ملفات خاصة

 
 
 

"الأبّ" لفلوريان زيلر..

ذلك الخيط الواهن الذي يربطنا بالواقع

محمد صبحي

جوائز الأكاديمية الأمريكية للفيلم

الدورة الثالثة والتسعون

   
 
 
 
 
 
 

خرف الشيخوخة مرض مرعب يصيب الأغنياء والفقراء، الأذكياء منهم والأغبياء على حد سواء. هل من طريقة سينمائية لالتقاط تجربة خاصة ومتطرفة مثل خرف الشيخوخة؟ وإذا كان الأمر كذلك، فهل يجب أن تجرّب السينما؟ ذات مرة، كتب جون ميلتون في "الفردوس المفقود" إن الطريق من الجحيم إلى النور طويل وصعب. بعد مشاهدة الباكورة السينمائية لفلوريان زيلر، يتضح أن المسار المعاكس أطول وأكثر صعوبة.

في باكورته السينمائية، "الأبّ"، يتخذ الكاتب والمسرحي الفرنسي فلوريان زيلر، المرضَ، متكأً لتناول أعباء التقدّم في العمر ومعضلة الأبناء بين حاجتهم للتحرّر من التزام تتطلَّبه العناية بوالد يعاني تشوّشاً ذهنياً والإحساس الطبيعي بالواجب تجاهه. "الأب" فيلم كلاسيكي رصين، ليس فقط لتناوله موضوعاً مهمّاً ومُلحّاً في مجتمعات صناعية تشهد تزايداً في أعداد كبار السنّ، ولكن أيضاً لتولّي مهمّة بطولته اثنان من عظماء المسرح الأنغلو ساكسوني، أنتوني هوبكنز وأوليفيا كولمان. في سيناريو واحد تقريباً، يؤفلم زيلر مسرحيته التي حملت العنوان ذاته، منجزاً عملاً سينمائياً يعتمد فكرة الفضاء/الفراغ ليعكس الذهن المرتبك والمشوَّش لبطله المسنّ.

يحاول زيلر التقاط ما يمكن افتراض أنه جوهر تجربة مؤلمة ومعقدة مثل فقدان مسار الواقع وتبخُّر عقل من نحبّهم أمام أعيننا بلا حول ولا قوة. لا يفعل ذلك عن طريق المؤثرات الخاصة ولا يخترع موارد غريبة لمحاولة إيصال/ملامسة كيف يمكن معايشة مثل هذا الوضع. بل يقوم بذلك بطريقة بسيطة ومباشرة: المونتاج. قصة الفيلم بسيطة للغاية، رغم صعوبة شرحها، لأننا لا/ولن نعرف أبداً ما هو حقيقي وما هو غير حقيقي في ما نراه. من حيث المبدأ، سنقول إن هناك أبّ وابنة. الابنة وقعت للتو في الحُبّ وتتطلَّع إلى حياة جديدة في باريس مع شريكها، ولكنها في نفس الوقت تعاني تدهور حالة والدها، الذي في ما يبدو كان رجلاً كاريزمياً. ما من شك في أن ملايين الأشخاص حول العالم سيرون أنفسهم في المشاكل التي تعانيها الابنة، وهي امرأة في منتصف العمر تشعر بالذنب بسبب "تخلّيها" عن والدها، ولكنها تعاني أيضاً حين لا يتعرّف عليها أو يعاملها بجفاء أو يكرّر عليها حقيقة أن أختها (المتوفاة) كانت دوماً هي مفضّلته.

أنتوني هوبكنز يلعب دور الأب أنتوني، وهو رجل ثمانيني يعيش في شقة لندنية أنيقة. ابنته آن (أوليفيا كولمان) تتولّى العناية به بمساعدة ممرضات مختلفات، لكن الرجل أجبر لتوّه إحداهن على رفض استكمال وظيفتها، متهماً إياها بسرقة ساعته الأثيرة. تعلن آن أنها ستعيش في باريس وأنها ستعرّفه على فتاة أخرى لتعتني به. من المفترض ألا يفعل أنتوني شيئاً حيال ذلك القرار. هنا يكشف الفيلم حيله. ما نشاهده هو كيف يواجه أنتوني الموقف، ولاحقاً كيف يفقد إحساسه بواقعه ويستعيده ثم يفقده مرة أخرى. لهذا السبب يبدأ الأشخاص والوجوه والأوقات والسيناريوهات في الاندماج معاً والانصهار داخل بوتقة/عقل انتوني.

من خلال استخدام اللقطة واللقطة المضادة، مع تغييرات طفيفة في المشهد وتوليد لحظات من الإزاحة (مثل دخول غرفة ومغادرتها)، بحيث يتغيّر الممثلون في نفس المشهد أو التسلسل؛ يعمل الفيلم على تعميق ارتباك الرجل وتفسير ألغاز العقل بشكل مرئي، بحيث يتوقّف المتفرج نفسه عن التساؤل عن حقيقية أو موثوقية ما يراه. وهذا، تحديداً، إنجاز الفيلم الكبير. بتخلّيه عن الاستثمار في التشويق والإثارة (يتوهَّم أنتوني مؤامرة عائلية ضده)، يكمل الفيلم ما بدأه ويأخذ بيد متفرجه لمعاينة الفوضى التدريجية لدماغ أنتوني، وهو مسار يتضمّن أيضاً لحظاته الحادة والعدوانية وأخرى لطيفة وناعمة يطوّر فيها الرجل مهارات لم يكن يعرف حتى أنه يمتلكها.

يحتلّ هوبكنز كل العناوين الرئيسة لدوره اللافت وباعتباره مُفضَّلاً في سباق الأوسكار (رغم صعوبة تحقيق ذلك). الوقت وحده كفيل بإخبارنا، لكن من المحتمل جداً أن ينتهي هذا الأب الغاضب أحياناً والساحر أحياناً، المرتبك على الدوام، بأن يصبح أكثر أدواره شهرةً بعد شخصيته الأيقونية هانيبال ليكتر التي أدّاها في فيلم "صمت الحملان" (1991، جوناثان ديم). هوبكنز رائع، هذا مؤكد، في دورٍ صعب للغاية يربك المشاهد، لأن المرء لا يعرف ما إذا كان ما يراه حقيقياً أم من نسج خياله. عبر تخطيط دقيق، لا يلعب المخرج بالفضاء فحسب، بل يتلاعب أيضاً بوجهة النظر في الفيلم الذي يذكّرنا أحياناً بسلالم بنروز التي لا تؤدي إلى أي مكان.

من هذا "الرهان" لإعادة تشييد هذا النوع من التشتت العقلي (الذي يملك بعض الصلات بأفلام سابقة مثل "عقل جميل" (2004، رون هاورد)، يقوم زيلر وكاتب السيناريو المخضرم كريستوفر هامبتون وهوبكنز نفسه، ببناء متاهة شعورية لرجل لا يدري تماماً بشأن ماضيه أو حاضره، عائش في واقع مراوغ ومتوهَّم، لكنه، أحياناً، يعي خسارته. وفيما يداوم الفيلم على عرض تجارب بقية أفراد أسرته ومقدّمي الرعاية إلينا من خلال منظوره المتداعي، يتمكّن أيضاً من نقل معاناة وألم الابنة، التي تدرك تدريجياً أن والدها لم يعد كما كان وأن لا شيء يمكنها فعله حيال ذلك، بخلاف مساعدته في تلبية احتياجاته الأساسية أو الاستعانة بشخص آخر للقيام بذلك.

