات الولادة الجديدة ويبدو كما لو كان سيرة لوالده الذي اختار حياة المزرعة في الريف على حياة المدن رغم أن زوجته، التي وقفت معه في هذا القرار، أعربت عن رغبة شديدة في العودة إلى حياة المدينة.

- توماس فنتربيرغ | Thomas Vinterberg

أحد المخرجين الدنماركيين الذين شاركوا في تيار «الدوغما» الذي نص على استبعاد أي عنصر عمل يُضاف إلى شريطي الصوت والصورة. حتى الموسيقى المسجلة لاحقاً ممنوعة. الإضاءة غير الطبيعية كذلك. لكن فنتربيرغ كان أذكى من أن يبقى منخرطاً في تيار لم يترك الأثر الذي توخاه، وحالياً هو من تبعات الأمس.

لديه حتى الآن 13 فيلماً طويلاً وأربع أفلام تلفزيونية. وهو خطف الاهتمام سابقاً عبر «رجل يعود للبيت» (2007) و«الصيد» (2012) وفيلمه الحالي «دورة أخرى» تتوّج بـ55 ترشيحاً لجوائز عدّة ونال 36 جائزة ولو أن معظمها من حلقات وجمعيات نقدية.

- ديفيد فينشر | David Fincher

من الغريب أن ديفيد فينشر هو الأميركي الخالص الوحيد بين هذه المجموعة من صانعي الأفلام المرشحين لأوسكار هذه السنة. هو أكبرهم سناً (مواليد 1962) وأكثرهم باعاً ومعرفة والوحيد بينهم الذي نالت أفلامه السابقة جوائز عدة.

حقق حتى الآن 12 فيلماً بدأت بـAlien3 سنة 1992 الذي غرّد خارج سرب ذلك المسلسل السينمائي. أحبّه البعض (وهذا الناقد من بينهم) ونبذه معظم النقاد. لكن العكس ما حدث في فيلمه الثاني «Se7en» سنة 1995 مع براد بت ومورغن فريمان والغائب عن الحضور حالياً (بسبب فضائح تحرّش) كيفن سبايسي.

كل أفلامه التالية (ومنها «زودياك» و«غرفة الألم» و«فايت كلوب» و«القضية المثيرة لبنجامين باتون» مع براد بت أيضاً) أثارت اهتماماً واسعاً كذلك فعل فيلمه الحالي «مانك».

 

الشرق الأوسط في

16.04.2021

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004