ربما تكون أوليفيا كولمان الممثلة الأكثر سخاءً في السينما المعاصرة. هنا، كما في دورها في السلسلة التلفزيونية "التاج"، تصير دعامة توازن وكرامة (من بين أشياء أخرى) بأداء منضبط لا يلفت الانتباه إلى نفسه إنما يعمل كمعزّز للشخصية الرئيسة وتأكيد غرابتها أو فرادتها. في السلسلة المَلَكية، كانت جيليان أندرسون في دور مارغريت تاتشر، وهنا هوبكنز في دور الأبّ، هو الممثل/الشخصية المنوط به تأدية العمل التعبيري المباشر، وهو شيء يفعله بجدارة تشهد بها موهبته وتمكّنه من شخصية صعبة البناء والاستدامة بسبب حالتها الدائمة من الارتباك.

يتمتع "الأبّ"، مثل العديد من الأفلام الأخرى المحتفى بها والمرشّحة لجوائز هذا العام، بهيكل مسرحي يحدّ من إمكانياته التعبيرية. يتمكّن زيلر، عبر المونتاج، من إعطاء هالة سينمائية لعمل من السهل تخيّله على خشبة المسرح، فقط بإضافة مداخل ومخارج الممثلين وتغيير الإضاءة والمَشاهد. لكن هذا لا يكفي دائماً، وفي بعض الأحيان يتسلّل الإحساس بهذه القيود عبر الشاشة في فيلم تندر فيه المشاهد الخارجية. لكن، بفضل الممثلين، وبشكل أساسي، لعالمية موضوعه، تمكَّن الفيلم من نقل المشاعر والارتباك والمخاوف التي تمرّ بها شخصياته. إنها تجربة قوية ومُحزنة ومؤلمة تذكّرنا من جديد بهشاشة ذلك الخيط الواهن الذي يربطنا بما نسمّيه الواقع.

(*) رُشّح الفيلم لستّ جوائز أوسكار، من بينها جائزة أفضل فيلم.

 

المدن الإلكترونية في

09.04.2021

 
 
 
 
 

فيلم "نومادلاند" يفوز بأبرز جوائز جمعية المخرجين الأميركيين

(فرانس برس)

فازت مخرجة "نومادلاند" كلويه جاو السبت بجائزة أفضل فيلم طويل المقدمة من جمعية المخرجين الأميركيين، آخر حفلة كبرى قبل الأوسكار خلال موسم جوائز يقام بمجمله افتراضياً بسبب جائحة كورونا التي أخرت مواعيد كثيرة خلاله.

وخصصت المخرجة كلمة الفوز لمدح زملائها المنافسين لها الذين يتساءلون حالياً عن حظوظهم في مواجهة فيلمها الذي لقي استحسان النقاد، وحاز جوائز عدة، قبيل حفلة توزيع جوائز الأوسكار في 25 إبريل/ نيسان.

وقالت المخرجة البالغة 39 عاماً والتي عُرفت سابقاً بفيلمها "ذي رايدر"، لمنافسيها "أشكركم على كل ما علمتموني إياه والدعم الذي أظهرتموه لي. جعلتم هذه الرحلة أجمل بكثير".

وقبل كلويه جاو، كانت امرأة واحدة قد نجحت في حصد جائزة أفضل فيلم طويل في هذه المنافسة، وهي كاثرين بيغلو عن "ذي هورت لوكر".

وتغلبت المخرجة الصينية الأميركية في هذه الفئة الرئيسية على المخرجين ديفيد فينشر ("مانك") وإيميرالد فينيل ("بروميسينغ يونغ وومان") ولي آيزاك تشونغ ("ميناري") الذي يخوض المنافسة أيضاً لنيل جائزة أوسكار أفضل مخرج. وتُعتبر جوائز جمعية المخرجين الأميركيين مؤشراً جيداً لحظوظ أي عمل للفوز بالأوسكار عن فئة أفضل مخرج.

وتُصنف كلويه جاو المرشحة الأوفر حظاً. ورغم أن تقديرات جمعية المخرجين الأميركيين خابت العام الماضي، إذ منحت جائزتها لسام منديس ("1917") بدل بونغ جون-هو ("باراسايت")، لكنها نجحت في توقع المخرج الفائز في جوائز الأوسكار خلال السنوات الست السابقة.

ويتبع "نومادلاند"، وهو فيلم درامي شبه خيالي، مجموعة أميركيين مسنين يعيشون في حافلات يختارون لهم حياة جديدة في الغرب الأميركي بعد أن أرخى الانكماش الكبير بثقله عليهم.

وأبدت جاو المتحدرة من بكين أملها في أن يتمكن المتفرجون من خلال فيلمها من أن "يجربوا حياة أشخاص يمكن تصنيفهم بأنهم "الآخر" ويشعروا تالياً بأنهم أقل وحدة".

 "متنفس وعلاج"

ووصفت إخراجها للفيلم بأنه متنفس وعلاج لتجربتها الشخصية من "الوحدة الشديدة". ومُنحت جائزة أفضل إخراج إلى داريوس ماردر عن فيلمه "ساوند أوف ميتل" الذي يروي قصة عازف درامز لموسيقى الهافي ميتل يفقد السمع، وهو عمل يشارك أيضاً في المنافسة على أوسكار أفضل فيلم.

وشكر المخرج أفراد مجتمع الصمّ والبكم "لأنهم دعونا لكي ندخل ونشارك ثقافتهم معنا ومع الفيلم ومع الشاشة". كملك مُنحت جائزة أفضل فيلم وثائقي إلى "صيادو الكمأ" "ذي ترافل هانترز" الذي يروي قصة مجموعة مسنين إيطاليين مع كلابهم يمارسون تقليداً قديماً بالبحث في الغابة عن أطايب لاستخدامها في تحضير الأطباق.

كذلك فاز الموسم الأخير من مسلسل "هوملاند" التلفزيوني بجائزة أفضل مسلسل درامي. وفي مؤشر إلى تبدل الزمن، اتصلت المخرجة ليسلي لينكا بالحفل من حفلة فعلية مع "كل فريق المخرجين" في عملها "ممن تلقوا اللقاح بالكامل".

وفاز "ذي فلايت أتندنت" بجائزة أفضل مسلسل كوميدي، فيما واصل "ذي كوينز غامبيت" تألقه خلال موسم الجوائز الحالي حاصداً جائزة أفضل مسلسل قصير.

ورغم كونها أقل أهمية نسبياً من جوائز غولدن غلوب و"سكرين أكتورز غيلد أووردز" (جوائز نقابة ممثلي الشاشة)، تتمتع جوائز جمعية المخرجين الأميركيين بأمد حياة طويل كما أن المشاركين الـ18 ألفاً في التصويت عليها، وبينهم أفضل المخرجين في القطاع، يتيحون للأعمال فرصة الحصول على تقدير كبير.

وقد فتح رئيس الجمعية توماس شلامه الحفلة الافتراضية من قاعة ذي غيلد العصرية في هوليوود. وهو نفسه فاز بجائزة لأفضل حلقة خاصة من مسلسل "ويست وينغ" خُصصت للتشجيع على التصويت في الانتخابات الأميركية.

 

####

 

"بافتا" تعلن عن بعض الفائزين... والليلة الجوائز الرئيسية

لندن/ العربي الجديد

وزعت جوائز بافتا السينمائية، أمس السبت، التي تطلقها سنوياً الأكاديمية البريطانية لفنون الفيلم والتلفزيون، جوائز الليلة الأولى من الحدث الذي  يختتم اليوم الليلة الثانية مع الجوائز الرئيسية، وهي المرة الأولى التي يقام فيها على مدار يومين لأول مرة.

وذكرت وكالة فرانس برس أن الليلة الأولى للجوائز، التي تم بثها بدون جمهور بسبب قيود فيروس كورونا، قامت بتكريم الأمير فيليب، زوج الملكة إليزابيث الثانية، الذي توفي يوم الجمعة.

ونال فيلم "قاع ما ريني الأسود" Ma Rainey's Black Bottom، وهو فيلم عن موسيقي البلوز في شيكاغو في عشرينيات القرن الماضي، جائزتين لتصميم الأزياء والماكياج والشعر. كما حصل فيلما "روكس" و"مانك" على جائزتين في تصميم التمثيل والإنتاج على التوالي.

ومن بين الفائزين الآخرين بالجوائز الفنية فيلم الخيال العلمي والحركة والإثارة "تينيت" عن المؤثرات البصرية الخاصة و"صوت المعدن" بطولة الممثل البريطاني ريز أحمد عن فئة الصوت.

وفي انتظار الجوائز الرئيسية اليوم، تعد ملحمة الهجرة "نومادلاند" والفيلم البريطاني "روكس" من بين الأفلام المفضلة في حفل توزيع جوائز بافتا الذي وصف بأنه أكثر أعوام الأكاديمية تنوعاً على الإطلاق، بعد انتقادات بشأن قوائم التصفية البيضاء بالكامل لعام 2020.

وتم ترشيح أربع نساء لأفضل مخرج في جوائز هذا العام، حيث لم تصل أي منهن العام الماضي إلى القائمة القصيرة، بينما ظهرت الأفلام التي تضم ممثلين من مجتمعات متنوعة حول العالم بشكل بارز في فئة أفضل فيلم مرغوب فيه.

سيتم بث حفل توزيع الجوائز الرئيسي اليوم الأحد، بدون جمهور أيضاً، من قاعة ألبرت الملكية في لندن.

وقد تم ترشيح فيلم المخرج كلوي تشاو "نومادلاند" وهو يتناول قصة المهاجرين المعاصرين الذين يسافرون عبر الولايات المتحدة إلى فئة أفضل فيلم وأفضل مخرج.

وتتنافس أيضاً فرانسيس مكدورماند بطلة الفيلم الفائزة بالأوسكار مرتين على جائزة أفضل ممثلة. وأدرج فيلم "نومادلاند" في القائمة القصيرة عن فئة أفضل فيلم إلى جانب فيلم "الأب" وهو عن رجل مسن يعاني من الخرف وفيلم "الموريتاني" وهو فيلم إثارة قانوني عن سجين في غوانتانامو.

ورُشح لسبع جوائز أيضاً فيلم "روكس" للبريطانية سارة غافرون ("بريك لين"، "سوفراجيت")، الذي يتناول قصة مراهقة لندنية تبلغ 15 عاماً تخلت والدتها عنها وعن شقيقها الأصغر، لكن أصدقاءها يدعمونها.

وضمن فئة أفضل ممثل، ضمت القائمة البريطاني من أصل باكستاني ريز أحمد، والفرنسي من أصل جزائري طاهر رحيم والممثل الأميركي الأسود تشادويك بوزمان الذي توفي قبل أشهر.

 

العربي الجديد اللندنية في

11.04.2021

 
 
 
 
 

"نومادلاند" يفوز بأبرز مكافآت جمعية المخرجين الأميركيين

تغلبت كلويه جاو في هذه الفئة الرئيسة على ديفيد فينشر وإيميرالد فينيل ولي إسحاق تشونغ

(أ ف ب

فازت مخرجة "نومادلاند" كلويه جاو السبت 10 أبريل (نيسان)، بجائزة أفضل فيلم طويل، المقدمة من جمعية المخرجين الأميركيين، آخر حفلة كبرى قبل الأوسكار خلال موسم جوائز يقام بمجمله افتراضياً بسبب كورونا الذي أخّر مواعيد كثيرة خلاله.

وخصصت المخرجة كلمة الفوز لمدح زملائها المنافسين لها الذين يتساءلون حالياً عن حظوظهم في مواجهة فيلمها الذي لقي استحسان النقاد وحاز جوائز عدة، قبيل حفلة توزيع جوائز الأوسكار في 25 أبريل.

"الرحلة أجمل بكثير"

وقالت المخرجة البالغة 39 سنة، التي عُرفت سابقاً بفيلمها "ذي رايدر"، لمنافسيها، "أشكركم على كل ما علمتموني إياه والدعم الذي أظهرتموه لي. جعلتم هذه الرحلة أجمل بكثير".

وقبل كلويه جاو، كانت امرأة واحدة نجحت في حصد جائزة أفضل فيلم طويل في هذه المنافسة، وهي كاثرين بيغلو عن "ذي هورت لوكر".

وتغلّبت المخرجة الصينية الأميركية في هذه الفئة الرئيسة على المخرجين ديفيد فينشر وإيميرالد فينيل ولي إسحاق تشونغ.

مؤشر جيد

وتُعتبر جوائز جمعية المخرجين الأميركيين مؤشراً جيداً إلى حظوظ أي عمل للفوز بالأوسكار عن فئة أفضل مخرج.

وتُصنف كلويه جاو المرشحة الأوفر حظاً، وعلى الرغم من أن تقديرات جمعية المخرجين الأميركيين خابت العام الماضي، إذ منحت جائزتها لسام ميندز بدل بونغ جون هو، لكنها نجحت في توقّع المخرج الفائز في جوائز الأوسكار خلال السنوات الست السابقة.

شبه خيالي

ويتبع "نومادلاند"، وهو فيلم درامي شبه خيالي، مجموعة أميركيين مسنين يعيشون في حافلات يختارون لهم حياة جديدة في الغرب الأميركي بعد أن أرخى الانكماش الكبير بثقله عليهم.

وأبدت جاو المتحدرة من بكين، أملها في أن يتمكّن المتفرجون من خلال فيلمها بأن "يجربوا حياة أشخاص يمكن تصنيفهم بأنهم، الآخر، ويشعروا تالياً أنهم أقل وحدة"، ووصفت إخراجها للفيلم بأنه متنفس وعلاج لتجربتها الشخصية من "الوحدة الشديدة".

أفضل فيلم وثائقي

ومُنحت جائزة أفضل إخراج إلى داريوس ماردر عن فيلمه "ساوند أوف ميتل" الذي يروي قصة عازف "درامز" لموسيقى الـ "هيفي ميتال" يفقد السمع، وهو عمل يشارك أيضاً في المنافسة على أوسكار أفضل فيلم.

وشكر المخرج أفراد مجتمع الصمّ والبكم "لأنهم دعونا لكي ندخل ونتشارك ثقافتهم في الفيلم وعلى الشاشة".

كما مُنحت جائزة أفضل فيلم وثائقي إلى "ذي ترافل هانترز" الذي يروي قصة مجموعة مسنين إيطاليين مع كلابهم، يمارسون تقليداً قديماً بالبحث في الغابة عن أطايب لاستخدامها في تحضير الأطباق.

كذلك فاز الموسم الأخير من مسلسل "هوملاند" التلفزيوني بجائزة أفضل مسلسل درامي.

أفضل مسلسل كوميدي

وحاز "ذي فلايت أتندنت" على جائزة أفضل مسلسل كوميدي، كما واصل "ذي كوينز غامبيت" تألقه خلال موسم الجوائز الحالي، حاصداً جائزة أفضل مسلسل قصير.

وتتمتع جوائز جمعية المخرجين الأميركيين بأمد حياة طويل كما أن المشاركين الـ 18 ألفاً في التصويت عليها، وبينهم أفضل المخرجين في القطاع، يتيحون للأعمال فرصة الحصول على تقدير كبير.

وافتتح رئيس الجمعية توماس شلام الحفلة الافتراضية من قاعة "ذي غيلد" العصرية في هوليوود، وهو نفسه فاز بجائزة لأفضل حلقة خاصة من مسلسل "ويست وينغ" خُصصت للتشجيع على التصويت في الانتخابات الأميركية.

 

الـ The Independent  في

11.04.2021

 
 
 
 
 

مخرجة «نومادلاند» تفوز بجائزة رابطة المخرجين الأمريكيين

كلوي تشاو لـ«القدس العربي»: هذه حياة الأمريكيين الذين يعيشون في مقطورات

حسام عاصي/ لوس أنجليس – «القدس العربي»:

حققت المخرجة الصينية كلوي تشاو انجازا بارزا بفوزها مساء السبت بجائزة أفضل مخرجة من رابطة المخرجين الأمريكيين عن الفيلم الروائي الطويل «نومادلاند».

وتجسد الممثلة الأمريكية فرانسيس ماكدورماند في الفيلم شخصية أرملة في العقد السابع من عمرها تحول عربتها الفان إلى منزل متنقل وتعمل بوظائف موسمية على امتداد ترحالها على الطريق في الغرب الأمريكي.
وتعتبر تشاو أول امرأة ذات بشرة ملونة تفوز بالجائزة وثاني امرأة على الإطلاق، بعد كاثرين بيجلو، التي فازت بالجائزة في عام 2010 عن فيلمها «ذا هيرت لوكر».

وتعتبر الجائزة المرموقة الأحدث في موسم الجوائز لتشاو وفيلم «نومادلاند». ويرجح النقاد فوز الفيلم بجائزة أفضل مخرجة في حفل توزيع جوائز الأوسكار نهاية الشهر الجاري .

الجوائز

ومنذ عرضه الأول في مهرجان البندقية السينمائي في أيلول/سبتمبر الماضي، حيث فاز بجائزة الأسد الذهبي، حصد «نومادلاند» ومخرجته كلوي تشاو أبرز الجوائز السينمائية، من ضمنها جائزة اختيار جمهور مهرجان «تورنتو» التي تعتبر مؤشراً مهماً لجوائز الأوسكار، وجميع جوائز جمعيات النقاد في الولايات المتحدة وخارجها، بالإضافة إلى «غولدن غلوب» أفضل فيلم درامي وأفضل إخراج، وجائزة نقابة المنتجين الأمريكيين ليصبح فوزه في الأوسكار، التي نال ستة ترشيحات لها، حتمياً نهاية هذا الشهر.

فضلاً عن إخراج الفيلم، قامت تشاو أيضاً بكتابة نصه وإنتاجه وتوليفه. وقد اقتبسته من كتاب جيسيكا برودر «نومادلاند: النجاة في أمريكا في القرن الواحد والعشرين» الذي يطرح مجتمع رحل أمريكيين مكون من أناس في الستينيات والسبعينيات من العمر خسروا بيوتهم وأموال تقاعدهم بعد الأزمة الاقتصادية عام 2008، وصاروا يجوبون أراضي بلادهم الشاسعة بمقطوراتهم، التي حولوها إلى بيوت يقطنون فيها، ويعيشون من أعمال موسمية بسيطة في المصانع أو المطاعم أو حتى في حقول الفلاحة

تبدأ أحداث الفيلم عام 2011 في مدينة امباير، حيث تخسر بطلته الأرملة، فيرن، وظيفتها بعد إغلاق مكان عملها، فتبيع ممتلكاتها وتشتري مقطورة لتعيش فيها وتجوب البلاد بحثاً عن عمل. وسرعان ما تلتقي رحلاً متضررين أمثالها في مواقف مقطورات أو أماكن عملها فتنضم إليهم، وتشاركهم صراعهم الوجودي في ظل ظروف مناخية واجتماعية وصحية ومادية قاسية.

لكن رغم الصعوبات والتحديات والمخاطر التي تواجهها فيرن في حياة البر والتنقل القاسية إلا أنها تنسجم مع تلك البيئة الطبيعية التي تحررها من عبء وقيود وماديات ومسؤوليات والتزامات الحياة في الحضر. لذلك ترفض عرض أختها لها للعيش معها في بيتها أو عرض راحل آخر، يدعى ديفيد، الزواج منها والاستقرار معاً.

وعندما يدعوها ديفيد إلى بيت ابنه بمناسبة عيد الشكر، ترفض أن تقضي الليلة هناك لأن السرير ناعم للغاية وهي لم تعد متعودة على تلك الرفاهية، فتختار أن تقضي الليلة في مقطورتها وتنام في سريرها الخشن.

وفي حديث مع تشاو عبر خدمة «زوم» أكدّت لي أن تلك التجربة مرّ بها الكثير من الرحل. «عندما التقيت بالكثير منهم وجدت أنه في البداية لم يكن ذلك خياراً، خصوصاً إذا كنت في أواخر سن الستينيات أو السبعينيات وأحياناً في الثمانينيات من عمرك. فالهوية التي حددتك لعقود هي قوية للغاية وبالتالي الكثير من الناس لا يتغيرون، إلا إذا حدث أمر جذري وأخذ ذلك منهم، ولذلك الكثيرون منهم لم يشعروا في البداية أنها مأساة. ثم من هناك، تلك المثابرة التي لديهم وحسن التدبير والرغبة بألا يستسلموا وحسب، وأن يكتبوا سردية حياتهم الخاصة بهم، ثم استمروا بالمضي قدماً ومن خلال هذه العملية أصبح الأمر خياراً، لأنهم اكتسبوا هوية جديدة لأنفسهم، حيث يعيدون ببطء تكوين الشعور بالذات.»

لكن نظرة المجتمع لم تتغير تجاه هؤلاء الرحل، فأصدقاء فيرن وأقاربها يعتبرونها مشردة ويحاولون إقناعها بالاستقرار، لكن ترفض ذلك مصرة على أنها ليست مشردة بل شريدة، لأنها تعتبر مقطورتها بيتاً كأي بيت آخر.

«المشرد هو من لا مأوى له، أما الشريد فهو من لا يعيش في منزل» توضح تشاو. «أعتقد أنه في سياق الفيلم أن تكون مشرداً هو أن تشعر بأنك لا تنتمي إلى أي مكان لأن البيت هو المكان الذي ننتمي إليه. بينما الشريد، التي تشير إليه فيرن، ينتمي إلى مكان ما لكنه ليس البيت التقليدي الذي اعتاده الناس. «

يستحضر نومادلاند تحفة جون فورد «عناقيد الغضب» الذي انطلق عام 1940، وتناول الآثار الوخيمة للكساد الأمريكي الكبير في ثلاثينيات القرن الماضي على الطبقات العاملة وشرائح المهمشين في الولايات المتحدة من خلال طرح قصة عائلة فقيرة من ولاية أوكلاهوما تخسر مزرعتها فتنطلق عبر الولايات المتحدة غرباً بمركبتها الى كاليفورنيا، سعياً لإيجاد عمل وحياة نزيهة.

«عناقيد الغضب» أيضاً حصد أهم الجوائز السينمائية ونال سبعة ترشيحات أوسكار وفاز باثنتين. لكن رغم تشابه موضوعه مع «نومادلاند» إلا أن طرحه السردي والسينمائي يختلف تماماً؛ فهو ملحمة روائية مبنية من حبكة درامية تقليدية وشخصيات خيالية يجسدها أبرز نجوم هوليوود الكلاسيكيين على رأسهم هنري فوندا، الذي يجسد دور بطل الفيلم توم جود. أما نومادلاند فيتسم بطرح مميز بعيد عن الطرح الهوليوودي التقليدي، يمزج السرد الوثائقي مع الروائي والشخصيات الواقعية مع الخيالية، ليقدم شريحة من الحياة في فترة زمنية محددة، خالية من الحبكة الدرامية والمخاطر التشويقية.

جميع ممثلي نومادلاند هم رحل حقيقيون يلعبون أدوار شخصياتهم الواقعية المذكورة في الكتاب، ما عدا بطلته، النجمة الحائزة على جائزتي الأوسكار فرانسيس مكادورماند، التي تجسد فيرن، والتي ابتكرتها تشاو لتخلق خطاً سردياً يربط بين تلك الشخصيات الحقيقية، بالإضافة إلى شخصية ديفيد، الذي يؤدي دوره الممثل ديفيد ستراثام، لإضفاء جانب رومانسي وإنساني لها.

تشاو طبقت هذا الأسلوب السينمائي في فيلميها السابقين «أغان علمني إياها إخوتي» عام 2015 و»ذي رايدر» عام 2017، اللذين تدور أحداثهما أيضاً في الغرب الأمريكي ويؤدي أدوار شخصياتهما أشخاص ليسوا بممثلين. وقد عرض الفيلمان في أبرز المهرجانات العالمية ونالا مديح النقاد وجوائز سينمائية مهمة.

«ذي رايدر» أيضاً يفتتح بمأساة تصيب بطله وهو نجم مسابقات رعاة البقر، برادي جاندرو، الذي يتعرض لإصابة دماغية شديدة بعد وقوعه عن حصانه خلال إحدى المسابقات، مما يحول دون ممارسته مهنته. ورغم تحذير الطبيب له والتحديات المادية التي تواجهها عائلته، إلا أنه يستمر في المحاولة للعودة إلى المسابقات إلى أن يجد مساراً آخر في حياته ويبلور هوية جديدة له دون ممارسته مهنته، ويجسد دوره برادي الحقيقي، الذي التقت به تشاو في المحمية التي صورت فيها فيلمها الأول.

«أعتقد أن العالم من حولنا مغرٍ جداً أحياناً» تعلق تشاو. «وأحياناً نسلك طريقاً ما ثم يصعب علينا إخراج أنفسنا منه لأن العالم بأكمله يحاول أن يحدد هويتك، وكذلك كل ما تقوم. به يكاد يكون من الآمن تصنيفنا. في بعض الأحيان يتطلب الأمر وقوع حدث مروع لكي نشرع في البحث عن أنفسنا. في الواقع، لا شيء من ذلك يدور حولي.»

تجاربها الخاصة

رغم إصرار تشاو، التي ولدت في بكين عام 1982، على أن شخصياتها والقضايا التي تطرحها أفلامها لا تعكس تجاربها الخاصة، لكن يبدو واضحاً أنها مبهورة بالغرب الأمريكي وسيكولوجية الشخصيات التي تتمرد على مجتمعاتها.
وإذا تمعنا في سيرة حياتها نجد أن ذلك ليس عفوياً؛ فهي أيضاً تمردت على عائلتها الثرية وخلفيتها الصينية، واصفة إياها بالمليئة بالأكاذيب. ومنذ جيل المراهقة، اعتنقت الحضارة الغربية، وفي الخامسة عشرة من العمر غادرت الصين لتلتحق بمدرسة ثانوية في انكلترا، وبعد ثلاثة أعوام انتقلت إلى الولايات المتحدة، حيث أكملت دراستها الثانوية قبل أن تدرس السينما في جامعة نيويورك تحت إشراف المخرج سبايك لي. وبعد تخرجها استقرت في الولايات المتحدة.

وبينما كانت ترّوج لفيلمها «ذي رايدر» انتقدت النظام في الصين، ما أسفر عن منع عرض الفيلم في دور العرض هناك. ويبدو أن «نومادلاند» سيواجه مصيراً مشابهاً مع أن رسالة الفيلم تتطابق تماماً مع نظرة الصين تجاه النظام الرأسمالي الأمريكي، التي تتهمه شخصيات الفيلم باستغلال الطبقات العاملة التي يكدّ أفرادها طوال حياتهم من أجل خدمة مجتمعهم وسلب بيوتهم منهم ورميهم الى الشوارع.

بينما كانت تصنع نومادلاند، أخرجت كلوي أيضا فيلم مارفيل «إيتيرنالز» الذي تشارك في بطولته سلمى حايك وأنجلينا جولي، لتصبح أول آسيوية تخرج فيلم مارفيل كوميكس.

كما باتت تعتبر أول امرأة آسيوية تفوز بجائزة الـ»غولدن غلوب» لأفضل إخراج وأفضل إنتاج. ويبدو أنها ستصبح قريباً أول امرأة آسيوية تفوز بجائزة الأوسكار وثاني امرأة تفوز بأوسكار أفضل إخراج، التي لم تفز بها حتى الآن إلا المخرجة الأمريكية كاثرين بيغلو عام 2010.

 

القدس العربي اللندنية في

11.04.2021

 
 
 
 
 

كلوي تشاو أول آسيوية وثاني إمرأة تفوز بـ«بافتا» لأفضل إخراج

حسام عاصي/ لوس أنجليس «القدس العربي»:

هيمن فيلم الصينية كلوي تشاو «نومادلاند» على جوائز البافتا مساء أمس، إذ حصد جائزة أفضل فيلم وأفضل إخراج لتشاو وأفضل تصوير لجاشوا جيمس ريتشارد وأفضل ممثلة لبطلته فرانسيس ماكدورمان، التي أخفقت في نيل تلك الجائزة في منافسات أنفة كالـ»غولدن غلوب» التي ذهبت لاندرا دي وجائزة نقابة ممثلي الشاشة، التي حصدتها فيولا ديفيس وجائزة اختيار النقاد، التي نالتها البريطانية كاري ماليغان، ما يجعل معركة أوسكار هذا الفئة الأكثر إثارة.

أما تشاو فقد حصدت كل جوائز الإخراج، آخرها كان جائزة نقابة المخرجين مساء السبت، التي تعتبر أهم مؤشر للفوز بالأوسكار. لهذا بات فوزها بالأوسكار حتميا بعد اقتناصها البافتا. وأصبحت تشاو أول آسيوية وثاني إمرأة تفوز ببافتا أفضل أخراج. كما يبدو أن فيلمها نومادلاند، الذي فاز أيضا بكل الجوائز الآنفة، بات بلا منافس في معركة الأوسكار لأفضل فيلم.

الفيلم يسلط الضوء على مجتمع الرحل في الولايات المتحدة، الذين خسروا بيوتهم بعد الأزمة الاقتصادية عام 2008، من خلال طرح قصة أرملة تترك بلدها عقب إغلاق مكان عملها وتشتري مقطورة وتعيش فيها بينما تجوب البلاد بحثا عن عمل.

ولأول مرة تحرم جائزة أفضل ممثل من الراحل تشادويك بوزمان عن دوره في فيلم «قاع ما ريني الأسود» إذ ذهبت البافتا للبريطاني انطوني هوبكينز عن إداء دور عجوز يخسر ذاكرته في فيلم «الأب». وذلك يعني أن هوبكينز سوف يشكل خطرا على بوزمان في منافسة الأوسكار. فيلم «الأب» حصد أيضا بافتا أفضل سيناريو مقتبس لكاتبه ومخرجه، فلوريان زيلير.

ومرة أخرى تقتنص الكورية يو جونغ يون جائزة أفضل ممثلة مساعدة عن دور الجدة في الفيلم الأمريكي الناطق بالكورية، ميناري، فقد حصدت الأسبوع الماضي جائزة نقابة ممثلي الشاشة لتصبح أقوى المنافسات في معركة الأوسكار. ويذكر أن البلغارية ماريا باكالوفا حصدت جائزة الغولدن غلوب وجائزة اختيار النقاد في هذه الفئة، لكن تلك الجوائز لا تعتبر مؤشرا قويا لجائزة الأوسكار مثل البافتا ونقابة الممثلين.

كما فاز دانييل كالويا ببافتا أفضل ممثل مساعد عن أداء دور زعيم «الفهود السود» فريد هامبتون في فيلم «يهودا والمسيح الأسود» ليصبح فوزه بالأوسكار حتميا، وذلك لأنه حصد كل الجوائز الآنفة: الغلودن غلوب، نقابة ممثلي الشاشة واختيار النقاد.

جوائز البافتا تكرّم أيضا الأفلام والمواهب البريطانية في فئات خاصة بها. وقد نال بافتا أفضل فيلم البريطاني «شابة واعدة» لاميرالد فانيل، التي كُرّمت ببافتا أفضل سيناريو أصلي ما يقربها من الفوز بأوسكار هذه الفئة وذلك لأنها فازت لاحقا بجائزة اختيار النقاد وجائزة نقابة الكتاب الأمريكية.

يذكر أن الفيلم نال خمس ترشيحات أوسكار من ضمنها أفضل فيلم.

وحصد فيلم بكسار «سول» بافتا أفضل فيلم رسوم متحركة وبافتا أفضل لحن، ليصبح فوزه بتلك الفئتين في منافسة الأوسكار حتميا وذلك لأنها فاز بهما في معارك الجوائز السابقة.

وعلى الصعيد العربي، فقد فاز فيلم الفلسطينية فرح نابلسي، الهدية، بجائزة أفضل فيلم بريطاني قصير، ما يقرب من فوزه بأوسكار فئة أفضل فيلم درامي قصير.

ولأول مرة يعقد حفل توزيع جوائز البافتا خلال يومين بسبب أزمة كوفيد 19 في قاعة البرت الملكية في ظل غياب رئيس البافتا وهو الأمير وليم، الذي اعتذر عن الحضور عقب وفاة جده الأمير فيليب يوم الجمعة.

 

القدس العربي اللندنية في

12.04.2021

 
 
 
 
 

فيلم يسرد حكاية ولد الصلاحي أشهر سجناء غوانتنامو |

«الموريتانيّ»: كيفين ماكدونالد يغسل يَدَيْ أميركا

سعيد محمد

توافرت لدى كيفن ماكدونالد مادة ذهبيّة لصنع شريط يقتحم تاريخ السينما: دراما إنسانية هائلة عن سجين في غوانتنامو أُطلق سراحه بعد 15 عاماً بدون توجيه تهم، ومذكرات دوّنها السجين بقلمه، وتاريخ لم يرو بعد عن تنظيم «القاعدة» الأميركي التأسيس والتدريب والتمويل وطبيعة علاقته بحادثة 11 سبتمبر. والسجن السيّئ السمعة أصلاً لم يُغلق بعد، ولم يُحاسب أحدٌ على الجرائم التي ارتُكبت فيه. وفوق ذلك، طاقم ممثلين من نجوم عالميين يضم جودي فوستر وبينيديكت كامبرباتش، ولا أقل من طاهر رحيم للعب دور ولد الصلاحي. لكنّ مخرج «آخر ملوك أسكتلندا» حوّل كل هذا الذهب إلى قمامة إيديولوجية أردأ حتى من «مستر أميركا»

عندما تقرر أن تشاهد فيلم دراما أميركيّاً – بريطانيّاً يتصدّى لسرد حكاية سجين من التعساء نزلاء غوانتنامو، فأنت تفترض أن لدى هوليوود وشريكتها «بي. بي. سي» من المهنيّة واحترام الذّات حداً أدنى يسمح بتقديم رواية ولو رماديّة عن الفظائع التي ارتكبتها الولايات المتحدة في ذلك السجن، المقام أصلاً على أراضٍ كوبيّة محتلّة. لكنّ الشريط الذي أخرجه كيفين ماكدونالد بعنوان «الموريتاني» (129 د ـــ 2021) مستلهماً قصّة حقيقيّة عن الموريتانيّ محمدو ولد الصلاحي، بدا كأنّه دعاية أميركيّة تتمحور حصراً حول بطولة ونزاهة وشجاعة المنقذين البيض (الدفاع والأداء والقضاء والسجانين جميعهم) وتوظّف السجين نفسه في غسل سمعة عدالة العمّ سام. وفق النهاية الأشبه بالإهانة، فإنّ هذه السمعة، لن تغبّر عليها تلك الحلقة المظلمة من تاريخ الإمبراطوريّة!

لعلّ خيبتنا بالمحتوى الإيديولوجي للفيلم تتضاءل قياساً بالحضور الباهت لاثنين من أهم نجوم السينما العالميين: جودي فوستر (نانسي هولاندر محامية ولد الصلاحي)، وبينيديكت كامبرباتش (ستيوارات كوش ضابط الادّعاء العسكري)، فلا يتبقّى من الشريط في الحقيقة سوى موهبة الفرنسي الجزائري طاهر رحيم الذي ظلمه السيناريو كثيراً وجعل دوره أقرب إلى الثانوي منه إلى الحكاية المركزيّة، رغم أنّ كاتبي السيناريو اعتمدوا نظريّاً على ما سجّله بن الصلاحي في «يوميّات غوانتنامو» (نُشر في عام 2015).

يظهر الشريط كأنّ ما حدث في غوانتنامو استثناء وثلمة عابرة في تاريخ «العدالة» الأميركية

يَسقط الفيلم علينا بدون خلفيّة تاريخيّة. لا يتعاطى مطلقاً مع حقيقة أن تنظيم «القاعدة» كان منذ لحظته الأولى مشروعاً أميركياً محضاً، ولا يفنّد الأسباب الدعائية التي دفعت الأميركيين إلى خطف وتعذيب واحتجاز 700 ملوّن في سجون سريّة في الأردن وأفغانستان (ودول أخرى عربية وشرق أوروبيّة) بدون أن توجه إليهم أيّ اتهامات (وُجهت لاحقاً تهم إلى ثمانية أشخاص فقط، ثم أُسقطت عن ثلاثة منهم). يُظهر الشريط عمليّات التعذيب كأنها مجرّد كابوس جنسي وهلوسة عقاقير، وتغيب عنه الإدانات لأيّ شرير، ولا حتى الثالوث المجرم (بوش وتشيني ورامسفيلد). كأنّ ما حدث في غوانتنامو استثناء وثلمة عابرة في تاريخ «العدالة» الأميركية. «أميركا ليست هكذا» كما يخبرنا ولد الصلاحي في مرافعته عبر الدائرة التلفزيونيّة المغلقة أمام القاضي الأميركي «الحكيم». أميركا يوتوبيا، وفي الواقع لقد أخطأ أحد ما ــ هلاميّ وغير محدد ـــ هذه المرّة فقط، لكنّ أميركا تشعر حتماً بالندم بسبب ذلك، وستتغلّب عدالتها في النهاية على هفوات لن تفسد للودّ قضيّة. أيّ هراء هذا؟

تصميم الشخصيّات في «الموريتاني» بدا مبتذلاً وسطحيّاً وأشبه بالكليشيهات الفارغة، والصراع السايكولوجي الداخليّ لخطوط السرد الثلاثة المتوازية للمدعي العام (المثالي) والمحاميّة (المثاليّة) والسجين (المثالي) لا تتطوّر بأي بعد أو اتجاه كي تحظى بالتعاطف والمتابعة. تظهر الشخصيّات الثانوية - مثلاً تيري دنكان مساعدة المحامية هولاندر (شايلين وودلي) - مفتعلة وغير واقعيّة، ويفشل مجمل الحكاية في تقديم ولو محاولة ساذجة لتفسير العقليّة السايكوباثيّة المسيطرة على نخبة واشنطن، ومكّنت لهذا النوع من السلوك الإجرامي المستهجن بكل المقاييس، بينما لا تقدّم الكاميرا أيّ زاوية تستحق التنويه، ولا تنتبه مطلقاً إلى وجود ثمّة موسيقى تصويريّة. ولا شكّ في أنّ مونتاج لحظات التّعذيب سيفوز حتماً بجائزة أسوأ مونتاج سينمائي في عام 2021. أما اللقطة الوحيدة التي تعلق في الذهن، فهي وثائقيّة لاحقة بعد انتهاء الفيلم حيث يظهر ولد الصلاحي الحقيقيّ يدندن بعد عودته إلى بلاده أغنيةً (أميركيّة) لبوب ديلان! ربّما هُزم رجل «القاعدة» العائد من أفغانستان ثقافيّاً، لكنّ فرحة التحرر من الكابوس السوداوي للسجن الأميركي كانت ظاهرة على وجهه بأعمق من كل ما قدّمه طاهر رحيم.

غربيّاً، سيعبر هذا الفيلم بلا صيت في تاريخ السينما، لكنّه سيكون ربما مناسبة للمشاهد العربيّ المعنيّ أكثر من غيره بحكاية ولد الصلاحي، لطرح تساؤلات لم يُجب عليها إلى الآن. كيف لمهندس كهربائي عربيّ نجيب، مثل صاحبنا، درس في دولة غربيّة متقدّمة أن يكون ساذجاً ليقع في حبائل المخابرات الأميركية ويخاطر بنفسه وأسرته عبر الذهاب لقتل الأفغان ــ أو السوريين ـ في بلادهم؟ وما هو سرّ متلازمة استوكهولم العربيّة كي يتعرّض محتجز لأقصى صنوف التعذيب على أيدي الجيش الأميركي ويظلّ يؤمن بالعدالة والحضارة والثقافة (الشعبيّة) الأميركيّة؟ وكيف تتولى أنظمة عربيّة تسليم مواطنيها لدولة مجرمة مثل الولايات المتحدة حتى بدون أوراق تحدد الاتهامات الموجهة إليهم؟ وكيف تتورط أنظمة عربية في احتجاز مواطنين من دولة ثالثة في سجون سريّة خدمةً للأميركي الذي يتغوّل على السجناء بدون ضوابط؟ ولماذا يبقى أربعون سجيناً عربياً في السجن الأسود ذاته لغاية اليوم بدون توجيه تهم إليهم؟

دعك من خرافات «الموريتاني»، فهو إخفاق فنيّ لا يُغتفر. لكن إن خرج ولد الصلاحي من كابوسه الشخصي ربما، فأبناء بلدان الجنوب جميعهم لم يخرجوا بعد، ويمكن لأي منهم وغالباً بالتعاون مع نظام دولته تحديداً، أن يكون ولد الصلاحي آخر غداً في غوانتنامو أميركي جديد. فلا أمان لأحد مع هذه الإمبراطوريّة حتى لأولئك الذين يجاهدون في سبيلها.

The Mauritanian

على «أمازون برايم»

 

الأخبار اللبنانية في

12.04.2021

 
 
 
 
 

فيلم "نومادلاند" يحصد أبرز جوائز "بافتا" البريطانية

(رويترز)

حصل الفيلم الأميركي "أرض الرحالة" (نومادلاند) على النصيب الأكبر من جوائز الأكاديمية البريطانية لفنون السينما والتلفزيون (بافتا) يوم الأحد، بفوزه بألقاب أفضل فيلم وأفضل مخرج وأفضل ممثلة. يتناول الفيلم، الذي أخرجته كلوي جاو وقامت ببطولته فرنسيس مكدورماند، حياة مجموعة من قاطني الشاحنات إبان فترة الركود. وفاز الفيلم أيضاً بجائزة أفضل تصوير سينمائي.

وأقيمت معظم فقرات الحفل عن بعد على مدار ليلتين، بسبب قيود مكافحة فيروس كورونا.

وكانت جائزة أبرز فيلم بريطاني من نصيب "شابة واعدة" (بروميسينغ يونج وومن) المقتبس عن حركة #أنا_أيضاً المناهضة للتحرش. وفاز الفيلم أيضاً بجائزة أفضل سيناريو.

وأشادت الأكاديمية بالأمير فيليب زوج ملكة بريطانيا الذي توفي يوم الجمعة عن 99 عاما. واختير الأمير أول رئيس لـ"بافتا" في عام 1959. ويشغل حفيده الأمير وليام رئاسة الأكاديمية حالياً.

وكان أكثر من نصف الممثلين المرشحين لنيل جوائز وعددهم 24،  من إثنيات مختلفة، في تغيير كبير عن العام الماضي عندما كانت قائمة بافتا تضم ممثلين جميعهم من البيض، مما أثار انتقادات على مواقع التواصل الاجتماعي.

وفاز الممثل المخضرم أنتوني هوبكنز (83 عاماً) بجائزة أفضل ممثل، عن تجسيده دور رجل مصاب بالخرف في فيلم "الأب" (ذا فازر).

وانتزعت الممثلة الكورية الجنوبية يو ــ جونغ يوم جائزة أفضل ممثلة مساعدة عن دورها في فيلم "ميناري"، الذي جسدت فيه شخصية جدة سافرت من كوريا الجنوبية إلى الولايات المتحدة لرعاية أحفادها.

وحصل الممثل دانيل كالويا على جائزة أفضل ممثل مساعد، عن دوره في فيلم "يهوذا والمسيح الأسود".

يُذكر أن الفيلم الفلسطيني القصير "الهدية" للمخرجة فرح نابلسي، سبق أن حصل على جائزة أفضل فيلم روائي قصير ضمن جوائز "بافتا"، في نسختها الـ74، يوم السبت.

 

العربي الجديد اللندنية في

12.04.2021

 
 
 
 
 

"صوت الميتال".. حياة تنتهي لتبدأ أخرى

محمد صبحي

يبدأ كل شيء بحفلة صاخبة لموسيقى الهيفي ميتال. على المسرح، تفرّغ المُغنّية كل التوترات المتراكمة في الميكروفون، وخلفها يجلس عازف درامز بعَرَقه وصدره العاري تتخلّله حيوية الأجواء ويغذّيها بدوره بكمية معتبرة من الضجيج تصمّ الآذان. من دون استخدام كلمة واحدة، وفي غضون ثلاث دقائق فقط، يتمكّن الكاتب والمخرج الأميركي داريوس ماردر من التقاط جوهر الطريقة المكثفة التي يختبر بها الشابان الإيقاع، كيف يعطيان كامل طاقاتهما للصوت كما لو كان طقساً دينياً، دين الضجيج، كيف يملأ كل شيء لبضع دقائق، ليصبح الحقيقة الوحيدة. ثم يأتي طنين ثم يعمّ الصمت. وعندما يأتي (مفروضاً وقاسياً ومفاجئاً ومصحوباً بمقاومة عاطفية)، سيسقط مثل حجر يسدّ طريق عازف الدرامز.

يفقد عازف الدرامز "روبن" (ريز أحمد) سَمْعه. بالنسبة إليه، هذه مأساة. لا يريد قبول مصيره، ولا التخلّي عن وجوده كعازف في وضعه الحالي. كاتب ضرير، رياضي مصاب بإصابات مزمنة، موسيقي أصمّ، نحَّات يفقد حساسية يديه. كيف الشعور عندما يخون الجسدُ الفنانَ على هذا النحو؟ هل هناك مستقبل محتمل من دون إمكانية ممارسة الشغف؟ ماذا لو كان هذا الشغف، إضافة لكونه أداة للعيش اليومي، شريان حياة يجب التمسك به في سياق من الوحدة والتهميش، وهو ركيزة الحياة بأكملها؟ كل هذه الأسئلة تدور في رأس "روبن" بمجرد أن يلقي عليه الطبيب المختصّ سلسلة من الحقائق لم يرد أن يسمعها أبداً: الطنين الذي سمعه اثناء عزفه في حفلته الأخيرة هو أول علامات تقلُّص سمعه إلى ما دون نسبة 30%، وأن الحالة لا رجعة فيها، وأن الاحتمال الوحيد هو الحصول على غرسة القوقعة الصناعية التي تكلّف ما بين 40 و80 ألف دولار، وأخيراً عليه تجنُّب تعريض نفسه للضوضاء الصاخبة. 

في باكورته الإخراجية، "صوت الميتال" لا ينسى ماردر، اللوحة السمع-بصرية الغنية التي توفّرها السينما. افتتاحية الفيلم التعبيرية التي تبدو للوهلة الأولى كلازمة أساسية آتية من تيار بعينه في السينما الأميركية المستقلة، والتي ينتمي إليها الفيلم بالطبع، تغدو اقتراحاً مبدئياً للتمهيد للمتفرّج والأخذ بيده لمواصلة تجربة مشاهدة واختبار حساسية يعتمدان الحسّية والانتباه. يرجع هذا بشكل كبير إلى ثقة المخرج في صوت فيلمه. فسرد قصة هذه القيود والتغلّب عليها من دون إيلاء اهتمام كبير لهذا الجانب، لن يكون له معنى على الإطلاق. يترك المخرج الأمر للصوت (أو لغيابه في هذه الحالة) ليروي تجربة روبن الداخلية.

ما من طريقة أفضل لبيان خسارة المرء قدرته الاعتماد على أي من حواسه، أكثر من حرمان المتفرّج منها حرفياً. هذا هو دور تصميم الصوت في الفيلم: التوقف عن الشرح والبدء في العرض. ورغم أنها تبدو فكرة بديهية، إلا أن تفوّق الفيلم يكمن في تكريسه التام لها، وقدرته على تعديل النغمة، وإغنائها من دون تغليبها على ما عداها. في هذه التفاصيل الدقيقة، يجد الاقتراح نجاحه الكبير. وبهذه الطريقة، تدخل دراما عازف الدرامز الذي جُرِّد فجأة من سمعه إلى منطقة مثيرة للذكريات والصور والمشاعر القوية، بهروبها من الإباحية العاطفية سعياً وراء واقعية أكثر إيجازاً.

للفيلم أيضاً تأثير قوي على المستوى البصري كما الحال على مستوى الصوت منذ البداية. الضجيج الطبيعي للعالم، ضجيج محرك العربة القديمة، أصوات المدينة بأبواقها وكلابها وناسها، الثرثرة الخلفية في الغرف المزدحمة، الموسيقى الصاخبة والناعمة.. كل هذا ممزوج بعمل كاميرا متحركة محمولة، ما يؤكد انطباع المتفرج بكونه ضيفاً على صانع سينمائي مهووس بالموسيقى. في إحدى المقابلات، كشف المخرج انه أراد في البداية إنجاز فيلم وثائقي عن فرقة الميتال الأميركية Jucifer، لكن جدّته (الصمّاء) جعلته يتساءل عما يحدث لصانع الموسيقى حين يفقد سمعه.

لهذا، يعدّ اختيار الممثل الذي سيتعيّن عليه تحمُّل كل ثقل الحبكة على كتفيه أمراً ضرورياً. يعتمد داريوس ماردير، على ريز أحمد، صاحب العينين الأكثر تعبيراً في سينما اليوم. لكن باستذكار السجل التمثيلي القريب للممثل البريطاني-الباكستاني، في المسلسل التلفزيوني القصير "ذا نايت أوف" (2016) و"الشقيقان سيسترز" (2018، جاك أوديار)، قدّم أحمد تفسيرات حسّاسة ومكثّفة وقلقة وفي بعض الأحيان متطرّفة. حين التقاط مثل هذه المواقف المتزيّدة، يصعب أحياناً قياس مستوى التمثيل المسرحي، وتحديد موضع الفرملة اللازمة، والنقطة التي يتجاوز فيها الممثل العتبة إلى عالم متنافر ومستغرَب. لا يتخطّى "صوت الميتال" هذه النقطة أبداً، بالتزامه الواضح رواية قصتّه عبر أكواد النوع الدرامي. روبن، بعد اندلاع موجة غضبه الأولى الناتجة عن سخطه من حقيقة إصابته المتأخرة، سيتوجّب عليه ترك نمط حياة الموسيقي البدوي، في الشاحنة التي يتقاسمها مع صديقته وشريكة حياته ومهنته، "لو" (أوليفيا كوك). هي، الخائفة من الانتكاس المحتمل لعادات قديمة ومُهلِكة، مَن ستأخذه إلى مركز إعادة تأهيل متخصص للأشخاص الذين يعانون مشاكل سمعية خطيرة.

من تلك النقطة فصاعداً، تُرك روبن تحت رحمة نفسه، وتحت رحمة أفكاره، يتيماً ومحروماً من ذلك الدعم المُحبّ الذي تقدّمه "لو". في المركز، الذي يعشّشه المخرج بممثلين صمّ (أو مَن لهم صلات بالموضوع)، يُقدَّم جانباً من الخطاب الذي سيعتمده الفيلم وسيلةً لبقية مدّته. بصفته الشخصية الرائدة في المجموعة، يقول المُرشد جو: "بول راسي، وهو ممثل ينتمي إلى مجتمع CODA (اختصار لأبناء الأشخاص الصمّ)"، إن هدف الأعضاء ليس العلاج، لأن معظم هذه الحالات لا رجعة فيها، أو على الأقل يصعب التعافي منها. الهدف هو تعلّم كيفية العيش معها، والازدهار وظيفياً، والتخلي عن مفاهيم اعتبرت أمراً مفروغاً منه في الماضي من أجل التكيّف مع طرق جديدة للوجود.

الجانب الوحيد الذي يتعثر فيه الفيلم قليلاً هو حين دخول الصوت للمجال (تلك المراوحات الصوتية، تأثير حوض السمك، الدخول إلى رأس البطل)، فتختفي الموسيقى، وتصبح مجرد حاشية. القصة هي قصة رجل فقد سمعه، أكثر منها قصة عازف درامز في هذا الموقف. هذا عائد بالأساس إلى حقيقة إعطاء الأولوية للنزاعات الداخلية للشخصية، بدلاً من النزاعات السياقية التي يمكن أن تنبع من انتمائه إلى مجموعة بعينها. دراماه الشخصية أهم من الدور الذي يمكن أن تلعبه الموسيقى فيها. في النهاية، هذا ليس شيئاً سلبياً في حد ذاته، وبالنظر إلى اختيار العنوان، من المدهش مدى سرعة الفيلم في قلب صفحة هذا الجانب، لكشف المعنى الحقيقي لعنوانه في ثلثه الأخير، حين يقول، بطريقة ما، إن نهاية حياة ما قد تكون بداية حياة أخرى.

(*) رُشّح الفيلم لست جوائز أوسكار، من بينها جائزة أفضل فيلم، ويعرض في منصة "أمازون".

 

المدن الإلكترونية في

12.04.2021

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004